Chapter •11•

°°°

حُملت على السرير المتحرك غائبة عن الوعي بالكامل، لم يُوقظها صوت سياراتِ الإسعاف و لا نداء ساتو لها.

ملابس نومها الخفيفة تلك إلتصقت بجسدها بسبب الموادِ التي سُكبِت عليها، شعرها الطويل أصبح مُتسخا بقشور البيض و ملتصقاً بجبينها.

كِلتا يديها كانت تضمهما بقوة لدرجة أن أظافِرها غُرست بكفّ يدها متسببة  ببعض الخدوش و الجروح.

تحركت سيارة الإسعاف بسرعة كبيرة، الشرطة كانت تُحيط المكان و ألقت القبض على الفتيات و النسوة اللواتي قُمن بالهجوم عليها و بدأ التحقيق معهن بالفعل.

كل شيء كان يجري بحركةٍ بطيئة مع موسيقى درامية في الخلفية و جيران ينظرون من نوافدهم بفضول، هناك من شعر بألم بسبب ما حصل لتلك الصغيرة و هناك من سعادته غمرت قلبه لشدة غيرتِه منها.

..

"هل ظننتِ أن هذا المجال سهل عزيزتي؟"

صدح ذلك الصوت في الأفق بينما تقف في مكانٍ خالٍ من البشر و الحياة لتستدير حول نفسها باحثة عن من بدا لها أنها تعرفه.

"أمي؟"

أردفت بتساؤل و فضولٍ مُحمّلٍ بالشوقِ ليَعود الصوت للظهور مجددا

"عِندما أخبرتني أنكِ تُريدين أن تُصبحي نجمة مشهورة، هل فكرتي يوماً أن تكوني مختلفة؟ فالسماء مزينة بالنجوم"

بدأ ذلك الصوت بالإقتراب منها لدرجة أنها شعرت بِه بالقُرب من أذنها لتستدير فزعة و تحدق بوالدتها و قد أغرورقت عيناها بالدموع.

"أمي.."

أجابت بنبرة باكية أخرجتها بصعوبة بسبب الغصة التي إنتابتها فجأة لتقترب منها أكثر و تقومَ بإحتضانِها.

"أخبرتُكِ حينها أن الشُهرة تتطلبُ قلباً قوياً لا يتأثر بما يحصل حوله، و ليس قلباً ضعيفاً و حساسا يركض للإعتذار على أخطاء لم يقُم بِها خشية من أن يفقد الناس الذين من حوله"

"لكنهم يُشعرونني بالذنب أمي، أنا تعبت و أريد القدوم لكِ و تركَ الحياة، الجميع يُصبح قاسيا بمجرد أن تُخطِئ دون قصدٍ مِنك، كل الحب الذي كنت أراه بأعيُنهم يتحول لكره و ينتظرون اللحظة التي قد تسقُط بِها"

أردفت تُغمض عينيها بحُزنٍ لتمرر الأخرى يدها على شعرها بخفة و هي تبتسم

"ستنسحبينَ دون جعلهم يعرفون أنكِ لستِ كما يظنون؟ ستجعلينهم يفوزونَ عليك؟ لا أعتقد أن أحدهم قد منع القمر من عدمِ الظهورِ يوماً!"

رفعت رأسها لتحدق بها، تعلمُ أن هذا مجرد حُلم، حلم جميل لا تُريد الإستيقاظ منه لأنها إشتاقت لذلك الحُضن الدافئ و الكلام المحفز.

"ما دخلُ القمر بهذا؟"

سألت لتمسح والدتها دموعها عن وجنتيها تلك و قد مررت يدها لتُعيد خصلات شعرها خلف أذنها جاعلة من رايدن تُغمض عينيها و تضع رأسها على صدرها مُجدداً

"أريدكِ أن تكوني كالقمرِ تماماً، تلمعين في السماء، مُميزة عن الجميع و بشكل واضح إلى جانب باقي النجوم، مهما حدث لا ينطفئ بريقُك و حتى إن فعلتِ تعودينَ بشكلٍ أقوى لتُظهري للجميع أنكِ مهمة و لا أحد يستطيعُ إيقافك..هل فهمتِ صغيرتي؟"

هزت رأسها بطاعة و عندما رفعت رأسها حتى تُشبع نظرها بها و تُجيب عن كلامها وجدتها قد إختفت و تلاشت و لم يعد لها أثر و لا حتى نسمة و كأنها لم تكُن موجودة قبل قليل!

..

فتحت عيناها بفزعٍ لتجلس مكانها و تضع يدها على قلبِها، مررت يدها على شعرها و جسدها لتجد أنها ترتدي ملابس المشفى و شعرها نظيف تماما.

