بارت 29
خطوات بطيئة تستقر على الارض بهدوء شديد خلاف مشاعره والتي كانت خصله الشقراء تتحرك مع كل خطوة بينما تحجب عن كل من أمامه ملامحه تماماً ، توجه بها نحو ذلك الرجل الذي كان يتجنب النظر إليه عمداً غير راغب بمواجهته ربما لأنه يدرك بأعماقه لاي حد هو مقصر أو لأنه لا رد لديه مهما كان ما سيقوله من أمامه
لين تمسك بوالده بقوة بينما يلتف نصف جسده محدقاً بريكا بخوف امتزجت معه حيرة مما ينوي من أمامه فعله فقبضت يداه الصغيرة على قميص والده بقوة مترقباً ما سيجري تالياً
والدته كانت تحدق به بوجل ظاهر ، قلبها يخبرها أن الوضع سيء خصوصاً بعد كلمة زوجها تلك التي قالها وطريقته بألقاء اللوم عليه لن تمر على خير على ما يبدو فما كلن منها إلا أن حثت نفسها على التشجع ومنع ما سيحدث تالياً خصوصاً وانه صار أمام زوجها يحدق بالارض للان وزوجها لا يحدق به أيضا !
تحركت متجهه نحوه وهي تعرض عليه بحنان شديد امتزج معه حزم وصيغة أمر تحاول بها جعله ينفذ ما تريد
" بني ، لنذهب، ساعود لمنزل جديك وهما لن يمانعا ! ولا اظنك ستكره البقاء معهما ايضاً !"
رغم توجهها نحوه إلا أن يده سبقت خطواتها ليخرج مسدسه من فوره ويوجهه نحو والده ، وعلى خلاف كل مرة لم يكن للتردد مجال بداخله ، كل ما شعر به هو مشاعر تتلاطم داخله كأمواج ولم يشعر بنفسه وهو يتبعها ليطلق طلقته نحو صدر والده الأيمن دون أن ينتبه من أمامه لذلك ، فما كان منه إلا الشعور بصدمة شديدة جعلته يلتفت ببطئ لتتجه انظاره نحو الجرح ببطئ ثم رفع راسه ليحدق بمن امامه بذات الصدمة أما ابنه الصغير فقد اتسعت عيناه ليرتجف من فوره ويحدق بوالده بخوف وهو ينادي عليه بتردد بينما الدموع استقرت بمقلتيه
"أبي...!"
شقيقه ووالدته توقفا مكانهما من هول الصدمة فهو لم يقم يوماً بالاطلاق حقاً ، كلها كانت تهديدات لم تصل لحدث واقعي ، لين حدق بريكا بكره شديد امتزج بالخوف وهو يصرخ بأعلى صوته
" ابتعد أيها المسخ ! ابتعد عن أبي ! ابتعد عنا ! أنت تسرق سعادتنا ! اكرهك ! أتمنى أن تموت ! اختفي وحسب !"
مشاعر كاوري كانت متضاربة هي تدرك دون شك أن زوجها لن يصاب بأي سوء من هذا الجرح وأنه قطعاً أشبه بخدش وحسب لكن ما بعده ماذا سيكون ؟ هو ذو معنى عميق للاثنين بشدة بل ومشاعرها هي حين رأت من تحب يصاب برصاصة وعلى يد فلذة كبدها هي !
دموعها سالت بصمت وكأنها ادركت تواً مدى صعوبة الأمر أما اتشيروا فقد توجه بخطوات سريعة نحو نيكولا بعد أن خرج من صدمته لكن صراخ نيكولا والذي تجاهل كل كلمات لين وكأنها لم تكن ، هي لم تؤلمه قط ولم يرف له جفن حتى
" قف مكانك ولا تتحرك أن كنت لا تريد من هذا المدلل التافه أن يموت !"
توقف ايجيروا من فوره ، هو كان ليفكر أن شقيقه محال ان يطلق ولكن وبعد ما جرى ما عاد متأكداً إلى أي حد وصل شقيقه وواضح له من اوصله لهناك !
