بِرلِين
كَان عَقلها يَتزعزع بَين أحداث مَنزلها في ألمانيا،والإجتماع الذي بِالكاد استطاعت التّركيز بِهِ،خَرجت بِرفقة مُساعدتها الكُورية التي نوّهت سَريعاً:سَيّدة هِيلين زَوجكِ السّيد جُيون يَنتظر بالخَارج.
هِيلين:جُونغكوك؟
أسرعت في خُطواتها ووصلت لِبوابة الشَّركة،وجَدته يَستند على سَيّارتهِ وفَتح ذِراعيهِ لَها حَتى اقتربت نَحوه وعَانقتهُ بقوّة،يَعلم أنّها مُتوتّرة مُنذ الصّباح،ابتعد قَليلاً ومَسح على وجهها مُردفاً:كَيف سَار الإجتماع صَغيرتي؟
أومأت وعَادت تُعانقهُ هَاربةً مِن أي تفكير،رَمقت السّيارة وسَألت وهي لازالت تتشبّث بِرقبتهِ:هذهِ السّيارة لك؟
جُونغكوك:نَعم،اشتريتها لَنا،لِيسهل علينا التّنقل،لِمَ لا نَذهب لمَكان جديد؟
هِيلين:آسفة سَيّد جُيون،أنا حَقّاً مُتعبة،أُريد العَودة للمنَزِل.
جُونغكوك:عَزيزتي لا بَأس بالطّبع يُمكننا الذّهاب للمنزل،تَبدين مُرهقة على أي حَال.
ابَتسمت حَتى تَحَرّكا مَعاً وفَتح لَها البَاب للدّخول،جَلس بِجانبها ووضع الهَاتِف أمامهِ يُشغّل تَطبيق تَحديد المَواقِع ووضع مَكان مَنزِل هِيلين،سَحبا حِزام الأَمان وانطَلق جُونغكوك مُغادِراً البُقعة مُقرراً أن يَصل للمنزل في أَسرع مَا يُمكن لِتستريح هِيلين.
دَقائِق حَتى توّقف أمام المَنزِل وخَرجا مِن السّيارة ثُمّ أَخرج جُونغكوك مِفتاح المَنزل ودَخلا مَعاً،رَفعت رأسها ترمق المَنزل الذي كَان خَالياً مِن أي صَور،كُلّ ما مَكان مُتواجِد الصّباح اختفى،التفتت لَه سَريعاً ونوّهت:كَيف هَـ
جُونغكوك:الشرطة،طَلبت مِنهم التّحفظ على الصّور ورفع البصمات التي بالمنزِل كَامِلاً وتَفريغ الكَامِيرات التي تَقرب للمَنطِقة لنتعرف على هَويّة هذا المُريب،هَذا يَعني أنّه يجب علينا العَودة لِكوريا فور إنتهاء عملكِ هُنا.
شاهَد بعَينيها القَلق والإهتزاز حَتى نفى بِرأسهِ سَريعاً وكوّب وجهها قائِلاً:لَن يحدث شئ مُجدداً هِيلين،مُستحيل،لِنتصرّف بِشكل طَبيعي،تَثقين بِي صحيح؟
هَزّت رأسها بالإيجاب حتى بَعثر شعرها مُنوّهاً بإبتسامة لطيفة:إذاً لا شئ قد يُؤذيكِ وأنا هُنا قُربكِ.
هِيلين:أنا فَقط...
جُونغكوك:أنتِ مَاذا صَغيرتي أَخبريني؟
هِيلين:خَائِفة أن يُصيبك مَكروهٌ،لن أتحمّل رُؤيتك مُتأذّي حَقاً.
جُونغكوك:أَنتِ هُنا للعَمل،لَن أُغيّر طبيعة الوَضع،حَتى أنني سَأنقل كُلّ الأدلّة لِكوريا ولن أُحقق في الأَمر هُنا،لِذا لِنجعل كُلّ شئ يَسير كَما خَطّطنا لَه،انهِ عَملكِ هُنا،وأيضاً.
أَخرج مِفتاح مِن جَيبهِ وسلَمه لَها مُردفاً:مِفتاح جَديد،لِذا أنتِ بِآمان لا شَئ لتقلقي بِشأنه،وضعت كَاميرات في كُلّ مَكان،أَجهِزة إنذار في كُلّ رُكن مِن أركان المَنزِل،لَن أُكرر التّاريخ هِيلين.
تنهّدت طَويلاً وأومأت حَتى أردفت:أنا فَقط...سَأغتسل ثُمّ سَأُحضر شَئ لِنتاوله.
رَفعت يدها ومَسحت على وجههِ تبتسم بِهدوء واستدارت للصعود إلى الأَعلى،توقّفت عِندما وجَدت حَقيبتهِ لَم يُفرغها بَعد،التفتت لَه وسألت بِتعجب:جُونغكوك لِمَ لَم تأخذ الحَقيبة إلى الغُرفة؟
جُونغكوك:لَم أبقى في المَنزل مُنذ ذَهابكِ للإجتماع،لقد ذَهبت للسّفارة وفَعلت كُلّ الإجراءات التي أُريد القِيام بِها في أَلمانيا،تحدّثت مَع شُرطة بِرلين،طَلبت مِنهم جَمع مَعلومات عَن اللعنة الذي كَان هُنا قَبلنا.
هِيلين:عَلى مَاذا عَثرت؟
جُونغكوك:كُلّ شَئ قَيد التّحقيق،سَيقوموا بِأخباري أي جديد على الفَور.
هِيلين:لكِن أليس هَذا ضِد السّياسة هُنا؟
أَنت لست مُواطن ألماني.
جُونغكوك:أنا لَست مُجرد زائِر هِيلين،أنا دِبلوماسي سَابِق،لديَ سياسة خَاصة في كُلّ دولة أذهب إليها،جَواز سَفري دِبلوماسي لهذا لَم يَتم تفتيشنا في المَطار أو في أي مَكان،وأمتلك حَصانة كامِلة في كُلّ مَكان أذهبه،حَصانة لِي ولِعائِلتي وعلاوةً على ذَلك،أنا عَميل خَاص.
اقتَرب مِن النّافِذة وسَحب السّتائِر لِيظهر مِن خلفها حُراس في كُلّ مَكان وسَيّارات عديدة،زَفرت هِيلين هَواءها بِراحة حَتى ابتسم وأَخرج مِن جَيبهِ السلاح الخَاص بِها الذي أخذه مِنها قبل الصعود على مَتن الطّائِرة وعلَقَ:كَان يَنقصهُ رصاص.
قَهقهت هِيلين بِخفوت والتَقطتهُ تَفتح مَكان الذّخيرة وجدتها مُمتلِئة،ابتسمت بِلطف ونَوّهت:شُكراً مُحقق جُيون.
جُونغكوك:عَلى الرّحب صَغيرة جُيون.
هِيلين:أَلن تَصعد مَعي؟
اقتَرب وشَابك أناملها يَصعدا إلى الأَعلى حَيث الغُرف،وقفت هِيلين تتذكَر مَكان غُرفتها حَتى أشارت على واحِدة مِنهم قائلة:حَسناً هذهِ غُرفة إضافية،غُرفة العامِلة التي كَانت تَقطن مَعنا،غُرفة أَبي وأُمّي،غُرفة إضافية مُجدداً،و...غرفتي.
أشارت على غُرفة في نِهاية الرّواق وابتسمت تلتقط يَدهِ،فَتحت الغُرفة ودَخلت لِتجدها نظيفة ومُنظّمة للغاية ولا يَنقصها شئ،قَالت بِحماس بَعدما وضَعت حقيبتها على السّرير:سَأذهب لِفتح الغُرف الأُخرى قَليلاً،أُريد أن أَجعل هذا المنزل حَيوي وهواءهِ مُتجدد.
ابتسم وأومئ لَها حَتى تَحرّكت مِن مَكانها للخارج بيَنما هو قَد أخذ جَولتهِ في غُرفتها،يرمِق صُورها على جَانبي السّرير،مَع عائِلتها،التي حَقّاً مَنحت هِيلين كُلّ الحُب الذي نَقلته بِالكَامِل لِجونغكوك،استقرارها العَاطِفي قَد اكتسبتهُ مِن تَربية الرّجل الذي لَطالما كَرِه فِكرة وجوده يَتنفّس.
