بارت 24

جلس بتلك الغرفة وحده سامحاً لافكاره بالتدفق بعد أن استأذن من خالته بحجة أنه متعب بينما هي قررت صنع الطعام بينما يفعل ، قراره كان محسوم إلا أن لطفها معه يثير بنفسه ارتباك شديد يجعله يتردد

هو ليس بشخص حالم ليظن أن كل   شيء سيكون هادئ ومسالم !

فهو بمجرد أن يبدأ حياته حقا هنا ستبدأ الأسئلة ويبدأ الماضي بالانكشاف ليعود لذات النقطة التي جعلته يغادر اساساً!

لن يكون حراً هنا ، الحرية التي وجدها بعالم البشر حيث لا علم لهم بوجود مصاصي الدماء ولا يهم ماضيه أو على الأقل لا طريقة   لهم لمعرفة الأمر هي ما جعلته يستقر هناك

ظلت تلك الأفكار تحوم بعقله ليمد يده  إلى جيبه ويخرج ما حصل عليه من تلك القاعدة ، جهاز انتقال يشابه ذلك الجهاز ،حدق به بهدوء ليحكم قبضته عليه ، كانت هناك فكرة واحدة تدور بعقله ولا يعلم سببها حتى ، كان يفكر بداخله أنه أن كان سيعود لعالم البشر فهو سيكون برفقة ريكا

بداخله كان يعترف انه أكثر شخص يرتاح معه مؤخرا ، لم يتوقع أن يخبره بنفسه بماضيه  لكن ريكا ورغم كل كلامه عن أخباره بالرحيل وغيرها هو ظل يساعده ويساعد اوليفر ، وهو الوحيد الذي قد يساعده حقا لو وقع بمازق،شعور كهذا زرع به منذ مدة لذا هو قرر أن عودته ستكون برفقة ريكا إلا لو رفض الأخير حقا بعد كل هذه الضغوط

اغمض عينيه وانزل يده ومعها الجهاز إلى جانبه وأخذ نفسا عميقاً ، قبل أن يغوص بدوامة أخرى

تذكر بعد وقت قصير أمراً بغاية الأهمية ، كان على وشك إخراج شيء آخر إلا أن صوت الباب اوقفه

فتح باب الغرفة لتقبل منه خالته التي تقدمت بابتسامة واسعة وهي تناديه لينضم لها واختبأت خلفها ابنتها التي كانت تحدق به بفضول

