Our child | 20
THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD
اهلاً بكم في الفصل العِشرون 🍂
لنبدأ 🐻
•••
- مَلامِحُها بريئَة للغايَة ، يا تُرى من أين جائَت..؟
- ليسَ علينا ان نستفسر عن هَويتِها
فالأمر ليسَ لصالحنا ، كُل ما عَلينا فعلهُ هو تنفيذُ الأوامِر
- هذِه الطِفلَة تكسرُ خاطِري..!
- ذَنبُها انها وَقعت بين آيادٍ ، لا ترحمُ الإنسيّ
كانت تِلك الهَمساتُ تترددُ الي اُذنيّ النائِمَة فوق السَريرِ تتصببُ عَرقًا ، جَلست مفزوعَةٍ كالمرَةِ الماضيَة من بَعد ان راوَدتها احلامٍ لا تعرفُ مَصدرِها
لَكنها تبدوا كَمشاهدٍ تُطاردها من الماضي الذي لا تَذكُر عَنهُ شيئًا
رأسُها لا يَزال يُؤلمها لِحَدٍ كَبير ، مَسكتهُ بِكلتا يديها و اغمَضت عُيونها بِوَجعٍ جَعلها تهمسُ لِمُخاطبَة نفسِها قائِلَة
- هشش اهدَئي ، كُله سَيمضي
حاوَلت ان تُخفف ثِقل ذلك الحِمل و إذ بالبابِ الخاص بِغُرفتها يُفتَح ، عندما رَفعت عينيها للتَحديقُ في هَوية من فَتحهُ ، وَجدت شابَة تلبسُ رداءًا أبيض جَعل عُيونها تَنبلج ، رأت بين اصابِعها حُقنَة تَسببت في ازديادِ مُعدل خَوفها للحَد الذي جَعلها تصرُخ بهستيريَة
خافَت و لم تستطِع ان تَتحكم في مَشاعرها او تُسيطر على حِدَة الاحساس البشع الذي داهَمها ، قامَت بالصُراخ بأعلى صَوتها و هي تتراجَعُ الي الخَلف كمُحاولَة للهربِ من المُمرضَة التي فوجِئت بِرد فعلها الغير مُتوقع..!
كانت قد جائت من اجلِ موعد علاجِها المُعتاد و بِمُجَرد ان دَخلت لم يكُن ترحيبُ ماريسا كالمُتوقَع..!
اقترَبت منها تُحاول فَهم خَطِبها عندما قالَت بتوتر
- سي..سيدتي ما..مابكِ ؟ لما انتِ خائف..خائفة؟
مُجَرد رؤيَة المُمرضَة بالرداء الأبيض كان مَصدر خوفٍ شَديد بالنسبَة الي من قامَت بِدفعها بقوّة الي الوراء بينَما تُنفي برأسِها كما لو انّها ترفض واقعًا فُرِض عَليها
خافَت بشدّة و لِحُسن حَظها ان السفير كان موجودًا و تَمكن من الدُخول مسرعًا عندما سَمع صُراخها بعدما كان يُلاعب رَسيل التي تركها رفقة العابها
دخل الي الغُرفَة و سأل بِهَلع
- مالذي يحدُث؟ ما الخَطب..؟
نَفت المُمرضَة برأسِها بِعَدم فهم فَتقدم اللورد مِن اُم طفلته بعدما طَلب مِن الثانيَة الرَحيل ، بِمَجرد ان خرجَت بدأ جَسد ماريسا يُخفف من انتِفاضاته تدريجيًا ، فَتقدم اخضرُ العينين لاستِغلال فُرصته بالجُلوس بِقُربها يتفقدُ عينيها الغارقَة بالدُموع ، كانَت ترتعشُ بشدّة جَعلتهُ يستفسرُ بصوتٍ هادئ
- مالذي حَدث معكِ ؟ هل راودكِ كابوسًا؟
كُم قَميصها كان طويلاً لِيسمح لها بتجفيف دُموعها المُنسكبَة على خُدودها ، ارتعاشها لم يَخِف لثانيَة بل زاد كُلما تذكَرت هيئَة المُمرضَة و ثوبها الأبيض الذي ردّ لها مخاوفٍ قديمَة لا تذكُر منها سِوا مُصطلحاتٍ تُراودها في حُلمها
- ل..لا اريد رؤية ذلك الثوب الأبيض
قالَت بِصَوت مُرتجِف و هي تتشبثُ باخر قطراتٍ من دُموعها بِصعوبَة كيّ لا تَحرق وجنتيها بِمُلوحَتها من جَديد ، جَعلت السفير يَتعجب و هو يُشاهد رَد فعلها الغيرُ مُبرر تجاه المُمرضَة فسال بحيرَة
- لما؟ مالذي فعلتهُ تلك المُمرضَة لكِ؟
هل قامت بايذائكِ في غيابي؟
حَدق في عينيّ من لم تَصنع اي تَواصل بصري بينهُما بل عُيونها كانت مُركزَة على الفَراغِ و هي تتَذكر مُقتطفات الاحلام الماضِيَة التي تردد اليها كِل ليلَة
- انه..انهم يري..يريدون رس..رسيل
تَعجب اللورد اكثَر من كَلامِها ، بل راوَده القلق حينَما تعلق الامر بابنتِه فقام بامساكِ كتف الصُغرى يُديرها نَحوهُ ، جَعلها تنظر الي عَينيه و حينما فعلت سألها بِحَذر
- من الذي يُريد رَسيل؟
انتَظر مِنها جوابًا شافيًا ، لَكنهُ لاحظ نَظراتها المُستمرَة اليه و كأنها تستعيد واقعها من جَديد ، وَعت على ما يُجاورها و بِمُجَرد أن خَف ارتجافها قالَت
- ان..انت!
قَطب حواجِبه و فُوجئ عندما دَفعتهُ بقوّة من كَتفه و استقامَت امامَهُ تمسحُ دموعها بِخُشونَة ، لم يستطِع النطق حتّى فهي هاجمته بسُؤالها باندفاعٍ تقول
- اين كنت ليلَة البارحَة؟
اجابَها بعدما رأى جِديَة ملامِحها و هي تُطالعه بحدّة
- كنتُ في مؤتمر يَخُص العَمل؟
شدّت قبضتيها بِقوّة و صَرخت بِه بغَضب
- كاذِب! لقد رأيتك في التلفاز مع فتاةٍ شقراء
اندهَش مِما قالتهُ و انعقَد لسانَهُ و هو يَراها تثورُ من غضِبها عَليه ، اقتَربت منهُ تُمسكه من ياقتهُ و تعتصِرُها بقوّة شديدَة
- اعترِف..! اتقومُ بخيانتي؟ هل تستغلُ فقداني لذاكرتي و مَرضي؟
مَسك يديها يُحاول تحرير وِثاقهُ و حينَما نجح استقام يُناظرها بجديَة
- ماريسا مالذي تَتحدثين عنهُ؟ ايةُ خيانَة؟
مالذي يَحدُث؟ هل حقًا جحيم الخيانَة يُطارده في كُل صَوب؟
الا يَكفيه هوسُ زوجته التي سَببت لهُ ازمَة نفسيَة!!
نَظراتُ ماريسا الشرسة جَعلتهُ يُدرك ان اللبوَة التي بداخِلها لم تُقتَل ، بل رَوضها المَرضُ و نَجحت مشاعرُ الغضَب من افتراسِ هدوءِها ، بالأمسِ كانت هادِئَة و خجولَة..! و اليَوم تكادُ تلتهمهُ حينَما اصرَت على مَوقفها تُهسهس بحدَة
- لقد حذرتك قبل يَومين و اخبرتك بالحَرفِ ألا تستغفلني جون!
قُلت لَك ، ان مَرضي ليس حُجَة ليحميك من غَضبي
لا تعتقد انَك تستطيعُ التصرُف بحريَة
فقط لاني فقدتُ ذاكرتي!!
لم تُعطيه ايَةُ مساحَة للحَديث و تابعَت تنطقُ بغضبٍ ليسَ لهُ مَثيل
- اي قلبٍ هذا سَمح لك بالخُروج و حُضور الحَفلات بينما امرأتك مريضَة مرميَة في الفراشِ مَع ابنتِك! الا تملكُ احساس؟
المُشكلَة ان شُعورها بالغصَة كان حَقيقيًا لِموضوعٍ ليسَ واقعيّ..!
احساسُها بالخيانَة حَقيقَة ، بينَما زواجِها باطل!
ذلك ما جَعل المُشكلَة اكبر بالنسبة الي اللورد الذي لم يَجِد تبريرًا يستطيعُ تَخفيف حدَة ما تشعُر به ، كَيف يُقنعها ان التي رأتها معهُ ، هي زوجته الاصليَة..!
كان في وضعٍ لا يُحسد عليه بِكُل المَقاييس
حتى في امتحاناته النهائيَة ، لم يشعُر بالتوتر لِهَذا الحَد
نَظر في عَينيها بِجديَة و قال بهُدوء كَمُحاولَة لتقليلِ غضبها
- ماريسا انتِ فهمتِ الامر بشكلٍ خاطِئ
انا لم اخنكِ ، بل كنتُ في اجتماع عمل همم؟
حَدقت بِه بحدَة مُتحدثَة
- اجتماع عَملٍ و تسمح لها بتأبط ذِراعك؟
منذ ان استفقتُ لم اُمسك بيدك و لا مرّة..!
كانت الغيرَة واضحَة من نبرَة صَوتها فالمرأة بطبعها تتملُك الرَجُل الذي في حياتِها حتى و ان لَم تكُن تكُنُّ لهُ ايَة مشاعر..! المهم يَخُصها
و بالنسبَة اليها ، فاللورد مُلكها! و والد ابنتِها
نظراتها ساحقَة و غضبها لم يستطع اخمادَهُ مطلقًا اذ دفعتهُ من صَدره الي الخَلف و تابعَت تخاطبه مُهاجمَة
- ان كنت من النَوع الذي تستحلُّ خروجك مع النساء على الرُغم من ان هنالك امراة في حَياتك ، فانت لا تُناسبني بكل المَقاييس
امسَك بِرسغها يمنعها من دَفعه بعدَما تفاقم غضبهُ اذ هَمس
- ماريسا يَكفي! دعينا نتفاهم
نَفضت معصمها عَنهُ و اصرَت على اسنانِها قائلَة
- لن اتفاهَم مع شخصٍ لم يحترم وجودي في حَياته
انت استغَلفتني واستغللت نُقطَة ضعفي
كيف طاوعَك قلبُك؟ اولستُ امرأتك؟
احترم اني اُم طفلتك على الأقل!!
حَدقت في عينيه تَجدهُ يَمسحُ على وَجهه للتهديئ من اعصابِه المُتلفَة ، بصعوبَة استطاع ان يتحدث للدِفاع عن نَفسه عندما قال
- انا احترمُ غيابكِ ، و لم اقُم بخيانتك لما لا تُصدقين؟
لما تكبرين الامر لقد كان مُجَرد اجتماع عمل..!!
ارتَفع طرفُ شِفاهها ساخِرَة من استخفافه بِشُعورها و قالَت
- مجرد اجتماع عَمل؟ بالنسبَة اليّ فالنظرة تُعتبر خيانَة
امّا هي! فامسكَت يدك التي لم المسها بطرف اصبعي حتّى!
اتستخفُ بشعوري الي هَذا الحَد؟
تابعَت بعدما جَف ريقها و اضطَرت ان تَصمت للحظاتٍ لاستِجماع قُوتها كيّ تُواصل النقاش المُرهق لِروحها
- انت تُثبت لي بتصرُفاتك ، انّ زواجنا لم يَكُن بارادتك
انت تَنفُر منّي ، و من وجودي بشكلٍ ملحوظ
تَمنعُ عليّ لمسِك ، او حتى احتِضانك
حَدقت في عُيونه من جَديد فتابعَت بغصّة
- تَحرمني من حُضنك في الوَقت الذي انا باشدّ الحاجَة اليه
كَلامها لا يُشعره بأيّ تأنيب ضَميرٍ اساسًا
فلا يمتلكُ نحوها شُعورٍ و لو بِمقدار ذرّة
لَكنهُ ..! يُشفق عَليها لحدٍ كَبير
ان كان هُنالك احساسٍ يتحرك بداخله في الوَقت الراهن
فَهو شُعور الاستياءُ من الموقف الذي وَضعها فيه
هي مُتوهمَة بطريقَةٍ مُؤذيَة لِروحها..!
اخفَض رأسهُ لتبليل شَفتيه الجافَة و حينما سقاها بلُعابه قال بهدوء
- انهُ ليس الوقت المُناسب لمناقشَة هذا الامر ماريسا
انتِ مريضَة و جسدكِ بحاجَة الي الراحة
حَدقت بِه للحظاتٍ بصمتٍ قبل ان تنطِق بنبرةٍ مليئَة بالخيبَة
- انت حتى لم تُنكر ، ان زواجك منّي انت مُجبر عليه..!
اذلك حَقيقيّ؟ احقًا تزوجتني دون ارادتك؟
بدأ الحُزن يزيدُ في عَينيها و التّعبُ يظهر بوضوحٍ على مَلامحها المليئة بالجُروح ، يَكفيها المرضُ الذي ينهشُ جَسدها..! لما يستمرُ الالم بأكلِ روحها و الوَجع بامتصاصِ الدماء من عُروقها لِمَنع الغذاء عن قلبها المُهلَك؟
لم يستطِع ان يُناقشها او يسرق المَزيد من طاقتها فمن الواضح انها تُجاهد للوقوفِ بكل هذه القوَة امامَه ، لتوها كانت في حالة هستيرية من الصُراخِ و البُكاء..!
كان من الواضِح انّها لم تشعُر بالأمانِ معهُ
فهي لم تطلُب حُضنَه في اشدّ حالاتها سُوءًا
بل اول ما قامَت بِه ، هو مُعاتبته و نَهرِه
هي خائِفَة بجواره! و قلبُها يستمرُ بانذارها منهُ
كانّها في الصَميم تعلمُ انهُ لا يَخُصها..!
