Our child | 02
THE MIRROR | المَرايا
OUR CHILD
اهلاً بِكم في الفَصل الثاني 🍂
لِنَبدأ 🐻
•••
- ايتُها الماكرَة ! اتضَح فعلاً انكِ عاهرَة تَبعين نَفسك للرِجال..!
سَمِع السَفير ذَلك الحِوار الذي دَار بَين اُم الطِفلَة و الرَجُل الذي لَم يَرحم ضِعفها و أراد ابراحِها ضَربًا كيّ يأخُذ مالِها رُغمًا عن ارادتِها حينَما ارادَت استِعادَتهُ
ذَلك المَشهد جَعلهُ يقومُ بالقبضِ عَلى يَداهُ بِقوّة
دُموع تِلك الصَغيرة و بُكاءِها الحارُ جَعلهُ يَشعُر بالعار ..!
قَبل أن يُقرر التَدخل رأى الشابَةُ تَقومُ باخذِ النُقودِ منهُ و تَصفعهُ بها على وَجهه قَبل ان تُوبِخهُ قائِلَة بغضبٍ من تَصرفه الذي لم تستطِع التغاضي عَنهُ
- ماذا تظنُّ نَفسك انت ..؟
ان كانت اهاناتك المُتكررَة لي بِسبب رَغبتك بهذا المال فَخُذه
ان كنت كَلب نُقودٍ فقط انبح و ساُطعمك ..!
وسّع المسؤول عَيناهُ من جُرأتها التي واصَلت اخراجِها عَليه و قَد طفح كيلُها من تَماديه المُستمر و احتِكارُها ، قالَت لهُ بحدّة
- خُذ هذا المال و انا ساُقدم استِقالتي و اجلب عاهِرتك لتعَمل مكاني حسنًا ؟ من يَراك يظنّ انك جائِع لا تَجد لُقمَة العَيش ، اُغرب عَن وَجهي
صُراخها الغاضِب غَلب صوتُ بكاء ابنتِها العالي اذ قامَت باحتِضانها كيّ تتجاوَزهُ و تُغادِر ، لَكنه امسَكها من ذِراعها كيّ يَدفعها جهَة الحائِط و ينتقمُ لِكبريائِه عَبر صَفعها و تَعنيفِها
بِمُجَرد ان رَفع يدَهُ عَليها حتّى احسّ بِقبضة قويّة تُمسك بِمعصمهِ و تُشلّ حَركتهُ بالكامِل ، كان سيَصرُخ على الفاعِل لَكن بِمُجَرد ان نَقل بَصرهُ الي صاحِب اليَد صُدم بوجودِ اللورد الهائِج امامَهُ
رَمقهُ جونغكوك بِنَظراتٍ قاتِلَة كادَت ان تَتسبب في مَقتله لو كانت تُطلِق الشَرار ، دَفعهُ بِقوّة الي الخَلف حتى اسقَطه على الارضٍ ثُمّ قال بِغضَب
- كيف سَمحت لك رُجولتك ان تَستقوي على امرأة و ابنتِها بِهَذا الشَكل ؟ بل تَطعنُ بِعرضها و تَسرِقُ مالِها الذي كَسبتهُ بِعرق جَبينها ايها الحُثالَة ..؟
توتَر المَسؤولُ و شَحُب لَون بَشرتهُ من نَبرة السَفير الحادَةِ و هو يُخاطِبهُ بينَما يَهرسُ حروفه بداخل اسنانه المُكتظّة ، شَخِر اللورد بسُخريَة ثُمّ تابَع
- لا ! و بِكُلّ وقاحَة تُقحمني انا بالمَوضوع كأنك لا تَعرِفُ اني مُتزَوج ..!
اتعرفُ عُقوبَة القاءِ التُهم قانونيًا دون دَليل ماهي..؟
استطيعُ رَفع دعوة تشهيرٍ عَليك لِعلمك
جَلس المَسؤول فَوق رُكبتاهُ يَترجاهُ و الدُموع في عَيناه
- ا..ارجوك ، ان..انا لديّ اطفال
ضَحك اللورد بِسُخريَة قبل ان يُميل برأسِه و يَنخفضُ الي مُستواه مُتحدِثًا
- و انت لَم ترى طِفلتها التي بَين يديها ..؟
طِفلتها التي تَعملُ بها كيّ تُطعمها ؟
تطلُب الرحمَة لاجل اطفالِك
و انت لم تَرحم اطفال غيرِك ؟
ناظَرتهُ الفتاةُ بِعينين جاحِدَتين و هي تَراهُ مَذلولاً على رُكبتيه امام اللورد الذي ابتَعد و تَوجه للوقوفِ خَلف المسؤول ، دَفعهُ بقدمَه من ظَهره حتّى سَقط امام ارجُل الصبيّة و قال بِكُلّ جَبروت
- اعتَذِر
رَفع الرَجُل عيناهُ ناحيَة الفتاةِ التي تُحاول اسكات طِفلتها الباكيَة ، لَم يكُن بِمَقدورِه سِوا تَقديم اعتِذاره ، فالمُزاح لا يَتوسّط قائِمَة اللورد اثناء غَضبِه..!
لِذلك اخَفض رأسهُ بِذُلٍ ثُمّ قال مُتأسِفًا
- ارجوكِ ، سامحيني
أمَرهُ اللورد بِلملمَة ذلك المالُ المُتناثر فَوق الارضيّة ثُمّ تَقديمه الي الشابَة التي التَقطتهُ ، نَظرت في عينيّ الرَجُل قبل ان تَقول بِهدوء
- افتَح فَمك
شدّ المَسؤول على قَبضتِه بِغَضبٍ ، شاء ان يَصرُخ عَليها لَكن نَظرات اللورد المُميتَة جَعلتهُ يَنصاعُ الي رَغبتها بِفَتح فَمه ، اقتَربت تَحشُر ذلك المالُ داخل فَمِه حتّى كادَت ان تتسببُ في اختِناقه ، نَطقت بِمرارَة مَكبوتَة داخِلها
- هذا جَزاءُ كُلّ لحظةٍ بَكيتُ فيها انا و ابنتي بِسبب جَبروتِك
و جزاء كُل فلسٍ اخَذتهُ منّي فقط لارضاء غُرورِك
تَركتهُ حينَما ازرّق وَجهه من اختِناقَهُ ثُمّ بِمُجَرد ان فَكّت وِثاقهُ رأتهُ يَفرُّ هارِبًا ، قامَت بالتَربيتِ على ظَهرِ ابنتِها التي احمرّت من شِدّة البُكاء ثُمّ نَظرت الي اللوردِ امامَها مُتحدثَة بلُطف لا يُشبه القسوَة التي ظَهرت بها قبل قَليل
- شُكرًا لِمُساعدتك
كان اهتمامُ اللورد كُلّه في الطِفلَة التي تَبكي دون انقِطاع ، لِذلك اقتَرب مِنها يُقدم يداهُ الي رَسيل التي رَمت جَسدُها الصغير عَليه تودّ الذهاب الي حُضنه
حينَما رأت الشابَة الحاح ابنتِها على الذهابِ الي الرَجُل
قَدمتها اليه لعلّهُ يُخفف عَنها حِمل اسكاتِها
حالَما حَملها حتّى حَشرت نَفسها بداخل صَدرِه تَبكي عِندَهُ و هو يُواسيها عَبر المَسحِ على ظَهرِها بِرفقٍ تام ، قام بِهَزها بين اذرُعه قبل البَدأ بالسيرِ بها ذهابًا و ايابًا يستمعُ الي شَكواها وِسط بُكائِها
- هِششش ، اهدئي يا حَبيبتي ، لم يحدُث شَئ اهدئي
مَلئ اُذنيها بِصَوته الدافِئ الذي بَثّ فيها الراحَة و السكينَة بَعد ان تَشبّع مَسمعها بِصوتِ ذلك المَسؤول القاسي و المُؤذي لِروحها البَريئَة
تَمسكت بِقَميصه بِقبضة يدِها الصغيرَة و بدأ بُكائِها يَخفّ و ارتعاشُها يَهدأ تَدريجيًا و هي بداخِل حُضنه ، قامَت بِمَسح وجهها على قَميصه حينَما تضايقَت من ابتلالُ مَلامِحها ثُمّ رَفعت رأسِها تُحدِق بِعينيه
كان الطفُ مَشهدٍ يَراهُ في حَياتِه
ذَلك الوَجه المُنتفخ المُحمّر الباكي ..!
