Our child | 05
THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD
اهلاً بكم في الفَصل الخامِس 🍂
لنبدأ 🐻
•••
تَجلِسُ في مُنتَصفِ ارصفَة الطُرقاتِ المُلتهبَة من حَرارةِ الشَمسِ و هواءُ البلادِ الساخِن يَخبِطُ مَلامِح وَجه من تُطالِع الشَوارِع بِعينين مَليئتين بالفَراغ
اُصيبَت بِنَوعٍ من التَلبّد العاطِفيّ ، حينَما اكتَشفت حَقيقَةً جَعلت البَيت الذي بَنتهُ باحلامِها و آمالِها يُهَدم فوق رأسِها
اكلُّ ما تَخيلتهُ ، و حَلِمت به ، كان مُجَرد كذبَة..؟
هل عاشَت بِوهمٍ زائِف..؟
احياتُها وَهم..!
من هي ؟ و مَن تكونُ و الي مَن تَنتمي..؟
و كَيف انجَبت هذه الفتاة من رَجُل مُتزوَج
مُنذ سَبع سَنوات..!
و طِفلتها تبلغ السَبع اشهُر
اذًا احتمالُ ان تكون طليقَتهُ مُنعدِم كُليًا
رُبما هي احدَى الفتيات اللواتن قَضين ليالٍ عابرَة مع الاثرياء..؟
ان كان ذَلِك صحيحًا ، كَيف لم يتعرَف عليها..؟
ان كانَ قد قضى ليلَةٍ مَعها بِرضاهُ ، لابدّ ان يُحدث ردّ فعلٍ مَشكوك في أمره حينما كَشفت لهُ عن وَجهها ، لَكن تَصرفاته كانت طَبيعيَة للغايَة
او رُبما كان يَتصرُف بكل ذَلك اللُطف لانهُ يعرف ان رَسيل ابنته ؟
و يَعلمُ جيدًا انّها فقدت ذاكِرتها لذلك تَصرف بِجفاءٍ مَعها
كيّ لا تَشُك في امرِه ، مثّل دور الرَجُل النَبيل
او الاسوء ..!
قد يكونُ هو من دَبر خُطَة لِقَتلها ، كيّ تختفي من الوجود بَعدما اخطأ مَعها في احدَى الليالي حتى لا يُفسد زواجَه..!
كِل تلك الافكارُ السامَة كانت تَنهشُ فِكر الشابَة العشرينيَة و عُيونِها تَتأمِل المارَة من امامِها بِصَمتٍ تام ، كانَت تَضع قطعَة قُماشٍ على وَجه طِفلتها كيّ لا تحرِقها اشعَة الشَمس ، تَحميها و لَم تجِد من يَحميها هي من مُرّ واقِعها المُؤذي
- مُستَحيل ، لا اشعُر اني من النَوع الذي قد يَمنح نفسهُ بسُهولَة
لستُ عاهِرَة ، انا لستُ كَذلِك
هَمِست لِنفسها و الدُموع تَملئ مُحجريها حينما عَجزت عن التوصُل لاجابَة مَنطِقيَة تضعُ حدًا لِهذا الصِراع الماكِث بداخِلها
جَمعت انفاسِها المُهتزّة و طَردت تلك الدُموع بِعُنفٍ قبل ان تَستقيم من فوق الرَصيف مُتحدثَة
- هل سابقى اجلسُ كالمُتسولة هُنا ..؟
عليّ البحثُ عن مَسكن و وظيفَة
ثُمّ ارى كيف اتصرَفُ مَعه
انَزلت عينيها الي طِفلتها النائِمة بين ذراعيها التي اصبَحت تؤلمها من شدّة حملِها ، قَبلت وَجنتها المُنتفخَة الحَمراء ثُمّ بدأت رِحلتها في البَحث عن عَمل تُعيل به نَفسِها هي و ابنتِها الرَضيعَة
كانَت تجوبُ الطُرقات و تُفكِر بمقدارِ السعادَة التي يعيشُها اللورد مَع زوجته ، بَعدما دمّر لِفتاةٍ يافعَة مثلُها حياتِها بالكامِل و حمّلها مَسؤوليَة اكبرُ من عُمرها
تذكَرت مَشاهدهُما سويًا و كَيف كانت هي جُزء من تَجهيزِه لاُمسية رومنسيَة لَهُما ، كَيف كانت تَضع أملاً ان تَحظا بِمثلها لوالد طِفلتها الذي طَلب مِنها صُنع واحدَة لِزَوجته ..!
تَوقفت في مُنتَصف الطَريق تُحدِق في الفَراغ و هي تُجابِه دُموعها
لَيس موضوع غيرَة او حَسد
بل ، انّها خيبَة الأمَل..!
لا يُعقَل ان يَكون الرَجُل الذي ظَنّت انّهُ مَن سيُنهي مُعاناتِها
سيكونُ هو المُتسبب الأولِ بِها
ما الذَنب الذي ارتَكبتهُ ، حتّى تُعاقب بِشبابها..؟
لِما ..! لِما هي؟ الا يَكفي ما عاشتهُ بداخل تلك المُستشفَى..!
مَسحت دُموعها بِخُشونَة و هي تُحاول استِجماع قُوتها كيّ لا تَضعف ، رُغمًا عَنها تستمرُ بايجاد حُجج مُقنعَة للبُكاء على حَظها العاثر
لَكنها لن تَستسلِم ، لابدّ ان تَجد حَلٍ ما
الاستِسلامُ مِنهاجُ الضُعفاء ، لَكنها قويّة كِفاية لِتُكافح
سَتفعلُ ، سَتُقاوم و تُجاهِد لعلّ نِهايَة الطريقُ خَير
اليسَ كَذلِك ..؟
•••
في الطَرفِ الاخَر
كان السَفيرُ داخِل ارضيّة مَبنى الاكاديميّة الجَديد يَضعُ يداهُ بداخل جُيوب بِنطاله العَريض بينَما يَتجولُ فيها لِتفقَد اخر الاصلاحاتِ و المُستجدات
بِرفقته ماثيو الذي يُصفِر و هو يَعبثُ بِهاتفه يَستمعُ الي اسئلة زوج اُخته
- هل قسمُ الرقصِ جاهز..؟
طلبتُ ان يَتم العملُ عليه اولاً
وَجه بَصرهُ الي اخ زوجته الذي طالَعهُ بعدَما ابعد عيناهُ الزرقاء عن هاتِفه مُجيبًا
- يُفترَض انّهُ جاهِز ، يُمكنك القاء نظرَة
اصَدر السفير همهمَةٍ خافتَة ثُمّ تابَع
- ماذا عن رَوضةِ الاطفال ..؟
اردتُّ ان يتم تجهيزِها من الالف للياء بكل ما يَحتاجهُ الطِفل
قامَ ماثيو بِهَز اكتافه اذ قال
- اليوت التي ارادَت الاشراف بِنفسها على قسم الاطفال
لِذلك لَم اسأل بِخصوصِه
اومَئ اللورد بِرأسه لِلَحظاتٍ ثُمّ تَحدث
- بالنسبة الي قسم الاطفال
هُنالك الكثير من الامهات في الشَوارع
لِذلك اُريد ان نَبني هُنالك سَكن مجانيّ
يَدفعنهُ عَبر العملِ في الروضَة
و تلبية احتياج الصغار
قامَ ماثيو بِزمّ شِفاهه حيثُ نَطق بعد حين
- السكنُ على مَشارف الانتهاء
لازالت هُنالك تشطيباتٍ بسيطَة ستكتملُ خلال اُسبوعٍ او اثنين
لَكِن ، هل تعتقدِ انهُ من الآمن ترك الاطفال مع امهاتٍ من الشَوارع؟
اقتَرب السفيرُ من الكُرسيّ حتى يجلِس و يُريح قَدماهُ من كثرَة الوقوفِ و التجوال لِهذا اليَوم ، اخَذ قارورة ماءٍ باردَة يشربُها قبل ان يُجيب
- سيُبدعن في عملهنّ اكثَر من غَيرهنّ ، دامنا اعطيناهنّ الفُرصة في الحصول على سَكن مجانيّ ، بالطبع لن نُسلمها الاطفال قبل ان نستفسر على خَلفيتها و ماضيها و نتأكد من سَلامتها عقليًا .,! فالاغلب هنّ مُدمنات للمخدراتِ و العقاقيرُ الفاسدَة
