Chapter Four.

الشابتر إهداء لـ جيلان عشان هي الوحيدة اللي بتعمل كومنتس وبتتفاعل مع أحداث الرواية♥

إعملوا كومنتس يا جماعة الشابتر طويلل

>>>>>>>>>>

كُل مَن يُغادِر منزله اليوم يشعُر بأنه وسط أحضان الطَبيعة، فالسماءُ زرقاء صافية، والنَسيم رقيق، والشمسُ لامِعة تُرسل الحرارة للمكان، والطُيور تُغرّد في سعادة.. يجعلك الربيع تنسي ضوضاء المَدينة وهوائها الخانِق وشوارعها المُزدحِمة، يُحاوِل الجميع الإستمتاع بدفء الربيع قدر الإمكان قبل أن يرحل ليتركهم مع برودة الشتاء وقساوته..

دخلَت المكتب المُحبّب لقلبها -الذي يأتي في المركز الثاني، بعد مكتبها- فور أن فتحت لها المُساعِدة الباب، سارَت بخطواتٍ واثِقة للداخل ورسمَت إبتسامة علي شفتيها، رَفع براندون عينيه لينظر لها فسُرعان ما إبتسم بتوسُّع مما أضاف وسامةً علي وسامته.

"مرحباً سيّدتي، ماذا تشربين؟" أخبرها مُمازِحاً ليترُك ما كان بين يديه من أوراق وملفّات، حمل نايل -الذي كان يقف بجواره- تلك الملفّات قائلاً "لا داعِ سيّد لوجان، فهي قد أتت لرؤيتي أنا."

نظرت لهُ سيلينا بسُخرية، ثُم عادت تنظر لبراندون مُتجاهلة نايل تماماً، وسألته بجديّة "ماذا فعلت مع الشركة الألمانية؟"

ضيّق لها عينيه بحقد وحمل الملفّات ليرحل، فنظرت نحو الباب لتبتسِم بإستفزاز، تتلذّذ نوعاً ما بجعله يستشيطُ غضباً، فغروره يُثير إستفزازها.

"تواصلت معهم وإتفقنا علي إلغاء العقود مع جميع الشركات، لكن هُناك شركتان رفضا إلغاء التعاقًد معهما" قال مُتنهِّداً بينما يعبث بالقلم بين أصابعه.

عقدت حاجبيها.. فتابع حديثه "الشركتان التابعتان للسيّد إكس بالطبع، ومَن غيره؟"

هفّت الهواء بغضب لتتمتم "يا لهُ من نذل حقير!"

"لا تقلقِي سأتولّي أنا ونايل هذا الأمر، سنرغمه علي ذلك مهما تطلّب الأمر!"

"أنا لا أفهم ما مشكلة ذلك الرجل! لقد أخذ مني الكثير من المال السنة الماضية، ولازال يسعي خلف المزيد! ألا يكفي الشرط الجزائي الذي أخذه من نايل؟!" تنهّدت لترمي برأسها للوراء حتي لامسَت ظهر المقعد وأخذت تُطالِع السقف بملل.

"سنحلّ المُشكلة لا تشغلي بالكِ!" طمأنها بإبتسامته الدافِئة، فنهضت قائلة "قُم بحلّها بأية طريقة ولكن لا تعطيه المال! فهو يطلُب مبالغ باهِظة ونحن لن نتحمّل المزيد من الخسائر!"

"تحت أمركِ." أومأ بجديّة، لترميه بنظراتٍ تحمِلُ الشَكّ.

فكّرت بتمعُّن.. ثُم أطلقت سؤالها "وما علاقتنا بالسيّد إكس من الأساس؟ لم يحضر الإجتماع بالأصل لأنّهُ لا يتعاقد مع شركاتنا! إسمي ليس مقروناً بإسمه، فليفعل ما يحلو له!"

