بارت 26

فتح عينيه بعد أن كان قد أسدل جفنيه لوقت طويل بينما يسرد ويتذكر تلك الذكريات المؤلمة ، كانت ملامحه خلال حديثه سريعة التبدل عرضت مختلف انواع المشاعر عدا السعادة بالطبع !

فتح عينيه ليحدق بوالدته بشيء من البرود  وكأنه يخبرها ما رأيك الأن؟ أيمكنك تعويضي عن أي شيء ؟ 

حدق نحو شقيقه بعدها بسخرية وعيناه حملتا على عاتقهما التعبير عن المه ليتحدث بتسائل مبطن بتهكم
"اظنك الأن تعرف جواب سؤالك ، ايمكن أن أكون سعيداً ؟ من سيكون سعيدا مع من اراه أبشع جوانبه بوقت هو أحتاج فيه من يكون سنده وقوته؟ هل كنت لتستطيع فعل هذا ؟!أنت بذلت جهدك لأجلي وانا فقط رددت الدين لك ولم اقتل من احببتهم رغم  رغبتي الملحة بذلك سابقاً وحتى الآن !"

حرك ريكا رأسه نافيا ومجيبا على السؤال بنفسه بينما يردف بصوت حاقد 
"لا ، ما كنت لتفعل ، لو حقا عشت ما عشته لما قلت اياً من هذا !لا يمكنني نسيان ما فعله ولن اغفر له ما حييت، ولا يمكنني التظاهر أن لا شيء حدث وتركه حياً وسعيداً بعد أن صارت سعادته تعاسة لي !"

عض ايجيروا  على شفتيه بقوة مانعاً دموعه من التمرد ، هو يدرك أن كلامه عديم القيمة فهو حين حصل ما حصل لم يتمكن من تقديم شيء لشقيقه سوى  نظرات الشفقة ومساعدات بسيطة لم تطلها يد والده وجده !

اغمض عينيه وهو يحارب تلك الدموع بكل قوته فما فائدتها الآن ؟ ليس وكأنها ستحدث أي تغير أو تمسح الم شقيقه ، رغب حقاً بفعل أي شيء لتغير هذا لكن ماذا وكيف؟

أمه هي الأخرى بعد سماع هذا كانت شاحبة شحوب الأموات، هل ابنها مر بكل هذا ؟ هل اذاه كل من وثق بهم يوماً ؟ كيف يعقل أن يصدقوا أنه فعلها ؟ هي ما كانت لتفعل ، تعرف صغيرها وحتى لو فعلها فلن يكون هدفه الخيانة، شعرت بجسدها توقف عن الحركة بل إن قلبها كان يضخ الألم بدل الدم ربما !

تقدم جسدها دون شعور منها فقط مشاعرها بتلك اللحظة هي ما كان موجود حقاً ، مشاعر الم تحرق قلبها على صغيرها ، ها قد عرفت ما يجعل ملامح الألم لا تفارق وجهه وسبب كرهه للرجل الذي احبته هي !

وصلت قربه لتمد يدها إليه قبل أن ينتبه اليها لتاخذه لصدرها وتسند رأسه اليها ، مسحت على شعره بخفة ودموعها تنزلق على خديها وتتساقط قطرات  على شعره الأشقر وهي تشعر بقلبها يتقطع وهي تتخيل كل ما مر به ، رغبة قوية بقتل كل من عذبه بذلك السجن ومن حكم عليه ومن اتهمه بل تعذيبهم حتى الموت كما فعلوا بصغيرها وقتلوه   حياً !

بينما هو فقط اتسعت عيناه بصمت ولم يبدي أي حركة ، الألم الذي أثقل صدره والذكريات التي كانت أثقل من ان يتحملها  كلها جعلته ساكناً كطفل صغير يرمي رأسه فوق كتف والدته وينام بسكينه ، لكن كيف يمكن له هو أن ينام ويستقر بهدوء وهو ليس واثق بها تماما بل ويكره كل شبر من هذا المكان بأسره ؟

نطقت هي من بين تلك القطرات الملحية ويدها تحكم عليه بينما تمسح على شعره بألم وصوتها الباكي الذي كان يؤكد له أن من أمامه حقاً يتألم لالمه
" شكرا لك على بقائك حياً  نيكولا ، آسفة حقاً بني ، آسفة لاني تركتك بوقت كنت بحاجة لمن يأخذ بيدك ، انا .....

اردفت بألم وهي تغمض عينيها
"لو  هناك طريقة لأخذ كل المك منك اقسم لن أتردد ، أنت قطعة من قلبي والمك يؤلمني ،لا يمكن لأي أحد أن يلومك بعد كل ما جرى ، لكني ..... أريدك قربي لاحميك هذه المرة لن اجبرك على هذا لكن"

سقطت دموعها بصورة أقوى من سابقتها والألم بصوتها وصل له بدون شك ، شعر برغبة ملحة بالبكاء ، رغب بالتمسك بها وأخبارها كم أنه احتاج إليها ، كم نادى اسمها ذات مرة وكان يراها باحلامه ، كم كانت هي مصدر الأمل الوحيد وكم كانت امنيته هي الموت والذهاب والاختباء بين يديها

لكن..... ليس الآن ، لم يكن هو ذاته من أراد هذا، أليس هو من قرر أن لا يسمح لأحد باختراق حياته مجدداً؟ لم يرغب بالسير خلف رغبته هذه المرة ، هو من سيحدد ما يحدث وليس مشاعره

استذكار كل تلك الذكريات  ارهقه وجعله يرغب بالانتقام وحسب ، بدا الأمر  كما لو كان بالامس وكل ذكرياته الجيدة التي سبقت المأساة كانت نار تشعل فتيل المه

ضغطت يده على قلبه بشدة ،خصله التي شابهت الشمس انسدلت متمردة تغطي زرقاوتيه الحادتين ، لم يرغب بسماع أي شيء آخر بعد أن رد على سؤال الاثنين ولم يرغب ان يضعف بسبب كلامها ، البقاء ليس خياراً وهي عليها أن تستمر بالعيش وحسب وكأن شيء لم يكن فلن يعجبه أن تتحطم حياتها لاجله حقاً وهو فقط لن يستفيد شيء من هذا فهل هذا قد يزيل الماضي ؟ لا ! إذا ما الفائدة ؟

خرجت كلماته من بين أسنانه تعكس مدى تعكر مزاجه بعد أن ابعدها بشيء  من الحدة وهي فقط تراجعت بينما عيناها المتألمة لم  تفارقه ، هي تدرك كل شيء الآن ولن تلومه على أي شيء وان كان فعله هذا قد يخفف عنه  لن تعترض ولو بحرف ، أما هو فقط تحدث بتلك الحدة عمداً لينهي أي نقاش
" اتركاني وحدي ! لا أريد سماع صوت أي منكم بعد الأن!"

