Our child | 11

THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD

اهلاً بكم في الفَصل الحادي عَشر 🍂

نأسف على التأخير نظرًا لانشغالي الشديد بامتحاناتي ♥️
شُكرا على وقتكم الثَمين يارفاق ، و اسفَة لاني اهدرتهُ بالانتظار

حددتُ مَوعد و لم اكنُ عند كلمتي بسبب الضغط الذي كُنت به
ساحرصُ على ألا يَتكرر هذا الخطأ ثانيَة

شكرًا لانتظارِكم و تَفهمكم ، اُحبكم بِصدق 🤍

لِنَبدأ 🐻

•••

كانَ شَرطهُ بِمثابَة سِجن أبديّ يُكبِلُها كُلها دون استِثناء لِشَخِصها..!
قيّدها و مَنع معابِر خُروجها فَمفتاحُ القُفلِ بين ذِراعاهُ
ابنتِها ..!

ناظَرتهُ حينَما خَتم كلامهُ و انتَظر رَدُها الذي تَوقعهُ هَمجيًا كمثلِ ما اعتاد مِنها ، لَكنها كَسِرت كُل توقعاتِه حينَما وافَقت دون جِدال

- مُوافقَة

نَظر في عينيها مُندهِشًا من قُبولها المُفاجِئ ، قد كان يُجهز تَهديداتِه لها بابعادها عن ابنتِها في حال رَفضِها و بالتالي سيضَمنُ مُوافقتها ختامًا بعد جِدال حاد بينهُما ، لَكن هي اختَصرت الطريق و قالَت بعد صَمت

- لَكن بِشَرط

قَطب حواجِبهُ يُناظِرها بِريبَة

- ماهو شرطكِ ؟

التَزمت بَعد الصمتِ لِلحظاتٍ تُفكر قبل ان تنطِق بهدوءٍ تام

- ان تَبحث لي عن عائلتي ، و تكتشِف من اكونُ انا

نَظرت بِداخل عُيونِه الخَضراء قبل ان تُواصِل بِجديَة تَكتسحُ مَلامِحها الناعِمَة

- اظنّهُ حَقي الكامِل ، في ان اكتشِف هَويتي و مَن أكون

شَرُطها أخافَهُ لِلحظاتٍ ، اذ خَمن انّها ان وَجدت عائِلتها و علِمت اصلُها ، قَد تاخُذ ابنتها و تُغادر و آن ذاك لن يَستطيع الوصول الي رَسيل

هي ذَكِيَة ..! ستبقى تحت حِمايتهُ و بنفس الوَقت تستغلُ نفوذَهُ في العُثورِ على عائِلتها ، نَظرًا لِكَونها لا تمتلكُ اي مُؤهل يُساعِدها في البَحث

لاسيما انّها مُطاردَة و ان رَفضت و رُميت في الشارِع ، سَتُصبح مُشردَة دون وظيفَة فلا احَد سيقبلُ بِها تعملُ لَديه ، لِذلك خيارُها الامثلُ البَقاء خلف السِتار حتى تَجِد عائِلتها ، ليسَ لصالحها من الاساس أن تَظهر عَلنًا و هي لم تَكتشِف بعد مالذي يُريدُه اؤلاءك الاشخاصُ مِنها و لِما يرغبون بابنتِها؟

هو عَرِف جَيد مُخطِطها الذي جَعلهُ يَشعُر بالذُعر لِحَقيقة مُغادرتها بابنتِه التي بَكا لِحُضورها سَنواتٍ عِدَة ، و حينَما جاءَتهُ الفُرصَة في ان يَكون أب ، كانت بطريقَة غريبَة يستحيلُ ان يَتخيلُها من الاساس

استَغرق وَقتًا ليُجيبها اذ طال صَمتُه و ضاق صَبرُ من قامَت بعقد ذراعيها الي صَدرها تُناظرِهُ بحدَة

- لا اعتقد انك سَتكون انانيّ ، بأن تَجعلني اُكرس حَياتي لتربيَة ابنتِك لا غَير ! لعلمك هَذا واجبي فهي طِفلتي قبل ان تَكون طِفلتك ، لن انتظر منك المَجيئ لاخباري بان اهتَم بها حسنًا ؟

لَقد بدأ لِسانها السليطُ في الظُهورِ و ازعاجِه من جَديد ، لِوهلَة لم يَعرفها لسُكوتِها و بِمُجَرد ان نَطقت حتّى تأكد من حَقيقة انّها بِخَير

تابَعت هي بِحدَة و لم تُعطه مَجالاً للحَديث حينَما قالَت بِجديَة

- شَرطي واضِح ، و هو حَقي ، اُريدُ معرفَة ابنَة من اكونُ ، و من أين انتَمي ، و ان كُنت تريد ان تكون كَريمًا ، احتاجُ لان اخَضع الي فَحصٍ لرُبما استعيد ذاكِرَتي !

لا يَستطيعُ انكار ان ما قالتهُ حَقها الطبيعيّ كانسانَة ، لَكِن طَمعهُ بابنتِه يَجعلهُ يَدُس تلك الحَقيقة و يُكابرُ بِجَهلٍ حينما قال بينما يُعانق رَسيل

- لا ! مالذي يضمنُ لي أنكِ لن تهربين آن ذاك؟

تضايقَت من اُسلوبه و مُكابرته التي جَعلتها تشعُر بِمدى انانيتِه ، حَدقت في عيناهُ بِغُلٍ و جُزء منها بدأ يستحقِره ، كَيف امكنهُ ان يَحرِمها من ابسط حُقوقها كإنسان ..؟ حَقها بأن تعرِف هي من تَكون ..!

ابتَسمت بسُخريَة قبل ان تَستقيم و تقترِب لاخَذ رسيل منهُ رُغمًا عن ارادتِه حينما قاوَم ، نجحت في استعادَة ابنتها منهُ و قالَت باستِحقار

- اكادُ لا اُصدق ، ان ابنتي تَحملُ دَمك ، عَديم الانسانيَة

ناظَرتهُ بِبُغضٍ و حينَما استدارَت للعودَة الي الغرفَة سمعتهُ يقول بعدما استقام هو من الاريكَة

- سَواء بارادتكِ او دونها ، انتِ لا تَستطيعين الهَرب ..! استطيعُ ايجادكِ اينما ذَهبتِ

التَفت نحوهُ بعدما قَبضت يدِها بِقُوَة لِتُطالع عيناهُ بِكُره قبل ان تَعود ادراجها اليه مُجيبَة بنبرَة واثقَة زعزَعت غُروره

- لا استطيعُ الهَرب صَحيح ، لكني استطيعُ الذهاب الي زَوجتك و اخبارها ان رَسيل تكون ابنتِك ، و فلتُثبت حَضرتك انك لم تقم بخيانتِها

بان عَلى عُيونَه الخَوف من تهديدُها الذي بدا جِديًا كِفايَة لاخافته ، رُغم ذَلك حاول ألا يُظهر شُعورَه و قال بعدَما تغلب عليه غَضبُه

- الزَمِ حَدكِ ، امراةِ مثلكِ لن تستطيع الوصول الي زَوجتي بسُهولَة ، من انتِ اساسًا حتى تُقابلين شخصيَة هامة كمِثلها ؟

ارتَفع طرفُ شفاه ماريسا بسُخريَة قبل ان تُميل رأسِها مُجيبَة

- صَدِقني المراة مهما كانَ مقدارُ اهميتها في المُجتمع ، حينما يَتعلقُ الامر بِزوجها تُقابل حتّى مشردُ الشَوارع ..! لذلك لا تَختبر صَبري فانا اخطرُ مما تَتصور حَضرتُك

قَبض عَلى يدِه بِقوّة حينَما تابَعت بِهسهسةٍ غاضِبَة

- كان عليّ ان اظهَر بتلك الليلَة حينما جاءَت ، و تسببتُ بخراب بيتِك ، لكنّي فضلتُ حياتك الزوجيَة على نَفسي و غادرتُ في مُنتَصف الليالي ، فقط كيّ لا اُفسد عِشك الزَوجيّ ، الخَطأ منّي منذ البدايَة

نَظرتُها المليئَة بالاستِحقار نَحوهُ جَعلتهُ لبُرهَة يشعُر بالخُزيّ من نَفسِه ، التَفت تعودُ ادراجِها الي غُرفتِها قبل ان تُحكم اغلاق الباب و تَجلِس فوق السَرير تُطالِع وَجه ابنتِها النائِمَة بِقَهر

- انا اتحملُ كُل هذا من اجلكِ يا رَسيل

هَمست بعدَما تلاشَت قُوتها و بان ضَعفها بِمُجَرد ان نَزلت دُموعها تُسابق بعضها على وَجنتيها المُحمرَة ، قلبُها مليئ بالخَراب كَحياتها تمامًا

انخَفضت تُقبل جَبين طِفلتها بِحُب قبل ان تَتمدد بِجوارِها تَضمها الي صَدرِها لِتشعُر بقليلٍ من الآمان ، هي خائِفَة بِشدَة و لا تَعرفُ مالذي يَتوجبُ عليها فِعلهُ للنجاةِ من حياتِها المأساويَة

كَيف تجدُ طريقُ الخلاصِ و السَعادة ..؟
كيفُ ستكونُ نهايتِها ختامًا ؟

بعدَما طُلب منها ان تَكون وراء السِتار ، كيف امكنهُ ان يكون انانيًا بِطلب ذلك مِنها للأبَد ..؟ ماذا عَنها ؟ حياتُها ؟ شَخصُها ؟

كيف استَطاع ان يَكون بِكُل تلك الانانيَة و الجُحد ؟
كيف أمكَنهُ ان يَراها مُجَرد ألَة تُربي ابنتهُ ثُمّ انتهَت الحَياة

لم يُؤلِمها سِوا قَسوتهُ عليها ، لم تَطلُب منهُ نهائيًا ان يَهتم لامرِها كَفتاةٍ ، او ان يَنتبه الي وجودِها في حياتِه ، كُل ما تريده ان يُعاملها كانسانَة تشعُر و لَديها حُقوقٍ عليه احترامِها

تُريد ان تَشعر بِكيانِها الذي حَضرتهُ يستمر بِمَسحه دون اعطاء اي اعتبارٍ لَها اطلاقًا ، بعد ان كانَت تُصبر نَفسها أن ايجادهُ سيكونُ الخَلاص

اكتَشفت انهُ جزء لا يَتجزأ من عَذابها و بُغضها للحياةِ اكثَر
كَرِهتهُ و لم تستطِع مَنع قلبِها من ذَلِك

لم تَعُد تحترمهُ اطلاقًا ، و كُل شُعورٍ بداخِلها يَرفُض وجوده في حياتِها ، لا تَتخيل كيف سَتستطيعُ التعامُل مَعهُ نظرًا لكونه والِد ابنتها

كَيف ستستطيع التَواجُد الي المَكان الذي لا مَفر لها منهُ حتى عند حُضورِه ..!