اقتَرب مِنها حينما لاحظ اختلال توازِنها كيّ يُسندها عليه و هي لم تُقاوم فالألم تَمكن مِنها للحد الذي جَعلها تكادُ تقعُ من طولها ، اتكَئت عليه بعد الحاحٍ منهُ و اخَذها الي الفراشِ يُجلسها عليه بعدما جَلس القرفصاء امامَها ينظُر في عُيونها
- صَحيح ، زواجنا لم يَكُن برضى الطَرفين
ما قالهُ جَعلها تنظُر نحوهُ من وَسط الألم الذي يخترقُ رأسها بشراسَة ، مَسكتهُ بوجعٍ تسمعهُ يُتابع
- لم تكُن هنالك ايَةُ مَشاعر تجمعُنا ، حتى انتِ ، لم تكوني يومًا مُهتمَة لي ، نحن لم تربطنا عِلاقَة ازواجٍ عاديَة يا ماريسا
كانَت على وَشك الحَديث لكنهُ اسكتَها يُتابع بصوتٍ هادئ
- اسمَعيني..! دعيني اُكمل ثُمّ يُمكنكِ افراغ ما تبقى من غضبكِ
المُهم ، لا اريدكِ ان تؤذي نفسكِ بايَة طريقَة ، جسدكِ مُنهك بالفعل
اطبقَت شفتيها و فضَلت الاستماع اليه الي الأخَر بعدما بَتر قلبها الي نِصفين باولِ ما قالَه ، قَد بنت صُورَة مثالية عن زواجهما قَبل فُقدانها للذاكرَة ، و هاهو ذا يُمزقها باقواله دون رَحمة
- لاصدقكِ القَول ، تزوجنا دون رَغبة من كِلينا ، اخفيتُ عنكِ الحَقيقة بسبب وضعكِ الصحيّ لكنكِ استطعتِ مُلاحظَة الامر بِوضوح رُغم محاولتي الماسَة بأن اكون لطيفًا قدر استطاعتي ، علاقتنا لم تكُن مثاليَة مُطلقًا ، خُصوصًا انكِ لم تكوني تُطيقي وجودي حَولكِ و تَستمرين بالنُفور منّي بسببٍ او بدونه
نَظرت بِداخل عَينيه بِحُزنٍ لم تستطِع اخفاءهُ عندما هَمست بصوتٍ مُرتجف
- ماذا عن رس..رسيل ؟ كيف جائت ان ك..كان زواجنا ليسَ مستق..مُستقر؟
حَدق في عُيونها المُحمرَة و قد بدأ اثار المَرض يزيدُ وضوحًا عَليها
يخشَى ان تُصاب بنوبةٍ من جَديد و ذلك اخرُ ما يَتمناه
نَهض من مَكانه و جَلس بجوارِها مُحاولاً امساك يدِها التي قامَت بِسَحبها منهُ ترفُض لَمساتُه اليها ، حَدقت في عَيناهُ الخَضراء تنتظرُ جوابًا شافيًا منهُ و عندما طال صَمتهُ سألتهُ بِكسرَة
- اكنت تَستغلني جِنسيًا..؟ رُغم انك لا تُحبني؟
قامَ بالنفي مُسرعا براسه ليطرُد كل تلك الافكار السَوداء من داخل رأسها المُتأذي ، بَحث عن اعذارٍ جديدَة و حينما وَجد واحدًا قاله بسُرعَة
- لا انا لستُ من ذلك النَوع حقًا..!
حسنًا علاقتنا لم تكُن مثاليَة ، لكننا لسنا اعداء..!
انتِ تعلمين احيانًا النَفسُ تضعف ، و ذلك ما جَرى
لقد اتت رَسيل
ليتهُ يعلم كيف أتت رَسيل..!
كان يستطيعُ ان يُجيب ذلك السُؤال بثقة
دون ان يَستمر بالبحثِ عن اكاذيبٍ لِلرَد..!
حدقت ماريسا في عَينيه و حينَما انتهَت طاقتها في الحِوار
طلبت منهُ ان يَترُكها بِمُفردها ، رُغم الحاحها هو رَفض
لا يستطيعُ ان يسمح لها بالانفراد بنفسِها
قد تؤديها..!
- انا اسِف لان الحَقيقة انكشفت بهذه السُرعَة
لكن صَدقيني ، لم نكن زوجين سيئين
قال مُحاولاً تَجميل بشاعَة ما سَمعتهُ و صُدمت بِه
كان على الأقل اهوَن من الحَقيقة الاصليَة..!
كلامهُ تسبب في تدهورِ صحتها بشكلٍ ملحوظ و ذلك بان على خُمولها و ارتخاء جسدِها فوق الفراش ، فمبالُك ان سَمِعت الحقيقة الكاملة..! يُجزم انها ستُصاب بنوبَة قلبيَة و تُفارق الحياة فورًا
بِمُجَرد ان قاس نبضُها باصابِعه وَجدهُ ضعيفًا ، لذلك سارَع بالنداء على المُمرضَة بعدما طلب منها خَلع رداءها الأبيض و عندما فعلَت رَكضت لتقيس المؤشرات الحيويَة الخاصَة بالصُغرَى
فقدَت تواصلُها مع العالم الخارجيّ و انفَردت بنفسها داخِل بُقعةٍ مُظلمَة تحمل مرايا لِعَكسِ احزانِها و خَيباتِها من كُل صَوب ، كُل ما يُحيطُها مُؤذٍ..!
صَوتُ السفير و هو يُناديها يتردد بداخل اُذنيها كَصدى غير واضِح ، بالكاد تستطيعُ الشُعور بِوجودِه حَولها
هو فشِل في تمثيل دور الزَوج المُحب..!
بل حتى لم يُحاول ، كان جافًا اكثرُ مما يَنبغي
قامَت الممرضة بِقياسِ ضغط الدم لديها و وَجدتهُ منخفض للغايَة لذلك سارعَت تقولُ بِهَلع
- ضغط الدَم لديها مُنخفض ، قد تدخل في غيبوبَة من جَديد..!
نَظر اللورد اليها مَفزوعًا فقام بالصُراخ عليها بغَضب
- تصرفِّ حالاً! افعلي شيئًا و دَعيه يَرتفع..!
رَكضت الممرضَة لجلب قناع الاوكسجين الذي كان ناقصًا في دَمها كذلك ، وَضعتهُ حول شَفتيها و زَودتها بِه بعدَما جائت بِمحاليل طبيَة للحقن الوريديّ لزيادة حجم الدَم في الجِسم
نَظر اللورد اليها يُناظر شُحوب بَشرتِها الشَديد
يلومُ نَفسهُ انهُ المُتسبب الاولِ في تَدهور صحتها من جَديد!
فقد بدأت تتحسَن ، و تستعيدُ صِحتها بِشكلٍ ملحوظ
تَنهد بضيقٍ واضح يَنظُر نحو المُمرضَة بِحسرةٍ مُتسائِلاً
- مالذي جَرى؟ هل ارتفع ضغطُها مرَة اُخرى؟
نَظرت المُمرضَة الي دقاتُ قلبها في الجهاز الذي اوصَلتهُ باصبعها السبابَة لتراقب نسبة الاوكسجين في الدَم
- بدأت ترتفع النسبة ، العِلاج يُعطي مفعوله
زَفر انفاسَهُ بِبُطئ لِيرى اُم طِفلته تقومُ بدحرجَة عُيونها من السَقفِ اليه ، نَظراتُها لهُ في مثل هذه اللحظَة لن يَنساها حتّى المَمات
كانَت كالتي عادَت يتيمَة من جَديد..!
الخيبَة التي رآها مندسة وَسط نظراتِها و اهذابِها الحاملَة لقطراتِ دُموعها ، سَحقتهُ و مَنحتهُ شعورًا لا يُمكن تجاوُزه
كان مُستاءًا ، و لم تكُن ترغبُ بقربه هذه المرَة
سَحبت يدِها منهُ و انفرَدت بنفسِها بعيدًا عنهُ
انغلقَت ناحيتهُ بشكلٍ كُليّ ، شُعورها كانثى جُرِح
استَغرق وقتًا يستطيعُ من خِلاله استجماع شِتاته
تبًا..! لم تَقتلهُ بِكَلمتين لَكنها انهَت وُجوَدهُ بِنَظرتين..!
- ا..استريحي ، جسدكِ مُنهَك
نَطق بهدوءٍ لا يَعلم من اين جاء بِه فهو لا يتماشى كُليًا مع الحالِ الذي هُما بِه ، يُناظِرُها بِحُزنٍ بات مقتولاً في جَبهاتِ عُيونها المليئَة بالمعاركِ الدَموية ، ضَحيتُها روحِها و قلبِها و كُلّ ذرَة شُعورٍ داخِلها
لولا صَوت بُكاءِ رَسيل لما كان نَهض من جِوارها لتفقد ابنته التي وَجدت باب الغرفَة مُغلقًا في وجهها بعدما زَحفت من الصالَة ، فَتحهُ ووجدها تجلسُ على الارض بعدما اخفض عينيه اليها ، انخفض الي مُستواها يَحملها برفقٍ مُقبلاً وَجنتيها المُبللة بِدموعها
- هشش لا تَبكي يا اميرَة والِدك
مَسح على شعرِها الناعِم يراها تقومُ بحشر راسها في صَدره مُتمسكَة بِمَلابسه بِكامل قِواها ، تَنهد بثقلٍ على سُوء ما يُداهمه و خَرج بها نحو الصالَة يستجمعُ ما فقدهُ من قُوَة من خِلال حُضن ونيسته الاولَى ، و هي ابنتِه..!
طبطب على ظَهرِ طِفلته و كُل ما يَشغل فِكرَهُ اُمها و الحَالة التي وَصلت اليها بسببِ اكاذيبه الناجمَة من مَصلحتها..!
اخفض بصرهُ نحو صغيرته التي تُناظره ببراءَة فقام بِسُؤالها بحيرَة
- انا ضائِع يا رسيل ، مالذي استطيعُ فعله؟
و كيف خُلقتِ انتِ؟ من اين اتيتِ همم؟
الجَوابُ للغزِ مَجيئ ابنته ، هو حَل كُل مشاكِله
تَنهد بضيقٍ يَمنعهُ من التَنفس فقام بِفتَح اول ازرار قَميصه بعدما تَرك صغيرتهُ تجلس فوق فِخذه يتذكَر الحِوار الذي نَشب بينهُ و بين زَوجته في المُؤتمَر حينما جائت لِتأبط ذِراعه بعدما نبه عليها في البَيتِ ألا تُرافقه للأمسيَة اجتنابًا لِوقوعه في مِثل هذا الموقف الذي تعرَض لهُ للتَو مع ماريسا
يشعُر انه متزوجين اثنتين و يُحاول ان يَسترهنّ عن بعضهنّ..!
ماهذا الهراء الذي يَمرُ به؟
•••
تأبَطت ذِراعهُ في مُنتَصف السجادَة الحمراءِ و كُلّ الكاميرات الصحفيَة مُتوجهة ناحِيتهما ، يُعتبر من المؤتمرات القليلَة التي حَضرها اللورد كَسفير رسميّ بعد توليه مَنصِبه منذ فترةٍ ليسَت بالطويلَة
تَجهم وَجهه بعد مَجيئ زَوجتهُ لكنهُ حاول قَدر استطاعته الحِفاظ على ابتِسامته و الهَمسِ بصوتٍ مُنخفض كيّ تَسمعهُ هي دون غَيرها
- مالذي جاء بكِ اليوت؟ الم اُخبرك ألا تَلحقيني
كانَت تبتسمُ للكاميرات بثقَةٍ فذلك مَجالها الذي ترعرعت عَليه منذ الصِغر ، وَجهت عينيها تجاه زَوجِها و قالَت بصوتٍ هادئ
- لم اشئ ان اتركك بِمُفردك في اوقاتك المُهمَة
انا زَوجتك
اخفَض بصرهُ اليها يُحدِق فيها بضيقٍ نَجح في سَترِه
مشاكلهما الزَوجية لن يُظهرها للإعلام
اذ لا تَنقصهُ الشائِعات..!
انفَرد بها في مَكانٍ خالٍ و هُنا ازال قِناع الهدوء الذي التَحفهُ بصعوبَة طيلَة الوقت و قال مُهسهسًا بِغَيض
- الم اُخبرك ان تبقي بعيدَة؟ لما تجعليني مُضطرًا أن اوبخكِ؟
حَدقت به بِضيقٍ لَكنها اجابَت بهدوء على عَكسه
- اعتذرتُ لك ، لما لا تُسامحني؟
قد كان تصرفًا مُتهورًا اعترفُ لَك
لن اُكرره و اشك بك مرَة ثانيَة!!
رَمقها بِحدَة يتحرَى الصدق في عينيها ثمّ قال
- سَئمتُ من اعتذاراتك المُتكررَة بدون جَدوى!
انتِ تثبتين لي كُل مرَة ان الانفصال هو حَلُنا الوَحيد
قامَت بالنَفي و هي تقتربُ منهُ لاحتضانِ وَجنتيه
حَدقت في عينيه تبحثُ عن حُبها داخِلهما و قالَت بصوتٍ لين
- ارجوك ، امنَحني الفُرصَة الاخيرَة
ساعِدُك اني ساتغير ، و لن اُراقبك بَعد الان
حتى حِسابك البنكي يُمكنك تغيير رقمه السريّ
ساتركك و شأنك ، اُقسم لك
تشبثَت بوجنتيه بقوّة تُلّح بحديثها تُتابع
- لقد حجزتُ عند طبيب مُختَص بالعلاقات الاُسريَة
دعنا نمنح زواجنا فُرصَة اخيرَة ، و نطلُب المُساعدَة
انا ساتغير ، ساُحسن من حُبي لك و اُقلل من تَملُكي
ابتلعَت ريقها و هي تُخفض يديها عن وَجنتيه و تَتشبثُ بيديه بِحُزن
- اعترفُ ان طريقَة حُبي خاطئَة ، اعترفُ اني مَهووسة بِك
نَظرت في عُيونه التي بدأت تَلينُ و قد بانَت عليه اثارُ استجابته لَها فتابعَت تقولُ و هي تُقلص المَسافة بينهما اكثَر
- اعرفُ اني ظَلمتُك في زواجِنا ، و حرمتك من حُقوقك و من حُبك لي كنت تَصبُر حتى طَفح كيلك ، امنحني فُرصَة اصلح بها اخطاء سَبع سنوات ، ارجوك..! اُريد التكفير عن ذُنوبي في حَقك
نَبرتها الصادِقَة جَعلت من قلبه يَكسرُ تَحجُره ، عُيونها لا تَكذِبُ مُطلقًا ، يَرى شرارَة الحُب فيهما بطريقَة جُنونيَة
يعلمُ جَيدًا انها تُحبه ، لَكن حُبها لَهُ اكثرُ ما يُؤذيه
- انتِ قطعتِ وعودًا مُشابهَة اليوت
لَكني لا ارى نتائج مَلموسَة!
