23

Start

عبثت هيبا بأناملها بتردد أثناء مُراقبتها باب غُرفة بيكهيون حيث كانت تقف بجوار غُرفتها تنتظر خروجه لكنه منذ الصباح لم يخرج

لذا حتى تلك الصُدفة التي تحدث أثناء خروجه لتناول الطعام لم تقع اليوم

زفرت بإرتجاف و تقدمت من باب غُرفته لتطرقه بحذر فلم تتلقى رداً

"بيكهيون"

هتفت بصوتٍ مسموع و المقصود حرّك عينيه نحو الباب بضعف ينظر إليه لكن صوته الذي أجابها كان ضعيفاً وغير مسموع

"هلا أجبتني؟ أنا حقاً أشعر بالقلق"

طرقت بابه بخجل ثم أخفضت عينيها تنظر إلى المقبض و ابتلعت ريقها بتوتر قبل أن تقوم بفتح الباب

"بيكهيون أنا...بيكهيون!"

كادت تعتذر عن دخولها لكنها تفاجأت حين رؤيته بحالة يُرثى لها، و كما يبدو هو كان يحاول علاج نفسه بنفسه فهناك منشفة صغيرة فوق جبينه

تقدمت منه و عينيه تحركت معها إلى أن وقفت بجوار سريره و بقلق انحنت تنظر إلى وجهه ذو اللون الأحمر القاتم ثم مدت كفها نحو وجنته تلمسها بسطحية لكن سرعان ما جذبت يدها بشهقة مصدومة

"يا إلهي، أنت تحترق...إن كنت مريضاً لماذا لم تُخبرني؟"

جلست على طرف السرير لتحمل المنشفة المُبللة من فوق رأسه

"حتى هذه لم تعد باردة"

همست بضيق و أمالت قليلاً تضعها بصحن الماء المتواجد فوق الطاولة المجاورة إلى بيكهيون لكن الماء كذلك لم يكن بارداً بدرجة كافية لعلاجه

" و هذا أيضاً ليس بارداً...منذ متى و أنت بهذه الحالة؟"

بعدم تصديق نبست و حملت الصحن لتقف من مكانها فجذب بيكهيون طرف المنشفة يمنعها عن المُغادرة لذا أخفضت نظراتها تنظر إليه بإستفهام

" سأفعلها أنا"

تمتم بصوتٍ بالكاد سمعته فانعقد حاجبيها

"لكنك مريض، يُمكنني مُساعدتك "

همهم بالنفي ليُغلق عينيه بحركة بطيئة رافضاً ذلك فأمالت هيبا برأسها

" بيكهيون أنت مريض، إن كنت تُفكر بشأني فلا تقلق سأقوم بمُساعدتك دون لمسك...يُمكنني فعلها هممم؟"

همهمت بتساؤل نهاية حديثها فزفر بعمق و بعد تفكير دام لحظات ترك المنشفة سامحاً لها بالمُغادرة

" اسمح لي بفتح هاتفك كي أبحث عن طريقة لعلاجك فلم أقم بمُعالجة شخص من قبل لذا لا أريد قتلك "

قهقهت بإحراج فابتسم بيكهيون و أومأ إليها بحركة بسيطة ضعيفة لذا جذبت هاتفه معها قبل خروجها من الغُرفة بينما هو فرّق بين جفونه لينظر حيث كانت تجلس

________________

تشانسوك كانت تجلس في الحديقة بعبوس عاقدة ذراعيها إلى صدرها بينما تشانيول المُقابل لها كان ينظر إليها بشرود، و لم يعي على نفسه سوى حين وقفت من مكانها تنوي المُغادرة

"إلى أين؟"

التفتت برأسها جانباً حيث مصدر صوته و حاجبيها قد انعقدا بإنزعاج إلا أنها لم تُجيبه و تحرّكت من مكانها بينما تتحسس الهواء قاصدة العودة إلى الأعلى حيث غُرفتها

" إذا كُنتِ ترغبين بالعودة إلى الغرفة فلتُخبريني أن أساعدك"

نبس بهدوء و ترك مقعده هو الآخر ليلحق بها ثم أمسك بيدها ما إن وقفا أمام السلالم يُساعدها بصعوده

"يُمكنني فعلها وحدي"

دفعته بإنزعاج لتصعد وحدها بينما تتمسك بمسند السلم بجانبها فتنهد تشانيول بعمق قبل أن يصعد خلفها بينما يضع يديه خلف ظهرها دون تلامس خشية أن تقع و لم يشعر بالراحة سوى حين دخلا غُرفتها

" أنتِ غاضبة؟"

"و لماذا قد أغضب؟ هل فعلت شيئاً يا تُرى يجعلني أغضب منك؟"

