Our child | 17

THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD

اهلاً بكم في الفصل السابع عشر 🍂

لنبدأ 🐻

•••

نَظراتُ عَينيها اليهِ تَحملُ كمًا من عَدمِ الاستيعابِ و الاستنكارِ الذي جَعل ملامحهُ تتشنجُّ تمامًا كَجسده و هو يُنفي اولّ ما طرأ على فكره مُباشرَة

فقدت ذاكرتها للمرةِ الثانيَة..؟

ابنتهُ كانت تأبى الثَبات بين يديه و هي تُحاول القفز الي حُضنِ اُمها ، تُريدُ ان تُعانقها و تَشفي شوق اليومين الماضيين لَكن ماريسا كانت تُطالعها بتعجُب تام

نظراتُها التي استنكرت فيها رَسيل ، آلمت قلب اللورد الذي احتَضن ابنتهُ اليه و قال بِصوتٍ مليئ بالرجفَة

- ان..انتِ لا تذك..تذكرين ؟

كان رأسُها المُحاظ بِالضمادِ يُؤلِمها ، مَسكتهُ و نَظرت حولِها تُحاول ان تسترجع اي ذكرَى سابقَة تفهم بها سبب وجودِها هُنا ، لم تتمكن من السيطرَة على الوَجع و قالَت بينما تعقدُ حواجِبها بالمٍ شديد

- اي..اين ان..انا ؟

نَظرت ناحيَة رسيل التي بدأت تَبكي و هي تُحاول الابتعاد عن حُضن والِدها و تَرمي نفسِها اليها ، ضمّها اللورد نحوهُ اكثَر فهمس باُذنها يُهدئ من روعِها

- رَسيل ارجوكِ اهدئي ، ماما مريضَة

سَمِعت ماريسا ما قالهُ لَكِنها لم تكُن تقوى على التفاعُل مع حَديثه ، كانت تشعُر بالغرابَة و هي تلتفتُ برأسِها المليئ بالألم لِنواحي الغُرفَةِ بالكامِل و خوفِها يزدادُ اكثَر من المَجهول

لا تعرفُ احَد هُنا ..!
من هذا الرَجُل و الطفلَة التي معهُ؟

نَظر اللورد الي عَينيها مُتحدثًا تحت تأثيرِ الصدمَة

- ألا تذكرين ابنتكِ ماريسا..؟

نَظرت ماريسا ناحيَة رسيل التي تَبكي بشدّة ، شعرت بنخزةٍ في مُنتَصف قلبِها و هي تُنفي بعدمِ ادراك

- ابن..ابنتي؟

عاوَدت التحديق في اللورد الذي قام بالايماء ، فرأى رَسيل و هي تضعُ يدها على وجهه و تُشير بالثانيَة على ماريسا

- ابابا ، ماما

قبل اللورد جَبين ابنتهُ يُطمئنها لعلّها تهدأ ، لكنها تُريد حُضن اُمها الذي اشتاقَت اليه..! لما امها ترفض ان تحملِها و تضُمها بداخل اذرعها الدافئَة؟

لما والدتها تُحدق بها كما لو انّها غريبَة عنها..؟

أطالَت ماريسا التَحديقُ في رَسيل ثُمّ طالعَت السَفير قائِلَة بِترُدد

- هل انت ز..زَوجي؟

انعقَد لِسان جونغكوك الذي تسمَر مكانهُ و لم يَعُد يستطيعُ النُطق او الاجابَة ، ينظُر اليها تمامًا كما تنظُر اليه ، الاثنين مُنصَدمين و رَسيل ضَحية سُكوتهما الطويل فبكاءها يكادُ يخنُقها

حالَة ماريسا و جُروحها لا تسمحُ لها بِحملها فالصغيرَة رُغم حجمها الضئيل ألا انّها مُمتلئَة بالفعل ، لِذا قرر اللورد الانسحاب حينما نَده على المُمرضَة و قال يُخاطبُ ام طِفلته

- انتِ عليكِ ان ترتاحي ، سنتحدثُ بِمُجَرد ان يَخف الألم همم؟

نَظرت ماريسا اليه ثُمّ طالعت المُمرضَة التي جائت و بين يديها حُقنَة مُسكن ، ارتَعبت مِنها و سارعَت بالتوجهُ ناحيَة زاويَة ترفُضُ الخُضوع للعلاج حينَما نفت برأسِها بقوّة

- ل..لا اري..اريد

عَقد اللورد حواجِبه و هو يَرى خوف ماريسا الشَديد في عَينيها ، لم يكُن رُهابًا عاديًا و ذَلك جَعلهُ يُعطي رسيل الي المُمرضَة كيّ تتكفل باسكاتها و تولَى هو مُهمَة الجُلوس مع اُمها و التهدئَة من روعِها

غادَرت الممرضَة مع رسيل الي الصالَة اذ راحَت تُحاول اسكاتِها في الوقت الذي جَلس فيه السفيرُ قبالَة ماريسا المُرتعبَة ، كانت عينيها مليئَة بالدُموع و هي تتجولُ بها حَول الانحاء بِخَوفٍ شديد

حينما مَد السفيرُ يدهُ بتردد لامساكِ خاصتها و مُواساتها ، انسحَبت هي و التصقت بالجِدار اكثَر و هي تضمّ رُكبتيها الي صَدرِها بذُعر

- م..من ان..انا ؟ و لم..لما انا ه..هنا؟
من.. من انت..انتم

يشُك انهُ يرى امام عَينيه ذات الفتاة القويَة التي يَعرِف..!
بدت مُختلفة عن سابقِ عهدِها ، يراها ضعيفَة و هشّة للغايَة الأن

لم يُعجبه وَضعها الذي سَبب لهُ غضب داخليّ يزدادُ ناحيَة ماثيو ، قد كانت بخير قبل يومين فقط تجري وراءَهُ بالمقلاة كيّ تُحطم رأسَه..!

لن يُعجبه مُناكفتها بهذا الحال اطلاقًا..!

حاوَل ان يتحلّى بالصَبر ، لاجلِ ابنته على الأقل
رَسيل لا يُمكن ان تُمحَى من ذاكرَة اُمها..!
انها لازالت بأمسِّ الحاجَة اليها

- ارجوكِ اهدئي ، بالتأكيد انتِ في أمان
انا لن اُؤذيكِ ابدًا

تَحدث بنبرةٍ لينَة خَففت من تَوتُر ماريسا و تشنُجها قليلاً ، ارتخَت و هي تسمعهُ يواصل بصوتٍ هادئ اراحَ سمعها

- انتِ هُنا بأمان ، وَسط اهلكِ و ناسُكِ
تعرضتِ لحادثَة قبل يَومين و لابد انها سببت لكِ فُقدان في الذاكرَة
لِهذا انتِ لم تتعرفيّ لا عليّ ، و لا على ابنتكِ

ارتخَت تدريجيًا ثُمّ سألت بِعَينيها المُمتلئَة بالدُموع

- ح..حادثة؟

قام بالايماء لَها فامسكَت برأسها المُضمَد ثُمّ نظرت الي يديها المليئَة بالجُروح تتأكدُ من صحَة كلامِه ، عاودت التَحديق به من جَديد تسألهُ بنبرةٍ حزينَة

- ماهو اسمي؟

كان في قمّة حُزنه و هو يراها تفقدُ ما جَمعتهُ من ذكرياتٍ بعد ما فقدت ذاكرتها الاولَى ..! احقًا يستطيعُ الانسان ان يفقد ذاكرتهُ مرتين على التَوالي..؟

مالذي فعلتهُ هذه المسكينَة في حياتها لِتُعاقب بنسيانِ نَفسها مرتين؟
لا يُنكر تعاطفهُ معها بدأ يغلبُ قسوتهُ في التعامل رِفقتها

كان حَزينًا للغايَة و هو يشدّ قبضتهُ و يسألُها بِمرارَة

- احقًا ، لا تذكُريني؟

نَظر بداخل عُيونها المليئَة بالدُموع فَوجد نَفسهُ بالداخل غريبًا اكثَرُ مما كان ، على الاقل كان كَذلِك سابقًا ، باختلافِ انّها تراهُ والد طِفلتها

لَكنهُ الان بالنسبَة اليها لا شَئ..!

انتظر جوابًا شافيًا ، لَكنها نكرتهُ حينما نَفت بعدما تَسربت دُموع عَينيها و ازداد وَضعُها سوءًا من فرطِ مُحاولاتها للتذكُر ، بلغ الألم مُناه و مَسكت رأسها بكلتا يديها تتوجّعُ امام عينيّ من اغمضهُما يستعيدُ ربطة جأشه

يمّد يديه مُحاولاً ان يُهدأ مِنها ، لَكنهُ يستعيدُها من جَديد كُلما وقعت عينيه على خاتِم زواجه الذي يحتضنُ اصبعه ، حتّى ان كانت مشاعِرهُ ناحيتها تنحدرُ من خانَة التعاطُف ، لا يُمكنهُ اطلاقًا ان يكسر الحاجِز و يضمّ الي صدره امرأة غريبَة عنهُ..!