فَتح الخِزانة لِيجد ألعاب كَثيرة،ثِياب في صَناديق كَبيرة مُغلّفة،صُور مُتفرقة،لِهيلين وشقيقتها،شَعر بِالأسف حَقّاً لِأنّه ظَنّ أنّه الوحَيد الذي خَسر أحد أفراد عائِلتهِ في عُمر صَغير،لقد مَاتت هَاندا وهيلين بِالكاد تَستوعب هَذا،لكِن يَبدو في الصّور أنّها كَانت تُحب هِيلين كَثيراً وتُلاطِفها وفَجأة اختفت في بَاقي الصّور،فَقط ثَلاثتهم،جُونهو،يُونهي،هِيلين.
شَعر بِتأَخَرها لِيقف بِإعتدال وتحرّك يَخرج مِن الغُرفة حَتى وجدها دَاخل أُخرى تقف تُحدّق في الفَراغ،خَمّن أنّها في مَكتب وَالدها،دَخل وَكسر صَمتها وغَفلتها بِعِناق قَويّ مِن الخَلف جَعلها تستدير سَريعاً مُبتسمة بِحُرن ونوّهت:آسفة تَأَخّرت،كُنت فَقط...
جُونغكوك:قِطّتي لا بَأس،لِتأخذي وقتُكِ،سَأبقى في غُرفتكِ حَتى
هِيلين:لا،ابقَ،أنا مُتأكدة أنّ هنا سَأمتلك شئ لَك.
ابتَسم وكَتف ذِراعيهِ قُرب البَاب يُراقِبها بِهدوء حَتى وقفت هِيلين أمام مَكتب والدها وفَتحت أحد الأدراج بِمفتاح صَغير ثُمّ أردفت قبل أَن تسحَبهُ:أَبي كَان يُخفي أي شئ يُزعج أمي في هَذا الدّرج،لِهذا كَان يُغلِقه بِمفتاح،وحَدسي يُخبرني أنّه يمتلك شئ يَخص عائِلتك سيّد جُيون.
اخفضت رَأسها وفَرغت ملامحها،مَدّت يَدها والتَقطت إطار صُورة مُتوسّط الحَجم ووجّهته لِبصر جُونغكوك،صُورة لِجونهو وجِيهون،يَتعانقان قُرب بَعضهما في مَكان مَا مَجهول،فَتحت الدّرج بِشكل أَكبر لتتسع عَينيها عِندما وجدت صُورة لِفتاة جَميلة،تمتلك مَلامحها قليلاً،هَمست لِنفسها بَعدما ادركت:هَاندا.
يَدهِ قَد احتوت جَسدها وقَبّل جَبينها طَويلاً قائِلاً:آسف لِأن ووشِيك كَان لَعين كِفاية ليسلب رَوح جُونهو وهَاندا.
نَفت بِرأسها وابتسمت بِإنكسَار ورَفعت عَينيها لَه:بِفضلك قَد توقّفت عَن القَلق بِشأنه،شُكراً لَك على كُلّ شَئ سَيّد جُيون.
جُونغكوك:يُمكنكِ شُكري بِأنّكِ لا تتوقّفي عَن حُبّي أبداً،مَهما حَدث.
هِيلين:لا يَجب أن يُثير هَذا الأَمر قَلقك أبداً.
ابتسما لِبعضهما البعض ثُمّ سَحبت هِيلين صُور أُخرى وشَهقت بِعدم تَصديق تَضحك مُردفة:سَيّد جُيون!
جُونغكوك:لا لا هِيلين تَعالي إلى هُنا!
صَرخ عِندما أخذت صُور لَه قد كَانت بِحوزة والدها وجُونغكوك في عُمر صَغير حَقّاً،مُراهِق،رُبما في الجَامعة أو عامهِ الأَخير مِن الثَانوية،بَدأت تَركض خَوفاً مِن الذي يُلاحِقها وهي تَنظر للصور بِتمعن ثُمّ صَاحت بِحماس:يِا إلهي تَبدو صَغير ولَطيف حَقّاً!
جُونغكوك:فَقط إن امسكت بِكِ،سَأقتلع أنفكِ الصّغير اللعين هذا هِيلين أُقسم لَكِ.
التَقط يَدها بِسرعة حتى صَرخت عِندما حَملها وقَيّد جَسدها يَأخذ مِنها الصّور لِتردف هِيلين بِتذمّر:جُونغكوك دَعني أرى أَرجوك!
جُونغكوك:أَبداً!
هِيلين:تَبّاً أَنت أناني تَمتلك صُور لِي وأنا حَقّاً صَغيرة ولا تستطيع أن تَجعلني أراك هَذه أنانية مِنك كَاللعنة جُونغكوك!
تَحرّكت بَعيداً عَنه وكَتفت ذِراعيها تِعطيهِ ظَهرها حَتى شَعر بالذّنب سَريعاً للغاية مما جَعله يَركض نَحوها ونوّه بِأنزعاج:سُحقاً!
أنا آسف،اقتربي.
سَحبها وَجلسا على الأريكة وأخذها بَين أحضانهِ وهو يُريد أن يَختفي على الفُور وهو يُشاهدها تتمعّن في صُورهِ التي يَظن أنّها عار حَقّاً،ابتَسمت بِقوّة وهي تُشاهِد صورهِ وهو في الجَامعة،بَعضها في المَدرسة،قَد يَظن أي شَخص إن شاهد هذهِ الصّور في مَكتب جُونهو أنّه يُراقِبه لِقتلهِ أو التّجسس عليهِ،لكِن جُونغكوك وهيلين يَعرفان جَيّداً مَا سبب وجود صُور ابن صَديقهِ في دِرج مَكتبهِ.
هِيلين:أَنت لَطيف للغاية مُقارنة بالآن يا إلهي أريد اعتصار وجنتيك!
أنت نَحيف الآن مُقارنة بهذهِ الصّور.
كَان يسَتمع لِتعليقاتها على صورهِ بإبتسامة خَفيّة حَتى انزعجت وحَزنت للغاية عِندما وجَدت صُورة لَه يَجلس على جَانبي الطّريق وحَيد،المَطر يُبلل جَسدهِ،مَلامِح شَاحِبة،مُتعبة،مليئة بالهُموم لا تَليق بِسنهِ الصّغير.
جُونغكوك:أعتقد...هَذا اليوم كَان يوم انتَحار أُمي،أعني مَقتلها،أيّاً كَان.
رَفعت رأسها واسقطت شَفتيها على شفاههِ السَفلية طَويلاً ووضعت الصّورة بَعيداً مُردفة:أكره أننا نَمتلك مُراهِقة مماثِلة.
عادا لِيبتسما مَرّة أُخرى في صُور لِجونغكوك وهو يَدرس في مَقهى ويضع النّظارات الطّبية بِتركيز،تصنَع تَعابير مُتقززة وعلّق سَريعاً:بحق الجَحيم هذا اليَوم!
كُنت أُناقِش مَشروع التّخرج وأدرس للإختبار الأَخير!
هِيلين:مُنذ مَتى لَم تَكُن الجَامعة ألم في المُؤخرة؟
لَكِنك تَبدو وَسيم هُنا للغَاية،لا تَختلف كَثيراً عن الآن.
صُورة أُخرى لَه وهو يَرتدي حُلّة سَوداء،يَقف خَارج المَكتب الفِيدرالي،شَعر مُبعثر يَتطاير بسبب الهَواء،بين اصبعيهِ سِيجارة،يَزفر الدّخان إلى الأَعلى،بِطاقة عَملهِ حَول رَقبتهِ،ابتسمت هِيلين لكِن سُرعان ما لاحَظت خَاتم في اصبعهِ،نَظرت نَحوهِ بِحدّة وصَاحت بِإنزعاج:ذَلكِ الخَاتِم!
جُونغكوك:أتسائَل أَين هو الآن؟
لقد ألقيت بِهِ في المَرحاض بَعد إنفصالي عَنها.
اتسَعت عينيها ثُمّ ارتسمت على شَفتيها ابتسامة قويّة لِيسخر سَريعاً وعلّق:يا إلهي انظري وجهكِ سينشَقّ.
