Our child | 16

THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD

اهلاً بكم في الفَصل السادِس عَشر 🍂

لِنَبدأ 🐻

•••

تُقابِلَهُ زَوجتهُ المُنصِدمَة تُطالِعُ عيناهُ بابنبهارٍ حينما وَجدتهُ يَحملُ بَين يداهُ ابنتِه الباكيَة على والِدتها المَرميَة فوق فِراشِ المَوتِ و الدماء تُغرِق سائر جَسدِها

كفهُ يُغطي اعيُن الطِفلَة تَجنُبًا و خَوفًا عليها من رُؤيَة ذلك المَشهدُ القاسي ، لَكنهُ لم يكُن يعلم انّهُ حجب على زَوجتهُ رؤيَة عُيونِها المُطابقَة لِخاصته و التي قطعًا ستكونُ دليل ادانتِه..!

كانَت لحظاتٍ سريعَة مرت كالساعاتُ من هَول صَدمة اللورد الذي فرّق بين شَفتيه دَهشتِه بالمَوقف الذي وُضع فيه..!

يالا سُخريَة القدرِ منهُ..!

تجمّد تمامًا حينما تمّ نَقلُ ماريسا الي الداخِل فعبرَت اليوت الطريق ناحيتهُ تُطالعهُ بعدمِ تَصديق حينما ضمّ رَسيل الي صَدرِه يُخفيها من اعيُن زوجتهُ الزرقاء

- مالذي يحدُث؟ مالذي جاء بك؟ و من هذه الطِفلة؟

كان مُتسمِرًا عاجِزًا عن الرَد ، لَكِن حينما استعاد جُزءًا من رُشدِه استطاع اخَذ الخِلاف بينهُما حُجَة للتهربِ من الرَد و الهُروبِ الي داخل المُستشفَى

- لا شأن لكِ ! لستُ مُضطرًا لاجابتكِ

نَظرت اليوت ناحِيَة رسيل التي تتخبَطُ في حُضنِه و صوتُها الباكي يكادُ يصبح مُنعدمًا من شدّة ضغطَة اللورد عَليها ، لانَت ملامحها و قالَت بتوتر

- انت تخنُق الفتاة! دَعها

مَدت يديها لاخذها لَكنهُ رَدعها و نَبه عليها بينما يسيرُ للداخِل على عَجلةٍ من امرِه

- لا تَتدخلي

دَلف الي المُستشفَى يسيرُ بداخل اروقتِها بَحثًا عَن ماريسا التي وَجدها في الطوارِئ ، وَقف على بُعد امتارٍ يخشى الاقتراب اكثر فتكشِفُ اليوت اتجاهه اليها كونها تلحقُ به من الخَلف

انتصَبت زوجتهُ وراءهُ تسألً بعدمِ فهم

- جونغكوك اجبِني مالذي يحدُث؟ اعصابي تالفَة لا تَزدها عليّ

مَسكتهُ من ذراعه تُحاول جَعلهُ يلتفت ، لكن اُذناهُ كانت مُركزَة مع حديث الطاقم الطبيّ عن حالَة ماريسا و هو في ذُعرٍ تام

يخافُ ان تُفارِق الحَياة! و تترُك خلفها ابنتُهما الرضيعَة يتيمَة..!
لم يكُن واعيًا لما هو حَوله ، حتى انهُ للمرة الاولى لم يَخف ان يخسر زَوجتهُ اطلاقًا ، بل لم يُعر وجودها اهتمامًا بقدر رَغبته في تدارك الوَضع حوله

فقط يُريد لِتلك الشابَة ان تَحيا من جَديد
ان تَستيقظ لِتَسمع طِفلتهما و هي تُناديها ماما..!
ستكونُ سعيدَة جدًا ان سَمِعتها ، بعدما كانت تتذمرُ دائِمًا
لانّ رَسيل دائِمًا ما تستمرُ بالنداء على والِدُها و ذلك يقهرُها

تصلَبت الدماء في عُروقه و توترهُ زاد اضعافًا فرسيل لا تَكُف عن البُكاء ، زاد الضَجيج من حَولهُ بشكلٍ خانق ، صوتُ رَكضِ الاطباء مع كَلامهم المُتواصل الغير مَفهوم عن حالَة ماريسا ، بُكاء طِفلتهُ و اسئلَة زوجته التي لا تَنتهي!

احس بالضَغط و شَعر انّهُ على وَشك الانفجار بأية لحظَة
لم يَتحمل و صَرخ حينما استدار الي اليوت يُناظرها باعيُن مُحمرَة

- يَكفي..!!

نَظرت اليوت اليه مُنصِدمَة من حالتِه التي لا تُبشر بالخَير اطلاقًا ، كانَ يَفورُ من هَلِعهُ حَد ارتعاش يديه التي تحتضنُ طِفلتهُ الباكيَة ، تودّ التَحدُث لَكِنها انخَرست حينما نَده المُمرض اليها يطلُب قُدومِها من اجلِ حالَة اخيها الحرِجَة

نَظرت ناحِيَة زَوجها للحظاتٍ ثُمّ التفت تركُض في اتجاه المِصعد للنزولِ الي طابق العَمليات تَحت الأرض حيثُ والديها ، بِذات الوَقتِ اخَذ اللورد فُرصتهُ في المَسح على شعرِ صغيرتِه و تَقبيل جبينِها بِرفقٍ يهمسُ لها بِقلقٍ يعجزُ صوتهُ عن التَستر عليه

- هِشش ياحَبيبة بابا ، اهدئي ارجوكِ

هَمِس يُخاطِب صغيرتِه التي تكادُ تختنقُ من بكاءِها العالي ، هَرول ناحِيَة الطوارِئ يَستفسرُ من التَمريض عن حالةِ المُصابة

- كيف حالُها؟ هل هي بخير؟

نَظر ناحيَة المُمرضَة و هي تقيسُ ضغط الدمِ لدى ماريسا المُسطحَة على السريرِ غائبَة عن الوَعي كُليًا ، انتظر الجَواب بِلهفَة لَكِن ما اتاهُ هو جَذب الستار للحجبِ عَنها و طَرده للخارِج لاتمامِ عمليَة الاسعاف

يكادُ يفقد عقلهُ و هو يُحاول باقصى جُهدِه ان يُطبطب على ظهرِ رسيل و يُسكتها ، في اية لحظةٍ قد تعودُ اليوت و تَرى وَجه طِفلتهُ فتنتهي الحِكايَة بكارِثَة لا يودّ اطلاقًا ان يَتخيلها

ليسَ خوفًا من طلاقِهما الذي حَضرتهُ يسعى لِتنفيذِه
بَل ، يخافُ على ابنتِه و اُمها ، من زَوجتِه..!

يخافُ بشدّة من ردّ فعل اليوت حينَما تكتشِف الحَقيقة التي يُخفيها
هي لا تعرِفُ انّهُ لم يَخُنها ، و لا هو اساسًا مُتأكِد..!

لا يُفكر ان يُخفي الامر عليها حتى ان تمّ الطلاق ، بل فقط يَنتظر اللحظة المُناسبَة حينما يكتشفُ الحَقيقة كامِلَة ليُصبح لَديه حُجَة مُقنعَة يتحدُث بها

لن يكون ذليلاً ، بالتَبريرِ لذنبٍ هو مُتأكد انهُ لم يَقترِفهُ ابدًا

وَضعهُ حَرِج و نَبضاتُ قلبه لا تَنكفّ عن التَسارُع ، يكادُ يفقدُ وَعيَهُ من شدّة الحيرَة و الضغط الذي يُلازمِه و كيّ يستعيدُ ربطة جأشه قرر التعامُل مع الاحداثِ المُبعثرَة بالترتيب

عَليه اولاً ان يُهدأ من روعِ رسيل التي بلا شك مذعورَة
مزقَت قلبهُ من بُكائِها و خَوفها الشَديد لذا احتواها بِحُب
رُغم ارتعاشِه ، الا انّهُ نجح في ضَمِها بلُطفٍ الي صَدرِه
يُخفيها بداخل اذرُعه الحَنونةِ تلك و يَمسحُ برفقٍ تام عَليها

انخَفض يَهمسُ بداخل اُذنها بِبضع كلِماتٍ مُريحَة ، تُهدأ من رَوعها و تُخفف خَوفِها من خِلال صَوته الدافئ الذي دَفع بالهَلع بعيدًا عن مُحيطها

- هشش حَبيبة البابا اهدَئي ، والِدُكِ هُنا للاعتناء بكِ
ليسَ هُنالك ما يُخيفكِ في حُضوري ، امكِ ستكونُ بِخَير