و ان كان على ابوابِ الطلاق ، هو يحترمُ زواجهُ لاخر يومٍ فيه
لا يُمكنه ابدًا التَمادي فزوجتهُ امام عَينيه دائِمًا
يحترمُ غيابها قبل حُضورِها

حتى و ان كانت المشاكُلِ تبلغُ عنان السماء بينهُما ، فاحترامه للزواجِ من قيمه و اخلاقِه ، ليسَت لاجلِها في المقام الاول..! بل هي تعود لتقديره لنفسه اولاً

نَده على المُمرضَة لتتكفل بِها فعادت خاويَة الذراعين ، علم انّ رسيل قد نامت بعدما اختفَى صوت بُكاءها فاستقام يُخاطب اُمها قائِلاً بنبرةٍ يُحاول جعلها هادِئَة

- المُمرضة لن تُؤذيكِ ، هي ستُعطيكِ مُسكَن يُخفف عنكِ الوَجع

نَظرت الصُغرى اليه و هي ترتعشُ من الخَوف ، طلبت منهُ ان يُجاورها فهو اول شَخصٍ تحادثهُ منذ ان فَتحت عَينيها ، لَكنهُ تحجج بِرَسيل

حَدقت ماريسا بالحُقنَة و ازداد الخَوف بداخل صَدرها كُلّما اقتربت المُمرضَة بها اكثَر ، قبل ان يُغادر السفير غُرفتها مَسكتهُ من يَده حينما مددتها الفتاةُ و طلبت منها ان تهدأ كيّ يتم علاجها بِسلاسَة

حاولت ان تهدأ ، لَكنها خائفَة..!
خائفَة للغاية من المَجهول

تمسكَت بيد السَفير الذي التَفت برأسٍه يُحدق في عينيها المليئَة بالدُموع و رَغبتها المُلّحة في بَقاءه لم تَنجح في استِعطافِه ، نَفض يدُها بهدوءٍ و واصَل سيرهُ الي الخارِج يَترُكُ اول نُدبةٍ فيها بَعد فُقدانها الثاني للذاكِرَة

انّهُ اول جُرحٍ تتعرَفُ عَليه في هَذِه اللحظَة
الخُذلان..!

كانت تُحدِق في ظَهرِه ، تتمنى ان يلتفِت و يَعود ليُطمئنها بالمَزيد من حَديثه الذي بدأ يُهدأ من اضطرابِها و يُخفف بعضًا من اهتياج شُعورها الخانق

لَكنه لم يَلتفِت..! تَركها و رَحل
تَركها تُجالِس الدُموعَ الغزيرَة و المخاوِف الكَثيرَة
لا تفهمُ من تَكون و لمن تَنتمي و من هو و مِن تِلك..؟

لِما هي هُنا؟ و ما القادِم ؟ اساسًا ماهو الماضي..؟
لا الحاضِرُ يَشفعُ لما فات ، و لا في عقلِها ابسطُ الذكريات
كُلّهُ مُبهَم ، عُيونها تَذبلُ بتأثيرِ المُخدرِ حتّى ، فقدت الوَعي من جَديد

خَرج اللورد الي الصالَة فوجد رسيل تنامُ فوق الاريكَة و الدُموع جافَة على خَديها ، أصدَر تنهيدَة مُثقلَة فقام بجر خُطواته اليها يجلسُ بجانبها و هو يُفكر

يُفكِر بِما عَليه فِعلُه..!
و كيف سيتَصرف..؟
ماهذه الورطَة التي وَقع فيها؟

كان مُطمئن على رسيل و هي مَع اُمها
لكن الان حتّى والدتها لا تذكُرها..!

كيف سيتركهنّ لوحدهن من بَعدِ اليَوم..؟

لرُبما هذه فُرصته للتخلصِ من ماريسا و الاحتفاظ بابنته دامها لا تذكُرها..! لن تُلاحقه و لن تَفضحهُ و سيكذبُ كما كَذب على زوجتهُ و يُراعيها دامها طلبت ذلك في السابِق

لرُبما جاء الحادث ليصنع للقصَة حبكَة جديدَة لِصالحه..!
اليس كذلك؟

نَظر ناحيَة باب الغُرفَة و شيطانَهُ يَتمكنُ منهُ
لَكن..! وَعى بمجرد ان تذكر نَظرة الضُعف في عَينيها..!

نَفى و نفض رأسهُ بعدما صَفع وجهه بكلتا يديه يُحاول استعادَة ضميرِه و انسانيتهُ حينما وبّخ نفسهُ بلا رحمَة

- يَكفي! انت تصنعُ من نفسك وحشًا بدون مشاعِر..! ما ذنب تلك المِسكينَة؟ فوق ما فقدت عائلتها ستجعلها تخسرُ ابنتها؟ املُها الوحيد في الحياة؟

نَظر ناحيَة رسيل النائمَة فراح يمسحُ برفقٍ على خدِها المحمر يُتابع بِعتاب

- انت تمتلكُ الكَثير! لكنها لا تملكُ احَد سِوا هذه المَلاك!

نَهض من مكانهُ و امسَك بِشعره يُرجعه الي الوراء بعصبيَة

- لا اُصدق كيف امكنني ان اُصبح اسوء نُسخَة من نَفسي
الهي! الهمني الحَل من عندك بدأتُ افقدُ صَوابي..!

اسنَد جَبينهُ ضد الجِدار قبل ان يَسمع صَوت رنين الجَرس
ادار عينيه لمخرجِ الڤيلا مُنصدمًا من الحاضِر..!

لا احد يعرفُ مَكانهُ سِوا آلڤير الذي اساسًا ذهب للبحثِ عن المَلف..!
حتمًا لن يعود بهذه السُرعَة..؟

مشى في اتجاهِ الباب و قبل ان فَتحهُ القى نظرةٍ على العينِ السحريَة
فُوجِئ حَد اتساع عيناهُ بهويَة الزائِر..!

•••

- حالتهُ مُستقرَة ، فقط يحتاجُ للراحة لانه تعرض لِكُسرٍ في ذراعه و ساقِه

خاطب الطبيبُ افراد عائلَة ماثيو و هم جالِسون على الاريكَة قُبالة سرير ابنِهم الذي يُحدق في السَقفِ بشُرود ، ابتسمَت اليوت تمامًا كما فعلت اُمها بينما بِقُربها كان جونغكوك يضعُ قدمًا تعلو اُختها و هو يتفقدُ جدران الجَناح بِعينيه

نَظرت ناحيتهُ و مَدت يدها لامساكِ خاصتهُ لكنه سرعان ما جَذبها عنها و قال بنبرةٍ جامدَة

- استأذنكِ

استقام من قُربها و تركها تُحدق في ظهرِه حينما دَخل الي دورَةِ المياه ، تَركها خَلفهُ تعقد حواجِبها مُستنكرَةً بعدَما وعدها قبل ساعاتٍ ان يَلتفت لِقرار رجوعهما..!

انزعجَت من تصرفه الذي احرجَها امام والديها حيثُ تطوعت اُمها لِسُؤالها

- هل علاقتك بِزوجكِ بخير؟

حَدق بيتر في زَوجتهِ بغضبٍ حينما تذكَر اوراق الطلاق التي رآها فوق مَكتبِ ابنته

- بخير؟ بخير و هو رَفع قضيَة طلاق على ابنَة البريشت؟

شَهِقت والدتها التي وَضعت يديها فوق فمها بعدمِ تَصديق

- ط..طلاق؟

نَظرت ناحيَة ابنتها تنتظرُ منها تفسيرًا ألا انّ اليوت نطقت مُنزعجَة

- هذه مشاكل خاصة بيني و بين زَوجي ابي..!

رَمقها والِدُها بِغَضبٍ فتابَع

- اُصمتِ انتِ ! قد تغاضيتُ لسنواتٍ على اخطاءه معكِ لكنهُ يستمرُ بالتمادي ، من يعتقدُ نَفسه؟ لقد لملمناهُ من الشَوارع و صَنعنا منهُ رَجُلاً ذا حسبٍ و نَسب امام العائِلات المرموقَة ، لم اطلُب منه سوا ان يُحافظ عليك..! اهذا جَزاء الخير و المعروف الذي صَنعناهُ معه؟

كان غاضبًا و هو يتحدثُ بعلو صَوتهِ المسموعِ لمن يَغسل يديه في دَورة المياه ، رَفع عيناهُ من يَداهُ المُبللة فَوجد العَدسة التي يَضعها على عينهُ اليُمنى انزاحَت لليسار فبانت حَدقتهُ السَوداء

ارتفعَت طرف شِفاههُ بِسُخريَةٍ قبل ان يُعيدها فيستعيدُ عيونه الخَضراء المُستعادَة و يُعدل من استقامَة رأسِه من بَعد انحناءِه

- اذًا انت؟ ايها العجوزُ الخرِف تأتي لِتُخاطب فرَد من افرادِ آل جُيون بِذليلُ الشَوارِع..؟

نَفض يداهُ من قَطراتِ المياه و جَذب منديلاً يِجفف بِها ما تبقَى و هو يُحدِق في انعكاسِه بالمِرآه ، الغضبُ يَنهشُ بِداخله يرغبُ بالخروجِ و تَحطيم انفِ بيتر حالاً ، لكنهُ سيتأنَى

رَمى المنديل و وَضع يداهُ في جيوب بنطاله قبل ان يدفع الباب بقدمِه و يخرُج لعائلة اليوت التي اشتّد بينهم الخصام بعدما دافعت هي عن زوجها

التفت بيتر اليه و حَدق بِه بغضبٍ عارِم ، اقترب منهُ حتى يُوبخه بعدما تذكّر اوراق الطلاق لَكنهُ طالعهُ بنظراتٍ سامّة مُتحدثًا

- عِندك..!