اقتَرب منهُ ماثيو قبل ان يستقِر بقربهُ مُتحدثًا بصوتٍ خافت
- تمامًا هذا ما اتحَدثُ عَنهُ ، اعني تَخيل ان تكون هُنالك اُم سايكوباثيَة من بينهنّ ، و تُقرر بدأ سلسلَة جرائِمها في اطفالِ روضتِنا ..! سينتهي بنا المطافُ جميعًا وراء قُضبان السجن حتى نّتعفن
رَمش جونغكوك مُستغرِبًا حَديث اخ زَوجته الذي جَعلهُ يسخَر منهُ عبر نقر رأسِه مُتحدثًا
- لا تُكثر من مُشاهدة الافلام الاجراميَة لانها تُؤثر على عقلِك
لابد ان العيش في المانيا انساك ان سويسرا اكثر بلدٍ آمن
في العالَم ..! مِثل هذه الامور لا تَحدُث هُنا
نَهض من مَكانِه من جَديد ثُمّ استدار اليه مُتابعًا بابتِسامَة صغيرَة
- ساذهبُ الي السفارَة لتفقد بعض الاوراقِ المُهمّة
ساترُك مُهمَة السَكن للامهاتِ بين يَديك
ابحَث عن اُمٍ عزباء و اسألها عن مُتطلباتها
و ما تحتاجَه حتى نُنفذَهُ
سنسعى للتكفلُ بِمن ليس لهنّ عَون
حسنًا ؟
قامَ الاصغرُ سنًا بالايماء بِقلَة حيلَة ، ليسَ بِمَقدوره الرَفض من الاساس كَون الفكرَة نالت استِحسانه ، يُعجبه انه سيكونُ جُزء مِن الاعتناء باُمهاتٍ خَذلهنّ المُجتمَع و الاُسر
لِذلك اكتَفى بالتَلويح بيدِه الي السَفير الذي غادَر اولاً ثُمّ مَشا هو يَتجولُ في الاكاديميَة بينما يُدندن باغانٍ عِشوائيَة
رَكب السَفير سيارته يَتجهُ نَحو السفارَة و عَقلهُ انشغَل من جَديد بِتلك الأم العَزباء مع طِفلتها ، تمتم الي نَفسِه قائِلاً
- ان رأيتُها مُجددًا قد اعرضُ عليها المجيئ الي الاكاديميّة..!
لَكن سبق و ان قالَت انها ستجدُ زَوجِها
اي انها ليسَت اُم عزباء
طَرح انفاسَهُ بتروٍ قبل ان يقوم بِتَشغيل الراديو الخاص بِسيارتهُ حيثُما ظهر لهُ صَوتُ زوجتِه التي تُلقي مقالاً في احدَى القنواتِ المُباشرَة
ابتَسم بِخُفوت و هو يَستمعُ الي صَوتِها الناعِم قَبل ان يزيد من مُستوَى الصَوتِ كيّ يُنعم سَمعهُ بِنبرتِها التي تُريحه
استَغرق وقتًا للوصولِ الي السفارَة و حينما فعَل كانَت بالفعل مُغلقَة بسبب العُطلة الاسبوعيّة ، لِكَونه سَفير هو مَخول لهُ بالدُخول وقتما يَشاء لذلك رَكن سيارتهُ بالقُرب ثُمّ ارتَجل منها حتّى يدَخُل
قابَلهُ حارِس الأمَن الذي كان يُطيل التَحديق بِه بشكلٍ مُريب
لم يكُن يفهم خَطبه ، لذلك تجاهلَهُ و اكمَل سيرهُ للداخِل
الحارسُ كان يُقارِن شَكل تلك الطفلَة بين يديّ اُمها مع خاصَة السفير ، الشَبه بينهُما رَهيب لذلك انتابَهُ الشَك لِلحظاتٍ حتى وَجد نفسهُ يُتمتم
- من المُستَحيل ان تكون تِلك الفتاة مُحقة
السفيرُ مُتزوج و الجَميع يعرف حُبه الي زَوجته
هَمس الي نَفسِه قَبل ان يُراقب ظهر اللورد و هو يصعد الي مَكتبه من اجل مُراجعَة بعض الاوراق المُهمّة ، كان يستوجِب عليه الردّ على البريد الذي يَرِده من بَلده لذلك اغلَق على نَفسِه و انغمَس في عَمله
•••
على الطَرفِ الاخَر ، كانت ماريسا تَجوبُ شوارِع جونيف بَحثًا عن عَملٍ تَستطيع الاستِرزاق بِه و تلبيَة اقل حاجياتِها هي و طِفلتها التي كانَت تُراقب المارَة بِفُضول
كانَت تتشبّث باُمها بيدِها و الثانيَة تُلوح بِها لكل شخصٍ يمُر من امامِها ما جَعل الكَثير يقترِبون يُريدون تَقبيلها و التَسليم عليها
لَكن ماريسا خافَت مِنهم ، لا يُمكنها التأمين للغُرباء..!
لِذلك استمَرت بالهُروب من كُل شَخصٍ اراد قُربها
كان المَطعمُ الخامِس الذي تدخُله للسُؤال عن وظيفَة
الجميعُ يرفُضها لِكَونها تملكُ طِفلَة تُلازمها
و ان قَبلوا ، يُريدون رؤية هويتِها و وثائِقها الشَخصية هي و طِفلتها و لِكَونها لا تَمتلك تضطّر الرَحيل بِكرامتِها قبل ان تُطرَد
لا تَستطيع لَومهم فَذلك حَقهم ، من الذي يُوظّف شَخص لا يملكُ هوية في وقتنا الراحِل ..؟ الناسُ لم تَعُد مَضمونَة كفايَة
دَخلت الي ذلِك المَطعم الذي كان هادِئًا للغايَة
كان من الواضِح عليه انّهُ يَخُص اصحاب طبقَة النُخبَة
نظرًا لاصواتِ الموسيقَى الراقيَة مع التَصميم الراقي و المُلفت بشكلٍ جعلها تَنبهِر ، مَشت نَحو الادارَة على أمل ان يَتّم قُبولها و حينما تَحدثت مع المُدير بحثًا عن وظيفَة ، اطال التَحديق بِها مُستنكِرًا
- حَضرتكِ مُتزوجَة ..؟
نَظرت في عيناهُ و هي تحتضِن ابنتِها ثُمّ قامَت بالنفي حتى سَمِعتهُ يسأل بحاجبٍ مَرفوع
- اذًا هل لي ان افهَم كيف حَصلتِ على هذِه الطِفلَة ..؟
طالَع ابنتِها ثُمّ رَفع عيناهُ الي الصُغرَى التي تضايقَت و اتضَح ذلك عبر مَلامِحها ، اعتَدل في جَلسته قبل ان يُوضح موقَفه قائِلاً
- لستُ احاول ان اُضايقكِ
لكنّ سُمعَة مطعمي تَهُمني قبل كُل شَئ
تقولين انكِ لا تَملكين هويّة ، اذًا هل انتِ مهاجرَة غير شرعيَة؟
رَمشت بِعينيها لِفترَة ثُمّ سألت باستِغراب
- ما معنى مُهاجرَة غير شرعيَة؟
تعجّب من امرِها لَكنهُ لم يَبخل ان يُجيبها مُفسِرًا
- اولاءك الذين يأتون من بُلدان اخرَى عن طريقِ التهريب
غالبًا لا يَملكون وثائِق رسميَة ، و يكونُ مَصيرِهم السِجن
ان وَجدتهم الشُرطَة يتجولون بالارجاء..؟
وَسعت عينيها مُندهشَة قبل ان تُشير على نفسِها قائِلَة
- هل ان مَسكتني الشُرطة ستُدخلني الي السجن..؟
قامَ بتحريك رأسِه استجابة لَها و هو يُطالِعها بِشَك
احسَت انّهُ على وَشك التَبليغ عليها ، لِذلك نهضت مُسرعَة
- كلاّ ، انا لستُ مواطنَة غير شرعيَة..!
