| 14 | الميئوس منه ..

نزل درجات السلالم وهو لايكاد يري أمامه من شدة الغضب و تلك الدموع التي حُبست بمقلتيه, نزوله قاطع حوار ليام و السيدة ميشيل و مظهره جعلهما يلتفتان اليه بدهشة و ينهضا من مكانيهما, اتجه ليام نحو لوي بينما السيدة ميشيل تتبعه في المسير ..

"لوي ماذا حدث .." تساءل ليام و ما كاد ينهي سؤاله حتى تخطاه لوي وقد دفعه من صدره مزيحًا اياه عن طريقه مكملاً طريقه نجو باب القصر بأقصي سرعة فتبعه ليام فورًا .

خرج لوي من القصر و ليام يتبعه مناديًا اياه ولكن بلا رد منه حتى أمسك بذراعه بقوة و جعله يلتفت اليه "ما مشكلتك؟ ألا أتحدث إليك .. ؟!" تساءل ليام بعصبية .

أبعد لوي يد ليام عنه بقوة "أتـركـنـي واللـعـنـة و شـأنـي" ثم صرخ به بأعلي نبرى صوتٍ يمتلكها حتى أذي أجباله الصوتية و ليام ينظر له بتعجب و دهشة من مظهره في نفس الوقت, ظل لوي يتنفس بقوة و صدره مستمر في الهبوط و الصعود ثم تحرك بعيدًا بسرعة بينما الآخر يقف متصنمًا في مكانه لا يدري ماذا يفعل .

ظل لوي يسير متخبطًا في أفكاره, شارد تمامًا لا يدري كيف يتخذخطواته لكنه يعرف الي أين وجهته, هو يريد الذهاب الي أي حانة الآن لإفراغ كل يأسه في كأسٍ من أحد المشروبات القاتلة التي كان قد أقبل عليها من قبل و لكنه كان قد امتنع عنها فقط لأيام ليتمكن من طلب رؤية صغيره من السيدة ميشيل, توقفت قدماه من التعب و الألم ولأنه وصل الي وجهته, ارتفع ببصره الي الأعلي حتى يتفحص ذاك المبني المعتمد أمامه، كان قد اعتاد المجيء الي هنا لذا اتخذ خطواتٍ عشوائية و اعتمد علي ساقيه في ارشاده الي الطريق .

لم يفكر كثيرًا فقط اتخذ خطواتٍ قصار نحو الحانة و دفع الباب بقوة ليدخل الي هناك حيث كانت المقاعد مبعثرة و منها الساقط أرضًا فالحانة في هذا الوقت المبكر من النهار تكون شبه فارغة! لا يوجد بها سوي أشخاص قليلون فقط يمكنك عدهم علي أصابع اليد, لم يلتفت أحد الي دخول لوي سوي ذاك الساق أمام المنضدة, يمسك بالكوب بيد و اليد الأخري يلف حولها منشفة صغيرة و يدفنها بالكوب بينما يلفه حول المنشفة حول يده لينظفها, دلف لوي الي الداخل بثقة فقد كانت أكبر مخاوفه الآن من وجود زين وهو يعلم تمامًا أنه سيمنعه من احتساء المشروب بلا أدني شك .

سحب كرسيًا ثم جلس أمام المنضدة ضاممًا يديه أمامه بينما توقف الساقي أمامه منظرًا طلبه "فقط أحضر أي شيء" قال لوي بلا مبالاة فأومأ له الساقي بهدوء ثم سحب كأسًا و زجاجة من الويسكي أمامه, قام بصب القليل منه في الكأس ثم دفعه أمام لوي حتى التقطه بيده ..

"ثلاثون جنيهًا" قال الساقي ببساطة فأخرج لوي من محفظته مائة جنيه و ألقاه علي المنضدة بلا مبالاة بينما أمسك بها الساقي وهو ينظر لها بتعجب ثم التفت الي لوي .

"سأحتاج المزيد" قال لوي مجيبًا علي ما يدور بخاطر الساقي ثم تركه و رحل بينما لوي ظل ينظر الي الكأس بيده بتردد بل و بتمعن, يتفحص ذلك السائل الذهبي من خلف الزجاج و قطع الثلج الموضوع به قرابة الدقيقة وهو يتفحصه بشرود تائهًا في دوامة أفكاره حتى شعر بأنه بدأ يدفأ في يده فسكبه في فمه سريعًا .

