بارت 28

جسد الصغير يهوي أمامه وعيناه لم تفارقا شقيقه

اما الصغير ذات شقيقه الذي يكرهه ويلومه على ما حصل هو حالياً مصدر الأمل الوحيد بقلبه الصغير ، الدموع المترقرقة تطايرت من عينيه مع الهواء

  ريكا والذي كان ينظر بعينيه احتدت ملامحه بشدة صر على أسنانه حين شعر بالعجز ، فكر بسرعة فبدأ بمحاولة تعديل جسده مع الهواء ليزيد من سرعة سقوطه

اقتربت الأرض منه ليظهر مجرى مائي عميق ينتهي بشلال   ومن سوء الحظ شقيقه لم يكن يبدي أي حركة سوى الرعب والاستسلام التام ، شعر بألم شديد بقلبه خائفاً ان لا يصل بالوقت المناسب ، تمالك نفسه وجعل من جسده ينزل بأتجاه الجاذبية

ومن حسن حظه حصل ما توقعه ثواني قبل الارتطام هي ما سبق امساكه بشقيقه بين يديه حيث استقبله بين ذراعيه واحتضنه بقوة أما الأخير فقد تمسك به بقوة شديدة بدموع بعينه وطلب للاختباء بصدره وإبعاد الخوف عنه

أمان غريب  شعر به فور أن امسكه بين ذراعيه وريكا حرص على منعه من رفع راسه حتى لا يرى ما ينتظرهما

كان ذلك كله قد استغرق أقل من دقيقة رغم هذا عادل رعب عدة سنوات ولم ينتهي عند هذا بل استمر ليكون  الخوف من الغرق هذه المرة الحاجز التالي الذي يجب تجاوزه !

استقبلهما الماء بالأسفل بقوة بينما يدا ريكا  تقاومان بشدة لكي لا تفلت الصغير الذي سلمه ثقته على حياته، قوة التيار جرفته بقوة ساحبة جسد الاثنين  نظر حوله بسرعة بنظرات خاطفة ليجد حبل النجاة ومن حسن الحظ انتبه لوجود جذع شجرة ممتد فحاول السباحة باتجاهه بعد أن اخرج رأسه  ورأس الصغير معه بصعوبة

ازداد سعال الصغير وهو يحاول استنشاق الهواء ويداه الصغيرتان ازدادتا تشبثاً بريكا ، جسده يرتجف من البرد وتيارات الهواء الباردة زادت ارتجافه

ريكا خلال هذا كان قد وصل اخيراً للجذع لتمتد يده بسرعة في محاولة لامساكه ، وصلت يده أخيراً بعد عناء طويل إلا أن اماله انجرفت مع ذلك الجذع بفعل التيار ليسحبه الماء للأسفل، احاطه الماء من كل جانب ومعه ذلك الصغير بين يديه ، فقد قدرته على حبس انفاسه لأي دقيقة إضافية لتقل مقاومته أكثر وينجرف جسده بأتجاه  الشلال فوراً

سقط الاثنان مع مجرى الماء والاثنان يغمضان اعينهما وكل منهما يتشبث بأقصى قوة لديه ، ريكا حرص على أن يحمله بطريقة تضمن أن أي إصابة قد تحدث ستصيبه هو وليس لين

استقبلهما الماء بالأسفل بقوة جعلت ريكا يتألم بشدة و شهق دون شعور منه وبالكاد استطاع أن يحافظ على تمسكه بشقيقه

بدأ وعيه يتسرب  منه وعيناه تغلقان دون شعور منه ، لم يرغب بأن يقاوم فقد شعر بأرهاق شديد إلا أن يد ذلك الصغير التي تزداد تشبث بطريقة لا تلبث أن تفاجئه جعلته يجبر نفسه على فتحها بصعوبة ، حاول الصعود للأعلى  سباحة بسرعة حتى وصل بعد عناء ليخرج رأس الاثنين ، لين بدأ يسعل بقوة  وأصوات انفاسه تعالت وريكا لم يكن بحال أفضل انفاسه متسارعة بشدة وصدره يصعد ويهبط بشكل ملحوظ  إضافة لشعوره!

حدق بلين بأرهاق ليتاكد من سلامته ثم توجه نحو طرف النهر سباحة رغم ارهاقه الشديد

كانت انفاسه تزداد مع كل خطوة يخطوها ولولا دينه الذي عليه تسديده لايجروا لربما أستسلم ورمى كل شيء وحسب !

