Chapter 37.

أشعر بقلقٍ كبير، وكأنني ضائعة داخل رأسي! لا أتوقف عن التفكير لدقيقة وهذا ما يقتُلني..

آخر ما شعرت به هو شخصٌ يمسك بي وحُقنة ما تخترق جِلدي، أخبرني الطبيب انهُ لعدم توافر غرفٍ في الوقت الحالي سوف انضم لثنائيّ قَرُب على التعافي، أمكثُ معهم كوضعٍ مؤقت. 

فُتِح باب الغُرفة لأجد فتاة واقفة أمام النافذة، الهواء يعبث بشعرها وظهرها يقابلني، أدخلني الممرض ثم أغلق الباب لتلتفت هي لي..

هذا الوجه... تلك العينان.. هذه الحسناء.. أشعر وكأنني رأيتها قبلاً!

تقدمت نحوي وأنا أنظر لها بتعجب، رسمَت إبتسامة خفيفة على شفتيها قبل أن تمُد يدها وتقول.. "أُدعى ميلينـدا!"

إلتقطتُ أنفاسي وتمالكت أعصابي بينما أُغطي  صدمتي بإبتسامة خفيفة مثل خاصتها، صافتحها لتتسع إبتسامتها.

في تلك الأثناء كان أحدهم يفتح باب الحمام بالغُرفة ليخرج منه... ثالثنا بالغرفة!

"هل أتت الفتاة الجديدة بالفعل؟" سأل ذلك الفتى، نظرت إليه فتخشبتُ تمامًا ولم أنطِق.. كيف من المنطقيّ حدوث تلك الصدفة؟

إنه هو.. هو ذلك الفتي الذي كان مع ميليـندا بالبار وهو من شجعني لأرقص-.. فقط  كيف لتلك الاشخاص أن تكون حقيقيّة؟

عزمت أن أتظاهر بالبهجة والسّرور وعدم المبالاة حتّى لا يظنا أنني غريبة الأطوار، رُغم كونه امرٌ واضح.

"أنا براندون لوجـان.. وأنتِ؟" تقدم ليقف بجوار ميلينـدا مُثبتاً عينيه عليّ، يتفحصني، قُلت بعد فترة من التحديق بزرقاوتيه الفاتنة:

"سيلينا."

"نحن أشقاء" تكلمت ميلينـدا، تُشير على براندون المُلتصق بها.

"إذاً.. كيف إنتهى بكِ الأمر هُنا؟" تكلمت ميلينـدا مجدداً لأبتسِم في توتر.

"هذا- أنا-.." كان صوتي مُضطرِباً حين لافظةً بتلك الكلمات، فأطالت ميلينـدا النّظر إليّ، استغربَت أن تراني صفراء الوجه فأعطتني إبتسامة مُطمئنة بينما تقول: "لا بأس إن كُنتِ لا تريدين التحدث بهذا الشأن."

"أجل أرجوكِ." إبتسمت لها في راحة لتُحرِك رأسها بتفهُم.

"أنا وبرانـدون أتينا إلى هنا بسبب.. تعلمين.. المخدرات! وعدم إستجابي للعلاج جعل الأمور أسوأ، لم أكُن أتحدث مع الممرضين أو الأطباء وحين يتقدم أحدهم نحوي ليعطيني أي دواء كنت أصرخ عليهم وربما أتهجم عليهم أيضاً، نقلوني لهذا القِسم وبرانـدون لم يشأ أن يتركني وحدي فإفتعل المشاكل لينقلوه معي وينتهي بنا الأمر 'مجنونَين'.." إبتسمت بنهاية حديثها وبرانـدون نظر لها وقبّل جبينها وكأنهُ يخبرها بأن كل شئ سيكون بخير.

"لا بأس، سمعت أنكما ستغادران قريباً."

"ستنامين بجانبي حتى يُحضروا لكِ السرير الخاص بكِ في الصباح!"أومأتُ لميليندا صاحبة الاقتراح، وبدأت في خلق حديث معها، -سُرعان ما إنتهى-، حين سألت بينما أجلس بجوارها على الفراش:

"هل تدرُسين؟" 

"كنت.."

