Our child | 07
THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD
اهلاً بكم في الفصلِ السابع 🍂
لنبدأ 🐻
•••
في الوَقتِ الذي تأكدَت فيه ماريسا من حَقيقة ابوّة السفير لابنتِها ، لم يَعُد بِوسعها احتِمالُ كُلّ ذَلك الكَم الهائِل من المَشاعِر المُؤذيّة
لِما هي ضَحيّة كُلّ ما يَحدُث..؟
اذ ما ذَنبُ ابنتِها من الاساس..؟
بِلا شَك ، لَن تستطيع العَيش كَغيرِها من النِساء و الحُصولِ على رَجُلٍ يُحبها و يَهتم بِها في الوَقت الذي تمتلكُ فيه ابنَة من رَجُلٍ مُتزوج
المُشكلَة ليسَت هُنا
مُشكلتها الحَقيقية انّ صغيرتِها لن تَحظى بحياةٍ كغيرِها
لا تمتلكُ هويّة ، و لا حتى اوراقًا رسميّة
و يا تُرَى ، هل والِدُها سَيعترِفُ بها؟
ان كان قَد رآها و لم يَتعرف عَليها..!
او لرُبما يُمثّل عَكس ذَلِك ، لانهُ يَعرف بشكلٍ ما
انّ اُمها فاقدَة للذاكرَة ..! اليسَ ذلك وارِدًا ..؟
فتاة شابَة كمثلِ سِنها لا تَعرفُ من اين جاءَت
و من عائلَة من خُلِقَت ، يَستحيل ان تُواصِل الحَياة
العالمُ ضِدُها و فكرَة البَقاء مع ماثيو مُستحيلَة
فاُخته ، زَوجة والِد طِفلها ، و بالطَبع لن يُفضلها على توأمِه
ستكونُ هي مُجَرد دَخيلة جاءَت لافسادِ حياته المِثاليَة بأعيُن الكُل
رُغم انّهُ لا ذَنب لَها في كُلّ ما جَرى ، هي لم تَحمل بارادتِها..!
صَحيح انّها لا تَذكُر الطريقَة التي وَصلت فيها نطافُ السَفير الي رَحمِها ، لَكِن هي مُتأكدَة انًها قطعًا ليسَت من فَتياتِ الملاهي الليليّة ، فقدت ذاكِرتها لَكنها لم تَفقد قيمِها و مبادِئها ، لم تَفقد نَفسها..!
و لِكَون جَميع الابواب اصبحَت مُغلقَة ، لم يَعُد هُنالِك مَنفذ
كانَت خُطتِها القادِمَة ، هي انهاءُ هَذِه المهزلَة بالكامِل
و لِكيّ تَضمن ان المُتسبب الاول في مُعاناتِها يَتعذبّ من بَعدِها
ارادَت ان تكتُب له تلك الرِسالَة بِكُلّ ذرّة شُعورٍ تَغزو قلبِها
تُريد جَعله يشعُر بِجُزء لا يَتجزأ من الألم الذي يَكتسحُ قلبِها الذي لم يَشعُر بالاحتِواء من قَبل ، ليسَ فقط بِها ، بل بابنتِها الرضيعَة كَذِلك
لِذلك ، كَتبت و عبّرت و مَع كُلّ حَرفٍ تَكتبهُ بلُغتها الضعيفَة ، كانَت دُموعها تتساقطُ بِغزارَة تامَة ، تجتاحُها غصّة خانقَة تَمنعُها من التَنفُس
بين الفينَة و الثانيَة ، تأخُذ استراحَة تستجمعُ فيها انفاسِها
تُطالع ابنتِها النائِمَة ببراءَة تامَة فيزدادُ وَجعها اضعافًا
الحياةُ لَيست عادِلَة البتّة ..!
•••
صباحُ اليَوم الموالي
كَعادَةِ ماثيو الصَباحيّة ، جاء من اجلِ احضارِ الافطارِ الي ماريسا التي وَجدها تَستقبِلهُ بِوَجهٍ مُنتفخ و اعيُن مُتورمَة بشكلٍ يُثير الشُكوك
قَطب حواجِبه و لم يَمنع نَفسهُ من سُؤالها بِفُضول
- هل من خَطب ؟ هل قضيتِ الليلة بالبُكاء ؟
كان ذَلك واضِحًا من احمرارِ وَجنتيها و اطرافِ عُيونِها البُنيّة و هي تُطالعه بابتِسامَة مُزيفّة تتستُر بِها عن الحَقيقة الواضِحَة
- صباحُ الخَير ماثيو
تجاهَلت سُؤاله بِصَريح العبارَة لَكنهُ اصرّ على مَعرفة خَطبها بعدَما سلك وِجهته الي داخل تلك الحُجرَة التي تَخُصها ، وضع الصينيَة فوق الطاولَة ثُمّ التَفت اليها يُناظِرُها باهتِمام
- هل حَدث معكِ شَئ اثناء غيابي؟
اهنالك احَد تعرض لكِ او ماشابه ..؟
قامَت بالنفي اعتِراضًا ، اذ كيف تُصارِحه انّ مشاعِرها المؤذيَة من تعَدت عليها ..؟ سيكونُ الامرُ سَخيفًا ..!
بَللت شَفتيها بِريقها ثُمّ مَشت في اتجاه السرير اينَما تتمددُ طِفلتها ، شارَكتها الفراش تقومُ بِتَغطيتها جَيدًا قَبل ان تُطالع الاكبر مُبتسمَة بِرفق
اهتِمامهُ لَطيف ، خُصوصًا في مِثل حالتِها هي حاليًا
اكثرُ ما تَحتاجه ، شَخص يُشعرها انّها مُهمَة
و ان وجودِها سيُشكل فارقًا في حياتِه
لَكنها لا تَمتلكُ هذا الشَخص اطلاقًا
فحتّى ماثيو ، مُجَرد صديقٍ عابر
سيتناسَى امرُها بَعد يومين او ثَلاثَة
- انا بِخَير ، فقط شعرتُ ببعض الضُغوطات لذلك بَكيت
انت تعرِف ، الحياة ليسَت افضل شَئ
نَظرت في عينيه الزرقاء تَجِده يُقرِب المسافَة بينهُما مُستاءًا من احباطِها الواضِح من بحّة صَوتِها ، اراد التَخفيف عَنها حينما قال بلُطف
- تعاليّ مَعي لحضور حَفل يوم ميلادي..!
لا تخافي ، لن اُخبر احد عنكِ ، فقط عليكِ الخُروج من قوقعتكِ
الحياةُ جميلَة في الخارِج ، همم ؟
نَظرت بداخِل عُيونِه تراهُ مُصِرًا في اقناعها بالحُضور
لَكِنها لا تمتلكُ الشجاعَة الكافيَة حتّى تَرى اُخته مَع والد طِفلتها
امام عُيونِها ، يُغازلها و يَهتم لِتفاصيلِها
لا تُريد ان تَبكي على نَفسِها من الحَظ العاثر قَبل رَحيلها
تُريد ان تَموت سعيدَة ..! على الاقل
اصرّت هي على اعتِراضها حتى جَعلته يشعُر بالاحباط ثُمّ قامَت بِسَحب ظَرف من تحت الوسادَة سَهرت الليل بطوله عَليه
اقتربَت منهُ قبل رَحيله و اعطَتهُ اياه مُبتسمَة
- هل يُمكنك ايصالُ هذا الظرفِ الي زَوج اُختك
استَغرب بشدّة طلبها اذ انتَشلهُ من بين يديها يُطالعها مُتعجبًا
- لِما ؟
ناظر عُيونِها يَراها تُخبِرهُ بِحُجّة مُقنعَة للغايَة جَعلت استغرابهُ يَتلاشَى
- كتبتُ فيها بعض المَعلومات التي تَخُص والد ابنتي
لرُبما يستطيعُ ايجادَه ، بِحكم عملِه كَسفير
خَتمت كَلامها بابتِسامَة صغيرَة تَسببت في مُضاعفَة خاصَة صديقِها الذي قامَ بالايماء ايجابًا قبل التربيتِ على رأسِها بِلُطف
- حسنًا ماري ..! سامرُ عليكِ ليلاً
لاخبركِ كيف مر الحَفل ، اريدُ بشدّة اثارة غيرتكِ
لا يَعرِفُ ، انّ بعودتِه لن يَجِد لَها اثرًا نِهائيًا
لن يَكون لها وُجود ، و سَتختفي من حَياته فجاة
كَما ظَهرت ذات يومٍ فجاة
تستمرُ بالابتِسام لهُ قبل الايماءِ و مُراقبته يُغادِر من امامِ عُيونِها قبل ان تُغلق الباب من خَلفهُ و تَتكئ عَليه تَسمعُ اصوات رَسيل اللطيفة دليلاً على استِيقاظِها
نهار جَديد بَدأ
تَخشى انّهُ ليسَ لهُ لَيل
•••
استَيقظت مَفزوعَة من نَومِها على صَوتِ صُراخِ و لُهاث زَوجِها بعدَما جَلس مذعورًا من كابوسٍ بَشع استمّر بِمُلاحقته سنواتٍ طِوال
ابتَلعت ريقِها تقومُ باشعالِ النور من الزرِ بالقرب من فِراشها قبل ان تُناظِرَهُ و هو يَمسحُ على وَجهه بينَما يستعيدُ انفاسه الضائِعَة
مَدت يدها لامساكِ كَتفه تسألهُ بِقلق
- جونغكوك انت بخير ؟
لم يُجِبها و ظلّ شارِدًا يَتذكر تَفاصيل ذَلك الحُلم الذي فارَقهُ لِبضع اشهُر ، ثُمّ شاء ان يَعود لَهُ ليلَة البارحَة ليُفسد مِزاجه..!
