بارت إضافي للتوضيح


يوم جديد قد حل بإحدى ايام السنة ، الجو كان ماطراً بذلك الوقت منتصف الشتاء وبرودة الجو جعلت الجميع يتراكض للمنزل سريعاً طلباً للدفئ والحماية من قطرات المطر التي بللت الشوارع والأرصفة ، كان ريكا عائداً من عمله ذاك اليوم ولسوء حظه بذلك اليوم بالذات كان اندرو مشغولاً مع روز للتحظير لرحلة لهما فكان لديه إجازة ومعه سيارته الخاصة وريكا تكاسل من أخذ سيارته الخاصة فعاكسه الحظ لتمطر بغزارة شديدة من بعدها ولم يكن معه أي شي يحتمي به سوى حقيبة صغيرة كان يحمل بهض ملفات مرضاه وضعها فوق رأسه بينما أخذ بالركض نحو المنزل وهو يتذمر من برودة الجو
" حظي ما زال يثبت لي أنه متفوق على جميع أقرانه حتى بعد كل هذه السنوات ! "

كانت ثيابه خفيفة مكونة من بنطال رمادي مع قميص ابيض خفيف فوقه سترة سوداء بالكاد تمنح بعض الدفء ، ظهرت الغابة بعد بعض الوقت في مجال رؤيته ليستبشر خيراً من هذا حيث الغابة كانت العلامة الدالة على قرب منزله ، تابع ركضه رغم أن الأرض الترابية وبسبب قطرات المطر صارت عبارة عن طين موحل يتطاير كلما حطت قدم ريكا عليه لكنه لم يكترث لهذا وتابع ركضه كل ما يرغب بفعله هو الوصول للمنزل وطلب الدفء والراحة

أثناء ركضه ذاك لمح حركة غريبة بالغابة جعلت بصره تلقائيا يتجه نحو ذلك المكان ويتوقف عن الركض لوقت قصير بينما يلتقط أنفاسه بينما الحقيبة ما تزال فوق رأسه رغم أنه بالفعل قد ابتل كلياً

وقف يحدق بحيرة بالمكان حيث كانت هناك رائحة غريبة جذبته ومن غيرها رائحة الدماء تحركت غرائزه التي نامت لوقت طويل بسبب الهدوء الطويل بحياته بينما يحدق بتوجس نحو مصدر الحركة الذي جعل الاشجار تضطرب وتهتز بفعل سيره قربها ، ثواني حتى ظهر من بينها طفل بدا وكأنه بالعاشرة أو أكثر بالكاد يصل طوله لخصر ريكا خرج من بين الاشجار وهو مغطى بجراح متعددة بينما يمسك خاصرته بيده والدماء تخرج من انحاء مختلفة ، كانت وقفته تدل على المه الذي يشعر به وانفاسه السريعة عكست التعب الذي يشعر به وعيناه الخضراوتان كانتا على وشك المغيب خلف جفنيه ، كان يبدو عليه الخوف رغم محاولاته الواضحة لاخفائه، ورؤيته لريكا وتحديقه جعلته يبادله أيضا رغم تعبه قبل أن يقطع هذا التحديق ريكاردو الذي تسائل بريبة "ما الذي تفعله هنا؟!هل أنت بخير ؟!"

وقبل أن يتمكن من الجواب شعر بالرؤيا تصبح ضبابية وجسده يتهاوى قبل أن يأتي بأي حركة آخرى ولم يدرك أي شيء بعدها !

وهذا فقط جعل ريكا يتقدم ناحيته ليتفحصه جيداً بعد أن دنى منه بذات الارتياب ثم همس بعد تنهيدة عميقة " هذا يذكرني بطريقة اوليفر بالظهور ! من الأفضل أن لا تكون متورطاً بأمر خطير أيها الصغير ! لا طاقة لدي للجدال حتى فكيف بالمشاكل ؟! "

وبالطبع لم يستمع الطفل لأي من هذا فقد غاب عن الوعي منذ زمن ولم يكن من ريكا سوى أن يبعد الحقيبة ليتبلل شعره بالكامل ليحمل الفتى بين يديه ، خصلاته كانت بلون أشقر بينما عيناه كانت كعشب ندي ، حمله ريكا بين يديها ليتجه بعدها نحو منزله دون تأخير

حين فتح عشبيتيه مجدداً كانت قد تغيرت المناظر من حوله ؟ سرير دافئ وسقف فوق رأسه وغرفة واسعة نسبيا كان يتواجد بها حالياً، عقله لم يستوعب كل شيء دفعة واحدة بل كان يفكر بأعماقه عن ما حدث إلا أنه وفور ان التفت إلى يمينه ينظر إلى هناك استوقفه ذلك الشخص الذي غفى وهو جالس على الاريكة مقابلاً له فثبت بصره عليه لدقائق قبل أن يحدق بجسده المضمد ليوقن أنه تم علاجه من قبل هذا الغريب !

حاول النهوض إلا أن جسده كان أثقل من أن يقدر على هذا ، حاول مرتين تلتهما محاولات أخرى يائسة قبل أن يتنهد إلا أنه شعر بيدين تسندانه وظل شخص قد ظهر فتحول بصره نحوه بشكل تلقائي ولم يكن سوى ريكا الذي سمع صوت تنهده ونهض على إثره من نومه وحين أدرك رغبته بالجلوس قام بمساعدته ليجلس الفتى قبل أن ينحني باحترام شاكراً من أمامه "شكراً لك يا سيدي ، ممتن لك لانقاذي ! "

ريكا حدق به لثواني قبل أن يغمض عينيه ثم يفتحها وهو يجلس قربه " لا شيء للشكر عليه ، أخبرني كيف انتهى بك الأمر هنا بكل هذه الاصابات ؟!أتعرف رقم والديك ؟ لكي ابلغهما بوجودك هنا ! وأيضا ما اسمك ؟ "

وهذا فقط جعله يحدق بالغطاء وهو يقبض على يديه بقوة " لن يمكنني الاتصال بهما من هنا أظن ! سيكون علي محاولة العودة فقط لا أعرف كيف ! أما اسمي فهو von ومعناه الأمل "

ريكا حدق به لثواني قبل أن يجيبه بهدوء " اسمك جميل ، باي حال ما اسم مدينتك ؟! "

الصغير أجاب بعفوية وهو قد التفت يحدق به " تدعى سام ماتيو ، لا اظنك سمعت بها !"

فور سماع الاسم ملامح ريكا أظهرت شيء من الضيق فهو يعرف هذه المدينة عن ظهر قلب بالطبع فهي مدينته السابقة حيث ولد بالنهاية ! وقد كانت رائحة دماء الفتى سبب بشكه بالامر فلم يكن سؤاله عفوي ، تلك المدينة التي هرب منها منذ سنوات دون أن يفكر بها ولو للحظة !

نهض من السرير ليعتدل بوقفته بينما ارتفعت حدقتا الصغير تحدق بملامحه بحيرة تامة قبل أن يدنو ريكا قليلا منه يبعثر شعره " اسمع ، ساعيدك إلى هناك بعد أن تشفى قليلاً ، ساتفقد طريق العودة لك شرط أن لا تدع أحد يعلم عن وجودك هنا !"

وهنا الفتى رمش عدة مرات قبل أن يسأله بحيرة " لحظة أتعرف طريق العودة ؟! أعني اتعرف مدينتي اساساً؟! ثم من لا يفترض أن يعلم !؟"

ريكا وضع يده اليمنى بجيبه وهو يجيب بكل بساطة " لا تهتم للتفاصيل كل ما عليك معرفته هو أني اعرف طريق يوصلك للمدينة لكن يجب عليك الانتظار لأن الجو سيء وصحتك متدهورة! أما من لا يجب أن يعلموا هم الجميع ! "

و الفتى سأل من فوره بفضول غير مقصود فهو لم يفهم بعد لما يعتبر وجوده مشكلة
"لما لا يجب أن يعلموا ؟!"

وهنا ريكا أجاب ببساطة من جديد جواباً جعل من أمامه يحدق به بغير فهم " لأنك لست حيواناً أليفاً !"

ملامح الفتى التي أظهرها جعلت ريكا يردف بينما ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه " لا تهتم الأمر فقط أن من غير عادتي احظار أشخاص غرباء الى هنا ، ولو رأى أصدقائي ذلك .."

اردف بعد أن تبدلت ملامحه لليأس " سيظلون يذكرون هذا لألف قرن آخر ! لا رغبة أو مزاج لي لسماع سخرية أخرى بالكاد بداو ينسون آخر موضوع !"

سرعان ما انتبه أنه بالفعل تحدث كثيرا فاردف بشيء من الصرامة " بأي حال ارتاح الآن وساتي لك بخبر مؤكد بعد وقت قصير !"

أومأ الفتى موافقاً وهو ما يزال يحدق بريكا وكل ما يفكر به هو أن هذا الشاب أمامه غريب لكنه دافئ بطريقة يجهلها !

أستلقى من فوره قبل ان يضع الغطاء على جسده شعر بالألم يفتك به فانكمش على نفسه ثم نام لوقت طويل دون أن يدرك بفعل المسكن الذي كان موصولاً إلى وريده

المرة الثالثة التي فتح بها عينه هذه المرة كان بسبب شعوره بشخص يحدق به ، فرك خضراوتيه بقوة قبل أن يستطيع تميز وجود وجه جديد أمامه وهذا فقط جعله يتذكر بعد مرور دقيقة او اقل أنه وعد الشاب الذي انقذه أن لا يخبر احداً عن وجوده !

عيناه اتسعت قليلاً وهو يخشى أن يكون أضاع الفرصة الوحيدة لعودته للمنزل لذا نهض سريعاً وسرعان ما شهق بسبب الألم ويده وضعت على خاصرته لتخفف الألم !