قالت وحركت رأسها بالإيماء لعدة مرات بأسى، رفعتُ لها حاجب إستفهاميّ لتردف: " لم أتخرج من الثانوية بعد ولكن لن أذهب إليها، حين أخرج ستتم إعادة تأهيلي وقد تتطلب وقتاً فستضيع سنوات من عمري! وتعلمين أيضاً ذلك الشعور حين تكونين منبوذة والجميع يبتعد عنكِ  ويخافُكِ وكأنكِ جرثومة أو ما شابه؟ هذا ما سأشعر به إن عدت للمدرسة بالإضافة إلى الأحاديث الجانبية والهمسات التي ستملأ مسامعي حين يتحدثون عني.. فلتذهب المدرسة للجحيم لا أحتاجها! حين نخرج سأعمل مع برانـدون في الشركة."

"برانـدون يعمل في إحدى الشركات؟ ظننته صغيراً على العمل."

"هذا خطأ فادح عزيزتي! أنا لا 'أعمل بإحدى الشركات' أنا أمتلك واحدة!" قال بتفاخُر ثم أحضر كُرسي ليضعه أمامي ويجلس بينما يبتسم إبتسامة واسعة يكسوها اللُطف.

هذا كثيرٌ عليّ لأستوعبه!

"أشعر بأنكِ لطيفة، ولو لم نتحدث كثيراً.. تعلمين هؤلاء الأشخاص الذين ترتاحين لهم بلا أية سبب؟ أظن أنكِ منهم." أضائت إبتسامتهُ وجهه شيئاً فشيئاً جاعلةً إياي أبتسم علي لطافته.

"كم أتمني لو إلتقينا ببعضنا بظروفٍ أفضل من هذه.." كانت نظراتي مُتقلّبة توحي بالاضطراب، والحياء بينما أنظر لكليهما.

وضعت ميلينـدا يدها على خاصتي لتشُد عليها بينما تخبرني: "لا بأس سيليـنا.."

<<<<<<<<<<

كنت أترقّب الطبيبةُ حتي تخرج من غرفة أمي، أنظر من النّافذة، ثمّ أتفحّص السّاعة، أجلس ، ثمّ أقف ، أضغَط على قبضتيّ ، وأكزّ على أسناني... إلهي متي ستخرج؟

خرجَت لتتجه نحوي ولا أري علي وجهها أي شئ يوحي بنتائج العملية!

"هل هي بخير؟" سألها سريعاً فأغمضت عينيها وتنهدَت لتنظر له بصمت.

"نحن آسفون سيد هورآن.. والدتك لم تتحمل ألم العملية ، إنها إنتقلت إلي جوار من هو أرحم بها منها"

رحلَت وظلّ  في مكانهُ ينظُر في دهشة دون أن يتكلّم وكأنّهُ في حلم ، عيناه  تلوح فيهما نظرةُ لامعة تنمّ عن إقترابهُ علي البكاء.

كانت شفتاه تفترّ عن ابتسامة يغلبُ عليها الحزن ، جلس وصدمتهُ لم تفارقه ، ولكنّ كلام أمّهُ كان مستولياً عليه..  فإنشغل فكرهُ ، وتشتّت ذهنهُ ..

"لا تورط نفسك بشئ من أجلي يا بُني فأنا راحلة لا يمكنك تغيير القدر"

صوتها لا يفارق عقلهُ ، تلك اللمعه الصافيه بعينيها ووجهها الذي ينطِقُ بالطيبَة.

"لماذا لم أصدقكِ ؟" همس وأدخل يديه في شعره ليشدّهُ غير مُدرك ما حدث للتو.

"أمي أعلم أنهُ يمكنكِ سماعي ، إنّي مضطرب ، متسمّر في مفترق طرق لا أعرف أيّها أختار؟" قال بنبرةٍ مُرتجفة يكسوها الحزن بينما دموعهُ تأبي أن تتوقف.

"لما رحلتِ ؟" إنهار كُلياً ، وما زادهُ حزناً على حزن هو شعوره بأن كل شئ راح هباءً ، فأنشأ يُقرع سنّ النّدم ، وأقسَم أنهُ سيُصلح ما يُمكنه إصلاحه.

وقف ليمسح دموعهُ بظهر يده ويخرج من تلك المستشفي الكبيرة ويتجه نحو سيارته ليقود وهو يعلمُ تماماً أين هي وجهته.

