[CHAPTER 25.]

-
Madness.

«الإِشتِيَاقُ للحَبِيب نَصلٌ يُدمِي المُهجة قَبل الأَدِيم.»
-

-عَثرَةٌ مُؤلِمة.-

...

الأَقَاوِيل دَومًا ما تَحفُر معناهَا بالقلُوب كمَا تفعَلُ المشَاعِر بخَفقَاتِهَا ، هُنَاك مَن لُجَّت خفقَاته حُبًّا وهُنَاكَ مَن إلتَاعَت مُهجَتُه ألَمًا ، فما هُو الألَمُ ومَا تَبَعَاته ، هُنَاكَ من يتألَّمُ لفُرَاقِ الحَبِيب ، خِيانةِ العَشِيق ، وخُذلانِ الرُّوحِ واِنكِسارِ الخَاطر لكنَّ الأوَّلَ أكثَرُهم حدَّة وخُبثًا على القَلبِ ؛ رُبَّمَا يَكُونُ بَوَّابة جدِيدَة لِبَكوَةٍ طوِيلة الأمدِ ثقِيلةِ الخَفقَات.

مَشاعِرٌ مُختَلِطة ، مُزدحمة فمُتراكِمَة مَا خالجَت بيكهيُون في اللَّحظَةِ التِّي زُفَّ لَه خَبَرُ تَعرُّض مينّي لحَادِث سَير ،تَوَقَف بهِ الزَّمَنُ ومَا عَادَ يشعُرُ بأَيِّ شيءٍ يدُورُ حولَه، كان كمَا لو اُغلِقَ عَليه بحُجرةٍضيِّقة عازِلَة للصَّوت ، رُغُم توَاجده دَاخل السَيَّارة و وسطَ الطَّرِيق العَام لكِنَّه عُزِل ودَخل بدَوَّامةٍ من الصَّدمَة واللاَّوَعي ، فمَا عادت أُذُنَيه قَادِرَة علَى اِلتقَاطِ صوتِ أبوَاقِ السَيَّارات ولا ضجِيج المَارَّة ولا حَتَّى الرَّجُلَ الذِّي راح يَطرقُ على النَّافِذة بجانبِه هو فَقَط فاقدٌ لوعيه في تلك الهنيَة من الزَّمَن.

"مينّي تعرضت لحادث سير! وهي الآن بالمُستشفى."

"يجدر بي الذَّهاب ما الذِّي أفعله هنا؟"

مَوجةٌ من الوَعيِ لَطمَت تفكِيره لتُخرِجَه من صَدمَتِه ثمَّ دُون الإِدلاء بأي كلمَة للشَّخصِ الذِّي ما تَوَقفَ عن طرقِ زُجاجِ نَافِذَتِه رَمَى الهَاتِف بالكُرسيِّ بجَانِبِه ثَّم بَاشَر القيَادة بطَرِيقَة مَجنُونَة ، لَم يَشعُر كَيف وصل لِوِجهَتِه كونَه ما كَانَ بوَعيه وجُلُّ ما كانَ يُفكِر به هو مِينّي ومَتَّى يَصِل للمُستَشفَى بأَسرَعِ وَقتٍ مُمكِن ، رَكَن السَيَّارة بطَرِيقَة عَشوَائِيَّة ثمَّ نَزل متوَجهًا بخطوَاتٍ مُتَسَارِعَة نَحوَ المَدخَل.

تَوَجَه لرُكن الإستِقبال يَستَعلِمُ عَن مَحَلِّ تَواجُد مِينِّي ، بَعدَمَا أعلمته عَامِلَةُ الإستِقبَال عن مكَانِ تواجُدِها توَّجه هناك بِسُرعَة ، رُغمَ التَّوتُر والضَّغطِ الذِّي يشَعرُ بهمَا إلاَّ أَنَّه حَاوَل الحِفَاظَ عَلَى ثَبَاتِه قَدرَ مَا اِستَطَاع ، حينمَا بَلَغَ الرِّوَاقَ المُؤدِي لِقِسمِ العَمَلِيَات شَعَر بصدرِه يزدَاد ثقلا ونفسُه يتقَطَع ، حَدَقتيه حطَّت على الضَّوء الأحمَرِ فَوقَ بابِ القِسم أي لا زالت العمَلية في أَوَّجِهَا.

