«٦»

صلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم.

********

صباح اليوم ممل كالعادة، فأنا الآن أجلس بالسيارة أمام أبواب المدرسة الضخمة بعد صراع طويل مع آش حول من سيقود.

«هيا، لننزل» قال آش بعد أن أطفأ المحرك، نعم، هو من قادها، أعلم بأنني فاشل.

هممت بالنزول ولسوء حظي اصطدمت بفتاة أعتقد بأنها معي بأحد الفصول، فاعتذرت بخفوت ورفعتْ عينيها لتقابلانني قائلة بلطف «لا عليك» ومن ثم رأيتها تتجه نحو صديقاتها بسرعة وابتسامة كبيرة على وجهها، بالطبع ستروي لهم ما حدث وستضع القليل من الإضافات على القصة، لا يهم.

«لوك، ستقام حفلة بمنزل جاك الليلة بالمناسبة، عليك أن تحضر فالجميع مدعوون» أخرجني من شرودي هتاف آش بنبرة حماسية.

«هل تقصد بالجميع إليري أيضًا؟» تساءلت ولا أعلم لماذا ألقي لها بالاً،  لمحت نظرة التعجب على سؤالي عندما أجاب هو بنبرة جادة بعد أن ضيّق عيناه نحوي:

«أولًا، من أخبرك باسمها؟ وثانيًا والأهم، هل يهمك وجودها؟»

«لا تنسَ بأننا نتشارك صف الكيمياء، وبالتأكيد لا أهتم» قلت بسرعة كإجابة عن أسئلته ولا أعرف لماذا أشعر بأنني أكذب على نفسي في إجابة السؤال الثاني، رفع حاجبيه بشك وعاد ليقول: «هيا، لا نريد التأخر عن الحصة» ومن ثم بدأ في التقدم.

دخلت الفصل وقد قادتني عيناي لأراها تجلس في الخلف بجانب النافذة، تنظر للخارج بتأمل شديد، ابتسمت بخفة على مظهرها وتقدمت للجلوس بجانبها فأنا أعلم بأن لا أحد سيفعل.

«صباح الخير» نطقتُ بعلوٍّ فانتفضتْ بفزع في حين قالت بهمس «تبًّا»، وهنا ابتسمت بنصر. نعم يا سادة، لقد تمكنت من إفزاعها.

جلست في مكاني وأنا أعلم بأنها لن ترد عليّ لذلك ركزت بنظري على الأستاذ الذي دخل قبل ثوانٍ.

«سوف ينقسم الفصل  إلى ثنائيات، أريد منكم بحثًا عن العناصر الكيميائية، ومدة البحث يوم واحد؛ أي أنه سوف يتم تسليمه غدًا» قال الأستاذ في نهاية الحصة فأومأ بعضنا بتملل وهناك من اعترض على المدة، أما أنا فكنت أبتسم لشدة سعادتي بالخبر، لأنني قررت أن أستغل هذه الفرصة وأشارك إليري، لربما أتمكن من التعرف عليها أكثر.

«إذا قسّموا أنفسكم وأعلموني في الحصة القادمة عن الذي توصلتم إليه» أنهى الجدال بهدوء وهو يلملم أغراضه ومن ثم دلف للخارج بسرعة كي يتجنب الاعتراضات التي ستنهال عليه.

بدأ الجميع باختيار فريقه، أما أنا فكنت صامتًا أستمع لهم. «ما رأيك بأن تشاركني البحث هيمينغز؟» قالت الفتاة التي اصطدمتُ بها صباح اليوم بنبرة ودودة، ولكني رفضتُ بلطف وحاولت اصطناع الحزن وأنا أخبرها أنني اخترت إليري، فأومأتْ متفاجئة وغادرت من أمامي دون تعليق.

التفتُّ فرأيتُ فك إليري واقعًا من شدة الصدمة، وعندما كانت ستفتح فهما لتعترض سبقتها وتحدثت بتهكم تزامنا مع غمزي لها «أعلم، سوف نشكل ثنائيًّا رائعًا» ثم غادرت بابتسامة جانبية.

انتهى دوام الملل وهأنا أقف أنتظر ظهور إليري أمام أبواب المدرسة الضخمة «سوف تنتظرها، صحيح؟» نطق آش بعبوس لأنني أخبرته بما حدث أثناء الغداء ولم يكن راضيًا عن قراري ولكن ليس بيده حيلة. أومأت تزامنا مع قولي: «نعم، يجب أن نقوم بالبحث كما تعلم» أنهيت جملتي وودعته فلوّح لي وغادر.

