PART 21


يقولون ان اردت ان تفوز علي خصمك فعليك ان تعلم نقطة ضعفة !

**


إنتشر صوت ضوضاء من الطلاب من فتيات و فتيان و غيرهم بتلك الساحة المخصصة للعب .. فقد كان كل شخصين او اكثر بمجموعة منهم من يلعبون و منهم من يجلسون بالكفيتريا الخاصة بالمدرسة ..

من ضمن ذلك كان زين و توم يجلسان معاً يتناولان طعامهما بينما يتحدثان عن ما حدث اليوم بالصف حين دخل الاستاذ يخبرهم بالرحلة المدرسية التي أقامتها المدرسة .

:_ما رأيك يا زين هل نذهب ؟

نطق توماس بينما يأكل قطعة من البيتزا لينظر له زين الذي كان ينظر لطعامه بصمت : لا أعلم أشعر أن أخي لن يوافق .. تعلم قراراته المفاجئة و لكن و رغم ذلك فأنا متأكد ان أبي سيوافق لهذا لن أخبر رايان بل سأخبر أبي .

أبعد توماس قطعة البيتزا عن فمه و تحدث : بالنسبة لأبي فهو بالتأكيد سيوافق لكن لنحاول أقناع والدك و شقيقك فبعد تلك الاحداث السابقة معك قد لا يوافقان أبداً ، زين .

أخفض زين بصره بصمت ليديره فجأة للايت الذي كان يجلس مع ادجار و إندو بينما ينظر له هو الاخر بإبتسامة خبيثة ، فعقد زين جبينه و تنهد فذلك اللايت لن يدعه وشأنه اذا ذهب للرحلة ..

:_هل ذلك الفتي يضايقك ؟

إنتبه علي صوت رفيقه لينظر له قليلاً قبل أن يهز رأسه نافياً : لا تقلق لا أحد ..

إلا أن توماس قد نهض بملامح غاضبة متجاهلاً كلام رفيقه الذي شهق بقلق لينهض مسرعاً ليوقفه لكن توماس دفع يده ليذهب لهؤلاء الثلاثة .

كان الثلاثة يتحدثون معاً ليتوقفوا فجأة حين ضرب توماس الطاولة بقبضتيه بقوة يليها صوته الغاضب : ما بالكم أنتم ؟ .. هل تحاولون إزعاج زين ؟ .

وضع زين يده علي كتف توماس ليسحبه للخلف متحدثاً بقلق : توم توقف عن ذلك هم لا يزعجونـ....

:_بل نزعجه ! .. ما الذي ستفعله لتوقفنا عن إزعاج هذا الاحمق ؟

نطق لايت بنبرة إستفزازية متحدياً من أمامه لينظر له توماس بحدة ثم رفع يده ليبعد بها يد زين الذي تابع الامر بقلق شديد فهو لا يريد أن يورط صديقة بمشكلة مع هؤلاء الثلاثة .

تقدم للأمام ليتحدث بإبتسامة غاضبة : أتريد أن تعلم ماذا يمكنني أن أفعل لأجل رفيقي ؟

لم تمحي إبتسامة لايت كما حال صديقيه إدجار و إندو ليشعر فجأة بشئ قوي ضرب رأسه و لم يكن سوي توماس الذي ضرب رأسه برأس لايت الذي سقط أرضاً بألم و رغم تألم توماس أيضاً الا انه لم يجعل أحدهم ينتبه بل تقدم ليلكم لايت علي وجهه بغضب .. هو يعلم ما حدث لصديقه بسبب هؤلاء الثلاثة .. يعلم انه يتعرض للمضايقة و التنمر من الثلاثة و خاصةً من لايت لهذا لن يدع الامر يستمر حتي لو تعرض هو للعقاب .

يد زين إمتدت لتدفعه قبل ان يصرخ بغضب و حزن : توقف ايها الاحمق .. ماذا تفعل ؟ أتريد ان تعاقب ؟

قاطعه توماس بغضب بينما ينظر بحده للايت الذي يمسك وجهه ناظراً له بغضب : و هل تريدني أن أجلس و أشاهدهم يتنمرون عليك ؟

حدق به زين بغضب ليتحدث بصراخ منكسر : أن كنت تراني ضعيفاً فإفعل و لا تكلمني مجدداً .

ألقي بكلماته ليذهب من أمامه مسرعاً بينما توسعت عين توماس ليتبع زين بسرعة محاولاً إيقافه و مصالحته فهو لم يقصد أن يبين لأحد انه يفعل ذلك لأن زين ضعيف بل أراد فقط حمايته و إبعاد الأذي عنه لكن يبدو ان زين فهم الامر بشكل خاطئ .

