| 8 | عـودة ..

استيقظت من نومها المتقطع ذاك الملئ بالأحلام المزعجة التى تطاردها في كل مرة تغمض فيها جفونها, جففت دموعها المنهمرة علي وسادتها لا اراديًا ثم جلست في مكانها و هي تحيط ركبتها اليسري بذراعيها مطأطئة رأسها في شرودٍ تام, ما هي الا لحظات حتى سمعت ضجيجًا بالخارج جعلها تخاف و تقلق, ارتفعت برأسها سريعًا و وجهت بصرها نحو مصدر الضوضاء القادم من الصالة! التى لم يكسر ظلمتها اي ضوء بعد بالرغم من أصوات فتح و اغلاق الباب و صوت قدمين تتحركان بالأسفل ببساطة و كأن لا أحد غير المتطفل في المنزل !

أزاحت جسدها عن السرير و تسللت للخارج, فتحت باب الغرفة بحذر و نظرت من خلاله لترى حركة ملحوظة لشخصٍ لا تستطيع تحديد ملامحه بسبب الظلام المحيط بها من كل الجوانب فقد خشيت أن تفتح ضوء غرفتها فتكشف عن وجودها أمام الغريب .

أصبحت في ذروة خوفها, عادت بظهرها للخلف حتى تختبئ وهي لاتزال تراقب تحركاته خلف ستار الظلام ولكن لسوء حظها اصطدمت بالمكتب المجاور لها و اسقطت هاتفها بظهر يدها عن غير قصد ليرتطم بالأرض بقوة، لاحظ الصوت و اتجه نحو الغرفة سريعًا بينما ظلت هي متجمدةً في مكانها لا تدري ماذا تفعل بالخص بعد متجهًا اليها, فتح باب الغرفة و الضوء بينما صرخت بفزع ..

ما خطبكِ؟ انه أنا .. قال محاولاً طمأنتها بنبرةٍ امتزجت بقلقٍ عليها, القت بجسدها بين ذراعيه مرخيةً رأسها علي صدره بينما هو يربت علي ظهرها وقد ضمها اليه و يسحب بيده بلطفٍ علي شعرها .

ارتفعت برأسها اليه معلقة بصرها به "لما لم تخبرنى بأنك قادم .. ؟!" سألته بمعاتبة .

"لقد أردت مفاجأتكِ" أجابها ثم طبع قبلة حانية علي جبينها و قاما بفصل العناق ببطء .

"اشتقت لك كثيرًا, أخي" قالت بصوتٍ ضعيف فقام هو بضمها اليه محيطًا ايها بذراعه .

"و أنا أيضًا, رودي" قال بلطفٍ مبتسمًا لترد له البسمة بأخرى متكلفة ثم أخذها للخارج, قام بفتح الأضواء ثم جلسا متجاورين سويًا معلقًا بصره بها "انظري الي حالتكِ! لقد أخطأت حين تركتكِ" قال بأسى امتزج بندمٍ فاتخذت البسمة الجانبية موضعها علي ثغرها .

"لقد غِبتَ أسبوع فقط ليام, ليس بالأمر المهم" قالت .

"لقد طلبت منكِ المجئ معي! كما أن فترة أسبوع كانت كفيلةً بتدميركِ كليًا" قال وهو يشير الي وجهها الشاحب و عينيها المرهقتين .

ظلت تحدق به بصمتٍ, فـ هي لا تريد أن يحمّل نفسه ذنب ارهاقها و تعبها, ابتسمت بخفةٍ مقاطعة حاجز الصمت بينهما "أخبرنى, ماذا أحضرت لى من هنا ؟" تساءلت بمزاحٍ بنبرات صوتها التى تقاطعها بحة خفيفة بينما ابتسم هو بشدة .

"لالا أصدق! قُلت أريد مفاجأتكِ و أنتِ تكتشفين بأننى أحضرت لكِ هدية .. ؟!" تساءل بمعاتبة مازحًا لتضحك هي بخفة .

أسندت يدها برفقٍ علي كتفه "لأنك الشخص الوحيد الذي لن يتغير معى أبدًا" قالت بابتسامة منكسرة ليبتسم هو بهدوءٍ ضاممًا شفتيه ثم التفت خلفه ليخرج من حقائب سفره ما أحضره لها .