قال بِصَوتٍ هادِئ و لازالت يداها تحتضنُ خاصته
تمسحُ على ظاهره بلُطفٍ قبل ان تُجيبه
- ستبدأ تَرى..! اعدك سَتفعل
اقسمتُ اني ساتوقف عن مُلاحقتك
و لو اشك بك مرَة اُخرى ، ساتعالَج و اتشافَى
لن اسمَح لشبح الماضي ان يؤثر عليّ مُجددًا
لن اقيس علاقتنا على علاقتي السابقَة و اظلمك اكثَر
ارجوك سامِحني على كُل ما بَذر منّي ، انا اسفَة
كانت صادِقَة في كُل حَرفٍ قالتهُ و رَغبتها في التَغيير كانت مُختلفَة هذه المرَة عن سابقيها ، هو التَمس ذلك في حُروفها و نَظرات عُيونها المُحملَة بالذَنب ، قلبهُ المُتيم بِها لم يستطِع ان يَصمُد اكثر امام مُحاولاتِها لِذلك بادر في احتضانها و ضَمها بِقوَة الي صدره
احتَضنتهُ بِدورها بقوَة تشعُر بلمساته المُتكررَة على شعرِها القصيرُ اذ سمعتهُ يهمس بالقُرب من اُذنها
- اُحبكِ ايتها المَجنونَة
عانقتهُ بقوّة لِتبتسم بعدما لَفت ذراعيها حّول خصرِه تُجيبه بنبرةٍ مليئَة بالحُب
- لستُ احبك فَحسب ، بل اتنفسك
حَشر رأسهُ بداخل خُصيلاتِها يَشتمّ عطرها الذي اشتاقَه
مَهما كَذب على نَفسه و نَفى حُبها ، يظلّ كاذِبًا
هو يُحبها! و يستحيل ان يَتجاوزها بسُهولَة
ابتعدت عنهُ و بِمُجَرد ان احتَضنت وَجنتيه حَصلت على قُبلَة الاشتياقِ منهُ ، لِتَضمن من خِلالها ان زَوجها عاد الي احضانِها من جَديد..!
•••
استَفاق من نومِه على صَوتِ المُنبه بعدما حَلّ الصَباح
كانت رَسيل تنامُ فوق صَدره حينما اخَذتهُ افكارهُ ليلة البارحَة
لم تَكُن تُلح بلقاء امها كالمَرات الماضيَة فهي ضَمنت وجودِها حَولها لذلك نامَت براحَة عند والِدها بالأمَس ، اغلَق المُنبه كيّ لا يُزعج طفلته التي تَحركت فوق صَدره اذ جَلس بحذرٍ تام و وَضعها مَطرحه حينما وَقف
غطاها و قَبل رأسِها بلُطفٍ شَديد قبل أن يَجد رِسالَة وصلتهُ حديثًا الي هاتِفه ، بِمُجَرد ان دَخل رأى زوجتهُ بعثت لهُ
- صباحُ الخير يا حَبيبي ، انها السادسَة صباحًا و للتو عُدت من تمارين اليوغا ، ساقومُ بالاستِحمام و اذهب مُباشرَة الي اول جلسةٍ لي عند الاخصائيّ ، هل تريد مرافقتي؟
قرأ رسالتِها المصحوبة بصورةٍ لها بملابسها الرياضيَة على المِرآه ، ابتَسم دون شُعور ثُمّ ارسل لَها الآتي
- صباح الخَير ايتها الشقراء الجَميلة
لا ، لا استطيعُ المجيئ فانا مَشغول للغايَة
دعيها الجلسة الثانيَة ، لا تنسي اخباري بِكُل المُستجدات
قرأت رسالته بغضون ثوانٍ فارسَلت لهُ
- حسنًا اهتم بِنفسك أينما كُنت ، و لا تقلق لستُ الاحقك و لا اعرفُ مكانَك 👀 لكنّي متاكدة انك لا تقوم بخيانتي و حتمًا تعملُ بجد كالمُعتاد
مرر عينيه على حُروف رسالتها قبل ان يُخفض بصرهُ للتحديق برسيل اسفَله ، تَنهد مُنزعجًا بعدَما داهمه تأنيبُ الضمير من جَديد
تبًا ! هل حقا يقوم بخيانتها؟
شعور ان تثق به اسوء من أن تُطارده
لما قررت فجاة ان تتغير؟
عليها ان تبقى تَشك به حتّى يجد حلاً للغز رَسيل..!
قَضم وَجنته من الداخل بِغَيض و لم يستطِع ان يُجيبها فقد فوجئ بِخُروج ماريسا المُفاجئ من غرفتها ، التَفت يَنظُر الي هيئتِها و هي للتو فَتحت عُيونها
كانت تلبسُ ثوب نومٍ ابيض اللون طَويل يصلُ الي ساقيها
فوقه رداء أحمَر حريريّ تقومُ بربطه حَول خصرِها
صَنع مَعها تواصل بصريّ يحاول تحديد حالتِها و مِزاجها الذي كان من الواضح سئ للغايَة فهي تجاهَلتهُ و مَشت في اتجاه الاريكَة من اجلِ اخذ رَسيل ، استفاقَت مفزوعَة حينما لم تَجِدها لِذا خرجَت بحثًا عنها
قَبلت وَجنة ابنتها التي ادركَت انها أثمن ما وُجِدَ في حياتِها
فحتّى زَوجها..! لا يُحبها
حاوَل السفير ان يُلطف الجو عندما تَحمحم قائِلاً
- امم ، صباحُ الخير
تجاهَلتهُ و لم تَمنحهُ ادنَى انتباه ، ما فعلتهُ انها ضَمت طفلتها الي اعماقِها و قَبلت جَبينها بِكُل حُبٍ و دفئ ، سَلكت طريقها من جَديد الي الغرفَة كيّ تُكمل نومها بِجوار ابنتها فالوَقت لا يَزالُ باكِرًا
قامَ اللورد ببعثرَة شعره الاسود مُتمتمًا
- يبدوا ان شَخصيتها الحقيقية بدأت تظهر..!
لستُ متعجبًا على كُل حال فانا مُعتاد عليها
هَز اكتافهُ و جَلس يعبثُ بهاتفه متفقدًا اخر مُستجدات عملِه و سيفارته حَتى وَجد مكالمة فيديو تظهر على الشاشَة ، كانت من حِساب امرأة الوزير السابِق التي بِمُجَرد ان ردّ عليها حتى قابلتهُ بسؤال مباشر
- مرحبًا ، كيف حالُ ماريسا؟
دَحرج عيناهُ بضجرٍ و هو يتفحصُ هيئتها
كان من الواضح انها للتو تُغادر محاضرتها الجامعيَة لذا اجاب
- الناس تستفسر عن حال المُتصل عليه اولاً
اجابتهُ و هي تسيرُ في ممرات الجامعَة بعدمِ اكتراث
- لستُ مهتمة للسؤال عن حالِك صراحة فلدي وجه يفوق خاصتك وسامَة في المكتب الرَئاسيّ ، حسنًا اخبرني؟ كيف حال صغيرتي؟
اشمئز من اخر ما نَطقته و قال ساخِرًا
- صغيرتكِ؟ لاذكركِ انتِ تبدين ابنتها بالوقوفِ قُربها..!!
توقفت سويون عن المشي و رَمقتهُ بنظراتٍ مُرعبَة
- لا تتدخَل في حِس الامومَة خاصتي!
فجيون كَذلك صغيري
رَمش السفير مُندهشًا فمن الواضح ان هذه الصغيرَة لديها قُدرَة غير معهودَة في فرض سيطرتِها على الأخرين ، تَنهد ختامًا و اجاب بِهدوء
- انها بِخَير ، لَكنها حزينَة
لانَت ملامح الامريكيَة التي وَجدت مكانًا خاليًا تجلسُ فيه كي تسألهُ بقلق
- لما؟ مابها؟ مالذي فعلتهُ لها؟
كان السفيرُ مرتاحًا انهُ وَجد شخص يُقاسمه هَمه
لذلك فضفض لَها و هو يستقيمُ ناحية الشُرفَة
- لقد شعرت بشئ غريب حيال تصرفاتي مَعها و شَكت اني لا اُحبها ، اضافَة الي انّها رأت بث مباشر للمؤتمر الذي حضرتهُ مع اليوت ، و زَعمت اني اخونها
استَمعت سويون اليه بِحَذرٍ و هي توسع عينيها مُنصدمَة
- و انت كيف تحضر مؤتمرًا مع زوجتك رُغم علمك بحالَة ماريسا؟
هَز اكتافه بقلَة حيلة حينما اجاب
- زوجتي عنيدَة اكثرُ منكِ ان تَعلق الامرُ بي
نهرتُها و فعلتُ معها شجارًا في البيت كيّ لا تلحق بي
حتّى اني سرقتُ كل فساتينها و خبئتها لتفادي قُدومها
لَكنها نجحت بالمَجيئ ..!
تَنهدت سويون بِحُزن عند تَخيلها لوضع ماريسا فسألتهُ
- حسنا ماذا كان رد فعل ماريسا؟
تَنهد مِثلما فعلت هي و نَظر نحو السماء اعلاهُ يتذكُر نَظراتُ الصُغرى اليه البارحَة ، لم تَكُن مُجَرد نظراتٍ عاديَة ابدًا..!
- غضِبَت و كأي امراة حاولت الدفاع عن حُبها و تملُكها بي ، رُبما كانت تعتقدُ اني ساُبرر و اُقسم انّ ما من اُنثى غيرُها في حياتي و لأن ردي فعلي كان الصَمت و تجاهُل عتابِها ، زاد حُزنها و قالَت انّي لا اُحبها
قَطبت سويون حواجِبها بضيقٍ فقالَت
- ما كان جَوابك؟
اخفض بصرهُ للشاشَة يُجيب
- لا استطيعُ ان اكذب و اُخبرها اني اُحبها..!
الا مشاعري ، لا استطيعُ تزييفها مُطلقًا
بالنسبَة اليّ الحُب كلمَة مُقدسَة
كانت سويون على وَشك الحَديث لَكنه قاطعها حينما قال بِحَزم
- انا لن اكذب و اوهمها اكثَر ، الحُب تراودهُ افعالٍ اخرى كالاحضانِ و المُلامساتِ الدافئَة التي قطعًا لن استطيعُ الاقبال عليها..! لذلك قلتُ لَها ان زواجنا كان اجباريًا ، و ما من حُب ناشئ بيننا ، خصصتُ نفورها منّي في الخانَة الاكبر كيّ تتذكر تصرفاتها مَعي كيف كانَت لعلّها تستطيعُ استرجاع ذكرياتِها
سَكتت الاصغرُ سنًا و لم يعُد بمقدورها الحَديث مُطلقًا
بما ستُخبره؟ وَضعه صعب للغايَة
- اشعُر اني مُشوشة اكثرُ من وقت تشوشي بقضية جُيون قبل سنتين ، اعني ، وضعك مُعقد انا اسفَة لك
كان بحاجَة للمُواساة لذلك اومئ بأسَى ، رُبما هو اكثَر من يُعاني وَسط هذه الظُروف التي تُرغمه على التنكر بِوَجهين..!