كَتمت صَوت بُكائِها بعدَما حَشرت رأسِها بداخل الوسادَة و هي تَشعُر بتحركاتِ خاصَة ابنتها ضِد صَدرِها تَطلُب حَليبها ، لم تَستطِع تجاهُل جوع بطنِها الصَغير و قامت بارضاعِها و دُموعها تتساقطُ على رأسِ رَسيل التي تُناظرُ وَجه اُمها بِنُعاسٍ و اجُفنٍ مُرتخيَة

كَما لو انّها احسَت بِوَجع والِدتها فرفعَت يدِها تمسحُ برفقٍ على خَدِها المُبلل بالدُموع ، تُواسيها و تَمنح اُمها شُعور بالأنسِ و الاحتواء

قَبلت الكبرى كَف طِفلتها بلُطفٍ لتهمس لَها حينما لاحَظت عُبوس وَجه رَسيل التي تَركت صَدر اُمها و قَوست شِفاهها رَغبة بالبُكاء

- هشش يا حَبيبتي لا تَحزني ، امكِ بخير

تَقوست شِفاهُ رَسيل اكثَر و لم تَنجح مُحاولَة امها في اقناعها بأنّها بخير ، لِذلك انفجَرت الطفلَة تَبكي بِقوّة بداخِل ذراعيّ ماريسا التي احتَضنتها تُحاول اسكاتِها

وَصل صَوتُها الصاخِب الي اُذنيّ اللورد الجالِس في الخارِج يُراجِع افكارَهُ بشُرود ، انتابَهُ القلقُ من بُكاء ابنتِه و استَقام مُسرِعًا يطرقُ باب الغُرفَة التي بِمُجَرد ان ادار المقبض فُتِحَت مُباشرَة

نَست ماريسا اغلاقِها بالمِفتاح و نِسيانِها تَسبب في رُؤيتِه لِوجه من تَكره يَقتحمُ عليها غُرفتها في عِز انكسارِها ، طالَعتهُ و الدُموع تُغطي سائر وَجهها بينَما طِفلتها في مُنتَصف حُضنها تَبكي دون انقِطاع

وَقفت اقدامُ اللورد قُبالتِها يَرى انهزامِها امامَهُ ، كانت لا تُشبه ابدًا التي تَصرُخ في وَجهه و تُوبخه باستِمرار ، و كأن قُوتها انسَتهُ انّها بَشر تَمتلكُ مَشاعر

حَدق في عُيونِها و لِوهلة تناسَى ابنتهُ بِصدمته لِبُكاء امها التي مَسحت دُموعها بِخُشونَة قبل ان تنطِق بِحدَة اسقَطت جِديتها صَوتها المُرتعش

- ارح..ارحل ، من س..سمح لك بالد..بالدخول ؟

اشاحَت بعينيها المُحمرَة للطرفِ الاخَر بعدَما استقامَت و هي تَهُز رسيل بين ذِراعيها لعلَها تهدأ ، لكن بِدون جَدوى ، الصغيرَة تكادُ احبالُها الصَوتية تنفجُر من عُلو صَوتها الذي آلم قلب والِدها

اقتَرب ليأخُذها ، لَكن ماريسا تراجَعت الي الخَلف تُناظِره بِتحذيرٍ تَسبب بُكاءِها من ابطالِ مَفعوله

- اياك ان تَلمِسها

حَدق بِها بهدوءٍ قبل ان ينطِق و هو يَسحب رَسيل اليه رُغمًا عَنها

- انتِ هدئي نَفسكِ اولاً ثُمّ اسكتيها هي..!

استَفزها بِكَلامهُ للحَد الذي جَعلها ترغبُ في قَتلِه و التخلُص منهُ ، مَسحت دُموعها بِخُشونَة تَراهُ يَمسح على ظَهرِ رسيل بلُطفٍ بينَما يُغني لَها كيّ تهدأ

- لا استطيعُ تخيل مَدى بشاعتِك ، هل انت بشر حتّى ؟
هل تمتلك انسانيَة ؟

صَرخت بِه حينَما طَفح كيلُها و لم تَعد تَستطيعُ تَحمل ألم قلبِها المُلتهب من الوَجع ، ناظَرها و هي بالكادِ تَلفظُ انفاسِها من شِدّة غضبِها و قَهرها الواضِح من عُيونِها المحمرَة لِكثرَة البُكاء

احَس بتأنيبِ الضَمير يُداهِمه و رُغم ذَلِك حاول التَسترُ على شُعورِه حينما قال بِنبرةٍ بارِدَة

- لا تَرفعي صوتكِ و رَسيل هُنا ! اُصمتِ

قَبضت على يَديها من شِدّة البُغضِ الذي تَشعُر به ناحِيتهُ ، هي عَلى وَشك الانقِضاض عَليه و قَتلِه للتخلُصِ منهُ ، لوهلة تمنت لو تستطيعُ ايجاد صَرصورٍ كيّ تَضعهُ بداخل انفه هذه المرَة حتى يَتسلل الي عقلِه و يقتله

تَنفست الصَعداء بمجرد ان خَرج اللورد مَع رسيل الي الصالَة و بَقت هي بِمُفردها تجلسُ فوق السَرير و اعيُنها تُطالع الفَراغ بِصَمت

استَغرقت وقتًا حَتى تستطيعُ جَمع قُوتِها من جَديد و النُهوض لاستِعادة ابنتها منهُ اذ حالَما مَشت في اتجاهِ مخرج الغُرفَة ، وَقفت عند الباب تُناظر رَسيل و هي تَضحكُ مع والدها الذي يَفتعلُ بضع حركاتٍ بهلوانيَة

وَقفت تُناظِرهما بِصَمتٍ ترى حَقيقة كَونه والدٍ مثاليّ للغايَة لابنتِها التي تَعلقت به في غُضون ايامٍ قليلَة ، اتَكئت ضِد الباب تُطالعهُ بِهدوءٍ قاتِل

كِليهما سَعيد ، بِوجودِهما في حياة بَعضِهما
إلا هي ، التعيسَة الوَحيدة هُنا

رَفع اللورد عَينيه اليها يُحدِق بها و هي تُناظرهما بِشُرود ، انتابَهُ الاسَى على حالِها و قَرر التنازُل من اجلِ انسانيتِه على الأقل

قام بِضَم رَسيل الي صَدرِه و ماهي لَحظاتٍ حتى غَفت الطِفلَة من جَديد و عادَت الي النَوم ، نَهض من مَكانه و اتجه نَحو الغُرفة حيثُما وَقفتك ماريسا عائِقًا امامهُ تُناظِرَهُ بحقدٍ استَطاع التماسُه

قال لَها مُوضحًا و هو يَسلُك وجهته الي الداخل كيّ يضع الصغيرَة فوق الفِراش

- لِنترك رسيل تنام و نتَحدث على انفراد

سَمِعها تنطِقُ و هي تَضغطُ قبضتَيها من ورائِه

- ليس لديّ ما اتحدثُ به مَعك

احاط رَسيل بالوسائد ثُمّ قام بِتغطيتها و الاستَقامة بظهره للاستدارَة الي اُمها التي حاوَلت طردهُ للانفرادِ بنفسها مع صغيرتِها ، لَكِنهُ اصرّ على مُجالستها حينَما قال بجديَة

- لِنحسم الامر ماريسا ! لاجلِ ابنتنا

نَظرت في عَيناهُ و كَم ألمَها اخرُ ما قال حينما نَسب رسيل الي كِليهما ، اصبَحت تكرهُ فكرَة انّهُ والد صغيرتِها ، بات الامرُ مؤذيًا للغايَة

استَمعت اليه و رافَقتهُ فلا ضَرر في مُناقشتِه لترى اخر ما سيتَوصلُ اليه كيّ تُجيد جيدا التعامُل مَعهُ و ذَبحه لاحِقًا

جَلست امامَهُ فوق الاريكَة بعدما احكم اغلاق الباب على رَسيل تفاديًا لازعاجِها ان طَفح كيلُ امها و بدأت بالصُراخِ كما اعتاد عَليها

حَدق في عينيها البُنيَة يُحاول تَوضيب كَلِماته في سياقٍ مُناسِب يُوصلهما الي حَل يُرضي جَميع الاطراف

- حسنًا ، انا موافق بان ابحَث لكِ عن عائلتكِ ، و اُوظف اشهَر الاطباءِ عالميًا في عِلاجك لعلّكِ تَستعيدين ذاكِرتك

عَقدت حواجِبها مُستغربَة من مُوافقتهُ قبل ان تَسمعهُ يُواصل

- لكن بِشَرط ..!

قَبضت على يديها بِضيقٍ اتضَح على وَجهها المُتجهِم و قبل ان تُهاجمهُ قال هو مُسرعًا للتَوضيح

- ان تُوقعي على تَعهُد يَضمن لي انكِ لن تأخُذي رَسيل و تَرحلي

سَكتت لِلحظاتٍ و هي في اعلَى مراحِل غضِبها منهُ و من انانيتِه ، هي بالطبَع لن تُفكر بِحرمان ابنتِها من والِدها ..! كيف يَستطيعُ رؤيتِها بهذا الشَكل ؟

حَدقت في عيناهُ و هي تُجهز كَلِماتها العدائِيَة لولا انّهُ قاطَع تَفكيرُها حينما قال بعدَما ازال سُترتَه و وَضعها بالقُربِ منهُ

- قد لا اكونُ اعرفكِ ، و لرُبما عرفتكِ و حَدث خَطأ عابِر أذِن لرَسيل بالمَجيئ ، لَكِن ما اقترفناهُ في الماضي لا يُمكن تصليحُه ، اظلّ انا المُذنب بحق زَوجتي فيالأخِر انتِ مُجَرد غريبَة

سَكتت و هي تَسمعهُ يُتابِع بعدما شابَك يداهُ امامَهُ و نَظر اليها بهُدوء

- و دامكِ انجبتِ طِفلَة منّي ، فانتِ تجاوزتِ مَرحلة الغُرباء بِمراحِل ، اكذبُ ان قُلت اني لا اُقدر ما تَفعلينهُ لاجلِ رَسيل فانتِ العُنصر الأهم في حياتِها من اجلِ نشأتِها السليمَة ، انتِ جُزء لا يتجزأ منها ، و أهمُ منّي انا كَذلك ، و كيّ اضمن سعادَة طِفلتي عليّ ان اضمَن سلامَة اُمها

ارتَخت قليلاً و تَخلت عن حَذرِها لِلحظاتٍ تُنصت اليه بِاهتِمامٍ حينَما واصَل

- كَطفل يتيمٍ تربى بدون اُم ، فانا اعرفُ جَيدًا اهمية وجودِك في حياتِها ، رُغم اني استطيعُ اخذ رَسيل منكِ و جَلب امراة اُخرى تُربيها ، لكن من المُستحيل ان تُحبها ذات حُبكِ لها ، و لا ان تُقدرها و تُعطيها من صِحتها و روحها من اجلِ سلامتِها و سَعادتها ، اعرفُ جَيدًا ما اتحدثُ به فانا تَربيتُ مع اُمٍ حاضِنَة ، مَهما بلغ حُبها اليّ تظلّ غريبَة عنّي

نَظر بِداخل عُيونِ ماريسا الهادِئَة لِيُكمِل بِصَوتٍ التَمست الصُغرَى الغصّة في صَوتِه بِمُجَرد ان قال

- لِذلك انتِ الشَخص الوحيد في الوقت الراهن ، الذي لا استَطيع التَضحية بِه مهما حَدث ، بل سابذُل قُصار جُهدي ، لحمايتكِ و تَقديم اللازِم لِرعايتكِ ، كيّ تَكونين بالصحَة الكافيَة لِتربية طِفلتُنا