شعره البني قد طال قليلاً بينما عيناه الخضراء كانت تحدق بالفتى النائم بفضول وفور رؤيته ينهض رسم ابتسامة مرحة يلوح له "مرحباً أيها الفتى ، لا داعي لكل هذا الخوف لست شخصاً سيئاً ! "

وروز التي كانت تراقب الموقف تحدثت بشيء من السخرية " أشك بهذه النقطة عزيزي ! "

أندرو حدق بها بحاجب مرفوع قبل أن يجيب بابتسامة عابثة " ليس ذنبي أن الفتاة أعجبت بي ! هو دورك لابعاد المعجبات !"

وهي ردت عليه سريعاً متناسين أمر الفتى المرهق الذي يحدق بهما بحيرة ولا يفهم ما يجري وهي تضم ذراعيها لصدرها
" ربما لو توقفت عن الغزل بهذه وتلك ستتوقف المعجبات !"

وقبل أن يرد عليها صوت باب الغرفة تلاه صوت ريكا وهو يوبخ كليهما بنفاذ صبر" لديكما عشر ثواني لتوضحا لي لما أنتما هنا منذ الصباح بغرفتي الخاصة تتشاجران حول موضوع أحمق للمرة المليون؟!"

أندرو ابتسم بخفة وكلتا يديه استقرت خلف ظهره وهو يحدق به " أوه ، لديك اليوم إجازة صحيح ؟ أردت أن أتأكد أن أول وجه ستراه هو وجهي ، تعلم لتحظى بيوم إجازة جيد ! "

وهنا ريكا ابتسم بسخرية من فوره وهو يقبل نحو الداخل " واضح أي يوم سيكون لدي ! المرة القادمة وفر قدومك أو أجله بعد أن تنتهي حفلة النكد اليومية !"

روز تسائلت بعد أن وقفت قرب اندرو بحيرة " دعك من هذا وأخبرنا من يكون الفتى ؟!

اندرو تولى الإجابة بدلها وهو يحدق بريكا بنظرة جانبية " أليس واضحاً؟ ريكا تخلى عن تبني الحيوانات وصار يتبنى الأطفال !"

وهنا الفتى فقط ظل ينظر بينهم كما لو كان كرة تنتقل بين لاعب وآخر يحاول استيعاب حوارهم ذاك !

ريكا حدق باندرو من فوره " لن يحدث ولو بعد مليون سنه ! الأمر فقط أنه ظهر أمامي من العدم فقدمت له المساعدة لكي اتجنب أي مشاكل مستقبلية ! "

ابتسم اندرو باتساع وهو يضع يده على كتف ريكا " أوه عزيزي ريكا لا داعي للخجل أعني انظر تبريرك ليس بمنطقي حتى !ان اردت تجنب مشاكله لتركته بمكانه لكنك فعلت العكس لذا لا تخجل صديقك المفضل هنا يعرف انك شخص لطيف خلف هذا الوجه المكتئب طوال الوقت !"

وهنا ريكا تحرك مبعداً كتفه حتى كاد يفقد اندرو توازنه بينما ريكا يبتسم بشر مخبراً اياه بينما يفرقع يديه " ما رأيك أن تخرج بالوقت الراهن وتلتزم الصمت بشأن ما رأيته ؟ أو يمكننا حل الأمر بطرق أقل تحظراً !"

وهنا اندرو رمش قبل أن يضحك بقوة بينما روز تحدق وحسب بكليهما هي والفتى الصغير ثم سرعان ما رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه وهو يقف قرب روز " حسناً حسناً سنغادر ونعود لاحقاً احرص على حل مسألته سريعاً ، يمكنك ترك الأمر لصديقك المفضل لكتم السر أو بحال احتجت أي مساعدة "

غمز بأخر كلامه ليجعل ريكا يتنهد مبعثراً شعره وهو يشير للباب خلفه "حسناً اذا أن كنت ستنتظر شكراً فستضيع وقع كلينا لذا غادر مع روز حاليا لأحاول حل ما بين يدي !"

أومأ بتفهم وهو يضع ذات الابتسامة العابثة لتتبعه روز وهي تفكر بداخلها أن علاقة الشبان غريبة وهي قطعا لن تفهم طريقتهم بالتعبير مطلقا !

فور رحيلهم الفتى الذي كان مستقرا بالسرير تحدث بشيء من التردد " أهذا ما قصدته بالسخرية ؟"

ريكاردو حدق بالصغير قبل أن يجيب سؤاله بسؤال أخر " هل لديك اصدقاء ؟"

أشاح الفتى بوجهه سريعاً يوما سلباً
" لا ، كل من بالمدرسة يسخر مني ، اسرتي كانت تنتمي لطبقة النبلاء لكن ابي تركهم وغادر منذ زمن بعيد لذا هم يسخرون منه !"

احتدت ملامحه وهو يردف بغضب شديد " لذا تشاجرت معهم وفزت لكنهم استعملوا خدع قذرة وجمعوا عدداً كبيراً وقاموا بدفعي من ذلك الجرف !"

ريكا حدق بالفتى وتقلبات وجهه باهتمام بالغ قبل أن يتوقف من أمامه عن الحديث ليتدخل هو بعد سحب الكرسي ووضعه أمام السرير ليسأل بهدوء وهو يحدق بالفتى أمامه " وهل تكره والدك لهذا؟"

انتفض سريعاً يوضح ما اعتبره سوء فهم فظيع " بالطبع لا ! ابي مذهل هو حقا شخص أفخر به هو يعمل بالفعل ويشتري لي ولأمي وجدتي كل ما نريده ، هو حنون ودافئ ويعلم التلاميذ الكثير ! لا يهمني كلامهم بقدر ما يزعجني حديثهم عن أبي الذي احبه بهذا الشكل ! هو مذهل ليس بالضرورة أن يكون نبيلاً ! "

ريكا استمع لذلك الجواب قبل أن ترتسم ابتسامة على شفتيه لسبب ما فور سماع هذا " سعيد لاجلك ، وربما انت فقط لم تبحث عن اصدقاء بالمكان المناسب ، حتى اسوء الأشخاص قد يجدون من يفهمهم ، فقط الأمر ليس سهلاً لكنه ليس مستحيلاً ايضاً ! ستجد ذات يوم صديقا يتفهمك ويكترث لك كما يكترث لنفسه دون شك !"

حدق بريكا لثواني قبل أن يبتسم وهو يوما " محق !"

اختفت الابتسامة ليسأل من فوره بلهفة " هل حقا تعرف الطريق لبلدتي ؟!وفقط ماذا تعرف عنها بالضبط ؟! "

ريكا شبك ذراعيه لصدره يجيب بهدوء تام " لنعقد اتفاق هنا ، لا تسألني عن أي شيء وانا أعدك اني ساعيدك من حيث اتيت اتفقنا ؟!"

