شُركاء
اقتَربت نَحو مَالِكة المَشفىٰ بِأعين ضائِعة مِردفة:أَين ذَهبتِ؟
لَقد بَحثت عنكِ في كُلّ مَكان.
ابتلعت هِيلين واستدارت تُخفي دُموعها الضّعيفة لِتمسحها واستدارت مَرّة أُخرىٰ بِتعابير بَارِدة:مَرّ وقت طَويل مِينجي،هذهِ مَشفى أبي،وأنا وريثتهِ.
مِينجي:هَل يُمكِنني التّحدث مَعكِ؟
هِيلين:تَفضّلي،دَاخِل إطار العَمل إن سَمحتِ.
أومأت مِينجي بِتفهّم وسَارا لِلمكتب،دَخلتا وجَلست هِيلين على مَكتبها تُغلق المَلف سَريعاً بِسبب ان حَتى رُؤية اسمهِ،تَجعل قَلبها ينَقبض،شَابكت أنامِلها وزيّفت ابتسامة لِمينجي مُعلَقة:تفضّلي مِينجي،مَا لديكِ؟
مِينجي:أنتِ لا تمتلكي أي فَكرة عمّا حدَث لِأخي مُنذ مَا يُقارب ثَمان سَنوات صحيح؟
هِيلين:إطار العَمل مِينجي.
مِينجي:جُونغكوك تَعرّض لِحادث خَطير،أَدخله في غَيبوبة لِأسبوعين،وبَقى يَتعافى مِنه لأربعة أشهر،ولا زال يُعاني مِن تَأثيره حَتى الآن.
شَاهدت اهتِزاز مَلامِح هِيلين المَصدومة ثُمّ نَكسَت رأسها تَنظر لِيديها التي ترتَجف بِجنون ثُمّ أدخلتها أسفل المِنضدة مُعلَقة بِنبرة مُرتَعِشة شَعرت بِها مِينجي:أ أنتِ الآن تُحدّثيني عَن مَريضكِ؟
مِينجي:إنّه جُونغكوك.
أَغمضت عَينيها بِقوّة فور مَا سَمعت اسمهِ واستدارت سَريعاً بالكُرسي كَي لا تَسمع أَكثر،لكِن مِينجي تَابعت حديثها قائِلة:جُونغكوك لم يَذهب لِكندا،جُونغكوك كَان في كُوريا طَوال الوقت،لكِنّه كان يُعاني،خَسر عملهِ،مَنصبهِ،كُلّ شئ.
استدارت مرّة أُخرى دُون وَعي وسَألت بِنبرة هامِسة:كَيف خَسر عَملهِ؟
ألم يَكسب قَضيّة أبي؟
مِينجي:أَنتِ حَقّاً لا تَعرفي أي شئ.
هِيلين:حَياة المَريض الخَاصّة لا تَهمّني بَل تَهم الطّبيب المُختص.
مُينجي:جُونغكوك فَقد بَصرهِ هِيلين.
دُون وَعي قَد وَضعت يديها على ثَغرها،شَاهدتها مِينجي تَبكي بِأعين مُتّسعة،لا إرادِياً مِينجي قد بَكت خَلفها،جُونغكوك تَأقلم على علّتهِ،مِينجي لَم تَفعل حَتى الآن،بَل قَلبها يُؤلمها على أَخيها،الذي يَومهِ يَتكرر لِسبع سَنوات،لا شئ جَديد في حَياتهِ سِوى أنّه يستيقظ،يَستمع إلى مُشغل المُوسيقى،ويُخرج كُلّ طاقَتهِ في كُرة الضّغط،النّادي الرياضي.
هِيلين:هَـ هَذا مُستحيل!
مِينجي:مُديرة المَشفى عليها أن ترى المَريض الذي يلزم لَه طَبيب نَفسي مَنزلياً،لكِن لا أعتقد حَقّاً أنّه سَيترك المَنزل،لِذا لمَ لا تأتي مَعي لِرؤيتهِ؟
_____________________
وَقفت بِسيارتها أمام المَنزل المَقصود،وفي ذات الوقت وقفت سَيّارة هِيلين خَلفها،خَرجت مِن السيّارة وتفحّصت المَنزل طَويلاً،سَارت وراء مِينجي بِتوتّر،يدها ترتعِش لكِنها تَخفي هذا أسفل قِناع القوّة والثّبات.
توقّفتا لدى الشّرفة وضَغطت مِينجي على لوحة الرّقم السّري وفُتح البَاب،دَخلت أولاً وهيلين بَقت تُحدّق في الفَراغ تتنفّس بِصعوبة،تَحدّثت أَخيراً وبَدأت تتراجع:لا لَن أَفعل،لن أراه.
مِينجي:هِيلين.
انفَجرت في البُكاء وصَاحت بِها بحُرقة:لَقد دمّر حَياتي مِينجي!
ألديكِ عَقل يَستوعب ما الذي مررت بِهِ مُنذ أن رأيتهُ!
تَبّاً لَا أعلم لِمَ أنا هُنا الآن!
أمسكت مِينجي يَدها وَسحبتها إلى الدّاخل،نَفت بِقوّة وتُحاول التّحرر مِن قَبضتها حَتى نوّهت لَها:وأنتِ لا تمتلكِي أي فَكرة عن حَياة جُونغكوك بَعد انفصالكما،بَعد الحَادِث،بَعد كُل شئ مَرّ بِهِ.
هِيلين:مَاذا عَن حَياتي أنا!
أنا وَحيدة مِينجي!
لقد صَنع مِن حَياتي نُسخة مِن حَياتهِ ورَحل!
مِينجي:أَعلم هِيلين أَعلم،لكِنّه لم يَرغب بِهذا،لقد مَنحكِ الكَثير مِن الوعود،لَكِنّها ليست وَعود كاذِبة،فقط جُونغكوك لَم يتسنّىٰ له تَحقيقها لَكِ.
هِيلين:أنا واللعنة أَكرهه!
سَقطت هِيلين أَرضاً تَبكي بِغزارة حَتى اقتربت مِينجي وجَلست تتمسّك بيديها وهَمست:أنا حَقّاً لم أكن أعلم أنّها مَشفاك،لكنّي اخترتها مِن بين مِئة مَشفى لِمعالجة أخي نَفسياً،هَذا قَدر هِيلين،لَم تَكُن بِنيّتي أبداً استرجاعكِ والعَودة لِجونغكوك.
هِيلين:لَقد قُمتِ بِهدم ما كُنت أُحاول تَرميمهُ لِسنوات.
عانقتها مُينجي بِقوّة وهيِلين لَم تَفعل شئ سِوىٰ أنّها قَد تمسكّت بِذراعها تبكي على كَتفها،أمسكت بِأناملها وَهمست:هو لَيس هُنا،هو بالنّادي الرّياضي،سَيعود الآن مَع السّائِق.
هِيلين:كَيف هَذا؟
مِينجي:إنّه جُونغكوك،ألا تَظنَين أنه سيكون صَبوراً مَع نفسهِ وعلّتهِ؟
أنتِ رُبما تَعرفينه أَكثر مِن أي شَخص،سيتصرّف وكأنّ لا شئ يَحدث مَعه،يُفرّغ طَاقتهِ بِشَئ،سَريع التكيف ولا يعتمد على أي شخص بِمجرد أنّه أعمى،أليس هذا جُونغكوك؟
وَقفتا بِإعتدال ثُمّ سَحبت مِينجي هِيلين لِتجلس على الأريكة ونوّهت:سَأُحضِر لَكِ كُوب مَاء.
أومأت هِيلين بينما تُجفف وجهها ثُمّ تَفحّصت المَكان بَعينيها،قَليل الأثاث،مُريح للعينين،عَادت مِينجي وجَلست قُربها مُتسائِلة:حدّثيني عَن حَياتُكِ هِيلين.
