Our child | 14
THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD
اهلاً بكم في الفَصل الرابع عَشر 🍂
لِنَبدأ 🐻
•••
حينَما احتَضن ابنتهُ من الوَراءِ و جاء لِتَقبيل وَجنتِها الطريَّة المَحقونةِ بالدماء حَدّ تلونِها بالأحمَر ، وَقعت عُيونَه على شاشَة الهاتِف التي كانَت تعرِض رَقم هو يَعرِفهُ جَيدًا ..!
رَقم زَوجتهُ
تَجمّدت الدماءُ في عُروقِه فأسرَع بِمَد يده و خَطف ذَلِك الهاتِف من قَبضة صغيرتِه يُغلِقُ الخَط مُسرِعًا ، لم يكُن يَستوعِبُ ما رآهُ للتَوِ اذ شَحُبت بشرتهُ بالكامِل و تناسَى امر ابنتِه التي انفجَرت تبكي بعدَما سَرق الجَوال مِنها بعُنف
- ما الخطب ؟ لما سَرقت منها الهاتِف ؟
سألَت ماريسا بعدَما جاءت ركضًا من اجلِ حَمل طِفلتها الباكيَة ، راقَبت وَجه السفير الذي لم يَكُن يُفسّر اطلاقًا من شُحوبِه تراهُ مُنغمسًا في افكارِه اللامُتناهيَة
فجاةً ، تَذكر أن ماريسا هَددتهُ بالذهابِ الي زَوجتِه و فَضحِه..!
قد تَكونُ هي سَببًا من اسبابِ غضبِ اليوت و سَجِنها لهُ
اليس وارِدًا انّها قد شارَكتها الحَقيقَة؟
بأن زَوجِها لديه طِفلة؟
رَفع عَينيه الخَضراء التي من شِدّة عُتمتِها تكادُ تتلَونُ بالاسوَد ، ناظَرها و هو يَستقيمُ من الارضِ و رُغمًا عن ارادتِه بعدَما تمكنّ منهُ غَضبهُ ، نَهرها بِامساكِه الي عِضدِها النَحيلُ بِكَفِ قبضتهِ القاسيَة
- مالذي فَعلتيه من وراء ظَهري ؟
انعقَدت حواجِبها مُتألمَة من اندِفاعه الذي تَسبب بازديادِ بُكاء طِفلتهُما ، حاوَلت سَحب عِضدها و هي تُطالبه بِتَركها لَكنّهُ كان اقوَى مِنها بالفِعل
- اُتركني ، الا تَرى ابنتك كَيف تبكِ ؟
ناظَرتهُ بِغَضبٍ جَعلهُ يُوجه اعيُنه تجاه صغيرتِه التي حالَما ناظر عُيونِها الدامعَة تناسَى كُلّ مشاعره السلبيَة و ارتخَى ، قدّم يداهُ ليحملِها لَكن ماريسا رَفعت يدِها في وَجهه تُخاطِبَهُ بِصرامَة
- حدّك !
لم تُعطِه مَجالاً للحَديث او اعطاء رد فعلٍ حتّى ، استدارَت تنسحبُ الي غُرفتِها و حالَما دخلتها حتّى اغلقت الباب بِوجهه قبل ان يَدخُل من خَلفها
اغلقتهُ بالمِفتاح و جَلست تُحاول تُسكِت ابنتِها الباكيَة بِصُعوبَة بالغَة ، لم تكُن رَسيل تستجيبُ اليها لانها تُريد والدُها الذي يطرُق على الباب
تجاهلتهُ كُليًا و لم تَيأس في مُحاولات اسكات طِفلتها التي ارضَعتها في الاخِر فَنالت رِضاها و نَيمتِها ، تَركتها فوق فِراشِها و غَطتها جَيدًا قبل ان تَنهض تُراقِب عِضدُها المُحمّر من قبضَة اللورد
تَملكها الغَضبُ بالكامِل و لم تَعي على نَفسها حينَما خرجت لهُ و احكمت على اغلاقِ البابِ بالمفتاح الذي خَبئتهُ بداخل صدرِها كيّ لا يستطيعُ السفير الوصول اليه
كان يقفُ بالقُربِ من الشُرفَة يضعُ يدهُ فوق رَقبته من الوراء يُدلِكُها بِبُطئ شَديد ، سَمِع صَوت فتحِ الباب لِذَلك استدار يُناظِر ماريسا و هي تَحملُ حَقيبتهُ و تَدفعُ بها ناحيَة المَخرج
- اُخرج
قالَت بهُدوء تُؤشِر بيدِها ناحيَة الباب ، نظراتُها الجادَة تَسببت في تفاقُم غضب اللورد الذي اقتَرب مِنها باندِفاعٍ قائِلاً
- لن اخرُج ، قَبل ان اعرِف كيف وصلتِ الي زوجتي؟
قَطبت حواجِبها مُستنكرَة قولهُ الذي جَعل دماءِها تغلي في عُروقِها ، متى سيتَوقفُ عن تَوجيه الاتهامات اليها كَما لو انّ حياتها تتمحورُ عليه و على زَوجتِه ..؟
- زّوجتُك ؟ لم اُحاول حتّى الاقتراب مِنها لا من بَعيد
و لا من قَريب..!
نَبست بالحَقيقة التي لم يُصدقها السفير كَونهُ يراها دومًا مَصدرُ خَطر تُهدد استقرار حَياتِه ، كَما لو انّها فعلاً كَذلك ؟ لكنهُ يوهم نفسهُ فَحسب
- لا تَكذبي ماريسا ، قولي الحَقيقة ، كَيف وصل رقمكِ الي اليوت ؟
قامَت الصُغرى بِقضمِ وَجنتها من الداخِل قبل ان تَشخر ساخِرَة
- لما لا تسألها ؟ ان كانت تَعرِفُني ستُجيبك
استَفزتهُ بالشَكل الذي جَعلهُ يَرغبُ بِدَهسها ، لكنهُ حافظ على هُدوءِه ، استرجَع سجيتهُ بعدما ارتَعشت يداهُ التي مَسح بها على وَجهه حينَما تأكّد ان الغَضب ليس الا وسيلَة لِشن الحَرب مع اُم طِفلته
هي لَن تخَضعُ لاستجوابِه ، ان عامَلها بِعُنف
انّها لا تُشبه زَوجتهُ التي تَعشقه..!
راقَبت ماريسا ارتِعاشُ يداهُ من غَضِبه ، فادرَكت انّهُ يُعاني حتمًا من خَطبٍ ما لِذلك بادَرت بالنُطق مُتجنبَة السُخريَة مِنهُ
- ان كُنت سَتغضبُ بهذا الشَكل بعد اتباعِ ظُنونَك و انت تشُك بالناسِ حَولك ، انصحُك بمُراجعة طَبيب نَفسيّ ، ليس الجَميع مُجبَر على تَحملُك..!
نَظر اليها مُنزعِجًا مِما قالَت فَكلامُها صَحيح
خَللهُ النَفسيّ يَجعلُ غَضبهُ من يُبادرُ في التصوُف بدلاً مِنهُ
و ذَلك حتمًا يُؤثر في عِلاقاته بِمَن هُم حَولهُ
التَزم الصَمت التان فرآها تقترِبُ منهُ بعدَما حملت زُجاجة من الماء و قَدمتها اليه اذ تابعَت بِحاجبٍ مَرفوع
- خُذها ، اشرَبها و انت في طريقِك للمصحَة النَفسيَة
لملم شِتاتك ، و غادِر فورًا !
كان عَلى وَشك ان يَتكلّم ، لَكنها قاطَعتهُ بصرامَة حينما شَددت على كَلامِها تَنهرهُ بِحدّة
- و لا ! لستُ مُهتمة لِمُراسلَة زوجتك و افساد عِلاقتك المثاليَة بِها ، لا تُلقي اللوم عليّ في كُل مُشكلَة تحدُث بينَكما فانت اخِرُ هَمّي ! فهمت؟
انخَرس كُليًا و لم يَعُد بوسعهُ النُطق فَجِديتها كانت قاطِعَة
هي لا تَبدوا لهُ من النَوع الذي يَروقهُ الرَجُل المُتزوج
او بالأصَح ، من الواضِح جدًا انّهُ لا يَروقُها..!
اقتَنع نِسيبًا و استَبعدها من حِساباتِه ، انتَشل قارورَة الماء مِنها يَراها تَعقدُ ذِراعيها الي صَدرِها و تُخبِرهُ بِحَزمٍ تام
- سادخُل لانام ، حينما اخرُج لا اريد لَمح ظِلك في البَيت
استفزَتهُ بالشَكل الذي دَفعهُ للنُطقِ بغضبٍ كاد ان يَغلب على طِباعهُ
- اسمَعِ ، انتِ ل..
اقتَربت منهُ خُطوَة اضافيَة كادت ان تَكون سببًا في التحامِ جَسديهُما ، ارتَفعت الي مُستواه حينَما وقفت على اطرافِ اصابِعها و هَسهست بالقرُب من وَجهه
- انا لا اُكرر كَلامي مَرتين
المرَة الثانيَة لن يُعجبك تَصرُفي
عليك ان تُحاذِر..!