ارجوك لا تَفهمني خطأ ، شكرًا على وَقتك
غادَرت دون اطالَة الحَديث معهُ و هي تُفكِر بالطامَة الكُبرى التي ستُواجِهها ان استَمرت التِجوال بدون وثائِق..! فعلاً قد تدخُل الي السجن و يَنتهي بها المطافُ وراء القُضبان
قضَمت شفتيها بِهمٍ بالِغ ، لِما كُل الابواب مُغلقَة في وجهِها بهذا الشَكل؟
الي اين سَتذهب؟ بمن سَتحتمي و لِمن سَتشتكي..؟
كانَت على وَشك مُغادرَة المَطعم لَولم تَسمع صوت رُجوليّ يندهُ عليها ، بدا ذلك الصَوتُ مألوفًا لذلك التَفت لهُ تَرى ذلك الشاب من ليلَة الامس يُناظِرُها و يُلوح لها بيدِه
- ايتُها الأم اليافعَة ، مرحبًا
استَغربتهُ و لَم تُرد ان تَتعمق معهُ ، لذلك حَركت رأسِها ايجابًا ثُمّ غادَرت المطعم تجرُ خَيباتِها وراءِها ، رَمش ماثيو مُتعجبًا ثُمّ سأل النادل الذي جاء بِطلبه
- هل هي زبونَة هنا؟
حَدق النادل بِه قبل ان يُراقِب ماريسا التي وَجدت كُرسيّ خارج المَطعم جَلست فوقهُ ، قام بالنَفي سلبًا ثُمّ اجاب بهدوء
- كلاّ سيدي ، جاءت للبحثِ عن وظيفَة
قام ماثيو بالتَفريق بين شَفتيه للحظاتٍ ثُمّ احتَسى من قهوتِه ، مرّ على فِكره قرارُ زوج اُخته بِتَجهيز سَكن للامهاتِ العازِبات اللواتن لا يَملكن مَلجئ و قَد كانت ماريسا مِثال حيّ لَهُن ، لِذلك وسّع عينيه الزرقاء مُتمتمًا
- كيف لم اُفكر بها ؟
قضيتُ النهار ابحثُ عن اُمهاتٍ عازِبات و لم اجِد ، انها فُرصتي
استقام من مجلِسه يُسرِع بالمُغادرَة و التَوجه نحو الصُغرى التي تجلِسُ بخيبَة املٍ كبيرَة و عُيونِها تُراقب حياة الاثرياء بداخِل ذلك المَطعم
الكثيرُ من الثُنائيات التي تَكسرُ شُعورِها
قابَلها ماثيو حينما انتَصب امامَها يَجعلُها ترفع عُيونها للتحديق بِخاصتيه مُستغربَة ، قبل ان تسأل عن خَطبه باشر هو بالحَديث اولاً
- هل استطيع ان ادعوك لِشُرب كوبٍ من القهوَة ..؟
رأى رَفضُها في عينيها قبل ان تنطِق لَكن مَعدتها الجائعَة اصدرَت جوابًا قبلُها ، حَدقت به باحراجٍ تراهُ يُشرع بالقَول
- او ، نتناول وَجبة الغداء ، ما رأيكِ ؟
حَدق في عينيها البُنيَة و هي تَستقيم مع طِفلتها ، قالَت لهُ بهدوء
- لا املكُ المال لادفع حَق وَجبة في عربة شوارِع
تُريد منّي ان اتناول طعامٍ في هذا المَطعم الفاخِر ؟
لابد ان الوَجبة به تتعدا راتِب موظف حُكوميّ
ابتَسم لها ثُمّ شرَع بالنَفي بيديه قائِلاً
- دامني دَعوتكِ ، فالوجبةُ على حِسابي
اريدُ التحدُث معكِ في امرٍ لِصالحكِ
قَطبت حواجِبها مُستغربَة قبل ان تنطِق بتعجُب
- لما حَضرتك تريد دَفع حق الوجبة عني؟
باي صِفَة ؟
كانَت اجابتهُ سلسلَة حينما قال مُوضحًا
- لاني ساحتاجُ مُساعدتكِ حينما اُساعدك
تستطيعين القَول ، تَبادل خِدمات..!
ما رأيكِ؟
سَكتت لِبُرهَة و جوع مَعدتها لا يَدعم قرارَها بالرَفض بتاتًا
واصَل هو الحَديث بهدوء
- لا ضَرر في الاستِماع اليّ ، بالاخر نحنُ في مكانٍ عام في مُنتصفِ النهار ، ليسَ هُنالك ما تَخافين منهُ و الموقعُ مُزدحم بالفِعل
كَلامهُ منطقيّ كِفايَة ليُقلل من مَخاوفها و يَمسحُ تردُدها ، نظرت حَولها تَجِدُ المكان مُزدحم كِفاية لِيجعلها تُقبل على المُوافقَة
اشار بيدِه الي المَطعم كيّ تُرافقه و حينما فعلت هي اولاً ، وردَهُ اتصال جَعله يُخبِرُها مُبتسِمًا
- اجلسي على طاولتي ريثما اعود
هُنالك اتصال عليّ الرد عليه
لم تُمانِع و مَشت للجُلوسِ على طاوِلته في الوَقت الذي تَوجه هو فيه للردّ على اتصال زَوج اخته ، سَمِعهُ يَقولُ لهُ مُستفسرًا
- مالذي حَدث معك ؟ هل استَطعت ايجاد اُم عازبة بحاجة الي المُساعدَة ..؟
اجابَهُ الاصغَر سِنًا و هو يبتسِم بينما يُشاهد ماريسا التي اجلسَت ابنتها فوق الطاولَة و راحَت تُلاعبها و تُلاطفُ خَديها المُمتلئَة
- اتصَلت في الوقت المُناسب
تَمكنتُ من ايجاد واحدَة بالفعل بعد البَحث لساعات متواصلَة
ابتَسم اللورد بِخُفوتٍ ثُمّ نَطق قائِلاً
- حسنًا انها فرصتك لِمُساعدتها ، استفسِر حول احتياجاتِها و لَبيها لَها ، و كذلِك لا تنسى التكفُل برعايَة طفلها
دلّك ماثيو حواجِبه يُتمتم بينهُ و بين نَفسِه
- من قال اني سافتتحُ حضانَة ..؟
تحمحم ثُمّ اجاب زوج اُخته مُجامِلاً
- حسنا لورد ، عليّ ان اُغلق
فَصل الخَط مع السَفير ثُمّ تمشى ناحيَة الطاولَة اينما وَجد مُدير المَطعم يستنكر وجود ماريسا و يسألها بِنبرةٍ لا تُرحب بتاتًا بها
- مالذي جاء بكِ ..؟ انتِ تجلسين في طاولة اصحابُ النُخب ..!
هذه لا تتماشى مع مُستواكِ ، غادري رجاءًا
كانت سَتتحدثُ دِفاعًا عن نَفسِها لَكن ماثيو تولّى امر الكَلام حينما قال بحاجبٍ مَرفوع
- عُذرًا ..! من سَمح لك بِطرد ضيفتي ..؟
رَفع المُدير عينيه الي الشاب العشرينيّ امامهُ و قبل ان ينطِق استَطاع التعرُف عليه مُباشرَة ، وسّع عيناهُ ثُمّ قام بالانحناء باحترام
- سيد البريشت ، لم اكن اعلم انّها ضيفتك
راقَبتهُ ماريسا و هو يُحسن مُعاملتها حينما قامَ بالاعتذار مِنها
هذا العالم فعلاً يُقيّم البَشر بِما يَملُك..!
