«١٧»

صلوا على الرسول

************

كنت أقف منتظرًا ظهور سيارة أجرة، وهذا بسبب المعتوه آش؛ لقد ذهب من دوني بسبب تأخري وكسلي المتعمد على حد قوله. أقسم بأنني لم أتعمد هذا، صحيح أنني أوشكت على وضع هاتفه في المايكرويف بدلًا من قهوتي، ولكن لا يزال هذا سببًا غير منطقي ليتركني في هذا الوقت من الصباح، أليس كذلك؟

اِستفقت من شرودي عندما رأيت سيارة أجرة تعبر في الطريق التي كنت قد بدأت بالسير نحوها، أوقفتها وأخبرت السائق بوجهتي فبدأ بالقيادة نحو مدرستي.
نزلت بعد أن ناولته الأجرة واتجهت بخطواتي لأدخل إلى المدرسة، لقد كانت الساعة التاسعة والنصف.

لا أعلم لم أتيت من الأساس، فالحصة الأولى على وشك الانتهاء، اتجهت إلى صفي والذي كان حصة الرياضيات، طرقت الباب بخفة لكن تراجعت عن فتحه؛ أستاذة الرياضيات مخيفة.

فتح الباب ووجدت الأستاذة تنظر إلي بعينين ثائرتين وتشير بسبابتها إلى الأعلى لأبقى في الخارج. انتهى بي الحال أجلس ما تبقى من الحصة أمام الباب بعد أن قامت تلك المغفلة بإغلاقه في وجهي بقوة. هي حتى لم تنطق بكلمة!

صدح صوت الجرس معلنًا عن بدء وقت الغذاء فاتجه الجميع نحو الكافتيريا، خلال طريقي شعرت بأحد يسحبني بسرعة إلى غرفة تبديل ملابس الفتيان وتبين بأنه آش.

«ماذا؟» سألت بحنق فأنا حقًّا أود صفعه لأنه تركني صباحًا. نظر إلي بتوتر وقال بجدية: «لوك!»، تنهد ثم أكمل بالنبرة الجادة نفسها: «جاستن لم يحضر أمس واليوم لأنه في المستشفى، أخبرني كالوم أنه تعرض لكسر في الساق فقط؛ الحادث لم يكن قويًّا».

حسنًا، لقد استحق ذلك بجدارة، لكنني لا أفهم لمَ آش متوتر بهذا الشكل، فذلك المتنمر يستحق أكثر من هذا بكثير. 

نطقت بسخرية: «إذن؟ لا تخبرني بأنك تود زيارته وتمني الشفاء العاجل له!» فقلب عينيه بانزعاج ثم زفر بنفاد صبر وقال: «لا تقاطعني»، تنهد وأكمل «ليس هذا ما أريد إخبارك به بل أريد إعلامك بأن الحادث كان مدبرًا، هناك من عبث بزيت فرامل سيارته» أنهى جملته وأخذ نفسًا عميقًا بسبب سرعته في الحديث، ونظر إلي منتظرًا رد فعلي.

«ماذا يعني هذا؟» سألت بشك وقمت بتضييق عيني. 
«كنت أظن بأنك من يعلم إجابة هذا السؤال» قال واتجه خارجًا من الغرفة بخطوات سريعة.

ماذا يقصد؟ البائس هو كان يشير بأصابع الاتهام نحو إليري، أيعقل هذا؟ خرجت أنا الآخر وملامح الاستفهام وعدم التصديق تملأ وجهي، يستحيل أن تفعل هذا. توجهت إلى السطح بعد مدة من الغياب وأرسلت لإلي بالقدوم، سأثبت لآش أنها لم تقم بفعل أي شيء.

«مر وقت على صعودنا إلى هنا، صحيح؟» سمعت صوتها من خلفي واستدرت بملامح مبتسمة كنت قد اصطنعتها. 

قلت بهدوء: «أهلًا إلي» فرأيتها تتقدم نحوي بخطوات ثقيلة واستطردت بهمس مبالغ: «ألا تعتقد بأن إليري أجمل بكثير؟».

