بارت 34 ( الأخير )

السلام عليكم ( ملخص لمن نسي الأحداث )
أولا أسماء الأبطال ( شخص ما طلبها ) ريكا البطل الذي كان يعيش وحده
اندرو الشاب الذي ظل يلاحقه بالبداية  لسبب مجهول

اوليفر الذي كان مصاب بداية ظهوره وريكا عالجه
صوفيا التي كانت تريد الانتقام لاسرتها
كيرا الذي كان سبب كل المشاكل
يوتا تابع كيرا والوحيد الذي ظل حياً للآن كانت أسرته قد قتلت بظروف غامضة وهو الوحيد الحي

أسرة ريكا ناوتو كاوري وشقيقه أيجيرو الأكبر والأصغر لين
أسرة اوليفر  والده ووالدته الحاكمان وشقيقه الأكبر ليو وتؤامه اتيكوس
اندرو لديه  خالته وابنتها روز 
والأخير هي سام الذي ساعد ريكا بالسجن وابنيه ليزا ومايرو
ولمن نسي أخر ما حدث انتهت الحرب باختفاء كيرا وغادر كل من ريكا واندرو بينما بقي اوليفر وصوفيا

الآن اترككم مع الفصل ، لن يحوي أحداث كثيرة الأمر أشبه بتصفية ما بقي ارجو لكم قراءة  ممتعة ❤

الأيام الصعبة تمر ببطئ مقيت حتى يشعر المرء  وكأن الزمن  توقف عن الحركة وحين يكاد اليأس ينغرس بأعمق  نقطة بقلبه يحين الفرج اخيراً ليكون الثمن الذي دفعناه والصبر الذي تمسكنا به  هو النهاية المضيئة لذلك الدرب المظلم

صوت تأوه ممزوج مع لعنات  ارتفع من قبل ريكا على دفع أندرو له و قد كان يحاول النهوض بعد سقوطه ارضاً ،استعمل كلتا ذراعيه ليستند على الأرض باطرافه الأربعة كطفل صغير يحاول أن يحبو ثم سرعان ما رفع ذراعيه عن الأرض ليستقر واقفاً على قدميه أما اندرو والذي قفز بنفسه كان سهلاً عليه أن ينزل على قدمه   بكل سلاسة وقف قرب ريكا بمرح وهو يتحدث بأرهاق رغم أن البهجة خالطت صوته " اخيراً عدنا !أشعر أنه مر قرن منذ آخر مرة ! "

ريكا وضع يده خلف رقبته ثم نفض ثيابه سريعاً
" من الأفضل لكيرا أو أي كان غيره أنه لو فكر أن يظهر مجدداً أن يغرب عني لو فكر احد بافساد  هدوء حياتي مجدداً ساضربه حتى الموت ثم اقطعه لقطع وأحرقه   !"

أندرو نطق بتهكم بينما بدأ كل منهما بالسير " أنظر للجانب الإيجابي رغبتك هذه تعني أن لديك بعض الطاقة أنا حرفياً تكسرت وكل ما أريده هو شخص لطيف يقوم بحملي  للمنزل !"

أجاب ريكا من فوره بغير اهتمام محركاً يديه " تعرف طبيعة حظك الشخص الوحيد المتواجد هنا يمقت اللطف لذا يمكنك المبيت هنا لو أردت ! "

تنهد اندرو مدعيا الإستياء " يالك من فظيع !"

كانا يسيران بالغابة ببطئ يتأرجحان بين صمت وتعليقات جانبية لكسره من حين لآخر  فلا طاقة لهما بالقفز فوق الاشجار أو الركض حتى فلم يرغما  نفسيهما ووصلا بعد بعض الوقت  نحو المكان المعهود وأين يكون سوى منزل ريكا الذي حافظ على مكانه ينتظر عودة اصحابه ، أبعد الاشجار قليلاً ليظهر منزله له ، شيء من الراحة تسلل له وهو يراه أمامه اخيراً، شعوره لم يقل راحة عن شعور ظمآن في الصحراء وجد الماء اخيراً بعد عناء ، تقدم نحو المنزل ومعه اندرو الذي لحق به ببساطة  دون مقدمات وريكا لم يعترض حقاً ،  توقف ريكا قليلاً أمام الباب ليسمع الأثنان  صوت فتح الباب فارتفعت حدقتاهما يحدقان بالمتواجد هناك فظهر الصغير مايرو مع ابتسامته المشرقة برفقة شقيقته ليزا ووايت  تربعت بين يدي مايرو   ، اقترب الصغيران  منهما بمودة مرحبين بسعادة  بهما وهما يركضان نحوهما حتى صارا امامهما
" عمي اندرو و عمي  ريكا ، مرحباً بعودتكما !"

أندرو التفت يحدق بريكا بابتسامة هادئة لتكون نظراته رسالة مفادها " توقعت هذا "

ثم التفت يدنو مبعثراً شعر الصغيرين أمامه " أهلا مايرو الصغير وليزا الجميلة اسعدني رؤيتكما هنا ، والدكما أيضا هنا صحيح ؟"

بتلك اللحظة اقبل سام بابتسامة لم تختلف عن خاصة صغيريه
" طبعا اندرو لن تجد صغيراي بمكان ما إلا وانا معهما فيه "

ابتسم اندرو بخفة وهو يقف باستقامة مواجهاً لصديقه
" وكما توقعت  ، هذا كان ما حدثك ريكا بشانه   قبل رحيلنا إذا "

ريكا حدق به وبصغيريه بشيء من الراحة وهو يتذكر آخر حوار دار بينهما هناك
Flash back
جلس معه بتلك الغرفة مقابلاً لساي الذي كان يحدق به بفضول مستمعاً بكل حواسه واهتمامه حتى فتح ريكا الموضوع الذي كان مصمماً على فتحه معه قبل رحيله
"اسمعني ، مارأيك لو تذهب لعالم البشر ؟ أعلم أنك قلق على صغيريك لكن طالما هما مهذبان ويمكنك السيطرة على تصرفاتهما فلن تكون مشكلة ، يمكنك البقاء بمنزلي ايضاً "

ابتسم سام بأمتنان وعقد يديه مع بعضهما وهو يشعر بالتردد ، خطوة كهذه ستكون أكبر من اتخاذها دون تفكير 
" شكراً نيكولا ، اوه انت ريكا الآن ! اعتذر ، اقدر لك العرض لكن الامر ليس سهلا ، ماذا لو لم يتأقلم مايرو وليزا ؟ أنا فقط أرغب بتوفير افضل حياة لهما !"

ريكا اعتدل بجلسته ليستقيم ظهره أكثر وبصره لم يتزحزح عن من أمامه ليجيبه على تعليقه ذاك بهدوء " لا أعلم أن كانت ستكون هناك أفضل حياة لكنها قطعا ليست مثالية هنا أيضا ، رعب أن يتم أخذك بأي لحظة ليس  هيناً كما تتخيله "

نهض واقفاً محدقا بساي ثم سرعان ما مد يده بجيبه مخرجاً قصاصة ورق صغيرة مطوية استلمتها  يد سام اليمنى وسرعان ما القى نظرة سريعة عليها ثم حدق بريكا بهدوء "هل هذا ما أفكر به ؟"

أومأ ريكا مؤيدا سريعاً بذات الهدوء " أجل ، العنوان لعالم البشر وموقع منزلي فيه ، أن قررت الذهاب تعرف أين تذهب "

رسم ابتسامة دافئة على وجهه وهو ينهض من فوره ليصير قبالة ريكا ثم أخذه بعناق اخوي مربتاً على ظهره
" شكرا لك ، اقدر لك هذا أكثر مما تتصور "

ريكا تردد لثواني قبل أن يبادله لم تمضي سوى ثواني حتى ابعده سام قليلاً للخلف  ثم اردف بذات ابتسامته " يمكنك الذهاب دون قلق  وربما يكتب لنا لقاء قريب ، سأفكر بالأمر مليا ثم أقرر"

أومأ ريكا بتفهم وأستاذن للمغادرة

END OF FLASH BACK

اقبل سام نحو ريكا بخطوات صغيرة فاغمض ريكا عينيه بعد أن تنهد لثانية او اقل  بشيء من الراحة  ليفتحهما مجدداً وهو يمد له يده فلم يتأخر سام بمصافحته بالمقابل ليقول ريكا بنبرة  هادئة كانت كافية ليدرك من أمامه أنه سعيد بوجوده
" اسعدتني رؤيتك هنا حقاً  "

قبل أن يرد سام صوت اندرو ارتفع معترضاً بتذمر من فوره " لحظة إلا ترى مقدار الفرق بترحيبك  بي عن ترحيبك به ؟!"

أجابه ريكا بينما خطواته اتجهت نحو الخارج بسخرية  " وهل أنت احتجت للترحيب حتى ؟! أم اذكرك بكيف حرصت على رفع ضغطي !؟ "

أجاب اندرو ببساطة " محق لست بحاجته فالمنزل منزلي  ولا حاجة لأن ترحب بي بمنزلي !"

اردف سريعاً " إلى أين أنت ذاهب ؟! ألم تقل انك مرهق "

ابتعد ريكا أكثر فصار صوته أكثر بعداً إلا أنهم تمكنوا من سماع ما قاله بوضوح
" لن اتاخر سأزور شخص ما "

سام التفت يحدق باندرو بحيرة  متسائلاً
" لديه اصدقاء هنا ؟ "

أومأ اندرو سلباً  بجدية " عدانا لا يوجد ، هو ليس اجتماعي كفاية ليسمح لاي أحد بالاقتراب  بالكاد فعلنا نحن  للحق ولا يمكنني أن اخبرك لأي حد حاول ابعادي بالبداية  بل كان حتى يرفض قول أي كلمة  "

اردف بابتسامة مرحة "لكنه  تغير الآن نسبيا وكل هذا بفضلي، انظر هو صار يرد على الحديث من حين لآخر بل وصافحك ولم يخبرني أن ارحل حين أخبرته أنه منزلي وغيرها ، ولم يعد يتحدث بحدة وكأنني قتلت مزرعة حيوانات لذا هذا فرق كبير !"

ابتسم ساي وهو يضع يده على كتف اندرو بفخر
" قمت بعمل رائع اندرو ، لا تزال تذكر اني اوصيتك برعايته صحيح ؟ لقد قمت بعمل مذهل ! أثق أنه تدريجيا سيبدأ يتغير أكثر وأكثر ما مر به ليس بقليل  لذا سيأخذ بعض الوقت ليتعلم  الإحساس بما حوله أكثر !"

اردف بحيرة " وفقط هذا يطرح سؤال ما وهو من سيرى اذا ؟"

رد اندرو بتلقائية وكانه   أكثر الأمور بديهية " أوه بشأن هذا أراهن أنه ذهب يزور قبر مايك يبشره  بأنه انتقم لاجله !"

اردف موضحاً " وان كنت ستسال فمايك  هو كلبه الذي انقذه وليس شخص ، أستطيع القول أنه هو ووايت الوحيدان اللذان كان يبتسم لهما ريكا منذ التقيته للآن ، رسم ابتسامة  على وجهه أصعب من تحسين حظنا حتى !"

ابتسم سام بخفة " لا تقلق كما قلت أعطه وقتاً سيتاقلم مع الأمور تدريجيا ، وكبداية أظن العودة وإيجاد طعام وأشخاص يهتمون لأمره ينتظرونه بداية جيدة صحيح ؟" 

ليزا ومايرو أكدا هذا بذات الوقت ليسرعا  للداخل يحظران  الطعام استعداداً لعودته أما ريكا فقد كان يتحرك  ببطئ نسبياً للمكان الذي سبق ودفن به  رفيقه فيه ، كان يستنشق الهواء العليل ويملئ صدره  به براحة ، يشعر أن كابوس ما كان يشغل حياته وأنه اخيراً استيقظ منه ، حياته بدأت تعود لطبيعتها، مع فروقات بسيطة لكنها لم تكن تزعجه مطلقاً لسبب كان يحاول إنكاره ، طرأ على باله كل من والدته وشقيقه ، فاغمض عينيه وأخذ نفساً عميقاً ليهدأ من انفاسه ويذكر نفسه انهم صفحة طواها وانتهى الأمر

بدأت تظهر تلك الآثار من خلف الاشجار فابعد آخر غصن بيده اليسرى وخرج من بين فروعها ليصل أمام شواهد تلك القبور ،  تعابير وجهه الهادئة قبل ثواني اختارت الحزن ملامح تتبناها على محياه، وقف امامها بهدوء  مراقباً تلك القبور  ثم سرعان ما دنى ليجثو على ركبته ملقياً التحية باعماقه عليهم جميعاً وسرعان ما توجه بصره نحو اجدد قبر فيها ليهمس بحزن يحاول دفنه
" مرحبا مايك ، هل تشعر بالوحدة حيث أنت ؟ لقد مات من قتلك الآن ، مهما قال الآخرون لا يهمني ، كنت والبقية اسرتي لوقت طويل ، لن انساك ابدا  فكن بخير مع باقي رفاقك ، يوما ما ساراك في العالم الأخر !"

رسم ابتسامة منكسرة بآخر كلامه ونهض واقفاً باستقامة وشرع بالسير مبتعداً عن المكان كان طريق الغابة يجلب الراحة لنفسه بتلك اللحظات فالصمت حوله  مع حفيف الاشجار  التي تتحرك برقة وتتراقص مع الرياح الرقيقة التي كانت  تضرب  وجهه بكل خفة ،زرقاوتاه  هربت بأتجاه القرص الابيض الذي توسط السماء الداكنة مع صغيراته اللامعات ونوره انار الطرقات  بالبياض المنبثق منه وأعطى لمعة للاشجار  فرسم ريكا  ابتسامة راحة على شفتيه كما لم يفعل  من مدة ،شعر أنه بالنعيم من جديد وأنه لا يريد شيء أكثر من استمرار هذه اللحظات لكن وكالعادة لم يكن  ذلك ممكناً حيث ضجيج البشر ظهر فجأءة من بين الاشجار فزالت ابتسامته وظهر الضيق على ملامحه وهو لديه رغبة شديدة باطعام المتسبب لحيوانات الغاب  هدية مجانية !