توقف أمام منزلها ليترجل وهو يتأملهُ قبل أن يقرع الجرس ..

فتحت لهُ فتاة شابة ليعقد حاجبيه بينما يسألها: "هل السيدة جـوميز هنا؟"

"أجل ، من أنت؟" ردّت ليخبرها سريعاً: "نـايل ، إسرعي رجاءً!" أومأت لهُ قبل أن ترحل لتُنادي السيدة جوميز.

أتت نحوهُ لتقُل مُبتسمة: "مرحباً نايل ، تفضل بالدخول!"

قبل أن يجيبها نظر إلي ملابسها ليجدها سوداء بالكامل وتحت عينيها توجد آثار الأرق والبكاء وكذلك تلك الخادمة ملابسها سوداء فشعر بأن ثمة أمر يحدث ..

"في الحقيقة سيدتي لم أتي لأدخل جئت لأنبهكِ من شئ ما وسأرحل فوراً" قال مُتجاهلاً ما لاحظه ، لتقُل له: "تفضل"

"عليكِ إخراج سيليـنا من المشفي المتواجدة بها بأقصي سرعة ، لقد علمتُ بأنهم يعطونها حبوب للهلوسة في الطعام والأدوية وكل شئ وستفقد عقلها إن لم تنقليها لمصحة أخري تتعالج بها" القلق ظاهرٌ عليه.

"إلهي! كنت فعلاً سأنقلها لمشفي آخر بسبب منعهم للزيارات وكأنني لست والدتها أو لا يحق لي أن اطمأن علي إبنتي! هي من تبقت لي بعد أن رحل والدها.." كانت تتحدث بصدمة وبطريقةٍ ما بدأت دموعها تأخذ مجراها علي وجنتيها بعدما تذكرت زوجِها.

إنتاب نايل صمتٌ عميق وشرود غريب بعد ما سمعهُ ، لا يستطيع أن يُبرئ نفسه مما حدث ، يشعر بالذنب نحو كل ما حدث مع سيليـنا ويخشي ألا يمكنه إنقاذها بعد الآن.

أحضرت الأم حقيبتها لتذهب مع نايل وبالفعل قاموا بأخذ سيليـنا ولم يكن الأمر بتلك السهولة حيث أن المشفي كانت متمسكة بها بحُجة أنها بحالة خطيرة.

خرجت سيليـنا من باب المصحة وسُرعان ما فَرِحَت فرحاً لا يوصف عندما ضمّتها والدتها إليها وهي كانت بأمس الحاجة لذلك العناق ، وهُناك من كان جالسٌ في سيارتهُ يُراقبهما بعُمقٍ ، إطمأن نايل حين رأي الإبتسامة عادت لوجهها مجدداً بعد أن كان كل ما تفعلهُ هو البكاء ، إنّ علامات الحزن والألم الّتي كانت علي وجهها قد تغيّرت ، وحلّت محلّها ملامح السّعادة والأمل ،كانت عيناها لامعتين ووجهها يعكِس الإشراق والعافية مما جعلهُ يبتسم علي رؤيتها سعيدة بين ذراعات والدتها ، ليضع يدهُ علي المقود ويخطِفُ نظرة أخيرة عليها ويهمس: "وداعاً سيليـنا!" وتَـبِعَ هذا برحيلهُ ..

وُلِدَ الرّبيع من جديد ، وانبثقت معهُ سيولٌ من الضّياء تتدفّق بعد ذلك الظلام الطّويل ، الطّبيعة تفتح رئتيها للهواء النّقيّ وقد تخلّصت من ثقل الشّتاء الّذي كان جاثماً علي صدرها.

إبتسمت سيليـنا وقد أفعم صدرها فرحاً وراحةً ، لم تعرف لها مثيلاً منذ أيامٍ عديدة ، شعرها يتطاير حين يمرُّ به النسيم ، كان النّسيم يداعبُ وجنتيّها ، ويهدّئ نفسها ، ونوعاً ما يُخدرها..

"لا أعلم كيف مرّت الأيام عليّ بدونكِ ، ربما عجزت روحي أن تلقاكِ .. وعجزت عيني أن تراكِ ولكن لم يعجز قلبي أن ينساكِ يا إبنتي" همست الأُم بينما تُحيط وجه إبنتها بيديها ، إبتسمت سيليـنا بين دموعها لِـتَهم والدتها بمسحهم ..