توقف يحدق به وقبل أن ينطق بأي شيء تحدث ريكا بنبرة باردة بملامح حادة غير ودودة تخترق من أمامه بكره واضح بعد أن توجه نحوه ومسدسه لم ينزل قط
" لا أعرف أن كنت توقعت منك اي شيء أو لم أفعل لكن ... ما عاد هناك شيء للتفكير فيه فأنت ميت بالنسبة لي ، والحديث للأموات وخصوصا السفلة منهم ليس شيء انوي فعله بباقي حياتي اللعينة ! الموت أهون علي بالف مرة من هذا لذا طالما حياتك وحياة الوغد الذي بين يديك تهمك اختفي للابد ! فقط اختفي من أمامي لأي مكان آخر لا يهم أين !"
ناوتو كان ما يزال تحت تأثير الصدمة ولم يفتح فمه بحرف وكلما حاول تحريك لسانه بشيء شعر بأن الكلمات تحاول خنقه هو ، لم يدرك بما يشعر لكنه وبدل أخذ وقت للفهم أكثر أمسك بلين أقوى ونهض من على الأرض التي كان جاثياً عليها بصمت ، حدق بكاوري وايجيروا ثم تنهد بألم وهو يلتفت مغادراً بينما يقول لكل منهما بصوت منكسر
" عودا للمنزل علينا الحديث ببعض الأمور أظن !"
حدق الاثنان بالمنظر بصمت وسرعان ما أكمل ناوتو طريقه وهو يقول بوهن امتزج معه بعض اليأس
" سأنتظركما !"
فور رحيله حل صمت رهيب عدا عن صوت الهواء الذي يتحرك ومعه الأشجار المحيطة يضرب بهذه الأجساد الثلاثة بخفة
تحركت كاوري بصورة مفاجئة لتتجه نحو صغيرها وتحضنه من الخلف ممسكة به بقوة بين ذراعيها ولسبب أو لآخر تجهله هي هو لم يدفعها ، جعلها هذا تضع جبهتها على ظهره بينما تنطق بصوت يصارع شهقات البكاء بصعوبة
" هل ستعود معي ؟ أعدك اني سأحميك صغيري ! اسرتي لن تؤذي بشيء ولو تجرأ أحد أن يجرحك بكلمة ساتعامل معه انا ! سنعيش بمنطقة أخرى لو لزم !ما رأيك ؟!أرجوك وافق "
خانتها دموعها كأي أم فما كان من ريكا والذي كان يقف بيني يديها سوى أن ينفذ رغبته بتلك اللحظة سوى أن يجيب بصوت ساكن هادئ متالم لم يكن ما قد يتوقعه أحد منه ، صوت حمل معه مشاعر خافتة تحاول التحرر لكنها وبدل أن تتحرر بنبرته كانت الكلمات هي ما استعمله
" أوافق ؟ اترين هذا ممكن ؟! هل تظنين أن من اذاني هو شخص أو اثنين ؟ اتظنين ان هذه المشاعر التي احملها ضد هذا المكان قد تزول بسنة أو اثنتين ؟! اتظنين أنني يمكنني العيش هنا والبدء بعلاقة مع أحد دون أن أفكر بما جرى وكيف تمت معاملتي !؟ هل تعتقدين ولو للحظة أنني يمكنني العيش بصورة طبيعية ؟! "
لم تجب بل استمرت تراقبه وتعطي المجال له ليتحدث ليردف هو بابتسامة على شفتيه لم يدرك أحد سببها حقاً ولا حتى هو بينما يحدق بالسماء ويبعد يديها عنه ببطئ
" هل تعلمين ربما بداخلي تمنيت لو هناك طريقة لإصلاح كل شيء ، أتمنى لو هناك طريقة لاقتلع كل ما مررت به وشعرت به لكن ايقنت ان هذا محال فهو حدث بالفعل ولا فائدة من التنكر له ! لا انا قادر على العودة للماضي ولا انا قادرة على المضي قدماً وتجاوز مشاعري ! ربما للحظة فكرت "
صمت واردف ببطئ بينما يغمض عينيه بينما هي تحدق به بعينين حانيتين متألمتين