قَهقهت وأَراحت رأسها على صَدرهِ ووضعت الصّور جَانِباً مُردفة:سَعيدة بِرؤيتي هَذهِ الصَورة،جَعلتني أشعر أنني أقرب إليك،لَم يَتسنى لَي رُؤيتك مُراهِقاً،جَامِعياً،أو أي لَعنة.
جُونغكوك:أنتِ حَصلتِ عليّ لِباقي حَياتي،مَاذا تُريدين مِن جُونغكوك المُراهِق،الجَامعي أو اللعين؟
هِيلين:أنا أُريد جُونغكوك اللعين،للغاية.
بَعثرت شَعرهِ بِقوَة واستقامت قائِلة:لِنقوم بِتأجيل تَفريغ حقائِبنا الآن،في النّهاية لَا أعلم متى سَنُغادر لِذا رُبما سَنتركها كَما هِي،سَيّد جُيون،ألا تُريد استِكشاف بِرلين؟
جُونغكوك:بِرفقتكِ؟
أتوق لِهذا حَقّاً.
__________________
توقّفت بِالسيّارة أمام المَلهى بعد خَمس سَاعات مِن التجوّل في كُلّ بُقعة في بِرلين والتّكسع في الأَرجاء،تَفحّص جُونغكوك المَكان وابتَسم بِجانبية قائِلاً:كَيف تَعرفين هَذا المَلهى؟
هِيلين:اعتدت الذّهاب إليهِ عِندما أكون في أَلمانيا،في الواقِع لَم أَكُن أبقى في المَنزل كُنت أبقى في فُندق.
جُونغكوك:بِمفردكِ؟
هِيلين:هَل تَسأل لِأنك حَقّاً فُضولياً أم تُغيظ نَفسك وتُريد سَماع الإجابة مِنّي للتأكّيد؟
كَرِه عِندما قَرأت مَا يَدور في عَقلهِ على الفَور حَتى عَضّ شفتيهِ مُحرَجاً ونوّه بِأنزعاج:أَكرهكِ.
قَهقهت بِقوّة وخَرجا مِن السّيارة مَعاً حَتى اقتربت وشَابكت أنامله وَدخلا حَيث المَكان الواسِع والصّاخِب للغاية،جَلسا على البَار ثُمّ اقترب النّادِل بِإبتسامة صَغيرة نَحوهما وتعرّف على هَيئتهما التي تُعطي ثُنائي مِن دُولة أسيوية وعلّق بِاللغة الإنجليزية:ماذا أُقدّم لَكما؟
كَادت تتحدّث هِيلين بِحَماس إلا بِجونغكوك يُعطيها نَظرة حَارِقة جَعلتها تتراجع سَريعاً عَن قرارها ونوّهت:مَاء،فَقط.
جُونغكوك:كَأس مِن البِيرة.
تَحرّك سَريعاً حَتى علَقت هِيلين بِغَضب مُزيف:لِمَ أَنت!
جُونغكوك:البِيرة لا تُؤثر عليَ ولا أَثمل مِنها،ثُمَ لا يُمكنكِ إيقاف رَجل يشرب مُنذ أن كَان بالثّانوية،يُمكنني تَحمّل الكَحول أَنتِ لا.
هِيلين:مَاذا إن ثَملت؟
جُونغكوك:عَلى الأَقل أول شَئ سَأَفعله سَأُحاول التّماسك،لا أَن أقفِز لِأحَضانكِ همم؟
هِيلين:وأنا حَقّاً أُريد القَفز عليك وتَحطيم رأسك الذي يَستمتع بِإستفزازي.
وَقف مُبتسماً ابتسامة لَئيمة على ثَغرهِ ووقف يُفرق سَاقيهِ يعتصرهما بِأناملهِ واستقّر بَينهما مُجيباً:أول شَئ فَعلته كِيم هِيلين سَابِقاً هو نَشر شائِعة لَعينة وهو أنني مِثلي الجِنس،وحَالياً أنني عَاجِز؟
فَقط صَغيرتي،أَخبريني إلى أين سَيصل بِكِ الأَمر مَعي؟
أتوق لِمعرفة الشّائعة القادِمة.
قَهقهت بِخفوت وهي تَشعر بِأنفاسهِ قُرب وجههِ ثُمّ علّقت على الفَور:سَأَستمتع حَقّاً بِتدمير سُمعتك حَتى تتوقّف جَميع النّساء عن النّظر لَك،لِذا تَرقَب هُناك شَائِعات أَكثر تَنتظرك.
جُونغكوك:تَسعة وسِتون لَعينة مُثيرة وشَقيّة.
هِيلين:أَلم تُدمّر صُورتي سَابقاً بِتسعة وسِتون تِلك؟
نَحن مُتعادلان.
وَقفت ثُمّ سَحبَته خَلفها لِيقفا وسَط الحَشد الذي يَرقُص بِجنون،وَضعت يَديها حَول عُنقهِ وبَدأت تُحرّكه مَع المُوسيقى،ابَتسم بِخفة وتحرّك مَعها ثُمّ حَاوط خَصرها يَرمقها طَويلاً وبِنظرة قَد جَعلتها تَنصهر،أنزلتهُ لِمستواها ووضعت شَفتيها على خَاصتهِ طَويلاً وهي بالكَاد تَرى وجههِ مِن الأضواء المُرتعِشة والخافِتة.
فصَلا شِفاههما وَلم يَبتعدا إنشاً حَتى قالت مُعتمدة على قِراءتهِ لِثَغرها:أُحبّك كَثِيراً جُيون جُونغكوك.
تَعانقا بِقوَة ولفترة طَويلة للغاية وَسط الشَباب والمَلهى المُكتَظ،لَم يَوقفهما شَئ،ابتعدا ورَمقا بَعضهما لِوهلة ثُمَ ضحَكت وبَدأت تَقفز عِندما شَابك أناملها يُراقِصها،الصَق ظهرها بِصدرهِ وحَاوط خَصرها يتراقصان ضِد بَعضهما،تَشعر بِقبلاتهِ على عَنقها،حَديثهما العَشوائي،جَعلهما مُجرد ثُنائي مُراهِق،لِأول مرَة يُجرّبان الحَياة.
كَأن أعمارهما قَد توقّفت في سِن مُعين وتمّ نَفيهما في دَوّامة كَبيرة،مُعقدّة،تَسحبهما للهَاوية،تُمحي ثِقتهما ببعضهما أحياناً،تَارة تَكسر الثّقة،تَارة تَكسر الأمان،لكن لم تَكسر الحُب أبداً،ويَنجحان في النّهاية بِفَك كُلّ العُقَد ويَجدان الغَرض في الحياة في بَعضهما،وهَذا دائِماً.
_________________
تَجلس على الأَريكة،تَضع أمامها حاسُوبها،عَينيها مِحمرّتين مِن شَدة تَركيزها في الشّاشة المُضيئة،تارِكةً جُونغكوك نائِماً بِالأعلى،فَجأة ودون أي مُقدمّات قَد شَهقت عِندما وجدته أمامها،وضَعت يدها على قلبها وصَاحت:أخفتني جُونغكوك مَاذا تَفعل هُنا!
جُونغكوك:لِمَ لستِ نائِمة بِجانبي؟
قَالها بِنبرة نَاعِسة وَجلس قُربها حَتى نوّهت:فَقط أُنجز عِدة أشياء في حِساب المِشفى والفُندق وسأنام.
فَرك عينيهِ بِتثاؤب وصرّح:حَسناً سَأنتظر هُنا مَعكِ.
لَم يُعطها وقتاً لِتتحدَث حَتى تربّع في جَلستهِ ووضع رأسهِ على كَتفها،تنهّدت ومَسحت على شَعرهِ واستكملت عَملها في هُدوء،دَقائِق حَتى وجدتهُ يعتصر وجنتيها ويُبرز شَفتيها إلى الأَمام،لم تُبدي أي رَدّة فِعل لِأنّها مُدركة أنّه لن يَتوقّف عما يَفعله حَتى تَصعد مَعه لِذا استكملت عَملها بِصبرٍ لكِنّه لَم يكفّ
نَقر أنفها،يُمسك بِشفاهها السّفلية يَعتصرها بأناملهِ،حرّك رموشها،نَظّارتها الطّبية،تمسّك بِخدها يُثبّت رأسها وبَدأ يطبع قُبلات عَشوائية على سَائِر وجهها وهي لم تُشيح بَعينيها عن شاشة الحَاسوب ولَم تُعطهِ أي ردّة فِعل أيضاً،زَفرت هَواءها أَخيراً عِندما أَغلقت الحَاسوب ووضعته جَانباً.