وقف خلف الاشجار  يراقب مصدر الصوت بانزعاج وسرعان ما تحول تلك النظرات لغضب حين ظهر أمامه رجل غليظ الصوت حاد الطباع يصرخ بطريقة فوضوية وانفعال بينما  يجر خلفه جرو صغير ابيض  وفور وصوله للشجرة وضعه  قرب الشجر وربطه    هناك بينما الجرو لم يكن يفهم ما يجري بل كان يحاول فك الحبل للحاق بسيده الذي بدأ بالابتعاد بالفعل وهو يتذمر
" لا ينقصني سوى الإنفاق  على كلب ! "

عاد عدة خطوات للخلف نحو الكلب ليركله بقوة جعلت عينا ريكا تحمر من فوره بحقد شديد لكنه حافظ على مكان اختبائه مؤقتاً

وقبل أن يغادر الرجل  هاتفه رن يعلن وصول مكالمة فاخرجه من فوره ووضعه على اذنه وفور ان وصوله تسائل الطرف الآخر والذي كان ابنه الوحيد  يسأل عن جروه  الصغير أجابه الأب بغضب مزيف   صارخاً به
" كلبك اللعين كان مريضاً، مات وانتهى أمره ! ان تجرأت واشتريت واحداً آخر ستندم ! اضعت مالنا بسبب اهمالك!

اغلق هاتفه من فوره لترتسم ابتسامة شامتة على وجهه وهو يوجه السباب للكلب الصغير الذي كان يتراجع  بخوف " أبقى هنا أيها القذر عسى أن ياكلك أحد وحوش الغابة ! "

ثواني وشعر  بيد تقبض على رقبته  بقوة شديدة  جعلته يشهق وينطق بخوف ورعب شديد
"من ؟! ابتعد عني !"

يده كانت تحاول  أبعاد اليد التي تقبض عليه فازدادت قوة قبضته على رقبته بينما صوته بدا مرعباً وهو يحذره بحدة " انقلع من هذا المكان قبل أن ارتكب جريمة بحق من تسميهم  وحوش الغابة واجعل قمامة مثلك  طعاما لهم ! "

فور أن افلتت يد ريكا الرجل ركض سريعا من دون أن يلتفت وفور رحيله كان نباح الكلب الصغير صادحاً بالإرجاء ، ريكا فور رحيل الرجل وعلامات الاشمئزاز على وجهه التفت نحو الكلب وتقدم نحوه ليدنو منه ومد يديه له يبعثر شعره الناعم وسرعان ما فتح الحبل لياخذه بين يديه بحب وهو ينطق بينما يخفف عنه
"لا تقلق ، ستكون معي من اليوم وصاعداً أعدك ساهتم بك جيداً !"

ابتسم بأخر كلامه وهو يحدق به بحنان ثم شرع بالسير مغادراً والجرو بين يديه متمسك بمصدر الدفء الجديد ،  وصل بعد وقت قصير لمنزله ليتجه نحو الداخل ليصله صوت  اندرو المرح
"كم اشتقت لك يا صغيرتي اللطيفة ، انتِ أيضا اشتقتي لي صحيح ؟! عدت لاجلك ! صاحبك عديم النفع تاخر بتوفير الطعام لك ، لطف منك انتظاره !"

بتلك اللحظة دخل ريكا مجيبا بسخرية  " صاحبها عديم النفع كان برفقتك من سوء حظه  أن كنت نسيت   !"

أجاب اندرو من فوره  معترضاً بمرح بينما يلتفت نحوه  " كل شيء قد يعتبر سوء  حظ عدا وجودي قطعاً! "

تغيرت ملامحه للحيرة سريعاً وهو يرى الجرو بين يدي ريكا ، اشار له  بيده " من أين احظرته؟! "

ريكا سار مبتعداً للمطبخ بينما يرد عليه بغير اهتمام " ليس مهماً ما يهم أنه غير مسموح لك بازعاجه ! "

رفع اندرو حاجبه مستنكراً وهو يمسح على شعر وايت" من تظنني ؟ لست متوحشاً يؤذي الكائنات البريئة  ! لست ساديا  إلا على البشر ومصاصي الدماء  ومن أمثالهم! لذا كن مطمئناً عليه كلياً برفقتي !"

نهض بينما يكمل جملته هذه تابعاً ريكا للمطبخ ليصله صوت مايرو وليزا يتجادلان على أي طعام هو الأفضل وسام قربهما يبتسم بمودة يراقبهما بحنان ابوي جعل ريكا يحدق لثواني قبل أن يبعد عن عقله كل الأفكار المزعجة وتقدم نحو الداخل واندرو هو الآخر تبعه من فوره ليلتفت ليزا ومايرو له بذات اللحظة مع ابتسامة مشرقة لرؤية من كانوا ينتظرونه ، تقدمت ليزا تجره من يده بيدها الصغيرة والحماس يشع من عينيها
" عمي عمي ايمكنني حمله ؟!لمن هذا الجرو اللطيف ؟"

وبدون شعور منه رسم ابتسامة صغيرة بينما يدنو منها وقدم الجرو لها وخلال هذا اقبل مايرو قربها يحدق هو الآخر  ، ملامح ريكا ظهر عليها بعض الضيق بينما يجيب باستياء
"وجدته بالغابة، صاحبه تركه ،لذا قررت احظاره"

الصغيرة لمعت عينيها وهي تتسائل " اذا سيبقى هنا صحيح!؟"

أومأ ريكا بينما يرسم ابتسامة صغيرة لتأخذ الجرو بين يديها هي ومايرو ودنى كل منهما للعب معه قبل أن يجلسوا لتناول  الطعام سام تقدم يسحب ريكا معه واندرو دون انتظار لحق بهما لغرفة الجلوس ، ريكا كان يحدق بسام بهدوء رغم فضوله الشديد  للسؤال عن ما يريده لكنه انتظر حتى يبدأ بالحديث بنفسه

فور وصولهم للغرفة تحدث سام بتردد بعد ان جلس وجلس قبالته ريكا بينما أندرو جلس على حافة الاريكة يراقب باهتمام
" ريكاردو ، لقد اتخذت القرار بالمجيء إلى هنا  بعد أن فكرت بكلامك ، قد يجد الصغيران صعوبة  بالتاقلم لكن  اظنهما سيفعلان بالنهاية "

اردف بينما يضم يديه لبعضهما " لقد سألتهما عن رأيهما قبل المجيء  وقد  شجعا الفكرة بشدة ، أعلم أنهما يخافان علي  وبطريقة ما هذا يجعلني أشعر اني آب فاشل لكن ..."

رفع رأسه بينما يبتسم " سأبذل جهدي لجعلهما بخير هنا ، وأمل أن لا نثقل عليك  أعني أدرك انك تحب الهدوء لذا وجود طفلين قد يكون مزعجاً ..."

قاطعه ريكا من فوره  بشيء من التوبيخ الخفي بنبرة جادة " طالما هما يحبانك ويضحيان لاجلك بكامل ارادتهما هذا دليل على أنك جيد بما فيه الكفاية ! أفهم عدم رغبتك بأن يضحيا لكن أضمن سلامتك وسلامتهما بدل ان تضع  حياتك على المحك والكل سيخسر"

اردف بذات الجدية يطمانه " ولا تقلق لو ازعجني الضجيج ساخرج وحسب للخارج لبعض الهواء الطلق ، إضافة إلى أن صغيراك لطيفان ليسا ممن يسبب الإزعاج هما أقل صخبا من اندرو  حتى !"

أندرو شهق معترضاً من فوره "أنت ماذا تظن بي !؟"

ريكا نطق بسخرية " لا اظنك تريد أن تعرف "

اعاد توجيه حديثه بهدوء مع سام " لذا فقط انشغل حاليا بمحاولة الاستقرار هنا مع صغارك ثم فكر بالتتمة لاحقا كل شيء بوقته ! "

ابتسم سام بأمتنان واوما خلال هذا أطل الصغار حينها مايرو عبس ومعه شقيقته تنفخ وجنتيها " الطعام سيبرد لقد بذلنا الكثير لنعده هل ستظلون هنا كثيرا ؟!حتى وايت وميلو يشعران بالجوع ، اوه لقد سميناه ميلو  !"