رغب ايجيروا بالاعتراض لكن ها هو قد حصل على جوابه فأي كلام يقال الآن ؟ حدق به بألم وسرعان ما تقدم نحو والدته ليخرجا ، هي رفعت رأسها لتظهر عيناها المحمرة ، حدقت بنيكولا بعينيها المتورمتين

لم ينظر إليها حتى فلم يكن بمزاج لمراعاة أحد ، يدرك أنها لم تكن السبب لكن لا يمكنه تقبل أي شخص من هذا المكان بشكل خاص

والدته كانت بالفعل تشعر بالانهيار كفاية فكل ما فعلته بعد سماع كل ما جرى هو البكاء  ولوقت طويل وهي تموت بداخلها لاجله  ، اقتربت من صغيرها مرة أخيرة  ووضعت  يدها على خده وهو ركز بصره عليها دون أي تعبير عدا البرود الطاغي ، أغمضت عينيها وتراجعت مع ابتسامة منكسرة مع ملامحها الباكية تلك وحين حاولت الوقوف شعرت بتوازنها يختل وكادت تسقط لولا ايجيروا الذي أسرع ليمسك بها ويسندها أما ريكا فقد نبض قلبه رعباً !

حدق بها بقلق واضح وحين لاحظت هذا ابتسمت بسعادة بالغة رغم دموعها تلك ، ايجيروا لم يستغرب ما جرى فصحتها لم تكن بخير منذ استيقاظها من غيبوبتها

أما ريكا فقد ظل يلوم نفسه على تلبية طلبها !
وقفت على قدميها لتقول بصوت منكسر بالكاد يخرج بشكل واضح
" ارتح قليلا سنتحدث لاحقاً بني ! ولا تقلق ثق بي أنا بخير  "

هي بالكاد التفتت لتغادر بينما يسندها ايجيرو

وقبل أن يغادرا بشكل  تام تحدث ايجيروا بتردد حيث توقف قرب الباب
" أخي ، هناك شيء ربما يجب أن تعلمه، بعد اصابة  امي ابي  بدأ يصاب  بمرض نفسي وكان يتلقى علاج وقتها ، قد ترغب بمعرفة هذا "

رفع ريكا رأسه وحدق بشقيقه بشيء من التفاجأ لكن سرعان ما تحدث بعدها بشيء من الهدوء الساخر وعيناه الزرقاء احتدت بعد أن اخفض راسه مجدداً
" واذاً ؟ "

رفع راسه واردف بشيء من الحدة وهو يحدق بشقيقه
" لذا يخرج مرضه بي انا ؟ يجعلني مريضاً ليشفى هو ؟ وأين كان مرضه من كل من حوله ؟!انا فقط من تلقى هذا ؟! دفاعك عنه فاشل جداً لذا أفضل لو تتوقف عنه !"

التفت ايجيروا بنصف التفاتة ثم سرعان ما همس بألم
" لم أدافع عنه أخي ، فقط ظننت أن من الأفضل أن تعرف سأعود لاحقاً"

هو شعر بعد مدة  بمغادرتهما فاخرج   زفيرا عميقاً ، ليلقي بجسده على السرير واغمض عينيه

اصابعه تخللت بين خصله الشقراء بينما يشعر بالألم  في قلبه ،رأسه التف للجانب وفتح عينيه لتحدق زرقاوتيه بالحائط بيأس

رغب  بأن يبكي بشدة لكن منذ متى وهو يفعل !لذا خياره الوحيد كان كبحها والنهوض  ليتوجه نحو الشرفة ، وقبل أن يصل امتدت يد لتجذبه بقوة مع صوت غليظ بعد أن عاد الحرس فور مغادرة والدته وشقيقه
" السيد أمر بمنعك من التوجه للخارج أو قرب النافذة "

حدق به بصمت ثم سرعان ما ابتسم بسخرية ليسحب يده بقوة من يده عيناه الحاقدة حدقت به بتهديد
" جرب وضع يدك علي مجدداً وساقوم  بكل سرور بقطعها لك !"