ارتشَفت هِيلين القليل ووضعت الكُوب على الطّاولة تتنهّد طويلاً وصَرّحت:بِخير،لقد اعتدت على الوِحدة.
كَانت تُحدّق مِينجي بِها،وهِي تتذَكّر كُلّ ما مرّ بِهِ جُونغكوك قَديماً،ناجِح،غَني،ذَكي،ذُو نُفوذ،لكِن وحيد،حتى دَخلت هِيلين حَياتهِ،وكأنّ حياتهِ كَانت بالأبيض والأَسود وقامت هِيلين بتلوينها له.
مِينجي:هَل أَنتِ مُتزوّجة؟
هِيلين:أَتظنين حَقّاً أنني قد أثِق بِأي شَخص بعد الذي مَريت بِهِ مَع السَّيد جُيون؟
مِينجي:سَيد جُيون؟
أعلم أنّه يشتَاق سَماع هَذا اللقب ومنكِ تحديداً،لنعد للمُهِم،مَاذا عَنه؟
ذَلِك الرّجل الذي كَان مَعكِ بالجَنازة؟
هِيلين:تَايهيونغ؟
هو صَديق مُقرّب لِي.
مِينجي:حَتى الآن؟
هِيلين:نَعم،وجُونغكوك؟
مِينجي:جُونغكوك يَمتلك يُونغي،لطالما كَان دائِماً يكتفي بِصداقتهِ.
هِيلين:أَعلم هَذا،لكِن يُونغي اختفى مَعه،حَتى لَم أراه مَرّة واحِدة.
مُينجي:رَغبة جُونغكوك.
هِيلين:بالطّبع،ظنّ أنني قد أتخلّىٰ عَنه بعد فُقدانهِ بصرهِ،كَيف يراني واللعنة؟
عَاهِرة كاذِبة؟
لقد أحببته،كَيف ظَن أنني سَأتخلى عَنه!
مِينجي:كِبريائِهِ هِيلين،كِبريائِه.
هِيلين:سُحقاً له ولِكبريائِه،سَعيد بَعدما فَعل كُلّ هذا بِنا؟
قَاطَع حديثهما صَوت البَاب الذي يِفتح،وقفت هِيلين سَريعاً وكأنّها تُريد الإختباء رُغم أنّها تَعلم أنه لَن يراها،ظَهرت هَيئتهِ وحِينها قَدميها قد ارتَعشت واستندت على الأريكة،تحدّث بِصوتهِ الثّخين يُنادي:مِينجي هل عدتِ؟
مِينجي:نَعم جُونغكوك.
جُونغكوك:أَين كُنتِ؟
اقترب وشيئاً فَـ شئ قد سأل بِتعجب:هل معكِ أحد؟
مِينجي:نَـ نَعم.
اقتربت هِيلين ثُمّ رَفعت يدها لدى وجهه تُحرّكها أمام عينيهِ لكِنّه لا استجابة،كَادت تَسحب يدها إلا بهِ يلتقطها سريعاً وبقوّة مُعلّقاً:يبدو أن ضَيفتكِ لا تَعرف حدودها جيّدَاً مِينجي.
هِيلين:سَـ سَيّد جُيون!
قالتها هِيلين برجفة وهي على حافّة البُكاء تَرك يدها وأمال رأسهِ قائِلاً:هَل تَقابلنا سابِقاً؟
التفتت لِمينجي بِأعين دامعة حَتى تقدّمت ونوّهت لأخيها:جُونغكوك إنّها هـ
هِيلين:أنا الطّبيبة النّفسية!
صَاحت بِها هِيلين سَريعاً قبل أن تُكمل مِينجي جُملتها لتنعقد مَلامِح جُونغكوك بِغضب وصَاح:طبيبة نَفسية لِمَن مِينجي!
مِينجي:لَك جُونغكوك.
جُونغكوك:دَعيها لَكِ أنا بِخير تماماً ولا أحتاج لأطباء نَفسيين.
مِينجي:كُلنا مَرضى جُونغكوك،لا أَحد مِنّا بِخير.
جُونغكوك:أنتهينا مِينجي،أنا بِخير.
كَاد يَصعد إلا بِهِيلين تتحدّث وتوقِفهُ بِكَلِمة صادِمة:هِيلين.
استدار بِهدوء وتوّجه ناحيتها،حَدسهِ يُخبرهُ أنها تقف أمامهِ وهي كَذلك بالفِعل،شَعر بجسدها قُربهِ،دنى لِيصل لِمستواها وعلّق:لا أعلم مَن أنتِ وكيف لكِ أن تَعرفي هذا الأسم،لكِن حَقّاً إن سَمعتهُ يخرج مِنكِ مُجدداً سأقتُلكِ.
مِينجي:جُونغكوك!
جُونغكوك:أخرجي أنتِ وطبيبتكِ،سأغتسل،ولا مَانع لديّ في أن ألوّث بصرها بجسدي العاري،أعذريني أيّتها الطبيبة فَأنا لا أستقبل غُرباء في مَنزلي،وأتعامل بِراحة كَبيرة ولن أكترث لِأي شَخص،أنتِ مَن اقتحم المَنزِل دُون اذني.
تحرّك مِن أمام هِيلين التي كَانت تتنفّس بِصعوبة لِقربهِ مِنها وابتلعت رِيقها وشاهدَتهُ يقترب مِن مِينجي وصرّح بنبرة هامِسة تَمكّنت مِن سماعها:أنا حَقًاً سأقتلكِ مِينجي.
تراجع وبحذر قد وَصل إلى السُلم،فقد حَفظ هذا المَنزل بِأكملهُ،يعرف كُلّ بُقعة بِهِ،ومِن حركاتهِ الواثقة في المَنزل سَيظن أي شَخص أنّه يستطيع الرُؤية جَيداً،صَعد حَتى هَمست هِيلين بِصدمة:كَيف لَم يَتعرف على صوتي!
مِينجي:سَمعهِ قد تضرر في الحَادِث،رُبما عقلهِ نَسى صَوتكِ،أو أذنهِ لَم تَعد تُميّز الأصوات التي لن تتواجُد حوله مُجدداً بَعد الحَادِث،عِندما كَان في المَشفى،بالكَاد اعتاد على صوتي أنا ويُونغي.
هِيلين:تَبّاً حَقّاً.
مِينجي:انتظري هُنا.
صَعدت مِينجي سَريعاً خَلف أخيها وطَرقت على بَاب غُرفتهِ حَتى صرّح بِنبرة مُرتفعة:أَخبرتُكِ أن ترحلي!
دَخلت بُهمجية وقالت بنبرة مُؤنّبة:هَل صَعب عليك ارضائِي!
جُونغكوك:مِينجي هل فَقدتِ عقلكِ؟
هل أَبدو لَكِ رجلاً مُختل؟
مِينجي:جُونغكوك نَحن نَعيش في ذات المَنزِل لكِنَي أجهل أي لعنة عنك!
إذا لا تُريد أن تُخبرني على الأَقل تحدّث مَع أي شَخص عداي أنا ويُونغي.
جُونغكوك:أتحدّث مَع شَخص غَريب بالكَاد يَعرفني؟
مِينجي:وهذا الأَفضل جُونغكوك،لن تَشعر أنها ستنحاز لَها أو لَك،سَتكتفي بِالإستماع إليك.
جُونغكوك:لا أحتاج لها لِتسمعني،وثُمّ مَن سَمح لكِ أن تُخبري تِلك الطبيبة عَنها؟
مِينجي:أُخبرها عَن مَن؟
لَم يُجيب بل استدار وفَتح خِزانتهِ يقرأ النّقاط البارزة على البَطاقة المَربوطة بملابسهِ والتي صممتها مِينجي له كي يتعرف على ثيابهِ،التَقط بنطال وتيشيرت فِضفاض حَتى صَاحت مِينجي بِعدم تَصديق:أَنت حتى لا تستطيع قَول اسمها!