ريكا لم يبدي أي اعتراض بل أومأ يعلن موافقته على الاسم ثم نهض الأربعة نحو المطبخ بينما سام واندرو تبادلا النظرات بينهما يشعران بالراحة ، يشعران أنه قطع شوطاً طويلاً وهذا اراحهما حقا واشعرهما أنه عند نقطة ما قد يصبح أكثر حرية بالتعبير عن نفسه  بحرية دون خوف أو ألم

~~~~~~~
بالجانب الآخر  بعيداً حيث كانت بقايا المعركة حيث الناجون يعودون لمنازلهم مع انتصارهم ذاك ، شكّل الحاكم فرقة خاصة لتسليم أخبار الضحايا مع مكافآت لشجاعتهم وتضحيتهم في سبيل سلامة بلدهم ، أما من نجى فقد  كانت أسرهم تستقبلهم بالفخر والترحيب بسعادة غامرة ، لم يختلف حال ذلك المنزل حيث تجمع ناوتو مع والده وابنه الصغير ينتظرون عودة بطل الأسرة بشوق وقلق  ، كان الصمت سيد المكان ولا حماس حقيقي خلاف كل مرة يعود فيها لا ابتسامات ولا حفل أو وجبة كبيرة ككل مرة  بل  مجرد صمت تام وناوتو جعل لين  يجلس  بحضنه  يعبث  بشعره بصمت وهو يحدق بالفراغ ، صوت خطوات  مسرعة على الدرج جعلهم  يلتفتون نحو مصدرها ، والد ناوتو كان من قطع الصمت حين لاحظ قدوم كاوري تركض بلهفة فقاطع خطواتها وأفكارهغ بصوته   الواثق وهو يسالها بلهفة لم تظهر بصوته كما هي داخله لكنها كانت كفيلة لتدل  على رغبته برؤية حفيده بأسرع وقت " هل عاد ؟!"

التفت تحدق بهم بينما توقفت عن السير قليلاً لتجيب بنبرة حملت شيء من البرود تجاه من صارت تعتبرهم   لا يختلفون عن الأعداء بشيء سوى مكانتهم لديها التي تفرض عليها معاملتهم بطريقة مختلفة فهم أسرتها بعد كل شيء !
" أجل

مشاعرها لم تستقر ولم تتوقع لها الاستقرار القريب ليس وهي تتعامل مع من جعل ابنها يعاني الالام الشديدة ، من ظنت ان ابنها بسلام معهم فاثبتوا لها انهم اسوء من الاغراب ،تذكرت عينيه الميتتين وخوفه ورفضه   التام من اقترابهم منه وشعوره بالخذلان منهم أكثر من أي شخص آخر لكنها يفترض بها البقاء فهي وعدته اذا كيف ستوفق بين مشاعرها ؟ هي تحب زوجها وهذا لم يكن ليتغير لكن  تلك الصورة  الناصعة  تكسرت دون شعور منها ، لم يعد البطل الذي ستثق به  بأي شيء ، لم يعد الرجل المذهل الذي تمنته والداً لصغارها ، لم يعد الصدر الدافئ الذي قد ترمي عليه أي شيء ، هو رجل ارتكب جرم بحق ابنها ، هو رجل خذل ثقتها واذى ابنها قبل أي أحد آخر ، هو رجل لم يكن اهلاً لتوقعاتها ، لكن قلبها ما يزال ينبض له ، ترى انه نادم لكن  أهذا يهم وقد انتهى الأمر وابنها لم يعد له وجود هنا ؟

خلال هذه الأفكار كانت مجرد ثواني لكنها عبرت عن الكثير ظهر خلالها ايجيروا بملامح مرهقة يدخل نحو غرفة الجلوس  حيث الجميع هناك

لين فور رؤيته ابتسم بسعادة ونزل من حضن والده  يتجه نحو شقيقه ليعانقه ، فور وصوله تمسك بقدمه فهو كان اقصر من الوصول لمسافة اعلى اما ايجيروا فقد  بعثر شعره وحسب دون أن يدنو منه وهذا جعل لين يرفع بصره يحدق بشقيقه بحيرة  ، والده   تنهد براحة فور رؤيته ووقف قرب جد ايجيروا  يحدق بهم  وحسب

والدته  وفور رؤيته انفرجت اسارير وجهها  من رؤيته لتبتسم براحة وتسارع نحوه محتضنة اياه بقوة لتاخذه لعناق طويل ،ظلت تمسح على ظهره وتقبل رأسه  بمودة  وهي تتحدث ببهجة شديدة
" أهلا بعودتك بني حمدا لله على سلامتك !"

ايجيروا وضع رأسه على كتف والدته  وأغلق عينيه بأرهاق بينما يبادلها بقوة يستمد منها القوة ،القوة للبقاء حيث المنزل الذي خنقه ،المكان الذي كان يجعله يذبل ببطئ بسبب الألم ها هو ذا فيه بعد أن انتهى كل شيء  حرفياً سواء الحرب أو أمله بعودة شقيقه  القى كل شيء على كتف والدته ولم يكن ذلك ليبعد كل المه  قطعاً لكنه  خفف بعضاً منه، حين طال صمته والدته ابعدت رأسه قليلاً للخلف تمسك به بين يديها الرقيقتين تتفقد ملامحه  ، صوتها بدى منخفضاً وعطوفاً وهي تسأله بينما تحدق بعينيه " هل رأيته ؟ "

اخفض بصره يحدق بالارض وهو يوما سلباً رغم صمته لكنه لم يطل فقد اردف بعد ذلك الإيماء بصوت متألم "  لم أره لكن تمكنت من رؤية  الضوء ذاك ، الضوء الذي يدل على الانتقال لذا غالبا هو غادر ! "

كان دورها لتخفض رأسها  للأرض وهي تهمس بألم " فهمت "

وفور سماع ذلك ملامح لين أظهرت الامتعاض  والرفض لهذا النقاش بملامحه مستاءة  لكن سماع أنه رحل جعله يبتسم  بعمد لكي يبعد أفكار شقيقه ووالدته عنه
" جيد أنه فعل ، وجوده لا يجلب سوى الأذى ! الأفضل أنه فعل !"

والدته فور سماع ذلك وبصرامة تامة وبخته " لين ! "

ايجيروا حدق به بغضب دون قصد جعلت لين يتراجع للخلف قليلاً بعيون على وشك ذرف مياهها المالحة لكنها وبدل هذا جعلته أكثر عنادا يتحدث بصوت مرتفع
" ماذا ؟!لم أخطأ بشيء اليست الحقيقة ؟! كنا سعداء قبل ظهوره والآن أنتما حتى لم تعودا تحبانني ! لقد رحل انسيا أمره "

والده لم يتدخل فهو بحاجة لكي يجعلهم ينسون ما حدث طالما لا أمل  لاصلاحه اذا لابد من نسيان هذا  لكن طالما هما يلومانه اذا ربما لين يكون قادرا على هذا ؟ فكاوري لم تكن لتسبب له أي نوع من الأذى فهو ابنها أيضاً !

جده هو الآخر لم يعلق  فقد كان غارقاً بذكرياته بعد أن سمع أنه رحل من جديد ، كاوري شعرت بخيبة أمل كبيرة لكن لم يكن بيدها قول شيء فهو طفل بالنهاية ، لكن الصمت أيضا لم يكن حلاً فإن لم يتعلم الأن متى سيفعل ؟ لكن ماذا ستقول له ؟ كيف ستعلمه ؟   تخبره بكل ما فعله والده ؟ لن ينفع هذا بشيء اذا ماذا ؟! قررت تأجيل الأمر وتجاهل لين بالوقت الراهن خصوصا مع شعورها بغضب ايجيروا
ابتسمت مجبرة نفسها وهي ترفع بصرها نحوه "  هيا بنا لترتاح بني  !"

ايجيروا أبعد يدها برفق عنه مجيبا بهدوء تام رغم جدية ملامحه " امي لدي موضوع معك ، لنذهب لغرفتك"

قلبها آخبرها أن هناك شيء ما سيحدث ولن يعجبها  لكنها  اومأت موافقة بينما لين حدق بالارض بحزن وهو يقبض على يديه ثم أسرع  يركض لغرفته وهو يصرخ بصوت باكي" أنا اكرهكما !"

والده حينها فقط تدخل موبخاً بهدوء محاولا جعلهما يدركان خطأ ما فعلاه" الا تريان أنكما تؤذيان شخصاً بريئا بسبب استيائكما؟"

ومن فوره ايجيروا أجاب  بسخرية لم يعتدها منه احد" لما الاستغراب الست ابنك ؟ انت الذي جعلت من شخص بريء كيس الملاكمة خاصتك ؟ طالما تحبه لهذا الحد ما رأيك لو أجرب ما فعلته بنيكولا عليه ؟ قد تدرك كيف أشعر حينها "

مجرد تخيل ذلك جعله يرفع صوته من فوره مؤنباً" يكفي ايجيروا ، منذ أيام وانت تتجاوز حدك وانا اتفهم شعورك ! لكنك تتجاوز الحد  أكثر من اللازم ولست صبوراً كفاية، من تتحدث معه يكون والدك ولين شقيقك الأصغر وانت من يفترض به رعايته !!"

حدق به بنظرة جانبية أظهرت من الحدة ما لم يخفى على أحد وبدل قول أي شيء آخر ابتسم بسخرية ووجه بصره لوالدته " امي ، ساخبرك هنا وحسب ، لم أعد أطيق البقاء هنا ، سارحل من المنزل ، سارسل لك العنوان  لتأتي متى ما رغبتي !"

حدقت به بعيون متسعة عبرت عن صدمتها وصمتها لم يطل فقد سارعت محاولة إقناعه بتغير رأيه " ايجيروا هل ستتركني وحدي هنا؟!  لقد وعدنا نيكولا معا أن نبقى هنا  ! لما انت ستذهب ؟!"

جده تحدث بصرامة تامة " لن تذهب من هنا ايجيروا ! يكفي ما حدث للآن ! بدل أن تساعد اسرتك للوقوف انت تحاول التخلي عن كل شيء ! "

ووالده كان يحدق برفض تام لكل ذلك وهو ينتظر جواب ابنه على كلام والدته  وجده إلا أن جوابه لم يعجب أي منهم حين أجاب بهدوء تام وكأن أي من هذا لا يعنيه "قلت ما لدي ، انا راحل ، لم أعد أطيق المكان ، أن احتجتم لمساعدتي بشيء ما سأحاول المساعدة من عمل وغيرها عدا عن هذا انا لن أعيش هنا ، لا رجعة بقراري يا أمي فارجو منك تفهم هذا ،  المكان هنا يرهقني نفسيا !"

و كأي أم ،وخصوصا لواحدة خسرت أحد أبنائها قبل وقت قصير وها هي الآن تخسر الآخر فسواء ابقته معها أو تركته فهو لن يكون على ما يرام ، أن بقي سيذبل ببطئ دون شعوره بأي سعادة وان ابعدته هي من سيموت  ببطئ فهي بحاجة لمن يفهم شعورها ولا أحد غيره قد يفعل اذا ماذا يجب أن تفعل ؟ حدقت به بعينيها الحائرتين وآلالم لم يغادر عينيها منذ ما سمعته عن صغيرها والآن كان أشد من أي وقت مضى

ايجيروا أخفض بصره  يتهرب من رؤية ملامحها ، حيرتها لم تدم  فقد أمسكت بكلا كتفيه بين يديها وهي تحدق بعينيه بملامح منكسرة تماماً ، انكسار بسبب إدراكها أن أسرتها تفككت وانتهى  أكثر شيء كان يرعبها يوما صار واقعاً لا يمكن تجنبه
" حسنا ايجيروا ، أن كان هذا سيريحك لا بأس ، لكن وبينما انت هناك  فكر بالأمر ، ربما يمكنك العودة ، لا تتركني وحدي ايجيروا ، انا متعبة واحتاجك، أحتاج لمن يفهم  المي الذي أمر به ، خيبة الأمل التي أعيشها والكذبة التي  كسرت ظهري !والأهم ايجيروا ابني الذي ما عاد لدي أمل بعودته هنا ، لا انتظار سينفع ولا أحلام قد تحيى وانا أعلم أنه سبق ومات هنا ولن يعود من جديد لقبره !"

ناوتو كان يريد أن يتحدث ، أن يخبرها أنها ليست الوحيدة التي تتألم فهو وان كرهه وقتها  يدرك الآن أنه ارتكب  اثماً بحق بريء وليس أي بريء بل ابنه  ،أراد أخبارها أنه يتعذب  كلما تذكر ذكرياته معه لهذا يهرب منها ، أن اسم نيكولا يشعل قلبه ويجعله يلعن الساعة التي  مد يده له أو وقف يعامله بتلك القسوة ويعذبه، لكن كيف لها أن تصدق وكل أفعاله تدل على العكس ؟ أفعاله الأنانية شهدت ضده بل هي ربما فضحت حقيقة كونه اجبن من المواجهه ، أنه غير قادر على تعويضه عن أي شيء ، أن أوان الاعتراف فات وأنه يدرك أنه كسر قلباً بريئاً ولا يمكن إصلاحه أو أنه  أضعف من أن يدوس على نفسه ويصحح ذلك ، لا يمكنه أن يجثو على ركبته ويتوسل، يريد السماح دون تضحيات كبيرة هو الذي  عاش مدللاً ومعززاً طوال حياته  لم يكن مستعداً لينكس رأسه لابنه رغم كل ما فعله ، تمنى من أعماق قلبه أن لا يتلقى هذا الرفض الشديد لكنه يدرك أن لا حق له بشيء  فاختار التنازل عنه وتركه يعيش سعيدا بعيدا عن هنا

الجد تردد بالتدخل فقد سبق وخسر أحد أحفاده بسبب قناعاته فجعله هذا يفكر ملياً قبل التدخل خصوصا أن والدته  تعطيه وقت ليهدا ويعود ربما ؟

ايجيروا حدق بوالدته واومأ بغير اقتناع فقراره لا رجعة فيه لكن فكر ان منحها  أمل ولو كان زائف قد يساعدها على تقبل الوضع ببطئ ، ولم يطل الأمر فقد التفت مغادراً من حيث جاء دون أخذ شيئ وهذا جعل والدته تحدق بظهره وهو يبتعد لتمتلئ مقلتيها دموعاً بينما تخفض رأسها والتفت عائدة نحو غرفتها بصمت تام فأي كلمات تلك التي ستنفع بوقت  لم يعد وقت للبوح فقد كشف كل شيء وما عاد هناك شيء يقال

أما ايجيروا وفور خروجه فقد أخذ شهيقاً عميقاً تبعه زفير واغمض عينيه بأرهاق ثم فتحها يحدق بالسماء وغادر منزل أسرته  يسير بخطوات بطيئة يحدق بالفراغ بشرود ، كان قد اتخذ قراره منذ البداية وبغض النظر  عن كل شيء لن يتغير هذا القرار داخله، طوال السنوات الماضية هو تحمل العيش معهم رغم برود تصرفاته معهم لاجل والدته الجاهله بكل شيء لكن الأن وقد ظهر كل شيء  ورأى الألم بعيني شقيقه  لم يعد قادرا على هذا ، هو من كان يرعاه دوماً ومن يعلمه ويعتني به شعر أنه من فشل قبل أن يكون الفشل على والده ، وأدرك أن والده فضل كبريائه  على عودة شقيقه اذا أي عذر ذاك الذي سيجعله يعيش معه ؟ كانت لديه فرصه أن يعترف بغلطته ويتوسل له ليسامحه  لكن ردود فعله تلك أمام شقيقه أشعلت النار والألم بقلب شقيقه واشعلت الغضب واللوم بقلب ايجيروا فكان قراره نهائيا لا رجعة فيه وقرر أن يتمشى قليلاً قبل أن يتجه لمنزل صديقه حيث سيعيشان معا لفترة حتى يجده هو مكانا يبقى فيه دون ازعاج من أحد !

~~~~~
بمكان اخر كلياً بل بمملكة تبعد الآلاف الآميال  كان ينتظر الناجين احتفال كبير جداً بقيادة الملك الذي حرص على أن يكافئ من عاد ويرفع معنوياتهم خصوصاً ان أبنه كان  يترأس الجيش ، بعض البهجة ارتسمت على الوجوه المنهكة حين استقبلتهم تلك التحظيرات والصخب والروائح الشهية   وكان يمكن رؤية العناق والدموع تملئ ساحة   الاحتفال ، الملك حدق بابنه بفخر وزوجته التي كانت قربه هي الاخرى ابتسمت بفخر وسعادة على عودة صغيرها رغم كون قلبها يتسائل بدون انقطاع عن حال الآخر لكن على  الآقل رؤية من كان بالحرب بخير تعني أن الآخر بخير أو هكذا أقنعت نفسها ، توجهت نحوه تعانقه وخلفها زوجها وابنها البكر يرحبون  به بفخر على قيادته للجيش نحو النصر ، وقف أمامهم بعد عناق والدته ذاك ليقوم بالتحية الرسمية وابتسم ابتسامة صغيرة وهو يعلن بصوت هادئ " لقد عدت سيدي الملك  وسيدتي الملكة"

وكانت هذه اللهجة الرسمية  لوجودهم  بمكان عام  فتقدم والده منه يوما مع ابتسامة فخورة معانقاً اياه  وشقيقه ليو  يراقب بابتسامة وسعادة  ، لم يكن المكان بعيداً حيث وقف اوليفر يحدق بهم بنظرات لم يستطع هو تفسير الشعور الذي جعلها ترتسم ، هذا الفخر وهذه الابتسامة كانت هدفه لوقت طويل حتى بدأ يفقد  نفسه وطريقه لأنه لم يتمكن من نيلها يوماً وحتى هذه اللحظة هو لا يعلم هل كان الخلل به هو أم بوالده؟

ولكونه خاض هذا الحوار مع ذاته لوقت طويل ولرؤيته تلك الأجواء السعيدة والتي لسبب ما كانت مؤلمة له حيث تشعره بالغربة وجد نفسه  يتراجع مؤقتاً مغمضاً عينيه يحاول منع نفسه من الغوص بافكاره السوداء حتى لا يندم ربما فبالنهاية ريكا بنظره كان محقاً حين اخبره أن عليه إنهاء كل شيء بشكل مناسب لذا قرر أن يضغط على نفسه هذه المرة ويتخذ قراراً جاداً دون هرب إلا أنه علل رحيله الأن أن الظروف ليست مناسبة لأمر شخصي قطعاً لذا ذهب ينعزل بمكان  فرعي ليحجز غرفة بأقرب فندق قبل أن ينتهي الحفل ويمكنه الذهاب ربما لإنهاء الأمر باليوم التالي  كما قرر املاً أن لا يضعف من جديد أو تتملكه أفكار سوداء تجعله يهرب مع مشاعر سلبية أكثر من ذي قبل !

وجد فندق معزول أمامه فتوجه نحو الداخل ليقضي ليلته هناك يفكر برفاقه وما يفعلونه  ويتمنى لو ذهب  معهم ربما لكن ومجدداً حرك رأسه يمينا ويسارا ينفض  كل شيء من رأسه ودخل غرفته التي استاجرها ليغمض عينيه وينام بتعب تام تاركا كل شيء لوقت لاحق !

~~~~~

بذات هذا الوقت وعند حدود الممالك الثلاثة كانت صوفيا ما تزال تبحث عنه دون كلل أو ملل ، ساعات مرت وهي تسير بأتجاهات مختلفة تنظر حولها ولا نتيجة تذكر  ، هدفها الذي كانت تعيش لاجله منذ وقت ليس بقصير كان يجعلها تحاول الصمود لكن بدأ التعب يتملكها وكأن إيجاد كيرا اشبه  أشبه بإيجاد إبرة بكومة قش ،قدمها بدأت تؤلمها والتشنجات باتت تزعجها  فتوقفت قرب شجرة ظهرت امامها  تستند اليها  بينما يدها تدلك قدمها في محاولة لابعاد التشنج ،جلست القرفصاء وملامح وجهها تظهر الاستياء وكلمات تذمر كانت تُسمع منها "
تبا له ، يسبب لي المتاعب سواء بحياته او بتاكيد مماته ! عليه اللعنة !"

تحركت يديها بينما هي جاثية لتضع تعويذة أخرى بعد عدد كبير من التعويذات تحاول إيجاده بأي وسيلة لكن لا نتيجة تذكر فتنهدت بيأس تستند للشجرة خلفها وهي تلعن حظها بصوت مرتفع
"تبا  وكأن كوني ابحث عن أكثر شخص امقته بالعالم لا يكفي يجب ان يهاجمني الجوع والتعب ويأتي شعور الوحدة اللعين معها ! "

عبست وهي تحدق بالارض متذمرة بينما ترسم على التراب باصبعها أشكال عشوائية " ليتهم بقوا معي ! هل كان سيقتلهم تأخير عودتهم قليلا ؟! حين أراهم مجدداً ساوبخهم !"

نهضت بشكل مفاجئ تضرب خديها  بحماس إجباري فرضته على نفسها
" ليس وقت التخاذل علي إيجاد والعودة سريعاً للمنزل ! "

عقدت العزم على إيجاده أو التنازل عن ذلك أن تأكدت بطريقة ما

تابعت سيرها رغم أن عزمها بدأ يقل تدريجيا  لكنها ظلت تحاول أن تستمر حتى يصبح الاكمال مستحيلاً

~~~~~~~~~
حل الصباح سريعاً  واشعة الشمس انتشرت بتلك الغرفة الصغيرة حتى غطت نصفها ، بدأ اوليفر يفتح عينيه ببطئ بسبب  الضجيج الذي بدأ يرتفع بالخارج مسببا له الإزعاج   ،تحرك على السرير بضيق وهو يمسح عينيه بنعاس شديد بينما يتقلب ،ما كان يعانيه من اختطاف وعيش بأماكن تعيسة لبعض الوقت جعله يعتاد النوم بأماكن غير مريحة إلا أنه وفور استيقاظه هذا الصباح شعر بجسده تكسر ، يده تحركت بتلقائية تدلك عضلاته المتشنجة بسبب السرير القاسي بينما ينهض ببطئ  ، تنهد وهو ينهض هامساً بتذمر
" حسناً بدأت أندم على عدم العودة مع ريكا واندرو !  على الاقل كنت ساحظى بليلة مريحة بدل التشرد بفندق من الدرجة الثانية ! عسى ان يكون الأمر يستحق "

توجه نحو الطاولة حيث وضع هاتفه  وبعض أغراضه وحملها خارجاً متجهاً نحو المكان المقصود  بملامح هادئة ، ورغم أنه استقر نفسياً قليلاً بعد نومه إلا أن التوتر بدأ يعود من جديد فور أن أدرك أن وقت المواجهه  حان من جديد ما لم يحدث شيء يفسد الأمر ويضيع ما جمعه من قوة الإرادة !

