فُقدان
لَم تتم مُراجَعة الفَصل،قد تَجدون بعض الأَخطاء الإملائية.
________________
لَم تَشعر بِشئ سِوىٰ أَنّها سُحِبت مِن الخَلف مِن قبل يُونغي،وأَخرجها سَريعاً مِن المَكان،صَوت صفير عالٍ للغاية قَد صدع في أذنيها،لا تَسمع ضَجّة زِنزانة والدها،ولا يُونغي الذي يُواصل التّحدث بغَرض تشتيتها،أَجلَسها على جَانِبي الشّارع وَجلس القُرفصاء أمامها يُنوّه بَينما يُحاول التِقاط انتبَاهها:هِيلين اسمعيني!
أَمسك كَتفيها يُحرّكها للنَّظر لَه لكِنّها لَم تقوىٰ على هَذا،ابتَلعت رِيقها وحدّقت بِهِ بِأعين تَائِهة حَتى عَلّق:سَيأتي جُونغكوك الآن،لا تُفكّري بِأي شئ،أَعلم أنّه أَمر صَعب للغاية،لكِن يَجب عليكي الوثوق بِي وانتظارهِ.
دائِماً فاشِل في المُواساة،لذا لا مَفرّ سوى البَقاء خَارج المَركز،يتشبّث بِها كَي لا تتحرّك،ويَأتي حَبيبها لِأخذها بَعيداً عَن كُلّ ما رأتهُ بعينيها،اصطدما بِـ وو شِيك الذي يُحدّق بِصدمة بِهيلين وهَمس:هِيلين،لا يُمكنكِي التّواجُد هُنا.
رَفعت عينيها لَه ثُمّ نَقل حديثهِ لِيونغي وسَأل:مَن زارهُ لِآخر مَرّة؟
يُونغي:جُونغكوك سَيّد لِي.
وو شِيك:مَاذا قَال لَه كَي يَقدم على الإنتحار في لَمح البَصر هكذا؟
يا إلهي،أَخرجها يُونغي،الآن.
سَحبها يُونغي إلى الخَارج والتَقط مِفتاح سَيّارتها توقّفا أمامها وصَرّح بعدما تَمسّك بِكتفيها:سَأقودكي لِلمنَزل لِتبقي مَع يُونهي حَتى ننتهي مِن كُلّ هَذهِ الفَوضىٰ،جُونغكوك سيَكون مُتواجد لأَجلكي.
أَدخلها السّيارة بِحذر شَديد ودلف مَعها يُحاول الوصُول لِجونغكوك بِأي طَريقة،لكِن دُون جَدوىٰ،كَانت هِيلين تَبكي في صَمت،لا تتحدّث فقط تُرمش بِفراغ أمامها،هذا جَعل حَركات يُونغي أسرع لِمحاولة الوصول لِجونغكوك بِمحادثة مِينجي،لكِن لِمرّة أخيرة أراد مُحادثته.
تحدّث سَريعاً عِندما فُتح الهَاتِف:جُونغكوك أَين أنت!
صَوت لَم يتوقّعه قد قابله في الجِهة الأُخرىٰ وكان مَجهولاً مُردفاً:صَاحِب هذا الهاتِف قد تَعرّض لِحادِث خطير،ونُقل لِمشفى مِين بِيونغ وو.
ارتَجفت يدهِ وكَاد يَسقط الهَاتِف مِن يدهِ لكِنّه قَد تَماسك وَرمَق هِيلين التي كاَنت تُحدّق في الفَراغ ولَم تُركّز كَثيراً في حَديث يُونغي،ابتلع ريِقهِ وردَد بِصعوبة:حَسناً،سَآتي الآن.
أنهى المُكالَمة وركَز على الطّريق بِأنامِل مُرتعِشة وهَسهس:لـ لا تَقلقي،جُونغكوك سَيأتي.
_______________________
مُستلقية بَين ذِراعيّ والدتَها يَبكيان في صَمت،رَفعت رَأسها وسَألت بِنبرة ضَعيفة:أُمَي،جُونغكوك أتَىٰ؟
هَل رأيتهِ؟
يُونهي:لا هِيلين،لَم يَأتي.
هَمهمت وأعادت رأسها لِصدر والدتها بعدما مسحت دُموعها،تنفسّت طويلاً تُحاول تَهدئة أعصابها،جُونغكوك اختفى،لم تراه مُنذ اسبوعين،لم يَحدث أي تقدم في قضيّة والدها ومات على ذنب لَم يَقترفهُ،القَتل،خَسرت والدها،خَسرت حَبيبها،خَسرت ثِقتها بِنفسها،خَسرت الأَمان،خَسرت كل الطّاقة التي قد تستهلكها لِتمرّ بأيامها العصيبة،كُلّ شئ بَات حَولها مُشوّش،مُدمَّر.
لَم تَكُن تّعلم أنّه كَان في غَيبوبة طَوال هَذان الأسبوعين،لِخطورة الحادِث الذي مرّ بهِ،يُونغي ومِينجي يَتناوبان عليهِ في البَقاء بِجانبهِ طوال الليل والنّهار،هما كُلّ ما لديهِ،لا يَمتلك أصدقَاء سِوى يُونغي،ولا يَمتلك عائلة سِوىٰ مِينجي،وحَدثت المُعجِزة واستيقظ،لكِنّه واجه واقعهِ بالصّمت،العَجز،يَستلقي على ظَهرهِ ويُحدّق بالسّقف.
أستشعر جِهاز الإنذار في يدهِ ليضغط عليهِ بَعد مَرّات مِن المَحاولات بسبب ضَعف أعصابهِ حَتى أُطلقت صافِرة أيقظت يُونغي سَريعاُ وهَرع نَحوه يبتسم بِعدم تّصديق هامِساً:يا إلهي جُونغكوك!
رَكض للخارج لِيستدعي الطبيب المُشرف على حالتهِ ثُمّ عادا إلىٰ غُرفتهُ يتفقدان حالتهِ،يُحدق في الفَراغ دون أي تعابير،وكأنّه لا زال في غَيبوبة،اقترب الطّبيب وفتح مِصباحهِ الصّغير ووجّهه نَحو عَينهُ،ضَيّق الطَبيب مِقلتيهِ وفَحص حالة جَسدهِ،كي يعرف هل بإمكانهِ الحَركة أم لا،نَظّف حلقهِ وصاح بِإسمهِ قائِلاً:سَيّد جُيون،هل بإمكانك الجُلوس في مَكانك؟
لَم يستجيب لِصوتهِ البَتة،ولم يَنظر لِإتَجاههِ حَتى،ابتلع يُونغي ريقهِ بتوتّر وهَمس للطَّبيب:هَـ هَل هُو بِخير؟
اعَتدل الطّبيب في وَقتهِ وسَحب يُونغي خلفهِ يَخرجان مِن الغُرفة،نظَّف حلقهِ وتحّدث بِنبرة مُنتظمة:جُونغكوك يُعاني مِن ضِعف ُردود الأَفعَال التِي يَتَحَكّم فيها جِذعْ الدّماغ،وأعني بِضعف هِي في الأَغلب..بُطئ الإستجابة،هذهِ نَوبات ما بَعد الغَيبوبة،هَذا أَمر وارِد جِدّاً،وكَأن جسدهِ أصابه الصّدمة مِن الحَادث المُروّع الذي تَعرّف لَه،سَاقهِ قد تأثرت،لكِن قُوّة بُنيانهِ قَد ساعدتهِ على حِماية بِقية بدنهِ،تَقريرهِ الطّبي قَد خرج لتوه،سَأتّطلع عليهِ بالتّأكيد.
