PART 28
أشرقت شمس يوم جديد معلنةً أن الامس قد غادر و قد حل محله يوم أخر ملئ بأحداث جديدة .
مستلقي علي ظهره و أحداث اليوم الفائت تمر أمام عيناه و كأن شريط وهمي من ذكرياته يذكره بالماضي الذي يريد أن ينساه .
رماديتيه إنطفأوا الا من تلك الدموع التي أخذت تسيل من جانب عينيه لتسقط علي وسادة نومه .
رفع كفيه حين أكتفي من البكاء دون جدوي ليمسح بهما عينيه متسائلاً أين الجميع ؟ ، ثم أعتدل بصعوبة مقرراً الخروج لكن جسده كان ثقيلاً بطريقة غريبه .. منذ أن أخذ تلك الادوية و جسده يعاني من آثارها و هذا يشعره بالعجز و الضيق .
غادر السرير بترنح و ما كاد يفتح الباب حتي تفاجأ بتوماس واقفاً امامه بدهشة قبل أن يتقدم بسرعة ليعانق رفيق طفولته بإشتياق و قد بدأت تلك الدموع بالهطول من زرقاوتيه أيضاً و همس بينما يبادله زين بكل شوق : أسف أخي زين .. أعتذر لاني لم أكن معك .. أبي كان يمنعني من الخروج حتي أتعافي قليلاً .
صمت بحزن و شد بإحتضانه أكثر علي جسد زين و كأنه يعبر عن أسفه انه لم يكن معه بوقت شدته و حزنه و ألمه في حين نطق زين بحزن : هل أنت بخير ؟ .. هل تأذيت ؟ .. هل كنت تتألم أخي ؟
نفي توم و ضحك بخفة ليرفع إحدى يديه يبعثر شعر رفيقه و نطق بخفه : لم أتأذي كثيراً ، زين .. أنت تعلم ان أبي يُكبر الامور لهذا لم يدعني أرحل من المشفي الا ان شعر بتحسن صحتي كثيراً و ها انا أمامك .
إبتعد زين و مسح دموعه و نطق بعبوس بينما يدفع كتف توماس بغضب مزيف : لا تفعل ذلك مجدداً أيها الوغد .. كان عليك الهرب و ليس مساعدتي ..
قاطعه توماس بإبتسامة عذبة : و لكنك أخي ..
صمت زين بدهشة في حين اكمل توماس بهدوء : زين أنا حقاً أعتبرك أخ لي .. رؤيتك تعاني تحزنني و تشعرني بالعجز .. أريد فقط رؤيتك بخير .. أتمني أن نعيش معاً دون مشاكل .. زين نحن كبرنا سوياً و لا أريد سوي أن نبقي هكذا دائماً .
صمت توم بينما يحدق بحزن بوجه زين قبل أن يراه يرسم إبتسامة جميلة علي وجهه و نطق بخفة بينما تمتد يده لمصافحة توم : و أنا أتمني ذلك يا أخي .. و لا تقلق سأصبح بخير لأجلك .
مد يده بسعادة ليشابكا أيديهما بيد بعضهما البعض و رغم كلمة " لأجلك " لم تسعده كثيراً الا انها أراحته فهو يعلم جيداً مثلما يتعلق هو بزين فزين متعلقاً به و أكثر منه أيضاً لهذا هو واثق انه مهما حدث من اليوم زين لن يضر نفسه و فقط لأجله و هذا مطمئن .
.
.
.
:_حقاً أبي ؟!
هتف زين بسعادة ليومئ جوناثان بإبتسامة لإبنه بعد ان أخبره انه سيبقي يومين بدون ذلك الدواء حتي تختفي تلك الاعراض و يعود لنشاطه مجدداً و رغم أن كلماته بسيطة الا ان زين فرح بها كثيراً لينضم لتوماس الذي بادله فرحاً و بنفس الوقت قلقاً لأجل رفيقه .
بينما كان يجلسان سوياً أخرج توماس شئ ما مغلف بورق ملون و قدمة لزين فنظر زين له و للمغلف بحيرة فنطق توماس بإبتسامة بسيطة : أمسك هذا انه لك .
تابع كلاً من ماكس ، مادلين ، جون و رايان بالاضافة لويليام ما يحدث بين هذان الصبيان .
أمسك زين بالشئ المغلف و نظر نظرة أخري لتوماس و لا يعلم لما قلبه إنقبض خوفاً من الشئ بداخل هذا المغلف ، فشجعه توم قائلاً : إفتحه و لا تقلق .