لم يظهر المعني أي ردة فعل سوى نظرة هادئة وكأنه يخبره أنه غير مهتم بالشجار حقاً، جعل هذا ريكا يلتفت  عائدا نحو مكانه بانزعاج شديد وتوجه نحو السرير بخطوات بطيئة ، لم يدرك سبب ذاك الشعور داخله فلم يكن منه سوى أن قرر أن يتجاهل شعوره المربك والتركيز على طريقة للهرب ، عاود استلقائه إلا أنه كان ينظر حوله لإيجاد وسيلة للهرب ، يدرك أن الحرس هنا ليسوا العائق الوحيد فجده دون شك وضع حرس بكل مكان

~~~~~
خلال هذا كان ناوتو ينتظر بقلق شديد أي خبر عن ابنه  الصغير ، كان يتحرك ذهاباً واياباً بالغرفة بقلق شديد وعصبية بينما والده جالس معه بذات الغرفة بهدوء ظاهري قلقاً عليه

سمع صوت سعال زوجته أثناء مرورها أمام غرفته فجعله هذا  يلتفت من فوره ويتوجه نحو الباب برعب إضافي ليلاحظ شحوبها ، اقترب منها لياخذها من بين يدي ايجيروا والذي فور رؤيته تراجع والتفت مغادراً بعد أن اطمأن عليها بين يدي والده

فور رؤية هذا ناوتو تجاهل تصرف ابنه وأخذ زوجته بين يديه ليسألها بقلق واضح
" ما الأمر عزيزتي ؟ لما انتِ مرهقة "

مرت عليها كلمات ريكا  لتجعلها تصمت ، دفنت رأسها بصدره لتبكي بصوت خافت ، طوقها بين يديه وكرر سؤاله بنبرة أكثر عطفاً وخوفاً
" ماذا حصل؟"

حدق بملامحها فرفعت رأسها تحدق بعينيه مع دموعها، شعر ببعض الارتباك من ذلك حين استشعر كلمات خلف   تلك النظرات لكنها بدل قولها سحبت نفسها  من بين يديه واكتفت بالجواب بهدوء شديد بينما تمسح دموعها
" لا شيء حدث ، سأذهب للراحة "

لم يرقه الأمر فامسك بيدها ليستنكر
"كيف لا شيء ؟ هل ترين ملامحك حتى ؟!"

حدقت به لمدة وسرعان ما سحبت يدها مجدداً
" لا رغبة لي بالحديث ناوتو "

وقبل أن تكمل ما ارادت  قوله بدأت الرؤيا تصبح ضبابية وجسده بدأ يفقد توازنه حاولت التمسك بأي شيء قربها لكن  انهار جسدها ببطئ بين يديه لتتسع عيناه برعب وامسكها بين يديه
" عزيزتي ؟! "

صرخ والده بإحد الخدم حين انتبه لما جرى
" اتصل بالطبيب "

حملها ناوتو بين يديه وتوجه نحو غرفتها بسرعة وعيناه لم تفارقا وجهها الشاحب مطلقاً

ألقى جسدها على السرير ببطئ  وجلس ممسكاً بيدها ومغمضاً عينيه يدعو أن تكون بخير بينما عقله ايضاً يحوم بينها وبين وضع لين المجهول للان !

شعر أن أعصابه ستنهار عما قريب

~~~~

مرت ساعتان وهو على نفس الوضع لا يفعل شيء سوى التحديق  من حوله ، بدأ يشعر بالنعاس من شدة السكون فكان جفناه على وشك الإغلاق عدة مرات بينما يحاول هو المقاومة ولا يدرك لما حتى !

لاحظ بين لحظات غفوته تلك  خروج الحارسين لتبديل   الحراسة بعد أن اطمأنا من نومه ، فور خروجهما ظهر وسط الغرفة ضوء جعل ريكا يفتح عينيه بشيء من الحذر متناسياً كل إرهاقه  مستنداً بيده لتساعده   على الاعتدال وادرك كم أنه محق بقلقه حين ظهر أمامه ماثيو مع ابتسامته المعتادة من اللامكان مستعمل الجهاز المعتاد ، وقف ريكا بحركة سريعة متأهباً موجهاً حديثه بنبرة حاقدة لمن أمامه
"ما الذي تفعله هنا ؟!"

ضحك بخفة بينما يضع يده على خصره ويميل رأسه بمكر
" اعتذر على مقاطعة غفوتك، يبدو انك تشعر براحة  شديدة في المكان الذي تمت فيه معاملتك كمجرم منذ وقت ليس بقصير "

نظراته ازدادت حدة وضغط على أسنانه والتقط تلك السكين التي كانت قربه على الطاولة  بيده اليمنى فاردف ماثيو بابتسامة خبيثة
" ماذا ؟ لما كل هذا الغضب ؟ اوليست الحقيقة ؟ "

اردف بعدها بغير اهتمام
" هل وصلك خبر فقدان شقيقك الصغير؟"

حدق به ريكا بحذر، استغرب شيء كهذا ولم يعلم لما ذهب عقله لأمه  بينما يستمع لكل حرف منه ، يدرك أن هناك شيء خلف هذا وأدرك هدفه حين اردف بمكر
" يبدو أنه لا يتذكرك فقد سألته عنك وانكر  قرابته بك ! ما رأيك هل ترغب بالمجيء والتعرف عليه ؟!"

احمرت عينا ريكا ليقول بنفاذ صبر
" قل ما تريد بلا لف ودوران !"

ابتسم بعبث بينما يميل رأسه
" هممم ما أريد قوله هو أن كنت تريد أن يعود شقيقك قطعة واحدة تعال بمفردك إلى منحدر الموت"

اردف بمرح
" اذا جاء أي شخص معك سأتصرف معه بكل لطف ! ما رأيك ؟"

اخفض راسه لتغطي خصلاته الشقراء عينيه بينما يتحدث بصوت حاد
"ولما تظن اني سأتي بأي حال ؟! أفعل ما تشاء به لست مهتماً بأي شيء حقاً ، انت قلتها هم عاملوني كمجرم هل أبدو كشخص قد يساعدهم ؟!

حرك ماثيو يديه بغير مبالاة
"هذا الكلام لا يعنيني ، اخبرتك بما لدي وسانتظر مجيئك أو سيكون بإمكانك حظور جنازته !"

اختفى من المكان وفور أن فعلها ، حاول ريكا تمالك أعصابه ، أغلق عينيه وأخذ نفساً عميقاً ،أخذ شهيقاً زفيراً عميقاً عدة مرات وكرره إلا  ان النتيجة الأخيرة هي ضرب ما كان قرب السرير من صحون بعصبية شديدة تسببت بضجة شديدة
" اللعنة عليكم وعلى هذا المكان ! لا أكاد انتهي من كارثة حتى تبدأ أخرى !"

