CARING| 10
<اهتمام>
شخص بصري إلى البطاقة التي مدها نحوي، وغرقت في أفكاري لوقت طويل، أحاول استيعاب أنه يمنحني بطاقة سوداء بلا حد، رغم أنني فتاة غريبة عنه.
نفيت نظراتي من البطاقة إلى ملامحه الراكدة لا تبوح بشيء عما يجول في رأسه الأربعيني، وعندما أجد نفسي عاجزة عن قراءة وجه أحدهم يشتد انفعالي.
«لماذا تمنحني بطاقة سوداء لا حدود لرصيدها رغم أنني فتاة غريبة عنك؟»
لعق زاوية شفتيه بطرف لسانه، كان يتمايل بإغراء على إيقاع الانزعاج، هو ليس راضيا عن ردي.
«علمت أنك لن تقبلي بأخذها بالتي هي أحسن».
دفنت قبضتي في تجويف خصري وحبست سوداوتيه بين جفني، لا أغفل عنهما سوى لأرمش.
«لأن ما تفعله غير منطقي، تعرفت علي منذ أسبوع، ولم يكن اللقاء بيننا وديا، بعثت لك برسالة تهديد، وعندما زرتك دار بيننا حديث عقيم، دون أن أشير إلى المقال الذي نشرته عن ابنك، فما الذي يدفعك لتقديم بطاقة سوداء لي؟»
رفع حاجبيه بسخرية.
«مشاكل في الثقة أوليس؟»
لم ترقني نبرته المستهزئة لكنني أجبت عليه باحترام.
«طوال حياتي لم أضطر للوثوق بأحد، لأنني لم أمتلك بجانبي أحدا ليخونني، عليك أن تثبت لي صدق نواياك».
جرفني الحديث فشاركته المخاوف التي تسكن عقلي، لا ضير من الاعتراف بالحقيقة.
«لا أحد يعطي بلا مقابل معالي الوزير، واثقة أنك ستطالبني بمقابل يوما ما، ولا أريد أن أكون مدينة لك».
طرح ظهره على الكرسي بارتياح وراقص البطاقة بين سبابته ووسطاه، كان يلعب بها بكل برودة أعصاب.
«لا تنسي أنك صرت ابنتي بالوصاية آنسة ڤاسكيز، اهتمامي بك ليس خدمة أقدمها لك وأنتظر الحصول على المقابل من ورائها بل من واجبي الحفاظ على راحتك وتقديم كل ما تحتاجينه».
كلامه ألجم لساني، هذه أول مرة يدخل فيها شخص مسؤول حياتي متعهدا برعايتي، سرعان ما توقف عن تحريك البطاقة ونظر إلي بثبات.
«العائلة تمنح دون مقابل».
تمسكت بعنادي رغم قدرته المبهرة على الإقناع.
«لكنك ما تزال بنظري رجلا غريبا وعلاقتنا ليست حقيقية حتى، كرامتي لا تسمح لي بقبول بطاقة سوداء منك، يكفي ذل العيش في منزلك!»
أغمض عينيه ولسكون الغرفة سمعته يطلق زفيرا مرتعشا، هو غاضب.
«مارينا لا تستفزيني».
تزامن فتحه لعينيه مع قيامه عن الكرسي، صار صدره العاري واضحا لمقلتي، فتاهت نظراتي بين تضاريسه قبل أن تعثر على طريقها إلى وجهه مجددا.
«أنا لا أحاول استفزازك معالي الوزير، أمارس حقي في تقرير مصيري فقط».
سار نحوي بخطى متزنة، لم يؤثر عليها ثوران أعصابه.
«خذيها ما دمت أتحدث معك بلطف ولا تدعيني أعيد كلامي».
أمات المسافة بيننا حتى تلامس حذاءينا، بشجاعة صمدت وسط الإعصار في عينيه.
«ماذا إن رفضت؟ هل ستضربني؟»
مسح على جبينه بيده الفارغة وأنفاسه ترتعش بشدة تدل على الجهد الذي يبذله لكبح غضبه.
«أنت تحت وصايتي فلتقبلي بالأمر بالواقع».
عندما هدأت أعصابه قليلا وضع يده على كتفي، عيناه مظلمتان تضيع الأنظار فيهما.