جُونغكوك:لا أُريد تَذكَرها مِينجي!
كُفي عن تذكيري بها!
مِينجي:لقد أخذ هذا منك سَنوات ولم تتخطّاها بَعد،رُبما إن تحدّثت عنها بصوتٍ عالي عوضاً عن الصراعات التي تَحدث داخل عقلك،ستفهم أنّ الأمر سَهل،ليس مُعقّد كَما تتخيّل،وتبدأ في العَيش،كَما يَنبغي عليك.
جُونغكوك:لَم أُخبركِ أنني أُريد أن أنساها،لا أُريد هَذا،أَفهمتِ أم صَعب عليكِ هَذا؟
مِينجي:لَن أَضغط عليك،لكِن فَكّر جَيّداً،على الأَقل لِتمضية وقتك وأنا في العمل،الأَطّباء النّفسيين لا يُخرجوا أسرار مرضاهم،حَتى أنا لن أعرف أي شئ مما سَتقوله لَها.
جُونغكوك:أُريد الإغتسال مِينجي،مِن فضلكِ.
مِينجي:على رَاحتك.
استدارت للمُغادرة وكادت تمسك مِينجي المِقبض لكِن استوقفها صوتهِ قائِلاً:هِيلين ليست مادّة لتتحدّثي عنها مِينجي،وليست نُقطة ضَعفي،وليست عِلّتي أيضاً،وليست مَرضاً لِكي أتعالَج مِنها،أنا بِخير،وإن كُنت لازلِت مَجنون بِها لن أعش حَتى هذهِ اللحظة،أنتِ تعرفين جَيّداً إلى أي مَدى أحببتها،لكِنها تخطّت أمري.
مِينجي:لم تتخطّىٰ أمرك،لكِن،عندما مات والدها وتعرّضت أنت للحادث،قِيل عَنك أنّك ذهبت إلى كَندا وتَمّ ترقيتك لنجاحك في قضيّة والدها،ورَحلت دُون أن تكترث بِأمرها.
توقّف عمّا يَفعلهُ ورفع رأسهِ يتوجّه ناحيتها وسأل:كَيف علمتِ هذا؟
مِينجي:وما لا تعرفهُ أيضاً،هِيلين والدتها ماتت،في ذات العام الذي انتحر بِهِ والدها،وصادَف أيضاً أن حَبيبها المُحقق قَد اختفى دُون أن تعرف أين رَحل،بَعد أن قام بإستغلالها ووضع الأصفاد في يد والدها الذي انتحر في زنزانتهِ قبل أن يفي حبيبها بوعُودهِ الكاذبة،هَذهِ ليست الحَقيقة جُونغكوك،لكِن على الأقل هذا ما رأتهُ هيلين.
جُونغكوك:يُونهي ماتت؟
مِينجي:فكَر جَيّداً أخي،لا عَيب في مُعالجة نَفسك،حَتى وإن كَان المَرض ليس ظَاهرياً.
خَرجت مِن الغُرفة وتركتهُ يقف في صَدمة،لم يَسمع عنها مُنذ سَنوات،ظَنّ أنّها تخلّت عنه،أو رُبما اكتفت مِن مواعدة مُحقق كَاذِب،وقد تفهّم أمرها،لا يَعلم أنّها كَانت تَبحث عَنه في كُل مكان حَتى أدركت أنّه رَحل إلى كَندا دُون عَودة.
نَزلت مِينجي إلى الأَسفل وتزامن مع هذا،باب المَنزِل يُفتح وظَهر مِن خلفهِ يُونغي الذي اتّسعت عينيهِ وهَمس:هِيلين!
وقفت هِيلين وواجَهته بَعدما مَسحت دُموعها:سيد مِين.
مَدّت يدها راغِبةً في مُصافحتهِ لَكنّه سَحب يدها وعانقها بِقوّة مُردفاً:يا إلهي أيّتها الصّغيرة،مَرّ وقت طويل.
هِيلين:هل لازلِت تراني صَغيرة؟
بادلته العِناق ونَظر لِمينجي بِضياع ثُمّ ابتعد عَنها مُتسائِلاً:كَيف أنتِ هُنا؟
مِينجي:سَأُخبرك لَاحقاً،جُونغكوك لَم يتعرف على صَوتها.
اتسعت عينيهِ قليلاً وتفحّص هيلين التي نَكّست رأسها ثُمّ نوّه:عرفت هذا،جُونغكوك لَم يتعرّف على صَوتي بَعد الحادِث،أصواتنا بالنسبة لَه مُنخفضة،مُشوشة،لكِن يستطيع تمييزها الآن بِتكرارها بِأذنهِ،مُستحيل أن يتعرّف على صَوت فَتاة مرّ على رؤيتها أكثر مِن سبع سَنوات.
هِيلين:يجب عليّ الرّحيل،عن أذنكما.
سَحبت هِيلين حَقيبتها وتَحرّك حَتى التَقط يُونغي يدها يوقفها ونوّه:أنا حَقّاً سَعيد بِرؤيتكِ،وليس لِتواجدكِ لجُونغكوك،أنا سَعيد أنّكِ هُنا،قويّة،كما أَنتِ دائِماً،وآسف أنني لم أتمكّن مِن رؤيتي بِشكل مُباشر في جنازة يُونهي،ظننت أنّه ليس علينا جعل نفسيتكِ أكثر سُوءاً بِظهورنا حولكِ.
هِيلين:شُكراً لَك.
________________________
وَضع عِطرهِ على جسدهِ المُبتل العاري وبدّل ثِيابهِ ثُمّ جَلس على السّرير بِشرود،قَلبهِ يَتألم مُنذ أن عرف بِأمر يُونهي،كَانت امرأة حَقّاً قَويّة،ليست مِثل أُمهِ التي انتحرت،لقد تحمّلت سوء سُمعة زوجها لكِن دافعت عَنه ولم تُبرح مَكانها،فَعلت المُستحيل لِإثبات برائتهِ
لا يعرف ماذا حَلّ بها،لكِنّه حَقّاً مُتأثر،لِهيلين الذي انتهى بِها الحَال مِثله،وكأنّ هُناك لَعنة أصابت حَياتها مُنذ أن أَحبها،قلبهِ ينزف،لكن على وجههِ برود وثَبات،مُخيف،طَرق على بَاب الغُرفة حَتى ارتدى سماعتهِ وقال:تَفضّل.
دَخل يُونغي عليهِ واردف:مَرحباً يا لَعين.
ابتسم جُونغكوك بِهدوء واستلقى على سَريرهِ وبيدهِ تمسّك بالمُنشفة يِجفف شَعرهِ حَتى سَحبها يُونغي وبدأ يجفف لَه شَعره واستكمل:كَيف حالك اليَوم؟
هل ذَهبت للنادي الرّياضي؟
جُونغكوك:نَعم،هل كَان لديك قَضّية اليوم؟
ابتسم يُونغي بِلطف على جُونغكوك الذي يمتلك فضول لا مُنتهي عن قضايا المَكتب،لا ينفك عن سُؤالهِ بمجرد مُقابلتهِ الأكبر،يعلم شَغفهُ الكَبير لعملهُ الذي خَسره،يعلم كَم كَان يُحب حَلّ القَضايا المُعقدة،ويُمضي وقتهِ بِسماع مُغامرات يُونغي بِالعمل،يحترق لِحرمانهِ مِن هذهِ المُتعة.
يُونغي:نَعم،لقد وجدت حل للقضية التي أعمل عليها،بِفضلك،أنتَ ذكي حَقّاً،شُكراً على مُساعدتك.