خَلّعت نَظّارتها والتَفتت لَه لِتجده يبَتسم بِنعاس ونوّهت:تَعال إلى هُنا.
فَتحت ذِراعيها واستقرت رأسهِ على صَدرها وبدَأت تَمسح على شَعرهِ بلطف،طَبعت قُبلة طَويلة جَبينهِ واحتوت جَسدهِ تنوّه:لَيست مِن عادتك الإستيقاظ في مُنتصف الليل،نَومك ثَقيل للغاية وتحتاج لِطلق نَاري لِأجعلك تفتح عَينيك فَقط.
جُونغكوك:فَقط قَلقت لِأنّكِ لَستِ بِجانبي.
قالها بِصوت نَاعِس للغاية حَتى ابتسمت وأجابت على الفور بِنبرة لَطيفة:لقد انتهيت،وأنا قُربك الآن.
جُونغكوك:هَل أنتهيتِ مِن اجتماع شَركة الأدوية؟
هِيلين:أوشكت،رُبما غَداً آخر اجتماع،يُخبرني أنّه كَان واثِقاً مِن براءة أبي وسعيد بِإسترجاع حقّهِ لكِن أول شَئ فَعله فَور مَا مات أبي في زِنزانتهِ هو فسخ العَقد الذي بَينه وبيننا،ذلِك القَضيب،لكِنه نَاجِح حَقّاً لا يُمكنني رَفض عَرضهِ.
جُونغكوك:يَجب أن نستغل كُلّ الفُرص التي تَعمل لِصالحنا مَهما كَان الأَمر سَيئاً وألم بالمُؤخرة.
هِيلين:أَعلم هَذا حَقّاً.
اعتدل بَين أحضانها ثُمّ نوّه وهو يَحملها ويستلقي بِها واضعاً جَسدها أعلاه وعلَق يُزيح شَعرها عَن وجهها:هَل تُريدين العَودة لِكوريا؟
رَاقب صَمتها حَتى وضعت يديها على صَدرهِ وأراحت رأسها على ظَهر أناملها تتنهّد طَويلاً ثُمّ أَجابت:فَقط...أَشَعر بالغَرابة،رُبما وجُودك هو ما يَشعرني أنني أمتلك شئ هنا لأبقى لِأجلهِ لِكنني أُريد الرّحيل،حَيث مَكان خالٍ مِن الذّكريات،أَشعر بالإختناق.
جُونغكوك:إذاً يِمكننا الرّحيل بَعد اجتماعكِ على الفَور.
هِيلين:مَاذا عَن الصّور؟
جُونغكوك:لا تَقلقي،سَأفَهم كُلَ شَئ عمَا قَريب.
هَمهمت بِراحة ثُمَ ابتَسمت تَدريجياً وتحدَثت تُميل رأسها:أتعلم مَن تَحدّث مَعي قبل استيقاظك؟
جُونغكوك:مِينجي الثّرثارة بالتّأكيد.
قَهقهت بِقوّة ثُمّ لَكمت صدرهِ بِخفة مُجيبة سَريعاً:ما فَعلته رائِعاً كَيف لم تُخبرني!
جُونغكوك:لست مُعتاد على هَذا.
هِيلين:المَنزل كَان رائِع جُونغكوك حَقّاً،مِينجي ويُونغي سَعيدان للغاية بِكّل شَئ قمت بِتجهيزه لِأجلهما في اليُونان،تمتلك طُرق عَظيمة حَقَاً في إظهار الحُب والتّقدير لَكِن ثَغرك سَافِل كَاللعنة.
جُونغكوك:نَعم ثَغري سافِل لكن ينتهي بهِ الحَال على ثغركِ جَميلتي.
هِيلين:يا إلهي اصمت قليلاً أرجوك تَبدو مُثيراً أَكثر وأنت صامت.
اتَسعت الأَريكة أجسادهما وكَانت مُريحة للغاية،لديهما مِساحة هائلة قد تَركتها بالفِعل لِأنها تستلقي على جَسد حَبيبها وهو كَان رائِع بِإحتوائها،تَبادلا النَظرات الرّقيقة والخَبيثة أحياناً حتى سقطا نائِمين في أحضان بَعضهما البَعض.
__________________
الجَو كَان بارِداً بسبب النّوافِذ المَفتوحة مُنذ مُنتصف الليل وهذا ما دَفعها للأستيقاظ،وقفت بحذر كَي لا تُوقظ حَبيبها والتقطت هاتفها تُحدّق بالسّاعة حَتى صَرخت بعدم تَصديق جَعل جَسدهِ ينتفض لِتركض إلى الأعلى ولم يتسنّى لَها الرّد على جُملتهِ التي قالها بِنبرة عالية:مَا اللعنة!
تنهَد واستَلقى مَرّة أُخرى يَعمل على تَنظيم أنفاسهِ التي فُقدت لِصراخها الصاخِب،اعتدل وَجلس يُحدق في الفَراغ وفي النّهاية قد وقف ذاهِباً للحَمام للإغتسال بَينما يسمع صوتها المُؤنب والمُتذمّر بالأَعلى جَعله يُتمتم أثناء سيرهِ:تِلك المُراهِقة اللعينة!
لم يَأخذ وقتاً طويلاً وخرج مِن الحَمام بِنَشاط أكثر ودَخل المَطبخ لِتحضير القهوة لها والتي يَشك أنها ستتمكّن مِن شُربها قبل أن تُغادر لِإجتماعها،تَحرّك مِن بُقعتهِ عِندما سَمعها تَنزل مُسرعة ترتدي حِذائها لِيردف على الفَور:أَلن تَشربي شَيئاً حَتى؟
هِيلين:لا أَستطيع أنا حَقّاً في وَرطة،كَيف يمكن لِـ حظّي أن يَكون لَعيناً في أي اجتماع مَع هذهِ الشّركة السّاقِطة!
وَضعت حَقيبتها حَول جَسدها وفَتحت بَاب المَنزِل ثُمّ استدارت تُردف قَبل رَحيلها:سَأُسرع في العَودة إلى المَنزل حَسناً؟
لَن اتأخر أعدك.
هَمهم بِتفهّم ولوّح لَها حَتى ابتسمت ورَحلت تُغلق البَاب خَلفها،استدار يسكب القَهوة لَكِن سَمع البَاب يُفتح مَرّة أُخرى ووجدها تَركض نَحوهِ وكوبّت وجههِ بِقوّة تُقبّله بِشغف جَعله يَقف يَستوعب الأَمر لِوهلة ثُمّ ابتعدت بَعدما بَعثرت شَعرهِ:أُحبّك،أراك لاحِقاً،كُن بِخير ولا تتردد في أن تُحادثني في أي وقت.
رَكضت مرّة أُخرى ناحية البَاب وكَادت تُغلق البَاب لكِنّها ظَهرت مِن خَلفهِ ونوّهت سَريعاً:وأيضاً...أُحب ثَغرك السّافِل كَثيراً،لِذا لا تتوقّف أبداً،سَأستمتع بِأي شئ تَقوله.
غَادرت مِن أمام عينيهِ اللامِعتين لِحديثها حَتى استند على المنضدة الرّخامية يَشعر بإضطراب شديد في قَلبهِ بسبب كَلماتها التي أَضعفتهُ للغاية،أُخذ كُوب القَهوة وعلى ثغرهِ إبتسامة واسعة كَالمُختل وجَلس على الأريكة يُحدّق بِصورتِهما التي يَضعها خَلفية لِهاتفهِ.