اقبل الحراس بسرعة بذات اللحظة ليتقدموا منه بحذر شديد ، عيونهم تتحرك بين الحطام وبينه بينما هو يلهث بأنفعال ويده تبعثر شعره بانزعاج، احتار الحراس بما يجب فعله فكان ما انقذ هم من تلك الحيرة هو مجيء ايجيرو ليحدق بتلك الفوضى بقلق ، ضيق عينيه بينما الحراس ينظرون اليه منتظرين رأيه ، ضغط على يده بقوة وملامحه اختبأت خلف خصله ، ارخى يديه  بعد ثواني ليعطي أوامره
" اخرجوا قليلاً "

تبادل الحرس النظرات فيما بينهم ثم قرروا المغادرة دون جدال

ريكا كان بحالة من العصبية مفكراً أنه منذ وصل إلى هنا ولا شيء جيد حدث ،لم يشعر بما حوله بسبب انفعاله ذاك   حتى تقدم شقيقه منه وقبل أن ينتبه ريكا لأي شيء سحبه شقيقه بين يديه  ليهدأه بينما الاخر هدأت انفاسه أخيرا تحت تأثير الصدمة اما دقات قلبه فقد تسارعت بجنون

حاول التحرر وان كانت محاولة ضعيفة لكن شقيقه همس برجاء
" فقط قليلاً أخي ، أرجوك "

حين سمع هذا توقف عن مقاومته واغمض عينيه سامحاً  لنفسه بالهدوء ، فتح عينيه بعد وقت طويل نسبياً حين سمع صوت شقيقه يخبره بحزن وابتسامة متألمة على وجهه
" آخر مرة سمحت لي بفعلها كانت قبل اختفائك"

أبعد ريكا قليلاً وحدق بمن امامه بحزن ثم سرعان ما ظهر الجد على ملامحه وهو يقول بقلة حيلة بعد أن أظهر سلاح ريكا من تحت ملابسه ومده له  تحت أنظار ريكا المتسائلة بشك
" أخي اذهب، يمكنك الهرب من النافذة أظن صحيح ؟ ساشغلهم  عنك قليلاً "

حدق به ريكا بتفاجأ شديد ولم ينتبه لنفسه حين خرجت الكلمات من فمه بقلق واضح لم يقصد إظهاره
" لكن ستعاقب لو فعلت !"

فور نطقها اشاح بوجهه  وهو يلعن نفسه على كلامه فابتسم له شقيقه بينما يبعثر شعره بخفة
" لا تقلق علي ، واجب الأخ الأكبر أن يساعد شقيقه ، سأتدبر الأمر "

أعاد ريكا بصره اليه ليسأل بجدية بعينين ثابتتين على من أمامه
"لما تساعدني؟الست من كان يطلب بقائي قبل أقل من ربع ساعة ؟"

فور سماع السؤال ابتسم ايجيروا بحزن وأخفض رأسه
" لا أزال أريد ، لكن ... لن اجبرك ،انت تعرف أين تجدني لو أردت ، لقد سبق وظننت أن   الأفضل ابقائك بمكان أعرفه حتى أستطيع مساعدتك والنتيجة ؟.."

ازداد الحزن أكثر بنبرته ليردف
" بالنهاية حاولت إنهاء حياتك فقط لأنني فعلت ما أظنه الأفضل لك "

رفع راسه ليبتسم مجدداً مرغماً نفسه
"لن اجبرك هذه المرة يا أخي لكن لن ايأس ، سانتظر أن تعود ذات يوم حين يكون جرح قلبك قد التأم ربما ولو بعد حين "

حدق به بملامح جادة لثواني بينما شقيقه يبادله النظرات بابتسامة مطمئنة ، اغمض عينيه ثم ظهر شيء من الغضب على وجهه لم يدرك ايجيرو سببه اما ريكا فقد فتح عينيه وحدق به مجدداً بجدية ، استدار معطياً ظهره لشقيقه بعد أن أخذ السلاح من  يده  وهمس
" سأرد لك الأمر بطريقتي "

سار بخطوات متسارعة و دون تردد ودون ترك مجال لايجيرو أن يخبره بأن لا داعي لرد اي شيء  وضع قدمه على حافة الشرفة محدقاً بالمسافة أمامه
نظر نحو شقيقه بنظرة  أخيرة ظهر بها شيء من الحزن بعينيه القرمزية
" لم تكن السبب ، كنت السبب الوحيد الذي حافظ على ما تبقى بداخلي قبل ان اصبح سفاح لا يحركه شيء سوى الانتقام لذا  ..."

قفز من فوره تحت أنظار شقيقه الذي حين سمع هذا الكلام وفور رؤية شقيقه يغادر بدأت دموعه تتجمع بمقلتيه بينما يحاول هو كبحها، لم يرد تركه يذهب وهو قد وعد نفسه بحمايته لكن طالما تركه يعتبر جزء من حمايته أليس تركه أفضل من أن يقوده الأمر للانتحار مجدداً ؟!

خلال وقوفه هناك اقبل ذاك الشاب ذو الشعر الداكن من رفيقه ليضع يدع على كتفه مع ابتسامة فخورة
" قمت بعمل جيد ايجيروا ، لا تقلق عليه سيتدبر أمره"

التفت ايجيروا إلى صديقه المقرب نيك ليتسائل بهدوء
" لما لم تأتي لرؤيته قبل ذهابه؟"

ابتسم لايجيروا وقال بشيء من الهمس
" لا يبدو أنه راغب برؤية أي أحد حقاً لذا لا داعي لفعل هذا "

أومأ ايجيروا بتفهم وقرر التوجه نحو لين في محاولة لاستمداد بعض  القوة ربما غير  مدرك أن الوضع سيزيد سوءاً لا غير !