إغتصب زين إبتسامة بسيطة كمجاملة لرفيقه و بدأ بفتح المغلف و إبعادة ليظهر دفتراً متوسط الحجم مخصص للرسم .. هذا الدفتر الشئ الوحيد الجيد الذي حصل عليه منذ طفولته .. الدفتر الذي أهدته اياه تلك المرأة التي ربته بكل كيانها رغم مرضها .. دفتر الرسم خاصته .
ترقرقت دموع الاشتياق بعيناه و لكنه لم يزرفها بل أخذ يقلب بالصفحات ينظر لرسوماته التي رسمها له و لوالدته و لتلك الملاحظات التي كتبها بخط سئ لتنفرج إحدى ضحكاته حين لم يستطع قرائة ما كتبه بيداه لينطق بخفه : لقد كان خطي سئ حقاً هههه.
إبتسم الجميع لرؤيته هكذا ، فنطق توماس موجهاً حديثة لرايان : ألم يحن الوقت رايان ؟
نظر له رايان و إبتسم ثم إقترب من زين الذي نظر لهما بحيرة و إستغراب قبل أن يجد شقيقه يمد يده له بورقه صغيرة مطوية و تحدث : أمسك زين إنها من ميكايل .
حين سمع هذا الاسم توتر و قلق من أخذها الا انه مد يده ليمسكها و يفتح الورقة يقرأ ما عليها من كلمات ..
(( " زين أنا أعلم إنك غاضب مني كثيراً و أعلم انك لن تسامحني ابداً علي ما حدث مني تجاهك .. انا الان أعترف لك اني كنت أحبك كثيراً و لكن منذ ان ماتت زوجتي .. أقصد منذ ان ماتت أمك صغيري و أنا كنت كالاحمق .. أهملتك كثيراً و عاملتك بقسوة و أنا حقاً نادم .. أنا نادم لأني أهملتك و أنا من كنت أتمني طفل صغير قبل ان أرزق بك و لكني ضيعت النعمة من بين يدي بسبب أفعالي الانانية .. لأني لم أفكر بك انت .. أرجوك سامحني صغيري .. أظن انك تقرأ جوابي الان و لكن بذلك الوقت قد لا اكون بهذه الحياه .. و لكنك ستكون .. أنا إخترتك أنت زين .. أخترتك انت لتمضي بدلاً عني فأنا عداوتي بدأت مع هؤلاء الاشخاص الذي أدخلتك بينهم بسبب أنانيتي و لكن ستنتهي تلك العداوة بموتي .. زين صغيري أود أن أطلب منك أن لا تبتعد عن رايان و والدك الحقيقي فهما يحبانك و أكثر مني حتي .. عيش حياتك كما يحلو لك مع رفيقك توماس .. انه فتي جيد أيضاً و يحبك كثيراً .. لا تفكر بالماضي أبداً عش حاضرك فقط بحلوِه و مرارته و إعلم أني أحبك كثيراً صغيري و أعتذر عما بدر مني تجاهك .. أرجو أن تسامحني فقد أكون ميتاً الان .. و تذكر انك إبني و أنا والدك .. و أيضاً أود قول لك شيئاً اخر .. تذكر ذلك اليوم الذي انتحرت به امام ذلك الاحمق سيتو ؟ .. ذلك اليوم رغم اني سلمتك بيدي الا انني أحسست عندها إنك قطعة من قلبي و عندما علمت إنك مت كدت ان أنتحر مثلك لكني تمالكت نفسي و أصبحت أبحث عنك الي حين وجدتك صغيري .. تذكر اني احبك .
#والدك ميكايل . )).
لم يشعر بتلك الدموع التي بللت وجنتيه رغم تلك الابتسامة التي إستقرت علي ثغره .. سعيداً بإكتشافه انه لم يعيش حياته القصيرة عبثاً .. سعيد لكون أن ميكايل كان يعتبره كإبناً له و أنه لم يكره بل كان يحبه .. سعد كثيراً بكلماته حين علم انه إختاره هو علي نفسه ليموت بدلاً عنه رغم أن موته أحزنه بشده فهو أراد أن يخبره بنفسه بتلك الكلمات .. لكن الامنيات في اغلب الاحيان لا تحقق و ها هو مات و ها هو لن يعود ليراه مجدداً و لكن حتي و هو ميت زاده أملاً بالبقاء بهذه الحياة .. أعطاه الامل الذي لم يحصل عليه و هو حي .. كم هو ممتن له حقاً .. كان يحتاج لذلك التحفيز منه .. هو يسامحه علي كل شئ الان .. علي الاقل انه افضل من والدته !!
.
.
.