اتَكئ بِظهره على مَسند الاريكَة حينَما شابَك ذراعاهُ الي صَدرِه يُطالِع الفَراغ امامَهُ بِشُرودٍ حينما مَرت عليه لحظاتٍ من شريط ذكرياتِ طُفولته

- و زَوجتِك ؟

سَمِع ما قالتهُ ماريسا التي اطالَت التَحديقُ بِه بهُدوءٍ مُميت ، وَجه بصرَهُ اليها من جَديد قبل ان يَعتدل في جَلستِه قائِلاً

- عليّ ان اكتشِف الطريقة التي جاءَت بها الصغيرَة ، ثُمّ حينما اتأكُد ساُفاتحها بالموضوع و اكتُب رسيل على اسمي لِتُصبح لها وثائِق رسميَة

سَكتت ماريسا لِلحظاتٍ قبل ان تَنطِق بِريبَة

- ماذا ان اتضح ، اننا فعلاً اقمنا عِلاقة قبل ان افقد ذاكِرتي؟

قَطب حواجِبه مُتضايقًا و من الواضِح ان سُؤالِها جَعلهُ يَتخيل مَشهد لم يُعجبه اطلاقًا ، حَدق بِها لِلحظاتٍ يُفكِر بِحيرَة ثُمّ قال

- سيُعتبَر الامرُ خِيانَة ، آن ذاك هي لديها حُرية الصَفحِ و الاكمال ، او العقابُ بالانفِصال

شَبّه الانفصالِ بعقابٍ تراهُ ماريسا سيكونُ قاسيًا على رَجُلٍ مِثلهُ يُقدس امرأتَهُ ، كان في بالِها سُؤال لَم تستطِع كَبحهُ لذلك قالَت

- لَكن ، ماذا ان اختارَت الاكمال بِشَرط ان تَتخلى عن رَسيل ؟

كان من الواضِح لماريسا ان زَوجتهُ كذلك تُحبه بِجُنون ، بعد اخرُ ما رأتهُ تلك الليلَة و لَهفتُها عليه بِسبب خَوفِها من خيانتهُ لها ، تتوَقع انّهُ من الاستحالَة ان تطلُب الانفصال بسُهولَة ، خصوصًا ان كليهما يُحب بَعضهُما البَعض

سُؤالها جَعل السَفير يسكُت لِدقائِق يُراجع افكارَهُ اذ بَعد صمتٍ دام لوقتٍ طويل كَسرهُ بِقوله

- سأختارُ رَسيل

وَسعت ماريسا عينيها مُنذهلَة اذ لم تَتوقع اجابتهُ مُطلقًا ، ظَنت انهُ سيختارُ زَوجتهُ التي عَشقها بِجُنونٍ لِسَنواتٍ عدَة ..!

عَرِفت سبب اجابته حينَما واصَل موضِحًا

- من المُستحيل ان استمِر مع انسانَة ، اختارَت نفسِها و لم ترأف بِضُعف طفلَة صغيرَة اكثرُ ما تحتاجهُ هو رعايَة والِدها و اهتِمامه ، بل فَضلت أن تنعم هي بِه و تنامُ في حُضنِه مُرتاحَة في ذات الوقت الذي تنام فيه الطفلَة في الشَوارِع دون مأوَى يحتضنُ جَسدها الصغير ..!

رَفع عينيه الي ماريسا و تابَع بعدَما شابَك يداهُ سَويًا

- اتظُنين ، اني حقًا ساستطيعُ العَيش مُرتاحًا مع امرأة كَمثل هذا التَفكير الخالي من الانسانيَة ؟ هي ان رَفضت ان ارعى ابناء المَياتِم قَد اُطلقها ، فمبالكِ ابنتي انا ؟ لا خَير في مُجاورَة شخصٍ لا يَمتلكِ رحمَة في قلبِه

قَطبت ماريسا حواجِبها بعدَما اسكَتها بِتفكيرهُ الذي لم تَتوقع ان يَصدُر من شَخصٍ جاحد مِثلهُ ، و لِكون لسانها لا يُمكن امساكهُ قالَت باستِنكار

- تتحدثُ عن الانسانيَة دون ان تتسم بِها ، اولسَت حضرتُك فكرت بِنفسك بكل انانيَة ، و تناسيت ان اُم طِفلتك لديها حُقوقها كأي انسانٍ اخر ؟

قام بالايماء بِرأسِه مُؤيدًا كلامِها حينَما اعترَف

- معكِ حَق ، فكرتُ بانانيَة و قُلت انّي الاحقُ برسيل لاني والِدُها ، خصوصًا اني قضيتُ سبع سنواتٍ اُحاول الحصول على طِفل و بِمُجَرد ان فعلت ، كان الوَضع غريبًا و غير مَفهومًا ، و من امراةٍ ، اول مرَة اراها في حياتي ، رُبما الامر اسهل عليكِ لانكِ فاقدة الذاكرَة و قد وضعتِ احتمالاتٍ عدَة ، لرُبما انا عشيقكِ ؟ او زوجكِ ؟ او شخص قضيتُ معكِ ليلة عابرَة ؟ او حاولتُ استغلالكِ لانكِ صغيرَة و شابَة و العديدُ من التساؤلاتِ ، لكن الموضوعُ بالنسبَة الي شخص ذاكرتهُ معهُ منذ طفولتِه ، يَرى انسانَة لاول مرّة تقولُ انها تملكُ طفلة منهُ و هو بالفعل مُتزوج و مُستقر ، الامر اطلاقًا ليس سهلاً ..!

كانَت الطَرف المُنصِت الذي يستَمِعُ دون ان يَتدخل في الحِوار ، عَقدت يديها الي صَدرِها تَسمعهُ يُتابِع و هو في قِمَة حيرتِه

- انا رجل دبلوماسي ، لديّ الكثير من الاعداء ماريسا ، لاسيما من طرفِ زَوجتي و عائلتِها ، الكَثيرُ من الافكار تُراوِدُني حيال الامر ، اعني لرُبما شخص ما ارسلكِ لانهُ يريد زعزعَة حياتي ؟ اتوقعُ كُل شَئ فعالمنا هذا مُخيف ، لستُ اقصدكِ بصورَة شخصيَة ، لكني اتحدثُ عامَةً فهمتِ؟

قامَت بالايماءِ لهُ دون اجابتِه حتى تابَع هو مُوضِحًا

- المكان الذي وَصلتهُ ، لم يكُن بالساهِل ، صدقيني تعبتُ و تَغربتُ و طُرِدت و اُستحقِرتُ ، عانيتُ لاستطيع تَكوين عائِلَة بعدما فقدتُ الامل ، لكنّي وجدتُ زَوجتي التي مَسكت بيدي من قاعِ عُتمتي و دَلتني على طريقِها الذي اعاد الي قلبيِ المهجورِ الحَياة ، بَنيتُ و اسستُ معها العائِلة التي تَمنيتُها ، و فرحتُنا لازالت ناقِصَة لاننا لم نحصُل على طِفل ، لكن ذلك لا يَعني انّي اراها اقلُ من غيرُها من النساء ، على العَكس ، انا لا ارى غيرُها ، لِهذا تَرين اُسلوبي معكِ جاف و اضعُ الكثير من الحُدودِ الرَسميَة

قاطعتهُ هي قبل ان يُواصل مُتحدثَة بانزِعاجٍ واضِح

- لم اطلُب منك الا تكون رَسميًا ، بل كُل ما اريده ان تَحترمني و تَتوقف عن ايجاد الثغراتِ لِتقليل منًي و مُقارنتي بِزوجتك التي اساسًا لا اطمعُ لاكون مَكانِها ، انت اخرُ شَخصٍ قد اتخيلهُ زَوجي ، انت اساسًا لست نَوعي من الرِجال ..! دع هذا في بالك جَيدًا

كان عَليه ان يَرتاح من كَلامِها ، لكن حَدث العَكس حينما قَللت من شأنهُ و جَعلتهُ يشعُر انّهُ غير مُؤهَل لجذبِ الفتيات اليه ..!

عقد حواجِبه مُنزعجًا و ذلك كان واضِحًا لاعيُن من احَست بالانتِصار حينما استَردت جُزء من كبرياءِها الذي كَسرهُ هو بِمُقارناته المُستمرَة مع زَوجته

- هه ، و كَيف هو مُواصفات الرَجُل الذي تَحلُمين به اذًا ؟

دَفع حاجِبه عالِيًا قبل ان يَسمعها تُخبِرهُ دون تَردُد

- ليسَ آسيويّ

انزعَج اكثَر و نَبهها مُشيرًا عَليها

- ابنتكِ آسيويَة على فِكرَة..!

هَزت اكتافِها عاليًا ثُمّ قالَت

- ايًا كان ! فلتكُن آسيويَة المُهم ان زَوج امها المُستقبلي لن يَكون كذلِك

قَبض على يَدِه مُعترضًا فكرَة زواجِها التي بدت مُخيفَة في حَق ابنتِه اذ وضح ذلك قائِلاً

- اسمَعِ ، فكرَة انك سَتتزوجين من اجنبيّ لانجاب اطفال مِثلهُ كيّ يسخروا من ابنتي و يُضايقونَها لاحقًا ، هذا مُستحيل ، ضَعي في بالكِ ان حضانَة رسيل تُسقَط منكِ بِزواجك ، ابنتي لن يُربيها رَجُل اخَر

كانَت ستتحدثُ لَكنهُ قاطَعها بنبرَة جادَة و اعيُنٍ حادَة تَسببت في اخراسِها تامَة

- لا جِدال في مِثل هذا الموضوع ، نحنُ قلنا سَنسعى لاجلِ سعادَة رسيل لا غَير ، و انتِ سَمعتني جَيدًا حينما قُلت انّي مُستعد للتضحيَة بِزواجي ان لَزم الامرُ لاجلِ ابنتي ..! فلا يُمكنكِ ان تكوني انانيَة

سَكتت بعدَما نجح لاول مرَة في اقناعِها ، قامَت بالايماءُ ثُمّ قالَت

- بعدما كنت مُصِرًا ان تكون انانيًا ؟ لما غيرت رأيك؟

حَدقت في عينيّ مَن جَمع الانفاس بِداخل صَدرِه ثُمّ طَرحها بِبُطئ يَتذكُر مَشهد عُيونِها المليئَة بالدُموع و هي تُحاول ان تَتستر على ضُعفها الذي نَجح هو في رُؤيتِه بوضوح

ابتَسم مُتألِمًا فذلك المَشهد رآهُ في نَفسِه قبل سَنواتٍ طويلَة ، حينما كان يبحثُ عن شَخصٍ يعطفُ عليه و يَرحمه ، لكن الجَميع كان ضِدهُ و ساهَم في عَذابه

مَشهدُها ذاك ايقَظهُ من غفلتهُ و جَعله يُراجع نَفسهُ و يُدرك ان ما يَفعلهُ خاطِئ و لا يُمثله نهائيًا كَشخصٍ نِيتهُ صافيَة

اليسَ هو من قَطع عهدًا بانّهُ سيحمي المُستضعفين؟
وقتِ جُلوسه في القاع يَبكي و يَطلُب الفَرج من الاله
كيّ حينَما يَتحسنُ حالهُ ، سيُقدم العَون لِلجميع دون استِثناء