"ربما بداخلي شعور يخبرني اني أتمنى أن استعيد كل شيء ، أن أعيش كأي شخص أملك أسرة ورفاق يعيشون معي أعود لأجد امي تعد الطعام وأبي بالمكتب وارافق أخي برحلات وهكذا .... لكن لا ! لست انا من كتب له هذا ، لا يمكنني فقط تجاهل كل ما جرى والعيش هكذا ، لأن ما كسر بي لم يكن بالهين، داخلي كله تهدم والأكثر أن كل مجرم اشترك بهذا هنا بل وأكثر من فعل هو زوجك انتِ ! "
التفت يحدق بها بعينيه اللتين حملتا هدوءاً مريباً فمنذ متى هو يتحدث عن هذه الأمور بكل هذا الهدوء ؟!أين انفعاله الذي عهدته منه ؟!شقيقه كان مدركاً للسبب حق الإدراك وهذا جعله يقبض على يديه بقوة شديدة وهو يحاول محاربة أي دمعة تحاول الفرار فهو عزم على مساعدته بمساعيه ولن يعود بكلامه بسبب الألم الذي يمزق قلبه
والدته ظلت تحدق به بدموعها ولم تنطق بأي كلمة لكي تستمع لكل ما يؤلم صغيرها نطق ريكا مردفاً وهو مركز عليها
"لا تنفصلي، لن استفيد شيئاً من انفصالك، سواء فعلتي أو لا لن تستعيدي ابنك لأن ابنك الحقيقي قد مات ،انا لم اكذب حين قلتها ، نيكولا مات وعدة مرات ، وآخر مرة كانت ...."
ابتسم بألم وهو ما يزال يحق بها
" اليوم ، اليوم تلك الرصاصة كانت لي أكثر مما هي له ، اليوم قتلت الطفل بداخلي الذي كان يخبرني هو ابي الذي احبه لا تؤذيه ! وبهذا ينتهي كل شيء ، لقد انتهى الأمر ابنك مات كلياً ،انا لا يمكنني تقبل هذا المكان بأي شكل ولا يمكنني تقبل أي أحد فيه على الأقل ليس الآن أما لاحقا فلا أحد سيعلم فلا انوي العودة هنا ولا اهتم لمعرفة ذلك "
رفع ذراعه تبعد القرط الذي على أذنه ببطئ بينما بصره توجه نحوها وهو يقوم بنزعه
" أن كنتِ احببتي نيكولا يوما فعودي لحياتك فهو لو كان حياً ما كان سيقبل أن يكون سبب اذيتك خصوصاً بعد أن كنتي مستعدة للتخلي عن كل شيء من أجله "
تقدم ناحية شقيقه وهو يمد يده التي كان قد كورها أمامه بينما عينا ايجيروا تحدق به بعد أن صار احمرارها ينذر بالكثير ، رفع الآخر يده ليرخي ريكا يديه لينزل منها ذلك القرط وهو يتحدث دون النظر إليه
" أظن بعد انقاذه أكون بهذا رددت لك الدين أما دينك السابق فعدم قتل الكل كان الثمن صحيح ؟"
تحدث ايجيروا بصوت مهزوز محاولاً رسم إبتسامة
" لست مديناً لي بشيء فمهما جرى ومهما تغيرت تبقى أخي نيكولا الذي انا مستعد لفعل أي شيء لاجله ! وكل ما فعلته بأي حال كان نابعاً عن رغبتي بلعب هذا الدور حتى آخر لحظة !"
سالت دمعة على خده ليمسحها من فوره بينما اخفض ريكا راسه بهدوء شديد والتفت متوجهاً نحو والدته والتي كانت تحدق بالارض طوال الوقت ، وقف امامها لينطق بعد أن أخذ نفساً عميقاً
" هناك طلب اخير أظن نيكولا كان ليطلبه ولطالما تمناه لسنوات ، كان راغباً بالموت ليحققه أن كان الموت ثمناً له "
رفعت راسها بعينيها المنتفخة وهي تحاول الحديث من بين شهقاتها
" ما هي ؟!"