هتفت بإنفعال و بنبرة تُعاكس حديثها فابتسم تشانيول دون مقاومة و اقترب ليُمسك بكتفها كي يجعلها تجلس على السرير فدفعته رافضة ذلك

" ما الخطب تشانسوك؟"

" أنا هنا أتدرب على البقاء وحدي كي أكون مُستعدة حين تُغادر، أليس هذا ما تحاول فعله أنت بتجاهلي لعدة أيام متواصلة؟"

أمالت برأسها بسخرية فأغلق عينيه بقوة لبضعة لحظات ثم أعاد فتحهما

" لم أتجاهلكِ"

"بلى فعلت، و فقط لتعرف أنا لسه مهتمة لذلك و لن أترجاك كي تبقى معي فحتى إن كنت كفيفة مازلت قادرة على حماية نفسي و خدمة نفسي بنفسي، كنت أعيش براحة قبل مجيئك إلى هنا لذا لن أهتم إن رحلت...لن أشعر حتى بذلك"

رفعت كتفيها نهاية حديثها ثم شابكت كفيها معاً فوق قدميها ليُهمهم تشانيول

" هذا جيد"

همس بخفوت فانعقد حاجبيها و انحلا بحركة سريعة تكاد تُلاحظ فبالرغم من صدمتها من ردة فعله إلا انها أرادت إدّعاء اللامُبالاة

" نعم، جيد "

أومأت بنبرة مُترددة زيّفت بها عدم إهتمامها فجلس تشانيول على رُكبتيه أمامها فأخفضت رأسها حين شعورها به يجلس هناك قريباً منها

"هل هذا يعني..."

تمتم لتميل برأسها قليلاً تنتظر ما سيقوله فابتسم بتلاعب و رفع كفيه يضعهما فوق خاصتيها المُنعقدين معاً بينما عينيه تبتسمان بإستمتاع لرؤية ملامحها تهتز بتوتر

"بإمكاني الخروج اليوم؟"

"إلـ...إلى أين؟"

تنهدت بإرتجاف خلال حديثها المُتلعثم فأجابها كاذباً

" لدي صديق مريض للغاية و يجب أن أذهب لرؤيته"

"صديق أم صديقة؟"

سألته بحذر فتوقفت عينيه على خاصتيها لوهلة مُتفاجئاً من هذا السؤال ثم ابتسم بقهقهة خافتة قد غادرت ثُغره

" لن يُشكّل هذا فارقاً "

زمت شفتيها بضيق ثم ابتلعت ريقها و همهمت إليه قبل أن تومئ

" هذا صحيح "

جذبت كفيها بعيداً عنه ثم دفعته بخفة لتقف من مكانها متوجهة نحو الحمام كي تهرب منه فانعقد حاجبيه بخفة و وقف سريعاً كي يلحق بها ثم جذبها من مرفقها قبل دخولها الحمام

" لن اتأخر إذا كُنتِ قلـ... "

توقف عن الحديث ما إن رآها تبكي بصمت فارتفع حاجبيه في تفاجؤ و بلطف احتضن وجنتيها

" لماذا تبكين فجأة؟ إن كُنتِ تخشين من أن أترككِ وحدكِ مع مين هيون فلن أفعل"

تمتم ثم زم شفتيه وهو يميل برأسه نحوها بينما إبهاميه يتحركان على وجنتيها يمسحان دموعها البسيطة تلك فاستنشقت ماء أنفها لتهمس بصوتٍ مُختنق

" بجدية...هل تكره بقائك هنا فقط أم تكرهني أنا أيضاً؟"

توقف عن مسح دموعها لينظر نحو عينيها ثم ابتلع ريقه و أخفض نظراته نحو شفتيها يهمس

"لا أحب والدكِ و كذلك خطيبكِ" 

كاد يخفض كفيه عن وجنتيها فاحتضنتهما سريعاً تمنعه عن ذلك

" و أنا لست أبي أو حتى مين هيون لذا هذه ليست الإجابة"

ابتلع تشانيول ريقه ليُمرر عينيه على كامل وجهها، و حين طال صمته انزلقت كفيها عن يديه بإحباط

" أعتقد أن الإجابة واضـ..."

"حين أنظر إليكِ .."