لَكن لما هو استثنَى ماريسا و تناسَى انّها اكثرُ من بحاجَة للمُساعدَة ؟

ليس عليه جَعل حِبه لزوجته يُنسيه انسانيتهُ ، ليس كُل امراةٍ دَخلت حياتهُ تَنوي افسادِها ، هو يَستطيعُ وَضع الحُدودِ دون جُرح الطرف المُقابل

و ذَلك ما سيسعَى لِفعله ، عَليه استِرداد وَعيه و نُضجه في العِلاقات ، قبل ان يُفكر بِرَسيل ، سيُفكر في اُمها التي ستُقدم اليها الرعايَة

انتَظرت جوابَهُ الذي قالهُ بعد حينٍ حينَما نظر في عُيونِها المحمرَة اثر البُكاء

- لانّي رايتُ فيكِ نَفسي ..!
رأيتُ جونغكوك الصَغير و هو يُحاول ان يَكون قويًا امامَ من يُؤذيه ، لكنهُ يَدخُل تحت البطانيَة ليلاً ليبَكي من وزن ذلك الثقل الذي لا يُحتمَل

مَسك سُترته يَضعها في حُضنه فهو يَستعد للرحيل بالفِعل اذ قال مواصِلاً

- لا اُريد ان اكون مثل اؤلاءك الناس الذين كَرهتهم انا في الماضي ، لن امارِس ما مارسوه عليّ على غَيري

استَقام من مَجلسه يلبسُ سُترته فاستَقامت هي مَعهُ كَذلك تُطالعهُ و هو يسير ناحيَة الباب للرَحيل ، وَقف عندهُ و التَفت ناحيتِها يُحدق في عيونِها قائِلاً

- لِذلك ، انا اسِف

كان اعتذارًا صادِقًا استَطاع مُلامسة ماريسا التي جَلست فوق الاريكَة تُناظر الفَراغ امامِها بعد رَحيله ، مالذي سَتفعلهُ الان ..؟

هل تَثقُ به و باعتذاره و تُعطيه فُرصَة يُثبت فيها انّهُ آهل لحمايتِها الي حين العثورِ على اهلها ؟ ليس لديها خيارٍ اخَر من الاساس

اتَكئت على الاريكَة تُناظر سَقف الحُجرَة بشُرود ، تَستردُ اخَر ما جَرى مَعها بِقلبٍ واهن و طاقَة مُنعدمَة ، تتمنى ان القادِم فيه جَبر لِروحُها..!

•••

وَصل جونغكوك الي بيتِه بعدَما رَكِب سيارَة اُجرَى

حينما كان على وَشك دخول المنزِل ، تَذكر انّهُ نسى هاتِفهُ في سيارتِه لذلك مشا في اتجاهِ مرآب السياراتِ يستفسر ان كان اوليڤر ارجَعها ام لا ، بعدما تَركها و ركب مع ماثيو حينَما اقلَهُ عند ماريسا

وَجدها هُناك مَركونَة لذلك تَوجه ناحِيتها يَفتحها كيّ يُخرج الهاتف الذي بَحث عنهُ بكامِل السيارَة حتّى وَجدهُ مرميّ تحت الكُرسيّ ، اخرَجهُ و لاحَظ ان هنالك ورقَة تُرافقه

استَغرب و سارَع باخراجِها حتّى وَجدها ورقَة بيضاءٍ مكتوب عليها بالأحمَر

- the game has started
اللُعبة ، بدأت

عَقد حواجِبه بِشدَة يُقلِب تلك الورقَة بين اصابِعه بِحيرَة ، نَظر حولهُ ثُمّ سارَع ناحيَة الحارِس يسألهُ بجديَة

- من اقتَرب من سيارتي ، هل هنالك احد دَخل الي هنا ؟

ناظَرهُ الحارِس مُستغربًا قبل ان يُنفي برأسِه مُجيبًا بهدوء

- كلاّ يا سيدي ، الشَخص الوحيد الذي دَخل كان آوليڤر حينما جاء بالسيارَة

شكرهُ اللورد بَعدما تجاوَزهُ و امعَن التَحديق في الورَقةِ مُتسائِلاً بِرَيبَة

- من قام بوضعها ؟ هل يا ترى هذه احد مقالب اوليڤر ..؟
ذلك وارد ، مقالبه سخيفَة مثله

قَبض على الورقَة بداخِل كَفِه ثُمّ مَضى في اتجاه البَيت دون ان يَعلم ان هُنالك شَخص من وراءِ الاشجارِ يُراقِبه

دَخل الي البَيت ، و نَده على زَوجتهُ التي حالَما دلف الي غرفتهما وَجدها نائِمَة اسفَل المُكيف ، اقتَرب يحملُ الجهاز لاغلاقهُ فسارعَت هي بفتح عينيها مُتحدثَة بانزِعاج

- جونغكوك توقف عن اطفاء المُكيف في كُل مرَة اكون نائمَة بها مُرتاحَة..!

حَدق بِها بهدوءٍ قبل ان ينطِق

- انتِ تعرفين انّي لا استطيع النوم و هو شَغّال..!

بِسبب صَدره و حَساسيته ، الطبيب مَنعهُ من التعرضُ الي الهواء البارد بانواعِه ، لِغَرضِ الوقاية لا غَير

في كُل مرة ينامُ فيها بداخِل غرفَة مُكيفَة ، يستيقظُ اليوم المُوالي و صَدرهُ يُؤلمه ، يظلّ لثلاثَة ايامٍ الكحَة تُلازِمهُ مع صُعوبَة في التنفُس

انتَظر جواب اليوت التي عاوَدت التمدد بِنُعاس تُشير لهُ بالخُروج

- اذهَب لِتنم في الغُرفَة الاخرَى ، الجو حار اليوم لن احتَمل النوم بدون مُكيف

قَطب حواجِبه مُتضايقًا فهو كان يُريد النَوم في حُضنِها بعد يومٍ مُرهِق ، لذلك عبّر عن احتياجِه حينما قال

- اليوت انا اريد النوم معكِ ! انت لن تَحرميني من ذلك ايضًا !!

وَضعت الوسادَة فوق رأسِها تُزمجر مُنزعجَة من الضَجيج الذي يُحدثه

- جونغكوك و اللعنة السابعَة اخبرتك مليون مرَة حينما اكونُ على وَشك النوم لا تُزعجني !!! غدا لديً تصوير من الفَجر ، اخرَج دعني انام

رَمت عليه الوِسادَة خِتامًا و طَردتهُ من الغُرفَة ، جَلس على الاريكَة مُكتئِبًا فتلك ليسَت اول مرَة يُطرد فيها من حُجرتهما ، غالبًا ما ينتهي به الامرُ خارجًا حينما يتأخَر في العودَة الي المنزِل و تأسم من انتظارِه فتقرر النوم

و ان حاوَل هو ايقاظِها بتلك اللحظاتِ ، جنازتهُ ستكونُ محتومَة لانها تُعاني من صعوبَة في العودَة الي النَوم ان غَفت

تَنهد مُنزعِجًا قبل ان يَتمدد على الاريكَة يُكتف يداهُ الي صَدره اذ طالَع سقف الغُرفَة مُتذكِرًا رَسيل ، نَمت على شِفاهه ابتِسامَة لا اراديَة حينَما رفرف قلبهُ بِمُرورِها امام عيناهُ تَضحكُ على مُلاعباتِه

يَنتظرُ ان يأتي الصَباحُ بفارغ الصَبر كيّ يذهب اليها و يُلاعِبُها من جَديد ، يكادُ لا يُصدق أنّ اصبَح لديه طِفل ..! تَخُصه هو دون غَيره

اغمَض عيناهُ و رَدع كُل شعورٍ سلبيّ قد يَتسبب في اخمادِ سعادتِه بِصَغيرتِه التي مَنحت بهَجة لِحياتِه الباهِتَة ، ابتَسم بِخُفوتٍ يُجبر نَفسه على النَوم كيّ يَمضي الليل سريعًا و يحَل الصَباح اسرَع

للاسفِ حماسَهُ لم يُساعدهُ بالنَوم اطلاقًا ، لِذلك استَقام و تَوجه ناحِيَة المَطبخ يترُك مُلاحظَة الي زَوجته ثُمّ عَلقها على الثلاجَة قبل ان يَأخُذ هاتفهُ و مفاتيح سيارتِه مُغادِرًا البَيت

قاد ناحِيَة اقربِ مركز تجاريّ بدوامٍ ليليّ ثُمّ نَزل و بدأ يَتبضعُ و يشتري كُل النواقِص سواء لابنتِه او اُمها بمالٍ كاش ، لن يُكرر ذات خَطأ المرَة الماضِيَة و يستخدم بِطاقتهُ كيّ يَتجنب حِوار التَدقيق مع زَوجته

اشتَرى كُل المُستلزماتِ الضَروريَة ثُمّ قاد في اتجاهِ البنايَة التي تَقطُن فيها ماريسا مع طِفلتهُما ، بِمُجَرد ان كَتب كلمَة سر الشِقَة ادخل كُل تلك الاغراض التي مَلئت الصالَة بأكملِها من كِثرتها

مَنع نفسهُ بصعوبَة الا يَدخُل الغرفَة و يَرى رَسيل حفاظًا على خُصوصيَة اُمها التي قَد تكون نائِمَة بدون مَلابس مَثلاً ..!

لذلك اجبَر نَفسهُ على النَومِ فوق الاريكَة ريثما تستَيقظ ماريسا فالساعَة تجاوَزت الرابعة صباحًا بالفِعل ، غَفى دون ان يشعُر من كِثرَة تعبِ اليَومِ و ارهاقه

كانَ يومهُ الاول الذي يَنامُ فيه بَعد ليالٍ من التَفكيرِ المُفرَط حيال امرِ اختفائِها

•••

فَتح عيناهُ بِبُطئٍ حينَما اختَرقت اشعَة الشمسُ بُؤبؤتاهُ بِمُجَرد ان اُزيلت الستائِر عن النوافِذ ، اول وَجهين قابَلاهِ هُما خاصَة رَسيل و اُمها التي تقفُ عند رأسه تُطالعهُ باستِغراب واضِح على مَلامحها

ليلَة الامسِ رأتهُ يُغادر بِعَينيها ، كيف جاء و جاءَت معهُ كُل هذه الاغراض الكَثيرَة ؟

جَلس هو مُسرِعًا يُدلك عيناهُ المُنتفخَة من قلَة النوم كيّ يستطيع رؤيَة رسيل التي تَلبسُ حفاظها دون مَلابسٍ تستر جَسدها الصغير ، كانت في حُضن اُمها تُحاول المجيئ الي خاصته و هي تَمد بيديها اليه مُتحدثة بلطافَة بالغَة

- ب..بابا

أسرَت قلبهُ و نَجحت في سَرِقته للمرَة الألَف ، انّها البابا الاولَى من شَفتيها بعدَما تأكَد انها صَغيرتهُ اذ راح قلبهُ يَخفقِ بِصَخبٍ بعدما استَقام و انتَشلها مُسرعًا من حُضن ماريسا يَحتضِنها الي صَدره بِحُب

