23

عينا جده بدت باردة وغضب دفين يتطاير منها ويده
تزداد ضغطاً على عنقه بكل قسوة حتى شعر أن الهواء صار يهرب من رئتيه كما لو كانت مصدر وباء خطير ، يداه تحركتا دون وعي منه لتحاول أبعاد يد  جده والذي تجاهل هذا ليقول بنبرة مهددة وهو يراقب حفيده يناضل للبقاء واعياً

(لو لم تكن حفيدي لكنت الآن يتم تعذيبك  حتى الموت لذا حذاري من رفع صوتك علي مجدداً لانني لن اسمح لك بالموت حقاً بل ستتعلم الدرس بالطريقة الصعبة حينها !)

شهقت كاوري برعب وتقدمت لتحاول ابعاده عن ابنها وشقيقه فعل المثل بينما قال دون أن يشعر بنفسه بشيء من الحدة
(جدي ! ابتعد عنه من فضلك )
اقترب والد ريكا من جده ليمسك بيده بشيء من القلق والرجاء
(ابي اهدء قليلاً ، لنترك كاوري تتصرف )

اقتنع بإبعاد يده اخيراً ليترك ريكا يسعل بشدة ويداه  تمسكان بعنقه بسبب الألم ، اغمض عينيه وهو يحاول التنفس بعمق لتعويض   ما نقص من الأوكسجين  والإرهاق منعه من إبداء أي حركة وهو يستمع لنبرة جده الصارمة
(ليكن هذا درساً لك ! كلامي حتمي لا نقاش فيه !)

التفت لينظر نحو كاوري ليقول بصيغة آمرة
(سأعرضه   على طبيب نفسي لذا من الأفضل أن تخبريه أن يكون متعاون معه والا لن تعجبه النتائج )

فور سماع هذا فتح ريكا إحدى عينيه بصعوبة لينظر بنظرة جانبية يحدق به والآلاف الأفكار كانت تنتفض داخله 
# ريكا
طبيب ها؟ الآن يتذكر هذا ؟ من جعلني هكذا  بأي حال  ؟ كنت بحاجة ماسة للمساعدة قبلاً وكل ما تلقيته منه ومن ابنه الخذلان بل وكانا اول من حرص أن ينتقم مني نفسياً وجسدياً ! لم اجني شيء من هذه الأسرة سوى الألم والآن يأتي مطالباً بتنفيذ أمره ! الموت أهون علي من هذا ! سأجد أي طريقة  للخروج ، سواء كنت مريضاً كما يدعي أو لا  لن يغير هذا حقيقة كوني هكذا الآن  بفضلهم هم ومن حولهم وانتهى وقت قبول المساعدة  من أحد

#الراوية
أعاد أغماض عينيه ووضع يده على رأسه ، آمال رأسه قليلاً بعيداً عنهم لتنسدل خصلاته التي تنافس الشمس على وجهه  بالوقت الذي لا زال صدره يصعد ويهبط بسرعة  وعمق وكم تمنى لو ينهض ويحطم جده لكنه يدرك منذ البداية أن قدراته لن تفوق قدرات مصاص دماء عاش ما يقارب الألف سنة كمحارب ورئيس لأسرته كما وأنه أثبت له اليوم أن العمر كان الخاسر أمامه بالمعركة ففشل في سلبه طاقته  وشبابه

شعر بيد أحدهم توضع عليه  ففتح عينيه لينظر للشخص الذي اقترب ولم يكن سوى والدته والتي ظلت تنظر اليه بخوف وكأنها تتعامل مع زجاج هش قد ينكسر لو وضعت يدك عليه

شقيقه هو الآخر بقي واقفاً هناك حتى نطقت والدته بحزن بينما تساعد صغيرها على الاستلقاء بصورة مريحة
(إذهب واحظر بعض الماء ايجيروا كذلك بعض الدماء وربما بعض الحساء قد يفيده )