"هيا تعالِ" أمسكَت بيدها بينما تجرُّ الحقيبة باليد الأخري مُتجهةً نحو سيارتها ..
"نـايل هُنا أيضاً وساعدني علي أخذ ورقكِ من المُستشفي.. ها ه-..." تكلمت والدتها لتنظر بإتجاه سيارة نـايل وإكتشفت بأنه رحل.

"يا إلهي إنه غريب" تمتمت والدتها لتقهقه وعبست سيليـنا بغير فهمٍ لِما يحدُث فإبتسمت والدتها بينما تفتح باب السيارة لتدخل سيليـنا أولاً ثم والدتها بجانبها ، وتحرك السائق.

"متي أحضرتي سائق؟" تسائلت سيليـنا بينما تنظر لوالدتها التي أخذت رأس سيليـنا لتضعها علي صدرها لعلّها تجد في ذلك راحة.

"ليس سائق فقط ، بل خادمة وطباخ أيضاً ، كي أستطيع التركيز علي العمل وحسب ، تغير كُل شئ يا سيـلينا.. كل شئ" تنهدت بآخر حديثها بينما تُمرر أصابعها في شعر سيليـنا التي همست بتأمُلٍ لكلامها من بعدها: "أجل.. كل شئ"

"لا تظني يوماً بأنني نسيتُكِ! فقد كنت آتي إليكِ كل يوم ولكن يمنعونني من الدخول.." قالت والدتها مُصححةً الفكرة برأس سيليـنا لتومئ لها في المقابل بتفهُم ..

"لما لم يأتي والدي معكِ؟" كان سؤالها صادمٌ لوالدتها رُغم أنها توقعت أن تسأل بشأنِه ، صمتت لتُفكّر بما ستقوله! فإخبارِها بِموته لن تكون فكرة جيدة خصيصاً إن كانت بائسة الي هذا الحد.

عقدت سيليـنا حاجبيها لعدم تلقيها لردٍ يُريح بالها.. أعادت التفكير جيداً وتأكدت أنها سألتها بنبرةٍ مُعتدلةٍ حتي يمكنها سماعها.. "أمي؟ لما لم يأتِ؟ هل تشاجرتما أم ماذا؟" إبتعدت سيليـنا عن والدتها لتعتدل بجلستها.

"لا.." قالت والدتها لتنظر إليها سيلـينا بملامحٍ يقتُلُها القلق بينما تقول: "لا بأس يُمكنُكِ إخباري!"

"هل هو في حالة إنهيار أم ماذا؟ يا إلهي أنتِ تُقلقينني!" تحدثت سيليـنا بنفاذ صبر ..

"أبوكِ أقوي بكثير من أن ينهار بسبب مسألةٍ كهذه ، فلطالما واجهنا مشاكل في العمل أدّت إلي إنهيارهُ ولكنه إستطاع أن يقف علي قدميه مجدداً!  والدكِ قويٌّ يا عزيزتي هو عاش كذلك و- وسيعيش كذلك ، بالطبع مخذولٍ منكِ ولكنه غفر لكِ منذ وقت طويل ، هو فقط مُنشغلٌ في العمل وإستعادة ثقتهُ بنفسهُ.. لا تقلقي" تنفسَت سيليـنا بإرتياح لِما سمِعَتهُ من والدتها من كلامٍ يُريح قلبها ، إبتسمت بخفه بينما تقول: "آه يا إلهي ظننت لوهله أنه قد حدث له أمر سئ" 

ليتها تعلم كم تألمت والدتها لتُخرج تلك الكلمات من فمها ، مع كُل كلمة تقولها أرادت البكاء ألف مرة علي حالها وحال زوجها الذي يرقُد في قبرِه بسبب مؤامرةٍ حقيرة .. ولكنها وبطريقةٍ ما.. تمالكت نفسها ..

"والآن إطمأنيتي.. هيا عودي إلي هُنا" إبتسمَت لها فاتحةً لها ذراعيها لتُسرِع سيليـنا بالدخول في أحضانها وكأنها طفلةٌ في الخامسةُ من عمرها.