- حسنًا تابع عِلاجها و ساستمر انا بالاطمئنان عليها
جيون جاء ليأخذني ، ساكلمك لاحقًا
نَطقت الاصغر سنًا و هي تستقيمُ بعدما لمَحت حرس زوجها الشَخصيين ، فصَلت الخط و تَركتهُ بِمُفرده يعودُ لِمُجابهَة افكارِه مرَة اُخرَى
جاء مَوعد الظهيرَة و ماريسا لم تخرُج من غُرفتها بَعد و عندما سال المُمرضَة اخبرتهُ بانّها مُنطويَة على نَفسها فوق الفِراش تتأمُل الفَراغ بعيونٍ شارِدَة طيلَة الوقت ، تَحجج برسيل حينَما دخل اليها الحُجرَة يراها تمامًا كالوصفِ الذي قالتهُ لهُ الفتاة
تبدوا تائهَة و مُغتربَة وَسط بلدٍ لا يُمثل مِنها شَئ ، تحاول البَحث عن نفسها داخل كَومةٍ الفوضَى تلك ، لَكنها لم تَجد سِوا فُتاتٍ مرايا يَعكسُ اطيافٍ غير واضحَة من الماضي
تَحمحم كي يلفت انتباهِها و هُنا ادرَك انّها اكثرُ شخصٍ بارع في التجاهل عرفهُ في حياتِه ، لم تُعره ادنَى اهتِمام و واصَلت التربيت على ظَهر ابنتِها المُتمددَة فوق بطنِها ، استيقظَت قبل نصف ساعَة لِتحصل على جُرعتها من حَليب اُمها ثُمّ عادت الي النوم فالبارحَة قضت الليل مُستيقظَة مع ابيها
تَنهد و قام بالجُلوسِ بجوارِها بعدما افسَح لنفسه مَجالاً
نَظر الي وَجهها و هي مُتمددَة على جانبها المُقابل للحائط
- هل يُمكننا التَحدُث؟
سألها فلم يَجد مِنها جوابًا عدا انها اغمَضت عينيها كَمُحاولَة لتجنبه قَدر استِطاعتها ، فبِما سَتُناقشه؟ او تحادثه؟ نقاشُ الامس كان كافيًا ليَمسَح كُل ما بينهما بصورَة نهائيَة
- ماريسا ، دعينا نتكلمُ رجاءًا
لا تنغلقي على نفسكِ بهذا الشكل
وَردهُ صَوتها الهادئ عندما قَررت ان تُجيبه قائِلَة
- رجاءًا ! دَع لِكُل منا مِساحته و لا تَقتحم خاصتي
دامني رفضتُ التواصل مَعك ، فاحترمِ مساحتك
قَطب حواجِبهُ بخفَة يقول
- افهم انكِ ترفضين التواصل مَعي ؟
همهمَت لهُ مُوضحَة
- انت كنت واضحا البارحَة عندما شرحَت لي طبيعَة عِلاقتنا ، و انا فَهِمتُ و علمتُ اني لستُ جُزء من حَياتك كاُنثَى ، يُمكنك ان تُغادر ، و تَقضي حياتك مع الشقراوات فانا فَهمتُ حُدودي جيدًا
من الواضِح لهُ ان مَشاعرها مَجروحَة للغايَة فصوتها الذابل و عيونها المُتورمَة تُثبت انها قضَت وقتًا طويلاً بالبُكاء طوال الليل ، اخَفض رأسهُ مُتنهدًا و عندما اجابها قال
- انا لم اقصِد ان اجرحكِ ، انا فقط وَضحتُ لكِ حَقيقة عِلاقتنا كيّ لا تَنجرفي بافكاركِ اكثَرُ من ذلك ، انهُ لِمَصلحتكِ
ابتسمَت بِذُبولٍ و هي تَسمعُ كَلامه المُميت لما تبقى حيًا من مَشاعِرها ، اخفضَت بصرِها لِطفلتها النائِمَة تُلاعب خُصيلاتها بِرفقٍ شديد قبل أن تُقرر التكتمُ على صَوتها و حِفظ كَلماتها داخِلها ، فالعتبُ لن يُفيد بشَئ
من الواضح لَها انّها تكادُ تكون غير مَرئيَة في حياتِه
تعامله الجَاف مَعها ، يُثبت ذلك بِجَدارة
فالزَوج يكون قلبهُ حارًا على امرأته ان كان مُحبًا
خصوصًا ان كانَت مريضَة..!
طَرح انفاسَهُ و ما فعلهُ انهُ استَقام و وَضع الغطاء فوق جَسدِها جيدًا مُتحدثًا
- ساُغادر و قد اغيبُ ليومين أخرين
لا تَقلقي لن اتاخر عَليكن
و كأنّ تاخرهُ اصبَح يهمها..؟
كُل ما رآهُ منها هو انّها عاوَدت اغلاق عُيونها استعدادًا للنوم من جَديد ، انحنى لِتَقبيل رأس رَسيل بِحُب ثُمّ غادَر من الغرفَة يُشدد توصياته على المُمرضَة قَبل رَحيله من المنزِل بأكملِه
•••
دَخل الي منزِله المُشترَك مع زَوجتهُ فَوجد هُنالك الكثيرُ من الصناديق المتراميَة فوق الارضِ و الارائك ، استَغرب عندما رأى الخَدم يَحملون اكوامًا من المَلابِس من غُرفة الثياب الخاصَة بهما و يَضعونها داخِل تلك العُلب الورقيَة
نَده على زَوجته بِصَوت عالٍ فأتت لَهُ من غرفتهما و هي تقومُ بِربط حزام فُستانها الطَويل ، امال رأسَهُ يمعن التَحديق بثوبها بتعجُب
- مالذي يحدُث؟
اقتَربت منهُ مُبتسمَة قبل أن تُجيبه
- قررتُ التَبرُع بكل مَلابسي التي لا تُعجبك
ساستبدلُ الخزانَة بما يتماشَى مع ذوقك
تَفاجئ مِما قالَتهُ اذ وَسع عينيه مُنذهلاً
مالذي اصابها فجاةً لِتقوم بالتَخلي على أثمن ممتلكاتِها..؟
- مالذي حلّ بكِ فجاةً؟ قد كنتِ تُقدسين ثيابك القصيرَة!
اقتَربت منه اكثَر لتقوم بامساكِ خصره مُجيبَة
- لستُ اُقدسها اكثرُ منك..!
لم اعد اريد فعل شئ يُغضبك ابدًا
نَظر في عينيها الزرقاء يَراها تمسحُ بلطفٍ على وَجنته
- اُريد ان اثبت لك صِدق نيتي في التغيير
انا حقًا لا اريد خَسارتك جونغكوك
لا اراديًا وَجد نَفسهُ يبتسمُ بلُطفٍ قبل ان يَنخفض لِتقبيل جَبينها ، رافقتهُ ناحيَة غرفتهما حينما سألها بعد اغلاقها للباب عليهما للخُصوصيَة فالخدم يملؤون البَيت
- مالذي قالتهُ لكِ الاستشاريَة؟
مَضت نحو السرير الذي جَلست فوقه مُجيبَة
- قالَت انّي اعاني من آثار عِلاقتي السابقَة ، خَوفي الشديد من تكرار ما جَرى مُجددًا يجعلني مُتملكَة حد الهوس
نَظرت في عينيه تُتابع
- بدل من التعبير عن حُبي بطريقَة طبيعيَة ، اصبحتُ عنيفَة و اندفاعيَة دون ان الاحِظ
اومَئ لها حينَما جَلس بِجانبها يُربتُ على فخذها بلُطف
- ستحتاجين بعضًا من الجلسات حتى تتعافيّ
همهمت لهُ متحدثَة
- انا لم اسمَح لنفسي بالتشافي
ارتبطتُ بك بعد انفصالي من ادريان بوقتٍ قصير جدًا
فكنت انت ضحيّة اضطراباتي ، لاني احببتك بَتملُك
المُهم ان تكوني مُلكي دون الاكتراث الي سَعادتك مَعي
كَلامها حَقيقيّ ، و فكرَة انها بدأت تستوعب حالتها و تسعَى لِعلاجها شَئ ايجابيّ للغايَة بالنسبَة الي اللورد الذي مَسح على وَجنتها برفقٍ تام
- انتِ اخذتِ نصف علاجكِ ، دامكِ ادركتِ المُشكلة و تَقبلتيها
همهمت لهُ و مَسكت بيده التي تَمسحُ على فخذها فقالَت بحُزن
- انت ستصبرُ عليّ حتى اتحسن اليسَ كذلك؟
لن تترُكني وحيدَة؟
حَدقت في عينيّ زوجها الذي قام بالايماء ، جَذبها الي حُضنه يُشدد عليها بداخل اذرُعه مُجيبًا
- انتِ ستقدمين لي اروَع خدمَة في الحياة ان تعالجتِ
لان قرار الانفصال ليسَ سهلاً عليّ يا اليوت
انتِ حُب حَياتي
بادلتهُ العناق بعدَما حشرت راسها في رَقبته
- اُحبك
ابتسَم بِدفئ فقبل رأسِها بحنيَة مُجيبًا
- ليسَ اكثر منّي
ابتعدَت عنهُ تطالعه بغيض
- بلى اكثر منك ، لاني لم افكر بالانفصال عنك حتى عندما اشتدًت الظُروف
صغَر عيناهُ هو الثاني و قامَ بقرصِ ارنبَة انفها مُجيبًا
- القرارُ بالانفصال لمصلحَة كلينا
فلا انتِ سعيدَة ، و لا انا سعيد
نَفت برأسها تعترِض
- انا سعيدَة معك تحت كُل الظُروف
المهم انك موجود مَعي ، لا اهتمُ بالباقي
اقتَرب لِتَقبيل جَبينها بعدما استَقام من جِوارها متحدثًا
- عظيم! يوم زواجنا السنويّ اقتَرب لذلك سانشغلُ بالتجهيزات للحَفل ، هل لديكِ اي خُطط لطبيعة تصميم القاعَة و الاجواء..؟
نَظرت ناحيَة صُورَة زواجهما المُعلقَة على الجدار خَلفه فقالَت بِذهول
- لا اصدق انهُ مر ثمان سنواتٍ على زواجنا..!
اشعُر و كأنهُ البارحَة
التَفت للتحديقِ بها بذلك الفُستانِ الأبيض الذي يُلائم جَسدها الممشوقِ باحترافيَة
- صَحيح..! لازالَ يوم زواجنا محفورًا بداخل عَقلي بِكُل تفاصيله ، لم اكُن اُصدق نَفسي آن ذاك و انا اتزوَجُ فتاة أحلامي
ناظَرتهُ مُبتسمَة قبل ان تقترب لِمُعانقَة خصره من الوراء مُتحدثَة
- انت كنت العَوض الجَميل عن كُل ما عشته جونغكوك
امسَك بذراعيها التي تحتضنُ خَصرهُ يَفكها عن وَسطه بعدما غادَر به تفكيرهُ لِنُقطة اخرى ، التَفت ناحيتها يَنظر في عينيها مُتسائِلاً
- صحيح ايلي ، انتِ متأكدة ان ادريان ذاك ، مات؟
سُؤاله سَحب الوان وَجه امرأته التي تجمدت مَطرحها تُناظرهُ بِتوتر
- ل..لما تسا..تسأل عنهُ؟
حَدق بِداخل عُيونها التي اهتَزت بعد الثَبات
لابد ان سيرته لازالَت تؤثر في كَيانها..!
مالذي فعلهُ لها لِيترك بداخلها بصمَةٍ لا تُزال؟
قام بالنَفي بعدما احتَضن وجنتها يمسحُ عليها برفق
- فقط اريد اعرفُ ان كان حيًا..!
اشتهي بشدّة ان اقتلهُ بيداي ، على ما فعلهُ بكِ
كيف يستطيعُ الرَجل ان يَخون و بين يديه كُل هذا الجَمال؟
مَلامِحها بالنسبَة الي عُيونه مُقدسَة
كُل ما بها جَميل بشكلٍ لا يَستطيعُ وَصفه
صحيح المُدَة الماضيَة حينما غضَب منها لم يعُد جمالها يستهويه مُطلقًا كالسابِق ، لَكنهُ يستعيدُ صُورتها تدريجيًا بِداخل عقلهُ خِلال اليومين الماضيين
ابتَسمت لهُ بارتباكٍ و قامت باحتضانه لاخفاء التوتر الذي احتَضن سائر وَجهها و طَرد عنهُ اتزانَه
- ارجوك ، ان كنت تريد منّي التشافي
لا تجلب سيرتهُ امامي و تُعيدني لنقطة الصِفر
اعاد احتضانِها من جَديد و هو يُفكر بِحيرَة
مالذي فعلهُ ادريان حتّى اصبَح اسوء ذكرياتِها..؟
و ما طبيعَة موتِه المُفاجِئ..؟
•••
- هل بحثت عن سيلينا؟
سأل اللورد بعدَما اختلى مع مساعده في مَكتبه الخاص به داخِل بيته بعدما غادَرت زوجته لاتمامِ اعمالها في الشرِكَة ، قَدم لهُ اوليڤر بِضع صُورٍ قديمَة بالكادِ تكونُ واضحَة يُجيب
- استطعتُ ايجاد هذه الصُور القديمَة التي تَخصها في السجلات المدنيَة ، كُل ما يخُصها كان ممسوحًا تمامًا كأدريان ، ما علمتهُ انّ قبل اختفاءِها كانت طالبَة في الثانويَة ، تعرفتُ على عشيقِها في احد الحَملات التطويعيَة و حازَت على اعجابه من خِلال مُثابراتها و حُبها في مُساعدة الجَميع ، يصفها زملائها بانّها صبيَة نشطة مليئة بالطاقة و الحيويَة ، جذابَة و جميلة للغاية ، اجمَع كل معارفها انّها تمتلكُ عيون ساحرة و بُعد نظري مُميز عن غيرِها
حَمل اللورد مجموعَة الصُور تلك يَتفقدها بِعينيه
حَسب وصفُ اوليڤر لِجَمالها
فما يراهُ حَقيقيًا على الرُغم من عَدم وضوحِ الصُور
وَجهها بدا مألوفًا بالنسبَة اليه و ذلك ما جَعلهُ يُميل برأسه يحاول ان يَتذكر اين رآها من قَبل لَكنهُ عجِز..!
استَغرب اكثَر و سأل
- ان كانَت ميتَة كما يزعم البَعض ، فحتمًا هنالك سِجلات لها في المُستشفيات؟
رَفع عينيه نحو مُساعده الذي نفى برأسِه
- لم اجِد أي سجلٍ يخصها في كُل المستشفيات العامَة و المصحات الخاصَة ، كُل ما يخصها معدوم تقريبًا ، و ما استطعتُ ايجاده كان عَبر البَحث حول موقعها السكني و سُؤال جيرانِها الذين كانوا متحفظين للغايَة عن اجوبتهم
ناظَرهُ اللورد باهتمامٍ عندما سألهُ
- اتظن انهم مُهددون او ماشابَه؟
هَز الشابُ اكتافهُ ثمّ قال
- اعتقدُ ذلك؟ لان بمجرد ان جَلبت اسمها كانوا خائفين جدًا
اغلبهم رفضوا الاستماع اليّ و اغلقوا ابوابهم في وَجهي..!
تَنهد جونغكوك بِثقلٍ فقام بِفَتح ربطة عُنقه مُتسائِلاً
- الم يذكر احدهم عِلاقتها مع عشيقها ادريان؟
اجابَهُ اوليڤر بهدوء
- قالت احداهن تزعم انّها صديقتها ، بأن قبل اختفاءِها ببضعة ايامٍ جمعت صديقاتِها و اقامت حَفل بسيط في منزِلها بعدما زَعمت ستُسافر خارج البلد رِفقَة عشيقها الذي سيتزوجها مُباشرَة اذ ستُكمل دراستها معهُ هناك
زَمّ السفير شَفتاهُ مُتعجبًا
- اذًا ادريان كان يُخطط للسفر؟
و اختفى هو و حَبيبته قبل ذلك ببضع ايام..؟
سَكت يُفكر ان كان لِزوجتهُ يَد بِما جَرى لهُ..!