تشانيول قاطعها لترفع رأسها و حاجبيها قد انعقدا حين التزم الصمت لبضعة لحظات أخرى

" لا أرغب بإبعاد عيناي عنكِ"

شهقت بخفوت حين  تحركت إحدى كفيه نحو ذقنها و بأطراف أنامله رفعه قليلاً فاضطربت أنفاس تشانسوك و قلبها تبعثرت نبضاته

" و هذا سبب آخر يجعلني أرغب بالهروب فأنا أكره ذلك"

أخفض نظراته حيث عنقها حين ابتلعت ريقها بصوتٍ واضح فتنهد بعمق و ببطئ أبعد سبابته عن ذقنها ثم ابتعد عنها

" لن أخرج سوى بعد مُغادرة مين هيون"

و غادر الغُرفة بعدها بخطوات واسعة سريعة تاركاً إياها تتخبط بين مشاعرها و أفكارها

_______________

" تناول هذا أولاً فأنت لم تتناول شيئاً منذ ليلة البارحة"

هيبا نبست بهدوء و هي تحمل صحن حساء قد صنعته من أجل بيكهيون، و الأخير استقام بجلسته بصعوبة ليُلقي برأسه على مسند السرير خلفه بإرهاق

"اتركيها سأقوم أنا..."

"لا أعرف إن كان ما أفعله هذا مسموح به لكنني أراك غير قادر على التحرك ولا تبدو قادراً على حمل الملعقة حتى لذا سأُساعدك"

قاطعته بتوتر فأغلق بيكهيون عينيه بتنهيدة عميقة لحقها تأوه خافت منه

"ما لا أفهمه كيف وصلت إلى هذه الحالة و كيف تترك نفسك هكذا؟ إن وجدت نفسك مريضاً كان عليك الإتصال على طبيب أو حتى إخباري بذلك كي أساعدك لكنك استهلكت ما بقى لك من طاقة لمعالجة نفسك ؟ هل تظن جسدك سيكون قابلاً للشفاء و أنت لم تتناول شيئاً؟"

وبّخته بإنزعاج و هي تحمل القليل من الحساء بالملعقة بينما بيكهيون رفع عينيه ينظر إلى وجهها القلق قبل أن يُفرّق بين شفتيه يستقبل الطعام

" كيف حدث هذا لك؟ بيكهيون بجدية كيف... "

" هلا هدأتي؟ رأسي يؤلمني "

قاطعها بصوتٍ ضعيف لتنظر إليه بصمت ثم ضمت شفتيها و هي تومئ إليه بإستسلام

" هذا حدث بسبب القلق أليس كذلك؟"

صمتها لم يدم لوقت طويل إلا و عادت تسأل من جديد فأغلق بيكهيون عينيه و هو يستلم بفمه ملعقة أخرى

" لم تبدو بخير منذ زيارة أخيك لذا قد تكون حالتك ساءت بسبب قلقك و أنت تساهلت مع الأمر...أنت لا تُعقل"

هزت رأسها بعدم تصديق و أعين بيكهيون اتسعت حين أقحمت الملعقة بفمه ببعض القوة غاضبة منه

" لماذا لا تُجيبني هاا؟"

" مريض!"

أجابها بنبرة تميل إلى السخرية فزفرت بنفاذ صبر

" لقد حلّلتي السبب و قُمتي بتوبيخي فما الذي يجب عليّ أن أضيفه؟ "

بكلمات مُتقطعة برر فانعقد حاجبيها

" يجب أن تعتذر على إهمالك"

ضحك بخفوت لتضيق عُقدة حاجبيها

"أنت تضحك؟ "

ضم شفتيه ليهز رأسه إلى الجانبين لكن سرعان ما تأوه بسبب ألم رأسه الذي تضاعف بسبب حركته تلك

" سأبقى هنا لتغيير المنشفة "

بعدما أنهى طعامه تحدثت بهدوء وهي تضع الكمادات الباردة فوق جبينه ثم استدارت باحثة عن مكان لتبقى به فلم تجد سوى أريكة صغيرة حيث يعمل لذا تقدمت منها لتدفع أغراضه جانباً ثم جلست هناك تحت نظراته التي تُراقبها في صمت

" أنا أساعدك لذا لا تقم بفعل شيئ دنيئ "

حذرته و بالنهاية أشارت نحو السكين الذي وضعته على الطاولة بجوارها فضم بيكهيون شفتيه يمنع نفسه عن الضحك كي لا يتفاقم ألمه

______________

"لن أتأخر"

تشانيول نبس بجدية و تشانسوك أشاحت بوجهها جانباً بينما تومئ إليه فغادر المنزل بخطوات حذرة كي لا تكتشف كبيرة الخدم أمر خروجه و تمنعه عن ذلك

خرج من البوابة لينظر في الأرجاء أولاً قبل أن يسير نحو الطريق الخارجي

استقل سيارة أجرة يعود إلى منزله الذي تركه منذ فترة، و بضيق تنهد قبل أن يخطو نحو الداخل

المنزل كان مُظلماً و هادئاً بصورة مُرعبة

توقف أمام الأريكة بغرفة المعيشة و بقعة دائرية في المنتصف أنارت تعرض عليه مشهداً من الذكريات