----

دخل الصف بخطوات مستاءة ليجلس بمقعده و ينحني عليه دافناً وجهه بين ذراعيه الموضوعان علي طاولته يخفي كمّ الإستياء الذي شعر به تلك اللحظة متذكراً كلمات لايت كلما رآه مع توم ناعتاً إياه بالضعيف و الجبان و فقط هو يصمت لأجل رفيقه و رغم ذلك رفيقه تسبب بمشكلة لنفسه بسببه هو .

:_زين ، انا أسف يا أخي .

أتاه صوته الحزين و شعر بيده توضع علي كتفيه و لكنه لم يعيره إهتماماً و لم ينظر له أبداً بل ظل علي وضعه ليتحدث الاخر بأسف : أسف .. زين أنا أعتذر ..

الا انه لم يتلقي رداً من الاخر ليعقد جبينة غاضباً و تحدث بينما يدفعه ليقع : أحمق لا تتجاهلني .. لقد إعتذرت منك يا غبي !

تفاجأ زين بسقوطه لينظر لتوماس الذي رمقه بغيظ و جلس علي مقعده متضايقاً من تصرف رفيقه .

لم يجد شيئاً سوي الضحك علي ما حدث للتو !! .. تذكر الان ان توماس حين يغضب لا يفكر بأحد ، و الان هو أغضبه حين لم يقبل إعتذاره ؟!!

رمقه توماس بحدة ليقوم برمي إحدى الكتب عليه ، فإبتعد زين عنها مبتسماً لرفيقه بإستفزاز وتحدث : سامحتك و لكن لا تفعل هذا مرة أخرى يا غبي .

إبتسم توماس برضا و تحدث : حسناً قف من علي الارض قبل أن يأتي أحد .

:_سنذهب أنا و أنت للتنزه اليوم .

قال بينما ينهض ليجلس علي مقعده و حينها أومأ توماس بسعادة و كأن الذي حدث منذ قليل لم يحدث أبداً .. هكذا هما .. يتناسيان كل شئ لأجل أن تدوم علاقتهما .. يضحيان بأي شئ في سبيل أن يكونا بخير و معاً لا يفرقهم شئ .

****

بعد عدة ساعات في مشفي العاصمة كان رايان يجلس بعيادته بكل هدوء بينما يجلس أمامه أحد مرضاه .

:_ كيف حالك اليوم ، ليام ؟

نطق رايان بينما يمسك بدفتره الاصفر و بقلم جاف يدون به و إبتسامة عذبة تربعت ثغره لينظر له ليام و هو فتي بعمر السادسة عشر بشعر أشقر و عينان خضراوتين .. أجاب : أنا خائف .

أعاد رايان ضبط نظارته الطبية و أجابه بلطف : مما تخاف ؟ .. أنا معك !

كاد يجيب الا ان صوت رنين الهاتف جعله ينتفض بفزع ، فنظر رايان للهاتف بجبين معقود .. كيف نسي ضبطه علي الوضع الصامت ؟

أمسك بهاتفه و أغلقه متجاهلاً زين و إتصاله به ليعود لمريضه بلطف : لا تخف قلت لك أني معك ..ليام .

أومأ ليام بتردد و قلق بينما يسترخي علي السرير الجلدي : حسناً .. هل حقاً ستساعدني و تجعل تلك الاشياء و الأطياف تبتعد عن عقلي ؟

أجابه رايان بخفة مجارياً إياه : أجل و لكن أولاً اخبرني .. ما هذه الاطياف ؟ .. لندردش معاً و كل شئ سيكون سراً بيننا ، ليام .

غمز بنهاية كلامه و لسببٍ ما شعر بالراحة لرايان ليتحدث و قد ظهرت شبح إبتسامة حزينة و بائسة علي شفتيه : أرى .. أنا أري عدة أطياف يحومون حولي .. دائماً ما يحدثوني بأشياء مختلفة ..

صمت ليام بتردد فسأل رايان بتفحص : ما هي تلك الاشياء الذي يحدثونك بها ، أيمكنك إخباري ؟

بعد تردد اجاب ليام بحزن : هناك إثنان متناقضان دائماً .. أحدهما يخبرني أنه يمكنني أن أتابع حياتي و أنسي كل شئ ، و آخر .. يخبرني بكل قسوة انني جبان لا استحق العيش و أن الجميع ضدي ..