أومأ من فوره بينما عيناه تتجهان نحو شقيقه تسترقان النظر  له بألم وهو يشعر بالخوف الشديد من المستقبل فلا شقيقه سيقبل أن يتنازل ولا جده سيتساهل فلطالما كان نيكولا المفضل لدى جده إلا أن الظرورف قلبته ضده ليكتشف لاحقاً أنه كان مجرد تهمة زائفة ظلم حفيده بها فما كان لديه سوى الندم الذي اخفاه بصلابته والآن والفرصة متاحة للتعويض فقد كان خياره هو  استعادة صغيره ولو بجعله يكرهه بالبداية واجباره ولم يكن العلاج النفسي الذي طرحه سوى أحد الحلول التي يراها قد تعيد حفيده كما كان أو هذا ما كان يأمله

خرج من الغرفة متوجهاً نحو المطبخ فمر بطريقه قرب غرفة والده ليسمع صوت والده الذي بدا  الندم واضحاً فيه
(ابي أرى أن الأفضل لو تتركه يختار ما يريد ، ما فائدة ابقائه هنا وهو كاره للأمر   )

توقف ايجيروا من فوره ثم سار مقترباً من الحائط ليسند ظهره به ويحاول الاستماع بصمت  ليسمع صوت جده يقول بهدوء شديد ظهر التوبيخ بها
(لا تكن أحمق ! هو مهما بدا كبيراً ما هو إلا طفل يحتاج  من يعلمه ويربيه  ! انظر  أين اوصل نفسه حين كان بمفرده ! اعلم انه يكرهنا الآن لكن لن يدوم الأمر طويلاً ! ألم تكره انت كذلك عند نقطة ما ؟هل ما تزال تكرهه الآن ؟! )

اخفض رأسه ليجيب من فوره بدون تردد والندم عاد يغلف نبرة صوته ويحتل ملامحه
(بالطبع لا ! فبأي حال هو كان بريء  بالنهاية مما تم اتهامه به والذي كان سبب كرهي له ! أي منذ البداية لم يكن هناك سبب لكي أكرهه  ولكن فقط كل التهم أشارت له وانا صدقت  وتخليت عنه   بل وكنت أكثر من اذاه ! )

رفع راسه ليحدق بوالده بعينين تطالبين بالتخفيف ربما  من هذا الشعور بالذنب بينما يكمل بابتسامة حزينة
( الأمر مختلف ، كوني لم أعد أكرهه هو لاني من أخطأ من البداية أما بحالته  هو فهو فقط يكرهني لما فعلته أي لا مجال للتراجع )

حدق الجد بابنه بصمت وسرعان ما نطق مجدداً مبدداً السكون
(رغم أني لن انفذ ما تريده حقاً فهو سيبقى هنا رغماً عنه وعن الجميع لكن ..... هل أنت حقاً لم تعد تهتم سواء كان هنا أم لا ؟)

اشاح بوجهه بعد أن سمع هذا ليقول مكرهاً
(أجل ، لا أريد اذيته أو أذية اسرتي ، وجوده مع كل تلك الكراهية سيجعل المكان كئيب  ولن يرتاح احد هكذا)

اكمل بعدها
(كاوري لن تحتمل رؤيته يكرهها هكذا وتفقد سعادتها التي اعتدنا عليها ، ايجيرو قد يتخلى عن كل شيء لاجله ولا ننسى لين والذي لن يفهم أي مما يجري ولكنه سيكون أكبر المتضررين فهو طفل يحتاج بيئة جيدة  )

ثم رفع راسه واردف
(وهو فقط لن يكون سعيداً هنا مطلقاً ، لن يسعده اي شيء سواء كان التجاهل او الاهتمام ، ولا شيء يضمن انهم لن يتنمروا عليه مجدداً هنا !
سيكون أفضل حالاً دوننا لذا فقط أريد إعطاءه حريته على الأقل لكي يجد ما يناسبه فقد فشلت معه بالفعل وانتهى  ) 

نهض والده بينما يحدق به ليقول بينما يهم مغادراً
(وهل تعتقد انهم سيكونون سعداء بأي حال ؟ هل تظن زوجتك ستنسى أن ابنها تألم وتم اذيته  وهو فقط غادر لانه يكرهها؟ إن كنت تظن هذا فأنت مخطأ بشدة  ! ولا يقتصر عليها بل على ايجيرو كذلك ! فكر مجدداً وسترى اني محق )

فتح باب الغرفة ليغادر ويذهب للراحة ليجد الممر فارغاً فتابع طريقه إلا أنه نظر بنظرة جانبية حيث يقف حفيده ايجيروا مختبأ  إلا أنه تغاضى عن  الأمر وتابع طريقه بصمت فليس وكان ماقيل سر هو فقط واقع وتم البوح به بصوت مرتفع

