Part 8
منذ عشرون عاماً تقريباً ... بأحد القصور ذات الطراز الاجنبي الفخم ..
عائلة تكونت من خمسة أفراد رئيسية .. ماركوس أندرسون و زوجته السيدة اندرسون مع ولدية ماكس و اندريان و ابنته ايزابيلا التي كانت بالتاسعة عشر آنذاك ..
بأحد تلك الغرف كانت إيزابيلا تجلس تمسك بهاتفها و تتحدث عبره مع احدي زميلاتها .. شخصيتها كانت مقعدة كثيراً .. من يراها لا يستطيع التعامل معها لحدة طباعها و عصبيتها الزائدة .. و لكن من يتعامل معها و يعرفها كان له رأي اخر تماماً .
عائلة سميث كانت صديقة لهذه العائلة منذ زمن و قد كان جوناثان يأتي لها كثيراً يدير صفقات والدة عنه لكونه مريض رغم ان جوناثان كان قد تخرج من سنة واحده من كلية طب علم النفس و قد كان يؤدي مهنته علي اكمل وجه لحبه لهذا المجال كثيراً و بالجهة الاخري كان يدير شركات والده و ثروته كونه الابن الوحيد لعائلة سميث .
كان جوناثان يعلم عن كل شخص بعائلة اندرسون كعلاقات سطحية و طبيعة عمل و مصالح مشتركة لكن .. ايزابيلا تلك الفتاه الذي دائماً ما كان يتحاشي الجلوس معها بمكان واحد حتي لا يشتعل .. كلما يجتمعان تحدث مصيبة بينهما و ينتهي الامر بشجار و قد كانت اسرتها تراقبهما بيأس من أفعالهما و قد كان الوحيد من يتفاهم معهما هو ماكس الذي كان يصغرهما بعدة سنوات و قد كانا يهدئان تقريباً بسببه ..
ماكس كان يعتبر جوناثان كالاخ الاكبر و قد كان يحكي له عن جميع مشاكلة و قد كان الاخر يحلها له ببساطة كما ان جونثان كان يتخذ من ماكس اخاً صغيراً له عكس اندريان الذي كان قريباً من عمر جوناثان و الذي كان بطريقةً ما لا يحبه بل تجمعهما مصالح شركاتهما فقط .
مع الايام بدأت تقل المشاحنات بين جوناثان و ايزابيلا و لم يكن احد يعلم ان ذلك بداية لحب نمي بين هذين الاثنين و خاصة جوناثان و الذي ما ان اكتشف شعوره تجاهها حتي تقدم لخطبتها امام الجميع و اعترف لها .. قد كان يكبرها ببضع اعوام قليلة و العائلتين كانتا سعيدين بذلك و مع الايام و السنوات كانت قد اخذت شركة جوناثان شهرة كبيرة فقد استطاع النجاح و لكن ذاك أولد الغيرة بقلب احدهم .. اندريان .. كون الاسرة كلها كانت تحب جوناثان و تمتدحه .. في احد الايام اضطر جوناثان ان يسافر هو و ايزابيلا و قد ولد رايان و كبر بوسطهما خلال مدة السفر و إبتعدا عن اسرتهما لسنوات .
و كطبيعة الحال فإن السعادة لا تدوم ابداً فبعد عدة سنوات من سفرهما مات والده ليقع جوناثان بصدمة عنيفة لحبه الشديد لوالده .. قلت أسهم الشركة كثيراً و لكن اسوأ ما حدث انه لم يجد احد بجانبه .. ايزابيلا بذلك الوقت كانت حامل بطفل اخر لجوناثان و لكن لم يكن السبب الا انهما كانا دائما الشجار بعدما حدث شئ بينهما بسبب اندريان و بعدها افسد كل شئ لتعود و تترك جونثان و ابنها .. جوناثان قد كان اعمي بسبب حبه لها و لم يري انها كانت تساعد شقيقها بعدما سافرت ليصدم فيما بعد ان شركته .. شركة والده و الذي بناها بيديه تنهار دون علمه ليسرع باتخاذ الاجراءات اللازمة .. ببضع اشهر اعاد كل شئ لطبيعته كما انه بني مشفي تابعة له كان يعمل بها شخصياً و خلال تلك الاشهر التي مرت كان يعتني برايان ذو الثالثة عشر بذلك الوقت الا انه قرر ان يرجع ايزابيلا و ابنه الذي لا يعلم ان كان قد ولد ام لا ..