كان تَهديدًا صَريحًا اخافهُ لِوهلَةٍ ، عُيون هذه المرأة تَملكُ اصرارًا رَهيبًا جَعلهُ يُميل رأسَهُ و هو يَتأمُل بُنيتَيها الداكِنَة ، ارتَفع طرفُ شِفاهه ساخِرًا قبل ان ينطِق
- كَيف لكِ ان تَكوني بِكُل هذه الثقَة
و انتِ لا تملكين ما يَسندُكِ؟
ابتَسمت بِدورَها قبل أن تَضع يدُها فوق كَتِفه المُصاب ، لوهلَة اعتبَرهُ تحرُشًا لَكِنها قامَت بالضغط على كَدمتهُ بقوّة مُتسببَة في ارتفاع صَوت صَرخته المُتالمَة حينَما همست لهُ بِهدوء
- انا كُلّي سَند لِنَفسي ، و ليسَ لديّ ما اخسَرهُ حضرة السفير
امّا عن ابنتي ، فلديها والدُها يسندها و ذلك كافٍ
اوقَع قارورَة المياه من يَدِه و قدّمها مُسرعًا حتّى يصدُها لكنها تَركتهُ و تراجَعت الي الخَلف تصنَعُ بينهُما حاجِزًا قبل ان تنطِق
- ثُمّ ، لا تُفكر بوضع يدِك القذرَة عليّ
لا اُريد ان اُدنّس
رَمقتهُ بِسَخطٍ قبل ان تَلتفِت و تَعودُ ادراجِها الي الغُرفَة التي دَلفتها و اغلَقت الباب من خَلفها ، جَلس على الاريكَة يَتعرق و هو يُمسد كَتفه المُتورم بألَم
- ماهذا الهُراء ؟ كَيف استطاعَت جعلي اسكُت؟
المرة المُقبلَة عليّ ان اُريها حجمها الحَقيقيّ..!
تمتم غاضِبًا ثُمّ راوَدهُ اتصالاً مِن ماثيو يطلُب منه الخُروج ، حمل سُترته و ارتداها فوق ملابِسه المنزليَة ، قبل ان ينطق و هو يسيرُ ناحيَة المَخرج
- ساُخرج لاني املكُ عملاً هامًا ، ليس لاني خائِف مثلاً
سَمِعتهُ و هي تَعبثُ بهاتِفها بجوار ابنتِها النائِمَة ، لم تأبَهُ لهُ و تَركتهُ يُحاكي نَفسهُ قبل سَماع صَوت الباب الخارجيّ يُغلق ، جَلست مُتربعَة تُلقي بالهاتف بعيدًا عن مُتناولَة حيثُ قامَت بارجاع شعرِها الي الوراء مُتمتمَة بانزِعاج
- يالهُ من مُتغطرسٍ يظنّ نَفسهُ محور الكَون ..!
•••
- لما نَزلت بهذا الشَكل؟
تمتمَ ماثيو مُستغربًا من هيئَة السفير الذي رَكب في السيارَة بِجواره ، اغلَق الباب مُنزعجًا ثُمّ طالَع اخ زَوجتهُ بضيق
- لا اعلم كَيف تستطيعُ التفاهم مع تلك الغبيّة
تظنّ ان الاله لم يخلُق انثى غيرُها
رَمش ماثيو مُتعجبًا قبل ان يَبتسِم و هو يُدير المُقوَد
- بل انت الذي تظُن ان الاله لم يخلُق انثى سِوا اُختي
لذلك تُعاملها بفظاظة ، و ذلك ردُها عليك
طالعهُ اللورد مُنزعجًا قبل ان يُشير عليه قائِلاً
- انت عليك ان تَكون في صفي لان اُختك زَوجتي!
حَدق ماثيو بِه قبل ان يَدفع بحاجبه عاليًا مُجيبًا
- صَحيح ، لَكن ، الزواج ليس سببًا يَجعلُك تُعامل بقية النساء بِوقاحة ، عليك ان تكون رحيمًا خُصوصًا انك تعرفُ جيدًا الوضع الذي تمُر به ماريسا ، ليس من السَهل ان يكون المرء فاقد لذاكِرته ، بدون عائلَة او هويّة حتّى ، ابسط حُقوقها لا تمتلِكُها و ذلك سبب كافٍ يَجعلُنا نتعاطفُ معها
طالعهُ اللورد ساخِرًا حيثُما قال بانفِعال
- لا تملكُ عائلَة لَكنها تمتلكُ لسانًا و قبضَة حديديَة بِحَق!
انت لا تعرِفُها
طأطأ ماثيو بِرأسهِ قبل ان يُركز على قيادتِه مُتحدِثًا
- افصِل بين عواطفك تجاه زوجتِك ، و بين مُعاملتك للاخريات ، ليسَ ذنبها انها تمتلكُ طفلَة مِنك ، كما انت مُتأكد انك لم تَلمسها انا كَذلك مُتأكِد ؛ اذًا كِليكما ليسَ لكما ذَنب بوجود رَسيل ، عاملها بتعاطُف كما لو انّها احدى الامهات الواتن سبق و ان ساعدتهن من قَبل
كَتف اللورد يداهُ الي صَدرِه قبل ان ينظُر من النافذَة يتأمُل شَوارع سويسرا البديعَة ليلاً اذ تَمتم بصوتٍ خافت
- لسانُها السليطُ لا يُساعِد للتعاطُفِ مَعها
رَبت ماثيو على فِخذه ثُمّ ابتَسم مُتحدِثًا
- اُقدر جُهودك للحفاظِ على علاقتك باليوت ، ذلك ليسَ سهلاً اطلاقًا ، خُصوصًا بمن تمتلك شخصيَة كخاصة اُختي
ناظَرهُ السَفيرُ مُتعجبًا يَسمعُ الاصغرُ يتابع مُتنهدًا بيأس
- لطالما امتلَكت اليوت شخصيَة شكاكَة للغايَة ، و ذَلك كان سبب من اسباب انتهاء عِلاقتها بادريان ، انها تستمرُ بالبَحث وراء الشخص الذي تُحبه حتّى تخلق مشاكل من العَدم
حَدق الاصغرُ بِعَينيّ الاكبرُ سِنًا ثُمّ واصَل
- علمتُ ما فعلتهُ معك في المملكَة المُتحدَة
و انها قد قامَت بِسجنك هُناك
عَقد السفير حواجِبه بشدّة قبل ان يَستفسر مُستغرِبًا
- كَيف علمت؟؟
تَنهد ماثيو و هو يُعيد التَحديق امامَهُ
- حينَما سمعنُ عن عودتها من بريطانيا ظننتُك قد عُدت مَعها ، لذلك دخلت منزلكُما كيّ اخبرك باخر المُستجدات التي توصلنُ لها بشأن ماريسا ، آن ذاك سمعتُها بمحظ الصُدفَة و هي تتحدَثُ مع لوكاس حِيال الامر ، بطريقَة ما استطاعَت الوصول الي رَقم ماريسا ، انها تَبحثُ عَنها و انا مُتأكد لن يرتاح لها بال قبل ان تجِدها
اغمَض السفيرُ عيناهُ مُتنهِدًا قبل ان يُدلك جَبينُه مُتمتمًا بضيق
- كدتُ انسى انها تعرفُ رمز هاتفي ، لابدّ ان ماريسا بَعثت رسالَة في الوَقت الذي كنتُ فيه استحم ..!
قام ماثيو بالايماء ثُمّ هز اكتافه متحدثًا
- ذلك وارِد ، عليك اخذ احتياطاتك و استِخدام هاتف بديل تُحادث به ماريسا للاطمئنانِ على رَسيل
نَظر اللورد في عينيّ ماثيو الذي واصَل بنبرةٍ هادِئَة للغايَة
- انت تعرفُ جَيدًا ، مَصيرُ كُل انثى تَشُك فيها اليوت
ليسَ عليّ ان اُخبِرك ، فانت تعرفُ زوجتك جَيدًا
اومَئ السفير بِصَمتٍ فتابَع اخ زوجتهُ يقول
- قبل قليلٍ دخلتُ بالصدفَة فوجدتُها تتصلُ برقم ماريسا
لِحُسن الحَظ انّي تمكنتُ من خطف الهاتف منها
بحجّة اللعبِ معها ، و إلا كانت لتحدُث كارثَة
خبئ اللورد وَجهه بين كُفوف يداهُ قبل ان يُتمتم بانهاك
- لا اعلمُ من اين تُصبّ علي هذِه المَشاكل
لقد كنتُ اعيشُ بِسَلام
طالَعهُ ماثيو بِطرف عينٍ قبل ان يُطأطأ برأسِه مُبتسِمًا بسُخريَة
- كُلنا نعلمُ حَقيقة علاقتك باليوت جونغكوك ، انتُما لستُما بخير و اظن عليكما مُراجعة استشاري عِلاقات اُسريَة ، علاقتكُما سامَة
ناظَرهُ اللورد مُتضايقًا من وَصفِه لِعلاقته باخته انّها سامَة
لَكنهُ استسلم ختامًا للحقيقَة و قام بالايماء مُتنهِدًا
- لا اظُن انهُ بامكاننا اصلاح ما هُدِم ، نحنُ وصلنا لخط النِهايَة
تفاجَئ صاحِب العيون الزرقاء من قَوله اذ رَكن السيارَة على ناصيَة الطريقِ يُطالعهُ باستِغراب
- كيف امكَنك ان تقول هَذا ؟ اشعُر انّي لا اعرِفُك!