"أختي!"

دفع هاجيمي الباب ليدخل راكِضاً و جلس على السرير ثم قام بإحتضانها بقوة

"هاجيمي"

تمتمت بخفة و هي تُبادله الحُضن و تمسح على شعره بهدوء ليُغمغم بنبرة باكية و مهتزة

"أنا كُنت قلقاً عليكِ بشدة، أعِدك أنني لن أترككِ وحيدة بالمنزل بعد اليوم و سأقوم بحمايتك"

إبتسمت بخفة و قد أغمضت عينيها لأن بعض الدموع تسللت لتنزل ثم أجابت محاولة إبتلاع غصتها

"لا تقلق صغيري أنا بخير"

"هل أنتِ جائعة؟ أخي جونغداي ذهب لإحضار الطعام لنا حتى نتناوله معاً"

إبتعد عنها و قد أردف بينما ينظر لها بعيناه البنيتان تلك لتقوم بهز رأسها بخفة و هي تضع يدها على وجنتِه

فُتح الباب و إستدار كليهما بإتجاهه ظناً أن جونغداي من دخل لكنه كان كينجي، بوجهه المشبع بملامح القلقِ حيث خطى نحو الداخل بسرعة مُمسِكاً بيد راين و قال

"راين هل أنتِ بخير؟ إستيقظتِ على الخبر و أتيتُ راكضاً بسرعة"

أنزلت نظرها نحو يده الكبيرة الممسكة بيدها المتصلة بالمغدي و هي لم تستطع إبعاد عينيها لأنها المرة الأولى التي تراه قلقاً لهذا الحد عليها

"راين أنتِ بخير؟"

رمشت عندما تحجرت أعينها على يده لتنتفض مكانها فور تدخل شخصٍ آخر قام بإبعاد يدها  من يد كينجي

رفعت رأسها مُقطبة حاجبيها نحو هذا الشخص لتجده جونغداي الذي يحمل كيس للأطعمة بيد و يُمسك يد كينجي الذي أبعدها من يدها و فجّر فُقاعة الأحلام الوردية خاصتها

"كيف تُريدُها أن تكون بخير و هي هنا بسببك؟ و أتيت لزيارتها أيضاً و كأنك لا تعلمُ أن هذا قد يتسببُ بالمشاكل لها و أنها معرضة للخطر و التهديد!"

تسللت إبتسامة جانبية خبيثة على وجهِ هاجيمي لينكز أخته و يهمس

"أليس أخي جونغداي هو الأفضل؟ لو كُنت فتاة لتزوجته بالإجبار حتى لو رفض ذلك!"

إبتسم كينجي ليقوم بمصافحة جونغداي لأنه ممسك بيده و يحدق بِه بنظراتٍ لا تبشر بالخير

"هل أنتَ صديق راين؟ أعتذر لكنني هنا حتى أتأكد أنها بخير و لا يهمني ما يقوله الآخرون"

أعادت راين خصل شعرها خلف أذنها بإحراجٍ و هي تحاول منع نفسها من الإبتسام على هدوء كينجي و كلامه لكن جونغداي قهقه بسُخرية و وضع الكيس جانبا مُعيداً شعره الذي يغطي عيناه للخلف و أردف بنبرة غير مصدقة

"أظن أنكَ كبير كفاية و عاقل على أن تقول كلاماً تافِهاً كهذا، بدل إنزال منشور لمُعجبيكَ على أن يعتذروا على ما فعلوه و تظل بمنزلك، لا القدوم هنا و إثارة الضجة و إتباث شكوك الجميع بما يحصل، كان عليك الإتصال فقط، هناك شيء يُدعى هاتف إن لم تكُن تعلم!"

بلل كينجي شفتيه و تنهد بإنزعاج و قد مسح وجهه بيديه لتردف راين بعصبية

"هذا يكفي، لا أحد طلب منك التدخل يا هذا! إذهب من هنا و لا تعُد مُجددا، لا أريد رُؤيتك أمامي مرة أخرى هل تسمع؟"

توسعت عينا هاجيمي و وقف مكانه ليردف بإنزعاج

"أختي!"

لم تُجبه لذا حدّق بجونغداي الذي نظر لها بغير تصديق، ما الذي فعله حتى يتلقى هكذا مُعاملة؟ هو لم يقُل سوى الحقيقة أم أنها غير مقبولة منه أيضاً؟

ترك يد كينجي ليعود خطوتين للخلف ثم خرج بعد أن أغلق الباب بقوة جاعلاً منها ترمشُ كردة فِعلٍ منزعجة.