"أنسيتِ أنّكِ تستوردين الأقمِشة من إحدي شركاته للتصدير؟ بالطبع إسمُكِ مقرونٌ بإسمِه!" طالعها بنظراتٍ مُتعجِّبة، فتنهّدت لتمسح علي وجهها قائلة "أجل، صحيح!"

لمعت في ذهنها فكرة، لترفع عينيها بحماسٍ وتقول "سأبحث عن شركةٍ أُخري لأستورِد منها الأقمشة وحينها سنُمزّق العقد!"

جاء ردّهُ كالعاصفة التي أطفأت الشمعة الأخيرة في رأسها "لا تنسي أن آخر كميّة من الأقمشة التي استوردتِها من شركة السيّد إكس لم تُنهِي العمل علي تصميمها فبالتالي لم تنزل الأسواق بعد! وأنتِ تعرفين كم ستُحقِّق من الرِبح.. الشتاء علي الأبواب والمجموعة الشِتويّة هي الرِبح الأكبَر، إن ألغيتِ التعاقُد معه فسيقوم بسحب أقمشته من شركتك بالتالي ستتدمّر المجموعة الشتويّة وستخسرين الأقمشة والتصاميم والأرباح وكل شيء.."

"يكفي براندون!" تذمّرت حين كان علي وشك أن يسترسل حديثه، وأردفت "حسناً كما إتّفقنا!" لتنهض وتأخُذ حقيبتها الأنيقة قائلة "بعدما ننتهي من كابوس الشركة الألمانية والسيّد إكس.. سأدعوك أنت ورجال الأعمال الذين يعملون معنا إلي عشاءٍ فاخِر!"

قهقه لتخرُج من مكتبه، وفي طريقها لخارج الشركة قام أحدهُم بإيقافها قائلاً "ألا يجب أن تكون السيّدة جوميز دَقيقة في المواعيد؟"

إلتفتت لِتُقابِل وجههُ البَشوش الذي تتناثرُ عليه الوسامة، وزرقاوتيه اللامعتَين، وأردفت بنفس النبرة "لِما؟ هل تأخّرت علي أحد مواعيدي اليَوم؟" وحدّقت بمُقلتيه.. لتشعُر بإرتفاعٍ ملحوظ في نبضات قلبها.

"موعِدُنا." همس لها وقهقه بعدها علي حاجبيها المعقودَين، وإقترب مُضيفاً "ألم نتّفق علي الخروج معاً اليوم، يا صديقتي؟"

أغلقت عينيها مُتنهِّدة، ثم قالت "لنتحدّث لاحقاً سيد هورآن، نحنُ بمكان عملك!" وإلتفّت لتُغادِر المكان، تاركةً رائحة عطرها تُداعِبُ أنفه لِتُشعِل إشتياقهُ لها دون رحمة.

<<<<<<<<<<

"وَضعي مِن سيِّءٍ لِـ أسوأ يا أصدقائي!" تنهّد زين ليرتمي علي الأريكة بين صَديقَيه، سام وجاك.

"لماذا تقول هذا؟" سأله سام بقلقٍ كبير، فتابَع ذو الشعر الأسود حديثه "لديّ الكثير من المسؤوليات، نحنُ الآن ثلاثة أفراد وأماندا لا تقدر علي العمل لتتفرّغ لرعاية آدم، وأنا لا أجد عملاً مُناسِباً في المكسيك! ظننتُ أن تلك الرحلة معك ومع سيلينا ستوفّر لنا بعض الراحة والهدوء، لكن تواجُدنا هنا يُجلب لي المصائب! علينا أن نُعجِّل في الرَحيل.. لن أبقَ هُنا لإسبوعَين إضافِيّين!"

سُرعان ما إحتجّ سام "نُعجِّل في الرحيل؟ أتعني سيعود مارتِن لنيويورك مع إيفا ويُقابل عائلتها ثُم يبدآن في إتمام إجراءات الزواج؟" نهض ليسير في الغُرفة ذهاباً وإياباً، لينظُرا جاك وزين لبعضهما في حيرة.