تساقطت دموعه بغزارة فإقترب منه رايان ليهدئه فتحدث ليام بصوت حزين باكي : انا اعلم اني مريض دكتور رايان .. الجميع كان يخبرني بذلك و لكني فقط كنت أعنفهم و أنفي هذا لاني لست مجنوناً دكتور .. لا أريد أن أبقي كذلك .. لست مجنوناً .

مسح رايان علي شعر الاصغر بخفة و تحدث بهدوء بنبرة دافئة : لا بأس يا صغير .. انت لست مجنوناً ، لا احد قال ذلك ، انت فقط مريض و ستتعافي قريباً ثق بذلك .. و بما انك تعلم إنك مريض فثق أنك ستتعافي .. إعتبر نفسك مصاب بالزكام و بعد أيام سيخف و لكنه يحتاج لبعض الوقت ليزول نهائياً .

:_حقاً ؟!

نطق بتسائل حزين به أمل بشفائه ليومئ له رايان بنعم .. معطياً إياه فرصة للحياه مجدداً ! .. فما أجمل أن تجد من يعطيك أملاً بوقوفك مجدداً بعد تعثرك كثيراً .

صوت إرتطام شئ ما بالأرض إلتفت رايان إليه مع ليام الذي هدأ لتتوسع عين رايان بقلق حين وجد زين واقفاً علي الباب بملامح شاحبة و حقيبته المدرسية بجانبه علي الارض و يبدو انه سمع كل كلمة قيلت للتو ... شئ لم يكن من المفترض أن يسمعه أيداً .. لقد إرتاح لأيام كونه يأخذ علاجه بإنتظام و حالته تحسنت قليلاً رغم كونه للآن لم يعلم أو يقتنع أنه مريض نفسي .

:_ زين ؟!

نطق رايان منادياً لكن الاصغر تجمعت الدموع بعيناه بإنكسار ليستدر راكضاً غير متقبل كونه مريض ! .. هل حقاً هو مريض ؟! .. هل هو مجنون ؟! .. أكان رايان يعلم ذلك و لا يخبره ؟! .. هل كان كلامه صحيحاً بكونه مريض و هو نفي ذلك ؟! .. هل تلك الادوية التي يأخذها بسبب مرضه النفسي ؟! .. هل دارك أحد هلاوس عقله ؟! .. هل هو مجنون ؟! .. لا .. لا هو ليس كذلك ! .. انه يكذب ! .. الجميع يكذبون هو بخير ؟! .. لم يصاب أو يجن بسبب ما حدث له بالماضي !! ..

توسعت عين رايان بصدمة و قلق شديد لينظر لليام هاتفاً بلطف مخفياً قلقه : ليام ، إنتظر هنا و لا تخرج ألي أن أتي عزيزي .

أومأ ليام المستغرب بالموافقة ليتركه رايان و يهرع للخارج باحثاً عن شقيقه حتي لا يعود لتلك الحالة و يؤذي نفسه .. أكان يجب أن يحدث هذا و يسمع زين شئ يشبه الحالة التي بها ؟! .. أكان يجب ؟!

--

توقفت قدماه بالممر و قد خذلتاه ليسقط أرضاً و دموعه شقت وجنتيه نزولاً لترتطم بالارض الباردة كبرودة قلبه .. هل كان كل شئ وهم ؟

رفع ذراعيه فجأه و أبعد أكمام قميصه عن ذراعيه لتظهر تلك الجروح ، و بعضهما تحولت لندبات تركت آثراً علي ذراعه و أخرى يبدو و كأنها جروح حديثة .. خطوط محمرَّة رسمت علي ذراعيه بواسطة شئ حاد .. لم يلاحظها سوي الان و عقله يذكره بذلك اليوم منذ عدة أيام ...

(( .. كان كأي يوم عادي مر كمرور تلك الايام .. بعد حادثة مطاردته مباشرةً .. أستيقظ زين بعد كابوس مخيف لم يتذكر تفاصيله .. تنفسه كان عالياً بشدة و صوت ضربات قلبه كان يشعر بها بصدره من قوتها .. رفع ذراعيه و جسده يرجف بقوة .. عندها ظهر دارك بأبتسامته الخبيثة و أشار علي ذلك الشئ الحاد ..

نزل زين من علي السرير بترنح يشعر بصداع حاد و رغبته بالعطش الشديد مع شعور بالدوار و عدم الاتزان و رغم ذلك كان هناك شعور أقوي بداخله .. شعور قاتل إذا لم يشبعه سيفعل أي شئ بنفسه .. لم يكن يعي بعد أين هو ؟ .. هل هو ببيته ام بيت كريستيان ؟! ..