"أنت السبب في هذا، كان عليك الإعتذار بدل القدوم إلى هنا و جعل الأمور تزدادُ سوءً"

أردف هاجيمي بغضبٍ نحو كينجي الذي شعر بالذنبِ أكثر مما كان عليه قبل قليل ليجلس على السرير و يمد يده محاولا إمساك يدِ الأصغر لكنه ابتعد و وقف بسرعة ليخرج لاحِقاً جونغداي بعد أن أغلق الباب خلفه.

"سيدي الصغير، مهلا سأقوم بإيصالك للمنزل"

أوقفه أحد الحُراس الذين كانوا يقفون أمام الباب لكنه حاول الإفلات منه و أردف

"لا أريد، إبتعد عن طريقي أن لا أعرفُك!"

"لكنني أعرفُك، و والِدك من أرسلني لحمايتك و إيصالك للمنزل"

إبتسم و هو يعدل من بدلته الرسمية و يمد يده بهدوء نحو هاجيمي الذي تصنم مكانه لِلحظة يستوعب ما قاله للتو.

"لكنني لا أملِك والِداً، و أختي طلبت مني أن لا أذهب مع الغُرباء، لذا إبتعد عن طريقي حسناً؟"

ركض بعيداً عنه ليتنهد الحارس و يتحدث عبر سماعتِه بهدوء

"قوموا باللحاقِ به و حمايته، و الأهم من كل هذا.. لا تجعلوه يقترب من ذلك الكوري مهما حصل"

..

إتجه هاجيمي نحو البوابة و فور ما فُتح الباب ٱنهالت عليه الكاميرات و الصحافة من كُل مكان، الجميع نزل للأسفل نحوه و إنهال عليه بالأسئلة التي لا يعرف لها أجوبة حتى!

ضوء الكاميرات تِلك أعمى أعينه و منعه من الرؤية بشكل واضح بالإضافة إلى أنهم كانو يتدافعون بقوة للوصول إليه.

وُضعتْ تلك النظارات الشمسية فجأة على عيناه ليشعر بعدة أشخاصٍ يُحيطونه من كل مكان و يمنعون الصحافة من الإقترابِ منه.

نظر حوله ليجدهم مجموعة من الحراس مُجدداً، رغم أن الأمر أزعجه إلا أنه كان يُريد الفرار من هنا بأسرع وقتٍ و الذهاب لرؤية جونغداي و حسب.

..

دخل للمنزل بخطواتٍ ثقيلة ليقوم بنزع قميصه و رميه بعيداً و صعد على سريره ثم تمدد مُحدقاً بالسقف بشكلٍ مُطول.

"هل رأيتَ ما يحصُل عندما تُحاول أن تُصبح رجُلاً نبيلاً؟"

أغمض عيناه بسبب سماع صوتِ الآخر يُحادثه و قد بدأ يسمع خُطواته و هو يمشي بغرفته يميناً و يساراً، لقد تطور الأمر لدرجة أنه بدأ يراه أمامه و يسمع تحركاتِه.

"آوه، قصدتُ رجُلاً ضعيفا و غبيا يمنحُ حُبّه دون أن يأخد المُقابل و لا يهتم له!"

حمل وسادته حتى يضعها على رأسِه و يُغطي أُذنيه لكن الصوت إقترب منه أكثر و أردف بعُمقٍ حادٍ تخلل أذنيه و دواخِله.

"أ لا تظن أنه قد حان الوقتُ لتجعلني آخدُ زِمام الأمور قليلا؟"

"لا!"

أجاب و قد فتح عيناه و جلس مكانه ليجده يجلس أمامه بإبتسامة جانبية، يرتدي ملابسه السوداء و شعره مرفوع نحو الأعلى كما أن نظرته تُثير التوتر و الخوف.

"هل أعتبِرُ تلك الكلمة مؤقتة؟ لا أظن أنك قد تود أن تتعرض للرفضِ مُجدداً همم؟"

سأل بنبرة هامسة كفحيح الأفاعي يقترب منه و يلفُّ يداه حوله كالدخان الثقيل لكن جونغداي تجاهله.

"تذكر أن رغبة الرسمِ لم تعُد قائمة مُنذ تعرفكِ على تِلك الفاتنة، أم أنك تحاول إخفاء الأمر عني؟"

رفع الآخر نظره نحو رسوماته التي تجاهلها مؤخراً بسبب إنشغاله بمشاكلها و هاجيمي لكنه إستدار للجهة الأخرى بصمت.

"دعني أظهر حينما تشاء، أنتَ فقط أعطيني الإشارة و سأجعلُك ترتفع نحو الأعلى"

همس مجددا بإبتسامة نحوه لكن جونغداي شعر بالإنزعاج هذه المرة و صرخ و هو يدفع الهواء المحيط بِه بِكلتا يداه.