"لما لا تطلُب من سيلينا مُساعدتك في هذا الأمر؟" سألهُ جاك، فإستدار لهُ قائلاً "قد أطلُب مُساعدة مارتِن نفسهُ ولا أطلُب المُساعدة من سيلينا في أمرٍ كهذا!"

"لماذا؟" تعجّب جاك، فتوقّف سام عن الحراك لثوانٍ ليُدرِك ما تفوّه به للتوّ.

"لأن-.. لأنها، أنت تعلم.." أخذ يتلعثم حتي سمع جرس الباب، ليركُض نحوه مُسرِعاً وكأنه جاء لهُ نجدة من السماء، فتحه ليجد سيلينا امامه، فهربت عيناهُ من خاصتها ليُغادِر المنزل.. وتبعه زين في صمت بعد أن أعطاها إبتسامة مُرحِّبة.

"أتيتِ أيتُها الجميلة!" أردف جاك فور أن دلفت للمنزل، إبتسمت له لتطبع قُبلةً علي خدّه قائلة بينما تأخُذ مكانها بجواره علي الأريكة "لقد تحدّثت مع براندون وذهبت للشركة للإطّلاع علي خطوط سير الموظّفين، ثُم أتيت بعدما إشتريت الطعام المكسيكي الذي تُحِبُه!"

"يا لهذا النشاط اليوم!" قهقه ليحتضنها فإستكانَت رأسها علي صدره، إلتزمَت الصمت بينما يُحدّثها في أمرٍ ما ولكنّها لا تتمكّن من سماعه.. شارِدة وسط أفكارها التي تأبي تركها وشأنها، إستمعت لنبضات قلبه الصاخِبة.. فإلتَوَت شفتاها في إبتسامةٍ واسِعة، وإمتدّت ذراعاها لتُبادله العِناق وتُغلِق عينيها رغبةً في الحصول علي بعض الراحة.

>>>>>>>>>>>>

"أتعلم مارتي؟ لقد تعلّقت بهذا الطفل كثيراً!" إبتسمَت إيفا بينما تُشاهِد آدم -ذا العام الواحد- يعبثُ بإصبعها السبابة.

"وأنا أيضاً!" ردّ دون أن ينظُر لها أثناء إنشغاله في مُراجعة بعض الأوراق الخاصة بالعمل -فهو يعمل في قسم المُحاسبة.

"إنهُ بريء ولطيف، إنظُر إلي وجهه الملائكيّ!" أخذت تُداعِب آدم وإبتسامتها إحتلّت ثغرها بالكامل.

"هُناك خطأ في الحسابات!" غَضِب مارتن لينزع نظّاراته الطبيّة ويرميها بإهمال علي الطاولة كما ألقي بالأوراق فوقها ونهض.

"ماذا بك عزيزي؟" نظرت لهُ في إهتمام، أخذ يشدّ خصلات شعره بتوتُّر وأجاب دون الإلتفات لها "أحدهُم أخطأ في الحسابات في الشركة، وأنا بصفتي مُراجِع الحسابات يجب عليّ التواجُد في الشركة الآن لأُبلِغ عن المُشكلة فيحاولون إيجاد الفاعل ومعاقبته!"

"لماذا تُكبِّر الموضوع حبيبي؟ يمكنك الإتصال بهم وإخبارهم بكل هذا!"

"إن الأوراق معي أنا فلا توجد أدلّة هُناك علي أن المُحاسِب نذل ومُرتَشٍ، إنها تُعَد جريمة سرقة ويجب أن ينال عقابه! ألا تشعُرين بحجم المُصيبة التي وقعت بها الآن بسببِك؟" رماها بنظراتٍ يتطايرُ منها الشرار، فأخذتها الصدمة وتلاشَت نبرتها القَلِقَة الأُنثويّة الحَنونة.. لتحلّ محلّها نبرةٌ مُعاتِبة وهي تقول "كيف بسببي؟ أم لأنّك لا تستطيع أن تَصُب غضبك علي المُحاسِب الآن فتقوم بذلك معي؟"

نظر لها بقساوة ليقترب وتتعالي نبرته "لولاكِ أنتِ لَكُنّا في نيويورك! وكُنتُ أنا بمكان عملي، وحينها لم تكُن ستحدُث تلك المُشكلة في الأساس!"