ابتسم جُونغكوك وهَمهم وداخلهُ حزين،وهو يَسمع عن عملهِ الذي خسَره في لمح البَصر،انتهى يُونغي مِن تجفيف شَعرهِ وجلس بجانبهِ حَتى سأله الأصغر:هل تَعلم بِموت يُونهي؟
يُونغي:جُونغكوك.
جُونغكوك:كُن صادِقًا هِيونغ،مِن فضلك.
يُونغي:نعم،كُنت أعلم.
جُونغكوك:كَيف لك ألا تُخبرني؟
يُونغي:لأني أعلم ما يدور بِرأسك الآن،هل أنا فَعلت هذا بِها؟
رُبما أنا السبب بِكل ما مرّت بِه؟
أعلم واللعنة بماذا ستُفكّر جُونغكوك،لقد كُنت تتعافى مِن حَادث جَحيمي خرجت مِنه،لن أُثقل كاهِلك بِأمرها،ويونهي مَاتت بسبب أزمة قلبية،لم تنتحر.
جُونغكوك:فقدت والدها ووالدتها في ذات الوقت.
يُونغي:كَما كَان الحَال مَعك،انتقلت وتركت كُلّ شئ استكملت دِراستها وعندما تخرّجت تولّت إدارة مَشفى والدها وَحدها،قويَة للغاية.
جُونغكوك:أَعلم هَذا.
يُونغي:كُنت أعرف أنه لا فَائِدة مِن اخبارك أي شئ عنها،لقد قررت ألا تتقابلا مُجدداً،لم ترغب بِإرغامها على البَقاء مَعك وأنت عليل،كِبرياءك تَغلّب على قَلبك وتركتها،لم أَكُن أُريدك أن تتردد في هَذا القَرار،كان الأفضل لِكلاكما،أنت تُشفيا مِن كُلّ شئ بِشكل مُنفصل.
هَمهم جُونغكوك وأنزل رأسهِ ثُمّ علّق:تعلم أن مِينجي أَحضرت طَبيبة نَفسية هُنا؟
يُونغي:لكِنّها لَيست...أوه.
تدارك مَا فَعلتهُ مِينجي وصحح جُملتهِ مُجدداً:أعني هذا ليس سئ كَما تَظن،تَعلم أنني بِعمرك كُنت أذهب لأطبّاء نَفسيين،هذا لَن يُعيبك جُونغكوك،إن كُنت تَمتلك شئ لِقوله تعجز عن اخبار مِينجي أو اخباري بِهِ،الأطباء النّفسيين جَيّدين حقّاً في الإستماع،عدم الإنتقاد،صبورين.
جُونغكوك:تَظن هَذا؟
يُونغي:بالطّبع،فكِّر بالأَمر صَديقي،رُبما سَيشعرك الأَمر بِشئ مُختلف.
___________________
وَصلت حَيث مَنزلها ودَخلت بِوجهٍ شاحِب لكنَها ابتسمت فَور مَا رأته ورَكضت نَحوه تحتضنهُ بقوّة،مَسح على ظَهرها وسأل:أين كُنت هِيليني؟
مررت لِأقلّكِ لكن مُساعدتك قالت أنّكِ رَحلتِ مُبكراً.
هِيلين:فَقط كَان عليّ الإهتمام ببعض الأُمور.
سَحبها ليستلقيا على الأريكة،كَانت تُريح رأسها على صَدرهِ،بالكَاد تَعي ما يَحدث حولها فَقط تَشعر بِأناملهِ التي تُغرز بين خُصلات شَعرها،تسللت يده لِتمسك بذقنها ورفع رأسها كَي تنظر نَحوهُ وتَسائِل:مَا خَطبُكِ؟
هِيلين:لا أَعلم،ضَغط عَمل رُبما.
طول طريقها مِن مَنزل جُونغكوك لمنزلها،صَارعت ذاتها كثيراً وترددت في إخبارهِ بِشأن جُونغكوك ومِينجي،وقررت ألا تَفعل،رُغم أن تَايهيونغ هُو جُزء مِن حَياتها وَقلبها،تُحبّه كَثيراً،حَتى إن لم تَكُن تُعبّر عن هَذا في العَلن،لكِنّه يَعرف،وهذا يَكفيها.
تَايهيونغ:فَقط؟
هِيلين:فقط تَاي،فَقط.
تَايهيونغ:هَل تناولتِ شئ؟
لقد جَهَزت العَشاء.
هِيلين:شُكراً لَك،على كُلّ شئ،شُكراً لِأنّك كُنت هُنا،دائِماً،أنا أُحبّك حَقَاً تعلم؟
ابتسم بِصدق وترك قُبلة طويلة على رأسها،رفعت عينيها والتَقت بِخاصتهِ حَتى رَفعت نفسها لِتصل لِمستواه وحدّقت بِهِ طويلاً،تَمسح على وَجههِ بلُطف ثُمّ ابتسمت في النّهاية،شَعرت بِأنفاسهِ قُربها،اسقط شِفاههِ على خَاصتها،بِنعومة،لمساتهِ كَانت رَقيقة على جَسدها وكأنّها هَشّة،تمسّك بِفخذها العاري ووضعه حول خَصرهِ،في لحظةٍ قد أصبح أعلاها بعدما فصل ساقيها وارتفعت التنورة قليلاً واستقرّ بين فَخذيها.
أفعالهما مَعاً لا تَبدو وكَأنهما مُجرد شُركاء جِنس،هما فقط ينسَجِمان مَعاً،يُفرِغان كَم الطّاقة والضّغط في بَعضهما في نِهاية يَوم عَمل شَاق،يَجدان الطّمأنينة،السّكينة،الرّقة والهُدوء في بَعضهما ليس أَكثر،لا يَحتاج للتحدّث عن شَئ يؤلمهُ أو يوتّره لِأنّها ستفهمه على الفَور،وهي كَذلك،يرىٰ شئ دَاخل عَينيها،شئ تُخفيهِ،لكِنّه لم يرد أن يَضغط عليها أَكثر،لذا سَيجعل جسدهِ يتحدّث إليها ويُخفف عَنها.
تُبادلهُ هذهِ القُبل الحَارة،لكِن عقلها في مَكانٍ آخر،تُفكر في أحداث يَومها العَصيبة،حَبيبها السّابِق الذي عَثرت عليهِ لكِن ليس كَما تَركتهُ،لَيس جُونغكوك القَوي،صاحِب النُفوذ،دِبلوماسي ومحقق فِيدرالي،بَل رَجل مُظلم،انطوائي،قَليل الكَلام،طباعهِ احتدت أكثر،شَعرهِ أصبح طَويلاً نسبياً،ليس كَما تركتهُ حَرفياً.
فَور ما أتى في مُخيّلتها ابتعدت سَريعاً تَسحب شفتيها مِن ثَغر تَايهيونغ حَتى تَسائَل:هَل أنتِ بخير؟
هِيلين:نَـ نَعم أنا بِخير،فَقط أُريد تَبديل ثِيابي،أَشعر أنني مُقيّدة،سَأعود لِنتناول العَشاء مَعاً،لن أتأخر.
تَحرّكت سَريعاً مِن أمامهِ تَصعد إلىٰ وهذا جَعلهُ في حِيرة مِن أمرها،دخلت إلى الغُرفة وأغلقتها خَلفها تتنفّس بِتوتّر وكأنها خافت مِن تايهيونغ أنها رأت حبيبها السّابِق اليَوم،هي كالكِتاب المفتوح لَه،سيقرأها جَيداً،وهي تدعي ألا يكشف أمرها.
تكوّنت عِلاقة عَميقة،صداقَة فَريدة مِن نوعها،مُثيرة للإهتمام،إنجذاب الجِنسي جُنوني جَمعهما خِلال السّنوات المَاضية،والآن جُونغكوك ظَهر مِن العَدم وعكّر صفو علاقتهما وسلامها النّفسي.