عُيونِها المُتورمَة و اهذابِها الطويلَة المُبللَة ، تحملُ عند اطرافِها المُقوسَة قطراتٍ من الدُموعِ ، وَجنتيها المُحمرّة رفقَة انفها الصَغير ، مَشهد حاز على قلبِه بأكملِه
كانَ على وَشك البُكاء مَعها لبُرهَة اذ انخَفض لِتَقبيل جَبينِها بِلُطفٍ هامِسًا
- لا يَليقُ بكِ البُكاء يا صَغيرتي
قَوست شَفتها الصُغرى اذ امتَلئت عُيونها بالدُموع من جَديد
نَبرتهُ الحنونَة تِلك جَعلت عاطِفتها تتأثَر ، فالعالم ليسَ رحيمًا
لا بِها و لا بأمِها التي تُشاهِده بِشُرودٍ عِند نهايَة المَمر
كان اولّ شَخصٍ يُلاطف طِفلتها و يَهتمّ لبُكائِها بِذلك الشَكل الذي جَعلها ترغبُ بالانضِمام الي ابنتِها و البُكاء طيلَة اليَوم
لَقد سَئمَت و تَعِبت و تودُّ ايجاد الراحَة
ابتَسمت من خَلف كمامتِها حينما رأت ابنتها تَجِدُ الراحَة مع هذا الغَريب و تُلاطِفهُ بِلَمسِ تفاصيل وَجهه و الضَحكِ على تَعابيره حينَما يتعمّدُ اضحاكِها
راقَب الصغيرَة و هي تَقومُ بِمَسح دُموعها بكلتا يَديها و لِفرط انفعاله بِلطافتِها رَفعها عاليًا و قامَ بِحَشر رأسِه داخل بَطنها يُداعبها حتّى سَمع صوت ضحكاتِها يَخترقُ اُذنيه بِصخَب
ابتَسم راضِيًا ثُمّ انَزلها مُشكلاً وَجهًا عابِسًا حينَما راها تُصفق بِسعادَة
- الهي ! كيف لكِ ان تَكونين بهذه اللطافَة ؟
اُريد التهامكِ !
حَدق في الشابَة التي اقتَربت مِنهُ كيّ تأخُذ طِفلتها حيثُ قالَت
- انا عليّ الذهاب و اكمالُ عَملي
نَظر اللورد اليها و هي تُقدم يديها كيّ تأخذ رَسيل التي تَمسكَت بِقَميصه تَرفُض تَركهُ ، عَبست الأم التي احسَت بِغَدر ابنتِها ! كَيف تَخلت عنها لاجل رَجلٍ آسيويّ وَسيم عُيونَه خَضراء ..؟
- هِمم ، هل يُمكنكِ تَركها مَعي ريثَما تَنتهين من عملِك ..؟
سأل بِتَهذيبٍ مَن نَفت بِرأسها قائِلَة
- للاسفِ لا ، انا مُعتادَة ان تكون ابنتي مَعي
هي لا تَمتلك الثقَة الكافيَة كيّ تَترُك ابنتِها مَع اي شخصٍ كان ، لِذلك قامَت بأخِذها منهُ مُتجاهلَة رَغبة رَسيل في البَقاء مَعهُ ، بدأت الصَغيرة بالبُكاء ترفُض الرَحيل و تَرك اللورد الذي تَنهد بِقلّة حيلَة
هو لَن يجبُر الشابَةُ عَلى شَئٍ لا تُريدَه ، كيّ لا يُشعرها انّهُ مُترصِد
او قَد تظنّهُ شَخص مُتحرِش يُحاول التَقرب مِنها عَبر ابنتِها
لِذلك قام بالايماء بِرأسه و الاقتِراب من الطِفلَة يُلاعب شَعرِها بلُطف
- سنلتقي مُجددًا يا صغيرَة ، حسنًا ؟
تَمسكت الطِفلَة باصبعه بينَما تَبكي ، كانَت تُريد الرُجوع الي حُضنه الواسِع و الذي رُغم حَجمه الكَبير ، ألا انّهُ اشعَرها بالدِفئ الكافي
استَلطف اصابِعُ يديها اجمَع و هي تتمسّك باصبعٍ واحِد من يَده ، يُصبح عاطفيّ بطريقَة تُرغمه على البُكاء حينَما يَتعلقُ الامرُ بالاطَفال
- ما اِسمها ..؟
سأل اُم الطِفلَة التي راحَت تُبعد دُموع ابنتِها و تَقبيل جَبينها كيّ تَهدأ ، قَربتها من حُضنها تُغريها و لِكَون الصُغرَى تشعُر بالجُوع سارعَت بحشر رأسِها فوق صَدر اُمها تقومُ بفركِ وَجهها فَوقه
ابتسمَت الشابَة على حَركتِها التي تُدغدغ الأم بداخِلها ثُمّ اجابَت اللورد بِلُطف
- سَميتُها رَسيل
استَلطف اللورد حَركة الصغيرَة التي تَطلُب بها الطَعام ثُمّ اشاح بِعُيونه للطرفِ الاخَر مُتحدِثًا
- اسم لَطيف كَمِثلها ، لابد ان والِدها آسيويّ فهي تُشبِهُنا
مَسحت الأم على وَجنة ابنتِها المُنتفخَة و الناعِمَة ، كانَت طريّة بطريقَة تُجبرها على عَضها كُلما اوتيحَت لها الفُرصَة اذ اجابَت السَفير بِهمهمةٍ تائِهَة
- لابدّ انّهُ كَذِلك
ورَد اللورد اتصالٍ من زَوجته جَعلهُ يَقطع ابتِسامتهُ البلهاء و هو يُراقب نَظرات رسيل اليه ، اخَرج هاتفه من جَيبه ثُمّ قام بالردّ عَليها قائِلاً بِلُطف
- نَعم حَبيبتي ؟ الم تَنامي ..؟
قام بِرَفع يدهُ كَحركةِ وداعٍ للامِ و ابنتِها ثُمّ التَفت مُغادِرًا المَوقع و هو يُحادِث زَوجته بشغفٍ يختلفُ عن المُعتاد
رَسيل اعادَت لهُ جُزء من شَغفه المَيت
راقَبت ماريسا ظَهرهُ و هي تَحتضنُ ابنتِها بِداخل يَديها ثُمّ قالَت بابتِسامَة خَفيفَة
- اتمنى ان يَجبر الرب بِخاطِره ، كَما جَبر بخاطري انا و ابنتي
انَزلت عَينيها لِلنظر بعينيّ طِفلتها الجائِعَة و التي بدأت تَتلوّى بين ذِراعيها و تتذمّر باصواتٍ اشبهُ بالبُكاء ، تَنهدت بقلّة حيلة لِتَسير بحثًا عن مكانٍ خالٍ تُرضعها بِه
- حسنًا ايها الطِفل الأكول اُصبري قليلاً
•••
بَعدما شاهَد السَفيرُ عُروضَ المَسبح و الاسماكِ و صَوّر الكَثيرُ من مقاطِع الفيديو لهُ و هو يَسبح كيّ يُريها الي زَوجتهُ صَعد الي جَناحه يَستحم
نَزل في اواخِر الليل كيّ يَتوجه الي المطعمِ و يأكُل و حينَما حجز طاوِلتهُ رأى ماريسا تحملُ طِفلتها فَوق ظهرِها بينَما تقومُ بِتوزيعِ الطَعام عَلى الزبائِن
مدّ يَدهُ كيّ تنتبه اليه و تأتي لاخذِ طلبه ، لَكنها لم تَرهُ و جاءهُ زَميلها الذي دوّن الطَبق الذي يُريد ثُمّ غادَر حتّى يُعطيه للشيفِ من اجلِ اعدادَه لهُ
كانَت رسيل تُسنِد وَجنتها على ظَهر اُمها و هي تُراقِب المارَة و الجالِسون بينما تمتصُّ لهايتِها الزَهريّة ، حينَما لَمحت السَفير الذي يُلوح لها بدأت بالابتِسام و تَحريك قَدميها بِفَرحٍ لِرؤيتِه
تَنهدت ماريسا و هي تأخُذ طَبق الطعامِ من الطاولَة و تَسيرُ الي المَطبخ كي تَضع الأواني ، كانَت تشعُر بِحرارَة ابنتِها ضِدها لِذلك كان القلقُ يُراودها من فِكرَة مرضِها الذي قد يَكون اكبَر عائِقٍ لسفرِها الفترة القادِمَة
لَن تتحمَل فِكرَة مَرضِ طفلتها بتاتًا ، اذ كَيف ستُراعيها و هي لَن تَستطيع اخذِها الي المُستشفَى ..؟ كَيف ستهتمُّ بها؟ ستظلّ تَبكي طيلَة الوقت فحتّى نقودُ العلاج لا تَملِك