وفور خروجه ودخول الحراس فوجئوا بخلوا الغرفة فتبادلوا النظرات فيما بينهم بخوف شديد ،فشل كهذا نتيجته عقاب قاسي دون شك فالتفت رئيسهم نحو ايجيروا والذي فور رؤية ذلك حدق بهم بدون أي تردد أو ندم
" لقد غادر، ألقي بالمسؤولية علي "

التفت ليغادر ليفاجأ بجده أمامه ، شعر ببعض القلق يتسلل لقلبه فوقف صديقه قربه ليمده بالعون

جده حدق به بملامح غاضبة وعيناه  لم تفارق حفيده
" هل تخالف أوامري ايجيروا؟"

تسلل بعض الخوف لقلبه جعل صوته مرتبكاً لكنه رد عليه دون تأخير
" ليس الأمر متعلق بأوامرك جدي ، لا أريد رؤيته يموت بسببنا مجدداً !سيكون بخير دوننا ، بل ربما نحن سبب كل شيء سيء جرى له ! "

الم حاد اجتاح قلبه حين شعر أن تلك الكلمات ما هي إلا الحقيقة وهو فقط نطقها دون شعور منه

جده لم يهدأ غضبه فحدق بجنوده
" اذهبوا وجدوه ! لا تسمحوا له بالهرب ! "

التفت يحدق بايجروا مجددا  ليردف بشيء من الحدة
" ستعاقب لكن ليس الآن ، شقيقك لين  مفقود وستبدأ البحث عنه ، اتبعني"

حدق بجده بغير تصديق وانفعل دون  شعور
" لين ؟! مستحيل أين قد يذهب ؟!كيف يعقل هذا  ؟! "

نيك سحب يد ايجيروا بشيء من القلق فالتفت المعني ينظر إليه فهمس نيك من فوره
" لنذهب ونبدأ البحث كلما اسرعنا أفضل "

قلقه على نيكولا كان كافياً ولكن لم يدرك ان الوضع سيزيد سوءاً وبهذه السرعة فأسرع بخطواته متجهاً للخارج يبحث عن شقيقه الصغير  مفكراً أنه أن فشل بحماية  لين ايضاً فهو أسوء شقيق بالعالم !

جده توجه نحو ناوتو والذي كان قرب زوجته والتي أخبره الطبيب أنها بخير وفقط تحتاج للراحة ، خرج من غرفتها ليتركها ترتاح فكان والده بإنتظاره هناك ليتوجه الأثنان نحو غرفة المكتب ، كان ناوتو من بدا الحديث باعصاب مشدودة وقلق واضح
" المشاكل لا تتوقف منذ ذلك الهجوم ! "

لم يعلق والده بشيء فاردف بعدها بشيء من الخوف
" هل كان هذا بسببه ؟ هل قال لها شيئاً ؟"

حدق به والده ليجيب بهدوء
"هي أصرت على معرفة ما جرى معه وهو فقط أخبرها بكل ما جرى !"

رفع راسه بغضب شديد منفعلاً
" لما اخبرها؟! مشكلته معي فلما يعرضها هي للخطر ؟! انا أخطأت حقا ربما لكن  ما كان عليه تعريضها للخطر هكذا فقط لأنه غاضب ! هي أمه أيضا ولا ذنب لها ! اخبرتك أن وجوده هنا خطأ!  هو لا يحبنا ولا يهتم ...."

قاطعه والده  بحدة  وشيء من العصبية
" ناوتو ! هل تسمع ما تقوله ؟!اخبرتك أنها من الح عليه وهو اضطر لتنفيذ طلبها ! ليس وكانه  يعلم شيء بشأن مرضها ! بل أظهر قلق واضح عليها حين ارهقت باعتراف الحراس ! هل أخذت دوائك ؟! "

اشاح بوجهه من فوره حين سمع هذا وهمس معتذراً بينما اردف
" أجل قبل ساعة ، بأي حال ماذا سنفعل الآن ؟كيف سنجد لين ؟!"

ارجع جده ظهره للخلف مستنداً لذلك الجلد الفاخر محدقاً بابنه
" أرسلنا كل الجنود سنجده دون شك فلا تقلق !"

أغمض ناوتو عينيه بأرهاق وصمت حل بالإرجاء

# ناوتو
تبا لكل شيء ..اسرتي تنهار أمامي وانا عاجز ! بني لين اصمد ساجدك
نيكولا لا أنكر غلطتي بحقك ، قسوت عليك لاني ظننتك خنتنا حقاً ، لكن لا يمكنني أن اسمح لانتقامك أن يدمر كل ما بنيته ، لا استطيع تعويضك على حساب الجميع ، أن كان وجودك  يعني تعاسة الجميع سابعدك بنفسي أو تتقبل الأمور كما هي وساعوضك بطرقي !

~~~~~~~~~
فور خروجه من ذلك المكان ، بدأ يختبئ بين الاشجار  لكي يضمن عدم رؤية الحرس له وفور ابتعادهم خرج ليبدأ القفز مجدداً مبتعداً عن ذلك المنزل ، توجه نحو الطرق الفرعية ليضمن عدم رؤية أحد له بينما يسرع بخطاه قاصداً مكاناً واحداً ، لم يكن يحدق بما حوله أو بتلك الوجوه خشية أن يعيد له ذلك غضبه الذي يحاول كبته ، هدفه الجديد تقرر بالفعل ومصيره بعده  ايضاً محسوم ولم يبقى سوى التنفيذ

وقف بنهاية أحد الطرق الفرعية التي لا يصلها السكان حتى ظهر الشارع الرئيسي أمامه ، ذكريات طفولته ما لبثت أن قفزت تصور له نفسه الصغيرة تركض بذلك المكان برفقة  رفاقه  السابقين ، 

اغمض عينيه من فوره وحرك رأسه نافضاً تلك الأفكار ، وجه زرقاوتيه نحو ذلك المحل أمامه والذي كان يبيع ما يحتاجه تماماً ، نظر حوله بالمكان ليضمن أن لا أحد منتبه وحين أطمئن لهذا أسرع يتجه نحو ذلك المحل بسرعة ودخل دون تاخير ، اخرج محفظته ليتاكد من وجود المال لديه ومن حسن حظه راتبه الأخير لم ينفق منه شيء وذات المال يستعمل هنا ، تقدم بينما رحبت به العاملة وفور رؤيته تجمدت ملامحها  ، لم ينتبه ريكا للأمر أما هي فذهبت لتفقد الجريدة من فورها محاولة التأكد من هوية من أمامها

خبر عودته تصدر الصحف كيف لا وهو من كان خبر براءته صدمة حقيقية للكثيرين

والآن وحين عاد خبر حياته كان سبق صحفي تسابق عليه الصحفيون يضع كل منهم ما يريد وضعه من بهارات

وبينما هي تتأكد سمعت صوته يقول ببرود بينما يشير لعبائة سوداء  بقلنسوة
" بكم هذه ؟!"

ارتبكت من سماع ذلك وهي تملك الكثير بداخلها ترغب بقوله له لكن اكتفت بالجواب بعد سماع نبرته
" 10 دولارات "

أخرج المبلغ من فوره وسحبها ،قدم المبلغ لها واستدار مغادراً بعد أن وضعها على كتفه وارتدى القلنسوة وتحرك مغادراً بخطوات متسارعة مجدداً