وصل بعد عناء طويل اخيراً ليضع يده على اليابسة ساحباً جسده وجسد شقيقه الى هناك وفور أن خرج من الماء  وضع شقيقه على اليابسة واستند بذراعيه على الأرض جاثياً ، قطرات الماء تنزل على الأرض بعد أن ابتل تماما وشقيقه كان هو الأخر يتنفس بصعوبة بالغة  مستلقياًارضاً إلا انه قد  هدأ بعد وقت قصير من أخذ نفس عميق لعدة مرات وحدق بشقيقه بهدوء

سرعان ما احتدت ملامحه لينهض ببطئ موجهاً حديثه بألم نحو ريكا والذي كان لا يزال يحاول استعاد انفاسه الطبيعية
" أنت سبب كل ما جرى ! لو لم تكن أخ لي لما تم اخذي ولما مررت بكل هذا ! أريد ابي وأخي أنا اكرهك واريدك أن تختفي من حياتي وحسب !"

صرخ بأخر كلامه  بألم والدموع عادت للتجمع بعينيه ، انتظر رداً من ريكا ليجيبه لكن لا رد من من أمامه تابع اخذ انفاسه وحسب ليصرخ لين بعصبية
" أنا اكلمك ! "

لم يبدي ريكا اهتمام لعدة ثواني ، ملامحه التي لم تظهر لشقيقه بسبب كون حدقتيه متجهتين للارض  ظهر عليها شيء من الأنزعاج بداية  الذي سرعان ما اختفى بعد أن تنهد وحاول تهدئة نفسه بغير اهتمام بما سمعه

يدرك أنه اختُطف بسببه بأي حال أو هذا ما يفترض أن يكون الأمر عليه لكن لسبب ما هو لم يشعر  بالذنب لم يدرك أهذا لأنه انقذه أم لأنه لم يطلب أن يكون شقيقه أو يظهر نفسه ؟ أم بسبب شخصيته التي بات يراها تعيسة ؟

تجاهل ذلك حين سمع شقيقه يتحدث مجدداً فنهض وحدق بمن امامه وقرر إسكاته  مرة واحدة وأخيرة وما أفضل طريقة للتعامل مع شخص مدلل أفضل من إخافته؟

نهض وتحرك نحوه ببطئ ليجره من يده ويتحدث ببرود شديد ظهر على  عينيه ولم يدرك أن هذا لم يكن تمثيلاً بقدر ما كان إنعكاس لشعوره  بالأنزعاج  من كلامه ربما أو الألم ؟ هو لم يتوقع منه شيء حقاً لكن ان يوجه له كلام وبهذا الأسلوب ومن طفل يجعله يفكر كم أن والده آب فاشل لكي يربي مزعج كهذا !

شعر لين ببعض الخوف من نظراته التي توجهت ناحيته فكاد يتراجع للخلف حتى نطق ريكا من فوره
" لا يهمني كيف رباك ذلك الرجل ولا كيف عُوملت هناك ما يهمني اني لست اعمل لديك أيها المدلل!"

اردف بحدة أكبر وهو يجره من يده ليبدأ الاثنان السير بينما يحدق بالإمام
" لست شقيقك ومجيئي إلى هنا ما هو إلا لرد دين ما والا فحياتك لدي لا تساوي شيئاً حتى ! لذا أغلق فمك واعرف مكانك فمهما كان ما قاله ذلك التعيس لم أكن من أخبره اني أعرفك واساساً لا يربطنا شيء وبدل إلقاء اللوم علي لم والدك الموقر الذي كان مذهلا بحمايتك !"

حدق  بعدها بينما ينظر إليه بنظرة جانبية ليرى ملامحه المصدومة ربما فهو معتاد على المعاملة كأمير وموقف كهذا زاده كراهية لمن أمامه وحسب !

تجمعت الدموع بعينيه وعبس وهو يهمس بخوف
" اكرهك"

أجابه ريكا من فوره بهدوء
" أفضل ! سأعيدك لحيث يجب ولن نرى وجه بعضنا مجدداً وكم هذا يسعدني !"

صمت لين وأخفض رأسه بينما بدأ ريكا وشقيقه يسيران بين أشجار الغابة ، كان لين يحدق بما حوله بشيء من الفضول والخوف  لكنه قطعاً لم يكن مستمتعاً طالما هو لا يزال يشعر بالخوف ومن معه ليس شخص يحبه لكي يتبادلا أطراف الحديث بسعادة

كان يسترق النظر لريكا الصامت من حين لآخر أما ريكا فقد كان كل ما يفكر به هو الخروج من الغابة  بأسرع  وقت

تابع طريقه بين الاشجار بدون توقف حتى عبس ذلك الصغير مجددا ونطق بصعوبة بصوت متقطع
" أنا متعب ! أريد الراحة !"

لم يجبه ريكا فكرر الصغير كلامه بنبرة أكثر علواً فتوقف ريكا حينها بينما ينطق بنفاذ صبر بينه وبين نفسه
" يا إلهي صبرني على التحمل !"