>>>>>>>>>>>

"كيف حال والدتُك؟"

 مثّل الإهتمام، ليبتسم نايل بسُخرية حيث أن قلبهُ كاد أن ينفجر حنقاً.

"والدتي إنتقلت إلى فَوق! الى السماء بعد العملية، ألن تذهب إليها؟" كانت نبرةُ نايل خالية من كل المشاعر، ماعدا الغضب، صمت الآخر... قبل أن يقنع نفسه أنه يمزح معه ليقُل بعد قهقهة مُفتعلَة: "أُقدر حالتك نايل، لكن اشتغل على حسك الفكاهي، تلك السخافة لن تُغفر لك."

ضَحِك نايل بطريقةٍ مُتقطعة مُستفزة ولو كان هذا الرجل أمامهُ الآن لَـ لكمهُ نايل بكل قوته، فحمداً لله أنها مُكالمة هاتفية.

"نحنُ مازلنا على إتفاقنا برغم ذلك... وأجل، أنا أشعر بالأسف الشديد نحو ما حدث لوالدتك وأتمنى لها الرحمة!" قال بنبرةٍ لم يُكلّف نفسه في إبداء تعاطفٍ مُصطنع فيها، بينما يأخذ رشفةٍ من قدح القهوة الذي أمامهُ.

قال نايل بعد تنهيدة، وتفكير طويل: "نعم، على إتفاقنا."

"فتى جيد، وداعاً لديّ عمل."

أنهى نايل المُكالمة بعد تلك الاجابة الباردة، مُتعجباً مما فعله، فقد شعر للحظة بأنه سيسُبَهُ فيُضيّع كُل شئٍ عانَى من أجلُه.

ظلّ يتجول في شوارع مدينة نيويورك، لا  يهدأ لهُ بال، أخذ يحاور نفسهُ في تعجب وحيرة..  وقلق أحياناً.
هفَّ بغضب.. فأيّ عملٍ يقوم به؟

<<<<<<<<<<

نزلنا وإذا بِنا أمام مبني ضخم ذو لونٍ أبيض باديةٍ عليه الفخامة، وكم كان إبتهاجي كبيراً وانا أتملي ذلك المنظر الجميل، فوقفت مكاني أنظر وحسب وحتى لم أغلق  باب السيارة بعد نزولي منها.. فالمكان الذي كنت أتعالج به مقارنةً بهذا.. مكبٌ للنفايات!

نظرتُ إلى أُمي فأومأت لي برأسِها نحو المُستشفي بعد ان إبتسمَت مُطمئنةً إياي وتدعوني للدخول حيث مدّت يدها لي فسارعتُ بوضع يدي عليها، لِتُحكِم قبضتها عليّها ثم نصعد السلالم القليلة كي نُصبح بالداخل ونتوجه نحو مكتب الإستقبال.

هُناك فتاة تجلس في مكتب الإستقبال ذات إبتسامة بشوشة رحبت بِنا ثم بدأت بأخذ المعلومات من أُمي وكافة الورق المطلوب بينما أنا أنظُر هُنا وهُناك..

كَون المستشفي شاغرة شئ أراحني كثيراً وتلك الإبتسامات التي أتلقاها كُلما نظرتُ إلى أحد العاملين بالمكان جعلتني أطمئِن.. تنهدتُ وأغلقت عيناي لأحظى بحديثٍ قصير مع ذاتي..
كنتُ فيما مضي أسعي لأن أتعافى.. فلا أشعُر باليأس أبداً.. ماذا أصابني؟ لماذا هذا النفور بيني وبين الأمل؟ لا بأس سيليـنا ستعودين كالسابق بأسرع وقتٍ مُمكِن.. فقط إستجيبي للعلاج وأخرجي الأفكار السيئة من رأسكِ وستسير الأمورُ بخير، ثقي بي..

قبضتُ على يدي بقوة لأُهدء من روعي كي لا أبكي.. فغُرِزَت أظافري الطويلة بيدي مما ألمني.. فنظرتُ إلى يدي لأجدها تزرف دماء.

"حسناً شُكراً لكِ." قالت أُمي تختم الحديث بينها وبين فتاة المكتب لتنظر لي، تخبرني بأن أتبعها.. بينما أنا مُنشغلةٌ في يدي والألم الذي يزداد، الجرح بسيط، والألم لم يكُن كذلك..