نفى يطرُد شكوكَه و سأل بهدوء
- ماذا عن المستشفى التي طلبتُ منك البَحث خلفها؟
هل وَجدت اي طبيب مثير للشُبهات هناك؟
حَدق في عينيّ اوليڤر الذي بلل شفتيه يُجيب
- وَجدت هذه الفيديوهات الممسوحَة من سِجلات الكاميرا
قدّم لهُ جهاز الايباد الذي حمّل عليه مقاطِع الڤيديو ، بِمُجَرد ان شَغلها فوجئ بظُهور ماريسا على الشاشَة و هي تحملُ رَسيل في حُضنها ، حَسب ما يرى كان هذا قَبل ان تلتقيه في المُنتَجع اول مرَة..!
رآها تتسللُ ببطئ من احَد الغُرف لِتُغادر ممرات المُستشفَى ثُمّ خَرجت تفرُ هاربَة دون عوائق
- ان كانَت مُحتجزَة
فهروبها بهذا الشَكل دون عوائق مَشكوك في امره
قال اللورد و هو يَنظر في عينيّ مُساعده قبل ان يُعيد تِكرار المَشاهد بِضع مراتٍ محاولاً التوصُل الي اجابة منطقيَة لتساؤلاته
- اذًا انت تقول ان هُنالك من سَهل عليها هُروبها؟
ساله اوليڤر يجدُ سيدهُ يقوم بالايماء تأكيدًا على كَلامه
- صَحيح! هنالك من مَصلحتهُ أن تظهر ماريسا في حياتي
و من الواضح انّه تم استِغلالها
بلل السفيرُ شفتاه و هو يريح ظهرهُ على الكرسيّ بحيرَة
- سبق و ان شككتُ انه قد تمّ حقنها باحَد النطاف الخاصة بي عندما ذهبنا انا و اليوت للحقِ المجهريّ ، لكن المصحَة الخاصة التي قَدمنا فيها بعيدَة بساعاتٍ عن هذا المُستشفى الذي أقامت هي بِه..!
دلَك اوليڤر جبهتهُ بحيرَةٍ حينما نطق
- الامر مُعقد يا سيدي ، اعتقد انّ كل هذا مُخطط فحينما بحثتُ عن ملف الانسَة ماريسا بداخل المستشفَى لم اجد عنهُ شيئًا ، اذا دخولها و اقامتها هُناك لم تكن قانونيَة مُطلقًا
طالعهُ اللورد باهتمام فسأل
- من المفترض ان تكون ولادَة رسيل هُناك..!
و عندما هربت ماريسا فصغيرتي قد تجاوزت السَبع اشهُر..!
هل من الممكن ان تظلّ مُقيمَة لِاشهرٍ طويلَة دون ملفٍ يخصُها؟
نَفى اوليڤر يعترِض
- من غير الممكن لان ادارَة المستشفى لا تسمحُ بذلك
هنالك رسوم على الاقامَة و الايواء ، خصوصًا بحضور طِفلَة
دَفع السفير حاجِبهُ يُفكر
- اذًا ! المسؤول عن المُستشفى قد يكون مُتورِطًا
لا يستطيعُ التستر على وجودِها ، إلا ان كان لهُ منصب قويّ يسمحُ له بادارَة الاقسام على مزاجه دون ان يتم التفتيش خلفه..!
بدأت تُراوده شُكوك اكثَر حِيال ادريان و اختفاءِه المُفاجئ
لرُبما! هو السبب بِكُل ما يحدُث ، فقط كي ينتقم من اليوت
ان كانت هي المُتسببَة ، في خسارته لما كُل ما يَملك..!
لكن يا تُرى؟
هل يعرفُ ادريان ماريسا..؟
•••
مَرت بِضع أيامٍ كانت هادئَة للغايَة بالنسبة الي السفير و زَوجته التي تُتابع عند الاخصائيَة بشكلٍ دوريّ ، شاركها في العديد من الجَلسات حينما تطلب حُضوره و حاولا سويًا التوصل الي نقاط المُشكلَة و حلها خُطوة خُطوَة
بدأ يُلاحظ تَغير زَوجتهُ و عَدم تدخُلها به من بَعد ذلك اليَوم
وَفت بقسمها لهُ و كَرست وقتها لِنَفسها اكثَر
لم تعُد تتبعهُ ان تأخر او حتى تسأل عن سَبب غيابه ، حتى حِساباته البنكيَة غير رموزها السريَة و لم تعد تهتمُ للاموال التي انفَقها و ذلك ما جَعله يُسدد حَق اوليڤر في استئجار ذلك البَيت السريّ الذي كَلفه مبالغ طائلَة
تردد الي ماريسا كثير من الاحيان و لم يَجد منها اقبالاً
كُلما نَظر بداخل عينيها يجدها خاليَة من الحياَة
الطفل الذي صَحى على حياةٍ ورديَة
قُتل دون رحمَة بداخلها
تعافَت و اصبحَت تستطيعُ ممارسة نشاطاتها اليوميَة تمامًا كماثيو الذي عاد يستطيعُ السير من جَديد ، حاول بشتَى الطرق اقناع اللورد في اخذِه لِتفقد ماريسا لَكنهُ صَمم على رفضِه القاطِع فلا يَنقصهُ مُشكلَة جديدَة
ليس بعد ان بدأ يتدارَك الامور مرَة اُخرَى و يعيدُ ترتيب فوضَى حياته المُبعثرَة حتى يُرجعها لمسارها الصَحيح
لا ينقصهُ تهور جَديد من اخ زَوجته يُحطم ما بناهُ فوق رأسه مرَة اخرى
بعدما اطمَئن ان زَوجتهُ توقفت عن مُلاحقته و اختَبر ذلك بوضوحٍ مع العَديد من المُحاولات ، قرر أن يتجه الي ماريسا و يُعيدها للعيش في شقَة العاصمَة التي تَخُص ماثيو كيّ تكون قريبَة منهُ و يسهل عَليه التردد اليها
كذلك فتلك الشقَة تملكُ بضع ذكرياتٍ لها فيها
لرُبما تستعيدُها حينما تعود الي مكانٍ مألوف
سيسيرُ حسب توصيات الطبيبُ لهُ
دَخل عليها الي الڤيلا المُستأجرة فَوجدها تقومُ باطعامِ رسيل الخُضار المَهروسَة بالمَطبخ ، تَفحصها بِعينيه يَجدُ شعرها الطويلُ مسدولاً على سائر ظَهرِها و جُرحها لم يَعد منهُ سوا ثر بسيطٍ على ناصيَة جبينها تُخفيه بلاصقٍ طبيّ
مَلامحها الناعمَة عادت من جَديد بعدما اختَفت اثارُ الجُروح عَنها
لم تعُد مُشوهَة..! و استعادَت جمالِها مرَة اُخرَى
كانت تلبسُ بنطالاً من الجينز مع تيشرت اصفَر قصير يُظهر جُزء من بَطنها التي تمتلكُ امتلاءًا بسيطًا بسبب عَملية ولادتِها ، من الواضح انها خَسرت بعض الوزن المُكتسب من الحَمل خلال الفترَة الماضِيَة
صحيح انها فقدت ذاكرتها ، لكنهُ يُلاحظ انها تتبعُ ذات المنهاج الذي عَرِفها بِه اول مرَة ، تُحب الاهتمام بِنفسها و منحها اكبر قدرٍ من التَقدير
تُقدم الي ذاتها كُل ما تستحقهُ و تَهتم جدًا بِصحتها فحتى اكلُها مُعظمه صحي
اقتَرب يدلفُ المطبخ و دُخوله جَعل عُيونها البنيَة تُرفع ناحيتهُ ، سلّم عليها و هي اكتَفت بالايماء لهُ بعدما مَسحت شفتيّ رسيل التي زَحفت فوق الطاولَة نحو والدها بِسعادَة ، مَدت يديها اليه فقام بِحملها و تَقبيل جَبهتها بِحُب
- صباحُ الخير يا عَسل
احتضنت رسيل وَجنتيه لِيقطب حواجبه بخفَة حينما لاحَظ ارتفاع درجَة حرارتها ، التمس جَبهتها متعجبًا
- مابها؟ هل هي مريضَة؟
نَظر في عيون اُمها التي اجابَتهُ و هي تَغسلُ المواعين
- لا ، لَكنها تُسنن
استَغرب رامشًا
- ما معنى تُسنن؟
التَفت الاصغرُ سنًا ناحيتهُ مُجيبَة
- ايّ انها تُخرج اسنانًا لاولِ مرَة
لثتها تؤلمها و تبيتُ الليل تبكي من الوَجع
ذلك طبيعيّ ، قرأت في الانترنت ان حرارتها ترتفعُ عادي
تفاجَئ اللورد الذي اخفض بصرهُ نحو ابنته باندهاش
- يا الهي! حبيبتي كبرت و اصبَح لديها اسنان
حاوَل جعلها تَضحك و حينما نَجح لاحَظ اطراف سنتين صغيرتين عند لثتها السُفليَة ، كاد يَموتُ من فرط الحُب و الحَماس الذي تملك كُل احاسيسهُ
- لا اصدق! اصبَح لحبيبة قلبي سنتين لطيفتين!!!
تَحسس اسنانها بطرفِ اصابعه و لم يُعجب رَسيل فعلتهُ كَونه ألمها ، قَوست شفتيها بوجعٍ لتقوم ماريسا بالاقترابِ منه تنبهه
- لا تلمسها من هناك ، لثتها مُلتهبة ، انها تؤلمها جدًا
نظر ناحيَة الصُغرى مستغربًا
- اظن ان الاطفال اثناء مرحلة التسنين يُحبون من يحك لهم لَثتهم؟
حَملت ماريسا رسيل منهُ و قامَت بالايماء
- إلا رسيل ، لا تُحب من يلمس شعرِها ولا شَفتيها
اخفضَت بصرها نحو ابنتِها التي اسندت وجنتها فوق صَدر امها
- ابنتكِ اخذت من طباعكِ
تبدين مُتحفظَة على ممتلكاتك ايضًا
ناظرتهُ بهدوء
- من المُفترض ان الاجابَة لديك
فانت زَوجي
تَحمحم مُدلكًا ارنبَة انفه و كيّ يغير الحوار قال
- اجمعي مَلابسك و ملابس رسيل
ساقومُ باخذكم الي المنزِل ، فهذه الڤيلا مؤقتَة
حَدقت به باستِغراب
- لما مؤقتَة؟ و لما لم نذهب من الاول الي بيتنا؟
قال اجابتهُ التي جهزها سابقًا بالفِعل
- نظرا لاني اُعاني من مشاكل سياسيَة ، فبعد الحادث وجودكن في البَيت سيكون مستهدفًا من قبل اعدائي لهذا حرصتُ على اخفاءكن جيدًا
اقتَنعت باجابتهُ و قامَت بالايماء دون نِقاش ، ذَهبت الي الغرفَة لِتَجمع اغراضها هي و الصغيرَة بعدما تَركتها تلعبُ مع أبيها و حينما انتهَت حَملت جهاز الايباد الخاصِ برسيل تُشاهد من خلاله الرسوم المُتحركَة المناسبَة لِعُمرها
هو الذي كانت تستخدمهُ ماريسا للبحثِ عن المعلومات الخاصَة بعمر رسيل و كيفيَة التعامل مع الاطفال لاكتساب الخِبرَة
فكرت كثير من الاحيان ان تَبحث عن اسم اللورد
لكنها كانت تترددُ دائمًا و تتراجَع
تخافُ ان يَكون من الرجال الذين يَمتلكون عِلاقات مُتعددَة و تلك الحَقيقة حتمًا لن تُسر قلبها ، يَكفيها ما سمعتهُ منهُ و عرفتهُ تلك المرَة
حَملت الحقيبَة و اخذتها ناحية الصالَة حيثُما كان اللورد في انتظارِها بعدما نامَت رسيل في حُضنه ، مَد الصغيرَة اليها و قَدم لها كمامَة و قُبعَة لتستر بها مَلامحها ، لم تُناقش و نفذَت ما يُريد دون جِدال
لَبست الكمامَة مَع القبعَة و فعل هو المِثل كَذلك ثُمّ خرج معها من الڤيلا في اتجاه السيارَة التي استأجرها ، ليسَ غبيًا ليستعمل سيارته الخاصَة حتى و ان لَم تكُن زوجته تُلاحقه
وَضع الحقيبَة في صُندوق السيارَة و التفت ينظُر نحو استِغراب ماريسا و هي تتفقدُ العالم بِعينيها ، كانت المرَة الاولى التي تخرُج فيها لذلك ظلَت واقفَة تتأمُل الانحاء باستِغرابٍ و ذُهول
فَتح باب السيارَة الخلفي حيثُ جهز مقعدًا خاص برَسيل فقام بأخذها من اُمها و تَثبتيها بالداخِل ، وَضع لها حزامِها الخاص و نَظر نحو ماريسا يطلُب منها الرُكوب ، بِمُجَرد ان صَعدت مَنحت كُل شئ بالداخل اهتمامًا عاليًا من خِلال تفقدهُ بعيونِها المُتعجبَة
كُل ما تراهُ جَديد بالنسبَة اليها
رَكب هو من الامام بعدَما جَلست هي من الخَلف بالقُربِ من طِفلتها ثُمّ رأتهُ يقومُ بادارَة المقود نحو المدينَة بعدما كانوا في الضواحي ، التَصقت بالنافذَة تتأملُ جَمال الطبيعَة الساحرَة بانبهارٍ تام ، مَع كُل مَشهدٍ مليئ بالحياة و الابداع الإلاهيّ تتوسعُ عُيونَها بشدّة دلالَة ذهولها