فَهِمت انّ كابوسه الذي استمّر يُحاكيها عنهُ لسنواتٍ عاد لهُ
لِذلك ، قَدمت لهُ كاسًا من الماء و قالَت
- خُذ ، لابد انّه ذات الكابوس المُزعج اليسَ كذلك؟
هل لازالَت تلك الفتاة تظهُر في حُلمك ؟
راقَبت مَلامحه الشاحِبَة و هو يَمُد يَداهُ لاخذِ الماء و شُرب القليل منهُ ، قام بالايماءِ لَها قبل ان ينطِق بِصَوتٍ مليئ بالبحّة
- توقفت لِفترَة عن الظُهور
لَكنها ، تطلُب الاستغاثَة مُجددًا
قامَت اليوت بِتدليك جَبينِها فحالَة زوجِها النَفسية تزدادُ سوءًا
تَنهدت بِثقل قبل ان تُطبطبُ على ظَهرِه قائِلَة
- جونغكوك انت تعرف انّها ماتت بالفعل فلِما قد تطلُب الاستغاثَة؟
انت تُفكر كَثيرًا بالناس و مُعاناتهم ..! تَوقف عن ذَلك
هي مُرتاحة في قبرِها حاليًا ..!
حَدق السفيرُ بِزوجته التي حينَما لاحظت صَمتهُ قامَت بالمَسحِ على خَدِه بلُطف تُتابِع
- علينا ان نُعيد زيارَة الطبيب النفسيّ الخاص بِك
نفسيتُك تُصبح اسوء بعد كُلّ مرّة نتلقى رفضًا للحملِ من الطبيب
كَلامُها منطقيّ كفايَة لاقناعِه ، نفسيتُه تسوء بعد كُل موعدٍ مع الطبيب يَكسرُ فيها حُلمه امام عَينيه و هو عاجِز عن الدِفاع عَنهُ
لاسيما انّ تلك الفتاة تَركت بِه بصمَة
لِكَونها طِفلة..!
و كَشخصٍ عاطفيّ حَساس مِثلهُ ، صَعب عليه تناسي المَشاهد البشعَة بسُهولَة ، يتعاطفُ لاقصى حَدٍ مُمكن مع البَشر و يَتمنى لو بامكانِه مُساعدَة كُل نفرٍ يُعاني من العالَم ، كيّ يَضمن بقاء الجَميع سَعيدًا
طال صَمتهُ و طال مَعهُ انزعاج زَوجته من تَجاهله لَها فَهو لم يُعرها اهتمامًا حينَما اتَكئ على مَسند السَرير بِنُعاس
- هل ستظلّ مُنزعج منّي حتى في يوم ميلادي ؟
خاطَبت زَوجِها الذي يُشاهد الفَراغ بشعره المُبعثر و اعيُنه الناعِسَة ، طيلَة الايام الماضِيَة يتجنّب التَحدُث اليها تمامًا كما تَفعل هي
موقِفها حينما رَفضتهُ اخر مرّة ، رُغم انّه كان بأمسّ الحاجَة اليها جَعلهُ يَنفُر مِنها بشكلٍ تلقائيّ ، لم يَعُد حُبه اليها يشفعُ لها نِهائيًا
لَكن تَجاهلهُ المُستمر اليها جَعل كيلُها يَطفح
هي و بِحَق اشتاقت اليه..!
حينَما نَهض للتوجه الي دورَةِ المياه للاغتِسال
اعتَرضت طريقَهُ بِغَضبٍ واضِح اذ نَهرتهُ بعصبيّة
- توقف عن افساد يوم ميلادي حضرَة اللورد ..!
كان نَعِسًا بالكاد يَستطيعُ رؤيتِها امامَه
كُلّ ما يراهُ كومَة من الشعرِ الاصفرِ الغاضِب
لِذلك ، ازاحها من طَريقهُ و دَخل الي وِجهتهُ لقضاء حاجِته
تَركها تَغلي من وراءِه فَعلى قَدرِ حنيتِه
يُجيد جدًا جَعلها تحترِق من تَجاهله و بُروده اثناء انزِعاجه
يتجاهُلها و يَترُكها تُقتَل بالعِرق و هو يُشاهِد بِصَمت
الي ان يَرضى كُليًا و يَعودُ لاحِقًا لاحتِواءها
استَحم و حينما خَرج لم يَجِدها بالجِوار
بعدَما صحصحَ اراد ان يَضع حدًا لِخلافِهما
فاليوم ميلادِها و لا يودّ قطعًا افسادَهُ
بَحث عنها في ارجاءِ البيت فلم يَجِد سِوا سيكرت يَجلسُ قُرب التلفاز يُشاهد احَد البرامج التي تَركتها لهُ اليوت شَغّالَة
تَنهد بِضيق ثُمّ بَحث عن هاتِفه كيّ يتصل عَليها و حينَما فعل اتاهُ رَقمها مُغلقًا ، لم يكُن بِوسعه سوا الاستعانَة بِمُدير اعمالِها الذي و بِكُل غضبٍ يُدرك انّه يعرِفُ مواعيدِها اكثَرُ مِنهُ هو شَخصيًا
اخبَرهُ انّها سبق و غادَرت الي الفُندق من اجلِ التَجهيز الي يَومِ ميلادِها ال يستوجِبُ عَليه اللحاقُ بها للاشرافِ على اخرِ المُستجِدات
تَنفس باضِطرابٍ قبل فَصل الخَط و تمشَى الي المَطبخ لاعداد افطارِه بينَما يُطالِع قهوتِه بشُرود
ادرَك انّهُ لم تَعد لهُ طاقَة حتّى ليُراضيها
لا يَفهم ما خَطبهُ هذه الايام
لَكنهُ بِلا شَك ، مُكتئب
نَفسُ اعراض الاكتئاب التي زارَتهُ مُنذ سَنتين
تَسببت في انعدامِ شَغفه للحياة اجمَع
عانَى اشهُر في العلاجِ مع الاطباء النَفسيين و بالكادِ استطاع استعادَة القليل من الاشراق الي حَياته التي يَراها رماديّة
جَلس يأكل افطارَهُ بينَما يُراقب سيكرت جاء لِمُشاركته الجُلوس
مَسح على شعرِه بلُطف يبتسمُ لهُ بخفّة
حُبه للحيوانات يُنافِس حُبه للاطفال
كُل الكائِنات اللطيفَة ، تَجعلُ قلبهُ يَدُق
بعدَما انتهَى من افطارِه ، اقنَع نَفسهُ بصعوبَة ان يَتوجه لشراء باقَة وردٍ يُراضي فيها زَوجته كيّ تبدأ يَومِها بِسعادَة بدلاً من الحُزن و النَكد
استَغرق وقتًا للاستجابَة الي مُحاولات نَفسه في اقناعه
لا يُريد فعل شَئ رُغمًا عَنه
لَكن بذات الوَقت لا يَمتلك حقًا في افساد فَرحة زوجتِه اطلاقًا
اليوم يَومِها و لَيس عليه ان يَكون انانيًا تِجاه مَشاعِره
علّم نَفسهُ الابتِسام امام المِرآه
رتّب هِندامَهُ و عدّل قَوامَه
بَدا كعارِض ازياءٍ غادر احدَى المَجلاتِ المَشهورَة
وَسيم بالطريقَة التي تَجعلُ الحِبر يَجفّ عند وَصفه
حياءًا ، من مِثاليته التي تَعجزُ الاسطر التَعبير عَنها
رَشّ من عِطره و قادَتهُ اقدامُه الي المَوقِع الذي
سيكتشِفُ فيه حَقيقَةً ، قَلبت جَميع موازين حَياتِه
بَدأت ، لَحظةُ الحَقيقَة
•••
قامَت ماريسا بِجَعل ابنتِها تَلبسُ احدى افضَلِ الفَساتين التي تَمتلِكُها تمامًا كما فَعلت هي ، تُريد ان يَكون يومِهما الاخيرُ مُميزًا
ارضَعتها حتّى اشَبعتها ثُمّ غادَرت هي السَكن بالمبلغ الماليّ الذي تمتلِكهُ بفضل ماثيو حينَما كان يُعطيها اياه على خَدماتِها التنظيفيّة هُناك
تُريد شراء بعض الاكلِ اللذيذ ، كيّ لا تَموت جائِعَة..!
