04: شطرُ الأملُ
❞ رُبما نحنُ نرحل، لِتسع مقدرتنا العودةَ مُجددا..لِنحصل على ما تلتقطه عيون الطيور في الأغترابِ لِمعنى أن تُصبح على قيد الحياة.
بِقدر ما هو جميل، هو غريبُ، أن ترى أن كُل شئ أختلف وَ لكن.. فقط أنت مَن أختلف. ❝
----؛ * ؛----
أعدت حقيبة ظهرها بِكُل ما تعتقد أنها سَتحتاجه، مِن: مال، زجاجتان مياه، بعض الطعام وَ الأكلات الخفيفة.
وَ لم تنسى طبعا إحضار عدسة الكاميرا خاصتها، وَ كتيبها الصغير حيثُ ترسم أحلامها.
دَلفت خارج المنزل الصغير الذي أجرته في حينِ إقامتها بِـ لهاسا: عاصمة تبت.
لكنها لَم تَكُن خائفةً في حياتِها مِن الرحيلِ بِهذا القدر.. في العادةِ كانت ترحلُ دون عودةَ تاركةً ذكريات عابر بِجميعِ الطرق التي مرت مِنها، مُتتبعة صوت يناديها عَبر الطُرق وَ الممراتَ وَ كأنه يُناديها لِتحيي بِشتى البقاع. فوق عابرٍ ترك ظله هي كانت مواطنة تَتنمي لِلا مكان، بل تنتمي لِكُل مكان.
وَ بِيومٍ أدركت أن بِقدرِ ما أحب عقلها ألتقاط اللحظات داخل الذاكرة، بِقدرِ ما أستوطن جُزءا مِن أحدى الأراضِ قلبها.
أخرجت تنهيدةً واهنةً قبل أن ترتديَ خوذتها وَ تركب الدراجة، تحاول أن تذكرَ نفسها لِما بدأت هذه الرحلة وَ لِما عليها تكملتها؛ رُبما لِأنه بعد كُل شئ أليرا تملكُ أصلاً صينيا لا ينتمي لِأرضه، وَ عليها معرفة إلى أي الجماعاتِ تنتمي وَ إلى أي الأراضي تمتلكها رغبةَ البقاء، أي المنازل ستطلق عليه المنزل وَ تركنُ لِلراحةِ بِين جُدرانه الأربع.
ضغطت على البدال مُتمسكةً بِالمقودِ، نصف واعيةً أن لِكُل خطوة حُسبان.. وَ إن إتخذتها فعليها إكمالها وَ إلا ما عادت عليها بِالنفعِ..
الأغترابُ في حالتِها لَم يكُن حلًا إن أرادات أن تُكملُ حياتها دون هوية، وَ لِسببٍ ما رُغم بداوة وَ تخلف سُكان تبت- هي ترغب بِالبقاءِ وَ لِأول مرة.
وَ رُبما لِجميع الأماكن التي أستوطنت جُزءا مِنها، عليها قول " إلى اللقاء"..
تماما، هذه كانت وجهتها.
أولًا؛ عليها أن تتناول كوبا أُعد بِحُب مِن صديقتها، فكان المقهى أول ما خطر لِبالها.
لِسببِ ما شفتيها ترتفع لِإبتسامة عِندما تتذكرها، وَ البهجةُ تغزو تقاسيم وجهها عِندما تراها. تُراقبها تَخرجُ مِن المقهى بِمعالمِ مُرتبكة وَ بِمُجرد أن تقف أمامها؛ تعتصرها بِحضنٍ لطالما خفف عنها.
ثانيا؛ لِلحُبِ الأول الذي لم يكتملُ، عليها أن تقدمُ التعازي وَ الشكر!
التعازي:- لِأنه كان جميلًا جدا، لكني لَم اعُد أهتم. فَمِن الصعب أن يُنقذك أمير لا يُبالي، قَتل بِنفسه الحُب.
وَ الشُكر؛ -لِأنكَ خذلتني وَ لم تأتي، فسمحت لِغريبٍ بِأن يمرُ.
وَ لِأبتسامتها هو أرتبك، ما الذي تعنيه؟
ثالثا؛ لِمن أرادت أن يرافقها رحلتها، فإذا ضعفت عزيمتها أزاد لهيب قلبها أشتعالا وَ تمسكا بِالحياةِ!
