Cinco | ترى هل أعرفك؟

~~~~~~

بعدَ أن غابت الشّمسُ عنِ السماء ، تفرّدَ القمر وبقي متربعًا في عرشه حتّى أبلجت الشمسُ مرةً أخرى

فراحت الشمسُ تتسائل ، لمَ كلّما ظهرتُ غاب القمر ؟

~~~~~~~~~

حثّ خطاه يسلكُ الطريقَ المؤدي للمنزل ، مازالت التنهيدات تعلو في صدره كل ثانية

سمعَ رنينًا قد أزعجَ سكونه في هذه اللحظة ، جيبه قد إهتز ليستطيع تمييز كون الرنين يعودُ لرسالةٍ ما

'شكرًا جزيلًا مارك ..'

ازدردَ ريقه فلم يكن ذلك سوى لوكاس ، هو قد نسي تمامًا أمر أصدقائه ودعوتهم له

ليعضّ على شفتيه نادمًا ، ليته لو ذهبَ برفقتهم بدلًا من رؤيته لنانسي تقبّل شابًا لمجردِ تحدي سخيفٍ كهذا

ليته لو ذهبَ بدلًا من تقززه من محيطِ نانسي الغريب ، أو ..

أخته الصغرى التي إشتهى لسانها تذوق الشوكولاه ، ابتسمَ بحزنٍ حينما تذكّرها

وتذكّر وجنتيها المحمرة ، كوجنتي نانسي في صغرها

كبرائتها في ذلكَ الحين ..

افتقدَ الماضي ، وهكذا بات الليلُ على عينيه ثقيل

~~~~~~~~~~~

أسرعَ مباشرةً نحو النائمِ في مكانه آخر غرفةِ الصّف

"لوكاس..لوكاس!!"

قام بهزه عدّة مرات ليفيقَ الآخر بحاجبين معقودين

"ماذا هناك ؟ لمَ توقظني هكذا ؟!"

"أنا..."

إستجمعَ شجاعته ليقول

"آسف هيونغ "

إنحنى للآخر الذي توسعت عينيه الكبيرةُ بحدّ ذاتها ، لم تمضي الثواني حتى شرقَ ضاحكًا فالصغيرُ بجانبه حتمًا يبالغُ بسلوكياته المهذبة

"لـ..لمَ تضحك ؟"

سأل مارك مرتبكًا ليجره لوكاس من ذراعه ويجلسه بخشونةٍ ذكوريةٍ على مقعده

"ياه لمَ تنحني لي يا صغير الرأس ؟
لا مشكلة فقط أكتفي باعتذاركَ اللطيفِ هذا

لكن مارك..."

تلاشت إبتسامته بينما يحوّل عينيه نحو من ولجت الصفّ مع رفقتها الجانحين

"هل فوّت مباراة كرة القدم من أجل هذه ؟"

إبتلعَ مارك ريقه متوترًا من دخولها ومن سؤال لوكاس المريبِ له كذلك

"كـ..كيف عرفت ؟"

لعبَ لوكاس بأصابعِ يديه قليلًا بينما يقول

"حسنًا ، الجميع يعرف عن الذين حضروا لحفلِ ميلاد جونغسوك ، يتمُ الإعلانُ عنهم في مدونة تخصّ أخبار المدرسة.."

زمّ مارك شفتيه متعجبًا "حقًا ؟"

"أنتَ مازلت تجهل الكثير عن المكان حولك ماركوس.."

ربّت على كتفه لتبدأ الحصةُ فيعودُ لوكاس للنوم بينما يجهزُ مارك ذاته للتركيز في كل حرفٍ ينطقه المعلم

بالرغمِ من عيناه التي تتمردُ نحو التي تعبثُ بشعرها دون أدنى إكتراث

ترى مالذي غيّركِ هكذا نانسي ؟~

~~~~~~~~~~

ركضَ الطلابُ لخارج غرفةِ الصّف مزامنةً مع رنين الجرسِ المعلن عن وقت الإستراحة ، لوكاس لم يقم بدعوته لمرافقته هذا اليوم

ليشعرُ مارك بشيء ثقيلٍ يهبطُ داخله ، هو حتمًا لم يرد إحباطه منه هكذا

فراح مترددًا في مكانه ، هل يجدرُ به لحاقه أم لا ؟

لوكاس كان سريعًا الفرار لذا ، مارك بقي وحيدًا هو وبحرُ أفكاره العكر

أدركَ أن غرفةَ الصّف قد أصبحت فارغة ، ليلملم نفسه ويغادر ، وبينما يخطو في فراغِ الممراتِ بصمتٍ شديد