توجه ايجيروا  بعدها نحو المطبخ وقد احتار لجانب  من يقف ! ايختار ابقاءه حقاً رغماً عنه ؟ سيحميه من أي شيء دون شك لكن هل سيكون ذلك كافياً ليكون شقيقه بخير ؟ طلب من الخادمة تحظير ما طلبته أمه  لتفعل المعنية من فورها فأخذه منها  وغادر نحو الغرفة

بغرفة ريكا كان يحدق بالمكان بشرود تام ووالدته تمسح وجهه بالمنديل من حين  لآخر وهو فقط راقد هناك  دون حراك يحدق بالسقف أو هكذا بدا لها

لم تعرف أن كان الوقت ملائم للحديث حقاً  فحاولت الحديث بصعوبة بالغة ولكن شعرت أن الكلمات احتبست ، بلعت  ريقها بصعوبة ثم حاولت اخذ نفس عميق إلا أنها سرعان ما شعرت برغبة بالبكاء كطفل صغير يرغب بشيء بشدة  إلا أنه يعجز عن النطق به وطلبه فلا يملك سوى تلك القطرات شبيهه الندى لتتساقط وتنبه من حوله انه بحاجة ماسة لشيء ما   فكان ذلك حالها لحظتها

انتبه اليها ريكا منذ البداية ولكنه فقط تظاهر بعدم الانتباه فلم يكن لديه رغبة بالحديث معها حقاً إلا أنه حين رأى دموعها تلك شعر بالضعف بشدة ، عبس بخفة مفكراً
" أتسائل ما المشكلة ؟! ملامحها تتغير كل ثانية لشيء جديد وكلها لا تبشر بخير !"

كان يسترق النظر إليها من حين لآخر حتى لاحظ أنها قد التفتت للجانب الآخر فقط لتضمن أن دموعها لن تضايق صغيرها ، قبضت يده على السرير بقوة  محاولاً إيقاف تلك المشاعر المضطربة التي تختلج داخله ، اغمض عينيه ولم يشعر بنفسه إلا وسمع نفسه يقول  ببرود
(أن كان لديك شيء لقوله قوليه وحسب   ! )

اتسعت عيناه بينما يفكر بداخله
"ما الذي قلته ؟!هل حقاً انا طلبت منها الحديث الان ؟! فقط تباً لفمي اللعين  يتحدث من تلقاء نفسه "

هي فور سماع ذلك التفتت اليه ودموعها فقط كانت تتزحلق على خديها بينما عيناها متسعة غير مصدقة أن ابنها تحدث معها من تلقاء نفسه

اخفضت راسها وحاولت كبت دموعها بينما تتحدث بتردد
(فقط ..... هل يمكنك أن تخبرني بكل ما حدث بالتفصيل ؟ أرغب بسماع كل شيء منك )

ابتسم بسخرية دون أن يتحرك رأسه أو تبتعد عيناه عن السقف بعد سماع ذلك
(الم تقراي أفكاري بالفعل؟)

شبكت يديها بارتباك واردفت
(فقط مجرد مقتطفات جعلتني اعلم بعض الأمور ليس وكأني فهمت الأمر بشكل تام !)

اغمض عينيه ليطلق زفيراً عميقاً ثم ينظر إليها بنظرة جانبية بينما يتسائل
(اذا اجيبي عن سؤالي )

حدقت به بترقب مستمعة بحذر إلا أن السؤال تمت مقاطعته بدخول ايجيروا فالتفتت من فورها لتنظر نحو الباب بينما استرق ريكا النظر وحسب ، تقدم شقيقه بهدوء ووضع الطعام مع كوب الدماء على الطاولة ، انتبه ان شقيقه واعي لما حوله فخيم الحزن على ملامحه ثم اقترب بتردد قرب شقيقه وجلس على طرف السرير وعيناه تحدقان بالارض ،

تحدث بهدوء دون النظر إلى ريكا
(هل يمكنني أن أسألك شيئاً أخي ؟وفقط اطلب منك أن تجيبني بصراحة )