تنَهدَ عمِيقًا بعدمَا إستندَ بجسدِه ضِدَّ الجِدَار ثمَّ راحت كفَيّه تُدلِّك ملامِحهُ المُتعَبَة وَالمُنقَبِضَة ، مَا توقع يومًا أنَّه سيختبرُ إِحساسًا مرِيعا كالذّي يعيشُه الآن بالأنثَى التِّي غدَى أَيسَره ينبضُ لهَا بجُنون تُصارِعُ المَوت بالدَّاخل بَينمَا هُو بالخارِجِ بعيد عنهَا ، تَلاَشَت علاَمَاتُ الحَياة من ملامِحه بينمَا فقدَت روحه آخر قطرة من ثباتِها وبشيء من الجُنون راح يُفكِر ماذا لو وقعَت بين يدي طاقمٍ طِبِيّ مُستهتر وتوفيَت بسبب خطأ طِبيِّ تافِه ، مُجرَّد تفكِيره بمِثل هذه الإحتِمَالات جُنَّ جُنُونَه واِشِتَدَّ عُودُه ثُمَّ ودُون وَعيٍ مِنه وجدَ نفسَه أمَام بَوَّابَة القِسم وبكلِّ ما أوتي مِن قُوَّة راحت يديه تَطرُق ضدَّها بعنفٍ فَجَّرَه ضِدَّ صَلابَة البوَّابَة ، كَانت لحظَةٌ من الجُنون واللاَّوعِي التِّي ما يمُر بهَا كأنَّمَا مسٌ مِن الشَّيطَانِ قد أَصَابَه يَرغبُ في إقتِحَام القِسمِ وإنتِشالِ زوجتِه من بين أيدِيهم ، هم سيَقتُلونَها وسيُبعدُوها عنه للأبَد ، قَد تبدُو محض هَلوسَاتٍ وحالةٌ من الهَذايَان لكنه إرتِيابي بطبعِه ولن يستَطيع تَغيِر طِينتِه.

في تِلكَ الأَثنَاء وبَينمَا كان الرَّجل يغُوص بينَ أموَاجِ غضَبِه وجنُونِه وسَطَ الضَّجِيج والصُّراخ الذِّي عتقَتهُ شَفَتيه اِستَقطَب عددًا من المُمَرضِين وطاقَمِ المَكان الذِّين ما توانُوا في التَّقدُّم ناحِيتَه ليُبادِر أحدَهم وقَد بدَى أنَّه أحد الأطِبَّاء ، وَضعَ يدَهُ فوق منكبِه ثمَّ بنبرٍ جاد تحدَّث غير آبِهٍ لإنفلاتِ أعصَاب نظِيره.

«سيّدِي لايمكنك التَّصرّف بمثل هذه الطّريقة نحن بمُستشفى.»

اِستدَار بيكهيون مُتجَهّم التَّعابِير بينمَا حدِيثُ الرَّجل قُبالته ما توقف عن الرَّنين بدِماغِه كجرسِ أنذَار ، لم يَكترِث لحدِيثه إنَّما قبض عَلَى تَلالِيب مأزَره مُقرِّبًا ملامحه منه ثمَّ بجمُود خاطَبه يفرِضُ بطشَه ضدَّ قبضَتِه.

«اِسمعني جيّدا يا هذا لستُ مهتّم للعنة المُستشفى أنت ستدخل إلى هناك وتتفقد حالة زوجتي ، إن حدث وفقدها زملاؤك الحمقى تأكد جيّدًا أنِيّ سأمحيكم ومشفاكم من الوجود.»

تَفاجىءَ الطَّبيب لعدوانِيَّة الرَّجل قبالته ثمَّ دون الإدلاء بأي حرف هو قد اِبتعدَ عن قبضَته آخِذًا خطوتين للخَلف قبل أن يتقَدَّم نَحو باب القِسم الذِّي لازال المِصباح المُرفق به أحمرَ اللَّون ، قبل أن يبلغَ الطَّبيب المُهدد وِجهتَه بوَّابة القِسم قد فُتِحَت ويُغادِر من خِلالِها طَبيبٌ آخر والمسؤول على العمليَّة التِّي اِنتهَت لتَوِّها ، بحَث الجَرَّاح عن ما إذ كانت مريضته تمتلك أقرباء هنا في ظِلِّ ذلك تقدَّم بيكهيون ناحيته غير متخلٍ عن ملامِحه المُرعبة وتعابيره المتَجهِمَّة وقد وضَع اِحتمَال قتلِه إن هُو زَّف له خبرا سيِّئا يخصّ زَوجته ؛ بعدمَا أعلمه أنَّه يكون زوجها أومىءَ الطَّبيب ليخاطبَه على مضض.