تركَت آدم علي الأريكة ونهضت لِتُحاوِل السيطرة علي نفسها وخَفض نبرة صوتها قدر الإمكان "لماذا تتحدّث وكأنني أنا من قُمت بتخريب حساباتك؟" كزّت علي أسنانها بغيظٍ شديد وهي تراهُ يضع اللَوم عليها.

"فلنذهب مع سيلينا في رحلة إلي المكسيك يا مارتن، سنستمتع مارتن، أُريد قضاء بعض الوقت معك مارتن، أليس هذا كلامك الذي دفعني للموافقة والمَجيء معكِ؟ وفي النهاية أنتِ تهتمّين بطفلٍ صغير ولا نقضي الكثير من الوقت معاً ثُم تتذمّرين حين أشتكي من إبتعادي عن العمل؟!" إنفجر أمامها وأخبرها بكلّ ما كان يُبطنه من غضب، حدّقت به بصدمة، ليتجرّع ريقه ويخرُج من المنزل صافعاًً الباب خلفه كي لا يُزيد الأمور تعقيداً.

ترقرقت دِمعة الحَسرة في عينيها، لتجلس مُجدداً علي الأريكة بقلّة حيلة.. أطلقت العنان لأصابعها لتمُرّ بين خصلات شعرها تسحبهم للوراء بإرتعاش بينما تبكي بصمت، إحترقت عيناها لكثرة الدموع التي ذرفتها، وإحترق قلبها لكثرة الصدمات التي تلقّتها.. تكاد تجزم أن هذا ليس الشخص ذاته الذي أحبّته..

عاد زين للمنزل ودخله مُندفِعاً هائِجاً حين سمع بكاء إبنه "هل حدث شيء لآدم؟ لماذا يبكي بهذا الشكل؟" ثُمّ صُدِم برؤية إيفا في هذه الحالة.. وجهها أكثر حُمرة وعيناها غائِرتان مُتعبتَان، ركض إليها مُتسائلاً بقلق "إيف هل أنتِ بخير؟ ما الذي يُبكيكِ؟"

كوّب وجهها بين كفّيه، فهمست مُنتحِبَة "موجوعة!" وظهر الوجع في نبرة صوتها، فأخذها بين أحضانه وأخذ يُملِّس علي شعرها بحنان.

بحنان أبٍّ يحميها، أخٍّ يرعاها، وصديقٍ يحتويها.

مرّت ثوانٍ قليلة وهُما علي تلك الوضعيّة، حتي هدأت إيفا وشعرت بأن الدموع جفّت في مُقلتيها، تزامُناً مع دخول أماندا للمنزل وهي تحمل الكثير من الأكياس قائلة "تعال زين، ساعِدني!" رفعت عينيها لتنظُر بإتجاههما، ثُم إتسعت عيناها وأسقطت الأكياس من بين يديها.. نهضت إيفا لتخطف حقيبتها من فوق الطاولة وتُجفّف دموعها بباطن يدها وتتخطّي أماندا عابِرة لخارج المنزل.

<<<<<<<<<<<<<

"الهواء لطيف، والأجواء الخاصة بالمكان جميلة للغاية، لكنني لازلتُ أجهل سبب وجودنا عِند الميناء!" جلست سيلينا علي مقعدٍ خشبيّ متواجد أمام الميناء، وتسللت تغريدات العصافير إلي اذنيها، وكذلك صوت السُفُن والحركة التي لا تهدأ في هذا المكان، مما جعلها تشعُر بالوَنَس.

"لأنني أُحِبُ هذا المكان، إنهُ واحد من أفضل الأماكن في المكسيك!" أخبرها ليجلس بجانبها، نظرت لهُ قائلة "نايل، هذة أوّل مرة تتواجد بها في المكسيك!" ثُم خرّت ضاحِكة.