رفع راسه واخفى الجهاز  سريعا ، نهض ليعتدل بوقوفه وتقدم مع ابتسامة  على شفتيه

~~~~~~

سؤال ريكا بالنسبة لايجيروا لم يكن متوقعاً أو لم يكن يفكر أن شقيقه والذي كلما رأه ارتبكت ملامحه كمجرم تكاد جريمته أن تفتضح  قد يسأله سؤال كهذا ، حدق به ثواني حتى اتسعت ابتسامة ساخرة على شفتيه جعلت ايجيرو  يحدق بريبة وأمه تتبادل النظرات بينهما بحيرة

اعتدل بجلسته بعد أن استعاد بعض من نشاطه بفعل الدماء التي اجبر على شربها ولم يمانع حقاً فإن يكون بكامل طاقته ولا شيء يضمن الخروج فكيف إذا كان قد فقد معضمها؟!

حدق بشقيقه الواقف هناك ليقول بتسائل لم يكن القصد منه سوى جعل شقيقه يفقد آخر ذرة أمل يملكها فهو قد حسم قراره حقاً فلما يترك الشخص الوحيد الذي بذل جهده لاجله وان كانت محاولات فاشلة لكن مخاطراته تلك إلا تستحق بعض المقابل؟ اقتنع بهذا فما كان منه إلا أن قرر ان يضعه أمام الأمر الواقع مرة واحدة وأخيرة

" دعني أجيب عن سؤالك بسؤال آخر ،لو كنت مكاني ، عانيت ما عانيته انا ...تذوقت طعم الغدر الذي ذقته والذل الذي تجرعته بمره ...ويأتي شخص ما ليفرغ استيائه بك رغم انك بريء بغض النظر عن هويته واسبابه هل كنت ستسامح؟ "

لم يستطع الرد حقا بل صمت ككل مرة ووجد الحروف تخذله للمرة الألف ربما ! قول نعم غير ممكن فهل يحق له وهو من لم يجرب الم شقيقه قول هذا ؟ هو حتى لا يعلم أي معاملة تلقى بذلك المكان فقط يعلم أنها قطعاً ليست جيدة فكيف يتجاهل كل هذا ويقول انه سيسامح لو كان بمكانه

وقول لا غير ممكن أيضا فهل يقول لا ويقطع اي أمل ببقائه حقا ؟! كانت حرفين أثقل عليه من آلاف الحروف ولم يتمكن من النطق بأي منهما

أمهما التي كانت تراقب بحيرة عقدت حاجبيها وضيقت زرقاوتيها لتتقدم من صغيرها على السرير وجلست قربه لتتوجه الأنظار لها ، امسكت بيده اليمنى بين يديها برفق وهي تنظر اليه برجاء شديد وتوسل
" بني هل يمكنك إخباري بكل ما حصل معك ؟! قد لا أكون مفيدة لك بشيء حقا لكن فقط اخبرني قد أتفهم الأمر واساعدك على الخروج أو احاول على الأقل مشاركتك المك ! أرجوك ... فقط ... اخبرني بما جرى "

حدق بها بملامح جامدة لم تتمكن من معرفة ما يفكر به بسبب ذلك لكن سرعان ما ابتسم بمرارة وشيء من السخرية ربما لم تستطع أن تعلم ما كان سببها

شقيقه بقي ينتظر سماع ما سيقوله ليقول نيكولا بينما ينظر إليها بنفس ابتسامته المريرة تلك
" رغم أني أدرك انك لن تفعلي شيء حقاً لكن سأخبرك لسبب واحد ، حتى تعلمي أن الاوان فات على أي شيء وتتركيني وشأني !"

سحب يده منها واشاح بوجهه ليحدق بالخارج فهو لم يكن ليضمن ملامح وجهه فهو الذي كان يتهرب من الماضي ها هو الآن بمنزل أسرته وفوق هذا يكلم والدته وشقيقه الذي سكن أحلامه أمامه وفوق كل هذا هو مطالب بأستذكار كل ما حدث

لم يعلم لما وافق ربما لالحاحها أو بسبب توسلاتها لكن الندم بالفعل طغى عليه مع أول حرف حاول نطقه ! الأمر كان مؤلم ، التذكر يستنزف روحه ويجرحه لكن لن يتراجع بعد أن أعطى كلمة حقاً !

غاص بذكرياتها حيث جذورها حين كانت ما تزال ذكريات جميلة غرست فيه حب الحياة وبراءة  ونقاء القلب  ولم يكن يدرك بعد أي مصير ينتظره فيها

Flash back
سار بتلك الشوارع الواسعة التي احاطتها الأشجار الزهرية من كل جانب ، أزهار الكرز التي شابهت داخله وقتها ، كان مبتهجاً يبتسم للحياة بأشراق لا يتوانى عن مساعدة أحد بابتسامة متسعة
مع رفيقيه احدهما بشعره البنفسجي وملامحه اللطيفة والاخر ذو الشعر البرتقالي والحماس الذي يشع منه يتحدث بحماس منذ الصباح وصديقاه يستمعان له ولتذمراته ويضحكان على ملامح وجهه التي تتغير مع انفعالاته بطريقة طفولية

ثلاث رفاق عاشوا سنوات معاً لم يفرقهم شيء عاشوا  معاً فقد كانت اسرهم جيران وأصدقاء فلم يكن أي منهم يقدم على شي دون باقي رفاقه

وصلوا للمدرسة بعد وقت قصير ليلمح ذلك الصغير الأشقر ذلك الشاب ذو الشعر الأبيض مع رفيقه الداكن الذي كان واضحاً من ملامحه أنه يسخر من شيء ما كعادته

تقدم نيكولا منه بينما يداه تمسكان بحمالة   الحقيبة التي على ظهره مع ابتسامة لطيفة رسمها سابقا  رفيقيه التون وبريت بخطوات متسارعة شابهت الركض هتف بحماس بينما يقترب منهما
" أخي ، نيك "

التفت الاثنان اليه ليبتسم صاحب الشعر الثلجي ومد يده اليه ليحتظنه بخفة وطوله يصل لمنتصف جسده بجسد يبدو بعمر ال 14 ربما

نيك بعينيه البنفسجية حدق بنيكولا ليقترب ويبعثر شعره بخفة مع ابتسامة عابثة على وجهه
" متحمس كعادتك نيكولا ، فقط ليت شقيقك هذا يتعلم منك قليلاً ! "

نظر اليه نيكولا ببراءة مع ابتسامة مشرقة