التفت ببطئ ليحدق بالصغير ليجيبه بغير اهتمام بصراحه
" أبقى هنا وارتاح  سيأتي بعدها أولئك الأشخاص ويعطونك راحة أبدية أما أنا فسأغادر وانت حر بما تريد !"

تجمعت الدموع بعينيه مجدداً ليجيب بصوت باكي
" حسناً !"

تابع السير وقد بدا عليه التعب ريكا والذي كان لا يزال مكانه لاحظ أنه حقاً متعب ، صر على أسنانه وهمس بغيض
" تباً!"

ما تلى ذلك هو تقدمه بأنزعاج واضح وحمله للين بين يديه دون تنبيه ليشهق لين ويمسك به بقوة خوفاً من السقوط ، بدأ ريكا التحرك دون النطق بحرف واحد ولين كان يشعر بضياع تام !

هل من أمامه لديه خلل ما ؟! هذا ما كان يفكر فيه ولكنه لم يتحدث خشية أن يغير ريكا رأيه !

أمسك به ولم يرفع رأسه لينظر مطلقاً بل وضع رأسه على كتفه وظل يحدق بالفراغ تجنباً لأن تقع عينه بعيني شقيقه

تابع ريكا المسير بينما غفى لين بين يديه، بعد وقت قصير شعر بالإرهاق يكتسح جسده

توقف ليستند إلى شجرة ليلتقط انفاسه ، كان يلهث بصورة غير طبيعية ويشعر بألم شديد ناحية  ظهره ، وضع يده على المكان الذي المه ليغمض عينيه من فوره بألم ، صوت تأوه ظهر دون قصد منه ، سقوطه وتلك المعركة وكل ما جرى اتلف صحته وجسده وهو بحاجة ماسة للراحة ولا أحد يعلم متى ينهار هذا الصمود الذي يظهره

جلس ارضاً والصغير مازال بين يديه غافياً أو هذا ما ظنه لم يدرك أنه كان قد بدأ يستيقظ منذ بعض الوقت لكنه أثر الصمت ليدرك أن شقيقه كان قد أصيب وهو يتحامل على  نفسه وحسب !

نشبت حرب بداخله اينزل ويتابع  السير أم أنه واجب من أمامه أن يحمله كونه الأصغر !؟

أخرجه ريكا من دوامة أفكاره حين شرع بالحركة مجدداً
كان الطريق متشابك بتلك الأشجار مما صعب الحركة بشدة ، ومع صحته التي كانت تتجه للتدهور  كان يتوقف للراحة بين حين وآخر ، لم يستطع شقيقه الصمت أكثر فتحرك بين يديه يعلمه بنهوضه فحدق به ريكا من فوره وتصنع القوة  بمعجزة ما  ، أبعد ملامح الألم عن وجهه وحدق بمن بين يديه بصمت حتى نطق لين بعبوس طفولي
" يمكنني السير .... لا داعي لتحملني أكثر !"

أنزله ريكا من فوره وشرع بالحركة بينما عينا لين لم تفارقه ، كان يشعر بالاستياء كأي طفل آخر يعجز عن فهم ما حوله  ، كان يتسائل بداخله لما يتحامل على نفسه ويتظاهر بالقوة ؟لما يصعب عليه أن يقول انه متعب وحسب ؟ هل يكره مرافقته أم أن هناك سبب آخر ؟

كانت خطوات ريكا شديدة البطئ دون أن يشعر وشقيقه كان فقط يحدق به بصمت حتى مرت ساعة كاملة على هذا النحو ضاق لين ذرعاً فتحدث بعصبية طفولية بينما وقف بمكانه رافضاً التحرك
" لن أسير خطوة أخرى ! لنأخذ استراحة !"

ريكا والذي كان يريد إنهاء الأمر وحسب تحدث بغير مبالاة بينما ينظر بنظرات جانبية
" سأحملك "

ضرب الأرض بعصبية وهو يرفض بينما يشيح بوجهه بغضب طفولي
" لا ! سنرتاح يعني سنرتاح !"

ريكا حدق به لثواني بينما اقتضبت   ملامحه ، لم يكن  يوماً بمزاج  جيد أو كانت لديه رغبة بتحمل أحد وبالطبع لن تكون لديه وهو خارج من معركة ما  ومصاب بجروح  عميقة تجعل كل خطوة أكثر الماً من الأخرى

كان على وشك الانفجار لكن تنهد في محاولة يائسة لتهدئة نفسه  مخرجاً تيار الهواء من رأتيه  وحدق به بنفاذ صبر " سنرتاح دقائق لا غير وهذا آخر ما لدي لن اقبل بأي نقاش !"