اعني انت مُعتاد ان تتمسَك بِعلاقتكُما مَهما كثُرت المشاكل!
يارَجُل كنت اخذك قُدوَة في الصَبرِ و التَحمل
صَفعهُ على كَتفه دون ان يُدرك اصابتهُ فسُرعان ما اشتَعل اللورد بِه و لَكمهُ في مُنتَصف بطنِه مُتضايقًا
- لا تَلمسني ايها المُتخلف
تأوه ماثيو مُتألِمًا قبل ان يُناظِرهُ بحقد
- انا لستُ فتاة لعلمك!
ارجَع اللورد شَعرهُ الغرابيّ الي الخَلف قبل ان ينطِق بهُدوء
- انا ضد اللمس سواء للرِجال ام للنِساء
دَحرج ماثيو عَيناهُ بِضَجر ثُمّ اخرَج لوحٍ من الشوكولا يتقاسَمهُ مع زَوج اُختِه الذي اتكَئ على مسندِ الكرسيّ يُناظر البَحر امامَهُ بشُرود
- اتعلمُ ما المُخزي في الامر؟
همهم لهُ الاصغرُ سِنًا فَتابع الاكبرُ يقولُ بِوجعٍ دَفين
- لقد كَرستُ سبع سنواتٍ من عُمري ، في زواجٍ و انا ابحثُ فيه عن اُسرَة تُلملم يُتمي ، دون ان اكترِث انّي بحاجَة الي شَريك حَياة يحتضِنُني اولاً
حَدق ماثيو بِه يَرى اعيُن اللورد الشارِدَة في مياهِ البحر امامِهما و هو يُتابِع بِهدوءٍ مُريب
- رُبما سَبب تمسُكِ بهذا الزواج ، هو انّي خائف من العَودة يتيمًا ..!
اعني ، قد اكونُ انانيًا ، لانّي اُطالبها بان تأخُذ دور الاب و الام
الأخ و الأخت ، و تناسيتُ انّها مُجَرد زَوجة ..!
نَظر الاصغرُ امامَهُ و هو يقضمُ من لَوح الشوكولاتَة خاصَتهُ
- كليكما تّربيتُما في بيئتين مُختلفتين ، اليوت حَصلت على الاكتفاء العاطفيّ من والدينا ، لذلك بالنسبَة اليها المشاعِر ليسَت شئ اساسيّ في حياتِها ، هي مُنضبطَة للغايَة و لا تكترثُ للعلاقات الاسريَة مثلما تفعلُ انت
حَدق اللورد بِه يسمعهُ يُواصل موضِحًا
- بالنسبَة الي اليوت ، فكُل همها ان تَكون بِجوارها ، لا تهتمُ لطبيعَة علاقتكما ان كانت سيئة ام جَيدة ، فقط عليك ان تَكون مَعها لانها تخافُ الهَجر
اخفَض اللورد عَيناهُ الي يداهُ التي يقبضُ بها على بنطال مَنامته الليلَيَة ، كلامُ اخ زوجتهُ حَقيقيّ للغايَة ، هي لا تكترِثُ لعلاقتهُما بقدر اكتراثِها لوجودِه مَعها
عَكسهُ هو تمامًا ، فالعلاقَة الدافئَة اهم اولوياتِه
و رُبما ذلك كان السبب الشائِع لمشاكلهما في بدايَة زواجِهما
تهورُها و عدم اكتراثِها بواجباتِها الزوجيَة ناحيتهُ
تجعلُ جُرحه القَديمِ في صَدرِه يَنزِفُ بدلاً من ان يَلتئِم
كان هَدفهُ الاول للزَواجِ هو انشاء اُسرَة تُحبه و يُحبها
كيّ يُعوِض سنين طُفولتِه ، و يملئ فراغهُ الداخليّ
لَكِنهُ تناسى انهُ تَزوجُ شابَة من عائلَة غنيّة ، اهتمامُها بمشاغلِها و نجاحاتِها يفوقُ كُل شَئٍ اخر ، الغَربُ و شَعبه يختلِفون تمامًا عن البيئة التي تربى فيها فكوريا
حيثُما يكونُ البيتُ و الاسرَة ، اهمّ اولويات المرأة هُناك
تُعطي جُلّ وَقتِها للعنايَة بِزوجها و اطفالِها
هو ليسَ ضِد نجاحاتِها اطلاقًا ، بل فقط يحتاجُ وَقتًا ليشعُر انّهُ في بيتِه الذي عاش طوال حياتِه يَرسُمه في خَياله
للتوِ ادرك انّهُ كَرّس مجهودًا عظيمًا في رَسم بيتٍ
هو ليس موجودًا فيه..!
رَسم البَيت و تناسَى ان يَرسُم اهلهُ
- اعتقدُ انهُما عليكما اعطاء فُرصَة اخيرَة لهذا الزَواج
بزيارَة استشاريّ نَفسيّ ، يستطيعُ مساعدتكما
كَلامُ ماثيو اخرَجهُ من شُرودِه ، رَفع عيناهُ الخَضراء الي الاصغَر الذي ابتَسم لهُ و هو يُربت على فِخذه قبل ان يُتابع بلُطف
- انتُما بحاجَة للجُلوس و مُناقشَة سلبيات العلاقَة ، للبحثِ عن حُلولٍ تَجعل الايجابيات اعلَى ، انصحك بالجُلوسِ مع نَفسك ، اجلب ورقة و قلم و ضَع خط فاصل في مُنتصف الورقَة ، على اليمين اكتب الايجابيات و باليسارِ السلبيات ، ان كانَ ما يملئ اليسارُ اكثر من اليَمين ، فالانفصالُ هو الخَيار الامثلُ لانقاذ ما تبقى من نَفسيكُما
اكتَفى اللورد بالايماءِ و الاستماع دون تبادلُ النِقاش ، همّهُ يغلِب مَقدرته على الحَديث في الوَقت الراهِن
قضى تِلك الليلَة في شقَة ماثيو التي تُجاور بَيتهُ مع زَوجتهُ ، جَلس كليهما يَحتسيان الشَراب حتّى الصَباح الي ان اُغمى عليهما تمامًا
بِحُلول النهار ، استحمّ اللورد الذي تجرّع حساء الثمالَة مع ماثيو ثُمّ اقتنى احَد ملابِس اخ زوجتِه الرَسميَة لِيجلس معهُ على طاولَة الافطار بعدَما اعدّتهُ الخادمَة
- الن تتوقف عن جَلب خادمات صغيرات في السِن؟
تَحدث اللورد بينَما يتناولُ من البيضِ المسلوق قُبالَة من ناظر خادِمتهُ ذاتُ الثامنَة عشر من عُمرها ، تَفحصها باعجابٍ ثُمّ طالع السفير مُجيبًا بحماس
- كنتُ اتابع مسلسلات تركيَة مؤخرًا و لاحظتُ ان هنالك الكثيرُ مِنها تدعمُ علاقَة الخادمَة بسيدِها ، انّي ابحثُ عن نصيبي يارَجُل
دَحرج اللورد عيناهُ بِضَجر ثُمّ حَشر الخُبز المُحمَص وسط شَفتيه
- لست تبحث عن نَصيبك ، انت تَبحثُ عن وسيلَة تتناسى فيها سيران فَحسب
طالعهُ ماثيو مُتنهدًا قبل ان يَتناول من طبقه بهُدوء
- انها تَزوجت بالفِعل ، لم اعُد اكترثُ لامرُها
ناظَرهُ السفيرُ بهدوء قبل ان ينطِق
- لما تحتفظُ بصورها اذًا ؟
القَى ماثيو عليه المنديل الذي يُقابله متحدثًا بِغَيض
- من سَمح لك بتفتيش اغراضي؟
صغّر السفيرُ عيناهُ قبل ان ينطِق ساخِرًا
- اي تفتيش؟ لم يتطلب مني الامرُ مجهودًا حينما اخذتُ بذلَة من عندك ، ألا و اجدُ ان صُورتها تملئ حائط خزانتك ، تظنّ انّك ستُخفيها بِوَضعك الملابس فَوقها ..؟
دَحرج الاصغرُ عيناهُ بضجَرٍ قبل ان يُتمتم بنبرَةٍ تحملُ حُزنًا خَفيًا
- لا تَفتحُ مواجعي يارَجُل
قبل ان يُبادر اللورد في الحَديث ، اسكتهُ ماثيو مُباشرَة حينما تابَع
- دَعنا في مشاكلنا العاطفيَة لان كلينا اسوء من الاخَر
و دَعنا نركز على حَل مُشكلَة ماريسا لانها الأهم
اتفَق معهُ اللورد حينَما اومَئ و وَضع الملعقَة فوق الطَبق ، شابَك يداهُ امامهُ يُناظرُ ماثيو الذي مَسح شفتاهُ بمنديلٍ ناولتهُ لهُ الخادمَة حديثًا
- اسمَع ، توصلتُ لاستنتاج انّهُ قد يتم حقن ماريسا بالخطأ بدلاً مِن اليوت حينما ذَهبتما لزيارَة طبيب من اجلِ الانجاب ، اليسَ ذلك وارِدًا ؟
اومَئ اللورد مُتضامنًا معهُ ثُمّ قال بهُدوء
- قد يكونُ ذلك عن طريقِ الخطأ؟
هَزّ ماثيو اكتافهُ قبل ان ينطق
- رُبما ؟ علينا زيارَة المقر الذي ذهبتما لهُ ، هُناك سنجِد جوابًا على اسئلتنا ، سنبحثُ في المُجلدات الخاصَة بالمرضَى لرُبما يكونُ لماريسا اَثر
قام اللورد بالايماء اذ نَطق بهدوء
- ان كان عُمر رسيل سَبع اشهُر ، فانّ عملية الحقن مضى عليها اكثرُ من عام ..!