قطّب حاجبيه قائلاً "تتحدّثين وكأنّكِ ترعرعتِ في المكسيك مثلاً!" فنظرت لهُ بينما تُضيّق عينيها، فقابلها بنفس النظرات التي تحمِلُ التحدّي، كلاهُما خشّب وجهه وظلّ يتفرّس في ملامح الآخَر، لمحَت طيف إبتسامتهُ علي شفتيه.. فضحكت قائلة "لقد خسرت!"

نظر حولهُ فلمح بائع بالونات مُتجوِّل ويلتفّ حوله العديد من الأطفال، تسللت الإبتسامة إلي شفتيه ونهض دون مُقدِّمات مُتجهاً نحوه، بينما الأُخري شارِدة في الميناء المُكتظّ بالسُفُن، وتتسائل عن سبب صمت نايل حتي الآن...

"سيلين!" ناداها فإستدارَت بملامحٍ مُجعّدة بسبب الشًمس، ما إن رأت عدد البالونات التي يُمسِك بها وألوانها المُختلِفة المُبهِجة حتي إبتسمت بإتّساع ونهضت لتأخذهم من بين يديه.. فإبتسم هو الآخر وقال "إشتريتُ لكِ البالونات جميعها!"

لمعت عيناها كطفلةٍ صغيرة إشتري لها والدها البالونات، نظرت لهُ بإمتنان وضحكت لفرط سعادتها بالبالونات المُحيطة بها، سارا معاً مُستكشفين ذلك المكان وهي تُمسِك بالخَيط الرَفيع الذي يربُط البالونات ببعضها وتجُرّهم خلفها ليُحلّقوا فوقهما، حاجِبِين القليل من آشعة الشمس.

تبادلا أطراف الحديث لدقائق طويلة، تحدّثا وكأنهما صديقان منذ زمنٍ بَعيد.. كانت مشاعرهما مُختلفة، لكنّها إتفقت في شعورٍ واحِد: السعادة!

وقعت حقيبة سيلينا من علي كتفها، فمالت لتأخذها من الأرض لكن نايل سبقها وأحضرها لها، إبتسمت بإمتنان بينما تتناولها.. رنّ هاتفها فأخرجته بيدها الأُخري، لكن سُرعان ما نظرت لأعلي حين رأت ظِلالاً غريبة علي الأرض، كانت البالونات تُحلِّق بعيداً عنهما!

"نايل! أفلتُّ البالونات من دون قصد!" جعلتهُ ينتبه لعدم وجود البالونات، فنظر إليهم ورآهم يستكينوا فوق إحدي الأشجار علي الرصيف، تنهّد قبل أن يركُض نحو الشجرة وتتبعهُ سيلينا مُتجاهِلة هاتفها، رمتهُ داخل حقيبتها، كما رمت الحقيبة بجوار الشجرة لتساعد نايل علي الصعود.

قبل أن تُفكِّر بمساعدته كان قد وصل للبالونات بالفعل، وأمسك بهم ليستدير إليها قائلاً بخوف "سيلينا، لا أستطيع النزول!"

ضحكت قائلة "لا تقلق، سأُمسِكُ بِك!" فنظر لها بعدم تصديق، شجّعته فاتحةً ذراعيها علي مصرعيهما "هيّا نايل! ألا تثِقُ بي؟"

تردّد كثيراً قبل أن يُحرّك قدمه إنشاً.. وحسم الأمر حين حاوَل الإستناد بقدمه علي أحد أغصان الشجرة لينزِل، لكن ذُلّت قدمه فجأة فشعر بجسده يهوي للأسفل وكأنّه يسقُط من مُرتفع شاهِق، إلتقطتهُ سيلينا لكن وزنهُ الثقيل جعلها تسقط معه، فأصبح يعتليها.