مُجَرد هذه الفكرَة تُشعِرها بالخَوفِ و القَلق ، وَضعت الاطباق فَوق الطاوِلَة ثُمّ اختَبئت في الرُكن كيّ تُبعد الحِزام عَنها و تَستطيع حَمل طِفلتها بين يَديها
تَفحصت حَرارتها بِقلقٍ ثُمّ هَمست
- مابكِ يا حَبيبتي ؟ مالذي يؤلمُ صغيرتي ؟
تَحسست وجنتيّ طِفلتها المُحمرّة و الساخِنَة ، كان نَفسُها ضعيفًا بالشَكل الذي جَعل قلبُ اُمها يَنقبضُ بِذُعر ، قامَت باحتِضانها الي صَدرها و هي تَكبحُ دُموعها
- ارجوكِ لا تَمرضي ، ارجوكِ فقط دَعيني اجدُ والدكِ و اجمَع المال كيّ استطيع الاعتناء بكِ كَما يجب ، اُصمدي من اجلي
هَمست و هي تَبكي بِصَمتٍ على حالِ ابنتِها ، كانَت مريضَة بالشكلِ الذي يَمنعها من البُكاء حتّى ، بدأت حالتها تسوءُ منذ ان ارضَعتها اخرُ مرّة قبل ساعتَين
ابعَدتها ماريسا عَن حُضنِها ثُمّ قامت بِتَقبيل جَبينها الساخِن بِلُطفٍ بالِغ
- انتظريني اجمعُ المال فقط على عَملي الليلَة
و اخذكِ الي الطبيب ، ساتوسلّهُ ان يُعالجكِ
همم ؟ اُصمدي قليلاً فقط ، لاجل اُمكِ
نَاظرتها الطِفلَة من وِسط عُيونِها الناعسَة و هي تَتنفسُ بِصعوبَة بينَما تبتسمُ بلطفٍ على مَلامح اُمها الباكيَة ، كانَت تظنُّها تُلاعِبُها
سارَعت ماريسا بِوَضع كمامتِها حينَما جاء مُدير المَطعم الذي وَجدها تجلسُ في الزاويا ، استَقامت مُسرعَة تَمسحُ دُموعها و تُناظرهُ حينَما قال بعدمِ رِضَى
- مالذي تَفعلينَه حضرتكِ هُنا ؟ هل تَتكاسلين عن العَمل ؟
نَفت بِرأسِها بشدّة و هي تُعانق صغيرتِها الساخِنَة ثُمّ بَررت موقِفها قائِلَة بِحُزن
- ف..فقط كنتُ اطمئن على ابنتي ، انها مَريضَة
ناظَر المُدير الطِفلَة قبل ان يَرفع عيناهُ الي ماريسا بِانزعاجٍ واضِح
- ان كانَت ابنتكِ ستؤثر على جَودةُ عملكِ فكان يستوجِبُ عليكِ تَركُها مع والِدها ..! حينما توسلتني لِلعملِ قلتِ ان طِفلتك لَن تكون عائِقًا لِكفائتكِ بالعَمل ، لكنّي اراها كَذلك بالفِعل
ناظَرتهُ الصُغرى بِحُزن ، كَيف لا يَمتلك احد في قلبِه ذرّة رَحمة هُنا ؟
للتو اخبرَتهُ انّ صغيرتُها مَريضَة ..!
اعني لِما الجَميع يتحدَثُ فقط بِلُغة المال ..؟
لَا تستطيع ان تَتواقح مَعهُ و تفقدُ عملِها ، عَليها ان تُجاريه كيّ تستطيع اخَذ المال و تَدبير علاجٍ الي طِفلتها لِذلك انحَنت لهُ قائِلَة
- انا اسِفَة ، ساذهبُ فورًا الي العَمل
رَبطت ابنتِها مُجددًا في حُضنِها ثُمّ حَملت الاطباق التي يَستوجبُ عليها تَوصيلِها ، كان من ضِمنهم صَحن اللورد الجالِس يَستمعُ الي الموسيقَى الرومنسيَة بِهُدوء
رآها تقترِب منهُ و ذَلك فَتح باب السُرور في قلبِه لِكَونه سيستَطيع رؤية رَسيل و مُلاعبتها قَليلاً ، بِمُجَرد ان وَقفت امامَه حتّى تَنخفض لِوَضع الطَبق ، صُدِمت تمامًا كَصدمتهُ حينما استَفرغت ابنتِها في مُنتصفِ صَحنه
وَسعت عَينيها بِصدمَة قَبل ان تنظُر الي وَجه اللورد الشاحِب كُليًا ، اعتَذرت لهُ مِرارًا و تِكرارًا كيّ لا يُظهر عُنفَه كَما يفعلُ البقيّة حينَما يَتضمن الامرُ سوء تصرفٍ مِنها كمثلِ استفراغ ابنتِها عَليه
- اسف..اسفة
لِسُوءِ حَظّها ان مُديرها رآها و جاء راكِضًا لِتَوبيخِها و نَهرها امام كُلّ من رآها في المَطعم و شاهَد مَوقف ابنتِها المَريضة ، وَقف المُدير امامَ اللورد يَنحني لهُ طلبًا للمَغفرَة اذ قال مُتأسِفًا
- نحنُ آسفون حضرَة اللورد ، ارجوك اغفَر ، انّها مُجَرد طِفلَة
وَجه بَصرهُ الي ماريسا قام ان يُمسكها من ذِراعها يعتصِرُها بقوّة مُتحدِثًا بِحدّة
- اعتَذري حالاً ..! تَوسليه للمغفرَة على تصرف ابنتكِ المُقزز
تَراجع المُدير الي الخَلف حينَما استَقام اللورد من كُرسيه و رَمقهُ بِنظراتٍ مُميتَة ، اقتَرب حتّى يَستطيع حَمل رَسيل و تَفقد حرارتِها بعدَما لاحظ احمرارِها المُبالِغ بِه
- انت قُلتها ..! انها مُجَرد طِفلَة
تَحسس جَبين الطِفلة الساخن ليُوسع عَيناه مُنصِدمًا ، كان نَفسُها ضعيفًا تكادُ تَفقدهُ كُليًا اذ سارَع بالنَظرِ في عينيّ ماريسا الغارقَة بالدُموع
- ان..انها تشتعِل ..!
عَلينا اخذُها الي المُستشفَى بسُرعَة
ناظَرتهُ الصُغرَى من وسط بُكائِها تَراهُ يَقومُ بِسَحبها معهُ الي الخارج دون انتِظار مُوافقتِها ، اخبَرها و هو يَركُض بِرَسيل نَحو مَخرج المُنتَجع
- نَفسُها ضَعيف ..! كَيف تركتِ وضعها يسوء بهذا الشَكل ؟
لَحقتهُ ماريسا بِمئزرِ العَمل و هي تَمسحُ دُموعها و تَكبحُ بُكائِها بصُعوبة اذ اجابَت بغصّة خانقَة
- ل..لم يك..يكن لديّ المال لاخذها الي المُستشفَى
حَدّق السَفيرُ بها و هو يَركُض ناحيَة سيارتِه بِسُرعَة حيثُ قال بِغضبٍ فشل في كَبتِه
- لما لم تُخبريني ..؟ لما لم تأتي اليّ؟
فَتح باب سيارتَهُ و رَكب بِها يُقدم الصغيرة الي اُمها التي صَعدت بجانِبه حينما قام بِادارة المقود مُغادرًا بسُرعَة ، اجابتهُ و هي تحتضنُ ابنتها و تَبكي بقوّة
- لا تتحدَث معي ارجوك
لستُ بحالٍ يَسمحُ لي بالخُضوع الي استِجواب
نَظر جونغكوك الي حالِها المُزري و هي تَبكي على طِفلتها التي تلفظُ ما تَبقى لها من انفاسٍ ضعيفَة للغايَة ، بَكت بِحرقَة و هي تُقبل كُل انشٍ في صغيرتِها مُتحدثَة بِهَلع
- ارج..ارجوكِ اصم..اصمدي
نحنُ سنذهبُ الي المُستشفَى همم ؟
اصم..اصمدي من اجلي
نَظر اللورد الي الصَغيرة التي تَفتحُ عُيونِها الخَضراء بينَما تُناظر دُموع اُمها التي بَللت كمامتِها ، كانَت تُفرق بين شَفتيها الصغيرَة كيّ تستطيع التَنفس بشكلٍ آلم قَلب جونغكوك الذي زاد من سُرعَة قيادتِه الي المُستشفَى
احسّ بألمٍ مُشابِه لِخاصَة ماريسا ..!
