Chapter •25•

°°°

"أريد أمي"

همس بضُعفٍ يداه تمسكان بتِلك القضبان الصدئة و المبللة، وجهه متسخ بالوحل و الأتربة، ملابسه البيضاء ملطخة ببعض الدماء و الرماد.

و كأنه قط متشرد إنتهى يومه الحزين بسقوط أمطار قوية في صحراء قاحلة.

جسده الصغير و الهزيل إرتسمت عليه عظامه حتى أوشكت على الظهور دون خجل!

"تريد ماذا؟"

أردفت الجالسة على كرسي عالٍ تنظر له بينما تُقلّم أظافرها، صوتها أصدر رُعباً بصميم قلبه لدرجة أن الهواء توقف بحنجرته الجافة من الريق.

شعور مخيف، قدماهُ الحافية بدأت تهتز، لم يكن يعلم أنها هنا تسمع ما يقوله!

"هيا أعِد ما قُلته للتو، تُريد ماذا؟"

نظر لها بأعين مُتسعة، الفتى الصغير ذو العشر أعوامٍ أسنانه بدأت تصطكّ و تضربُ بعضها بعضاً و هو يراها ترميِ ما بيدها و تتوجه ناحيته بإبتسامة بينما تعرِجُ بقدمِها.

عاد للخلف و إرتطم بالقُضبان الخلفية و قلبه يضربُ بقوة، يراها تقترب و صوت المفاتيح المعلقة بحزام خصرها يقترب شيئاً فشيئاً

بدأ بالبكاء لأنها الوسيلة الوحيدة التي يستطيع التعبير بها عن خوفِه، تكوم حول نفسه و أغمض عيناه بقوة بينما ألم بطنه و قلبه في تزايد بسبب صوت المفاتِيح الذي تضرب بالقفل!

فتحت الباب و و فتح عيناه مُستيقظاً من ذلك الحُلم البشِع، العرقُ البارد يتصببُ من جسده بالكامل.

وجههُ أصبح شاحِباً خاليا من الدماء لشدة ذُعره، تنفس بقوة يلهثُ و كأنه كان في سباقٍ لأميال.

وضع يده على قلبه، يده كانت تهتز، أبعد الغطاء السميك و نزع ملابسه لأنه تعرقّ بشدة، بعدها شعر بقشعريرة تسري بكامل جسده فالجو بارد جداً و النافدة مفتوحة.

الجو يصبح أكثر برودة في فصل الربيع خاصة عندما تغرب الشمس لذا قام بتشغيل المصباح ثم وقف حتى يغلق النافدة.

لكنه توقف مكانه فور لمحه لأضواء نافدتها المضيئة، راين لم تعد نشيطة و تتكلم معه كما كانت منذ ذلك اليوم الذي أنقدها به من الغرق.

و هذا جعله يشعر بالوحدة الشديدة.

أغلق النافدة و قام بتشغيل جهاز التدفئة حتى تصبح الغرفة أكثر دِفئاً.

توجه نحو الأسفل حيث المطبخ ثم سكب له بعض المياه، لكنه لمح شيئاً على يدِه، هي كانت متورمة بعض الشيء و لا يعرف السبب، كما أن عليها علامات قلم الحبر.

هو إستغرب لأنه لم يلمس شيئاً من أدواته قبل نومه و لم يرسم شيئاً أيضاً!

الساعة كانت تشير للرابعة صباحاً و هو كان يشعر بالتعب الشديد كونه لم ينم جيداً بسبب تصحيح إمتحانات طلابِه.

لذا هو كان يريد التغيب اليوم عن المدرسة لأنه يريد البقاء في المنزل فقرر إرسال رسالة للمدير حتى يستيقظ و يجدها ثم عاد لغرفته، عانق وسادته و غط في نومٍ عميق.


..

إستيقظت و قامت بتجهيز نفسها، اليوم هو الإمتحان الأخير و الذي ستليه عطلة فصل الربيع الطويلة، لذا هي سهرت الليلة الماضية حتى تدرس.