فضوله بتلك اللحظة بلغ أقصاه راغباً بمعرفة ما سبب قول شقيقه هذا، تردد بالرد لكنه استطاع اخيراً أن ينطق ببرود
(اولا لا تناديني باخي ! وأسأل )

حدق بشقيقه بينما يطرح سؤاله بحذر مراقباً ردود أفعال شقيقه في محاولة لمعرفة أن كان شقيقه سيجيب بصدق أم لا
(هل يمكن ولو بنسبة 1% أن تكون سعيدا ببقائك هنا ولو بعد حين ؟)

~~~~~~~~~~~

شعرها الأزرق يتطاير مع الهواء خطواتها تسير بثبات كما لو كانت لديها وجهه محددة إلا أنها لم تكن كذلك !

تتجول هنا وهناك تبحث عن أعوان من قتل اسرتها لتجد الطريق نحوه وتحاول  قتله إلا أنها ظلت تتجول منذ أيام حتى نال الإرهاق منها

قررت اخذ زاوية ما وذهبت للجلوس على حجر ما بينما تراقب الطريق بيأس ، تنهدت بأرهاق ونظرت نحو السماء  ، بقائها وحدها جعلها فقط تعيش بذكرياتها  الأليمة وهذا زاد من  رغبتها بالانتقام وحسب

خلال تحديق عينيها بزرقة السماء لاحظت ما أثار استغرابها لتنهض من فورها وتصرخ بصوت مرتفع
(اوليفر ، أهذا انت؟ )

لم يصل صوتها اليها فهو كان يحلق منذ مدة  كل ما يشغله هو أفكاره عن أسرته في محاولات فاشلة للتوقف عن التفكير ، كان متردداً بقراراه ومشاعره تلح عليه انه فعل الافضل وان عليه ترك الندم جانباً لكن قلبه ابى الا الانقباض بقوة في محاولة لايقافه عن قراره ربما مخبراً اياه انه يحب اسرته مهما حدث

شعرت صوفيا  بالقلق من أن لا ينتبه لها حين لاحظت شروده فنظرت حولها على عجلة بكل اتجاه حتى وجدت حجر متوسط الحجم فاسرعت والتقطته  ، رمته من فورها  بينما تستعمل قوتها لتصيبه على رأسه بصورة مباشرة ، كان ذلك كفيلاً لقطع سلسلة أفكاره لينظر بغضب شديد نحو مصدر الحجارة فلا يوجد حجارة طائرة قد تصل إلى هذا الارتفاع دون فعل فاعل !

أوقف جناحيه عن الحركة لينظر للأسفل ، توجه نحو مصدر الحجر وفور اقترابه لاحظ تلك الفتاة التي تنظر بانتصار لنجاح خطتها وشعرت أن شيئاً من توترها زال فقد وجدت اخيراً شخصاً تعرفه

حط على الأرض فأقتربت منه بسرعة ليقول من فوره بشيء من الأنفعال
(فقط الم تجدي طريقة أخرى ؟ وماذا تفعلين هنا بأي حال ؟!)

ابتسمت بغير اهتمام مجيبة
(ليس ذنبي انك أصم ، ناديتك  طويلاً ولم تستمع ! وبالنسبة لمسألة وجودي فقط كنت أبحث عن اللعين ولم أجد له أثر !)

اردفت بعدها بحيرة بحاجبين مقطبين
(السؤال الأهم ماذا يفعله أمير مثلك هنا وحده وخارج حدود مملكته بملابس كهذه ؟!)

نظر نحو ملابسه بصورة تلقائية ثم اعترض من فوره بأستياء
(فقط تغير جو ربما ! ولا أرى ما المشكلة بالملابس التي ارتديها! )

حدقت به بشك ووضعت يدها اسفل ذقنها
(تغير جو ؟ تبدو لي كأمير يحاول  الهرب من قصره لا أكثر !)

اتسعت عيناه بصدمة ثم اشاح بوجهه وعاد لهدوءه ليقول بتذمر
(واذا ؟ أنا أيضا بشر وليس علي فقط التصرف على حسب الأوامر فقط لاني أمير !)

طرفت باجفانها  عدة مرات لتكون ستارة تخفي زرقاوتيها صعوداً ونزولاً حتى قالت بحاجب مرفوع
(انت جاد !؟ هل حقاً هربت ؟!كنت امزح وحسب لم أعلم انك هربت حقاً !)

اردفت بعدها بأهتمام
(لحظة !)

ظهر عليها بعض الحماس كطفلة وجدت لعبتها الضائعة
(أهذا يعني أنك متفرغ؟! إن كنت هارباً يعني أنك لا يمكنك العودة لمملكتك وليس لديك رفاق بالخارج هذا يبقيني انا وحسب  لكي تنقذك من الوحدة !)

رفع حاجبه بسخرية وضم يديه لصدره
(إنقاذ ؟! اراهن أن ما ستطلبينه لا يمد للإنقاذ بصلة ! )

ثم اردف بعدها بهدوء
(اظنني متفرغ حقاً ! فقد قطعتي لحظات   تأملي بالفعل !ماذا تريدين ؟!)

أجابت بتهكم
(لحظات تأمل؟ اعذرني على مقاطعة فكرتك العبقرية التي كانت ستحل الاحتباس الحراري وتخترع دواء  جديد !)

ابتسمت بعدها
(ساعدني على إيجاد كيرا ! لديك حقد تجاهه صحيح ؟ لنتعاون! )

تنهد اوليفر لتبعثر يده الخصل السوداء  التي كانت تتمايل مع أشجار الغابة ليحيلها فوضى تامة
(كما ظننت أعمال انتحارية كالعادة !)

اردف بهدوء
(لكن ليس وكأني سأرفض !موافق شرط ان لا  تتهوري لو  وجدناه !)

اتسعت ابتسامتها لتقول بحماس بينما بدأت بالحراك وهي تطالبه باللحاق بها
(رائع ! مرحباً بك معي ! هيا بنا لا داعي للتاخير )

ابتسم على منظرها الطفولي محفزاً قدماه على بدء السير بينما همس بابتسامة ساخرة
(يا إلهي تبدو حقاً كطفلة ! )

شرعت قدماه بالتحرك ليتوجها نحو اعماق الغابة  بنفس الاتجاه الذي سبق ومر فيه بعض رجال كيرا إلا انهم سرعان ما اختفوا بداخل الغابة فما كان منها إلا التحرك بعشوائية لمحاولة ايجادهم

شعرت باعماقها بنشاط لم تعرف مصدره وزال كل  الإرهاق الذي شعرت به قبل وقت قصير