تَوقف بيتر مَكانهُ يَنظُر في عينيّ الاسيويّ قُبالَته ، استقامَت اليوت من وراء والدها تقتربُ للتَبرير ، لَكِنها سكتت حينما نَطق بِهدوء

- أولاً ، فانا لستُ مُشرد رأيتني اتوسَلُ لِلحصولِ على لُقمَة عيشٍ اسفل الجُسور ، انا ابنُ الحَسبِ و النَسب ، ابن العائلَة التي تحلُم حضرتك ان يُدوّن اسمك في دَفترِها الحُكوميّ..!

اقتَرب جونغكوك اكثَر من والد اليوت حتّى تصادَمت عينيه بِخاصتيه فَتابع بنبرةٍ حادَة

- صَحيح انّي يَتيم ، لكنّي ترعرعتُ وِسَط عائلَة من اثرى عائلات لُندن ، درستُ و نلتُ مَنصبي بِمجهودي الشَخصيّ! لم انتظر منك ان توظفني في الدولَة لانال راتبي الذي بنيتُ به قصرًا لابنتك..!

الغضبُ يشعّ في عُيونِ بيتر كُلما رأى الجُمود في عُيون الآسيويّ الذي تابَع بابتسامَة جافَة

- لم انال مالي ، من تَقاسُمِ الاعمالِ مع صَديقي
مثلاً..!

كان حَديثهُ الساخِر يزيدُ من انفعال والد اليوت الذي صَرخ به يعدما مد يدهُ ليصفعه لكن الآسيويّ تراجَع مُنبهًا

- لستُ انا من تُمَد عليّ الأيادي اُنبهِك
لا تظُن انّي وَحيد! فانا املكُ ورائي الكثير
اكثرُ مما تتصورُ انت

نَظر ناحية اليوت التي تُناظره بِعتاب ، تُؤنبه على كلامِه الخادِش فارتفع حاجِبهُ مُتابعًا

- امّا قراري بانفصالي عن ابنتك المُدللَة
قُم اولاً بِتربيتها كما يُربي الرجال بناتهم
ثُمّ اغضَب ان اراد زَوجها تطليقها..!

قَبض بيتر على يدهُ بقوَة حينما تابع الاسيوي و هو يبتسمُ بِمُكر

- انصحَك ان تأخذ تربيَة الوزير السابِق للمملكة المُتحدة لابنتِه كمثال

صرّ بيتر على اسنانِه فقال بغضبٍ شديد

- انت بدأت تتجاوز حُدودك! انتبه لكلامك جيدًا

ناظرهُ جونغكوك بهدوءٍ و هو يُخرج سيجارَتهُ من وسطِ جَيبه

- انت من عليه ان ينتبه لحدوده هُنا
فانا لا امتلكُ حُدود..!

تَبسم لهُ فتابَع

- انا الذي يَرسمُ حُدود الجَميع!
لذلك ، انتبه لِنَفسك

طالعهُ بنظراتٍ سامَة ثُمّ التفت ليُغادر الحُجرَة من بعدِ ما اشعل سيجارتهُ و تمشى بها خارج المُستشفَى ، رُغم انّ التدخين مَمنوع ..!
لكن ، من سيستطيع ان يقول لهُ لا..؟

- تبًا ، فقدتُ أعصابي

هسهس غاضِبًا و هو يستمعُ الي اصواتِ كَعب اليوت الراكضَة من خلفه ، توقف امام المستشفى ينظُر اليها حينما ارادت امساك ذراعه لكنهُ سحبها منها قبل ان تَلمسها حتّى

نفث دخان سيجارتهُ ثُمّ حدق بِها و هي تلهثُ بشدّة
استجمعَت انفاسها ثُمّ نطقت من وَسط لُهاثها

- مالذي قلتهُ قبل قليل جونغكوك؟
هل فقدت صوابك؟

اطال التَحديق فيها و هو يقضمُ وجنتهُ من الداخِل
كان تفكيرهُ سوداويّ للغايَة، بالكاد يُطيق وجوده هُنا

- لا ، والدكِ العجوز من فقد صَوابه

ردّ بوقاحَة صدمت الشقراء التي صرخَت به

- احترم ابي ايها المجنون!

حَدق بها بسُخريَة فقال بحاجبٍ مرفوع

- احترم من يُحترم ، امّا الذي يُقلل من جهود غيره و يَنسب تعبهُ لنفسه ، فذلك اقلّ ما يستحقهُ كلماتٍ تعيده الي رُشده

وَسعت عينيها بعدمِ تصديقٍ و هي تُناظره ، تشعُر انّها لا ترى زَوجها المليئ بالحنيّة..! انهُ مختلف تمامًا عن الذي تعرفهُ

- جونغكوك!

اقتَرب مِنها و الغضبُ يشتعلُ بداخِل عينيه ، خافت من نَظراته و تراجَعت الي الوراء تَسمعهُ يُهسهس

- اسمَعِ ، انتِ تماديتِ ، وجعلتِ عائلتكِ تتمادى معكِ
سئمتُ من المُسايرَة ، ان كان الحُب مَذلَة
فانا سعيد بدون قلبٍ يحملُكِ..!

لم يَسعها الرد على كَلامِه الذي نطقهُ ثُمّ مشى مُغادرًا مَوقعها على عجلةٍ من امرِه ، تَركها تسبحُ وسط حيرتِها و هي تُناظر ظهره بِصدمَة

- ان..انه لي..ليس جونغكوك

هَمست مُنصِدمَة قبل ان تَجلِس على كُرسيّ الطوارِئ تُفكر بطريقَة تستعيدُ بها زواجِها فوالدها قد زاد الوضعُ سوءًا بينهُما

•••

حينَما فتح اللورد الباب ، صُدِم بوجود شابَة بِعُيونٍ عسليَة ، تحملُ بين يديها طفل ذا العامين خاصتيه كُحليَة كوالِده

من سِواها؟ صبيَة الوزير..!

مُجرد النظر الي عينيه الخَضراء ، تجعلُها تشعر بالغرابَةِ من كونه نُسخَة طبق الاصلِ عن زَوجها ، لم تعتد على مُقابلته بَعد لِذا قالت بِصوتٍ مُرتبك

- مرحبًا؟

سَمح لها بالدُخول فوضَعت ابنها على الارضِ يستفحلُ باقدامه المنزل ، اغلق الباب من خلفها و رحَب بها قائِلاً

- اهلاً ، كيف وصلتِ الي هنا؟

مَشت في البَيتِ تنظُر للانحناءِ بغرابَة

- اوصلني جيكوب

قالَت بعدما إستدارَت ناحيَة جونغكوك الذي قام بارسال همهمةٍ خَفيفة و هو يُشيح بِعينيه عَنها ، سَكتت للحظاتٍ ثُمّ قالَت

- في الواقع ، انا لستُ راضيَة عن استِبدال زوجي بِك ، لكنِّ ساعتبرهُ تكفيرًا عن ذنبي حينما تعديتُ على زوجتك بالضرب و قلتُ كلامًا سخيفًا امامك

اخفَضت عسليتيها للارضِ تخاطب مَن اصدر تنهيدَة خافتَة و هو يسيرُ نحو الداخِل بهدوء

- ليس و كأنِّ راضٍ ، لكن للضرورة أحكام

كانت على وَشك ان تُجيبه ، لكنها سَمعت صوت شهقَة ابنها فَفزعَت و ركضت ناحيتهُ هي و اللورد الذان وجداهُ امام رَسيل الجالسَة بعدما استيقظت توها من نَومِها

وقفت سويون وراء ابنِها تُحدق فيه و هو يُشير على رَسيل قائِلاً بصدمَة

- نونو!

رَمشت رسيل بِنُعاسٍ و هي تُدلك عينيها الخَضراء بيديها بينما تُقوس شَفتيها السُفلى ببُكاءٍ تكتبتهُ بداخلها بصعوبَة ، رأت ذلك الجَسد الصغير امامَها يقتربُ منها و يُحاول ان يصل الي مُستواها حينما تَسلق الاريكَة

جَلس بجانبها و امسك بِوَجنتيها يتأملها بِعينيه السَوداء باعجاب
كان سعيدًا حينما بدأ يُصفق و يَضحك قائِلاً

- نونو ، اماما نونو

اُمه لم تكُن تُجيبه كَونها مُنصدمَة من الشَبه الشديد لِرَسيل بأبيها ، عُيونها كمثلِ خاصته بالضَبط..! ناظرت السفير و هو يَقضمُ شفتيه بغيضٍ حينما قبل الصغيرُ انف صغيرتِه وراح يُغازلها

- ماهذا المُتحرش الصغير!

اقترب يخطفُ رسيل منهُ فغضب جونسان و هو يقف على الاريكَة يضربُ عليها بقدمه الصغيرَة يصرُخ عليه ليعيد النونو خاصَته..!