فور أن خرج ضوء الشمس أثر على عينه وجعله يغمض إحدى زرقاوتيه بينما وضع يده فوق الآخرى يحميها من الضوء الساطع ، ثواني حتى اعتادت عيناه الضوء فانزل يده وشرع يتحرك بعد أن وضع القلنسوة فوق رأسه ، يداه استقرت داخل جيبه  وبدأ السير   متجنباً كل شيء بينما يشق طريقه نحو القصر دون تأخير ، مضت ربع ساعة كاملة  من السير يتجاهل كل ما حوله من ضجة وحركة حتى وصل اخيراً حيث هدفه ، وقف أمام القصر لثواني يحدق به بينما قلبه بدأ ينبض بسرعة ، ابتلع ريقه بتوتر بينما يحاول أخذ عدة أنفاس عميقة لتهدئة أعصابه وقبل أن يباشر بالحركة التالية تقدم أحد الحرس حين بدأ يشعر بالريبة تجاهه ، نظر له من رأسه حتى أخمص قدميه ونبرته لم تكن  ودودة ابداً " من تكون!؟ وماذا تريد ؟! ارني وجهك ! "

اوليفر التفت يحدق به لثواني متردداً بين أن يعرف عن نفسه أم لا لكنه لم يجد حل آخر أن لم يرد أن يدخل بموقف لا معنى له !

أبعد قلنسوته عن رأسه سريعاً محدقاً بالحارس والذي فور رؤيته ملامحه شحبت وانحنى معتذراً من فوره " اعتذر سيدي الأمير ! لم اعلم انه انت اعذر وقاحتي!"

اوليفر نظر له لثواني قبل أن يبتسم مطمئناً " كنت تقوم بعملك وحسب أحسنت عملاً ، هل الملك والملكة بالداخل ؟"

رفع الحارس رأسه ينطق باحترام تام " أجل سيدي ، هل ابلغهما بوصولك؟"

اوليفر تردد بشكل واضح ونبضات قلبه كانت تخبره أنه يرغب بالهرب بشدة إلا أن ما كان يمنعه من هذا هي نظرات ريكا  التي شكلت سلاسل تمنعه من الهرب وتضيع الفرصة التي سلبت من ريكا بطريقة ما بينما هو يملكها ، يملك فرصة تعديل الأمور بشكل ما ولو بنسبة معينة  ، نظرات الحارس كانت ثابتة عليه ينتظر قراره وبطريقة ما لم يخفى  عليهم توتر علاقته بوالده ولا المشاكل التي وقع بها والعقاب الذي كان يفرض عليه بين فترة وأخرى بالوقت ذاته كانت مساعداته للآخرين  وبعض أعماله التي قام بها تشفع له تلك السمعة وجعلت البعض يكن له الاحترام الشديد ، وبالنهاية كانت الشائعات تنتشر ولا يعلم صحتها من كذبها وكل ما كان يهم الشعب أن يكونوا بخير تحت حكم ملكهم أما اي مشاكل  أخرى كانت أمور عائلية يتناقلونها بجلسات النميمة للتسلية لا أكثر خصوصا أن اوليفر كان يثبت نفسه أحيانا لكن قطعا ليس بقدر اخويه وهذا جعله الأقل مكانه بينهما !

اتخذ قراره اخيراً ليتحدث بهدوء تام " أرغب بلقائهما !"

أومأ الحارس سريعاً ليتبعه اوليفر وتوجه نحو الداخل حيث حصل على الأذن  بلقائهم،  وصل لقاعة العرش بعد وقت قصير  فوقف أمام الباب متردداً لمرة اخيرة قبل لحظة المواجهه ، لم يعلم ماذا سيقول لكنه كان يدرك أن الشيء الوحيد المؤكد أن فقدان أعصابه غير مقبول فهو ليس هنا لتغير تفكير والده بعد الأن بل الحصول على موافقة رسمية لتغير نمط حياته بدل الهرب بطرق ملتوية، رفع يده لتستقر على الباب قبل أن يتجرأ ودفعها اخيراً لتطل غرفة العرش  ضمن مجال بصره ، ثبت بصره بصعوبة على والديه وملامح والدته السعيدة التي نهضت من فورها تمسك بثوبها لكي لا يعترض طريقها حتى وصلت له لتعانقه بقوة مع ابتسامة سعيدة جداً ومرتاحة فها هي الأن اخيراً اطمأنت على  آخر أولادها ، ابتعدت قليلا عنه وهي تحدق به بابتسامة  وطمأنينة تامة  " سعيدة بعودتك بني ! لا تعلم كم تسرني رؤيتك "

والده حافظ على هدوء ملامح رغم شعوره براحة كبيرة من رؤيته على ما يرام ، انتظر أن تكمل زوجته ترحيبها حتى أنهى صمته وهو يحدق باوليفر " هذه أول مرة منذ زمن تعود فيها بطريقة طبيعية ، هل أحتاج للقلق من هذا ؟"

واوليفر فور سماع هذا كاد يعترض ويحول الأمر لشجار بأول جملة خطرت بعقله لكن ومجدداً صوت ريكا رن بإذنه يذكره بما جاء لاجله ، ملامحه المستاءة  وفمه الذي فتح  ينوي الرد توقف لتهدأ ملامحه من جديد وهو يحدق بالارض ، هدأ من نفسه قليلا  بينما والدته حدقت به بقلق تام فهي تعرف صغيرها وهذا ليس سلوك قد تتوقعه منه ، بقدر ما كرهت شجارهما معاً بقدر ما صار جزء لا يتجزأ منهما وردود فعله الحالية اقلقتها أكثر من شجارهما حتى ! اوليفر رفع رأسه يحدق بها اولاً قبل أن يوجه بصره وحديثه لوالده بنبرة جادة لم يظهر أي من غضبه فيها " لدي موضوع معك ، ليس مهم حقا ربما لكن ساطلبه منك كابن قبل أي شيء آخر ، هو يعني لي الكثير ! "

والدته شعرت بخوف أكبر  لكنها ارخت ملامحها بينما تستمع باهتمام شديد رغم خوفها أما زوجها فلم يخفى على اوليفر ارتيابه من ذلك الأسلوب لكنه حين رأى تلك الجدية بعينيه لم يستطع سوى أن يجيبه بينما يستمع هو الآخر " تحدث ، نحن نستمع !"

عيناه إرتكزت على والده رغم أن الكلمات موجهه للاثنين " لست هنا للشجار لذا من فضلك استمع للنهاية وسواء فهمت وجهه نظري أم لا ليس مهم فبالنهاية لا يبدو أن هناك أمل بأن نفهم بعضنا انا وانت  لذا فقط اطلب منك أن تستمع وتحاول فقط تفهم ما أقوله دون أخذه كاهانة شخصية !"

ضيق والده عينيه بينما يركز على ابنه بشكل أكبر ، يدرك أن هناك شيء مختلف  ولا يعلم أهو للأفضل أم الأسوء لكن لم يجد أي شيء لفعله سوى الاستماع  قبل التسرع بالحكم "تابع "

تنهد أخذاً نفساً عميقاً يحاول بدء كلامه فيه بانسب الكلمات " طوال السنوات الماضية ونحن لا نكف عن الشجار  لكل صغيرة وكبيرة وليس وكأني اقول اني لم استحق  بعض التوبيخ من حين لآخر أو لم أقم بعدة أعمال لاغاضتك وحسب  وجعلك تعلم مدى استيائي منك "

حدق بملامحهما والتي لم تتغير للآن بما فيها من اهتمام وتركيز  ليردف" لكن ومجدداً اظنني قلت لك مراراً عن أسبابي، وبأي حال ليس وجودي اليوم لمحاولة فرض وجهه نظري أو تغير طريقة تفكيرك فقد أدركت أن تغير تفكيرك أقرب للمستحيل ، لذا أنا تعبت ، استسلم "

رفع يديه باستسلام وهو يراقب ردود فعله  "أنا فقط فعلت كل ما يمكنني ، حاولت حقا وكان مؤلما جداً وفقط ما عاد لدي القدرة على هذا انا أضيع نفسي واضيع وقتك معي وانت لطالما كنت رجلا مشغولاً "

ارتسمت ابتسامة صغيرة لم يكن أي منهم قادر على تفسيرها واوليفر ذاته لم يشعر بها ترتسم حتى " لذا أنا فقط أعلم أنك لن يعجبك ما ساقوله  غالباً لكن هذا الشيء الوحيد الذي سيحل كل شيء ، أريد  رسمياً ترك منصبي كأمير !"

فور قول هذا هو ازداد تركيزه على ملامح والده ولاحظ الإستياء التام على ملامحه كما توقع بينما والدته شهقت من فورها لتتدخل معترضة بتانيب" اوليفر وأنا من ظنك عقلت اخيرا ! هل تظن ترك المنصب حلاً؟ والدك فقط ارادك أن تكون  الأفضل وتنضج وتنظم لاخويك !"

قبل أن تكمل اوليفر قاطعها من فوره  بذات الهدوء الذي كان يتحدث به " امي ، أعلم ما أراده  وأؤكد لك ان ما افعله ليس لجعل أي منكما يستاء ، هو قرار اتخذته بعد تفكير طويل وبدل الهرب وحسب والتظاهر أن كل شيء بخير قررت المجيء إلى هنا واخباركما ليس لجعلكما تتضايقان بل لكي تعرفا بكل شيء ويكون الأمر بمعرفتكما !"

والده تحدث  وعيناه  تتابع مراقبته " ولو تخليت عن ذلك ماذا ستفعل بعدها ؟"

نقل حدقتيه من والدته التي نظرت نحو زوجها تطالبه بإيقاف تهور ابنها إلى والده الذي كان ينفذ وعده كما يجب بالاستماع قبل الاعتراض " انوي الذهاب لعالم البشر !"

لم يستطع والده منع نفسه من إظهار ملامح استنكار تام فأخر  ما كان يتوقعه أن يفكر ابنه بهذه الطريقة ولم يشعر بنفسه حين رد عليه بدون أي تأخير
" واضح ان تفكيرك الطويل ذاك لم يكن تفكيرا سويا حتى ! لو قلت انك لديك عمل معين أو أي شيء  تريد فعله  هنا أو لو كانت لديك رغبة منطقية لربما اقتنعت لكن ان يترك أمير منصبه وبلده ليذهب لعالم البشر هل تدرك ما تقوله حتى ؟!  البشر وليس مصاصي الدماء أو السحرة حتى !  "

اوليفر شعر بنفسه يكاد ينفعل فحاول أخذ شهيق وزفير  عميق ليحاول الهدوء قبل  أن يفسد كل شيئ بغضبه ويعود  لنقطة الصفر "أجل أدرك ، عشت هناك لبعض الوقت وأدرك ما أتحدث عنه أكثر من أي أحد آخر !"

والده بدأ يتضايق وهو يرى جدية ابنه  ليسأل بنبرة احتدت بشكل مفاجئ " أهذا بسبب أولئك الأصدقاء الذين احظرتهم؟! أنت هكذا دوما تصادق حثالة المجتمع ثم تتأثر بهم ! ماذا تحاول أن تفعل حقا؟! إن ذهبت إلى هناك ثم ماذا ؟! تقضي وقتك بالتسكع والمشاكل ؟! "

شعر بنفسه يغضب بشدة فاجاب دون شعور بعصبية هو الآخر بعد أن فقد أعصابه بعد هدوئه ذاك " أولا هم ليسوا حثالة ! ثانيا لا انوي التسكع ! أريد أن استقر هناك ساكمل دراستي واعمل واعيش ببساطة ! هذا كل شيء ، ولا يمكنني أن أفعل هنا فحتى لو حاولت الشعور بالغربة بينكم يقتلني ! أنت لن تدرك شعوري كما انا لن أدرك كيف تنظر للأمور ! لا أمل للتفاهم اذا لأي سبب انا باقي هنا ؟! رؤيتكم معاً تشعرني بالغربة  انت دوماً فخور بهما تبتسم لهما والكل هنا يعلم كم تمتدحهما لكن انا شيء مختلف انت حتى مديحك سيتضمن شيء يخصهما مقارنتك بهم دوما تجعلني أشعر اني غير موجود ! أنا تعبت من محاولة نيل أعجابك انا  اعترف اني أخطأت وكثيراً لكن انت ومنذ طفولتي لا تفعل شيئا سوى مقارنتي باتيكوس وكأني مجرد نسخة منه ! "

توقف عن الصراخ بانفعال يتنفس  بتعب وآلالم بحنجرته بدأ يعلن عن نفسه فجعله ينتبه أنه على وشك بدأ شجار مجددا رغم أنه مرارا وتكرارا كان يهدأ نفسه بالطريق إلى هنا ! جعله هذا يبعثر شعره باستياء تام ليردف  بنبرة أكثر هدوئا "  أنا لا اكترث لاسبابك لهذه التفرقة والتي لسبب أو لآخر انت لا تعترف حتى بوجودها أو تحاول جعلها تبدو وكأنها غلطتي ! وبغض النظر عن المخطأ هناك  شيء واحد مؤكد وهي أن رؤيتك مع اخواي تقودني للجنون وتجعلني  أفكر بارتكاب جريمة ما ، أدرك أن هذا غير طبيعي البتة وانا  اعترف انا أغار منهما ، أغار لانهما دوما من تفخر بهما  ، قد لا أكون بمدى براعتهما "

اخفض راسه بانكسار وهو ينطق بالم" لكني أقسم لك بذلت كل جهدي ، أردت منك ولو تشجيعاً بسيطاً ، كلمة جيدة واحدة دون مقارنة كانت لتكفي ربما ! لكني لم اسمعها منك يوماً ! ربما انا أهرب أو فقط أحاول إيجاد أرض ومكان يتقبلني دون أن يحكم علي ! لذا أنا اتنازل عن منصب الأمير ، أريد الذهاب وحسب عسى أن أتخلص من هذه المشاعر والافكار يوماً ما حتى يتوقف شعور الغربة   هذا وقد يمكنني التواجد بينكم دون أن أشعر اني عنصر طفيلي!"