وَضعت يدها على أيسرها وجَلست على السّرير تَستوعب كُلّ ما حدث اليَوم،هَذا يَعني أن خَطيبها لَم يَتخلّىٰ عَنها،بَل ساءت ظُروفهِ قَبل أن يتسنّىٰ لَه إخبارها،لم يَرغب في جَعلها تراه في هذهِ الحالَة وَقتها،استغلَ كُلّ ما قِيل عَنه في هذهِ الفترة ورَحل،لم يُصحح لها سُوء الفَهم،لم يُخبرها أنّ آخر شَخص قد رآه،لَمسه،قَبّله،وتحدَث مَعه قبل فُقدان بصرهِ كَانت هِي.
خَلعت سُترتها الرّسمية وقَميصها لِتغدو نِصف عارية،قَبل أن تُكمل تبديل ثِيابها قَد التقطت عُلبة سَجائِرها ووضعت واحِدة بين ثَغرها وأشعلتها،أخذت نفساً طَويلاً وأغمضت عَينيها بِخمول حينما مر الهواء بين رِئتيها وابتسَمت حِينما دَخل تَايهيونغ وهي تقرأ النَظرة التي على وجههِ.
كَتف ذِراعيه واسند جسدهِ على الباب قائِلاً:في طَبيعتي أنا لست رَجلاً فُضولياً البَتة،لكِن حينما يتَعلّق الأمر بِكِ أنا لا أرى شئ أمامي سِواكي.
وقفت أمامهِ لِيُحاوط خَصرها العاري وصَرّح:قد أستطيع قِراءة قلبكِ لَكِن لا أمتلك أدنى فكرة عن ما يَدور في عقلكِ،أنتِ مُعقدة بِطبيعَتكِ.
أَخذت نَفسَاً عَميقاً مِن سِيجارتها وكَادت تُخرجهُ إلا بِهِ يَحبس ذلك الهَواء المُلوّث مِن ثَغرها،اعتصر خَصرها وابتعد نافِثاً الدّخان في وَجهها،ابتسمت بِخمول وعانقتهُ حَتى حَملها ووضعها بِرفق على السّرير مُستقّراً أعلاها،أطفئ السّيجارة وأعاد يَدهِ يَمسح بها على شعَرها،لَامس بَشرتها وابتسم بِلطف مُردِفاً:تُدخّنين كَثيراً مُؤخراً.
هِيلين:لا أَعلم،أَشعر أنني أحتاجها.
تَايهيونغ:هل تَرغبين في السّفر؟
لِنذهب لِمكانٍ مَا.
لَمعت عَينيها،فَـ تُحب السّفر بِرفقتهُ للغاية،مُريح للأعصاب ومُمتع للغاية،رددت بِخمول مِن لَمساتهِ مُتسائِلة:لِمَ أنتَ شَريك رائِع بِكلّ شئ؟
تَايهيونغ:لِأنني لست المُحامي الخَاص بِكِ فقط.
اقتربت ورَفعت وجهها ثُمّ تركت قُبلة طَويلة على وَجنتهِ وهَمست:لِتبقى هُنا الليلة.
تَايهيونغ:لديّ عمل في الصّباح البَاكِر هِيلين،مَنزلكِ بَعيد عن مَقر عَملي.
تنهّدت طويلاً وأومأت بتفهم ثُمّ سحبتهُ مِن عُنقهِ ليسقط بَين أحضانها،ابتسم ثُمّ قهقة ولَعن:تَبّاً سَأبقى حَتى تخلدي إلى النّوم!
هِيلين:خَفيف حَقّاً كِيم تَايهيونغ!
تَايهيونغ:سَأذهب لِإحضار الطّعام لكِ هُنا.
هِيلين:لا شَهيّة لديّ،فَقط لِننم.
زفر هواءهِ بِغضب طَفيف،يعلم أنّها لَن تَأكل شئ وهناك ما يدور في ذِهنها لذا فَقط سَيصمت،وقف وفَتح خِزانتها يَلتقط ثَوب لترتديهِ عَوضاً عن نومها بِجلدها العاري ونوّه:إذاً ارتدي شئ،الطّقس بارد قليلاً في الليل عليكِ.
ارتدت ما ألقى بهِ بجانبها ووقفت للذهَاب للحمّام،اغتسلت ولم تبقى لوقت طَويل وَخَرجت،وجدتهُ بالفِعل قَد بدّل ثِيابهِ بِثياب أُخرى مُتواجِدة في خِزانة هِيلين،فَـ لديهِ الكَثير مِن المَلابِس في منزلها لكنّها مُختلطة بِخاصتها،ابتسمت وقفزت لِأحضانهِ ووضعا الغِطاء على أجسادهما
يهربان إلى أحضان بعضهما مِن الحَياة في آخر اليَوم،يَهربان مِن كُلّ الصّعوبات التي تُواجهما في النّهاية،وهيلين مَع تَايهيونغ فَـ هي لا تُفكّر بِشئ سِوىٰ بِهِ،لكِن الآن الوَضع مُختلف للغَاية،هي لا تَفعل شئ سوى أنَ عقلها مُقحم في جُونغكوك،حَتى غطّت في النّوم،على صَدر شَريكها.
______________________
فَتح عَينيهِ بِتعب وجَلس على السرير يفرك مِقلتيهِ،وقف بصعوبة وتوّجه بِخطوات حَذرة للحَمََام،خَرج بعد نِصف سَاعة بِجسدٍ مُنعِش وأَكثر نَشاطاً للذّهاب للنّادي الرّياضي،مَرّ أسبوع على مُقابلتهِ الطّبيبة النّفسية،لَقد فكَر كَثيراً بالأَنر،ومِينجي لم تتلاعَب بِعقلهِ،لأنّها تَعرفهُ جَيّداً،إن كَان إلحاحها زائِد عن هَذا الأَمر،سَيُعانِد جُونغكوك أَكثر.
تَركته يَفعل مَا يَرغب وتَعيش حَياة يَومية عَادية رُغم أن ذَهنها حَاضر مَع علاقة أخيها بِخطيبتهِ السّابِقة،والتي لَم يَتعرف عليها،نَزل إلى الأَسفل وَسمع أصوات في المَطبخ فَأيقن أنّها مِينجي،بِحذر قد وَصل إلى مائِدة الطّعام وجَلس ثُمّ سَمع صَوتها مِن بَعيد قائِلاً:استيقظت.
جُونغكوك:لا شَبحي مَن فَعل.
مِينجي:أنتَ حَقَاً مُزعج.
جُونغكوك:شُكراً لَكِ.
وَضعت الطّعام على الطّاولة وَجلست بِجانبهِ وهي تَعلم أنّه يَمتلك شئ لِقولهِ،عاقَبتهُ بالصّمت رُغم أنّها لا تنفَك عن سؤالهِ وازعاجهِ في الصّباح البَاكر على مدار حياتهما مَعاً،شَرعا في تَناول الطّعام ثُمّ وَضعت مِينجي كُوب القَهوة أمامهِ مُردفة:قَهوتك،احترس فـ هي سَاخِنة.
جُونغكوك:مَا خَطبُكِ صَامِتة؟
مِينجي:مَا خَطبي جُونغكوك؟
جُونغكوك:بِما أنّكِ كررتِ جُملتي يَعني أنّ هُناك خَطب مَا.
مِينجي:لا شئ،فقط زَوجي السّابِق عاد لِملاحَقتي.
جُونغكوك:ألن تُخبريني لِمَ انفصلتِ عَنه؟
مِينجي:أنتَ لا تَجعلني أتدخّل في شُئونك لذا لن أَدعك تتدخَل في شُئوني.