أخدت موزة من السلة الموضوعة بمنتصف طاولة المطبخ ثم حملت حقيبتها حتى تخرج متجاهلة هاجيمي الذي يرتدي حذائه حتى يذهب للمدرسة.

قامت بإلقاء التحية على السائق ثم رفعت قدمها حتى تصعد للسيارة لكن بوق سيارة أخرى جعلها تتوقف.

لقد كانت سيارة كينجي!

و قلبها بالفعل توقف فور رؤيتها له يخرج من سيارته عاقِداً حاحبيه، هو أشار للسائق بأن يذهب ثم توجه حتى يقف أمامها قائِلاً

"أخيراً خرجت الأميرة المختبئة من جحرها!"

"الأميراتُ لا يختبئن في الجحور بل في القصور، يا سيد كينجي"

أجابه جونغداي بعد توقفه بسيارته بينما ينظر له بإبتسامة مرتدياً نظاراته الشمسية و بيجامة نومه، و على ما يبدو أنه كان عائِداً من المركز التجاري لأن سقف سيارته مفضوح و توجد العديد من الأكياس في المقعد الخلفي!

نظرت له راين بتردد لتجد أن كينجي لم يبعد نظره عنها و كأنه ينتظر منها تفسيراً لتصرفاتها معه مؤخراً.

فهي لم تعد تتواصل معه كما أنها ألغت متابعته من حسابها مما أثار العديد من الشكوك بين المُعجبين!

أيضاً لم تعد تجيب على إتصالاته و لا تخرج كثيرا و تتهرب من البقاء في الشارع خوفاً من لقائِه.

"هي راين هل تحتاجين توصيلة؟"

صاح جونغداي بالجهة الأخرى و على شفتيه إبتسامة لكن كينجي تقدم أكثر و طلب منها شيئاً لم يستطع سماعه، هي لحقته و ركبت معه بالسيارة ثم ذهبا تاركين جونغداي ينظر لهما بصمت.

إبتسامته تلك إختفت، هو نزع نظاراته الشمسية بغضب و رماهم ثم قفز من السيارة و حمل أكياسه متوجهاً نحو منزله.

..

الوضع داخل سيارة كينجي كان هادئاً، هي تمسك الموزة التي أخدت منها قضمتين بين يديها و تحدق بها بجمود، بينما كينجي يقود بصمتٍ عاقداً حاجبيه.

"ما الذي يحصل معكِ راين أنا لم أعد أعرفك!"

توقف في إشارة المرور و أردف ينظر لها بغير تصديق، هي كانت تحاول منع نفسها من البكاء و البحث عن عذرٍ لوضعها لذا حاولت تصنع إبتسامة مزيفة ناظرة نحوه.

"ما الذي تقصده أخي؟"

أردفت بهدوء تحدق به لتتغير تعابير وجهه غير مصدقٍ لما تفوهت به للتو، أخي؟
هي حتى لم يسبق لها و أن نطقت بتلك الكلمة من قبل!

"أخي؟"

أجابها بعد أن هز رأسه مطلقاً ضحكة ساخرة.

"ماذا ما المشكلة في مناداتِك بأخي؟ أنت تكبرني بسنوات و عليّ مناداتك بطريقة محترمة بما أن أعمارنا مختلفة، لذا أنت بمثابة أخي الكبير!"

بدأ القيادة لأن السيارات خلفه بدأت تصدر أصواتاً دليلا على إنزعاج سائِقيها فتحرك مستيقظاً من صدمتِه.

"راين نحن أصدقاء و لا داعي لكل هذه الرسميات بيننا، ثم منذ متى و نحن نعتبر السن فارقاً بيننا؟"

سألها متسببا في قيام عاصفة داخل قلبها، هي تشعر و كأنها على وشكِ الإنهيار أمامه، لكنها لا تريد ذلك.