«زَوجتك قد تخطَّت مرحلة صعبَة خلال الساعة الماضية لكننّا سيطرنا على الوضع ، ستبقى في العناية المركزّة لثمانٍ وأربعين ساعة حتَّى نراقب أي مُضاعفات قد تتعرّض لها ، بالأضافة لوضع إحتماليّة فقدانها القُدرة عن المشي نظرًا للتّضرر الطّفيف الذّي تعرض له النّخاع الشَّوكي.»

حَاول بيكهيون اِستِيعاب حديث الطّبيب خصُوصًا اِحتمال تحوّلِها لمُعقدّة جعلت من رأسه تغدُو فارِغَة كما الحَال مع تعابيرِه التِّي أبدَاها ، لاحظ الطَّبيب تغيُّر ملامِحه ربَّما ما اِستطَاع الرّجُل هَضمَ ما قيل له قبل قَليل ،وَضعَ يدَهُ فوق كتِفه يربتُ هناك يمدُّه بقلِيل من القوَّة لكنَّه تلقَى نظرَة حادَّة من المعني ثمَّ ما لِبثَ حَتَّى نفض ذراعهُ عنه بعدوانِيَّة ، ليس هُو مَن يُشفَقُ عَليه أمقَتُ الموَاقِف لديه تلك التِّي يرمُقه فيها أُناسٌ بشفقَة فيشعُر كما لو كان ذليل قليل الحِيلة وهو ما عاشَ يومًا من أيَّامِه مُنحنِي الظَّهر بنظرٍ موَجهٍ للأرضِ ؛ بغض النَّظر عن اِشتدَاد أعصَابِه ووقُوفِه على شفى فُقدَانِه عقله ما أبعَد الحادِث وكيفيَّة حدُوثهِ عن نُصُب عينَيه فكُلَّما فكَّر و اِحتِمالاته نبشَت بين دهالِيز دِماغِه وجَد غضبه يتصاعدُ أكثر.

فِي وقتٍ لاحِق أَين نُقِلت مينِّي للعنايَة المُركزَّة كمَا أوصَى طَبيبُها المَسؤُول ، ظَّل بيكهيُون واقف بالقُرب مِن بابِ العِنايَة بنظرٍ شاخِصٍ حَيثُ ترقُد أُنثاه ، كَانت هادئة هَشَّة رأسُها قد لُفَّت بقِطعَة من الشَّاش ، جِراحٌ طَفيفة تغطِّي وَجههَا بينمَا داعمٌ يغلِّف رقبتهَا ، غطاءٌ خفيف أبيض اللَّون قد غطّى عراء جسدها المتداعِي الموصول بأجهزة نبضات القلب وضغط الدَّم ، كان مظهرها أكثر من مؤلم لقلبه لكنّه ما توقف عن إبدَاء تعابير الغضب على محياه.

بعد هنيَّة من الصَّمت وَافَاه كلٌّ مِن سيهون ومِيناه وتشانيول بملامِح قَلِقة لكنَّه قلب جفنيه حينمَا خاطب سيهون هازئًا.

«ألم أطلب منك المجيء بمُفردك سيهون؟»

«بيون بيكهيون هذا ليس الوقت المناسب للمُحاسبة ، كيف حالُ مينّي الآن.»

بعد حدِيث ميناه المُعاتب تنهدّ بيكهيون قبل أن يطمئنهم عن حالتها الأخِيرَة محتفِظًا بجزء إحتمال فقدَانِها القُدرة عن المَشي لنفسه ، تقدَّمت مينَاه حيثُ الزُّجاج العاكس داخل الغرفة لتقع حدقتيها على جسد الشابَّة الرّاقد بَين الأجهزَة بجمُود ، شَعَرت بالأسف الشَّديد حيالهَا ولمَا آلت به الأمور لصَالِحهَا ثمَّ إستدَارت نحو سيهون والرجلين الآخرين تقدَّمت نحوهم ثمَّ تحدَّثت.