اليسَت من البدايَة هي انسانَة ؟ و تستحقُ ان تُحترم ..!
تضايقَت و بِصُعوبَة اخفَت استياءِها عن اعيُن ماثيو حينما تَوجه للجُلوس قُبالتها ، طالَع المُدير امامَهُ قائِلاً
- فلترى مالذي تُريده السيدَة ، و اجلِبهُ لَها
حَرك المُدير رأسهُ ايجابًا قبل ان يُقدم لها لائحة الطَعام
رَمشت ماريسا حينَما لم تَفهم اللُغة اذ جَذبها ماثيو منها قائِلاً
- لابدّ انك لا تتحدثين الفرنسيَة ، لُغتك انجليزيَة
هل انتِ بريطانيَة او ماشابه..؟
ناظَرتهُ بِصَمت ، كَيف ستُجيب و هي لا تَعرفُ اصلِها..!
اكتَفت بالسُكوت فنطق هو مُتابِعًا
- سألتُ لان لَهجتكِ بريطانيَة ، عشتُ في امريكا سنتين لِذلك استطيعُ التمييز بين اللهجات الانجليزيّة
قامَت بتحريك رأسِها ايجابًا تراهُ يُكمل مُبتسمًا
- ليس شرط ان تكوني بريطانيَة كيّ تُتقني اللهجَة
الكثيرُ يحبها و يسعى لتعلُمها بدلاً
تُعطي طابعًا من الرُقي في الكَلام
ابتَسمت لهُ بارتباك و هي لا تَفهم سَبب فَتحه لمواضيع عِشوائية مَعها ، قامَت بالايماء من جَديد اذ اكمَل و هو يُشيرُ على لائحَة الطعام
- كما تَعلمين اننا في سويسرا نَملكُ اربع لُغات رسميَة
الايطالية ، الالمانية ، الفرنسيَة و الرومانية
كانَت اول مرّة تعرِف هذه المعلومَة التي جَعلتها تتعجّب تسمعهُ يُضيف
- بالنسبة الي جونيف ، حيثُما نحن الان
هُنا نعتمد اللغة الفرنسيَة ، لذلك اصناف الطعامِ كُتبت بِها
ساقومُ بترجمتها لكِ بالانجليزيَة و انتِ اختاري ما تُريدين
وَجدتهُ يبذُل مجهودًا مُبالغ بِه بالنسبَة الي تعارِفهما القَريب
اذ هو في غاية اللُطف بشكلٍ مَشكوك بِه
لم تُمانع ، دام الموضوع يَصبّ لِصالحها بالاخَر
ستأكُل الطَعام ثُمّ تُغادِر ، المُهم ان تُشبع مَعدتها الفارِغَة
تَرجم لها الكَثيرُ من اصناف الطعام التي اختارَت منها ثَلاثُ اطباق رَئيسيَة جَعلتهُ يستغرِب ، لابدّ انها جائِعَة ..!
لِكَونه تربَى في عائِلَة ثريّة ، فوالدتِه و اُخته و حتّى اقارِبه
لم يَكُن يُسرفن في الطعام حفاظًا على رشافتهنّ
لَكن من الواضِح ان الامر مُختلف عند بقيَة العائِلات
قَدم لائحة الطَعام الي المُدير الذي انتَشلها و غادر لاخبارِ الطُهاة بتجهيز الوَجبات ، وَقف عند قُربٍ لابأس بِه منهما يُراقب ظهر ماريسا مُتفاجِئًا
- متى استطاعت ان تَصطادَه..!
يالها من خَبيرة!
احتَسى ماثيو من كوب قهوتهُ قبل ان يُشاهد رَسيل التي تُمسِك بمنديلٍ من الطاولَة و تلعبُ به ، اطال التَحديق بِها مُبتسمًا
- انها تُشبه شخص اعرِفه ، تبدوا نُسخَة منهُ
قَرب يدِه للبعثِ بشعر الصغيرَة التي رَمقته بنظراتٍ غاضِبَة
لا تُحب ان يُفسد احد شَعرُها الذي جاهَدت انها في تمشيطه باصابِعها..!
لذلك قامَت بابعاد يدِه و تَوبيخه بلغة الاطفالِ خاصتِها حتى تَسببت في اضحاكِه ، طالَع ماريسا مُتحدثًا من وَسط قهقهاتِه
- لولم اكُن اعرِف اخلاق الرَجُل ، لَقُلت انها ابنتِه
احسَت ماريسا بالاهانَة من كَلامه و لَم تكتُم غيضُها حينما قالَت لهُ بِهدوء
- حضرتك تقصدُ اني اُنجب الاطفال مِن المارَة ام ماذا؟
وَجدُها جديَة كفايَة لِتقتُل ضِحكته ، جَلس مُعتدلاً قبل ان يَتحمحم نافيًا
- انهُ مُجَرد تَشبيه لِفرط الشبه بينهُما
قامَ بدلك ارنبة انفهِ ثُمّ بدأ باحتِساء قهوتِه يَراها تُطالِعه بنظراتٍ غامِضَة ، كانت هادِئَة بشكلٍ مُبالغ به و ذلك جعله يفتحُ موضوعه مُباشرَة
- حسبُما علمتُ منكِ ، انكِ لا تملكين منزل و لا عَمل
اليسَ كذلك ..؟
قامَت بالايماء بِهُدوء كيّ يُضيف هو قائِلاً
- املكُ عَرض مُناسب لكِ ، اتمنى ان لا ترفُضيه
حَدقت ماريسا في ابنتِها التي كانَت تُحدث ضجيجًا بينَما تضربُ بكلتا يديها على الطاولة بشكل جعل اغلبُ من يجلس في المَطعم يُشاهد طاوِلتهُم
احسَت بالحَرج و دَنت تمسِكها من ابطيها و تحملُها للجُلوس بداخل حُضنها قائِلَة
- هشش يا ماما ، لا تَتحمسي نحنُ لسنا لوحدنا
مَسكت رَسيل شعر اُمها بينما تتحدَث بِلغتها معاتبَة
- غاغاغيغوغي..!
انَزلت الكبرى عينيها الي ابنتها تُحاول فَك شعرِها بينما تتأوه بألم
- رَسيل اتركِ شَعري ، ياا ..!
دعينا نتفاهم هيّا
خاضت عِراكًا مع طِفلتها امام عينيّ ماثيو الذي كانَ يبتسمُ على لطافتِهما ، احتسى من قهوتِه ينتظرُ ماريسا ان تُقيم هُدنَة مع ابنتِها حتّى يتناقشانِ بموضوعِه و حينَما اعلَنت السلام بينهما ناظَرتهُ مُتحمحمَة
- بخصوصِ عَرضك
لا استطيعُ القبول او الرَفض حتى اسمَعه
راقَبتهُ و هي تقومُ بتعديل شعرِها الذي افسَدتهُ ابنتها بِشَغبها ، مَدت رسيل يديها الي ماثيو تُريده ان يَحملها و حينما فَعل جَلست في حُضنه بكل رِضى دون ان تُشاغب
وسعَت ماريسا عُيونها مُنبهرَة حيثُ تمتمت
- يالها من طفلة تُحب الرِجال..!