اشتَرت الطعام الذي تُريدَهُ ، مَع الايسكريم و الحَلويات التي نالَت استِحسانِها ثُمّ اخَذت ابنتِها في نُزهَة حَول المدينَة
هي تَتهربُ من اللحظَة التي يستوجبُ عليها فيها رَمي نَفسها من الجِسر
لازالَت غير مُستعدَة ، لِمُفارقَة عُيون رَسيل الخَضراء نِهائيًا
تودّ قضاء بَعض الوَقت مَعها ، رُغم حُزنها الغالِب على عاطِفتها
لَكِن امومتِها من انتَصرت في النِهايَة و اقتادَت قراراتِها
لَمحت صُندوقًا في الشارِع لالتِقاط الصُور للمارَة الكترونيًا
رؤيتِه جَعلها تَتحمسُ لاخذ صُورَة لها مَع رسيل
تبقَى مُخلّدة في العالَم الذي سَتتركهُ خَلفها
دَفعت حَق الصُور باخرِ ما تَبقى لَها ، ثُمّ دَخلت في مُنتَصفه تَضع طِفلتها في حُضنها و تُشيرُ على الكاميرا حتّى تلفت انتِباه رَسيل المُنشغلَة في اعتصارِ تلك البطّة الصفراء الصغيرَة بين اصابِعها
نَجحت اُمها في لَفت انتِباهها و جَعلها تنظُر الي الكاميرا و بَعد لقطاتٍ بهلوانيّة عديدَة من قِبل ماريسا ، ضَحِكت رَسيل لتلك الصُورَة التي ظَهرت فيها والِدتها في ابشعِ حالاتِها بِسبب مُحاولاتِها في اضحاكِها..!
لَم تَحزن ماريسا على الصُورة ، بل العَكس
ابتهَج قلبُها على رؤيَة ابتِسامَة ابنتِها العَريضَة
الام دومًا تُفضل ابنتِها على نَفسِها
في اختِلاف المَواضيع و المواقِف
قَبلت رأس طِفلتها تهمسُ لها بِحُب
- اجمَلُ ضِحكَة راتها عُيوني
اُحبك للغايَة رَسيلي
دومًا ما تَتلقى مُواساة دافئَة عَبر لمسات رَسيل اللطيفَة الي وَجنة اُمها في كُلّ مرّة تُخاطِبها بِها بِحُب ، كأنّها تَشعُر بِها و تردُ لها الحُب اضعافًا
قامَت بِمُغادرَة ذلك الصُندوق و اخَذ الصُور مَعها قَبل ان تَسلُك وِجهتها اخيرًا تِجاه ذَلك الجِسر الذي سيَكونُ نِهايَة هذا الطريقُ الشائِك
الطريقُ الذي نِهايتهُ وَجدت ذَلِك الرَجُل الهائِج ، يَركُض بين عامَة الشَعبِ بِعشوائيَة كَما لو انّهُ يَبحثُ عن اهمِ افراد عائلتِه
تَوقفت عن السَير قُرب الجِسر و هي تَعقدُ حواجِبها بشدّة بينَما تُراقب الرَجُل ذا العُيونِ الخَضراء يَلهثُ بقوّة من فرط رَكضِه حينما تَوقف لالقاء نَظرةٍ عامَة حَول البَشر من حَولِه
ظلّت تُراقِبه و هو يَمسحُ على وَجهه المُتعرِق ، و رُغم اهتياجهُ الي أن اطِلالتهُ المُثيرَة للاعجاب لم تُفسَد ، بل العَكس ، وَسامتهُ تطغَى على كامِل الظُروف
حينَما لاحَظت انّهُ انتَبه اليها ، جَفّ الريقُ في حُنجرتِها و لم يَعُد بِوسعها سِوا التَفكيرُ بالهُروب ، اعني ، لِما هو هُنا بِحَق ..؟
لم تُرسل لهُ تلك الرِسالَة كيّ يأتي
بَل حتى تَجعلهُ يعيشُ مع تأنيب ضَميرِه الي الابَد
لما هو هُنا لافساد خُطَة انتِحارها التي تَطلبت شَجاعَة كبيرَة لتنفيذِها؟
كَذلك ، تَضمنت صَرف المال بِعشوائيَة ، فقط لكونَه اليوم الاخير..!
من سيُرجع لها دراهِمُها ..؟
او رُبما هو هُنا ليتأكد من رؤيتِها تنتحِر ، كي يطمئن اكثَر
هَذا التَحليل الاكثر مَنطقيّة من البقيّة
تراجَعت خُطواتٍ الي الخَلف حينَما رأته يَتنفس بِراحَة بِمُجَرد ان رآها ، وَجدتهُ يَركضُ نَحوها من وَسط الزِحام و ارادَت هي الاختِفاء ثَانيتِها
لا تُريد نهائِيًا مُواجَهته ، لا تودّ ان تَظهر بِصُورَة المُثيرَة للشفقَة في عَينيه ، ترغب المَوت بِكرامتِها و كِبرياءِها لاخرِ لَحظة
حينَما رآها حيّة تُرزق امامَهُ و الطِفلَة بين يَديها
احسّ العالَم بِخَير و الكُرَة الارضيّة تَوقفت عن الركضِ في سباقِ الوَقت
كُلّ شَئ اصبَح هادِئ ، حتى دَقاتِ قلبه الخائِفَة ، اطمَئنت
لم يكُن مُنصدِمًا من فكرَة ما قرأه بشأن رَسيل ابنتِه
بقدرِ صَدمته انّ اُمها عازمَة على قتل كِليهما..!
فكرَة انتحارِها استَولت عَلى عقلِه اكثَر من فكرَة ان تِلك الرضيعَة تكونُ مِنهُ ، اُنجِبَت الي هذِه الحَياة بِسببه هو ..! تِلك الصغيرَة ، تَخُصه..!
رَكض نَحو ماريسا التي عادَت خُطواتٍ الي الخَلف حتّى واشَكت على الوصولِ الي حافَة الجِسر تُطالِع السَفير بِحدّة
- توقف عِندك ..!
امرتَهُ بِعينين هائِجَتين تَراهُ يَتسمر مَكانهُ حينَما لاحظ جِديّة قرارِها الذي وَضحتهُ في تِلك الرِسالَة ، حَدق بِها و لازال لم يَستوعِب ، لِما هي تَفعلُ ذلك..؟
عَقلهُ غير قادِر على الاستيعاب
اذ قال من وَسط لُهاثه
- مالذي تَفعلينَه تَحديدًا ؟
هل فَقدتِ عقلكِ ؟
شَدّت على يدها بِقوّة بينَما تُشاهِدهُ و هو يُحاول تَقصير المَسافة بينهُما ، يستفِزُها بِكَونه يُمثّل الجَهل عن الضَرر الذي احدَثهُ بِها ، لذلك صَرخت بِه بعدَما طَفح كيلُها
- تَوقف عن التَصرُف كَما لو انّك بَريئ ..!
كُفّ عن ذَلِك ، اذهب الي زَوجتك و التفت الي حياتِك
و اُتركني انالُ نَصيبي انا و ابنتي ، غادِر رجاءًا ..!
قَطب حواجِبه مُندهِشًا من انفعالِها الغَير مُبرر من وِجهة نَظرِه
الناس حَولهُما يُشاهِدون بطريقَة اثارَت قَلِقه
لا يَود ان يَتوصل الاعلامُ الي هَذا المَشهد الذي سيُفهَم مغلوطًا من قِبل زَوجته و عائِلتها ، لِذلك قام بِتقليص المسافَة بينهُما اكثَر يُحادِثها بهدوء
- دَعينا نتحدَث بمكانٍ خاص اكثَر
نحنُ في الشارِع ، يَكفي فضائِح !
ابتَسمت ساخِرَة مِما قال لِتدفع حاجِبها عالِيًا تُطالِعهُ بِغَيض
- فضائِح ؟ انت كُل ما يَهمك سُمعتك اليسَ كذلك حَضرة السفير المُبجَل ؟ في الوَقت الذي سَتتغاضى فيه عَن مَوت ابنتِك و اُمها ..! هل انت هُنا لانك خائِف من الفضيحَة ؟
لازال لا يَستوعب انّها تَنعتُ الطِفلة بابنتِك ..!
لازال حائِرًا . و انفعالِها جَعل عقلهُ يُصعَق و يَختضّ
- اب..ابنتي ؟
عَقد حواجِبه بشدّة يَجِدُها تَرمقهً باشدّ النَظراتِ حِقدًا في العالم اجمَع
كَما لو انّهُ المُتسبب في تَدمير حياتِها ، رُغم انّهُ لم يَفعل شيئًا..!
لم يَفهم انفعالِها ، و لا سَببها في اتهامِه بانّهُ والد طِفلتها..؟
الشَبهُ ليس عامِل اساسيّ ، لِيجعلها تتأكد..!
- لا اعلمُ مالذي فَعلتهُ بي ، لَكنك السَبب
انت السبب في تَدمير حَياتي
و لانك جَبان ، هَربت من تَحمل مَسؤولية طِفلتك
و فوق ذَلِك ، خُنت زَوجتك ! يالا بَشاعتك يا رَجُل
تُراقِب تفاجُئِه و صَدمة عُيونِه و هو يَسمعُ تلك التُهم
الغَريب في الامر انّ احساسَهُ بالدهشَة وَصلها
في الوَقت الذي يستوجبُ عَليها الشُعور بِكذبه
لا صِدقه ..!
ليسَ عليه ان يُتقن التَمثيل لِهَذه الدرجَة
ليسَ عليه ان يَجعلُها تشعُر بالارتياب ناحِيته..!