هَمهم يُونغي بِتفّهم وانحنى للطّبيب ثُمّ دَخل لجُونغكوك الذي لا زال مُستلقياً على ظَهرهِ يُحدّق في الفَراغ،أَخذ نَفسَاً عَميقاً ثُمّ جَلس أمامهِ،مدّ يدهِ لِيُلامِس بها يد الآخر الذي بِمجرد ما حدث تواصل جسدي قَد سَحب يدهِ سريعاً ووضَعها بَعيداً،ضَيّق عينيهِ واقترب أَكثر مُردفاً:جُونغكوك أنا يُونغي هِيونغ،كَيف تَشعر؟
لَم يُحرّك حَتى ثَغرهِ سوى للتنفّس،اقشَعّر جسدهِ بخوف ووقف رغَبَةً في الخُروج لَكِن الطّبيب قَد فزعهُ بالدّخول بغتةً إلى الغُرفة ومَعه طَاقِم طِبّي كَامل يَتحرّكون بِإتّجادة جَسد جُونغكوك،وضع مِصباحهِ مَرّة أُخرىٰ في حدقَتيهِ ثُمّ صَرّح:فُقدان بَصر.
بمساعدة الطّبيب والممرضين قَد تمَكنوا مِن مُساعدتهِ في الجُلوس على السّرير،وضَع آداة في أذنيهِ يتفحّصها حَتى توقفّت أبدانهم فَور ما سَمعوا صَوتهِ الضّعيف يَهمس:أنا لا أرىٰ شئ،لا أرىٰ حَتى هِيلين،لا أَرى سِوىٰ...ظَلام.
بَلع رِيقهِ وبِحركة بِطيئة مَدَّ يدهِ يتلمّس الجَبيرة التي حَول سَاقهِ وتأوّه ثُمّ أعَتدل مَرّة أُخرىٰ مُستكملاً:أنا لا أَسمع شئ أيضاً،هَل مِن أحد هُنا؟
يُونغي:مَا الذي حَصل لَه واللعنة فَـ لِيُجيبني أحد!
صَرخ بِها يُونغي حَتى التَفت جُونغكوك لِمصدر الصّوت وأمال رأسهِ مِردفاً بِصوتٍ مَبحوح:هَـ هَذا الصّوت مَألوف،هل يِمكنك أن تُعيد مَا قُلته مُجدداً؟
يُونغي:بِحق الجَحيم فَليفعل أي مِنكم شئ!
اقترب يُونغي نَحوهُ وكوّب وَجههِ يَصيح بِنبرة عالية:أنا يُونغي جُونغكوك،يُونغي هِيونغ!
جُونغكوك:حَقّاً؟
أخذهُ بَين أحضانهِ يَبكي بِصمت رُغم أنّه مُتأكد حَتى بُصراخهِ بَاكياً لَن يَنجح في سَماع صَوتهِ،عَضلات جُونغكوك الخامِلة لَم تنجح في مُبادلة يُونغي العِناق،كانت يديهِ ترتعش،يُحاول رَفعها،لكن سيتطلب مَعه الأَمر الكَثير مِن جلسات العِلاج الطَّبيعي لِيُحرر عضلاتهِ وتقوية أعصابهِ التي ارتخت لِأربعة عشرة يُوم.
ابتَعد يُونغي ووقف أمام الطّبيب يَتحدّث بِشئ مِن الغَضب والحِدة:سَأدفع كُلّ ثروتي لِمعالجتهِ،أن لَم تُعيدوا بَصرهِ أنا سَأقلب هذهِ المَشفى رأساً على عَقب.
ضَيّق الطّبيب عَينيهِ وصَرّح:سَيّد مِين أُقدّر ردة فِعلهِ،لكِن حالتهِ تتطلب الرّاحة،لن يعلم أحد هل سَيعود بَصرهِ أم لا،نَأمل هَذا،سَيتطلب مَعرفة حالة عينيهِ عَملية أُخرىٰ وتَخدير،وهو للتو قَد استفاق مِن عملية اخراج صفائِح السّيارة الحديدية مِن ساقهِ،إن تم تَخديرهِ،رُبما لَن يَستيقظ مَرّة أُخرى،اهدئ مِن فَضلت،سَنفعل كُلَ ما بوسعنا،الشئ الوَحيد القادرين عليهِ هُو مُعالجة ضرر أذنيهِ،سندخله إلى غُرفة رَنين،وترددات الصّوت مِن الشّوكة الرّنانة،هَذا كُلّ ما يُمكننا فِعله لأننا لَن نلجأ لتخديره.
يُونغي:أَظن أنّك سَمعت مَا قُلتهُ جَيّداً،سَأضع مَبلغاً مُناسِباً في الحِسابات،وافعل كُلَ مَا يَلزم لِجَعله صَحيح الجَسد.
_______________________
أَغلقت سَيّارتها وكَادت تتحرّك لعبور الطّريق والذّهاب لِمنزل صَديقتها إلا بِشخص مِن خَلفها يَكتم أنفاسها ويأخذها بَعيداً عَن المَكان ثُمّ أَدخلها سَيّارة مَجهولة ليتم تحريرها لكِن وجدت نفسها وسط رِجال مُسلّحين مُخيفين أسفل وجههم أقنعة وقُبعة سَوداء،تَحدّث واحد مُنهم بِنبرة قَد ارعبت جَسدها:لا تُخبري كِيم هِيلين عَن حَالة العَميل جُيون أبداً،هو رَحل إلىٰ كَندا بَعد نَجاحهِ في قضية كِيم جُونهو ونُقل إلى هُناك،إلىٰ الأَبد.
انفَجرت في البُكاء وأومأت بِقوّة حَتى اقترب مِنها أَكثر ووجه السّلاح على رأسها وردد:مَنزلها مُراقَب،سَأعلم جَيّداً هل سَتخرجي عن ما أمرتُكي بِهِ أَم لا،ارحلي.
خَرجت سَريعاً مِن السَيّارة ورَكضت لِمنزل صَديقتها،وَقفت أمام البَاب تَمسح دُموعها وهَدأت أنفاسها كَي لا يَظهر عليها أي شئ مِما حَدث مَعها،طَرقت على الباب ولَحظات حَتى فُتح،نَظرا لِبعضهما حَتى شَرعت في البُكاء بِقوّة تتعَانقان بِشهيقٍ مُرتفِع.