تردد قبل أن يومأ ايجابا ، هو يشك أن من أمامه ينتمي لبني جنسه لكن اساسا هو للان يجهل مكانه الحالي ولم يجد طريقه لطمأنة أسرته التي ستقلق حتماً من غيابه !
~~~~~

منزل متوسط الحجم ذو طابقين اثنين مطلي باللون الأبيض المائل للاصفرار ، نوافذه الواسعة كانت تطل على حديقة جانبية ذات مساحات شاسعة عشبها الأخضر يفترش الأرض وعلى جانبها حقل خاص للأزهار ،الاشجار كونت سياج حول الحديقة تحيط بها وقرب مربع الأزهار ذاك تواجدت ارجوحة زينت بقماش ابيض حريري وازهار معلقة بسقفها

ضجيج ارتفع بالإرجاء بسبب تلك الشابة التي كانت تتحرك بالغرفة ذهابا واياباً بينما يجري زوجها ذو الشعر الثلج اتصالاً عاجلاً ففور عودته من العمل استقبلته زوجته التي كانت ملامحها لشابه بالعشرينيان ترتدي قميص زهري دون أكمام وبنطال ابيض يغطي معظم قدمها عدا آخر جزء منها شعرها البني المرفوع للأعلى انسدل على ظهرها يصل لمنتصف ظهرها ، القرط الذي كان على شكل زهرة وردية اللون كان يتحرك مع حركتها وعيناها الخضراوتان كانتا تظهران قلقاً واضطراباً بسبب تأخير صغيرها عنها ، هي وفور وصول زوجها توجهت إليه كمن مسها مس تشكو له رعبها من تأخر صغيرها رغم إرسالها السائق ليتفقده لكن لا أثر وهنا بدأ أيجيرو يجري اتصالاته يسأل عن ابنه بقلق وهو يدعو من أعماقه أن يكون كل شيء بخير !

لم يمضي وقع حتى تجمعت الأسرة المكونة من أيجيرو وكاوري ولين الذي صار شاباً بالفعل بمنزل ايجيروا ، والده ورغم رغبته القوية بالحظور لاجل حفيده إلا أن صد أيجيرو له مرارا وتكراراً كان كفيلاً بجعله يقرر تركه وحسب دون أي محاولات إضافية ، مشاكله مع كاوري ظلت تكبر وتكبر فقد كانت الأخيرة قد صارت تهمله بسبب حزنها فلم يعد أي من ولديها للمنزل وصار المكان فجأءة خاوياً وبارداً ، وكم من مرة كادا يصلان للانفصال خصوصاً حين سأم ناوتو من كل شيء وبدأ يخونها،لكن ولأجل لين الذي انتكس فور أن صار الانفصال قاب قوسين أو أدنى تراجعا لاجله واضطرت كاوري للضغط على نفسها لتحسين الوضع لاجله بينما قررت أن تكتم مشاعرها في هذا المنزل وكلما احزنها الشوق ذهبت لايجيروا أو للدعاء بأحدى الكنائس القريبة لتخرج المشاعر المحبوسة داخلها لكي يمكنها العودة وإدارة منزلها ، ورغم أنها بذلت الكثير لكن شيء ما لم يعد كالسابق لكن كل منهما تاقلم بطريقة ما لاجل جعل الحياة تمضي وان كانت غير متاكدة حقاً فقد فقدت ثقتها بزوجها وان كانت تدرك أن ما فعله أمر متوقع بعد إهمالها له وانطفاء شمعة الحب بينهما التي ذابت ببطئ حتى تحولت إلى بقايا للذكرى حين احرقتها نيران الخذلان!

خبر اختفاء حفيدها أرعب قلبها فلم يكن يمكنها احتمال بُعد أو خسارة شخص آخر ، لم يعد لقلبها القدرة على احتمال الفقد لكنها وبدل النحيب جلست تحاول مواساة زوجة ابنها ديانا التي كانت تجلس على أحدى الارائك وهي تعظ اظافرها بتوتر تام كلما تاخر الوقت أكثر وقدمها تهتز تعبر عن شعورها الداخلي ! أيجيرو لم يتوقف عن البحث ولم يتوقف عن السير بالغرفة بكل توتر هو الآخر بل لم يترك مكان إلا وبحث ودون نتائج تذكر ، لين والذي جلس معهم منذ بعض الوقت بصمت تام تحدث بجدية بالغة بعد صمت طويل وهو يرى قلق شقيقه "ايجيروا ، دعني اطلب المساعدة من أبي ، تعرف أنه يملك عدد أكبر من الجنود وقد يجده أسرع منا ! "

ايجيروا انتفض من فوره بدون أي مجال للنقاش " مستحيل ! ولا تفتح هذا للموضوع مجدداً لين ! لدي ما يكفي من المعارف لو كان موجود بالإماكن المتوقعة لكان وجد الآن !"

زوجته التي كانت تبكي بين يدي والدة أيجيرو كانت تدفن وجهها بين يديها لتبكي بمرارة وكلمات زوجها أشعلت قلبها بقوة أكبر فرفعت رأسها ليظهر وجهها المبتل بدموعها الغزيرة " اذا أين ابني ؟! بحثنا بكل مكان ولا أثر له ! أنا أريده الآن ! أعده الي أيجيرو !"

كاوري شعرت بقلبها ينقبض وهي تتذكر تلك المشاعر التي كانت تقتل روحها منذ سنوات ، انقبضت يدها وأظهرت ملامح وجهها الماً وانسكاراً إلا أنها سرعان ما نهضت بشكل مفاجئ جعل الأنظار تتجه نحوها بحيرة ؟ بدت ملامحها غاية في الغرابة بسبب ما حملته من جدية وصلابة كسبتها على مر السنين ودفعت ثمنها الالاما ودموعاً وحبها الأولى الذي انتهى نهاية مأساوية
" ساخرج للبحث بنفسي ، ما فائدة جلوسنا هنا وكأننا عجائز غير قادرة على الحركة ؟! لنبحث بالإرجاء وليبقى فقط شخص واحد بالمنزل بحال اتصل أحد أما البقية سنخرج ونبحث ومن يجد أي أثر يبلغ البقية !"

نهض الجميع معلنين انصياعهم واقتناعهم بكلامها لكن هنا برزت مشكلة أخرى فالكل يرفض الجلوس مكتوفي الأيدي قرب الهاتف وهنا تدخلت كاوري من جديد تتجه نحو زوجة ابنها وتبتسم لها بحنان امومي تفتح لها ذراعيها ثم عانقتها بقوة وهي تشجعها بصوت واثق لا يعطي أي مجال للشك " ابنتي العزيزة ، ابقي هنا قرب الهاتف بالنهاية انتِ منهارة ولو عاد الصغير فلن يرتاح بين يدي أي شخص أكثر من يدي امه، ضعي ثقتك بنا وابقي هنا "
حدقت بعينيها برفض تام وهي تومأ سلبا" مستحيل ، أرجوك لا يمكنني البقاء ساكنه هنا ! دعيني آتي !"

كاوري كانت ترغب بالرفض إلا أن أيجيرو اقبل يضع يده على كتف والدته فالتفتت تحدق به ثم توجه نحو زوجته وامسك يدها وهو يبادلها نظرات واثقة " لا بأس تعالي ، سنجد ابننا ونرجعه للمنزل !"

اومأت وعيناها غارقة بدموعها ولم يبقى أي شيء ليقال فقد توجهوا جميعاً للخارج بتلك اللحظة متجهين إلى آخر مكان شوهد فيه الصغير حسب أقوال الشهود

كانت الأصوات ترتفع منادية باسمه بدون كلل أو ملل حتى حل الليل ولا فائدة ، كانت علامات الانهيار بادية على الأم وقلبها يرف مع كل رنة هاتف تسمعها عسى أن تكون هناك أخبار

~~~~~~~
بمدينة أخرى بعيداً بمقهى معزول على وجه التحديد كان يجلس هناك مقابل النافذة ذلك الشاب ذو الشعر الداكن يحرك الملعقة بكوب أسود كسواد خصله احتوى سائل أحمر قاتم وزرقاوتاه حدقتا بالكوب قبل أن يبدأ بالارتشاف منه بملل وبصره توجه نحو الخارج حيث الثلوج كانت تتساقط وقد غطت الأرض والأشجار بطبقة بيضاء رقيقة بدت كغيوم هجرت سمائها وهبطت ضيوف على الأرض ، عناق قوي من الخلف وثقل شخص ما شعر به فجأءة على ظهره وذلك الصوت السعيد اخرجه من الملل الذي كان فيه فور سماعه صوت تؤامه
" اعتذر على التأخير أخي ، كان علي إكمال بعض الأعمال والا لما تمكنت من الهرب كما حدث مع ليو !"

اوليفر ابتسم بخفة وهو يلتفت ليصير مقابلا لتؤامه الذي كان يرتدي ملابس العامة للتخفي ويرسم ابتسامة سعيدة على شفتيه بادلها اوليفر وهو يرد عليه " شكرا على عملك الجاد حضرة الأمير ، لا بأس بالانتظار قليلاً على الاقل أستطيع شرب بعض الدم الطازج بفضل هذا ، اجلس الآن اشتقت اليك بحق !"

اتيكوس جلس بقربه وهو يطلب ذات الطلب ثم سرعان ما وجه بصره لتؤامه بينما يمسك بالكوب هو الآخر " كيف الوضع معك ؟ لم ترتبط بعد ؟!"

اوليفر زفر الهواء باستياء وهو يجيب بينما يميل برأسه " لا تمزح ، لا انوي فعلها حقاً، انظر اندرو و يوتا ارتبطا وقد تعلمت درساً من هذا ! لن ارتبط إلا لو رغبت بمشاكل لنفسي !"

اتيكوس ابتسم على ملامحه وأنزل الكوب من يده " حسناً لا يمكنني تغير فكرتك هذه فهي ليست خطأ كلياً لكن ان اخترت فتاة تحبها ستتقبل المشاكل بشكل أكبر ربما ؟"

اوليفر حرك يديه نافياً " لا شكراً لدي ما يكفي من المشاكل ، العمل فوق راسي بالفعل وبالكاد اجد وقت للخروج والاستمتاع ، لا أزال صغيرا على دفن نفسي !"

ابتسم بعدها وتسائل بفضول " ماذا عنك ؟ كيف هي فتاتك؟ "

ظهرت حمرة خفيفة على خديه قبل أن يتنهد وهو يخفض رأسه " جيدة ، لكن لم يسبق وتعاملت مع فتاة للحق وهي تطلب مني الكثير من الاهتمام ، العمل يأخذ كل وقتي وهي فقط لا تفهم هذا !"

اوليفر أومأ بتفهم " هكذا هم النساء ، عاطفيات بالدرجة الأولى ويرغبن بالاهتمام ، حاول السؤال عنها كلما وجدت وقت لهذا "

أومأ بتعب وهو يضع رأسه على الطاولة " ابذل جهدي حقاً، الزفاف بات قريباً بأي حال لذا علي ترتيب الأمور معها ، هي ابنة أحد النبلاء لذا يفترض أن تفهم الوضع لكن أظنها تبقى فتاة بالنهاية !"

رفع رأسه وهو يحدق بشقيقه بجدية " أخي ، بشأن الزفاف ، أيمكنك الحظور ؟"

اوليفر حدق به بهدوء قبل أن يشرع بالحديث بدون إظهار أي ردة فعل مريبة " إن كان بالقصر تعلم أن هذا مستحيل ، تذكر لم أعد أميرا منذ سنوات ودخول القصر للعامة ممنوع !"

اتيكوس أسرع بالإجابة على تسائله" تصرفت بما يخص هذا بالفعل ، لقد طلبت أن يكون الحفل للجميع ! ان لم تأتي انت بأهم يوم بحياتي فلن أكون سعيدا مطلقا ! لم أصدق أننا بدأنا نتجاوز الماضي ! ابي يدرك الأمر ولم يعارض ! وأمي ستكون سعيدة برؤيتك حقاً هي كلما خرجت تسألني عنك رغم أني للحق أهرب ومسألة خروجي يفترض أنها سرية لكنها تعلم وتصمت !"

اردف بجدية أكبر " حتى ليونارد الصغير ابن أخي ليو رغب حقاً برؤيتك والوضع ليس مختلف لليو "

اخفض راسه قبل أن يردف بتردد " لاصدقك حتى أبي أظنه يعرف لكنه فقط لن يقولها بشكل مباشر ، كونه الملك يجعله يضع أولويات لأمور أخرى قبل مشاعره كاب ومشاعرنا كابناء !لكن ..."

عاد الجد لملامحه وهو يمسك بيد شقيقه بقوة " أريدك ان تكون معي هل هذا طلب صعب ؟"

اوليفر بادله التحديق قبل أن يضع يده الأخرى فوق يد اتيكوس التي تمسك بيده ليبتسم له وهو يوما " سأحاول التواجد لاجلك ، لا تقلق واعتني بنفسك وبالعروس ودع الباقي علي !"