كَما لو انّها ابنتهُ كَذلِك
تحرّك بداخله شُعورٍ جَعلهُ يودّ الانضمام الي اُمها في جَلسة بُكاءٍ على الطِفلَة التي رَفعت يدِها تتحسسُ دُموع اُمها ، مَدّ اصبعهُ اليها و قال بِلُطفٍ كيّ يلفت انتِباهها نَحوهُ
- خُذي ، امسكِ بيدي
نَظرت رسيل الي اصبَعهِ الذي احتَضنتهُ بكامل اناملها و ظلّت تتشبّثُ به طيلَة الطريق حتّى رَكن بعشوائية امام المُستشفَى
نَزل اولاً يَمُد يديه كيّ يحمل الطفلَة التي مَدتها لهُ ماريسا و نَزلت من خَلِفه مُباشرَةً ، وَقفت الأم امام مبنى المُستشفى تُناظِرهُ بِهَلعٍ في ذات الوَقت الذي رَكض به اللورد نَحو الداخِل مُسرِعًا
تَوقف عند الباب يُناظر تَسمّر جَسد الشابَة دون حَراك ، عَقد حواجِبه بشدّة قَبل ان يَصرُخ يُناديها بِانفعال
- هيّا ! الطفلَة تضيعُ من بَين يدينا
نَهضت من عُمق افكارِها على صَوت صُراخه الذي ايقَظها على واقِع مَرض ابنتِها ، سَتتخطى كُلّ هاجسٍ يُخيفها من اجلِ سَلامة طِفلتها بِلا شَك
رَكضت وراءَهُ مُباشرة تدخُل خَلفهُ حينَما وَجدتهُ يسألُ عن قِسم الاطفال ، لَحقتهُ الي العنايَة المُركزَة حيثُما طَلب الاطباءُ مِنهُ وثائِق الطفلَة الرسميّة
نَظر جونغكوك الي اُمها قَبل ان يَتحدث قائِلاً
- هل معكِ وثيقَة ميلادِها ؟
حرّكت الصُغرَى رأسِها نَفيًا ، ابنتها غَير مُسجلّة قانونيًا ، فَكيف سَتجلبُ وثائقها و هي للان لا تَعرفُ والِدها ..؟
ذَلك السَبب الذي كانَ يَجعلُها تخافُ اخذها الي المُستشفَى
لَن يرضى الاطباء ان يُعالِجوها دون ان تَحمل اسمًا شَرعيًا
بَلل السفير شِفاهه الجافَة ثُمّ نَظر الي الطبيبِ مُتحدِثًا
- قُم بِعلاجِها ، الوثيقَة ليسَت مُهمة الان ، انها تفقدُ حياتِها..!
اُنظر ، نَفسها ضعيف للغايَة
زمّ الطبيبُ شِفاهه مُعتذرًا حيثُ قال و هو يَرفعُ اكتافهُ بقلّة حيلَة
- للاسف قوانين المُستشفَى تنصُّ على أن ايّ مريضٍ بدون اوراقٍ لا يُعالَج و لا يُستقبل ، سيُدخلنا ذلك في مَشاكل مع الشُرطَة
قَضم السَفيرُ شفاهه بِغَضبٍ اخرَجهُ في وَجه الطبيب عَبر صِراخه المُنفعل و هو يَقولُ بكيلٍ قَد طَفح
- اي قانونٍ هذا يكونُ فوق صِحّة الانسان..؟
انّها طِفلة بحق الجَحيم ! انها تَموت ، الا تَرى بِعينيك ؟
سَمِع اللورد صَوت ماريسا و هي تَنهارُ باكيَة على الارض بينَما تتوسّل الطبيب ان يُعالِج ابنتِها و يُنفذها قَبل فَواتِ الأوان
لم يَحتمل اكثَر فقامَ بضمّ رسيل الي صَدرِه بذراعه ، و بيد ذراعه الثانيَة اخرَج بِطاقتهُ التَعريفيّة يُقرِبُها من الطَبيب مُتحدِثًا بِجديّة
- مَعك السفير ، لورد جونغكوك ، قُم باسعافِ هذه الطِفلَة حالا و و إلا .. لن اتحدَثُ الا بلُغة السُلطة التي تَغلبُ كُلّ القَوانين ..!
حالَما قرأ الطَبيبُ اسمَهُ و عَرِف مَنصبهُ احسّ بالخَوفِ و القَلق على نَفسِه ، لِذلك قبل ان يُعالِجها حينَما اخذها منهُ و دَخل بها غُرفَة الانعاش كيّ يُزودها بالاكسجين
اغمَض جونغكوك عَيناهُ يَتنفسُ باضطِرابٍ جَعل جَسدهُ يتهاون حتّى جَلس فوق احدى كراسي المَمر ، خَبئ وَجهه وِسط كُفوفِ يداهُ ثُمّ قال بِضيق
- تبًا لِهذا العالَم الذي يَتعامل بالوجوهِ و الاسامي
كم مِن طفلٍ سيفقدُ حَياتهُ فقط لانّهُ لا يمتلكُ خلفية قويّة وراءَه
رَفع عَينيه ينظُر بِظهَرِ ماريسا التي التَصقت بِزُجاجِ غُرفة الانعاشِ حيثُ كانَت ترى جَسد ابنتِها بالداخِل و هُم يُسعِفونَها ، بَكت بشدّة و اسنَدت جَبينها على الجِدار تُفرِغ كُل طاقتِها السلبيّة لعلّ خزانِ احزانِها يَقلّ
احسّ بالحُزن على حالِها ، هو لا يَقربُ رسيل شيئًا و هَلع بِتلك الطريقَة التي سَببت لهُ وَجع شَديد في قلبِه ، فَكيف هي اُمها ..؟
اخَرج من جَيبه مِحرمَة قُطنيَة اقتَرب يَمُدها الي ماريسا التي ألحَت في الدُعاء كيّ يَشفي الاله ابنتِها الوَحيدَة ، ناظَرت اللورد حينَما قَدم المنديل اليها
اخَذتها منهُ ثُمّ احَنت رأسِها تَشكرهُ بِصوتٍ مَبحوح
- ش..شكرًا
نَهضت من الارضِ و سارَت لِلجُلوس فوق الكرسيّ تَضمّ ساقيها الي بَعضِهما و قلبُها مَليئ بالخَوف ، ليس عَلى ابنتِها فَقط ، بَل تخشى ان يَراها احد هُنا فَتعودُ الي قُعرٍ جَحيمِها السابِق مُجددًا و تَفقد طِفلتها الي الأبد ..!
لاحَظ السَفير انّها تنظُر حَولها كَثيرًا بِخَوفٍ واضِح ، احسّ بعدمِ راحتِها و قلقِها البالِغ لِذلك اقتَرح قائِلاً
- ساذهبُ لفتح ملفٍ لَرسيل كيّ تأخُذ غرفَة للعِلاج
اومأت بِرأسِها بسُرعَة ، بقائِها في الغُرفَة خاصَة آمِن بالنسبَة اليها
لِذلك لم تتكبّد عناء المُماطلَة في المُوافقَة
رأتهُ يُغادِر كيّ يَحجزُ لَها مَع ابنتِها غُرفَة خاصَة لِمُتابعَة العِلاج اذ بَعد دقائِق مَعدودَة كانَت تستقرُّ بِها مع طِفلتها التي تَضعُ قناع الاكسجين حَول شَفتيها الصغيرَة ، حَملتها بين يَديها تَمسحُ عليها برفقٍ و دُموعها لا تَجفّ عن عُيونها بتاتًا ، ابنتها لازالَت صغيرَة كيّ يضيقُ نَفسها و تُجرب مُعاناة الاختِناق
انخَفضت تُقبل جَبينِها و بَعد لحظاتٍ رأت السَفير يَدخُل الحُجرَة و بَين يداهُ اكياس من الطَعام ، مَشا ناحِيتها يَضعُ الأكل قُربها ثُمّ تحَدث
- عليكِ ان تأكلي القَليل ، كيّ تَستطيعين الاهتمام بِها و اطعامِها
نَظرت ماريسا الي الطَعام قُربها ثُمّ قالَت بنفسٍ مَكبوت من شدّة القَهر
- ليسَ لديّ نِفس للأكل بتاتًا
عاوَد التَحديق في طِفلتها النائِمَة تَقومُ بِمُداعبَة شعرِها القَصيرُ بِلُطف ، كان اللورد مُصّرًا على امرِ اطعامِها فَهو لِمَصلحة الطِفلَة في النِهايَة
- لا تَرفضي شَئ بِه مَصلحة طِفلتكِ
اسمعي الكَلام و كُلي طعامكِ
خَضعت لِرَغبته بالأخِر فرُغم شَهيتُها المَسدودَة ، ألا انّ مَعدتها كانَت مُتلهفة للطَعام فَهي لم تأكُل مُنذ يَومين ، وَضعت ابنتِها فوق السَرير بِحَذر ثُمّ نَهضت تسيرُ نَحو الاريكَة حيثُ قَدّم لها اللورد شطيرَة الدَجاج