دَخلت وصَعدا مَعاً إلىٰ الأَعلى مُتشابكي الأيدي ووصلا حَيث غُرفتها،صارت أجسادهما واهِنة على السرّير يُحدّقان في الفراغ يَنتظران بعضهما في بدء حَديث،حَتى صرّحت الباكية في صمت بِصوتٍ مُتّزن:أنا أُريده،أُريد أن أبكي لَه،أصرخ بِوجههِ،أفعل أي لَعنة لكِن فَقط يَأتي،لقد وَعدني،وَعدني بِأنّه سَيحرص على ألا تَغدوا عائِلتي مِثلما كَانت عائِلتهِ يَوماً.
ابتَلعت رِيقها بِصعوبة فَور مَا شَعرت بِغصة قويّة في حَلقها لكِنها اكملت مُردفة:الآن أصبحت مُرتابة،كُلّ يَوم أستيقظ في مُنتصف الليل وأركض لِغُرفة أُمّي أتفحصها،وكأنني أَنتظر أن تَنتحر،أنا خائِفة،لَست خائِفة مِن فِكرة انتحَارها لكِن خائِفة أن يحدث هذا يَوماً،الآن سأصبح المُراهِقة اليَتيمة التي انتحَر والديها وماتت أُختها،ما اللعنة التي أصابَت عائِلتي بِحق الجَحيم!
نَبست الأُخرىٰ تَمسح على أنامل صديقتها التي تَسرد مَأساتها ثُمّ نوّهت:كُلّ شئ سيكون بِخير هِيلي،لا تَقلقي.
هِيلين:جُونغكوك أعطاني حُب،دِفئ،لكِن مُؤقت،ومَنحني ارتِياب وَخوف دائِم،وِحدة،انعدام امَان،أَخذ مِني كُلَ شئ فَجأة سُول،لا شئ حَولي بِخير.
سُول:هَـ هِيلين؟
أُريد اخباركي بشئ.
هِيلين:مَاذا؟
سُول:جُونغكوك رَحل إلىٰ كَندا،لِأنّه بِتلك الطّريقة،حَصل على ترقيتهِ،ونُقل إلى هُناك،دُون عَودة.
هِيلين:كَيف عَرفتِ هذا؟
سُورا:قدّم استقالتهِ لِرئيس الجامِعة اليَوم مُعللاً السبب.
صَمت حَلَ الغُرفة فَقط دُموع مَلئت وجهها وتَدريجياً بَدأت تَضحك هامِسة:ابن العَاهِرة!
وَقفت وبَعثرت شَعرها قاذِفة هاتفها بِقوّة في المَرآة لتتهشّم بِأكملها،سَقطت أَرضاً تَضم قَدميها لِصدرها باكِية بِحرقة على ثِقتها بِهِ،كُل شئ تَلاشىٰ،لَم يتبَقّىٰ لها حَياة لِتعيشها،مَسحت دَموعها ووقفت مُردفة بِحنق:فَليذهب للجَحيم،وكأنني سَأهتم،حَياتي أَثمن مِن أن تُهدر عليهِ،سُحقاً لَه حَقّاً،أَتمنّىٰ أن يَرحل دُون عَودة،حُبّي لَه كَان لُعبة خَاسِرة،وأنا لَا أُحب اختيار الجَانِب الخَاسِر.
اقتربت سُول مِنها وعانَقتها بقوة مَقهورة علىٰ مَا فعلته بِصديقتها،كُلّ ما قَالته كِذباً،لَكِن تَم تَهديدها بِطريقة بَشعة،وهي مُجرد مُراهِقة،حَتىٰ هِيلين،كِلتاهما مُجرد مُراهقات،تَمّ اقحماهما في أُمور الكِبار الصَّعبة.
____________________
وَضع السّماعة في أذن مَريضهِ ثُمّ جَلس على الكُرسي أمامهُ قائِلاً:جُونغكوك،أنا طَبيبك هانيول،هل تَسمعني بِوضوح؟
حرّك جُونغكوك كَتفيهِ مُجيباً:أَخبرتُك مُسبقاً،لا أُحب البَشر،لَن أهتم كَثيراً إن لَم أَسمعك البَتة.
قَهقة الآخر ثُمّ عدّل وَضع السّماعة في أذنهِ واستكمل يَرفع نَبرة صَوتهِ:إذاً مَا هو الصّوت الذي تَرغب بِسماعهِ؟
جُونغكوك:اعذرني،لا أَعرفك لِأُخبرك أشَياء تَخُصني،هَل يُونغي أتىٰ اليوم؟
هَانيُول:سَيأتي،اليَوم سَيتبين لنا،هل سنتمَكن مِن استرجاع بَصرك أم لا.
جُونغكوك:لَن يَعد،لذا لا تَكترث كَثيراً،لا تَضع أملاً كَبيراً علىٰ هَذا.
هَانيول:السَّيد مِين يَفعل.
جُونغكوك:مَتى سَأتمَكن مِن السّير على قَدمي؟
هَانيُول:كَسرك مُعقّد،لا تتطلّع كَثيراً وتَقس على نفسك،سيتطلب الأَمر ثلاثة أشهر.
جُونغكوك:لا تُملي عليّ ما أَفعل.
هَانيُول:أُقدر حالتَك النّفسية،لَكِن كُلّفت بالإعتناء بِك حَتى تَخرج هُنا،أَعرف أنّك عَميل فِيدرالي وطِباعك حَادّة،لَهذا يَجب عليّ تحمّل هَذا.
جُونغكوك:هَل بِإمكانك تَركي بِمفردي؟
تنهّد الأَخر ووقف يَتفحّص وَجه جُونغكوك الذي كان على وجههِ الإمتعاض لكِن أعينه مغرورقة الدّموع،خَرج مِن غُرفتهِ وقابَل شَقيقتهِ وانحنى لَها ثُمّ قال:مَرَحباً سَيّدة مِينجي.
مِينجي:مَرحباً طَبيب هَانيول،كَيف حَال أَخي؟
هَانيُول:تَفَضّلي مَعي في مَكتبي مِن فَضلكِ.
سَاورها القَلق وتحرّكت ورائهِ سَريعاً حَتى دَخلا إلى الغُرفة وَجلست أمامهِ مُردفة:هَل هُو بِخير؟
هَانيول:يَحتَاج الكَثير مِن التّأَهيل النّفسي لتِقبل فُقدان بَصرهِ،ضَعف سَمعهِ،يَحتاج شَخص يَثِق بِهِ،شَخص لا مَانِع لديهِ في أن يَكون حَزين وضَعيف حَولهِ،هو حَاد الطبع كَثيراً،يَأبى الخُضوع لِأي عِلاج،عَنيد،أَحياناً نَلجأ لِوضع أدويتهِ اليَومية في المُغذي أثناء نَومهِ،وكأَنّه يَشعر أنّه مُثير للشفقة ويرفض المُساعدة بِشكل قَاطِع،هل أَنتِ قَادرة على مُساعدتهِ سيّدة مِينجي؟
تَسمع حالة أخِيها بأعين دامِعة ثُمّ أَومأت بِرأسها سَريعاً لِيُكمل:هَل لديهِ زَوجة؟
حَبيبة؟
شَخص يَتصرف بشكلٍ مُختلف حَولهِ؟
مُينجي:لا أَعلم حَقّاً،حَبيبتهِ في حالة يُرثى لَها،لا أدري هل سَترضىٰ مُساعدتهِ أم لا.