ابتسامة مشرقة ظهرت على وجهه وهو يومأ بسعادة، منذ رحيل شقيقه كانت الإوضاع لديه كئيبة بشكل قاتل له فهدفه الذي سعى له لسنوات صار مستحيل المنال رغم ذلك كان الأمل الضئيل المتبقي يمنحه بعض القوة ، بعد مرور تلك المهلة التي مُنحت لاوليفر لم يعد خلالها مطلقاً وهذا جعل والده يعلن أن الأمير الثالث للمملكة لم يعد ضمن الأسرة المالكة لظروف خاصة وهو من العوام الآن ، أثار الخبر وقتها ضجيج كبير وافترضات بين الناس لكن سرعان ما خمد ذلك الضجيج وغابت أخبار الأمير الثالث ومعها أخر أمل متبقي للأمير الثاني ، لكن أمله أثمر بالنهاية ذات يوم حيث وصلته رسالة مريبة تطلب منه التوجه نحو مقهى ما متنكراً وهو ورغم حذره إلا أنه لم يتردد بالذهاب ولم يخب أمله حيث وجد شقيقه هناك ينتظره فكان أول لقاء لهما دافئ بدأ بعناق قوية طال لبعض الوقت مع دموع سعادة وانتهى بالكثير من الحديث وتبادل الأخبار بين التؤامين ولم يكن الأخير بل كان بداية لقاءات عدة كانت تتوزع بين حين وآخر وتواصل مستمر بينهما ، كانت العلاقة قد تحسنت بشكل ملحوظ فلا مقارنات ولا مشاعر سلبية بعد أن استقر كل منهما بما يخصه وما عاد للمقارنات مكان بينهما منذ حقق اوليفر قناعته التامة بما يفعله وترك كلام الآخرين خلف ظهره ، رغم صعوبة تحقيق ذلك إلا أن وجوده مع من كان يشجعه وتحقيق ذاته كما رغب بعمله الجاد بدأت قناعته تكبر شيئا فشيئاً خصوصاً وأن ما عاد بين طريقه وطريق شقيقه تقاطع فما عاد هناك مجال للمقارنة التي افسدت بينهما طوال سنوات وأخيراً بعد سنوات طويلة صار بامكانهما الحديث كأي تؤام متقارب دون غيرة تعمي أحدهما أو خوف يمنع الآخر

شيئاً فشيئاً استطاع أن يلتقي بوالدته وشقيقه وتعرف بابن شقيقه الذي تزوج بفترة رحيله تلك ورغم قلة اللقاءات إلا أن كلا الطرفين كان سعيد نسبياً فالأول حقق كيانه وما عاد يشعر بأنه غريب وأسرته استطاعت أن تطمان عليه وان كانت رغبتهم بوجوده بينهم ما تزال قائمة لكن قناعتهم أن كل طائر سيغادر العش ذات يوم جعلتهم سعداء كفاية بأنه بخير وان بإمكانهم رؤيته من حين لآخر !
~~~~~~~~

كان قد انتهى ذلك اللقاء بعودة اتيكوس للقصر وتوجه اوليفر نحو البوابة للانتقال منها كما اعتاد ، كان يسير بهدوء وهو يرجو أن يصل سريعاً ، مهما مر من وقت يظل هذا المكان يملك ذكريات مؤلمة له لذا لم يكن يستمتع كثيرا بالسير هنا، وصل اخيراً للوادي وحين استعد للقفز ، أصوات نداء ارتفعت بالإرجاء جعلته يتوقف عن الحركة بحيرة وحدق بأتجاه الصراخ بعد أن التفت للخلف ، كانت عدة أصوات وليس صوت واحد وخلال وقوفه ظهر فجأءة من بين الاشجار ذلك الشاب ذو الشعر الأشقر وهو يحدق بالشاب أمامه بهدوء ، اوليفر بادله النظرات بهدوء قبل أن يوجه كلامه له بتسائل " هل من مشكلة ؟ هل يمكنني مساعدتك بشيء ؟"

لين أجابه بتهذيب وهو يمد له صورة " هل رأيت هذا الطفل ؟ نحن نبحث عنه منذ زمن ولا أثر له "

استلم اوليفر الصورة إلا أنه أومأ سلباً حين رآها " للأسف لم أره "

أخذ لين الصورة بتفهم وشكره لينصرف إلا أن ايجيروا ووالدته وزوجته ظهروا من بين الاشجار وعلامات التعب والقلق على وجوههم، لين ضيق عينيه وأقبل نحو شقيقه " ماذا حدث ؟!"

ايجيروا أجاب على سؤاله بصوت خافت التعب غلف نبرته بشكل واضح " تلقيت اتصال للتو ، بعض رفاقه من المدرسة قاموا بدفعه للوادي ! "

اتسعت عيناه قبل أن يهتف بحدة " اوغاد ! كيف يفعلون هذا ؟! "

اردف بغضب مكتوم " اذا ما العمل ؟ هذا الوادي يؤدي لعالم أولئك المخلوقات الأدنى صحيح ؟!"

والدته كاوري أقبلت وهي تومأ بملامح متوترة ما أظهرت اضطراب قلبها " اجل ، هو بعالم البشر !"

كان التوتر الذي غزا قلب ايجيروا على ابنه يطغى على اي شيء رغم ذلك مرت تلك الخاطرة أو الأمنية على قلبه ، ربما التقاه؟ التقى ابنه بعمه بمعجزة ما ؟ لكن كانت الأولوية لسلامة ابنه ، اوليفر حين لاحظ تلك الملامح تدخل بهدوء رغم شعوره أنه هنا يبدو كفزاعة عديم النفع لا داعي لوقوفها
" عذرا، أن رغبتم يمكنني المساعدة ، انا أعيش هناك ،قد يمكنني المساعدة "

ارتفعت الأبصار لتتجه نحوه وفور ان التقيت الاعين وتوضحت الملامح للطرفين اتسعت الاعين وكان أول من خرج من الصدمة أو ربما انخرط تحت تأثيرها هو كاوري التي أقبلت نخو اوليفر تضع يديها على كتفيه وهي تهمس بغير تصديق " أنت ...أحد اصدقاء نيكولا ، صحيح ؟! "

اوليفر لاحظ ملامحها وقد أيقن من هم فور أن ركز بهم واوما بهدوء قبل أن يهمس بينما يبعد يديها برفق " أجل ، لا تقلقي هو بخير ، الآن لنذهب ونجد حفيدك ثم يمكنك طرح ما تريدين من أسئلة !"

ايجيروا كان صامتاً ولم يعلق فهو بين صدمته بهذه الصدفة الغريبة وبين رغبته بإيجاد ابنه ليستغلها كما يجب أما لين فقد قطب حاجبيه بأنزعاج تام و أشاح بوجهه ، لم يتمكن من تقبل ذلك الشقيق مطلقا مهما سمع ومهما مرت السنوات والشيءالوحيد الذي فعله هو كتم مشاعر الاحتقار التي يكنها له بداخله كي لا يوبخ لذا لم يكن سعيدا بهذا الوضع فقاطع ذلك الحوار ليغير دفة الحديث " لدينا ما هو اهم ، حياة ...... قد تكون بخطر لدى أولئك الوحوش ، لنذهب ونستعده!"

كاوري حدقت بابنها لثواني بصمت هي تدرك مشاعره المكبوتة لكنها لم تناقشه فلديها اولويتان الآن وهو ليس أحدها بهذه اللحظة ، توجه الجميع إلى هناك وكل شخص يحمل أفكاره الخاصة معه وامانيه !"

~~~~~~
منزله كان دافئاً خلافاً للجو بالخارج حيث الأمطار كانت تهطل بغزارة ويوم إجازته انتهى لذا تحتم على الصغير أن يبقى وحده حتى المساء يتجول بالمنزل يحاول تمضية الوقت واصابته بدأت تتحسن بفعل الرعاية التي يحصل عليها إلا أن الألم كان ما يزال يفتك به من حين لآخر فسقوطه كان قوياً وهو كطفل يقفز لأول مرة لم يتمكن من حماية جسده والحمى التي تلت ذلك زادت حالته سوءا لذا انتهى بعد فترة الفضول تلك بالعودة والانكماش بالسرير بعد أن فتك به الألم بسبب الجراح المتبقية ، كانت الحمى تذهب وتعود بشكل متقطع لذا تحتم ذلك على أن يوفر ريكا له الرعاية كلما تواجد بالمنزل ، عاد بعد يوم عمل طويل للمنزل حيث أوصله اندرو بسبب الأمطار ولم يتأخر بالدخول لتفقد الصغير الذي مر اليوم الثالث على وجوده معه ، اقبل نحو الغرفة حيث يرقد الصغير وبيده أكياس من الدم وبعض الأطعمة التي توقع أن تعجب الصغير ، توجه نحو السرير ليجد منكمشاً تحت الغطاء وملامحه مكشرة عكست الألم الذي يشعر به ، قطب ريكا حاجبيه ووضع يده على جبهته وسارع بتفقد علاماته الحيوية وجراحه بعد ترك ما بيده من أغراض ، وبسبب حركته تلك فتح الصغير عينيه ببطئ فامسك ريكا بيده وهو يسأله بهدوء امتزج بالقلق " كيف تشعر ؟ ما الذي يؤلمك؟"

الصغير حدق بريكا بتعب والصورة أمامه كانت غير واضحة مطلقاً، عيناه بدأت تتحول للاحمر ويده تمسكت بقميص ريكا بقوة وهو منكمش بذات الوضعية السابقة ، ريكا أسند جسده ليجعله يعتدل بجلسته قبل أن يتنهد بقلة حيلة،فتح أزرار قميصه العلوي لتظهر تلك الحمرة القرمزية على عينيه ومخالبه حلت محل اضافره المعتادة ليصنع جرح سطحي برقبته، دمائه التي تعطي نتائج سريعة كانت حل مناسب لابعاد الألم عن الطفل الذي بين يديه ولم يرغب برؤيته يعاني طويلاً لديه فصنع ذلك الجرح ليحفز الصغير الذي كان شبه غائب عن الوعي لينقض على رقبته بقوة ويمتص منها حاجته للدماء ، ريكا لم يتحرك بل تركه يفعل بهدوء ويده على ظهر الصغير تسنده بخفة، أخذ مقدار كافياً لكي تبدأ جراحة بالاحتفاء ومعها الألم الذي كان يؤرقه ووعيه الذي غاب بدأ يرجع تدريجياً ، رمش عدة مرات قبل أن يدرك الوضع فشهق بقوة قبل أن يتراجع للخلف مبعداً انيابه وهو يحدق به وشعور بالذنب يتملكه، ليس من عادة قومهم شرب الدماء بشكل مباشر خصوصا بالنسبة لطفل بسنه لذا مهاجمته لشخص غريب هكذا اخافه والأهم أيضا هو أن من أمامه قد لا يكون على علم بهويته لذا الخوف تملكه كلياً إلا أن ريكا الذي فهم من ردة فعله ما يختلج داخله تقدم ناحيته بهدوء ليعانقه برفق ماسحاً على ظهره بخفة " لا تخف ، أفهم الوضع جيدا ،انا مصاص دماء ايضاً لذا هون عليك ، انا من سمح لك بالشرب مني لذا لا تخف !"