انَزل ماثيو رأسَهُ الي الصُغرَى التي طالعتهُ بلطافَة ارغمتهُ على حَملها عاليًا و عضّ وَجنتِها المُحمرَة بلُطفٍ شديد كيّ لا يُؤلمها
لَكنها مُدللة كفايَة لِتَصنع من ذلك حُجّة يَجعلها تَبكي و تُحرك اقدامِها في الهواء ، انزَلها امامهُ يقبل خَدِها المُنتفخ مُعتذرًا بلُطف
- انا اسف لا تَغضبي ايتها الانسَة الصغيرَة
رَضت عنهُ بسهولَة حينما ذهبت الي حُضنه و عانَقتهُ بالطريقَة التي جَعلت ماريسا تُسند يدها على وَجنتها مُتحدثَة بيأس
- ابنتي زيرُ رِجال
ضَحِك ماثيو على ما قالَت اذ هتَف بِمُكر
- هي تُركز على اهدافها جيدًا
ثُمّ ، لستُ من مُحبي الاطفال لَكن ابنتكِ نالت استِلطافي
انها لطيفَة و ذكيّة كذلك ، لاعجب ان الآسيويين اذكياء بالفطرَة
مَسح على شعرِ رسيل بلُطف و هذه المرَة لم تُمانع ان يلمس خُصيلاتِها السَوداء ، سَمحتُ له بذلك حينما جعلها تَنشغل بالعَبث بِهاتفه ما ان شغّل برنامجًا للرُضع و وَضعهُ امام عينيها الخَضراء تُراقب ما يحدُث داخل تلك الشاشَة بفُضول بالِغ
كُلما تَحمست مع جُزئية ما كانت تَرفع يديها عاليًا و تَصرُخ بِشكلٍ يَجعلُ امها تودّ التهامِها ، فعلاً ، هي حسنَة حياتِها الوَحيدَة
نالت قطعَة من المارشميلو ، في قمّة اللطافَة..!
تَحمحم ماثيو بعدما جائت وَجباتُ الطعام اذ باشرَت ماريسا تأكُل و قام هو بِتوضيحِ عرضه مُفسِرًا
- سبق و ان اخبرتكِ اني امتلكُ اكاديميَة اليسَ كذلك..؟
الاكاديميّة خاصُتنا تعتبر كَما لو انها جامعَة خاصَة
او مَدرسة ، نبدأ فيها من المَراحل الاولى للمرء
منذ طُفولته ، اي من الروضَة حتى يَصل الي الكُليّة
ناظَرتهُ ماريسا باهتِمام و هي تأكل تَسمعهُ يُتابِع
- كما انهُ لدينا مَعاهد للرقصِ و الفُنون كالرسمِ و الغناء و كِتابة الديوانِ و الشِعر ، الكَثيرُ من الاقسام التي تَضمن خُروج الشَخص مِنها بِكفاءة عاليَة في المجال الذي اختارَه
حَركت رأسِها باعجابٍ اذ قالَت
- يبدوا ذَلك مُذهلاً ، لابد انكم تَبذلون قُصار جُهدكم
القَى همهمَةٍ ثُمّ تابَع
- كُنا نُشطِب قسم الروضةِ و الحَضانَة
اذ طَلب زوج اُختي ان نُخصص قسم لاقامَة الاُمهات
اللواتن يَحتجن سَكن و عَمل في ذاتِ الوَقت
بدأ كَلامهُ يُصبح مُثيرًا لاهتمام ماريسا التي وَضعت شوكتِها فوق الطاولَة تناظره بانتِباهٍ و فُضول حينما واصَل يقول
- لذلك ، بدأنا البَحث عن الاُمهات اللواتن يَحتجن هذه الخِدمَة
و خَطرتِ على فِكري بمجرّد ان بدأت بمهمّة التفتيش
سيكونُ الامر لِصالحكِ ، فكري بالموضوع جيدًا
رَمشت الصُغرى مُستغربَة اذ تحدثَت بعد فترةٍ من الصَمت
- لَكِن ، ليسَ لديّ مال لاسدد حَق الاقامة؟
لا اظن ان السكن سيكونُ مجاني بدون مُقابل؟
سيعودُ الامر عليكم بالخَسارة بهذا الشَكل
طالَعت عينيّ الاكبر الزَرقاء تراهُ يبتسِمُ بوديّة مُجيبًا
- حق الاقامة يُسددنه بالعَمل بداخل الحَضانة
و رعايَة الاطفال ، هَكذا لن نحتاج ان نأتي بِمربيات
اسعارهنّ باهضَة ، و بذاتِ الوقت استطعنا التَكفل
بالكثير من الامُهات اللواتن يَحتجن فرصَة كهذِه
ما رأيكِ ..؟ اعتقد ان العرض يُناسبُكِ
استَغرقت وَقتًا في التَفكير بينَما تُطالِع طَبقها
ان كان ما يَقولهُ حقيقيًا
فَمُقترح هذه الفكرَة يَمتلكُ اوسَع قلبٍ في المجرّة ..!
اذ سيكونُ من العَظيم ان يَتكفل المرءُ باشخاصٍ منزلهم الشَوارع
يَحميهم و يُؤمن لَهم مساكن دافئَة و وظائِف مُحترمَة
رَفعت عينيها الي الطَرفِ الاخَر تُطالِعَهُ بِتردُد
- لك..لكن ، هنالك مُشكلَة
و لا اريد ان اضع نفسي في موقفٍ سئ لاحِقًا
حَرك رأسَهُ بالايجابِ يَسمعها تُواصِل بينَما تُناظر طَبقها باستِياء
- لستُ املك هويَة ، و لا وثائق رَسميَة
لِذلك ، فشلتُ عن ايجاد عَمل يتكفلُ بي
استَغرب ما قالتهُ و لم يَفهم مَعناه
كيف لِمًُواطن هُنا لا يَمتلك هويَة ..؟
كيف يَتجولُ في الاماكن العامَة و يدخُل المرافق الخاصَة اذًا ؟
لذلك سألها مُتعجبًا
- كيف لا تَمتلكين هويَة ..؟ اعني الجَميع يفعل
كيف تَسكنين هنا اذًا ؟
لم تكُن تمتلكُ اجوبَة لكل تلك الاسئلة التي هي حَد ذاتها تَطرحها على نَفسها كُل دقيقة تمُر الي ان اُصيبت بالاكتئاب لِشُعورها بالعَجز
من البَشع الا يَكون الانسان يَعرِفُ نَفسه حتّى ..!
لاحَظ الحُزن في عينيها لِذلك خَمّن انها قد تكونُ مُهاجرَة غير شَرعية ، كَما فكّر المُدير تمامًا ، فذلك التَفسير الوَحيد الي حالتِها
- اذًا ، هل هاجرتِ من بلدكِ الي هُنا ؟
كانَ ذلك التَخمين المنطقيّ الوحيد الذي استَطاعت ماريسا الاقتناعُ به هي كَذلك ، لِذا نطقت بِصَوتٍ خافت حَزين
- اعتقدُ ذلِك
اصَدر تنهيدَة يائِسَة جَعلتها تُحبَط ، لَكنهُ كسر توقعاتها حينما قال مُبتسِمًا
- حسنًا لابأس ، لا اعتقد اني ساضعُ هذا حاجِزًا
دامني مالكُ الاكاديميّة ، لن اتعرض الي عراقيل
لكن يستوجبُ عليكِ اخبار احد من بلدكِ ان يُرسل وثائقكِ
زوجكِ مثلاً ، الذي كنتِ تبحثين عنهُ بالامس..!
حَدقت في عيناهُ بسُكونٍ اذ تابَع بهدوء
- كُل هذا لِمصلحتكِ ، ساساعدكِ بجعل وثائقكِ رسميَة
حتى لا تتعرضين من المُضايقَة من قبل الشُرطَة
او غالبًا سيتمُ سَجنُكِ ..!
احسَت ان كُل الابواب انغلَقت في مُنتصف وَجهها من جَديد
من اين سَتجلبُ شَخص تعرفهُ يأتي بوثائقها..؟
كيف تُصارِحه انها بِنفسها لا تَعرفُ اصلِها..!
كانَت مُحبطَة لَكنها اخفَت احباطها بابتِسامَة صغيرَة بعدما قَبلت عرض ماثيو رسميًا و توجهَت رفقتهُ مع رَسيل الي مبنى الاكاديميّة
حينَما رافقتهُ الي الداخل ، استَغربت انّهُ لازال قيد الترَميم حيثُ قالَت
- هل لازال قيد الانشاء..؟
ظننتُ السكن جاهِزًا..!