تودّ ان يرتاح ضَميرُها حينَما تتأكد من حَقارتِه
كيّ تَجد شخصًا تُلقي عليه لوم دَمارِ حَياتِها
لانّهُ من غَير المنطقيّ ، ان تصلِ الي الهلاك بِمُفردها..!
- م..مالذي تقول..تقولينه ؟
ابنة م..من ؟ هل فق..فقدتِ عقلكِ ؟
قال مُنصِدمًا حينَما ادرَك انّ اتهاماتِها لهُ حَقيقيّة
هي لا تُمازِحه ، و لَيست في مَوقفٍ يُتيح لها ذَلك
تلك العُيون الغاضِبَة ، لا تَكذِب
- ارحَل اخبرتُك و تَوقف عن اضاعَة وقتي ارجوك !
انا حسمتُ امري ، و قَراري اخذتهُ بالفِعل
غادِر من هُنا
نَهرتهُ بحدّة بعدَما احسّت انّهُ قد يَكونُ سَببًا في تَزعزُعِ قرارِها ، تَركتهُ في صَدمته و التَفت هي للصُعودِ على سُور الجِسر كيّ تقفز من فَوقه بينَما تقومُ باحتضانِ ابنتها النائِمَة جَيدًا
نَظرت الي المِياه اسفِلها و قلبِها مليئ بالصَخب
لا تُنكر انّها خائفَة ، و لازالَت صغيرَة
هي لا تُريد المَوت
تُريد ان تَعيش كَباقي اقرانِ جيلِها ، تدرُس و تَتخرج ثُمّ تعمل ، تُواعد و تَتزوج حتّى تُنجب اطفال يكونوا ثمرَة حُبها مع زَوجِها
تُريد حياة عاديّة فَحسب..!
ذلك اقصَى طُموحٍ توصلت لهُ
بعدَما جَلست الايام الماضِيَة تُراقب البَشر
و تَفهم ترتيب حَياتِهم مُنذ يومِهم الاول
حَتى المَشيب
اغمَضت عُيونِها بِشدّة تُجبر نَفسها على القَفز
اتخَذت قرارِها و لا مَجال للتراجُع
هي سَتضعُ حَدًا لِهذه المَهزلَة التي تَجري
يَكفي..!
بِمُجَرد ان واشَكت على القَفز ، احسّت بِقبضَة رُجوليَة تُمسِك عِضدها و تَمنعها من الاقبال على خُطوتِها القادِمَة
ناظَرتهُ و هو يَشتعلُ من غَضبه اذ وَبخها مُهسهسًا
- مالذي تَفعلينه بِحَق الجحيم ؟
انزلي حالاً ..!
لَم تَسمعهُ و ارادَت ان تسحب نَفسها منهُ ، صَرخت به كي يَترُكها لَكنهُ امسَك ابنتِها بدلاً كيّ ياخُذها مِنها ثُمّ يُنزلها هي من بعدِها
- اترك..اتركني ..!
اخبرتك دَعني
حاوَلت التَمسُك بطِفلتها ، لَكنهُ نَجح في انقاذِها و اخذِها منه رُغمًا عن ارادتِها ، ضَمّ رَسيل الي صَدرِه و في الوَقت الذي جاء فيه لانزالِ ماريسا
صُدِم انّها قَد رَمت نَفسها في مُنتَصفِ الجِسر..!
استَطاع انقاذِ الطِفلَة
لَكِن اُمها ، احتَضنها المُحيطُ قبل ان تُطولَها يَداه
وَسّع عينيه بقوّة تمامًا كما فَعل بقيّة الشعب الذين التفوا حَول السُور يُراقِبون تلك الشابَة اليافعَة تسقُط من اعلى الجِسر الي اعماقِ الانهار
صَرخ بِقوّة جَعلت رَسيل تنهضُ مفزوعَة من نَومِها تَبكي بهَلعٍ امام اُذنيّ السفير الذي يُشاهِد عُيون ماريسا و هي تُطالِعه بِوَهنٍ ، قَبل ان تبتلُعها المياه
تَمكنت منهُ صَدمتهُ و لم يَسعهُ سِوا ان يرتجفُ بشدّة و هو يَنظُر حَوله بِهَلع واضِح ، الطفلَة بين يداهُ تَبكي بقوّة بينَما تتمسَك بِقميصه
تجاوَز الحَشد و رَكض مُسرِعًا يودّ النُزول الي اسفل الجِسر لعلّه يَجِدُها عند ضفّة النَهر ، سيفعلُ كُل ما بِوسعه لِينفذِها
حتمًا ، هذِه ليسَت النِهايَة
هي لَن تموت و تَترُك ابنتِها رضيعَة..!
اتَصل احَد المارَة بالشُرطَة من اجلِ المَجيئ و البَحثِ عن الفتاة التي سَقطت من الجِسر ، في الوَقت الذي وَصل فيه السفيرُ الي ضفّة النَهر يُراقب المكان الذي سَقطت ماريسا به
حاوَل البَحث عن فُقاعاتٍ على سَطح الماء ، و حينَما نَجح في ايجادِها ابتَهج قلبُه و قام بالتَحديق بالمراة التي تجلسُ مَع اطفالِها تُلاعِبهم
رَكض اليها و طَلب مِنها امساك رَسيل لبعضٍ من الوَقت و هي لَم تُمانع ، بل احَتوتها و حاوَلت اسكاتِها كَما تفعلُ مع بَقيًة اطفالها
قام هو بازالَة سُترته و رَميها على الارض قَبل الرَكضِ و القَفز في مُنتَصفِ النَهر ، بدأ يَسبحُ بِسُرعَة في اتجاهِ مكانِها بعدَما غَطس و وَجدها تنساقُ نَحو القاع اكثر فاكثَر
سَبح ناحِيتها بسُرعَة بالغَة قبل ان يَقوم بِمَد يَدِه و امساكِ مِعصمها يَجِذبها نَحوهُ ، لازالَت واعيَة كفايَة لِتراهُ و هو يَقومُ بِجذبها لِذلك حاوَلت دَفعهُ و الاعتراضُ على انقاذه اليها
لَكنهُ كان اقوَى مِنها حينَما سَحبها مَعهُ الي السَطح و جَعلها تلتقطُ انفاسِها الضائِعَة رُغمًا عن ارادتِها ، تَمسك بِها جيدًا بِذراعه التي حاوَط بِها خَصرُها كيّ لا تَتزحلق من بَين يديه في الوَقت الذي ارجَع فيه شعرِه المُبلل بيد ذراعه الثانيَة الي الخَلف لاظهارِ غَضب عُيونِه اليها
حاوَلت ان تَنزلق من بَين ذِراعه ، كيّ تَسمح لهذا الماءُ ان يأخذ بِروحُها الي مكانٍ افضَل ، و الطفُ عَليها من عالمِ البَشر المُؤذي
ارادَت الخَلاص فَحسب..!
تَحركت بِعشوائيَة و صَرخت بِه بعدَما بدأت تَضرِبُ صَدرهُ بقبضَتيها تُطالبه بِفَك أسرِها
- دعني ، اترك..اتركني ..!
اخبرتُك افلِتني..!!
نَظراتُه الغاضِبَة و هو يُناظِرُها بِكُل تلك الحدّة جَعلتها تَخرُس لجزءٍ من الثانيَة حينما صَرخ بها مُنفعلاً
- هل فقدتِ صَوابك يا انسَة ؟
من سَمح لكِ و اعطاكِ حُريَة الاختيار بانهاءِ حَياتُكِ ..!
ما هَذا الجُنون ؟ انتِ لازلتِ شابَة كيّ تقتلين نَفسكِ
غَضِبت اكثَر من صُراخه عَليها و لم تَهتم لِمكانته او شَخصه حتّى ، ارادَت افراغ جُلّ غضبها بِه حينَما راحَت تضرِبهُ على صَدرِه بِكُلّ قُوتِها تُخرِج كُلّ ما بداخِلها بِصَوتٍ مليئ بالقَهر
- انت اخِر من يَتحدث ، اغلِق فَمك لانك تَستفِزُني ، بِسببك انا هُنا ، في الوَقت الذي تَعيشُ فيه مَع زَوجتك مُرتاح الباب ، اموتُ انا بالثانيَة مليون مرّة ، ليسَ حُبًا فيك ! فانا لا اعرِفك و لا اذكُر من تَكون ، لَكنك دَمرتني ، انت السَبب ، اكرهك بِشدّة
بَكت ، و لَم تعُد تَستطِع ان تَحتمل ذلك الحِمل اكثَر
انهارَت بالبُكاء امام عَينيّ من لَم يكُن بِوسعه ان يَستوعب حَرفًا
كُلّما جاءَت بِجُزئيَة ان رَسيل ابنتِه ، يَتوقف عَقلهُ عن العَمل
يُصبِح عاجِزًا عن فَهم ما تَقولُه كُليًا
رآها تَبكي امامَهُ بانهيارٍ تام ، غير قادِرَة على الاحتِفاظ بِسوء تلك الاحاسيس لِوحدها ، تودّ تَقاسم وَجعها لانّهُ اهلَك قلبها..!
