٢-المولود
"هذهِ هي الذكريات التي أريدُ إعادة إحيائها."
حرك بيدهِ الحامِلة للصورِ باتِجاهِها.
"بأيها تُريدُ أن تبدأ؟"
سألت وقد أخذَت تفتحُ وتغلِقُ أدراجاً عشوائية لخزانة قابِعة في المَمر.
"أيُها, لا أمانِع."
هو صدقًا لا يهتَم, جميعُها ستعني رؤيتَهُم, جميعُها ستكونُ نعيمًا لَه.
"إن كان لها تسلسلٌ زمني لنبدأ بِه, مِن الأقدَم إلى الأحدَث."
بدَت مُنفعِلة في مُحاولة لإيجادِ ما تريد بين الأدراجِ المُكتَظة.
"فِكرة جيدة."
أيَد بضعفٍ وقد حدقَت عيناهُ مليًا بالصورِ الورقية بين يديه, شبَثَ واحِدة في يُمناه, كان في داخِل إطارِها النُسخة الطفلة مِنه حامِلًا بينَ يديهِ بصعوبة رضيعًا مُغلفٌ جميعُ بدنِهِ ما عدا الوجهِ بملاءةٍ بيضاءَ ثلجية بينما شقتِ الابتِسامة وجهَهُ الضئيل سعادةً, قربها مِن صدرِه ووضع الأخريين على طاوِلة القهوة في مأمنٍ.
"وجدُتها!"
استقامَت بِجِذعها فجأةً وقد تطايرَ شعرُها في سحابة داكِنة مِن حولِها, كانَت تحمِلُ في قبضتِها شمعَة في حجمِ الليمونة, لونُها عسلي ونُقِشَت عليها بضآلة ورود بيضاء.
"تساعدُني الشموعُ المُعطرة على التركيزِ, كنتُ أملِك الكثيرَ مِنها سابِقًا ولكنني تخلصتُ مِنها جميعًا, أنتَ محظوظ أنني ما أزالُ أملِكُ واحِدة."
شرحَت كإجابة لنظراتِهِ المُتعجِبة مِن فِعلِها, هَزَ رأسَهُ مُراقِبًا بينما أشعلَت فتيلَ الشمعة ثم وضعتها على سطحِ طاولةِ القهوة اللامِعة في مسافة آمِنة مِن الصور.
ترسَلَ لثوانٍ قبلَ أن يضع بالصورةِ في اتجاهِ يدِها, تأملتها مُتمعِنة.
"كنتَ طِفلًا جميلًا."
مدَحَت بِبشاشة بينما اعتلَت هو محياهُ ابتسامة خجِلة.
أمسَكَتِ الصورة بشِمالِها, تمشَت حتى وقفَت مِن ورائِه, استدارَ هو ليُبصِرها ولكِنها أحاطَت كتفيهِ مُثبتة ومانِعة إياه مِن إصدار أيِ فعلٍ.
"مضت فترةَ طويلة منذُ أخرِ مرةٍ أقبلتُ فيها على هذا."
بيدِها التي حملَتِ الصورة أمسكَت معِصمَهُ الأيسَر, ثم بإبهامِها ضغطت على العظامِ الناتِئة مِن تحتِ بشرتِه وشعرَ هو بحافةِ الصورة التي حملتها تنحشِرُ في مقرِبة عن جلدِه, رفعَت ذِراعها الأيمَن فوقَ كتِفِه وقربَت كفَها مِن عينيهِ.
"حاولِ الاسترخاءَ وكأنكَ على وشكِ أن تغُط في النوم."
همسَت على مقربة مِن أذُنِه قبل أن تقطعَ أنامِلَها كُل سُبُلِ الضوءِ عن عدستيهِ, تاركةً إياهُ في ظُلمة دامِسة.
نصفُ دقيقة حتى أحسَ ببدنِهِ يلينُ تمامًا, شعرَ بكُلِ عضلاتِه تتخدر برقة, وبأنفاسِه تصبِحُ هادئة كالرياحِ على بحرٍ في مُنتصفِ الصيف, داعبَت أنفهُ رائِحة الشمعة المُعطرة التي خاضَ محاولة يائِسة في تحديدِ نوعِها, أقنعَ ذاتهُ أنها إما تكُونُ برائحةِ الفانيليا واليقطينِ, أو زهرةَ الأقحوان, ولكِنهُ سُرعان ما فقَدَ اهتمامهُ برغبةِ المعرِفة.