"أن يكون بحضنك لوقت قصير وحسب !"
هي ما ترددت قط بل كيف ترفض وهي أمنية تمناه هي من أعماقها!؟ تحركت من فورها تاخذه بين يديها بقوة شديدة وكأنها ترفض تركه فهي تدرك ما سيتبع هذا وقد تكون آخر مرة تراه فكيف تسمح لنفسها بتركه ؟! لم ترغب بذلك فتمسكت به كما لو كانت حياتها تعتمد على ذلك ، شهقاتها زادت بينما هو وضع رأسه على كتفها ،سالت بضع دموع ولم يكترث لها فهو قرر قتل كل الماضي الآن اذا تحقيق آخر أمنية منه ضروري صحيح ؟ لذا رأسه استقر على كتفها وعيناه ما قاومتا الدموع قط بينما ينعم هو بلحظات سكينة على كتفها الدافئ بين يديها مصدر أمانه
واخيراً امنيته التي تمناها منذ سجنه للان تحققت كما تمناها بطلب منه هو !
شعرت به يحاول الابتعاد بعد مرور وقت طويل بحق بينما شقيقه يحدق بهما بدموع صامتة كيف لا وهو يرى كل من يحبه يتألم ؟!
محاولاته للتحرر ارعبت قلبها وكأنها ايقضتها من حلم جميل لكنه ابعدها برفق وهي تحدق به مع استمرار نزول القطرات الملحية ،حملقت به وهو يتراجع للخلف لتنطق بصوت متألم بينما تبكي بمرارة بصوتها الباكي
" ريكا مهما قلت فأنت تبقى صغيري ، لذا اعتني بنفسك من أجلي ، لو رغبت يوماً بالرجوع فأنا ساظل انتظر حتى آخر يوم بعمري ! احرص على تناول الطعام ونم جيدا ولا تسمح لأحد أن يؤذيك ! حقق أحلامك وابتسم كثيراً أرجوك ، تزوج وانجب أطفالا وكون لنفسك أسرة محبة ! واعلم اني سادعو لك أينما كنت !"
دموعها التي ظلت تسيل وهي تنطق بتلك الكلمات بأنفعال والم جعلت ريكا يلتف مغادراً بسرعة وهو ينطق بصوت خافت
" سأفعل فاعتني بنفسك وبأخي ، كونا سعيدين !وداعاً !"
انطلق بخطوات مسرعة لتزيد دموع الاثنين ، تقدم ايجيروا نحو والدته لتحتضنه الأخيرة بيأس شديد وهي لم تتوقف عن النحيب
" يوماً ما ساراه صحيح ؟! هو سيكون بخير صحيح ؟! "
ايجيروا احتضنها بقوة مجيباً بألم
" أجل يا أمي أجل سيحدث ، لنثق بهذا ، طالما نحن إحياء هناك أمل !"
استمر بكائهما لبعض الوقت وما كان سينتهي لولا شعور كاوري بأرهاق شديد جعلها تفقد الوعي ليقوم ايجيروا بحملها للمنزل وقلبه ينبض بألم على ما جرى حتى الآن
~~~~~~
خطواته البطيئة وهو يسير مبتعداً عنهما يحدق بالارض باضطراب شديد ، لم يعد يستطيع التفريق أهو يشعر بالألم بسبب جراح جسده أم قلبه بسبب ذلك الوداع الأخير ؟
لم يكن يكترث للجواب بشدة فكل ما يشعر به هو أنه بالكاد يفتح عينيه ، يرغب برمي جسده ارضاً وعدم فتح عينيه مجدداً ، وصل عند حدوده فلم يعد يستطيع السير ولو لخطوة أخرى وهو يشعر بعطش شديد وحاجته للدماء صارت لا يمكن تجنبها
استند للشجرة خلفه يلهث مرهقاً واسدل جفنيه ، يداه كانتا على جانبيه لكنها ارتفعت لتحتضن جسده بقوة ورفع قدميه واستقر رأسه على قدمه بأرهاق، عيناه تحولتا للاحمر القاني تنذر بأنه وصل لأقصى درجات التحمل وحان وقت أخذ استراحة إجبارية طالما لم يلتفت هو لمشاعره وهذا ما حدث حقاً فور إرجاع رأسه للخلف شعر بتشوش بالرؤيا ليسقط ارضاً مرهقاً من كل شيء وآخر ما ظهر على ملامحه هو ابتسامة صغيرة وهو يهمس بتعب شديد بينما يقاوم إغلاق عينيه
" ليت كل هذا ينتهي ، تعبت بحق !"