والدته التي سمعت كل هذا لم تستطع قول شيء ، هي شعرت بمشاعره طوال سنوات حياته وهي تراقب بعجز وكل ما كان يمكنها فعله هو محاولة تعويضه لكن كلامه الأن جعلها تدرك أن تعويضها لم يكن كافيا على ما يبدو

حدقت بملامح زوجها الذي ظل يحدق بابنه بملامح جامدة ، لم يسمح لغضبه بالإنفجار بل ظل يراقب ملامح اوليفر  والتي جعلته يدرك أن ابنه جاد حقا بكلامه ، تنهد ليعلن قراره
" لا بأس ، لك هذا ، لكن قبل تجريدك من لقب الأمير سامنحك سنة كاملة ، تكون فيها بعالم البشر كما قررت ، أن رجعت وتخليت عن هذه الأفكار  ساعيدك كأمير للملكة واجعل لك منصب بالجيش كما مع اتيكوس ،  لكن أن لم تعد ساعلن رسمياً انك لم تعد اميراً"

والدته اعترضت من فورها بدون شعور منها " عزيزي ، أحقا ستدعه يذهب ؟!"

زوجها حدق بها مجيباً" أجل ، هو ليس طفلا ، يريد اتخاذ قرار اذا ساتركه يفعل ليعلم سبب تصرفاتي معه  هو بالذات ، وأن رأى أن الوضع هناك أفضل ليبقى وحسب !  المهم أن يتوقف عن التصرف بجنون ! ليس الوحيد الذي تعب من الجدال الذي لا طائل له ! ان كان يرى أننا نظلمه دوما دعيه يعلم بنفسه مدى خطاه "

همست بينما تحدق بحسرة بابنها " اوليفر ، ألن تتراجع؟ بني نحن اسرتك صدقني نحن جميعا نحبك !لكن لا داعي لأن تقارن نفسك باخوتك !"

ابتسم بسخرية من دون شعور حين سمع كلامها " امي ، انتم من علمني المقارنة ، بأي حق تطلبون مني أن لا اقارن الآن ؟ لكن بأي حال ..."

انحنى باحترام " شكرا لمنحك الموافقة، عن اذنكما اذا ، أرجو أن تكونا بخير دوما!"

استقام بوقفته مغادرا بينما والدته كانت على وشك مناداته سمعت صوت زوجها يناديها بينما يوما لها بالنفي ، يخبرها أن لا تتحدث  أكثر فابنها بحاجة ليتخذ القرار بنفسه !

عيناها ظلت تتبعه بينما يسير هو مبتعداً ، كانت تدعو أن يغير رأيه وقلبها عامر بأمل يخبرها أنه  سيعود  لها وكل ما تحتاجه هو الصبر وأنه سيدرك أن لا أحد مثل أسرته !

مسحت دمعة فرت من عينيها بصعوبة بينما تكتم دموعها بالقوة تقنع نفسها أنه سيعود لا محالة

~~~~~~
فور خروج اوليفر هو تنهد براحة يغلق الباب خلفه ، لم يسر الأمر كما توقع لكنه لم يكن بذاك السوء بطريقة ما ورغم هذا شعر بشعور مؤلم بقلبه ، لم يدرك سببه لكنه رفع يده يضعها فوق قلبه يمسك به بينما يحاول تقبل ما يشعر به ، شعر بحركة حوله تبعها سماع صوت شقيقيه اول من تحدث كان اتيكوس والذي فور رؤية شقيقه انفرجت اسارير وجهه  يبتسم بسعادة بالغة أشعر اوليفر ببعض الذنب " أخي اوليفر ! أنت هنا ! "

ليو ابتسم بخفة فور رؤيته " مرحبا بعودتك اوليفر ، سعيد أنك بخير ! "

اوليفر رفع رأسه يحدق بهما بصمت ، تردد قبل فتح فمه وهذا جعل اتيكوس  يقاطع تردده بسؤال حمل قلقه على تؤامه معه " ما الأمر أخي ؟ هل لديك شيء ترغب بقوله؟ "

اوليفر حاول البوح لكن وبدل أن يبدأ بالحديث عن ما رغب به  غير مجرى الحوار ليطلب تغير المكان لواحد انسب " ايمكنني الحديث معك على انفراد اتيكوس ؟"

أومأ سريعاً بعد ان استوعب طلب شقيقه وقلبه كان مضطرباً لسبب يجهله لم يعلم أهي ملامح شقيقه تلك التي اقلقته أم مشاعر تؤامه التي تنعكس عليه بحكم الرابط بينهما ؟ لكنه لم يكن وقت التسائل ليس وشقيقه كان قد بدأ التحرك بالفعل ويتوقع منه أن يتبعه ، وقبل ان يبتعدا   وحين مر بجانب  ليو توقف فجأءة والتفت ناحيته يرسم ابتسامة صغيرة بينما يضع يده على كتفه
" ليو اعتني بنفسك !"

رمش ليو عدة مرات وضيق عينيه بعدها " هل ستغادر حقاً؟"

أومأ اوليفر بهدوء وجوابه اقترن مع ابتسامة صغيرة " أجل ، حصلت على موافقة ابي أيضا لذا يمكنني المغادرة دون مشاكل !"

اتيكوس فور سماع هذا اتسعت عيناه باعتراض تام على ما سمعه ، رؤية شقيقه هنا جعلته يظن أنه استرجعه اخيراً لكن الأن أدرك سبب ضيقه ذاك ، تلك الملامح كانت ملامح استقرار لكنه استقرار لم يكن يرغب فيه لانه سيؤكد أن لا عودة لشقيقه ، فلم ينتظر أن يغادرا فتدخل بحوارهما بقهر معترضاً
" لما تغادر ؟!إلى أين ستذهب ؟! متى قد تعود ؟! كيف وافق ابي حقا ؟! "

لم يتجرا على رفع رأسه والنظر لتؤامه حتى انتهى كلامه هذا ليرفع رأسه محدقاً به يطالب بجواب مع ملامح أخبرت اوليفر أنه يتألم حقاً من هذه الأخبار ، اوليفر التفت يحدق بملامحه بقلة حيلة فهو توقع أن يتلقى هذا وبدل أن يعلق على ذلك رد على اعتراضه ذاك بعد أن تنهد " سنتحدث كما قلت فامنحني دقائق وحسب وستعلم كل شيء !"

ليو كان من اعترض هذه المرة  فما سمعه لم يعجبه" هل ستكون هناك مشكلة لو سمعت حواركما؟ لا اظنني غريباً !"

اوليفر استدار يحدق بشقيقه الذي اعترض على رغبته تلك بينما يفكر لثواني قبل أن يتخذ قراره " لا ، لا مانع لدي بأي حال فهو يشملك أيضا  وان كان بنسبة أقل ، لكن فقط أخشى ان يأتي  شخص ما فجأءة ويستمع ويقاطعنا "

أومأ متفهماً  ووجهه كلامه لهما " اتبعاني لغرفتي، سنتحدث هناك دون ازعاج "

نظر اوليفر واتيكوس لبعضهما ثم سرعان ما تبعاه بصمت حتى وصلوا لغرفته ، فور دخولها توقف الثلاثة بمل يشبه  الحلقة وانظار كليهما  توجهت نحوه يمنحان له  مجالاً للحديث، اوليفر وقف مكانه يحظر نفسه للحديث ليرفع رأسه بعد وقت قصير يبادلهما التحديق أثناء حديثه
" سأبدأ الحديث بهذه الطريقة أظن ، يقال ان الاعتراف بالخطأ فضيلة ، وأنا أرغب بأن اعترف الآن بشيء كلاكما يعرفه أظن أن لم يكن الجميع لكن انا ربما لم أقله كما يجب "

أخذ نفساً عميقاً بعد أن حدق بالارض قليلاً ليرفع رأسه من جديد مضيفاً لكلامه " طوال السنوات الماضية ومنذ وعيت لحقيقة كونكما متفوقين ومنذ بدأ والدي يقارنني بكما وخصوصاً انت اتيكوس .."

بصره استقر على تؤامه  بشكل خاص لتقابله تلك الملامح المنكسرة من تؤامه والتي لطالما كانت تؤلمه لكنه كان عليه إنهاء الأمور كما يجب لذا أكمل بأي حال متجاهلاً شعوره بالألم " لقد كنت أغار منكما ، وربما حتى هذه اللحظة ، كلما رأيتكما كنت أتساءل لما أنا ، ماذا فعلت لكي يهملني ،  ومتى ساتفوق عليك ، لكن لم يحدث يوماً ،وأنا لا احاول جعلك تشعر بأي ذنب بل لاعترف بأن مشاعري تلك خاطئة كليا لكني لم أتمكن من السيطرة عليها ، أنتما متفوقان وأشعر بالفخر بكما ولكن ..."

اخفض بصره وهو يكمل بشيء من الحزن الذي غشي ملامحه " لكن لا يمكنني التوقف عن الشعور بالنقص كلما رايتكما فيغلب هذا الشعور شعوري بالفخر وينتهي بي الأمر باذيتكما "

ليو حافظ على هدوء ملامحه أما اتيكوس فلم يكن سوى المشاعر السلبية ما أمكن رؤيته على ملامحه ليكمل اوليفر بينما يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه " اتيكوس ، لم تكن يوما غلطتك، لم تكن يوما سيئا ، كنت تتحمل مشاعري السلبية التي لم يكن لي حق بها اساسا ، انت اخ مذهل ولا اظنني استحقك حتى  بأي حال لكن  أريدك أن تعلم أن كل ما حدث كان غلطتي ، لذا لا تظهر هذه الملامح فأنت يحق لك الغضب مني وحسب بدل محاولة إبقائي بقربك والاستياء من رحيلي   !"

اتيكوس فور سماع هذا صر على أسنانه  بقوة ويده انقبضت تعبر عن رفضه التام وغدده الدمعية افرزت سائلها المالح لكنه ظل حبيس مقلتيه يمنعه بالقوة من النزول رغم أن كلماته التي قالها كانت تحفزه  على التمرد " أنت لا يحق لك تحديد ردة فعلي، كل ما اردته أن نحظى  بعلاقة طبيعية كاي تؤام  آخر ، لم اختر أن أكون الأمير لكني فقط تقبلت الوضع  ولم اختر أي شيء آخر كل ما قد اخترته هو أن ابذل جهدي لأكون اخاً جيداً ، لكن الشيء الوحيد الذي رغبت فيه بشدة كان الأشد بعداً عني !"

اوليفر استمع له باهتمام يعطيه مجال لإخراج المه لمرة اخيرة ربما ، هو يحبه ويرغب بالتواجد قربه لكن طالما هو يؤذي كليهما اذا لما البقاء ؟ اقتنع أن شقيقه سيكون على خير ما يرام دونه بطريقة ما وربما بمرور الوقت  سيتمكن من قضاء الوقت معه دون مشاكل أن استقر داخله ربما ، اغمض عينيه لثواني ثم تقدم يعانق شقيقه لأول مرة منذ زمن اختيارياً ومن تلقاء نفسه ، اتيكوس فرت دمعة من عينيه بينما حاول حبس البقية من جديد بينما يسند رأسه على كتف شقيقه الذي علق على كلام شقيقه بنبرة حنونة " لن تكون آخر مرة ، سيكون لنا لقاء آخر وسابذل جهدي لكي يكون لقاء أفضل ، لذا حتى ذلك الحين استمر بكونك الأخ  الذي أفخر به ، لديك ليو معك لذا لست وحيداً بأي حال لذا ..."

تراجع للخلف قليلاً يبتسم وهو يحدق به بحنان " سأغادر اذا ، لا تنسي ما قلته اتيكوس ، واسف حقاً على كل شيء فعلته  أو قد افعله مستقبلاً   تسبب أو قد يسبب  الاذى  لك !"

اتيكوس حدق به بعيون محمرة وهو يثبت بصره عليه ، لم يكن لديه ما يمكن قوله فرغبته وقلبه بناحية وعقله بناحية أخرى ، يستوعب كلمات تؤامه جيداً ويفهمها لكن ما فائدة ذلك وقلبه  يرفض كل ذلك بشكل تام ويخبره أن يوقف تؤامه بأي وسيلة ؟ كانت هناك حرب داخلية بداخله لكنه ولأجل تؤامه ولأجل صراحته معه قرر أن يعطيه حريته ، كلما زاد تمسكه كلما تألم كلاهما لذا ربما منحه الحرية ليرفرف بعيداً وحين يجد الاستقرار ربما يعود له و يمكنهما حينها أن يتواجدا دون مشاعر سلبية ذات يوم وان يضحكا معاً كاخوين طبيعيين ولو بعد حين ، لم يتمكن من رسم ابتسامة حتى لكنه  عانقه من فوره يتمسك به بقوة ويمسح على ظهره وهو يهمس بألم " سامنحك حريتك ، ساعطيك وقتك لتعيش كما تشاء لكن إياك ونسياننا ، تذكر أن هناك من ينتظرك ويحبك ،لديك أسرة تكترث لك وان اذتك دون قصد ربما ، أن احتجت إلى اي مساعدة  لا تتردد بالمجيء الي ، ساساعدك قدر ما يمكنني"

ابتسم اوليفر بينما يغمض عينيه وهو يبادله العناق ويمسح على ظهره ثم سرعان ما تراجع للخلف يحدق بالارض ، التفت نحو ليو  يحدق به ففتح ذراعيه له جعلت اوليفر  يرتمي  معانقا اياه ، ليو همس بحنان وهو ينصح شقيقه قبل رحيله " لا حاجة لاضافة أي شيء  بعد ما قاله اتيكوس نحن بظهرك، مهما حدث !"

أومأ اوليفر وهو يشعر ببعض الألم ، هو يحبهم ويرغب ويتمنى من أعماقه لو يبقى معهم لكن لم يكن قادرا على الإحساس بوجوده أو العيش معهم بسلام فكان خيار الرحيل لا مفر منه ولو حتى حين ، تراجع للخلف  خطوة تلتها خطوة ثم التفت  متجهاً للنافذة ، أخرج  جناحيه ينفث ريشة حوله وانتشر السواد الحالك بالفراغ ليرفرف محركاً الهواء حوله ليقفز للخارج وطار بعيداً بينما وقف شقيقاه يحدقان به وهو يبتعد ، اتيكوس لم يقاوم أكثر ففرت  دموع أخرى  من عينيه  مسحها بصمت حين شعر بيد ليو توضع على رأسه مواسياً" هيا أخي ، سيعود ، هو لم يرحل وحسب بل جاء وتحدث معنا بصراحة لأول مرة دون لف ودوران ،  أثق أنه سيعود فقط امنحه الوقت ولا تنسى كلماته !"

أومأ اتيكوس بهدوء تام وحاول رسم ابتسامة ثم سرعان ما التفت بقصد الذهاب لرؤية والده وفعل شقيقه المثل ليتجها نحو والديهما

اما اوليفر الذي بدأ التحليق بعيداً وبعد رحيل شقيقه وابتعاده مسافة  لا بأس بها توقف فجأءة وسط السماء مع مشاعر التردد ثم قرر اخيراً  ان يلتفت   نحو مملكته للمرة الأخيرة يحدق بها بعينين حزينتين، رغم رغبته لسنوات بتركها لكن الحنين يظل رفيقاً بلحظات الوداع  نتذكر فيه لحظات سعيدة كنا نقتنصها بين الألم ، تنفس بعمق يرتب مشاعره داخله بعد أن تبعثرت ثم اغمض عينيه والتفت مبتعداً يرفرف بجناحية بقوة  أكبر مبتعداً عن المكان قدر الإمكان بأسرع ما يمكن ، همس لنفسه مشجعاً بينما يحدق للإمام بثقة " لا بأس ، ستكون بداية جديدة ، لا غيرة ولا مقارنة ولا أي شيء ، انا وحدي ومستقبلي "

رسم ابتسامة على شفتيه وتابع طريقه نحو الوادي حيث  سبقه رفيقاه قبلاً وهو يرسم لمستقبله خطط وآمال كبيرة وامنية عميقة أن يحسن من نفسه بحيث يمكنه التواجد مع أسرته  دون أن يشعر أنه دخيل !