اومَئ لهُ ماثيو الذي سالهُ مُباشرَة
- هل تذكُر عملية الحقن التي اُجريت آن ذاك؟
طالعهُ السفير قبل ان يُنفي برأسِه ، شعر ماثيو لوهلَة باحباطٍ لَكنهُ اختفى بِمُجرد ان قال اللورد بسُرعَة
- لستُ اذكر ، لكنّي اُدون التجارُب التي نخوضُها مع الحقن في دَفتري ، سيكونُ التاريخ مكتوبًا مع كُل تفاصيل ذلك اليَوم
دَفع بِكُرسيه الي الخَلفِ ثُمّ استَقام من مكانِه
- ساذهبُ الي البيت لاجلبه و اعود
اومَئ لهُ ماثيو يُشجعهُ اذ راقبهُ و هو يسيرُ ناحيَة الباب باندِفاع ، وَقف قُبالتهُ يتذكر قَسمهُ بانّهُ لن يعود الي ذلك البَيت ثانيَة ، تَنهد يُسند جَبهتهُ على الجدارِ مُتمتمًا
- بأي وجهٍ ساعود؟
دَفعهُ ماثيو من اكتافه خارِج شقته حينَما قال لهُ
- رَسيل تستحقُ ، هيّا اذهَب
عَبس و هو يُعدِلُ سُترتهُ مُتحمحمًا ، لملم شَجاعتهُ و خَطا في اتجاهِ البَيت الذي كان قريبًا للغايَة ، وَصلهُ بعد عشرين خُطوَةٍ اذ دلفهُ بعدَما تأكد ان زَوجتهُ ليسَت موجودَة فسيارتِها لم تكُن بالجِوار
دَخل الي غُرفتهما و منها تَوجه الي مكتبِه حيثُما بدأ بالبَحث عن دَفترِه بداخِل ادرُجه ، لم يَجِدهُ و ذلك جَعلهُ يجلِس فوق الكُرسيّ يعبثُ بشعره مُتمتمًا
- هل اخذتهُ مع اغراضي؟
انخَفض الي اسفلِ المَكتب يبحثُ عَن الدَفتر ، قبل ان يَسمع صَوت طرقٍ كَعب زَوجته التي دوا صَوتُها و هي تنطِق بهُدوءٍ مُخيف
- هل تبحثُ عن هَذا ؟
رَفع رأسهُ من تحت المَكتب يُناظرُها و هي تقفُ قُبالتهُ بنظراتٍ تُعلن الحَرب بلا شَك ، عَقد حواجِبه فنهض مُستقيمًا يُطالعها بِجُمود
- من سَمح لك بالتعدي على مُمتلكاتي و اخذِه دون اذن؟
خَطت ناحيتهُ و هي تَبتسمُ بهدوء
- اليست مُمتلكاتُك ، هي كذلِك مُمتلكاتي؟
قدّم يدهُ لاخَذ الدفترِ منها ، لَكنها سارعَت بتخبئتهُ وراء ظَهرِها قبل ان تَبتسمُ لهُ بلُطف ، ناظَرت عيناهُ الخَضراء و هي تَهمسُ لهُ بِحُبٍ بالغ
- كنتُ اعلم انّك لن تستطيع البقاء بعيدًا عنّي
اعلمُ انك تَتحجج بالدَفترِ ، لِتَعود اليّ
لطالَما اعتاد فعلاً ان يَتحجج باشياءٍ تافهَة كيّ يعودُ الي البَيتِ و يراها حينما يشتّد الشجار بينهُما سابقًا ، لَكن ليسَ هذه المرّة اطلاقًا
بِمُجَرد ان بَلغ البَيت و رأى صُورتهما الجداريَة امامَهُ
تذكّر المَوقف الذي فَعلتهُ بِه
ذلك الموقفُ تحديدًا مَحى نِصف مَشاعِره نَحوها ، لانّها مَست و اهانَت رُجولتهُ و كرامَتهُ بالمقامِ الأوَل ، البُرود ناحيتُها كان يَغلبُ حُبه اليها ، في الوَقت الراهِن تَحديدًا
ما يَراهُ في عَينيها ، ليسَ الحُب الذي اعتاد ان يَلتمِسهُ
بل يَرى هَوس شَديدٍ يَخنُقه و يُقيّد حُريتهُ
بدأ قِناعُ العلاقَة المثاليَة التي يُقنع بها نَفسهُ
يَسقُط تدريجيًا و يَكشف عن السُمّ المُندسِ بداخِلها
اقتَرب مِنها بِضع خُطواتٍ الي ان تحاصَر جسدُها ضِد الجِدار ، حَدق في عُيونِها الزُجاجيَة ثُمّ تَبسم لَها بِهُدوءٍ جَعل فُؤادِها يَتلهفُ لهُ
جذّاب لهُ بشكلٍ يزيدُها هَوسٍ به
يبتسمُ بالطريقَة التي تَروقُها للغايَة
تجعلُ فِكرَة رحيلَه قاتلَة
- اشتقتِ اليّ همم؟
هَمس قُبالَة ملامِحها و هو يَنخفضُ الي مُستواها ، كادَت شَفتيّ كليهما ان تَتصادم اذ مع كُل حرفٍ يلفظِهُ تَتلامُسُ بشكلٍ طَفيف للغايَة
قامَت بالايماء لهُ بعدَما تخدرَت بين يداهُ و عُيونها قد ذَبُلَت ، سلكت يدهُ طريقها الي الدَفترِ من خَلفِها و سُرعان ما سَرقهُ مِنها قبل ان يَبتعد عَنها مُتحدثًا بِجُمود
- لكنّي لم افعَل
سَرق مِنها شُعور اللذَة الذي اهداهُ لها بثوانٍ مَعدودَة
ناظَر صَدمتُها التي اعتَلت وَجهها الجَميل و لم يأبه لشُعورها بالخَيبَة
بل اشار عَليها بالدَفترِ مُنبِهًا
- حتى انقُل ما تَبقى من اغراضي ، اياكِ و لَمِسها لانّي لن اكون رَحيمًا
غَضِبت من تَصرُفه الذي اعتَبرتهُ وقحًا و جارِحًا في الآن ذاتِه ، كانت تُريد التَحدُث لَكنهُ تجاهَل ما في جُعبتها و سَلك طريقهُ مُغادرًا
اعتَرضت طريقهُ و خَطفت ذلك الدَفتر منهُ بسُرعَة جَعلتهُ يلتفتُ اليها مُسرِعًا ، حَدق بِغضبها و هي تقبضُ على يدِها بعُنف
- اذًا الدفترُ اهم منّي ؟ هو الذي جَعلك تعودُ لا شَوقك اليّ ؟
كان سيتحدُث لَكنها سبقتهُ بِفعلها حينَما فتحت الدَفتر و مَزقت صفحاتهُ بعشوائيَة امام عينيّ من شَهق بِقوّة حينما تَصنمت اطرافهُ من الصَدمة
لقد مَزقت كامِل ذكرياتُه التي ظلّ من ايامٍ مُراهقته يكتُبها و يُدونِها كيّ تُرافقه بِكُل خُطوَة يتقدُمها ، هي مَحت كامل انجازاتِه مع مَشاعِره التي صبّها بِحُبٍ ، حُزنٍ ، اشتياقٍ و لهفَة ، سعادَةٍ و حَماس..! بالشغفِ و انعدِامه
كُل مَشاعِره التي راوَدتهُ في اهمِ مراحل حياتِه
مُدونَة بذلك الدَفتر الذي مَزقتهُ دون مُبالاة
هي قَطعت اخرُ حَبل ودٍ يَمتلِكهُ ناحِيتها
فاق صَمتهُ كُل ردود فعله المُمكنَة في موقفٍ كَهذا ، السُكوت كان جاوبًا مُبهمًا لِمن دَعست فوق تلك الاوراق المُمزقَة حينما ألقَت بها على الارضِ قبل ان تنطِق بِغضبٍ عارِم
- تأكد انّي ساُمزق اي شئ ، يفوقُ اهميتي لَديك
اسمِعت ؟
صاحَت بِه قبل ان تَدفعهُ من امامِ الباب و تَخرُج من مَكتبِه الذي دوّن للتو ابشَع ذكرَى في تاريخِ زواجِه ، الذكرَى التي جَعلتهُ يرى اسوء نُسخَة من شَريكته..!