~~~~~~
وبعد عودة ذلك الشاب للمنزل برفقة أمه التي كانت تستريح بين يديه وفور أن توجه نحو الدرج اقبل والده بسرعة يتفقد ما يحدث بلهفة، حدق بأبنه وزوجته التي كانت محمولة وعلامات البكاء على وجهها ، جده اقبل من الاتجاه الآخر ليكون هو أول من تحدث بعد أن ثبت بصره على حفيده
" ماذا جرى ؟"
ايجيروا ابتسم بمرارة بعد أن طال صمته ليجيب بألم وهو يشرع بالحركة
" لا شيء مهم ، فقط ما خططتما لفعله قبل 100 عام نجح وبجدارة، شكراً لقتل أخي بهذه البشاعة ! ارتحتما الآن ؟ "
احمرت عيناه لتفيض بدموعه وهو يصرخ بغضب تفجر عليهما
"هل رضيتما الآن ؟ بما نفعكما كلام الآخرين الآن ؟!هذا الذي كنتما تجعلانه كدستور ! "
ابتسم بعدها بينما ظهر الغضب على ملامحه أكثر ودموعه مستمرة مع استمراره بالصراخ
" ليس وكأنه يهمكما بأي حال ، لم تكترثا لأخي منذ البداية ، عذبتماه بكل وحشية ! لو احببتماه حقاً لما سمح لكما قلبكما لكن تبين انكما لا تملكان واحد !"
وملامحه جده كانت بداية مصدومة ثم سرعان ما تركه يكمل كلامه متقبلاً كل المه أما والده فقد كان كل ما فعله هو أن يحدق بالارض بصمت وان كان لم يدم فقط تحدث مدافعاً عن نفسه
" تذكر ما جرى ايجيروا ! الكل صدق أنه الفاعل ، امك كانت على حافة الموت والكل يقول انه "
صرخ ايجيروا من فوره بعصبية بصوت غاضب متألم
" لما سميت والده أن كنت تقارن نفسك بالغريب! أنت والده انت لست بغريب !لكن لا معنى لهذا الهراء الآن ! "
اخفض راسه وتحرك بخطوات سريعة متجاهلاً الواقفين بالأسفل متوجهاً بأنه بخطوات غاضبة علامات الجزع والاضطراب عليه
وصل لغرفتها ليدخل من فوره متوجهاً نحو سريرها الواسع ، قام بوضع جسدها برفق ووضع الغطاء عليها ،التفت مغادراً دون انتظار بعد ان القى نظرة اخيرة عليها ثم التفت مغادراً وهو يشعر بضيق شديد يجعله يرغب باقتلاع قلبه وحسب ، توجه نحو غرفته مغلقاً الباب خلفه بالمفتاح وتوجه نحو النافذة المفتوحة ،استقبله نسيم الرياح البارد مبعثراً شعره الثلجي فأخذ نفساً عميقاً وفرد ذراعيه مستقبلاً الهواء بينما يأخذ شهيقاً وزفيراً عميقاً ، شعر برغبة بالتحليق مع الهواء ونسيان كل ما يؤلم روحه بتلك اللحظة لكن ليست كل الاحلام تتحقق فأنتهى به الامر يتنهد بتعب وذراعه قبضت على باب الشرفة ليغلقها من فوره وأغلق الستائر عازلاً بذلك نفسه عن العالم تماماً وحل الظلام على تلك الغرفة الواسعة
فور إغلاق الباب توجه نحو سريره ليجلس مستنداً لحافته ، ظهره اعتدل مستنداً للخلف وخصلاته تبعثرت أمام زرقاوتيه ، الضيق لم يغادر صدره وسرعان ما تنهد بغيظ من ذلك الشعور و سحب الغطاء بقوة دافناً نفسه أسفله يده اليمنى قبضت على ذلك الحلق (القرط) الفضي بقوة وعيناه ما فارقتاه ولو لثانية ، لمعت عيناه من تلك القطرات المالحة ليغمضها ففاضت دون شعور منه