وَجه بَصرهُ اليها يُحدق بها بعدَما التفت ناحِيتها
حَدق في عُيونها ثُمّ قال
- لازال قيد الانشاء ، يحتاجُ وقتًا كي نَكمله
لذلك ، اريد الاستعانَة بمساعدتكِ كيّ اجهزه
وفقًا لاحتياجكِ كمرأة و اُم في المقامِ الاوَل
نَظرت حوِلها تَرى تلك الحُجرَة الكَبيرة الفارِغَة ، كان صَدى صوتُهما يَتردد الي اذانِهما كُلما تَحدث احدهُما و ذلك يَجعل رسيل تستمتع و تَضحك
نَظرت الكبرى الي ابنتِها تنخفضُ لتقبيل انفِها الصغير كَحجمها ثُمّ قالَت مُبتسمَة بوديّة الي ماثيو
- حسنًا ، ساقومُ بِمُساعدتك
لكن ، هل يُمكنك ابقاء امر بقائي هُنا سِرًا؟
اعني لا اُريد لاحدٍ حاليًا ان يكتشِف من اكون
و لِما انا هُنا ، فلتَدع الامر بين كِلينا فقط..!
عِندما اطال التَفكير في الأمَر ، وَجد ان قرار اخفاءِها يُناسبه هو كَذلك
خُصوصًا امام زَوج اُخته ، كيّ لا يضطّر ان يوضِح لهُ سَبب هو عدم امتلاكها لِوثائق رسميّة ، سينتهي به المطاف يُوبَخ من قِبله كَون اللورد حريص جدًا فيما يَخُص هويَة المرء
ابتَسم لها ثُمّ حَرك رأسهُ بالايماء مُوافِقًا
- حسنًا لابأس ، دام المكان مُتسخ و رُكام الأسقفُ و البني يُغرِق الارضيّة ، نظفيها ريثما اتوجه لِجلب سرير صغير يُناسبكِ حاليًا الي حين تجهيز السَكن ، حسنًا ..؟
اكتَفت بالايماء بِصَمت تُراقبه و هو يُغادر يَترُكها تُجالِس الفَراغ بِنَظراتٍ حائِرَة ، اقتَربت من النافذَة تفتحُها و تتفقَد العُمال خارِجًا يَصنعون شِعار الاكاديميّة كيّ يتم تَعليقه على واجهَة المبنى قبل الافتتاحيَة
اصَدرت تنهيدَة عميقَة تُعبِر عن الماساة التي تحدث بِداخلها
من الصَعب ان يَعيش المرء على مَصيرٍ مَجهول
لا يَعرفُ نَفسهُ و لا حتّى الي اين اخذَتهُ اقدامُه
كيف انتهَى بها الحالُ تصل الي هُنا؟
من هُم عائلتِها و لِما لا تمتلكُ هويَة ..؟
هل يُعقل انها مهاجرَة غير شرعيَة بالفعل..؟
او كما قال ماثيو ، قد تَكون بريطانيَة هاجَرت الي سويسرا لِلعمل و انتهَى بها المطافُ بين يديّ السفير حتى حَملت منهُ
لا تَعرفُ شَئ ، لَكن كُل ما تعرِفهُ ان اللورد هو المُتسبب الاول في مأساتِها
و عَليه دَفع ثَمن ما فعلهُ بِها ..!
•••
خَرج السفيرُ من السفارَة بينما يُحادث زوجتهُ عبر الرسائل ، لَمح حارِس الأمن يُطالعه من جَديد لذلك احسّ ان هُنالك ما يود قَوله لهُ
مشا نَحوهُ يَراهُ يعتدلُ في استِقامته قبل ان يَنحني باحترام
سأله اللورد مُستغرِبًا و هو يحشُر هاتفه بِداخل جَيبه
- هل هُنالك ما تريدُ قوله لي..؟
صَمت الحارِس لِلحظاتٍ ثُمّ وَجد نَفسهُ ينطِق
- في الواقع سيدي ، هُنالك امراة شابَة ترددت الي هُنا اليومين الماضيين بحثًا عَنك
استَغرب اللورد اكثَر ثُمّ اشار على نَفسِه قائِلاً بتعجُب
- بحثًا عنّي انا ..؟
قام الحارِسُ بالايماء لَهُ ايجابًا قبل ان يُتابع اللورد مُستغرِبًا
- كيف تبدوا هذه الشابة ؟ الم تُخبرك مالذي تريده تحديدًا ؟
أطال الحارسُ الصَمت لِبضع ثَوانٍ قال بعدُها
- هي فتاة صغيرَة ، معها طِفلة رضيعَة لا تتجاوزُ التسع اشهر غالبًا ، ابنتُها كانت آسيويَة تمتلك عيون خَضراء و ام..
قاطَع اللورد حديثَهُ حينما تعرف على هَوية الشابَة اذ قال مُتفاجِئًا
- اجل اجل ، اعرِفُها ، مالذي قالتهُ لك؟
لما لم تتصلي بي و تُخبرني ؟
استَغرب الحارسُ ردّ فعل السَفير الذي وَجدهُ غريبًا
غالبًا لا يَتجاوب مَع احدٍ ان كان الحَديث يتضمن امراة
لَكنهُ يَفعل في الوقتِ الراهن..!
وَجدهُ مُهتم بشكلٍ جَعل شُكوكه تَزداد ، لَكنهُ فضّل الصَمت على ان يَتدخل فيما لا يَعنيه و يَقع في المَشاكل لاحِقًا ، اخرَج السفير ورقَة من جَيبه كتب فيها رَقمهُ الشَخصيّ ثُمّ قَدمها الي الثاني قائِلاً
- هذا رَقمي ، اعطيه لَها ان عادَت مُجددًا و اخبِرها ان تَتصل بي مُباشرَة ، همم ..؟
اكتَفى الحارِسُ بالايماء بِصَمت ثُمّ تتبَع سيدَهُ الذي غادَر المَوقِع حالَما خَتم حديثه ، ركب اللورد سَيارته مُستغرِبًا امر بَحث ماريسا عَنهُ
رُبما وَقعت في مأزق و هي بِحاجة الي مُساعدته..!
الن يَكون واردًا امر اصابة رَسيل بنوبة صدريَة مُجددًا؟
انتابَهُ القَلق للحظاتٍ ثُمّ حاول تَهدأة نَفسِه بالنَفي
- توقف عن القَلق على اُناسٍ كانت عابرَة في حياتك..!
ستكونُ الطفلَة بخير ، حتمًا هي كَذلك
طَمأن نَفسهُ قَدر استُطاعتهُ ثُمّ دخل الي ساحَة بيتِه اينما رَكن سيارته ضِمن البقيّة ، نَزل و هو يُدندن باغنيَة قريبَة من قلبِه متوجهًا نحو منزله كيّ يستحم و يُزيل تَعب اليوم
حينما دَخل استَقبله كَلبُ زَوجته الذي رَكض لهُ ينبحُ عليه ، جَلس القُرفصاء يُقدم يدهُ له حتى يمسحُ على فَرو رأسِه
- اوه عزيزي سيكرت ، ها انت ذا
هل انت سعيد بِعودتي؟
مَد يدهُ الي الكلب الصغير ينتظرُ استجابتهُ بوضع خاصتِه بداخل كَفه ، لَكنهُ خَيّب املهُ حينما ظلّ يُشاهده و يَنبح فَحسب
قَرب اللورد يَده يلتمسُ خاصَة الكلب المُضمدَة بلُطف
- اوه ياصغيري ! لقد اذيت يَدك ..!
هل لازالت كلبة الجيران تقومُ بِعضك..؟
اخبرتك توقف عن اغوائها انها تُحب كَلبًا اخَر و حامل مِنه..!