«أريد الاطمئنان عليك فقط، المراهقون بحاجة إلى مصروف، كيف أتركك تذهبين إلى المدرسة بلا مال!»
جمعت ذراعي وسط صدري ودفعت حاجبي إلى الأعلى بغرور.
«لن آخذها منك».
اشتدت يداه حول كتفي وفجأة ضرب ظهري بالحائط منتهكا كل ما تبقى بيننا من مسافة، أطبق صدره على صدري لذلك عجزت يداي عن اختراقهما لدفعه.
«ما الذي تفعله أيها الوزير؟»
ثبت يدي فوق رأسي يمنعني من الحركة، رأيت بين جفنيه غضبا مدمرا، لم تستطع نظراتي الصمود فيه فسقطت على صدره الصلب.
«يكفي عنادا مارينا، أصغي إلي فقط».
حاولت انتزاع يدي من قبضته لكنه لم يسمح لي باستعادة حريتي، سرعان ما واجهت عينيه الجبارتين بانزعاج.
«كونك وزير الخارجية ووصيا علي لا يعطيك الحق لفرض قراراتك علي كأنني أحد شؤون الدولة».
عندما جربت ضربه برأسي حط جبينه على جبيني وهمس بين أسنانه.
«ما أفعله لمصلحتك أنت بحاجة إلى المال».
كلانا ينافس الآخر في العناد ولم أمنحه شرف التغلب علي، تخبطت في مكاني بقلة حيلة وصدره يسحق نهدي.
«لا يمكنك إجباري على القبول بالمال منك سيد جيون».
هبت أنفاسه السامة على وجهي تحمل معها الخراب، رغم فتورها هزت قلبي.
«الجميع يحتاجون إلى المال وقد صرت مصدرك الوحيد، إن كنت تفكرين في الحصول على وظيفة عليك أن تعيدي حساباتك، لأن ذلك لن يحدث».
كانت تلك خطتي المستقبلية لكسب المال، حينما كشفت له ملامحي المحبطة الحقيقة اعتصر معصمي مهددا.
«إياك أن تغدري بي يا صغيرة، خطأ واحد قادر على تدميري».
أشحت بصري عنه وتنهدت بخيبة أمل.
«لا داعي لتذكيري بذلك في كل مرة، أردت جمع المال لأعيش بكرامة بعيدا عن والدتي، وعندما آلت الأمور إلى هذه النقطة كان علي التفكير في مستقبلي».
أضفت بصوت خافت، سمع كلامي لأنه ملتصق بي.
«ليس وكأنك سترعاني إلى الأبد».
تأملت الفراغ بشرود حتى داعب أنفي بأنفه برقة بثت بداخلي رعشة ونسج حروف اسمي بنبرة حانية.
«مارينا».
نظرت إلى الوزير بدهشة فسحرت بعينيه الهلاليتان، أنفاسه تزداد كثافة على شفتي.
«يمكنك البقاء معي قدر ما تشائين، ليس عليك الرحيل عندما تبلغين السن القانوني».
أغمض عينيه بينما يتلمس جانب أنفي بطرف أنفه، شعرت بالاسترخاء حد الخدر وبالحرارة تتصاعد أسفلي.
«لا تصعبي الأمور صغيرتي».
حينما فتح عينيه عجز عن رفع جفنيه إلى القمة، كانت نظراته ناعسة مثل نظراتي هو يؤثر علي بشدة.
«هل تقول أنك تريد أن تكون والدي إلى الأبد حقا؟»
رمش بجفنيه كجواب ثم تعانقت أعيننا مجددا.
«كان قرار الوصاية بيدي وقرار إنهائها سيكون بيدك، هل أنت راضية الآن؟»
كنت خائفة لأن كل هذا سينتهي عاجلا أم آجلا وسأجد نفسي بالشارع، لكن كلامه منحني بعض الاطمئنان.
«حسنا سآخذ البطاقة إن كان ذلك ما تريده لكنك لن تجبرني على استخدامها».
عندما أدرك أنني لن أقاومه أكثر أنزل يدي بجوار فخذي وراح يمسح على رأسي بيمناه راضيا عن قراري.
«فتاة جيدة».
ما يزال قريبا مني جبينه مستقر على جبيني وشفتاه تقابلان شفتي، زفيره الحار يرهق دواخلي وذلك الوخز أسفلي يشتد، بالكاد حافظت على ثبات صوتي.