تحرك نحو شجرة كبيرة ليستند ريكا لها ، رفع راسه للأعلى وحدق بالسماء  بأرهاق ، انفاسه المتزايدة كانت واضحة وهو يحاول استنشاق أكبر قدر من الهواء

لين اقترب بعد وقت قصير ليجلس على بعد مسافة عنه بينما يضم قدميه لصدره  وكل ما يريده هو المغادرة ولم يكن وضع ريكا مختلفاً فهو الآخر لا يحب التعامل مع الاطفال وخصوصاً المدللين أمثال لين وفوق ذلك هو ينتمي لمن يكرههم لذا كل ما كان يريده هو الوصول إليهم بأسرع وقت ممكن وتسليمهم الصغير خصوصاً ان أعصابه بدأت تتلف من التعامل معه أما الصغير فقد كان يسترق النظر له من حين لآخر   مر على هذه الحال نصف ساعة  وخلالها ودون شعور انسل جفنا لين ليغفو اما ريكا فلم يكن ورغم ارهاقه قادراً على ذلك بسبب قلقه من أن يتبعوهم ، حدق بالطفل لثواني ثم تنهد وتقدم باتجاهه بخطوات ثابته حتى امتدت يداه لتحملا الصغير

~~~~~
خلال هذا  كان البحث مستمراً عن لين من قبل كل رجال جده ومعهم طبعاً شقيق ريكا وصديقه كان البحث بكل أنحاء المنطقة ولا أثر

خلال هذا كاوري والتي كانت نائمة بسلام لم يدم عليها ذلك فالكوابيس بدأت تهاجمها مفسدة  فترة راحتها ، صغيرها نيكولا يتعذب بالحلم وهي واقفة تتفرج ، تكرر هذا عدة مرات بينما هي تتقلب بالسرير بألم وحزن وضيق واضح وزوجها قربها يحاول طمأنتها واحتضانها  ولا فائدة حتى   استيقظت وفتحت كاوري عينيها برعب وهي تلهث

زوجها بقي يحدق بها بقلق  واضح  بينما يسند جسدها  أما هي فقد حاولت تمالك نفسها بل إن دموعها سالت دون شعور ثم سرعان ما ادركت أن ناوتو قربها فهمست بنبرة  مرهقة جمعت بين الإستنكار والامتنان بطريقة غير متوقعة
" ما الذي تفعله هنا ؟"

سؤالها أشعر زوجها بشيء من الألم فهي حين تستيقظ لطالما كان أول ما تفعله هو الابتسامة له وأخباره انها سعيدة  بوجوده ، اشاح بوجهه بحزن شديد ورد على سؤالها بأستياء
" لما برأيك سأكون قربك مثلاً ؟! أعلم اني أخطأت معه لكن لا تجعلي ذلك يقف بيننا كاوري !الأمر بين آب وابنه فلما تتدخلين ؟! "

إجابته بإستنكار تام بصوتها المرهق تتخله صوت أنفاسها
" اب وابنه ؟ يفترض بي عدم التدخل اذا ؟ وماذا فعلت انت حين لم اتدخل ؟ "

التزم الصمت دون أن ينظر إليها لتردف هي بحزن شديد
" لطالما كنت سعيدة معك بشدة وأقول أن زوجي أفضل زوج واب ولكن ..... "

حدق بها بألم شديد ليجيبها بتوسل بينما يمسك بيدها
"لا تظلميني كاوري ! انتِ لم تكوني  معي حين حدث ، لقد أصبت بانهيار شديد  وانا كنت فقط متعباً من كل شيء و...."

ردت عليه بابتسامة منكسرة
" وماذا فعلت بعد أن عاد مجدداً ؟ ذهبت لمكتبك  لتجلس فيه وفضلت كبريائك  !"

رد عليها بشيء من الانفعال بينما يجيبها بأستياء بعد أن نهض واقفاً
" وهل تظنين أنه قد يمنحني فرصة حتى ؟ألم تري كل تلك الكراهية بعينيه ؟ "

ضيقت زرقاوتيها لتجيبه بشيء من الغيض من تبريراته
" وهل تلومه بعد كل ما جرى ؟! أنت حطمته أكثر من أي أحد آخر إذاً مسامحته لك ستتطلب أن تعوضه بشكل كبير حتى يفعل هذا أن فعل حتى   ! وماذا فعلت انت ؟ لا شيء !"

لم يرد عليها فلم يكن لديه أي حجج أخرى ، هو يدرك أنه لم يفعل اي شيء  واختار الطريق الأسهل فاردفت هي بصوت مرهق
" اتصل بأسرتي ، سأذهب لمنزلهم  لمدة "

اتسعت عيناه بشدة والتفت يحدق بها بصدمة ليهمس بغير تصديق
" لكن كاوري ..."

ردت عليه بضع كلمات حملت معها هدوء شديد بينما تجيبه وهي تحدق بالخارج
" لا اظن وجودي هنا جيد بالوقت الراهن ، سأخذه معي هو ولين وايجيروا له حق تقرير أين يريد البقاء ، أحتاج وقت للتفكير وحدي !"

كلامها المه بشدة فنطق دون شعور بينما الانفعال بان بنبرة صوته وملامحه
"لن أسمح لك بالخروج اساساً ! انا مرهق بما يكفي ! لين مختفي منذ أيام ونيكولا الذي تريدين ترك المنزل لاجله رحل اساساً وهرب فكفي عن تدمير كل شيء وتدميري لاجل شخص لا يحاول تقبلنا حتى !"

حدقتاها  تعلقت به بصدمة حقيقية لتجيبه بصدمة واضحة
" لين ...مفقود ؟! و نيكولا ....."

صرخت بعد أن نهضت وتمسكت بقميصه بعتاب
" والآن فقط حتى أخبرتني ؟! أين صغاري!؟ كيف تسمح بحصول كل هذا ؟!"

شعر بفداحة ما فعله وكيف انه الآن من تسبب بأرهاقها وكأن ذلك كان ينقصها !

ابتعدت عنه بعينين  جادتين اغرقتهما الدموع ونهضت من السرير تحت انظاره القلقة ليتحدث بعد صمت طال
" ماذا ستفعلين ؟!"

ردت عليه بجدية بالغة بينما وقفت بأستقامة
" سابحث  عن صغيراي ولا أريد سماع اي تذمر ! لن أبقى هنا ! ساجدهما واذهب كما قلت ! "

تحركت بخطوات مسرعة متجهه نحو الخارج بينما حدق هو بالارض بغضب شديد ، اخرج دوائه ليخرج تلك الحبة وابتلعها من فوره ليلحق بها ليتاكد أنها بخير ويبحث معها !