قبل رأسِها ذا الشعرِ الناعم المُشابه لِخاصته ثُمّ هَمس قائِلا بِحُب

- عُيون و روح بابا ، يا اغلَى ما يَمتلك

صَوتهُ المليئ بالبحَة نَظرًا لاستِيقاظه الحَديث ، لَفت انتباه ماريسا التي وَقفت تُطالعهُ للحظاتٍ قبلا ان تَتحمحم و تُقرر اعطاءه مِساحته مع ابنتِه ، استَدارت للمُغادرَة و دُخولِ الحَمام كيّ تَستحم و تَبدأ نهارها في ذاتِ الوقت الذي جَلس فيه اللورد و بداخِل حُضنه ابنتِه التي كانَت تتفقدُ مَلامحه باصابِعها الصغيرَة

كانت مُعجبَة بِه بشدَة ، ذلك كان واضِحًا من نَظراتِها المُشعَة اليه ، لرُبما لانهُ الَشخص الوَحيد الذي يُشبهها ؟ آسيويّ كمِثلها يُشعرها بالإنتِماء

احتَضنتهُ و دَخلت في عُمق حُضنِه تُغمِض عينيها بِسعادَة لِوجوده بالجِوار ، تَستمتعُ بلمساتِه الدافئَة على ظَهرها العاري قَبل ان تَعبس حينَما صَفع حفاظها الذي يَحتضنُ مؤخرتها الصغيرَة

- لما اميرَة البابا عاريَة ؟ اين ملابسكِ ؟

رَفعت رأسِها تُناظرهُ بِعُبوسٍ فَطر قلبهُ ، احتَضن وَجنتيها ينخفِضُ لِتَقبيل جَبينها قبل ان تتحدث هي بلُغتها بينما تُشير خَلفها

- تاتاغي غوغايو بح

حاول ان يَفهم عليها و حينما فَشل غَضِبت هي و زاد الامرُ سوءًا حينما راحَت تشُده من شَعرِه و تَصرُخ بِه

- ابابا غوغو غاغيغو

مثّل الفَهم كيّ يضمن سَلامتهُ فابنتهُ متوحشَة كأمها ، امسَك بيدِها يُحاول ابعادها و حينَما نَجح حَمل طِفلته من اسفلِ ابطيها و قال ضاحِكًا

- همم اُنظري بابا ماذا جَلب لاجل رَسيل الصغيرَة ..!

مَشى في اتجاهِ الاكياس التي تَتضمن مَلابس تُناسب حَجم رَسيل التي ما ان وَضعها فوق الارضِ و قَدم لها بِضع العالٍ تتماشى مع سِنها ، ضَحكت و راحَت تُصفق بيديها بِسعادَة غامرَة

سعادتها تِلك كانت سَبب تَناسي اللورد كامِل احزانِه ، كُلّ ما مر عَليه من سُوءٍ رماهُ في سلَة النُفاياتِ و جَلس قُبالتها يتأمُل فرحَة ابنته بِما يُقدمه اليها

هي اكثرُ من تَستحق ان يُقدم لَها دون التَفكير بِمجهودِ العَطاء
طِفلتهُ الوَحيدة التي تَستحقُ منهُ الحُب الغَير مَشروط

مَسح على شَعرِها بلُطفٍ يُلاعِبُها ، كان سَعيد جِدًا و هو يُراقِبُها بكُل تلك البهَجة ، قلبهُ يَترمم بِبُطئ و بساتينَهُ الذابلَة تعودُ للازدِهار

انخَفض يُقبل رأسِها ثُمّ رَفع عيناهُ الي ماريسا التي خرَجت من الحَمام و هي تُجفف شعرِها الطَويل بالمنشفَة

كانَت تلبسُ بِنطال قَصير من الجِينز مَع قَميصٍ زهريّ يفوقُه طولاً ، كان واسِعًا باكمامٍ تصل الي نهايَة ذِراعيها ، خَمن ان ماثيو من جاء بِهذه الثيابِ اليها في الايامِ السابِقَة

ما ان رأت رَسيل اُمها حتى تَركت الالعاب و زَحفت في اتجاهِها تطلُب مِنها حَملها بعدَما احتَضنت ساق والِدتها التي ابتَسمت و انخَفضت لِانتِشالها بين كُفوف يديها الدافِئَة

انخَفضت تُقبل جَبين طِفلتها التي اشارَت بيدِها على والِدها و راحَت تشتَكي منهُ لامها ، ليس كَما لو انّها ذات الطِفلة التي كانَت ميتَة من السعادَة قبل قليل

- ابابا ، توتو اءاءا!

وَضعت يدها فوق مُؤخرتِها فعلِمت ماريسا ان اللورد صَفعها من هُناك ، مَثلت الصَدمة و ناظَرت السفير المَصدوم بِدوره من تَبدل احوال ابنتِه ذات السَبع اشهر ..! للتو كانَت سعيدَة في جِواره

لِما لا يَفهم ان الموضوع قضيَة شَرف ..؟
رَسيل لا تُحب ان يَلمس احد مُؤخرتها ..!
انهُ رزقُ زَوجِها الذي حتمًا يدرُس في الروضَة
و يُحاول تَكوين مُستقبلهُ بتعلُم كتابة الاحرُف
كيّ يأتي و يَتزوجُها ..!

والِدُها اول مُتحرش عرِفته في حياتِها
انهُ قليل الأدَب و على اُمها ان تُربيه
كي يَعرف كيف يحترم ارزاق الرِجال الاخرين..!

نَظرت ماريسا في اتجاه جونغكوك الذي استَقام من فوق الارضِ محاولاً الدِفاع عن نَفسِه

- لم افعَل شيئًا ! لقد كنتُ العبُ معها

مَلامحهُ الجديَة في تبرئَة نَفسه جَعلت ماريسا تُطأطأ بِقلَة حيلَة ، لابد ان طِباع ابنتها الدراميَة ورِثتها من والدِها ، اذ من الواضح انهُ يُضخم الامور الصغيرَة تمامًا كما تَفعلُ رَسيل

كانَت على وَشك التحدُث لكن رَنين هاتفهُ قَطع كلامِها ، رأتهُ و هو يُخرجه من جَيبه و يتفقد اسم المُتصل الذي كان زَوجته ، اجابَها بعدما استَقام و تَوجه ناحيَة الشُرفَة ليحَظى بالخُصوصيَة في الحَديث مع امرأتهُ التي قالَت

- جونغكوك اين انت ؟ لما غادَرت منذ الصَباح الباكر؟

كان من الواضِح على صَوتِها انها تتناول طَعامها بلا شَك لذلك اجاب اللورد بَعد لحظاتٍ من الصَمت و هو يُحاول استيعاب مَوقعه الحاليّ

- تركتُ لكِ مُلاحظَة اخبرتكِ انهُ عليّ الذهاب من اجلِ التجهُز للسَفر

وَضعت اليوت الشَوكة التي كانَت تتناول بِها السلطَة قبل ان تردِف بعد لحظاتٍ من الهُدوء المُتبادل بين الطَرفين

- مالذي ستُجهزه من اجلِ السفر؟ التدرُب على طريقَة لمحادثَة الوزير ؟ كُل شئ سيُجهزه الخَدم جونغكوك !!

اخفَض رأسَهُ يقومُ بِتَدليك جَبهتهُ باستِخدام اصابِعهُ بعدَما نَشب بداخله الصُداع ، استَغرق وقتًا ليُجيبها بنبرَة هادِئَة كمثلِ خاصتِها

- ساُعيد الاتصال بكِ حينما اتفرَغ همم؟

عاوَدت امساك الشوكة تَعرسُ بداخلها الطماطم و الخِيار قبل ان تنطِق بانزِعاج

- اين انت ؟ و لِما لست مُتفرِغ ؟

تناوَلت ما اخذتهُ بالملعقَة و قبل ان يُجيبها تابعَت بضيق

- لديّ مُقابلَة بالمساء و انت عليك الحُضور مَعي ..!
اتفقنا ؟

ليسَ لديه خِيار سوا ان يُوافِق ، فهو لن يَترُكها بمُفردها دامَها طلبت حُضوره ، همهم لَها قبل ان يُعاين ساعة رِسغه لتفقد التَوقيت

- حسنًا يا روحي سآتي من اجلكِ

استقامَت بعدما انهَت طعامِها من اجلِ مُواصلَة البرنامج التلفزيونيّ الذي تُقدمه لاجلِ الاطفال الصِغار

- حسنًا حبيبي انا لديّ عرض مُباشر الان ، ساحدثك لاحِقًا

قامَت بِفَصل الخَط تَتركهُ يَنفردُ بافكارِه عِند تلك الشرفَة المُطلَة على البَلدِ باكملِه ، اتَكئ بساعديه على السُور يُراقِب السماء امامَهُ بشُرود

يُفكِر باستِمرار حَول كيفية مُصارحَة زوجتهُ بامتلاكِه طفلة من امراةٍ غيرِها ..! سيفطرُ الامر قلبِها و يَهشمُ شُعورِها

تَنهد مُتضايقًا ثُمّ دَخل بعد دقائِق عِدَة ليجَد ماريسا تجلسُ امام التِلفاز و تَتصفحُ القَنوات حتّى ظَهرت لها القناة التي تعرضُ برنامج اليوت المُباشر

اوقفَت التنقُل بين القَنوات تُطالِع تلك الشَقراء قُبالتها تبتسمُ للجُمهورِ بطريقَة جَذابة جَعلتها تُدرك سَبب عَدم رؤيَة زوجها لِغَيرها

انّها جَذابة و ساحِرَة بِحَق

اطالت التَحديق بها قبل ان تَرفع عينيها الي السَفير الذي انتَشل رسيل من على الارضِ و استَقر بجانبها و ابنتهُما في حُضنه

نَقل بصرَهُ الي شاشَة التلفازِ حيثُما كانت اليوت تسردُ قِصَة طُفوليَة بِصَوتِها الناعِم ذاك ، تَبسم مَلمحهُ و رأت الصُغرَى نَظرة الحُب في عَينيه حينما قال

- مِثاليَة اليسَت كذلك؟

عاوَدت ماريسا النَظر الي الشاشَة من جَديد تَستغرقُ وَقتها في التَفكير الي أن اجابَت بعد فَترةٍ من السُكوت

- انها كَذلِك

نَهضت من جِواره و مَشت في اتجاهِ المَطبخ من اجلِ اعداد فُطور الصَباح و قَد شَملتهُ هو كَذلك ، ندَهت عليه بعد دقائِق فجاء مع رَسيل التي تستقرُ بداخل حُضنِه تُلاعب اقفال قَميصِه الاسوَد

جَلس امامَها و طِفلتهُ فوق حِجرهُ لا يستُرها سوا حِفاظُها ، رَفع عيناهُ الي امها و قال مُسترسِلاً

- لما لم تُلبسيها ثيابِها ؟

سَكبت الحليب فَوق النسكافيه المَخفوقَة قبل ان تُناظرهُ مجيبَة

- رسيل تُحب ان تنام عاريَة ، و حينما تستيقظ تكرهُ ارتداء ملابِسها لذلك اترُكها على راحتِها دامهُ الصَيف

احتَست من كوبِ قهوتِها قبل ان تُقطِع التُوست تناول منهُ مع الموز و زبدة الفول السودانيّ تحت انظار اللورد الذي اصَدر همهمَة دلالَة على فهمِه

- جِئتُ لكِ بكل ما تحتاجينهُ ، سواء لكِ او لِرسيل ، الايام المُقبلَة لديّ سفرَة لذلك لن استطيع ان اكون مُتواجدًا ، يمكنك الاستعانَة بماثيو ان نَقصت بعض اللاوزم في غيابي