كَلِماتهُ المليئَة بالحِنيَة نجحَت في تَخفيف ابنتِه التي ارتخَت بين ذِراعاهُ و تَوقفت عن الصُراخِ بهستيريَة ، تَبقت الدُموع مُحتجزَة بداخل عُيونها البلوريَة تُناظرِهُ باحمرارِ انفها و وَجنتيها بطريقَة مزقت قلبهُ

من وَسط ارتجافِ صَوتِها و بُكاءها كانت تُنادي على اُمها

- م..ما..ماما

بَدت كما لو انّها سَتضعُ اللوم عَليه بالكامِل ، ان فقدَت والِدتها و هو واقفٍ يُشاهِد ، كما لو انّها تترجاهُ ان يُنقذها! و يتصرف ليُعيدها الي حُضنها

ينظُر الي صغيرتِه يَرى فيها وَجه اُمها التي تُحدِث معهُ نِزاعًا في كُل مرَةٍ جَمعهُما سقفٍ واحِد ، يَرى في عُيونِها انكسارِ والِدتُها..! بعد كُل كلمةٍ تَجرُحُها منهُ و تُمزق خاطِرُها الذي لم تَجِد يومًا من يَجبرهُ سوا حُضن رَسيل

الرابطَة بين رَسيل و اُمها ، قويّة للغايَة
قويَة بشكلٍ جَعلت عُيون اللورد تَدمع

انخَفض يُقبل جَبين طِفلتهُ و يهمسُ لها قائِلاً

- امكِ ستكون بخير ، ستعودُ من اجلكِ

تَشنُجها بدأ يهدأ تدريجيًا ، تَسترخي على حُروفِ والدها التي عززت الأمل في قلبِها الصَغير ، هدأت و تمسكَت بِه كَانّهُ طوقِ النجاةِ من وحدَة الحياة

في الوقتِ الراهن ، لا احَد سِواهُ في هذا العالِم تنتمي اليه
حتى امها ليسَت موجودَة

تَشبثت بِه و رأتهُ يرفع رأسهُ للطوارِئ حينما سَمِع الاطباء يأمرون بتجهيز غُرفَة العملياتِ فورًا ، هَرع ناحِيَة سريرِها يرى ملامِحها تندّسُ وراء الدماءِ التي تَمحي تفاصيل وجهها بالكامِل ، ضمّ رسيل الي صدره من جَديد و باعد بينها و بَين بشاعَة المَشهدِ اسفلِها

- هل هي بخير؟

سأل من جَديد فَسمع الطبيب يتحدثُ و هو يُزيل قفازاته

- اتصلوا باولياء امورِها فورًا
لا يُمكننا ادخالها للعمليات قبل ان نعرف من هي
عليهم التوقيع على اجراءات المُستشفَى

كَلامهُ كان جافًا لا يَمُد لهدفِ مِهنته الساميَة اطلاقًا ! و ذلك ما جَعل اللورد يفقدُ صوابهُ حينما اقتَرب منهُ مُسرِعًا يُناظرهُ بغضبٍ شديد

- انا ساتكفلُ بكافة الاجراءات ، عليكم اسعافُها حالاً!
انها تفقدُ حياتها

تَوقف الطبيبُ امامهُ يُلقي نظرَةٍ عليه ثُمّ على الطفلَة التي بِداخل حُضنِه

- هل انت زوجُ المُصابَة؟

كانَ سُؤالاً صادِمًا لِمن رأى ابنتِهُ تقومُ بِمَد يديها ناحيَة ماريسا حينما لَمحتها من بين الستائر ، تندهُ عليها و هي على وَشك البُكاءِ من جَديد و ذلك جَعل الطبيبُ يتأكد من كَلامه دون الحاجة للاجابَة فالصغيرَة نُسخَة من أبيها

- ان كُنت زَوجها فنحنُ نحتاجُ بِضع اوراقٍ هامَة ، و توقيع على عقد الاخلاء من الذنب في حالة ما اذا تُوفت بداخل العمليات تجنبًا للمشاكِل ، حالتها حرجَة يُفضل ان تُسرِع

شُلّ لِسانَهُ عن الحَديث و ما استَطاع ان يَفعلهُ هو الايماءُ برأسِه و اللحاقُ بالمُمرضَة الي الاستِعلامات ، قام بِضَم رسيل بِذراع ، و الثانيَة ملئ بِها البيانات في المَلف الذي فُتِح من اجل ماريسا

نَظر مُطولاً الي الاسِم و اللقَب مع رَقمِ الميلادِ و الرمز الوطنيّ و ان كان المريض اجنبيًا عليه كتابَة رقمِ جوازِ سفرِه

الوقت يُداهمه ، و هو غير قادر ان ان يَستوعب شَئ اطلاقًا
ماريسا لا تمتلكُ اي وثائِق رَسميّة..!
انهُ في مأزِق

نَظر حولهُ و ضَمن أن ليسَ هُنالك من يَراه ، كَتب معلوماتٍ عشوائيَة خاطِئَة ثُمّ وَقع على عقد اخلاء الطَرف من اجلِ ان تَتم العملية بِسَلام ثُمّ يفكر بِحَل لهذه المُصيبَة

قدّم المَلفُ للاستعلامات و مدّ بطاقتهُ ليدفع تكلفَة العلاجِ باكملِه و عقلهُ لا يتوقف عن التَفكير ، هو حاليًا في ورطَة حَقيقية قد لا يَجد مِنها مَنفذًا..!

ابتلعَ ريقهُ و اطمَئن صدرهُ حينما رأى ان الكذبة انطَلت و حيلتهُ لم تُكشَف فرسيل ساهَمت بِجعلِهم يُصدقون انّهُ من ضمن عائلة المُصابَة

رَسيل انقَذت حياة اُمها..!

كان على وَشك ان يَتبع خُطاهم لِغرفَة العمليات ، لَكنهُ تذكَر ان عائلة زوجتهُ هناك و من الخَطير ان يَروا رسيل معهُ ، سيُكشف امرهُ

هو في ورطة حتميَة لا يعرفُ كيف يخرُج منها..!
الشخص الوَحيد الذي كان يعلمُ بِشأن ماريسا و رسيل
هو ماثيو! و الذي اساسًا حياتهُ على المحكِ في غرفة العمليات

التَفت حولهُ يُحاول ايجاد مَخرج ، فرَفع سماعة هاتفه بيدِه المُرتعشَة و اتصَل على مُساعده يطلب نَجدتهُ قبل ان تَتدهور الامور اكثَر مما هي عَليه..!

بينَما في الطابق السُفلي ، كانت اليوت قَد هرعَت استجابَة لطلب والديها بالقُدومِ فَوجدت اُمها منهارَة تبكي بينما والِدها ينتظرِها على احر من الجَمر

- مالذي يحدُث؟ هل ماثيو بخير؟

سألت بعدما انقبَض قلبُها من الذُعر فرأت والدها يُناظرُها بِقلقٍ عارم

- اخاكِ فقد الكثير من الدماء اليوت ، عليكِ التبرُع له حالاً!
زمرتكما مُتطابقَة

نَطق بيتر يُخاطب الصُغرى التي نَظرت خلفِها و قلبها مليئ بالقلقِ حيال ما رأتهُ بالاعلى ، اتعود لاستجوابِ زوجها ام تَظلّ بِجوار اخيها لِتهبه حياةٍ جديدة؟

وضعُ ماثيو اولَى و لا يستحقُ التأجيل ، لِذا نفذت ما طلبهُ والدها و دَخلت مع المُمرضَة للتبرعِ بدماءِها لاخيها التوأم

جَلس بيتر بِجانب زَوجتهُ يُواسيها و يُخفف عَنها قَبل أن يَرفع عينيه للتَحديقِ بالجَسدِ المُلقى على السريرِ المَجرور امامهُ ، كان لانثَى يافعَة يتمّ ادخالها للعملياتِ كيّ يُسعِفوها

حَدقت زوجتهُ بماريسا حينما ادخلوها و اغلقوا الباب من خَلفها ثُمّ نظرت الي زوجِها الصامِت تسألهُ بِقلق

- هل هذه هي الفتاةُ التي كانت مَع ماثيو؟
من تكون ؟

نَظر بيتر اليها فقامَ بهزّ اكتافهُ يعبر عن جَهله ، ظلّ صامِتًا يَنتظرُ نتائِج عمليّة ابنه التي ظَهرت بعد ساعتين بِبشارَة من الطبيب الذي عبر عن استقرارِ حالتهُ و نَقله الي غُرفتِه الخاصَة في جَناحِ الطبقَة المَخمليّة بالطابِق الأخير