«ابتعد أنت قريب جدا».
تحركت عدستاه بين جفنيه وهو يتفحص ملامحي.
«لماذا؟»
أخفض يده من رأسي إلى كتفي، كانت الأخرى على الجانب الآخر له.
«ألا تحبين قربي؟»
أخفض يديه على طول ذراعيّ ثم سحبهما إلى كتفيّ مجددا بينما يتأمل حدقتي المرتجفتين، تنتابني مشاعر غريبة أعجز عن تفسيرها.
«أم لا تحبين ما يجعلك تشعرين به؟»
حبست أنفاسي كي لا يفضحني اهتياج صدري ثم أمسكت بيديه على كتفي بثقة زائفة.
«لا أدري ما الذي تتحدث عنه سيد جيون، كل ما في الأمر أنني غير معتادة على وجود رجل بمثابة والدي في حياتي، أحتاج القليل من الوقت للتأقلم مع ذلك».
عاين زمردتي لبرهة ثم ابتعد عني بهدوء، مد لي البطاقة مجددا وهذه المرة أخذتها منه دون تذمر.
«يمكنك المغادرة الآن».
هرعت إلى غرفتي دون أن أهدر ثانية على الانتظار، ذلك الرجل المهيب يبعث بداخلي مشاعر غريبة، ارتميت على السرير وحدقت بالسقف مستجمعة أنفاسي.
«ما كان ذلك؟»
واجهت صعوبة في النوم ليلتها كنت أراه حيثما التفت، ربما لأنه أول رجل يقترب مني إلى حد خطير، مضى على اليوم الذي أخذت فيه بطاقة الائتمان من الوزير خمس أيام، لكنني لم أستخدمها على الإطلاق.
صباح السبت سافرت إلى بوسان في حافلة المدرسة مع زملائي في فريق الرماية، بعد ساعتين ركنت أمام مركب رياضي ضخم جاءه المتنافسون من مختلف المدارس.
ستقام المنافسة في الهواء الطلق لأن الجو مشمس، يحتضنها ملعب أخضر صُفَّت فيه العديد من الأهداف الدائرية، كان يعج بالرياضيين والمدربين ومقاعد التشجيع مكتظة بالمتفرجين، طلاب المدارس المشاركة وأهالي المتنافسين أيضا.
فريق الرماية الخاص بمدرستي متكون من ثمان أشخاص، أربع فتيات وأربعة فتيان الزي الموحد أزرق اللون متكون من قميص قصير الأكمام وسروال مطاطي أسود، سرحت شعري على شاكلة ذيل حصان، اصطففنا في خط واحد أمام المدرب الذي ألقى علينا تعليماته بحزم.
«لقد تدربتم بجدية طوال الأسبوع المنصرم لذلك أتوقع منكم الفوز في منافسة الفِرق أيضا، إياكم أن تفقدوا تركيزكم خلال المنافسة، لا أريد أن تكون مارينا الشخص الوحيد الذي يحصل على ميدالية ذهبية بينكم».
رماني زملائي بنظرات حادة استقبلتها بكل برود وتمتمت بصوت مسموع.
«ليس ذنبي أنني ماهرة جدا».
نقل المدرب بصره بين الجميع مقطبا حاجبيه، كل منا يمسك بالقوس في يده وكنانة السهام بالأخرى.
«هل كلامي مفهوم؟»
هتفنا في وقت واحد قبل أن يفقد أعصابه.
«مفهوم».
رفع المدرب قبضته أمام صدره بحماس.
«فلنذهب لنشفط جميع الميداليات الذهبية».
سار الجميع إلى الملعب بانتظام بداية من الشاب الذي كان واقفا على طرف الصف وصولا إليّ على الطرف الآخر لكن المدرب استوقفني.
«مارينا انتظري قليلا».
سكنت في مكاني واستدرت إليه باستغراب.
«هل من مشكلة حضرة المدرب؟»
ألغى المدرب المسافة بيننا ثم ثبت يديه على كتفي وحدق بعيني بحزم.
«أريد أن التحقق من أنك في حالة ممتازة، أنت أمل الفريق الوحيد للتفوق على الجميع، لم يسبق وأن خيبت أملي من قبل، لذلك أثق بأنك ستكونين عند حسن ظني هذه المرة أيضا».