- ايها المُتحرِش! تتحرش بابنتي امام عَينيّ؟

رَمشت سويون مُنصدمَة و هي تُحدق في ابنِها ثُمّ بالسفير الذي صَنع شجارًا مع الطفل ذا العامين و رَسيل مُستمتعة بالعراكِ الذي شُنّ من اجلها

- المراة تبقى مراة حتى و ان كانت رضيعَة

هَمِست سويون بِصوتٍ خافت قَبل يَنتهي الشجار بِبُكاء جونسان الذي نزل من الاريكَة و اقتَرب من السفير يُمسكهُ من ساقه و يعضهُ بقوّة

صَرخ اللورد مُتألمًا و حاول ان يُبعد جونسان الذي واشك على انتزاعِ جلدَة الاكبر دون رحمَة فاجبرهُ على الخُضوعِ الي رَغبته

انزَل رسيل لهُ و وَضعها على الارضِ قُرب الصغير الذي صَفق بيديها و انخَفض كيّ يُمسكها لَكنها زَحفت بعيدًا عنهُ

وَسع عينيه الصغيرَة و راح يركُض خَلفها تحت عينيّ اللورد الذي يشتمهُ هو و سُلالته بينما يُدلك ساقهُ بِوَجع

ضَحكت سويون بِصَخبٍ فقالت و هي تجلسُ فوق الاريكَة

- انهُ كوالده ، انه لم يأخُذ ما يريدهُ بلُطف ، يلجئ للعُنف..!

نَظر جونغكوك اليها بِغَضب فرآها تتنهدُ قائِلَة

- لقد توقعت ان تكون وفيًا مثل جُيون!
اتاريك تملكُ طفلة من وراء زوجتك !

سَكتت للحظاتٍ ثُمّ تابعَت تقول

- هل اخبرك الصراحَة؟
ام اكذب؟

اجابها اللورد و هو يُدلك قدمهُ بِوَجع

- قولي الصراحَة

استغرقَت وقتًا و هي تَجمعُ كلماتها بداخل عقلها قبل ان تُخبره

- في الواقع انا لم اُحب زوجتك الشَقراء
انت تمتلكُ ذوقًا سيئًا في اختيار النساء

صُدم في جُرأتها و هي لم تَسكت بل واصلت تُتابع

- اُنظر الآسيويين ملامحهم صغيرَة و تظلّ دائمًا كذلك ، لذلك عليك اختيار شريكة حياة ملامحها طفوليَة تتماشَى مع براءة وجهِك!

قطب حواجِبه و هو يُناظرها بانزِعاج
كلامها غير منطقيّ و هي تدرك ذلك جيدًا
لكنها فقط تغارُ على نسخَة زوجها و ستترك ذلك سِرًا..!

- الحُب لم يقتصر يومًا على الشكل سيدَة جُيون

اتفقَت مع كلامهُ لكنها اعترضَت حينما نطقَت

- ليسَ الجميع يُحب بِصدق صدقني
قد تعشقُها لسنواتٍ طوال و تكتشفُ انها كانت تخدعك او تخونك!
اصبحَت فكرة الزواج مُخيفَة هذه الفترَة

صغّر عينيه و هو يُحدق بِها للحظاتٍ فسمعها تُواصل بعدما ارجعت شعرها للخلف مُبتسمَة بلطافَة

- عدا زَوجي! انه استثناء دائمًا

دحرج عيناهُ بضجَرٍ و هو يسيرُ في اتجاه المَطبخ قائِلاً

- انتِ لستِ هنا لاصابتي بِقُحط عاطفيّ في الوقت الذي زَوجتي تُرافق زَوجك

توقف عن المشي و اتسعَت عيناهُ حينما تَخيل اليوت تُعانق زَوج سويون لانها تظنّهُ هو..! نفض رأسهُ يبعد تلك الخَيالاتِ الجارحَة لِرُجولته ثُمّ حمل هاتفه يُراسل جُيون اذ كَتب

- اياك ان تُفكر ان تحتضن زَوجتي و لو بالخَطأ

استَغرق جُيون وقتًا ليُرَد عليه و هو جالِس في سيارته يقرأ تلك الرسالَة بسُخريَةٍ تامَة منعتهُ من الرد كيّ لا يُخطئ في الكلام بحقه

- حينما تكون زوجتك انسانًا ، سافكر ساعتها باحتضانِها

قرأ اللورد رِسالتهُ و صُدِم من وقاحته التي سَببت لهُ حقد دفين تجاه جُيون حينما كتب لهُ بغضَب

- راقب الفاظك جيدًا انها زَوجتي..!

مرر جُيون عيناهُ على رِسالتهُ و لم يُكلف نفسه عناء الرَد عليه
خبئ هاتفهُ و واصَل قيادتهُ ناحيَة بيتِ السفير مُنزعجًا

- هل الحُب حقًا يُعمي لهذه الدرجَة؟
كيف لهُ ألا يُدرك كل هذه السَنوات انها لا تُناسبه؟
انهُ يُدمر نَفسه ..!

قال بِضيقٍ بعدما فَتح ربطة عُنقه فسمِع صوت يصُدر بداخل سَماعة اُذنِه

- تمّ حَرقُ مُستوَدعِ خزائِن الاشرطَة المُصورَة

ابتَسم جُيون بِخُبثٍ فقام بِمُواصلَة القيادَة الي القصرِ الذي رَكن بداخِله و اجاب على مُساعِده بهُدوء

- احسَنت صُنعًا..!

•••

دَخلت اليوت الي بَيتها بعدما عادَت للمستشفى للتو ، دَلفتهُ و راحَت تسيرُ وِسَط اروقتهُ بحثًا عن غُرفَةِ الكحول ، نظرت ناحيَة الاريكَة حيثُما وَجدت سترَة رجاليَة علمت انها تعود للآسيويّ

تضايقَت و بحثت عنهُ فوجدتهُ يجلسُ على مَكتبهِ يقرأ احَد الكُتب الفلسفيَة ، غضبت من وجودِه بعدما تذكَرت اواخر كلِماته فاقتربت تُوبخه بانزِعاج

- مالذي تفعله هنا حضرتك؟

رَفع عينيه من الكِتاب يضعُها عليها ثُمّ سأل بحاجبٍ مرفوع

- عفوًا؟

تابعَت تُكرر ذات السُؤال بغضبٍ اكثر من سابِقه

- اخبرتك مالذي تفعلهُ هنا؟

نَظر اليها بسُخريَة قبل ان يُغلق الكتاب بقوّة تسببت في انتفاضِ جَسدها ، حادَثها بنبرةٍ ماكرة تمامًا كنظراتِه

- انتِ تسألين صاحِب المنزل ، لِما هو في منزله؟

شدّت يديها بغضبٍ و قالَت باندفاع

- انهُ منزلي حضرة اللورد!

ابتَسم بجفاءٍ و سألها

- هل دفعتِ فيه فلس واحد ليتم بناءُه؟

عَقدت حواجِبها بانزِعاج و سُكوتها كانت اجابَة من عقد ذراعيه الي صَدره و قال بِخُبث

- من العَيب ان نَنسب تَعب غيرُنا الينا!
الباب ورائكِ ، تفضلي من غَير مطرود

أشار بعينيه خَلفها ثُمّ قابلها بظهر الكرسيّ حينما لفهُ تجاه الجِدار و راحَ يُصفر بعدما تابَع قراءة الكِتاب مُثنيًا على ذَوقِ السفير في داخِله في انتقاء الكُتب

نَظرت اليوت الي ظهر الكُرسيّ و هي تستشيطُ غضبًا ، ازالت حذاءها ذا الكَعب العالي ثُمّ قامت برميه على الجِدار بالقربِ من الذي وَقعت عُيونَهُ على الكَعب الذي سقط بجانب قدمِه

- تبًا لَك من تظُن نَفسك لتتعامل معي بهذه الطريقَة؟

قَضم جُيون وَجنتهُ من الداخِل و هو يَستجمعُ اخر ما تبقى لهُ من ذراتِ الصَبر يُحاول قدر استطاعته الحِفاظُ على هُدوءه ، استَقام من مَجلسه و التفت ناحيَة الشقراء يرمُقها بِنَظراتٍ مُميتَة

- المرأة التي تَمُد يدها على زَوجِها
خَسِرت ما تَبقى من اُنوثتها..!

ضَربت المكتب بيديها و قالَت بفعل غضبِها

- تبًا لك و لمفهوم الانوثَة لديك..!
انت مَهما فعلت لن تستطيع التخلُص مني
انا زَوجتُك ، ساظلُ كذلك الي يوم وَفاتي اسمعت؟

عَقد حواجِبه بشدّة و هو يُناظرُ الهَوس في عَينيها
نَظراتُها ، ذكرتهُ باكثر شخصٍ يَمقتُه في حَياته
ذَكرتهُ بِـ ، مارك

•••

زَحفت رسيل في اتجاهِ اللورد و جونسان لم يبأس مو مُلاحقتها بَعد ، احتَضنت ساق والدها و طلبَت منهُ ان يَحملها و هو لم يَرفُض ، انخَفض الي مُستواها و احتواها بين ذراعيه يُحدق في عينيها اللامعَة

وجود جونسان مَعها انساها القليلُ من حُزنها و افتقادِها الي اُمها
قبل جَبين طِفلته ثُمّ نظر الي الصغير الذي رَكض يشتكي لوالدته

حضنت سويون صغيرها و حملتهُ تَضعهُ بداخل حِجرها تمسحُ على شعرِه الناعم بِحُب

- دَعها ياحبيبي قليلاً ، تحتاج وقتًا لتعتاد عَليك
انها خجولَة همم؟

عَبس الصغيرُ و هو ينظُر ناحيَة رَسيل بِحُزن ، لما لم تتقبلهُ هي كما فرح هو بِرؤيتِها..؟

ارتجفَت شفتاهُ و كان على وَشك اطلاق العنان لِدُموعه
انهُ يشعُر بالوحدَة كونهُ طفل ابويه الوَحيد..!
و رؤية رسيل التي من سنه اسعَدتهُ
لكنها ترفضُ اللعب معه..!