في ذاتِ الوَقت ، كانت عَمليَة ماريسا تُقام يُحاولون قَدر استِطاعتِهم انقاذِها بعدما تعرضَت لِصدمَة شديدة في الرأسِ تَسببت بِوَضع حياتِها على المِحَك

بينَما في الطابِق الرَئيسيّ لمدخل المُستشفَى ، كان اللورد يقفُ و بين ذِراعيه ابنتِه ينتظرُ قُدوم اوليڤر الذي ما ان جاء يَركُض حتى نظر في عينيّ سيده مُتحدثًا بِقلق

- مالذي يحدُث سيدي..؟

حَدق اللورد بِه من وَسط تسارُع نبضاتهُ من هول الورطة الذي هو بِها ثِمّ قال بعدما سَحب آوليڤر من يدهُ الي جانبِ الممر

- اسمَع ، عليك ان تُجهز لي حالاً بيتًا بعيدًا كُل البُعد عن المدينَة ، اريدهُ مُعدًا بالاجهِزَة الطبيّة و المُعدات اللازمَة للاهتِمام بمُصابة حادثٍ خطير ، وَفّر مُمرضَة مُجدَة كذلك و انتظِرني هُناك

نَظر اوليڤر اليه مَصدومًا و قبل ان ينطِق تابع اللورد بجديَة

- لديك ساعتين ، اُريد كُل شئ جاهِز
كذلك استأجر لي سيارَة اسعافٍ دعها جاهزَة وراء المُستشفَى

لم يستطِع اوليڤر النُظق فطلبات سيدِه تفوقُ قُدراتِه
كيف سيستطيعُ تَدبير كُل ما طلبهُ في غضون ساعتين..؟
ذلك قطعًا مُستَحيل..!

- سيدي ما تقوله غير منطقيّ ، من اين لي ان اجَد منزل لا يستطيعُ احد الوصول اليه..؟ و فوق ذَلِك المعدات الطبيّة ستكلف مبلغ طائِل ستكتشفهُ زَوجتك مُباشرَة

بلل اللورد شِفاهه و هو يَنظُر حولهُ خِشيَة قُدوم احَد من عائِلَة زوجته

- قُم بما امرتك بِه و ادفَع المَبلغ من حسابِك
ساردهُ لك مُباشرَة لتجنُب الشُكوك

هَمس قائِلاً لمن اغمَض عيناهُ يُحاول ان يستوعِب ، لم يكُن لديه وَقت ليُضيعهُ اكثَر لِذا قام بالايماء و الرَكضِ للخارِج لتنفيذِ ما اُمر به

رَكب سيارتهُ و هو يُتمتم بِغُل

- ماذا يظُنني حضرته؟
هل يعتقدُ انني جيكوب..!

اغلَق باب سيارتَهُ بِغَضبٍ ثُمّ ادار المِقود مُغادِرًا المَكان بِسُرعَة لتدبير حُلولٍ للمشاكل التي طَرحها سَيدِه للتو

وَجد اللورد المُمرضَة التي كانت مَسؤولة عن عمليَة ماريسا لِذلك رَكض اليها مُسرعًا يَستفسرُ على حالِها اذ طالعتهُ مُتحدثَة

- لقد نجحت العمليَة ، لكنها لم تَتجاوز مرحلَة الخطر بَعد
وَضعناها في العنايَة المُشددَة

اصَدر السفير تنهيدة مُنهكَة بعدما اخفَض عينيه للتَحديق بِوَجه طِفلته النائِمَة في حُضنِه ، لا يعرفُ كيف يتصرَف او اين يضع رَسيل لانجازِ ما تبقى من مُهمته التي فُرِضَت عليه للخُروج من ورطتِه..!

ان ظلَت ماريسا هُنا اكثَر ، سيتمُ كشف الهوية المُزيفة التي قدمها اللورد الي المُستشفى و آن ذاك سيتصلون على الشُرطَة و يُفتَح تَحقيقًا بشأنِها

قد تُسجَن لِكَونها شخصيَة مجهولَة لا يُعرَف من اين جائت
و الاسوَء ، سينكشفُ انّها ام الطفلة التي والدِها هو..!

ستكون فضيحَة الموسِم بلا شَك ، و زَوجتهُ لن تَسكُت..!
ماريسا و رَسيل حياتهما على المِحك إن ذاك

جَلس في المَمرِ يُفكِر و هو يحتضنُ رَسيل يُحاول قدر استِطاعته اخفاء مَلامِحها عن اعيُن المارَة ، كانت تَتمسّك بِه تخشَى ان يُغادرها الآمان الذي احاطَها بِفضلِه ، يَرى نَفسهُ فيها حينما كان يتيمًا و هو طِفل..!

كم تَمنى ان يَكون هُنالك حُضن آمن يأويه و يحتِضنهُ و يُخفف خَوفه من المَجهول ، لَيتهُ وَجد ذات الحُضن الذي قَدمهُ هو الي طِفلتهُ

سيُعطيها ما حُرِم هو منهُ و ما تَمنى بِشدّة الحُصول عليه
سيُعطيها كُلّهُ ، و لن يَتخلّى عنها تحت ايّ ظَرف
حتى ان اكتَشفت اليوت امرِها ، سيَحميها
لن يسكُت ..! فهو بَطلُ قصَة رَسيل الحاليّ

عَليه ان يُوصلها الي بطلِها المُستقبليّ بفستانها الابيضِ حينما يشيبُ رأسَهُ بِسلامٍ و آمان ، يطمئن عَليها بِجواره و آن ذاك فقط سيُخرجها من حُضنه الآمان ، الي حُضن دافِئ

سيحرِصُ جَيدًا ان يُرافقها في كامل مَراحل عُمرِها الي ان يَرى اطفالُها يَقفزون امامَه ، لن يَترُكها و ان اشتَدت عليه المكائِد..! و كان كُلّ ما يملكُ على المِحك

مُجَرد النَظر الي مَلامِحها البريئَة ، تجعلهُ في قمّة التأثُرِ حَد البُكاء
احسّ بيُتمِها ، حينما رأى والِدتُها على فراشِ المَوتِ
احسّ بِضعفها و حاجتها المُلحة لهُ

طِفلتهُ تحتاجه اكثر من اي شَخصٍ اخَر
اكثرُ من زَوجتِه حتّى
اكثرُ من حُبه..!

انحنَى يُقبل جَبينها بِدفئٍ و حينما استقام للاتصال باوليڤر لتفقد المُستجِدات ، صُدِم بوقوفِ اليوت امامَه ، حَدقت في عَينيه بِصرامَةٍ تسألهُ بحدّة

- لن تهرُب منّي هذه المرّة..!

احتَضن اللورد ابنتَهُ النائِمَة يَتمنى ان تظلّ في سُباتها و ألا تَكشفُ عن عُيونِها اطلاقًا تجنُبًا لحدوث مُشكلَةٍ ستُكلفه الكَثير

- لا اظن اننا في وَضعٍ يسمح لنا بالجدال اليوت..!

حَدقت الصغرَى في مَلامح رَسيل و التي رُغم نومِها و انغلاقِ عيونها ، ألا انّ شبهها من اللوردِ واضح كفايَة ليجعلها تسأل بِشَك

- من تكونُ هذه الطفلة؟ انها تُشبهك!

نَظرت في عينيّ زوجِها الذي تمالَك نَفسهُ بِصُعوبَةٍ ثُمّ قال

- اظنكِ غافلة عن حَقيقة اننا الآسيويون نُشبه بعضنا!

سَكتت الاصغرُ سِنًا للحظاتٍ قبل ان تُطالعهُ قائِلَة

- انها نفسُ الطفلة التي رأيتُها في الفيديو؟ في هاتِفك حينما كُنّا في بريطانيا اليسَ كذلك؟

سُكوتَه كان اجابَة كافيَة ليجعلها تُواصل و هي تقبِضُ يديها

- لهذا قمتُ بسجنك ، كنتُ اريد البَحث عن هويتِها و من تكون؟
اردتُ معرفَة من هي..! لرُبما تخونني من وراء ظَهري

كان صَوتها مليئ بالغصّة و هي تُناظِرهُ بِضُعفٍ جَعل تأنيب الضَمير يتآكلهُ رُغم تأكده انهُ لم يخوض اطلاقًا ذَنب الخيانَة

سألتهُ و هي تُحدق في عينيه بِمرارَة

- قُل لي ، اهي ابنتُك..؟

اقتَربت منهُ اكثَر و زاد من شَده على صغيرتِه يخافُ افلاتِها
يُحدق في عُيونِ من كَررت تسالهُ بِقهر

- قُل لي؟ هل خُنتني ، من اجل انجاب طِفل لم يستطع رَحمي ان يَحمله لك؟ المست فتاة غَيري؟ من وراء ظَهري حضرة اللورد؟

مُشكلتهُ انه يَعجزُ عن الانكارِ و الكَذب ، لَكن الحَقيقة ليسَت لصالح احَد اطلاقًا في هذه القصّة ، خُصوصًا انهُ يتعامل مع امراةٍ كَمثلِ زَوجته..!