كنت متوترة وذلك طبيعي لأنني مقبلة على منافسة هامة لكنني لم أفقد ثقتي بنفسي.
«لن أخذلك».
ضغط على كتفيّ مشجعا.
«عليك إثبات جدارتك حتى تصلي إلى الفريق الوطني، أخطط لجعلك تلتحقين به مهما كلفني الثمن».
انحياز المدرب إلي أحد سبب كره الجميع لي ولكن من يلومه فأنا الرامية الأفضل لديه؟
«فلتكن مطمئنا أنوي أن أضيف ميدالية ذهبية أخرى إلى رصيدي»
بعد دقائق بدأت منافسة الفرق فئة الذكور والإناث، وقفت مع زميلاتي بجانبنا الفريق المنافس، أمامنا على بُعد شاسع تكمن الأهداف حيث تناوبنا على التسديد.
تمكنا من بلوغ النهائيات لكننا حللنا في المرتبة الثانية وحل الذكور في المرتبة الثالثة، مع ميدالية فضية وبرونزية انتهى اللعب الجماعي وحان موعد المنافسة الفردية.
«كانت النتيجة مخيبة للأمل، أريدكم أن تقوموا بعمل أفضل في المنافسة الفردية».
تحدث المدرب بانزعاج ثم مسح على جبينه بينما يوبخ إحدى زميلاتي.
«هارين تعلمين أنك كنت السبب في حلول فريق الإناث بالمرتبة الثانية أليس كذلك؟»
هارين صبية طويلة القامة ذات ملامح باردة وشعر بني كعينيها، ثلاثتنا أصبنا المركز الذهبي ما عداها.
«آسفة أيها المدرب لا أدري ما الذي دهاني اليوم، لقد تمرنت بجد على التصويب لتحسين مهاراتي».
اشتدت أصابعها حول قوسها سيغمى عليها في أية لحظة.
«أعدك أن أقوم بعمل أفضل في المنافسة الفردية».
كانت تخشى التعرض للطرد فهي لا تتحسن أبدا ولم يتوانى المدرب في ترهيبها.
«لم تفوزي بأي ميدالية منذ انضمامك إلى الفريق، والأسوأ من ذلك أنك تسببت بالخسارة لزميلاتك، إن لم تثبتي نفسك اليوم فسأضطر للتخلي عنك».
رأيتها تقضم شفتها السفلى بخوف، كدت أشعر بالشفقة عليها لولا أنني تذكرت الكلام اللاذع الذي توجهه لي كلما مررت بجانبها.
«سأصلي لتطرد هارين اليوم، ساقطة أخرى تبتعد عن طريقي».
سرعان ما نطق المدرب بهمة عالية.
«احرصوا على الفوز يا شباب، آنسة ڤاسكيز أعتمد عليك».
الصيغة التي استخدمها المدرب لمناداتي ذكرتني بالوزير، وحده من يضيف الهيبة إلى اسمي.
«سأعوض خسارة الفريق في المنافسة الجماعية».
كلامي لم يعجب زميلاتي اللواتي حدقن بي باستياء، حالما دخلنا إلى الملعب دفعتني هارين من كتفي بيدها.
«من تكونين لتقولي بأنك ستعوضين خسارة الفريق بالنيابة عن الجميع؟»
توقفت عن السير وواجهت ملامحها البغيضة، كانت تحمل القوس بيدها اليمنى، وحاملة السهام معلقة على منكبها من نفس الجهة.
«أنت متعالية جدا بالنسبة لفتاة ذات سوابق الجميع يعلمون عن جريمتها، عليك أن تشعري بالامتنان لأن المدرسة قبلت بشخص مثلك!»
نفضت كتفي الذي لمسته بيدها منذ قليل بغرور.
«أكون جوهرة الفريق يا سبب خسارته».
صاحت بغضب بفضل الضوضاء في الملعب لم يسمعها أحد.
«ماذا؟»
قلصت المسافة بيننا بكل جرأة، لست من يعيقها الخوف.
«الحقيقة مؤلمة أليس كذلك هارين؟»
كانت ملامحها منقبضة عكس ملامحي المسترخية.
«من الأفضل لك أن تبتعدي عن طريقي، لن أصمت على استفزازك لي دائما».
تركتها خلفي تشتعل غضبا، كانت على وشك اللحاق بي، لكن الفتاتان الأخريان أمسكتاها، خاطبتها إحداهن بصرامة.