فَعل كُلّ شئ لِجعل اليوم يمر سَريعاً دُونها،كَانت تُعطي أَجواء لَطيفة وجَميلة في يَومهِ،الآن هو يَجلس في مُنتصف غُرفة المَعيشة كَما تَركته هِيلين،قرر مُراسلتها داعِياً أن تكون مُتفرغة لدقائِق عَلى الأقل؛
'صَغيرتي كُنت أفّكر،هل ستنتهين اليوم مِن أُمور الشّركة حَتى أَحجز تذاكر السفر ونَرحل؟
لَم يَستغرق الأَمر لَحظات حَتى أَجابت على الفور على سؤالهِ وهي في مُنتصف عملها؛'نَعم،سَأنتهي اليَوم،يُمكنك حَجز أقرب رِحلة ونَعود،أحبَّك'
'أنا أَيضاً هِيليني'
انتهت المُحادَثة بَينهما ووجنتيهِ مُتوهّجتين مِن حَديثها الذي كَان كَثيراً عليهِ اليَوم،تَرك الهَاتف ووضع الوسادة في وجههِ يَهرب مِن خَجلهِ وكَأن هُناك مَن يَراقِبه ويَسخر مِنه.
وَقف وقرر ضَبّ أغراضهما لِيكسب وقت عِند عودتها وفي ذَات الحِين،كَان يَتفحّص هاتفهِ لِيقرأ الرّحلات المُتاحة والمُتوجّهة لِكُوريا في أقرب وَقت،حَجز في اليَوم التّالي التّاسعة صَباحاً،يَفصلهما تَقريباً خَمسة عَشر ساعة،انتهى مِن كُلّ شئ وتَرك لَها ثِياب مُريحة للمَطار حَتى ترتديها عند عَودتها.
كَاد يَجلس مَرّة أُخرى لكِن هاتفهِ قد أوقفه وردّ سَريعاً مُردفاً:مَاذا وَجدتم!
حَبس أنفاسهِ مُنتظراً رَدّاً مُقنعاً لِمَا وجده في مَنزل عائِلة حَبيبتهِ والذي كَان يَتضمن صُور مُتفرقة أُخِذت في كُلّ حَدث بِحياتهما،تَحدّث رَجل مِن الجِهة الأِخرى قائِلاً:سَيّدي هُو مُجرد مُواطِن ألماني تَمكّن مِن فَتح البَاب واستوطن على البَيت،وعَاش بِهِ لِسبع سَنوات.
جُونغكوك:لا تَمزح مَعي أَرجوك،مُجرّد مواطِن ألماني لَديهِ صور لِعائِلتي،لي ولِزوجتي وشقيقتي وَزوجها.
قَالها جُونغكوك بِسخرية لَكِنّه الآخر كَان يَعلم أنّه لا يَمزح البَتة،وشَئ مُحير للغاية أن يَجد صُور في كُل مَكان لِمواطن ألماني مَجهول الهَوية،استَكمل حديثهِ بِحدّة وهو يَعني كُلّ كَلمة يَقولها:لا تَفرق مَعي جِنسيتهِ،أُريد تَسليم هَذهِ القَضيّة لِي وسَأعمل عليها في مَكتبي بِكوريا.
ما قاله الشّرطي قَد أَشعل غَضبهِ للغاية مُنوّهاً:سَيّد جُيون هَذهِ القَضّية تَخص السّلطة الألمانية لا يُمكنها أن تَخرج مِن ألمانيا أبداً.
جُونغكوك:أنا لَن أُكرر جُملتي مَرّتين،تَصرّف،حَادث السّفارة الكُورية افعل مَا بِوسعك لكِن هذهِ القَضّية تَخصّني،اعتبره تَحقيق خَاص،أنا مُواطِن كُوري لذا أُريد التّحقيق بِالأَمر في وَطني،انتهى الأَمر.
انهى المُكالمة بِغضب جَحيمي ونظَم أنفاسهِ بِصعوبة يَهمس لِنفسهِ بِحِنق:مُواطن أَلماني؟
هذهِ مَزحة حَقَاً.
صَعد إلى الأَعلى حَيث مَكتب جُونهو وتفحّصه بَعينيهِ جَيَداً،كُلّ شئ ثَمين يَخصهُ مُتواجِد حَوله،هُناك الكَثير مِن الأشياء التي قَد تجعل أي شَخص يَفتح هذهِ الغُرفة حتى وإن كَان يجَهل ما بداخلها،لكِن الفُضول قاتِل،أي شَخص سَيكون أميناً كَفاية كَي لا يَسرق أي شئ مِن ممتلَكات هذا المَنزِل ويبقى دَاخله سَبع سَنوات مُنذ مَوت جُونهو.
جُونغكوك:ومَاذا إن كَان هُو المَواطن الأَلماني!
قالها بِصوتٍ عَالٍ دُون أن يَدرك مَعناها،جَلس على الكُرسي بِشرود وردد مُجدداً بِصوتٍ مُنخِفض:مَاذا إن كَان هُو المُواطِن الأَلماني؟
كِيم جُونهو...حَيّ؟
مُستحيل،لا هَذا مُستحيل،جُونهو يَعشَق ابنتهِ ولن يُشاهدها مِن بَعيد،لَن يَقدر على هَذا،جُونهو؟
تَبَاً مُستحيل!
يا إلهي مِن الجَيّد أنّ هِيلين لَم تُلاحِظ وجودهِ مسُبقاً!
فَتح الدّرج وأَخرج بَعض الأوراق والصّور المُتفرّقة،لا شَئ يَدل على ما يجري في عقلهِ لَكِنّه وَجد ما جَعله يَقف في صَدمة،تَقرير وَفاة كِيم جُونهو،ابتلع رِيقهِ وقَرأه بِتمعّن ولَم يَجد شَئ سِواه،جُونهو مات مُنذ سَبع سَنوات،مُستحيل أن يعود مِن المَوت ويَضع تَقرير وفاتهِ في الدّرج الخاص بهِ في مَنزلهِ في ألمانيا،هذا يعني أنّه لَم يَمت مِن الأساس وزيّف موتهِ ورَحل.
جُونغكوك:لكِنّه بِحق الجَحيم كَان مَيّتاً أمام أعين ووشِيك،هِيلين،حَتى يُونغي!
هل لديهِ روح أُخرى أم مَاذا؟
أغلق المَلف ووضعه في الدّرج مَرّة أُخرى حَتى سَقطت عَينيهِ على هِيلين التي ظَهرت مِن العَدم قُرب البَاب مُربعة الأَيدي وقالت بِإبتسامة صَغيرة:وجهك شَاحِب،وتَبدو مُتحيّر للغاية،هل أَنت بِخير؟
جُونغكوك:هِـ هِيلين مَتى أتيتِ؟
هِيلين:للتّو.
اقتربت بِخطوات قَريبة مِنه ثُمّ رفعت جَسدها لِتجلس على المَكتب وهو على الكُرسي الذي يُقابلها وسَألت:هَل سَنرحل لِكُوريا؟
جُونغكوك:نَعم،وَجدت رِحلة صَباح غَد.
هِيلين:رَائِع،لقد أَنهيت كُلّ شَئ هُنا وسَأُكمل عَملي في كُوريا،هَل هُناك شَئ جَديد؟
جُونغكوك:بِشأن مَاذا؟
هِيلين:ذَلك الرّجل الذي كَان يُقيم هُنا قَبل مجِيئنا.
جُونغكوك:لا شَئ حَتى الآن،لكِن أمرتهم بِالتّحدث مَع السُفّارة والشّرطة الكُورية لِتسليم هذهِ القضَيّة لِمكتبي في كُوريا حَتى أَعمل عليها وأَفهم كُلّ شئ.
هَمهمت وهِي تُراقِب عَينيهِ المُهتزة وهو لاحَظ شَكّها الزّائِد بِأمرهِ وَكم كَره نَظرتها التي تَشعرهُ بأنّه وَضعهِ الذي يُرثى لَه واضِحاً لَها للغاية لِأنّها تَعرفهُ جَيّداً،دَنت بِجسدها العُلوي لَه ثُمّ طَبعت قُبلة طَويلة على ثَغرهِ بسطحية ثُمّ تبسّمت وهي تَشعر بِأنفاسهِ ضِد وَجهها واردفت:سَأُحضر العَشاء،لَملم شَتات نَفسك وحَادثني مُحقق جُيون،رُبما أُساعِدك في حالك المُبعثر هذا.
