2

«إنها قضية تبادل؛ سمعت ذات مرة أن البحر غارق أيضاً بأولئك الضائعين في داخله»
مُقتَبس.

_

هدوء مفاجئ طغى على المكان أنّى تنبّهتُ أخيراً لما يحيطني، سماعات لاسلكية، هواتف نقّالة، ثلاثة حواسيب، وعدّة مصابيح ذات أحجام صغيرة جميعهم موصولين إلى شواحن ما تزال في المقابس رغم انقطاع الكهرباء.

بجانبي استقر معطف شتوي يحيط ظهر كرسي، هل غادر الجميع على عجلة؟.

بالتفكير بالأمر. عندما وصلت كان المكان يعجّ بالزبائن والعاملين، ولجت قسم المعلبات لدقائق قليلة ثم خرجت لأجد الوضع على هذه الحال!.

وبينما كنت ألاحظ ما جرى شُدّ تفكيري بمَن يشاركني المكان المظلم والخالي فتوقف عقلي عن العمل.

أما الآن وقد اختليتُ بنفسي -نوعاً ما- فربما أستطيع صرف بعض العمليات الدماغية العقلانية أخيراً.

ولكن لا يبدو أن سماء الأفكار في صفّي حالياً إذ ظهر بيكهيون في هذه اللحظة تحديداً.

بهدوء طرق الباب ولم ينتظر رداً بل فتحه بعد طرقتين أو ثلاث ثم سار مبتعداً -بكل وضوح يحاول تجنّبي- حظ أوفر له، لن ينجح.

«مَن تلك المرأة؟»

«ماذا حلّ بالعاملين والأشخاص الآخرين؟»

«ما تلك اللغة التي تحدثتَ بها منذ قليل؟»

أطلقتُ وابل أسئلتي. ليصمتني بما قاله: «إيري! سأخبركِ بكل شيء ولكن دعيني أرتاح قليلاً فقط»

بدا منهكاً فصمتت وراقبتُه باهتمام يحاول عبثاً فتح زجاجة مياه بينما يتنهد مراراً بثقل قد وصلني حاراً.

بتردد اقتربت منه، ومن دون إذن التقطت الزجاجة، فتحتها ثم رددتها إليه والتفتُ إلى جهة معاكسة غير متوقعة أي شكر. ولكني سمعت «شكراً» ظريفة خافتة على أية حال.

_

بطريقة ما جلسنا متجاورين مستندَين جنباً إلى جنب على رفّ ضخم ما؛ لم أجهد نفسي في تبيُّن ماهيته في هذا الظلام.

«ألم تشعري بالهزة الأرضية؟»

صوته العميق تردد في أذني يطغى على أفكاري الداخلية المشوشة، وبسرعة هززت رأسي نفياً إذ لم أجد ما أقوله... هذة أرضية؟ متى كانت هذه؟!.

همهم بفهم. وقبل أن أطرح سؤالي هو أجاب: «غادرَ الجميع حينما حدثتْ»

صمتُّ أنتظر، ربما يشاركني خاطرة ما...

تنهد طويلاً وبصعوبة احتفظتُ بيدي أمنعها عن تربيت كتفه.

«زارتني في المنام ليلة البارحة. تلك أول زيارة بعد الشهرة»

فهمتُ أنه يقصد المرأة من الوقت الآنف.

«سألتُها: كيف لي أن أرحّب بكِ في حين أنني لا أستطيع الالتفات بحرية حتى وسط الناس؟»

«هي فقط ابستمت بجانبية ولم تجبني. ولكن حقاً؟ هزة أرضية؟ هذا كان غريباً»

قهقه بخفوت وتشوّشتُ أكثر. هل يظنّ أن تلك المرأة المريبة أحدثت زلزالاً ما لأنها أرادت ذلك؟.

«هل تعرفها؟»
سؤال غبي أعلم. ولكنه لم يبدي على إثره أي تململ من أي نوع.

رفع رأسه يواجهني -وكان مطرقاً إياه طوال الدقائق الفائتة- ثم أجاب بملامح طبيعية لا تتناسب مع ما يتفوّه به: «إنها تدعى دينزا. وهي ملكة من عصر سالف، أو أنها كانت كذلك فيما مضى... أما اليوم، فهويتها لا تعدو عن كونها مجرد روح حاقدة حسنة المظهر»

ابتلعت بشدة. هل يصوّر برنامج من نوع ما؟

أجلتُ عيناي في محيطي المظلم ولكني لم ألمح أي شيء من شأنه أن يبرهن اعتقادي هذا.

حتى إنّ آلات التصوير الأمنية القليلة المتواجدة في المكان تبدو لي باهتة ومعتمة بشكل مريب.

«قابلتها لأول مرة منذ خمس عشرة سنة. كان وسيطها الأخير قد توفي للتو، ولسبب ما أجهله، اختارتني لأقوم بتلك المَهمة من أجلها»

«جُلّ ما أعلمه عنها يتمثل في عدة معلومات بسيطة سطحية، هذا بالإضافة إلى ما يُجبرها على البقاء هنا حتى الآن»

هنا كان دوري لأطأطئ رأسي.
أخشى إن هو اطّلع على تعبيراتي الحالية فإنّه قد يصمت ويحرمني من سماع المزيد من الترهات بصوته العذب.

«منذ زمن سحيق قد تعرضتْ للخيانة. لم تمت مقتولةً، ولكنّها فارقت الحياة من هول ما ضمرته في قلبها الغضّ. لتكتشف فيما بعد أنّ أوان سلامها لم يأتي بعد»

هو يصلح ليروي قصصاً للأطفال. آه كم وددتُ لو أصارحه بهذا.

كالعادة حجزتُ ضحكتي في حنجرتي أصغي بصمت.

-

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top