~~~~~~~
كهف انزوى بغابة كثيفة   مختبئاً بين اشجارها الفارعة الطول التي كانت فروعها تتشابك فيما بينها لتبدو كما لو كانت اغماد سيوف  تتقاتل بينها إلا أن التعادل فرض نفسه عليها ليجعلها  كستارة تحجب أشعة الشمس من الوصول للأرض عدا عن بعض خيوطها التي تهرب من تلك الشبكة الخضراء التي كونتها الأغصان  مع أوراقها

جلس ذلك الصغير ضام قديمه لصدره دموعه لا تتوقف مطلقاً ، يشتاق لأسرته بشدة  ويهمس بأسمائهم بين حين وآخر كلما اشتد به الخوف وهو بقفص بالكاد يسمح له بتحريك قدمه بضع انشات،  يرى أولئك الجنود أمامه كخلية نحل ، بعد تحطم مقرهم الرئيسي بسبب ريكا ومن معه كانت الغابة المقر الجديد لهم ، وكيرا والثلاثة الآخرين معه ماثيو كريستي ويوتا يتناقشون  فيما بينهم ،كان كيرا يشرف على كل الأعمال  عدا موضوع ريكا والذي طلب ماثيو أن يتولاه بشكل تام فلم يمانع كيرا هذا مطلقا فهو بالمرحلة الأخيرة من خطته بعد تحطم مختبراته أما النصر الأخير أو الفشل التام وخسارة كل شيء !

ماثيو تقدم من الصغير الخائف بينما كريستي تستند للحائط تحدق بما يجري بغير اهتمام

دنى من ذلك القفص ليحدق بملامح الطفل الخائف والذي بالكاد رفع راسه حين سمع الكلام يوجه اليه بجسد مرتجف
"لا تكرهني ، كنت انوي قتلك بسهولة وحسب ولكن تبين لاحقا انك مفيد ، لو لم تكن شقيق نيكولا لكنت ميتاً ومرتاحاً من كل هذا !"

لم يدرك لين أن كان من أمامه يستهزء به أم هو جاد ولم يدرك هو ما مشاعره !

اهو غاضب ويكرهه لأنه  سبب القبض عليه أم ممتن لأنه كان سيكون ميتاً لولا ذلك ؟!
أعاد رأسه إلى ركبته ليبكي بهدوء بينما تقدمت منه كريستي بحاجبين معقودين
' ماثيو ، لا تضيع الوقت ، نعلم حق العلم أنه سيأتي ، هل أنت متأكد من قدرتك على هزيمته؟!

رفع راسه محدقاً بها بابتسامة عابثة
" ماذا ؟انتِ خائفة علي ؟"

اشاحت بوجهها  بعصبية بينما ظهر احمرار خفيف على خديها
" إلا يحق لي هذا ؟!"

أغمضت عينيها المحمرة لتقول بألم
" أنت الشخص الوحيد الذي يهمني بهذه الحياة ، لذا ...لا تمت مطلقاً !"

نهض واقترب منها بخطوات بطيئة لترتفع كفه وتستقر على خصلاته الحمراء لتحدق هي به بعبوس ، بعثر ذلك القرمزي على شعرها ثم أبعد يده واتجه للخارج مطمئناً
" لا تقلقي ، لن اموت مهما جرى ، ولا تنسي نحن بمقرنا، هو الذي موقفه ضعيف والأهم لن يصل لمستواي وهو ابتعد عن القتال لمدة "

لم يزل قلقها عليه لكنها لكنها التفتت لذلك الطفل واقتربت منه قائلة بشيء من الذنب
" لا تلمنا أيها الصغير ، قسوة العالم جعلتنا لا نقبل للشفقة مكان حتى لا نخسر كل شيء مجدداً ، لا تقلق نعرف أنه سيأتي ، أن كنت محظوظاً ستتحرر قريبا ، أما تصبح حرا بالموت أو تهرب من المكان من يعلم ؟!"

ذهبت وعادت للجلوس لتراقبه من بعيد وهي تعود بذكرياتها  للماضي ، هذا الانتقام هو ما عملت لاجله منذ زمن ، أن تأخذ حقها من الذين دمروا مستقبلها هي ومن احبته بسبب نفوذ وغرور  ابن شخص مهم