«هل كان حادث عادي أم مُتعمّد؟»

راقبت ميناه كيف مسد بيكهيون جبينَه بنفاذ صبر حينمَا اِبتعدَ قَيدَ خطوتين عنهم ثمَّ وجَّهت نظرها نحو سيهون وتشانيول تنتظِر جوابًا مُناسبًا لفضولِها.

«من ردّ فعل بيكهيون سترجحين الجواب.»

«إذا هُو مُفتعل بالفِعل.»

تمتمت بين أنفَاسها ثمَّ لحقت بحبيبهَا الذِّي توَجَّه للخارج ، لم تستَطع ميناه كبحَ فضولِها إذ خاطبته بينمَا تحَاول مُجارات خطواتِه الواسِعة.

«سيهون أهي والدته مرّة أخرى ؟ لها يد بما حدث للفتاة أليس كذلِك.»

أومأ المعنيّ دون الإدلاء بأي تفصيلة كانت لكنَّه وعدهَا أنَّه سيشرح لهَا كلّ شيء لحظة رجوعه للمَنزل ، تجاهلت تلاعبَه لأنّ لما مفرَّ له لحظة إلتقاءهما مرّة أخرى لذَا لم تلِّح عليه كثيرًا وطلبت منه إيصالها لمقرّ عملها واضعة برأسها أنَّها ستعُود لزِيارة مينِّي مرَّة أخرى ، خبرُ مكوث مينّي بالمُستشفى قد تفَشَّى سريعًا كمرضٍ معدٍ بين الأجسَاد كمَا أنَّ سائِق السيَّارة التِّي كانت السَّبب بالحادِث فقدَ حياتَه قبل وصولِه للمُستشفَى بينما سائِق بيكهيون قد تعرَّض لجروحٍ خطيرَة ولازال يمكثُ تحت العِناية كحالتِها ، بيكهيون اِستمرَّ في كبت ما يراودُه وكبَّله داخليًّا إلى أن فقدَ الإحسَاس بمَا يدُور حولَه فغدَى رأسهُ فارغٌ من كثرَة التَّفكِير بينمَا جَسدُه قد تصَّلب وعضلاتِه خُدِّرت.

في ساعةٍ مُتأخِرةٍ من اللَّيل يريحُ جسدَه فوق أحد الكراسِي المصفوفَة بالرِّواق أين تقبع غاليتُه ، يجلس مُفرِّقًا قدميه بينمَا ذراعيه تستريحُ فوق حَظنِه ، نظرُه شاخصٌ للفرَاغ ببرُود بينمَا عقلُه يعيد أسطُوانة ما دار من حدِيث بينه وبين تشانيُول مُسبقًا ، لقد وعدَ صدِيقه أنَّه لن يتهوَّر ولن يُقدِم على فعلة مجنونَة من أفعاله لكنَّه ما كان جادًا في قطعه لوعدِه فمن ذا الذِّي يجرأُ ويحاول اِضعافه بطُرقٍ بخصةٍ ورخِيصة كهذه ، فار غضَبه وما عَاد قادِرًا على تمالكِه أو السّيطرَة على نيرانه ثمَّ دون سابِق إنذَارٍ اِستقامَ فاردًا طوله ليغادِر المكان دون النَّظَر للخَلف مرَّة.

وجهَته كانت مركزَ التَّصوِيب التَّابع لمركزِ الشُّرطة الذِّي يعملُ به بارك تشانيُول ، بعد قِيَادة مُتهوِّرة وصل محَلَّه ليجِد صدِيقه ينتظرُه بالخارِج بعدمَا أعلمه بيكهيون بقدُومه ، من تعابيرِه الغاضِبَة ما أرَاد تشانيول الخوض في حدِيثٍ وإيَّاه بل اِكتَفى بإعطاءه مِفتَاح المَكان واللَّحاق به على مضض ، حينمَا بلغ بيكهيون قاعة التَّصويب تجرَّد من سُترته ملقيًا إيَّا فوق أحد الكَراسِي بإِهمَال اِرتدَى السّماعات ثمَّ حضَّر المُسدَّس الذِّي سيستخدِمه في التَّصوِيب تقَدَّمُ حيث المنصَة أين تفصل بين كلّ موقع وآخر جداريَّة زُجاجيَّة مُشكلة حجيرات متراصَة في الجهة المُقابلة يقبعُ الهدَف الذِّي سيستَقبِل الطَّلقات بالتَّساوي.

