تَهَاوٍ

Chapter 2.


أيا خاطرا سحب من جب الشنار فتصاعد تشكله اللمم.أيا روحا اِرتوت من حنظل الخيبات.ثملة يلثم ثغرها الكسرات.أيا قلبا عُمد بماء السخط على ترانيم الشقاء...

وفي لحظات غفوته اِرتعشت روحه وانتفضت جفونه متسعة، نابضت أوداجه تستبيح له مهجته الكبائر فراح يجر فاه صوب منبع الدم الخاثر.
عظيم كيدها أنثى من شقت رداء الفضيلة المرقع بخرق العارعلى أديمه ,فتعرت شرايينها المعبأة بخمرته تمسد شفته و على جسر أنفه بخت من عطر الهوى ما يدنس جانبه, ففحت خثاريدا مقلمة عند أذنه أني بالغابة ولست عنك بمعزل.

زحف منتشيا بشذا مخملها ووراء لمعة قرمزيتيها راح متعقبا مسلوبا عقله تقوده غرائزه الكدرة.هو من صام عن دم بني جلدتها، كسرت هي صومه في الليلة الظلماء ببلح محمر كروح شيطانه. قسورة هي من شنقت وعوده الأزلية وعلى أرضه الغبراء وشمت رقعة بأثر لايمحى.

خطوات مترنحة دهسها ركض متمايل لا يعيه ,بداخله ركن يصرخ بأن تب فهذه الروح مكتوب عليها الفناء، وهل لندائه ذاك مجيب و قد أدرك أطرافه الصمم؟

صده جسد شيومين فتهاوى عليه كالرماد ثم راح يرجه لعله يرجع له ما سبق وأن هجره من عقله ولكنه قوبل بالفشل.لم يكن منه سوى أن سحب من جيبه زجاجة من منقوع الوستارية و حركه عند خشمه لعله يذهب عنه الهبل.

اِنكمشت ملامح بيكهيون و عاد له وعيه في محضر منقذه لكن أقدامه لازلت ساجدة للأرض عاجزة عن رفعه فاِستند على كتف صديقه الذي سأله بهدوء رغم الثورة المنقلبة بداخله قلقا على من يحمله

"خلتك تجرعت سما ما أو أن أحدا قد رشق بصدرك خنجرا ملعونا, لم تتعرف عيناي عليك لكني هممت راكضا لما رأيتك تتجه صوب الغابة بعيدا عن منطقتنا.ألم تعد بأنك ستوقف الصراع أم أن شيطانك قد زين لك ذلك الدم الاحمر فاِنسقت وراء ثمرته؟"

هنا عندما لم يتلقى جوبا ترك المجال لخاصيته ,فاِخترقت هالة صدر صاحبه وراحت تعبث بإعدادات مشاعره تحيل الروع سكونا, وبصوت خفيض وعبارات مبعثرة بين أنفاسه المتهدجة أجابه

" وسط الغابة,عند أقرب بقعة من منطقتنا, تلك الرائحة والهالة يستحيل أن لا تكون قد أحسست بها, هي أنثا ذلك أمر أكيد.شعرت بالضمأ يأكلني و أن دماءها الرَّواء الوحيد. سحبت مني أنفاسي وآخر ذرات عقلي و لولا أنك منعتني لكانت أنيابي الآن محفورة بعنقها.أما فعلت بك المثل؟"

عادت له أوصاله نابضة واِستقرت الروح من جديد في جسده فاِستقام مستمعا لتنهيدة من صاحبه تبعها قوله

"رائحة دبقة كتلك رفلت على أعتاب أنوف من هنا جميعهم، لولا أني اِعتمدت على خاصيتي و كتمت بها رغباتي في اِقتفاء أثر تلك الهالة لسبقتك لها، أكان نعمة أم نقمة أنّ الوقت متأخر و الجميع نيام وإلا لهجرو المنطقة و هموا بها. لكني أرى بأنها كانت أشد وطأة بك عكسنا من أنسلتك إلى درك سحيق".

لمحا من بعيد هيئة متلثمة بالاسود تقترب منهما حتى نزعت لثامها عند وجههما و لم يكن إلا رفيقهم فيليكس الذي عاد من نوبته الليلية بالغابة شحب الوجه كمن جرت الأسقام على جسده، و كان الموكل بمهمة تمشيط الغابة نظرا لخاصية المتعقب التي يتمتع بها.
جلس أرضا وتسارعت الكلمات منتحرة من ثغره تسمو إلى أسماعهم

"لحسن الحظ أني اِرتويت من دماء شيومين ما يكفي ليبقيني يقظا في تلك المنطقة وحمدا لمناعتي ضد علقم تلك الدماء العبقة، فتنة وقفت على أعتاب منطقتنا.لقد راقبتها من بعيد ومتأكد أنها اِستشعرت وجودي فظلت تلتفت عند كل بقعة أحتلها.سيكون من العسير لو اِستمرت تلك العيون القرمزية العبث في الأرجاء هكذا لن يردعنا شيء من تعاطي سائلها."