هَانيول:افعلي مَا بِوسعكِ،هل لديهِ صَديق آخر غَير سَيّد مِين؟
مِينجي:لا،يُونغي صَديقهِ الوَحيد،جُونغكوك لا يَمتلك أحد سِواي أنا ويُونغي،لا أَعتقد أن هِيلين سَتتواجَد في حَياتهِ مُجدداً.
هَانيُول:إن كُنتِ قادِرة على إصلاح أي شئ مما حَصل بَينه وبَين حَبيبتهِ فَ هذا سيكون مُفيداً جِداً في رِحلة عِلاجهِ،سَيكون مُؤهلاً لِإستقبال الأدوية،وآمِلاً للشِفاء في أَسرع وقت،جُونغكوك يُعتبر فَقد حَاسّتين مِن حَواسّهِ،أتَمنّىٰ أن أستطيع مُعالجة واحِدة مِنهما على الأَقل،أذنيهِ تضررت مِن انفِجار السَيارة.
هَمهمت مِينجي بِتفهّم ومَسحت دُموعها تَمد يَدها لِمُصافحة الطبيب ووقفت مُردفة:شُكراً لَك حَقَّاً،أُقدّر اهتمامك.
خَرجت مِن الغُرفة وأغلقت البَاب لِيرتطم جَسدها بِآخر مَجهول وهو فَقط اكتفى بالإنحناء ودَخل حَيث غُرفة الطّبيب،تحرّكت بِإتّجاة يُونغي الذي كَان يقف في مدخل الأستقبال والتقت أعينهما،وقفا أمام بَعضهما حَنى نوّه يُونغي:عَملية جُونغكوك بَعد غَد صَحيح؟
مِينجي:نَعم،اليَوم سيتفحصّوا عَينيهِ،إن كَان هناك إمكانية في استرجاع بَصرهِ،رُبما هذا مُجرّد تَأثيرات جانِبية.
يُونغي:أَتمنّىٰ،أَين زَوجكِ؟
مِينجي:يُنهي عَمل وسيَأتي في طائِرة غَداً.
يُونغي:حَسناً،لِندخل الآن لِجونغكوك،ولا حَديث عَن هِيلين.
مِينجي:لكِن يُونغي
يُونغي:لا حَديث عَن هِيلين مِينجي،انتهينا مِنها.
مِينجي:أَتعتقد أنّها السبب في حادث أَخي؟
يُونغي:إن لَم يَقُد جُونغكوك بِسرعة مِئة وستين بِسيارتهِ لَن يَفقد بصرهِ وسَمعهِ،لَن يفَقد عملهِ،لن يفَقد حَياتهِ،فَقد كُلّ شئ،تَبّاً لها ولِوالدها.
مِينجي:قَاسِي القَلب حَقّاً يُونغي،أَخي أيضاً دَخل إلى حَياتها ودَمّرها،اعتَقل والدها عيشها في كِذبة وفي النّهاية،دَفع والدها لِحافة المَوت.
يُونغي:إذاً اذهبي لِمواساتها واتركِ شَقيقكِ لي.
دَخل إلى الغُرفة لِتدخل مِينجي خلفه برأس مُنكس وجلسا أمامهِ،امسك يُونغي يدهِ ومَسح عليها مُردفاً بنبرة تَمكّن جُونغكوك مِن سماعها:كَيف حَالك أيّها اللعين؟
ابتسم جُونغكوك بِهدوء ونفّض رأسهِ بقلة حِيلة مُردفاً:لا أَسمع جيداً،لا أرىٰ سِوى ظَلام،لكِن أفَضل.
يُونغي:يَوجد أمل،سَيفحصك الطّبيب اليَوم،لِنرىٰ إن كَان هُناك حَل،لا تَقلق.
جُونغكوك:أَين هِيلين؟
يُونغي:جُونغكوك.
شَرعت مِينجي في البُكاء لكِن يُونغي قَد وضع سبابتهِ على ثَغرهِ ونفى حَتى ردّد جُونغكوك:إذاً لا جَدوىٰ مِن استرجاع بصري.
يُونغي:إِنّها مُجرد فَتاة جُونغكوك!
سَحبتك مَعها في فَوضتها!
انسى أمرها يَكفي ما خَسرتهُ!
لا تَخسر عقلك وقلبك لِأجلها!
جُونغكوك:قُلت أَين هِي؟
لا أُريد نَصائِح أنا بِخير.
يُونغي:لَن تُريدك في حياتها مُجدداً،ولا فائِدة مِن وجودك في حَياتها.
جُونغكوك:وحَالتي الآن لَن تترك لَك فُرصة لِتتدخل في حَياتي يُونغي،أَين هَاتفي؟
مِينجي:تَهشّم في الحادِث جُونغكوك.
جُونغكوك:غَداً فَـ ليشتري أحدكما هاتِف لي ويأتي بِرقمها مِن مَكتبي.
يُونغي:كُلّ ما يَجب أن تَقلق بِشأنهِ هو فَحص بَصرك!
واللعنة انسى تِلك الفتَاة لَيست الأُولى والأَخيرة!
جُونغكوك:أَظنك سَمعت ما قُلت.
يُونغي:تَبّاً جُونغكوك!
خَرج يُونغي في غَضب بَينما مِينجي قَد اقتربت وَجلست أمامهِ واضِعة يدها على وجنتهِ مُردفة:يُونغي لا يَقصد ما قاله،هو فَقط يُريد مَصلحتك.
جُونغكوك:لَم أَعد واثِق في هَذا.
مِينجي:ألا تَثق بِهِ؟
جُونغكوك:أنا لا أَثِق بِكِ مِينجي.
صَمت دَام في المَكان لثوانِ ثُمّ ردّدت مِينجي في صَدمة:ألا تَثِق بِنا جُونغكوك؟
أنا شَقيقتك.
جُونغكوك:وَضعي لَا يَسمح لِي بالثّقة في بأي شَخص حَولي.
مِينجي:وتَثق في هِيلين؟
جُونغكوك:أُخبرتك لا أثِق بِأي أَحد.
مِينجي:إذاً لِمَ تُريدها حَولك؟
جُونغكوك:لِأَشعر بالآمان،هِيلين هِي الوَحيدة التي أَشعر مَعها بِالآمان،أتَعلمين أنني بِالكَاد أستطيع التّحدث مَعكِ وأنا لا أراكِ؟
أَشعر أنّكِ سَتُخرجين مُسدس وتقومي بِقتلي،لا أَثِق بِكِ،لا بِيونغي هِيونغ،لا هِيلين،لكِن رُبما هي الوَحيدة التي لَن أَشعر حَولها أنني مُثير للشفقة،بَل سَأدري كَيف سَتكون تَعابير وَجهها وأنا أسرد لَها كَم أُعاني كَوني لا أَرى أمامي سِوى ظَلام حَالِك.