والصغير فور أن تمت معانقته كان قد بدأ يهدأ قليلاً حتى وصل الكلام لنهايته كان كل الخوف قد تبدد رغم ذلك همس وهو يحدق به " اسف رغم هذا ، ما كان علي فعل ذلك ، هل المتك؟"

أومأ ريكا سلباً وقد رسم ابتسامة صغيرة لطمانة الصغير " لا ابداً، لا تهتم للأمر ! الآن اجلس لاحظر لك بعض الطعام ، المطر ما زال يهطل لذا لا يمكنني إرسالك لبلدك بعد فأنت لا تملك الخبرة الكافية لكن فور استقرار الوضع وتحسن صحتك ستذهب إلى هناك، الآن يجب أن ترتاح قد لا يتناسب جسدك مع دمائي لذا لا تتحرك لبعض الوقت "

أومأ الصغير قبل أن يخفض رأسه بحزن " أنا فقط قلق على امي وأبي ، لابد أنهما قلقان حقا ، أتمنى لو يمكنني ابلاغهما بمكاني! "

وضع يده اسفل ذقنه قبل أن يغوص بافكاره ثم حدق بالطفل الذي جلس أمامه يتسائل بهدوء " هل تعرف عنوانهم؟ لدي صديق قد يمكنه فعلها "

اشرقت ملامحه وهو يستمع لكلامه قبل أن يومأ " يمكنني اعطاء العنوان ! هل حقاً يمكنه الذهاب ؟! متى ؟!"

وضع يده فوق رأس الصغير مبعثرا شعره وهو يومأ" أخبرني العنوان وساحاول التواصل معه !"

