14
Start
استدار تشانيول بوجه فارغ لينزل السلالم متوجهاً إلى الحديقة فلم يكن بالمزاج المُناسب ليسمع مُحاضرة من كبيرة الخدم عن عمله و متى يجب أو لا يجب أن يخرج من غرفة تشانسوك
كانت وتيرة تنفسه سريعة و أنفاسه هائجة ما إن وصل الحديقة كأنه كان يركض لمسافات طويلة و للتو توقف
لم يكن قادراً على تحديد ماهية شعوره، هل هو يرغب بالبُكاء أم يرغب بالصراخ بغضب؟
هل هو حزين من أجل يورا أم أنه حانق عليها؟!
وقف أمام المسبح و أخرج عُلبة سجائره ليضع واحدة بين شفتيه بينما بداخله يُقسم إن منعه أي من الحراس عن التدخين الآن فقد يقتله، و إن فعلت كبيرة الخدم ذلك سيُلقي بها في المسبح و يستمتع برؤيتها تفقد حياتها غرقاً لعل ذلك يُخفف من حدة مشاعره المُتضاربة
بعينيه الواسعتين ظل يرمق المسبح في شرود و أطراف جفونه اكتسبت اللون الأحمر إلا أنه لم يستسلم للبُكاء
و رغم غُصته التي تخنقه مازال يُكابر يرفض البكاء فيسحب نفساً عميقاً من سيجارته يُخفف بذلك من حدة رغبته في البُكاء
"بارك تشانيول"
زفر بعمق مع سماعه لصوت كبيرة الخدم و التفت بإنزعاج هاتفاً
"اتركيني و شأني الـ..."
توقف عن الحديث حين وقعت عينيه على صندوق الإسعافات الأولية الذي تحمله فانعقد حاجبيه و أخفض عينيه ينظر إلى كفه التي أطفأ سيجارته بباطنها
في الأعلى حيث غُرفة تشانسوك...كانت تضم قدميها إلى صدرها في بُكاء صامت
بعد أن فقدت والدتها لم يكن هناك شخصاً يهتم لأمرها عدا شخصين منهما يورا و التي كانت الأقرب إليها ، وبالرغم من صغر سن يورا إلا أنها قامت بدور الأم لها
اهتمت بمشاعرها و أنصتت إليها بالرغم من عدم إمتلاكها القدرة على مُساعدتها
و في المقابل تشانسوك استمعت إليها لذا هي مُدركة تماماً أن ما حدث إلى يورا هو جريمة بحقها و ليس العكس
فإن كان هناك ضحية هنا فهي يورا بلا أدنى شك
تشانسوك واثقة أنها بريئة من كل ما يدعونها به لذا حتى و إن حصلت على ملايين الأدلة ضد يورا فلن تُصدق سوى ما يُمليه عليه قلبها و أن يورا بريئة
"تشانيول"
صاحت بصوتٍ مُتحشرج لتمسح على عينيها بعشوائية و قد انعقد حاجبيها بقلق كونه تأخر
أبعدت الغطاء عن جسدها و بحذر أخفضت قدميها على الأرضية لتخرج من الغُرفة متوجهة إلى غُرفته التي تبعد بضعة خطوات عن غُرفتها بينما تتحسس الحائط
"تشانيول"
نادت اسمه مرة أخرى تحاول جذب انتباهه إلا أنه لم يكن بالغُرفة ليسمعها
أما هو فكان يجلس في صمت أمام كبيرة الخدم على المقاعد الخاصة بالطاولة المتواجدة في الحديقة
الإمرأة الخمسينية جذبت منه السيجارة بهدوء و أطفأتها قبل أن تُمسك بكفيه تتفقدهما لترى أيهما احترقت
الحرق لم يكن سيئاً لكن لونه الأحمر و جرح صغير بباطن كفه بدا مؤلماً بالفعل فتنهدت بعمق لتضع الدواء فوق الحرق مما جعل من جسده ينتفض بحركة بسيطة و حاجبيه كذلك انعقدا بألم
" ألا يكفي ما تفعله السجائر بجسدك من الداخل؟"
أنّبته بعبوس لتضغط على الحرق مما جعله يجذب كفه من بين يديها إلا أنها أمسكت به تُعيده إليها و رمقته بنظرة حادة سريعة قبل أن تنظر إلى جرحه مرة أخرى
" هل كان يجب أن ألقي بها على الأرضية ليحترق المنزل؟"
همس ساخراً لتنظر إلى ابتسامته الجانبية التي بدت مُنكسرة فأمالت نحوه و بخفوت همست
" أو ضعها بأعين ذاك الوغد"
حرك تشانيول عينيه نحو خاصتيها حين فهم أنها تقصد مين هيون و بإرهاق قهقه
" هل يُمكنني فعل ذلك؟ "
" لا أعتقد أنك ستُطرد لهذا السبب "
رفعت كتفيها بعدم إهتمام ليميل تشانيول برأسه
"ألا تكرهينني؟"
ارتفع حاجبي كبيرة الخدم بإستغراب
" و لماذا قد أكرهك؟ أنا فقط أقلق على تشانسوك لذا أخشى أن تستغلها لتنتقم لكن يبدو أن تشانسوك تشعر بالأمان معك كما كانت مع يورا لذا ربما أنا فقط أخطأت "
أخفض تشانيول عينيه ليتنهد بضيق فرفعت الأخرى كفها تحتضن وجنته بلطف
" هل ترغب بالبُكاء؟"
زم تشانيول شفتيه و أمسك بكفها يدفعها عن وجهه هامساً
" أرغب بالنوم "
همهمت بتفهم لترفع عينيها معه حين وقف من مكانه
" تشانسوك ليس لها دخل بأي شيء لذا إن كنت تنوي أن..."