كلمات كتلك رماها منذرة بشؤم ما يتربص بهم إن اِستمرت مغويتهم تجوالها عند رقعتهم.
ستجر الشرور برداء ثوبها وستخرم أذن الخطيئة بنابها و هي بجاهلة حتى يمتثل الموت أمامها أني لروحك متعطش,فتقذف مضغة على مائدته لتتلوى بين أهداب شوكته ,وعند شاربه ستنزف من دمها ما يؤخذ بشفة صاحب الدم الابيض حتى تمسح على خاصة معقلهم الأخير.


...

زجت بنفسها داخل غرفتها عبر نافذتها فاِنكبست عند الزاوية لاهثة لما اِستقبلها نصل حاد يكاد يخترق غشاء عينها .رفعت يداها مستسلمة لمعتقلتها التي نطقت بغضب

"لقد ثكلت فكرة أن تنصاعي لأوامري و تعليماتي و تلتزمي بالموعد المحدد لك.منحتك نصف ساعة للترويح عن نفسك فعدتي بعد ساعة من التسكع في أرجاء غابة لو اِستشعر وجودك فيها نظائرنا لغدوت لقمة زهيدة في حلقهم.فقط لو يزف إلى الزعيم تساهلاتي معك وأحيا تمثالا خليعا عند البوابة".

سكتت المخاطَبة وشدت لجام أسنانها على شفتيها مهطعة ,ثم تخطت من تقابلها زحفا بأقدامها رامية بوجهها على سريرها.اِستغربت إيفي من رد فعلها على توبيخها لها فسألتها بقلق

"زوي ,أحدث شيء ما بالغابة؟ أتعرضت للمطاردة أم أن أحدا قد اِعترضك؟فقط ماخطبك؟"

زفرة ثخينة أرسلتها الراقدة فوق سريرها أتبعتها بعبارات مهمومة

"إيفي فقط لماذا أنا الويحدة المحبوسة هنا؟ لماذا تستمر تلك الرغبة الجامحة في اِقتحام معقلهم باِغتيالي؟لماذا يطاردني ذللك الصوت ماوراء الأصوات عند كل لحظة ؟لاأرضى البقاء هكذا دون إجابات,فقط أخبروني لماذا خلق هذا الصراع اللعين ووجدت أنا للتحريض على اِشتعاله ؟إني لأقمع نفسي بصعوبة عن الزج بذاتي داخل سجون تلك العشيرة ,و إن أنيابي لتصرخ في جحورها بأن تجرعي ذلك السائل الأبيض من أعناق سيدهم."

ختمت عبارة بسيل دمع على وجهها ,فتقدمت رفيقتها تواسيها مطبطبة على ظهرها

"دماءهم سم قاتل لنا زوي,فقط الإنصياع لتلك الرغبة سيكلفك حياتك.ثم أنت تعلمين أن أوامر الزعيم واجبة التنفيذ دون نقاش ,أرادنا أن نحرسك و نبقيك بمأمن هنا ,و نحن وجب علينا التنفيذ .السبب زوي هو أن دماءك من الصعب مقاومة رائحتها ,أنا أستطيع شمها من على بعد أميال ,و حتى بنو جنسنا يواجهون عسرة في كبت أنفسهم عنها فمابالك بأولئك المدنسين."

هدأت الباكية في حضن صديقتها مستسلمة للوسن الذي أستل جفونها وبداخلها تساءل قرينها لماذا من العسير حقا قمع الشهوات؟

إن الشهوات و الرغبات لعتي كيدها عن كل أنثا , فهي لتمضي تمسح بأنامل النشوة على أديمنا ,ومن عطر الجوى بخت ما يثمل و يبيح العمائل و يجيزها .بخطوات وئيدة اِعترشت نعش الهوى فطارحتنا عليه توسوس عند آذاننا بالفعل , و عند أعمدته كبلت الرسغ بأصفاد الفعل و تزويقه حتى غدت النفس منتشية تطالب بالمزيد وتفك قيد اليد حتى تنتعل الأثم و تلبي الرغبة .

و مادامت النفس أمّارة باِرتكاب الخطيئة ستسعي لتنميقها مكممة فاه الحق والضمير ، ومعمية عين البصيرة بمشرط الهفوات تشرخ صدر العفة و تدمي دواخلها .

...