كان يَرى حُزن الكلب الذي انبطَح على الارضِ يرفُض الحَديث عن الامَر ، ضَحك بخفّة و بَعثر شعرهُ الكَثيف قائِلاً
- ايغوو ، حتى الحَيوانات تشعُر بغدر الخيانَة
رَفع عيناهُ الي زَوجته التي غادَرت الحمام لِتوها ، نَهض من فوق الارض يَفتحُ ذراعيه لَها كيّ تقترب للدُخول الي حُضنه و بالفِعل فَعلت
عانقتهُ بشعرِها الرَطب تُسند رأسِها فوق صَدره بعُبوس
- هل رأيت ما حَل بسيكرت ؟ عَضته تلك الكلبة الحيوانَة
ضَحِك على ماقالتهُ حيثُ ابتعَد عنها يُشاهد عيونِها
- الكلبة الحيوانَة ؟ هل تُسمين هذه شتيمَة ؟
ابتَعدت عنهُ هي كَذلك تُطالعه بابتِسامَة صغيرَة
- هذا اقوى مالديّ في الشتائِم
قام بِامساك شَفتيها بأصابِعه يَجذبها نحو الخارِج
- يالا زَوجتي المُؤدبَة ! ليس و كاني لا اعرفكِ حينما تَغضبين
تشتمين سُلالتي كاملَة
دَفعتهُ عنها عابسَة اذ قالَت تُدافع عن نفسِها
- لَحظات الغضب استثنائيَة ..!
امسك المنشفَة بين يديها يضعها فوق رأسِها قبل ان يَتجاوزها نحو غُرفتهما
- حسنا ايتها الحسناء
جففي شعركِ حتى لا تَمرضي ، سادخل استحم
راقَبت ظهرهُ و هو يُغادر ثُمّ انخَفضت تحملُ كلبها الجَريح
قَبلته بلُطف و مَشت به الي الداخِل تنتظرُ خروج زوجها
كيّ يذهبان لِتناول الطعام سويًا مع عائلتِها
•••
يَجتمعُ افرادُ العائِلَة حَول طاولَة الطَعام لِتناول العَشاء
كان من ضِمنهم ماثيو الذي لِتَوه دَلف المنزِل
انضّم اليهم و باشر بِتناول اكلِه رِفقة والديه و اُخته مع زوجِها
كانت الاجواء هادِئَة حتى كَسر صَمتُها بيتر والد اليوت قائِلاً
- اذًا اينما وصلتُما في تَشطيبِ المبنى الجَديد؟
رَفع ماثيو عينيه الي والِده بعدَما قام بِحَشر الطعامِ بين شَفتيه ، ابتَلع لُقمتهُ ثُمّ اجاب بِهُدوء
- المباني التعليميَة شِبه جاهزَة ، تبقَى ان نجلِب المُعدات الدراسيَة فقط و غالبًا ستصلُ قريبًا من الخارِج ، لكن قَررنا ان نُضيف شئ جَديد مؤخرًا
رَفعت اليوت عينيها الي اخيها قَبل ان تُطالع زوجِها مُتحدثَة باستِغراب
- تُضيفان شَئ ؟ لم يُخبرني جونغكوك عنهُ
عاوَدت النظر الي اخيها الذي وضّح
- سنُضيف مَبنى سكنيّ نَستضيفُ به الامهات العازبات مَجانًا
لِنتكفل برعايتهن مُقابل ان يَهتممن بالروضَةِ و الحَضانَة
ذلك الاقتراحُ لم يُعجب بيتر كُليًا اذ عبّر عن اعتراضِه بوضوح
- كلاّ ..! هذه الخُطوَة ستُلحق الاضرارُ الماليَة بكما ..!
اتعرفان تكاليف الاعتناء بنساء بالغات كم سَتكون ..؟
تولّى اللورد الاجابَة على حَديث والد زَوجته حينَما ناظَرهُ قائِلاً بحاجبٍ مَرفوع
- لا اظنّ اني بحالَة ماديَة تجعلني اُفكر ان كنتُ استطيعُ سَداد مَبلغ التكفل بهنّ ام لا..!
طالعهُ بيتر بضيقٍ و قال مُوضحًا وجهَة نَظره
- انت تَستمرُ بهدوِ اموالك على اطفالِ الناس دون ان تَهتم بالعائد السنويّ ..! على هذا الحال ، ستُفلس..!
ارتَفع طرف شِفاه السَفير ساخِرًا قَبل ان يَضع ملعقَة الطعام فوق الطاولَة و يتحدَثُ بهدوءٍ مُميت
- حينما تُنجب لي ابنتكُم طِفلاً
ساُفكر آن ذاك التوقف عن اهدار اموالي على اطفال الناس!
انزعَج والديّ اليوت من كَلامه الذي ضايق ابنتِهم حينما طالعتهُ بضيق ، حَدقت في عيناهُ و قالَت مُعاتبَة
- جونغكوك ..!
نَظر اليها هو كَذلك اذ سَمِع بيتر يتحدَثُ بضيقٍ و عصبيّة
- هل تُعاير ابنتي حضرَة اللورد ؟
طالعهُ السَفير بحاجبٍ مَرفوع قبل ان ينطِق مُجيبًا
- لو كنتُ اريد مُعايرتها لفعلتُ قبل سَبع او ست سَنوات..!
لكن اجابتي مَغزاها واضِح
مَقصدهُ يَنصُّ حَول عَدم رَغبته في تَدخُل افراد عائلَة زوجته في القرارات الخاصَة التي تَتبع عمله اذ اضاف بينَما يمسحُ شفتاهُ بالمنديل
- الاكاديميَة تخُصني ، و كُل مابها يَتبعُ اليّ
انا حُر في ادارَة اموالي و هَدرها في المشاريع التي تُريحني
و لا اعتقدُ ان استثمار المال في حياةِ الانسان ، يُعتبر اسراف..!
بل هو افضَل و انجح استِثمار
كَلامهُ لم يُعجب اهل زَوجته و ذَلك واضح من نَظراتِهم اليه
عدا ماثيو الذي كان من البدايَة يُوافقه
لاسيما امرأته التي مسكَت يدِه بلُطف تُسانده
- جونغكوك مَعهُ حَق ، انا فخورَة انهُ يمتلك وجهَة نظر انسانيَة كهذِه
طالَعت زوجِها الذي قدّم لها ابتِسامَة هادِئَة ثُم ناظرت امها التي قالَت بانزِعاج
- والدك لم يقُل شيئًا اليوت ..!
كلامهُ كان منطقيّ ، زوجكِ يُهدر امواله في اشياء مُبالغ بِها
يُشعرني ان الايتام جميعًا اطفالَه..!
طالَع السفيرُ ام زوجتِه باستِنكار لَكنهُ قرر ان يَصمُت دون التَعليق عَلى حديثِها احترامًا لها اذ تَكفلت اليوت بالرَد بدلاً منهُ حينما استَقام هو مُغادِرًا
- اُمي ، جونغكوك حُر بامواله اين يَضعها
ثُمّ الا يَكفي اني احرمه من الحُصول على طِفل؟
دَعيه يُفرِغ عاطفته في الايتام افضَل من ان يَخونني..!