رُغم انها تخفي مُعظم مَلامحها بالكمامَة و القُبعَة السوداء لَكنهُ كان يُلاحِظ انبهارها بالفِعل ، يُحدق فيها من خلال المرآة الاماميَة و يبتسمُ خفاءًا على رُدودِ فعلها اللطيفَة ، خصوصًا انها لَمحت بقرة كبيرَة تسيرُ مع صاحبها في الطريق و ذلك جَعلها تشهقُ و تشير عليها بعدمِ تَصديق
- ان..انها كائن ضخ..ضخم
نَظر ناحيَة البقرَة بعدما تجاوزها بواسطَة المرآه فوَجد ماريسا تتبعها بعينيها و تجلسُ على رُكبتيها فوق الكرسيّ بعدما قابلته بظهرها لرؤيَة الحيوانات من الزجاج الخلفيّ
ضَحك بخفّة على تعابيرِها و تَركها تستكشفُ العالَم بردود فعلها التي تُذكره بِرَسيل ، هي لا تفرقُ عنها شيئًا ..! كليهما طِفل
•••
فَتح باب الشِقَة بعدما نَقر على لوحَة الأمانِ الخاصَة بِها ، دَخلت ماريسا اولاً و كانت خاليَة الوفاض بعدَما اهتَم اللورد بِحَمل رسيل و الحقيبَة
المكانُ بدا لها مألوفًا اذ قامَت بعقد حواجِبها و هي تتفحصهُ بعنايَة تامَة ، قابَلتها الصالَة التي وَجدت فوق طاولتها بِضع اوراقٍ مُبعثرَة مع كُتب كَثيرة و أقلام
التَفت نحو اللورد تُناظره بتساؤل
- ماهذا؟
جَلست القُرفصاء تتفحَصُ الاوراق بِعينيها
وَجدت عَليهم رُسوماتٍ لاجسادٍ و فساتين عديدَة
- انها تَخصكِ ، كنتِ تحبين تَصميم الملابِس
قال و هو يُزيل قبعَة رأس رسيل فالجو كان شِبه بارد بالخارِج ، نظر نحو ماريسا التي مسكَت بالقلم بين اصابِعها تُحاول التذكَر و بِمُجَرد ان خططت به فوق الورقَة مرت عليها بِضع ذكرياتٍ جَعلت من الصُداع يداهمها
رَمت القلم تتذكُر كيف كانت تُخطط بِه على الاوراق ببراعَة
- صَحيح! انا اذكر ذلك
هَمست ما جَعل اعين اللورد تتسِع ، وَضع رسيل فوق الارض فراحَت الصغرى تزحَفُ في كامل الانحاء تبحث عن قطتها التي تركتها هنا سابقًا
- هل حقًا تذكرين؟
نَظر في عينيّ ماريسا التي طالعتهُ مومئَة ايجابًا
- اذكُر اني ارسُم بهذا القلم
ابتسَم متفائِلاً و قبل ان يُعبر عن سعادته صُدم بِصَوت صراخ ابنته ، التفت كليهما اليها يجدانها غاضبَة حينما لم تجد قِطتها
اقترب منها يحاول ان يستفسر عن سبب عُبوسها و صراخها الغير مُبلل
- مابكِ با حبيبتي؟ لما صغيرتي غاضِبَة؟
ضَربت رسيل بِقَدميها على الارض و هي تُشير على الانحاء تقول
- اداداا ، نونو تاتا
نَظر نحو ماريسا يُطالبها بالتَفسير ، لم تَفهم الام كَذلك ما تريده صغيرتها لذا هزت اكتافها بعدمِ علم ، اقتربت من رسيل هي ايضًا تسألها
- حبيبتي مابكِ؟ مالذي تريدونه؟
نَظرت رسيل الي والديها الذان يُحيطانها و لانهما يعجزانِ عن فَهمها و فَهم احتياجها لقطتها الصغيرَة اللطيفَة ، بدأت تَبكي و تضرِب قدميها على الارض حتى انقلَبت الي الخلف تكاد تصطدم راسها بالارضيَة لولم يُمسكها اللورد بسُرعَة
- ياحبيبتي اخبريني والذي تريدونه و انا ساجلبهُ لكِ
قال يُحاول التهدئة من روعِها فقامت هي بالبُكاء بينما تُشير على منزل القطَة الذي في زاوية الصالَة
- امومو
نَظر الي حيثما تُشير فَفهم انها تُريد قطتها
توسعَت عيناهُ و اجابَها مُباشرَة
- اوه القطَة الصغيرة خاصتكِ؟
تريدين القطة؟
نظر في عينيّ رسيل الدامعة لِينخفض مُقبلاً جبهتها بِحُب
- لقد اخذتها الي مركز الرعاية الخاص بالحيوانات
ساجلبها لكِ باقرب فرصَة حسنًا؟ لا تَبكي
مَسح لها دُموعها قبل ان يُلاحظ نهوض ماريسا و دُخولها الي المَطبخ ، تفقدتهُ بعينيها و توجهَت ناحية الغاز الذي وَجدت فوقه مِقلاة ، حملتها بين يديها تتفحصها باستِغراب
مَر امام عينيها مَشهد و هي تَركُض وراء السفير بِها تكادُ تُحطم رأسه قبل ان تتفاجئ به يَخطف المِقلاة من بين يديها بسرعَة
- دَعي هذه ، انتِ لديكِ سوابق مَعها
نَظرت اليه باستِغراب
- لما كنتُ اركض وراءك بالمِقلاة؟
تفاجَئ مِما قالتهُ و سألها
- هل تذكرين؟
قامت بالايماء و انتابته السعادَة
العودة الي مكانٍ عاشت فيه له تأثير ناجح على ذاكرتها!
يعلم انها لم تستعدها بالكامل ، لكنها تستطيعُ تذكر بعض المشاهد على كُل حال
انقلَبت ملامحه حينما اخَذ الموضوع بشخصيَة و قال
- اذا انتِ تذكرين جيدا كيف كنتِ تركضين خلفي و تقومين بتعنيفي؟
نظرت نحوهُ بعدما عقدت ذراعيها الي صَدرها
- بالتأكيد ، لم اكن لافعل ذلك بدون سَبب
رمقها بنظراتٍ سامَة
- حتى و انتِ فاقدة للذاكرة لازلتِ مُتعجرفَة
طالعتهُ بغيضٍ فقالَت و هي تدفعه من طريقها
- لقد بدأ يظهر وجهك الحَقيقيّ
كنتُ احسن صنعًا عندما ارغب بتحطيم راسك بالمِقلاَة
تَوجهت ناحيَة الغرفة تتفقدُها فظلّ يراقب ظهرها باستِغراب
كيف تستطيعُ ان توازن بين شَخصيتها الدافئَة المليئَة بالحنيَة؟
و بين شَخصية ثانيَة لا تَمُد للحنانِ شيئًا
و كأنها ليسَت التي استيقظت من الغيبوبَة قبل اسابيع
دافئَة و خائفَة و حنونَة للغايَة
هي الان بدات تستعيد شَخصيتِها التي تعكسُ تصرفاته مَعها
نَظر الي ساعة رِسغه و كان يستوجبُ عليه المُغادرَة فلديه موعد غراميّ مع زوجته التي عزمته على العَشاء ، وَضع رسيل بجانب العابها و تَوجه ناحية ماريسا يجدُها تفتح النوافذ لدخول هواءٍ نقيّ للغرفَة
- انا عليّ الذهاب الي العمَل
ساترككِ مع رسيل و اعودُ بالغَد صباح اتفقدكن
التَفت نحوهُ تناظِرهُ بهدوء
- اذًا انت فعلا تعيشُ في بيت منفصل عنّا؟
هل تُقيم مع عشيقتك؟
اقتَرب مِنها و هو يُخرج هاتفًا جديدًا من احد اصدارات التفاحَة المعضوضة ، وَضعهُ بداخل كَف يدِها يُجيب
- نحن اتخذنا عهدا بألا نتدخل في حياة بعضنا الشخصيَة
ناظرتهُ بحاجبٍ مرفوع بعدما تَفحصت الهاتف تسمعهُ يتابع
- هذا هاتفك الجديد بعدما تَحطم الاول
سجلتُ لكِ رقمي ، يمكنكِ استخدامه انه سهَل
كمثلِ الجهاز اللوحيّ الخاص برسيل
قال كَلامهُ و التفت حتى يُغادر الحُجرة لولم يسمعها تقول
- افهم من كَلامك انّي حُرَة ان رَغبتُ ان اُقيم علاقَة مع اي رَجُل يُعجبني؟ دامهُ مُتاح لك انت كَذلك!
قَطب حواجبه بعدمِ رضَى و التفت نحوها يُطالعها بانزِعاج
- عمّا تتحدثين؟ من قال اساسًا اني امتلكُ علاقات مُتعددَة؟
ان اُقيم في بيتِ منفصل لا يَعني اني اخونك!
قامَت بِضَم ذراعيها الي صَدرها و هي تُطالعهُ بهدوء
- بلَى ، رأيتُ نظراتك الي تلك الشقراء ليلَة الحفلَة في التلفاز ، كانت تُعجبك
لم يُنكر بطريقَة مُباشرَة و قال بضيق
- قُلت انها زميلَة عمل! لما لا تفهمين؟
سَكتت لبعضٍ من الوَقت و هي تشعُر بأن انوثتها تُجرَح
نَظرت في عيناهُ و سألتهُ ما لم تتمكن من حفظه داخلها
- ماذا يوجَد بها ، افضلُ منّي؟
سُؤالها كان مُفاجئًا للورد الذي استطاع الاحساس بالغصَة التي غادَرت صَوتها ، نَظراتُها كانت تُوضَح بشدّة جُرحها الداخليّ من فكرَة ان زَوجها بعيد كُل البُعد عَنها..!
لِما؟ ما السبب الذي يَجعلهُ لا ينجذبُ اليها؟
رُغم انها ترى نَفسها جَميلَة ، و لطيفَة ايضًا
- ماريسا ، رجاءًا دعينا نُغلق هذا الموضوع
علاقتنا بالفعل انتهَى امرُها منذ زَمن
قالَت بسُرعَة تاليًا
- اذًا طلقني!
اقتَربت منه بعدما رَمت الهاتف فوق السَرير و تابعَت بجديَة
- ما فائدة هذا الزواج دامهُ ليس حقيقيًا؟
طلقني! و ليذهب كُل منا في طريقه
حَدق في عُيونِها و قام بتبليل شَفتيه يُجيب
- لا استطيعُ ، رسيل لا يُمكنها ان تعيش بعيدًا عنّي
احسَت بالانانيَة في كَلامه لذلك رَغبت في مُجادلتهُ للتوصل الي حلٍ يُرضيها ، قبل ان تنطِق بحرفٍ قاطعها عندما اخرَج هاتفه الذي يرن من جَيبه
كان اتصالاً من زَوجته جَعله يبتسمُ بخفَة
عُيونه كانت تُضيئ بطريقَة ملحوظَة بالنسبة لام طِفلته
لم يُجب على الاتصال كيّ لا يُثير الشُبهات و قام بِتخبئة الهاتف من جَديد ينظُر في اتجاهِ ماريسا بهُدوء ، لاحَظت انطفاء لمعة عُيونه و تلاشي ابتسامتِه كما لو انّها لم تَكُن و سمعتهُ يقولُ بِحَزم
- أزيلي هذه الافكارُ من رأسكِ و عيشي من اجلِ طفلتك!
مفهوم؟
قَضمت وَجنتها من الداخل قبل ان تنطِق بغضَب
- لست انت من تُملي عليّ ما يجبُ ان افعَل!!
عَقد حواجبه بانزِعاج ثُمّ قال حينما لاحظ انفعالها
هي في افضل مزاجٍ للعراك و هو لا يمتلك وقتًا لذلك ابدًا
- سنتحدثُ حول هذا الموضوعِ لاحقًا
امّا الان فانا مشغول بالفعل..!
لم يسمَح لها بالنقاش و تابع طريقه نحو الخارِج و هو يقول
- سنلتقي بالغَد ، و نتحدث
يومٍ سعيد
خَرج و تركها تُصارع افكارِها بِمُفردها
جَلست فوق السرير تنظُر نحو الفَراغ بِصَمت
لِما قُدر لها ان تخوض زواجٍ فاشل كَهذا؟
على الرُغم من امتلاكها لكل المُقومات التي تُتيح لزوجها ان يَكون مجنونًا بها..!
•••
حَسب الموقع الذي وَصله فَزوجتهُ حَجزت لهما جَناح كامل في احَد الفنادق الفاخرَة ، الليلَة تُصادِفُ ذكرى زواجهما الثامنَة لذلك توجه الي اقرب مركز تجميلٍ خاص بالرِجال و اعتَنى بِنَفسه كما يَنبغي
قام بِتحليق شَعرِه و ترتيبه جيدًا ، اضافَة الي أنهُ ارتدى بِذلَة جديدَة انيقَة تتماشى مع جَسده الممشوق المليئ بالعَضلات ، لم ينسى في طريقه الي هُناك شراء باقة وردٍ حمراء كبيرَة مع علبة من الشوكولاتَة المُفضلَة لدى زوجته
بمُجَرد ان دَخل الي الجَناح ، وَجدها تلبسُ ثَوب نومٍ احمَر يتلائم مع لون بشرتِها ناصعُ البَياض ، كانت فاتنَة بشكلٍ اسقط باقَة الورودِ من قبضته
عَجز عن التَعبير عمّا يراهُ من فتنَة قُبالتَه ، و كَرد فعلٍ طبيعيّ ظلّ مُتجمدًا يتفحصُها بِعينيه بِكُل جُرأة ، لم تكُن تلك الليلَة عاديَة مُطلقًا..!
كانت مليئَة بالمُغازلاتِ الحميميَة و استرجاع للذكرياتِ القديمَة بينهما طوال السبع السَنواتِ الماضِيَة بِحُلوها و مُرِها
كَما لو انّهما عَروسين تمامًا..!