ترك دموعه تتحرر بينما ينكمش على نفسه وكل ما كان يمكن رؤيته هو ارتجاف جسده تحت الغطاء وصوت شهقات خفيفة من أسفله بالكاد يُسمع
~~~~~
جلس ذلك الشاب ذو الشعر الداكن في الحديقة الواسعة مقابلاً لوالدته التي كانت خصلاتها الداكنة تتمايل مع الرياح وعسليتاها ارتكزت على الكوب الذي تمسك به بين يديها وما به الشوكلاة الساخنة وهي ترتشف منه بكل هدوء وهو الآخر حافظ على هدوءه التام ينقل بصره بالحديقة من مكان لآخر والملل بادي عليه
اقبل ذلك الشاب ذو الشعر البني بتلك اللحظة لترتفع الأبصار إليه من فورها بترقب فحرك رأسه نفياً من فوره لتعود ملامح الخيبة علة الاثنين الجالسين لينطق اتيكوس بضيق شديد
" تباً لما يجب أن يحدث هذا ؟!هل من الصعب حقاً أن نكون معاً تحت سقف واحد لهذا الحد ؟! "
اردف وقد أسدل جفنيه بألم وهو يقبض على يده بقوة ويكورها
" كيف يمكنني استعادته ؟ هل أنا حقاً مصدر المه لهذا الحد حتى يحاول المغادرة بكل الطرق ؟! "
والدته كانت تحدق به بحزن شديد حتى نطق آخر جملة لتنهض من فورها وتحتضنه بقوة وهي تخفف عنه بينما تبعثر شعره بخفة
" صغيري ، أحيانا تحدث الأمور بدون شعور منا ، اثق أن شقيقك لا يكرهك ابداً بالعكس لقد حاول انقاذك بكل السبل كما رأيت "
همس بألم بينما يضع رأسه مستنداً بأمه
" اذاً لما ؟ لما كلما ظننت اني استعدته يعود ليختفي؟! أرى الألم بعينيه كلما راني ،بت اكره نفسي بحق أن كانت سعادته باختفائي فأنا لن أمانع الاختفاء فقط لا أرغب أن ينظر الي بألم هكذا !"
تقدم منه شقيقه ليبعثر شعره فرفع اتيكوس رأسه من كتف أمه يحدق به بتسائل فابتسم شقيقه بينما دنى منه
" اتيكوس ، تعلم منذ البداية كان أبي يقارن اوليفر بك بشكل دائم كلما أخفق بشيء وللأسف تكونت بباله فكرة أن تعاسته التي كانت تحدث بسبب تلك المقارنة حلها أن يبتعد وهذا ما يحاول فعله "
همس اتيكوس بينما يشيح بوجهه
" هل الحل اذا أن أفشل بشيء..."
رد عليه شقيقه مقاطعاً كلامه
"لا ،ستهين اوليفر هكذا وحسب ، هو لا يتمنى فشلك بأي حال ! بل إن يلتفت إليه والدي دون مقارنتك به وهذا ما لم يحدث للأسف ، ساستمر بالبحث عنه لكن كما اتفقنا حتى لو وجدناه لن نجبره على شيء هذا يبعده عنا وحسب !"
رفع اتيكوس رأسه بسرعة وهو يحدق بشقيقه وكانه يتوسل به بنظراته ان يقتنع بكلامه
" لكن ماذا لو ظن أننا لم نعد نهتم به ؟! أليس الأفضل محاولة ارجاعه؟!ثم ماذا لو قبضوا عليه مجدداً ؟! قد يصاب بأذى !"