بعد لحظاتٍ إضافية فقَدَ الشعورَ بكُلِ شيءٍ بشكلٍ كامِل, فقدَ الإحساس بجسدِهِ وعضلاتِه, فقد صوتَ أنفاسِه وحتى رائِحة الشمعة الفذة, وكأنَ جِسمَهُ قَد تحررَ مِن كُلِ قيودهِ الأرضية وانطلقَ إلى السماءِ في بُعدٍ سَحيق.
كانَ في عتمة خالِصة, ثم سريعًا امتلأت عيناهُ بضوءٍ حاد, تدرجَ الضوءُ بعيدًا حتى عُرِضت صورة كامِلة أمام نظرِه, لقد كان مطبخَ منزِلِه السابِق, الذي كانوا يسكنونَ فيهِ قبلَ الانتِقالِ إلى واحدٍ أرحبَ مساحة, يذكرُ أنهُم كانوا يمضونَ مُعظمَ وقتِهِم هُنا لأنهُ كان المكانَ الأوسعَ في المنزِل, حتى أن التِلفاز كانَ موضوعًا هُناك.
لَم يكُن فقط يرى هذا المكان, بل شعرُ بوجودِهِ فيهِ, يُحِسُ بالأرضِ المُرصوفة بالسراميكِ الأبيضِ مِن تحتِه, وبأشعَةِ الشمِسِ الخريفية الُمتسلِلة مِن النافِذة تتراقصُ على بشرتِهِ كفراشاتٍ خيالية, وبمُقلتيهِ رأى في زاوية بعيدة مِن المطبخِ أثينا واقِفة تُحدِقُ بالمائِدة التي توسطتِ المطبَخَ بتعابيرَ مُتجمِدة .
أدارَ هو نظرهُ إلى الطاوِلة أيضًا, وغريزيًا حَدقَ بالفراغِ المُظلَلِ تحتها, هُناك كان هو, أو بصورة أصح هو ذو الأربعةِ أعوامٍ مُنسدحاً على معِدتِهِ أسفلَ الطاوِلة, كانَ ذاكَ مجلِسَهُ الأحبَ, بينما أسندَ رأسهُ الصغيرَ بين يديهِ المُتربِعة على الأرضِ أخِذًا يشاهِدُ التِلفازَ بفتورٍ تام.
يذكرُ هذا اليومَ, لقَد كانت والدتُهُ قد اتجهَت إلى المُستشفى العامة مُنذ البارِحة برفقةِ والدِهِ, تارِكين إياه في رقابةِ جارِتهِم الستينية ذات رائحة شبيهة بالملفوف السيدة كيم, هو لم يكُن يكرهُ السيدة كيم, كانت تُحضِرُ لهُ جميعَ الوجباتِ وتسمحُ لهُ حتى بتناولِها تحت الطاوِلة عكس والديه, لكِنها كانَت مُمِلة بفظاعة, كُلُ ما تفعلهُ هو مُشاهدة التِلفاز على مُسلسلاتِها المليئة بأناسٍ يبكون أو قراءة مجلاتٍ عن الطهو.
هو لَم يفهَم لماذا قَد يذهَبُ والداهُ إلى أيِ مكانٍ دون اصطحابِه, وحينما اتصَلَ والدُهُ البارِحة في الليلِ يطمأنُ عن حالِه, أخبرهُ بعد العديدِ مِن التذمُرِ مِن جهتهِ, أنهُم ذهبوا إلى المُستشفى ليتخلصوا أخيرًا مِن النتوءِ العملاقِ على بطنِ أمهِ, ذاك النتوء الكبيرِ في أحشائِها الذي أكدوا أنهُ يحمِلُ لهُ أخًا جديدًا.