«الوقت غير مناسب للتنازع في ما بيننا، لو رآك المدرب تفتعلين شجارا مع مفضلته فستكون نهايتك أنت».
رددت آخر ما قالته بسخرية.
«مفضلته!»
تناسيت المشاحنة الصغيرة التي حدثت بيني وبين هارين وركزت على الفوز بالميدالية الذهبية.
الجميع في القاعة يمتلك من يهتف له باستثنائي، شعرت بالوحدة رغم تشجيع الطلاب لي، ليس لأنهم يحبونني بل لأنني أمثل المدرسة، لذلك أهديت الفوز لنفسي.
لم يكن هناك أحد ليشاهدني أعتلي المنصة في المرتبة الأولى وأتلقى الميدالية الذهبية، على يميني صاحبة الفضية وعلى يساري صاحبة البرونزية، بعد نهاية المراسيم علقت كنانة السهام على كتفي والتقطت حقيبة القوس ثم بادرت بالعودة إلى الحافلة.
لم أبتعد عن الملعب سوى بمسافة قصيرة وها قد انساب في سمعي صوت مألوف، جاءني من الخلف.
«إلى أين تغادرين والحفل في بدايته آنسة ڤاسكيز؟»
التفت ورائي بدهشة واثقة بأنني أتوهم فرأيت الوزير يسير نحوي ويداه في جيبيه، تعرفت عليه رغم أنه يضع نظارات شمسية سوداء.
«الوزير!»
كان يرتدي بذلة رمادية وشعره مرفوع عن جبينه، هالته مهيبة كالعادة.
«قمت بعمل جيد في الملعب صغيرتي، عندما قلت أنك بطلة المدارس في الرماية، اعتقدت بأنك تبالغين في تقدير نفسك فقط».
راقبته بذهول وهو يقترب مني حتى سكن أمامي مباشرة.
«هنيئا لك الميدالية الذهبية، تستحقينها».
هذه أول مرة يهنئني فيها شخص بالغ غير مدربي على فوزي، ارتجفت شفتي السفلى بينما أبحث عن رد مناسب.
«لا أصدق أنك حضرت مباراتي حقا، أحتاج بعض الوقت لأستوعب بأنك هنا».
عقدت حاجبي بتعجب ولم يفارق بصري نظراته الشمسية التي تحجب عني عينيه.
«كيف وصلت إلى بوسان بحق السماء؟ يفترض أن تكون خارج البلاد!»
حينما أدركت أنني طرحت السؤال الخاطئ غيرته بآخر.
«بل لماذا أتيت لحضور المنافسة؟»
سحب إحدى يديه من جيبه وطبطب على كتفي بخفة.
«عليك أن تتوقعي رؤيتي في كل منافسة تخوضينها، أخبرتك من قبل بأنني أنوي القيام بواجبي نحوك كما ينبغي».
رفع يديه إلى وجهه ليخلع نظاراته الشمسية ثم قام بثني ذراعيها.
«سافرت في طائرة خاصة لذلك يمكنني اختيار المطار الذي تحط به، خططت لحضور منافستك إذا وصلت في الوقت المناسب».
دس النظارة في الجيب العلوي لسترته قبل أن يسلط بصره على عيني، كنت أحدق به دون أن أرمش.
«منذ متى وأنت تشاهدني وأين كنت؟»
انبعث من جفنيه دفء عجيب غلف قلبي الحزين، شعرت لأول مرة بأن هناك من يهتم.
«منذ بداية المنافسة الفردية، كنت في نهاية المدرجات، ترقبت أن تنظري من جهتي، لكنك بدوت مركزة جدا».
أشحت بوجهي عنه متظاهرة باللامبالاة.
«لست معتادة على انتظار شخص ليهتف لي، لطالما كنت بمفردي في الملعب المدرب الوحيد الذي يشجعني بصدق هنا».
اضطررت لمقابلة سوداوتيه الخطرتين حينما أخذ حقيبة القوس من يدي.
«ذلك سيتغير من الآن فصاعدا».
مددت يدي لاستعادة الحقيبة لكنه أزاحها بعيدا عن طريقي، في عينيه بريق محبب راق لي بشدة.
«لن أهتف لك حفاظا على هويتي ولكنني سأكون هنا من أجلك».