- ح..حس..حسنا اهد..اهدئي
تَوتر و لَم يستطِع فَهم ما يَتوجبُ عَليه فِعله ، لا يُجيد التَعامل مع النِساء عند بُكائهن ، عَدا زَوجته فَهو يُسارع في احتِضانها و احتواءِها
لَكن هذِه الصبيّة غريبَة عَنهُ
اساسًا وَضعيتهُما و هو يَحتضن خَصرُها و يُلصقها بِه
خاطِئَة كُليًا و بالكاد يَحتمِلُها
لَكنهُ مُجَبر على امساكِها كيّ لا تَسقُط من بَين يديه و تَغرق
- تَدمرت حَياتي ، بِسببك
من وَسط بُكائِها قالَت بينَما تذرف دُموعها بغزارَة و تُخفض رأسِها بعيدًا عن مُتناول اعيُن مَن ابتَلع ريقِها مَصدومًا ، كَيف هو السبب بِدمارِ حَياتها؟
مالذي فَعله ؟ ما الخَطأ الذي ارتَكبه..؟
- اهدئي رجاءًا ، دَعينا نجلسُ في مكانٍ هادئ نتناقشُ به
كان عِقلانيًا في حَديثه الذي فَصلهُ كليًا عن العاطِفَة
لم تُؤثر بِه دُموعها ، لِكَونها لا تَعني لهُ شيئًا
لِذلك ، جَرّها مَعهُ الي الخارِج يَسبحُ بها نحو اليابسَة
دون الالتِفات الي مَشاعِرها التي تَحتاجُ الاحتواء
حينَما وَجدت نَفسها مُجبرَة على مُطاوَعتهُ ، تَركتهُ يُخرِجها من النَهر كَما يَشاء ، جَلست على اليابسَة تسعُل بخفّة اذ رأتهُ يَسحبُ نَفسه منها كُليًا و يَنهضُ لِجَلب ابنتِها مِن السيدَة بعدَما شَكرها
حَمل سُترتهُ عن الارض و هو يُقطّر من الماء ثُمّ طالَع عينيّ ماريسا بِجُمود مُتحدِثًا
- انهَضي ، دَعينا نُغادر
طالَعت ماريسا طِفلتها التي تَميلُ بِجَسدها نحو الاسفل تودّ منها حَملِها ، رُغم انّها كانت بَين يديّ الرَجُل الذي تُحبه ، لَكن حينما رأت اُمها بِهَكذا حال ، فضلتها عَليه و ارادَت احتِضانها هي بدلاً مِنه
بِصُعوبَة اسنَدت جَسدِها و استَقامت تقومُ باخفاضِ فُستانها القَصيرُ لِسَتر فِخذيها المَكشوفَة بِفعل التصاقِ ثوبها و تصاعِده ، مَشت بِخُطواتٍ غَير مُتزنَة في اتجاه ابنتِها تَودّ احتِضانِها و البُكاء في حُضنِها هي بدلاً
رَسيل وَحدُها من تُجيد احتواء اُمها
فقط مَن تَنجح في جَعلها تشعُر بالآمان و الانتِماء
حَملت ابنتِها مِنهُ و احتَضنتها بِقوّة الي صَدرِها تُشاهِد عينيّ السفير المُبهمَة ، يُطالِع فيها بِنَظراتٍ مليئَة بالشُكوك بينَما يَراها تَمسحُ برفقٍ على ظهرِ صغيرتِها
- لِنَذهب
قال بِهُدوء بعدَما استَدار يطلُب منها لَحاقهُ
لَكِنها رَفضت اتباعهُ و ظَلت مَكانها تُراقبه
التَفت اليها يُحدق بِها بغضبٍ عارِم يُحاول قَدر استِطاعته كَبحه ، عاد خُطواته نَحوها و لِعنادها وَجد نَفسه يَجُرها رُغمًا عن ارادتِها من ذِراعها مَعه
- اتركني ! ياهَذا دَعني اخبرتُك
قالَت بغضبٍ بِدورها لَكنهُ لم يَستمع اليها نهائيًا ، بل واصَل جَرُها مَعهُ و اخذِها الي بدايَة الطريق حيثُما اراد ايقاف سيارَة اُجرَى
سَحبت ذِراعها من قَبضته بِغَضب تَراهُ يُطالعها بِحدّة بِدوره مُهسهسًا
- لن اترككِ حتى افهَم ، ماهذِه التراهات التي تَفوهتِ بِها
فهمتِ ؟
شُكوكه تَزداد اكثَر بِمُرور الثَواني ، يُناظِرُها و هي تَرمقهُ بحدّة تَشتهي لَكمهُ و افراغ ما تَبقى من غَضبها في تَشويه وَجهه الوَسيم
لِما هو وَسيم بشكلٍ مُضاعف حينما يُصبِح غاضِبًا ..؟
بل ، رُجولَتهُ تتزايد اكثَر..!
ليسَ لديها خِيار سِوا ان تَلحق بِه
استَبعدت فِكرَة انهُ يودُ قَتلها
لانّهُ ان اراد ، كان ليترُكها تَغرق بدلاً من انقاذِها
لِذلك جُزء منها اطمَئن
حَدقت في سيارَة الاجرَى التي رُكِنت امامَهُما ثُمّ صَعدت عليها مَعهُ بعدَما اجبَرها على ذَلِك قبلهُ ، رَكب بجانبها و اعطَى السائِق عِنوان ياخُذهم اليه
التَصقت ماريسا في الباب و هي تحتضِنُ ابنتِها الي صَدرِها تَصنعُ اكبر فارِق بينَها و بين مَن راح يُدلِك جَبهتهُ يُحاول استيعاب ما يَجري
كانَت تمسحُ على رأسِ ابنتِها التي تُطالِع السَفير بِسعادَة ، كانَت تُريد الذهاب اليه بمدّ يديها نَحوه لَكن امها مَنعتها و حَشرتها في حُضنها اكثَر بشكلٍ جَعلها تُقوس شَفتيها
دافعَت عن حَقها في الذهاب الي والِدها قائِلَة بلُغتها الغاضِبَة
- دادا ديدو دودو..!!
ناظَرتها ماريسا بتَعب ثُمّ قامَت بِحَشر رأس رَسيل في مُنتَصف صَدرِها تُربت عَليها كيّ تُنيمِها ، لكن الصغيرَة لم تَرضخ الي مُحاولاتِ امها في قَمع حُقوقها و راحَت تتحرُك بعشوائيَة حتّى خَرجت عن صَمتِها حينما بَكت..!
اُمها جَعلتها تفقدُ اخر ذَرة ادبٍ لَديها
و تركت عارُها يَفوح عندما بَكت هي تَشتكِ للعالم مِنها
واسَتها بما فيه الكِفايَة ، و الان هي تُريد اخذ جُرعتها من حُضن والِدها الذي طالَعها و هي تُحاول الفرار من بين ذِراعيّ اُمها
ابتَسم دونًا عن ارادتِه ، رُغم انّهُ في اعلى حَالاتِ غَضبِه ، مَدّ يديه اليها يَجِدها تومِئ لهُ و تحاول القاء جَسدُها ناحيتهُ لِذلك لم يَتردد في خَطفها من اُمها التي ناظَرتهُ بِضيق كَبحتهُ بِصَمتها
حَمل رَسيل بين ذِراعَيه و انخَفض الي تَقبيلِ جَبهتها يَجِدُها تَوقفت عن البُكاء و انَشغلت في تَأمل عُيونِه الخَضراء
ضَحِكت لهُ و راحَت تتمسّك بِقَميصه المُبلل اذ سُرعان ما جَذب سُترته الجافَة يَلفها بها مُتحدثًا بِقلق
- ليسَ عليها التعرُض الي الهواء البارد و جَسدُها مبلل
صَدرُها سيتأذى ..!
اغلَق نافذَة السيارَة التي بِقُربه كيّ لا يصطدَم الريحُ بِصَدر الصغيرَة التي جَلست بطاعَة فوق فخذه بِمُؤخرتها تُطالِعه بِلُطف
مَسح على شَعرِها الناعِم بِرقّة و قَلبهُ يَزدهر في كُل مرّة تَكونُ هي بالجِوار ، حَياته الرماديَة تُصبِح ورديّة ..!
بِوجودِها هي ، بِنظراتها و حنيتِها عَليه
حينَما تُقرر المَسح على وَجنتهُ كما يَفعل هو
تُقلده في تَصرفاتِه و تُحادثه بِلُغتها لشرحِ وِجهات نَظرِها
كَرضيعَة صغيرَة حَقّها عليه ان يَفهمها و يُعطي حُقوقها اهتمامًا..!