أَخفض رَأسهِ وابتلَع رِيقهِ عِندما شَعر بِغصّة قَوية حَتى شَعر بيديها حول وجههِ وَهمست:جُونغكوك حَبيبي أنا لا أَمتلك غَيرك صَدّقني،سَأَفعل المُستحيل لِأكون بِرفقتك،مَعك،سَأعوضك عَن والدينا،سَأعوضك عَن عملك،سَأعوضك عَن كُلَ شئ.
جُونغكوك:هَل ستعوّضيني عَنها؟
شَعر بيدها تضغط على خَاصتهِ بقوّة ثُمّ أقتربت مِنه تُعانقهُ وهو دُون وَعي قَد استكن وشَرع في البُكاء بِصمت،أغَمض مِقلتيهِ رُغم أنّ الأَمر لَا يُشكّل فارِقاً البَتة،قَبّلت رأسهِ وَهمَست بِنبرة حَنونة:أنا هُنا صَغيري،سَأفعل أضعاف مَا فَعلتهُ هِيلين لك،سَأَكون عَينيك،أذنيك،سَأكُون كُلّ شئ لَك.
جُونغكوك:لا أَعد أمتلكها،لَم أَعد أمتلك عَملي،لا أي شئ،خَسرت كُلّ شئ،أصبحت عاجِز.
مِينجي:أنتَ أَقوىٰ رَجل قابلته،سأترك مَعيشتي وحَياتي وأَعود لَك،سَأقيم هُنا في كُوريا.
جُونغكوك:مِن فَضلكِ مِينجي،أُريد أن يعُد كُلَ شئ لمكانهِ،هَذا يَجعلني أَشعر أنّ الحياة طَبيعية لَم يَتغيّر بها شئ.
مِينجي:أبداً،أبداً جُونغكوك.
قَبّلت جَبينهِ حَتى طَرق الطّبيب على بَاب الغُرفة لِتفصل مِينجي العِناق وابتعدت تَمسح دموعهِ ثُمّ سَمحت للطّبيب بالدّخول،انحنت لَه وَجلست مَرّة أُخرى قُرب أَخيها ثُمّ سَألها:هَل هُو أَحسن؟
مِينجي:أَعمل على هَذا.
هَانيول:أَتمنّىٰ أن تَكن مُستعداً مَعي الآن،سَأُجهز لَك الغُرفة،ثُمّ لَحظات وسيأتي المُمرض لِأخذك.
مِينجي:شُكراً لَك.
خَرج الطّبيب مَرّة أُخرىٰ وَتركهما لِتبتسم مِينجي في وَجههِ رُغم أنه لَن يَرىٰ هَذا وعلّقت:أَتمنّىٰ أن يكمن الأَمل في هذا الفَحص.
جُونغكوك:لَن يُشكل فَرق إن عاد بَصري حَقّاً مِينجي،غَادرت رُؤيتي بِرحيلها،كَثيراً ما كُنت أرى العَالم حَولي مُظلم وهِيلين كَانت الشّئ الوَحيد المُضيئ،عالمي أصبح كَئيب،مُنطفِئ،صَامِت،لا حَياة بِهِ.
مِينجي:أَحببتُها كَثيراُ جُونغكوك،أَعلم هَذا،لكِن،حُبّكما طَريقهِ كَان صَعباً،جَحيمياً،حَالِك،لَم يستطع أحدكما تحمَّله.
جُونغكوك:لَن يَفهمني أحد،هَذا مُستحيل.
______________________
تَجلس حَولها الكَثير مِن الأوراق هِي ووالدتها،تَخص والدها،جُونهو تَنازل عَن كُلَ شَئ لَهما،هِيلين المَشفى،ويُونهي القَصر والثّروة،لَم يُشككا في أَمر مَوتهِ،تنازلهِ عن كُلّ شئ لَهما وضَّح رَغبتهِ في الإنتحار مُسبقاً.
اقتربت يُونهي مِن هِيلين وأَمسكت يَديها قائِلة:صَغيرتي،والدكِ مَات،وأَخذ كُلّ شئ مَعه،جِيهون،جُونغكوك،كُلّ ما حدث في المَاضي،لِننتقِل مِن هَذا المَنزِل،لِنُغيّر حَياتنا بالكَامِل،وأعتقد أنّكِ لَن تري جُونغكوك مُجدداً،المُهمة التي تخفّىٰ لِأجلها كَـ أُستاذ جَامِعي انتهت،عرفت أنّه قَدّم استقالته،فَلينتهي كُلّ هذا الهَراء.
أومأت هِيلين رُغم شُعورها بأنّها سَتنفجر في البُكاء لكِنّها تَماسكت ورددت:سيَنتهي،كُلّ شئ سَينتهي،ويَعود كُلّ شئ لِسابق عهدهِ.
يُونهي:نَعم صَغيرتي،أَنتِ مَن سيتولّىٰ أمر المَشفى بَعد والدكِ،تحت إدارتُك،هذا المَنزل سيبقى،لَن يُهدم أبداً،حَتى إن كُنا أنا وأنتِ فقط بِهِ،لا والدكِ ولا شقيقتُكِ.
قَبّلت جَبينها وأَخذتها بَين أَحضانها تُربت على رأسها ثُمّ استكملت:أنا هُنا،سَأُحافِظ على صَحّتي،وحَياتي،فقط لِأَجلكِ هِيليني.
هِيلين:أُمّي،هل بِموت أبي،انغلقت قَضيّتهِ إلى الأبد؟
يُونهي:نَعم،لَا مَجال،إلا إن ظَهر خيط جَديد في القضيَّة،وهَذا صَعب،المُتّهم مَات،لَيس مَوجود لِيفشِ بِأي سِر مَجهول يَفتح القضية مِن جديد،إلا بِمُحامٍ عَبقري،ولن يتمكّن مِن هَذا بِسهولة.
هِيلين:حَقَّاً؟
يُونهي:أعتقد هَذا،هِيا هِيلين،احضري حَقيبتُكِ ولنذهب مَعاً للجامِعة،لا شئ لتخجلي بِشأنهِ،أبداً.
ارتدت هِيلين حَقيبتها وكادت تَقف إلا بيونهي تَمسك يدها تُجلسها مَرّة أُخرىٰ ووضعت أمامها عُلبة كَرتونية،هَاتِف جَديد،عَوضاً عَن الذي تَهشّم بالمِرآة مُسبقاً،ابتسمت هِيلين بهدوء وامسكت أنامل والدتها تُقبّلها،وقفت يُونهي واردفت:سَأنتظركِ في السّيارة عَزيزتي.