لامس كلامه صميم قلبي فثارت الدموع في عيني لشدة تأثري به، تجنبت النظر إليه كي لا يراها.
«لماذا تكترث لأمري حتى؟»
أمسك بحزام حاملة السهام المعلقة على كتفي، لمحته بطرف جفني يتأملني بشرود.
«لدي أسبابي صغيرتي».
قبل أن يفلح في انتزاع حاملة السهام مني انهمرت دموعي بغزارة.
«أريدك أن تتوقف عن ذلك مهما كانت الأسباب التي تدفعك لصب اهتمامك علي».
سكنت يده على كتفي تزامنا واهتزاز صوتي، حينها انتبه إلى الدموع التي غمرت وجنتي، ونطق بدهشة.
«ما خطبك صغيرتي؟ هل أساء إليك أحدهم بالكلام؟»
واجهته بعينين غارقتين في الدموع وهتفت بصوت مرتفع.
«لا يروقني أن اهتمامك بي يروقني».
وضع يده على خدي فأملت وجهي جانبا لأضيِّع لمسته وأنزلت بصري على الأرض.
«لقد كنت بخير بمفردي لسبعة عشرة عاما رغم أنني لم أرتشف أي نوع من الاهتمام، أهملتني والدتي لأنني أتيت إلى هذا العالم بالخطأ ودمرت جسدها، أما والدي فلا أعرف كيف يبدو».
ما انفكت الدموع تسيل من عيني والشهقات تهدد ثبات كلماتي، حينما قابلت عينيه الدافئتين انهرت تماما.
«لا أدري ما الذي تفكر به ولماذا تفعل هذا بي لكنني أريدك أن تكف عن إغرائي باهتمامك، لم يسبق وأن بنيت آمالا على أحد ولا أرغب بأن أبني آمالا عالية على وزير ذو شأن رفيع لا تربطني به سوى الظروف، لست من دمك حتى!»
ألقى السيد جيون بكل من الحقيبة والكنانة على الأرض واحتوى وجهي بين كفيه، أخذ يمرر إبهاميه على وجنتيّ ليمسح الدموع عنهما برفق.
«اهدئي صغيرتي أنت عاطفية جدا اليوم لم أتوقع أنك ستتأثرين بحضوري لمشاهدة المنافسة إلى هذا الحد».
ثنيت يدي حول يديه وحاولت فصلهما عن وجهي، فشلت في ذلك فشلا ذريعا.
«لا أحد يختار عائلته لكن الأشخاص الذين تختارهم لك الظروف أفضل أحيانا».
بقيت ممسكة بيديه مصرة على نزعهما.
«وجودك في حياتي بحد ذاته غير منطقي لذلك لا أرغب بالاعتياد عليه».
حينما ترك وجهي فكرت في الالتفات والهرب من ذلك الرجل المرهق للعقل، لكنه أجهز على قفا عنقي بيده وجرني إلى حضنه ثم لف ذراعه الأخرى حولي محكما تقييدي به، ضمني إلى صدره بحنان كان ينضح في صوته بوضوح.
«أنت الآن فرد من عائلتي وأنا رجل يعتني بعائلته جيدا».
بطريقة ما هدأت بين ذراعيه وانقطع تدفق الدموع من عيني، شعرت بذقنه يحط على قمة رأسي.
«أريدك أن تثقي بي، حسنا؟»
كان حريصا على دفن وجهي في صدره بحيث عجزت عن رفع رأسي لمواجهته، أحطت خصره بذراعي قبل أن أضرب ظهره بتذمر.
«كيف يمكنني الوثوق بسياسي؟»
هلاوز خفافيشي الحلوين 😍💋
المومنتس صايرة دافئة بين الوزير وصغيرته 😭😭
بدي رجل مثل جونغكوك فالرواية بس المشكلة عمري صاير ربع قرن، عجوز ما رح يشفق علي تفوووه 🌚
شو رأيكم بالفصل!
أكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
جونغكوك!
مارينا!
شو السبب يلي يخلي جونغكوك مهتم بمارينا ويعاملها بلطف!
مارينا بتسلم ثقتها للوزير!
رح يرجعو للبيت مباشرة أو يعملو جولة في بوسان!
كيف رح يتقربو من بعض!
توقعاتكم للفصل الجاي!
دمتم في رعاية الله وحفظه 🍃
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top