" ما الداعي ليفعل ؟! أخي مذهل كما هو ! انا احبه ولا اريد ان يتغير أي شيء به !"

عبس المدعو نيك ليقول بتذمر
" هذا لأنك ترى جانبه اللطيف اما انا أعاني من تذمراته من كل شيء ! باي حال هو أن بقي هكذا سيصبح عجوز قبل جدك حتى !"

عبس نيكولا ليقول بأستياء
" أخي نيك لا تقل هذا ! جدي لا يزال صغيراً !"

ضحك ايجيروا بخفة على ملامحه ليقول موبخاً نيك
" عزيزي لا تهتم بما يقوله "

التفت لينظر نحو نيك قائلاً
" وانت لا تتحدث عن جدي هكذا تعلم أن نيكولا يحبه بشدة لذا لا تجعل صغيري ينزعج !"

ابتسم نيك وتنهد وحرك يديه بغير مبالاة
"حسنا سأفعل !"

عبث بشعر نيكولا مجدداً ليردف
" لا تبتأس لا تنسى نحن مصاصوا الدماء نعيش طويلاً فلا تقلق على جدك أو شقيقك الذي سيصير عجوز من شخصيته النكدية هذه !"

ضحك نيكولا بخفة على تعبير نيك وتراجع قليلاً لينظر لرفيقيه الذين كانا ينتظرانه فأعاد زرقاوتيه نحو شقيقه ورفيقه مع ابتسامة دافئة
" أتمنى لكما عملا موفقاً ، سأذهب الآن !"

اقترب من رفيقيه ليكون التون اول من نطق بابتسامة هادئة
" نيكولا علينا الإسراع سنتأخر"
بريت تحدث بتذمر طفولي
" كل هذا بسبب حديثك للاحمقين ! "

مد يده ليجر الاثنين خلفه ويركض وهما يتبعانه
أيام كانت أجمل ما يكون ، طفولة بريئة ومزهرة لا يشوبها شائبة تشبه أشجار الكرز المتفتحة باوج أيام إزهارها ، ابتسامته التي كانت لا تفارق شفتيه كانت مصدر تفائل للجميع وجعلت منه شخص محبوب من قبلهم كيف لا وهو من ينشر البهجة بينهم أينما حل ؟!

حب السلام وكره الشجار ، الدفاع عن الضعيف صفات تميز بها وعرفها عنه كل سكان المدينة خصوصا وانه ابن أسرة مرموقة فحين يكون بهذا التواضع طبيعي أن يكون محبوبا بينهم

عاد لمنزله الواسع ليجد الخدم يعملون فكان أول ما فعله حين راهم هو إلقاء التحية مع ابتسامة عذبة بكل تهذيب
" مساء الخير "

التفتت الخادمتان لتبتسما له وتنحنيا باحترام
"أهلا سيدي الصغير مرحبا بعودتك "

ردت عليه خادمة أخرى كانت تلمع المزهرية بابتسامة لطيفة
" اليوم لا أحد بالمنزل غير السيد الكبير جدك ، وهو بغرفته بالمناسبة !"

استمع لكلامها ليبتسم بامتنان ويتجه نحو غرفة جده ليقضي الوقت قبل عودة باقي أسرته
دخل بدون طرق الباب ليتحدث بحماس فور دخوله للغرفة
" جدي لقد عدت "
جده والذي كان يمسك كتاباً بيده مع تلك النظارات الطبية جالس خلف مكتبه الفخم بملامح هادئة تغيرت فور رؤية حفيده إلى ابتسامة للترحيب بصغيره الذي تقدم من فوره ليجلس أمام مكتب جده الذي ترك الكتاب من فوره كما لو أن تركيزه كله أنصب على حفيده فلا أجمل لديه من سماع احاديثه ورؤية السعادة تشع منه

بدأ نيكولا حديثه بطلب من جده أن يكون واسطته مع والده الشديد القلق عليه فلا أفضل من جده ليقنعه
بدأ الرجاء والجد بعينيه وهو يطلب ما يريده بحذر
" من فضلك أقنع ابي اني أريد الذهاب للمنطقة المحظورة ! سيذهب بعض رفاقي إلى هناك !"

عبس الجد من فوره وبان على تقاسيم وجهه عدم الرضى ، أن يطلب حفيده الصغير أن يذهب للمنطقة الخطرة التي تربط عدة عوالم معاً قد يعرضه للخطر لكن هو من اعتاد إعطاء صغيره كل ما يريده تردد بالرفض ، قرر أن يستفسر أكثر ليتخذ القرار المناسب

نهض من مكانه ليأتي ويتخذ موقعاً قرب حفيده بينما يبعثر شعره بإحدى يديه بينما الأخرى وضعها على كتفه
" اخبرني يا صغيري ماذا ستفعلون هناك ؟"

طرح سؤاله بلطف شديد ليضع نيكولا رأسه على كتفه جده بينما عيناه اتجهتا للأعلى تحدقان به برجاء بينما يجيب على تسائله
" لدينا تقرير للمدرسة عن أماكن غير معتادة ولم يعجبني أي واحد غيره !"

أعاد الجد طرح سؤال آخر على نيكولا
" ومن سيذهب برفقتك ؟"

وضع يده اسفل ذقنه بينما يفكر محاولا التذكر وأجاب كما لو كان يحدث نفسه
" كل من التون وبريت معي وسيأتي معنا أيضا كينتا ورفيقه وطلاب آخرون من صفي"

شرد الجد لمدة إلى أن قال بابتسامة ودودة بينما يبعثر شعره
" لا بأس فقط كن حذراً اذا ودع إقناع والدك لي !"

ابتسامته اتسعت بشدة ليحتظن جده بقوة شاكراً له ولطالما كان هذا ما يفعله حين يريد شيء صعب فبمجرد طلبه من جده هو سيحظره له ولو من قارة أخرى !

فور عودة والده هو فقط كان يجلس قرب الدرج بملل ينتظر جواب جده  بينما يحرك قدميه بتزامن ويداه على خده ولم يخرج من منظره هذا إلا على صوت والدته التي أقبلت بينما تضحك بخفة على ملامحه لتجلس بقربه على نفس الدرجة بينما تضع يدها على كتفه
" ما بال ملاكي الصغير عابس ؟"

رفع راسه ينظر إليها بعد أن رسم إبتسامة ودودة بينما انسدلت خصلاته الشقراء على عينيه ، انزل يديه ليحدق بوالدته