انخَفض لِتَقبيل ارنبَة انفِها بِرفقٍ تام جَعل مشاعِر الصغيرَة تتضاعفُ ناحيتهُ بشكلٍ مُبالغ بِه ، ارتَمت في حُضنه و اغمضت عُيونِها تستمتعُ بِلمساتِه على طولِ ظَهرِها برقّة
الطَريقُ اخَذ ساعَةٍ كاملَة من وَقت من راحَت تنظُر حَولها مُستغربَة ، ناظَرتهُ ماريسا بعدَما جَفت ثيابِها و ظلّ شعرِها الرَطب يتناثر على مَلامِحها بِفعل الريحِ اذ قالَت تستفسرُ بهدوء
- اين نحنُ ؟
نَزل اولاً مَع رسيل النائِمَة يقومُ بسداد حَق التوصيل الي السائِق ثُمّ طالَعها بهدوء يُشير لها باللحاقِ به و هي يَتجه نحو ذَلِك البَيت المُنعزِل في مُنتَصف الطبيعَة السويسريّة
كان لِوَحده ، ما مِن بيوتِ تُحيطِه ، مُنفرد بِنَفسه بَين الجِبال الخَضراء و الشلالاتِ المائيَة العاليَة ، مُحَيطه الطبيعيّ مُبهر
ظُلمَة الليل لم تكُن تُعطيه حَقهُ كِفايَة
رافَقت السفيرُ الي مَدخل البَيت الذي حالَما فعّل كلمَة السر و بَصمة اصبِعه حتّى انتَقلت معهُ الي الداخِل ، حيثُما اشتعَلت الاضواء بِمُفردها الكترونيًا بِمُجَرد سيرِه نحو الصالَة
لَحِقته بِصَمتٍ تام تَراهُ يَتجهُ الي اولِ غُرفَة تُقابله وَضع فيها رَسيل النائِمَة فوق السَرير و احاطَها بالوسائِد ، كان يُجيد التَعامل مع الاطفال جَيدًا..!
اكمَلت طريقِها الي الصالَة اينَما التَفت حَولها تتفقدُ ذَلك الاثاثُ الفَخم و المُعاصر للموضَة الحاليّة ، كُلّ ما بِه مثاليّ بشكلٍ رَهيب
جَلست فوق الاريكَة هُناك و ضَمت رُكبتيها الي بَعضِهما تَمسحُ على فِخذيها بِقَلق ، ما الخُطوَة القادِمَة ؟ و لِما احضرُها السفيرُ الي هُنا؟
هل يُعقل انّهُ يريد مِنها ان تُصبح عَشيقته ..؟
افكارُها العشوائيَة تتصاعدُ بداخل عَقلها المُتعب من شدّة العَمل طوال اليَوم ، حتّى في نَومِها تُراودها احلام بشعَة حِيال مُستقبلها المَجهول
اغمَضت عُيونِها تتنهَد بِثقل قبل ان تَسمع اصوات خُطواتِ اقدامِ اللورد الذي وَضع يداهُ في جُيوب بِنطاله يَقترِبُ مِن التي استَقامت تُناظره
كان هادِئًا للغايَة ، بِشَكلٍ اقلّ ما يُقال عَنهُ مُرعِب
يُناظِرُها بِجُمود ، كأن عُيونِه المليئَة بالحياة ، قُتِلَت..!
كانَت ستتحدَثُ لِتسألهُ ، لَكنهُ من سَبقها و قال
- حسنًا ، دام تِلك الدراما انتهَت
اُريد سُؤالكِ
قَطبت حواجِبها بِخفّة حينَما عجِزت عَن فهم ما قاله
اذ سألت باستِغراب تام
- در..دراما ؟
مَشا في اتِجاه المَطبخ المَفتوحِ على الصالَة حيثُما كان يُخبئ بداخل الدرَج الاول عُلبة سَجائِره ، قامَ باخراجِها و جَذب سيجارَة واحدَة اشعَلها و حَشرها بين شِفاهه قبل ان يَرفع خضراوَتيه لِلتَحديق بِها
- من ارسلكِ ؟
راقَبتهُ حينَما قال سُؤالِه بِنَبرةٍ هادِئَة للغايَة تتعاكسُ ما يَشعُر بِه بالداخِل ، يُطالِعها بِبُرودٍ يُنافس احتراق قَلبِها المُلتهِب في مُنتَصف صَدرِها
- م..ماذا ؟
لم تكُن تَفهم ما يَرمي اليه ، لَكنها لا تَعرف انّها تتعامل مع دبلوماسيّ ، افكارَهُ دائمًا تتجهُ نحو الخَطر ..!
لِذلك وَجدتهُ يَنفث ذلك الدُخان عالِيًا قبل ان يَقترِب مِنها بِبُطئ حتّى انتَصب امامَها مُميلاً برأسِه بخفّة
نَظر في عُيونِها البُنيّة مُهددًا بِبساطَة تامَة
- لا تَتغابيّ ، لا يُمكنكِ خِداع دبلوماسيّ مِثلي
يُفضل ان تُقصري الطَريق ، و تَعترفي
كيّ لا اضطرّ تسليمكِ الي الشُرطَة بيداي..!
اندهَشت من طَريقة كَلامِه المليئَة بالاتِهام
هل يَشُك بها ..؟ و يَتهمها علنًا ..!
تراجَعت خُطوَة الي الخَلف و قَبل ان تنطِق ، استَلم هو عناء التَفسير لَها
- اصبَح كُل شَئ منطقيّ الان ..!
ظُهوركِ المُفاجِئ مَع الطِفلَة التي تُشبهُني في ذَلك المُنتَجع
ثُمّ ، مُحاولاتكِ في التقرُب مني من خِلالها ، و حينما فَشلتِ
ذَهبتِ لِماثيو بدلاً ..! كيّ تُقصري الطريق اليّ
اتظنين انني غبيّ ؟ همم؟
رَمشت بعدمِ تَصديق مِما تَسمع ، تراهُ يربطُ تلك الصُدف حتّى يصنعُ منها دَليل لصالِحه ضِدها..!
- ا..انت مالذي تقو..تقوله ؟
من صَدمتها لم يَسعها سِوا الاستِفسار عمّا يَقول
ايُمازِحُها ..؟ ام ما يَنطقُ به حَقيقيّ ..!
نَفث دُخانَهُ عالِيًا و راحَ يُراقِبها من وراء ذلك الغُبار الابيضِ بِنَظراتٍ سامَة تتوعدُ لَها بالكَثير ، خافَت من تَحديقاتِه المُرعبَة فهي فتاةٍ وِسط بيت رَجلٍ في مُحيط مُنعزلٍ ..!
قد يَنفردُ بها لِغَية قتلها و التَخلُصِ منها
المَوت مُنتحرَة أرحم ..!
- أنصحكِ ان تَتوقفي عن المُراوغَة ، و الاعتِرافُ بالحَقيقَة
من اين اتيتِ ؟ و من الذي بَعثكِ لافسادِ حَياتي ..؟
صَمتُها من الصَدمة اتخَذهُ هو اشارَة ضُعف ، لِذلك واصَل بينما يَقترِبُ مِنها اكثَر يَهمسُ قُبالَة وَجه من ناظَرتهُ بعدمِ استيعاب
- كم دُفع لكِ ؟ اَخبريني و سادفعُ لكِ اضعافُه
انطقي باسمِ الشَخص الذي بَعثكِ و طلب منكِ تزوير التَحاليل
انتِ لستِ بحاجَة لان تَتبعي اوامِرهم ..! سامنحكِ ما تُريدين
فقط ، اخبريني بالحَقيقة كامِلَة ، ساعفوا عنكِ و اترُككِ تَرحلين..!
كان يُريد المُواصلَة ، لَكنها قاطَعتهُ حينَما صَفعتهُ بقوّة في مُنتَصف وَجنته بطريقَة تَسببت في جَعل اطرافه تَتجمّد ، عادَت خُطوَةٍ الي الخَلف تَرمقه باستِحقارٍ واضِح حينما هَسهست تُخبِره
- اتظُن ان الجَميع يُشبهك و يُشبه افعالك يا هَذا ..؟ ،لا اسمَح لك بِتجاوز حُدودك مَعي ..! مَهما كُنت و مَهما كان مَنصبك ، تظلّ بشريّ خُلقت من طين كَما وُلدت انا ، اياك و ان تتجرأ على الاستِنقاص من قيمتي ، صَدِقني لن اسكُت ، و سَترى العالم كُله يَشهد على فضيحتِك
لَسعهُ خَدّه بشدّة من قوّة صَفعتها لهُ و احمّر مَكان ضَربتها ، لَفّ وَجهه ناحيتِها يُناظِرها بغضبٍ عارِم فهي اولّ انثَى تتجرأ و تَمد يدِها عَليه..!
حتّى زَوجتهُ ، رُغم قُوتِها ألا انّ وَصل الامرُ اليه
تَرتعشُ قَبل التَفكير في مَد يدِها عَليه ، و لو عن طَريق الخَطأ
لَكِن ماريسا فَعلت ..! ضَربتهُ و اوقَفتهُ عند حَدّه لانه تجاوز مِساحته المَسموح بِها ، اقتَحم خاصتِها و اراد كَسر ما تبقى من جَناحها ..!
سَتقتلعُ اصابِعه قبل التَفكير بِذلك حتّى
- من تَظنين نَفسك يا هذِه ؟
هسهس غاضِبًا بِدَوره يقترِب مِن التي لَم تتزحزح انشًا بل ظَلّت واقفَة مكانِها تُطالِعهُ بغضبٍ يَفوقُ خاصَته
- السُؤال وَحدهُ يُطرَح لَك ، من انت لِتاتي تَتهمني بما لَيس بي ؟ دون ان تُكلف نَفسك عناء البحث عن الحَقيقة ! اتهام الناس سَهل لهذه الدرجَة ؟
قَبض على يَديه بقوّة من جُرأتها على الردّ عَليه بتلك الوَقاحة التي جَعلته يهتفُ بِدوره بحدّة
- انتِ من بَدأ بالاتِهامِ اولاً ، حَضرتكِ من جاءَت تُلقي لَوم حَملها على رَجُلٍ مُتزوَج يُقدس زَوجته مِثلي ..!