التفت لها من جديد بينما التفت له بصدمة وهو يبتسم بخفة معلقًا القلادة بأصابعه أمامها "أعلم كم أردتِها وكم بحثتِ عنها ولم تجديها" قال بخفوت ثم اقترب منها و وضعها حول عنقها بلطف "لذا أظن بأنها أنسب هدية لأختى الصغرى" أكمل ثم ابتعد عنها مبتسمًا بينما قامت بمعانقته بقوة وقد بادلها بلطفٍ .

"أحبك" قالت بخفوتٍ ثم ابتعدت عن صدره و هي تجفف دموعها و تمسك بالقلادة مبتسمةً وهي تحدق بها "تيتانيك .." همست بينما ابتسم هو بخفة .

"و أنا أيضًا أحبكِ صغيرتي" قال بلطف وهو يداعب وجنتها لتبتسم أكثر بالرغم من معرفته الشديدة أن سبب هروب دموعها تلك لم يكن من السعادة .

لقد اضطر للسفر الي عائلتهما في فرنسا و غاب عنها أسبوع كامل, ظلت هي في هذا الوقت بعد رفضها للذهاب معه تتألم فقد كانت تحتاجه الي جوارها في أصعب وقتٍ مرت به, هي فقط ارتمت بين ذراعيه و بكت بشدة لأنها انتظرت عناقه منذ فترة حتى تخرج به بكاءًا حُبس بها بالرغم من أنها لم تخرج منه الا القليل الآن حتى لا تفسد سعادتها بعودة أخيها أخيرًا الي المنزل .

*****

خرج ليام و رودي من احدي المستشفيات, ركبا بالسيارة ثم انطلقا في طريقهما "لا أصدق أن الطبيب قال بأن هناك أمل في ابصاره !!" صاحت بسعادة .

"علينا فقط احضاره الي الطبيب ليفحصه, مؤكد سيبصر أخيرًا و سيراكِ" قال ليام ثم التفت لها بطرف عينه وهو يبتسم بخبثٍ بينما نظرت له رودينا بتعجبٍ قاطبةً جبينها .

ضحكت بخفةٍ ضحكة ساخرة "سيرى العالم" قالت ببساطة و تحدٍ .

"ألستِ عالمه .. ؟!" تساءل بتعجبٍ تأكيدًا علي قوله ثم ضحك بخفة وهو يعود الي الطريق ببصره بينما ظلت شاردة به .

"ليام, ما الذي تقوله .. ؟!" سألته بخفوت .

"بالمناسبة, زميلتى بالجامعة لديها أخ كان يبحث عن عمل ما رأيكِ في أن يعمل بالمطعم .. ؟!" تساءل ليام متجاهلاً سؤالها فأومأت له .

"لا بأس" قالت بانزعاجٍ بسبب تجاهله لها وظلت شاردةً في قوله, هي حتى لا تعرف ان كانت معجبة به أم هو مجرد صديق! بل حتى لا تعلم ان كانت فقط تشفق عليه لا أكثر أم لا ..

-------------------------------------

"لما توقفت هنا .. ؟!" تساءلت رودي بتعجب بعد أن توقفا أمام احدي المقاهي .

"أخبرته بأننى سأقابله هنا بشأن العمل" أجابها ليام وهو يخرج من السيارة ثم تبعته بالخروج, سارا سويًا حتى وصلا الي احدي الطاولات بالخارج و يجلس عليها شاب يبدو في مثل عمر رودي و يحتسي قهوته, ابتسم ما ان رآهما يقتربان ثم جلسا مقابلين له .

"هل تأخرت .. ؟!" تساءل ليام بعفوية فأومأ له الثانى بالنفي .

"لا عليك لقد وصلت توًا" أجابه "ماذا تريدان أن تشربا" تساءل بلطفٍ ليلتفت ليام الي رودي فأومأت له بالنفي ثم عاد ببصره الي الفتى .

"شكرًا, لقد أتينا بشأن أمر عملك" قال ليام .

"أجل, إلامَ وصلت .. ؟!" سأله وهو يرتشف القليل من كوبه بينما استند ليام بذراعيه علي الطاولة مقتربًا قليلًا منه للتحدث .

"ستعمل في مطعم أبي, ما رأيك .. ؟!" اقترح ليام بينما أزاح الثانى ظهره علي الكرسي معقبًا: ليس لدى أي مشكلة .