شئ ما لمع فجأة وضع علي المنضدة بجانب السرير فتحركت يداه و كامل جسده يلبي رغبته بإمساكها ثم أتت بعدها خطوته التاليه بتمريرها علي ساعديه .. الدماء القرمزية كانت تسيل مع كل جرح تتركه السكين علي جلده و هو لم يشعر بألمه أبداً .. بل إبتسامة باردة ظهرت و كأنه يتلذذ بتعذيب نفسه ..

فجأه شعر بشئ حاد يدخل عنقه .. نغزة شعر بها جعلته يترك السكين تسقط أرضاً و قبل ان ينهار جسده تلقته يد دافئة إلتفت حول خصره ليريح هو بذلك رأسه للخلف علي كتف ذاك الدخيل و الذي لم يكن سوي رايان و فجأه صار كل شئ أسود و مريح لعيناه و عقله .

هدأ تماماً ليعدله رايان و يعيده للسرير و نظرة حزينة لم تغب عن ملامحه .. كل ليلة يأتي بهذا الوقت ليجد ان شقيقه مستيقظ و غير واعي يبحث عن شئ ما ليجرح به نفسه .. لقد كان يوهمه فقط بأنه شفي و ليس مريض الا انه كان يكذب .. كان يعطيه أملاً زائفاً ليحيي ذلك الامل الذي مات داخله .

في صباح اليوم الثاني إستيقظ ليجد أن ذراعيه يؤلمانه بشدة و رأسه تؤلمه و لا يتذكر كيف حدث هذا له و حينها أتي رايان ليخبره بكذبة جديدة و هي :" لا بد انك اصبت بذلك حين كان يطاردك ذلك الرجل و لكنك لم تشعر بهما الا الان لانك مصاب بأخرين ." ))

لقد صدقه بكل كلمة قالها و لكنه اكتشف الان انه كان يكذب .. شقيقه كان يكذب عليه !! .. هل لهذه الدرجة مرضه ميئوس منه لشفائه ؟! .. هل كان كل ذلك الوقت بأمل زائف ؟! .. هل كان ذلك الدواء المر لا يجدي نفعاً مع حالته ؟! .. هل كان هو من يؤذي نفسه ؟! .. هل هو مجنون ؟!

زادت تلك الدموع بعيناه و إستمرت بالسقوط عِبرة عِبرة علي البلاط الابيض بوسط هؤلاء الذي وقفوا بالممر من تمريض وغيرة .. ينظر لوجهه المشوش الذي ظهر عبر البلاط الشبه شفاف .. يري تلك الهالات السوداء تحت عينيه و الدموع و الالم والخذلان .. ألم يكن يريد ان يثق بأحد كي لا يخذله ؟! .. الان ما يفعل و هو من خذل نفسه بنفسه ؟! .. ماذا يفعل ؟!

فجأه شعر بيديه تلتفان حول بطنه .. جسده الدافئ إحتضنه من الخلف و وجهه المشوش ظهر لجانب وجهه بالبلاط الشبه شفاف و همس بتلك النبرة الهادئة الدافئة التي يحبها زين : زين ..

الا انه قاطعه هامساً بهدوء و انكسار بينما يمسك بيد شقيقه : انا .. انا مريض .. نفسي!! .. انا مجنون ؟

نفي رايان و تحدث بنفس النبرة السابقة : لا صغيري .. لست كذلك .. انت زين فقط .

إنكمشت ملامحه بحزن و تساقطت دموعه أكثر و هتف بانكسار : لا تكذب علي ..

رفع ذراعه و أبعد كم قميصه المدرسي ليظهر ذراعيه و اكمل بنبرة اكثر انكساراً وحزناً : انا ما زلت مريضاً .. لم اتعافي بعد .. انت تكذب عليّ لانك اخي ولكني مازلت مجنوناً .. تلك الجروح انا من فعلها وانت فقط اوهمتني بأنني لم اكن الفاعل هاه ؟!

تنهد رايان بعمق و حزن وتحدث بنبرة المغلوب علي امرة : اجل زين ..

سكت زين فجأه مستعداً لسماع اخيه و اراح رأسه لكتف شقيقه الذي تابع بضيق ما صدم الاصغر : انت لم تتعافي .. مازلت مريضاً ...

*
*
*
يتبع...

بارت لرفاقي " بومة الليل " 😅

تصبحون علي خير .. لقد استيقظت لانشره فقط 😂

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top