ظلّ للحظاتٍ يتأمُل فُتات تلك الاوراقِ الاقربُ الي قلبِه ، قبل ان يَقترِب بُبطئ و يَنخفِضُ لِحَملها و لملمتِها باصابِعه ، مَع كُل قطعَة ينتشِلُها تُراوِدُه ذِكرَى ، يا إمّا تُسعِدُه ، او تدفعُ به الي قاعِ الحُزن
حَمل بين اصابِعهُ قُصاصةٍ كان مُدوّن فيها
- شَعرُها طَويلٍ يُشعرني بالدِفئ
ادرَك انّها احدُ ذِكرياتِه ، حينما كان طِفلاً مُترعرِعًا في الشوارِع بعدَما رَمتهُ عائلتهُ بالتبني خارِجًا ، جَلس على الارضِ يَتذكُر تلك الامرأة صاحبَة الشعرِ الطَويل ، التي تقومُ بِبَيع الذُرة على نَواصي الطُرقاتٍ و كُلما رأتهُ يرتعدُ من البردِ تُطالبه بالمَجيئ
لم تكُن تملكُ لحافًا لِتُغطيه ، لَكنها تملكُ شعرًا طويلاً غزيرًا للغايَة تُخبئهُ تحتهُ كُلّما ارتَعد بدَنهُ من هُجومِ الرياح عَلى جَسدِه الصَغير
تَلمس تِلك القُصاصَة بيدِه يَتذكُر شعرُ ماريسا الطَويل ذاك ، دون ان يَعلم انّها كانت تستخدمهُ وَسيلة هي كذلك لِتدفئة ابنتهُما حينما احتَضنتها الشَوارع
كانَت تضُمها الي صَدرِها و تَلُفها بِشعرِها كي تَقيها برودَة نسماتِ الليلِ لحمايَة صغيرتِها مُتجاهلَة شُعورها هي بالبَرد
اصَدر تنهيدَة مُثقلَة قبل ان يُكمل جَمع ما تَبقى من القُصاصاتِ يَضعُها بداخِل غلاف الدَفتر ، استَقام من مَجلِسه و التَفت يُغادر البَيت من جَديد
رأى زَوجتهُ تقفُ بِجوار لوكاس و كان واضح عليها الغَضب الشَديد ، رآهُ مساعِدُها الذي انحنَى لهُ باحترامٍ قبل ان يُعيد وَضع عيناهُ على سيدتِه المُشتعلَة
لَفت اليوت عُيونِها الي زَوجِها الذي سَلك طَريقهُ الي الخارِج حيثُما يقف ماثيو قُرب سيارتِه ، رَكب بجوارِه قبل أن يرى اليوت تقترِب مِنهُما
فَتحت الباب جِهتهُ و قالَت بغضَب
- انزل من سيارَة اخي
حَدق ماثيو بها مُتفاجِئًا قبل ان ينطِق
- الي..
طالعتهُ اليوت بغضبٍ تَنهرهُ بحدَة
- انت لا تَتدخل ، عليك الوقوفُ بجانب اُختك
حَدق توأمُها في زَوجِها الذي نَزل من السيارَة بهُدوء ، حَدق في عُيونِها الزُجاجيَة يَسمعُها تنطِق
- لن تعود الي هذا البَيت حتّى تعتدِل
قَضم اللورد وَجنتهُ من الداخِل ثُمّ ابتسَم ساخرًا و هو يَضع يدهُ بداخل جَيب بِنطاله
- لابد انكِ نَسيتِ ، انّي بنيتُ هذا البَيت بِمالي..!
ضَمّت اليوت يديها الي صَدرِها ثُمّ اجابَت
- هذا البيتُ كان موجودًا قبل ان نتزَوج حتّى
دَفع اللورد طَرف شِفاهه مُستهزِءًا ثُمّ قال
- صَحيح ، لَكن الم تطلُبي حضرتكِ ان يُهدَم ، و يتم اعادَة بناءُه كما تشائين ..؟ بِمال مَن قد بُنيَ ؟
طالعتهُ اليوت بِغَضبٍ قبل ان تخبِط بقدمها على الارض بانزِعاج
- هل تتباهى عليّ بمالك؟ اُذكرك من اكون؟
ناظَرها من رأسِها الي اخمصِ قدميها قبل ان يَبتسِم بهُدوء نافيًا
- كلاّ ! لا تُذكريني فانا اعرفُ من انتِ ، ابنَة صاحِب اكبر سلسلَة شركاتِ الانتاج السينمائيّ ، عارضة الازياء الاكثرُ اجرًا في العالَم ، ناهيك عن المُذيعَة التلفزيونية الشهيرَة ، صاحبَة الصوت الملائكيّ مُديرة الفروع الرئيسيَة لشركاتِ والدِها
ارجعَت شعرِها الاشقَرُ الي الوراء قَبل ان تَحمحم تُناظر ابتِسامتهُ و هي تتلاشَى اذ حلّت مكانُها نظراتٍ خاليَة من الحَياة حينَما تابَع
- رُغم كُل هذه الانجازات ، فانتِ بالنسبَة اليّ
لا شَئ ..!
لم يَنتظر مِنها جوابًا اذ تجاوَزها مُغادِرًا القَصر بأكمله ، تَركها قُبالة اخيها الذي يُناظرها بعتابِ ممزوجٍ بغضب
- انتِ تُفسدين زَواجكِ بيديكِ ! لما تفعلين ذلك اليوت؟
كانت ستتحدَثُ لَكنهُ قاطعها مُنزعجًا
- اخبرتُكِ قبل زواجكِ ، انهُ عليكِ ان استشارَة طبيب نفسيّ
انتِ تُدمرين نَفسكِ ، و تسحبينهُ معكِ للهاويَة فقط لان اثار علاقتك الماضيَة لازالَت حيّة بداخلك ! كفاكِ عنادًا و جِدي حلاً لانّي لا انصحكِ بِتَضييع جونغكوك من يَديكِ ، ان نَبشتِ بين الرجال اجمَع ، لن تجدين من يُحبك اكثر منهُ
لم تكُن سعيدَة بِكَون اخيها لا يقفُ بصفها ، لذلك ناظرتهُ بِبُغض مُتحدثَة
- انت بِصفي ام صفه ؟
حَدق ماثيو بها مُنزعجًا قبل ان ينطِق
- انا مع الحَق! انا لن انحاز اليك فقط لانكِ اُختي
تعرفين جَيدًا انّي اكرهُ الظُلم ، لاني عانيتُ منهُ بالفعل
صرّ على اخرِ ما قالهُ قبل ان يَلتفتُ للرحَيل وراء السَفير الذي كان يوقفُ سيارَة اُجرى قُبالة القَصر ، حَدق بِه حينما وقف بجانبه يُخاطبه
- الي اين ستذهَب؟
التَفت اللورد لهُ يُناظرهُ بهدوء
- احتاجُ وقتًا مع نَفسي ، لا رَغبة لي بالحديث ماثيو
قال بعدَما فتح باب السيارَة التي وَقفت من اجلِه ثُمّ تابَع بعدما رَبت على كَتِف الاصغَر
- لا تقف بِصفي علنًا ، اُختك مجنونَة
رَكِب بداخل السيارَة و اغلَق بابُها دون سَماع ردّ ماثيو الذي تنهد بعدَما غادر زَوج اُخته من امامَه ، التَفت برأسِه تجاه قصرِ عائلته يُناظِره بهُدوء
- تَربيةُ والداي ، هي السَببُ في جَعلها تتحلّى بكل هذه الانانيَة
حَوّل بصرهُ الي البَيت الخاصِ باختهِ و السَفيرِ قبل ان يُواصل
- امّ انّ ابنَة مُؤسس الشركَة
لَها عِلاقَة؟
•••
بداخِل سيارَة الاجرَى ، كان يَفتحُ رَبطة عنقه التي ساهمت باختناقِه و هو يَقومُ باجراء اتصالٍ مع مُساعده
- ابحث لي عن مكتب عقاراتٍ حالاً
اودّ شراء مَنزِل في مُنتَصف المدينة قريبًا من السفارَة
كانَ الأمرُ الذي القاهُ على مَسمعِ مُساعده قبل اغلاقِ الخَط دون سَماع جوابِه ، اخفَض بصرهُ الي دَفترِه و الحُزن يَملئ عَينيه
هل اُمنيتهُ صَعبَة ..؟
ان يَحصلُ على عائلَة تُشعره بالانتِماء..؟
اتكَئ على الكُرسيّ يُناظر الفَراغ بِصَمتٍ قبل أن يَتذكر رَسيل ، ابتَسمت شفتاهُ دون شُعورٍ منهُ و داوَت ابتسامتها التي تَخيّلها للتو جِراحٍ هي لم تكُن سَببها
- رُبما ، سبب مَجيئ رسيل الحَقيقيّ هو مُساندتي في مثل هذه الاوقاتِ الصعبَة ..!