" انتظر موافقة ابي على ذهابي لرحلة مع رفاقي ، جدي يتولى  الحديث معه "

مسحت على شعره مشجعة رافعة آماله
" لا تقلق أثق أنه سيوافق "

ولم يمضي الكثير حتى خرج والده وخلفه جده بعد أن اقبل والده نحوه ليدنو منه بحركة سريعة ويبتسم له بخفة
" حسنا أيها الشقي ، كان يمكنك الطلب مني وحسب ، بأي حال يمكنك الذهاب فقط كن حذراً فالمكان خطير مفهوم؟!"

  استغرق عدة ثواني وهو يحدق بصمت والده ، حين فهم أخيراً أنه حصل على الموافقة قفز يحتظن والده بسعادة بالغة ليبتسم الثلاثة الواقفين بينما احاط والده به بين يديه يخبره بشيء من الحذر
" فقط تذكر بني ، إذا حصل ووجدت بشري لا تتعامل معه ، لا تقترب من البوابة ولا تساعد اي منهم  لو رايتهم مفهوم ؟!"

رفع راسه يحدق بوالده ، لطالما سمع هذا الكلام ، فكرة ان يكون  البشر الضعفاء لقمة سائغة دون حماية هنا لم تعجبه، لطالما راهم كحمل  وديع يحتاج من يبعده عن قطيع ذئاب ، إلا أن تكرار التحذيرات وخوفاً من أن يغير والده رأيه جعله يجيب بشيء من عدم القناعة الذي كان بادياً
" لك هذا !"

لم يكن مطمئناً حقاً لكن شيء ما منعه من الرفض ربما فرحته ابنه بقبول الأمر جعلته يصمت

لم يمضي كثير حتى جاء موعد الرحلة  لم يتمكن نيكولا (ريكا ) من النوم ليلتها ، شعر بالحماس الشديد فكان يتقلب على سريره بينما يتخيل الكثير بعقله، ولم يدرك كيف مضى الوقت وحل الصباح بالفعل !

حمل حقيبته وخرج راكضاً من غرفته الواسعة تلك  بحماس مفرط ملقياً التحية بسعادة على كل من مر أمامه ، وأخيرا وصل قرب الباب ليجد والدته تودع والده الذاهب للعمل

لاحظ والده قدومه فحدق به وهو يقبل بهدوء ، التفت والدته لترى إلى ماذا يحدق وسرعان ما انفرجت اسارير وجهها راسمة ابتسامة على شفتيها ، اقترب منهما بخطوات متسارعة
" صباح الخير "

رد الاثنان عليه ليقول والده بعد أن حدق بساعته
" تاخرت،  تذكر بني لا تقم بأي شيء خطير ، عدني بأن تعتني بنفسك !"

أومأ من فوره بثقة أما والدته فقد اقتربت تعدل له سترته بينما تعطيه قائمة من التوصيات
" أعتني بنفسك ، لا تنسى تناول   طعامك ولا تبتعد عن رفاقك"

عبس بطفولية وزم شفتيه
" لا  تشعراني أني ذاهب للجيش ، هو فقط رحلة قصيرة سأكون هنا قبل المساء ! "

ضحكت والدته بخفة وهي تعيد تلك الخصلة المتمردة خلف اذنها
" لا تلمني نيكولا كيف لا اقلق على صغيري بأول رحلة له إلى هناك ! الآن هيا قبل ان تتأخر رفيقاك بالخارج !"

أومأ بحماس وتحرك تاركاً والديه خلفه يبتسمان لرؤية صغيرهما وان  كان جزء منهما يشعر بعدم الراحة خوفا عليه

أما هو فقط واصل ركضه كفراشة تتجه نحو الزهرة المتمايلة مع ذرات الهواء ليصل نحو ضالته ولم تكن  ضالته سوى رفيقيه الذين ينتظرانه كعادتهما بملل على تأخره

اقترب منهما ملوحاً بيده بينما الاخرى تمسك بالحقيبة مع ابتسامته التي لا تفارق شفتيه  متوجهاً نحوهما بخطوات متسارعة وكانه لا يصدق نفسه أنه متوجه حقاً لذلك المكان

رفع الاثنين  راسهما تزامناً مع وصول حروفه إلى مسامعهما  احدهما بعبوسه المعتاد والآخر بابتسامة مرحبة
" صباح الخير "

رد عليه التون بأستياء بينما ينهض من الكرسي ويده تنفض التراب من على ملابسه
" متأخر كالعادة ! ظننت أن والدك غير رأيه و منعك من المجيء !"

عبس من فوره ليقول بأعتراض
" لو حطم قلبي بهذه الطريقة لما سامحته حتى إشعار آخر !"

يد بريت امتدت لتستقر على ذراعي رفيقيه وسحبهما خلفه عيناه تنظر للإمام وابتسامة لطيفة على وجهه
" هيا كفا جدال ولنذهب بسرعة !"

انطلقوا بخطوات متسارعة كل يحمل حقيبته حتى ركبوا العربة التي ستقلهم،قدماه صعدتا الإدراج بعد رفيقيه ليظهر أمامه ذلك الفتى الجالس على أول كرسي فابتسم له حين التقت اعينهما
" أهلا كينتا "

حدق به المعني ثم سرعان ما ابتسم ابتسامة صغيرة على ثغره حملت شيء من الغرور بين طياتها كيف لا وهو ابن شخص مهم يعامل معاملة الأمراء ؟!
" أهلا نيكولا ، لم أتوقع أن يقبل والدك أن تأتي "

توجه نحو كرسيه والذي لم يكن سوى خلف كينتا مباشرة ليكمل كلامه معه
" ولا انا حقيقة لكن استعنت ببعض الوسائل وبالطبع تلقيت الكثير من التحذيرات "

جلس التون قرب نيكولا وبريت خلفهما ، التون وضع يده على خده وحدقتاه تحدق بالنافذة
" ارجو أن نصل بسرعة قبل أن أشعر بالملل وانام "

" لن اضيع الوقت بايقاظك حينها "

لم يكن هذا سوى رد نيكولا الذي ابتسم بعبث محدقاً بمن يجلس بقربه وتلقى الدعم من بريت الذي رد بهدوء
" ولا أنا حقيقة "

تنهد التون ليعيد جسده للخلف متذمراً
" فظيعان بحق  ! باي حال ليس وكأني اتوقع شيء منكما أيها الاحمقان "