احتضنتهُ سويون حينما احسَت بِحُزنه فانهار يَبكي فوق صَدر امه التي راحَت تُطبطبُ عليه و تُواسيه بلُطف

- ياعُمري!! توقف عن البُكاء يا حَبيبي هيّا
انها تحتاج الوقت لِتجالسك لا تكن عجولاً

حَدقت رَسيل به و هو يَبكي ثُمّ نظرت الي والِدها الذي كان يُطالعه هو كَذلك ، نَظر السفير الي صغيرتِه ثُمّ هز اكتافه قائِلاً

- مُستعجلاً على رِزقه..!

استغرقَت سويون وقتًا لِلتهدئَة من اعصابِ جونسان الذي غفى في حُضنها ، وضعتهُ فوق الاريكَة ثُمّ استقامَت تسيرُ في اتجاه السفير قائِلَة

- هل يُمكنني ان أراها؟

حَدق اللورد بِها ثُمَ لم يُمانع مرافقتها الي غرفة ماريسا بعدما ترَك رسيل تنام بٍجوار جونسان بعدما غَفت على كَتفه ، فَتحت عسليَة الأعيُن باب الجناحِ برفقٍ و بِمُجَرد ان دَخلتهُ حتى رأت تلك الشابة النائِمَة فوق السَريرِ على الزاويَة

مَشت في اتجاهِها بِبُطئٍ الي أن وَقفت امامَها تُحدق في مَلامحها المليئَة بالجُروحِ بِصدمَة ، رفعت عينيها للسفير و قالَت بعدمِ تَصديق

- هاي انها صغيرَة في السِن!
هل انت مُتأكد انك انجَبت طِفلة منها؟

رَمقها السَفير بنظراتٍ سامَة حينما سألها

- هل انتِ متأكدة ان جُيون انجب ابنهُ منك!

طالعتهُ بغيضٍ حينما دحرجَت عينيها عنهُ

- حسنًا توقف عن التطرُق الي التَفاصيل!

جَلست بجانِب ماريسا تُحدق في مَلامحها الشاحِبَة ، مَدت يدها تلتمسُ وجنتها بلُطفٍ فقالت بِحُزن

- انها تَبدوا مسكينَة! من اين جِئت بهذه الفتاة؟

نَظرت الي السفير الذي اكتَفى بالتزامِ الصَمت و هو يُطيل التَحديق بِوَجه ماريسا المَليئ بالهُموم ، كُل جُرحٍ في وَجهها يَحكي حِكايَة اشدّ قسوَة من التي قَبلها

مَسحت سويون على رأسِها المُضمد بلُطفٍ فقالَت بحزن

- ان لم تكُن تريدها دَعني اخذها معي الي بريطانيا
ساجعلها اُختي الصغيرَة

رَكزت في مَلامح الصُغرى ثُمّ قالت بتعجُب

- اساسًا هي تُشبهني قليلاً!

نَظر السفير في اتجاه سويون و هو يُفكر بِسُؤالٍ واحد لا غَير
كيف يحتملها جيون و هي لا تَسكُت و لو لثانيَة؟
انها تتحدَثُ كثيرًا و تسأل اكثَر..!

منذ ان جائت و لَم تتوقف عن الحَديث للحظَة
حتى انها شَتمت زوجتهُ امامهُ بدون خَجل؟

بدأ يكُن لها الضغينَة و بناءًا على شُعوره بالحقد ناحيتها قال بغضَب

- لا! هي ان تذهب لايّ مكان ، مَكانها مَعي

لَفت سويون رأسِها اليه تُطالعهُ بسُخريَة

- اساسًا ان كنتُ عاقلا كنت تَزوجتها بدلاً من التي لَديك
انها من تحتاجُك اكثر من اي شَئ اخر

نَظر اليها بغضبٍ فقال

- هل تُحرضيني على الخيانَة؟

طالعتهُ بحاجبٍ مرفوع

- ترفض الزواج منها لكن انجاب طفلةٍ مُباح؟
ما ذنبها هي لتعيش وراء الظل كالمنبوذَة؟

قبضَ على يدهُ و هَمس بانزعاج

- لا تَدخلي في شَئ لا تَعرفينهُ ..!

بللت شَفتيها و اشاحَت بصرُها عنهُ تُعيد النظر الي وَجه ماريسا المُنهك مُتحدثَة

- ورثت من زَوجي كُل شَئ ، عَدا حكمته

سَمِعت صوت الباب ينغلق فَعلمت انهُ تركها و غادَر بعدما استَفزتهُ بِكَلامها ، تَنهدت و هي تُحدق في وَجه الشابَة بأسَى

- لا اعلمُ لما انتِ هُنا و مالذي يحدُث تحديدًا
لكنّ قلبي يشعُر انكِ لا تستحقين ما يحدُث لكِ

لبست قُفازاتِها ثُمّ بدأت باجراءِ التحاليل الطبيَة تمامًا كما ارسل لَها زوجها في رسالَة نصيَة يُخبرها بالخُطوات التي يستوجبُ عليها اتباعُها نظرًا لكونها تدرُس الطِب العام في سَنتِها الرابعَة

في ذاتِ الوَقت ، كانت اليوت تجلِسُ فوق مَكتبها في الشركَة بعدما طُرَدت من البَيت للتوِ و جَلست تُمسك رأسها بِصُداع

لقد كانت بخير مع زَوجها..!
مالذي جَعل هذا الكم الهائل من المَشاكل يَتراكم..؟

رَفعت عينيها الي لوكاس حينما طَرق باب المكتب و دَخل يحملُ بين يديه الملف الذي ناولتهُ لهُ في المُستشفى للتحري عنهُ

قدمهُ اليها فاخذتهُ متحدثَة بنبرةٍ مليئَة بالتَعب

- هل تحريت عنها؟

سَمعتهُ يُهمهم و هو يُشابك يديه امامه

- المعلومات المُدونَة صَحيحة
الملفُ يعود لفتاةٍ آسيوية من اصولٍ اسبانيَة ، عزباء و قد خاضت عِلاقة غراميَة مع شاب اسيويّ تعرفت عليه حديثًا فانجبتُ منه فتاةٍ ثُمّ هرب و تَركها بعدما فشل في تحمل المسؤوليَة ، تولّى السفيرُ رعايتها في الاكاديميَة الي حين حُدوث الحادث

تفقَدت اليوت المَلف و هي تُطابق كلام لوكاس مَع زَوجها
عقدت حواجِبها ثُمّ تمتمَت

- اذًا ما قالهُ جونغكوك كان صَحيحًا!

رَفعت عينيها للنظرِ الي مُساعدها الذي لَمحت أثر جُرحٍ عند حافَة شِفاهه ، سألتهُ عن خَطبه فاجاب بهدوء

- كان مُجَرد حادث بسيط سيدتي

كانت على وَشك الحَديث ، لكن راودها اتصالٍ من والِدُها يستنجدُ بحضورِها و هو يقولُ مُنصدمًا

- اليوت اُركضي..! مُستودع الشرائط المُصورَة اندلع به حَريقٍ ضخم

وَسعت اليوت عَينيها بِصدمَة قبل ان تَستقيم من مَكانِها باقدامٍ مُرتجفَة

- م..ماذا ؟ ك..كيف حد..حدث ذلك؟

أيعني ما قالهُ انّها فقدت تعب اخر سنواتٍ هباءًا..؟
هنالك اشرطة لافلامٍ صُورت منذ سنتين و لم تُعرض بعد..!
بُذل فيها مجهودات ضَخمة و اموالٍ طائِلَة بمبالغٍ هائلَة..!

لم تستطِع الحراك و سَقطت على الارضِ تُحدق في الفَراغ بعينين مُنصدمَتين ، هَرع لوكاس يُساعِدُها في النُهوض و نَجح بجعلها تَستقيم يُعيد اجلاسها فوق كُرسيها من جَديد

نَظرت ناحيَة الفراغ بعينين شاردتَين و هي تنطِقُ بعدمِ تَصديق

- قُل لي انّي احلم..!
لا مُستحيل ، انا فعلاً احلُم

ناوَلها كوبًا من الماء تتجاوز به الصدمَة و بِمُجَرد ان شربت منهُ القليل انهارَت بالبُكاء ، لم تكُن تعلم ان كانَت تبكي لِزواجها الذي يَنهار؟ ام لِعملها الذي احترَق..!