~~~~~~~~~
بتلك الغرفة نهض من السرير بعد أن شعر بملل شديد ، قرر الخروج والتجول عسى أن يساعده هذا على اتخاذ قراره رغم أن كفة الميزان ترجح المغادرة لعدة أسباب اكننها  في نفسه

بدأ يتجول بالمنزل والذي كان متوسط الحجم نسبياً جدرانه ناصعة البيضاء مزخرفة ببعض النقوش الذهبية واللوحات المعلقة على الجدران أكدت أن مالك المنزل شخص محب للفن

تنهد ووضع يده بجيبه متذمراً
(هذا ممل ، ماذا يحبون بهذه اللوحات المريبة !)

وصل نحو الدرج لتقع عينه على لوحة مميزة لم تشابه باقي اللوحات بغرابتها ، بل كانت لأشخاص

طفلتان افترشتا الأرض وفستانهما احاط بهما كبتلات زهرة يافعة وبالخلف رجل وسيدة جميلة جلسا على   كرسيان متجاوران ووقف خلفهما فتى بدا بعمر المراهقة والمدفئة خلفهم ، وقف قرب اللوحة لترتفع يده دون شعور منه وتلامسها  بعد أن شعر منها بدفئ غريب ، آمال رأسه قليلاً متاملاً الوجوه وخصوصاً وجه إحدى الطفلتين والتي لم تكن سوى والدته

شعر بصدره ينقبض  حين تذكر ذلك الحلم ، اغمض عينيه في محاولة لنفض الأفكار من عقله لينساب صوت رجل يتحدث بأنفعال إلى اذنه
(لما احظرتيه؟! تعلمين أنه قاتل ! هل تتخيلين أي نوع من السمعة أو التأثير سيكون له على اسرتنا؟!ألا تخافين على ابنتك !؟)

ملامحه  اظلمت حين سمع هذا ، صدق من قال إن بعض الكلمات أكثر حدة من نصل السكين ، اندرو كان قد تجاوز مرحلة الانهيار  من سماع هذا إلا أن طريقته بالتعبير صارت تتمثل بمغادرة المكان الذي يتم اهانته به وها قد كسب سبباً آخر للرحيل

تقدم قاصداً الخروج ليستمع لصوت خالته تقول بحدة
(لا أخاف عليهم ! أستطيع أن أرى أنه ليس شخص سيء ! لقد رأيت كيف تصرف بذلك المكان وأستطيع أن أعلم أنه فقط شخص جيد يحتاج من يشعره بالدفئ الذي فقده !)