ضحك الاثنان بخفة ومر الطريق بين مزاح وتعليق على الطرقات وما فيها ومشاركة للطعام الذي احظروه

قلبه كان متحمساً لرؤية ذلك المكان الذي لطالما حلم برؤيته ، لطالما فكر بالبشر تلك الكائنات الضعيفة التي لا تقوى على الدفاع عن نفسها، مصدر تغذيتهم الأزلي ، كانوا يستحوذون على اهتمامه ولطالما قرأ  بشغف تلك الكتب التي تتحدث عنهم

ولم يكن مقصدهم اليوم سوى إحدى تلك الأماكن التي تفصل  عالمهم عنهم لذا فكرة أنه قد يرى واحد حقيقي ربما كانت تثير حماسته

القانون يحتم على عدم التعامل  المباشر معهم مهما جرى ولطالما اعترض هو قائلا أنهم كائنات ضعيفة لطيفة لا تؤذي احداً بل كان يعبر دوما عن اشفاقه عليهم حين سمع ذات مرة صراخ أحدهم إلا أنه لم يتمكن من رؤيته فقد تم سحبه من قبل جده فوراً ، عاطفته تجاههم لطالما اقلقت أسرته ولهذا ظلوا ياجلون ذهابه لأي مكان قد يحتويهم خوفاً عليه من شفقته بهم !

لكن لكل شيء مرة أولى وها قد حانت مرته الأولى ، وصلوا اخيراً لتحدق عيناه الزرقاء بالخارج كما لو كان فضوله وحماس تمنعه من الانتظار لدقيقة أخرى على الأقل إلى أن يخرج من الحافلة

فور سماع الأذن بالنزول حمل حقيبته تابعاً صديقيه الذين  سبقاه بالنزول ليجتمع الثلاثة  خارج الحافلة ، كانت عيناه تجوب المكان بفضول وهو راغب بحفظ كل شبر فيه ، حدق بتلك الشلالات والأشجار  المنتشرة حولها على الجانبين ، مساحات شاسعة وتلال منتشرة بينها جعلت المكان مهيب

حدق حوله  باعجاب واضح وهو يلتفت من جهه لأخرى حتى سمع صوت التون يسخر منه
" إلا يمكنك اخفاء اعجابك قليلا ؟اعلم أنها مرتك الأولى  لكن المكان ليس بهذه  الروعة

لم يشعر نيكولا بنفسه حين همس وهو لا يزال يحدق
" اذا من هنا يذهب البعض لعالم البشر "

عبس التون من فوره ليقول بنبرة بها شيء من التحذير والحدة بينما سحبه بريت من يده ليخرجه من شروده
" لا تهتم بهذا ! تذكر نيكولا البشر شيء ممنوع لنا لو حصل ورأيت واحد ابتعد عنه من فورك وبلغ  أحد البالغين ! "

التفت ينظر إليهما ليبتسم بخفة ويطمانهما
" لا تقلقا لن اخالف القوانين   !"

تنهد التون بشيء من الراحة أما بريت فابتسم معبراً عن راحته بسماع هذا ليبدأ الثلاثة جولتهم وتدوين الملاحظات

بعد عدة ساعات بدأ التعب ينال منهم ليجعلهم يتجهون نحو مكان للراحة ، بينما هم يسيرون انتبه نيكولا لضياع ميداليته  التي سبق واهداها له نيك صديق شقيقه فما كان منه إلا أن قرر ترك رفاقه والعودة للبحث

بينما كانت عيناه تجولان الأرض لتبحثا عن ضالته سمع صوت حركة بين الاشجار فترك ما بيده وتجمد جسده  لثواني ، التفت بحركة سريعة للتأكد من مصدر الصوت وجال ببصره بالإرجاء ، لاحظ وجود شخص خلف أحد التلال فتوجه للتأكد من ما رآه ، انتبه ان كينتا واقف هناك ، تقدم منه بشيء من الراحة مع استياء طفيف دون الانتباه لما يجري
" اتعلم انك افزعتني ؟!"

لم يدرك أن من فزع حقاً ولو كان يمكن لقلبه الوقوع ارضاً فعلاً لحدث  هو كينتا !

التفت من فوره بعيون متسعة يحدق بمن كشفه وهو يمسك ببشري ما  وما كان من ريكا (نيكولا )عند رؤيته سوى أن حدق به بصدمة ثم ما لبث أن تراجع خطوة للخلف دون شعور هامساً
"بشري ؟!"

حدق به كينتا بشيء من التوتر والضيق وهو يلعنه على الظهور !

ابتسم فجأءة بمكر حين خطرت على باله فكرة فتقدم مدعياً الارتباك بينما يقف أمام نيكولا
" نيكولا ، هل يمكنك مساعدتي؟!هذا البشري المسكين جاء عن طريق الخطأ ! تعلم أنه سيقتل لو تم الإمساك به صحيح ؟!"

حدق به نيكولا بشيء من عدم الفهم بسبب ارتباكه ثم سرعان ما اومأ مؤكداً لمعرفته بعد أن استوعب ما قيل    ليردف كينتا
" أرغب بمساعدته، علينا انقاذه ،كل ما اريده منك هو عدم أخبار أحد انك رايته هنا ! سأتولى إيصاله لمنطقته وانت فقط غطي  علي !"

همس ريكا حائراً بما يجب اتخاذه ، حدق بكينتا بشيء من الاعتراض الممزوج بالتردد
" لكن هذا مخالف للقوانين، يجب إبلاغ المسؤول و.."

صرخ به كينتا  موبخاً بحزن شديد
" لم اعهد كل هذه القسوة منك ! أتريد أن يقتل ؟! لو كنت بموقعه وقام شخص بقتل شخص عزيز عليك الن تحقد ؟! لديه أسرة تنتظره لما لا تشعر به ؟!"

حدق به ريكا(نيكولا ) وأخفض بصره ارضاً ليسمع كينتا يردف
" ارجوك ! فقط دعني اساعده سأتولى المسؤلية ! فقط لا تخبر احداً وانا ساتصرف !"

قبضة يده ازدادت قوة ونبضات قلبه بين مؤيد ومعارض  حتى سمع صوت كينتا يردف بحدة
" ما مشكلتك ؟!اخبرك اني من سيتولى المسؤلية أين الصعب بالتزام الصمت؟!فقط لن يعلم أحد !"

أومأ نيكولا بعد كل هذا الضغط وحدق بذلك البشري بحزن خصلاته انسدلت لينطق بهدوء واستياء