كُلَه تراكم دُفعَة واحدَة

امّا قُبالَة المُستودعِ المُحترق ، كان جُيون يجلسُ بداخل سيارَة تبعُد امتارٍ لابأس بها مُتنكرًا بلباسه يُطالع تلك النيران تلتهمُ المبنى بالكامل

بِجواره جَيكوب الذي تمّ سُؤاله من قبل سيدِه

- حَرقتها جَميعها؟

ناظرهُ جيكوب و هو يبتسمُ بجانبيَة

- لا! نقلتُ الشرائط الحقيقيَة و استبدلتها باخرى فارغَة

ناظرهُ جُيون باعجابٍ فقام بالتَربيتِ على كَتفه

- أحسنت صُنعًا

•••

كانت الساعَة تُشيرُ الي العاشرَة مساءًا حينما بدأ ماريسا تستعيدُ وَعيها من جَديد ، تُجاورها سويون التي أعدَت لها حساء دافِئ كيّ تُطعمها اياهُ و بذاتِ الوَقت كانت تقرأ قصَة على هاتِفها

نَظرت ماريسا حَولها تتذكرُ اخر ما نامَت عَليه
كانت دُموع الرجاءِ لبقاء اللورد الذي خَذلها بِتركها وَحيدة

تَنهدت فَسمعت سويون صَوتها و سارعَت بالاعتدال بِجلستها تُناظرها بابتسامَة مليئَة بالحَماس ، استَنكرت ماريسا وجودِها فهي لا تَعرِفها و نَظراتها المليئَة بالاستنكار جَعلت الاكبرُ سنًا تُعرف عن نَفسها قائِلَة

- مرحبًا ، انا اُدعى جيون سويون ، سادخلُ الثلاثة و العِشرون قريبًا ، ادرُس في كُليَة الطب العام و مُتزوجَة و لدي طفلٍ صغير

حاوَلت ماريسا الجُلوس فساعدتها سويون على ذلك حينما وَضعت لها وسادتين وراء ظَهرِها ، عَدلت من وَضعيتها و سَمِعت صَوت الصُغرى تقول بِتَعب

- ا..اين زو..زوجي؟

نَظرت سويون اليها باستِغراب عندما نَطقت

- زَوجكِ؟

قامَت ماريسا بالايماء و هي تُتابع

- عُيونَه خضراء

فَهمت الاكبرُ سنًا انها تقصدُ السَفير فاحست بالحُزن من بَعد ادراكِها انّ الصُغرى فَهمت عِلاقتها به بشكلٍ خاطِئ

اخفَت خيبة أملها بِصُعوبَة فقالَت بابتسامَة صغيرَة

- انهُ خرج لجلبِ مقتنيات المنزِل
لا تقلقي سيعودُ بعد قليل

طبطبت على ذِراع من تَنهدت و هي تنظُر الي حُضنها بِحُزنٍ واضح للغايَة ، كان الانكسارُ يشعّ في عَينيها وذلك استشعرتهُ سويون بدقّة

قامَت بتقديم كوبٍ من الماء اليها و هي لم ترفُض ، بَلت ريقها و اخَذت بعض من البسكويت تتناولهُ من يديّ الكُبرى التي قالَت

- عليكِ اخَذ قسط من الراحَة ، انها بضع ايامٍ و تتذكرين كُل ما فات

حَدقت ماريسا في عينيها بأملٍ تسألُها بلهفَة

- حقًا؟ هل ساتذكر؟

تلقَت همهمةً من الكُبرى التي ابتَسمت لها بلُطف

- أكيد ، انتِ تعانين من فُقدان ذاكرَة مُؤقت بسبب صدمة رأسكِ القويَة ، بضع ايام و تتعافين ثُمّ تسترجعين كُل ذكرياتكِ مع طِفلتك بلا شَك

اطمئن قلبُ الصُغرى الخائِف فظهرت على شَفتيها ابتسامَة أملٍ كَسرت نابض سويون من حُزنها عليها ، كانت يدا الاصغرُ ترتعشُ من الخَوفِ الواضح عَليها ، كُل مابها يرتجفُ و ذلك جَعل الاكبرُ تحتضنها بلحافٍ دافئ

- لا تخافي ارجوكِ ، ستكونين بخير

قالَت تُواسيها بِحزن فذات يومٍ هي كانت اكثرُ من يحتاجُ للمواساة
ماضيها السَئ منذ طُفولتها يجعلها اكثرُ من تحس باوجاعِ غيرها

نَظرت ماريسا اليها و هي تحشرُ قطعَة البسكويت بين شفتيها بيدها المُرتعشَة فقامت بالايماء بعدما ابتلعت ما اكلتهُ بصعوبَة ، لفتها سويون جيدًا باللُحاف و قالَت بصوتٍ خافت

- ساقومُ باطعامكِ الحساء ، سيدفئكِ فالجو بارد

لم تَعترض بل كانت في امسّ الحاجة للغذاء فهي في قمّة جوعها
تناوَلت ما اطعمتهُ سويون لَها ثُمّ اخذت عِلاجها بتوصيَة من الكُبرَى

مَر الوَقت و ماريسا تنتظرُ دُخول السَفير و ذلك لاحظتهُ الاكبرُ من نظراتها المُتكررَة للباب ، بدأت تُلهيها بالكَلام و تتحدثُ معها بعشوائيَة الي أنّ اخذ الدواء مفعولُه و النُعاس سيطر عَليها بالكامِل

نامَت من جَديد فتكفلت سويون بِتغطيتها و الخُروج مُغلقة الباب وراءها ، حالما خَرجت وجدت زَوجها جالس بِجانب السَفير فوسعَت عينيها تركُض لِمُعانقته

شَهقت حينما وَجدت عينيّ كليهما خَضراء لَتتوقف في المُنتَصف تناظرهما بعدمِ تَصديق

- ا..اين زوج..زوجي؟

نَظر جُيون الجالسُ على اليسار اليها بعدمِ تَصديق
كان يلبسُ قَميصًا ابيض بينما السفير اسوَد

- الم تتعرفي على زَوجكِ؟

اقتَربت منهُ بتردد و هي تنطقُ

- بلى عرفتك ، لكنّ خشيتُ ان يُخطئ قلبي فيتركبُ جريمة الخيانَة باحتضان رجلٍ غيرك..!

ابتسم لَها ليقوم بفرد ذراعيها من اجلِها ، سارعت بدخول حُضنه و عناقه بقوّة شديدَة تستردُ فيها اشتياقها لهُ ، شَمّت عنقهُ و قميصهُ تتأكد ان كانت رائحَة اليوت عالقة بِه فلم تَجد سِوا خاصتهُ الفَواح

ابتسمَت باطمئنان فثقتها بِه تتجاوزُ كُل شَئ بالعالم
تعرفُ جيدًا ان عُيونه لا تنظُر الي غيرِها..!

كانت نَظراتُ السفير لهُما مليئَة بالحقد و الغُل
يتبادلانِ الاحضانِ و الرومنسيَة امام عازِب مُؤقت مِثله..!
يشعُر بالقُحط العاطفيّ لاقصى حَدٍ ممكن..!

حتى ابنتهُ رسيل وَجدت من يُغازلها ، كانت تجلسُ على فخذ جيكوب اليمين في الوقت الذي يجلسُ فيه جونسان على خاصَته اليسار و الاكبزُ سنًا يُلاعبهما

جيكوب يُحب الاطفال بشدّة!
و قد انسجم مع رَسيل بسُرعَة
فالصغيرَة بطبعها اجتماعيَة

كان من الواضح ان جونسان ارتكَب بحقها جُرم لا يُغفر
لرُبما انهُ شَتمها بِلغتهما الخاصَة! فهي مُشتعلة من الغضب للغايَة
تصرُخ عَليه بلغتها و تُوبخه بينما ترفع قبضتها عاليًا
في الوقت الذي يُحاول فيه جونسان التَبرير
لكنها لم تكُن تستمع و تُواصل توبيخه..!

بينما جيكوب كان وسيط الخير بينهُما يحاول سد ذلك الخِلاف بايَة طريقَة ، حينما يهدأن يُقرب افخاذه الي بعضِهما و عندما يشتّد العراك يُوسعهما لاقصى حَد كيّ لا تشُد رسيل الصغير من شَعره و تمسح بكرامته الارض

نَظرت سويون الي غَضب رَسيل التي تصرُخ في وَجه ابنها فقالَت بعدمِ تَصديق

- يا! ظننتها عاقلَة؟
من تُشبه بانفعالها؟

حَدقت في السفير الذي يًحدق في ابنته التي تجلبُ حقها بيديها بفخَر

- انها مثل اُمها

طالعتهُ سويون بسُخريَة ، بدا كما لو انَها يسخُر من تلك المسكينَة التي تركتها للتو بالداخِل! لما يفتري عليها؟ ماريسا عاقلَة للغاية!

كان من الواضح لهُ ان سويون لا تُصدقه لذا وسّع عينيه مُدافعا عن نَفسه

- صدقيني انها مثل امها..!
انتظري ان تستعيد ذاكرتها و ستَرين وجهها الحَقيقيّ

حَدق جُيون بِه بغضبٍ مُصطنع و قال

- كفاك افتراء..! الوحش الحَقيقيّ لديك في المنزل

بلل اللورد شفتاهُ و هو يستقيم من مجلسه مُستفسرًا

- كيف تركتها هُناك و جِئت؟ ماذا لو تبعتك؟

نَفى جُيون و هو يعاود الجُلوس لاكمال كأس العصير فقدّم نصفهُ الي زَوجته بَعدما أجلَسها بجانبه

- صنعتُ لها مُشكلَة تَلتهي بِها

عَقد السفير حواجِبه باستفهام

- مالذي فَعلته؟

طالعهُ جُيون فقال بِبساطَة تامَة

- حرقتُ مُستودع الاشرطَة..!

وسّع اللورد شفتاهُ فصرَخ بانفعالٍ تسبب في انتفاض الطفلين و سويون مَعهما

- ماذا!!!

نَظر السفير الي زَوجته التي سَكبت العصيرُ على نَفسها من انتفاضِها فقال مُوبخًا اخضرُ العينين بانزِعاج

- على مَهلِك!