كانَ مُستسيغًا لفكرةِ تخلصِ والدتهِ من ذاك الشيءِ أخيرًا, لقد بدا أنهُ يجهِدُها دون نهاية, وقبلًا كانَ يستشيطُ حماسًا لفكرةِ حصولهِ على شريكِ لعبٍ وأخٍ جديد, حتى أنهُ أصَرَ مليًا على أن يسموهُ جيهون اقتداءً بأحدِ شخصياتهِ الكرتونية البطولية المُفضلة, ولكنهُ ليس مُتأكدًا مِن أنهُ يريدُ هذا الأخَ القادِم بعدَ الأن, هو لم يصِل بعدُ وقَد سارعَ بسرِقَةِ كلا والديهِ مِنهِ, لقَد كانَ غاضِبًا ومجروحًا بشِدة, خصوصًا بعدما وعدَهُ والدهُ بالاتصالِ اليومَ صباحًا أيضًا, ولكِنهُ لم يفعَل.
ترَدَدَ صوتُ جَرَسِ البابِ في أرجاءِ المنزِل, لم يتحَرَك إنشًا, هو لَم يعُد يُعيرُ أي اهتمام لأي شيء, سمِعَ صوتَ حديثٍ لنبرتينِ مُختلفتينِ, ثم صوتَ البابِ يُفَتحُ ويعادُ طبقُهُ مُغلقًا مرة أخرى.
بعدَ ثوانٍ رأى والدَهُ يقِفُ عِند مدخَلِ المطبَخ, هِندامُهُ مُبعثَر بضعفٍ ووجهُهُ مُتعَب قد تكونَتَ انتفاخاتٌ مُزرقة تحتَ عينيهِ, لم يُحدِثهُ أو يركُضَ إلى ذِراعيهِ حتى يحمِلَهُ عاليًا كأنهُ طائرٌ يرتفِعُ في السماء, اكتفى بالبقاءِ أسفَلَ الطاوِلة وقَد أعادَ عينيهِ واسِعة الخلقة إلى التلفاز.
قامَ والدُهُ بالخطوة البادِئة, سار حتى أصبحَ جَسَدُه يعلو فوقَ المائِدة, ثم قرفَصَ عن قُربِهِ مُعتليًا محياهُ ابتسامة هادئة.
"أهلًا أيُها البطَل."
حاولَ الوصولَ إلى شعرِهِ الريشي ليُبعثِرَه, ولكِنهُ أزاحَ رأسهُ بعيدًا عن يدِ الأكبَر.
"أنت غاضِب, لا بُد أن تكون."
ازدادَت بشاشَتُه.
"أنا أسِف, كان علي مُكالمتُكَ مُجددًا ولكِنني كُنتُ مشغولًا."
"لقَد قُلتَ أنكَ سُتكلِمُني ولكِنكَ لم تفعَل! لقَد تجاهلتني بسبب الصغيرِ القادِم!"
كانَ صوتُهُ مُرتجِفًا, لم يُرِد البُكاء, هذا سيدمِرُ هالة غضبِهِ المُفتعَلَة, تمنى لو يقومُ والدُهُ بانتِشالِهِ بينَ ذراعيهِ سريعًا قبلَ أن تفقِدَ قنواتُهُ الدمعية السيطرة.
"أنا حقًا أسِف, لم أقصِد تجاهُلكَ أبدًا, كُنتُ فقط أريدُ أن أتأكدَ أن يصِلَ أخوكَ الجديدُ بخير."
جعَلَ مِن صوتِهِ حتى صادِقًا أكثَرَ, كانَ والدُهُ دومًا قادِرًا على إقناعِهِ بكُلِ شيء.
"أنا لا أريدُ هذا الأخَ القادِم! إنهُ سيء! ليُعد مِن حيثُ أتى!"
صرخَ شاعِرًا بعينيهِ تحترِقانِ مِن الدموعِ الملحية التي تفَجَرت فيهِما, دفَنَ وجهَهُ بين ذراعيهِ بعيدًا عن نظرِ أبيه.
"لا يُمكِنهُ العودة بعدما وصَلَ."
ابتسَمَ وقد حققَ نجاحًا وطال شعره هذِهِ المرة.
"لقد أتى وهو يرفُضَ فِعل أي شيءٍ سوى رؤيتَك."
"أحقًا؟"
أوقَفَ بُكاءهُ لحظاتٍ ليسألَ باكتِتام.
"نعَم, هو لا يريدُ أحدًا سوى أخيهِ الأكبَر."