~~~~~
في مكان آخر حيث  صوفيا اوليفر واندرو يجلسون هناك للراحة حدق اندرو بالسماء الصافية وهو يفكر بأين يحتمل أن يكون ريكا

صوفيا تحدثت بتسائل وهي  تنهض من على الأرض وتنفض ثيابها
" اذا ما الخطة ؟ نبحث عنه ونعيده معنا أم نتعامل مع الأمر وحدنا ؟"

اوليفر نهض من الأرض بينما ينفض ثيابه هو الآخر
" لن نتركه حقاً اساساً أحد أسباب وجودي هو شعوري بالذنب تجاهه والذي بطريقة ما كلما حاولت التخلص منه تعمق أكثر  ! "

اندرو كان  قد نهض واستند لأحد الأشجار بينما يفكر بعمق وهو مغمض العينين  ثم انزل يديه لتظهر خضراوتيه بينما يبتسم بعبث 
" هو حي هذا مؤكد ، لو كان سيموت لما كان بهذه السهولة ، ليس بعد كل ما مر به ، هو قط بسبع أرواح ! لذا لنجده حتى تكتمل المجموعة فبعد كل شيء لا يمكننا العودة للمنزل دونه ! "

ايد الاثنان ذلك بينما تجيب صوفيا بتسائل
" أخبرني اذا كيف سنجده؟ لم نعد نملك الجهاز للوصول اليه، هل من أفكار ؟"

وضع اوليفر يده تحت ذقنه مقترحاً بصوت غير واثق
" لست متاكداً لكن هو حاول إنقاذ شقيقه صحيح!؟ إذا إلا يعني أنه سيعيده لهم ؟ربما أن ذهبنا حيث يتواجدون قد نجده ؟"

أومأ اندرو بينما يجيب بلا مبالاة
"  يفترض أجل وان كنت أشك أنه سيظهر نفسه أمامهم أو يحاول على الأقل فهو لا يطيقهم كما  رأيتم!"