جُونغكوك:أنا أعمى حَياتي مُملة مِن النّادي الرّياضي إلى المنزل ومِن المَنزل إلى النّادي الرّياضي مَاذا تُريدين أن أُخبركِ!
مِينجي:كُلَ شئ يدور في ذِهنك،أَكره عِندما أراك بِذهنٍ مَشغول دُون أن تُشاركني أفكارك.
جُونغكوك:أنا بِخير حَقّاً مِينجي،عِندما يَحدث جَديد في حَياتي اللعينة سَأُخبركِ.
وَقفت لِإحضار قَهوتها مِن الدّاخل وتَركتهُ في دَهشة مِن جُملتها:انفصَلت عَنه لِأجلك،كَان يُريد أن أَعود مَعه إلى كَندا مُجدداً،لكِنّي رَفضت،لأبقى مَعك هُنا.
توقّف عن الأَكل ونَظر أمامهِ رُغم الظّلام وهو يَستمع لِحركتها حَولهِ،ابتلع ما في حَلقهِ وارتشف القَهوة دُون الإجابة على حَديثها،جَلست مرَة أُخرىٰ وبحوزتها كُوب القَهوة حَتى أردف:لَم أُخبركِ أن تَفعلي هَذا.
مِينجي:وأنا لَن أُكرر خَطئي مَرّتين جُونغكوك،سَأختارك أنت مِن الآن فَصاعِداً،فَليُضاجِع نفسه،أَحقّاً يُريدني أن أترك أَخي وعائِلتي الوَحيدة خَلفي وأرحل؟
تَبَّاً لَه.
انصت لِحديثها واستَكمل طَعامهِ والذّنب يَنهشهُ،مرّت دقائِق وكَادت تَقف مِينجي وتَأخذ الأَطباق إلا بِهِ يُردف:هل تِلك الطّبيبة النّفسية،جَيّدة؟
اتَسعت عَينيها ونوّهت بِحماسٍ مكتوم:إنّها واحِدة مِن أنجح الأطباء النّفسيين،وتنتمي لِمشفى ممتازة أيضاً.
جُونغكوك:حَسناً،يُمكنها المَجيئ.
مِينجي:مَتى؟
جُونغكوك:أول جَلسة اليَوم،إن لَم تأتي مُبكراً سَأطردها.
وَقفت وكوّبت وجههِ تُقبّل وجنتيهِ بِقوّة لِينزعج بِزيف وصَاح:ابتعدي أيتها المُتحرّشة!
بَعثرت شَعرهِ ونوّهت بِصوتٍ عالٍ:أُحبّك!
جُونغكوك:لديّ ضَعف سّمع لكِنّي أسمع صَوت صراخكِ بِوضوح!
مِينجي:سأبدّل ثِيابي وأذهب للمشَفى لِتنسيق مَعها المَوعِد.
جُونغكوك:تَبدين مُتحمّسة للغاية رغم أنني أُشكك في قُدراتها.
مِينجي:أتعلم؟
إن طلبت مِنها أن تأتي في جَلسة قادِمة هذا يَعني أنّها نَجحت في ارضاءة وبِجدارة.
جُونغكوك:إن.
______________________
تَعمل بعدما رَاكمت العَديد مِن الأَشياء بِشرودها المُتواصِل وبدأت تُنهي أشغالها شيئاً فَـ شئ،طَرق على باب مَكتبها لِتأذن للطارق بالدّخول،ابتَسمت فور رُؤيتهِ واستقامت عِندما أتى بإتجاهها وحَملها يَدور بِها أسفل ضحَكاتها،أنزلها يَأخذ شِفاهها بين خَاصتهِ بقوّة ثُمّ ابتعد بعدما أَجلسها على الطاولة.
مَسح على بَشرتها ونوّه:أَعلم أنني قَد اختفيت لِأسبوع وفقط اكتفيت بِمحادثتكِ لكِنّي حَقَاً كُنت مَشغول،أعتذر.
هِيلين:تَايهيونغي لَا بأس،إذاً،هَل انتهيت مِن أعمالك؟
تَايهيونغ:للأسف لا،سَأُسافر.
فَرُغت مَلامِحها وسَألت على الفَور:مَاذا تَعني؟
تَايهيونغ:لديَ عَمل مُهم في اليَابان،سَأنجزهُ وعندها سيتسنّىٰ لِي العَودة.
هِيلين:كَم يوم ستبقىٰ هُناك؟
تَايهيونغ:شَهر.
هِيلين:تَايهيونغ!
استشعر الرّجفة في نَبرتها لِيأخذها بين أحضانهِ يُردف سَريعاً:صَغيرتي أنا سَأُحادِثكِ يَومِياً،مُنذُ متى ابتعدت عَنكِ؟
هِيلين:لكِن شَهر مُدّة كَبيرة تَاي.
تَايهيونغ:أعلم هِيليني أعلم،سَأنجز كُلّ شئ وأعود في أَقرب وَقت،رُبما قد يستغرق الأَمر أقل مِن هذا.
حاوطت عُنقهِ بقوّة حَتى ابتسم وبادلها العِناق يُربّت على ظَهرها،نَظر إلى سَاعة يدهِ وابتعد سَريعاً قائِلاً:سأتأَخر على مِيعاد الطّائِرة.
هِيلين:سَترحل الآن!
كوّب وجهها يقبّل كُلّ إنش بهِ بِرقة ثُمّ خَتم بواحِدة عَميقة وراغِبة على ثَغرها،ابتعد مَسافة صَغيرة ولازال وجههِ قريب مِن وجهها بِشكلٍ مُثير وصرّح:سَأشتاق لِموعدنا في مَكتبكِ بِحق.
قَهقهت رُغم ضِيقها ووقفت بإعتدال تُعانقهُ بقوّة،لا تتوقّف عن مُعانقتهِ كُلّما سنَحت لَها الفُرصة،تَايهيونغ يُسافر عِدة مَرّات لكِن لا يستغرق الأمر أَكثر مِن اسبوعين،لكِن الآن الوَضع مُختلف،ابتعدت لِيُشابِك يدها يمسح عليهِ بِلطف ثُمّ أردفت:سَأذهب مَعك لإيصالك.
تَايهيونغ:لا،لن يَحدث،لديكِ الكَثير مِن الأعمال المُتراكِمة،سَأشعر بالذّنب إن أخذت مِن وقتكِ.
هِيلين:رَحلة سَعيدة تَايهيونغي،كُن بِخير،حَادثني كُلّ لَحظة.
هَمهم مُبتعداً ولوّح لَها،استندت على مَكتبها وراقبتهُ يَرحل بَعيد عَنها،سَارت خَلفهِ وخَرجا معاً ثُمّ لوّحت لَه،اختفَى عَن أنظارها لتتنهّد وكَادت تدخل إلا بِها تَلمح هيئة تعرّفت عليها على الفَور،توقّفت في مَكانها وتسارعت نَبضات قلبها بقوّة حَتى استقرّت أمامها وقالت:مَرحباً مُجدداً هِيلين،هل يُمكنني التّحدث مَعكِ؟
فَتحت هِيلين لها المَجال لتدخل إلى المَكتب بِرفقتها ثُمّ أغلقت البَاب،جَلست مِينجي أمامها وهي تُلاحِظ ثَبات وجه هِيلين،تحدّثت أَخيراً بِجملتها قائِلة:جُونغكوك وافق على الجَلسة.
هِيلين:ظَننت سيستغرق الأمر أَكثر مِن هذا.
مِينجي:لقد فَكّر جَيّداً.
هِيلين:سَأرسِل لَه الطّبيب لِتكون اليوم جلستهِ الأولى.
مِينجي:ماذا؟
طَبيب؟
مَاذا عنكِ؟
هِيلين:هل تعرفين عَنّي أنني طبيبة نَفسية؟
مِينجي:لست كَذلِك،لكِنّك أنتِ مَن اخترتِ هذا.