هَمهمت هِيلين بِتفهم ثُمّ تحرّكت يُونهي مِن أمامها مُغادِرة مِن بُقعتها وبَقت هِيلين تُحدّق في الهَاتِف الجديد،دَسّت يدها دَاخل جيبها وأخرجت هاتفها بِالكاد تَرىٰ شئ مِن شاشتهِ المَكسورة لكِن تَمكّنت مِن رؤية الخلفية التي تَضعها،صُورتها هِي وجونغكوك،يَتعانقان بِقوّة،لَمعت عَينيها وفَتحت الهاتِف تُلقي نَظرة على كَمّ الصور المُرفقة في هاتفها لَهما مَعاً،شَغل جُونغكوك جُزء لا يُنسى مِن حَياتها،فَعل الكَثير في عامها
أضاف إلى حَياتها الكَثير مِن المَشاعِر داخِل قلبها،كُره،نِزاع،غَضب،تَقَبُّل،إعجاب،حُب،عِشق،خذلان،خَسارة،تَركت هَاتفها القَديم على الطّاولة وقررت فَتح هاتفها الجديد في السّيارة،تحرّكت اتجاهها ودلفت إلىٰ داخلها ثُم شرعت يُونهي بالقِيادة،وبمجرد رَحيلهما،وَقفت سَيّارة سَوداء خَرج مِنها بِأعين حادة يَرمق المَنزل بإمتعاض.
أَخرج السّيجارة مِن ثَغرهِ ونَفثَ الدَخان عَالياً مُقترب مِن المَدخل،تفحّص القَصر وسَخر مُردفاً:دَعني أحزر،كُلّ هَذا أصبح مِلك تِلك اللعينة الصّغيرة؟
لِمَ بِحق الجَحيم أتيت إلىٰ هُنا؟
لِإرضاء مُدللة صاحِبة الأَملاك الذي لَن تكترث لِرَجل خَسر كُلّ شئ لِأَجلها؟
استدار مَرّة أُخرىٰ للخروج لَكُنّه توقَف مرّة أُخرى يَستذكر لَهفة صديقهِ في عودتها،سَماع صَوتها حَتى وإن لَم يسمعها بِوضوح،يَشعر بِها،يَشم رائِحتها،تُعانقهُ،يَبكي أمامها،كَان يَرىٰ في عَينيهِ الآمان وهو بِرفقتها،والآن هِي رَحلت وأخذت مَعالم الحَياة مِن وجههِ وحِدقتيهِ.
لَعن نفسهِ وغَيّر اتجاههِ مرّة أُخرى نَحو القَصر،وَقف أمام البَاب وَطرق عليهِ بطرقات سَريعة غاضِبة وكأنّه يَنتظر أن تفتح الباب لِيُطوّق عُنقها بيديهِ ويتخلّص مِنها لِشّدة كُرههِ لَها.
نَفّض رأسهِ للمَرة الثّالثة وغَيرّ وجهتهِ للرّحيل لِكن فُتح البَاب لِيتجمّد في مَكانهِ واستدار ليجدها العامِلة التي تقطن في القَصر،زَفر هواءهِ واقترب نَحوها مُردفاً:آسف،عُنوان خاطِئ،لكِن تَبّاً لِكُلّ مَن يَعيش هُنا،وبالأَخص تِلك الفَتاة التي أول حَرف مِن اسمها كِيم وآخر حَرف هِيلين،واتمنّىٰ اقتلاع عَينيها لِأعطيهما لِشَخصٍ ما يَستحقهما أَكثر مِنها.
ضَيّقت العامِلة عَينيها بِتعجّب حَتى تَحرّك مِن أمامها في لَمح البَصر مُسرعاً لِسيّارتهِ واختفى تماماً،قَاد عودةً لِلمَشفى غير مُكترث لِصدمة مَن تَقف تُحاول استيعاب مَا حدَث للتو،عَاد مُسرعاً لِمساندة صَديقهِ مُتوقّفاً أمام المَشفى.
خَرج مِن السّيارة رَكضاً ثُمّ استَقلّ المِصعد إلى الأَعلى لِيتمكّن مِن الوصول في الوَقت المُناسب،وَقف أمام الغُرفة المَقصودة وسَأل بِأنفاس مُتسارعة:كَيف سَار الأَمر مِينجي!
مِينجي:لَم يَخرج بَعد،أين كُنت؟
جَلس بِجانبها يَلتقط أنفاسهِ لتُعيرهُ زُجاجة مَاء،ارتشف منها الكَثير ثُمّ استرسل بِإنزعاج:كُنت ذاهِب لِترويض تِلك المُراهِقة اللعينة لتُقابل جُونغكوك لَكِن لَم أجدها،لا أَظن أنّها ستحتاجه،فَـ لقد ورثت قَصر،مَشفى،أموال طَائِلة كُتبت بِإسمها،أشك حَقّاً إن سَألتها عنه سَتقول مَن هُو جُيون جُونغكوك.
مِينجي:هِيلين أَحبّت جُونغكوك،لا تُحاول انكار هَذا،يكفي أنّها عادت لَه بعد استغلالهِ لها في القَضيّة،لا تؤنّبها على ردة فِعل طبيعية،أَنت مُتحيَز.
يُونغي:بالطّبع مُتحيز،رَجل ذُو مَكانة وهَيبة يخسر كُلَ ما يَملك في لَمح البَصر في سَبيل طِفلة؟
ما اللعنة!
صَاح بِجملتهِ الآخيرة ثُمّ خَرج جُونغكوك على سَريرٍ مُتحرّك في سُباتٍ عميق يدفعونه نَحو غُرفتهِ الخَاصَة حَتى وقفا سَريعاً وتحرّكا نَحو الطبيب بِقلق لِتسأل مِينجي في خَوف:هَل سيستعِيد بَصرهِ!
قد قَرئا خَيبة الامل على وجههِ لكِن بقيا يتطلعان لِإجابة على سُؤال مِينجي حَتى نوّه بِحُزن:آسف للغاية لقول هَذا،جُونغكوك فَقد بَصرهِ إلى الأَبد.
جَلس على المِقعد بِيأَس وحُزن شَديد على حَالة صديقهِ،عَاد إلى غُرفتهِ بِرفقتهِ الطاقِم الطّبي لِلرعاية بِهِ،بَينما في الجِهة الأُخرىٰ تَرَجّلتا مِن السيّارة مَعاً أمام الجَامِعة،تَمسّكت بِأنامل ابنتها وابتسمت في وجهها بِصدق مُردفة:أُريد عَودة كِيم هِيلين حَقّاً،جُونهو لَم يعهدُكي ضَعيفة البَتة.
هَمهمت ومَسحت دُموعها التي على حَافة مِقلتيها وهَمست:أَتمنّىٰ أن يَقطن في مَكان مُريح للغاية أَفضَل مِن زِنزانة.
يُونهي:إنّه يَفعل عَزيزتي.