يستَحيل او يُقّر ، خصوصًا بدون ادلّة تُثبت براءَتهُ
عليه ان يُجاهد لاختلاق كذبَة مُقنعَة ، تُسقط اصابع الاتهام هذه

- و تلك الفتاة؟ اهي اُمها؟ هي التي خُنتني معها؟
الهذا تريد الطلاق ؟ همم؟

بلل شِفاهه و حاول ان يَستجمع حُروفه لَكنها قاطعتهُ بصوتٍ غاضب

- اجبني!!! هل خُنتني و انجَبت طفل من وراء ظَهري؟
هل علقتك ام الطفلَة بِها و جَعلتك تريد تطليق زوجتك؟
قُر بالحَقيقة جونغكوك ، قُل لي مالذي فعلتهُ دون علمي!!

كانت غاضِبَة بشكلٍ خارج عن المألوف ، ترتعشُ من هول عَصبيتِها تُواشك على الاغماء في ايَةِ لحظَة ، خُصوصًا انها للتو سُحب منها جرعة كبيرَة من الدماء

نَظرت في عينيّ اللورد الذي استجمَع شَجاعتهُ و نَطق بِاندفاعٍ يُخاطبها

- اخِفضي صَوتكِ ، انتِ تُخيفين الفتاة ..!

ضمّ رسيل الي صَدرِه ثُمّ واصل بالحَديث عن كذبته التي اخترَعها للتو

- ثُمّ بِخُصوص هذه الطفلة فهي فعلاً ابنَة الفتاة التي جائت مع ماثيو ، كان عشيقها آسيويّ و انجَبت منهُ طِفلَة بعدما خَدعها و ضَحك عليها

قَطبت اليوت حواجِبها تُطالع اللورد باستِغراب حينَما تابَع بِجَدية تتنافى مع احساسه بالتوتر من انكِشاف أمرِه ان استَيقظت رسيل و كَشفت عن عُيونها

عُيون اللورد مُميزَة للغايَة ، على عَكس بقية الآسيويين فهي خَضراء لامعة تُعطيه طابع فَريد ، و رَسيل قد ورثتها من أبيها لذا سيُسهل التعرُف عليها

- انتِ تعرفين انِّي فتحتُ فرعًا جَديدًا في الاكاديميَة يضمُّ الامهات العازبات الواتن لا يملكن مَلجئ ، و قد كنتِ شاهدة حينما طلبتُ من ماثيو البَحث عنهنّ و اعطائهنّ سَكن مُقابل العَمل في الروضَة بعد الافتتاحيَة ، و بالصدفَة تقابل مع هذِه الفتاة مُنذ شهرٍ تقريبًا ، وجدها مع ابنتها في الشارع و قدّم لها العَرض و هي وافَقت مُقابل ان تَجد مَسكن يأويها هي و طِفلتها

بدأ يَطمئن وثقتهُ تزداد حينما رأى مَلامِح الاقتناعُ تعتلي وَجه اليوت التي حَدقت في عينيه تسمعهُ يُكمِلُ بهُدوء

- تعرفتُ عليها من خلال زياراتي المُتكررة للاكاديميَة و لم اهتم لامرها فانتِ تعرفين علاقاتي محدودَة بالنساء! و كذلك تعرفين جيدًا مدى وطادَة علاقتي بالاطفال ، لِذلك تَعلقتُ بابنتها التي احبتني للغايَة و اصبحت تراني كَوالِدُها ، اصبحتُ اقضي جُل وقتي مَعها لاملئ فراغي العاطفيّ تجاه الابوّة ، و هي نجحت حقًا جعلي انسجمُ معها بسُهولة ، لهذا اخذتُ رقم امها و طلبتُ منها ان تُرسل لي مُستجدات الصغيرَة ، لا اكثرُ و لا اقل

صَمتت اليوت لِلحظاتٍ تُفكر قبل ان تَسأله بهدوء

- ماذا كنتُ تفعل معها اذًا ؟ و لما امها مع ماثيو؟

بَلل اللورد شَفتاهُ بِلُعابه ثُمّ نَطق

- كنتُ هناك العبُ مع ر.. اقصدُ الصغيرَة ، و امها كونت علاقة وطيدَة مع ماثيو حتّى اصبحوا اصدقاء ، تَركتُهم يدردشون و دخلتُ احكي قصّة للطفلَة ثُمّ من بعد ذلك نمتُ و لكم اشعُر حتى استَيقظت على هذا الخَبر المُروع فاتيتُ راكِضًا

نَظر ناحيَة رَسيل فتابع بِحُزنٍ بالغ

- ما ذَنب هذه الصغيرَة ان تبقى بِمُفردها..؟
قد كانت خائِفَة للغايَة ، اخشى ان تَتيتم

حَدقت اليوت في وَجه رَسيل بِصمتٍ مُطوَل ، عقلُها اقتنع بِكلام زَوجها لكن قلبها يُخبِرها ان القصَة ناقصَة

هو لم يَكذِب ، قال القصَة من جانبٍ اخَر تمامًا
حَكى ما جَرى و حَدق في بدايَة الحِكايَة..!
و ماريسا فعلاً زارتهم للاكاديميَة
و آن ذاك لم يكُن يعرفُ شيئًا عن رَسيل

هو لم يكذِب ، لكنهُ تستر على الجانِب الاكبر من القِصَة

اقتَربت اليوت من رَسيل بعدما لانَت ملامِحها بِحُزن ، قدمت يدها للمسحِ على رأسِ الصَغيرة بلُطف متحدثَة بأسَى

- ياروحي انا ، ستكونُ احست بالذُعر حالما رأت امها بذلك الحَال

رَفعت عينيها للورد تُناظرهُ بحزن

- ان حَدث مكروه لامها ، لا يُمكنك ان تَعرض الفتاة للتبني
انا مُوافقة ان نُربيها ، فهي تُشبهك للغايَة
ستملئ علينا حياتنا جونغكوك

صَنع ابتِسامَة مُزيفَةٍ يُساير فيها عاطفَة زوجتِه التي يعرفُ انها تَثور ان تَعلق الامرُ بالاطفال ، هي تُحبهم للغايَة لكنها تعجزُ عن الحُصول على واحد..!

تَنهدت بِأسَى حينما نَطق مُعترِضًا

- كلاّ ، انا ابحث عن والِدها بالسفارَة و ساجدهُ قريبًا
ساعطيه ابنتِهُ و ارغمه على الزواج بعشيقته
ثُمّ اسفرهم الي كوريا

عليه ان يَختلق عُذر لاختفاء ماريسا و رَسيل المُفاجِئ ، و لم يَجد افضل من هذِه الكذبَة كيّ لا تسأل اليوت مُجددًا عَنهُما

كانت سَتتحدثُ لَكن والِدتها ندهت عليها كيّ ترى ماثيو بعدما نُقل الي جَناحه ، التفت برأسها للايماء و حينما عاودت التَحديق بِزوجها احسَت بالدور لفرط حَركتها بعد فُقدانها للدماء

واشكت على السُقوط لولم يُسندها السفيرُ على كَتفه بِذراعه بعدما تكفَل بِحمل رسيل بِيده الثانيَة يُخاطبها بحَذر

- انتَبهي ، انتِ لستِ بخير عليكِ ان ترتاحي

نادى على المُمرضَة التي جائت مُسرعَة فطلب مِنها ان تُرافق اليوت لغرفَة المُلاحظة و تُعطيها محلول مُغذي يُعيد لها طاقتها

مسكت زوجتهُ بِقَميصه تُناظرهُ بِحُزنٍ بالغ

- اسفَة ، لاني شَككتُ بك

هَمست لهُ بِنبرَة جَعلت قلبهُ ينعصرُ من الالمِ احساسًا بالذَنب
يشعُر انهُ حَقير للغايَة..!