عاد للعاصمة مجدداً ليتلقي اقوي صدمة في حياته .. الخيانة اتخذت تفاصيل احداث حياته المتبقية .. اقرب شخص لقلبه خانته .. اخبرته انها اجهضت طفلهما .. رفعت قضية طلاق ضده و كسبتها ..قد كانت متزوجة مسبقاً من شخص اخر و الذي لم يكن سوي احد اصحاب الشركات التي تحاول ان تخسره .. نست ابنها الصغير و الذي لم يكن أقل صدمة و حزناً حين طردته امه و لم ترغب برؤيتة أبداً .. اتخذت طريق شقيقها اندريان و الذي كان العامل الرئيسي بتلك الخطة و هو ان يدمرانه .. ذلك كان بسبب الغيرة فقط .. أرادا الحصول علي كل اموال والدهما حتي انهما تناسيا أمر شقيقهما ماكس و الذي كان قد كبر و تزوج الفتاه التي دخلت قلبه .. تزوج مادلين الفتاه الفقيرة صديقته بالجامعة و التي نبذها اخوته و قد تجاهلا والديهما الذان شاهدا كل ما يحدث بحسرة علي ما حالت إليه الامور .. اختفي بعد ذلك ماكس و زوجته كما ان جوناثان رحل بصمت آخذاً رايان معه و الذي لم يتوقف عن البكاء و بعد ذلك تغيرت شخصيته كثيراً .. اصبح منعزل اغلب الاحيان .. لا يتقبل وجود احد سوى والده صديقة الاول و الاخير الي ان دخل الجامعة .. و هناك قابل كريستيان و اتخذه صديقاً مقرباً ليقفل دائرته بعد ذلك .. لم يكن يثق بأحد يوماً و قد فعل كريستيان الكثير ليصبح صديقاً له لهذا وثق رايان بكريستيان .. حتي انهما اصبحا كالاخوين تماماً .
تخرج الاثنان و كلٌ في مجال مختلف و رغم ذلك لم يفترقا ابداً .
بالجهه الاخري كان جوناثان يعمل علي شئ مهم بعد اكتشافه لشئ بالصدفة من خلال احد رفاقه بأحد المستشفيات الاخري لهذا .. قام بشراء قرية صغيرة .. قرية البراعم .. كان يذهب إليها دائمًا في سبيل الحصول علي هدفة و ايجاده رغم ان رايان الذي كان يعلم كل شئ عن والدة يحاول ان يبعده عن تلك الفكرة تماماً فهو مكتفي به كل عائلته و لا يحتاج لأخر ابداً .. و جوناثان كان يعلم تماماً ان ابنه رغم عدم ثقته بأحد الا ان قلبه يتعلق بأي شخص بسرعة و لهذا كان يكره الاختلاط و المصادقة مع اي احد كان !
طوال تلك السنوات التي كان يزور فيها جوناثان تلك القرية لم يكن ماكس يراه او العكس .. لم يكن ماكس مهتماً بأحد .. كان يكفي عنده اسرته الصغيرة فقط .. هذا ما بقي له بعد ان دمراه شقيقيه !
و الان بعد تلك السنوات يكتشف بل يقع داخل صدمة ان صاحب القرية هو جوناثان .. زوج اخته السابق و الذي كان اقرب شخص له !!!!!
..
الصدمة كانت قد احتلت كيانهما بينما يقفان مقابلان لبعضهما و قد عصفت تلك الذكريات السوداء بذاكرتهما ..
كان رايان و توماس يشاهدان ما حدث بحيرة و استغراب و خاصة الاول الذي كان مصدوماً كونه سمع جملة والده التي قالها و ذكر بها اسم والدته ليركز بصره علي ماكس .
":_انا .. انا اعتذر جون .. انا راحل "
نطق ماكس يتحاشي نظرات الاكبر و إلتفت ممسكاً يد إبنه ليغادر لكن جون تقدم ليقف امامه و سأل بحده : أين كنت ماكس ؟ .. أين اختفيت ؟
حدق ماكس بعين جوناثان و ضاقت باستياء ليتحدث بجمود : اخبرتك انني اسف لقد جئت هنا لأجد زين و لكن يبدو انه ليس هنا ..
قاطعه جوناثان بهدوء هذه المرة : هل كنت تعتقد انني سأظنك مثل أخويك يا ماكس ؟
اغمض ماكس عيناه بحزن و ضيق و قال : ارجوك جون لا تذكرني فأنا قد نسيت كل الماضي .
:_لكن الماضي لا يمكن نسيانه ماكس .. و خاصة ماضينا .