حدق الاثنان به ثم حل الصمت لينطلق الثلاثة بدون أي كلمة أخرى حين شرع اندرو بالسير وكل منهم يفكر بما يشغله بصمت

~~~~~
بعد مرور وقت طويل وسير مسافة طويلة ومع إرهاق شديد تملك ريكا بسبب سيره مع كل تلك الإصابات دون تزويد نفسه بمصدر للدماء أو الراحة وصل اخيراً لنهاية الغابة  بشق الأنفس لتبدأ حدود المدينة بالظهور  ليستيقظ لين حينها ويبدأ بفتح عينيه محدقاً بمن يحمله ، رفع راسه عن ظهر شقيقه بنعاس واضح بعينيه وهو يهمس بصوت ناعس
"أين انا ؟"

لم يتعب ريكا نفسه بالرد فهو كان بينه وبين الأنهار الجسدي والعصبي شعرة وحسب فالشعور  بالألم ورغم ذلك تجاهله ليتضاعف قطعاً لم يكن بالشعور اللطيف لتحمله عدة ساعات مع وجود ثقل فوق ظهرك !

حين أدرك لين الموقف حدق حول المكان وأدرك أنه نام بهدوء ليتولى ريكا السير مجدداً فما كان منه إلا أن حدق بملامحه المرهقة ، تردد بما يجب فعله لكنه فوجئ بريكا يضعه ارضاً بينما يقول بنبرة جافة
" تابع السير وحدك "

عبس لين بشدة وهو يشعر أنه يمن عليه حمله فصرخ غاضباً بضيق وهو يسبقه بخطوات متسارعة بعد أن إستعاد نشاطه
" لا تتصرف بكل هذا الغرور ! اساسا انا بهذه الورطة  بسببك لذا حملي هو أقل ما تقوم به !"

ريكا لم يكبح نفسه وان كان يدرك أن من أمامه طفل إلا أن تصرفاته لم ترقه وهو يدوس على نفسه منذ مدة اساساً فتحدث بنبرة ارعبت الصغير من برودها وما تحمله بين طياتها من تهديد  بينما يجره من يده بقوة
" كلمة أخرى واقتلع رأسك من مكانه أيها المدلل ! لست مضطراً لإنقاذ تافه مثلك اساسا ولو لم أكن مديناً لشقيقك لما اتعبت نفسي ! أغلق فمك وأي كلمة أخرى لا تلم سوى  نفسك مفهوم ؟!"

صرخ بأخر كلامه بينما يلهث أما لين فقد دمعت عيناه وهو يومأ بخوف شديد ليبدأ السير مبقياً مسافة عن ريكا الذي ترك يده بانزعاج وبدأ التحرك مجدداً ، هو للان لم يشعر بأي ذنب تجاه لين بل يفكر أنه لم يكن السبب حقا فلو حماه والده ما كان سيقع بين يديهم !

تقدم لين بخطوات مسرعة يحاول التخلص من هذا الشخص السيء كما سماه وهو يريد الهرب منه بأسرع وقت والذهاب لامان  والدته

ريكا لم يهتم رغم ادراكه أنه اخافه كل ما كان يهمه هو أن ينهي هذه المهزلة كما سماها ويتخلص من هذا الدين الذي اثقله

كاوري بذلك الوقت كانت تصرخ بأسم صغيريها  بخوف شديد والارهاق بادي عليها وخلفها زوجها  يبحث معها ويراقب حالتها بالوقت ذاته 

ايجيروا اقبل بعد وقت قصير وهو يلهث بعد أن كان يركض بالإرجاء مع رفيقه نيك ، اقبل هو الآخر يتأكد من سلامة والدته  للإطمئنان عليها ، لاحظ ملامحها المرهقة فتقدم منها  مقترباً ووضع يده على كتفها وحاول طمأنتها بكلماته
" امي ، سأبحث انا عنه ارجوكِ عودي للمنزل للراحة  وثقي بي  لن أعود دونه !"

زرقاوتاها توجهت نحوه وهي تجيبه بعزم بينما تبعد يده بهدوء
" انسى الأمر  سأعيد صغيراي  بنفسي ! إذهب للبحث بجهة أخرى دون قلق علي ساكون بخير !"

ضيق عينيه بحسرة وهو يرى والدته بتلك الحال حتى توجهت الأنظار باتجاه معين بوقت مفاجئ وبوقت واحد  ، كاوري أسرعت بذاك الاتجاه بفزع شديد  وتبعها ايجيرو بخطوات سريعة ، كيف لا وهما يدركان من صاحب رائحة الدماء هذه ؟

ناوتو تردد بالتحرك فهو يدرك أن لا مكان له إذاً أليس ذهابه امراً لا داعي له؟ هذه الأفكار جالت بعقله مراراً لكنه وجد نفسه يتجه نحو ذلك المكان لسبب أو لآخر لم يعلم سببه حقاً ، فور وصول كاوري إلى هناك وقع ناظريها على صغيريها يسيران متباعدين أحدهما يبدو عليه الضيق والخوف والآخر يبدو عليه الغضب والارهاق وجروح عديدة تملئ جسده