" حسناً لكن فقط احرص على ابعاده بأقرب وقت أو سابلغ المسؤل !"

أومأ بسعادة ليبتعد نيكولا  وشعور بالقلق لا يفارقه، يريد التأكد من رحيله حتى يطمئن وبالوقت نفسه لا يريد مخالفة كلام أسرته والقوانين الصارمة التي تشترط الإبلاغ عن البشر حين يأتون وعدم الشرب
من دمائهم

من شدة اضطرابه نسي ما جاء لاجله اساساً وعاد ببال شارد نحو رفاقه الذين كانا قد جلسا حول النار مع الآخرين ، اقبل هو دون أن ينتبه لهما فتقدم منه التون ليسحب يده ويخرجه من شروده ، رفع زرقاوتيه لتقابل عيني من أمامه  ، حدق به بقلق متسائلاً بحيرة
" ماذا اصابك ؟ لما تبدو ضائعاً ؟!"

لم يكن مركزاً معه حقا فقال بشيء من عدم الفهم
" اعتذر لم اسمعك  هل قلت شيئاً؟!"
قطب حاجبيه بقلق اكبر وكرر سؤاله  بتذمر
" سألتك أن كنت بخير ! تبدو لي ضائعاً "

أومأ بالنفي بصمت وذهب للجلوس بقربهما ، ورغم محاولاتهما لاخراجه من هذا هو فقط بالنهاية تحجج أنه يشعر بالنعاس وان عليهم العودة ، لم يخفى عليهما تصرفاته المريبة ولكن تكتمه الشديد جعلها  يلزمان الصمت مع استراق نظرات اليه للتحقق من وضعه

وبعد عودته للمنزل هو رفض تناول الطعام رغم إلحاح والدته وتسائل شقيقه ووالده الملح وتوجه لسريره دون أن يغمض له جفن

ربما كان قلبه يخبره عن ما سيجري أو يؤنبه على حماقته والتي تأكد منها حين سمع صوت إنذار بالمدينة بينما تنتشر حرائق مهولة فيها مع هجمات لأشخاص بملابس مريبة يقتلون من امامهم دون تردد ولم يكونوا سوى بشر مجندين خصيصاً لهذا !

استيقظ ريكا برعب ذلك اليوم وهو فقط يتسائل عما جرى ليحدث هذا !  تسائل بنفسه محاولاً تهدئة روعه وعدم القفز لاستنتاجات
"لا يمكن لبشري  واحد فعلها صحيح ؟!هل يعقل أن ذلك البشري مع كينتا السبب ؟!  "

اقبل شقيقه نحوه بتلك اللحظة ليسحبه معه بسرعة  ويده الأخرى تحمل المسدس عيناه تحدقان بالإمام بجدية
" أخي سيكون علينا المشاركة ! "

توقف لثواني ليضع يديه على كتف شقيقه
"يمكنك فعلها صحيح !؟"

حدق به نيكولا بشيء من التردد والخوف حتى قرر  أخيرا ليومأ بتردد ، وضع ايجيرو يده على رأسه محاولا تهدئته
" إذهب مع أمي  اتفقنا ؟"

أومأ مجددا ليعودا للركض فكان ريكا قد اتخذ طريقه عبر الممرات نحو أمه بينما توجه شقيقه للمشاركة مع والده

كانت الهجمات شديدة أدت لمقتل عدد كبير من الناس  بضمنهم  والد بريت  الذي قتل أمام أسرته

ريكا بقي مع والدته  التي كانت تقف بالخارج تراقب بعيون دامعة كل ما يجري

وقف بالخلف قليلاً يراقب والدته الواقفة بقلق ، يدرك مشاعرها وهو لم يختلف بمشاعره أيضا قلق على كل من يعرفهم ، مدينته ، اسرته، رفاقه ولم ينسى قلقه بشان ما حصل مع كينتا ،قرر التحرك للوقوف بقربها

بينما كان يتقدم نحوها شعر بوجود أشخاص بالمكان فرفع رأسه بسرعة ليحدق بحذر حوله وهو يحدق بكل اتجاه  بينما يسرع بخطواته حتى انتبهت أمه له والتفتت لتنظر اليه بنظرات حزينة غير مدركة ما حولها 

هذا تسبب بفقدان تركيزها ليستغل بعض الجنود الذين كانوا قد تجمعوا هناك دون علمها الأمر وانقض عليها أحدهم في محاولة لطعنها جعلت ريكا ( نيكولا ) يسرع ليقف أمامها جاعلاً من جسده درعاً يحميها  ليتلقى  الطعنة بدلاً منها بينما اتسعت عيناها برعب وهي ترى ذلك القرمزي يخرج من جسده وملامح الألم ارتسمت على وجهه

تطايرت الدماء القرمزية وصولا لخصله  الشقراء ، وضع يده على مكان الجرح بصعوبة بينما يده الأخرى امتدت تسحب السلاح ليوجهه نحو من بداو التجمع لقتلهما أما والدته فقد بدأت بالبكاء بالفعل وهي تحدق به بخوف شديد على حالته بعد ان هتفت بخوف
" صغيري ! "

عيناها لم تستطع ترك صغيرها رغم الخطر المحدق بل هي حاولت حتى جعل نفسها درع له لتحميه منهم لكنه وضع يده على ذراعها دون تاخير ليسحبها للخلف بينما هي التفتت لتحدق به بأعتراض  ،

أما هو فقد حسم قراره بالفعل ! والدته بدون سلاح ولم تتدرب كما يجب خلافه هو والذي مدرسته كانت متخصصة بهذا فوقف بصعوبة ليوجه طلقاته نحوهم محاولا ابقاء والدته خلفه  ليشغل بهذا  الدفاع والهجوم

بدأ الجنود بالتقدم بينما هن  حركته مقيدة بسبب عدم قدرته على ترك والدته ،ضيق عينيه وازداد ضغط يده على السلاح ثم سرعام ما دفعها للخلف أكثر  وقفز بسرعة ليبدأ هجماته عليهم ، كانت حركاته السريعة كافية لقتل عدد لا بأس به منهم لكن أعدادهم كانت بتزايد وجرحه يزداد سوءا

والدته والتي كانت تحدق به بينما تضم يديها لقلبها  داعية له بالحماية بينما تغمض زرقاوتيها من حين لآخر حين تشعر بخطر محدق على صغيرها