"اللعنة أغرب عن وجهي لا أريدك!"

لمست يدُه شيئاً صُلباً لتتسع عيناه بشدة مُحدقاً بجسد الآخر الذي يكاد أن يُصبح متجسداً على أرضِ الواقع و ملموساً!

"ماذا؟ هل أنتَ مُنصدمٌ من قُدرتي على الظهور بشكلٍ أفضل؟"

أمسك صاحب الملابس السوداء يده التي دفعها به بقوة ليحاول جونغداي الإبتعاد لكن الآخر دفعه على السرير و رفعَ كِلتا يداه نحو الأعلى.

"إبتعد عني! أنت مجرد مرضٍ و خيال هل تسمع؟"

"صه!"

أسكتهُ بكلمة هامسة و هو يبتسم بعد أن وضع إصبعه على شفتيه ليُكمل

"من صوتٍ بداخِلك إلى صورة في المرآة ثم جسدٍ حي سيخترقُك و يقضي على شخصيتكَ الضعيفة، لِماذا لا تُريد مُساعدتي آوه؟"

ضغط على يد جونغداي أكثر لدرجة أنه شعر بالألم بيداه، هل يُمكن للأمر أن يتطور لهذا الحد؟

هو نادِم لأنه لم يتناول أدويته كما أخبرته والدته!

"هل الطفل الصغير يشعرُ بالندمِ لأنه لم يسمع نصيحة والِدته؟"

"بل أنا من سيجعلك تشعر بالندمِ"

ضغط جونغداي على أسنانه ليقومَ بدفعه بقوة حتى ٱختفى عنه و لم يعُد له أثر سوى صوتُ قهقهته الساخرة تِلك.

كان يلهثُ بقوة كما لو كان يركضُ للأميال، وجهه شاحب و مُتعرق بشدة، كما أن حرارته كانت مرتفعة!

توجه نحو الحمام لكنه توقف مكانه، هو كان خائفاً من أن يظهر لهُ مُجدداً لذا ترك باب الحمام مفتوحاً و دخل ليستحم بسرعة بالمياه الباردة!

رغم أنها سببت له القشعريرة إلا أنه إرتدى ما يُدفِئُه و خرج من المنزل حتى لا يظل وحيداً بعد أن حمل معه أغراض الرسم خاصته.


..

"أخي جونغداي!"

طرق هاجيمي الباب بقوة و هو يصرخ بإسمه لكن لا أحد يُجيب، هو تمكن من الهرب من الحراس و أتى راكِضاً لأنه علم أن راين كانت قاسية على جونغداي!

إبتعد قليلا ليبحث عن مفتاحٍ إحتياطي كان قد أخبره أنه يضعه أسفل السجادة الصغيرة الموضوعة أمام الباب ليجده بالفعل.

أخده ثم فتح باب المنزل و دخل ليقوم بإغلاقه و البدأ بالبحث، لكنه لم يكُن بالمنزل و هذا جعله يشعر بخيبة أملٍ كونه كان خائفاً من أن يتوه عن الطريق.


..

و بينما الأحوال متقلبة، الرياح عاتية و أشجار الكرز تنثر أوراقها على شعره المتساقط على عيناه.

جفونه كانت ذابلة و رموشه تلامس أسفل عينه، ينظر بشرود نحو كتابه ذلك، هو نسي أن يحمل كتابه الخاص بالسلسلة التي يقوم بكتابتها.

و حمل آخر فارغاً، لكنه لم يلاحظ أنه كان يملأه برسوماتٍ عشوائية لأحدهم.

آخر شيء كان قد رآه هو نظرتها الحادة و الكارهة له بأعينها المُحمرة، و هذا ما خطتهُ أصابِعه.

حيث تجلس على سريرٍ بدون لون، ترتدي ملابس المشفى و شعرها الأسود منسدل بهدوء على كتفيها تنظر نحوه و قد إنعكس بعضٌ من أشعة الشمس على وجنتِيها.

لكنه رسمها بدون ألوان، و قد وضع جُملة بالأعلى كما يفعلون بقصص المانغا تماما كان محتواها ما نطقت به تماماً

'هذا يكفي، لا أحد طلب منك التدخل يا هذا! إذهب من هنا و لا تعُد مُجددا، لا أريد رُؤيتك أمامي مرة أخرى هل تسمع؟'

وضع القلم جانباً ليمرر يده على رسمتها و أردف بشرود.

"تبدين جميلة حتى و أنتِ رسمة غاضبة"




يُتبع...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top