•••
في الجِهَة الثانيَة
كانت ماريسا نائِمَة بِجوار رَسيل تتفقدُ الهاتف الجَديد الذي مَنحهُ لَها اللورد قبل مُغادرته ، تَفحصتهُ و تعلمت استخدامهُ جيدًا و بينما كانت تُنزّل احد التطبيقات قابلَها اعلانٍ قرأت فيه
- كَيف تتبعين موقع زوجكِ او حَبيبكِ من خِلال رَقمه فقط
رَمشت و هي تُمرر عَينيها على تلك الأحرُف بِعنايَة
- ماهذا؟ انه تطبيق تتبُع؟
هَمست بِصَوتٍ خافت قَبل أن تقومَ بتحميله بعدما اتبعَت فضولها ، حينَما دخلتهُ قامَت بِوَضع رَقم اللورد الذي وَجدتهُ مُسَجلاً سابقًا كما قال بالفِعل
استَغرق التطبيقُ لحظاتٍ قبل أن يُظهر لها مَوقعهُ بالتَحديد
رَمشت مُستغربَة
- هل يُقيم في فُندق؟ لما؟ يترُك بيته و يذهب للنوم في الفنادق؟
الهذه الدرجَة لا يُطيق البقاء مَعي؟
تَحدثت بانزِعاج و هي تتفَحصُ صُور الفندق الذي كان جَذابًا للغايَة ، به كُل سُبل الرفاهيَة و سِعرُ الليلَة به تتخطَى الالاف الدولارات
- ساُحسن الظن به و اقولُ انه حتمًا في اجتِماع عمل كما في المُسلسلات
شاهَدت مُسلسلاً مؤخرًا تَدور احداثه حول رَجل اعمالٍ كان يُقيمُ اجتماعاتٍ في الفنادِق ، لذلك احسَنت به الظَن و لم تُفكِر كثيرًا حيال مَوقفه
سَمِعت صَوت رسيل و هي تأن و تتقلُب في نَومها فقامت باخفاضِ بصرها اليها تراها تتعرَق من شِدَة الحَر
- اوه ياحبيبتي؟ هل سخنتِ؟
فَتحت رسيل عَينيها تنظُر بداخل خاصتيّ اُمها و هي تأن بفعل وَجع اسنانِها ، انخَفضت الكبرى تُقبل ارنبَة انفها بلُطف بالغ
- ياروح اُمكِ انتِ ، سيخفُ الوجع ياحبيبتي
جَلست ترفعُها الي حُضنها تُطالع عُيونها الذابلَة بِحُزن
ضَمتها نحو صَدرها تُربت عليها بدفئ
- انتِ متعرقَة ياحبيبتي!
اقتَربت تُزيل عَنها ثَوبها العلويّ و تَركتها بقميصها السُفليّ الذي كانَ مفتوحًا جِهَة الصَدر ، اعادَتها للإستِلقاء فَوق الفِراش و قامَت بتغطيتها بعد ذلك دون أن تُدرك انها ارتَكبت خطأً سَتدفعُ ثمنهُ غاليًا ..؟
•••
اليوم المُواليّ
فَتحت عُيونها على صَوت سُعالٍ آتٍ من فاهِ طفلتها النائمَة بجوارها ، استَغربت و انتفضَت بسرعَة تتفقدُها بقلق ، حَملتها بعدما كانت تنام على بطنِها لِتجدها تسعُل و عُيونها ذابلَة للغايَة
- مابكِ ياروحي؟
التَمست حرارتِها لِتَجدها بارِدَة عكس البارِحَة ، ظَنت انها اختنقت بلعابها اثناء نَومها لذا جَعلتها تتكئ على كتفها و راحَت تربت فوق ظَهرِها بلُطف
وَقفت بها تتجولُ حَول الشِقَة بِقلق ، قلبها مُنقبض و لا تعلمُ السَبب..!
كان من المُفترض أن السفير سيأتي بِحُلول الصَباح لَكن لا وجود له
بحثت عنهُ في الحَمام و حَول الشِقَة لكن لا اثر لهُ
عاوَدت تَمديد رسيل في ذراعيها فَخف سُعالها لَكن عُيونها لا تَزالُ ذابلَة ، مَسحت على وَجنتها برفقٍ قائِلَة
- مابكِ ياحبيبتي تكلمي..!
اعتادَت على نشاط طِفلتها كُل صباحٍ توقِظُها بصوتها و كَلامها الغير مَفهوم ، لَكنها الآن تبدوا كَما لو انّها غير قادرَة حتى على البُكاء..!
تَنهدت بضيق و مَشت بها نحو الغُرفَة حيثما جَلست و سَحبت هاتفها للاتصالِ على اللورد ، استغرق وقتًا ليبدأ بالرنين تنتظرُ منهُ ان يُجيب كيّ تطلُب مَجيئه لعلّهُ يفهمُ حالَة رَسيل افضلُ منها
على النَحوِ الاخَر ، رنّ هاتِفهُ و هو نائِم و في مُنتَصفِ حُضنَهُ زَوجته الشَقراء بعد ليلَة ملحميّة ، تَقلبّ على جانِبه الأيسر لتفقدُ المُتصل بعيونٍ شبه مفتوحَة و عندما قرأ الاسم على الشاشَة تَعجب
تَذكر اخر نقاشٍ بينهُ و بين ماريسا حينما طَلبت الطلاق اذ اخبَرها بانهُ سيُناقش معها الامرُ اليَوم لِذا خمن انها ستطلُب مجيئهُ لهذا السبب
اَغلق الخَط و اطفئ هاتِفهُ كليًا فرماهُ بعيدا عن مُتناوله و اخفَض عيونَه الناعسَة لِزَوجتهُ الشقراء التي رَفعت رأسها نَحوهُ تُطالِعهُ بِتَعب
انخَفض يُقبل ارنبَة انفها بِحُب
- صباحُ الخير يا عَروس
ابتسمَت لهُ بِتَعب فردَت بِصَوتٍ مبحوح شِبه مسموع لكثرة الصُراخ ليلَةِ البارحَة
- صباحُ النور
تَفقد الساعة بِعينيه فوجدها تُشير الي العاشرَة صباحًا لِذا قامَ بالجُلوسِ بعدَما احتَضن وَسطِها يجذبها الي صَدره ماسِحًا على ذِراعها المكشوفَة
- كَيفَ نِمتِ البارحَة؟
طالعتهُ بعيونٍ مُصغرَة
- البارحَة؟ تقصدُ الفجَر..!!
ضَحِك على نبرَة صوتها المُنزعجَة فقامَ بِقرص انفها يُناكفها
- اسِف ، انها ضَريبة اشتياقي اليكِ يا قَمر
ابتَعدت عنهُ تُطالع مَلامحه عن قُرب مُتحدثَة
- انت انتقمت منّي ! الهي كيف اتحدثُ بصوتي هذا؟
او كيف ساسيرُ في الحَفل حتّى؟ انهُ الليلَة!!
هَز اكتافهُ بعدمِ اهتمام و قامَ بالنُهوض يجذبُ بنطاله المُلقى في مُنتصف الغرفَة قائِلاً
- لا يَهُم ، الجميع يعلمُ انها ليلَة ذكرى زواجِنا لِذا لا تَهتمي
ناظَرتهُ بِغَيضٍ قبل أن تقومَ بارتداء قميص نَومها تستعدُ للاستحمام رِفقته حينما سَبقها الي الحَمام كيّ يَبدأن بالتَجهيز الي الحَفل الليلَة
انها لَيلتهما المُميزَة
•••
- ما هَذا؟ لما لا يُجيب!!
قالَت ماريسا بانزِعاجٍ حينما فَصل الخط بِوجهها فقامت باعادَة الاتصال بِه مرَة اخرى لِتَجد هاتفه مُغلقًا ، قَطبت حواجِبها بشدّة قبل ان تُخفض بصرِها نحو طِفلتها الهادِئَة
هُدوء رَسيل يُزعجها..!
لقد اعتادَت على نشاط طفلتها المُفرَط
تَنهدت بثقلٍ و رمت الهاتف بعيدًا عن مُتناولها قبل ان تَنهض تَضمها ناحيَة صدرها
- هيّا يا حَبيبتي دعيني اُحممكِ
اخَذتها ناحِيَة الحَمام كيّ تُحممها و ذلك كان ثاني اَكبر خطأ ترتكِبهُ..!
بَعدما اخرجَتها البستها ثيابِها و لاحَظت بعد الحَمام انها بدأت تستعيدُ نشاطها قليلاً ، تفاعَلت رسيل مَعها حينَما طَلبت ان تَرضع و سُرعان ما لَبت ماريسا رَغبتها باشباع جوعِ معدتها الصغيرَة
لاحَظت تَوقف رسيل عن الرِضاعَة بين الفينَة و الاخَرى كما لو انّها تختنق كُلما اطالَت تَجرُع الحليب ، تأخُذ انفاسِها لِتَعود مُجددًا لسد جُوعها
مَسحت الكبرى على رأسِ طِفلتها و صَدرُها مُنقبض لسبب لا تَعرِفه ، انخفضت تُقبل جَبينها ثُمّ حالما اخمَدت جُوعها حَملتها ناحيَة المَطبخ لِتحضر فُطورها و عقلِها مُنشغل بِحالَةِ رَسيل
بينما في الجِهَة الثانيَة ، كان السفيرُ يُشرفُ بنفسِه عَلى تَجهيزاتِ الحَفل الخاصَة بِذكرى زواجِه من الشَقراء ، قام باستِئجار مُنتَجع على البَحرِ جَهزهُ من كُل النواحي بِتَخطيطٍ من الأيامِ السابِقَة
جهّز لائِحَة بأشهرِ الشخصياتِ و اكثرُها ثراءًا في البَلد ، بَعث رسائِل الدعوَة و من ضِمنهم كان رَئيس مجلس الوزراء الذي تَعذّر عليه المَجيئ بِسبب انشغالاته
كان هُنالِك مَنصَة الحَفلُ المُقابلَة للبحرِ و فَوقُها قَوسٍ كَبير مليئ بالوَرد ، اجواءُ الحَفلِ كانت تميلُ للونِ الأبيضِ و الأحمَر ، الطاولاتِ تتوزعُ على طولِ الحَديقةِ المُزهرَةِ مع شراشيفُ حمراء فَوقها مزهرياتٍ مَع توزيعاتٍ من افخمِ العُطور و الشُموع
هُنالِك صُورٍ للسفير و زَوجتِه تتدلى من القَوسِ الذي على المنصَة تجمع ذكرياتهما سَويًا مُنذ خُطوبتهما ، مَع كُل وردٍ متدليَة من القوسِ كانت تحملُ صُورَةٍ تَخصهُما
التفاصيلُ كانت دَقيقة و جَميلة للغايَة
في داخِل المُنتَجع حيثُ الغرفَة الخاصَة باليوت
كانَت تجلسُ مع طاقم التَجميل و الازياء يُجهزون اطلالتِها
قد انهَت مُستحضرات تَجميلها للتَو و بدأت مُصففَة الشعر تَهتمُ بتسريحتِها اذ جَمعت كُل خصيلاتِها عاليًا على شَكل كعكةٍ و تركَت بعض الشُعيرات المموجَة منسدلَة من الأمام ، مكياجها كان ناعِمًا جدًا بالكاد يَظهرُ للأعيُن
فُستانها سُكريّ طَويل مُخَصر به لَمعة فِضيّة تَبرُق بوضوحٍ
عَليه فُتحَة من الصَدر خفيفَة عاري الاكتافِ مع عقد لُؤلؤيّ
اطلالتها كانت مُميزَة جدًا بالنسبة الي زوجها الذي جاء لِتفقدها بعدَما ارتَدى هو بِذلَة رماديَة تميلُ للونِ الفضيّ لتتماشى مع لمعَة فُستانها ، صَفف شعرهُ عاليًا و ترك هُنالك قَسمة من المُنتَصفِ تُظهر جَبينهُ و حواجبه المُرتبَة
عطرهُ كان طاغيًا عند حُضوره بعد دُخولِه الي الحُجرَة يَجذبُ نظرات الطاقِم كُلّه الي اطلالته الساحِرَة ، تناقلت اعيُنهم من اليوت اليه يَتهامسون حَول وسامته الخارجَة عن المألوف
بينَما يضعُ يدهُ في جَيبه التي يحتضن رِسغها اغلَى افخم ساعاتِ رولكس المُقدرَة بما يُقارب المليون دولار تقريبًا ، خَطى ناحيتها بِخُطواتٍ مُتزنَة يَتفحصها بِعَينيه دون حَرجٍ و بِجُرأةٍ امام الجَميع
ابتسَم عندما بلغ موقعها و مَد يدهُ الحُرَة اليها يُغازلها بِقَوله
- اميرَة مُنذ يَومكِ
مَسكت بيده مُبتسمَة بِرقَة فاقتَربت تُعدل رَبطة عُنقه بِحَذر
- و انت كَذلك وَسيم ايها المُشاكس
انخَفض لِتَقبيل جَبينها ثُمّ مَد ساعده اليها للخُروجِ و التقاط الصُور قَبل حُضور المَعازيم ، هاتفهُ لا يَزالُ مُغلقًا و لم يُفكر بِفتحه بِفعل انشغاله الكَثيرِ منذ الصَباح
•••
الشَمس بدأت تَغيبُ و ماريسا مُنذ الصباح تُحاول الاتصال باللورد بإلحاحٍ حينما بدأت تلاحظ اعراضٍ غريبَة تظهرُ على رَسيل
برودَة جسدِها الغير اعتياديَة و صَوتُ صفير صَدرها الذي سبب لَها قلقًا مُبالغ بِه ، مُنذ العصريَة و رسيل لم تَعد تتجاوب معها او حتى تُركز مع حَركات اُمها
عُيونها ذابلَة و جَسدها مُرتخٍ بالكامِل
تستطيعُ سَماع صفيرُ صَدرها بوضوحٍ تام
- لما هاتفه مُغلق بحق !!