يا إلهي! عدنا لهذه السيرة المملة، لم تمانع يوم أمس واليوم تمانع، ما هذا بحق الجحيم؟

«حسنًا إليري، أهكذا أفضل؟» قلت متأففًا فأومأت باستحسان. هذا ليس الوقت المناسب لنراجع الألقاب فأنا هنا لسبب آخر كليًّا.

«أتعلمين؟ كنت أود إعلامك بأمر يخص جاستن» قلت بجدية في حين وقفت وأنصتت. 

«إنه في المستشفى بسبب حادث سير» أكملت وثبت بصري عليها بترقب لجميع تحركاتها، لقد كنت أحاول قراءتها بأفضل ما يمكن. 

قالت بثبات: «يا للشفقة! بالتأكيد حدث هذا بسبب قيادته المريعة، على كل أتمنى له الشفاء»  ولا أعرف لم أشعر وكأنها تعلم غرضي من السؤال لأن إجابتها خرجت مبرمجة أكثر منها صادقة.

«للأسف لم يكن بسبب سرعته، بل هناك من عبث بفرامل سيارته، أتصدقين؟» قلت ومثلت التفاجؤ ولكن ملامحها غير المقروءة جعلتني أبتلع ريقي بتوتر.

بدأت بالتقدم نحوي بخطوات بطيئة وما زالت تحتفظ بملامحها المبهمة: «يا إلهي! لا أعلم ما علي قوله، من المؤسف سماع هذا» قالت بشفقة وتوقفت على بعد خطوات عني.

حسنًا، لم أستطع إخفاء نظرة عدم الاقتناع لكنني لا أملك شيئًا لأقوله، فمن الواضح أنها لا تملك يدًا في الموضوع أو أن هذا ما تريد إثباته؟ أيًّا كان، إذا غضبت مني بعد هذا الحوار لن ألومها؛ فأسلوبي بالحديث كان أشبه بتوجيه تهم.

«أتعلم أمرًا؟» همسها بهذه الكلمات أخرجني من شرودي فوضعت كل تركيزي عليها وهمهمت بمعنى: «ماذا؟»
تنهدت وأكملت بنبرة واضحة وكأنها تود التأكد من سماعي كل حرف يخرج منها: «بدأت تشبه كايلي كثيرًا» ثم خرجت وتركتني أحاول فهم كلماتها التي أجدها غامضة. على العموم، آمل أن يكون هذا بالأمر الجيد، لكنني أشك بذلك.

دخلنا إلى المنزل وطول الطريق لم ننطق بكلمة. 
«ما الذي كنت ترمي إليه صباحًا؟» وهذا أول ما تلفظت به منذ خروجنا من المدرسة.

«أنت تعلم جيدًا ما الذي قصدته» أجاب بجدية ورمقني بنظرة محذرة: «لا تخبرني بأنها بريئة، أرجوك» استطرد رافعًا يديه بيأس حينما كنت أقف دون حركة، فقط أفكر.

إذا كنت سأقرر استنادًا لكلامها صباحًا، فهي بالتأكيد ليست المذنبة ولكن إذا نظرنا إلى لغة جسدها سنجدها متناقضة تمامًا، لذلك أنا مشوش. 

«آش!» نطقت بهدوء لأجذب انتباهه، قررت أن أسأله عما يدور بعقلي: «ما السبب الذي دفعك لتطلق إشاعة أن إلي هي السبب بحالة كايلي؟»

صمت غير مريح سيطر على الأجواء، رأيته يزفر بعدم راحة وأجاب بخفوت: «تصرفات كايلي».

أظن بأنني أحتاج إلى مزيد من التوضيح!