أَفرَغ بيكهيون جام غضبِه وتوترِه الذِّي سبق وكبتهما جيِّدًا طوال السَّاعات الماضية من خِلال تصويبه المُستمر ضدَّ الهدف ، لم ينبس ببنت شفة إنَّما ظلَّ مُركزًا نحو اللاَّفتة ، مُتخيِّلاً إيَّاها والدته التِّي كانت السَّبب الأعظم في رقود غاليته في المُستشفَى وشقيقِه الذِّي ما توانَى في التَّستُر عن محلِّ اِختباءِ الوالدَة المَاكِرة ؛ ظَلَّ على ذاتِ الشَّاكِلة قُرابَة ساعة يُغيِّرُ ذخيرة المُسدَّس وَيُفرغهَا دون توَقف إلى أن شعر بقليل من التَّحسُّن وتخَيَّل أعدَاءه يموتون تحت وَقع طلقَاتِه ببُطىء أَرضَى نَفسَهُ المُعتَلّة.

عَلت شفَتيه بسمَةٌ جانبيَّة تُخفِي جُنون العالمِ أجمَع خَلفَهَا ثمَّ اِستدَار حيثُ كان بارك جالس يُطالِعه بصمت ، كانت لحظةٌ من الهدُوء ما غَلّفت المكَان بعدمَا ضجَّت أصواتُ الطّلقات بين جنباتِه منذ قليل لكنَّ الصَّمت ما اِستمرَّ والهدُوء ما دام إذ تقدَّم بيكهيون حيث كان صديقه جالس ودون سابق إنذَار هو قد لكمه بقوَّة ، لم يبدُو على تشانيول التَّفاجىء إنَّما مسحَ فوق شفته السُّفلى مُتمتمًا بـ:

«يبدو أنّ جنونك السّابق قد عاد ، أنت لن تتخلّى عن هذه العادة مُطلقًا.»

«كلّ ما عليك فعله يا صديقي هو مجاراتي بثغر مُطبق.»

لطَالما كان بيكهيون ذو فِكرٍ غريبٍ وعاداتٍ أكثَر غرابة والمُحقق بارك أكثرهم معرفةً بجَوانِبه المُظلمَة والغير إعتياديَّة ، إن هُو غضب ووجدَ طريقة للتَّعبير عنه لكن دون أن يُشبع روحه سيتقاتلُ وإيَّاه إلى أن تخور قِواه ويغدُو غير قادرٍ على تحرِيك عضلةٍ من جسدِه وسبب لجوء بيكهيون لتشانيول هو معرفته التَّامة بمدَى قُوَّة بنيته وقسوة ضرباتهِ ضدَّ أدِيمه ، هو فقط سيُنهك نفسه ثمَّ سيجعل جسدَه يتعرَّض للألم إلى ان يتخدَّر بالكامل وينسِيه غضَبه كمَا أنَّ تشانيول حريص في ضرباته ولن تستهدِف وجهه وأماكِن مكشوفَة للعيون المُتَطَفِلَة ؛ لم يكن بيكهيون بخير ومَهمَا حاول اِخفاء عُطبه كان أكثر من مكشوفٍ لأعين صدِيقه ، في نُقطة ما أين اِشتدَّ العراك بين الصَّديقين دُفِع بيكهيون بشدَّة من قبل بارك وبصرف النَّظر عن كم كان مُنهك لم يقاوم وسمح لجسده أن يفترش الأرض ؛توقف تشانيول علَى مقربَة منه يطالع من ظَلَّ هامدًا بنظرٍ شاخصٍ للفراغ لكنَّه توتر حينمَا سطح صوتُ قهقهاته من العدم ثُمَّ وبنبرٍ ساخر حدَّث تشانيول قائلاً:

«حطّم لي عظامي بارك تشانيول لما توقفت عن ذلك.»

«كفّ عن جنونك واِستقم هيّا.»