مَسك منديلاً يمسحُ به ثَوب صبيتهُ الذي يَبلغُ ثَمنهُ الالاف الدولاراتِ التي بلا شَك تشتري منزلاً ريفيًا في سويسرا ، عاوَد النظر ناحيَة السفير المَشحونِ بالغَضب حينما نَطق

- انت كَيف تقومُ بحرق المُستودع؟ الا تدري كم يَحملُ تَعب موظفين سهروا ليال سنواتٍ ليصنعوا واحدًا؟

اخمَد جيكوب غضبهُ حينما تولّى الاجابَة بدلاً من سيدِه

- لا تقلق انّها ليسَت الشرائط الاصليَة ، ساسلمك اياها بالكامِل ، آن ذاك يُمكنك العَبث بها كما تشاء ريثما تستعيد حقك بالكامل منها

هدأ غَضب اللورد الذي مَسح على وجهه يستعيدُ سَجيتهُ من جَديد ، تذكّر المَلف الذي اخذتهُ اليوت فقال مُسرعًا

- بِخُصوصِ الملف المُزيف الخاصِ بِماريسا..!

نَظر جُيون ناحيَة جيكوب فقال

- تولّى جيكوب أمرَه

طالَع السفيرُ مُساعد رَئيس مجلس الوزراء يسألهُ بفضول

- مالذي فعلته؟

انَزل جيكوب الصغيرين امامَهُ يلعبانِ مع بعضهما بعدما نجح جونسان في نيل رضى رَسيل اخيرًا ، رَفع عينيه الي السَفير فاجاب

- حاصرتُ مُساعد زوجتك و اخذتُ منهُ المَلف رُغمًا عنهُ ، جعلتهُ يحفظُ سيرَة ذاتية كاذبة كالتي دونتها انت ثُمّ ، توليت امر الجُثَة ، جِئتُ بواحدَة تملكُ ذات المُواصفاتِ و وَضعتُها في العنايَة المُركزَة قبل ان اُرجع الملف الي ادارَة المُستشفَى

حَدق السفيرُ به بانبهارٍ شَديد قبل ان يسألهُ

- كيف فعلت ذلك؟

ناظرهُ جُيون و هو يُكتف يديه الي صَدره

- لا احَد يسأل جيكوب كيف فعلها..!

نَظر ناحيَة زوجتهُ التي قدمت لهُ تَحاليل سويون من بعدما جاء آوليڤر بها حينما سلمتهُ اياها ، تفحص الاشعاع الخاص بالجُمجمة حينما جَلس اللورد بِجانبه يُحاول فهم تلك المُصطلحات الطبيَة

- هل حقًا دخلت الي كلية الطب في سن الثالثة عشر كما هو مكتوب في جوجل ..؟

سأل بفضولٍ لم يستطِع التحكم بِه فنظر جيون اليه للحظاتٍ و همهم بالايجاب ، تفحصهُ اللورد بغيضٍ فتمتم

- ليتني اخذتُ عقلك بدلاً من شكلِك
كنتُ اعاني لاحفظ سطرًا واحدًا في كلية العلوم السياسيَة
فمبالك الطِب؟

بلل جُيون شفتاهُ ثُمّ ناظرهُ مبتسمًا

- انا من ضِمن عشرون شخصًا في العالم ولدوا بحالَةٍ مُشابهَة لحالتي ، نتذكُر كُل التفاصيل من اكبرها لاصغرها ، كما نملكُ عقولاً تتجاوزُ سننا

حَدق في السفير للحظاتٍ ثم قال

- و طبعًا انت لست من ضمن التسعة عشر الباقين..!

صغّر اللورد عيناهُ و قال بسُخريَة

- تركتُ الذكاء لك سيادَة الوزير السابق

اصَدر رَئيس مجلس الوزراء تنهيدَة خافتَة قال بعدِها

- الذكاء نُقمة ، من الجيد انك وُلدت عاديّ صدقني

اكمَل قراءة التحاليل ثُمّ نَطق من بعدِ ما سألهُ السفير عن حالِها

- كما توقعت ، هي تُعاني من فقدان ذاكرَة مؤقت ستستعيدهُ بَعد ايامٍ ، و ان تفاقم الوَضع لشهرٍ او شهرين ، تعرضت لصدمَة شديدة في الرأس أدت لاصابَة الجهاز الحَوفي يشكل مناطق { اللوزة الدماغية و قرن آمون } و تلك تحديدًا ان اُصيبت بضرر تجعلُ المرء اكثر عاطفية و حساسيَة تجاه الاحداث من حَوله

حَدق السفير بِه بِقَلقٍ فقالت سويون بِحُزن

- لقد كانت حزينَة للغاية و خائفَة

اومَئ زوجها و هو يُتابع كلامه

- نَعم ، ستكونُ كذلك طيلَة الوقت لانها لا تشعُر بالأمان ، فقدانها للذاكرة مع تضرر هذه المناطق سيجعلُها في اضطرابٍ مستمر للمشاعر المُبهمَة و المجهولة و ذلك حتمًا سيُصبها بالخوف الدائم ، كما انها ستحس بتأنيب الضمير لانها لا تتذكرُ ابنتها..!

رَفعت سويون عَينيها الي السفير تُحدق به بِعتاب ، تَنهدت قبل ان تنطِق

- هي تعتقدُ انهُ زَوجها

نَظر جُيون الي اللورد للحظاتٍ فتنهَد بضيقٍ بعدما أشاح بَصرهُ عنه

- من الطبيعيّ ، خصوصا انها استيقطت على وَجهه و وَجه الصغيرَة التي تُناديها بِماما ! و هو بابا؟

هذا كُلّه سردهُ اللورد لهُ منذ ان جاء و فَهمّهُ القصَة التي جَرت منذ ان التقى ماريسا لاولّ مرة بعدما طلب جُيون منهُ تَفسيرًا

في الواقع ، جُيون كان يُحلق بطائرتهُ الخاصَة فوق الاراضي الايطاليَة حينما وردهُ خَبرُ حادِث ماثيو الذي يعلمُ صلتهُ بالسَفير

لذلك ، اتصل بِه ليطمئن عَليه فَفوجِئ بأنَ اللورد يطلُبه للمُساعدة ، لم يَتردد في تقديم يَد العون و غيّر وجهتهُ لسويسرا التي كانت بِمُحاذاة ايطاليا بالفِعل لذا لم يستغرق وقتًا طويلاً للوصول

ما اخذ منهُ الوَقت ، هو اقناعُ زوجتهُ التي انهارت من الغيرَة لمُجرد التفكير ان تلك الشَقراء ستُرافق زَوجها و قد تَلِمسه ، عاهدها بوفاءِه لها و هي صَدقت عَينيه و وافَقت في الختام بعد إلحاح مُستمر

- ما الحُل الان؟ كَيف ساتعامل معها؟

قال اللورد بحيرَة بعدما جَلس امام جُيون يُناظرهُ بتوتُر
دلّك رَئيس الوزراء حواجِبهُ و قال بأسَى

- وَضعُك يُرثَى لهُ بصراحَة!

رَفع عيناهُ الي مُستواه و تابَع بهُدوء

- لستُ اُشجع على ان تخون زوجتك فانت مُرتبط بعقد زواج عليك ان تحترِمَهُ جيدًا ، لَكِن ان انكَرت ان اُم طفلتك تكون زَوجتك ، قد تُصاب بِصدمَةٍ تتَسبب في تدهور حالتِها اكثَر ، عقلها لن يستوعِب اطلاقًا الحَقيقة كَونها للتو استيقظَت من حادثٍ خطير للغايَة

سَكت اللورد و هو يستمعُ اليه بِتشتُتٍ لا يعرفُ ما قد يَفعل و كيف يَتصرف؟ وَضعه فعلاً لا يُحسد عَليه ابدًا ، تابع جُيون يقول من جَديد

- انصحك بأن تُمثل انّك زَوجها ، على الاقل لمدَة اسبوعٍ حتى تكون جاهزَة لِسَماع الحَقيقة و حاول قدر استطاعتك ان تتجنَب اي تلامُس بينكما احترامًا لِزواجك!

الهُموم تتراكم على اكتافِ اللورد و تبني جبالاً من الأحمال التي يُصعب حَملُها..! اُثقل كاهلهُ و زادَ وضعهُ سوءًا ، سِرهُ بدأ يبحثُ عن انفاقٍ للخُروجِ و الاطاحةِ به

قامَ بالمسحِ على وَجهه و قال بينما يُنفي برأسه

- صَعب! صعب ان اكذب عليها
ساكونُ استغفلتها ، ستعيشُ في وهمٍ قاتل

نَظر ناحيَة جُيون و تابَع بنبرةٍ مريرَة

- ستبني بيتًا على اساس ان لديها عائلَة ، ثُمّ ساكسرُ ذلك البيت السعيد فوق رأسِها دونَ رحمَة! لن يكونُ الامرُ اطلاقًا لصالحها

كان كلامهُ منطقيّ ليُقنع جيون الذي نظر ناحيَة سويون باستِياء ، وَضعهُ صعب للغايَة و يُصعب الخُروج بِحَلٍ يُناسبه..!