رغم كونهم مجرد بشر ايقن أنه كان ربما يستخف بهم فهم مجرد بشر لكن كانت هجماتهم قد إصابته باصابات عديدة جعلته يلهث بقوة بينما يحاول الوقوف بصعوبة ، تركيزه بدا يضعف وكل ما استطاع رؤيته هو الجنود بتقدمون نحوه وآخرون نحو والدته

حاول تمالك نفسه قبل الانهيار وإنقاذ ما يهمه ولم يكن هذا سوى أمه حيث رفع سلاحه للجنود الذين يتوجهون لها متجاهلا  الهجمات الموجهه نحوه بل سمح لجسده بتلقيها وزيادة جروحه فقط للتأكد من سلامتها فبالنسبة له أمره منتهي وحسب وخصوصا باعدادهم التي  تستمر بالظهور من اللامكان ، أطلق عليهم  حتى قتل الأربعة الذين يتوجهون نحوها قبل ان ينهار ارضاً وآخر ما قاله قبل فقدان الوعي هو قوله بصوت واهن بالكاد يصل
" أهربي !"

غاب وعيه عنه لاحقاً ولم يدرك ما حصل بعدها

كل ما أدركه لاحقا  هو أن أول شيء رأه حين بدأت اجفانه بالتباعد وظهرت تلك الزرقة من تحت الستارة كان قضبان حديدية بينما جسده على ارضية باردة قاسية بمكان لم يتوقعه ، استند على الأرض وحاول النهوض فشعر بألم شديد فإغمض عينيه دون شعور ووضع يده على الجرح ، حدق بالجرح بحذر بعد ثواني بينما  يحاول النهوض لتفقد ما يحدث ، تقدم ببطئ ليتشبث بالقضبان في محاولة لإدراك أين هو !

سمع صوت وقع خطوات فتراجع وحاول  الوقوف بثبات دون إظهار ضعفه ظنا منه انه بحصن عدو ربما لكن صدمته كانت لا توصف حين اقبل حارس من بلاده ينظر له بحقد شديد حين وقعت عينه عليه ، جعله هذا يتراجع قليلا للخلف بشيء من الخوف وعيناه تحدق بمن امامه بحيرة ، حيرته جعلته يشجع نفسه على السؤال بصعوبة بصوت منخفض
" ماذا يحدث ؟!لما أنا هنا ؟!"

ملامح الرجل اظلمت أكثر ليقول بصراخ افزع من أمامه
" خائن لعين مثلك لا يحق له فتح فمه ! لقد عرفنا بأمر خيانتك ! لقد ساعدت المجرمين على دخول بلادنا وبسببك مات الكثيرون !لقد أخبرنا السيد كينتا بكل شيء  "

ابتسم بشر بينما ملامح الألم على وجهه
" لكن ستحظى بمحاكمة عادلة تجعلك تتمنى لو قتلت قبل هذا !"

اتسعت عيناه برعب وخرجت الكلمات منفصلة بالكاد تتشكل على لسانه
" عن أي خيانة ...تتحدث ؟! انا....لا أعلم ...."

صرخ به بغضب
" أخرس أيها الحيوان القذر !"

اقبل الحراس بتلك اللحظة  ليوجهوا نفس الأنظار نحوه مما جعله فقط يتراجع للخلف بخوف شديد ، لا يدرك ما حدث أثناء فقدانه الوعي والاسوء أنه لا يعلم ما حل بوالدته بل وكيف انتهى به الأمر  خائناً !
فقط يدرك أن كينتا هو صاحب اليد الخفية بهذا ولا يعلم بعد كيف !

فتح الحارس الزنزانة وتقدما نحو ريكا الذي بدا يرتعب بخوف ليمسك كل منهما بيده بقسوة ويدفعانه حتى وقع ارضاً ، تاوه بينما يحاول النهوض ليشعر يقدم توضع على جسده بقوة فإغمض عينيه بألم وبدأت عيناه تدمع بقوة

هو لم يخن احداً ولم يعامل أحد بسوء فكان يتسائل عن سبب ما يجري إلا أن الحارس رفع نيكولا من رأسه بقوة لترتفع يده بسرعة في محاولة لتحرير نفسه ولا فائدة ، اغمض عينيه بالم ، تم دفعه بقوة ليتعثر عدة مرات ولم يكن هذا يفعل شيء سوى زيادة غضب الحراس عليه وان كانوا هم سبب سقوطه

وصلوا أخيرا لتلك الحلبة والتي جلس وسطها القاضي وامتلئت المدرجات باناس كان  يوما ما يعدهم رفاقه، اسرته ، وأناس احبهم من قلبه وفور رؤيته كان ما قاموا به هو الهتاف ضده بابشع كلمات قد يسمعها، سقطت على قلبه الصغير وجعلت الدموع تنزل من زرقاوتيه بألم شديد ، صرخ من بين دموعه حين لم يعد قادراً التحمل
" أنا لم أفعل ، اقسم اني لم أفعل شيئاً !"

تلقى فور نطق تلك الكلمات ضربة قوية على ظهره جعلته يصرخ من شدة الألم بينما تعالت الهتافات المشجعة هذا العمل البطولي والذي  زاد الم قلبه

تم رفعه من جديد ليتم جره أمام القاضي والذي كان يحدق به بإحتقار  شديد  والهتافات تتعالا لإنزال أسوء عقاب به كونه من تسبب بمقتل أعزاء لهم

بينما كان يتم إجباره على السير  بكل ذل ارتفعت عيناه دون شعور منه لينظر بذلك الاتجاه ، تلك الجهه المخصصة للأسر النبيلة وبينهم يجلس والده وجده ، نظر نحو والده بنظرة منكسرة لكن صدمته وانكساره  زادت فقط أكثر وقلبه تحطم حين لاحظ تلك النظرات الحاقدة المحتقرة من والده ورؤية والده يغادر المكان بعد أن ألقى نظرة غريبة نحوه

شعر بنفسه راغباً بالموت وحسب ، أن كان والده لن يصدقه فمن قد يفعل؟! حاول النظر حوله ولا أثر لا لامه ولا  شقيقه ثم كانت نظرات الناس له سبب كافي لتجعله يخفض  بصره لينظر للارض حتى وصل بعد جهد كبير أمام القاضي ، وقف برأس منخفض حتى تهادى لسمعه صوت القاضي بصرامة
" نيكولا  تم اكتشاف خيانتك النكراء لبلدك لصالح البشر ، تسببت بمقتل أبناء جنسك ، هل لديك أي كلام لتقوله؟"