حَملتها بَين يديها قَبل ان تقوم باخفاضِ كَمامتِها و تَكشف عن نِصف وَجهِها لِعُيون اللورد الذي استَغرب رؤية عُيونِها البُنيّة ، قد ظنّ ان لَون عينيّ رسيل الاخَضر ورثتهُ من اُمها الاجنبيّة ، فالآسيويين لا يَمتلكونُ العيون الملونةِ في نَسلهم إلا ان كانَ احد الأبوين من جِنسيَة ثانيَة
بدأت تَقضمُ مِنها و عُيونِها تتفقّد وَجه صغيرتِها البَريئ ، نَقلت بَصرِها الي السَفير بِجانبها اذ رأتهُ يَصنع مسافَة مُحترمَة بينهُما ثُمّ سألتهُ بِهُدوء
- لِما قمت بِمُساعدتي ..؟
حَدقت في عَيناهُ حينَما اجابَها بِبساطَة
- فعلتُ ما يَفعلهُ كل شخصٍ يمتلكُ فطرَة سليمَة
ابتَسمت بسُخريَة قبل ان تنظُر الي شَطيرتِها مُتحدثَة
- على هَذا الحال ، لا احَد في هَذا العالم يَمتلكُ فِطرَة سليمَة
لَم يَرحم احد طِفلتي او يَلتفتُ لِسنها ، الجَميع كان يُعاملنا بسوء
كاني ارتكبتُ جريمة و انا اعملُ بِرضيعَة كيّ اُطعمها و اُربيها
كانَت مرارَة حَديثها وَصلت بالفِعل الي اللورد و لامَستهُ بِفعل اهتزازِ نَبرة صَوتِها المَليئ بالقَهر ، احسّ بالحُزنِ عَليها لِيتحَدث مُتنهِدًا
- لا تَستغربي ، العالم اصبَح قاسِيًا و الرحمَة انعدَمت في قُلوب البَشر ، اشكُر الرَب اني استَطعتُ التواجُد هُناك و كنتُ السَبب في نَجاة ابنتِك اللطيفَة
جَففت ماريسا دُموعِها بِظاهر يَدِها ثُمّ قالَت بِصَوتٍ هادِئ
- لابدّ انك تَمتلك الاطفال ، لِهذا شَعرت بِوَجعي و احسنَت مُعاملة طِفلتي
ابتسَم بطريقَة اظهَرت وَجع قلبِه حينَما نَظر اليها و حرّك رأسهُ نافيًا ، تحدّث قائِلاً و هو يَستقيمُ للاقتِراب من رسيل و تَفقدُ حالِها
- لا ، لستُ املك اطفال
انا مُتزوج مُنذ سَبع سنوات لكنّي لم احظَى بطفلِ للان
ناظَرتهُ الصُغرَى بِحُزنٍ على نَبرتِه الأليمَة ، مَسحت شَفتيها من صلصَة الشطيرَة ثُمّ خاطَبتهُ بِصدقٍ قائِلَة
- أتمنى ان تَحصُل على طفلٍ قَريبًا
انت تستحِقُ ان تَكون أب
كان كلّ نَظرهُ مُسلّط على رَسيل النائِمَة حيثُ بدأ بالمَسحِ على شعرِها الناعِم بِلُطفٍ بعدَما ابتَهج قلبهُ من دَعوةُ اُمها لهُ
- شكرًا لكِ
التَزمت ماريسا الصَمت لِدقائِق ثُمّ قالت بِغُلبٍ يُصاحِبهُ حُزن كَبير
- كيف يُمكنني ان اُسدي لَك حَق مَعروفك ..؟
كما تَرى لا املكُ المال لاعيدهُ لَك
ظلّ يَتحسسُ فَروة رأس الصُغرى بأصابِعه حتّى قامَت بِفتَح جفونِها تكشِفُ لهُ عن لَونِ عُيونِها المُشابِه لِخاصتِه ، تبسّم مَلمحهُ و انخَفض لِتَقبيل جَبينها بِرقّة قبل ان يَعتدل في استِقامتهُ و يُطالِع ماريسا بِهُدوء
- عار عليّ ان اكون بِهذه الدرَجة من الثَراء و أخَذ منكِ المال ..!
انا كرسّتُ ثَروتي لِمُساعدة الاطفال و اليتامَى
لا املكُ وريثًا اُملّكهُ اموالي ، لِذلك الصغارُ احقّ بِها
كانَت ستَتحدثُ للاعتِراض لَكنهُ بثر حُروفِها بِجديّة قائِلاً
- كَما انّ رَسيل تُعتبر تَخُصني ، لِما ؟
لانها من نَسلنا كآسيويين ، لِذلك تُعتبَر قريبتي بشكلٍ ما
انا احقّ بِمُساعدتِها من غَريبٍ اجنبيّ لا يَقربُها
طَرحت انفاسِها مُتنهدَة بِثقلٍ ثُمّ احَنت رأسِها تَشكُرَه بامتنان
- انت تُغرقني بلطفك ، شُكرًا لك
صَدمها حينَما ردّ عَليها و هو يسيرُ لِحَمل كوب قَهوتِه من قُربها ثُمّ يَتوجهُ نحو النافِذَة لتأمُل مَباني البلدَة وِسط تلك الطبيعَة الخلابَة
- لستُ اغرقكِ بِلُطفي ، بل اُغرِق رَسيل
لَم تُصدِر حَرفًا اضافِيًا بَعد ما قالَهُ و ظلّت بِجوار ابنتِها مُتمددَة تُشاهِدُها بِصَمت قاتِل ، صَمتُها الذي يُعيد لَها ذِكرياتٍ أليمَة بداخل هَذه المُستشفَى ذات الغُرف المُتشابِهَة
اسوءُ شُعورٍ مُميت قَد يُلازِم المَرء هو الخَوف
يُعيقك من مُواكبَة حَياتِك أجمَع..!
مَسكت بطرفِ اصبِعها باطن يَد طِفلتها الصَغيرُ ثُمّ طَبعت داخله قُبلَة دافِئَة ، كانَت تَهمسُ لها تُحاكيها لِطَرد كامِل هواجِسها ، لا تودّ الانغماس في بَشاعَة افكارِها و تَشاؤماتِها السامّة
- قاربتُ على جَمع المال الذي يَستطيعُ اخذنا الي والِدك همم؟
سَنعيشُ بِسعادَة آن ذاك ، و لن نَخاف مُجددًا
سيُصبح لِحبيبتي وثيقَة رَسميّة ، و تَحملُ اسم والِدها
ستُصبح الحَياة ورديّة و جَميلة ، اتمنّى
استَمع اللورد الي حَديثِها من خَلفه و هو يَرتِشفُ من قَهوتهُ ، كان مُستغرٍبًا لِحَدٍ كَبير لَكنهُ لم يُرد اقحام نَفسهُ في خُصوصياتِ غَيره ، لا يُحب ان يَكون مُتطفلاً لِذلك التَزم الصَمت بِدَوره
كانَ ينتظِرُ قُدوم الطبيب الذي جاءَ بعد ساعَتين و مَعهُ تَشخيصُ الصُغرَى و عِلاجُها ، مَشا معهُ السَفير الي الخارِج حينَما وَجد ماريسا تَنامُ بِجوار طِفلتها
- مابِها الصغيرَة ؟
حَدق في عينيّ الطبيب الذي اخَذهُ الي مَكتبِه ثُمّ جَلس على كُرسيه قُبالَة جَسد السَفير كيّ يُوضِح لَهُ قائِلاً
- الطفلَة لديها حساسيَة الصَدر المُزمنَة ، من الواضِح انّ لديها من يُعاني منها في سِجلها العائليّ ، لانها لازالَت رضيعة كي تُصاب بِها ، إلا في حالَة تعرُضها لمرضٍ شَديد أو استنشاقها الي دُخانٍ سام تَسبب في هذا الضَرر الكَبير لَها
احسّ اللورد بالحُزن لِمُجَرد ذكر الطبيب ذلك المَرض المُؤذي الذي يُعاني هو منهُ مُنذ طُفولتَه و يعرِف مَدى بَشاعته و مَضارِه المُؤلمَة
كَيف استَطاعت تِلك الصغيرَة ان تَتحمل كُل ذلك الألم الناجِم مِنهُ ..؟
بان الحُزن عَلى مَلامِحه و اخَذ لمحة كافيَة حَول طريقَة العِلاج الذي يتضَمن الحِفاظ بالدرجة الاولَى ، نظرًا لِكَونه يُعاني منهُ و يتأثر بِفُصول السنّة المليئَة بالأتربَة و الغُبار
مَسك الوصفَة الطِبيّة من الطَبيب كيّ يَشتري بها العِلاج الي الطِفلَة ثُمّ تَوجه الي اقربِ صيدليّة لاقتناءِ الدَواء ، بِمُجَرد ان عاد الي الغُرفَة حتّى وَجد الأم و ابنتِها نائمَتين في مَكانهنّ ، لم يَشئ ازعاجِهنّ و جَلس فوق الاريكَة يُحدِق في سَقف الحُجرَة بِصَمتٍ شَديد
- انّها لازالت صغيرَة كيّ تُعاني من هَذا المرض..!