فتح ماكس عيناه بغضب و انزعاج شديد و رد علي كلام جوناثان : و لكني نسيته تماماً .. انا فقط اريد ان اعيش مع اسرتي دون مشاكل يا جوناثان لقد مللت من كل ذلك .
ضغط جوناثان علي كفيه بحزن بينما تقدم رايان هامساً بعدم تصديق : هل انت خالي ماكس ؟
إلتفت ماكس ليحدق برايان بشرود .. ذلك الطفل الصغير الذي رآه لعدة مرات قصيرة كبر و أصبح شاباً كما انه يشبه والده تماماً !!
:_ انا أسألك فرجاءاً اجبني .
تعصب بحديثه ، فبعد ان علم ان من امامه هو احد تلك العائلة و هو لم يعد يمسك أعصابه ابداً .. كم مرة ذهب من وراء والده و أراد رؤيتها و هي رفضته و ألقته خارجاً بدون ذرة أمومة داخلها كما انه رآها مره تعانق طفل اصغر منه بكل حنان .. ذلك الطفل ابن زوجها اخيه من امه .. لهذا تعامله أصبح غريباً و لم يستطع الثقة بأحد بعدها .
ابتسم ماكس بهدوء وقال : كبرت رايان .
عقد رايان جبينه بغيظ و ألم وتراجع خطوتين للخلف و ابعد نظراته للارض متحاشياً نظرات الاكبر .. لقد كان يحاول ضبط مشاعرة و التخلص من تلك الذكريات ليرفع نظره مجدداً و سأل بجدية : ماذا أردت ان تخبرني بخصوص زين ؟
صمت خيم علي المكان بعد جملة رايان المستفهمة و كأنهم للتو تذكروا ذلك الفتي ليرفع توماس نظرة مقرراً طرح اسئلته علي والده فيما بعد و تحدث بقلق : اخبرنا اولاً اين ذهب زين ؟
":_لقد رحل مع والدة . "
توسعت عين ماكس و توم بصدمة بعد إجابة جوناثان لهما ليهمس توم بقلق شديد : لا ، انت تمزح !!
نظر له الاثنان بملامح مستغربة و متوجسة بينما نظر توماس لوالده ليتمسك بملابسة و هتف بخوف : أبي لقد تأخرنا .. تأخرنا و لن أري اخي مرة اخري .
انخفض ماكس امام توماس و أمسك كتفيه ليشد عليهما قائلاً : اهدأ لن يحدث شئ سنلحق به قبل ان يفعلها ..
قاطعه توماس ببكاء و بيأس : لكننا قد لا نلحق به و يبيعه لذلك الرجل يا ابي .. لن اسامح نفسي ان حدث هذا .
حاول ماكس تهدأته فقد بدأ بالبكاء خوفاً علي زين بينما الاثنان خلفهما كانا مصدومان مما قاله توماس ليقترب رايان يسأل بقلق شديد : من يبيع من ؟
رفع توماس وجهه الغارق بدموعه ليرد بنبرة باكية و غاضبة : ذاك الرجل سيبيع زين ..
:_ كيف ؟!!
نطق رايان بعيون مصدومة و اردف :_لكن هو والده كيف سيبيعه ؟
تحدث ماكس هذه المرة بهدوء يتخلله الكثير : انه ليس ابيه .. منذ اكثر من اثنا عشر عاماً وجدت زوجة ميكايل المتوفاه طفلاً صغيراً علي باب بيتها و لانها لا تنجب اخذته و ربته رغم اعتراض ميكايل الشديد لتربيته الي ان ماتت و بدأت معاملة ميكابل لزين بالسوء حتي انه حرمه من المدرسة ايضاً ليعمل لأجله ..
صمت قليلاً ينظر لملامح كليهما و اردف بهدوء و بدأ يخبرهم بما سمعه توماس ذلك اليوم لتحتل الصدمة كليهما و خاصة رايان .
توقف ماكس عن الحديث ليسأل رايان عن مكان ميكايل و ما ان اخبره ماكس حتي اندفع رايان راكضاً للخارج ليركب سيارته يقودها لذلك المنزل و إتبعه الثلاثة بقلق و خاصة جون و الذي لم ينتبه له لشروده بشئ ما و الذي رفع منسوب القلق و الغضب داخله فهل سيصلان بالوقت المناسب ؟!
***
الشمس بدأت تغيب تحت تلك الغيوم لتنشر نوراً يتداخله ألوان الطبيعة الساحرة لتبدو كالشفق الاحمر الذي يبعث اشعة دافئة علي المكان ..