الجميع إعتاد على شخصيتها القوية، و الآن ستضعف هكذا و حسب؟ ثم ماذا تخبره أنها كانت تحبه و لم يلاحظ؟ هي أخبرت نفسها أنها فقط ستبدو غبية و مثيرة للشفقة و غير ناضجة بإعترافها الغير مهم.

"بعيداً عن ذلك، من الأفضل لنا أن لا نلتقي كثيراً بعد اليوم، لا أريد التسبب في المشاكل لي و لك، لدي مستقبل أمامي و لا أريد أن ينهدم علي قبل وصولي، لذا دعنا نفترق بهدوء و ليحتفظ كل منا بذكريات الآخر، أتمنى أن يكون كل ما فعلناه معاً ذكرى جميلة و راسخة بعقلك كينجي، شكراً أيضاً على إيصالي سأكمل باقي الطريق بنفسي"

أكملت كلامها ثم أدارت وجهها بسرعة بسبب إمتلاء عينيها بالدموع، هي فتحت الباب و رحلت هكذا تاركة إياه في صدمة!

وضعت يدها على شفتيها ثم ركضت بعيداً حتى إختفت عن أنظاره!

كان يقف أمام مقلاة البيض الذي إحترق بالفعل، لكنه كان شارِداً لأنه يفكر في المشهد الذي حصل صباحاً

"تتصل بي و أذهب لها بسرعة، أحضر لها كل ما تطلبه مني و ألبي النداء و أسمع لها و أقف إلى جانبها في الأوقات الحرجة، و فور رؤيتها لكينجي هي تذهب له دون تردد، تعلم أنه متزوج و غير مناسب لها و مع هذا لا تزالُ تلحقهُ، ما الشيء الغير المميز بي  حتى لا أكون مكانه؟ أنا لستُ لعبة تلعبُ بها كما تشاء و ترميها فور شعورها بالملل مني ثم تعود مجددا و كأن شيئاً لم يحصل"

أردف يقلّب البيض المحروق و هو لا يزال شارِداً إلى أن شمّ الرائحة أخيراً و إتسعت عيناه بشدة ليقوم بإطفاء النار.

"حتى البيض لا تستطيع طبخه جونغداي، و تريدها أن تلتفتَ نحوك؟"

خاطب نفسه يتذمر كونه فاشِلاً في الطبخ، حمل المِقلاة و قام برمي ذلك البيض المحروق في سلة القمامة ثم أخرج بيضاً آخر من الثلاجة.

..

كانت تجلس أعلى السطح و تحدق برقم جونغداي، هي لا تعلمُ لمَ لم يأتي للمدرسة اليوم و قلقة من أن لا يكون بخير.

أنفها كان محمراً بسبب البكاء و هي كانت بحاجة لشخصٍ حتى تتحدث معه و تُفرغ قلبها و لا تملك أحداً غيره.

ساتو غادر الشركة بسبب طفليه و سيعود للعمل بعد إكتمال ستة أشهر، لذا الوكالة تبحث لها عن مدير أعمال آخر لأن موعد عودتها قد إقترب و سيكون بعد ثلاثة أشهر.

هاجيمي أصبح كالغريب يدخل و يخرج من المنزل في الوقت الذي يريده كما أنه لا يحدثها.

كينجي متزوج و لديه طفلة، و هذا يكفي لأنه الشخص الذي تكن له المشاعر.

هي فكّرت في أن تعود وحيدة، فلم يعد لديها من يملأ يومها، عندما كانت معجبة بكينجي كان يشغل تفكيرها أغلب الوقت، و الآن من الصعب التخلص من تلك المشاعر.

لذا هي قررت أن تنهيَ علاقتها بجميع الأشخاص الذين حولها، أو بمعنى آخر الشخص الوحيد الذي كانت تشاركه مشاعرها تجاه كينجي.

جونغداي!





يُتبع...💕




🐖🐖🐖🐖

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top