وَقفت تَخلع سُترتها السّوداء ثُمّ مسَحت على شَعرهِ بِلطف تُغادر الغُرفة،زَفر هواءهِ بِصعوبة وأراح جَسدهِ على الكُرسي بِشكل صحيح يَتنفّس بِإضطراب شَديد ثُمّ هسهس بِعدم تَصديق:تَبَاً لِذكائكِ ومَكركِ كِيم هِيلين.
دَخلت غُرفتها وألقت بِسترتها على السّرير ثُمّ جَلست تُفكّر بِعمق،ابتلعت رِيقها وأراحت ظهرها تُحدّق بالسّقف أعلاها تستذكِر الكَلمات التي التَقطها قبل أن يُلاحِظ جُونغكوك وُجودها؛لكِنّه بِحق الجَحيم كَان مَيّتاً أمام أعين ووشِيك،هِيلين،حَتى يُونغي!
هل لديهِ روح أُخرى أم مَاذا؟
نَفت بِرأسها بعدم تَصديق وسَحبت خُصلات شَعرها بِعنف تُمحي مَا قَاله زَوجها بِأي طَريقة ونَبست بِصعوبة:كَـ كَيف هَذا مُستحيل!
لَقد مَات أمام عَيني!
هِذهِ هيِ المَرّة الوَحيدة التي سَتجَعل جُونغكوك يتحدّث دُون أن تُجبرهُ،سَتستخدم طُرقهِ الخَاصّة في الحُصول على ما تُريد مَعرفتهِ دُون أن تُكرر خَطئها مُجدداً،لَن تفضح ذَاتها امامهِ وتتصنّع عَدم المَعرفة بِأي شَئ،سَتكتفي بإسترجاع هِيلين التي أوقعت أُستاذها الجَامعي في شِباكها وجَعلته يَكشف نَفسهِ أمامها كَونه عَميل خَاص.
اغتسلت سَريعاً وبَدّلت ثِيابها لِأُخرى مُريحة وكَاشِفة،تتمثّل في حَمالة صَدر رِياضية،وشُورت قَصير،رُغم أن الطَّقس بَارد في ألمانيا لكِن في نَظرها هذهِ نُقطة ضَعف أي رَجل،وَضعت عِطرها المُميز والذي يَعرفه الآخر جَيّداً،تُحضر نَفسها وهي فقط تِفكّر.
ما الشّئ الذي جَعله يشُك في كَون والدها على قَيد الحَياة،لا تُريد مَنح نَفسها أمل زَائِف لكِن في ذَات الوقت،هي تَعرف أنّ زَوجها ذَكيّ للغاية ويُدرك كُل شئ قبل أن يَقوله،ومِن ناحية أُخرى هي مُتأكدة أَنَها وجدت والدها مَقتولاً أمام عَينيها،لَم يَمت شَنقاً بل مَات مَسموماً،نَظرت لِذاتها في المِرآة وهَمست:مَاذا لو...ماذا لَو لم يَقتله السّم وكَانت هذهِ مُحاولة فَاشلة لِقتلهِ؟
حَبست أنفاسها واستكملت وهي تُحادث نفسها رِبما بِذات الطّريقة التي تَحدّث بِها جُونغكوك لِذاتهِ:رُبما تَمَ إنقاذهِ وتَمكّن مِن النَجاة!
وَذلك الرّجل الذي كَان في هَذا المَنزِل هو أبي لَكِن بِهويّة مُزيفة وجديدة لِيستطيع العَيش بِسلام،أَعني...مُنذ مَوت ووشِيك،لم يَحدث لَنا أي شَئ سَئ،وهذا دليل أن أياً كَان مَن يُراقِبها لَم يَرغب بِأذيتنا فَقط يُريد مَعرفة كَيف نُبلي بِحياتنا،وهَذا مِن شَيم أبي،كَما فَعل دائِماً مَع أبناء صديق عُمرهِ جِيهون.
كُلّ ما قَالته للتو كَان حَقّاً مِنطقي لِيفكّر أي شَخص مِن حولها أن يُنكره،نَفت بِرأسها ثُمّ خَرجت على الفَور تُلهي ذاتها بِخطتها التي سَتُجريها على حَبيبها الذي يُحاول جَاهِداً التّأكد مِن مَعلوماتهِ قبل أن ينطقها ويَجعل الأُمور طَبيعية للغاية وفي النّهاية هو يَنجح في هذا،لديهِ ثَبات إنفعالي قويّ للغاية يَجعله يتصرّف بكُلّ أريحية وذهنٍ صافٍ أمامها حَتى وإن كَان يشتعل مِن الدَاخل،الشعور بالغَضب هو الشئ الوحيد الذي يَظهر عليهِ بشكل سريع وواضِح.
وَجدته يُحضر العَشاء عَوضاً عَنها لِتقف على السّلم للحَظات تُراقبه،هي تَعلم أَنّ نواياه الطّيبة اتجاه كُلّ شئ يُخفيهِ عنها لكِن يَحق لها أن تَعرف أيضاً،وقررت أن تُمرر الأمر الليلة وتتمسّك بِوعودهِ لها،لَن يُخفي عَنها أي أَمر بَعد الآن،أخذت نَفساً عَميقاً واقتربت مِنه تِعانق خَصرهِ مِن الخلف ولم تتمكّن مِن رؤية الإبتسامة الواسعة على وجهِهِ.
هِيلين:لَقد كُنت أُفكّر بِك دائِماً عِندما كُنت في الإجتماع،كَان شعورٌ جَحيمياً للغاية ولم أتمكّن مِن التّركيز أبداً،أكرهك.
استدار لها وأَخذ وقتهِ يَتفحّص كُلّ إنش مِن جَسدها بِأعين ثَاقِبة وابتسامة مَاكِرة ونوّه:أَلم يُساعدكِ التّخيل؟
وإن أردتِ مِني المَجيئ كُنت سَآتي،في أَي مَكان تِريديني بِهِ سأتواجد لأَجلكِ صَغيرتي.
هِيلين:أَعلم أنّك سَتفعل.
وضَعت يديها حول عَنقهِ ثُمّ رَفعت نفسها لَه تتفحّص مَلامحهِ طويلاً،ابتسم بِجانبية واحتوى جَسدها يَرفعها لِمستواه،عَينيها التي تتنقّل بَين شفتيهِ ومِقلتيهِ دَفعتهُ لِقول جُملتهِ بِشك:كِيم هِيلين،هل تِحاولين إغواءي؟
هِيلين:ألا أَفعل هذا دائِماً؟
مَا الجَديد سَيّد جُيون؟
جُونغكوك:الجديد أنّكِ تتصرّفين وكَأنكِ تِحاولين إيقاعي بِحبّكِ مُجدداً،وكَأننا نَفعل كُلّ شئ مرّة أُخرى.
هِيلين:نَفعل مَاذا؟
جُونغكوك:نَتعاهر هِيلين،نَفعل أساليبنا المُلتويّة والمُثيرة وفي النّهاية وقَعنا بِحبّ بَعضنا،أجواء تُعطي مُحقق فِيدرالي مُتخفي أسفل مِهنة الأُستاذ الجَامعي وجَارتهِ المُثيرة المُراهِقة التي جَعلته يَركض خَلفها.
هِيلين:هذا يُعجبني للغاية.
جُونغكوك:لَيس أَكثر مِنّي حَقّاً.
بِشغف قَد تَبادلا القُبل في مُنتصف المَطبخ وهو يَحملها بَين ذِراعيهِ ولا مَانع لديهِ في أن يَتمادى حَقّاً لكِنّها ابتعدت سَريعاً عَكس رَغبتها العارِمة بِهِ ونوّهت بِلهاث:الطَعام سَيّد جُيون،تَمالك نَفسك.
استخدمت قوّتها في أن تَرفع جَسدها قَليلاً لِتتحرر مِن يديهِ التي تَعتصر فخذيهِا ونَزلت على الأَرض مُبتعدة عَنه تَعض على شَفتيها وهي تُراقبه مُبعثر ويَبدو كَالثّمل ثُمّ نَوّهت:احترمني أَكثر مِن هَذا ولا تُضاجعني في المَطبخ.
جُونغكوك:أَنا احترمكِ سَيّدة كِيم،هل تَحترميني؟
هِيلين:أنا أحترمك لِأنّك تحترمني.