اختفت الشمس لتبدأ أصوات عواء الكلاب التي تشبه اصوات الذئاب تتعالي ليضفي جو من الرعب علي ذلك المبني المهجور ذو الثلاث طوابق المهترئة ..
كان المكان مخيف جداً مليئ بالقاذورات و رغم ذلك توقفت سيارة اجرة ليترجل منها ميكايل و زين لترحل السيارة مسرعة .
نظر زين حوله للمكان و بدأت ترواده اسوأ السيناريوهات و قد تسلل الندم و الخوف لقلبه لانه لم يستمع لكلام رايان و لا جوناثان .
رفع عيناه لوالده الذي كان ينظر امامه بشرود و سكون ليسأل :_ ابي ما هذا المكان ؟
:_اصمت.!
صوته الحاد أخرسه و جعله يبتلع أسئلته المتبقية ، و احتل الخوف قلبه و ما زاد ذلك الشعور هو توقف تلك السيارة السوداء و ترجل منها نفس الرجل .. نفس الرجل الذي اصابه ذلك اليوم لتتسع عين زين بخوف و صدمة ليرفع عيناه لوالده و كأنه يريد استفساراً لما يحدث الان لكن ...
يد سيتو إمتدت تشد علي ملابس زين بعنف ، فشهق زين و صرخ بخوف مستنجداً : أبي !!
لكن .. لم يجد رداً سوي انفجار سيتو و الرجلين معه بالضحك ليفتح عيناه بخوف ينظر لهم بفزع و انفاس مضطربة ليعود ببصره للمدعوّ والده في حين تحدث سيتو بنبرة لعوبة : ماذا ماذا !! .. هل تظن ان والدك سينجدك ؟ هههههه لا تحلم كثيراً فوالدك من باعك لأجل مصالحة الشخصية .
حدق زين بعينان سيتو - التي كان احداها مغطاه برقعه سوداء- بصدمة و عدم تصديق لينظر لوالده بنظرة مستفسرة ليشيح الاكبر ببصره ببرود و كأن حياة الاصغر لا تعنيه .!
حدق زين بالارض و قد هدأ تماماً رغم ملامحة المصدومة لكون من اعتبره كل شئ بحياته قد باعه و تخلي عنه .. لقد خدعه .. لقد تخلي عنه .. باعه لناس لا يعرفون معني الرحمة في قلوبهم .. لقد خذله !! .. ألا يكفيه تلك السنوات ؟! .. ألا يكفيه ما كان يفعله به لسنوات ؟! .. لما يظلمه دائماً ؟! .. لما ؟! .. لما الجميع يخذله ؟! .. لماذا ؟! .. ألا يحق له العيش بهدوء ولو لمرة واحدة فقط ؟!
تركه سيتو ليسقط زين أرضاً و انفجر ببكاء مرير .. يبكي خذلانه .. يبكي ظلمه .. يبكي لكل ما يحدث و حدث معه .. يبكي فقط و كأن بكائه سيعيد له حنان والدته المتوفاه .. و كأن بكائه سيحضر به رايان الذي رعاه .. ذلك الشاب الذي قدم له الاهتمام .. الذي حاول ردعه عن ما قرره .. الذي حاول نصحانه ! .. و الان لا .. لا احد اصبح بجانبه .. لقد كان متمسكاً بأمل ان يصبح له عائلة .. حياة جيدة و لكن لا تتحقق تلك الامنيات و يبدو انها لن تتحقق ابداً .!
:_ انت تبكي الان و لكني سأبكيك دائماً يافتي علي ما فعلته بي ذلك اليوم لذا وفر دموعك لتزرفها لاحقاً .
كلمات قليلة أرهبته .. حياته لن تمر علي خير الان .. لم يعد له طاقة حقاً ، هل يجب الان عليه الموت و التخلص من حياته ؟!
فكرة جيده .. انها فرصته لينهي كل بؤس يعيشه ..!!
صمت و نظراته تجول بالمكان بعد كلمات سيتو و لوهله ابتسم بخفه و عيناه تحدق بتلك السكين الصغير الظاهرة بجيب سيتو و حانت اللحظة حين شده سيتو ليقف و بالمقابل سحب هو السكين و دفع يد سيتو و خلال أقل من ثانية كانت الدماء تتساقط بغزارة من معصمه و إبتسامة توسطت ثغرة ليتهاوي ساقطاً ارضاً تحت نظرات الصدمة التي تعلقت بوجوههم !!!
*?*
*
*
يتبع....
لن اسأل 😶
ماذا حدث بالضبط ؟
انتم اخبروني 😅💔
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top