"مرت عدة أيام أخري و أنا أتناوب علي دوائي و جلسات الإستجواب الذي يقوم بها أخي لي حين يأتي الي بغرفتي .. تلك الرسالة الذي بعثها لي أبي ميكايل قبل أن يموت أعادت لي نشاطي و كأني ولدت من جديد .. انا حقاً أشعر و كأن هموم الدنيا إبتعدت عني .. الجميع حولي و قد نسيت تلك السيدة التي من المفترض إنها أمي .. لا أعلم لما فعلت ذلك و شعرت بذلك الغضب تجاهها .. و لكن ، ربما يكون موت ميكايل و ما حصل لي كان سبباً لغضبي الشديد تجاهها .. لقد كنت أفكر دائماََ بها و كيف سأفعل حين أقابلها ؟ و هل هي ما زالت تحبني ؟ هل مازالت تريدني ؟ هل هي نادمة ؟ .. لكن كل تلك الاسئلة تبخرت و حل محلها غضب شديد و حقد لم أعلم كيف أظهرته لها .. ااه دعني منها الان المهم الان .. انني لم اعد أرى دارك يظهر لي أبداً منذ مدة طويلة .. لكن بالنهاية هو مجرد خيال إختلقه عقلي .. فقط ما يهمني الان ان كل شئ ينتهي و يعود كل شئ لسابق عهده .. لقد سمعت أبي أمس بينما يتحدث مع عدة رجال لم أرهم قبلاً .. كانوا جميعاً يجلسون بالمكتب و لكني لم أعلم لما و كل ما سمعته هو كلمتين " سنأتي غداً لنتفق " .. لما أشعر أن الموضوع ملتف حولي أنا ؟
المهم سأبعد هذه الافكار من عقلي علي أمل أن أتابع حياتي جيداً بعيداً عن المشاكل و الان سأودعك يا مذكرتي فقد أتي لأكتب مجدداً عن أهم شئ بحياتي و آه!! .. لقد نسيت أن أقول أن ما أفعله الان و إخبارك بكل شئ هو بسبب أخي رايان الذي طلب مني فعل ذلك و كتابة مذكراتي أحكي لها مشاكلي و حقاً لقد جاء هذا بشعور جيد فكل أفكاري أخرجتها اليوم بكِ .. أنا الان أشعر بالارتياح الشديد . "
-
أغلق دفتر مذكراته ذا اللون الارجواني ليضع القلم بدرج مكتبه مع مذكراته ليغادر بعد ذلك الغرفة بينما يلف وشاح أسود حول رقبته لعلّه يعطيه بعض الدفء لينزل للأسفل .
توقفت خطواته بصالة القصر حيث لم يجد أحداً ليبتسم فبالتأكيد هم بالحديقة الخلفية و بالفعل ما ان ذهب الي الحديقة حتي وجد من يعرفهم يجلسون حول الطاولة المستطيلة بجانب بركة السباحة الواسعة فذهب ملقياً التحية ليبادلوه إياها و من ثم ذهب ليجلس بجانب توماس و ويليام الذان كانا يلعبان بورق اللعب .
مر الوقت دون اي شئ يذكر .. جون و ماكس يتبادلون أطراف الحديث بشكل هادئ .. مادلين تحيك بعض الثياب .. رايان يعمل علي بعض ملفات الخاصة بمرضاه بينما يشرب فنجان من القهوة السوداء .. و الاولاد كلاً من ويليام و توماس بالاضافة لزين يلعبان ألعابهم المختلفه و قد كان ويليام يشاجرهم كالأطفال بسبب فوزهم عليه دائماً .
:_يا أولاد غداً سوف نذهب بعطلة .
نطق جوناثان منبهاً الجميع لصوته لينظروا له بنظرات مختفلة و من بينهم رايان الذي سأل بجبين معقود : و لما هذا القرار المفاحئ أبي ؟
حدق به جون بهدوء و قال بابتسامة مدارياً ما خلفها : إنها مجرد عطلة رايان سنقضيها سوياً فالاولاد لديهم إسبوعان أجازة من المدرسة بعد أن نجحوا بالفصل الدراسي الاول من الامتحانات لهذا يحتاجون لأن يستمتعوا قليلاً ، أليس كذلك يا اولاد ؟
أومأ توم و زين بسعادة بينما إبتسم ويليام مؤيداً ، فنظر جون لإبنه رايان بإبتسامة فتنهد رايان و أومأ بالموافقة بكل هدوء ليعود لعمله .
بتلك اللحظة تراجعت تلك العيون التي إنصبت عليهم منذ قليل ليختفي من المكان نهائياً و كأن شيئاً لم يكن .