قَبّلت جَبينها ودَخلا إلى الجَامعة يَتشابِكان الأيدي،افترقا لِتذهب يُونهي لِمكتبها ووقَفت هِيلين في الحَديقة شَاردة،اتّسعت عَينيها شئ فَـ شئ،رَكضت نَحو مَكتب رَئِيس الجَامِعة وطَرقت بِأيدٍ مُرتجِفة،لَحظات حَتى سَمح لها بالدّخول،ابتَلعت رِيقها وجلست أمامهِ فَأردف بِأسف:جُونهو لَم يَكُن صَديق عُمري فَقط هِيلين،هو أَخي،لقد سَاعدني كَثيراً في حَياتي،سَأَكون شَاكِراً لَه دائِماً.
هِيلين:أَعلم سَيّد بَارك،فَقط...أُريد مَعرفة مُستويات ودَرجات طُلاب قِسم القَانون والمُحاماة.
أمال رأسهِ وفَتح حاسوبهِ النّقال سائِلاً:أي عام؟
هِيلين:الخريجون هَذا العام،والفرقة الثَالثة.
هَمهم بِتفهّم ثُمّ وَجّه الحاسوب في وجهها مُعلّقاً:هَذا يُعتبر أذكى وأقوى طُلاب القَانون في الجَامِعة،في عامهِ الأَخير،سيتخرّج قَريباً،دَخل إلى هِنا بِمنحة،مُتفوّق للغاية للدرجة الذي جَعلتهُ يحصل على المِنحة في أَسرع وَقت،مُتلاعِب ويَستخدم الطّرق المُلتوية ويتذكّر القانون جَيداً ويُجيد استِخدامهِ،لكِن للأسَف،حَالتهِ المَادية مُتدهورة،دُيون مُتراكِمة على عاتِق والدهِ،حَتى سُجِن.
حَدّقت بِإسمهِ طويلاً وهَمست:كِيم تَايهيونغ.
دوّنت عُنوانهِ ورقَمهِ ثُمّ ابتسمت نَحو المُدير قائِلة:أُقدر مُساعدتك حَقّاً سيّد بَارك،شُكراً لَك.
بادلها الأبتسامة وربّت على يدها قائِلاً:أنا هُنا دَائِماً في خِدمة ابنة أَخي.
وقفت مُنحنية لَه ورَكضت للخَارج،مُتوجّهة لِقسم القَانون رَكضاً،وَقفت أمام قَاعة تتفحَص الجَدول حَتى وَجدت مُحاضرة لطُلاب سَنة التّخرج الآن،طَرقت بِسرعة ثُمّ دَخلت بَهمجية،توقّف الأُستاذ وجَميع الأَعين توجّهت عليها،مَسحت المَكان بِعينيها لِيُردف الأسُتاذ:هِيلين لا يَعني أنّكِ ابنة العَميدة سَأسمح لكِ بالدّخول بهذهِ الطّريقة على مُحاضرتي،ألستِ في قِسم إدارة الأَعمال؟
هِيلين:مِن فَضلك امنحني لَحظة.
حدّقت هِيلين على الطّلاب ثُمّ سَقطت عَينيها عليهِ،توجَهت نَحوه ووقفت أمامهِ لِيرمقها أسفل نَظارتهِ بِتعجّب فَأردفت:سَأنتظرك في نِهاية المُحاضرة،لا تَذهب إلى أي مَكان،إن رَحلت لا مَانِع لديّ في أن أَذهب لِمنزلك،أَبداً.
حدّق بِها بأعين فَارغِة ثُمّ تحركّت مِن مكانها لِتشعر بِالإحراج فور ما رأت أن الجَميع يتفحّصها،مَا فَعلتهُ في غَاية الجَراءة،ابتسمت بِتكلّف بِإتّجاة الأُستاذ وانحنت لَه تَخرج مُسرعة.
قَررت استغلال هَذهِ السّاعة في شُرب قهوة دافِئة وقررت إخراج هاتفها القديم مِن جيبها تتفحّصه،لا مُكالِمات مِنه،رِسالة نَصّية،لا شئ مِن يُونغي أو مِينجي،اختفى مِن حياتها كَما ظَهر،مرّت السّاعة كَاللحظات،وهي تُحدَق أمام الهاتِف طَويلاً وبِشرود وانكِسار.
وقفت فَور مَا لَمحته يَخرج مِن القَاعة حَتى تلاقت أعينهما،كَسر التّواصل البَصري سَريعاً وتَحرّك مُبتعداً عَنها،ضَيّقت حِدقتيها وصَرّحت بِهمس:أهو مُختل؟
هَل أنا قَاتِلة مُتسلسلة؟
رَكضت نَحوها بِسُرعة ووقفت أمامهِ سائِلة:لِمَ تَهرب؟
عدّل نَظّارتهِ الطّبية وضمّ الكُتب إلى صَدرهِ مُنكَمِشاً وعلّق هامِساً:أَنتِ خَطيرة.
هِيلين:تَمزح صَحيح؟
خَطيرة؟
مَن أَخبرك هَذا سيّد كِيم؟
ابَتلع رِيقهِ وحدّق بمِن حَولهِ،الجَميع يُحدّق بِهما،قَصّ المَسافة التي بينهما ثُمّ هَمس قُرب أذنها:ألستِ حَبيبة هذا المحقق الفِيدرالي؟
هِيلين:كَيف عَرفت هَذا؟
مَاذا تَعرف أيضاً؟
وتَظنَ أنني الخَطيرة؟
لا أَحد في الجَامعة يعلم أنّه محقق سِواك.
فَضّل الصّمت عَن الإجابة عَلى سُؤالها حَتى نوّهت:اسمعني تَايهيونغ،سَأُرسِل لَك سائِقي الخاص ليِأخذك مِن مَنزلك لِمنزلي،لديّ الكَثير لِأتحدّث بشأنه مَعك.
تَايهيونغ:لا أَثِق بِكِ.
هِيلين:لديّ القُدرة على إخراج والِدك مِن السّجن،ودَفع كُلّ الديون المُتراكِمة عليهِ.
اتسّعت عَينيهِ وفرّق شَفتيهِ بعدما نَسى كَيف يتنفس مِن جُملتها وسَأل:كَيف تَعرفين هَذا؟
هِيلين:لا دَخل لك،الثّامِنة مَساءاً،ستجد السّائِق ينتظرك خارج مَنزلك،لَن أؤذيك صَدّقني،لَك وَعدي.
_____________________
تَجلس فِي غُرفتها حولها أوراق مَنثورة حَول سيرتهِ وسِيرة عائِلتهِ الذّاتية،درجاتهِ في الجَامعة،بيئة دِراستهِ عِلاقاتهِ،كُلّ شئ عَنه،طَرق على البَاب جَعلها تقف وتحرّكت تَفتحهُ حَتى انحنت لَها العامِلة وصَرّحت:السّيد كِيم هُنا آنسة هِيلين،لقد وَصل.
هَمهمت مُبتسمة ونزلت خَلفها تنتظر رُؤيتهِ،وقفت أمامهِ بينما هُو كَان يتفحّص القَصر بِفاهٍ مَصدوم لِتُردف:مَرحباً تَايهيونغ.