حل الصباح على معقل عشيرة مصاصي الدماء ، كل مشغول بعمله فهنالك الحدادون الذين أخذوا بالدق بمطارقهم على المعادن يشكلون الدروع والسيوف حتى تبقى مركونة عند إحدى زوايا مخزن الأسلحة ترقبا لأي نكسة قد تصيب أرضهم.

ممرضات منكبات على الطاولات تمزجن في قارورات جرعات لا متناهية من سم الأفاعي ومنقوع النباتات ،وسيلة ثانية لمجابهة الخطر.

أما عن كبار العشيرة فقد كانو متجمعين حول طاولة مستطيلة فارعة الطول يترأسها زعيمهم، يناقشون شؤون رعيتهم.
رفع أحدهم يده مستأذنا، فاِستقام يعدل ياقته ثم شبك يداه أسفل بطنه ووجه بصره نحو زعيمهم يتكلم:

"لقد رصدنا تحركات من جماعة متطرفة للمدنسين وعلى ما يبدوا فقد بلغوا نقطة أقرب نحونا هذه المرة. أثرهم كان على بعد كيلومترين من البوابة مايعادل نصف المسافة عن الحاجز الحامي".

خفض زعيمهم بصره ثم رفع يده مشيرا للواقف بالجلوس.حرك كأسا مملوءة بالدم ثم تجرع منها ما يكفي ليبلل فمه قبل الحديث.

"لا يمكننا أن ننفي حقيقة أن الخطر قد رمى بحلته على طول بقعتنا هذه، لا يسعنا عند هذه النقطة ومايليها سوى الثقة بقدراتنا و بقدرات خيرة فرساننا على الوقوف في وجههم، فإقتحامهم لمعقلنا غدى مسألة يلاعبها الوقت بمخالبه لا ندري أقريب أم بعيد موعد إنفلاتها منه. حتى ذلك الحين سنستمر باللقاء و مناقشة أحوال العشيرة ".
اِستقام أغلبهم و هموا منصرفين، أما عن قائد الفرسان فتقدم من سيده و عند أذنه اليسرى همس:

"في حالة وقع ما نخشاه، أتمنى أن تسمح لي بتنفيذ وصية رفيقي الراحل بحماية بإبنته"

"لقد سبق و أن وعدتك بذلك كانغ زوي تحت حمايتك و لتفعل ما تشاء "

هم القائد بالرحيل مغلقا الباب خلفه كما أمره الزعيم فبقى الآمر بالقاعة رفقة نائبه ، كاتبه ووريثه.

تغير الجو في القاعة بعد أن أكمل الزعيم كأسه وقد اِرتشف من الدم حتى آخر قطرة يرجع الكأس إلى الطاولة بينما تبرج وجهه بملامح اللذة و الإنتشاء.

ناظر وجه الحاضرين ثم رفع يديه نحوهم بتبسم كمن يأمر شيطان كل منهم أن يتلبس سيده.

"سنغادر بعد ساعة بحجة إستكشاف و تمشيط الغابة لكننا سنقصد بولندا ،بعيدين بما يكفي عن العاصفة التي ستحط رحالها على هذه الأرض. بمجرد خروجنا من هذه القاعة سنلغي الحاجز الحامي."

ضحك بهستيرية يميل كرسيه إلى الخلف و يحركه جيئة و ذهابا تحت نظرات تابعيه الراضية عما هو قادم.

"فقط اليوم سأثأر لوالدي الذي شنق يوم قبض عليه من طرفهم و علق عند البوابة. يومها وقفت أطالعه و أخفف على والدتي المنتحبة التي ضحت هي الأخرى حتى أستطيع التسلل إلى هنا و أقف أمامكم اليوم زعيما لأعدائي .أما غدا فأسقف متبجحا أمام الخلق أحمل خنجري هذا و أتباهى بدمائي البيضاء هذه. هلم نتجهز للمغادرة و في طريقا فلنرفع نخب الإنتقام بمناسبة نجاح هذه المؤامرة"
تزامنا و نهاية حديثه رفع كفه الأيسر أمام الأيمن الذي يعانق خنجره ذاك و بسرعة مرره فوقه ينساب على طول ساعده سيل دماء أبيض فصفق الحاضرون إحتفالا و اِنصرفوا بسرعة لأداء ما اتفقوا عليه .

...

توسدت الشمس كتف العشية و إستكانت مرسلة هدوءا كسرته صرخات النسوة الأيامى تسانده فوضى عمت إثر ركض أرباب العائلات بأطفالهم في كل الإتجاهات غير آبهين بتعليمات الفرسان للإخلاء.

كيف وقد شاهدوا رفقاءهم و أقرانهم مفغورة بطونهم و مذبوحة أعناقهم بأيادي لطخت بدماءهم تمسح أفواها تظهر منها أنياب متعطشة للمزيد، وعيون منتشية من ذلك منظرا مدمنة كانت لم تبلغ جرعة الإكتفاء.