أنفاسهما الثَقيلة قد هدأت بعد ثوانٍ.. حدّقا ببعضهما للكثيرِ مِن الوقت، شعرت سيلينا بأن الأكسوجين ينفذُ من المكان، حرارتها مُرتفِعة لدرجة أنّها تتصبّبُ عرقاً ونبضات قلبها غير منتظمة، وهو كان يشعُر بحرارة أنفاسها علي وجهه، وشعر بأن قلبه ينبِضُ في جميع أعضاءه.

مرّت ثوانٍ ليضحكا معاً بقوّة حتي دمعت عيناها من فرطها في الضحك، حاوَل أن يستند بيديه علي الأرض لينهض من فوقها.. لكنّهُ سُرعان ما سمعها تصرُخ بفزع فنظر لها بصدمة.

"علقت خُصلات شعري بزرار قميصك!" بررت لهُ سريعاً بينما تتأوّه، ضحك بينما يُحاوِل فكّ العقدة حول الزُرار، ونجح بعد أن تعذّبت ألَماً.

"آه يا رأسي!" حكّت رأسها بخفّة فعاد نايل ليقهقه، ضربتهُ علي كتفه قائلة بغضب "تباً لقميصك الغبي، ماذا لو قطعت خصلات شعري؟!"

أجابها مُمازِحاً "لكنّكِ لديكِ الكثير منها، لا ضرر من قطع القليل! تتحدّثين وكأنّ تلك الخصلة ستسحب البقيّة خلفها فتُصبحين صلعاء!" ألقي دُعابته وضحك، لكنها نظرت لهُ بغضب بينما تُدلِّكُ رأسها مكان الألم، أردف مُبتسِماً بينما ينظُر في عينيها مُباشرةً "حتي وإن أصبحتِ صلعاء، ستبقين أجمل إمرأة في نظري!"

توقّفت عن تدليك رأسها وكأن الألم قد إنزاح، وحدّقت به بعينيها التي تحمل وَميضاً جميلاً تحت أهدابها الطويلة، إبتسم مرّةٍ أخيرة لينهض ويسحبها مُساعِداً إيّاها.

أعطاها البالونات وأكملا رحلتهما المُبهَمَة في صمت، حتي فاجئها بسؤاله "أتُريدين المُثلّجات؟" أشار بإصبعه نحو البائع، أومأت مُبتسِمة ليسحبها نحوه، أشار له علي النكهات التي يُريدها فإستنتجت سيلينا أنّهُ لا يعرف اللغة الأسبانية (المُتداولة في دولة المكسيك) لذا قامت بمُساعدته وتحدّثت مع البائع لتطلُب نكهتَيّ الفانيلينا والشوكولاتة.

أعطتهُ الفانيليا وأخذت هي الشوكولاتة بعد أن دفع له المال.

أثناء رفعها للمُثلّجات لتتذوّقها لاحَظ نايل الخاتم في إصبعها، لم ينتبه لنفسه حين قضم كميّة كبيرة من المُثلّجات وإبتلعها لتقف في حلقه رافِضة النزول، سعل بقوّة فإنتبهت سيلينا لتهرع إلي بائع المُثلّجات وتستعير قنينة الماء وتفتحها لتسقي نايل.

"أفضَل؟" سألته بعد أن أغلقت القنينة، أومأ لها وأغلق عينيه بهدوء ليتنهّد، إذاً فهي الآن خطيبة جاك! لم يكن يعلم أن الأمور قد تتطوّر بينهما لهذا الحَد.. هل نسَت حُبّه بهذه السهولة؟ هل كان سهلاً عليها أن تخوض علاقة جديدة بهذا العُمق؟ هل بالفعل تنوي الإرتباط الرسمي بجاك.. وليس لتنسي نايل من خلاله؟ كم تقتله تلك الأسئلة، تخنقه وتمنع الأكسوجين من الوصول إلي رئتيه تماماً كقطعة المُثلّجات التي وقفت في حلقه منذ قليل...