أبعد عنه ثم صدمه بالمنضدة بقوة وهو يقطب حاجبيه بشدة, أمسك بالزجاجة و سكب منها المزيد بالكأس, رفع الكأس اليه من جديد ليطبق عليه بشفتيه المتشققتين من الحزن و يتجرع جرعته الثانية ..

فالثالثة ..

فالرابعة ..

حتى انهي الزجاجة بعد الجرعة الثامنة و كل ما صدر من بين شفتيه "أحتـاج المزيــد" صاح وقد ثَمِل تمامًا و ما كان من الساقي سوي أن أحضر له الزجاجة الثانية فتناولها لوي من يده و أعطاه مقابلًا له مائة جنيه أخري لينظر له الساقي بتعجب أكثر .

"ستشرب بـ مائتي دولار ويسكي ؟ ذلك سيتعدي الست زجاجات !!" قال الساقي بفزع لينظر له لوي بغضب .

"لا شأن لك" قال ببرود ثم سكب الجرعة بكأسه بينما زفر الساقي بقوة و رحل بعيدًا يراقبه وهو يششرب الكؤوس متوالية لكنه ما ان أنهي الكأس الأخير من تلك الزجاجة انهمرت دموعه جارية علي وجهه سريعًا و كأنها قد اكتفت من مثواها بمحجريهما فهرب سريعًا و بشدة و ما زال الكأس معلقًا بفمه .

أنزله لوي الي المنضدة و دموعه لا تتوقف عن الانهمار في صمت تام, و ما أصعب البكاء الصامت الذي يكتم آلامًا و همومًا كثيرةً بصدره, شعر بدوار ولم يعدي يري أمامه سوي أطيافًا سواء من حالة الثمالة التي وصل اليها أو تلك الدموع الحارة التي لا تتوقف عن النزول من عينيه حتى اختلطت بشهقاته و بدأ قلبه في ضرب صدره بكل قسوة و ما بدر منه سوي اللعن من بين شفتيه لأن ضعفه وبكائه قد خرج من أحشائه بعد أن حبسهما بكل ما يمتلك من قوة بفؤاده .

نهض عن المنضدة تاركًا خلفه النقود و المشروب و الساقي في حالة حيرة شديدة, غادر المكان سريعًا و كأنه خائف من قدوم زين أو هاري, ظل يتخبط في سيره بكل من و ما حوله و قد يتلقي السب و اللعن أو يساعده آخرون علي السير لكنه كان يأبي, حتى وصل بعد ساعة تقريبًا .. وصل الي ذاك المنزل الذي مكث فيه قبلًا, لم يأبه بأي شيء فقط اتجه الي هناك و طرق الباب بقوة حتى فتح له الباب و نظر له بفزع ..

"ما الذي تفعله هنا .. ؟!" تساءل بعدم فهم .

"أين هي؟ دعني أراها" قال لوي بحنق .

"لا أعتقد بأنها ستود ذلك .." قال بتملل "ولا أعتقد بأنني سأسمح لك بذلك" أكمل بغضب لكن لوي دفعه عن طريقه سريعًا و دلف الي الداخل .

لحق به ثم أمسك به بقوة "ما واللعنة مشكلتك؟ أخرج من هنا أيها البائس !!" صاح بغضب وهو يمسك بمقدمة ملابس لوي بقوة .

"قـلـت لـك دعـنـي أراها !!" صاح لوي بغضب شديد وهو يحاول تحرير نفسه من قبضة ليام و يستمر الجدال و الصراخ بينهما حتى خرجت رودي من غرفتها مفزوعةً و التفتت اليهما بتعجب وهما يقفان متقابلين يتشاجران .

"مـا الـذي يـحـدث .. ؟!" صاح بغضب ليلتفتا اليها و يركض لوي نحوها .

"رودينا .. أرجوكِ استمعي لي" قال لوي بتوسل وقد هربت دموعه من جديد و عاد الي حالة ضعفه حين رآها بعد أن زالت القوة و الغضب اللذان كانا يسيطران عليه .