اتسعت عينا اندرو والذي قد توقف بالفعل حين سمع ردها وبقي خلف الباب يستمع لها بينما هي  اردفت بعدها
(سيبقى معي ، تظاهر انك لا ترتبط معه بصلة أو فقط تبرأ مني معه وحافظ على سمعتك ! )

ازدادت نبرتها حدة بينما نهضت وهي تستمر بتوبيخه
(لن اترك ابن اختي الوحيدة بعد موتها يتعذب بالحياة القاسية وحده ! ومن يريد الحديث ساسكته بنفسي لاجل ديفيد  ! ابنتي ستتفهم فقد ربيتها بنفسي وهي تعلم كل ما عاناه ! )

تابعت بشيء من الحزن
(لذا يا أخي أن كنت ستعتبره عار فقط وتفكر بجرحه أو اذيته فقط ابتعد عنه ! هو عانى بالفعل ! )

نهض شقيقها ذو الشعر البني بغيض لتصبح نظراته باردة غير مبالية بكل ما قالته
(هي اختارت الزواج من ذلك الفاشل رغم كل ما قلناه! ان كان عليه لوم أحد فليكن أمه فهي من تسببت بهذا الزواج ! وبالنهاية هو مثلهم وحسب مجرد مجرم وجد بالقتل طريقة للحصول على ما يريد !)

صرخت الساحرة كارين من فورها بغضب شديد
(صمتاً ! ان كنت ستهين اختنا بهذه الطريقة  وزوجها وتسيء لابنها  فسأكون مضطرة لأن اخبرك بعدم المجيء مجدداً أخي !)

مر قربها ليقول بسخرية ممزوجة بغضب عبر عنه بنبرة باردة
(انتِ وهي كلتاكما غبيتان وحسب ! لن اتي لمكان يعيش فيه مجرم مثله ! بغض النظر عن من قتل الجريمة تبقى جريمة !)

خرج من الغرفة ليكون أول ما يظهر أمامه هو اندرو   والذي لم يتعب نفسه بالحديث بشيء بل فقط وجه له نظرات غامضة بينما بادله المعني نظرات باردة ثم سرعان ما اغمض عينيه ومر من جانبه وتعمد أن يصدم كتفه باندرو والذي كان راغباً بقول الكثير وتفجير ذلك الغضب الذي يتولد بداخله مع كل كلمة من أمثال كلماته

ابتلع كل شيء عدا عن كلمة واحدة  لم يستطع السكوت عنها مهما بذل من جهد لإقناع نفسه بعدم التسبب بالمشاكل لخالته
(ابي ليس فاشلاً ، وأمي لن تكن مذنبة بشيء ! ان كنت تريد الحديث عني بسوء فافعل بقدر ما تشاء ...لكن )

جاءت خالته لحظتها لتشعر بألم فظيع حين أدركت أن اندرو (ديفيد ) قد سمع ما قيل وكم شعرت برغبة  بضرب شقيقها ربما ومعاتبته إلا أنها ظلت عيناه معلقتين باندرو والذي  أكمل بعد أن  احتدت عيناه وابتسامة عكست التهديد ارتسمت على شفتيه
( لكن إياك والحديث عن والداي بسوء حتى لا اريك أي نوع من القتلة انا حقاً !)

نظر اليه بنظرة جانبية ثم سرعان ما غادر وآخر ما قاله
(لا تتحدث معي أيها المجرم ! )

صرخت اخته كارين من فورها
(ساي اخرج حالاً !)

ابتسم شقيقها بسخرية وخرج دون أي كلمة أخرى ، الصمت اطبق على المكان بينما هي تحاول أن ترفع راسها لتنظر اليها إلا أنها لم تجرأ  حتى نطق هو بتوبيخ  محاولاً التصرف على طبيعته اللعوبة، اقترب وامسك بيدها قائلاً بعبث
( لا يجوز لسيدة جميلة أن تقول هذه الكلمات ! ولا الصراخ أيضا دون شك !)