كوّرت يَديها هي الثانيَة حينَما سَمعتهُ يُتابع بعدَما ناظِرها من اعلى رأسِها الي اخمصِ قَدميها
- رَجُل يَمتلكُ ملكَة جَمال النِساء مِثلي
سيُفكر ان يَنظر اليك و يَلمسكِ ..؟
هه ، انتِ مَجنونَة ؟
يستَرد جُزء من كِبرياءَهُ الذي كُسِر حينما صَفعتهُ و اطاحَت بِرجولته دون ان تَهتم لمن يَكون الذي يُقابِلُها..!
احسَت بالاهانَة من حَديثه و نَبرته الساخرَة التي تزامَنت مع نَظراتِه ، صَحيح ان زَوجته فائِقَة الجَمال ، لَكنها لا تَقِلُ عَنها شيئًا
ارتَفع طرف شِفاهها مُستهزءَة قبل ان تَقترِب منهُ اكثَر و تَهمس بالقُرب من مَلامِحه
- يَكفي انك تَركت زَوجتك ملكَة الجَمالِ تِلك
و انجَبت من غيرِها طِفلاً ..!
لم تُعطه المَجال للحَديث حينما واصَلت بحدّة
- اياك ان تُحاول التَغطية على افعالِك بالتهجمِ عليّ
لن اسمَح لك ان تَستغل حَقيقة فُقداني للذاكرَة لِصالحك
انا لم اتعرف عَليك صَحيح ، لَكن المُمرضَة فعلت
و هي من دَلتني اليك ، و اخَبرتني انك والِد ابنتي
و إلا ، ما كنت لاسمَع عن آسيويّ مِثلك
رَفعت سبابتِها تُشيرُ عَليه قبل ان تُتابع مُهسهسَة
- ان كُنت تَشُك في تَحليلي ، حَلل بِنفسك و تأكد
و صَدقني سَتندم على كُل حرفٍ عاطل قُلته في حَقي
لستُ اطمع في حَياتك المِثاليَة ، لَكنك سَبب كُل هَذا..!
و عَليك اصلاح ما افسدته
ارادَت الالتِفات للرَحيل ، لَكنهُ مَسكها من ذِراعها و جَذبها نَحوهُ من جَديد يُناظر عَينيها بِغَضبٍ شَديد تَسبب في ارتِجافه و بُروز عُروقه
- من تَظنين نَفسكِ انتِ ؟ كَيف تُخاطبيني بهذه اللكنَة
الا تَعرفين حَضرتكِ امام مَن تقفين؟
ليس لاني كُنت لطيفًا معكِ ، اسمح لكِ ان تَتماديّ ..!
حاوَلت دَفعهُ عَنها ، لَكن قبضتهُ اقوَى مِنها بِكَثير
قيّدها و مَنعها من التحرُك ما جَعل الالم يُصيب منطقَة عِضدها
بِفعل اصابِعه التي تَعتصرُ بشرتها البَيضاء دون رحمَة
- اُتركني ، ليسَ لديك الحَق في امساكي و تَعدي مِساحتي !
دَعني ايها النرجسيّ المُتخلف
غَضِبت من غَضِبه الغَير منطقيّ بالنِسبَة اليها و حاوَلت سَحب نَفسها من الذي رَمقها بِنَظراتٍ سامَة تُعبر عن كُرهه لِموقفها
- ساُعيد التَحليل ، و اُقسم بجلالَة الاله ، ان كانت النتائِجُ ضِدَكِ ، ساحرصُ على رَميكِ بين قُضبانِ السجن و اشهدُ تَعفنكِ هُناك بِعيناي
ارتَفعت طرَف شِفاهها سُخريَة من تَهديده الذي بِلا جَدوى بالنسبَة اليها اذ مَيّلت رأسِها تَهمسُ لهُ بحاجبٍ مَرفوع
- و حينَما تكونُ ايجابيَة ؟
كَما هي مُتأكدَة انّها ابنته ، هو مُتأكد اكثر مِنها انّهُ لم يَمس امرأة غَير زَوجتهُ من قَبل ، لِذلك اصرّ على مَوقفه حينَما قال بجديّة
- لن تَكون كَذلك ، انا واثق من نَفسي..!
نَجحت في سَحب ذِراعها مِنهُ و تَشكيل مسافَة مُحترمَة بينهُما اذ تراجَعت الي الخلف تَعقدُ يديها الي صَدرِها قبل ان تنطِق بِجُمود
- ما كنتُ لاضع رأسي من رأسك نِهائيًا
لَكن ، انت اَهنت الانثَى التي بِداخلي..!
لِذلك ، اُريد أن استرد حَقي مِنك
في اليَوم الذي تَتأكد مِنهُ
انّها ابنتك..!
قَطب حواجِبه بخفّة قَبل ان يَضعُ يَداهُ في جُيوب بِنطاله يُشاهِد عُيونِها البُنيّة و هي تَرمقهُ بِنَظراتٍ يملؤها الاستِحقار
- اُجزم لكِ ان ذَلك اليوم لَن يأتي..!
اُشفق على ابنتكِ لانها ضحيّة اُم مريضَة مثلكِ
اذ لا اُصدق كَيف تَتهمين الرِجال المُتزوجون بانهم اباؤها..!
ان لم تُشفقي على نَفسكِ ، اشفقي على طِفلتكِ على الاقل..!
كلامَهُ بَشع و قاسٍ للغايَة في حَق مَن لم تؤذِه نهائيًا او تُفكر بذلك حتّى ، حاوَلت ان تَتحلّى بالقُوّة لاخرِ لَحظة ، كيّ لا تنهارُ باكيَة امامَهُ فحديثهُ جَرحها..!
ضغطَت على قَبضتيها اكثَر ثُمّ اخبَرتهُ بصوتٍ جاهَدت للحفاظِ على اتزانِه
- صَدِقني ، مُتشوقَة لارى صَدمتِك
و اقلّ ما يُمكنني فِعله هو ان احرِمك من ابنتِك الي الابَد
اقتَربت منهُ خُطوَة اضافيَة تُكمِل فيها
- لا تُضيع الوَقت ، و يُفضل ان تُرسل العينَة الي المُختبر
بقائي هُنا مَعك يَجعلُني اختِنق..!
طالَعتهُ بِسَخطٍ قَبل ان تَلتفت للمُغادرَة و الاتجاه ناحيَة غرفَة ابنتِها التي وَضعها فيها اللورد قبل نِصف ساعَة ، راقَب جونغكوك ظَهرِها بِغضبٍ قبل ان ينطق مُنفعلاً
- صَدقيني انا من ساكشفُ حَقيقة لصالح مَن تَعملين..!
فقط انتظري
كان رَدُها عليه انّها صَفعت الباب في مُنتَصف وجهه بقوّة و اَحكمت اغلاقهُ بالمِفتاح كيّ لا يَدخل عليها و يُسمعها كَلامًا سامًا من جَديد
مالذي فَعلتهُ لهُ كيّ يَتهمها بما لَيس فيها؟
هي حتّى لم تُسئ مُعاملته
صَحيح صَرخت به و اتهمتهُ انهُ سبب دَمار حَياتِها
لَكنها فعلت التماسًا لِدَليل انّهُ والد ابنتِها..!
ارادَت منهُ تَبرير واضِح حينما لحقتهُ الي هُنا ، لم تنتظر اطلاقًا ان يَتم اهانتِها بهذا الشَكل و مُقارنتها مَع زَوجته ..!
جَلست فوق الفِراش بِجوار ابنتِها تَكبتُ الدُموع عند اطرافِ عُيونِها بِصعوبَة ، تشعُر انّ جَسدها نشف من الماء و لم يَعُد هُنالك دَمع تستطيعُ تَقديمه الي بُنيتيها للتَخفيف من حِملها
تَمددت بِجوار رَسيل تَمسحُ على شَعرِها بِرفقٍ تام بينَما تُناظِر الفَراغ بِصَمت مُخيف ، ليتهُ تَركها تَنتحر و تَموت ، لَكانت ارتاحَت من ثِقل هذا الشُعور الذي ضاعَفه هو باسلوبِه و كَلامِه البَشِع
من وِجهَة نَظرِه ، فهو دبلوماسيّ الجَميع يَطمعُ في تَخريب حياتِه و البَحث عن ثغرَة تُتيح للفتن الدخول عَبرها ، نظرًا لِكَونه شخصيّة انشهَرت اعلاميًا مُؤخرًا فاصبَحت الانظارُ تحومُ حَوله
لاسيما ان الكُل يَتمنى افساد عِلاقته بِزَوجته التي يعرِفُ جَيدا انّها تمتلكُ الكَثير من المَهووسين بِها الذين يَتمنونَها لَهم بدلاً مِنه
فبلا شَك ، سيبدؤون في البَحث عن طريقَة مُجديَة تُفسد عِلاقتهُما كيّ تُصبح حياتِها العاطفيَة خاليَة و تُتيح لَهم مَجال للدُخول
لا يوجَد افضَل من طريقَة مَس الوتر الحَساس لَدى زَوجته
و هي العُقم ..!