فراغِ ممراتِ الطابقِ السفلي تحديدًا ، بالقربِ من ساحة الطعام

هو توقفَ حينما سمعَ صوتًا أحبّته مسامعه في المرّةِ الأولى ، صوتها عندما كبرتْ لم يغدو إلا على نحوٍ أشدّ لطافة

فتريثَ قليلًا ينصتُ إلى صوتها حينما تضحكُ مع رفيقاتها ، ليشحُبَ وجهه شيئًا فشيئًا

"سوف ينتهي مستقبل هيورين عمّا قريب "

يتبادلن الضحكات بخفوت ، بينما يشرنِ إلى تخريبِ حياةِ إحداهن

"أنتِ رائعة ييري ترى كيفَ قد حصلتِ على فيديو مقزز كهذا لهيورين مع شي هيون ؟"

فضحكت الأخرى قبلَ أن تقول

"لقد جهزت كل شيء..
إنه سرّ المهنة ! "

"إلهي لم أعتقد يومًا أن شي هيون اللطيف متوحشٌ هكذا في الفراش "

"والأهم بأن هيورين الطالبةَ المثالية من لا نكادُ نرى ساقيها من طول تنورتها وجواربها السّوداء
هي قادرة على التجردُ من كل ذلكَ فورًا وبحماسٍ شديد أمام شي هيون الغبي هذا "

هن يضحكن ، ومارك يُصبح شاحبًا أكثر فأكثرَ مع مرور الوقت

تداخلت الألوانُ في عينيه حينما سمعَ همسهن المضطربَ ، بشأن إحساسهن بأحدٍ ما بالقرب من هنا

هو تنبه للحظة ، يبدو بأنه لم يكن حريصًا على عدمِ إصدار أي صوت

سحبَ أقدامه ببطء نحو الخلف ..

ثم هرولَ سريعًا ظانًا أنه إستطاعَ الهربَ من نانسي ورفيقتيها الفاسدتين

ظن ..

ولكنه وبمجردِ أن توقف آخذًا لأنفاسه ، هو وجدَ ييري تحاصره من إحدى الجهتين

"أوه ، هذا مفاجئ صحيح؟"

سألت ييري تتقدم بخفةٍ نحو من يجمعُ أنفاسه هنا

"للأسف مارك أنا رياضيةَ خارقة في السرعة تعرفُ عن هيكل المدرسةِ أكثر مما تظن ..لكن ، ماذا عنك ؟"

لم يمضي الكثيرُ حيثُ ظهرت كلًا من لورين ونانسي من جهةٍ أخرى

"هي نانسي ..صديقُ طفولتكِ هذا يشكل خطرًا علينا !"

"كم مرةً أخبرتكِ أن لا تلقبيه بذلك ! دعوا الأمر لي فأنا سأحله بطريقتي .."

ضحكت ييري بسخرية بينما تسحبُ ذراعَ لورين معها

"أتمنى بأن لا تتعاطفي معه
لديه خيارانِ ليبقى سليمًا كما تعرفين .."

إختفت كلتاهما من أنظارها ، لتزفر بشدةٍ بينما تحّول عينيها لمارك الصامتِ في مكانه

تقدمت نحوه لترفعَ رأسه وتطلبَ من عينيه الترفّع عن التحديقِ بالأرض

كان مصعوقًا !

هذا ما أدركته حينما رأت وجهه الفارغ من التعابير ، لعقت شفتها بسرعةٍ بينما تعقدُ يديها

"إسمع مارك ..أنا حتمًا لا أريد توريطك مع أصدقائي
قانونهم يشملُ بأنك ستنضمُ إليهم لو كشفتَ أي شيء عنهم ، أو أنّكَ ستخرسُ للأبدِ في مقابل أي شيء سيبتزونكَ به ..هل تفهم ؟ الأمر أخطر مما تعتقد لذا أنا كنتُ أحذركَ من البداية من الإحتكاكِ بي عبـ.."

"نانسي !!"

تسمّرت حينما سمعت نبرةَ صوتٍ لم تظنّ بأن مارك قد يصدرها يومًا في وجهها

"بجدية ..ماهذا الهراء الذي تعيشين فيه ؟ ألستِ أنتِ من تكرهين التنمر والعنف والإضطهاد !؟ مالذي يجري معكِ أخبريني ؟!! لمَ أصبحتِ هكذا ؟ لمَ تحاولين تقليدَ شيء لا يشبهك ؟ هذه ليستِ أنتِ عالإطلاق !!"

"إخرس !!"