"ارحل عن هنا لوي" قالت رودي ببرود شديد وهي تتماسك حتى لا تنفجر باكيةً بالأخص حين رؤيتها لدموعه .

ظل لوي صامتًا لا يقدر علي التحدث بسبب بكائه فقط شفتاه المرتجفتان و دموعه الغزيرة تمنعانه من النطق "أر-أرجوكِ, استمعي .." قال بضعفِ و صعوبة بالغة بعد ان استجمع قواه ".. ل-لي" أكمل كلامه بتوسلٍ شديد .

"قُلت ارحل, لا أريد رؤية وجهك هنا" قالت بخفوتٍ وقد بكت بدورها بصمتٍ فعاد لوي الي حالته الصامتة غير القادرة علي النطق .

"رودي .." قال ليام فالتفتت اليه "دعه له الفرصة ليتحدث .." أكمل .

أومأت له رودي بالنفي "ليس أنت أيضًا" قالت ثم التفتت الي لوي ببصرها "لن يخاطب لساني لسانه أبدًا! لقد تخلى عني وعن ابنه لأجل عاهرة" قالت من بين أسنانها و كأنها تبصق الكلمة الأخيرة "القِ به خارجًا ليام" قالت بنبرة آمرة وهي تعود للخلف بخطواتها ثم استدارت و اتجهت نحو غرفتها بينما ليام ينظر اليها بغضب بسبب عدم استماعها .

"لم .. أفعل, لم ألمسها حتى .." قال لوي بعضفٍ لتتصنم في مكانها ولكن صدرها ممتلئ بتأكدٍ من أنه يكذب لا أكثر بينما ليام ينظر له بلهفة حتى يقول ما حدث لكن التزم الصمت من جديد .

Louis P.O.V

انعقد لساني ولم أتمكن من التحدث, اندفع ليام نحوي ثم أمسك بكتفي بقوة "هيا لوي, قُل ما لديك" قال بلهفةٍ شديدة بينما رودي لا تزال متصنمةً أمامنا و كأنها تنتظر مني ردًا هي الأخري أما ليام فيقلب بصره ما بيني و بينها ليتأكد من أنها لاتزال واقفة .

"لقد .. لقد خدرني" قُلت بشرودٍ و أنا أتذكر ما حدث بصعوبة و كأن التذكر يمزق قلبي إربًا "كنت نائمًا طوال الوقت .. لست أنا من فعل ذلك لقد كان تروي .. سمعت صوتها تتحدث معه من قبل حين كنت كفيفًا .." أكملت بعد دقائق بينما التفتت رودي نحوي بتعجب و ليام ينظر لي فاتحًا فاهه بدهشة .

شريط حياتي من السواد الي النور و الي اللحظة الحالية مر أمامي عيناي, شعرت بدوار شديد و تشتت الرؤية أمامي, ليام يتحدث الي جواري لكنني لا أستطيع تحديد ما يقوله أبدًا ولا حتى أشعر بيده الممسكة بي فقط أشعر به يحركني, ساقاي لم تعودا تحملاني و الرؤية أصبحت ضبابية بشكل تام, لم أشعر بجسدي الا وهو يرتطم أرضًا و آخر ما رأيته رودينا و ليام يجلسان أمامي و نظرة بأعينهما لن أنساها أبدًا مليئة بالقلق و الفزع، كان هذا آخر مشهد أراه قبل أن تظلم الدنيا تمامًا و ينقطع الأكسجين عن العالم من حولي .

-

-

-

أنا ضائع, سابحٌ في الهموم التي لا تنتهي و ترافقني منذ الطفولة، انتظرت تفريج همي طوال حياتي ولكنني لم اطلبه و حين تسلل الحب الي قلبي و ظننت أن تلك الحياة القاسية قد ابتسمت لي أخيرًا, سُلِب مني كل شيء ! أنا .. الميئوس منه .

----------- Stop -----------

إيه رأيكم في البارت ده .. ؟!

بدأت الأحداث توضح شوية .. ؟!

تفتكروا رودي هتسامحه .. ؟!

لوي حصله ايه .. ؟!

Vote and comments, please

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top