لابدّ انّها توارَثتهُ من شخصٍ قَريب لها ، كوالِدها مَثلاً
تَنهّد بينَما يُدلك جَبهتهُ ثُمّ دون شُعورٍ وَجد نَفسهُ يَنامُ فوق الاريكَة حينما تجاوَزت الساعَة مُنتصف اللَيل بالفِعل
بِحُلول الصَباح ، استَيقظ على صَوت ضحكات رَسيل العاليَة اذ فَتح عيناهُ ببُطئ يُشاهد تِلك الطِفلَة تُقهقه بِصخَب على حَركات اُمها التي تُغير لَها حِفاظها
البَستها ماريسا حِفاظُها الجَديد ثُمّ انخَفضت تحشُر رأسها داخل بَطن ابنتها العاريَة تُدغدغها و تَشعُر بالتفاف اقدامِ الصغيرَة حولها بينَما تَضحك بقوّة
ابتَعدت الأم عنها بِمُجَرد ان شَعرت باختِناق الصُغرى من شدّة ضَحِكها لِتقهقه على مَلامِحها المُحمرَة و تَسير الي الحَمام ترمي الحفاظ المُتسخ و تَغسل يَديها
ذَلك المَشهد الذي تَمنّى اللورد أن يَستيقظ عَليه كُلّ يومٍ و يتأمَلهُ بِهيام ، ان يَنزعج من اصواتِ زَوجته و طِفلته التي تُحاول ايقاظه كيّ يَلعب مَعها و تَذمراتُ امرأته و غيرتِها عَليه مِنها
رَاقبها السفيرُ بِعَينيه ماريسا تُغادر ثُمّ نَهض يسيرُ في اتجاه الصغيرَة التي تلبسُ فقط حفاظِها بينَما تَرفعُ قَدميها عاليًا و تَقومُ بلمسهما باصابِع يديها الصغيرَة
كانت تُحاوِل ان تُمسِك اقدامِها ، لَكن جَسدُها الممتلئ لا يُساعدها بِذلك ، عَبست حينما كان حدُّها لَمس اصابِع اقدامِها فَحسب لِتقع اعيُنها على وَجه اللورد فَوقها
فَرِحت لِتبدأ بالتَحرك بعشوائيَة و سَعادَة فوق الفِراش كيّ يقوم بِحَملها و مُلاعبتها قَليلاً ، مَد يديه نَحوها يقومُ بِحملها داخل كُفوفه ثُمّ عانقها الي صَدره يَمسحُ على عُريّ ظَهرِها بِلُطف
- صباحُ الخَير لاجمل بطلَة في العالَم
ابعدها عَنهُ كيّ يَستطيع تَقبيل جَبينها يَراها تَبتسمُ لهُ و هي تُحرك اقدامِها في الهواء بسُرعَة و تلهَث ، تبسّم على تَحسُن حالِها و نَشاطِها الذي انعَدم ليلة البارِحَة بسبب مَرِضها
العلاجُ اجدَى مَفعولهُ و ساهَم في تَحسنها بشكلٍ كَبير
احتَضنها من جَديد يُدفئ برودَة جَسدِها بِذراعَيه فالجَو صَقيع من بُرودتِه
- الهي لما انتِ عاريَة ؟ ماذا لو دَخل غريب و رآكِ ؟
عَيب ..! علينا ان نَستركِ
مَسكت الصغيرَة مَلابسهُ باصابِع يديها الرَقيقَة لِتبدأ بالحَديث بِلُغتها امام اُذنيه و هو يَسيرُ بِها في انحاءِ الغُرفَة بينَما يَستمعُ اليها بِحُب
- اا..ااه ا..اوه غاغيغاغو نونوناتو
تفاعَل مَعها في الحَديث و قال مُندهِشًا بَعدما ابعدها عنهُ يُحدق في وَجهها المُبتهِج
- حقًا ؟ هل حَدث ذلك ؟ غاغيغوغو؟
تَحمست الصغيرَة التي بدأت تُحرك يديها في الهواء بسُرعَة بينما تَصرُخ بشكلِ استَلطفهُ السَفير الذي ابتَسم بِدفئ على مَظهرِها
انّهُ نَشاطُ الاطفال المُبالغ بِه عند الاستِيقاظ من النَوم
وَجه عيناهُ الي ماريسا التي خَرجت من الحَمام و بَين يديها مَلابِسُ الصغيرة المُبللَة ، استَغربها و راقَبها و هي تنطِق بأسَف
- لابدّ ان صَوت رسيل العالي ايقَظك من النَوم
اعتذرُ عَن ذلك
بالنسبَة اليها فَهي تراهُ الرَجُل الذي ساهَم في استعادتِها لِروحها و أملها الوَحيدُ للحَياة ، بِسببه استَطاعت ابنتِها النَجاة و تَمكنت من استرجاع نَشاطِها
- لا عَليكِ
نَفى بِرأسه ثُمّ راقَبها و هي تسيرُ نحو النافذَة تَضعُ مَلابس الصغيرَة في الشَمس كيّ تَجِف بينَما تتحدَث
- غسلتُ ملابس رَسيل الموسخة بعد ليلة البارحَة
سانتظرُها ان تَجف ثُمّ البسها اياها
قَطب حواجِبه بشدّة و ما فَهِمه أن الصغيرَة لا تَملكُ سِوا قطعَة المَلابِس هذِه ، اقتَرب يُعطيها الي اُمها مُتحدِثًا
- أمسكيها ، جَلبتُ عِلاجها كَذلك ساشرحُ لكِ كَيف تَستخدمينَه حالما أعود
اومأت لهُ بعدَما عاودت التقاط جَسد ابنتِها التي احتَضنت عُنق اُمها تُناظِر اللورد بابتِسامَة لطيفَة ، حينَما مشا ناحيَة الباب طَلبت منها ماريسا ان تُلوَح لهُ و بالفِعل بدأت تُحرك يدِها للجهَتين من اجلِه
وَقف عند المَخرج يُراقِبها بابتِسامَة خافِتَة ، لَوح لها هو كَذلك قَبل ان يُغادر الي اقرب مَحل يبيعُ مَلابس الاطفالِ كيّ يَقتني لها بعض ما تَحتاجهُ
انّها ليسَت مرتهُ الاولَى في الاهتمامُ بالصغار و شِراء المَلابس لَهُم
اعتاد ان يَفعل هذا دومًا مع اطفالُ المَيتم ، لِذلك اصبَح مُتمرّس
في ذَلك الوَقت ، قامَت ماريسا باحتِضان طِفلتها بِلُحاف المُستشفَى كي تَقيها من البَرد ، جَلست فوق السَرير تَبتسمُ عَلى لَطافتِها و هي تَلعبُ بورقةٍ اعطتها لها كيّ تَشغلُ نفسها بِها
سَمِعت صوت الباب يُفتَح فظنّت أنّه اللورد قَد عاد لِذلك تَحدثت بابتِسامَة
- هل قال الطبيب اني استطيعُ الخُروج ب..
انقطَع صَوتُها حالَما رأت هَيئَة ذَلك الطَبيبُ امامَها ، وسَعت عُيونِها بِخَوفٍ شَديد قَبل ان تَستقيم بينَما تَضّم ابنتِها الي صَدرِها بِقوّة مُبتلعَة ريقِها بِذُعر
رأت نَظراتُ مُعتمَة في عُيونِه و هو يَقتربُ مِنها بِبُطئ
- علمتُ انكِ سَتعودين ..! ظننتِ انكِ تستطيعين الهَرب ؟
ضَمت طِفلتها الي صَدرِها تُخفيها بينَما تُحاوِل ان تَجِد مَهربها من الذي اراد اخَذ رَسيل مِنها بِعُنفٍ مُهسهسًا بِغَضب
- هذِه الطِفلة لا تَخُصكِ ، هاتيها و يُمكنكِ انتِ الذهاب
رَمقتهُ بِحدّة قَبل أن تُهددهُ قائِلَة بِجديّة بينَما تُخفي ابنتِها عَنه
- مُستَحيل ، لن اُعطيك ابنتي ..!