لا يسع الفرسان تنظيم هذه الفوضى و قد اِندفع أصحاب الدم الأبيض بسرعة يقتحمون كل منزل و يرتوون من دم كل من يصادفونه في طريقهم نحو القلعة.

و إن كانوا جماعة متطرفة فقد جعل العطش من ضعيفهم أعتى محارب. و إن كانوا خونة دجالين في نظر زعيمهم بيكهيون، منحرفين عن القانون الذي وضعه في سبيل السلام مع تلك العشيرة، وأن ما ينتظرهم بعد هذا موتة شنيعة، إلا أن لاحائل يقف أمام فاسق من تقبيل شفة الرغبة.

صرخ أحدهم من بعيد ينبه رفاقه موجها سبابته نحو نافذة مفتوحة أعلى القلعة:

"تلك الرائحة الزكية إنها تنبعث من هناك ، إنها ذات الرائحة التي شممناها البارحة، هيا نح..."

اِنقطع خيط جملته برأسه المفصولة عن جسده والقابعة عند قدم أحد رفاقه فطالعوا جميعهم صاحب الفعلة و لم تكن سوى إيفي التي وقفت بأعين متوجهة إندفع خلفها تاو يدق عنق الصف الأول مِن مَن يقابلونه على سبيل الإلهاء بينما أخذ تين بيد إيفي و قفزوا نحو النافذة.

زوي كانت متسمرة عند أبعد زاوية من غرفتها تتوهج عيناها القرمزيتان بخوف تنافسان أنفاسها المتهجدة شهيقا و زفيرا سريعين.

كانت متجهزة بالفعل تحمل على ظهرها حقيبة مزودة بلوازمها الضرورية و لما اِحتضنتها إيفي تطمئنها تدحرجت الكلمات بتسارع من فمها

"لقد إستشعرت وجودهم لما كانو على مسافة بعيدة من الحاجز ثم لا أدري كيف؟ لقد تهاوى الحاجز سامحا لهم بالدخول ، لقد بلغتني أنفاس كل من قتلوهم و عقلي يرسم لي صورة بمواقعهم مالذي يحدث إيفي ؟ماذا سيحل بنا؟"

لم تستطع رفيقتها تهدئتها و قد تيبست ملامحها مما سمعته.أكان بفعل الصدمة مما عاشته الآن أم أن الأمر صدفة، حقيقة أن الآن صديقتها قد فعلت خاصية المتعقب بداخلها .
اِندفع تين يمسك كتفي زوي و يردد دونما توقف
"زوي أنتِ متعقبة. زوي أنتِ متعقبة"

كسر أجواءهم تلك تاو المتشبت بالنافذة يناديهم بنفاذ صبر

" اللعنة إنهم كثيرون لا يمكنني إبطاءهم سنفر نحو الغابة أسرعوا"

إنطلق تاو أولا تتبعه إيفي و هم تين يحمل زوي التي أوقفتهم جميعا لما قالت بصوت عال:

"سأقودكم أنا بالغابة نحو ما يمليه على عقلي بأنه الملاذ الآمن في النهاية أنتم لا تعرفون شيئا عنها "

لقد كان الوقت الذي يتسلل هاربا من قبضتهم هو حجتها الوحيدة في إقناعم فجعلوا تشكيلة هي مركزها يحيطونها كدع حماية وإنطلقوا بسرعة خاطفة متجاوزين سور من كان يوما موطن عشيرتهم نحو مالقنوا بأنه جحيم أرواحهم مادامت دماءهم مخملية.

إستمرت فقط بالركض تتجاوز صفوف الأشجار المبعثرة متوهجة حدقتاها بلون قرمزي زاه يتبعها رفاقها من كلفوا منذ صغرهم بحمايتها كأمر من قائدهم .

إلتفت بسرعة تتفقد وجودهم خلفها و لما عادت ببصرها إلى الأمام اِحتضنها قميص أسود و غمرها عطر رخيم بينما جسدها اِصطدم بأخر فتدحرجا بعنف على طول أرض منعدمة الإستواء.

يكبلها صاحب للجسد بذراعيه وقد إستكان رأسها عند إنحناء عنقه، فسطا شذى رحيق أوصاله على بواقي وعيها يسلبه ، وماكان لها سوى أن جهزت أنيابها لتغرزها بجلده الناعم غير آبهة بالصوت الذكوري الحاد الذي إخترق آذانها
"بيكهيون إحذر..."

...
يتبع بالفصل القادم

آراءكم حول هذا الفصل وأحداثه؟

موقف بيكهيون؟
موقف زوي؟
في حالة وجود أخطاء بالفصل الرجاء إبلاغي

حتى لقاءنا القادم دمتم سالمين بالحب منعمين♤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top