أكد مُبعدًا يدهُ.
"مهلًا, كيفَ يمكنُهُ الحديثُ حتى وقد ولِدَ توًا؟"
رفعَ وجهُهُ الملوث بدموعٍ لمعَت في ظِل المائِدة ليُحدِقَ بوالدِهِ لما نطقَ بهِ مِن عَجَب.
"أعلمنا الطبيبُ بهذا, هو خبيرٌ بالتحدُثِ معَ الرُضَع, قال أن المولودَ لا يريدُ سوى أن يرى أخاه, لا يُمكنُهُ الانتِظار."
أخبرهُ بجدية تامة.
كان ذلِك غيرَ أعتيادي, ولكِنهُ صدقَ والدهُ بالكامِل, لماذا قد يكذبُ يومًا؟
"إ-إذا هل سنذهبُ إليه؟"
سأل بعدَ صمتٍ استَمرَ دقيقة قضاها بالتفكيرِ.
"فقَط إن كُنتَ تُريد."
مسَحَ إبهامُ والدِهِ الطويل العَبَراتَ عن خديهِ, أومأ هو أن نعَمَ, عادَ الحماسُ الكبير لرؤية أخيهِ للحياةِ مرة أخرى, أقوى مِن أي وقتٍ مضى.
"حسنًا إذا, هيا بِنا!"
ارتفَعَ جِذعُ أبيهِ واقِفًا ولحِقَهُ هو مِن أسفلِ المائِدة.
شعرَ هو الذي وقَفَ يُشاهِد ببدنِهِ يتبعُهُم أينما ذهبوا دونَ أن يتحَرَك مِن مكانِه, وكأنهُ مُعلقٌ بهِم, لم يعُد يُبصِرُ أثينا, ولكِنهُ لم يعُد يهتمُ, هذهِ الذكرى كانَت كُل شيءٍ الأن.
ارتدت نفسُهُ ذات الأربعة أعوام حِذاءً أحمرَ اللونِ جديدًا, وانتظَرَ والِدَهُ حتى أغلقَ بابَ المنزِل قبل أن يتجِها إلى سيارتِهِ البيضاء.
"هَلِ الطريقُ بعيد؟"
وجهَ سؤالًا إلى أبيه حينما جلَسَ في مقعدِ السائِق بعدَ تثبيتِ حزامِ الأمانِ له.
"مُطلقًا, فقط عشرُ دقائِق."
استخدمَ المِفتاحَ لتشغيلِ مُحركِ السيارة.
قد كانَ والدهُ مُحقًا مرة أخرى, لم يكُن طويلًا حتى وصلا مبنىً عِملاقًا مُكتظًا بشتى أشكالِ البشَر, ابتاعَ والدُهَ مِن محلٍ داخِل المُستشفى باقة مِن الورودِ البيضاءِ والوردية الزاهية, ثم وكلَ لهُ هو بشرفِ حَملِها, كانَ أكثرَ مِن فخور, ولَم يكُن قادِرًا على الانتظارِ حتى يُهديها إلى والِدتهِ عندما يعودُ إلى حِضنِها الدافئ.
"لقَد وصلنا."
أعن والدُهُ عندما وقفا أمامَ بابِ الغُرفة 277 في الطابِقِ الثالِث.
"نحنُ هُنا!"
صاح بينما فتحَ بابَ الغُرفة ليسبِقهُ, وجدَ مِن الصعبِ الرؤية جيدًا مِن بينِ الزهورِ التي غطَت قطر نظرِه.
"جونغكوك عزيزي لقَد اشتقتُ لك!"
تردد صوتُ والدتهِ المُتعب بِرقة إلى مسامِعهِ, شعرَ بالدموعِ ترتفِعُ في عينيهِ مُجددًا إثرَ ذلِك, ولكِنهُ قاتلها بينما ركضَ باتِجاهِها حامِلًا الزهورَ عاليًا.
"أنها بديعة!"
أخذتها مُتبسِمة باتِساع, قبلَ ان تضعها على المِنضدة القريبة لتُحيطهُ هو تاليًا بينَ يديها وتُغرِقهُ بقُبُلاتِها.
"سأذهبُ لإحضارِه مِن الحاضِنة, لابُد أنهُ ملَ الانتِظار."