نَظر بداخل عَينيها فَسمِعها تُواصلُ بنبرةٍ مُتوسلَة

- ارجوك ، أعطي زواجنا فُرصَة اُخرَى
و انا راضيَة بشُروطك مهما كانَت

قام بالايماء لَها و هو يُحاول لفت انتباهِها بعيدًا عن ورطتِه ، جَعل جَسدها يتكئ على خاصَة المُمرضَة و قال بنبرَةٍ ودودَة

- انهُ ليس المكان الانسب للحَديث عن خِلافتنا ، سنتحدثُ لاحقًا حينما تَتحسن الاوضاع همم؟

مَسكت بيدهُ ترفضُ تَركه ثُمّ قالَت بِرجاء

- تَعِدُني انك سَتمنحُنا فُرصَة؟

لم تشئ تَركهُ حتّى يُعطيها جوابًا شافيًا لجروحِ قلبها
تُطالعهُ و تُلاحظ توترهُ من شَئ يُخفيه
و هي استَغلت ضِعفهُ..!

نظرت اليهِ بِحُزنٍ حتّى رأتهُ يسحبُ يدهُ مُتحدثًا بسُرعَة

- اع..اعدك

ابتَسمت باشراقٍ و اقتَربت تخطفُ قبلَة من شَفتاهُ بسُرعَة ، قالَت لهُ و هي تتراجعُ الي الخَلف

- ساطمئن على اخي و اخَذ محلولي الغذائيّ ثُمّ اعود
لا تذهَب همم؟

قام بالايماء لَها يَتتبعها بعينيه بعدَما اخَذتها الممرضَة معها ، تَنفس الصَعداء و رَفع هاتفهُ الذي يَرن يُجيب مُساعده

- كُل شئٍ جاهز؟

تلقى الاشارَة الخضراء من اوليڤر الذي كان ينتظِرهُ من الباب الخلفيّ للمُستشفَى ، خَرج لهُ السفير و بين يَديه رسيل التي قَدمها الي مُساعده قائِلاً

- امسِك الصغيرَة و اياك ان تُفلت بها!
ساعودُ بامها قريبًا

نَظر اوليڤر الي رَسيل التي بين يداهُ ثُمّ ضَمها ناحيتهُ يحرك رأسهُ بالايجاب

- اسرع سيدي لان الطبيب سيُبلغ الشُرطَة على استيقاظ السيد ماثيو ، سيأتون الي هُنا مباشرَة و آن ذاك ستقعُ في مأزق

هَمهم السفيرُ و هو يعودُ ادراجهُ ناحيَة الداخل بعدما رَشى بِضع اطباء و مُمرضين لِمُساعدتهُ على تهريبِ جَسد ماريسا من غُرفَة العنايَة المُركزَة

ارتدَى كمثلِ الاطباء و وَضع كمامتهُ على نصف وَجهه ثُمّ رافقهم الي غُرفتها التي ما ان دَخلها حتّى وَجد الالات الطبيّة تُحيط بها من كُل نَحوٍ

وقف عند الباب يُراقبُ حالِها ، و هي مُنذ بِضع ساعاتٍ قليلَة فقط كانت تركُض خلفهُ بالمِقلاة تُهدد بِقتله ، غزتهُ ابتسامَة مليئَة بالقَهرِ و كم عاتَبها على عِصيانهُ و مُخالفَة تعاليمه التي من الاساسِ لصالحها

حَذرها من الاستِماع الي ماثيو..!
لكنها عنيدَة كفاية لادراك انّ كلامهُ لِمَصلحتها
كيف لا؟ و هي اُم طِفلتها التي يَهتمُ لشأنها كيّ تهتم بابنته..!

سبق و ان اخبَرها بوضوحٍ انّها تَهمهُ ، و ما يُؤذيها يؤذيه
ليس حُبًا فيها ، بل لان بينهُما طفل مُشترك عليهما الاعتناء بِه

تَنهد الصعداء و استفاق من شُروده على كَلام الطبيب و هو يُناديه ، مشى ناحيتهُ و قام بسؤالِه مُتوتِرًا

- هل فصل الاجهزَة عنها قد يُسيئ من حالها..؟

نَظر الطبيبُ في عينيه و قال بِتردد

- قد تدخُل في غيبوبَة ان انفصلَت عنها الاجهزَة لاكثر من عشر دقائِق ، لذلك علينا الاسراع و اخراجِها بسُرعَة

رَطب شفتاهُ و التفت برأسِه للنَظر الي الطريق الذي مَهدهُ لهم المُمرضون ، فَصل الطبيب الاجهزَة عن ماريسا ثُمّ غطا وَجهها بالغِطاء ليُخرجها كما لو انّها جُثَة ستذهبُ الي طابِق الثلاجات

رافقه اللورد الذي قام بالهرولَة خلفهُ و هو يُناظر الارجاء بِتوتر ، عليه الخُروج من المُستشفى بزيّ الاطباء اجتنابًا لمراقبَة زوجته للكاميرات لاحقًا فهو يعرفُ مدى هوسها باتباعِ حَركاتِه

تأكد كذلك حينما سلّم رسيل الي اوليڤر ان الكاميرات لا تُصورِه ، حفاظًا على السريَة التامة لانجاز المُهمة على اكملِ وَجه و بِمُجَرد الخُروج من طابق العنايَة المُركزَة ، دَخلوا الي المِصعَد الذي وجدوا فيه الشُرطَة

تجمّدت اطراف السفير الذي اخَفض عينيه للارضِ يُبعدها عن خاصَة الضُباط اجتنابًا لاكتشاف هويتهُ فعيونه تُميزه ، قضم على شفتاهُ حينما سأل الشرطيّ الطبيب بِفضول

- هل هذه جُثة؟

ناظرهُ الطبيب بتوتر ثُمّ اجاب

- نعم ، سيتم اخذها للتشريح

اغمَض اللورد عيناهُ بقوّة حينما نظرا الشرطين الي بعضهما ثُمّ قال احدهُما باستِغراب

- لِما ؟ هل وقعت جريمة قتل او ماشابه؟

سويسرا تُعد من البُلدان التي تكونُ فيها جرائم القتلِ شبه معدومَة ، فهي بلد مُسالم للغايَة ، لذا فأن حُصول قضايا كَمثل الذي سأل عنها الشُرطيّ يُعد محط اهتمامٍ كَبير يَجعلُ عملهم المُمل يكسوهُ الحَماس

- كلاّ سيدي الضابط ، لقد تُوفت المرحومَة فجاة لذلك نود معرفة سبب الوفاة بعدما طلب اهلها ان يتم تشريح جُثتها

حَدق اللورد في الطبيب بغضبٍ عارم ، لما عليه ان يَنطق بانه سيشرح جُثتها بدلاً من اخباره انهُ سيتم نقلها للدفن مثلاً..؟

انهُ اكبر ممثل فاشل رآهُ في حياتِه
استَشاط غضبًا و هو يُطالع ساعة رِسغه
العشر دقائق ستمُر و حياة ماريسا في خَطر..!

خرجوا من المِصعَد و توقف الشُرطي امام جسد ماريسا يطلُب ان يَراهُ لازالة الشُكوك ، كان صغيرًا في العُمر و بدا للسفير انهُ مُتحمس لخوضِ تجاربه في التَحقيق و ذلك حتمًا ليس لصالح اللورد الغاضِب

- اريد ان ارى وَجهها

نَظر الطبيب الي السفير بِجانبه بِقلق ثُمّ عاود التَحقيق في الشرطيّ الذي مَد يدهُ لازالَة الغطاء لولم يسمع صوت يُناديه

كان بيتر ، والِد زوج من سارع بالالتفات و مُقابلته بظهرِه

ابعد الشُرطي يدهُ عن ماريسا و اقتَرب يُصافح بيتر بِحرارَة

- مرحبًا سيدي ، لقد جِئنا باتصالٍ من المستشفى
حمدًا لله على سَلامة ابنك

رحب بيتر بِه ثُمّ دعاهُ للسيرِ معهُ الي طابق الطبقَة المخمليَة في الوقت الذي هَرع فيه السفير لِمُواصلَة تهريب ماريسا من الباب الخلفيّ ، وجدوا سيارَة الاسعاف تَنتظِرهم في الخارِج لذلك ادخلوها بها بسُرعَة و اوصلوها بالاجهزَة من جَديد قبل فَواتِ الأوان

اوليڤر كان يجلسُ بالداخل مع رَسيل التي لا تَزال نائِمَة بينما السفير حَدق في الطبيب الذي طالعهُ بهدوء

- سَنُحاول التستر على ماحدَث ، مُقابل ان تجلب لنا جثة امراة مُقاربة لخاصتها كيّ نخرج تقرير الوَفاة

قام اللورد بالايماء ايجابًا ثُمّ نَطق على عجلَة

- بخصوص المَلف الذي قدمتهُ فهم مزور
حاول التخلص منهُ قبل ان يقع في يدي الشُرطة
و الا ستحدُث الكارثَة..!