ردت والدته بصوتها الذي امتلئ بالقلق ورغم ذلك حاولت جعله ثابتاً دون إظهار مشاعرها
" سنحاول ان نريه أننا نهتم وسنحميه من الظل واثق أنه سيعود ، هو تؤامك فثق بهذا !"
تردد بالرد لكنه أومأ بصمت ثم سرعان ما نهض عن كرسيه بتباطأ محاولاً أن يبتسم لشقيقه ووالدته
" سانصرف الآن قليلاً اراكما لاحقاً "
وقبل أن يكمل طريقه ظهر والده أمامه فقام بتحيته وغادر دون إضافة أي حرف ، والده لأحظ حزنه فالتفت يحدق به بقلق ثم تقدم من زوجته وابنه الواقف هناك ليحياه هما أيضاً فتسائل بينما يجلس مقابل زوجته
" لم تجد شيئاً عنه ؟"
أجاب ابنه بايمائة برأسه بالنفي فتنهد والده واردف بأرهاق
" ذلك الفتى حساس جداً ،لو فكر بالأمر قليلاً لادرك اني أفعل ذلك لاجله !كان بامكاني ببساطة أهماله بدل محاولة تشجيعه ، لكنه أخذ الامر بمنحى آخر وظل يحاول الهرب والتمرد !"
ردت زوجته وهي تقبض على ذراعيها
"أظنه فقط بذل جهداً كبيراً ونحن من لم يدرك ذلك ،لذا وبدل أن يحفزه ما كنت تقوله صار يظن أنك تحاول تحطيم معنوياته لأنه لا يصل لشقيقه أو أنك لا تشعر بالفخر به ! ارجو فقط أن يكون بخير أينما كان ، قلبي لن يحتمل لو أصابه أي مكروه "
حدق الملك بملامحها قم نقل بصره لابنه الذي ركز كل حواسه مستمعاً لأمر والده ، ذلك الأمر الذي ظل بعده والده نادماً على تاخيره لوقت طويل بعد فوات الأوان
~~~~~~~
اوليفر كان يسير برفقة الاثنين ينظرون بالإرجاء بعد أن صادفوا من بعيد ايجيروا ووالدته حين كانا يعودان ليدركوا أن شيء ما حصل فخطر لهم أن ريكا قد كان هنا بالفعل خصوصاً أن رائحة دمه بالإرجاء فما كان منهن سوى أنهم قرروا الانطلاق والبحث بالإرجاء ودام البحث ساعتين بالفعل للان
شعر اوليفر ببعض الضيق يخنقه فرفع يده تعتصر صدره بقوة بعد أن تنهد لتقترب منه صوفيا وهي تحدق به بحاجب مرفوع
" ما مشكلتك بحق ؟ منذ بعض الوقت وانت تتنهد كطفل يحاول لفت انتباه والديه !"
وجه بصره نحوها ليجيب بعبوس
" ماذا ؟! فقط أشعر بالتعب من كثرة السير لا غير لا تلقي لي بالاً ! "
وضعت كلتا يديها على خصرها معترضة بتذمر
" وجود شخص متجهم يجلب الضيق كما تعلم "
توقف اندرو ينظر إليهما بنظرة جانبية اختتمها بسخرية
" اتفق معها لأول مرة ربما ! ولست سيدة جميلة لاعرض لك خدماتي كما تعلم "
اشاح اوليفر بوجهه وهو يجيب بضيق طفولي لتتحرك خصله الداكنة وتنسدل على زرقاوتيه
" احتفظ بخدماتك لنفسك ! لحظات كهذه تجعلني أكون ممتناً اني لست فتاة !"
فجأءة وصوت حركة بين الاشجار جعلهم يجفلون جميعاً ليضع كل منهم يده على سلاحه بينما يترقبون بحذر مصدر الصوت بعيون ثاقبة تتفرس بالمكان ليظهر أمامه فجأءة ما لم يتوقعه أي منهم
يتبع
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍😍
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top