لِمن لَم يفعل شيئا، وَ فعل كُل شئ. كأنه ربت على قلبها عوضا عَن ظهرها.. لِمن لَم تتسنى لها فُرصة توديعه..
لِــ مين يونغي؛ الذي لا يُجيد إصاغة الكلمات..
كانت عالقةً بَين رغبتِها في رحيلِه بِشدةِ، لِأنه عِندما يكون فهي تَشعُر. وَ رغبتها بِعدمه، لِأنها ذاتها لا تُدرك ماهية ما يملئها.
بِألتقاطِ نظرةَ أخيرةَ لِلمكانِ حيثُ كان، تحولت شفتيها بِتأنٍ مِن أنفجارهما بِأبتسامةٍ- لِألتصاقهما بِخطٍ مُستقيم.
ملئ اليأسُ شطر قلبها لِيتقاسمه مَع الأمل، لكنها حاولت جاهدةَ أن تبهجُ نفسها..
فالطريق طويل وَ خيبات الأمل ستُعطلها، وَ هي لا ترغب بِأن تخسر التحدي.
----؛ * ؛----
- ألم نَصل بعد؟!
تذمر يونغي حاملا حقيبةَ أدواته التي تفوقه حجما على ظهره، ضيق عينيه عِندما أتضح له أن المُدربَ بعيد عَن مرمى النظر! وَ ما كان عليه سِوى أن يلحقَ بِه مادًا خطواته لِلأمام فيما يحاولُ شغل نفسه بِأي شئ لِيتناسى ألم ظهره.
لَم يُكلفُ المُدربُ نَفسه بِألقاءِ وَ لو نظرةٍ خاطفةٍ على الذي يلهثُ جانبه، فثبت مُقلتيه على الطريقِ أمامه مُبددا صمتا لَم يخلو مِن علو تنفسِ الأخر بِقوله: -أنتَ تَعرف أننا لازلنا بِبدايةِ الطريقِ، صحيح؟
أوما يونغي على مضض، لِيسترد الأخر حديثه قائلاً:- لِذا لا أود سماعُ تذمراتك مِن الأنِ.
وَ يونغي لَم يستطع سِوى أن يرمقَ الأخر بِحنقٍ رافعا أحدى حاجبيه.
قليلاً مِن الوقتِ مَرّ حتى أخذ يونغي نَظرة خاطفة لِلأرضِ أسفلِ التل، ما جعلَ تَفكيره ينشغلُ لِيغفل عَن صخرةٍ عَرقلت طريقه.
تَنهد مُرافقه بِقلةِ حيلةِ قَبل أن يمدَ يد العون له، فِينبأ بِما عَلق بِجوفه بِصيغةِ سؤال:
- ما الذي شغل بالك؟
- مُنذ أن أتينا لِهذه المنطقة، أنا لا أرى سِوى وسيلةَ نقلَ واحدةَ!
أشار بِسبابِته لِأسفلِ التل، حيثُ عدد مِن الصبية يحملون على أكتافهم لوح خشبي يفوقهم حجما وَ ينقلون الورى عليه بِأجرٍ زهيدِ، لِسببِ ما أعتقد أن مُرافقه فَضل السير حَتى لا يستعبد بَعض الصبية الذي لا حول لهم..
- الراكشة تَقصد؟
كان سؤالا يَعلم إجابته؛ لِذا لَم يترك لِلأخر فُرصة الإيجاب فَبتر حديثًا لَم يبدأ بِقوله:
-هذا هو العمل الوحيد المُتاح بِهذه المنطقة..
- إن أستفدت مِن الخدمةِ التي يقدمونها لَك، فأنتَ تَستبعدهم. وَ إن قررت أن تَعرضَ عَن خدمتهم، فأنتَ تبترُ يدا تَمدهم بِقوتِهم.
أزاح عينيه عَن أسفلِ التل لِتلتقط عينيه القمة مِن بينِ الغيومِ:في حياةِ لَم تترك أمامهم سِوى خيار الذبول، هُم قرروا الصمودَ..
.
230418
----؛ * ؛----
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top