اُخرج من هُنا كيّ لا اصرُخ و اُلملم عليك البَشر
سَمِعتهُ يَضحك بِطريقَة فَطرت قلبُها من اجرامِه ، لَكنها لن تَسمحُ لهُ باخَذ صغيرتِها مَهما كَلفها الأمَر لِذلك نَظرت حَولها تَبحثُ عَن شَئ حاد
راقَبتهُ و هو يَقترِبُ منها بِبُطئ و عَلى وَجهه ابتِسامَة شَر مُخيفَة ، لَمِحَت سكينٍ حاد جاء بِه السَفير ليلة البارِحَة مع الطَعام لِذلك رَكضت تُمسِكهُ قبل ان تُؤشر بِه عَليه مُتحدثَة بغَضب
- جرّب ان تقترِب منّي او من ابنتي ، ساقتُلك
انا هارِبَة هاربَة ..! لا مانع لديّ ان هربتُ من القانون ان قُمت بِتخليصِ البشريّة من نَذلٍ مِثلك
صَرخت بِه و ما جَعل اطرافها ترتعِش حينَما وَجدتهُ يُخرج هاتِفه للاتصالِ بِجماعته ، نَفت بِرأسِها بشدّة ثُمّ لِتَركض نَحوهُ تَركله بقوّة حتّى اسقطت موبايله
- ايتها العاهِرَة !
صَرخ بِها بِدوره ليقوم بِصفعها بقوّة حتّى احدَث لَها نُدبَة في شفتها السُفلَى ، اراد جَذبها من شعرِها و استكمالِ ضَربها ، لكنها نَجحت في الهُجوم عَليه و غَرس السكين بداخِل كَف يَدِه حتّى سَببت لهُ جُرحًا بالِغًا جَعلهُ يصيحُ من الألم
رَكلتهُ كيّ يبتعد عَنها ثُمّ هَربت تركُض بابنتِها مُغادرة تلك المُستشفَى بأسرَع ما أمكَن ، كانَت تلهثُ بشدّة و تَعبها يَهون كُلّما استَرقت نَظراتٍ خاطفَة الي عُيون طِفلتها التي تتمسّكُ باطرافِ قميصها
هَربت من المَبنى و رَكضت في الشَوارع بَحثًا عن سيارَة السَفير التي حالَما وَجدتها مَركونَة في مَكانها مُنذ ليلَة البارحَة حتّى جَرت ناحيتِها
اختَبئت وراءِها لِتَجلس تُعانق طِفلتها و هي تَلهثُ بقوّة ، اغمَضت عُيونِها و اطرافها ترتعِش من الخَوف ، مالذي سَتفعله ..؟ كَيف ستهرُب ؟
حاوَلت كَبت دُموعِها بِصُعوبَة بالِغَة و هي تُجاهد للحفاظِ على هُدوء ابنتِها كيّ لا تَبكي و تَفضحُ مَكان اختِبائِها ، قبَلتها بِرفقٍ هامسَة
- لا تَبكي همم ؟ سيأتي العَم اللطيف و يُساعدنا
في تِلك الأثناء ، دَخل السفيرُ الي غُرفَة المُستشفَى و بَين يداهُ اكياس فيها مَلابس للطفلَة و مُستلزماتِها ، وَقف عند الباب مَصدومًا حينَما وَجد الحُجرَة بتلك الحالَة المُبعثرَة ، مَشا الي الداخل بَحثًا عن الأم و ابنتِها لَكنهُ لَم يجِد طَيفهما حتّى
انتابَهُ القَلقُ بِمُجَرد ان رأى مَلابسُ رَسيل في مَكانِها و اكياسُ العلاجُ فَوق الطاولَة لم تَتحرَك ، و ما زادهُ قلقًا أنّ هُنالك قطراتٍ من الدماء على ارضيّة الغُرفَة ..!
- مالذي حَدث ..؟
هَمس بِصدمَة قَبل ان يَلتفت للمُغادرَة راكِضًا بعدَما اخَذ معهُ اكياسُ العِلاج ، سأل التَمريضُ عَنها لَكِن الجَميع نَكر انّهُ رآها
وَقف عند مَخرب البِنايَة مصَدومًا ، اَعني كيف اخَتفت الأم و ابنتِها مَع اثارٍ للخرابِ و الدماء ..؟
في الوقتِ ذاتهُ كانَت ماريسا تَحتضنُ ابنتِها بقوّة بينَما تُراقِب ظلّ ذلك الطَبيب من خَلفها يَبحثُ عَنها و دماءهُ تُقطّر وراءَهُ
احسّت بِظهور هَيئَة رَجُلٍ امامَها لِتقوم باغماضِ عينيها بقوّة تُجهزُ نَفسها لِقبضَة قويّة تَجُرها من شَعرِها ، لَكنها صُدِمت حينَما سَمِعت صَوت اللورد ينطِق مُنصدِمًا
- م..مالذي يحدُث ..؟
ناظَرتهُ بِعينين مُوسَعتين قَبل أن تَهمسُ لهُ بصوتٍ خافِت
- ا..ارجوك افت..افتح السي..السيارَة
انتِسابًا للخَوف الذي قَرأهُ في عُيونِها ، لَم يَشئ ان يُجادِل و اخرَج مفاتيحَهُ يفتحُ سيارتِه التي قامَت ماريسا بالرُكوب بِها من الخَلف زحفًا كيّ لا تَنهض و يَراها ذَلك الطبيبُ من خَلفها
تَمددت على طولِ الكرسيّ حتّى لا يظهرُ شئ منها عَبر الزُجاج و هي تُعانق صغيرتها التي بدأت تشعُر بالمَللِ و تَبكي
صَدح صَوتُ حِسُّ بُكائها لاذنيّ ذلك الطَبيب الذي التَفّ حَول نَفسِه بَحثًا عن مَصدرِه ، ناظَرهُ السَفير و راقَب كفّه الذي يَنزِف مُستغرِبًا ثُمّ صَعد مَكانهُ كيّ يُدير المقود مُغادرًا ذلك المَوقع بعد الحاحٍ من ماريسا التي تُحاوِل اسكات طِفلتها بِصعوبَة
شُكوك السَفير تَتزايد حَول هَويّة هذِه المرأة و ابنتِها ..!
لَكنهُ تمسّك بِصمته و هُدوءِه طيلَة الطريقِ حتّى رَكن في مكانٍ بَعيد عن المُستشفَى كيّ يستطيع ان يَفهم ما جَرى
لم تَشئ رَسيل ان تصمُت ، طيلة الطريقِ تَبكي دون انقطاعٍ لذلك مدّ اللورد يداهُ حتّى يتَكفل هو باسكاتِها اذ بِمُجَرد ان طبطبَ عليها و اعطاها لُعبَة تُناسب عُمرها من داخِل مجموعة الاكياسِ هَدأت
حينَما تأكَدت ماريسا من أنهما قَد ابتَعدا عَن ذلِك المَوقع ، جَلست بِراحَة اخيرًا تَزفرُ انفاسِها بِثقلٍ شَديد ، ارَجعت شعرِها المُبعثرِ الي الخَلف تكشفُ عن شَفتيها الداميَة لِعُيون السَفير الهادِئ
- هل من خَطب يا سيدَة ؟
هل هنالِك احد ما يُطاردكِ ؟ يُمكننا الاستعانَة بالشُرطَة
خمّن ان كان هُنالك مُترصّد يُحاول الحُصول عَليها ، نظرًا لِكَونها فتاةٍ شابَة في مُقتبلِ عُمرها و لا يَراها تَملكُ وجهًا بشِعًا اذ لا يَستطيعُ الاعتراف بِجَمالها لِكَونه لا يَرى مرأة جَميلَة سِوا زَوجتهُ
كان يُلاحِظ ارتعاش يَديها ، و رُغم ابتِسامتِها و هي تُنفي و تَعترض عَلِم انّ هنالِك خَوف دَفين لا تودُّ الافصاح عَنهُ
تِلك حُريتها الشَخصيّة و هو لَن يُقحم نَفسه في مَشاكل غَيره
تَكفيه مَشاكله ..!