- لما لا نأخذها معنا جيون؟
سنهتم بِها ، و كُلما اراد ان يرى ابنته يأتي الينا

قالت سويون هامسَة لزوجها الذي نفى يعترِضُ برأسِه

- مكانُها هنا يا صغيرتي ، عليها ان تستعيد ذاكرتها لتعلم من تكون ثُمّ ستقرر هي اين تَذهب..! لن نحرمها من اتخاذ قراراتها بِنفسها

تَنهد عسليَة العينين فامتلئت اطرافها بالدُموع
قوست شَفتيها و واشكت على البُكاء مُتحدثَة

- لكنها وَحيدة ، لا تملكُ احد يَهتم لها او يُحبها
لا يُمكننا تركها بدون عائلَة

جُيون يعلمُ ان زوجتهُ حساسة للغايَة و تتعاطفُ مع حكاياتِ النساء بكامل جوارِحها و ذلك ما يجعلُ المطاف ينتهي بها بالبُكاء ختامًا

احتَضنها الي صَدرِه وراح يُطبطب عليها يُواسيها بلُطف

- انا مُتأكد ان الرب لم يخلُقها ليختبرها الا ليكون هُنالك مستقبل مشرق ينتظرها همم؟ انسيتِ ما مررتِ به انتِ؟ ثُمّ انتهى بكِ المطاف في حُضني يا روحي

احتَضنتهُ الصغرى و هي تَبكي و تومِئ بغصَة ، تَركهما السفيرُ و خرَج الي الشُرفة يُناظِر السماء بينما يُدخن سيجارتهُ باسرافٍ يُحاول استجماعُ قواه العقليَة للتفكير بِحَلٍ صائِب

ماذَنب ماريسا؟ و رَسيل..!
ماذنبهُ هو..؟

اللومُ كله يَقع على ماثيو في المَقامِ الأول
هو كان السبب الرَئيسيّ ، في احداثِ هذه الفوضَى

هو حتى لا يستطيعُ تزويجها..! ليمنحها حُريتها
فهي لا تمتلك اي وثائِق او هَويّة..!

كان سيتخلى عن انانيتهُ ، و يبحثُ لها عن زوجٍ يرعاها و يمنحها حياة مُستقرَة شرط ان تكون لهُ صلة دائمَة بابنتهُ ، لكن حتى في هذه النُقطة الحظُ ليس حَليفها

هي بالفعل وَحيدة
وحيدة بشكلٍ جعل عينيه تَدمع هو الأخَر

من اين يأتي بالحَل الذي يُجبر بخاطِرها؟ دون ان يَكسِرها..!
كيف سيتصرَفُ ؟ لا يُريد اطلاقًا ان يُؤذيها

لقد وُضع في موقفٍ يُبكيه بدل الدُموع الدماء
مَسح على عينيه و غرق في افكارِه يُحاول الخروج بحلٍ مُناسب

جَمع انفاسَهُ ثُمّ قرر الذهاب الي غُرفتها للاطمئنان عَليها
وَجدها مُستيقظَة ، كانت جالسَة تُشاهد الفَراغ بِصَمتٍ تام

دخوله جَعلها تعتدل في جَلستها و حالما رأتهُ حتى توسعَت عينيها بخفّة ، لاحَظ انها انتبهَت لهُ بكل حواسها لِذلك اغلق الباب وراءَهُ و تقدم ناحِيتها بضع خُطواتٍ مُتحمحمًا

- مرحبًا

ردَت عليه التحيَة فقام بالجُلوسِ امامها يتفقدُها بعينيه المُحمرَة
عاود التحديق في وَجهها فقال بهُدوء

- كَيف حالُكِ؟

استغرقَت وقتًا لتُجيبه فنظراتُها كانت تتفحَصهُ ، لاحَظت ان عينيه مُحمرَة لذلك سألتهُ هي بدلاً

- هل انت بخير؟

ابتَسم بهدوءٍ على مُبادرتها اللطيفَة فقال

- انا من يحقُ لي سُؤالك يا ماريسا

اشارَت على نفسها فقالت مُندهشَة

- هل اسمي ماريسا؟

اومَئ فرآها تبتسمُ بلُطفٍ ، ابتسامةٍ لم يراها منها اليه سابقًا

- انهُ جَميل!

استلطَف فرحتها باسمِها فحاول تلطيف الجَو كيّ يُعيد ثقتها بنفسها حينما قال لها بلُطف

- جَميل مثلكِ

انهُ كمثلِ المُجاملَةِ و المُسايرَة
ليسَ في نيتهُ اي مُغازلة ناتجة من شُعورٍ ميّال
بل يراها جَميلة كانسانَة خلقها الله في احسنِ تَقويم

انها المرة الثانية التي تخجلُ فيها امامَهُ و تحمر وجنتيها المليئة بالجُروح ، هي رأت وجهها بالاستعانَة بمرآه جائت بها سويون بعد الحاح مِنها و لاحَظت انها مليئة بالنُدوبِ لذلك قالت بِحُزن

- لستُ جَميلة ، انا مليئة بالجُروح

قام بالاعتراضِ قائِلاً

- انها جُروح و ستُشفى همم؟
إسألي فانا اعرفكِ منذ البِدايَة

بللت شفتيها الجافَة فسألتهُ بعدما سَكتت للحظات

- لَكن ، من انت بالنسبَةِ اليّ؟

حَدقت في عيناهُ تُريد التاكُد من صحَة شُكوكِها
ان كان حقًا زوجُها..! او شخصٍ اخر..؟

طالعتهُ ، و سَمِعتهُ يقولُ بما يُؤكِد شَكِّها

- انا زَوجــكِ

••

6474 ✔️

اهلاً اهلاً يا جميلات في فصل جَديد لطيف خفيف 🤍

عمومًا ، الفصل كان ثقيل شويتين
بس لطيف صح؟ 👀

حابة اوضح شئ مُهم
للاسف الاسبوع الجاي مش هانزلكم فصل
نحن اعتمدنا التنزيل بالأحَدد، لكن عندي ظروف مهمة تمنعني انزِل ، ظروف لصالحي و صالحكم في المقام الاول ، و كذلك عروس مش هانزلها الاسبوع الجاي ان شاء الله ، لكن الاحد يلي بعد الجاي هيكون في فصل باذن الله ♥️
شكرًا لتفهمكم مُسبقًا

نجي للفصل

كيف جزئية الوزير..؟

اليوت ..؟

سويون و سوالفها يلي ما تنتهي؟
يلي يعرف سويون يعرف ان يلي فقلبها على لسانها 😭
البنت ما تسكت حرفيا

ماريسا..؟

بخصوص يلي قالوا ان كيف تفقد ذاكرتها مرتين
اقولكم روحوا اطلعوا على المعلومات الطبيَة اولاً
كُل شئ وارد ترا ، مش لان الشي نادر حدوثه يعني مُستَحيل..!

في فئة استفزتني معلش خلوني اتكلم عنها
ذيك يلي تهاجم بالتعليقات و منفعلة و زودتيها ياكاتبة خلاص خليها ترجع ذاكرتها و نعرف هي مين

لا والله؟
اقول تعالي اكتبي الرواية مكاني؟
تعالي اعطيك حسابي و اكتبيها مكاني و حطي الاحداث يلي تريدينها شنو رايك؟ خلي ذاكرتها ترجع و تفتكر مين هي و خلاص يلا ننهي الرواية و السلام عليكم..!

لا بجد؟ ترا حبكة الرواية اعمق مما تتوقعون ، مش الاحداث ان السفير يحب ماريسا و هي تحبه و خلاص الرواية خلصت

انا ادرى بروايتي ، و عارفة كويس متى اخليها تسترجع ذاكرتها و اكشف كُل شئ ، و يلي يقرألي يعرف رواياتي طَوال لذلك ان كنت تحب الروايات القصيرة يلي كلشي ينكشف فيها من الفصل العاشر فللاسف مكانك مش عندي

انا اخذ كُل شئ بسلاسة و اعالج الاحداث وحدة وحدة و اصنع مواقف و مشاهد كثيرة بين الابطال تخلي حُبهم بالنسبالي منطقي

الحب مش من موقف او اثنين
الاعجاب يمكن يكون من النظرة الاولى
بس الحب اعمق بكثيير..!

نحن لسه بالبداية ، و اكرر يلي ما يحب الروايات الطوال فلا توجع لي راسي رجاءًا و غادر بهدوء ، اطلب منك بكل لطف ♥️

لا شرايكم تكتبون الرواية انتم؟
خلاص تعالوا اكتبوها انا اغادر احسن 🚶🏻‍♀️

يخي هازبند كشفت سرها في الفصل الاربعين
نحن لسه بالفصل ال 17 و تريديون تعرفون كلشس
علقولت السفير مستعجلين على رزقكم 🙂

شكلي عصبت عليكم زيادة
عادي ، تتحملوني عمومًا 😏

المشكلة انه يلي مايعرف طبعي هيشخصنها
بس يلي يعرفني هياخذها بروح رياضة

انا شايفتك يا شخصون
هاشخصنها معاك ترا اكتر من شخصنة الوزير مع القرية!

خذ بالك مني ها 👀

يلا نختم فترة التهزيق و نرجع للفصل

رسيل و جونسان..؟

اكثر جزئية عجبتكم..؟

كيف هيتصرف السفير مع ماريسا..؟

و هل هتسترجع ذاكرتها بسُرعَة..؟

توقعاتكم للقادم عموما..؟

اراكم قريبًا ان شاء الله
الي اللقاء ♥️





.
.
.












جونسان و رَسيل 🤏🏻

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top