كانَ والدُهُ مُستندًا على الجِدار مُحدِقًا بهِم ببشاشة قبلَ أن يتجِهَ إلى بابِ الغُرفة مُجددًا ملوحًا للخروجِ.
عندما عادَ كان يحملُ بينَ ذراعيهِ شيئًا ضئيلًا بشدة, مُغلفًا بملاءة بيضاء ناعِمة.
"هل تريدُ حمله؟"
عرضَت والدتهُ, ركزَ عينيهِ عليها دون تصديق, سارعَ بهز راسِهِ بقوة قبل ان ينتفِضَ راكِضًا نحو مقعدٍ بُني كبير في طرفِ الغُرفة.
قهقه والدهُ متوجِهًا إليه, بلُطفٍ تام وضعهُ على قدميهِ الصغيرة المُتدلية مِن علو المقعَد, لم يُصدِق كم كان يبدو صغيرًا ومُسالِمًا, لم يُصدِق كيف تمكَنَ مِن كُرهِه سابِقًا, لقَد كان أخاه الصغيرَ الجميل, كان فرد عائلتِهِ الجديدة, وقد تشوقَ لرؤيتهِ مِنذ خروجِهِ للحياة.
"ماذا تُريدُنا أن نُسميه؟"
تأملتهُما والدتهُ بشغف.
"جيهون."
استطاعَ الإجابة بينَ كمية الاندِهاشِ العظيمَة التي أحسَ بِها مِن الكائِن القابِع بين يديهِ.
"اسمٌ جميل."
أيدَت والدتهُ بينما أومأ زوجهاُ الذي اتجهَ إلى المنضدة ليُمسِكَ بالكاميرا القابِعة قُربَ الزهور.
"حسنًا إذا جونغكوك, جيهون, أبتسما لِلكاميرا!"
طلبَ وقد ركعَ على رُكبتهِ اليُسرى أمام المقعَد مُوجِهًا العدسة اللامِعة إليهِم.
رفعَ رأسهُ بوجهٍ فَرِح وقد قربَ أخاه إلى صدرِهِ بِرقة.
تاليًا تحولَ كُل شيءٍ إلى ظلامٍ دميم, اختفى والدهُ ووالدتهُ، ونفسهُ الصغيرة وأخوه وغرفة المُستشفى كامِلة.
بدونِ إنذارٍ وجدَ ذاتهُ قابِعًا في غُرفة فارِغة تلتهِمُها نيرانٌ حادة مِن كُلِ زاوية, وفي الطرفِ المُقابِلِ مِن المكان تمكَنَ مِن رؤيةِ أثينا تقفُ وفي عينيها نظرة فارِغة تمامًا تبعثُ على الذُعرِ, شعرَ أنهُ على وشكِ أن يُصابَ بالجنون, أرادَ الصُراخ بأعلى صوتٍ يقدرُ عليه, لكنهُ لم يكُن قادرًا بتاتًا.
أغلقَ عينيه, رأسهُ مليءٌ بأصواتِ طنينٍ فظيعة, عقلُهُ يؤلمُهُ بلا هداوة, ولم يُكن قادِرًا على رؤيةِ أي شيءٍ أخر.
تاليًا شعرَ بقدميهِ تصطدمُ بأرضٍ قاسية مُغطاة بسجادٍ غيرِ مَلِس, أفرجَ جفنيهِ عن عينيه, انتفضَ ليسَ فقط قلبُه, بل جميعُ جسدِهِ برُعب, وعادت حواسُهُ للِعمل عِندما استطاعَ تمييز رائِحة الشمعة الغريبة تخترقُ أنفهُ مُجددًا.
لقد عادَ إلى منزِلِ أثينا, والتي بشكلٍ خاص كانَ قادرًا على رؤيتِها تجلِسُ على بُعدِ مترٍ مِنه تُحاوِلُ بيأسٍ هي الأخرى تنظيمَ تنفُسِها العنيف.
______________________
بداية أهداء إلى seathru
صدقًا يمكنني أهداؤك كُل الكتاب ولن يكفي هذا :') 💕❤💕✨💕🌸💜
شكرًا على القراءة، لا تنسوا التعليق والتصويت💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top