هَمس لِنَفسه و هو يُخرج هاتفه لتأمُل صُورها ، دَخل على حساب ماريسا فَوجدها قد حَظرته ، وسّع عيناهُ منذهلاً و هو يُحاول الاتصال بِها
- ايشش ، تلك المُشاغبَة ! هل قامت حقًا بحظري؟
تمتم مُغتاضًا فطلب من السائِق اخذه الي حيثُما تقطُن ، حينما وَصل الي شِقتها وَجد ماثيو يقفُ هُناك امام حَقيبتهُ المرميَة امام البابِ مع ورقَةٍ يحمِلُها الاصغرُ بين اصابعه
رَفع ماثيو عينيه اليه يُراقب زوج اُخته و هو يُغادر المِصعد ، قدّم لهُ تلك الورقَة و قال رامشًا
- اظنّ ان هذِه اليك
اقتَرب اللورد مُسرِعًا يخطِفُ الرسالَة من يَد الاخَر اذ قرأ ما كَتبتهُ ماريسا لهُ
- ممنوع عَليك رؤية ابنتك لاسبوع كامِل
وسّع عيناهُ مُنصدِمًا يُطالع وَجه ماثيو الذي يَكبُت ضِحكته ، قام بِرن الجَرس اذ سَمع كِليهما صوت ماريسا التي تسألُ عن الزائِر
صوت ماثيو من حَفزها على فَتحِ الباب لهُ اذ حالَما كَشفت عن نَفسها حتّى رأت السَفير الغاضِب بجوار أخ زَوجته ، دَفعت حاجبها عاليًا تُطالعه بسخَط
- اهلاً بك ماثيو
رَحبت بماثيو و تجاهَلت من اراد الدُخول لرؤية ابنته مُدعيًا عدم معرفته بِنص تلك الرِسالَة ، سَمعها و هي تقول بعدَما وقفت حاجِزًا يمنعُ الهواء من التسرُب
- هذا البَيت لا يُرحب بالآسيويين
خُصوصًا الذين يملكون عُيونًا خضراء
تذكَرت ان ابنتِها تملكُ ذات المُواصفات لذلك قالَت بسُرعَة
- عَدا الاطفال في سِن السبع شُهور
ناظَرها السفير بانزِعاج ، هو في مزاجٍ يسمحُ له بِخلق شجارٍ حاد قد يَنتهي بعواقب وَخيمة ، لكن ماريسا لم تَسمح لهُ اطلاقًا اذ سَمحت لماثيو بالدُخول بينَما وقفت لهُ هو بالمرصاد و قالَت
- ان رأيت طَيفك هنا خِلال هذا الاسبوع
ساتصلُ بالشرطة و اخبرهم انك مُتحرش
اصبحَت لديه فوبيا من الشُرطَة بعد اخر ما حَدث لهُ
لا تنقصهُ قضايا تُفتح في مَلفه قد تَتسبب باطاحَة سُمعته
ناظَر ماثيو يستعطِفه لكن الاصغَر لوح لهُ و هو يَكبت ضحكته على مَلامح الاكبر الذي تمّ اغلاق الباب في وجهه من قبل اُم طِفلته دون الاهتمام بِمشاعره
عَليه ان يَتعلم كيف يُجيد مُعاملتها..!
هي ليسَت خادمته كي يصرُخ عليها وقتما يَشاء
ان لم يَحترِمها ، اذًا لا يملكُ مكانًا لهُ بينها و بين ابنتِها
لا تريد اطلاقًا ان تتربى رسيل في بيئة يصرُخ فيها الاب على الاُم
اذ فَزِعت الصُغرَى بعدما هاج والدها على امها دون ان يَكترث لمشاعِرها آن ذاك او حتّى خوفِها ، تخشَى ماريسا ان يُنتج ذلك عُقدًا بداخل نَفسية طِفلتها التي هي اعزً ما تمتلكُ في الحياة
عليها ان تتمنع بِعلاقة صحيّة بوالدِ ابنتها ، على الاقل امام ابنتِهما حتى ان تَطلّب الامر منهما التَمثيل فَمِصلحة رَسيل الأهم
قامَ اللورد بِتَدليك جَبهتهُ قبل ان يَأخُذ حَقيبتهُ و يُغادر بعدما ادرك انهُ الخيارُ الأمثَل حفاظًا على سلامَة رسيل و اُمها
حتمًا زوجتهُ لن تَتركهُ و ستظلّ تبحثُ خَلفهُ الي ان تَجِد ما تسعى من اجلِه ، الاصرارُ الذي تملكهُ اليوت هو يعرفهُ جيدًا و يخافُ منهُ لاقصَى حد
لذلك فكرَة الابتعاد حاليًا هي الامثلُ بلا شَك
دَخلت ماريسا مع ماثيو الي الشقَة حيثُما كانت رَسيل تُتابِعُ البرنامج التلفزيونيّ الخاص بالاطفال ، كان من انتاجِ شركَة والد الاكبرُ الذي ناظر الشاشَة مُبتسمًا
- هذا الرُسوم المُتحرك تم انتاجهُ منذ ان كنتُ انا بالسادسَة او السابعَة
ناظَرتهُ ماريسا مُبتسمَة بعدما جَلست بجوارِه فوق الاريكَة حيثُما قالَت
- جودتهُ جيدَة ، لا يبدوا قديمًا!
نَظرت في اتجاهِ شاشَة التلفاز اذ كان عبارَة عن عائلة لطيفَة مُكونَة من دِببةٍ لطيفَة ، طالعها ماثيو مُتفاجِئًا اذ لوهلَة تناسى انّها فاقدَة لذاكرتها
- حقًا ؟ ألا تعرفين الدُب ماري؟
نظرت ماريسا اليه باستِغراب و نظرتُها تلك جَعلتهُ يَتحمحم مُتفهمًا الوَضع ، كيف لها ان تذكُر الدب ماري في الوقت الذي لا تعرفُ فيه نَفسها؟
عاوَدت ماريسا التَحديق في شاشَة التلفاز تُراقب ذلك الدُب الصغير بِشُرود ، لوهلَة داهمها صُداعٍ جَعل اعيُنها تُغلَق من قُوته
مَسكت رأسِها بالم قبل ان تَنهض من جواره مُتحدثَة
- ساذهبُ لاعد شئ نشربه
مشت في اتجاهِ المطبخ المَفتوحِ على الصالَة حيثما ناظر ماثيو ظهرِها مُتعجبًا ، لم يُرد اطالَة الحديثِ لرُبما هو حساسًا بالنسبَة اليها لذلك فضّل اللعب مع رَسيل التي كانت مُنتبهَة جدًا مع الرُسومِ المُتحركَة
•••
دَخل السَفيرُ الي بيتِه الذي لِلتو استَلم مِفتاحه من مكتب العقارات ، كان قريبًا من السفارَة حيثُما يَمكُث عملهُ اذ سيكونُ مريحًا في التنقُل
جَلس فوق الاريكَة اذ اخذ بيتًا مفروشًا ، لن يُتعب نفسهُ عناء فرِشه بالطبع ..! ليس لديه الخاطرُ لذلك اساسًا و لا المَزاج
ناظَر السقفُ اعلاهُ يُفكِر باخر المُستجدات التي جَرت
تذكّر رَئيس مَجلس الوزراء البريطانيّ
و اخرُ ما قالهُ لهُ قبل ان يُغادر المملكة المُتحدة
- كان من الواضح انّهُ يعرفُ الصلَة التي تربطني بِه
لكنهُ لم يشأ اخباري ، لِما ؟ اكان ينتظر ان اتوسَلهُ ؟
هَمس بِشُرودٍ ثُمّ جَلس مُدلكًا جَبينهُ ، انتَشل هاتِفهُ اذ وَجد اشعارًا قد وَصلهُ على بريدهُ الالكترونيّ كان مُميزًا عن البقيَة
استَغرب اسم البريد الذي جَعله يُميل راسه متعجبًا
- اليس هذا اسم السيدة جُيون؟
دَخل على البَريد ليجد رسالَة كُتبت باللغَة الكوريَة
- مرحبًا ، انا جُيون سويون ، زَوجة الوزير السابِق ، في الواقع اردتُ التواصل مع زَوجتك بدلاً ، لَكِنّ وَجدُتها قد حَظرت جميع حساباتي ، لتصفيَة القُلوبِ اودّ الاعتذار على ما تَسببتهُ لها بسبب سوء الفهم ، كَذلك اعتذرُ منك اذ لم اتعرف عليك حينَما تذمرتُ امامَك ، اتمنى ان لا تُحدث مشكلة مع زَوجي ، قد يبدوا صارِمًا لَكنهُ طيب للغايَة و يخشى اذيّة الاخرين ، شكرًا للتفهُم و اتمنى لك حياة طيبَة مع زوجتك الشقراء
المُرسل - جُيون سويون
رَمش اللورد مُتعجبًا و هو يُحاول اعادة قراءة ذلك النص بضع مرات ، جلس مُعتدلاً قبل ان يَهمس مُستغربًا
- هل هذه الرسالَة مُلغمَة بطريقَة او باخرَى ؟
تمتم قَبل ان يبتسِم بخفّة حينما راوَده شُعور بالدفئ
- يالها من لطيفَة !