هِيلين:غيَرت رأيي.
مِينجي:هِيلين.
هِيلين:صَعب أن يَعود كُلّ شئ على نصابهِ،هذا ليس صَحيح،أنا وجونغكوك انتهينا مُنذ زَمن.
مِينجي:لا أَطلب مِنكِ العَودة له،فقط بصفتكِ طبيبتهِ،استمعي لَه،جُونغكوك يُريد شَخص آخر يستمع لَه،غيري وغير يُونغي،لقد سَئم مِن مُحادثتنا ولا يَمتلك شئ لِقولهُ حَتى لنفسهِ،يتحدّث مَعنا وكأنّه يعرف أننا نشفق عليهِ ونتعامِل مَعه كَعليل لَكِنّها ليست الحَقيقة.
هِيلين:لَم ينجح أحد بِتغيير شيء بِهِ صحيح؟
مِينجي:غَيركِ أنتِ،لم يَنجح مَخلوق.
هِيلين:لِنكن واضحين لِلحظة،نعم لديّ خِبرة كَبيرة في الطّب النّفسي وأعرف كَيف أُحادث مَريض،مَريض وليس أكثر مِينجي،هويّتي الحَقيقية لَن تُكشف لَه أبداً،سأقوم بِدوري الصّادِق بِإتّجاههِ،لا مَشاعر،لا إنحياز،لا أي لَعنة،وأعلم أنّ صَعب عليهِ كُلّ ما مرّ بِهِ،لكِنّي لن أَشعر بِالشّفقة إتّجاههِ وسُأعامله كَأنه شخص صَحيح.
مِينجي:وهَذا ما يَريده جُونغكوك.
تنهّدت عِندما تأكدت أن لا مَجال للعودة في ما قالته للتو،اعتدلت في جَلستها وفتحت مَلف تُحدق في مواعِيدها وقالت:لديّ اجتماع وسينتهي الثّامِنة،الجَلسة التّاسِعة،لن أتأخر،أنا مُنضبطة للغاية في مَواعيدي.
مِينجي:أعلم أنّني أنانية حَقّاً،لكِن هذا أَقل مَا يُمكنني فِعله لَه،تَعلمين أنني تَخلّيت عّنه مُسبقاً صَحيح؟
هِيلين:أي إنسان يَستحق فُرصة أُخرى.
مِينجي:جيَّد أنّكِ تعرفين هذا.
هِيلين:عزيزتي إن كُنتِ تلمّحين أن أُعطي جُونغكوك فُرصة أخرى فَلقد أعطيته بالفِعل.
مِينجي:لم يَتسنّى لَه انتهازها.
شَاهدت لمَعان عَيني هِيلين الذي تحدّثت سَريعاً قَبل أن تُلاحِظ مِينجي هَذا:بَعد اذنكِ،سَأُغادر الآن،الإجتماع سيبدأ.
مِينجي:شُكراً لكِ على كُلّ شئ.
______________________
بِمجرّد توقّف سيّارتها أمام المَنزل فُتح البَاب مِن قبلها تستقبلها،ابتسم مِينجي بِصدق بينما على وجه هِيلين علامات فراغ،أغلقت البَاب وتحدّثت:هو بالأَعلى.
شدّت هِيلين على طَرف تنّورتها بإرتباك ثُمّ صَعدَت إلى الأعلى،تحرّكت مَعها مِينجي وطَرقت على البَاب حتى سَمعت صَوت جُونغكوك مِن الدّاخل قد جعل جَسدها بأكملهُ يترعش،فَتحت مِينجي البَاب ونوّهت:تفّضلي.
دَخلت هِيلين ثُمّ هَجمت رائِحتهِ عليها في المَكان بِأكملهِ،رائِحة قَويّة رُجولية،غُرفة مُرتّبة،يتسللها الهواء العليل ثُمّ بصعوبة قد وقفت أمامهِ،رَفع رأسهِ وتنهّد طويلاً قائِلاً:كَان لِقائِنا سيكون أفضل المرّة السّابقة إن لَم تتدخلي في شُئوني.
هِيلين:أَليست وظيفتي هي التّدخل في شئونك؟
رَفع حاجبهِ وقهقة بِسخرية ونوّه:ما اللعنة مِينجي؟
هِيلين:ظننتُك أردت تَواجدي سَيّد جُيون،لذا لِنتعامَل على هذا الأَساس،قَهوة مِينجي،مِن فضلكِ.
هَمهمت مِينجي بِتوتّر بسبب ارتباك الأجواء في لِقاء الأثنان حَتى تَمتم بِإنزعاج:أُريد أن انسحب عن قراري في وجودكِ،تفضّلي بالجُلوس.
جَلسا أمام بَعضهما على الكُرسي لِتأخذ هِيلين نَفساً عَميقاً وزفرتهُ ثُمّ سَألت بِكلّ صِدق:سَيّد جُيون،نَحن مُجرد غُرباء،لا أعرف قِصتك،لا أعلم ما عَانيتهُ في حَياتك،لا أعلم مَن هِي هِيلين،لَن أهاجِمك،لن أنتقد،لن أنحاز،أنا هُنا لِأستمع لَك.
جُونغكوك:تَبدين نسوّية.
هِيلين:وتبدو كثير السّخرية لِتُخفي مَشاعرك سَيّد جُيون.
اختفت ابتسامتهِ السّاخِرة،لتنفي هِيلين برأسها وهي تُحدق بِملامحهِ تستذكرها تدريجياً،ضَحكتهِ،طريقة حَديثهِ،ابتسامتهِ السّاخرة،الصّادقة،الهائِمة،نزلت دُموعها بِصمت لكِنّها رفعت رأسها سَريعاً عِندما طَرقت مِينجي البَاب وَدخلت لِتضع القهوة لِكلاهما،لم يَسعها قول شئ على دُموع هِيلين،فقط تراجَعت وأغلقت البَاب خَلفها فَوراً.
ابتلعت ريقها وأخذت نفساً عَميقاً وزفرتهُ قائِلة:أنا حقَّاً لا أَعلم شئ عنك،سِوى كونك مُحقق ودبلوماسي سَابِق.
جُونغكوك:نَعم،سَابِق.
هِيلين:هَل كُنت تُحب عَملك سَيّد جُيون؟
جُونغكوك:نَعم،للغاية.
هِيلين:إن سَنحت لَك الفُرصة،هل ستعود؟
جُونغكوك:وأنا أَعمى؟
هِيلين:لا،أعني إن تركتهُ وأنت صَحيح البَصر،هل سَتفكّر في العودة لِتعمل في هَذا المَجال مُجدداً؟
جُونغكوك:لا أَعلم،بسببهِ خَسرتها.
هِيلين:هِيلين؟
جُونغكوك:نَعم،بدوت مُثير للشفقة لِردة فِعلي لِقولكِ اسمها مُسبقاً صَحيح؟
هِيلين:لا بأَس سَيّد جُيون،أنا أيضاً أبدو مُثيرة للشفقة عِندما اسمع اسمه.
جُونغكوك:حَبيبكِ السّابِق؟
هِيلين:نَعم،عرفت مِن مِينجي أنّك امتلكتما فَارق عُمر.
جُونغكوك:كَان لا شئ،كانت تَصل لِعمري وأنا أصل لِعمرها في بعض الأَحيان،أمتلكت النّضج الكَافي،الجَمال،الدّفئ والتَفهم لِأحبّها،أمتلكت كُلّ شئ،لكِن فُرصتنا لِبعضنا كَانت مَعدومة.
هِيلين:لِمَ سَيّد جُيون؟
جُونغكوك:كَانت ابنة شريك أبي في عمليات احتيال،ومات أبي على يدهِ في ذات الوقت.