وَقف بإعتدال على الفَور وأجاب بِجدّية:مَاذا تُريدين؟
هِيلين:على رِسلك يا رَجل،لقد وَعدُتك،أنا لا أُخلف بِوعدي،هل هُناك شئ تُريد تَناوله؟
مَشروب؟
تَايهيونغ:لا،لا أُريد.
هِيلين:لا تَخف لَن أضع مُخدّر أو سُمّ بِهِ،لقد أخبرت عائِلتك بِوجودك مَعي لِذا إن لاحظوا اختفائك سيبلغون الشّرطة.
تَايهيونغ:قَهوة.
ابتسمت بِهدوء واستعدت العامِلة لِتأخذ طَلب تَايهيونغ ورَحلت،وَضعت هِيلين قَدماً فوق الأُخرىٰ وصَرّحت:أُنظر،كَيف تَعرف أنني حَبيبة جُونغكوك؟
تَايهيونغ:آنسة هِيلين مَاذا تُريدين؟
لَن أُكرر سُؤالي.
هِيلين:سَتصُبح مُحامي رائِع،لديّ الحَل لِكُل مَشاكِلك تَايهيونغ،أنا أعنيها،سَأرفع الكُلفة،لا داعي لِآنسة هِيلين،اسمي هِيلين.
تَايهيونغ:إذاً هِيلين،لا أمتلك أي مَشاكل.
هِيلين:إذاً لِمَ أتيت إلى هُنا؟
أنزل عَينيهِ بأحراج ثُمّ تَنهد طَويلاً مُجيباً:فُضول.
هِيلين:ارفع رأسك تَايهيونغ،لا يَجب علىٰ المُحامي الخَاص بِي خَفض رأسهِ بِتلك الطّريقة.
تَايهيونغ:مُحامي ماذا؟
ابتسمت بِهدوء ووقفت فور ما أتت العامِلة وأخذت مِنها كُوب القهوة ووضعتها أمامهِ مُنوّهة:لا تشرب،سأشرَب قَبلك.
تايهيونغ:هِيلين مِن فضلك.
قَهقهت وكَتفت ذِراعيها قائِلة:حَياتك مُكتظة باللعنات تَايهيونغ،تَعمل ثلاثة وظائِف جُزئية لتدفع دين والدك وعلاوةً على هَذا تحمل أعباء مَنزلك ومصاريف دراستك أنت وشقيقَتك،ماذا حَصل لِشبابك؟
جَلست بِجانبهِ عندما تَفحّصت ملامِحهِ المُتعبة والمُرهقة بِمُجرد سَماعهِ قصّتهِ البَائِسة التي تَسردها هِيلين لَه،استكملت حديثها تُؤنبّهُ:كَيف فَعلت هذا بِنفسك؟
لقد دَفنت شَبابك وحَياتك التي مِن المُفترض أن تَعيشها،الحَياة الجَامِعية هي أفضل مَرحلة بِحياتك،كَيف فَوّتها هكذا؟
تَايهيونغ:أنا رَجُل ذو مُسئوليات،لستُ مُرفّه مِثلكِ.
هِيلين:أَعلم جَيّداً مَن تَكون تَايهيونغ،لذا أنا سَأمدّ لك يدي للمُساعدة،سَأَدفع دُيون والدك بِأكملها.
لَم تجِد مِنه إجابة لكِن حِينما أخرجت الشّيك المَصرفي ووضعتهُ أمامهِ حَتى صَرح بِصدمة:هذا يَفوق المبلغ المَطلوب!
بِأضعاف!
هِيلين:أَعلم،أَنت تستحقّه،رَجل بِذكائَك،وقدرتك العَقلية،ونجاحك في الحُصول على المِنحة في الجَامعة هَذا يَعني أنّك رَجل جدير بِالمسئولية التي تركها لَك والدك،عِندما يَخرج ويرىٰ كَم كابدتُ العَناء في إصلاح كُلّ شئ،رَجل جَدير بِالثّقة،أعطيتُك مَبلغ مُضاعف لِتعيش أنت وعائلتك دون مُعاناة مِن أي ضائِقة مَالية،وسُأوظّف والِدك في شَركة تليق بِوظيفتهِ.
تَايهيونغ:هِيلين،مَن أَنتِ؟
هِيلين:لقد اشتريت مَنزلك،ووضعتهُ بإسمك،لَن تُعاني لِتدفع الإيجار شَهرياً مِن رَجل قَضيب يَنتظر الشَهر المُقرر للدفع لَكِي يُحاول كَسرك واستنزاف مِنك المَال وتُعاني أنت بالعمل بِساعات مُضاعفة في الوظائِف الثّلاثة،اذهب وقّدم المبلغ المَصرفي للمَحكمة وأخرج والدك وعِش أنت وعائِلتك بِسلام،لكِن كُلَ هذا بِمقابل.
شَاهَدت عينيهِ الدّامِعة لِحديثها عَنه وعن عائِلتهِ حَتى ابتسمت وامسكت يديهِ مُردفة:كُن المُحامي الخاص بِي.
تَايهيونغ:لِـ لِمَ أنا؟
هِيلين:لِتكُن شاكِراً لِي،وتَعمل لِصالحي بِإخلاص،وننجح في تَبرئة والدي.
تَايهيونغ:فَقط؟
هِيلين:فَقط تَايهيونغ،مُوافِق؟
تَايهيونغ:هَذا كَثير لِأستيعابهِ،أنا لَم أثِق بِكِ بَعد.
هِيلين:أَعلم،لَك وقتُك،فَكِّر بالأَمر،وحادِثني،أنا سَآتي لَك وَقتها،وسنذَهب مَعاً لِإخراج والِدك.
تَايهيونغ:أَعلم أنّكِ غَنية بِذلك القَدر،لكِنّي لست سِلعة لِتُحاولي شرائي بِمالكِ.
هِيلين:أيها الأَحمق أنا أُساعِدك،والِدك بِريئ،مِثلما أبي تَماماً،قد يَكون مَات،لكِن روحهُ مَا زالت داخل تِلك الزنزانة ظُلماً،صَدّقني تَايهيونغ،أنا لا أقوم بِشرائك،أنها مَنفعة مُتبادلة،سَأستخدم ذكائَك لأثبت للعالم بِأكملهِ أنّه بريئ،وستستخدمني لِلنهوض بِعائِلتك وتَغدو قَويّاً،مَا رأيك؟
______________________
انتهى البَارت
تتوقّعوا هِيلين أحسنت اختيار تَايهيونغ؟
مَا رَح يكُون فيه بلوت تويستات قادِمة؟
جُونغكوك وهِيلين انتهت عِلاقتهم؟
هي ما تدري شي عَنه وكرهته وقررت تمشّي حياتها لقدام؟
تتوقّعوا حّقها تسوي كذا؟
البَارت الجَاي مَوعده غير مُحدد بس بحاول أحدّث مبكر على حسب التّفاعل.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top