حينمَا تجاهل تشانيول طلبه المجنون اِزداد شعور الآخر بالغَضب وهذا ما لم يرد حدُوثه إذ رغب بإستقبال المزِيد من الألَم أن تستشِعر خلاياه حُرقة ما شعرت به مينّي ، لأنَّه وبين قريرَة نفسِه حمَّل ذنَب وقوعِها طريحة فراش الموتِ على عاتِقه ،فما كانت ستتعرَّض للأذَى إن هو رفض خروجهَا وما كانت ستَمسُّها واقِعَة إن هو وضع حدًّا لأمِّه مُسبَقًا ، فشعوره بالألم رُبَّما سيرضِي جُزءًا وإن كان ضَئِيلاً من ذنبه الذِّي ما توقف عن نهشِ خلايَا عقلِه.

اِستقام بعقلٍ مسلُوب ثمَّ تقدَّم نحو من سبق وقابله بظَهره وكان عائِدًا لإلتقاطِ سُترتِه ، أدارَه نحوه ثمَّ أمسَكه من تلالِيبه مُهسهسًا.

«لا تختبر غضبي تشانيول واِفعل ما أمرتك به.»

«يَكفي بيكهيون أنت لست بوعيك توقف عن التّصرف دون تفكير.»

لَم يستَمع بيكهيون لما قاله تشانيول إنًّما أبعده عنه ثمَّ نظر حيث كان المُسدَّس موضوع ،تداركَ بارك الوضع إذ لكمَه مسببًا تراجعه للخلف قيد خطوتين قبل أن يقع فاقِدًا توازُنه ، تقدَّم حيث كان بيكهيون جالسًا ثمَّ أحكم قبضته فوق تلاليبه صارخًا.

«هل جننت؟ أتريد الموت.»

لم يُبدي الآخر أيّ رد إنَّما اِستمرّ في التَّبسم بجانبيَّة مستفزًّا تشانيول بذلك ، لم يشعر بارك متَى اِنهال على الآخر باللّكمات أمّا بيكهيون فقد كان مُستسلمًا إن لم يكن مُستمتعًا بموجات الألم التِّي كانت تُفقدُه الإحساس بما حوله وجُلُّ ما كان يفعلُه هو القهقهة بجُنون إلى أن أَظلَمت الدُّنيا بين ناظِرَيه.

-

الألم الجَسدِي ما كان يومًا مهرَبًا من الألم النَّفسيّ ، ذاك الألم الذِّي اِقتاتَ علَى ما تبَقَى مِن عُقيلَات المَرء ، تِلك المَرارَة والسُّم الّتِي ما توَقفت عن التَوارِي خَلفَ رُوحهِ العَلِيلَة ، مَتَى كَانت آخر مرَّة تعَرَّض فيهَا بيون بيكهيون لألَمٍ نفسيً وجسدِي حاد كالذِّي عاشَه قبل ساعات كانت فترة طويلَة مذ اِختبر مثل هذه الآلام والخيبَات التِّي وافتَه الخيبَة خلف شقيقَتها دون توقفٍ أو فاصلٍ يشهقُ من خلالِه أنفاسِه الضَّائِعَة ، فَترَة جَعلَت من صُلبِه معدن لا ضُعف فيه وشخصٌ فاضت به القسوة على حساب خواءِ دواخلِه المهجورة ، رجلٌ مثله ما تلقى من الحب قدرًا قد يسمحُ له بالتعايش كشخصٍ لا علّة له وما تلقى اِهتمَامًا قد يُرضي نفسه المحتاجة ، كان جسدًا بلا روح وهذه حقيقة ما اِستطاع دفنها مهما كانت ردوده صارمَة وتعابيره كمقبرةٍ خاوية.

يومين قد أنهيَا عدَّتهما وتساقط ساعاتهمُا كتساقطِ وريقاتِ الخرِيف ، مُفرغة باهتَة ومُثقلة الزَّمن ساعتُها قاتِمَة فمبنّي لازالت تُسامِر غيبوبَتها كما لو كَانت تهرُب من الواقِع ومرارتِه وما أرادَت الانفصَال عن عالمِ اللاَّوعِي رغامَة كونِها أغلى أنسانة لأحدِهم ، ذلكَ الرَّجل الذِّي ما سمح بإظهَار ضُعفه ولا اِنكسارِ مُهجتِه لأحَد بل قرر المُكابرَة والوقُوف كماردٍ سيحرصُ علَى فتح الويلاتِ وأبوَاب الجحيم لعدوَّته الأولَى والأخِيرة والدَته ، اِستمرَّت عمليَاتُ البحثِ عنها على قدمِ وساق كمَا سُحب جوازُ سفرها عن الخِدمَة وغدت ضمن القائمة السَّوداء أي غير مسموحٍ لهَا بمُغادرَة حدُود البلاد ، لم يتوقف بيكهيون عند هذه النُّقطة فقط بل نشر رجَاله في كل الأنحاء والمُقاطعات القريبَة منهَا والبعِيدة فقط كي تقع بيده عند أقرب وقت وسترَى مالا يرِيضها.