«هيا! أين أنتِ أيتها القصيرة؟» همست لنفسي خلال انتظاري ورأيتها تخرج وكانت تحمل بعض الكتب بيدها. صحت باسمها وأنا أتقدم نحوها لأجلب انتباهها.

التفتت لي بحاجب معقود وهي تقول بغضب: «ما الذي فعلته؟» زيفت ابتسامة خجولة وقلت بتهكم:«أعلم، لا عليك، أتفهم كم أنتِ ممتنة لي ولكنك تخجلين من التعبير».

تنهدتُ بعمق واستطردت بجدية: «والآن، هيا بنا، ليس لدينا وقت لنضيعه، يمكنك أن تشكريني لاحقًا» تغيرت نبرتي وأصبحت ساخرة في نهاية الجملة، فرأيتها تقبض كف يدها بقوة حتى برزت عروقها بشدة. قلت بتوتر وهي ما زالت ترمقني بنظرات حقد: «على رسلك يا فتاة، كنت أمزح فقط». هل تفكر بقتلي يا ترى؟ 

«حسنًا، اتبعني» تنهدت قائلة بهدوء وهي تخطو أمامي. تفاجأتُ من رد فعلها ولحقت بها بهدوء تام.

«بعد أن نجمع المعلومات من الكتب، أتفضلين أن نكتب البحث في منزلك أو منزلي؟» سألت بتململ مقاطعًا الصمت الذي رافقنا طوال طريق سيرنا نحو المكتبة -والتي لا أعلم لماذا اختارتها مكتبة عمومية بدلا من مكتبة المدرسة- هذه الفتاة تعشق السير على ما يبدو.

توقفتْ قليلًا وكأنها تفكر، ثم قالت بتوتر ملحوظ: «لا، منزلي لا، أقصد... سوف أكتبه بمفردي» أنهت جملتها ولم تعطني فرصة للتعليق بل دخلت المكتبة التي كنا نقف عندها.

أخذنا نبحث عن كتب تخص الكيمياء وكل مرة كنت أود أن أتكلم تقاطعني بهمسها «ممنوع التحدث في المكتبة». حسنًا، سئمت محاولة التحدث معها، عليّ وضع كل تركيزي في الكتاب القابع بين ذراعيّ، حدقت به بشرود إلى أن شعرت بيدها تمسك بكتابي لتقلبه وهي تقول: «من الواضح أنك تقرأ بتمعن». أنهت جملتها بابتسامة ساخرة  فابتسمت بخجل على موقفي المحرج.

أنهينا تجميع المعلومات المهمة وخرجنا بعد أن دوّناها في بعض الأوراق. ناديتها أثناء سيرنا الهادئ لأجلب انتباهها، فهمهمتْ حتى أكمل قول ما أريده. حسنًا، هذه المرة الأولى التي تعطيني فيها انتباهًا بسرعة، أعلم بأنها لم تقل شيئًا يُذكر، ولكنها قامت برد فعل على الأقل.

«لن أدعكِ تكتبين البحث بمفردك» قلت بجدية فوقفت هي تحدق بي بتشوش بينما عدت لأقول بصرامة: «سوف نكتبه معًا». أنهيت جملتي في حين رأيتها تعبث بخصلات شعرها بتوتر وهي تتمتم «ولكن يمكنني أن أفعله بمفردي».

قاطعتها بقولي الحازم: «لا نقاش، سوف نكتبه معًا». تنهدتُ واسترسلت «إذًا منزلي أو...» قاطعتني بسرعة قبل أن أكمل جملتي وأجابت: «نعم، نعم، منزلك».

تعجبت قليلًا من توترها الملحوظ ولكني لم أعره اهتمامًا، لأن الأهم هو موافقتها على الذهاب معي، أليس كذلك؟

«بالتأكيد، فسيكون هذا رائعًا» خاطبت نفسي برضا وابتسمتُ ببلاهة ثم بدأت بالتحرك.

يتبع...

_________________

فضلا " فوت " و " تعليق ع الفقرات " .

رأيكم بالبارت ؟

توقعاتكم ؟

و أرجوا منكم العودة و التفاعل على الاجزاء الاولى .

أسفة على الأخطاء الإملائية و اللغوية إن وجد .

طابت أيامكم 💙

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top