جُونغكوك:هَذا شَئ في غَاية الإحترام شُكراً لكِ،لكِنّي سَأُضاجعكِ في المَطبخ،في غُرفة النّوم،في الحَمام،في غُرفة أطفالنا الذين لَم يَأتوا بَعد،في كُلّ بقعة مِن أي مَنزِل.
هِيلين:هَذّب نَفسك مُحقق جُيون،أنا أتضوّر جُوعاً.
جُونغكوك:احترمي وقتي واستريحي في غُرفة المعيشة وسأكون أمامكِ خلال دَقائِق.
غَمز لَها لِتقهقة وتحرّكت لِغرفة المَعيشة تَجلس مُتربعة لكِنّها تَفرّغت لِمراقبته يَطبخ بإبتسامة هائِمة وأراحت رأسها على ظَاهر يَديها،فَرغت مَلامحها عِندما رنّ هاتفهِ وتَحرّك مُسرعاً إلى الخَارج حَيث شُرفة المَنزل،سَاورها القلق لكِنّها قررت التّشبث بِخططتها والتّعامُل بِشكل طبيعي،حَتى أنها قَد وضعت الحَاسوب على قَدميها وشَرعت بالعَمل كَنوع مِن الإلهاء.
أجاب فَور مَا أغلق البَاب خَلفهِ ونوّه سَريعاً:يُونغي هِيونغ!
يُونغي:عَشر مُكالمات فائِتة جُونغكوك؟
بَربّك يَا رجل ماذا تُريد مِنّي ومِن حَياتي؟
جُونغكوك:سُؤال واحِد هِيونغ أَرجوك.
يُونغي:كُن سَريعاً وابصق طَلبك اللعين.
جُونغكوك:كِيم جُونهو،لقد مَات.
يُونغي:خَبرٌ أَسودٌ مُتأخرّ سَبع سَنوات جُونغكوك...مَهلاً لَحظة،أهذا سُؤال؟
أم مُجرّد مَعلومة؟
أَم تنتظر مِنّي أن أَقول شَئ في المُقابل؟
جُونغكوك:قُل أي شَئ هِيونغ أرجوك!
يُونغي:جُونغكوك جُثّتهُ قد تَحللت وعظامِهِ تآكلت بِحلول الآن مَاذا تَقول؟
جُونغكوك:هَل حَدثت مُصادفة،ونَجىٰ مِن مُحاولة مَقتلهُ؟
يُونغي:لَقد مَات أمام عَيني وأعين ابنتهِ ومِقلتيّ ذلك المَخصي الذي أتمنّىٰ أن يَتفحم في الجَحيم.
جُونغكوك:رُبما كُلّ هذا مُجرد عَرض،رُبما جُونهو قَد تَمكَن مِن مُقايضة مَن في السّجن لِتزييف مَوتهِ ويَهرب.
يُونغي:مَاذا وَجدت في ألمانيا جُيون جُونغكوك؟
جُونغكوك:لَا يُمكنني التّحدث أَكثر مِن هذا،هِيلين بالفِعل تَقرأ وَجهي،وعلاوةً على هذا،تُحاول استخراج المَعلومات مِنّي كَالتّنويم الجَنسي وما شابه ذلك وأنا كَالمُثار اللعين استجيب!
يُونغي:ستتركني أحترق وتَذهب لِتضاجع صَغيرتك المجَنونة تِلك!
مَاذا وَجدت في مَنزل جُونهو جُونغكوك!
لا تتركني مُشتعلاً من الفُضول!
جُونغكوك:ودَاعاً هِيونغ!
أنهى المُكالمة وهو يَشعر بالرّاحة بَعدما أَخبر أي شخص حَوله بَما يدور برأسهِ لِأنّه أوشك على الإنفجار،دَخل مَرّة أُخرى لِيجدها تَعمل بِتعابير مرتخيّة،بالأَخرى مُتصنّعة،لكِنّه لَم يُلاحظ لِأنّه بالفِعل مُتوتّر،والشّخص المُتوتر لا يُلاحِظ سِوى أفعالهِ فقَط.
رَفعت رأسها عَن الشّاشة وابتسمت بِقوّة نَحوهِ حَتى سَار بِجانبها مُتوجَهاً للمطبخ ونَقر أنفها،تَلاشَت ابتسامتها فَور ما رَحل وارتعشت يديها التي تكتب على الحَاسوب،لَم تَجد جُونغكوك ثَملاً لِمرة واحِدة في حَياتهِ،لذا وهِي عائدة مِن عملها قَد اشترت زُجاجة ڤُودكا قويّة للغاية لتُذهب عقلهِ وتسمع كُلّ الإجابات على اسئِلتها.
نادى بِإسمها أَكثر مِن مرّة يُحاول إيقاظها مِن غَفلتها ثُم التفتت سَريعاً قائِلة:آسفة،لَم أَسمعك.
جُونغكوك:لا بَأس،هَيا لِنَأكل.
أَغلقت الحَاسوب ثُمّ وقفت تتحرّك للمَطبخ ونوّهت بَعدما فَتحت الثّلاجة والتَقطت زُجاجة الڤُودكا:انظر!
جُونغكوك:هِيلين لَيس مُجدداً!
هِيلين:لِمَ لا!
أَنت هُنا،اخبرتني أنّه يُمكنني أَن أَثمل حَولك.
تنهّد طويلاً وعلّق بِقلة حِيلة:حَسناً حَسناً،بَعد العَشاء هَيا.
صَفّقت بِحماس ووضعتها على المائِدة وأحضرت كَأسين،جَلسا قُرب بَعضهما وشَرعا بِتناول الطّعام ثُمّ نوّهت هِيلين بِتلذذ:أُحبّ طَعامك للغاية.
جُونغكوك:سَأَطبخ لَكِ دائِماً إذاً.
ابتَسما وسَأل هو بِفضول:مَاذا فَعلتِ اليَوم بالعَمل؟
هِيلين:أَمس كَان توقِيع عَقد الشّراكة،اليَوم دِراسة سِياستهم بِشكل كَامِل ودَمج أَعمالنا مَعاً،انتهيت مِن كُلّ شئ وسَأُكمل عَملي مَع الشّركة عَن طريق مُمثِّل سَيُغادر مَعي إلى كُوريا،لَقد سَئِمت حَقّاً مِن المِشفى والفُندق وكُلّ شَئ.
جُونغكوك:سَتمتلكِين قَريباً مُخططات سَتذهب عَنكِ كُلّ هذا الإرهاق صَغيرتي.
هِيلين:مَاذا تَقصد؟
أشار بِرأسهِ على الخَاتم الذي يُزيّن اصبعها وابتسمت تهزّ رأسها ثُمّ نوّهت:هَل سَنُقيم زِفاف؟
جُونغكوك:بالطّبع سَنفعل.
هِيلين:مَاذا عَن...ذَلك الرّجل الذي كَان في زِفاف مِينجي ويُونغي؟
مَاذا إن أتى لِزفافنا؟
جُونغكوك:لا أَظُن أنّه يُشكِّل خَطر علينا.
ابتلعت رِيقها وسَألت بِنبرة خَافِتة:لِماذا؟
جُونغكوك:لِأنّه إن أراد أن يُؤذينا كَان سيفعل،يَمتلك صُور لَنا في كُلّ مكان لَكِن لم يَفعل أي شَئ يُهدد حَياتنا،لا أَعلم ما هي نواياه الفِعلية لكِن...لا أَعلم أيضاً مَن هو هِيلين،سَأتولّىٰ الأَمر واخبرتُكِ أنني لَن أُكرر التّاريخ ومَا حدث في خُطبتُكِ لَن يَحدث في زِفافكِ.
رُغم أنّه يُخفي حقيقة شَكّهِ بأمر جُونهو لكِنّه كَان صادِقاً في كُل كَلِمة قد قالها للتو،هي تستشعر صِدقهِ في صوتهِ في عَينيهِ في تَعابير وجههِ،أومأت بإبتسامة صَغيرة وردّدت بِصدق:وأنا أَثِق أننا سَنَكون بِخير بِفضلك.
بَادلها الإبتسامة ورَفع يدهِ يمسح على وجنتها ثُمّ وقفت هِيلين تَفتح زُجاجة الڤُودكا وعلّقت:وأَخيراً،سَتشرب مَعي رُغماً عَنك.