رفع راسه بدموع غزت  عينيه ليجيب نافياً الأمر بألم شديد  بينما يحرك رأسه نافياً
" اقسم لك لم  افعل ! لم اساعدهم بأي شي ولا علم لي بأي مما جرى !"
  
تعالت الهتافات التي تطالب بسلبه حقه بالكلام ليطرق القاضي بمطرقته ليقول بصرامة أكبر
" لست هنا لسماع التفاهات ، الجميع شهد على تصرفاتك الغريبة  قرب البوابة فلا تنكر وتم إبلاغنا بمساعدتك لهم على الدخول ! انكارك لا معنى له  "

رفع راسه ليدافع فصرخ به القاضي قبل ان يتحدث
" أصمت ! لا حق لك للكلام بعد الأن ، سيد ناوتو تقدم لتدلي برأيك "

شهق برعب حين سمع اسم والده ، شعر بخوف شديد وذل كبير لأن يراه والده وهو بوضع كهذا لكن ما لم يكن بالحسبان هو أن والده كان قد تقدم لاجل شيء واحد وحسب استطاع ريكا تميزه حين نطق بصوت حاقد خالي من الرحمة
" سيدي القاضي ، اطالبك بايقاع أقصى  عقوبة ممكنة بهذا الخائن؛ تبرات منه أمام الجميع ! ارجو منك إنزال عقاب ملائم يجعله يرى الجحيم الذي نعيش فيه بسببه ! لقد قتلت زوجتي بسبب تصرفاته ولا يشرفني أمثاله !"

ثقلت انفاسه وروحه المعذبة كانت على وشك الانتفاض او هكذت شعر

شعر بدموعه تنهار أكثر ومعها جسده ؛ انهار ارضا يذرف الدموع بحسرة والم شديدين وهو يسمع كلام والده وسماع أن أمه ماتت ،

لم يمضي سوى ثواني حتى أعلن القاضي بكل صرامة
"حكم عليك بالسجن 100 عام بسجن الموت !خذوه"

تعالت الهتافات والموسيقى السعيدة بهذا الخبر بل بدا الأمر وكانه احتفال قومي

اما ريكا حدقت عيناه بصدمة حقيقة نحو ذلك الرجل الواقف هناك وهو يعلن بكل حقد تبراه منه وهو للان لا يصدق ما يجري معه ، ترقرقت عيناه بالدموع بينما يتم تقيده ولم تفارق عيناه والده وجده الواقف خلفه ، قلبه يصرخ بألم وانين أن كان ذلك حلما فخذ عمري كله لو لزم أن كان يعني أنه سينتهي !

انفاسه كانت ثقيلة جدا وشعر بثقل على صدره كما لو اتخذ جبل ما منه مكانا للاستقرار وما زاد المه هو هتاف  الجميع بكلمات فظيعة ورموا عليه كل ما يجدونه حتى صارت فوضى شديدة بينما بدأ يصاب بجراح نتيجة رميهم بعض الحصى والحجارة ، سباب وشتائم ودموع أمهات حاقدة كلها موجهه نحوه ، نظرات والده التي تطالبه بالموت ونظرات جده الباردة الذي ينظر إليه كما لو كان مجرم ، شقيقه الغائب عن كل هذا والتون وبريت الذان احدهما حدق بحزن وخيبة والآخر كان يشارك بضربه  بالفعل !

انكسر تماما وما عاد راغبا بالمقاومة ، تم تقيده بوضع يديه خلف ظهره ودفعه بقسوة نحو قفص كبير حيث سيتم نقله فيه إلى أسوء سجن عرفته المنطقة يظم أسوء  المجرمين واقساهم !

لم يكن بعد يدرك بأي ورطة وقع فلا تزال الصدمة حليفه ، طوال طريق نقله استمرت تلك المناظر أمامه ، أهانات ، رمي أشياء وشتيمة ،تمني بالعذاب وكلمات ما كان ليسمعها  يوما ، دموعه كانت قد خانته منذ زمن فوضع رأسه على قدميه وتحامل على نفسه لأن لا يقول شيئاً

لم يكن هناك شيء يقال بعد هذا ، لم يكن هناك تراجع فقد حكم عليه بحكم قاسي واعلن الجميع تبراهم منه معلنين أنه مجرم خان بلده وساعد الأعداء رغم أنه يقسم الف مرة بداخله أنه لم يفعل

وما كان يؤلم قلبه الصغير ويزيد تعاسته هو غياب أمه ، كان يرغب بطلب اسمها عسى أن تنفذه هي لكن فكرة أنها قد قتلت هي الآخرى لم تغب عن عقله الذي تجمد تقريبا بل كانت تزيد معاناته ، انتهى الطريق ليتم أخيرا وضعه بذلك القارب مع مجرمين آخرين ، لم يكن من الشائع نقل مجرم إلى هناك إلا لو كانت جريمته تعني أنه يستحق الموت بطريقة بشعة !

فور وضع القفص هناك نطق الحارس الذي نقله بصوت حاقد وشامت بينما ينزل
" ستحظى بمعاملة خاصة تليق بالحيوانات امثالك ! "

نزل ليتركه وحده يصارع المه وهو حتى الآن غير قادر على إدراك ما آلت إليه الأمور !

كيف انتهى به الأمر يتهم ويسجن؟!هو لم يفعل شيء أليس من حقه الحصول على تبرير على الأقل ؟!

دموعه ما توقفت لحظة والم روحه وجسده كانا يتسابقان من ينال منه أولا ويجعله ينهار ؟!

~~~~~~~~

يتبع
أولا سأعتذر على  التآخير الكبير الذي حصل ، لكن لسبب ما مهما قلت ساسرع ينتهي بي الأمر اتاخر😅

لذا هل تفضلون أن الغي نشرها واكتبها كلها ثم انشرها بشكل متقارب ؟🤔

أم ابقيها    بطيئة هكذا حسب تفرغي؟

وأيضا ما رأيكم بمسار الرواية بشكل عام؟

هل هناك شيء معين تظنون أنه يجعلها مملة ؟ أو يحتاج تحسين؟

ومن أكثر شخصية محبوبة وأخرى مكروه أحد الآن 😶

وبشأن هذا البارت والذي  بعده على الأكثر سيكون لتوضيح ما حصل  بالماضي اذا رغبتم بأن اختصر الماضي فاخبروني لاختصره البارت القادم أم تريدون تفاصيل ما حصل ؟

وارجو ان يعجبكم ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top