~~~~~~
وسط الاشجار العملاقة والشجيرات القصيرة  التي توزعت بينها والأوراق التي تساقط بعضها بينما الأخرى تتحرك مع الرياح فوق الأغصان ، صوت تحطم الورق اليابس تحت أقدام شخص يسير بعصبية كان مسموعاً بالإرجاء جعل بعض الحيوانات تهرب حين استشعر هالة خانقة لم يكن سببها سوى صوفيا التي  بدأ التعب لديها يتحول لغضب ،تلك اللحظة حين يتجاوز جسدك قدراته فتتجاهله رغم ذلك حتى تصل لمرحلة  تصبح فيه نسمة الهواء كافية لتنفجر غضباً !

هي وصلتها بتلك اللحظة حين شعرت بأن كل جسدها منهك وطاقتها تكاد تنفذ ولا أمل أو خيط يقود له رغم تعمقها بالمكان الذي يفترض أنه فيه ، توقفت عن السير فجأءة لتصرخ مخرجة كل استيائها " تباً لكل شيء!  كم سيتوجب علي البحث قبل ايجاده؟! "
 
اسندت يديها لركبتها بأرهاق واغمضت عينيها تحاول تقليل الصداع الذي يهاجمها دون رحمة ، شعرت بمعدتها تصدر أصوات اعتراض  على بقائها خاوية ولا تتلقى سوى يضع حبات فاكهة حين تمر بطريقها ، رفعت رأسها تحدق حولها بيأس ، عزيمتها خبت   للصفر تقريباً وبأي لحظة كانت تشعر أنها ستدير  ظهرها  وتتجه نحو الوادي رامية بكل شيء عرض الحائط إلا أن ذكرى أصوات أسرتها المتالمة كانت تحاول شحن همتها من جديد ، استقامت بوقفتها سريعاً بشكل مفاجئ حين شعرت بشيء غريب حولها ، حركة الحيوانات السريعة وبعض الضجيج وطاقتها استشعرت وجود  شخصين قويين ، لم تترك لعقلها وقت ليستوعب الأمر فقد قادتها قدمها التي كانت تؤلمها بشدة سريعاً نحو اتجاه الطاقة وهي تأمل أن يكون  نهاية جهدها هذا تحقيق لما تمنته لوقت طويل جداً
~~~~~~~
حبيبات العرق غطت جبينه وكل وجهه كان قد شحب وكان الدماء هاجرت منه بشكل سريع وآلالم كان يفتك به بشكل تام حتى أنه كاد يقسم أن أعضائه الداخلية تتمزق من الداخل ،ملامح وجهه أظهرت رعباً والماً حقيقياً لدرجة جعلته غير قادر على الصراخ حتى ، لم يكن قادراً على التعبير فقد شل كامل جسده ووقع ارضاً قبل دقائق لسبب يجهله إلا أن عقله ورغم الألم استوعب أن ما شربه من يوتا قبل قليل غالباً هو السبب بذلك إلا أن السؤال كان أهو أمر متعمد أم أن إصابات جسده والتعديلات التي أجراها عليه لم تتاقلم مع  المحلول ؟ ولم تدم  حيرته طويلاً فقد اقبل يوتا يحدق به بنظرات دونية ولا يبدو عليه أي تأثر بألم من أمامه وقد تعززت تلك الفكرة حين تحدث يوتا بنبرة شابهت الصقيع   ببرودها وهو يدنو منه ويجر خصل شعره البنفجسي بقوة يجذبه نحوه دون مقاومة تذكر " هل من الغريب أن أكون من يقتلك بالنهاية ؟ "

لم يكن قادراً على تحريك لسانه ليسأل حتى فتابع يوتا وهو يحدق به بذات الملامح " أوه نسيت لا يمكنك الحديث ، ساوضح لك اذاً، هل تذكر حين كنت  بالخامسة عشر ؟ هل تذكر انك برفقة والدك الزعيم السابق للمنظمة قد اتفقتم مع أسرة لعينة ما على إزالة العائق الذي يقف بطريقكم؟"

ملامح كيرا لم تتغير رغم أنه بدأ يدرك أن يوتا عرف الحقيقة كاملة بطريقة ما وكل ما حدث من عدم وجود الإمدادات وخسارته ووضعه الحالي هي من تحت يده بينما يوتا زاد من شده على شعر كيرا  وهو يردف بحقد" أجل ، تماماً، عرفت انكم من دبر لقتل اسرتي لانها كانت العائق أمام  أنتشاركم هنا ، أحد أقرباء الحاكم كان مساعداً لكم لتدخلوا واسرتي  كانت  الضحية لأعماله القذرة، كان يحاول إسقاط الحكم وتولي منصب الحاكم بدل الحاكم الحالي ولهذا تماما انت اوليت ابن الحاكم   اوليفر رعاية خاصة صحيح ؟!  كنت قد سمعت عن وجوده بعالم البشر منهم ، بينما هم مختبئون تحت ظل الدولة مدعين انهم قوم صالحون ! لذا قتل الأسرة التي تساند الحاكم ثم تنتشرون هنا وتزيلون الأسرة الحاكمة بينما يصبح شريكك الوغد ذاك هو الحاكم بحكم كونه قريب له"

رفع رأس كيرا الذي كان يتنفس بصعوبة شديدة بعنف  "لذا أنا قررت أن  أرد لك فضل جعلي يتيما ورده لتلك الأسرة أيضاً بطريقتي الخاصة ! "

ابتسامة خبيثة رسمها على شفتيه وهو يحدق به بعينين تشعان شراً ورغبة بتقطيعه
" لذا اقتربت منك بالتدريج وصرت يدك اليمنى ، وحين حانت  اللحظة الحاسمة لخطتك تصرفت ! قوات الدعم  التي اعددتها معها ومع الأسرة اللعينة كلها الآن يموتون لأسباب غير معروفة ! وبالطبع سيكون من المنطقي التفكير أن لعنه أصابت الأسرة أو حظ عاثر ! وليس ذلك خطأ كلياً ما انا إلا لعنة ستقودكم للهلاك على كل ما فعلتموه باسرتي !"

بهذه اللحظة التفت يوتا ببطئ بينما ما يزال يمسك برأس كيرا ليحدق بصوفيا التي راقبته منذ بضع دقائق تستمع لما يجري وهو تركها لتفعل إلى أن أظهرت نفسها أمامه تحدق به بتعاطف فهو من مر بوضع لا يختلف  عن وضعها دون رفاق  معه بل وكان عليه التظاهر بالولاء لمن كان سبب بقتلهم حتى !

وقد استوعب هو هذه المشاعر من نظراتها فاجاب على نظراتها بشيء من التهكم " لا تنظري إلي هكذا ، قد يكون  الأمر فظيعاً لكن  هذه اللحظة بالذات تساوي لدي كل تلك السنوات ! "

اردف بابتسامة ماكرة " ترغبين بالمشاركة ؟ سأقدم لك هذه المكافئة على  عدم استسلامك ، يمكنك مشاركتي بقتله !"

صوفيا احتدت ملامحها وهي تحدق بكيرا بكره تام ، أخرجت سكين معلق بظهره بنظالها بينما تعززه بقوى سحرية مقتربة منه بينما يوتا هو الآخر وجه حديثه من جديد لكيرا " اتعلم الظريف بالأمر انك لا يمكنك لوم أحد على شيء فقد عشت جباراً يسبب الألم هنا وهناك ونهاية كهذه أكثر مما تستحق حتى !"

حاول الحديث بكامل قوته لكن لسانه كان أثقل من أن يتحرك قيد أنملة فاغمض عينيه ينتظر نهاية معاناته وحسب حين فتك الألم  به بقوة وكان على وشك فقدان الوعي من شدته ، دنت صوفيا منه بينما تخبر يوتا بصوت هادئ " أريد قلبه ! "

يوتا حدق بنظرة جانبية بينما يقف مراقباً بغير اكتراث لمن يموت ببطئ أمامه " افعلي ما يحلو لك  انا متخصص بالموت البطيء ، وقد حققت مرادي  ، يمكنك فعل البقية بينما انا استمتع !"

اومأت بتفهم وامتنان وعادت عيناها لتراقب ذلك  الذي يحدق بهما بعيون بالكاد يبقيها مفتوحة وجسده بأكمله  متشنج كلياً، صوفيا احتدت ملامحها والحقد الذي لا يكاد يختفي ثواني حتى يعاود الظهور سريعاً كلما رأته وها هو امامها يموت ، أمسكت السكين بيدها بينما تدنو منه ببطئ وحقدها سيطر على نبرة صوتها  فور بدء كلامها معه " اتعلم لم أكن يوما شخصا يحقد على أحد ، لذا هنيئا لك كونك الأول ! لقد سلبتني اسرتي بأبشع طريقة ! ولأن وطالما انك لا تكترث لأحد سوى نفسك ساسلبك حياتك البائسة بأكثر الطرق المؤلمة ! "

رفعت السكين عاليا لتهوي به أولا على أحدى ذراعيه وهي تهمس بحقد " هذه لكل الأسر الذين عذبتهم"

سحبتها بقوة بينما هو لم يتمكن من فتح فمه بل اغمض عينيه بقوة شديدة وتصلب جسده كان يزيد الألم عليه حتى أن الصراخ لم يكن ليعبر عن شعوره لكنه لم يملك حتى هذا القدر من الرفاهية ، هوت يدها مجدداً على ذراعه الآخرى" هذه لكل شخص لقي حتفه على يدك"

لم تتأخر بطعنه مجددا وعدة طعنات بأماكن متفرقة وهي حتى تطاير دمه  ليعطي ثيابها ووجهها وهي تصرخ به بحقد أكبر بينما توجه السكين نحو قلبه " وهذه لأسرتي ولي ! حين تذهب للجحيم سيتولون هم البقية !"

لم يستطع سماع تتمة كلامها فقد كان الألم كفيلا بجعله  غير قادر على استيعاب الواقع ولكنها لم تكترث فقد اخترق السكين قلبه بقوة قبل أن تسحبه وتدخل يدها بصدره لتقتلع قلبه بيدها بينما تحدق بجثته الراقدة امامها بتشفي تام ، وقبل أن تدرك وقعت السكين من يدها وبدأت ملامحها تلين والدموع ملئت مقلتيها ، جثت على ركبتيها امام جثته لتدفن وجهها بين يديها وهي تهمس لاسرتها الراحلة   بسعادة "ها قد حققت وعدي لكم ،  ها قد جعلته يدفع الثمن ! أتمنى لو كنت معكم الآن لكن سيتاخر قدومي ،  ساجعلكم فخورين بي لذا من فضلكم راقبوني حيث انتم ! "

يوتا وقف يراقب بصمت قبل أن يغمض عينيه واستدار ناوياً الابتعاد لكنها ومع أول خطوة خطاها رفعت رأسها وسمحت دموعها لتتقدم وتجر كم قميصه  مما جعله يتوقف والتفت محدقاً بها بصمت يمنحها وقت لتتحدث وهي رمت ترددها وسعادتها بنهاية كل شيء لتعرض عليه بنبرة خافتة بعد أن مسحت تلك الدموع  " أنا ممتنة لك لتقديم خدمة كهذه لي ، لذا وكرد لمعروفك سأعرض عليك هذا ، انت تعتبر عدو هنا ، ولا أسرة لديك ، إذا تعال معي لعالم البشر ، بالنهاية قد تكون أفضل من يفهم شعوري لذا سنفهم بعضنا جيداً "

توقف لثواني يستمع لها قبل أن يغمض عينيه يفكر بعمق وبعد أن فتحهما وجه بصره لها يتسائل " وبعدها ؟ وبعد ذهابي هناك  ماذا سيحدث ؟!"

حدقت به بجدية قبل أن تعبس وتجيب  بتذمر "  لا أعلم لكن هذا أفضل خيار حاليا اتخذ اول خطوة وستاتي البقية  تباعاً ! "

انخفض بصره للأسفل يحدق بالارض ، هو لم يفكر بما  بعدها كل ما فكر به هو أن يجعل من أذى أسرته واذاه يدفع الثمن وبعد نهاية هذا كانت نهاية مخططاته ، ولم يتوقع أن يطلب منه احد شيء كهذا وبأي حال لم يكن لديه أي طموح ، لم يعلم هل يحق له أن يعيش حياة طبيعية وهو من تلطخت يده طوال هذه السنوات ؟ هل سيتمكن من العيش وحسب ؟ هو ليس نادما على جعل من قتل أسرته يرحل عن هذا العالم  لكن ثقل الأرواح التي سلبها لم يكن ليمحوها أي شعور ، شعر بيد تجره فحدق بصوفيا التي سحبته خلفها وهي تنطق بتوبيخ" اذهب هناك وانظر للوضع أن لم يعجبك يمكنك العودة والتعفن هنا ! كما قلت انا فقط ارد لك المعروف لذا تقبل لطفي بصمت حسنا ؟!"

لم يجد رد لديه أو رغبة بالتعليق فتبعها وحسب وهو يتسائل أن كانت هذه خطوة جيدة أم سيئة لكنه لم يكن لديه خيار آخر بأي حال فلم يقاوم وترك قدره يقوده وسواء ندم أم لا فلا شيء  ليخسره بأي حال

أما صوفيا فقد كانت حياته القاسية وكل ما بذله لافساد مخططات  كيرا الرجل الذي تكره كل شيء يخصه وسماحه لها بالانتقام بيدها كافيا لتشعر بالامتنان الشديد له وان تحاول الأخذ بيده حتى يجد مكانا يناسبه بينما تبحث هي الاخرى لنفسها عن واحد !
~~~~~~~~~~~
تحليقه لم يدم طويلاً ولم يشعر هو بطول الطريق فقد كان يشعر بالحرية لأول مرة منذ مدة ،  وصل وجهته بعد وقت  قصير نسبياً لتستقبله الأرض وتخبو أجنحته وتتوقف عن الرفرفة وتختفي من على ظهره كما لم توجد ، وقف يحدق بالمكان بهدوء وهو يتذكر اول مرة جاء فيها وكمية المشاعر السيئة التي حملها وقتها ، لم يكن يعلم أنه سيكون يوماً هنا بملئ إرادته ! وكم كانت هذه مفاجئة شديدة له جعلته يفكر ان المرء أحيانا لا يدرك ما يخبئه له المستقبل ولو ادركه لما شعر بالكثير من الحقد الغضب والضيق الذي شعر به طوال وقت طويل