"أنفك حمراء!" علّقت سيلينا ضاحِكة، ثم لاحظت الدمعة التي تترقرق في عينيه لتتوقّف عن الضحك مُردِفة "إلهي نايل! أنت رقيق للغاية! هل ألمتك المُثلّجات لهذا الحد؟"

نظر لها ليردف بضيق "كِدتُ أختنق!" ثم أكملا سيرهُما سويّاً وهو يُحاوِل التنفُّس بإنتِظام، وسألها دون أن ينظر لها "لما لم تترُكيني أموت؟"

وجدَت سؤاله سخيفاً للغاية، رغم ذلك إبتسمت قائلة "لأنني طيّبة، وأتحلّي بالإنسانيّة!" نظر لها رافعاً إحدي حاجبيه، فهربت من عينيه لتتظاهر بإنشغالها في تناوُل المُثلّجات، وجد نفسه يبتسِم مُراقِباً ملامحها الطفوليّة حين تلطّخت يدها بالمُثلّجات الذائِبة، كم أحَبَّ تلك الطفلة!

نظرت لهُ فلاحظت تحديقه بها، لطخت أنفه بالشوكولاته قائلة "لا تنظُر إليّ بهذه الطريقة!"

قهقه مُستفهماً "بأيّ طريقة تُريدين أن أنظر لكِ؟" وعاد ينظُر إليها.

ضيّقت عينيها قائلة "إنظُر أمامك ولا تتخابَث يا صديقي!"

"حسناً يا صديقتي!" نظر أمامه وحدّق بالمثلّجات في يده، لا قُدرَة لهُ علي تناولها.. ويشعُر بأنه يمكنه إستخدامها في شيء أفضل.

"عليكِ أخذ جزائكِ!" تمتم دون النظر لها فعقدت حاجبيها بعدم فِهم، صمت لثوانٍ معدودة قبل أن يضع مُثلّجات الفانيليا علي أنفها هي الأُخري.

تعالَت قهقهاته بينما هي تسمّرت في مكانها في ذهول، بينما هو أكمَل طريقه تاركاً إياها خلفه.

شعرت بنيران الإنتقام تضرم بداخلها، والدماء تجري هائِجة في عروقها، وجدت نفسها تركُض خلفه وتصيح بأنها لن تتركه، فركض مُتهرّباً منها.. جميع المارَة ينظرون إليهما في دهشةٍ بينما هما لا يكترثان.

يُقهقهان بينما يركُضان علي طولِ الطريق، حتي تعبت سيلينا وإتكأت علي رُكبتيها لتلهث وتترجّاه بأن يتوقّف، فصاح "لن أقع في هذا الفخ!"

صرخت عليه "لن أؤذيك!" ثم أخذت تُحدّق به أثناء إقترابه منها، أخبرها بطفوليّة "إرمي سلاحكِ وإلا سأركُض مجدداً!"

تنهّدت لتضع ما تبقّي من المُثلّجات في سلّة النفايات القريبة منها، وعادت لتقف أمامه مُبتسِمة بتكلُّف، طالَ تحديقه بها.. فتنحنحت مُستفهِمة "ألن تفعل المِثل وتترُك سلاحك؟"

إقترب منها، فإقترب أكثر، فأكثر، حتي إلتصقت جبهتهُ بخاصتها.. عيناهُما في تواصُلٍ جَريء، كلاهما لا يرمِش، لم تهتزّ سيلينا للحظة رغم إلتصاقه الغريب بها.. ومال علي اذنها هامِساً مُسبِّباً لها رَعشة طَفيفة "هل وعدتكِ بذلك؟"

وبات يُلطّخ وجنتيها بالفانيليا.

>>>>>>>>>>>

رأيكوا في الشابتر؟

تفتكروا إيفا ومارتن هيحصل معاهم إيه؟

ليه سام مش عايز يطلب مساعدة سيلينا؟

تفتكروا أماندا هتعمل إيه؟

رأيكوا في "صداقة" نايل وسيلينا؟:"

أي توقعات للشابتر الجديد؟

أشوفكوا علي خير♥






Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top