تجَعّدت ملامحها ونوّهت:هل تعتقد أن والدها قَتل والدك؟
جُونغكوك:كُنت أعتقد هَذا،لكِنه لَم يَكِن القَاتِل،أنا فقط كُنت غَبي كِفاية لِأظن هذا.
ارتخى وَجهها وانزلت رَأسها تَسأله رُغم أنّها تعرف الإجابة:بالطّبع بِصفتك مُحقق فيدرالي وكُنت تظن أن أبيك قُتل على يد والدها،سَعيت خلفها.
جُونغكوك:أنتِ ذَكيّة مِثلها،نَعم،كُنت أكرهها،لِأكون صَريحاً،كُنت أَكِن لها الحِقد والكُره ولا مَانِع لديّ في أن أقتلها،لكِنّي وقعت بِحبّها،وللأسف،هذا كَان خطئاً فادِحاً،في حَقّي وحقّها،خِفت اخبارها الحَقيقة حتى لا تتركني،لقد خسرت أبي وأُمي ووقتها مِينجي رَحلت وتركت كُلّ شئ،لَم يَكُن لديّ سِوى هِيلين.
هِيلين:هل تفهّمتك هِيلين؟
جُونغكوك:بالطّبع فَعلت،لأنّها وثقت بِي،عرفت بأبشع الطّرق لِكّنها تغاضت عن كُلّ شئ وعادت بِي لِأنّها صَدّقتني،أعطتني فُرصة ذَهبية لِإصلاح كُلّ شئ لِكن الحادث أَخذ كُلّ شئ مِني.
هِيلين:هل تعرف أين هِيلين الآن؟
جُونغكوك:نَعم،مُديرة مَشفى،مشَفى والدها.
اتسعت عَينيها بِصدمة وسَألت:كَيف تعرف هَذا؟
جُونغكوك:لدي طُرقي الخَاصّة،لقد قُلتها،أنا عَميل ودبلوماسي،لديّ الكَثير مِن العلاقات،كُنت استخدمها حَتى بعد فُقداني بَصري.
هِيلين:ما شَعورك نَاحيتها؟
الآن؟
جُونغكوك:لا أَعلم،لا أَعلم حقّاً،لا أعلم هل أكرهها لأنّها لَم تَبحث عنّي،وصدّقت أنني قد أتركها عِندما انتحر والدها وعَدت إلى كَندا؟
أم هل أعشقها لِأنّها صَنعت مِنيّ شَخص جَيّد؟
أم أكرهها مُجدداً لِأنّها مَضت في حياتها دُون أن تُفكّر بي؟
هِيلين:كَيف لَك أن تُفكّر بِهذهِ الطّريقة؟
لقد عادت إليك عِندما خذلتها مَرّة،وثَقت بِك،أحبّتك بِصدق،هل تُلقي اللوم عليها؟
جُونغكوك:ظننتُكِ لن تَنحازي لِي أو لها.
هِيلين:لكِنّها كَانت مُجرد مُراهَقة لِتتحمّل مَخاطر مُواعَدة محقق فِيدرالي سيّد جُيون.
جُونغكوك:أَعلم.
هِيلين:إذاً كَيف لَك أن تُفكر بِشكل سلبي إتجاهها؟
ألا تستحق أن تعش حَياتها بَعد المِعاناة التي عانتها مَعك؟
جُونغكوك:بالطّبع،لِهذا لَم أُفكر في أن أقف في طريقها مُجدداً،تركتها.
هَدّات مِن أعصابها التي اشتدت ثُمّ أراحت ظَهرها تستكمل:كَيف تَشعر الآن سَيّد جُيون؟
بَعيداً عَن هِيلين؟
جُونغكوك:وَحيد،وأَشَعر بالعجز والملل.
هِيلين:مَاذا تُريد الآن؟
جُونغكوك:أُريد مُقابلتها.
هِيلين:لقد قُلت بَعيداً عَن هِيلين.
جُونغكوك:أُريد عَودة بَصري،والعَودة لِعملي،أُريد السّفر،حل قَضايا،أريد أن أتحرّك حولي دُون أن أصطدم بِشئ،أُريد أن أتوقّف عن القلق حَيال غَداً،والأهم مِن كُلّ هذا،أُريد مُقابلتها.
هِيلين:إن قابلتها،ماذا سَتُخبرها؟
جُونغكوك:كَانت سَبع أعوام مِن الجَحيم دُونكِ،هل اشتقتِ لِي؟
تسمع ودموعها غرّقت وجهها،استَكمل بِصعوبة وهو يشعر بنبرة صَوتهِ ترتعش:أُريد فقط أن يعود بَصري لِثوانٍ وأراها،أُخبرها أنني سَئمت مِن مُحاولات النّجاة هذهِ،صَبري نفذ،أشعر بِقلّة حِيلة،أُريد أن أَخبر مِينجي أنني أَرغب في المَوت لكِنّي لَا أريدها تغدو بَلا عائِلة حتى وإن تركتني مُسبقاً،أُريد أن أُخبر هِيلين كَم أنّ حَياتي تَعيسة،لكِن هُناك شئ يَمنعني مِن مواجهتها.
هِيلين:كِبريائك.
جُونغكوك:وأَكثر مِن هَذا،أَشعر أنّها تكرهني،رُبما سَتكون سَعيدة لِحالي هَذا.
هِيلين:كَيف أحببتِها وأنت تُفكّر أنّها قد تَفعل كُلّ هذا بِك؟
جُونغكوك:أنا نَسيتها،بدأت أنسى صُورتها،صَوتها،نسيت حُبّها،نَسيت كُلّ شئ يَخصها لكِنّها عالِقة في ذَهني،عالِقة بِشكلٍ مُزمن،نَسيت ردّات فِعلها،نَسيت طِباعها،نَسيت مَاذا تُحب،مَن تُحب.
هِيلين:إذاً كَيف تصفها؟
فكّر بِقلبك الذي يُخالجهُ الشّوق لها.
جُونغكوك:كِيم هِيلين،عِشرون عامَاً،جَميلة،رقيقة،جَذابة،قويّة،تنَافُسيّة،مُختلفة،عَنيدة وَجريئة،والأهم مِن كُل هذا،جَعلتني أقع بِحّبها.
شَعر بِدموعهِ تنزل شَئ فَـ شئ ليقف سَريعاً واستدار مُردِفاً:ارحلِي،مِن فَضلكِ،ولا تَعودي مُجدداً.
هِيلين:رُبما تشعر بِالنّفور لِأنّه مرّ فترة طَويلة لَم تتحدّث عنها بِهذا العُمق.
جُونغكوك:قُلت أخرجي.
هِيلين:هل تمتلك نَيّة لِنسيانها إلى الأَبد؟
جُونغكوك:واللعنة أخرجي هل كَلامِي غَير واضِح!
صَرخ بِها حَتى وَقفت هِيلين واقتربت نَحوه بِهدوء،رُبما هي الوَحيدة التي إن صَرخ بوجهها لَن تخف،تمتلك الصبّر،الشّجاعة،لِمواجهتهِ بِكلّ شئ يَهرب مِنه،استشعر أنفاسها قُرب وجههِ ثُمّ أردفت:أراك المَرّة القَادِمة سَيّد جُيون.
_________________
البَارت انتهى.
حَبّيت نِهاية البَارت تُكون خَفيفة لِين تنتعش أفكَاري شويّ،كِيف كَان مَعكم؟
تتوقّعوا جُونغكوك يَدري أنّ الطبيبة هِي هِيلين؟
عِلاقة هِيلين وتَايهيونغ بتستمر بِظهور جُونغكوك؟
وش الأَحداث القَادِمة برأيكم؟
أشوفكم البَارت الجَاي،كُلَ عام وأنتم بِخير.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top