شعر بالهواء يحرك ملابسه وشعره بخفة فاغمض عينيه يستشعر الهواء حوله قبل أن يشعر بشيء يضرب رأسه جعله يشهق وهو يلتفت بغضب شديد على من افسد وقت استرخاءه وتأمله قبل بدء حياته الجديدة، وضع يده خلف رأسه على مكان الإصابة وملامحه أظهرت استنكار تام رغم أن لديه فكرة أو توقع يخبره أن هناك شخص واحد يستخدم هذه الطرق الفظيعة ، ولم يخب  ظنه فقد ظهرت  صوفيا تلوح له ببراءة تامة وكانها لم تفعل شيء حتى بل واعترضت على ملامحه  بسخرية
" لا تتصرف وكأني رميت قنبلة عليك ! هو حجر وحسب ، بأي حال صدفة لطيفة أن اجدك هنا  !"

اوليفر قطب حاجبيه معترضاً " وهل هناك داعي لرمي الحجر أساسا؟! لديك لسان وهو طويل دوما فلما تقتصدين باستخدامه بحالات كهذه ؟!

سمع صوت ضجيج الاشجار خلفها فحدق بحيرة وقطع كلامه  حتى ظهر يوتا خلفها يبادله النظرات بهدوء وهذا لم يفعل سوى أنه جعله يخرج سيفه سريعا مستعدا لأي هجوم بينما الآخر وقف وحسب بمكانه بهدوء يبادله النظرات ، اوليفر هتف بصوفيا محذراً ومستغرباً هدوئها وقلة  حذرها
"ماذا تفعلين!؟ تحركي العدو هنا !"

نظرت خلفها لتتقدم ببطئ من اوليفر تخفض سيفه وهو ظل يراقب ما تفعله وكل ما يحدث بغير فهم ، هي تركته بحيرته لثواني  قليلة قبل أن تتحدث بغير اهتمام لم يكن مكانه المناسب لكنها كانت تحافظ على هدوئها " هو معي الآن ، قتلنا كيرا وتبين أنه هو من افسد مخططه لأنه قتل أسرته برفقة أحد العوائل بمملكتك، لذا سيأتي معي هو حليف لنا منذ البداية  !"

اوليفر رمش عدة مرات يحدق بيوتا ثم بها ، تردد بالحديث لكنه فعل بأي حال بينما يشير ليوتا" و تظنين أنه يمكن الثقة به ؟"

يوتا أبقى نفسه خارج الحديث كلياً لترد صوفيا  على سؤاله " أجل ، لا سبب يدعوه لاذيتنا بعد موت كيرا واساسا هو من له الفضل بموت كيرا لذا أثق بأنه أهل للثقة ! لذا كف عن التذمر فأنا كنت أخطط لتوضيح الأمر لريكا وكيف  ساقنعه أن فرد آخر سيأتي لمنزله وليس انت !"

اوليفر ضرب جبهته باستياء " و تظنين ريكا سيقبل بهذا ؟ أرجح أنه أول ما سيقوله هو الكلمة المعتادة منزلي ليس فندق ! ان أردتي احظار شيء معك كان الأفضل احظار حيوان أليف ! كان ليرحب به فورا لكن شخص وفوق ذلك عدو ؟ حظ طيباً بإيجاد منزل أخر بعد أن يطردك!"

بعثرت شعرها  قبل أن تقف قرب الجرف وهي تحرك يديها بكسل تخبره أن الأمر ليس مهم " لا عليك اعرف كيف اقنعه! وان رفض او لم يكن المنزل كافياً ساستاجر واحد فانا ساستقر هناك باي حال وساحتاج لحياة خاصة لذا لا باس والآن نذهب أما ماذا ؟ أنا مرهقة أريد العودة للمنزل !"