استَلطف موقفها بشدّة لذلك قام بارسالِ بريدٍ لَها هو الاخر يشكُرها على تصرُفها الذي اعتَبرهُ نَبيلاً للغايَة ، لا عجب ان زَوجها مُغرَم به بِفعل لطافتها المُفرطَة
جاء بِحاسوبه و جَلس مجددًا على الاريكَة يكتُب في مُحرك البَحث
جُيون جونغكوك
ظَهرت لهُ العديد من المقالات التي تتحدَثُ عن حياةِ الوزير السابِق مُنذ نشأتِه في عائِلَة بسيطَة ، اذ كان والده طبيبًا ملكيًا ، قرأ عن قصة حُبه مع الاميرَة البريطانيَة قبل ان يقومُ بزم شِفاهه مُتعجبًا
- هل استطاع ان يُحب مَرتين؟
هَمس قبل ان يَنقُر على صُورَة اميرَة بريطانيا الراحِلَة
حَدق فيها لِبضع مراتٍ فلاحَظ شيئًا جَعلهُ يستغرِب
- عُيونها تُشبه عُيون اليوت
هَمِس قبل ان يُميل رأسهُ مُتعجبًا ، تجاهل تلك الصُور ثُمّ انتقل الي خاصة جُيون مع زوجتهُ الحاليَة ، حدق في زِفافهما الذي كان ضَخمًا للغايَة يَتماشى مع خَلفية الوزيرِ السابِق بشكلٍ مثاليّ
- انها اعراسُ الوزراء
تمتم مُبتسِمًا ثُمّ بقا يَتصفحُ في المقالاتِ الي ان غَلبهُ النَوم
كان على بُعد مقالٍ واحِد ، يحملُ صُورَة قديمَة
تَجمعهُ بجُيون في طُفولتِهما..!
اغلَق الحاسوب و استقام لغرفَةِ النَومِ من اجل اخذ قسطٍ من الراحَة
اليوم ان مُتعبًا للغايَة ، خصوصًا على نَفسيتِه
•••
مَرت بِضع ايامٍ على غِياب السفير الذي كان مُنشغِلاً في عَمله بداخل السفارَة ، فصل عواطفه عن عَمله بالكامِل و ركّز على اداء مَهامه بأكمل وَجه
كان روتينَهُ مُملاً للغايَة ، التنقلُ بين السفارَة و الاكاديميَة لرؤية اخر المُستجدات اذ سيتمُ نصبُ الحَفل الافتتاحيّ قريبًا
لم يَترُك مَجالاً لِزوجته بالتَحدُث معهُ حيثُ كانت تُحاول بجد مُراسلتهُ و الاعتذار بعدما راوَدها النَدم ، لَكِنهُ قَطع كامِل سُبل التواصل بينهُما حتّى شركَة والدها التي يمتلكُ فيها اسهُمٍ كَثيرة ، امتَنع عن الذهابِ اليها مؤخرًا
كان الاسبوعُ قد مَرّ اخيرًا ، اذ ذبّ بدواخله شُعورًا من الحَماس للذهابِ و رؤيَة رَسيل لذا حالما عاد من عمله تَحمم و ارتَدى ملابِسًا رياضيَة ، بنطالاً واسعًا مَع تيشرت اوسَع منهُ رفقَة كمامَة و قُبعَة تُخفي سَواد شعرِه
اشترَى باقَة من الوَرد ، صغيرَة الحجم تُناسِب رَسيل التي حالَما طرق باب الش التي تمكُث بها حتّى دوا صوتُها المُحِب حينما رأتهُ
كانت ماريسا من فَتحت الباب و هي تَحمل رسيل بين يَديها ، حَدقت في عينيّ اللورد الذابلَة اذ كان من الواضِح انهُ يُنهك نَفسهُ متجاهلاً صِحته بالكامِل
عُيونَه كانت محط تركيزُها فهي يُخفي ما تَبقى من مَلامحه بتلك الكمامَة و القُبعَة ، رُغم انّهُ مُتنكر ، لَكنّ رسيل استَطاعت التعرُف على والدُها من رائحتهُ و قفزت مُباشرَة الي احضانِه
مضَت فترة عُقوبته بالفعل لذلك لم تَمنعهُ ماريسا من الدُخول ، بل افسحَت لهُ المَجال و اغلَقت الباب من خَلفه حينما دَلف مع رسيل السعيدَة بِحُضوره
قدّم اللورد باقَة الورد الصغيرَة الي ابنتِه التي صَفقت بِرحابَة صَدر و حَملتها ، لم تكُن تعرفُ ماهذا ، و لِكَون من في سِنها يستكشفُ ماحولهُ عبر حَشره بداخل فَمه ، ذَلك ما فعلتهُ هي تمامًا
شَهق السفيرُ يُبعدها عن فم صغيرتِه التي ارتَجف ذَقنُها و امتلئت عيونِها بالدُموع نظرًا لِكَونه لم يسمَح لها بتناول هذه الاشياء الملونَة..!
- انها ليست للاكل ياحَبيبتي ، هذه ورود جَميلَة
قال اللورد مُحاولاً جَعل صغيرته تستوعِب ، كيّ لا تَبكي اخَذ وردَة من بين البقيَة اذ وَضعها فوق اُذنها يُزين شعرُها الذي تُحبه
استَقام بها و مشى في اتجاهِ المِرآه يُريها انعكاسِها الذي جَعل رَسيل تَفرح حينما لاحَظت تلك الاضافَة الجَميلة على شَعرِها
ابتَسمت بسعادَة تُطالع والدِها الذي ازال كمامتهُ و قُبعته و كَشف عن هَويتهُ لابنَة قلبِه ، قبل جَبينها بِحُب فعانَقها يشحنُ طاقتهُ المَسلوبةُ منهُ مُنذ فترة
- الهي كم اُحبك
هَمس في اُذن ابنتِه التي تَمسكت بِه و هي تُحرك اقدامها في الهواء بسعادَة ، ابتَسمت ماريسا بينَما تُراقبهما عن بُعدٍ اذ جَلست تتناوَل الفواكِه امام التلفاز تترُك لهما خُصوصيتهما
احسَت بجُلوسه بِجانبها لَكنها لم تُعره اهتمامًا و واصَلت مُتابعَة المُسلسل الذي تُلهي به نَفسها مُنذ فترَة ، مَدحهُ لها ماثيو حينما جاءها اخرُ مرَة
- هل حقًا تثقين بِذوق ماثيو في المسلسلات ؟
تَحدث اللورد ساخِرًا يُناظر الصُغرى التي طالعتهُ مُقلصَة عينيها تُراقبه يُتابع
- هذا المسلسل يتحدثُ عن الخيانَة الزوجيَة
لا تُشاهديه ، سيعبثُ بعقلكِ
نَطق بعدما اخَذ جهاز التحكم و اغلَق الشاشَة حينما ظَهر مشهدًا حميميًا تَسبب في احمرار وَجه الصُغرَى ، تَحمحمت ماريسا التي ارجعَت شعرها الي الوراء قبل ان تُكتف ذراعيها الي صَدرها
- لستُ اهتم بمشاهِدته ، انّهُ فقط جاء بالصدفَة
حَدق السفيرُ بها للحظاتٍ ثُمّ نَطق
- اُنظري ، المسلسلات الامريكيَة تجاهليها تمامًا
انها تَحُث على الفاحشَة ، انتِ صغيرَة لمُشاهدة هكذا امور
رَمشت الصُغرَى و هي تُناظِره ، يَتحدُث كما لو ان الفتاة التي بين يداهُ ليست ابنتِها ..! ميّلت رأسها تَسمعهُ يتابع بِجديَة
- من هُم في سنك عليهم الاجتهاد لتكوين مستقبلهنّ
صدقيني العلاقات العاطفيَة لا تحملُ هدفًا سِوا ايلامُ القلب
لم تكُن تطلُب منهُ نصيحَة اطلاقًا ، لكن من الواضح انّهُ يتحدُث لتفريغ جُزء ما يشعُر به لذلك هي لم تُقاطعه و واصَلت الاستِماع اليه بهُدوء
- انصحكِ بمُشاهدَة المسلسلات الكوريَة ، انها بريئَة بالكاد البطل يُقبل البطلَة في الحلقة ماقبل الاخيرَة ، عليكِ تعلم النزاهَة في الحُب
قامَت بِزم شَفتيها قبل ان تنطِق بصوتٍ خافت
- لكنّي لا انجذبُ للاسيويين! اُريد متابعَة مسلسل ابطالُه اناسٍ طبيعيَة مثلي ، يملكون نَفس ملامحي
افتكّ به الغَضبُ مما قالتهُ و انفعَل قائِلاً بضيق
- ابنتكِ آسيويَة ! هل اذُكركِ ؟
نَظرت ماريسا الي رَسيل فابتَسمت بلُطفٍ على مَلامح ابنتِها التي تُعجبها لاقصى حدٍ مُمكن حيثُ نطقت بِحُب
- مَلامح رَسيل استثناء ، انّها الملامح الاسيويَة الوحيدَة التي تروقُني
رَفعت عينيها الي السفير الذي حَمل ابنتِه و وَضع وَجهها بالقُرب من خاصتِه حيثُ قال
- ملامِحها تُشبهني ، انها نُسخَةٍ منّي!