ارادت فرض التساوي أو العدل أو جعلهم يدركون أن هذا التفاوت في المعاملة هو ما يجلب الكره والعداء لهم ولبلدهم  ،لو التزموا العدل والمساواة معها لما وصلت هنا لذا تخلصت من أي ندم فهم لم يندموا حين دمروا مستقبلها !

~~~~~~~~

مر أسبوع منذ مغادرة ريكا المنزل  وكان قد إتجه المكان المقصود محاولاً الاعتماد على نفسه وتأكد من تجنب أي اختلاط لا داعي له

صارت تلك الغابة أمامه مباشرة فهبط  يستقبل الأرض بيده وبدأ يحدق بما حوله بحذر ، اخرج تلك الخريطة التي احظرها محاولاً كسب أكبر قدر من المعرفة بالمكان وان كان الدخول له شيء آخر لكن معرفة قليلة أفضل من جهل تام !

حدقت زرقاوتيه بالخارطة ثم اعادها لجيبه ليعيد بصره للإمام ،وضع يده على سلاحه الذي كان موضوعاً حول خصره ليسحبه  بخفة ، بدأ تقدمه بخطوات خفيفة محاولاً الحفاظ على وجوده سراً قدر الإمكان ، الاحتفاظ بعنصر المفاجأة  ليكسبه ميزة ربما ؟

يدرك أنه متوجه لوكر  العدو بل إن ما يقوم به أشبه بالانتحار والسير نحو الهاوية بنفسك لكن كيف له أن يطلب المساعدة من أي أحد وقد هدده بقتله ؟ واساسا فكرة طلب المساعدة من أي أحد لأي شيء ستجعله يكره  نفسه وخصوصاً من هذا المكان !

فما كان منه إلا خوض المغامرة  والدخول بدون تردد ، كان يحدق حوله بينما يقفز على تلك الأشجار الضخمة بكل حذر ، ضيق عينيه وتوقف لدقائق يفكر بأبن يمكن أن يجدهم، حلل الموقف جيداً ، وضع يده اسفل ذقنه وقرر الاستفادة من ما سبق ودرسه ذات مرة

التخطيط الحربي لم يكن بعيدا عن مجاله حين كان بمدرسته  بل كان ممن برعوا فيه وهذا ما ساعده سابقاً حين انقذ اوليفر وها هو ذا عليه إعادة التجربة مجدداً ومحاولة التخطيط بعد أن قام بمجازفة لا يعلم كيف سيكون أثرها حقاً لكن هو كان قد حسب الأثر المترتب على افعاله وقرر أن فعلها بهذه الطريقة أفضل

محاولة إيجاد مكانهم بعدها جعلته يبدأ بالتفكير وربط مواقع اختبائهم السابقة لكي يتوصل إلى نتيجة مفادها انهم يختارون أماكن واسعة ومخفية ، حدد بقعة ملائمة للوصف  وتوجه نحوها بسرعة مجدداً

كان يفكر بعدة أفكار والاولية لانقاذ لين رداً لجميل ايجيرو عليه والآخر هو قتل ماثيو وان كان يأتي بالمرتبة الثانية حالياً أما الثالث فهو قتل كيرا لو امكن ان كان يريد العودة لحياة الهدوء

وصل بعد بعض الوقت ليبدأ يشعر بحركة بالإرجاء ، توقف من فوره عن القفز وأسرع للاختباء بين الاشجار  خلف جذع أحداها ونظر لمصدر الصوت فكان أحد جنود كيرا كما توقع

اغمض عينيه وأخذ نفساً عميقاً ويده امسكت بالمسدس بقوة أكبر ، أعاد فتح عينيه ليحدق بهما وهما يبحثان عن أي مما يثير الريبة

كان قلب ريكا ينبض بعنف قلقاً من أن يتم كشفه من هذه المسافة !

اغمض عينيه وحاول عدم إصدار أي صوت
غادرا اخيراً بعد جو من التوتر وفور رحيلهما تنهد براحة إلا أن ذلك لم يطل حين ظهر حارس آخر أمامه رفع سلاحه نحوه قائلاً بتهديد
" لا تتحرك ! "

جفل ريكا  ولعن حظه على عدم انتباهه لكنه تدارك الأمر وقبل أن يبلغ الحارس بشيء وبينما هو منشغل بجهاز الاتصال تحرك ريكا من فوره ليوجه له ضربة قوية بعد أن وضع يده على فمه ليتاكد من عدم صراخه ووجه له رصاصة اخترقت قلبه

وقع ارضاً من فوره فابتعد ريكا محدقاً بجثته، مسح أثر الدماء عنه وتحرك مجدداً ليغادر قبل ان يكتشفه أحد آخر ،اقترب من مركزهم حيث تجمع الأغلبية ،لاحظ كثرة عددهم فظهر الانزعاج على وجهه
# ريكا
تباً ، كيف يفترض ان أجده  دون جذب انتباههم لي ؟ ليس وكأنني يمكنني التنكر بشكلهم طالما ماثيو هنا ، ومن الواضح من رائحتي  أنني لست بشر اذا ما الحل ؟!
لو أعلم أين هو على الأقل سيكون الأمر أقل صعوبة ربما وان كان لا يزال  فرصة النجاة لا تتجاوز الواحد بل هي اقل ربما !

#الرواية
ما زاد وضعه سوءاً هو تحقق ما قاله إلا وهو معرفة ماثيو بوجوده !

تقدم ناحيته ليقف أمام مكان اختبائه فما كان من ريكا سوى أغماض عينيه ثم خرج من مكانه بسرعة ليقف متأهبا للقتال أو هذا ما ظنه

ابتسامة ماثيو اتسعت فور رؤيته مرحباً به بكل حرارة
" أهلا ، أهلا بضيفي ، كنت أنتظرك بفارغ الصبر ولم تخيب ظني ! "

~~~~~~~~~~~~
خلال هذا
اندرو كان يقضي وقته مع ابنة خالته   الصغيرة بأوقات ملله وهي بدأت تتغلب على خجلها منه  بسبب طرقه بالتعامل مع الوضع ومعرفته بما تحبه ، وكم كانت تشعر  بالسعادة تغمرها لذلك المنظر وتتذكر أختها بسبب   ملامح من أمامها ، أما حين يكون وحده فهو يعود لتلك الغرفة ويقوم بأمور سرية لم يعلم بشأنها أحد سواه كانت ترسم الجد على ملامحه وتجعله لا يتأخر بفعلها كلما سمحت له الفرصة للتأكد أن ما يخطط له ممكن

خرج للحديقة ذلك  اليوم حين كانت ابنة خالته الصغيرة تلعب في الحديقة ، لحق بها مع ابتسامة مرحة بينما يحملها بين يديه وهي تضحك متمسكة به بقوة وثقة تامة أنها لن تقع طالما هو من يلاعبها ،

بينما كان صوت ضحكاتها يتعالى  بالإرجاء سمعا صوت وقع أقدام متعددة جعلتهما يلتفتان بوقت واحد

لاحظت الصغيرة أحد القادمين فتقدمت منه راكضة نحوه  بسعادة بالغة لتقفز بين يدي خالها الوحيد

استقبلها بابتسامة  واسعة ومعه أسرته من زوجته وابنه الوحيد ومعهم رجلان آخران غريبان عليها  كانا مجرد صديقين وشريكين  بالعمل

ابن خالها ابتسم  للصغيرة  بود وسرعان ما رفع راسه محدقاً باندرو الذي  وقف مستعداً لأي شيء أو هذا ما ظنه بإحتقار شديد بدا واضحاً له ومعه ابتسامة ساخرة ارتسمت لتسأل الصغيرة  بقلق
" صغيرتي لما انتِ مع مجرم خطير كهذا؟! ألا تعلمين أنه خريج سجون ؟!"