أسرع الصغير دون تردد ليتذكر العنوان جيداً ، أعطى العنوان لريكا والذي تركه مع وجبة الطعام ونهض يتصل بالشخص الذي خطر بباله

~~~~~
طريق الغابة العملاقة كان طويلاً جداً خصوصاً بالنسبة لمن يبحث عن طفل مفقود لثلاثة أيام !

كانت علامات القلق والتعب النفسي على ملامحهم وهم يبحثون بالإرجاء ، اوليفر والذي كان يرافقهم كان محتاراً بما يجب فعله مع علمه على علاقة ريكا بهم فلم يكن منه إلا أن تابع البحث عسى ان يساعدهم على إيجاد الصغير ثم يستشير ريكا بما يريده بما يخصهم، رنين هاتفه اخرجه من ذلك الجو الكئيب فأسرع بإخراجه ليقطب حاجبيه فور رؤيته للرقم الظاهر على شاشته، كان اتصال ريكا بوقت غير ملائم مطلقا لكنه رد عليه بصوت منخفض بعيداً عن من معه
" أهلا ، ما الأمر ؟!"

ريكا لاحظ انخفاض صوته فساله بهدوء بينما يقف أمام النافذة يراقب قطرات المطر التي تصطدم بالنافذة بقوة " هل الوقت غير ملائم ؟"

اوليفر أومأ وهو يجيبه بالنفي " لا ، فقط الموضوع طويل ساحتاج للحديث معك بشانه لاحقا بأي حال هل من مشكلة ؟"

رغم حيرته المطلقة ترك تساؤلاته لوقت لاحقا وهو يحاول إنهاء ما اتصل لاجله " هناك شخص ما لدي ، يمكن القول طفل ضائع ، واحتاجك لتوصل الآخبار لوالديه، انت بعالم الشياطين صحيح ؟ أيمكنك ؟"

رمش اوليفر عدة مرات قبل أن يهمس بصوت خافت وهو يحاول إثبات أو نفي ما يفكر به " لحظة ، أهو طفل بشعر أشقر وعيون حضراء؟!"

وتلك الكلمات جذبت أنظار ومسامع من حوله حيث توجهوا نحوه سريعاً ونظرات الأمل على ملامحهم ، والدته حدقت ويداها انقبضتا نحو قلبها تدعو أن يكون صغيرها بخير وتلك النظرات اربكت اوليفر كثيراً

ريكا قطب حاجبيه قبل أن يجيب بإستنكار " كيف عرفت ؟!"

واوليفر صمت لثواني قبل أن يحاول تجميع الكلمات كما يجب " أسرته معي وهم يبحثون عنه ! وهم... !"

تلك الكلمات سكبت بعض الطمأنينة لقلوبهم ووالدة الصغير لم تقاوم فاسرعت تأخذ الهاتف من يدي اوليفر لتتحدث بنفسها مع من يملك صغيرها

اما ريكا التفت يحدق بالصغير قليلا قبل أن ينصرف دون إثارة ريبته وفور خروجه وجه سؤاله لاوليفر بهدوء " اشرح ما يجري باختصار !"

صوت ديانا كان ما وصله وهي ترجوه بصوت منهار أن يطمانها على صغيرها ودموعها على وشك الهطول" أرجوك اخبرني أين ابني ! أهو بخير ؟! أين أنت ؟!أريد رؤيته أرجوك !"

ريكا سمع صوتها ورجاءها فلم يكن منه سوى ان أخذ نفساً عميقاً وهو يجيبها بهدوء " الشاب صاحب الهاتف سيوصلك لمنزلي، أن كان ابنك اسمه فون فهو غالبا المقصود ، يمكنك المجيء لاخذه هو بخير فقط يرتاح من بعض الآصابات !"

دموعها تمردت وهي تمسك الهاتف بقوة وهي تهمس براحة " ابني بخير ! الحمد لله ! ابني على ما يرام !"

الجميع تجمع حولها لترفع هي رأسها نحو اوليفر وتخبره برجاء " أرجوك خذني إليه ، قال إن ابني بمنزله وانت تعرف مكانه !"

اوليفر تردد باخذهم، هو وحده من يعلم من هم ومن الذي تحدثت معه ديانا لكن لم يكن بيده سوى الموافقة إلا أنه ولكي يضمن عدم حصول اي مشكلة ارسل لريكا رسالة يشرح له فيها من هم أسرة الطفل واخذهم نحو المكان المقصود ولسوء الحظ أو حسنه كان ريكا قد ترك الهاتف بعيداً ليتفقد الصغير فلم يرى تلك الحروف التي خطها اوليفر للتحذير من أن من سيأتي هم اسرتك لذا ان لم ترد لقائهم ارسل الصغير لمكان أخر ! وان لم ترسل أي شيء ساتي لمنزلك!"

ولانه لم يتلقى أي رد فقد كان لا خيار لديه سوى اخذهم لذلك المنزل الذي تم الاتفاق عليه !

بعد وصولهم بوقت قصير وقفوا أمام ذلك المنزل وايجيروا وقف قرب زوجته التي كانت تسأل بلهفة "أهذا هو المنزل ؟! "

اوليفر التفت يحدق بهما ليوما أما كاوري فقد وقفت وهي تحدق بملامح اوليفر بهدوء ، قلبها يخبرها أنه منزل ابنها ! ولين لم يعلم أن كان ما يفكر به صحيح أم لا لكنه تمنى أن لا يكون كذلك فلا رغبة له بظهور من كرهه لسنوات ، وخلال وقوفهم هناك ظهرت سيارة فجأءة أدرك اوليفر من شكلها من القادم ، توقفت السيارة لينزل منها اندرو والذي فور رؤيتهم ظل يحدق بينهم وبين اوليفر قبل أن ينطق بحاجب مرفوع " ما الذي تحاول فعله ؟!ماذا يفعل هؤلاء هنا ؟! أهو يعلم ؟! "

وهذا كان كافياً لتأكيد الشكوك لدى من وقف هنا اوليفر تردد بالحديث أمامهم فتنهد وهو يبعثر شعره "يفترض أجل ، ارسلت له رسالة لكنه لم يرد !"

أندرو ابتسم بمرح وهو يجيب " ربما لأنه مشغول بمعالجة ذلك الطفل الذي معه !

توقف عن الحديث قبل أن يضع يده على فمه ثم اطبق يديه برجاء وهو يغمز " تظاهر انك لم تسمع !"

"يمكنك ترك الأمر لصديقك المفضل لكتم السر "
صوت ساخر وصل للجميع يعلن هذه الجملة ثم اردف بعدها
" أليس هذا ما قلته قبل وقت قصير ؟ "

التفت الجميع نحو مصدر الصوت ومعها نبض قلب كاوري وعيناها لمعت بدموع مزجت بين فرحتها برؤيته وشوقاً له وبين حزنها على كل سنوات الفراق ، نظرت له من رأس حتى أخمص قدميه تطمان على فلذة كبدها الذي هجرها سنوات وهو لم يدرك بعد تلك النظرات ، بالوقت ذاته ابنها الأصغر حدق بذلك الشاب بنظرات باردة ولم يكبد نفسه عناء اخفاء عدم سروره ، ايجيروا كان بصره ثابت على شقيقه الأصغر ، كان يحدق به بنظرات لم تقل حناناً عن والدته وابتسامة سعيدة زينت شفتيه، كان الألم بصوته غير موجود وعيناه لم تكن ذاتها الميتة تلك وهذا جعل تلك السنوات تستحق كل المعاناة بطريقة ما ولم يبقى له سوى رؤية صغيره ليكون هذا أسعد أيام حياته منذ زمن وربما معانقة شقيقه أن سمح له !

ريكا الذي شعر بالتحديق وجه بصره ناحية من ينظر إليه ليرمش عدة مرات قبل أن تتسع عيناه بقوة ، لم يدرك أن أسرة الصغير ما هي إلا أسرته هو ذاتها وأنه كان يعتني بقريبه طوال هذه الفترة ولم يكن قادراً على إظهار ردة فعل معينة فقد كان قلبه قد تولى النبض بشكل جنوني ومشاعر الاشتياق التي تجاهلها لسنوات ظهرت بقلبه بعد أن ظن أنه نسي أمرها تماماً !

لم ينطق بشيء ولم يستطع ايجيروا ان يفعل هو الاخر فقد بادله وحسب بعد ان اختلطت مشاعره برؤيته ، والدته التي كانت تقف محتارة اتقفز لتعانقه متجاهلة كل شيء أم أنه ما يزال يريد منها أن تعامله كغريب كاخر لقاء لهم ؟ وما قطع ذلك التحديق هو صوت لين الذي كره رؤية هذا اللقاء الدافئ فافسده بصوت جاف كجفاف مشاعره القاسية ناحية من أمامه" أين فون؟ نحن هنا لرؤيته!"

خرج الجميع من ذلك الجو على صوته وبطريقة ما اوليفر واندرو حدقا به بإستنكار تام فهذا قطعا لم يكن اسلوباً للتحدث مع شخص أنقذ قريبه ولا مع شقيقه ، اندرو لم بصمت حقاً فقد رد عليه بسخرية
" لسانك سليط أيها القصير ، ألم يعلمك أحد أن عليك قول من فضلك وشكراً؟ "

لين حدق به بحدة وهو يهتف بأنزعاج " لم أوجه لك الحديث حسب ظني !
ايجيروا هتف بلين بصرامة " لين ! كفى !"

وجه حديثه لريكا بصوت حاني وشوق بنظراته وكلامه رغم أنه يسأل عن ابنه لكن لم يخفى عن أحد مشاعره التي اتجهت ناحية شقيقه رغم انه يشعر بشيء من التردد لأن موقف شقيقه ريكا من الموضوع مجهول للآن ولا أحد منهم أخذ راحته بالحديث بسبب الصدمة وغياب فون عن المشهد
"ايمكننا رؤيته من فضلك ؟

ديانا والتي كانت تدرك القصة كلها لم تستطع فقط ترك الصدمة تؤخرها عن رؤية صغيرها فاسرعت ناحيته تمسك بيده برجاء وقد تحررت دموعها " من فضلك خذني لابني، أرجوك !"

تنهد ريكا قبل أن ينطق بهدوء " اتبعوني اذا !"

والدته كانت تنتظر اللحظة المناسبة فتبعتهم وحسب وهي تلتزم الصمت ولين فعل المثل رغم رغبته بإيجاد عذر لضرب من أمامه وحسب !

فور وصولهم للغرفة نهض فون وهو ينطق بحماس ممزوج بالقلق " عم ريكا هل نجحت؟ هل استطعت الاتصال بهم!؟"

ريكا حدق به لثواني وهو يلاحظ توا الشبه بينه وبين شقيقه ! فتح الباب كاملاً لتطل ديانا وفور رؤية ابنها دموعها نزلت قبل أن تركض نحوه لتعانقه بقوة بينما الصغير استوعب ببطئ ما جرى قبل أن تمتلئ عيناه بالدموع وهو يبادل والدته بقوة وسعادة ، جدته راقبت رؤية الصغير بين يدي امه فابتسمت ومسحت دمعة فرت من عينيها ليعود بصرها لصغيرها الذي وقف يراقب وحسب ، ايجيروا اقبل نحو ابنه ليعانقه ويقبله فوق جبهته بابتسامة ليبادله الصغير ، ريكا قرر أنه لم يكن هناك داعي لبقائه وقبل أن يغادر بنفسه اندرو سحبه من يده ليخرج كلاهما رفقة اوليفر الذي تبعهم تاركين الأسرة وحدها هناك

تجمعوا بالمطبخ حيث توجه ريكا نحو الثلاجة ليخرج أحد أكياس الدماء من الثلاجة ، التقطها وشربها دفعة واحدة بينما أندرو واوليفر توقفا خلفه
يحدقان بصمت ، فور أن سمعا تنهيدة منه اوليفر تردد بالحديث قبل أن يبدأ بقوة ما لديه
" اعتذر ريكا ، لم أعرف ما يجب علي فعله ، حين لن ترد على الرسالة ظننتك موافق وحسب !"

ريكا التفت يحدق به بهدوء قبل أن يستند للطاولة خلفه ويداها استقرتا فوقها خلف ظهره
" لا تهتم ، لم يحدث شيء ، لا يمكنني لوم أحد سوى الحظ الذي ربط كل ما جرى بهذا للشكل"

اردف بهمس متردد " وبأي حال لا يمكنني القول أن الأمر سيء كلياً !"

صوت حمل بداخله غضباً وحقداً وصله بينما وقف ذلك الشاب يحدق به ببرود شديد " هو سيء لنا نحن ! لما كلما حصل شيء سيء ينتهي عندك ؟! ألا ترى كم انت مصدر كل المشاكل ؟!منذ سنوات والآن ! "