صَرخت مُنزعجَة فقامت برمي الهاتف و الرَكض ناحيَة السرير حيثُ جَسد صغيرتها ، التَمست يديها و قَدميها و لم يَعُد بامكانها التَحكم بِدُموعها التي تساقَطت دُون تَوقف
- رس..رسيل ، ماب..مابكِ؟
هل تشع..تشعرين بالب..بالبرد همم؟
سألتها و هي تُحاول لَفها بالحِرام و الغطاء قَدر استطاعتها كي تُدفئها ، حَملتها و ضَمتها ناحيَة صَدرها تُحاول تدفئتها بينَما تمسحُ على خدها البارد
- اُنظري اليّ ، ارجوكِ كلميني و انا سافهمُ عليكِ
مالذي يُؤلم حبيبتي؟ اخبريني
نَظرت رسيل في عَينيّ امها الغارقَة بالدُموع و لم تستطِع تحريك شَفتيها حتّى ، انفاسُها ثقيلَة بالكاد تُغادر صَدرها المُلتهب ، الألم الذي يُداهمها يُصعب التعبير عنهُ حتى بالبُكاء او الدُموع
بالكاد استطاعَت التمسُك بقميصِ اُمها التي تُحاول قَدر استطاعتها تَقديم المُساعدَة اليها ، اطرافُها بدأت تزرقُ تمامًا كَشفتيها ما جَعل ماريسا تنفجرُ بالبُكاء و هي تُقبل سائر وَجه طِفلتها بِحُب
- مالذي يحدُث مَعكِ؟ ان..انا لا افهم
لسوء حَظها انها تُعاني من فقدان للذاكرَة..!
لا تعلمُ و لا تتذكر ان ابنتها تُعاني من حساسيَة الصَدر
و تعرُضها للبردِ و الهواء يُفاقم من حالتها و يَزيدها سوءًا
خصوصًا انها استَحمت و هي بالفعل تعرضَت للبرد
قَربتها الي صَدرها و حَملت هاتفها تركُض ناحيَة الخارج حينما طَفح كيلُها و لم تجِد مفرًا سِوا ان تذهب بِنفسها الي السفير كيّ يُساعدها ، رَكضت ناحية الدرَج و نزلت الطوابق واحد تلو الاخَر و هي تضم رسيل بأقوى مالديها
قلبُها يكاد يغادر صَدرها من شدّة تخبُطه و فَزعه على طِفلتها
لا تعلمُ اين تذهَب؟ خرجت من المبنى و وَقفت تنظُر يمينها و يسارِها بِهَلعٍ لاحظهُ احَد جيرانها حينما اقبل على الدُخول
اقتَرب منها بعدما رأى وَجهها غريقُ دموعها فقام بسُؤالها
- مرحبًا سيدتي ، هل انتِ بخير؟ هل من خَطب؟
قامَت باخراجِ هاتفها تَدخُل على تطبيق تتبعُ الارقام مُتحدثَة من وَسط بُكائها
- اح..احتاج الذه..الذهاب الي ه..هذا المك..المكان
ابن..ابنتي مريضة و زوج..زوجي هناك
نَظر الشابُ الي رَسيل التي لم تكُن حالتها تُعجب بشكلٍ جَعلهُ يُقبل على مُساعدتها قائِلاً
- حسنًا ساقومُ بايصالكِ ، تعاليّ معي
شكرتهُ و هي تَبكي بِحرقَة ، رَكضت معه ناحيَة سيارته و قَدمت له الهاتِف الذي اخَذهُ منها لِيقصد المَوقع المكتوب على الشاشَة
كانت طوال الطريق تَضم رسيل الي صَدرها و تتحسسُ اطرافها الباردَة و هي تَبكي من فرط خوفها على فُقدان صغيرتِها ، تُقبل اناملها المتجمدَة و تترجاها ان تَصمُد من اجلِها
- ارجوكِ اصمدِ يا حَبيبتي
انا ه..هنا لن اترككِ ابدًا
مَسحت على شعر طِفلتها التي بالكاد كانت تَستطيع التنفُس
صَوت صفيرُ صَدرِها يَبث الرُعب في قلب اُمها اكثَر
- م..ما..ماما
هَمست تُنادي اُمها التي زاد انهيارُها و هي تُقبل كَف طِفلتها بِحُب
- عُيون امكِ ، مالذي يُؤلم حَبيبة قلبي همم؟
اخبريني
لَفت رسيل اناملها الصغيرَةُ حَول اصبعُ امها السبابَة تُطالعها بِنظراتٍ قَسمت قلب ماريسا التي تشعُر بالعَجز ، ابنتها تتألم و هي غيرُ قادرَة على مُساعدتها
نَظرت نحو الشاب تترجاهُ بِوَجع
- ارج..ارجوك اس..اسرع
حَدق الشابُ بها و قام بالايماء لِيزيد من سرعَة قيادته
- الطريق مُزدحم و المكان بعيد قليلاً عن المدينَة
انه منتجع سياحيّ
لم تَهتم ماريسا بالتَفاصيل و اكتَفت بالايماء له و اعيُنها لا تُفارق وَجه طفلتها ، استَغرق الطريق رُبع ساعَة حتى رَكن الشاب امام المُنتجع قائِلاً
- هل انزلُ معكِ؟
نَظرت لهُ و نَفت برأسها قبل ان تركُض في اتجاه الداخل ، كان المُنتَجع ضخم للغايَة و لم تعلم اي طَريق تسلُك..!
ذَهبت لرجُل الأمن و سألتهُ باعينٍ باكيَة
- ل..لو سمح..سمحت ، هل تع..تعرف ا..اين هو السف..السفير الكوري؟
حَدق رَجُل الامن بِها يتفقدُ اطلالتِها
كانت تَلبسُ فستان صيفيّ قصير احمَر اللون عاري الاكتاف
شعرُها الطويل مُنسدل يكاد يفوقُ ثوبها طولاً
اما قَدميها ، فكانت حافيَة..!
نزلت تركُض من البيت دون اكتراث
لم تَكُن تبدوا مُشردَة ، و بذات الوَقت وَضعها لا يُطمئن لذا سألها
- من تكونين حضرتكِ؟ هل انتِ مدعوَة الي الحفل؟
قَطبت حواجِبها بخفَة و قالَت
- حف..حفل؟ لا افهم ما تقوله
ان..انا اريد رؤية السفير
لم يُجبها الحارس فَهي لمحَت صُورَة السفير مُعلقَة خلفهُ على مَدخل الحَفل ، تجاوزتهُ و ذَهبت تركُض نحوها فلاحظت وجود امراةٍ شقراء بِجانبه
تَسمرت مَطرحها و عُيونِها تراهُ يعانق خَصر المرأة مُبتسمًا للكاميرا
لم تَكُن تستطيعُ التَصديق البتّة..! الم يُخبرها انها مُجَرد زميلة؟
اذًا لما يلتقظُ معها الصُور بِحميميَة؟
لم تكن تمتلك الوقت للصدمَة حتّى
فصوت صفير صدر ابنتها يُزعزع كيانِها
حَدقت في مَدخل الحفل حيث يتوافد الناسُ الي الداخل لِذا رَكضت نحو الحُراس المسؤلين عن اخذ بطاقات الدعوَة للحُضور ، ناظرتهم مُتحدثَة بصوتٍ مرتعش
- ه..هل السفير بالداخل؟
كانت ترى العَديد من الشَخصيات الهامَة داخل القاعَة
استطاعَت التعرف عَليهم لانها سَبق و رأتهم بالتلفاز
عاوَدت النظر نحو الحارسين الذين نَظرا لبعضهما ثُمّ طالعاها
- نَعم ، هل من خَطب؟
ارادَت ان تتجاوزهما و تَدخل ، لَكنهما دفعاها للوراء فتَحدث احدهما
- الي اين يا سيدَة؟ اين بطاقَة الدعوَة؟
ناظَرتهُ ماريسا بانزعاجٍ متحدثَة
- اي بطاقة دعوَة؟ انا عليّ الدخول زَوجي بالداخل!!
صَرخت مُتحدثَة حينما اصرّا على طَردِها للخارِج
طَفح كيلُها و لم يعُد بمقدورها سِوا استخدام العُنف
حياةُ ابنتها على المحك ..! و هي لن تقف صامتَة
هَربت مِنهما بعدَما رَكلت الاول و فَرت من ذراع الثاني الذي لم يستطع امساكِها بسبب حَملها لَرسيل ، قابلها ممر طويلٍ يؤدي الي المنصَة حيثُما رأت السفير يَنتصفها مَع الشابَة الشقراء يتبادلانِ رَقصة رومنسيَة
مَشت على طُولِ ذلك المَمر الأبيض و وَقفت في مُنتصف تَنظُر الي ابتسامتِه الوسيعَة و عُيونه اللامعَة و هو يُغازل المراة التي بين يَديه
بينَما ابنتهُ تَموتُ بين ذراعيها هي..!
تَصلبت مَطرحها و لم يَعُد بامكانها النُطق بِحَرفٍ واحد
تَراهُ بارعًا في مُراقصتِها و اخَذ نصيبه من قُبلاتِها في كُل مرَة يَلفها حَول بعضها و يَحشُر رأسهُ في عُنقها
مَصدومَة هي..! و لا تستطيعُ حتى التَعبير
نظراتُ كُل الحُضور انتقَلت اليها بعدَما لَفتت الانتباه بوقوفها في مُنتَصف الممر و بين يديها طِفلَة صغيرَة ، كان لِحُضورها جَاذبيَة جَعلت الكُل لا يُبعد عيناهُ عنها
لم تستفق من صَدمتها الا حينَما سمعت صَوت الحُراس و هم يَركضون ناحِيتها كيّ يعتقلونَها لدخولها الغَير قانونيّ ، كانت مُخدرَة تمامًا حينما مَسكوها و عُيونها لا تُفارق وَجه اللورد الذي انتَبه الي وجودها بفعل الفوضَى التي اُحدِثَت
تَسمر مكانَهُ حينما رآها و رأى ابنتُه بين ذراعَيها
مالذي يراهُ؟ اتلك ماريسا؟
فقد قُدرَة النُطق و كَرد فعلٍ طبيعيّ افلت اليوت و نَزل من المنصَة راكضًا في اتجاهِها عندما بدأت تُقاوم الحَرس الذين يَجرونها رُغمًا عن ارادتها
بِمُجَرد ان رأت اليوت ماريسا ، انشلّت حركتها و عُيونها تتفحصُ رسيل التي بين ذراعيها ، انها ذات الطِفلة التي رأتها مع زوجها سابقًا..!
نزلت من المنصَة تتبعُ زَوجها الذي سَمع الحرس يعتذرون
- سيدي نحن اسفون ، لقد دَخلت هذه المراة قصرًا
حَدقت ماريسا بِه و لازال وَجهها لم يَجف من دُموعها
دَفعتهم عَنها بكامل قِواها و من وَسط بُكائها قالَت بِغصّة
قالَت و هي تَنظُر بداخل عينيّ اللورد الخَضراء بينما تُقدم رَسيل المُغيبَة عن العالَم . يكادُ المَوت يُدركها باقربِ فُرصَة
- اب..ابنتنا ، تم..تموت ..!
ما قالتهُ تَسلل الي مَسمعِ اليوت الواقفَة وراء زَوجها تَنظُر في عينيّ رسيل الذابلَة ، و التي كانت تُطابق خاصتيّ اللورد بشكلٍ مُخيف..!
تقابَلت الزوجَةُ مع اُم الطِفلَة
و في مُنتَصفهنّ ، السفير الحائرُ في مُصيبته..!
مالذي قد يَحدُث بعد ذلك اللقاء؟
و ما مَصيرُ رَسيل و اُمها..؟ بعد كُل هذا العناء..!
ذلك ما سَنعرفهُ ، في الفصولِ القادمَة
•••
10041 ✔️
اهلاً اهلاً يا حِلوين
فصل اليوم غني بالاحداث 🔥
اقدر اقولكم بدأنا ندخل في احداث الرواية الحقيقيَة
طبعًا خلاص ، اليوت عرفت عن ماريسا و ان زوجها عنده بنت
مافي مهرب من الحقيقة ، كلشي صار واضح
توقعتوا ان اليوت هتعرف عن ماريسا بِهذي الطريقَة؟
الحدث ده كان مخططله من بداية الرواية و ياويليي شقد كنت متحمسة اشاركه 😭 اخيرا وصلنا له
لسسسسه الاحداث هتولع
بس اريدكم كده تجهزوا دموعكم كويس
لان مش محتاجة اقولكم ان الجاي دُموع
ماريسا كسرت خاطري
بس لسه هتكسره اكثر بالقادم 🥹
البنت مش عارفة تستوعب صدمة زواج يلي تحسبه زوجها
ولا بنتها المريضة يلي جالسة تضيع من ايدها
تحسون انه كله انهال على راسها مرَة وحدَة
البنت مش عارفة تلاقيها من فين او فين
اخخ صعبانَة عليا
الفصل عمومًا و احداثه..؟
سيلينا؟ البعض قال انها ماريسا
تتوقعون انها فعلاً ماريسا؟
و هل هي عشيقة ادريان السابقَة؟
اليوت و طباعها يلي بدات تتحسن بالعلاج؟
ضحكت ان منكم مش عايزاها تتعالج حتى تكرهوها براحتكم 😭
يخي حرام عليكم
شنو رد فعل السفير على اقتحام ماريسا لحفل ذكرى زواجه؟
كيف حيتصرف مع مرض رسيل..؟
تتوقعون اليوت كيف هتتقبل وجود رسيل و ماريسا؟
و كيف حتتصرف ؟
مسكينة اجتها الصدمَة الكبرى بيوم ذكرى زواجها
صراحة انا الكل صعبان عليا
حتى السفير ، مش عارف يتدارك مشاكله
توقعاتكم للقادم..؟
الاحداث بدات تولع 🔥🔥
3500 تصويت
7000 تعليق
فصل جديد ✔️
الفصل هذا محتاج الدعم من كل النواحي
لانه حَقيقي ، مُثمر و مليئ بالاحداث
عاد انتو و حماسكم للفصل الجاي
لا تكونوا زي جيش الرائد 😡
اشوفكم في الفصل الجاي ان شاء الله
الي اللقاء 🤍
.
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top