فِي المُستشفَى أين كان يحدِّثُ الطَّبيب المسؤول عن حالتِها بعدَما غاب عن المكان لفترةٍ من الزَّمن لكنَّه ما نسي أمر زوجته التِّي لازالت حدَّ الآن فاقدة للوعِي وهذا جعل من صبرِه ينضب ، حاول الطَّبيب شرح حالتِها للرَّجل لكنَّه ذو رأس أشدًّ من الصّخر وما اِقتنَع وهذا أوقع الطًبيب في ورطَة ولم يعلم كيف يتعامل وشخص اِرتيابي كالذِّي يقابله الآن ، بملامِح منقبضة وقبضةٍ مشدُودة كان يطالعه غير مُقتنعٍ البتَّة بالهُراء الذي يقُوله الطَّبيب إذ أمسك بتلاليبه للمرَّة المليون ثمَّ بنبرٍ مهدد أطلق سمومه على مسامعِ المِسكين.

«لا أريد سماع أي شيء مِن هُراءك كلُّ ما عَليك فِعله هو جعلها تستيقِظ ، ألم تقل أنّها ستستعِيد وعيها اليوم صباحًا إذا لمَ لم تفعل هل تريد المَوت؟»

حَاول الطَّبيب الحديث وإفهامه أنَّها قد تتأخر في الإستيقاظ نظرًا للصَّدمة التِّي تعرضت لها خلال الحادِث وذلك شكل عامِلاً قويًّا في عدَم اِستعادَتِها الوعي ، لكن بيون بيكهيون وقبضَته التِّي ما توقفت عن الشَّد ضدَّ رقبَتِه جعلت من الحرُوف تحلِّق من مخارِجِها وأخرَسَته بملامِح مُنقبضَة ألمًا ، في تلك الأثنَاء ظهَر سيهُون في الرِّواق ذاته بينمَا يتجاَدل وميناه عبر الهاتف ، جحظت عيناه لحظة رؤيته لصديقه على وشكِ اِغتيال الطَّبيب وتطبيق جنونه عليه ، تقدَّم نحوهما مُسرعًا ثمَّ أبعد المِسكين عن قبضته مُزيحًا بيكهيون خلف جسدِه ثمَّ طالع الطَّبيب بشيء من الأسف قبل أن يخاطبَه.

«أعتذِر بالنيّابة عنه هو متوتر قليلا وماعاد قادرًا على ضبط اِنفعالاتِه.»

لم يُجب الطَّبيب إنَّما غادَر يهرُب بجلده من قبضة المجنون الذِّي ما تونى في رشقِ نظرَاته القاتِلة نحوه ، تنهدَّ سيهون ليستدير متخصرًا نحو من كان يتنفس بسُرعة للغضب العارم الذِّي يشعر به حاليًّا ، هو مجنون ولا طاقة له في ضبطِ اِنفعالاتِه لكن ماذنب الطَّبيب إن أبت مينّي التوافق والإستيقَاظ بالتَّأكِيد ليس الطَّبيب من حرَّضها على عدم الإستِجابة بشكل إيجابِي لكن بيكهيون لازال مغيبًا عن الوعي وتفكِير ما اِنحصر ضمن إطار المنطق.

«يبدُو أنَّك جُننت بالفعل! هل خططت لأغتيال الرّجل أم ماذَا بالضّبط؟»

«وإنِّي لقاتِله إن لم تستيقظ مينّي قريبًا هذا المُخادِع لما لم تدع غليلي يُشفى مِنه عديم الفائدة ذاك.»

نفى سيهون بقلّة حيلة لكنه هجَس ساخرًا بينما يطبطب أعلى منكب صديقه على مضض.

«كُنت تركتكَ تقتله ثمَّ تُمضِي ما تبقى مِن سنين عُمركَ خلف القُضبان وتُراقب مينّي كيف تُعيد بناء حياتِها بعِيدا عنك بيون مجنون بيكهيون.»