جُونغكوك:بالطَّبع لكِنّي لا أَثمل سَريعاً.
هِيلين:لدينا الليل بِأكملهُ.
سكَبت لَه ولَها ثُمّ جَلست مَرّة أُخرى بِتوتر،لا تُريد أن تَشرب هَذا الكَأس لكِنّه رَفع كَأسهِ أولاً واسند مِرفقيهِ على الطّاولة بإبتسامة جَانبية بَعدما قَرأ عينيها:لِنثمل كُيم هِيلين،نُخبكِ.
ارتطمت كُؤوسهما مَعاً وشَرب كَأسهِ دُفعة واحِدة ورَمق هِيلين التي ارتشفت قَدر صَغير للغاية مِن كَأسها جَعلته يُردف:أَين ذَهبت هِيلين الجَامِحة والمُجنونة التي كَانت تشرب كَالمُتمرّسة؟
هِيلين:أَنا أَثمل سَريعاً لذا...
جُونغكوك:انهِ كَأسكِ هِيلين.
كَان يَجلس أمامها مُباشرةً وعلى ثَغرهِ ابتسامة مُتلاعِبة حَتى شَربت هِيلين الكَأس سَريعاً كَي تَكسر شَكّه،تراجع بِملامحِهِ المَاكرة ونوّه بنبرة هادِئة مُتّرنة:تَعالي إلى هُنا صَغيرتي.
وَقفت بِخطوات بَطيئة واستقرّت أمام حَبيبها الذي دَخّل يدهِ بين فَخذيها واعتصر جَلدها يُجلسها على قَدميهِ،شَاهد وجهها الذي سَيبدأ يَذهب عَنه الوعي تَدريجياً بِدءاً مِن الآن،حَاوط خَصرها بيَنما هِي قَد أشاحت ببصرها بَعيداً عَنه كَي لا يَفهم ما تُريد.
أَمسك بِذقنها ورَمقها بأعين راغِبة وهائِمة مُردفاً:أَتعلمين مَاذا أَرى الآن؟
هَمهمت بِإستفهام وهي تشعر بِثقل في رأسها لكِنّها تتماسك بِقدر الإمكَان،احتدت قَبضتهِ على خَصرها حَتى جَعل عَينيها تتسع بقوّة وتتيَقظ على الفور وبادلته التّحديق،مَرر أناملهِ على شِفاهها السّفلية وصَاح:أَرى أنّكِ تَقومين بِإستغلالي،وأنا كَالغبي أنصاع لَكِ،ماذا تُريدين جُيون هِيلين؟
سَحبته مِن ثِيابهِ أَكثر حَتى ابتسم بِجانبية عِندما التَصقت اجبنتهما مَعاً ونوّه:بِقدر عِشقي لِما تَفعلينه الآن،لكِنّي أَكره أن يَكُون سُؤالي مُعلّقاً لِوقتٍ طويل،مَاذا؟
تُريدين؟
هِيلين؟
قَسّم جُملتهِ حتى كوّبت وجههِ وسَحبت أنفاسهِ في قُبلة شغوفة وراغِبة،تَغرز أناملها في شَعرهِ وتقترب مِنه تَكاد أجسادهما تتلاحَم،وقف بِها وتحرّك مُبتعداً عَن المَائِدة ووضع جَسدها على الأَريكة يَعتليها،نَزل بِقبلاتهِ على عُنقها المَكشوف يَسمع تَنهِيداتها المُتألمة حَتى هَمست بِصعوبة:سَيّد جُيون.
قَيّد أناملها بِخاصتهِ أعلى رأسها ونَزل أَكثر يَصل لِجلد مِعدتها حَتى صَاحت بِنبرة أعلى تَجذب انتباهِهِ:جُونغكوك!
توقّف يَرمقها ثُمّ صعد ليصنع تَواصُل بَصري مَعها وسَألت:هَل...هَل كِيم جُونهو على قيد الحَياة؟
تَبادلا التّحديق بِهدوء حَتى تنهّد طَويلاً ونوّه بنبرة خافِتة:صَغيرتي أنا لا أَعلم حَقّاً.
هِيلين:إذاً مَن كَان هُنا؟
جُونغكوك:لا أعلم أيضاً،لَست مُتأكِد مِن أي شئ لهذا لا يُمكنني اخباركِ.
هِيلين:وإن كَان حَيّاً،كَيف تَركني خَلفه لِسبع سَنوات؟
نَفى بِرأسه وقَبّل جَبينها طويلاً ثُمّ نوّه:بِقدر رَغبتي بِجعلكِ تتذكّرين كل ما يحَدث بيننا اليَوم،لكّني لا أُريدكِ أن تُرهقي ذاتكِ في التّفكير بِمجرد شُكوك،تَعالي مَعي،لِنجعلكِ ثملة أَكثر.
وَقف وَسحب جَسدها حَتى قالت هِيلين بِأعين دَامِعة:لا سَيّد جُيون أرجوك!
جُونغكوك:آسف قِطّتي،لِمصلحتكِ صَدّقيني،امهليني فَقط يومين،وسَأعرف كُلّ شئ،وعِندها،ستتذكّرين ما حَدث اليَوم وستتوضّح لكِ الرّؤية.
__________________
في رِحلة سَريعة وفَعلها دُون تَفكير،قَد دَخل للمَكتب وعلى أذنهِ هاتفهِ يَسمع صَوت زَوجتهِ التي تُوبّخه وأردفت:لا أُصدّق أنّك تَركتني في شَهر العَسل لِأنك تَمتلك فُضول لَعين اتّجاه قَضيّة!
شَعر بالذّنب لكِنّه لَم يستطع العَيش بِشكل طَبيعي بَعدما زُرع داخله الشّك ورَبط المَواضيع،لا يَعلم كَيف فكّر بهذه الطّريقة لكِنّه فقط وَضع قِطع مِن أَحجية مُختلفة تَماماً عَن بعضها وكَانت مَنطقية بِشكل مَجنون جَعلته يَترك زَوجتهِ ويعود بِأسرع وقت لِكوريا،لقد خَرج مِن المَطار واستقل سَيّارة تأخذه لِمكتبهِ.
فَتح بَاب الغُرفة التي ليس مِن المُفترض عليهِ أن يَدخلها لكِنّه فَعل وأغلق البَاب خَلفهِ جَيّداً تَحدّث رَغبةً في إنهاء المُكالمة سَريعاً:آنا آسف حَقّاً عَزيزتي،سَأحاول العَودة الليلة بأي طريقة،يَجب أن أرحل الآن سَأُحادِثكِ في وقتٍ لاحِق.
التَقط أول مُجلد على المَكتب وَجلس يَفتحه،اتّسعت عّينيهِ بشّدة ووقف واضعاً يدهِ على ثَغرهِ،بعثر الصُور والأوراق في كُلّ مَكان ينظر للسّيرة الذاتية بصدمة،استجمع كُلّ شئ مُجدداً وأعاده للمُجلَد وبدَأ يَبحث في كَومة الأَوراق والقَضايا لكِن لم يَجد شَئ مُرتبط لِما يريد.
نَزل إلى الأَسفل مُسرعاً حَتى وجد مُساعده يتوقّف وانحنى له مُردفاً:لقد احضرت لَك سيَّارتك سَيّدي.
دَخلها دُون أن يَتحدّث وتمسَك بالمِقود بِوجهٍ شَاحِب هامِساً بِرجفة:يـ يَا إلهي،جُيون جِيهون حَي.
____________________
انتهى البَارت❤️.
اعتذر جِداً على التّأخير بس كِنت مُنشغلة كَثير وكل الأفكار كانت مُتبخّرة حَرفياً لكِن الحَمدالله رَجعت،أتمنّىٰ البَارت الجَاي تُكون أفكاري مُرتّبة أكثر واكتب بِأسرع وقت❤️.
١/وش فِهمتوا مِن آخر جُزئية؟
٢/مُنو إلى دَخل المَكتب وليش دَخل
٣/تتوقَعوا هَذا بيكون جُونغكوك أو يُونغي؟
٤/جِيهون صِدق كَان حَي؟
أشوفكم قَريب إن شاء الله ببارت جديد❤️.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top