اومئ له الطبيب ثُمّ سارع بالدُخول الي المستشفى بينما رَكب السفير في الاسعاف بجانب ماريسا ، اخَذ ابنتهُ من اوليڤر الذي يُجاورهُ ثُمّ نطق

- اوليڤر علينا شراء جُثة بذات مواصفات ماريسا

نَظر اوليڤر اليه و هو على وَشك فقد اعصابِه ، جاهد للبقاء مُتزنًا كيّ لا يقلل ادبه مع سيدِه ثُمّ نَطق مبتسمًا بِتشنُج

- انا اول مرة في حَياتي اسمع ان الناس تشتري الجُثث

حَدق السفير بِه بجديَة جَعلت من ابتسامتهُ تُمحَى
كان جادًا بطريقَة اخافتهُ..!

- انا جاد ، ان لم يَتم استبدالها بجثة تملك القليل من مواصفاتها على الاقل ، ستكتشف اليوت كُل شَئ و الشُرطَة ستبحثُ عنها..!

مَسح اوليڤر على وَجهه و هو يُحاول ان يستوعِب

- سيدي رجاءًا ..! هل انا مارد سحريّ او ماشابه؟
من اين ساجلبُ لك جُثة؟ لم اتعامل مع المافيا من قَبل!

كشّر السفير بِمَلامِحه و غَضب للغايَة من قلّة حيلة مُساعده الذي جَعله يضطّر للتفكيرِ بطلب المُساعدة من اخر شَخصٍ يخشى الاتصال بِه

رَئيسُ مَجلس الوُزراء..!

ان طلب المُساعدَة منهُ ، مالذي سيقولُه؟ و بما سيُبررُ ؟
و هل سيُرسل لهُ جثَة بالطائِرَة ..؟

ام هل سيرضَى من الاساس مُساعدته ..؟

ذلك قطعًا مُستَحيل ، عليه ايجاد الحَل بنفسِه
و الا حتمًا سينهارُ كُل شَئ فوق رأسِه
ستفقدُ حياتهُ اتزانِها

قضم شَفتهُ و انهارَت افكارَهُ ، يُقسم انهُ سيكسرُ ضُلوع ماثيو حالما يستيقظ انتقامًا من الفوضى التي خلّفها وراءهُ بتهورِه

و سيُوبخ ماريسا اشدّ التوبيخ ، لانّها طاوعتهُ رغم تَحذيره لها..!

يُقسم و يُكرر القَسم أن يَصنع فجوَة دائمَة في علاقة ماثيو باُم ابنتِه ، لانهُ يُفسد اخلاقها للحد الذي واشَك على قتلِها.!

حتى انه لازال لا يَعلم ان كانت ستظلّ على قيد الحَياة
ام سيخَسرها..!

الكثيرُ من الافكار تَسللت الي عقلِه ، منعتهُ من التَفكير فالاحباط تَمكن منهُ و لم يَجد وسيلَة للنجاة من المأزِق الذي وَقع فيه رُغمًا عن ارادتِه..!

نَظر في وَجه ماريسا المُزرَق و المليئ بالجُروحِ ثُمّ حَول بصرهُ الي خاصَة رسيل النائِمَة في حُضنِه يُحدق بها بِحُزن

ماريسا و ابنتِه بحاجَة لوقوفِه مَعهما في مرحلَةٍ كَهذه
لاسيما انّ ماثيو و عائلة زوجتهُ ، بحاجته..!
لن يكون غيابه مُبررًا اطلاقًا ، فهو زوجُ ابنة العائلَة

عليه ان يَتواجد في مكانين بِذات الوَقت
و ذلك قطعًا مُستحيل..!

•••

رَكنت سيارَة الاسعافُ بِجانب مَبنى بدا كما لو انّه مُستودَعٍ قديم رَث ، لَكن بمجرد الدخول اليه يتضح انهُ بيتٍ سريّ مُتخفٍ مُعد و مُجهَز بكامل سُبل الراحَة ، تكلفة تأجيرِه تُعادل شراء ڤيلا في افخمِ احياء العاصمَة السياسيَة لسويسرا

السفيرُ يبكي مُتحسِرًا لجيبه الذي يَنزِف
دراهمه تَضيع

ليسَ عليه التفكيرُ في دراهمه الان بقدرِ اهتمامه بِنجاة ام طِفلته
يتسائل عن كميَة الاماكن التي انتقلت اليها ماريسا مُنذ ان عرفها..!

احسّ بالشفقَة على حالِها لاولّ مرَة ، من السئ ان لا يملكُ الانسان ملجئ دائِم يأويه في اضعف حالاتِه كالوضع الذي هي فيه الأن

تَنهَد مُتضايقًا و دَخل الي الجناح الذي كانت به المُمرضَة الخاصَة في انتظارِهم ، مَد اللورد رسيل الي اوليڤر ثُمّ اقتَرب هو من جَسدِ اُمها يُبعد عنها الغطاء الذي يَحميها من البَرد

اخَفض يداهُ لِحَملها اذ رَفعها من فِراش الاسعافِ ينظُر الي مَلامحها التي واشكَت على الالتِصاق بخاصتِه ، أمعن التَحديق بها للحظاتٍ ثُمّ تابع يسيرُ ناحيَة السرير الخاص بِها يضعها فَوقه

اوصَلتها المُمرضَة بالاجهزَة اللازمَة لِحَالتها ثُمّ اعطَتها عِلاجها المَطلوب تحت مُراقبة اللورد الدَقيقة لَها ، نَزل بعد ذلك مع سائِق الاسعاف و اعطاهُ المَبلغ الذي يَحتاجهُ و اوصاهُ بالتستُرِ على السر للأبَد

التَفت يُحدق في اوليڤر بعدَما وَضع رسيل تنامُ في غُرفةٍ خاصَة بالاطفال قُرب جناحِ اُمها ، نَظر في عينيّ سيده و سألهُ بحيرَة

- سيدي هل خُنت زوجتك؟

سُكوت اللورد الطَويل يزيدُ من شكوك اوليڤر الذي لم يَكُن ليُصدق ان سيده من المُمكن ان يَخون ! كان مَذهولاً من خَيبة الأمل في عينيّ السفير و هو يَتخطاهُ للداخِل

- رجاءا اوليڤر انا لستُ في مَزاج يسمحُ لي بالحَديث

هُموم الدُنيا كُلها فوق اكتافِه حاليًا ، كُل شئ يسيرُ بالعَكس..!
قبل بضع ساعاتٍ فقط كان ينامُ بجانب ابنته بِسلام
كيف انقلبَت الموازين بِهذه السُرعَة..؟

جَلس فوق الاريكَة مُقابل سَرير ماريسا و تَفكيرهُ مُنحصر بالخُطوَة القادِمَة ، الوَضع يزدادُ سُوءًا و الحَقيقة سَتُكتشفُ قريبًا ان استَمرت الاحداث تُعارِض رَغبتهُ بالاخفاء..!

كان يفصلُ بين اليوت و الحَقيقة بِضع لحظاتٍ كافيَة بِجَعله الخائن المُدان في عُيونِها و آن ذاك ، لا يضمن اطلاقًا ما قد يَحدُث من بَعد معرفِتها

مَسح على وَجهه و الارهاقُ يَكتسحُ عينيه
هو مُتعب من التَفكير ، مُنهَك من البحث عن حُلول
لا يوجَد حَل ابدًا ! كُل الابواب انغلقت في وجهه

يُفكر ان يذهب للاعترافِ لاليوت بكُل شئ ، و بذات الوقت يَتراجع خوفًا على رد فِعلها الذي يعرفِ جَيدًا مدى قَسوته ، و قبل كُل شئ ، يخافُ انكسارها منهُ ..! يخافُ انها قد تراهُ الخائن الذي غَدر بها من نُقطة ضعفها بعدمِ الانجابِ و لم يُصارِحها برغبته بالحصول على طفلٍ من امراة اخرَى..!

كان من الأهون ان يُصارحها بانّهُ يريد طِفل ، بدلاً من الغَدر بِها بهذه الطريقَة ، هو ليس جَريئ كفايَة للاعلانِ عن رَسيل علنًا قبل ان يَضمن سلامتها

مَسح على وَجهه و تفقد هاتِفه يرى الطبيب يُراسله و يُطالبهُ بارسال جُثَة خِلال الساعاتِ القادِمَة

نظر ناحيَة الفَراغِ للحظاتٍ يُفكِر
يبدوا انهُ سيضطرّ لِطَلبِ المُساعدَة..!