نَظرت في عينيّ سونيا التي قامَت بِدحرجَة عُيونها بِعَدم رِضا
لكن انتهَى بها المطافُ تُنهي ذلك النِقاش العَقيم
تَسلل ماثيو للخُروجِ و مُجالسة اللورد في حَديقة القصر حيثُما كانَ يجلِس يُدخن سيجارتِه ، طالعهُ السفير بهدوءٍ ثُمّ سأل
- ماذا فعلت بِخُصوص الأم ..؟
هل تفاهمت مَعها؟
تذكَر ماثيو اخر نِقاشٍ خاضهُ مع ماريسا حينما تَركها تنامُ مع طِفلتها بعدَما جلب لها لوازِمها ، نَظر في عينيً جونغكوك الخَضراء قبل ان ينطِق بهدوء
- لم تَقبل بِعَرضي ، لذلك تَركتُها في سَبيلها
احترَم رَغبة ماريسا في اخفاءِ نَفسِها و سَتر سِرها دامَهُ وعدها بذلك
سَمع صَوت الاكبر يَتنهد قبل ان يَكتفي بالهمهمَة و النَظر الي المَسبح
- مابك تبدوا غريبًا ؟ اعني مُنذ ان عُدت من المانيا اجدك اصبحَت تميلُ للهُدوء اكثَر من السابِق
نَطق الاصغر سِنًا و هو يُراقب زَوج اخته الذي رَمى سيجارتهُ الاولَى و بدأ في الثانيَة مُباشرَة
- انهُ فقط النُضج
اجاب بهدوءٍ يتماشَى مع نَظراتِه الساكنَة و هو يُطالِع ذلك المَسبح قُبالته ، استقامَ بعد حينٍ و اراد الانسحاب من جَلستهما حينما قال
- ساذهبُ للتجوال قليلا
حينما تسألك اليوت اخبِرها اني في السفارَة اعمل
لَوح باصابِعه الي الاصغر سِنًا ثُمّ غادر دون ان يُعطيه فُرصَة لاجابتِه ، كان سُؤال ماثيو يُداهم تفكيرَه بمجَرد ان جَلس بداخل سيارتِه يُطالع انعكاسهُ في الزُجاج امامَه بشُرود
- فعلاً ..! لما تَغيرت ؟
اصبحتُ ارى الحياة باهتَة و دون مَعنى..!
اصَدر تنهيدَة ثقيلَة ثُمّ حرك مِقود سيارته مُغادِرًا
•••
عَلى النحوِ الاخَر
كانَت ماريسا تَجلسُ فوق الفِراش الذي جاء بِه ماثيو من اجلِها
تقومُ بارضاع طِفلتها بعدَما تناولت هي طعامِها و شَبِعَت
قَضت وقتًا مُحترمًا بِتوضيبِ هذه الغُرفَة التي علِمت لاحِقًا انها سَتكون حضانَة للرُضع ، لذلك قامَت بالصاقِ بعض مِن مُلصقاتِ الاطفال على الجُدرانِ برفقته
اقامتُها هُنا مؤقتَة حتى يَتم الانتهاءُ من تَوضيبِ السَكن و تَشييدِه
بعد ان اشبعَت رسيل مَعدتها الصغيرَة ، قامَت ماريسا بِتَغيير حِفاظها و تَبديل ملابِسها ، راقَبت ثياب الصُغرى التي اشتراها لها اللورد سابِقًا
اصَدرت تنهيدَة خافتَة تُعبر فيها عن احباطِها
- ان رأيتهُ ، ساقومُ بِقتله بلا شَك
كيف يستطيع فعل فِعلته ثُمّ التمثيل ببراعَة انهُ لا يَعرفني..!
هَمست باستِياء لِتطالع صغيرتِها التي تلعبُ بِقدميها في الهواء و هي تُشاهد سقف الحُجرَة ، انخَفضت تُقبل باطن قَدمها المُحمر ثُمّ نَطقت بِحُزن
- كيف للمرء ان يَكون بِهَذه البشاعَة..؟
اكملت الباس ابنتِها ثُمّ حَملتها و خَرجت بها لِرَمي الحُفاظ خارجًا في القُمامَة ، اثناء عودتِها لاحَظت سيارَة تصطفُّ قُرب المبنى لذلك هَربت تختبئ خَلف الرُكن لِمُشاهدَة صاحِبها
صُدِمت حينما رأتهُ اللورد ، كان يُغلق سيارتِه و يَتجه للدُخول من الباب الرَئيسيّ للاكاديميَة بينما يُصفر
وسعَت عُيونها تهمسُ بذُهول
- مالذي يَفعله هذا هُنا ؟
هل علم بشأني ؟ اياتُرى جاء للبحث عني؟
رُبما ادرك اني اكتَشفتُ الحَقيقة فقرر التخلُص مني..!
راوَدتها الكَثيرُ من الافكارِ السَوداء التي جَعلت قلبِها يَنقبِض ، تَسللت الي الداخِل حتى تَعود الي غُرفتها و تُغلق على نَفسها هُناك مع طِفلتها التي نامَن في حُضنها
- مالذي عليّ فعله ؟ هل اذهب و اواجِهه ..؟
هَمِسَت قّبل ان تُطالع صغيرتِها النائِمَة ، وَجدتهُ الخيار الامثل لِذلك حَملتها من جَديد و غادَرت تلك الغرفَة تبحثُ عنه بين اروقة ذلك المَبنى الضَخم
لوهلة تاهَت بين ممراتِه و لم تستطِع العُثور عَليه حتّى سَمِعت صَوت موسيقى قادِم من احدَى الغُرف ، كانت دَليلها في العُثور عليه ما ان قامَت بالاتجاه نحو مَصدرِها اذ وَقفت قُرب الباب تُراقب ما يحدُث بالداخِل
ما رأتهُ جَعل فَكها يكادُ يسقُط من الدهشَة
انّهُ ذات السَفير ..!
يقومُ بالرَقصِ على انغامِ الموسيقى بِسلاسَةٍ تامَة كَراقصٍ مُحترِف ، تَمكن من امالَة كُل عضيَة بِجَسده بِبراعَة جَعلتها تُراقبه بانبِهار
اُعجبت بِرقصِه لِذلك لم تَستطِع مُقاطَعتهُ لِمُناقشتِه
بل ظَلّت تُراقبِه حتى انهَى بِضع اغانٍ عشوائيَة رقص عليها بِصخبٍ بالغ ، انه جَسده الذي وَقع في الختامِ فوق ارضيَة الحُجرَة يُطالع انعكاسهُ على مِرآه السَقف
تمتم بِصَوتٍ خافت استَطاعت ماريسا سَماعه
- انا مُنهَك نَفسيًا ، بِشَكلٍ يَجعلُني في قمّة بُرودي
اكرهُ المرحلَة التي وَصلتُ اليها
راقَبتهُ لِلحظاتٍ و حتى لا يَشعُر بوجودِها و يَكتشف امرِها ، هَربت مع صغيرتِها بسُرعَة و عادَت للاختباء بِغُرفتها
وَجدت فكرك مُواجهته سيئَة ، سَتنتهي بِقتلها ان كان ما تُفكر به صَحيحًا و آن ذاك لن يَنجح احَد في حمايتِها منهُ..!
او بلا شَك ، سيُنكر و يظلُّ يَفعل لاخرِ لحظَة
سيستغلُ فكرَة انها فاقدَة للذاكرَة
يستوجبُ عليها ايجاد دَليل اكبرُ من الشَبه بينهُما
عَليها البَحثُ عن طريقَة ، تُؤكد فيها انّهُ والِدها..!
تَسطحت فوق ذَلك الفِراش تُراقب وَجه طِفلتها النائِمَة بشُرود
كِليهما يتسطَحِ بذاتِ المَبنى
يتأمُل انعكاسَه ، و تتأمُل هي انعكاسُ مَلامحه في وَجه ابنته المرتميَة في حُضنِها ، قلبهُ جَريح لانهُ لا يَمتلك طِفل يَحملُ اسمُها
و قلبُها جَريح لأن الزَوج الذي حَلمت بِه
اتضَح انّهُ لا يَخُصها..!
خُطتِها القادِمَة
إثباتُ ان رَسيل ، ابنَةُ السَفير
•••
5444 ✔️
اهلاً بكم في فصل جديد 🌸
كيف حالكم يارفاق ..؟
اخبار فصل اليوم معكم ..؟
مالذي استطعتم فهمه من هذا الفصل..؟
تعتقدون شنو السبب يلي يخلي ماريسا بدون هوية؟
هل فعلاً هي مهاجرة غير شرعية..؟
كيف هتثبت ماريسا ان رسيل بنت السفير ..؟
كيف هتكون حياتها القادمَة ..؟
هتستمر تقيم في الاكاديمية حتى بعد ما يعرف السفير ان رسيل بنته؟
اكثر جزئية نالت اعجابكم..؟
مواقف تريدون ان نكثر منها..؟
اراكم في القادم ان شاء الله
الي اللقاء 🌸
.
.
.
🌸🍃
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top