انتبه ريكا اخيراً لها بينما سمع لين صوت والده يصرخ بأسمه بتفاجأ شديد جعله  يرفع رأسه من فوره لتملئ الدموع عينيه وهو يصرخ بسعادة منادياً على أمه وأبيه  بينما يركض لأسرته  وهو يشعر أنه فقط الأن تحرر حقاً !

قفز لين بين يدي والده ليحتضنه الأخير بقوة مربتاً على ظهره بخفة وهو يحكم يديه حوله ، ايجيروا علق بصره  على ريكا بقلق شديد وعيون متألمة فكلما تركه عاد بجروح من نوع ما وحين ابقاه انتهى به الأمر بالانتحار  بكل الأحوال هو يكاد يفقده وهذا يقوده للجنون بشدة ، والدته تحركت بأتجاهه بخطوات مسرعة بعد أن اطمأنت على أن لين بخير لتتجه نحوه لتفقده إلا أنه وفور رؤية لين يصل إليهم التفت قاصداً المغادرة

وقبل أن تصل إليه يد أمه صوت ناوتو الغاضب صدح بالإرجاء بينما يده تمسك بصغيره
"أعلم أنك  غاضب مني لكن ان يصل بك الأمر أن تأخذ ابني الأصغر لتنتقم الست تبالغ بهذا ؟! "

اتسعت عينا كاوري والتفتت سريعاً تحدق به بأستنكار شديد !

لم يختلف حال ايجيروا حقاً فهو حدق بوالده بغضب تام هاتفاً بضيق لم يقدر على كبته داخل قلبه
" عما تتحدث انت ؟! هو كان بالمنزل حين إختفى لين ! ولم يختفي سوى بعده ! "

لين هو الآخر ورغم كل شيء تحدث بينما يمسك بملابسه بشيء من الخوف
" ابي هو انقذني في الواقع وان كان تم الإمساك بي بسببه لكنه انقذني !"

صمت ناوتو قليلاً وظهر شيء من الندم والارتباك على ملامحه ، ادرك انه تسرع مجدداً وكل هذا بسبب وضعه لفكرة ان ريكا يريد الانتقام منه ، حدق به ناوتو بينما يدنو منه قائلا بأرتباك واضح
" فهمت صغيري لا بأس اظنني تسرعت بسبب القلق عليك "

لم يختفي غضب كاوري  حقاً ولا استنكار ايجيرو ، ولكن ناوتو تجنب النظر إليهما وإلى ذلك الذي لم يستدر بعد ولم يتحرك حتى ، لم يدرك أحد ماذا كان موقفه حقاً من هذا الاتهام بعد

كاوري تحدثت بصرامة موجهه كلامها للين
" لين ! تعال إلى هنا ! سنذهب لمنزل جدك لمدة !"

إنتفض ناوتو ينهض من أمام لين وهو يجيب بحدة
" قلت لن أسمح كاوري ! الأمر بيني وبينه أن أراد قول شيء ليقله لي ويحل الأمر معي انتِ ابقي خارج الأمر ! هل ستحرمين صغارك من والدهم لاجل سوء فهم حصل بيني وبينه ؟! "

حدقت به بعصبية شديدة وهي تجيب بأنفعال
" سوء فهم ؟!أرجوك يكفي ! قراري حسم وانتهى سأخذ الثلاثة معي لمنزل اسرتي وانتهى !"

ايجيرو حدق بهما بدهشة ؛هو لم يسمع عن هذا ولم يدرك أن والدته اتخذت هذا القرار ! لكن أكثر ما كان يهمه هو شقيقه ، التفت يحدق به وان كان يعطيه ظهره للان لذا كان محال معرفة ما يفكر فيه !

لكن عيناه لم تفارق شقيقه رغم ذلك بنظرات وجلة ، الكثير من الحديث المستفز هو  كل ما كان يقوله والده ولم يعلم أهو يتعمد أم هو أحمق من الدرجة الأولى أم فقط لا يبالي بمشاعر ريكا مطلقاً !

هو نوى التقدم  نحوه إلا أن جسد ريكا تحرك اخيراً بشكل مفاجئ يسير بالاتجاه المعاكس  للطريق الذي اختاره تواً ! أي بالعكس هو إتجه نحو والده مباشرة مما جعل الصمت يحل بين الكل ،نظرات لين كانت موجهه نحوه بشيء من الفزع ووالده كان يحدق به بشيء من الذنب لكنه سرعان ما أشاح بوجهه بسرعة وكانه ليس من قال كل تلك الكلمات !

كاوري كانت تراقب بحذر وهمست بتردد بينما يمر هو من امامها بصمت
"نيكولا ، صغيري أرجوك تعال معي وحسب !"

ايجيرو همس بألم شديد وهو يقبض على يديه مراقباً ما يجري بترقب
" تباً !"