"أخبرتك من قبل...لن أؤذي تشانسوك"
قاطعها بهدوء ليعود إلى الداخل بأكتاف مُترهلة بينما كبيرة الخدم تُراقبه من الخلف بشفاه ضمتها بعبوس
مع كل درجة يصعدها كان يُطلق تنهيدة ثقيلة ليُمسد عينيه بخشونة يمحو آثار تلك الدموع التي كادت تتمرد و تنزلق على وجنتيه حتى استوقفه صوت تشانسوك الهلع تُنادي بإسمه فرفع عينيه ينظر إلى مُقدمة السلالم حين لمحها تحاول النزول
"تشانسوك!"
ارتفع حاجبيه بتفاجؤ حين لاحظ بُكائها و هي الأخرى تحركت بلهفة ما إن سمعت صوته فكادت تقع ليصعد إليها سريعاً و التقطها مُمسكاً بخصرها
"تشانيول"
غمغمت ببكاء و بكفيها تشبثت بثيابه بقوة من حيث كتفيه
" لماذا تبكين؟ ماذا حدث؟"
سألها بقلق ليصعد إحدي الدرجتين التي تفصل بينهما و معه جسدها استقام بعدما كان يميل نحوه
ترك خصرها و رفع كفيه نحو وجنتيها يمسح دموعها بلطف
" ظننتك رحلت"
"أخبرتكِ أنني سأخرج لأُدخّن"
همس بصوتٍ مُرتجف و عينيه تتحركان على وجهها بمشاعر مشوشة إلى أن توقفت عينيه حيث شفتيها حين عبست
" هذا يعني أنك لن ترحل؟"
"من أين أتيتي بهذه الفكرة الآن؟"
تمتم بتنهيدة عميقة ليُحيط كتفيها بذراع و الأخرى أمسك بها كفها لتضغط عليه بقوة
" لنعد إلى الغُرفة و لا تسيري بتهور هكذا مرة أخرى فماذا لو وقعتي الآن و لم ألحق بكِ؟"
ضمت شفتيها بشهقات مكتومة و هي تسير معه إلى الغُرفة و بكل خطوة كانت تبدو و كأنها ستصعد فوق ذراعيه بسبب اقترابها الشديد منه كطفل صغير يخشى مُغادرة والدته
و تشانيول قد لاحظ ذلك لذا و بدون شعور منه غادرت مُقلتيه دموع خنقته لوقت طويل
انحنى تشانيول مع تشانسوك ليضعها فوق السرير ثم قام بضبط الوسائد أسفلها و جلس بجانبها يتنهد بإرهاق فهي الأخرى ترفض ترك ذراعه
"ابقى معي"
"مازلت أرغب بالتدخين"
كذب كي تتركه يُغادر لكنها تمددت فوق السرير و جذبت الغطاء فوقها دون ترك يده ثم أغلقت عينيها بقوة ليُغلق هو الآخر عينيه
جذب نفساً عميقاً قبل أن يفتح عينيه مرة أخرى و تنفس بعمق ليجذب جسده إلى الأسفل يجلس بجانب السرير بينما إحدى كفيه مُعلّقة فوق السرير بسبب تشبث تشانسوك بها بقوة
________________
"هُراء، ابتذال، هذا مُضحك"
بيكهيون كان يُلقي تعليقات ساخرة على كل ما يظهر أمامه من قصص حب حقيقية
حتى و إن ارتجف قلبه لوهلة، حتى و إن اندمج مع إحدى القصص و انفعل دون وعي فمازال سيضع تعليقاً يدعم فكرته الخاصة و التي تقول بأن الحب البريئ لا وجود له بين الرجل و المرأة
مدد ذراعيه متأوهاً بصوتٍ عالٍ ليُغلق حاسوبه ثم خرج من الغُرفة بخطوات مُتململة بينما يعبث بهاتفه إلى أن وصل إلى المطبخ فشرب بعض الماء ثم عاد إلى غُرفته مُجدداً يُلقي بجسده فوق السرير
(مازلت تعمل بيكبوم؟)
أرسل رسالة إلى أخيه و وضع الهاتف بجانبه ثم تحرك لينام على ظهره بصورة عشوائية فوق السرير حيث تتدلى إحدى قدميه قريباً من الأرض، و أنامله شابكها فوق معدته بينما ينظر إلى السقف أعلاه في تفكير