الرجلان فور سماع هذا تبادلا النظرات فيما بينهما ليعودا ويحدقا بخال اندرو بشيء من الحذر
" من هو هذا ؟!"

رد عليهما وكانه كان ينتظر هذا السؤال بسخرية شديدة
" مجرم قتل أسرته وخرج من السجن  قبل مدة ، أختي تؤي هذا  المشرد هنا  بل طردتني لاجله أيضا!"

الصغيرة نظرت بعبوس شديد لكل هذا  لتتقدم وتقف أمام اندرو بعيون دامعة ووضعت يديها ممتدتان وبقامتها القصيرة التي بالكاد تصل لركبته
" أخي اندرو ليس سيء! لا تقل عنه هذا خالي !"

الرجلان فور رؤية هذا وجها أصابع الاتهام نحو اندرو والذي كان يحدق ببرود بكل هذا  فما هو إلا سيناريو يتكرر أمامه من أيام الزمن الماضي وكم كان متوقع ؟!

أحد الرجلين قال بحدة
" مجرم يخدع طفلة صغيرة ! لما لم تقم بطرده سيد ساي؟! كيف تبقي مجرم بمنزل اختك؟!هو يظللها  وحسب وعليك انقاذها منه !"

وافقه الرجل  الآخر وما كان ذلك إلا سبب لتتسع ابتسامة ابنه الماكرة والذي بدا كل هذا ودموع الصغيرة ازدادت أكثر وهي تتمسك ببنطاله بينما تعترض
" أخي اندرو ليس سيء ولا يخدع احداً !لا تقولو كلاماً قاسياً له !"

أقبلت والدتها بتلك اللحظة لتنظر لما يجري ثم سرعان ما حللت الموقف لتقطب حاجبيها وتقبل مسرعة نحوهم بينما تحدق بشقيقه بغضب عارم  حتى تحدث أحد الرجلين
" سيدتي ، كيف تبقين  شخص مخادع كهذا بمنزلك؟!عليك طرده لاجل سلامة أسرتك ! "

ازداد عبوسها لتقول بحدة
" لا شأن لك بهذا أيها السيد ! كل ما بيننا هو العمل فبأي حق تتدخل ؟!"

الرجل الأخر رد بشيء من العصبية
" لا عمل بيننا ما لم تطرديه ،لا اتعامل مع  أشخاص سيئي السمعة  وقتلة !"

بينما هي على وشك طرد من أمامها تقدم اندرو بينما يضحك بصوت مرتفع آثار استنكار كل من أمامه مع نظرات قلقة توجهت نحوه من ابنة خالته وخالته

دنى من الصغيرة ليحظنها بقوة وهمس باذنها ببضع كلمات جعلت الصغيرة تتراجع للخلف بدموع بعينيها وهي تومأ بالنفي ، وضع اندرو يده على رأسها

ثم تراجع للخلف خطوة واحدة مع ابتسامة واثقة على وجهه

تحدث بصوت عالي دون تردد موجهاً كلامه للواقفين الذين يحدقون به باستنكار
" القمامة الحقيقية هو الذي يحاول إثبات نفسه بتحقير  الآخرين لذا هنيئاً لكم ، انتم قمامة من نوع فاخر حاصل على مرتبة الشرف !"

انحنى بخفة  بينما خالته تراقبه بقلق شديد بينما اردف هو مع ابتسامة ماكرة
" أشفق على مكب النفايات الذي عليه احتمال امثالكم ، الآن ساغادر لا لشيء بل لأن وقت العرض قد حان وليس لدي وقت لاضاعته مع قاذورات"

حدق به ابن خاله بحقد واضح بينما بدأ الرجلان يتحدثان بأعتراض على سوء أخلاقه وخاله لم يكن بحال أفضل حيث ملامح الغضب بلغت اوجها بعد   أن اهانهم بهذا الشكل وبصمت شقيقته  والتي بدل توبيخه كان ما فعلته هو التقدم نحوه بقلق واضح ورعب حين لمحت ذلك الجهاز بيده والذي لم يستغرق منه سوى ثواني ليختفي من فوره !

~~~~~
كان قد تجمع حوله عدد كبير من الحرس حتى بدأ من المستحيل الخروج منهم ولم يكن ذلك بعيدا عن توقع ريكا حقاً

توجهت الأسلحة نحوه  جميعاً ويتوسطهم ماثيو لكن ريكا لم يبدوا عليه أي قلق ظاهري ، وقبل أن تضغط ايديهم على الزناد صوت ضجة وضوضاء كبيرة انتشرت بالغابة بمسافة قريبة من المكان ، التفت الجميع ناحية المكان وريكا فقط شعر أن الحظ حليفه اخيراً

أعاد ماثيو بصره اليه بينما آمال راسه متسائلاً بغضب مكتوم خلف ابتسامته
"اظنني اخبرتك ماذا سيحدث لو ابلغت احداً !"

ابتسامة واثقة رسمت على شفتي ريكا وهو يجيب
بتهكم  
" هل أنت غبي لهذا الحد لتتهمني؟ اتظن اني  ولو لثانية واحدة قد اطلب مساعدة من من دمرني؟ أولئك المسوخ لا يختلفون عنكم بشيء ولن اطلب مساعدة منهم ! واساسا كل ما جئت لاجله هنا هو ..."

هجم بحركة سريعة لتصدم اسلحتهما فيما بينها أما الحرس فقد تم امرتهم بالتحرك وتفقد ما يحدث بالغابة تاركين الأمر لماثيو ليتصرف بأمر من ماثيو نفسه

يتبع
ارجو ان يعجبكم ❤😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top