•••

خَرجت اليوت من غُرفَة المُلاحظَة بعدما اخذت محلولها الغذائيّ ، تَمشت في اروقَة المستشفى بحثًا عن زَوجِها لكنها لم تَجِده..!

عقدت حواجِبها ثُمّ رفعت هاتفها تتصلُ به ، استغرق منهُ الرد بضع ثوانٍ سمعت صوتهُ و هو يُهمهم بنبرتِه الباحَة تِلك

- هِمم؟

بَللت شفتيها و هي تسيرُ تجاه المِصعد مُتحدثَة

- اين انت؟

تفقد ساعَة رِسغهُ و هو يشربُ القهوَة امام النافذَة المُطلَة على الطبيعَة امامهُ قبل ان يردف بهُدوء

- وردني بلاغ من السَفارة انه تمّ ايجاد والد الطفلة
لذا اضطررتُ ان اُغادر

رَكِبَت اليوت بِداخل المِصعَد ثُمّ نقرت على طابق العناية المُركزَة مُتحدثَة

- الا تظن انه من الاولَى ان تتواجد مَعنا في محنَة كهذه جونغكوك؟
ماثيو بمثابَة اخيك..!

دلّك جَبهتهُ و هو يحتسي من القهوَة قائِلاً

- ساكونُ موجودًا ، حينما اصلُ الي والد الطفلة كي اُسلمها له ، انتِ رايتِ حالتها بالفعل و اُمها التي قد تكونُ ماتت..!

تَنهدت اليوت بعدما غادَرت المصعد تقفُ في الرواق قائلَة

- ابي يسأل عَنك ، كذلك الصحافة هُنا الجَميع يبحث عنك جونغكوك! سيكونُ مظهرنا امام الناس بشعًا و انت غير موجود!!

قطبت حواجِبها ثُمّ تابعت

- ستعزز شائعات انفصالِنا ، الجميع سيتحدثُ عنا و انا لا اُريد ان يتداول خبر الطلاق لانهُ لن يحدُث

قضَم اللورد وَجنتهُ من الداخل بعدَما مقت فكرَة انّ زوجتهُ تُفكر بمظهرها الاجتماعيّ اكثرُ من وجوده شَخصيًا حَولها ، وَضع كأس القهوَة بعيدا عن مُتناوله ثُم رد بِجفاء

- استأذنكِ ، عليّ مواصلَة عملي

فَصل الخَط و لم ينتظر جَوابها ، بل قام بِاطفاء هاتفه بالكامل و جَلس ضائِعًا وسط حيرتَه و افكاره المُظلَة

قبضَت اليوت على يديها بقوّة تردد ابشع الشتائم في حَقه قبل ان تَقوم بتخبئَة هاتفها بداخِل جَيبها و تسأل المُمرضة عن غرفَة الفتاة التي جائت مع ماثيو

مَشت في اتجاه حُجرَة ماريسا التي وَجدت فيها فتاةٍ ثانيَة اذ وَقفت تُمعن التَحديق في مَلامِحها تُحاول التَعرُف عليها ، كان وَجه الصبيّة آسيويّ اذ فَسرت شبه الطِفلَة التي مع زَوجها من اُمها..!

- رُبما انا حقًا اُبالغ في شُكوكي! جونغكوك لن يكذب عليّ
يستحيل ان يَخونني ، عليّ مراجعة طبيب نفسيّ قريبًا

هَمست و هي تعودُ ادراجِها ناحيَة المصعد ، رَكِبت به و نزلت لطابق الاستعلامات حيثُما طلبت من الموظفَة ان تُناولها ملف ماريسا

رفضَت المُوظفَة ذلك في البدايَة ، لَكنها خافَت من اليوت حينَما علمت من تَكون فقامَت بِتسليمها المَلف الذي اخذتهُ الشقراء و توجهَت به ناحيَة مقاعد الجُلوس

فَتحتهُ و قرأت اسم المَريضَة الذي كان الآتي
- إليانا كورتيز

قامَت بِضَم شفتيها داخل فَمِها تُفكِر بِحيرَة

- اسمها بدا اسبانيّ او لاتينيّ..!

هَمِست ثُمّ واصَلت تقرأ بقية المعلومات التي طلبت من مساعدها التحري عَنها و المجيئ بكامل مُستجداتِها و حياتِها

لن تثق بكلام زَوجها بالتأكيد ..!
حتى و ان فعلت ، عليها البحثُ بتفسها للتأكد من صِحته

قَدمت الملف الي لوكاس ثُمّ عقدت ذِراعيها الي صدرها تُناظر القمرُ من حَديقة المُستشفى تُفكِر في احتماليَة خيانَة زوجها لَها

قد تكونُ فعلا تلك الطِفلة ابنتَه و هو يؤلف عَليها القِصص..!

- سأرَى ، ماهي نهايتُك حضرَة السفير

هَمِسَت مُبتسمَة بخُفوتٍ ثُمّ تابعَت بحاجبٍ مَرفوع

- و التي حتمًا سَتكونُ بين ذراعيّ ..!

•••

تعلّم السَفير كُل ما يَحتاجهُ للاهتِمام بعلاجِ ماريسا و اعطاءُها اياه في الوقتِ المطلوب لهُ من المُمرضَة التي سيطلب لاحقًا رَحيلها كيّ يُكمل هو التكفُل بالباقي

كان الوَقتُ في مساءِ اليوم الثاني من الحادِث
البَيتُ فارِغ
و ما يسكنهُ سِوا اللورد مع طِفلته و اُمها النائمَة مع المُمرضَة

مَلئ السفيرُ مرضعَة ابنته بالحَليب حسب التعليمات التي اخذها من جوجل ثُمّ جَلس يُشبع بطنها الصغير و رُغم محاولاته الماسَة بذلك ، الا انها لم تَقنع قنوعَة اطلاقًا بالحَليب الخاص بابيها..!

نَظر اليها عابس الوَجه حينما قال لَها

- ماهذا؟ هل حليب الماما لذيذ لهذه الدرجَة!

تَفقد عُلبة الحليب الذي اشتراهُ لها ثُمّ عاتيها قائِلاً

- ياحبيبتي اشتريتُ لكِ اجود و اغلى انواعِ الحَليب في السوق!
لِما ترفضين اخذَه همم؟ ارجوكِ

ترجاها لَكنها لم تكُن تَستمعُ لهُ و واصَلت تَبكي و تطلُب حليب اُمها
كَيف يستطيعُ هو ان يُرضعها من صَدر ماريسا؟ ذلك قطعًا مُستحيل
لن يتكشف عن امراةٍ غريبة و سيظلّ يُحاول مع طِفلته

حينما فشلت كُل مُحاولاتِه نادى على المُمرضة و طلب مِنها هي ارضاعُ رَسيل من صَدر امها و الشابَة لم تَعترض ، حَملت رسيل و اخَذتها الي جناحِ ماريسا

دخل السفير مَعها ، يُريد ان يَرى تعابير رسيل حينما ترى اُمها و قد صُدم برد الفعل الذي رآهُ من ابنته التي اصبحَت تُحرك يديها و قَدميها في الهواء بسعادَةٍ و فرحَة تامَة مع ضحكاتها العاليَة

ابتسَم بدفئٍ على سعادَة ابنتِه و احسّ بالانانيَة حينما فكّر سابقا ان يَحرمها منها..! فعلاً غياب الاُم لا يُعوضه شَئ ، حتى هو فشل في مَلئه..!

غادر الجناح بعدما وَضعت المُمرضة رَسيل بجانب ماريسا ثُمّ رَفعت لها مَلابسها كيّ تُرضع الصغيرَة مِنها بِحَذر

امتلئ بطنُ رسيل الصغير من ثُمّ رَفضت الابتعاد عن اُمها و تمسكَت بها تأبى افلاتِها ، نادت المُمرضَة على السفير الذي دخل بعدما ضَمن انها قد سترت ماريسا ليُطالع طفلته و هي تضع رأسها فوق صَدر والدتها و تحتضنها

اومئ للممرضةِ بالرَحيل و اقترب هو يجلسُ بِجوارِ ماريسا يمسحُ على رأس رَسيل بدفئ بالِغ ، انخفض يُقبل رأسِها ثُمّ همس لَها

- اعدكِ انّي سأحمي اُمكِ ، مادُمتِ على قيدِ الحَياة
ساحمي لكِ حَياتكِ ، يا حَياتي انتِ

نَظرت رسيل اليه و هي تَبتسمُ بسعادَة ، ارتَمت في حُضنهُ و بذات الوَقت لم تسمح لهُ بالنُهوض فقرُب امها يُطمئنها ، ظلّ يجلسُ بجوارِ ماريسا و هو يُطبطبُ على ظَهر طِفلتهما

يُناظر عينيّ الام المُغلقةِ بحسرَة

- متى سَتنهضين؟ عليكِ تفقد ابنتكِ هيّا!