****
بمكان ما من أرض هذه المدينة أمسك سيتو بهاتفه منتظراً الرد بينما يقف و قدمه تضرب بالأرض من شدة عصبيته و ما إن سمع صوتاً من الطرف الاخر حتي نطق صارخاً : ماذا تعني بأني سأغادر هذه المنظمة كوني جاسوس ؟
قاطعه الطرف الاخر ببرود شديد و نظرة مظلمة : إستمع لكلامي و الا لن تجد خيراً سيتو .
نطق سيتو بعصبية : لن اهدأ و لن أستمع لك جوزيف .. أنا بهذه المنظمة القذرة منذ سنوات و انت تقول الان إن لم افعل ما تريدونه ستعتبروني جاسوساً ؟! .. أتمزح معي أخي جوزيف ؟!
تنهد جوزيف و نطق بحدة : سيتو نفذ الأوامر .. الزعيم طلب منك طلباً لذا إفعل دون أن تجادل .
:_حسناً.
نطق صارخاً غاضباً ليغلق الخط بوجهه .. لما هو غاضب ؟ .. حتي هو لا يعلم !! .. هو فقط يريد الانتقام لكن .. لكن .. هل ينتقم من طفل ؟ .. لكن هذا الطفل سبب فقدانه لعينه و هو لم يشبع نفسه القبيحة و يريد المزيد من التعذيب !! .. هو حقاً لا يعلم ماذا يفعل ؟!
تنهد بقوة مزيحاً أفكاره ، سيفعل ما أمر به دون إعتراض .
رفع هاتفه و إتصل و ثواني حتي بدأ يستمع للطرف الاخر و الابتسامة تشق وجهه .
****
في صباح اليوم الثاني كان الجميع بحالة فوضي و حماس غير مهتمين بالطقس السئ فقد كانت السماء تتساقط كرستلاتها بخفة لتغطي أرض العاصمة و لكن هذا لم يشكل فرق بهذين الاسرتين الذان يلملمان حاجياتهما المهمة للذهاب بعطلة المدرسة .
:_زين .. هيا بسرعة أخرج .
صرخ رايان بجملته و بوسط الثلج ضرب بخطواته الارض الثلجية بينما يركض بسرعة ليلحق بهم بينما يرتدي وشاحه و لكن قدمه علقت بالثلج ليسقط علي وجهه شاهقاً بتفاجؤ !!
رآه رايان و ويليام فهتف رايان بإسمه بينما يسبقه أخيه نحو شقيقهما الاصغر ليطمئنا عليه .
إنحني تجاهه ليوقفه بينما أخذ زين يتذمر بينما ينفض الثلج عن ثيابه : كيف ذلك ؟ .. لقد كان أمس مشمس و اليوم أصبح الثلج يغطي البلدة ؟!! .. هذا رائع هذا ما ينقص عطلتنا !!
إبتسم رايان بقلة حيلة بينما ضحك ويليام بسخرية فنظر له زين بغضب و إنزعاج و تمتم بصوت مسموع بينما يرجع خطوة للوراء : أحمـ...
قطع كلمته حين غرزت قدمه مرة اخري ليسقط جالساً ، فتنهد بقلة حيلة و رفع نظرة لرايان الذي بالفعل كان يضحك و نطق بسخط : يا أغبياء يجب أن تساعدوني لا أن تتضحكان عليّ .
تابعا ضحكاتهما بينما مد رايان يده ليرفع زين و قال بإبتسامة ساخرة : هل مجرد بعض الثلج يفعل بك ذلك ايها الطفل ؟
عبس زين بإنزعاج و أجاب بحدة : لم أعتاد علي هذا الجو أبداً فقريتي لم يحدث بها ذلك من قبل إنها مجرد شتاء فقط .
رمقاه بقلة حيلة مع ابتسامة ساخرة جعلت عبوسه يزداد .
:_زين إن الجو جميل !!
هتف توماس بينما يقترب منهم ليمسك بيد رفيقه و يسرع به للسيارة و زين رافقه بدهشة و تفاجؤ بينما يحاول أن لا يتعثر و يسقط بين أكوام الثلج .
تبعهم الجميع بعدها بينما راقب كل ذلك جوناثان و ماكس بهدوء بينما كان تفكير جون بإتجاه أخر تماماً و هو مركز بصره علي أبنائه و خاصةً زين الذي كان يضحك غير عالم ما تخبئه تلك الرحلة من مصائب .
*
*
*
يتبع...
و .... بدأت النهاية 🙃💔
سأبكي 😥
المهم رأيكم ؟
توقعاتكم ؟
و هذا الفصل الهدوء ما قبل العاصفة الثلجية 😅💔
الي اللقاء
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top