حيث يورا تجلس هناك بتوتر بعد أن عادت إليه و هو رغم محاولاته في التصرف كرجل غاضب إلا أنه تحول إلى طفل بمجرد معرفته أنها حامل

أغلق عينيه بقوة و حرّك رأسه جانباً إلى أن اختفى هذا المشهد ثم أكمل طريقه إلى الداخل

وجهته كانت غُرفة يورا، فما يربط تشانيول بأولئك الأشخاص كانت هي فقط لذا ما يبحثون عنه لربما كانت هي من تمتلكه لذا البحث بغُرفتها قد يكون ذا فائدة له

لكن غُرفة يورا كانت مُبعثرة...ليس ظاهرياً و إنما لم تكن بنفس الحالة التي ترك المنزل عليها

انعقد حاجبيه و خرج يتوجه إلى غُرفته و كما توقع فقد كان هناك بعض الأثاث قد تحرك من مكانه و لم يتم تنظيم الغُرفة كما كانت

تجول في المنزل يتفقده كي يتأكد إن كان هناك شيئاً مفقوداً لعله لص

لكنه توقف فجأة حين سمع صوت فتح باب منزله و أقدام كثيرة تتحرك هناك فخرج بخطوات واسعة إلى أن رأى مجموعة رجال يتألفون من ستة أشخاص ببذلات سوداء قاتمة داخل حدود منزله بينما يتقدمهم مين هيون

" ماذا تفعل هنا؟"

تشانيول نبس بجدية فارتفع كتفي الآخر و انخفضا بحركة سريعة

" لنُنهي الأمر سريعاً، أعطني ما يخصنا و سوف أُفكر في تركك على قيد الحياة"

رمقه تشانيول بفراغ فأشار مين هيون إلى أحد رجاله بالتقدم من تشانيول و كاد يلكمه فأمسك تشانيول بذراعه و أداره بحركة سريعة ثم دفعه نحو الحائط ليرتطم به بقوة جعلته يقع فاقداً الوعي و أنفه ينزف دماً

"يبدو عرضاً مُغرياً لكن...شكراً لك "

قهقه تشانيول بسخرية ثم طرقع أنامله معاً بحركة واحدة و ابتسم بعدها بجانبية فجفل مين هيون و أشار إلى رجاله ليتقدموا سريعاً من تشانيول و الأخير بدا مُتحمساً لذلك

_____________

" أخبرته من قبل أنني كنت رجل أمن و لم يُصدقني "

تشانيول تمتم و هو يمسح على ثيابه و وجهه أثناء دخوله منزل تشوي مُتذمراً كون مين هيون قد قلل من شأنه بالهجوم عليه مع رجاله

لكن الأسوأ من مين هيون و رجاله كانت كبيرة الخدم التي اعترضت طريقه فجأة عاقدة ذراعيها إلى صدرها فانتفض يعود إلى الخلف خطوتين بتفاجؤ

" أخفتني"

"أين كنت إلى الآن بارك تشانيول؟ و لماذا لم تحصل على إذني قبل أن تخرج؟"

هسهست من بين أسنانها فوضع سبابته بين حاجبيها المُنعقدين

" وجهك مُجعد بما يكفي"

أغلقت عينيها بغضب و زفرت بحدة فابتسم بإستفزاز و تخطاها لتلحق به تعترض طريقه مُجدداً

" لن أتركك حتى تُخبرني أين كنت و ما الذي حدث لوجهك؟ "

وضعت سبابتها على وجنته اليُسرى حيث كدمة بدأت تظهر هناك فتأوه بألم و دفع يدها بعيداً عنه

"قابلت كلباً مُتشرداً في طريقي إلى هنا"

"كلب؟ مُتشرد؟ "

سألته بأعين ضاقت بشك فأي كلب هذا سيترك كدمة على وجنته لكن تشانيول رحل من أمامها بالفعل قبل أن تطرح المزيد من الأسئلة

مرّ على غُرفة تشانسوك ليُعلمها بمجيئه لكنه وجدها نائمة فأغلق الباب خلفه بحذر و توجه حيث غُرفته يشغل رأسه بالتفكير في أمر تلك الملفات

بينما بمنزل بيكهيون هو كان نائماً بتعب بينما هيبا التي تجلس على الأريكة مقابلة له كلما أمال رأسها سوف تنتفض بفزع خشية أن تذهب في نوم عميق

حتى و إن كان هذا بيكهيون، حتى و إن كان مريضاً، و حتى إن كانت تثق به فمازال رجلاً غريباً لا يجب أن تنام براحة في وجوده معها وحدهما

يجب أن تكون حذرة مهما كان

To be continued....

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top