اكتَفت بالايماء برأسِها دون التَطرُق لايّ احاديث جانبيَة معهُ ، ان سالها اجابَت و ان امتنَع عن الحَديثِ التَزمت الصَمت لفتراتٍ طويلَة

تَركتهُ يقضي وَقتهُ مع رَسيل و غَسلت هي المواعين ثُمّ حينما رَغبت في التوجه الي الغرفَة نده عليها و هو على صَدد الرَحيل

جَلست امامهُ تجدِه يُخرج عُلبة هاتفٍ حَديث من احد الاكياسِ التي اشتراها ، قَدمهُ اليها قبل ان ينطِق موضِحًا

- هذا الهاتِف اليكِ ، يُمكنكِ استخدامهُ كما شِئتِ ، شَرط الا تَنشري اي شئ يتعلقُ بكِ او برسيل على الانترنت ، فالوضَعُ غيرُ آمن

مَسكت ذلك الهاتِف بين يَديها و قَد بان الانبهارُ على عَينيها ، انهُ ذاتهُ التي رأت تلك المرأة تُصور به ابنها ..! سَتستطيعُ هي كَذلك تخليد ذكريات ابنتِها بداخله

ابتَسمت بِسعادَة غامِرَة جَعلت اللورد يستغرِبُ من فَرحتها بابسطِ التَفاصيل ، راقَب عينيها حينَما رَفعتهُما اليه و قالَت دون مُقدمات

- شُكرًا ، ساقومُ باستِخدامه جَيدًا

اومَئ لَها ثُمّ قال

- هنالك رَقمي مُسجَل ، يُمكنكِ مُراسلتي من اجلِ ارسال صُور رسيل اليّ حينما اكون غائِبًا

ناظَرتهُ فَوجدتهُ يُنبهِهُا بحَذر

- ستقتصرُ مراسلتكِ لي على رَسيل فقط ، ضَعي في الحُسبان انهُ ليس هُنالك اي محادثاتٍ جانبيَة مهما كانَت

حَدقت به بِنَظراتٍ فارِغَة ، اذ كيف تُقنعهُ انّها في قمَة سعادتها لاجلِ سَفرِه كيّ لا تَلتقي بِه ؟ ان جِئنا للواقع فهي لا تُطيقه اطلاقًا ، اعتذارَهُ لم يُرمم ما كَسرهُ بداخِلها ، فشل في تَضميد خاطِرها

- ساحرِصُ ألا اراسلك الا حينَما تسأل انت على رَسيل

اجابَتهُ بعدَما فَتحت الهاتِف تتفقدهُ بانبهارٍ و سَعادَة و هي تَسمعهُ يُهمهم موضِحًا

- اوصَلتهُ لكِ بالانترنت ، يُمكنك تفقد مواقع التواصل الاجتماعيّ

رَفعت عينيها اليه ثُمّ عاودت الايماء من جَديد قبل ان تُطالع رَسيل التي ارادَت خطف الهاتف و استِكشافه ، و كيّ لا يُفسد السفير فَرحة ماريسا بِهاتفها الجَديد قَدم للصغيرَة خاصتهُ و تَركها تَعبث بهُ في الوَقت الذي تَوجهت فيه اُمها الي الغُرفَة لِتفقد ما بين يَديها بِحماسٍ

كانَت دقائِق عديدَة حتّى سَمعتهُ يُناديها و هو يلبسُ سُترته مُستعدًا للرَحيل فجاءَت هي لِتراهُ يَمُد رَسيل اليها قائِلاً

- ساذهبُ الان ، خُذي رَسيل لا تدعيها تراني ارحَل سَتبكي

مَدت ماريسا يَديها حتّى تأخُذها اذ رَفضت الصغيرَة الذهاب اليها و ظلّت تتشبَثُ بقميص والِدها تأبى تَركهُ ، حاوَلت معها كَثيرًا لَكن رسيل كانت مُصرَة و كأنّ قلبُها الصغيرُ يعلم ان اباها سيغيبُ عنها بالأيام

- رَسيل حبيبتي تعالي اُحممكِ هيا ، سالبسُ صغيرتي فستانها الجَميل الذي تُحبه همم ؟

قالَت الكُبرى و هي تُحاول جَذب اهتِمام ابنتِها التي حَشرت نَفسها بداخل صَدر والدِها ترفُض المَجيئ اليها ، ظَهر العُبوس على وَجه من رَفعت عُيونِها للتَحديق بخاصَة السَفير الخَضراء

- ان تَركتها رُغمًا عنها لن تسكُت لايام

انَزل اللورد رأسهُ الي ابنتِه فلم يُقاوم نَظرتُها البريئَة تِلك ، انخَفض يُقبل انفها الصَغير قبل ان يَبتسِم بعدها سَقط مُنهزمًا امام رَغبتها بالبَقاء

- حسنًا سابقَى معها قليلاً بَعد
اساسًا ساشتاقُها كَثيرًا

ضَمّ رَسيل الي صَدرِه فراى اُمها تقومُ برفع شعرِها عالِيًا مُتحدثَة

- حسنًا اجلبها و تعالى الي الحَمام ، ساُحممها

تَحمس لِفكرَة انّهُ سيُشارك بِتَحميم ابنتِه لاولِ مرَة في حَياته ، ظَهرت سعادتهُ على وَجهه و بدا كَطِفلٍ صغيرٍ في قمّة بَهجتهُ

لاحَظت الصُغرَى سعادتهُ الواضِحَة فعُيونِه التي بَرهنت مَدى لهفتهُ في الحُصولِ على طِفلٍ منهُ ، لِوهلَة احسَت ان رَسيل مَحظوظَة للغايَة لانها تمتلكُ أب سيمنحها قدرٍ عالٍ من الحُب

سَبقتهُ الي الحَمام و لم تُكثر الحَديث معهُ فلحِقها مع رَسيل التي كانَت تُؤرجح قَدميها في الهَواء مُستمتعَة بنسماتِ الهواء اللطيفَة المُتسربَة من النافذَة

اغلَقت ماريسا النافِذَة قبل ان تَملئ الحَوض بالمِياه الدافِئَة ، التَفت ناحيَة السفير و قالَت بهُدوء

- شمّر ساعديك في الوَقت الذي اُزيل فيه حِفاظها

قَدمها اليها و رَضت رسيل الذهاب الي حُضن امها التي احتَوتها بين ذِراعيها تُعاتبها بِصَوتٍ لين

- هل قُمتِ بِـ بيعي ايتها المُشاكسَة همم ؟
تفضلين والدكِ عليّ ؟

اخَذتها الي الغُرفَة كيّ تزيل حِفاظِها ثُمّ اعادتها الي الحَمام عاريَة تَرى السفير قد شَمر قَميصهُ و وقف في مُنتَصف الحَمام مُتخصرًا بعدَما ارتدَى قفازاتِ الاستِحمام و وَضع فوق رأسِه قُبعَة بلاستيكيَة جَعلت ماريسا تنفجرُ ضاحكَة على شَكلِه

لابد انّهُ تَحمس زيادَة عن اللزوم

رَمش مُستغرِبًا من ضَحِكها العالي ما ان رأتهُ فقام بِتَفقد نَفسه بالمِرآه يَرى هيئتهُ الوَسيمَة ، لم يَجد عيبًا بِشَكله بل تفاقَمت نرجسيتهُ اكثر كَونهُ ذلك الاب المثاليّ الذي سيُحمم ابنتهُ عن ظاهر قلب

- مابكِ ؟ لما تَضحكين ؟

ناظَرتهُ من وَسط دُموع ضَحِكها قبل ان تَقوم بِمَسحها مُتحدثَة بسُخريَة

- ماهذا الذي تلبسهُ حَضرتك ؟
هل مُتأكد من انك سَفير؟

اقتَرب يأخُذ مِنها رَسيل قبل ان يَنطِق و هو يَنظُر بداخِل عَينيها البُنيَة

- هل تَشُكين بِذلك ؟

تَفحصت هيئتهُ للحظاتٍ ثُمّ عاوَدت التَحديق بِعُيونه مومِئَة

- بِوضعك الحاليّ ، اجَل

ضَمّ رسيل لهُ بيد واحِدَة ثُمّ اشار عليها باصبع يَده الثانيَة مُفسرًا

- اسمَعي لا تَخلطي بين الأمرين ، انا سَفير مُوقَر في الخارِج ، و أب رَسيل اللطيف في الداخِل ، هنالِك فَرق همم ؟

انَزل عينيه الي رَسيل التي كانَت تُحاول حَشر اصبعها بداخِل ثقوبِ انفه بيد ، و الثانيَة تبحثُ فيها عن شعرِه من اسفل القُبعَة فتابَع مُتنهداً بيأس

- ثُمّ منذ ان اعتادَت عليّ رَسيل و هي تُطيح بكاريزمتي المثاليَة

رَفع الصغيرَة من ابطيها عاليًا ليخُفضها من جَديد مُقبلاً انفها ، لَحق ماريسا الي حَوضِ الاستِحمام حيثُما وَضع رَسيل بلُطف بالداخل مُستفسرًا

- هل تخافُ الماء ؟

ناظَرتهُ الكُبرى بحاجبٍ مَرفوع

- من قال لك انها قِطَة ؟

مَلئت كوب مُتوسط الحَجم بالماء ، ثُمّ سَكبتهُ بلُطف على وَجه رَسيل التي ضَحِكت بعدَما اغمضت عُيونها بِقوّة تتجاوَب مَع تلك القَطراتِ الدافئَة التي لامَست جَسدُها الصغير

ابتسَم اللورد على مَلامِحها و عيناهُ تُضيئ من السَعادة ، تخلّى عن قُفازاتِه بعدما اراد ان يُلامِس جسدِها بكفوفه الدافِئَة فلا يُوجَد احنُ عليها من يَديه

- اجلِب الشامبو الخاصِ بها ، لقد اشتراهُ لها ماثيو

قالَت ماريسا و هي تُشير على الشامبو الذي بداخِل الخزانَة ، رَفض السفير احضارَهُ و قَرر المجيئ بالذي اشتراهُ هو بَدلاً حيثُ عاد به بعد لحظاتٍ متحدثًا

- هذا افضَل

اخَذتهُ ماريسا منهُ قبل ان تَراهُ يقومُ بالجُلوسِ على طرفِ الحَوضِ يُراقبها و هي تَضعُ الشامبو على رأس ابنتِه ، سَحب رسيل من خصرِها الي الخَلف قائِلا بقلق

- انتَبهي كيّ لا يُصيب عَينيها و تتأذى

طالعتهُ الكبرى باستِنكار حيثُ قالَت

- انها ليسَت المرة الاولى التي اُحممها بها ..!