"جيد, دعنى فقط اعرفكما" قال ليام "رودي, هذا هاري أخو جيما الصغر زميلتى بالجامعة" قال وهو يشير اليه بينما ابتسمت رودي بخفة ثم التفت اليه "هاري, هذا رودينا أختى الأصغر" أكمل ليبتسم هاري بلطفٍ .

"تشرفت" قال هاري بخفوتٍ وهو يعتدل في جلسته فأردفت رودي: و أنا كذلك ..

"رودي دومًا تذهب الي المطعم للعمل أو مباشرة العمل, أما أنا فـ أذهب من الحين للآخر لذا هي من ستشرح لك طبيعة العمل هناك" قال ليام وهو يزيح ظهره علي الكرسي تاركًا المجال لحديثهما سويًا .

رفعت رودي كتفيها بخفة "ليس هناك ما يذكر! فقط نحن نفتتح المطعم في تمام العاشرة صباحًا, جايد صديقتي هي أول من تذهب و أول ما تفتحه لتنظف المكان و تجهز كل شيء, هناك كلنا نعمل سويًا في اعداد الطلبات و التوصيل, التنظيف و أخذ طلبات الزبائن" قالت بينما هاري يركز تمامًا بكلامها "أخبرنى, هل تستطيع الخبز أو تحضير القهوة .. ؟!" سألته فأومأ لها .

"أستطيع تحضير البان كيك ولكن لا أحسن تحضير القهوة" أجابها .

"ليست بمشكلة, حسنًا لقد استلمت وظيفتك" قالت بلطفٍ ليبتسم بخفة .

"حسنًا, شكرًا جزيلا لكما" قال هاري ليجيباه سويًا: علي الرحب .

قاطع حديثهم اصطدام يدٍ قوية بطاولتهم فالتفتوا اليه بفزع و غضب "أحتاج بعض النقود .." قال من بين أسنانه وهو يتنفس بصوتٍ مرتفع, عيناه محمرة للغاية و وجهه شاحب بل و عروق رقبته بارزة و مزرقة! أجل هو تروي أوستن! و لكنهم بالفعل لم يتعرفوا عليه, ظنوا أنه أحد قطاع الطرق أو المدمنين أو لص, لكن كيف لشخصٍ مثله أن يطلب مالاً في وضح النهار بهذه البساطة .

"عذرًا .. ؟!" تساءل ليام وهو يرفع احد حاجبيه بغضبٍ و سخرية فالتفت له تروي .

"نسيت أموالي بالمنزل وهو بعيد عن هنا! أحتاج الي بعض المال لتناول المشروب" أجابه بنفس نبرته السابقة .

"ارحل عن هنا" قال ليام بتحدٍ ولا مبالاة بينما ظل يحدق به تروي بغضب ثم أمسك بمقدمة ملابسه بقوة و رفعه من مكانه فسقط كرسيه أيضًا بينما صرخت رودي و حاولت افلات اخيها من يده بينما بدأ هاري في ابعاده بقوة و سبه .

"أعطنى النقود أيها التافه !" قالت بغضبٍ وقد التفت جميع المتواجدين بالمكان اليه حتى قاطع الموقف صراخ أحدهم: أنت! ابتعد من هنا ..

التفتوا له جميعًا و اقترب الرجل منهم "ارحل عن هنا تروي! لا أموال لك" قال بغضبٍ وهو يسحب ليام من يده بينما اقترب اليه هاري و رودي و تمسكوا به وهم ينظرون الي تروي بغضب .

"ياسر أرجوك, أحتاج بعد النقود لـ .." قال تروي بتوسلٍ بصوتٍ خافت خشن .

"قُلت لك لا!" صاح ياسر بجمودٍ مقاطعًا اياه "أبعد وجهك القبيح عن هنا و اترك الأطفال و شأنهم" أكمل فأومأ له تروي وهو يحدق به ثم التفت الي ليام و رودي و هاري ثم سار مبتعدًا بينما ظل ياسر ينظر اليه بغضب .

----------- Stop -----------

إيه رأيكم في البارت ده .. ؟!

ايه اخبار الأحداث معاكم ؟

فاهمين سير الأحداث .. ؟!

Vote and comments, please

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top