«لم أفهم» قلت بانتباه فجلس على الكنبة وتنهد بعمق ثم أكمل: «في الفترة الأخيرة، تغيرت تصرفات كايلي كثيرًا؛ لقد بدأت تشرد وذهنها مشتت دائمًا،  إضافة إلى تغيبها عن المدرسة في أغلب الأوقات. لقد تغيرت معي أيضًا، آخر يوم كانت فيه طبيعية كان قبل زيارتها منزل إليري، ومنذ ذلك اليوم لم تعد كما كانت»، تنهد واسترسل بنبرة غاضبة: «حاولت جعلها تخبرني بما حدث معها ولكن صداقتها بتلك المجنونة كانت أقوى من علاقتي بها»، أكمل كلامه غاضباً ونبرته علت بحنق: «إلى أن أتى ذلك اليوم المشؤوم عندما ذهبت كايلي لزيارة إليري مجددًا، ولكن في هذه المرة اتصلت بي والدتها لتخبرني بأنها في المستشفى وإصابتها خطرة!» صمت قليلًا وشعرت بنبرته المنكسرة عندما عاد ليقول: «كنت أزورها يوميًّا في منزلها، لقد كنت كظلها؛ أحضر لها الواجبات وأتحدث إليها، ولكن كل هذا باء بالفشل فهي لا تتكلم على الإطلاق، فقط تحدق بي بشرود، حتى أنها رفضت إكمال دراستها. وفي يوم ما ذهبت لزيارتها كالعادة والملفت هو أنه عند وصولي إلى منزلها لمحت إليري تخرج منه، في البداية لم أتعجب فهي صديقتها، ولكن عندما رأيت تصرفات كايلي ذلك اليوم شككت بأمرها، وما جعلني أطلق تلك الشائعات هو أن كايلي تركتني في اليوم نفسه، تخيل! بعد كل ما فعلته لها وتحملي صمتها، أول كلمات جازتني بها كانت بشأن رغبتها بتركي»، نظر إلي ورأيت عينيه الممتلئتين بالدموع ولكنه تنهد بضعف وأردف: «لست حزينًا منها، فأنا أعلم جيدًا بأنها ليست الفتاة ذاتها التي أحببتها منذ مصادقتها إليري، والمشكلة أن الزمن يعيد نفسه، أنت أيضًا لم تعد كما كنت منذ معرفتك تلك المختلة» وقف وتقدم نحوي وقال بأكثر نبرة جادة سمعتها يومًا: «أرجوك ابتعد عنها، لن أحتمل خسارتك أيضًا».

حسنًا، لا أعلم ما علي قوله بعد كل ما سمعته، هل يجب أن أترك إلي لمجرد شكوك الشخص الذي دمرها بسبب تخلي حبيبته عنه؟ أم يجب علي تصديقه لأنه صديقي؟

أنا مشوش وأحتاج إلى التأكد بنفسي من كل هذا، أنا معجب بإليري جدًّا، هي تتصرف هكذا بسبب هذه الإشاعة التي دمرتها كليًّا؛ فالجميع ينفر منها بطريقة مزرية، أشك بأنها نسيت اسمها بسبب تلقيب الجميع لها بغريبة الأطوار. 

إذا كان الشخص طبيعيًّا والجميع يستمر بنعته بالمجنون على الأرجح سيصبح مجنونًا!

قلت بحزن على حال صديقي: «آسف لأن كايلي تركتك» ورأيته يهز رأسه بمعنى: «لا بأس».
أكملت: «وآسف أيضًا...» سكت برهة أشاهد نظراته المستفهمة فأردفت موضحًا: «لأنني لا أستطيع ترك إليري، على الأقل ليس قبل أن أتأكد من صحة شكوكك بنفسي».

«يا إلهي! إما أنها سحرتك أو أن جنونها بالفعل أوقعك!» صاح آش بحنق وتوجه ليسحب مفاتيحه وقال قبل مغادرته: «لن أسمح بخسارتك، لوك» تنهد ونظر إلي ثم استطرد بجدية: «بعد ما حدث لجاستن تأكدت بأنها مختلة، لذلك عليك الاختيار بيننا، إما أنا أو تلك الفتاة إليري» أنهى جملته وصفع الباب خلفه.

ماذا؟ مستحيل! لا أستطيع التخلي عن كليهما، هذا التصرف أناني كفاية لعدم تقبله.

«تبًّا!» صرخت بغضب فارتدّ صوتي بالأرجاء. جلست أفكر بكلامه، إليري أو آشتون؟ هذا بالفعل محال!

يتبع ..

________________________________

مرحبا بكم في

' بداية النهاية '


تقيمك للبارت ؟
توقعاتكم ؟
اي أسئلة ، انتقادات يمكنكم وضعها هنا :)

-سيتم تنزيل البارت القادم حسب التفاعل .

طابت أيامكم 💙.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top