صاحت في وجهه ليلتزمَ الصمتَ بعدها يراقبُ تحول وجهها للونِ الأحمر

"أنتَ هو الهراءُ بحدّ ذاته
مالذي تتفوه به ومالذي تقوله ؟!أنا لا أحاول تقليدَ أي شيء سيد مارك لي ، الطفلةُ الصغيرةُ التي كانت في عقلكَ هي مجرد طفلة وقد كبرتِ الآن ، هل فهمت؟
لا تقارني بتلكَ الصورةِ التي نسجها عقلكَ لها
ذلك كان ماضي وقد ولّ وإنتهى !!"

شاهدت صمته الذي لا يوضًح أي شيء

صوتُ إبتلاعه لريقه كان أشدّ الأصواتِ صخبًا في تلكَ اللحظة

من الواضحِ أن الغصة قد تكوّمت في داخله حتّى ماعاد ناطقه قادرًا على قول شيء

"لقد كبرت كثيرًا ، كبرتْ بشكلٍ جيد
أنا أهنئها على ذلكَ بالفعل "

قال مصفقًا بيديه بينما تعابيره مازالت جرداء كما هي ، لتشتعلَ غيظًا منه فترفعُ يدها فجأة لربما أرادت توجيه صفعةٍ أو دفعةٍ له

هو أمسكَ بتلك اليدّ لتشعر بإنحسار الدّم داخلها

"أوه...هي أصبحت عنيفة كذلك
نانسي ، الهراء الذي أمامكِ لم يكن إلا شخصًا قد نسجَ أحلامًا معكِ في الماضي ، كما قلتِ
نحنُ كنّا أطفالًا وقتها ..الطفولةُ شيء وما نمرّ به الآن شيء آخر ، مشاعرنا قد اختلفت ، نصجت
وتبددت ..أتفهم كل ذلك ، لكن ما لا أتفهمه هو الشخصُ الذي عليه أنتِ الآن..."

نزعت يدها عنه تنطقُ من خلفِ أسنانها المرتصّة

"لن أكرر..
لا يخصّك عالإطلاق مارك
لا يخصّك أبدًا ! أنتَ لستَ مسؤلًا عنـ.."

"أعرف ، لا أودّ أن أكون
فقط تذكري أنّكِ بكيتِ كثيرًا في ما مضى
لأن أشخاصًا مثلكِ قد آذوكِ.."

ضحكت بشدّة ، ضحكت ساخرة
حتّى إحمرّ وجهها

وظلّ هو يراقبُ الإنسانَ الذي بنى قصورًا من الأحلامِ معه ، ثم هو يدّمرها الآن بكل بساطة

مع كل ضحكة...

كان يهدمُ جدارًا من جدرانِ القصر..

"أغرب عنّي ..
تعامل معي كالفتاةِ التي تراها الآن
أو أغربْ عنّي..واحبس أنفاسكَ عن ما سمعته اليوم ، هذا هو إنذاري الأخيرُ لك.."

"لم أكن أنوي التحدّث أصلًا
أنا فقط أتسائل ، كيفَ يمكنكِ العيشُ أنتِ وأصدقائك بعد إفسادكِ لحياةِ غيرك بهذا الشكل ؟"

قال ، ثم أدبرَ مغادرًا

كانت خطواته وحدها تشيرُ إلى كم هو هزيلٌ من الداخل ، هو لم يسمع خطاها بعد

ولم يكترث بذلك حتّى ، لكنّ صرخةً ما قد خرمت أذنه

صرخةً من دواخل التي كانت خلفه

"حياتي قد أُفسدت بالفعل !"

لم يلتفت ، ولم يسألها عن قصدها
فقط سارَ بعيدًا عنها ، وعن الظلامِ الذي تكوّن حول كيانها

لم تعد قمرًا منيرًا بعد الآن..