حدقت به للحظات في محاولة لاستيعاب ما يحدث حتى انفجرت ضاحكة 

بعد أن توقفت عن الضحك نظرت اليه بقلق بينما تعبث بشعره بيدها مما دفعه للتراجع قليلاً بعبوس طفيف
(لست طفلاً !)

ابتسمت بخفة وهي تنظر إلى ملامحه
( صغيري ما رأيك لو أعرفك بالمكان ؟ ساريك ابنتي كذلك ، هي ترغب بالتعرف إليك )

قبلاً أن تكمل كلامها ظهرت فتاة من خلف الدرج بدت بالتاسعة من  العمر ربطت شعرها البني للأعلى بماسكة شعر على شكل ارنب ابيض ، وعيناها صافية كزرقة السماء

التفت أمها اليها لتبتسم بخفة وتشير لابنتها بالمجيء والتي ظهرت حمرة على وجنتيها لتعود للاختباء

تقدم منها اندرو ليدنو منها بينما وقفت هي تراقبه بصمت وترقب ، حملها بين يديه
( صغيرة ظريفة ، ستكبرين لتصبحي فتاة جميلة بحق !)

وجهها الذي صار أحمر بالكامل دفنته بصدر اندرو فبقي هو  يحدق بتفاجأ متسائلاً متى كانت آخر مرة تقبله بها أحدهم رغم علمه بكل شيء ؟! اقتربت أمها منها لتعرفها على اندرو أكثر في محاولة لجعله يتعلق بالمكان
(صغيرتي روز هذا الشاب اللعوب الذي يحملك هو ابن خالتك الذي اخبرتك عنه ، عرفيه بنفسك  )

لم تبعد رأسه عنه بل ازدادت تمسكاً بقميصه وردت بصوت منخفض
(ادعى روز ، سعيدة بالتعرف عليك ديفيد !)

احتار اندرو بما يجب أن يشعر به ساعتها ، مشاعر غريبة بدأت تتنافس داخله وتجعله متردد باتخاذ أي خطوة ، رفع يده وعبث بشعرها بخفة مع ابتسامة حزينة عابثة اختلطت بها التعابير كاختلاط داخله فصارت هي المرأة العاكسة التي تفضح ما بداخله    ربما
(أهلا روزي الجميلة )

ظلت تنظر نحو الاثنين بنظرات حنونة عبرت من خلالها عن سعادتها بتحقيق حلمها الذي سعت له لسنوات طويلة حتى كادت  تفقد الأمل وقتها !

اندرو استرق النظر لها لا يعلم بعد كيف سيخبرها بما قرره وهي بالفعل تشاجرت مع شقيقها لاجله !
~~~~~~~~~
غادر ناوتو  مكتبه بعد ذلك الحوار وهو مشغول التفكير ، فكر بالشخص الوحيد الذي يمكن ان يقضي معه الوقت دون مشاكل بالوقت الراهن فلم يجد   سوى ابنه لين ، توجه نحو غرفته ليصل بعد بعض الوقت إلى هناك ودخل ليقول بابتسامة حاول جعلها سعيدة
(صغيري لين )

نظر حوله بالغرفة فلم يرى صغيره ، استغرب الأمر فتوجه ليتفقد الحمام والنتيجة ذاتها ، خرج من الغرفة ليسأل الخادمة التي ظهرت أمامه بالصدفة
(أين ذهب لين ؟)

حدقت به لثواني ثم قالت باحترام
(سيدي هو لم يعد بعد !)

انقبض قلبه بشدة ليقول باستنكار
( لم يعد؟! ألم يتصل أحد ؟! لقد ارسلته مع حارس ما !كان يجب أن يكون هنا !)

اومأت نافية  بشيء من الخوف من نبرته
(لا سيدي لم اسمع شيء عنه !)

بدأ يشعر بالاضطراب والقلق خشية أن يكون اصابه مكروه ، اخرج هاتفه بسرعة ليجري اتصالاته ليتحقق أن ابنه بخير

يتبع
ارجو ان يعجبكم ❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top