قامَ بالايماء مُتفهمًا ، لَكن قلقهُ على ابنتهُ غلبهُ و قام بِوَضع كَف يديه على عينيها كيّ لا ينخفضُ الشامبو و يُلامسُها ، تَنهدت ماريسا بانزِعاج اذ قالَت

- كيف ساقومُ بفرك شعرِها و انت تَضع كفك هَكذا ؟

قلّص عيناهُ مُجيبًا بِجديَة تخلوا من المُزاح

- انها استراتجيَة الحمايَة الطِفلية

رَمشت الصُغرى مُستفهمَة تُطالعهُ للحظاتٍ بعدمِ تَصديق
مابه هذا ؟ هل هو مُختل او ماشابَه ؟

بصعوبَة حافَظت على هُدوءِها و حينما نَجحت دَفعت يدهُ و قالَت بجديَة هي الثانيَة

- دَعني اقوم بِعملي ، انا اخافُ عليها اكثرُ منك

دَفع يديها هو كَذلك حينما ارادَت ان تَفرُك شعر الصَغيرة فقال بسُرعَة

- حسنًا سنلعب حجرَة ورقة مِقص و الفائز يفعلُ ما يُريد

تنتابُ ماريسا رَغبة عارمَة بحشر رأسه داخل الحَوض حتى تَحرِص على اغراقهُ ، لَكنها تَحفظت بِرغبتها القاتلَة تلك و سايرتهُ قائلَة

- ماهي هذِه ؟

فسّر لها كَيفيَة لعِبها ، و حينَما نجح في اقناعها تَمكن من الفوز عَليها نظرًا لِكَونها مُبتدئَة ، ابتَسم مُعجَبًا بِنتائج اللُعبَة التي لِصالحه ثُمّ طالع عينيّ الصغرَى التي كَبحت رَغبتها في الصُراخ و نَهضت من امامَه

راقَبها و هي تَدخُل الحَوض من الخَلف اذ استَقرت وراء رَسيل بعدما جَلست في مُنتَصف المياه التي بَللت ملابِسها ، لم يكُن هنالك حَل مع عناده سِوا ان تَفرُك شعر رَسيل من الوراء نظرًا لكونه يُعيقها بكفه من الامام

وَضع هو كَفهُ فوق عينيّ صغيرِته التي اندمَجت باللعبِ مع البَط مُتجاهلَة مُناكفاتِ والديها تمامًا ، فَركت لها اُمها شَعرِها الذي غَسلتهُ بعد حينٍ و قالَت

- احمِلها على ساعِدك من بَطنها ، سافرُك لها جَسدها بجل الاستِحمام

لم يَتردد بِتنفيذ ما قالَت حينما حَمل رَسيل على ساعِده مُتجاهلاً تَبلل ملابِسه هو الثاني ، تضايقَت الصغيرَة بعدَما فصَل اللورد بينها و بين بَطاتِها اللطيفَة فراحَت تُؤرجح قَدميها في الهواء تَصرُخ رافضَة واقعها الاليم

صَفعتها ماريسا بلُطف على مؤخرتِها قبل ان تنطِق و هي تَفرُك لها جَسدِها

- اُصمت ايها الطفل الدراميّ ، سَننتهي

تفاجَئت بِنَظرات اللورد المُميتَة اليها اذ قام بِتنبيهِها مُحذرًا

- لا تَصفعي ابنتي ..!

للتو ادرَكت انّ هُنالك شَخص سيتشاركُ طفلتها مَعها و يبدأ باملاءِ اوامِره فيما يَتعلقُ بها ، طالعتهُ بِدورها بنظراتٍ سامَة حينما قالَت بانزِعاج

- انها ابنتي قبل ان تَكون ابنتك !

ضَمّ رَسيل الي صَدرِه كيّ يُسكتها ثُمّ قال بِجديَة

- غيرُ صَحيح ، ما كانَت لتأتي لَولاي انا
انها تَخُصني قبل ان تكون تَخصُكِ
لانها انَطلقت منّي

وَقفت ماريسا امامَهُ و مَلابسها بالكامِل مُبللَة اذ تَخصرت بِغَيضٍ لم تستطع كَبحهُ حينَما راحَت توبخهُ بغضَب

- اسمَع ، صَحيح انك والدها ، لكن هذا لا يُعطيك الحق في اخباري كيف اُعاملها ، انها صغيرتي انا

رَفع اللورد رأسهُ اليها فهي فاقتهُ طولاً بوقوفِها امامَهُ ، وَقف هو الاخَر بِدوره امام من اضطَرت ان تَهُز رأسها الي مُستواهُ تجدهُ يَدفع بحاجبه عاليًا

- مالذي قُلتيه ؟

اخَذت رَسيل منهُ و قالَت بغيض

- قُلت تبًا لك

عاوَدت حَشر صغيرتِها بداخِل الحَوض تَغسلُها من الصابون الذي مَلئها بالكامِل ، و حينما انتهَى حمامها الاول بِمُشاركَة ابيها ، كانت السعيدَة الوحيدَة الخارِجَة من الحَمام مع أبويها المُبللين بالكامل

اجسادُ كليهما تُقطر من الماءِ اذ كانت ماريسا تَلف الصغيرَة المُبتهَجة بالمنشفَة في الوَقت الذي يُرافقها فيه اللورد الي الغُرفَة

- البسها انت حِفاظها ، انا ساغير مَلابسي

قالَت بعدما دَفعت برسيل الي جونغكوك الذي انتَشلها بصدرٍ رَحب ، اي شَئ ستُخبره ان يَفعله لاجلِ ابنتِه سيقبل به مُباشرَة

وَضعها فوق السَرير يقومُ بتِجفيف جَسدِها بالمنشفَة بينَما يستمعُ الي ضِحكاتها التي تُطرب مَسمعهُ كَونهُ يُدغدغها ، كَشف عن بطنِها الصَغيرُ ثُمّ انخَفض يُقبلُها و يُلاعبها بانفهِ كيً تُعطيه اجمَل ضِحكَة في العالَم

نال مُرادهُ فابتَهجت روحهُ و هو يَستمع الي قَهقاتها العاليَة ، حاوَلت دَفعهُ بِقدمَيها و حينَما نَجحت بقت على شِفاهها ابتِسامَة لطيفَة جَعلت والدها يُصمم على اكلِها

مَسك اطراف اصابِعها و راح يُحاول التهامِها مُصدرًا اصوات تدلّ على استِمتاعه بالأكل ، في ذات الوَقت الذي ذهبت فيه ماريسا لِتَغيير ملابِسها و حينما عادَت وَجدتهُ لازال يُلاعبها

- الم تُلبسها حفاظها بَعد ؟

حَدقت في مَن تَحمحم مُبررًا

- لم اعرِف ، لم يسبق و ان البَست طفلاً حفاظ من قَبل

سَمِعها تومِئ و هي تَجلبُه و تعود ، وَقفت امام رسيل بعدَما دَفعتهُ و راحَت تُعلمهُ كيف يُلبسها الحِفاظ لِتجده شديد التَركيز كما لو انّها يتعلم حَل مسالة رياضيَة

لم تستطِع منع نفسها من الضَحك عليه مُجددًا و ذلك يُغضِبهُ ، رَمقها بنظراتٍ سامَة قبل ان يَدفعها و يَحمل ثوب رَسيل اللطيف قائِلاً

- ابتعدي انهُ دوري ، ساُلبسها فستانها

حَدقت في مَلابِسه المُبللَة قبل ان تَرفع عينيها اليه مُتحدثَة بعدما انسجم في الباسِ رسيل فُستانها

- عليك تَغيير ملابِسك ، سيمرضُ صَدرك من جَديد

عَقد حواجِبه بخفة لِيرَفع رأسهُ اليها يُحدِق في عُيونِها ، قَد انتَبهت لِما تناساهُ هو و فَكرت بِمرضه بدلاً مِنهُ ..!

- عليك ان تُحافظ على صِحتك ، رَسيل بحاجتك

قالَت بعد حِينٍ قبل أن تَحمل نَفسها و تُغادر من الغُرفَة تَتركهُ يَختلي بابنتِه التي جَلست على مُؤخرتها و تَشبثت به تطلُب منهُ حملها

كان مُبللاً لذلك رَفض حَملها و قال بعدما انخَفض لِتَقبيل رأسِها

- ساغير مَلابسي و احملكِ همم ؟

بَكت و لم تَستمع الي كَلامه الذي تَجده مُجَرد اعذار للامتِناع عن احتِضانها ، كانت لِتشده من شعرهُ لكن تلك القُبعة الغبيَة تمنعُها من تربيتِه و تعليمه الأدب

لذلك بَكت اكثَر حتّى جاءَت اُمها و اخَذتها كيّ تَسمح لوالدها باقتناء احَد ملابس ماثيو التي بالخِزانَة ، غادَرت بِها و تَركتهُ يتفقد تلك الثياب بِغَيض

- هه ، هاهي ذا مَلابس ماثيو سليمَة
لم تُعجبها سِوا ملابسي التي ارادَت تخريبها

انتَقى ثَوبًا يُلائم نوعهُ في اللباس ثُمّ ارتداهُ و ازال تِلك القُبعَة عن شَعرِه الاسوَد ، خَرج من الغُرفَة يُطالع ماريسا التي تلعبُ مع رسيل كيّ تُلهيها عنهُ

وَضع يداهُ في جُيوبه يَرفع عيناهُ الي المُكيف مُستفسرًا

- لما تطفئينَه ؟ الجو حار

حَدقت الصُغرى بِه في الوَقت الذي زَحفت رَسيل اليه بعدَما انتَبهت لوجودِه

- رسيل و انت كِليكما كان مُبتَل ، انهُ غير صحيّ لكما

تَفهم ما قالتهُ و احترَم موقفها جِدًا ، ابتسَم لها فاستَغربت هي ابتسامتهُ المُوجهَة نحوها فتِلك ليسَت عوائِده ، لطالما كان مُتجهم الوَجه كُلما رآها

ظَلت هادِئَة في الوَقت الذي حَمل فيه رَسيل و سَلك وجهته للجُلوسِ فوق الاريكَة و طِفلته فوق حُضنه يُلاعبها و يَحكي لَها احد قِصص الاطفالِ الي ان نامَت بداخل حُضنه

مَسح على رأسِها برفقٍ ثُمّ انخَفض لِتَقبيله بِحُب بالِغ ، كَيف استطاعَت ان تسلبُ منهُ قلبهُ و عقلهُ بغضونِ اسابيع قليلَة ..!