التَزم الهُدوء ثُمّ قام بِفتح صُندوق سيارته لاخراجِ عُلبة الاسعافاتِ الأوليّة يُقدِمها الي من حَملتها بين كُفوفِها ، شَكرتهُ و بدأت تُطهّر جُرح شَفتها السُفلَى بِرفق
في ذاتِ الوَقت اخرَج اللورد مَلابس دافِئَة زهريّة تُناسب رَسيل التي كانَت تتمايَل و تُزعجهُ حينما بدأ يُلبسُها ، انخَفض يُقبل عُريّ بَطنها و هو يُنزِل الفُستان الورديّ الي فخذيها بَعدما ألبسها جَوارب بيضاء لطيفَة
نَظرت ماريسا الي ابنتِها بذلك الفُستان الذي جَعل لطافتها تَبرُز اكثَر ، كادَت عُيونِها ان تَدمع اذ لم تَجِد طريقَة تستطيعُ فيها شُكر السَفير على مَعروفه
- انا اشكُرك حقًا ، لَكن لم يكُن عَليك شراءُ مَلابس الي ابنتي
ذلك كَثير اُقسم ، اشعر بالاحراج مِنك
ناظَرها عَبر مِرآه السيارَة الاماميّة ثُمّ قال بِصوتٍ هادِئ
- تَحدثنا عَن هذا الموضوع بالأمسِ بالفِعل
مَسح على شعرِ الصغيرَة الناعِم ثُمّ سَمِع صَوت تنهيدَة ماريسا المُتعبَة و هي تُريح ظهرِها فَوق اريكَة السيارَة خَلفها
اخبَرها بعدَما مدّ اليها كيسُ العِلاج تَتفقدهُ
دَخل في صُلب الموضوع مُباشرَة دون ادنَى مُقدماتٍ تُذكَر
- رَسيل تُعاني من حساسيَة صدرٍ مُزمنَة ، لِذلك يستوجبُ عليكِ الحفاظُ عليها بَعيدًا عن الأترِبَة و الغُبار و الغازات السامَة
جَلست ماريسا باعتِدالٍ قَبل ان تُوسِع عينيها بِعَدم تَصديقٍ مُتحدثَة
- م..ا معنى ه..هذا ..؟
نَظرت الي وَصفة العِلاج لِتَبدأ عُيونِها تَدمعُ من الحُزنِ على مَرض طِفلتها الصَغيرَة ، تشبّثت بسائِل عَينيها كيّ لا تُظهر ضِعفها ثُمّ هَمست
- انا عَملي كُلّه يَتضمن التَنظيف و ازالَة الغبار و الاتربَة
لابدّ انّ وضعها ساء البارحَة بِسبب ذلك
حرّك رأسَهُ ايجابًا و هو يَرى الصغيرَة في حُضنه تقوم بامساكِ المقود بينَما تُحرِكَهُ يمينًا و يسارًا ، كانت مُتلهفّة لِتصبح سائِقَة ماهرَة ..!
انخَفض يُقبل رأسِها ثُمّ قال
- لِذلك عليكِ الحفاظ عَليها
انّها صغيرَة و صدرُها بمثلِ حجمها لا يَحتمل
اغمَضت ماريسا عُيونِها بَعدما احسّت ان كُل الابواب انسّدت في وَجهِها ، كانَت على وَشك الانفجار لَولم تَسمع كَلام اللورد الذي تحدّث قائِلاً
- لم اكُن اقصد التنصُت ، لكنّي كنتُ بجواركِ حينما قلتِ انكِ تحتاجين الي المال حتّى تَستطيعين السَفر الي زوجكِ ، لا اعلمُ ماهي قصتكِ تَحديدًا ، لكنّي ساُساعدكِ لاجلِ رَسيل ، لانّي اعلمُ بشاعَة المرض الذي تُعاني مِنهُ
عَرِف ما تُفكِر هي بِه حينَما ارادَت الرَفض لِذا سَبقها يَقول
- لَن اُعطيك المال بِدون مُقابل ، لانكِ لن تُوافقي
لِذلك ستأخذينه مُقابل خدمَة ، اتفقنا ..؟
ناظَرتهُ بِشَكٍ جَعله يَفغرُ فاهه بِعَدم تَصديق ، دَحرج عيناهُ للطرفِ الاخَر قَبل ان يَرفع يدهُ يُريها خَاتم اصبعه مُتحدثًا
- انا مُتزوج و اُحب زَوجتي حسنًا ؟
لستُ ذلك النَوع من الرِجال ، لِذلك لن تَكوني خدماتي غيرُ اخلاقيّة
ارتاحَت لِما قالهُ ثُمّ قامَت بالايماء لهُ مُبتسمَة ، ابتَهج قلبُها و شَكرتهُ من اعماقِها قَبل ان تنطِق بِفَرحٍ يشعّ في عُيونِها
- اتمنى ان يَرزقك الرَب بتوائِم ، الاشخاص الذين مِثلك يَتوجب عليهم ان يَتكاثروا حتّى يَعم السَلام في هَذا العالَم
ابتسَم على كَلامِها و لَم يشَئ اكثارُ الحَديث مَعها ، لَديه حُدودٍ مَع النِساء لِكونه يَحترمُ غياب زَوجتهُ بالفِعل لِذلك قام بادارَة المِقوَد عودَة الي ذَلك المُنتَجع
نَزلت ماريسا مَع طِفلتها و اكياسُ المَلابس و العِلاج ، شَكرت السَفير مرارًا و تِكرارًا و فرحة عُيونِها و عُيون طِفلتها كانت اكبرُ جَزاءٍ بالنِسبَة اليه
لَوح الي رَسيل التي لَوحت لهُ بكلتا يَديها حينما احتَضنتها امها بِذراعها اذ كان ظَهرُ الصغيرَة يُقابل صَدر ماريسا
دَخل الي جَناحه و بِمُجَرد ان اوصَل هاتفه بالشاحِن صُدم من كِثرَة الرسائِل و الاتصالات من زَوجته ، دلّك جَبينهُ يبحثُ عن تَبريرٍ مُقنع قَبل ان يُعاود الاتصال بِها من جَديد
سَمع صَوتها الغاضِب و هي تَصرُخ به
- جونغكوك اين كُنت ؟ لِما لا ترد على هاتِفك مُنذ ليلة البارِحة ؟
مالذي كنت تَفعله حَضرة اللورد ..!!
اغمَض عيناهُ يُدلّك جَبينه قَبل ان يَتحدث بِصوتٍ هادِئ مُتعَب
- حَدث امر طارِئ ايلي ، حالما تأتين ساحكيه لكِ ، هاتفي نفذ منهُ الشاحن لِهذا لم استطِع رؤية اتصالاتكِ
لَم يُقنعها عُذرَه لَكنها احتَفظت بِغضبها كيّ تُخرِجه لاحقًا حينَما تَلتقيه ، كانَت تُشاهِد جَمالها الساحِر امام المِرآه و هي تَضعُ ملمّع الشِفاه قائِلَة
- انهيتُ جَلسة تَصويري في الصباح
بَعد ثلاث ساعاتٍ سيأتي السائِق كيّ يأخذني عِندك
همهم لَها و هو يَتمدد فوق فِراشهُ بينَما يُغمِض عَيناهُ بِنُعاس
تَركها تَتحدّث و دون شُعورٍ ، خَلد الي النَوم من فِرط التَعب
•••
كانَت الساعَة تُشيرُ الي الخامسَة عصرًا
عَلِم السَفير ان زَوجتهُ في الطَريقِ اليه بعدَما اخبرتهُ بِذلك
لِذا ، اراد ان يُجهز لَها مُفاجاة وصولِها
طَلب من ماريسا القُدوم لِمُساعدته بِذلك ، و حينَما جائت مع رَسيل النائِمَة في حُضنِها اخبَرها بِنبرةِ صوتٍ مليئَة بالسعادَة
- اُريدُ منكِ ، ان تُساعديني في تَجهيز الغُرفَة بشكلٍ رومنسيّ للغايَة
قَطبت ماريسا حواجِبها بخفّة ثُمّ نَظرت حَولها تَرى ذلك الكمّ الهائِل من الورودِ و الشُموع المُتناثرَة فوق الطاوِلَة ، عاوَدت النَظر اليه حينَما تابَع مُبتسِمًا
- زَوجتي في طريقِها الي هُنا ، اُريد ان اُفاجِئِها بليلَةٍ ترسخُ في ذِهنها الي الابَد ، و انتِ من سُيساعدني بِذلك ، مُقابل المال الذي تَحتاجينَهُ
•••
5786 ✔️
اهلاً في الفصل الثاني ✨
كيف حالكم مع اجواء فصلِ اليَوم ..؟
هل بدأت القصّة تتضحُ قليلاً ..؟
اليوت لم تَظهر كثيرًا اليَوم ، لَكنها ستفعلُ في الفصول القادمَة ان شاء الله 🐻
ماذا استطعتم الفهم من احداثِ الفصل ..؟
لما ماريسا ارادت الهرب من ذلك الطبيب؟
و مالذي يريده هو منها ؟
بخصوص السفير و بنته يلي مايعرف انها بنته؟ 🤏🏻😭
توقعاتكم للقادم بصفة عامَة ..؟
اشياء تريديون ان نكثر منها بالفصول ..؟
شكرًا لحبكم الكبير للروايَة ، حقًا سعيدة بدعمكم يارِفاق 😭
تحمستُ لمشاركتكم الاحداث القادمة التي انا واثقة انها ستُبهركم
تاكدوا انكم تقرأون قصة فريدة من نوعها و مُختلفة عن كُلّ ما سَبق 🌸
لِنجعل هذا الفصل يصل الي ألف تَصويت؟
و الكَثير من التعليقات اللطيفة التي تُعزز حَماسي للقادم 🐻
اراكم في الفصل الثالِث ان شاء الله
الي اللقاء 🌸
.
.
.
عيون رسيل الخَضراء 🤏🏻♥️
زي لون عُيون ابوها الخُضر ♥️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top