تلاشَت ابتسامَة الصُغرى التي عَقدت ذراعَيها الي صَدرِها قبل ان تَبتسم بِمُكرٍ قائِلَة
- لا اُحب النُسخة الرجاليَة من مَلامح ابنتي..!
دحرج عيناهُ بِضَجر ثُمّ وَضع رسيل في حُضنِه من جَديد يسمُعها و هي تُلاعب اصابعها سويًا بينَما تتحدثُ بلُغتها
- عليّ ان احفظ عقلية ابنتي من افكار امها العُنصريَة
تمتم و هو يُعانق طِفلته الي صَدرِه بينما يُناظر ماريسا بِغَيض ، ضَحكت الصُغرى على مَلامِحه التي تُشبه طفلاً صغيرًا قد نَجحت امه في التغلُب عليه بالنِقاش قبل ان تَستقيم من جِواره مُطأطئة رأسِها
مَشت في اتجاهِ غُرفتها بعدَما تركت اللورد يُناظر طُول شعرِها المُنفرد على ظهرِها حتّى اسفل مُؤخرتِها ، سَمعها تنطقُ حينما وقفت عند الباب قائِلَة
- اُطرق عليّ الباب كيّ استلم رسيل حينما تُغادر
ليلَة طيبَة
اغلَقت الباب و مَشت ناحيَة السرير تتمَددُ بِتَعب ، كَشفت عن بطنِها الذي بدأ بُروزه يتلاشَى فابتسمَت برضَى و سعادَة غامرَة
- نتائج الحميَة الغذائيَة و البرامج الرياضيَة بدأت تَظهر..!
هَمست قبل أن تَتمدد على بطنِها تُراسل ماثيو الذي يُرسل لها ريلز على الانستجرام ، كان مُعظمها مُضحكًا يتماشى مع حِسُها الفُكاهيّ جيدًا
في الوَقت الذي كانت تستمعُ فيه الي اصوات ضِحكات رَسيل مع والدِها بالخارِج ، ابتَسمت بلُطفٍ قبل ان تَهمس قائِلَة
- اتمنى ان يَأتي اليوم الذي يعترِفُ فيها علنًا
ستكونُ رسيل حَظت على افضل ابٍ في العالِم
•••
صباحُ اليَوم المُواليّ
غادَرت اليوت قاعَة الاجتماعات بعدَما عقدَت صفقَة مُهمّة للتو ، حَدقت في لوكاس الذي استَقبلها امام باب مَكتبها فسارعَت بالتحدُث مبتسمَة بِسعادَة
- لقد عقدنا الصفقَة مع الممثلين الامريكيين ، هذا الفيلم سيكونُ ساحِقًا ! سَيتغلبُ على افلام ديزني بحق
نَطقت و هي تدخُل الي مكتبها حيثُما لحقها مُساعدها يُهنئها بانجازِها ، قابَلها ظرفٍ فوق طاولَة عملها اينَما وقفت تتأمُل الظرف مُستغربَة
- ماهذا ؟
رَفعت عينيها الي لوكاس الذي زمّ شفاهه قائِلاً
- انّها ورقَة وصلتكِ من المحكمَة
حَملت اليوت ذلك الظَرف الذي بِمُجَرد ان قامَت بِفتحه حتّى ارتعَدت اطرافها بالكامِل ، كانت على وَشك السُقوط لولم يُمسِكها لوكاس الذي نَطق تالِيًا
- ساوكّل لكِ اشهر مُحامٍ في البلد سيدتي
ناظَرتهُ الصُغرَى و عُيونِها تكادُ تمتلئ بالدُموع
مالذي قرأتهُ للتو ..؟
•••
كان السَفيرُ يُجالِس احَد الرِجالُ في مَكتبِه بينَما يَحتسي من قَهوتِه الصَباحيَة ، يتبادلُ اطراف الحَديث مع صاحٍب العيونِ المُلونَة و هو يُحاكيه عن بِضع تفاصيلٍ تخدِمه
قاطَع حديثُهما صَوتُ ضجيجٍ قادم من خارِج مكتبِه في سفارتِه التي يَعمل بداخِلها ، عَقد حواجبه قبل ان تُقتحم حُجرته من قبل زَوجته التي رفَضت امر الامن بالرَحيل و افتعَلت معهم شِجارًا حادًا انتهَى بدخولها رُغمًا عنهم
ميّل رأسَهُ يُناظرها بحاجبٍ مَرفوع
- غير مُخوّل لكِ بالدُخول ..!
نَظر الي حارس الامن الذي انحنَى من خلفها مُعتذرًا
- انا اسِف سيدي ، لقد دَخلت رُغمًا عن ارادتِنا
اومَئ لهُ اللورد بهدوء فاشار باصبعهِ ان يَنصرِف ، استَقام من مجلِسه يَضعُ يداهُ في جُيوب بنطاله الكلاسيكيّ قبل ان ينطِق بِجُمود
- مالذي جاء بِك ؟
عَرضت اليوت تلك الورقَة امام وَجه زَوجِها تَسأله بصوتٍ مُرتعش
- هل ما اقرأه صَحيح؟
وَضع اللورد يدهُ فوق الورقَة يقومُ باخفاضها من امام وَجهه مُهمهمًا ، رأى الاهتزاز في نَظراتِ امرأته التي هَمست بِعدم تَصديق
- جونغكوك ! ق..قل ان ذل..ذلك ليس صح..صحيحًا..!
على عَكِسها هو ، كان مُحافظًا على اتزانه و هُدوءه التام و هو يَنطِقُ دون تَردُد ، عُيونه تُجابه عيونِها التي تُنذر باسقاطِ بلوراتها بايَةِ لحظَة
- ذَلك صَحيح ، انّها ورقَة الطَلاق..!
كانَت على وَشك الحَديث ، لَكِن قاطَعها هو حينما التَفت برأسه و اشار بيدِه على ذلك الرَجُل الجالِس قُبالة مَكتبِه ، لم تراهُ فالصدمَة عمَت بصيرتِها اذ للتوِ لاحظت وجودِه حينما عرّف السفيرُ عليه قائِلاً
- اُعرفك ، مُحامي الطلاق خاصتي
مُجَرد التَحديق في هيئَة ذلك المُحاميّ الذي استَقام من مَجلِسه يَكشفُ عن هَيئتهُ بالكامل لاعيُن مَن تراجَعت خُطوَة الي الخَلف تُواشك على السُقوط من موقِعها
اقتَرب الرَجُل مِنها حتّى اصبَح بجوار زَوجِها يُقابلها تمامًا
ابتَسم لها قبل ان يقومُ بِتَقديم كَفهُ نحوها قائِلاً بنبرَة يملؤها الوقار
- مرحبًا
مَعكِ المُستشار الدوليّ ، روديارد أدريان
عَلِقت الكَلماتُ في جَوفِ اليوت و تَحجرت الدُموع بداخل عُيونِها و هي تُراقب خاصتيّ أدريان الرزينَة ، ثابتَة كَخاصةِ نسرٍ يُصوِبُ عَلى فّريستِه
تَفحصت كُل مابِه ، خُصوصًا مَلامِحه و اعيُنه
نَظراتُه الواثقَة ، ابتِسامتهُ الماكرَة تِلك
تجعلُ بَدنُها لا يَتوقف عن الارتعاش
انّهُ
عشيقُها السابِق..!
•••
6229 ✔️
اهلاً اهلاً في فصل جَديد 🫶🏻
وحشتوني يابنات ، طمنوني عنكم؟
كيف اجواء الفصل معكم عامَةً ..؟
شجارات السفير و ماريسا يلي ما تنتهي؟ 😭
مشاكله مع زوجته؟ تعتقدون انها ممكن تنحل؟
السبب يلي يخلي السفير يحب الشعر الطويل؟
توقعتوه..؟
ماثيو ؟
ادريان ؟ كنتم تنتظرون ظهوره؟ 👀
تتوقعون هيكون له دور مهم في القصّة؟
الطلاق فعلاً هيتم؟
توقعاتكم عامَةً للقادم..؟
احبكم و شكرًا لصبركم و انتظاركم
يلي يتابعوني على الانستا عارفين انا بمر بايه الفترة دي
سو ، شكرًا لانكم متفهمين ♥️🫶🏻
احبكم والله الله يحفظكم لي 🫶🏻🫂
2800 تصويت
7000 تعليق
فصل جَديد ✔️
اراكم في الفصل الجاي ان شاء الله
الي اللقاء ♥️🫶🏻
.
.
.
أدريان ♥️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top