اصبحَ تفكيرهُ بالكامل يتمحورُ عليها هي فَحسب

تبسَم بلُطفٍ على لطافِتها ثُمّ نَهض يسيرُ في اتجاهِ الغرفَة كيّ يضعها فوق فراشِها اينَما وَجد ماريسا تَتمددُ على بَطنها فوق السَرير و شَعرها الطَويل يُغطي كامل ظَهرِها و مُؤخرتِها

كانت تُؤرجِح قَدميها في الهَواء بينَما تُتابع احَد المقاطِع على التيكتوك الذي راحَت تكتشفهُ للتو ، وَقف اللورد وارءِها و هو يَحملُ رسيل بين ذراعيها يُمعن التَحديق بها للحظات

لِوهلَة بدت كَطِفلَة تُعبر عن سعادتِها بلُعبَة امتلَكتها حَديثًا
بدت كَمن لم تَعِش مراحل طُفولتها و تودُ تَعويضها

احسَ بالأسى عَليها ، فهي بسن عَليها تكوين نَفسُها به ، لا ان تحظى بِطفلٍ يحتاجُ مسؤوليَة كُبرَى ، اخرجتهُ من شرودِه حينما انتَبهت لهُ و استَقامت من فراشِها متحدثَة

- هل رَسيل نامَت ؟

قام بالايماء و مَدها اليها بِحَذر

- انتَبهي

اخَذتها منهُ و قامت بِوَضعها فوق الفِراش بلُطفٍ تحت مُراقبة السفير اليها ، كانَ في قِمَة حزنه لانهُ مُضطَر للسفرِ و سيترُك خَلفهُ طِفلته التي لَم يشبع منها بَعد

وَضع رُكبته فوق الفِراش ثُمّ انحنَى يُقبل جَبينها بِحُب بالغ

- انتبَهي على نَفسكِ يا بابا همم؟

مَسك بيدِها الصغيرَة يُقبل اصابِعها اللطيفَة تحت نَظرات ماريسا المُبتسمَة اعلاهُ ، رافقتهُ الي الباب حينَما سيُغادر تَراهُ يُوصيها قائِلاً

- لا تفتحي الباب لاحدٍ غير ماثيو ، و لا تَخرُجي من البيت كَذلك لِضمان سلامتكٍ و سلامة رَسيل ، اتفقنا ؟

حَدق في عينيّ من اعطتهُ همهمَة خفيفَة و هي تَعقدُ ذراعَيها الي صَدرِها ، انخَفض يلبسُ حِذاءهُ بعدما عاود ارتداء ملابِسه السابقَة حينما جَفت ثُمّ فتح الباب يستعدُ للرَحيل

- ساراسلكِ لاجل رَسيل ، تأكدي ان تَلتقطي لها العَديد من الصُور

عاوَدت الايماء دون اكثار الحَديثِ معهُ و قد لاحَظت انزِعاجه من صَمتِها ، لكنها لم تَهتم و اغلَقت الباب في مُنتَصف وجهه ما ان خَرج

شَتمها في سِره و هو يَسيرُ ناحية المِصعَد في الوَقت الذي احسَت فيه هي بالحُريَة عند مُغادرتِه ، رَكضت في اتجاهِ الغرفَة تجلسُ بجوار ابنتِها و تُعيد تَصفح الهاتِف بِحَماس

رَكب اللورد سيارتِه التي قادَها في اتجاهِ بيتِه اذ بِمُجَرد ان وَصل وَجد زَوجتهُ تقفُ امام مرَكن السياراتِ تنتظِرَهُ

حالما رآها تَذكر مُقابلتها التي تناسَى امرِها بانشغاله مع رَسيل ، عَض شَفتهُ بِقوّة يَتجهز للذي ينتظرُه مِن تذمراتِ امرأته التي لا تَنتهي

تَنهد و رَكن السيارَة قبل ان يَحمل هاتِفهُ و يَنزل ، رآها تقتربُ منهُ و الغَضب يتطايرُ من عَينيها حينما سألتهُ

- جونغكوك اين كُنت ؟ الم اُخبرك انهُ لديّ مُقابلة و عليك الحُضور ؟

تَفقد ساعَة رِسغهُ ثُمّ نَطق حينما رَفع عيناهُ اليها

- صحيح لما لستِ بالمقابلَة ؟ تبقى نِصف ساعَة

رَمقتهُ بِنظراتٍ سامَة جَعلتهُ يبتسِم بِبلاهَة ، قالَت تُجيب بانزِعاج

- تأجَلت ، لكن هل لي ان افهم اين كُنت ؟

كان عَلى وَشك ان يُجيبها لَولم يَتدخل شَخص من خَلفه يَتكفل بالاجابَة بدلاً منهُ

- كان مَعي

التَفت السَفير برأسِه الي ماثيو الذي لِتَوه دخل البَيت هو الاخَر ، اقتَرب يُحيط اكتاف اللورد بِذراعيه بينما يُطالع اُخته الغاضِبَة امامهُ

- و اين كُنت انت الاخَر ؟

زمّ ماثيو شَفتاهُ للحظاتٍ قبل ان يُجيب

- امور تَخص الرجال لا يُمكن التصريح بِها

اقتَربت اُخته تَضرِبهُ على كَتفه بغضبٍ مُتسببَة في تأوهه المُتألم ، افلَت اكتاف زَوجها و راح يُدلك مكان اصابتِه بِوجع

- هاي ! هل تملكين حَديدا بيدك ؟

رَكلتهُ على ساقهُ تُفرغ غضبِها به قبل ان تقول بانزِعاج

- توقف عن سَرِقَة زوجي منّي ، عُد الي المانيا ايها المُتخلف

عَبس ماثيو مُمثلاً الاستياء في الوَقت الذي دَنى اللورد مِن زَوجتهُ يُحيط اكتافها و يَحتضِنها الي صَدرِه قائِلاً

- لندخل يا عَزيزتي ، الجو بدأ يُصبح بارِدًا

اصطَحبها بِرفقته الي الداخل ليُدير رأسهُ ناحيَة ماثيو الذي غَمز لهُ ، ابتَسم قبل ان ينظُر امامَهُ من جَديد يستمع الي شَكاوي زوجته التي لا تَنتهي

دَخلا الي البَيت و تَركها هو تَتذمُر بِمُفردها حينما دَخل الي الحَمام يستحِم و يُزيل تَعب النهار ، لبِس بيجامتهُ و خَرج من الغرفَة بوسادته تحت انظار اليوت المُستغربَة

- الي اين ؟

اشارَ على احدى الغُرف القريبَة من خاصتِهما حيثُ قال

- ساذهبُ لانام هُناك ، فانتِ لا تَحتملين الحر

الجَو حاو للغايَة و هي لن تستطيع هذِه الليلَة التضحيَة بالمُكيف كذلك لذلك اومأت لهُ ايجابًا ، استَقامت من فوق الاريكَة و اقتَربت منهُ مُستفسرَة

- متى سَتُقلع الطائرَة بالغَد ؟

نَظر الي الساعَة وراءِها ثُمّ اجاب

- على التاسِعَة صباحًا ، عليكِ الخلود الي النومِ تأخرنا

رَبت على رأسِها قبل ان يُقبل جَبينها و يَتجه الي الغُرفَة  التي اختارَها لينام فيها ، تَرك زوجتهُ تُطالع ظهرهُ بِغَيضٍ من بُرودِه الغَريب ناحِيتها

حسنًا ، هي مُعتادَة على تصرفاتِه الباردَة ، لَكنها ليسَت مُعتادة على غيابه المُتكرر ..! و ذَلك يُدخل الشَك الي قلبها

تَنهدت بِضيق ثُمّ دَخلت الي غُرفتها هي الثانيَة تستعدُ للنوم فالغَد طويل للغايَة بالنسبة الي كِليهما

تَمدد اللورد فَوق السَرير يَجذبُ هاتفهُ لمراسلة ماريسا و الحُصول على فُرصتهُ برؤيَة رسيل الكترونيًا

ارسَل لها

- مَرحبًا

استَغرقت ماريسا وقتًا للرد عَليه اذ كانت مُنشغلَة بِتغيير حفاظ رَسيل ، ما ان انتَهت حتى جَلست على الهاتِف و رأت اشعارَه

دَخلت عليه و تذكَرتُ انهُ سيُراسلها من اجلِ تفقد رَسيل فقط لذلك صَورتها و ارسَلتها لهُ دون مُحادثته

قام اللورد بِفتح صورة ابنته التي كانَت مُنشغلَة بِحَشر احد العابها البلاستيكية بداخِل فَمها ، ابتَسم بِحُب لينخفِض مُقبلاً اياها من خَلف الشاشَة

- ساشتاقُ اليكِ بشدَة

هَمس لَها قبل ان يُطفئ الهاتِف و يُرغم نَفسهُ على النوم فما يَنتظرهُ بالايامٍ المُقبلَة ، شئ حافِل للغايَة

كُلما يتذكر أنّ مُقابلته للوزيرِ الذي سيُصبح رَئيس مَجلس الوزراءِ تَفصلهُ عنها بِضع ساعاتٍ قليلَة ، يزدادُ توتره و تَفكيره المُفرط حيال تَفسير الشبه بينهُما

ترى كَيف سيكونُ رد فعله ؟ حينما يَرى شَخص يُشبهه ، بل نُسخَة منهُ و الاختلاف الوَحيد عيونِه الخَضراء

تَنهد بِرفقٍ يُحاول جاهدًا تجنُب التَفكير و تَرك الاحداث تسوق نَفسِها فبالآخِر ، هُنالك حِكمَة لِكُل شَئ

اخَذ كِفايتهِ من التَفكير حتى اُمتَصت كُل طاقتهُ و خَلد الي النَوم دون شُعور

•••

نَزل من السيارَة الفارِهَة التي نَقلتهُ هو و زَوجتهُ من بابِ المَطارِ الي الطيارَة الخاصَة التي تنتظرُ كِليهما مُنذ ساعَة و نِصف ، وَجد المظيفَة مع الكابتن يَنتظران كِليهما حَيث سَلما عليهما و اَستقبلاهما مُنذ الباب الي ان دَخلا بِسَلام

جَلس اللورد امام زَوجته التي تَفقدت الطائرَة بعينيها قبل ان تُناظرهُ مُبتسمَة بلُطف ، مَسكت بيدِه ثُمّ قالَت

- هل انت مُتوتر ؟

قام بالنَفي لكن ارتجافُ يده الخَفيف فضح كِذبته ، ضَحكت عليه بخفة قبل ان تَقرُص وَجنتهُ مُتحدثة

- لا تَقلق ، كُل شئ سيسيرُ على ما يُرام ، ان ازعَجتك تصرفاته فقط تَجنب الحَديث معه حسنًا ؟

زم شِفاهه قبل ان يُعيد الايماء من جَديد و هو يَستمعُ الي صوتِ الكابتن يُخبره كِليهما بارتداءِ الاحزمَة من اجلِ الاقلاع ، وَضع حِزامه تمامًا كما فَعلت زوجته ليُرخي جَسدهُ على الكُرسيّ يُطالع النافِذَة بشُرود

تُرى كَيف سيكونُ اللقاء ؟
ماذا عن الانطباع الاول ..؟

هل حقًا ستكونُ بينهما عِلاقَة قرابَة ؟
احقًا سيستطيعُ معرفَة عائِلتهُ الحَقيقيَة ..؟

هل سيجدُ والديه و يتضحُ انّهُ لم يكُن طيلة السنواتِ الماضِيَة يتيمًا ؟
العَديد من التساؤلاتِ التي تَشغلُ فكرهُ دون رَحمة

حاول التَخفيف من توترِه لكنهُ عاجِز تمامًا
استَمع الي نَبضات قلبِه الصاخِبَة للغايَة
و هو يَترقبُ وِجهتهُما الاولَى

المَملكَة المُتحدَة البريطانيَة 🇬🇧



•••

7914 ✔️

اهلاً اهلاً يا حِلوين 🤍

لقاء السفير و الوزير هيكون الفصل الجاي
متحمسين له ..؟

كيف كان معكم الفصل عمومًا ؟

كان فيه مشاهد لرسيل ، ادري اشتقتم لَها

حمام رسيل الاول مع ابوها ؟ 😭

مشاهد في الفصل عجبتكم ؟

تتوقعون كيف هيكون اللقاء بين السفير و الوزير عامَةً ..؟

يلي ما يعرف الوزير ، فهو بطل روايَة هازبند الموجودة على حسابي ، يُمكنك القاء نظرة و قراءتها لن تخسر شيئًا 🤍

2600 تصويت
5000 تعليق
فصل جَديد ✔️

اشوفكم في الفصل القادم باذن الله
الي اللقاء ♥️



.
.
.






Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top