هو يشتاق لوالده أحياناً، و يشتاق إلى أخيه طوال الوقت وهو مقتنع بأن ذلك يحدث لأنهما عائلته
لكن بيكهيون مازال مُقتنعاً أن هذا النوع من الحب لم و لن يحمله يوماً نحو امرأة....تبدو الفكرة سخيفة وغير واقعية من وجهة نظره
" إنها البريئة...سيصدمها الواقع"
تمتم بخفوت ثم تسربت قهقهة خافتة من بين شفتيه قبل أن يستدير بجسده لينام فوق بطنه جاذباً وسادة صغيرة أخفى وجهه بها
رفع رأسه حين سماعه صوت رسالة وصلته ليتحرك بملل يجذب هاتفه و فتح الرسالة ليقرأ رسالة أخيه
( قد آتي لرؤيتك بنهاية هذا الأسبوع، سأُخبرك قبل مجيئي)
(حسناً)
أجابه بعبوس ثم ألقى الهاتف بجانبه بعشوائية و دفن وجهه بالوسادة مُجدداً
و لدقائق طويلة هو ظل على تلك الوضعية يحاول النوم لكن النُعاس لم يزره لذا استقام بجذعه لينظر حوله بإنزعاج قبل أن يخرج من الغُرفة
" هيبا"
طرق على باب غُرفتها بحذر فالليل قد حل بالفعل لذا قد تكون نائمة
ضم شفتيه و عاد خطوة لكنه سرعان ما توقف حين سمع صوت قفل الباب يُفتح قبل أن تصنع شقاً صغيراً لتنظر إليه بتساؤل
"كنتِ نائمة؟"
حك مؤخرة رأسه بإحراج فهمهمت بالنفي
"هل تُريد شيئاً ما؟ "
" لم أتمكن من النوم وأشعر بالملل لذا..."
رفع كتفيه نهاية حديثه فقلبت هيبا عينيها بتفكير قبل أن تستقر عينيها عليه
" شاهد دراما أو فيلم"
"حسناً، أنا أفعل هذا منذ أيام لذا أصبح مُملاً فما رأيكِ أن نتحدث قليلاً؟"
وضع كفيه بجيوب بنطاله يدّعي عدم الإهتمام تجاه ذلك إلا أنه كان مُتحمساً من داخله
" أتحدث معك؟"
ضيّقت عينيها بشك فرفع حاجبيه ببراءة مُزيفة و هو يومئ إليها
" هذا لا يبدو مُريحاً "
رفضت الإنضمام إليه و عادت برأسها إلى الخلف لتُغلق الباب فوضع بيكهيون يده عليه يمنعها من ذلك
"هيا لا تكوني هكذا، أليس أفضل من البقاء بالغُرفة دون فعل شيئ؟ "
" كنت على وشك النوم"
رفعت حاجبيها بتأكيد ليومئ إليها
"سنتحدث إلى أن تشعري بالنُعاس، أم هل أتناول بعض الكحول لعلني أنام؟"
قلب عينيه بنهاية حديثه لتُجعد الأخرى أنفها بإنزعاج
"هل تقوم بتهديدي الآن؟ "
" لا، أنا فقط أُخبرك بذلك "
ضحكت هيبا بخفوت لتومئ بلا مُبالاة
" لقد ألقيت بجميع الزجاجات"
"يا إلهي"
تخصر بيكهيون بتنهيدة عالية مُحبطة فأخرجت هيبا يدها من خلف الباب و أشارت إليه بضحكة مكتومة
"يبدو أنك نسيت بأنك لا تؤمن بالإله "
أمال برأسه بعدم تصديق فأغلقت هيبا الباب في وجهه ليُغلق عينيه بينما يضم شفتيه بقوة يحاول أن لا يبتسم
في موقف آخر كان سينزعج لكنها بدت....ربما لطيفة
"هذا لا يُعقل"
تمتم بعدم تصديق ليُمسد جبينه بخشونة في طريقه إلى غُرفته
صباح اليوم التالي خرج إلى المطبخ بشعر مُبعثر كما ثيابه فما فعله هو أن غسل وجهه و فرّش أسنانه فقط لكنه كان كسولاً لأن يستحم أو حتى يُبدّل ثيابه
"لم تحظى بنوم هنيئ؟"
سألته بإبتسامة حين جلس مُقابلاً لها فرمقها بنظرة سريعة و أخفض عينيه نحو أطباق الطعام يستكشفها قبل أن يُهمهم إليها بالإيجاب
"سأفقد عقلي، لم أعتد على البقاء في المنزل لوقت طويل"
"آسـ..."