اردف بينما ظهر الحقد بشكل علني على ملامحه " كنت السبب بكل مشاكل والداي! لو لم يحدث ما يحدث لبقينا أسرة سعيدة ! لما بدأ ابي يخون امي ولما صارا بعيدين عن بعضهما هكذا !"

ريكا كان يسمع بهدوء دون قول شيء ،لم يكن صعباً عليه إخفاء ملامحه ومشاعره رغم ذلك سماع ذلك أحدث بداخله شيء من شعور الذنب رغم أنه أكد لنفسه مراراً أن لا ذنب له بما حدث مطلقاً أي كان !

اندرو تحولت ملامحه للجد قبل أن يلتفت وهو يرسم ابتسامة مجنونة على شفتيه وهو يقترب منه حتى صار أمامه " اسمع ، لا يهمني أي نوع من المدللين الفاسدين انت ولا علاقة لي بما حدث مع اسرتك أتدرك ماذا ؟ إن كنت تريد أن تثبت انك رجل على الاقل اعرف على من تظهر رجولتك المزيفة !"

لين احتدت ملامحه إلا أنه وقبل أن ينطق يد اندرو احاطت عنقه بقوة ليخنقه وهو ينطق بعبث " وان كنت لا تفهم قصدي ساظهر جانبي السادي لاجلك خصيصاً فقد سأم النوم طوال هذه السنوات !"

الرعب الذي شعر به لم يكن يمكن إنكاره وغضب اندرو منه لم يكن خفياً اوليفر تحدث بجدية مقاطعاً اندرو " أندرو دعه هو مجرد مراهق لا يفهم شيئاً"

أندرو اتسعت ابتسامته وهو ينطق بسادية تامة " عزيزي اوليفر أليس هذا النوع هو الأنسب لتطبيق مهاراتي المميزة عليه ؟ سيكون ممتناً اني منحته بعض الأخلاق ليحترم أصحاب المنزل الذي هو فيه !"

كان لين يقاوم محاولاً أبعاد اندرو بقوة والتنفس بات صعباً بشدة ، ريكا تحدث بصرامة وهو يتقدم ناحية اندرو
" دعه اندرو ،فوراً !"

فور سماع هذا زالت ابتسامة اندرو وابعد يده عن الفتى الذي سقط ارضاً يسعل بقوة ، اندرو تراجع يفسح المجال لريكا الذي وقف أمام لين ، عينا لين توجهت ناحيته بينما إحدى عينيه اغمضها بسبب اختناقه ورغم هذا كان الشرب يتطاير منها ، ريكا دنى منه يحدق به بهدوء تام وبادله النظرات بدون مبالاة
" اتنتظر أن أقول لك اني اسف مثلاً؟ أو اني مخطأ ؟ أو اني سارحل من حياتك للأبد ؟ لا أدري ماذا تريد من كل هذه الدراما حقاً ولا انوي تبرير نفسي ولا إضاعة وقتي بالتفكير بمشاعرك عديمة النفع ، لا تحاول أن تحملني مسؤلية شخص غيري ، خيارات والدك قادته لحيث هو وخياراتي قادتني لحيث انا وسواء اقتنعت أم لا هذا لا يعنيني ولا يهمني"

وقف باستقامة وهو يحدق بلين الذي لم ينهض بعد " لكن الشيء الوحيد الذي يهمني هو ان تلزم حدودك فأنت بمنزلي ولا شيء يمنعني من طردك ببساطة فعقدك تخصك لا ترميها علي ! "

لين انقبضت يده بقوة وهو يحدق به بحقد تام ، هو يكرهه بكل ما للكلمة للمعنى ولم يتوقف ولو لمرة واحدة عن لومه كلما تشاجر والداه أو حتى حين قرر والده خيانة والدته فبالنسبة له كان ما حدث مع ريكا بداية انهيار حياته التي كان يحبها بشدة ، صوت والدتهما وهي تطل بجدية بينما تحدق بلين بلوم جعل الجميع تتجه أنظارهم نحوها ، لين حدق بوالدته حتى لاحظ نظراتها فاخفض رأسه بينما ينهض بسرعة وتابع خطاه للخارج متجاوزاً والدته دون قول شيء
" آسفة حقاً ، مهما حاولت جعله يفهم هو يرفض الاعتراف ، أرجوك لا تكترث بما قاله بالنهاية انت دفعت ثمن اخطائنا لا يحق لأحد تحميلك مسؤلية أي شيء !"

أندرو فور رؤيتها تنهد بينما اوليفر أدرك الوضع أيضا فوجه حديثه لريكا بينما يحدق بملامحه ليتاكد من أن كان ما سيقوله سيزعج من أمامه أم العكس " ريكا انا واندرو سنغادر أن احتجت لشيء سنكون بالجوار !"

ريكا أدرك ما يحاول اوليفر قوله فاجابه بذات الهدوء المعتاد بعد أن نقل بصره نحوه " لا داعي للبقاء ، كل شيء بخير لذا اذهبا حيث تشائان! "

أومأ الأثنان بعد أن القى اندرو نظرة اخيرة نحوه ثم غادر كلاهما ليتركا الأم وابنها وحدهما بعد سنوات ، كانت تحدق به بعينيها لكن من يراه يظن أنها تحاول أن تخبئه فيها بعيداً عن العالم ، لغات العالم كلها ما كانت لتعبر عن عاطفتها بتلك اللحظة ولولا خوفها من ازعاجه لكن بين يديها منذ زمن !

كلامها له كان قد استقر بقلبه ، لم يكن الكلام مهماً بقدر صوتها الحاني ، كان مترددا داخله ايحقق رغبته ويعانقها أم سيفتح بذلك باباً على نفسه ويفجر العاطفة التي دفنها داخله ؟ نظراتها التي كانت تطالبه بعناق رجحت الكفة للخيار الثاني لكن التردد ظل رفيقا له ، اخفض راسه قبل أن يجيبها بصوت منخفض عبر بطريقته الخاصة عن تردده
" طلبت منك العودة له والعيش بصورة طبيعية ، فلما وصل الأمر لذلك الحد ؟!"

وكلامه فقط جعلها تجيبه بابتسامة منكسرة " بني أحيانا لا يمكن للمرء تنفيذ الأمر مهما أراده ، مشاعرك حين ترفض كل ذلك تصبح بداخلك حرب انت شهيدها أي كانت النتيجة الأمر فقط يعتمد على مقدار الخسائر لكل خيار !"

اردفت وهي تحدق به بابتسامة حنونة والقوة على ملامحها كانت تعبر عن نهضتها بعد إنكسارها" لم يكن الأمر ممكناً بيننا ليعود كما كان ، لقد أخطأ هو ورفض مواجهه أعماله كما يجب ، الصورة التي وضعتها له تحطمت، الأمر كان بيني وبينه ولا علاقة لك به ، الأمر خصه هو وليس انت ! لذا لا تلم نفسك مطلقاً !"

اردفت بينما تميل برأسها وقد زالت ابتسامتها بشيء من الحذر " هل ... لو طلبت ضمك سيكون هذا طلباً كبيراً؟"

رفع رأسه يحدق بها لثواني تبادل كل منهما التحديق مطولاً قبل أن يزفر الهواء بينما يتقدم نحوها بهدوء ثم طوقها بين يديه في عناق دافئ قبل أن يهمس " اشتقت لك امي "

وهي فور حصول هذا اتسعت عيناها قبل أن تدمع عيناها وتحيطه بين يديها اخيرا بعد سنوات من الصبر وابتسامتها كانت ترتسم رغماً عنها ، قبلت رأسه واحاطته بقوة
" أنا كذلك ريكا ، انا كذلك يا بني ، كنت واثقة أن الرب سيعيدك لي ، كنت واثقة أن دعائي سيجاب ، وأني يوما ما ساحظنك بين يدي من جديد !"

دفن رأسه بصدرها متجاهلاً تردده، كان يشعر برغبة قوية بذلك وطالما هو استطاع طوال تلك السنوات من التعامل مع مشاعره كانت رغبته بدفئها هي ما تغلب على تردده فوضع رأسه يريحه بين يديها وهو يرسم ابتسامة صغيرة دلت على السكينة، توجه كلاهما نحو غرفة الجلوس حيث جلس ريكا قرب والدته التي احاطته بذراعها تمسح على شعره بحنان ، شقيقه اقبل بتلك اللحظة يراقب ذلك المنظر الدافئ بابتسامة ، كان سعيدا حقاً برؤية شقيقه بخير وأكثر سعادة أن يراه يتقبلهم، تقدم بتردد مقاطعاً اللحظة قبل أن يتحدث بابتسامة هادئة
" هل يسمح لي بالانضمام أم لا ؟"

ريكا رفع رأسه يحدق بشقيقه بهدوء ووالدته التفت تحدق به ثم بريكا ينتظران ردة فعله ، ريكا أجاب شقيقه بهدوء وهو يتجنب النظر إليه
" وهل ستنتظر موافقتي الآن ؟"

أشار بيده للمكان بجانبه فتقدم سريعاً يجس قربه ويعانقه بقوة بعد أن تركته والدته قليلاً بينما ريكا ابتسم بخفة قبل أن يبادله ، دام العناق دقائق لم يشعر أي منهما بمرور الوقت رغم شعور ريكا بارتباك نسبيا إلا أنه أخفاه بشكل أو بآخر وما قطع ذلك هو والدتهما التي ضحكت بخفة وهي تحيط كليهما" لا تتركاني خارجاً"

ضحك ايجيروا وهو يجيبها بابتسامة بينما يقبل جبينها" من يترك البركة كلها خارجاً؟ ثم ريكا سمح لك قبل الجميع كما ترين !"

أعادت إحاطة ريكا بذراعها واجيروا جلس قربه بالطرف الآخر ليتشارك الثلاثة حواراً دافئاً كان حلم الثلاثة منذ زمن ، وكم تمنت كاوري لو تكون أسرتها كاملةلكن لم تجازف بافساد الأمر بإحضار لين الذي كره سيرة ريكا ككل أو زوجها الذي لا مكان له بعد الأن هنا ،كانت يدها تمسح على شعره وشقيقه يجلس قربه فكان أول سؤال طرحته والدته بنبرة قلق واعتراض
" هل تعيش بمفردك هنا ؟! ألم تتزوج بعد ؟!"

وجوابه لم يتأخر خصوصاً أن هذا السؤال كان يتردد عليه مراراً طوال السنوات الماضية فاجاب بشيء من التذمر غير المقصود
" أجل ولا ، ولا انوي فعلها قريباً ايضاً وبما اني اعرف السؤال التالي ساجيبك عليه مقدما وهو أن لا أواعد ايضاً ولا أملك شخص أضعه ببالي !"

قطبت حاجبيها بحيرة وهي تحدق به ويدها ما تزال تلاعب خصله
" لما؟! يبدو أنك لديك عداوة مع الموضوع بشكل عام !"

ابتسامة حفيفة ظهرت حين سمع تعبيرها ليجيب عليها بهدوء
" ليس حقاً، فقط بالكاد وثبت لحالة سلام مع مشاعري ، أحتاج أعوام من الراحة قبل التفكير بإدخال شخص يريد مني منحه اهتمامي وتفكيري ! بالإضافة إلى لم أجد شخص يستحق أن اتحمل تذمره ، لدي نموذجان أمامي اكدا لي اني لا يجب أن أفكر بهذا ما لم أمل من السلام بحياتي !"

أيجيرو ضحك قبل أن يحيطه بذراعه وهو يمنحه النصيحة كاخ أكبر تزوج قبله
" اعترف أن الأمر به بعض المساوئ لكن له محاسن ايضاً، ربما عليك تجربة مواعدة فتاة ما ثم الحكم !"

ارجع ريكا رأسه للخلف مستنداً بذراع والدته وضم يديه لصدره وهو يحدق بالسقف " لا أعلم ، فقط لا مزاج لدي لأي شيء للحق بالكاد أجد وقتاً للنوم !"

حيرة شقيقه لم تخفى عليه وهو يسأله " بما مشغول ؟ وماذا تعمل ؟"

حرك رأسه يساراً محدقاً بشقيقه وهو على ذات وضعه السابق " مشغول بالعمل والذي هو طبيب ، هو يجعلني مشغول لوقت طويل بالكاد أجد وقتاً للراحة والنوم !"

يد والدته احاطته بقوة أكبر وهي تقبله بفخر وابتسامة واسعة على شفتيها " أنا فخور بك جداً ! لكن عليك الاهتمام بنفسك جيدا ايضاً ! لا يهمني أي شيء أكثر من سلامتك وسعادتك العمل يأتي بعده !"