ان يَجعلونَه يظهر بصورَة الرَجُل الخائِن ، الذي اتبَع رغبته في الحُصول على الاطفال و تَركها هي و عُقمها دون ان يَهتم لِمَشاعرها
هو اكثَر من يَعلم حُدود زَوجته جَيدًا ، يَعرفُ انّها تغارُ عَليه بشكلٍ مُبالغ بِه ، فإن عَلِمت ، بِدون ذرّة شَكٍ ، سَتقطع عِلاقتها به و تَقطعه مَعها
اغمَض عيناهُ في مُنتَصفِ جُلوسه على الاريكَة يُمسك رأسَه المليئ بالافكارِ السَوداء ، زَفر بِبُطئ يَهمسُ لنفسه
- من اين ظَهرت هذه الورطَة الان ..؟
اخشَى ان يَصل الامر الي اليوت و تُصدقه
على ذِكر سيرَة زَوجته ، تبًا ..!
تناسى تمامًا انّهُ يوم ميلادُها..!
و انّه جَرا و تَرك الحفل وراءه كالمَجنون
وسّع عيناهُ قَبل ان يَستقيم من مَجلِسه و يَتوجه للبحثِ عن هاتِفه في جُيوبه ، لسوء حَظِه قد اوقَعهُ في النَهر حينما غَطس لانقاذِ ماريسا
لِذلك ، شُكوك اليوت سَتزداد حينما تَجد هاتفهُ مُغلقًا ..!
و انّهُ غادر و تَركها دون مُبرر في حَفل ميلادِها
الصحافَة و الاعلام سيأخُذ غيابَهُ عنوان لمقالاتٍ عديدَة
اذ سَيكونُ الموضوع مؤذيًا لَها ..!
خصوصًا انّها قد تظنّ ان خِصامهما سَبب رَئيسيّ في امتناعه عَن التواجُدِ مَعها ، مَسح على وَجهه بانزِعاجٍ يُردد بدواخله شتائم عديدَة تكاد لا تُعبر عن حَقيقة شُعوره
لا يَملك عُذرًا مُناسبًا يستطيعُ عَبرهُ تَبرير مَوقفه
لِذلك مَشا في اتجاهِ الهاتِف المنزليّ و اتَصل على مُساعِده
اتاهُ رَدُّ اوليڤر بَعد ثوانٍ
- نَعم ؟
بَلل اللورد رِيقه بِبُطئ قبل ان يَتحمحم قائِلاً
- اوليڤر ، هَذا انا
قَطب مُساعده حواجِبه بشدّة قبل ان يَقوم بايقافِ سيارتِه في مُنتَصف الطريقِ بعدَما كان في عَملية بَحثٍ عنه
- سيدي اللورد ؟ اين انت ! المدينَة انقلبت رأسًا على عَقب
بحثًا عَنك ..!
اغمَض جونغكوك عَينيه بعدَما اسنَد جَبينهُ ضِد الجِدار يَتنهد بِصَوتٍ خافِت
- حَدث الكَثيرُ آلڤ
اسمَع ، توجه الي منزلي و خُذ جواز سَفري من هُناك همم ؟
اريدك ان تُخبر اليوت اني اضطررتُ ان اُسافر لغرضِ عملٍ مُفاجِئ
كَذلك ، يوجَد بضع اوراقٍ تركتها ورائي في الفُندق
سيكونُ الموظفون اخذوها ، استرِدها مِنهم و خَبئها جيدًا
لم يَستطيع اوليڤر فَهم ما يُحاول سيدَهُ فِعله ، لَكن لا يُمكنه مُعارضتهُ اطلاقًا لِذلك قامَ بالهمهمَة مُستفسرًا بِحيرَة
- سيدي هل انت بِخَير ؟ هل هُنالك مُشكلَة ؟
اكتَفى السفيرُ بالهمهمَة بعدَما طال صَمتِه و هو يُفكر بِحجم المُصيبَة التي حَلت فوق رأسِه ، فَصل الخَط دون ان يُضيف حرفًا و تَوجه بعد ذَلك للتَدخين في حَديقة البَيتِ الوسيعَة
يُحاول ان يَتذكر شَئ ، يدعم صحّة حَديث ماريسا
لرُبما فعلاً اخطأ ..! لَكِن ذاكرته تَخونه
هو مُتأكد ، انّهُ لم يُعاشر سِوا امرأته
رُغم بُرودها الجنسيّ ، لَكنهُ لم يَخنها نهائيًا
بل حافَظ على عِلاقتهُما و قَدسها لاخرِ لَحظة
مُستَحيل ان ما تَقوله صحيحًا ، هي بلا شَك مُرسلَة من احد المُنضمات التي تسعى لِتَدمير استقرارِ حَياتِه ، ذَلك تَفسيره المنطقيّ الوَحيد..!
ظلّ يُدخن باسرافٍ ، حتّى احسّ بِخنقَةٍ رَهيبة تَجتاحُ صَدره
اوقَع السيجارَة من بَين اصابِعه ، و راحَ يُدلّك رَقبتهُ بضيق
قَطب حواجِبه بشدّة و نَفسهُ بدأ يَضيقُ و يتلاشَى بِبُطئ
سارَع بِفتحِ ازرارِ قَميصه لعلّ الهواء يَقتحم صَدرهُ
لَكت بدون جَدوى ..! خنقتهُ تزداد
احمّر وَجهه و لم يَعُد بِوسعه التَنفًس اطلاقًا ، فرّق بين شَفتيه و حاوَل جَذب اكبر قدرٍ من الهَواء لَكِن بدون فائِدَة ..!
نَهض من مَكانِه مُسرِعًا ، و هو يَقومُ بِوَضع يدِه على صَدره بينَما يسعل بقوّة ، انّها نوبَة من حساسيَة صَدرِه ، يستوجبُ عليه الوصول الي بخاخَة الاكسجين خاصَتهُ في غُرفته التي تنام بِها رَسيل و اُمها
مَشا بِخُطواتٍ سريعَة في اتجاه الغُرفَة و مع مُرور الثواني ، تَختفي انفاسهُ اكثَر ، قام بطرقِ الباب بقوّة حتّى تُسرِع في الاستجابَة و فَتحه
لم يكُن يَعلم انّ طرقه العنيف ذاك ، جَعلها تخافُ منهُ اكثَر و تُجزم انّها قطعًا لن تَفتح لَهُ ، دَخلت اسفَل الغِطاء و تجاهَلت دقاتِه العاليَة للباب
حاوَل التكلُم و طلب المُساعدَة ، لَكن صَوتهُ ضعيف للغايَة
بالكادِ يُغادر حُنجرتِه
جَثى على رُكبتاهُ بِضعف و واصَل طرق الباب طَلبًا للمُساعدَة
بِدون فائِدَة ..! هي لم تَستجب لهُ و لَن تَفعل
وَضع يداهُ على صَدرِه ، يُحاول ان يَتنفس و للاسف ، هو عاجِز عن ذَلك كُليًا ، ازرّق وَجهه و بَردت اطرافهُ و لم يَعد بِوسعه سِوا رؤيَة نهايتِه تَقترِب
حاوَل ان يَطرُق الباب اخر مرّة ، لَكِن هذِه المرّة
سَقط مُغمًا عَليه حينَما تلاشت انفاسهُ كُليًا ..!
•••
6179 ✔️
وحشتوني يا بنات ♥️
اخباركم مع فصل اليوم ؟
احداث الرواية الحقيقية بدأت تبان 👀
تتوقعون شنو قصة كابوس جونغكوك تحديدًا ..؟
رد فعل جونغكوك تجاه معرفته بان رسيل بنته منطقي..؟
احس من غير المنطقي نهائيًا ان يصدقها
بس ماله مبرر ان يجرحها بذاك الشكل ..
معلومة عن اللورد ، هي يلي خلته يتمادى في كلامه معاها
هو يكره حرفيًا اي انسان يستحقره او يضربه
لان في طفولته ، عانى من الشئ هذا كثير
لذلك تلاقونه لما اي حد يجرب يمد يده عليه
يتحول كليًا و يصير شخص تاني
و ماريسا لَمست وتره الحساس..!
هي كمان ما تقدر تسكت عن حقها و لا عن اب شخص يهينها
عمومًا ، شنو يلي فهمتوه من هذا الفصل؟
ما قدرتوا تفكروا ان فعلا ممكن يكون تفكير اللورد منطقي؟
ممكن حد من عشاق زوجته ، يحاول ان يخرب علاقته بِها
و ارسل ماريسا له ..! ده احتمال وارد كذلك مش صحيح؟
شنو الجزئية يلي نالت اعجابكم بالفصل؟
شنو حيصير للورد بعد ما اغمى عليه و ماريسا رافضة تفتح الباب؟
تتوقعون لما يتاكد ان رسيل بنته فعلاً
شنو حتكون رد فعله تجاه اهانته لامها ؟
تحليلاتكم هُنا
حرفيا اكثر رواية احب اقرا تحليلاتكم فيها
هي هذه الرواية 😭
2000 تصويت
3000 تعليق
فصل جَديد ✔️
ما انصحكم تتكاسلوا في التفاعل لان حقيقي الجاي 👀🔥
احبكم بصدق ♥️
اراكم في الفصل الجاي ان شاء الله
الي اللقاء ♥️
.
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top