هز رأسه إلى الجانبين يُقاطع إعتذارها فضمت شفتيها بضيق
" ليس و كأن هذا بإرادتكِ"
أنزلت هيبا رأسها لتتناول الطعام في صمت بينما بيكهيون كان يرمقها بنظرة سريعة من حين إلى آخر و قد شعر بالندم أنه تحدث أمامها بصراحة فكما يبدو هو أفسد مزاجها و الآن لا بد أنها تُعاتب نفسها على ذلك
ملامحها التي تتغير بين اللحظة و الأخرى توحي بذلك...أنها الآن تُجري نقاشاً مع نفسها
" سوف أطرح سؤالاً أنا فضولي بشأنه"
رفعت عينيها تنظر إليه بتساؤل فابتسم بيكهيون ليسترق نظرة نحو السكين الذي تضعه بجانب يدها ثم رفع عينيه نحو خاصتيها
" لم مازلتي تحملين السكين؟ ألا تثقين بي؟"
" سأكون كاذبة إن قُلت بأنني أثق بك"
نبست بهدوء ليمسح بيكهيون بقبضته أسفل أنفه و أخفض عينيه بعدما تحمحم يحاول إظهار عدم تأثره بتلك الإجابة إلا أنها لم تُعجبه في الواقع
كان بها شيئاً مؤلماً لكن بيكهيون بنفسه لم يستطع تحديد أي جزء هو المؤلم
" أيضاً أنا لا أشك بك أو خائفة منك "
أكملت بنفس الهدوء ليرفع بيكهيون عينيه نحوها ببطئ حتى تلاقت نظراتهما فابتسمت بخجل لتشيح بنظراتها بعيداً عنه
" ليس بالضرورة أن تشك بالآخرين لكن يجب أن تكون حذراً بالرغم من ذلك و هذا ما أفعله أنا...هذا كي لا أندم لاحقاً أو أبدو مُتساهلة أمام نفسي "
ضم بيكهيون شفتيه بإبتسامة و بنظرة سريعة مُتفحصة حرك عينيه على كامل وجهها قبل أن يُهمهم بتفهم
_______________
" حاولت بقدر الإمكان معرفة صلة الضحية بذاك الملهى و إن كانت قد ترددت عليه من قبل...لا يبدو أن أحداً رآها من قبل لكنني لم أتمكن من إستكمال البحث كي لا ألفت انتباه الحُراس هناك"
الشاب الصغير تحدث بهدوء بينما يجلس مع رئيسه بمنزله الخاص، و المُقابل له ذو الملامح اللطيفة اومأ إليه بتفهم
" لا تذهب إلى هناك مُجدداً فلقد حصلت على ما أُريده "
بيكبوم تحدث بجدية فارتفع حاجبي مُتدربه بتفاجؤ
" واااه سيدي، أنت رائع...هل وجدت دليلاً؟ "
"توقف عن الانبهار بكل ما أفعله"
بيكبوم صفع جبين الآخر بقهقهة خافتة ليزم شفتيه بإحراج
" المسافة بين الملهى الذي ذهبت إليه الضحية و الذي ذُكر كمكان وقوع الحادث، و الزُقاق الذي وُجدت به الجثة حسب الأقوال الأولى لعاملي المشفى بينهما طريق يُعد فارغاً...منطقة سكنية شبه مهجورة من الصعب العثور على كاميرات مُراقبة هناك لكنني وجدت واحدة بالفعل "
شهق الأصغر سناً بحماس لكنه سرعان ما وضع كفيه على شفتيه حين رمقه الآخر بنظرة جانبية
" آسف "
تمتم بصوتٍ مكتوم ليتنهد بيكبوم بعمق ثم أشار إليه
" ضع هذا الملف على مكتبي غداً بين الساعة التاسعة و العاشرة صباحاً "
مد الملف نحو الآخر لينعقد حاجبيه بعدم فهم
"ما هذا الملف؟"
" قضية أخرى صغيرة تتعلق بذاك الملهى...في هذا الوقت سأكون بخارج المكتب لذا سوجون سوف يطلع على ما بهذا الملف من باب الفضول و إذا عرف سوجون بأننا نعمل على قضية أخرى بعيدة عن قضية بارك يورا فبهذه الطريقة سيعرف الآخرين و بذلك سوف يزول الخطر عنك إذا كان قد تمت رؤيتك في الملهى بالفترة الأخيرة"
To be continued....
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top