~~~~~~
بذلك المنزل بعالم السحرة ارتفع صوت  تلك السيدة من الغرفة وهي تصرخ بعصبية شديدة على شقيقها الذي وقف امامها بأنزعاج
" هل ارتحت؟! اجبني ؟! ضيعت كل جهودي ! أخذته مني قبل أن افرح برؤيته ! لماذا؟!كيف  ستقابل  اختي بالحياة الاخرى ؟!"

هو رد عليها بأنزعاج وشيء من العصبية خالج نبرته
" كفي عن الصراخ لاجل مجرم ما  ! لقد انقذتك من شخص مثله بدل التذمر لاجل هذا عليك شكري ! ستفهمين يوماً .."

يدها ارتفعت لتضرب بقوة  على خده جعلت وجهه يلتف للجهة الأخرى ، دهشة شديدة وصدمة هي  كل ما شعر به وغضب تفجر خلال ثواني ممزوج بصدمته وهو يحدق بها بغير تصديق
" هل ضربتني حقاً لاجله ؟! هل تجرأتي وفعلتها حقاً؟! "

كل ما قالته بنظرات تشتعل حقداً ويدها تشير   للباب
" أخرج ، اعتبرني ميتة مثل اختي ! انتهى الأمر بيننا ! أنت لم تحترم رغبتي وقراري، لم تحترم مشاعري ولم تحترم اختنا الميتة ، من أشعر بالعار منه هو انت لا هو ! أخرج ولا أريد رؤية وجهك اللعين مجدداً !"

لم يستطع قول شيء وهو يرى هذه النظرات منها لذا سرعان م ابتسم بشر وهو يجيبها بغضب مكتوم
" حسناً يا اختي لك هذا ! لا تأتي باكية لاحقاً فأنتِ ميتة من وجهه نظري !"

مر من جانبها مغادراً دون أن تنظر هي إليه حتى بينما ابنتها كانت قد دخلت لغرفتها لتحبس نفسها فيها منذ ما جرى فهي كأي طفل بعمرها سريعة  التعلق واندرو بأسلوبه كان قادراً على الدخول لقلبها!

توجهت والدتها نحو غرفتها بعد أن سمعت صوت إغلاق الباب الخارجي للمنزل ، شعرت برغبة عارمة بالبكاء ، لا يمكنها التفكير بأن صغيرها رحل مجدداً بعد كل ذلك الجهد المبذول !

توقفت أمام باب الغرفة تتطرق عدة مرات وتنتظر جواب صغيرتها والتي يصل إليها صوت شهقاتها
حين لم تتلقى رداً دخلت دون  انتظار الرد هذه المرة وأغلقت الباب بحذر لتتجه نحو صغيرتها التي اتخذت من السرير مكاناً يحتضن جسدها الصغير  والوسادة كانت اليد الحنون التي مسحت دموعها   الهاطلة على خديها ، وصوت شهقاتها كان خافتاً بعد أن قضت وقت طويلاً بالبكاء ، لم ترى أن من العدل الحديث عن شخص بسوء هكذا وطرده، تخيل مشاعره كان أكثر ما يؤلمها وتذكر كلماته لها كان يجعلها تحاول كتمها

يد والدتها بدأت تعبث بخصلها البنية بخفة لترفع هي رأسه بعينيها المحمرتين  نظرت لوالداتها بنظرة متألمة وهي تسأل ببراءة الأطفال
" لما قالوا ذلك له امي ؟!هو ليس سيء ! الن يتألم هكذا ؟!"

منع دموعها من أن تلحق بخاصة صغيرتها وتهرب واجابت بأبتسامة مرهقة بعد أن أخذتها بين يديها واحتضنتها
" تعلمين صغيرتي روز ، أغلب البشر هكذا ، يرتكبون الأخطاء فيغضون البصر عنها، وان فعلها غيرهم فلا  يشعرون بما يفعلونه هم ، ما لم يكونوا هم بمرمى الرصاصة لن يشعروا بشعورها ، يحكمون عليك من موقعهم هم ليس موقعك هكذا هم ! لا يمكن تغيرهم !"

ظلت الصغيرة تشهق ببطئ وهو تحاول مسح دموعها  بينما تتحدث بصوت باكي
" تعلمين امي ، هو قال لي أن لا اقلق عليه لأنه سيكون بخير  وطلب أن لا نبحث عنه فهو سيعود لحيث ينتمي لكنه سيزورنا لو كتب له ! "

حدقت بها أمها بألم وهي تسمع هذا ، أغمضت عينيها وهي تهمس
"كايو ماذا أفعل !"

روز نهضت لتعانق والدتها بقوة وهي تراها على هذه الحال ، حائرة هل تلحق به مجدداً  ام تتركه يقرر ما يشاء ؟!هل هو بخير حقاً ؟! ظل قلبها حائراً وهي تستمد بعض الثبات من صغيرتها

يتبع 
ارجو ان يعجبكم 😍😍😍😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top