عادت للخلف بضع خطوات تجر يوتا خلفها والذي حافظ على صمته للآن يتبعها بينما يحدق باوليفر الذي تنهد وهو يتحرك نحو الجرف هو الآخر ، ثانية أو أقل قبل أن يقفز الثلاثة دون أي انتظار وكل منهم يفكر بمستقبله القادم  بعد هذه الخطوة تاركين خلفهم كل شيء يخص ماضيهم ساعين لبدء حياة جديدة كلياً !

~~~~~~~~~
ومضت الأيام والسنوات سريعاً ومع أحداث كثيرة حدثت خلالها اثبتت فيها الحياة انها دولاب غير ثابت ولكن الاستقرار كان نسبياً مسيطراً عليها  فكان كل منهم يسعى لتنظيم امور حياته  كما يجب ، كل منهم رسم لنفسه درباً ابتغاه لنفسه ورضي به مستقبلاً له فكانت هذه السنوات هي  الدرب الذي سلكوه ليصلوا درب النهاية المنتظرة

مشفى واسع بشدة كانت الحركة فيه تدب بحيوية شديدة رغم أن  المساء قد حل  فقد رحلت الشمس  مودعة لتمسي النجوم بالسماء  ورغم ذلك لم يكن ليخلوا ذلك المكان من مرتاديه

وبين اروقته الطويلة  كان صاحب الشعر البني والعيون الخضراء الواسعة يسير هناك ومعطفه الطبي  مستقر على يده أليسرى، كان التعب بادياً عليه  رغم هذا كان يبدو عليه الحماس وهو يعبث بالهاتف بينما يكتب رسالة وفور الانتهاء هو بان عليه الرضا ، وقبل أن يصل نحو وجهته قاطع طريقه فتاة شابة وقفت أمامه تفتح كلتا يديها وتجعل من نفسها حاجز يمنعه من المرور شعرها البني الطويل كان مرفوعاً للأعلى وعيناها الزرقاء الواسعة حدقت بمن امامها بعبوس  ، وهذا جعله يتوقف محدقاً بها بحاجب مرفوع " ما الأمر ليلي ! "

و الشابة لم تتردد بالرد من فورها بعبوس " ما قصة هذه الملامح ؟ هل خنتني مع فتاة أخرى ؟!"

وهذا جعل استنكار أكبر يظهر على ملامحه " خنتك؟"

ضحك بسخرية " عزيزتي متى قلت أننا نتواعد بأي حال ؟! ثم انظري حتى لو حصل وواعدت احداً فلن تكون فتاتي الوحيدة ، مؤسف إضاعة شخص مثلي على فتاة واحدة فقط إلا تتفقين؟!"

وهذا الرد جعل ليلي من فورها تقبض على  يديها  وهي تغلي قبل أن تدوس على قدمه سريعاً بقوة جعلته يشهق ويتراجع وهو يهتف باستياء " لما هذه الوحشية ؟! ما بال معشر النساء هذه الأيام ؟! أين اختفت الرقة واللطف ؟!"

وهذا فقط جعلها تلتفت وهي تنطق بغضب مكتوم " ذهبت للجحيم الذي ستذهب إليه انت !"

تابعت خطواتها الغاضبة  لتصل نحو تلك الغرفة حيث جلس ذلك الشاب ذو الشعر الأشقر فيها على كرسي الراحة هي   أبعد ما يمكن أن يناله عليه ،   ارجع ذلك الشاب جسد للخلف بأرهاق يضغط بين عينيه ليخفف الصداع الذي اصابه من فرط الإرهاق ، كان عليه العمل لليومين الماضيين دون توقف وأخيراً حل وقت الراحة وبدون سابق إنذار فتح الباب بدون مقدمات مما جعل الجالس هناك يتحرك من فوره ويفتح عينيه محدقاً بمن أطل فلم يكن ذلك سوى تلك الفتاة الغاضبة وهي  تقبل نحوه بعصبية وتجلس على الكرسي المقابل له
" ريكاردو اسمع هل رأيت ذلك المغفل ؟! لقد كان يتحدث على الهاتف بسعادة مريبة وحين تحدثت معه ظل يقول هراء ك فتاة واحدة لا تكفي لشخص مذهل مثلي وغيرها !"

ونظرات ريكا التي ثبتت عليها كانت باقية مكانها رغم أن عقله كان مشغول بالتفكير بأن ثرثرة النساء شيء لن يتمكن من احتماله ولو ملك أقصى درجات الصبر !  تركها تكمل كلامها أو نصفه قبل أن يقاطعها لمحاولة إسكاتها  قبل أن تجعله يستمع لباقي تذمراتها" لما التذمر روز؟ انتِ من أخفى حقيقة كونك ابنة خالته وظللتي تحاولين التقرب له بطرق أخرى ، ودعيني  اذكرك اني حذرتك منذ  أول يوم جئتي فيه للمنزل  بينما هو لم يكن متواجداً انك تجعلين الأمر صعب لنفسك لكنك من قال أريده أن يحبني لذاتي وليس لكوني ابنه خالته !"

اردف بعد أن ارتفع كفه الأيسر  يضغط على رأسه بقوة بسبب الألم " ثم انتِ تتحدثين عن أندرو أتعلمين من يكون ؟ ابن خالتك هذا أكثر شاب لعوب رأيته  بحياتي كلها ! ومحاولة ربطه بعلاقة جادة أصعب من السيطرة على قرد أو ثور محاط باللون الأحمر ! لذا أما أن تخبريه بصراحة أو تحملي
مسؤلية قرارك !"

وهذا فقط جعلها تعبس وهي تتذكر كل ما جرى ، بعد مرور السنوات هي لم تنسى ابن خالتها ذاك ولم تنسى كلمات والدتها لها عنه وكم تمنت أن تسمع أخباره لكن كل ما وصلها هو رسائل من حين لاخر تطمانهم عنه وحسب ويوصيهم بعدم القلق عليه ، والدتها كانت قد قررت احترام قراره ذاك مع التأكيد عليه أنه مرحب به بأي وقت  ورغم كل ذلك هو لم يعد لذلك المكان مطلقا ولوقت طويل  ولم يكن الوحيد فلا سام ولا يوتا ولا ريكا فعلوا ذلك  الوحيد الذي كان يذهب هو اوليفر والذي حرص على لقاء اخويه من حين إلى حين

وقبل أن يفتح أي منهم فمه بكلمة كانت روز والمعروفة بأسم ليلي للاغلبية ترسم ملامح عابسة ومستاءة على وجهها ، هي أرادت رؤية اندرو ذات مرة فقررت الذهاب له دون علم والدتها والتي كانت قد تزوجت من رجل ما وصار لديها ابن صغير ورغم حبها لشقيقها وزوج والدتها كان لطيفاً إلا أنها لم تشعر بالإنتماء لذا كان اندرو ابن خالتها المفقود والتفكير بشأن أماكن تواجده تنسيها الملل والوحدة حتى كانت تراقب رسائله وكأنها موجهه لها وحدها ولم تدرك متى كبر هذا الاهتمام حتى قررت ذات يوم بعيد ميلادها  الثامن عشر أن تذهب لعالم البشر لتراه !

ومنذ زيارتها تلك ومنذ اول مرة رأته فيها بدأ شيء من الحماس يزرع داخلها حتى صارحت والدتها  ذات مرة برغبتها بالذهاب  لعالم البشر  ورغم رفض والدتها بالبداية بأن تترك ابنتها الوحيدة تذهب لكن رؤية الأصرار بعينيها وإدراكها سبب  عنادها جعلها  تستسلم شرط أن تزورها بين حين وآخر وهذا ما فعلته ، وخلال ما تلاها من سنوات انضمت للجامعة  وحرصت على  اختيار تخصص يجعلها قربه فاختارت  التمريض مهنه لها 

اول لقاء لها كان بريكا قبل اندرو حتى فقد كانت  تكرر مراقبتها لمنزله من حين لآخر بفضول  لاجل معرفة طبيعة حياة اندرو فلم يكن صعب عليه معرفة أن هناك شخص بالإرجاء ، وحين مل من اختبائها قرر مواجهتها وهناك حيث عرفت بنفسها وطلبت  منه أن يكتم الأمر حتى تملك الشجاعة الكافية للاقتراب فلم يكن منه سوى  الموافقة إلا أنه ندم حين صارت تاتي إليه  كل يوم تشكو له عبث اندرو هنا وهناك وهو يفترض به الاستماع لأنه الوحيد الذي يعرفها !

فتح الباب فجأءة فظهر  اندرو يقف عند الباب يرسم ابتسامة مرحة يلوح لريكا  قبل أن ينتبه لروز فتنهد موبخاً
" دعيني احزر، جئتي للشكوى  مني مجدداً له ! ألم يحن ألوقت للتوقف؟!انظري لنظراته هو على وشك قتلي لأنك تضايقينه!"

وريكا  فور رؤيته تنهد وهو ينهض بتعب  ونزع سترته التي كان يرتديها ليتجه نحوه وهو يتذمر بتعب تام " طالما تعلم هذا جيد ، ساترككما لتتوليا الأمر فلا حاجة لغريب بينكما "

أندرو قطب حاجبيه من فوره باعتراض سريع عاقداً ذراعيه لصدره  " ريكا لا تتحدث وكأننا عصفورا حب وانت المالك الذي يفسد الجو بيننا ! لو تشاجرت معي كل نساء العالم لما اعترضت فقد أكون عبثت مع الجميع لكن ان تتذمر هي هذا مرفوض ! أنا حتى لم اخرج  معها بموعد ولو لمرة ولم أعدها بشيء !"

وهنا هي نهضت تراقب بعيون محمرة دامعه وقد انتبه كل منهما لهذا ، اندرو أشاح بوجهه سريعاً أما ريكا وضع يده على جبينه ثم يده الأخرى استقرت فوق كتف اندرو " تصرف معها بطريقة ما ! وأنا أقصد دون عبث وانت تدرك لما ! سانتظركما بالخارج !"

اردف بنبرة تهديد " لكن ليس طويلاً فكما تعلم لدينا   موعد اليوم مع البقية ! "

روز التفتت تحدق به بحيرة وعيناها تسأل بفضول عن الموعد لكنه وبدل الإجابة اشار لاندرو مخبراً إياها بعينيه بأن تسأل اندرو عن هذا وأنه حصل على كفايته من دراما الفتيات

حدقت باندرو بعد أن عبست تنتظر  منه تبريراً فبعثر شعره  بانزعاج وهو يتذمر بداخله على الموقف ، لطالما كان من تسعى الفتيات لرضاه لكن ان ينقلب الوضع ويكون عليه تبرير نفسه لشخص ما ، أشاح بوجهه بينما يتردد  ببدء الحديث
" كنت أكلم رفاقي قبل قليل اتفقنا على إقامة حفلة بيننا ! "

انزعج من الموقف بينما يحدق بها بضيق " وكما قلت لا يحق لأحد محاسبتي، لا أعلم ماذا تفكرين بي لكني لم افعل لك شيء ولم أعدك بشيء لذا حتى لو عبثت مع أي أحد هذا ليس من شأنك! "

اردف بجدية " أرى أن تعودي من حيث اتيتي روز !"

اتسعت عيناها وهي تحدق به لتدرك اخيراً أنه يعلم ما تحاول أخفائه وهذا فقط جعلها تتسائل بحيرة بينما تحدق به بلوم " طالما تعلم من أكون لما تعاملني  هكذا ؟! ولما لم تقل انك تعرف ؟! اساساً منذ متى وانت تعلم ؟! "

أندرو ابتسم بسخرية معترضاً" انظري هنا انا من يجب أن يقول لما لم تقولي ! انتِ من يكذب هنا بشأن هويتك وانا تماشيت معك وحسب !"

احتدت ملامحه وهو يقترب منها ويدها ادخلهما بجيبه بنطاله" لذا لما لا تعودين من حيث اتيتي؟! لست الشخص الذي تفكرين به ولست شخص قادر على تحمل مسؤلية أحد لطالما كنت عابثاً ولا نية لي بتغير هذا لاجل أي أحد ! عودي لوالدتك وعيشي حياتك بشكل طبيعي وحسب !"

تقدمت منه روز لتقف أمامه وسرعان ما داست على قدمه بحذائها بشكل سريع جعل اندرو يتراجع من فوره وهو يحدق بها بإستنكار " ما مشكلتك ؟! إن كان لديك اعتراض قوليه! "

نظرت نحوه بنظرات ثاقبة و فرق الطول بينهما جعلها ترفع رأسها لتقابل عينيها عينيه الخضراوتين" لا اكترث لكلامك، أعلم أنك عابث فطوال تلك السنوات كان هذا يثير غضبي منك  بأي حال ، واعلم انك لا تفكر بي كشخص قد تعجب به ، لكني ...أرغب بأن أكون قربك وان أتعرف عليك كما يجب وربما ذات يوم يمكنني جعلك تتوقف عن العبث لأجلي انا ! لن أعود لأي مكان فقد اتخذت قرار بالبقاء هنا ولم يكن هذا القرار لاجلك بشكل تام !"

أمسكت بقميصه بقوة بينما هو يراقب ملامحها بهدوء تام لتردف هي " لذا لا تتدخل بما سأفعله ! "

حدق بها بجدية تامة وهو يمسك بيدها التي تجر ملابسه " وان قلت لك اني لن اقبل بعلاقة جادة مع أحد وحتى لو فعلت لن اقبل بأي اطفال "

اتسعت عيناها وهي تحدق به يتحدث معها بهذه الصراحة ودون عبثه المعتاد ، هذا جعلها تدرك أنه لا يمزح ويحاول الحديث معها بصراحة تامة فردت عليها بذات الصراحة والجدية " مستعدة لتقبل هذا ! على الاقل حاليا أرى نفسي مستعدة له ، أن رفضت انت علاقة جادة سأحاول جعلك توافق بطرقي، والأطفال مبكر اساساً!"

ابتسم اندرو بسخرية وهو يتابع محاولة أبعادها " ولن يمكنك العودة لوالدتك أو اسرتك برأس مرفوع فمن تواعدينه خريج سجون !"

عصبيتها ظهرت فور سماع هذا لتزداد قوة  قبضتها على ملابسه " وهل أبدو وكأني اهتم؟! هل تظنني أجهل اي من هذا ؟!لست طفلة اندرو ! أنا فتاة ناضجة تعرف ما تفعله ! ان كنت تظن انك ستبعدني بهذا الأسلوب الأحمق فانت مغفل !"

حدقاه لم تبتعد عنها ولم يرمش حتى استمر الوضع هكذا لنصف دقيقة قبل أن يتنهد ويسحب يدها  ويتجه للخارج مقاطعاً حيرتها" ريكا ينتظرنا بالخارج لا يجب أن نتأخر !  أو لن يبقى شيء من الطعام لنا ! ولا تنسي ما قلتيه هنا اليوم انتِ مسؤلة عنه  "

رمشت عدة مرات تحاول استيعاب الوضع دون مقاومة حقيقية لقبضه يده حول يدها ، التفت يحدق بملامحها التي  كانت تشي بشكها بما تسمعه اذناها فقطب حاجبيه بينما توقف امامها من فوره لتتوقف  هي أيضا وتبادله النظرات " كل ما قصدته هو أني سأحاول أن أكون جادا بالأمر أن فشلت فلست من ظل يلح بالأمر واضح ؟!"

يدها ارتفعت تقرص خدها قبل أن تترقرق عينيها بالدموع  وهي تومأ من فوره ، لم يعلم كيف يسكتها  حقا فقام بسحبها من جديد للخارج لكي يخرجها من ذلك الجو وهو يفكر بداخله أن التعامل مع النساء اصعب مما ظن رغم أنه من غير المعقول سماع هذا من عابث مثله !

وفور وصولهم للسيارة ريكا كان بالسيارة بالفعل يسند رأسه للمقعد ويغمض عينيه فلم يتأخر اندرو وانظم له يجلس  بمقعد السائق بينما روز جلست بالخلف وفور سماع ضجيجهما فتح عينيه يتحدث بملل " مبارك لكما ، رجاءا ان  حدثت  أي مشكلة أخرى حلاها بينكما كأي ثنائي طبيعي !"

روز عبست بينما أندرو تحدث بعبوس " لسنا ثنائي بعد ثم انظر أليست مشاكل صديقك المفضل هي مشاكلك أيضا ؟"

ريكا نظر عبر النافذة للسماء يرد عليه بتعب" أنا بالكاد احمل مشاكلي ثم  مشاكل الثنائيات اسوء شيء لرميه علي ! تعرف كم أنني مذهل بتحمل ثرثرة النساء ! "

أندرو ضحك بخفة وهو ينطق بسخرية " حسناً هذا لا نقاش فيه حتى انا أكبر عابث تعرفه لا يمكنني تحمل الثرثرة   !"

روز قاطعتهما بخدين منفوخين" أنتما فظيعان بحق "

وبدون أي تأخير كانوا قد وصلوا بالفعل للمنزل ، طوال السنوات الماضية عاشوا لمدة معاً جميعاً ورغم الضجيج والفوضى كانت ايام سعيدة حقاً لهم جميعاً إلا أنهم وبمرور الوقت بدا كل منهم بجمع ماله الخاص لكي يستقل وحصل ذلك بعد بعض الوقت حيث أخذ سام صغيريه وعاش بمنزل قريب من ريكا بينما أندرو هو الآخر اشترى منزلاً صغيراً لم يبعد كثيراً وكذلك حال يوتا وصوفيا  واوليفر فكان كل منهم لديه منزله وعمله إلا أن تجمعاتهم كانت تحدث كل يوم تقريباً خصوصا حين يكونون جميعاً متفرغين، صغيرا سام كانا قد كبرا وصارا شابين بالفعل وقد تخرجا كما مع روز

توجه الثلاثة نحو منزل صوفيا حيث قد كانت من قرر جمعهم بذلك اليوم ، طرق اندرو الباب وقربه ريكا على يمينه وروز على يساره ولم يطل الانتظار فقد فتح الباب واطل من خلفه  يوتا مع ابتسامة صغيرة بينما يحمل بين يديه طفلته الصغيرة افري التي شابهت ملامح والدتها بصوفيا شدة مع خصلات شعر طويل تصل لنهاية كتفها بلون أخضر مائل للزرقة مع عيون بنفسجية لطيفة عكست برائتها وفور رؤيتهم ابتسامتها اتسعت وهي ترى عميها وخصوصاً اندرو الذي لا ينفك  يخبرها كم هي جميلة !

ضحكت بمرح وهي تهتف ببراءة " سعيدة بوصولكما، عمي اوليفر سبقكما ! "

صوفيا أقبلت تبعثر شعر ابنتها لترحب بالضيوف بعدها بابتسامة مرحبة "أهلا بكم ، تفضلوا للداخل، الجميع هنا بالفعل ، اوليفر سام ليزا وبالطبع مايرو جميعهم بالداخل   "

روز تقدمت تنحني بخفة تلقي التحية لتبتسم لها صوفيا والتي تدرك جيداً مشاعرها لتجرها من يدها للداخل "أهلا بك يسرني وجود شخص معي ، لو لا وجود افري وليزا لكنت الفتاة الوحيدة لذا حقا سعيدة بانضمامك  لنا!"

تقدمت معها نحو الداخل وهي تبتسم بخفة ، يوتا التفت نحو اندرو و صغيرته ما تزال بين يديه ليسأل بحيرة بينما يتجهان نحو الداخل  " هل حصل ما اتوقعه؟! اندرو هل أنت حقا ارتبطت بفتاة دون عبث ؟!"

أندرو والذي دخل ومعه ريكا نحو الداخل  أجاب سريعاً بإستنكار " فظيع فقط احظرتها معي لم نرتبط ! كفوا عن محاولة جعلي رجل مرتبط ممل !"

ريكا وجه حديثه له بينما ينظر بنظرة جانبيه بزرقاوتيه" طالما سمحت لها بالبقاء فهي ستجعلك رجل مرتبط ممل كما جعلتك تستسلم اولاً وتخبرها انك تعرف !"

يوتا ابتسم بخفة وهو يمسح شعر صغيرته بينما كلامه موجه لاندرو" الأمر ليس بذلك السوء ، انظر انا أحد المرتبطين المملين كما تسميهم لكن وجود شخص ينتظر عودتك أمر يستحق تحمل بعض التذمر والتعب لاجله !"

وقبل أن يرد عليه ظهر اوليفر من غرفة الجلوس ليقاطع كلام يوتا " أنت فقط تحاول توريطه كما تورطت صحيح ؟! شخصيا اقتنعت أن الارتباط مع فتاة مجرد صداع وأهم أسباب الموت المبكر !"

صوفيا ظهرت فجأءة لتدوس على قدم اوليفر وابتسامة مخيفة على وجهها " وانتم الرجال أهم أسباب الانتحار أن كنت لا تعلم ! الآن  تفضلوا للداخل بدل الثرثرة هنا كالعجائز !"

أندرو من فوره علق بسخرية " اترى ؟ شيء كهذا يدفعني للبقاء على العبث بدل البدء بعلاقة جادة مليئة بالنكد والتذمر !"

غرفة الجلوس كانت أكثر الغرفة سعة بالمنزل حيث جلس هناك كل من سام  مع ابنه وابنته يخبرانه عن ما حدث بالجامعة  إلا أن صوت الضجيج جعلهم يلتفتون  نحو من اقبل لينهض الصغيران  سريعا مع ابتسامة واسعة ، طوال السنوات الماضية هذان الصغيران كانت حياتهما تتركز بين هؤلاء الأشخاص مع بعض الأشخاص الذين تعرفوا عليهم بالجامعة ورغم ذلك فقد كانا ممتنين حقاً فمنذ مجيئهم هنا استقرت الأوضاع واطمئنا أن والدهما بسلام معهما !

ورغم كل ما عاناه كل منهم  ورغم الكوابيس التي ما تزال تلاحق بعضهم إلا أنهم صاروا قادرين على تذوق السعادة بعد درب طويل من المعاناة والجهد ، كل منهم مر بالكثير وتحمل الكثير حتى وصل لما وجد فيه استقراره بطريقة ما فكانت تلك اللحظات المؤلمة هي ما جعلهم يدركون طعم النعيم كلما تذكروا مراراتها التي تجرعوها وكانت هي سبيلهم للتجمع ليسند بعضهم  بعضاً وبدل الوحدة التي كانت لتكون مصير كثير منهم إلا أنهم الآن صاروا أشبه بأسرة ما يجمعها لم يكن رابط الدم بل رابط أقوى ربما وأكثر متانة حتى ،رابط  الماضي المؤلم  والحاضر الدافئ الذي كان يحيطهم والمستقبل  المجهول والذي رغم كونه محفوف بالغموض والمخاطر إلا ان كل منهم كان يشعر بالطمأنينة فهم يملكون الآن ما كانوا بحاجته ،الأسرة التي ستساند بعضها  البعض ليس لانها مجبرة وليس لاجل كلام الآخرين بل لان كل منهم فهم مشاعر الآخر واختار كل منهم التواجد كجزء من هذه الأسرة

النهاية
أولاً وكما عودتكم طوال فصول الرواية سأبدأ بالاعتذار على التأخير ، أرجو أن انتظاركم لهذا الفصل استحق  وتكون النهاية قد نالت رضاكم ، لا تزال الكثير من الأمور غير واضحة وقد تبدو نهاية مفتوحة للبعض بسبب موضوع  أسرهم  لكن لم يكن ممكناً وضع الأحداث بذات التسلسل الزمني لذا ان قررت توضيح شيء سيكون ذلك بفضول إضافية مفصولة وليس ضمن مسار الرواية ( بحال كتبت )

أريد رأيكم الصريح الآن بالنهاية أكانت جيدة ؟

هل من شيء ترغبون بمعرفته ؟

ما رأيكم بالرواية عموما وما هي الإيجابيات والسلبيات ؟

من كانت شخصيتكم المفضلة ؟

بالنهاية ارجو من أعماق قلبي انها كانت جيدة بنظركم ❤

شكرا لكل من علق وتواجد وشجعني ممتنة لكم بشدة وأدعو الله أن يفرحكم ويسعدكم كما ادخلتم السرور لقلبي ، أرجو أن يكون الفصل قد نال رضاكم وان الرواية استحقت وقتكم الثمين

            ❤🌷بحفظ الرحمن ورعايته 🌷❤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top