"سيليـنا؟" قالت والدتي بشك لأنظر لها وأتبعها ولكنها أمسكت يدي جاعلةً إياي أكتُم صرختي لتتوقف هي، وتُمسِك بيدي، تتفحصها.

"تباً سيلينا أمازلتِ طفلة لتفعلي هذا؟!" تذمرت والدتي، تخرج منديلاً مُعطراً من حقيبة يدها وتضعه مباشرةً على الجرح وما إن شعرتُ بالألم يزداد إلا وأبعدتُ يدي عنها قائلة بغضب: "إن كُنتِ تُحبينني بحق لا تعيديها أبداً.."

حركت رأسها للجنبين مُتعجبةً من أفعالي الطفولية لتُمسِك بيدي مجدداً وتطهرها جيداً مما أدى إلى ضَربِي  للأرض بقوة وعضّي على شفتيّ.

"هل تريدين الحلوى؟" سألتني بسُخف بعد أن إنتهت من تطهير يدي لأقُل  بإنزعاج: "أج-.. مهلاً أتسخرين مني يا ماندي؟"

قهقهت هي على عُقدة حاجبيّ، إنتظرنا حتى مرّ طبيبٌ من جانبنا لتسأله والدتي: "المعذرة، أين تقع غُرفة مائة وأربعةُ وتِسعون؟"

"في الطابق الخامس سيدتي." قال لتومئ لهُ بشكر وتسحبني لنتجه نحو المِصعد.

وجدتُ غُرفتي الجديدة مُريحة للأعصاب، بسريرٍ يتوسطها وكثيرٍ من الشبابيك، يكسو الحائط اللون الأزرق الهادئ المُريح للعينين.

"واثقة بأنكِ ستخرجين سريعاً." قالت أُمي بينما تقرص وجنتيّ لأبتسِم بهدوء.

"إنظُري.. حضور الطبيب بِدءُ الشِفاء." إبتسمَت لي لأنظر للرواق وأجد الطبيب يتجه نحوي..

كان يدنو من ختام الأربعين، يسترعي الانتباه بنحافة قامته وطولها، وفيما عدا ذلك فوجهه نحيل مستطيل ولطيف، ويحمل إبتسامة لطيفة كذلك، تبعتها جُملتهُ ذات الوقع الجميل على أذنيّ مريضة يائسة مثلي..

"مرحباً! سأكون المُشرف على حالتكِ، وشفاؤكِ سيكون على يديّ بإذن الله." 

"حسناً سيليـنا، سأدعكِ تبدأين العلاج وسأعود مجدداً." مسحت أمي بيدها على كتفي، تبتسم بعض الشيء قبل ان تضمني الى احضانها..

"لن أقول لكِ وداعاً لأننا سنلتقي مجدداً، كوني بخير لأجلي! " إبتعدت تفصل العناق وتُبعِد تلك الخُصلة التي سقطت على وجهي لتضعها خلف أُذني وتذهب.

"إذاً سيليـنا جـوميز يبدو بأن لدينا الكثير لنفعله..."

>>>>>>>>>

2151 كلمة..

إيه رأيكوا في الشابتر؟

زي ما قولتلكوا قبل كده حطيت الرواية في مسابقة الواتيز ومحتاجة دعمكوا بس للأسف الدعم بيقل مع كل شابتر بكتبه! فا لو سمحتوا اللي بيقرأوا في صمت مش هيخسروا حاجه لو عملوا فوت أو كومنت..؟
I'm feeling down فا فرحوني ونبي *ايموشن مسخسخ وقلب*

ولو تكرمتوا روحوا عند @ إقرأوا روايتها Obsession وإدعموها عشان هي تستاهل بجد ♥Queen_Alan

وتتوقعوا إيه اللي هيحصل تاني؟

نايل بيقول لسيلينا وداعاً ليه؟

إتصدمتوا لما عرفتوا إن أبوها مات؟ وإن مامت نايل ماتت؟

مامتها كانت صح لما مرضيتش تقولها الحقيقة؟

نايل كان بيكلم مين في التليفون؟

والسؤال المُعتاد يعني.. السرد حلو؟ :'D

أي إنتقادات؟

يلا ويت فور ذا نِكست شابتر بيبيز.. ♥

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top