كلمات كهذه كانت كافية لرسم ابتسامة دافئة على وجهه وخلف الباب وقف هناك لين الذي كان يسترق السمع وهو يشتعل غضباً لكنه فقط انصرف تاركاً ذلك المنظر الذي أثار كراهيته وحقده مقنعاً نفسه انهم سيرحلون ويتخلص منه بأي حال وان كان من غير العدل بنظره ان يكون سعيداً ولديه حياة مستقرة بعد أن دمر سعادة أسرته وحياته بذلك الشكل !

بعد رحيله بوقت قصير أقبلت ديانا تمسك يد صغيرها و تقوده نحو غرفة الجلوس بغية التعرف على ذاك الأخ الذي أنقذ ابنها والذي كان على لسان زوجها كلما رأى اخوين فكانت لديها رغبة قوية بالتعرف عليه فاقبلت تنظم لهم وكان ما نبههم على وجودها هو صوت von الذي تحدث بفضول طفولي
" عمي ريكا ؟ هل انت حقاً عمي الذي كان والدي يحدثني عنه دوماً ؟"

التفت الثلاثة ناحيته بينما رسم أيجيرو ابتسامة دافئة وهو يرى ابنه اخيراً يلتقي بأخر فرد من أسرته أما جدته فقد كانت هي الاخرى تفكر بذات الأمر ، ريكا حدق بالصغير قبل أن يومأ بهدوء " لست متاكداً مما كان يقوله والدك لكن أجل هذا اسمي !"

ديانا تقدمت لتقف أمامه برفقة الصغيرة وهي تنحني " مرحباً ادعى ديانا اعتذر على اني لم اعرفك بنفسي فقط الظروف لم تكن مناسبة ، شكرا لك على مساعدة فون واسفة حقاً على تصرفه لقد أخبرني أنه هاجمك ليشرب من دمائك!"

ايجيروا حدق بريكا بحيرة وشيء من الذنب " أخي هل حصل هذا حقاً؟"

ريكا كتف يديه لصدره يوجه حديث للصغير بتوبيخ لطيف " ظننت اني أخبرتك أن تنسى ما حدث فهو ليس ذنيك صحيح ؟ "

رفع رأسه يوجه حديثه للوالدين " ولا داعي للاكتراث للأمر ليس الأمر كارثة بأي حال لذا يمكنكم تجاهل الأمر وحسب !"

رفع رأسه محدقاً بشقيقه بينما يميل برأسه " ثم أخي تتحدث وكأنني لم افعل ذلك معك عدة مرات بصغري، لذا لا تفزعه فهو سيظن أن الأمر سيء جداً !"

ايجيروا ابتسم بخفة وهو يوما قبل أن يحمل فون ويجلسه بحضنه بينما ديانا جلست مقابلهم، ايجيروا قبل الصغير الذي كان يتمسك بملابسه قبل أن يطمانه
" طالما عمك لا يعترض اذا لا بأس أفعل ما قاله ، أهم شي الآن انك بخير ! "

ابتسم الصغير بخفة وقضوا بقية اليوم يتحدثون فيما بينهم ، لين رفض كلياً الاشتراك أو الاعتراف بخطأه بل كان غاضباً بحق وغضبه يتاجج أكثر وأكثر مع كل ثانية وهو يستكثر هذه السعادة عليهم وبالنهاية انتهت الأمسية حين بدأ فون يغفو وريكا كان عليه الاستعداد للنوم لاجل عمله

توجه نخو غرفته ليستعد للنوم بعد أن منح كل منهم مكان للنوم حتى لين لكن لين رفض ببساطة رغم كل محاولات والدته وكان مصراً على الرحيل لكن لسوء حظه كان المطر أكثر غزارة من ذي قبل لذا اضطر للبقاء بأي حال

كان ريكا قد اغلق نافذة غرفته وأنهى للتو اتصاله بمدير عمله قبل أن يتجه نحو السرير وهو يفكر بكل ما جرى اليوم ، لم يتوقع أنه قد استطاع حقاً تجاوز كل شيء بهذا الشكل ، صحيح أن بعض الأمور كقطعه صلته بابيه باقية إلا أنه داخلياً كان أكثر استقراراً وأقل تشبثاً بالماضي إلا أن علاقته بشقيقه ووالدته كانت وما تزال ركناً دافئاً بقلبه رغم ما دنسه من ألم وذكريات مريرة إلا أن الدفء النابع منهم ما ينفك يجذبه كما المغناطيس يجذب الحديد نحوه

كان ما يزال مرتبكاً داخله من كل ما جرى وسرعته في الحدوث حتى أنه لا يزال غير متأكد أنه لا يحلم ، أستلقى فوق سريره وعيناه تشبثت بالسقف بينما يده افترشت الفراش تستقر على جانبيه ، صوت صرير الباب جعله يحرك رأسه ناحيته فكانت تلك والدته تقف عند الباب بتردد وسرعان ما التقت اعينهما فرسمت ابتسامة وهي تسأله " ايمكنني البقاء معك ؟"

وهو ورمش عدة مرات قبل أن يعتدل بجلسته على السرير وهو يشير للمكان قربه بيده دلالة على موافقته فتقدمت والدته كطفلة حالمة حصلت على دميتها بعد طول غياب ، جلست قربه لتمسك بيده إلا أنه فاجئها بوضع رأسه بحضنها وعيناه استقرت عليها ، كان يحدق فيها وهو يشعر بقلبه يتقافز مبتهجاً بوجودها وشعور بالدفء يغمر كيانه إلا أنه لم يكن يوماً بارعاً بالكلمات فاكتفى برفع يدها وقربها من وجهه ، أما هي كانت تحدق فيه بكل حنان وابتسامتها لم تبتعد مطلقاً ، كانت لحظة كهذه كافية لتجعل قلبها يرتاح بعد سنوات طويلة ، يدها الرقيقة التي لاعبت خصلاته جعلته ينام بعد وقت قصير بينما هي قضت ليلتها تحتفل بداخلها بأن دعائها تمت إجابته رغم أنها كانت حائرة بما يجب عمله كيف ستعود لمدينتها؟ ربما عليها البقاء وحسب ؟ أم فقط ترحل وتتركه؟ إن بقيت لين سينتكس لكن من سيعتني بريكا وهو هنا ؟ كانت ممزقة بينهما وبعد غرقها بافكارها فتح ريكا عينيه دون أن تشعر بعد أن مضت أربع ساعات بالفعل على نومه ، حدق بملامحها المهمومة وقد أدرك مشاعرها
فحدثها بعد أن جذب انتباهها بامساك يدها " امي ، لا حاجة للحيرة ، أي كان الأمر معه انتِ ما تزالين تحبينه وان لم يكن لاجله فلاجل ذلك الطفل المدلل "

حدقت به بينما تستمع له بحزن تام ليردف هو بعد أن نهض وعانقها" بالطبع كنت لاسعد حقاً لو كنتي معي هنا دوماً لكن لا حاجة لخسارة كل شيء لأجلي ، يمكنك المجيء متى ما رغبتي لكن الأفضل أن تذهبي فرغم أن ذلك الفتى يزعجني بشدة إلا أني واثق انك تحبينه لذا لاجلك انتِ أرى أن عليك العودة معه والا هو سيؤذيك "

تراجع قليلاً قبل أن يردف بصوت منخفض " ليس وكأني أفضل منه انا فكرت بما يريحني وتركتك وحسب وقتها لكن بأي حال ليس هذا الموضوع ما يهمني هو ان لا ترسمي هذه الملامح الحزينة ولا تحتاري، اذهبي لمنزلك وكلما رغبتي تعالي هنا !"

كانت تستمع له دون أي تعليق وحين انتهى جذبته بين يديها لتعانقه وهي تبتسم بحزن شديد " حسناً يا بني ، سأفعل ، سأفعل هذا وسأتي كثيراً ! "

بادلها بابتسامة مطمئنة وسرعان ما حل الصباح بعدها ليتجه لعمله ، لين استعجلهم للرحيل بحجة أن لديهم عمل ودراسة ولا يجب تضيع الوقت فلم يناقشوه بشيء ، تجمعوا للرحيل فاقبل فون ناحية ريكا الذي كان يقف قبالتهم ليجر قميصه، دنى ريكا منه فعانقه الصغير وهو يبتسم بلطف " كنت محظوظاً بالمجيء إلى هنا ،شكرا على مساعدتي ، ساحرص على زيارتك !"

لين كان يحرك قدمه بعصبية قبل أن يهتف بفون " ليس لدينا وقت فون علينا الرحيل !"

ايجيروا أستاء بشدة وقد قرر أنه أما أن يغير أسلوب لين أو سيحرص على أن لا يأتي هنا مجدداً !

والدته كانت أيضاً مستاءة بشدة لكنها ابتسمت لريكا قبل أن تعانقه وتقبله وهي تهمس له " ساراك قريباً بني ! اهتم بنفسك !"

أومأ دون أن يسمع أحد غيره ما قالته ثم بعدها فعل ايجيروا ذات الشيء حيث تقدم ليعانقه بخفة وأخبره انه سيأتي لرؤيته واعتذر عن تصرفات لين بدلاً عنه وانصرفوا بعدها مغادرين

راقبهم وهم يبتعدون حتى غابوا عن نظره فاغمض عينيه يملئ صدره بالهواء قبل أن يلتفت وبدون سابق أنظار ظهر اندرو أمامه يبتسم بمرح
" اشتقت الي صحيح ؟ "

ريكا أدرك من فوره ما يحاول اندرو فعله فجره من يده نحو السيارة " أنا بخير ، لكننا لن نكون كذلك أن تأخرنا ! "

أندرو رمش قبل أن يتنهد وتقدم ليسير بجانبه وهو يتحدث بهدوء " اذا غادروا ؟ هل سيعودون ؟"

ريكا أجاب دون أن يلتفت ناحيته" أجل ، ولا أعلم ، قالوا إنهم سيفعلون لكن من يعلم ؟"

أندرو صعد مكان السائق بينما ريكا جلس بالكرسي المجاور ووضع كلاهما حزام الأمان ، فور الانطلاق اندرو تسائل بشيء من الجدية
" وذلك الطفل الوقح ماذا بشانه ؟"

ريكا أجاب بينما وضع يده على خده وبصره للخارج " لا أعلم ولا اكترث ، هو يكرهني بشدة وانا لا انوي تغير هذا ، ليس لدي مزاج لتربية طفل مدلل يرمي مشاكله علي لدي ما يكفيني ! "

ابتسم اندرو بسخرية " بالفعل ، هو لا يريد أن يلوم والده العزيز لذا قرر لومك انت ! هو أناني بشكل مقيت !"

ريكا تنهد وهو يحرك يديه بلا اهتمام " ليكن، لا اكترث له بأي شكل جديا لذا أنسى أمره !"

أندرو حين تأكد أنه بخير ابتسم بخفة قبل أن يخبره بمرح " حتى لو كنت كذلك هذا لن يغير حقيقة انك مدعو اليوم بمنزل سام "

ريكا التفت يطرف بحيرة " لا تقل لي أنه قلق على نفسيتي من ما جرى ولذا.."

أومأ اندرو بذات مرحه مجيباً" أصبت ! لذا الجميع أعد للأمر ولا مجال للرفض "

نفث الهواء بقوة ثم عاد للتحديق بالخارج " انتم تضيعون وقتكم لكن لا بأس ساتي بأي حال !"

قالها بعد أن ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه

وجود من يكترث لك أمر ضروري بحياة كل شخص ، يشعرك انك مهم وأنك تعني شيئاً ما ، شخص يحاول مسح دموعك لو سقطت ويكون الجدار الذي يسندك لو فقدت توازنك، يشاركك افراحك واحزانك بالمقابل تكون أنت سنده وقوته فاختر بحكمة حتى يكون الجدار الذي يسندك قوياً كفاية كي تبقى مستقيماً أمام اعاصير الحياة اختر الرفيق الصالح الذي يريد لك الخير ، الأخ الذي يرى نجاحك من نجاحه الوالدين الذين يريدان رؤيتك ناجحاً ويفعلان المستحيل لاجلك ، شريك حياتك الذي/ التي تكون بجانبك بالسراء والضراء وان لم تجدهم فلا تيأس كن سند نفسك فبالنهاية لم ولن تكون وحدك ربك معك ونفسك معك أسند نفسك وسيأتي يوم تجد فيه من يحبك كما أنت

تمت
أرجو أن يعجبكم ❤

أرجو أن كل شيء اتضح لكم الان وكالعادة أي استفسار تفضلوا بطرحه هنا ❤
في حفظ الرحمن ورعايته❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top