نيزكٌ وقد إصطدمَ بالأرض ، وخلّف دمارًا فيها

~~~~~~~~~~~~~~

"هي..."

طالبة ، راقبت الشّخصَ الذي يهتز في مكانه بخفوت
هو لم يسمع صوتَ خطواتها حتّى

تلفّتت حولها تتسائل بشأنه ، وكزته بخفّة لكنه لم يستجب لها

لتكرر ذلكَ ثانية فينتفضُ هو في مكانه ، يبتعدُ عن البيانو الذي ركنَ ذاته المكسورةَ فوق غطاء المفاتيح خاصته

شاهدته بذهول ، وجهه محمر بالكامل

والدموع كاسيه ..

"إلهي .."

أخرجت منديلًا من جيبها بينما هرع هو يسمحُ وجهه بشدّة ، لم يُخيّل له أن أحدًا ما سيجدهُ في مكانٍ ظنّه معزول كهذا

الغرفةُ التي سكنت قدميه عندها ، من الواضحِ أن الحياةَ فيها قد غنّت بالوداعِ منذُ زمن

وأن البيانو الذي إحتله قد تناهزَ الغبارُ على إستولاءه منذُ دهر

ربما صنعت له عيناه هذا الخيال ، أما الحقيقةُ فكانت شيئًا آخر

الحقيقةُ هي تلكَ التي تجلسُ بجانبه تمدّ له المنديل ناصعَ البياض

"شكرًا.."

نبسَ بها بينما يخطفُ المنديل كي يخفي أثارَ نكبته هذه

شعرَ بكفٍّ ما يربّتُ على ظهره ببطء

"أيًا كان سبب حزنك..
فأتمنى أن تتجاوزه سريعًا "

وجّه بصره إليه ببطء ، كان يشعرُ بالخجلِ من نفسه ليسَ إلا

"شكرًا ..راقت لي كلماتك"

"هل ...تفي بالغرض ؟"

سألت مبتسمة ، بينما يحاول هو بكافةِ الطرقِ أن ينحاشَ بعينيه عنها

لأنه مازال يشعرُ بالحرجِ من دموعه الفائضة

"كمواساه ؟"

"أجل.."

"أتمنّى.."

نهض من مكانه لتنهضَ هي معه ، سحبَ أقدامه نحو الباب لتلحقه وتقفَ في وجهه فجأة

"إلى أين ؟"

"إلى...
إلى حيثما كنت "

"المكان الذي تسبب في دموعك ؟"

ابتسم يهز رأسه بلا

"كلا..ذاهبٌ لغرفة الصّف فحسب "

"إذًا.."

هرولت سريعًا نحو بقعةٍ ما ثم عادت بورقةٍ وقلم تمدّها إليه

"لابد بأنكَ تجيد العزف على أي شيء
أي آلة ..لا بأس
فقط إنضم للنادي "

أجبرته على إطلاق ضحكة ، بالرغم من نفسه الثقيل على صدره

"كنتُ أعزف الغيتار في الماضي..
أتمنى بأني لم أنسى ذلك "

سحبَ منها الورقة والقلمَ بخفةٍ ليرى أسماء الأعضاء في النادي المهجور

الرئيسة : جونغ سورا
عازف طبول : الإمبراطور لوكاس
خانة فارغة : خانة فارغة

قهقه على الفور لتتعجبَ هي من تغيّر حاله

"لا يعقل ..
لوكاس يلحقُ بي في كل مكان ؟!"

"آوه...تعرف لوكاس ؟"

"أجل ...زميلي في الصّف "

" حقًا ..لا يمكن لشخصٍ قريب من لوكاس
أن يصاب بالحزن !"

إنتحلَ الصّمتَ يراقب كلماتها بهدوء ، بغضَ النّظر عن طريقتها الفريدةُ في الحديث

لماذا لم يصبح قريبًا من لوكاس بعد ؟

~~~~~~~~~~~~~~~

دلفَ لغرفةِ الصّف الهادئة ، كانت فارغة إلا من شخصٍ واحد

إنسانٌ يجلسُ في مكانه بهدوء شديد ، لكنّ تعابيرَ وجهه الساخطة لم تكن كذلك

لأول مرّة ..

هو تفادى وجودها كأي جمادٍ آخر هنا ، بينما هي قد مسحت غرفةَ الصّف بعينيها لتتفادى النّظر إليه

وجهها السّاخطُ لا يخصّه أبدًا ، لا يوجدُ شيء في هذه الإنسيةُ سيخصه بعدَ الآن

كما قالت ..

'هي كانت طفلة ، وقد كبرت الآن!'

ألقى نظرةً للساعةِ حول معصمِ يده ، عبسَ لأن وقت الإستراحةِ قد إنتهى بالفعل بينما لا يوجدُ أحدٌ هنا أبدًا ، غيرَ نانسي القابعةِ في مكانها هناك

"إلهي ، إلى أينَ قد إختفوا ؟"

هو سأل نفسه لكنّه عثرَ على الإجابةِ منها

"حصّةُ الرياضة "

شهق يتعثّر في طريقه نحو الخارج ، هرول في الممراتِ متجهًا لساحةِ الرياضةِ في الطابقِ السفلي

ليلهثَ في مكانه عندَ رؤيته للمعلمِ يبتسمُ بينما يشيرُ له بالتقدم إليه ..

"أنتَ معاقب مارك لي"



~~~~~~~~~~~~~~

❤😭 شاكرة لتعليقاتكم وفوتاتكم
جد شكرااا

شفتوا أداء ان سي تي اليوم
خير حسيتم يهاوشوني في قلبي وي

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top