وَكزها بخفَة شديدَة يخشى ان يزيدُ جسدها المُتضرر بلاءًا
لم يكُن هنالك استجابَة منها سِوا انّ نبضاتُ قلبها تُسمَع عبر الجهاز

ضمّ رَسيل اليه و تَنهد بثقلٍ و هو يَتأمُل امها بِصَمتٍ تام

•••

- اليوت اين زوجكِ ؟ الجميعُ يتكلمُ عن غيابه
ستحدُث فضيحَة!!

تَحدث بيتر و هو يُناظر عينيّ اليوت الصامتَة بِحَزم ، كانت سَتُجيب لَكنها سكتت حينما سَمِعت صَوت يصدُر من خلفها

- انا هُنا

التَفت ناحيَة المَصدر لِتُطالَع ذلك الجَسدِ الممشوقِ الطَويل ، بالغُ العضلاتِ عريضُ المنكبين مسحوب العَينين ، يلبسُ بذلتهُ الرسميَة المُعتادَة اذ كان يُغلقُ اخر زرٍ و هو يتمشَى ناحيَة الداخل بابتسامة مليئَة بالثقَة

وَقف امام بيتر الذي امعَن التَحديق بِه يتأمَلهُ بحاجبٍ مَرفوع

- اين كنت كُل هذا الوَقت؟ كيف لك الا تأتي و اخ زوجتك كاد ان يموت؟

بلل جونغكوك شَفتيه و هو يُناظِرَهُ بعينيه الخَضراء
من الصعَب عليه ان يسمَع التوبيخ من احَدِهم..!
لكنهُ تساهل و قال مُبتسمًا بِجَفاء

- كنتُ مشغولاً باتمام بعض الاجراءات في السفارَة
انت تعلمُ ان العَمل لا يَرحمُ احَدًا..!

كلامهُ لم يُعجب بيتر الذي شدّ قبضتهُ مستعدا لتوبيخه ، لكن اليوت تدخَلت و وقفت امام والدها مُتحدثَة

- ابي انهُ ليس الوقت المُناسب لاختلاقُ شِجار..!
رجاءا ماثيو بحاجَة الي الراحَة

نَظرت ناحيَة أخيها الذي كان مُستيقظًا يُحدِق في السَقف بِصَمت ، مُنذ ان وَعى من سُباته و هو رافِض الحَديث بحرفٍ مع جُلّ افرادِ عائلته

حَدق جونغكوك بِه يُناظِرهُ للحظاتٍ قبل ان يَقترب منهُ حتى انتَصب امامَه ، مَسح بكفهِ على شَعر الاصغر سِنًا ثُمَ قال مُبتسمًا

- حمدًا على سَلامتك ايها البَطل

حرّك ماثيو عَينيه من السَقفِ ثُمّ اخَفضهُما على وَجهِ الآسيويّ الذي يُقابله يُمعن التَحديق في مَلامِحه و عُيونِه الخَضراء تِلك ، رُؤيَة الابتِسامَة على شِفاهه جعلتهُ يُدرِك شيئًا هامًا..!

الذي يَتواجَدُ مَعهم في الغُرفَة حاليًا
لَيس زَوج اُختِه

•••

الساعَةُ تُشيرُ الي التاسعَة مساءًا حينَما خرج اللورد من الحَمام بعد حممّ طفلتهُ و استحم مَعها ، البَسها ثيابِها و جَفف لها شعرِها ثًمّ تَركها تلعبُ على الارضِ مع القطَة التي جاء بها من شقَة ماثيو مع بقية الاغراض

لن يترُك القطة هناك تموتُ من الجوع و الوحدَة رُغم انهُ ليس صديق للقطط ، لَكن بما ان رسيل احبَتها ، فسيُحبها هو كَذلك

دَخل الي المَطبخ يُعِد شعيريَة سريعَة التحضير لسد جوعه ، لم يَتناول شئ مُنذ البارحَة يشعرُ انهُ على وَشك الاغماء بايَةِ لَحظة

جَلس يتناولها و هو يُتابع المُستجدات في الاخبار حول الحادِث الذي تعرض لهُ ماثيو مع ماريسا ، بلل شفتاهُ و نَظر ناحيَة الرسالَة التي بلغتهُ في هاتفه

حملهُ و قراءَة محتواها جَعلهُ يَبزُق اللقمة من فمه و يسعُل بقوّة شَديدة ، مَسح على شفتاهُ و عاود التَحديق في الشاشَة يقرأ التالي

- مَلفُ المريضَة اختفَى من الادارَة..!

بَردت اطرافُه و قامَ بِفرك عيناهُ يُعيد القراءة للمرَة الثالثَة بِعدمِ تَصديق ، من غير المعقول ان مايراهُ حَقيقيّ..! ملف ماريسا المُزيف اختفَى؟

- تبًا ! ماهذه الورطة؟

هَمس بهلعٍ و هو يعلمُ جيدًا من اخذهُ
من غير زَوجته..؟

قضم على شَفتهُ السُفلَى بعدما ضاق صَدرهُ يَرمي بهاتفه بعيدًا عن مُتناوله ، حَدق بِقُدومِ المُمرضَة ناحيتهُ و على شَفتيها ابتسامَة سارَة

- سيدي ، لقد استيقظتُ الفتاة

انهُ الخبر السار الذي مَحى السئ قبلهُ
ابتهَجت عيناهُ و اُضيئت بشدّة
نهض من مَكانِه و اقتَرب يحملُ رَسيل من الارض

- تعالي! سنرى ماما سويًا

هَمس في اُذن صغيرتِه و هو يسيرُ ناحيَة الداخِل ، حيثُما وَجد ماريسا تَجلسُ في مُنتَصف السرير و رأسُها مُلتف بالضمادِ باكملِه

توقف عند الباب يُناظرها بابتسامَة قبل ان يَهرع اليها و بين يداهُ رسيل ، جَلس امامَها و الصغيرَة كانت على وَشك القفز عند امها لولم يَتحكم اللورد بها

- اهدئي ماما مريضَة

حَدق في عينيّ ماريسا التي كانت تُحدِق في رَسيل ثُمّ رَفعت عينيها اليه تُناظرهُ بحيرَة ، عاودت النَظر الي الصغيرَة و هي تتذمرُ تحاول الذهاب اليها بينما تمُد يديها ناحيتِها مُتحدثَة

- ام..اماما

قَطبت ماريسا حواجِبها باستِغرابٍ قبل ان تنطِق

- ماما؟

نَظرت الي اللورد الذي احتَضن رسيل و قال مُبتسمًا

- حمدًا لله على سَلامتِك ، لقد انتظرنا يومين الي ان نَهضتِ..!

رَمشت مُستغرِبَة تُناوبُ التَحديق بينهُ و بَين الصُغرَى ، اخَذت وقتًا في صَمتِها و ذلك اثار قلق جونغكوك الذي سألها بحذَر

- هل انتِ بخير؟

وَضعت عينيها بِداخل عَينيه ثُمّ سألَتهُ مُباشرَة

- مَن انت؟

تسمَرّ السفير مَكانهُ من سُؤالها و نَظراتِها المليئَة بالحيرَة اذ جَعلتهُ يُدرك جَيدًا أنّ اُم طِفلَتهُ ، فقدت الذاكرَة من جَديد..!!

•••

6149 ✔️

اهلاً اهلاً ياحلوين في فصل جِديد
كيفه معاكم؟ استمتعتم؟

الفصل اليوم كان دسم نوعا ما و ظُهور ماريسا فيه خَفيف 👀

كيف كانت اجواءه..؟

شنو حيكون تبرير السفير لما اليوت تكتشف ان الملف مُزيف؟
تتوقعون حتقول للشرطَة؟

توقعاتكم للقادم عمومًا..؟

اكثر جُزئية حبيتوها..؟

ماريسا فقدت الذاكرة مرة تانيَة؟
و كيف ممكن يتعامل اللورد مع الموضوع..؟

هل السفير فعلا طلب المساعدة من رئيس مجلس الوزراء؟

3000 تصويت
6500 تعليق
فَصل جَديد ✔️

اليوم المُقرر للفصول هو الأحد باذن الله
و غالبًا كلما زاد التفاعل كلما كان الفصل طويل و دسم بالاحداث اكثر

اراكم في الفصل القادم ان شاء الله
الي اللقاء ♥️







.
.
.







Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top