«اِخرس سيهون لستُ في مِزاج يسمح لتقبّل سخافَتك.»

عمَّ الصَّمت للحظات قبل أن يتنهدّ بيكهيون ويسأل الرّجل بشيء من الشّك:

«هَل من مُستجدّات؟»

نفى سيهون قبل أن يتكىء بثقله ضدّ الجِدار مجيبا.

«لا وجُود لأي تقدّم لكن الرِّجال لازالوا يبحثون ، أمَّا بخصوص الصّحافيين المُتكدّسين أمام مَدخل المُستشفى لقد تدبرتُ أمرهم.»

بالرّغم من أنّ ما قاله سيهون لم ينل اِستحسَانه إلاَّ أنَّه اِعتنق الصّمت ثمَّ مالبث حتَّى اِنضمّ إليهما والده وزوجته ، كان الجوّ موّتر ذو ضغطٍ عالٍ لكنّ السيّد بيون تجاهل الهالة المظلمة والطّاقة السّلبيّة التّي تبعثُ من اِبنه وحدَّثه بغية الإطمئنان عن حال المَريضَة.

«كَيف حال زوجتك الآن؟»

اِبتسامة متكلّفَة ظهرت أعلى ثغره قبل أن تتحوّل لأخرَى ساخرة جعلت من سيهون يضرب كتِفه بعدمِ تصدِيق لكنَّه تجاهل ذلك وأجاب على قدرِ السُّؤال.

«تخطَّت مرحلة الخطر لازلنا ننتظِر متّى تستعيد وعيها كي تُغادر العناية المُركزة.»

أومىء الوالد بتفهم ثمَّ تحدَّث مرّة أخرى بملامح أكثر جديّة.

«ماذَا عن الحادِث والمُتسبب به هل من مستجدّات حياله.»

«هُويَّة الفاعل معلومة ولن يُفلت من عقابي أن وقع بيدي.»

ملامح الرّجل تغيرت ليحلّ محلّها تعابير منقبضة وأخرَى تنبضُ ندمًا فما تُقاسيه الشّابة واِبنه بسبب جنون زوجته السّابقة ، كان على وشكِ الحديث إلاّ أن ملامح اِبنه ومزاجه المُعكر ما سمح له واِحتفظ بما أراد قوله بجعبتِه في تلك الأثناء دلفت إحدى المُمرّضَات أين ترقُد مينِّي للمُراقبة الدَّورية ، لم تتأخر الممُرضَة وهاهي ذي تغادِر بحثًا عن الطّبيب خلال محاولتها للعبور أمسَك بيكهيون بذراعها قاذفًا سؤاله.

«ماذَا هُناك ما الذِّي حدث؟»

«لقد اِستعادت المَريضة وعيها.»

-

نهاية الفَصل.

مُفاجأة سبرايز😂

كيفكم يا لطيفيني إن شاء الله تكونوا بخير كامل ، اِشتقتوا للوليتا وأحنا اِشتقنالكم ثاني😪

المُهم كيف كانت أحوالكم الفترة إلي مرّت ، ليكم وحشة والله زمان ما نشرت هنا في هذي الرّواية كميّة الخمول ألي صابتني حتّى كملتو مش طبيعيّة.

بيكهيون تفاجاتوا منو لما أكل علقة من عند تشانيول وهو فرحان بنفسو🙂 اِبني مش تمام خلاص فبلاش شتايم فيه لاني اجلدكم بالواحد🔥

مينّي مظهرتش في فصل اليوم إلاّ كتمويه وفقط الفصل الجاي الشغل يبلّش اِستعدّوا ، ولوليتا على مشارف الإنتهاء 😭 مش مصدقة ءءء.

قبل ما أنسى من فترة عملت إختبار mbti لكل من بيكهيون وميني وطلعوا زي التّالي:

بيكهيونISTJ
مينّي ESFP

أنا نمطيINTJ وأنتو
ترا مهتمّة جدّا بالامور هذي...

والآن تكلمنا بزّاف وقت الأسئلة:

رأيكم بالفصل ؟

افضل جزء واسوء جزء؟

بيكهيون ؟ تقلباتو؟ وجانب آخر جديد ظهور من شخصيّتو.

توقعاتكم للقادم!

والآن دمتم بخير وصحّة ولنلتقي في فصل جديد.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top