3

Start

~~~سيهون ~~~

منزل الجراء؟!

إنه منزلي الثاني، قضيت به الكثير من الوقت كوني الشخص الذي دائماً ما يُعاقب بهذه الطريقة... الطرد لتقضية الليلة مع الجراء

في البداية شعرت بالإهانة خاصةً و أنني لا أخطئ بشئ و غالباً ما يكون جونغ إن السبب في غضب الجده فـتصُب غضبها عليّ أنا بدلاً من مُدللها المغرور

لكن بطريقة ما أصبح الأمر مُحبباً بالنسبة لي... أصبحت أنتظر هذا العقاب و قد أتحمل أخطاء بيكهيون و تشانيول فقط كي يتم معاقبتي بالبقاء مع هذه الجراء

إنها تُشعرني بالدفئ... تحتضنني عند النوم، تلعب معي أثناء يقظتي، و عند رؤيتي بعد انقطاع أيام عنها سوف تركض نحوي تتمسح بي بإشتياق و تبتهج عينيها

أخشى أن تدرك الجدة عن حقيقة ذلك و أنني أحب الأمر فـيتبدل هذا العقاب بشئ آخر مثل أن تمنعني عن منزل الجراء بصورة نهائية

"سيد أوه... ألا تريد الهرب من هنا؟"

ليس الجراء فقط... بل هذه الخادمه كذلك تجعلني أشعر و كأنني ملك

حينما تناديني بـ'أوه' تجعلني أجد ذاتي، ليس كيم سيهون المزيف بل أوه سيهون الحقيقي

رغم أن هناك مسافه بيني و بينها و بعض الرسمية إلا أنها أكثر من أشعر معه بالراحة

"لا"

كالعادة نفيت بإختصار بينما يدي تُداعب فراء الجرو اللطيف فوق فخذاي

لا أعلم لماذا لا تمل من طرح هذا السؤال رغم أن إجابتي لا تختلف أبداً و لا تطول بل دائماً مختصرة... أخشى أن أُجيب أكثر من ذلك فتُصبح فضولية حول أسباب خوفي من ترك هذا القصر

"من بين ثلاثتنا... من الشخص الذي قد تقعي بحبه؟!"

سألتها بهدوء أدّعي اللامبالاة، لكن بداخلي أرتجف متوتراً

لست معجباً بها أو حتي أراها كـأكثر من صديقة ... لكنني خجول من طرح سؤال قد تراه طفولياً أو تعتقد أنني أغار من أبناء خالاتي

الجميع دائماً يراني كـطفل غير مسؤول و مُدلل بينما تشانيول الرجل المستقل و الناجح بعمله

و بيكهيون الحفيد المثالي لعائلة كيم... و ليس هناك داعي لذكر كيم الحقيقي و الوحيد الغير مزيف بيننا

ربما إجابة شخص خارج العائلة يراني كـذاتي الحقيقية، تكون مختلفة و ما أريد أنا سماعها

"في الواقع..."

"عذراً سيدي الصغير لكن السيدة كيم تُخبرك بأن السيده داك يونغ و إبنتها قادمتان اليوم لأجل حضور زفاف السيد كيم بيكهيون و يجب أن تستحم و تجهز غرفة الآنسة سونغ قبل ذهابك إلى الشركة"

والدة هذه الخادمة الصغيرة والتي تكون رئيسة الخدم بالوقت ذاته، دخلت منزل الجراء على حين غُرة و قاطعت حديثها الذي انتظرته لمدة، و أنا فقط همهمت إليها دون أن ألتفت نحوها ثم استقمت لأخرج من هناك تاركاً تلك الجراء خلفي تنبح و كأنها تتساءل إلى أين أنا ذاهب

و على غير العادة لم ألتفت نحوهم... فقدت حماسي نحو معرفة الإجابة ... و فقدت حماسي نحو هذا العقاب المحبب فـعقابي الحقيقي على وشك الوصول

~~~~~~~~~~~~

"لا تقعي بحبه أو بحب أي من رجال كيم"

"توقفي عن ترديد هذه الجمله كلما رأيتِني معه أمي"

-------------

~~~~هيبا ~~~~

أشعر بالتعب لعدم حصولي على نوم كافٍ... طوال الليل، فقط أتقلّب يميناً و يساراً بغير راحة و كلما غفوت أستيقظ على كابوس مزعج يدور حول مستقبلي مع عائلة كيم

أنا حقاً لا أهتم للأمور البسيطه كـأن ينسي زوجي عيد ميلادي أو ذكرى زواجنا أو أن ينسى موعدنا

أعني كل شخص يأتيه وقت ينشغل به عقله عن كل شئ لدرجة قد ينسى إسمه للحظات

لم أمانع على شروط السيدة كيم بعدم اللقاء و التحدث عبر الهاتف لأن هذا ليس له داعٍ

قد يعتقد البعض أن فترة الخطوبة تكون جيدة كي يتعرف الشخصين على بعضهما لكن هذا بالنسبة لي خطأ

ليس فترة الخطوبة بل هذا المعتقد

حينما أتعرف على خطيبي فأنا أتعرف على الجانب الذي يريد هو إظهاره لي و ربما الجوانب الجيدة به و نادراً ما قد أرى سلبياته خاصةً و أن التواصل بيني و بينه سواء بلقاء أو محادثة صوتية أو رسائل سوف يكون لبضعة دقائق، ساعات؟!

هو لن يتجاوز ذلك... بينما بعد الزواج نرى بعضنا طوال الوقت و في مزاج مختلف

حينما يكون منزعجاً، حينما يكون حزيناً، غاضباً أو سعيداً

حينها سوف أرى شخصيته الحقيقية و جوانبها المختلفة، لذا فترة الخطوبة بالنسبة لي لا تُشكّل أي فارق.. قد تكون أهميتها تكمن في كسر الحاجز بين الزوجين

لكن... بذلك اليوم الذي أتت به السيدة كيم للمنزل من أجل تبادل خواتم الخطبة، شعرت بقلبي يحترق و كذلك شعرت بالإهانة كون هي من وضعت الخاتم بإصبعي و ليس بيكهيون

بدا الأمر و كأن أحد معارف والداي يمنحني هدية عيد مولدي على سبيل المثال

لقد اعتدت على أن أحصل على هكذا هدايا بعيد مولدي خاصةً من شركاء أبي بالعمل و السيدة كيم كانت أحد هؤلاء الأشخاص، لذلك حينما وضعت خاتم الخطبة بيدي لم أشعر بشئ مختلف

ليس الشعور الذي توقعته... ليس الدفئ الذي تتحدث عنه الكثير من الفتيات

لا بأس بأن يكون رجلاً عملياً و معظم الوقت مشغول لكن... ألا يمكنه أن يحضر خمس دقائق فقط كي يضع الخاتم بيدي و يغادر

"تفضل"

طرق على باب الغرفه أخرجني من شرودي فـسمحت لمن بالخارج أن يدخل

" لم أتمكن من الذهاب إلى العمل قبل أن أطمئن عليكِ صغيرتي"

إبتسمت كـإجابة و زحفت إلى طرف السرير حيث جلس هو كي أصبح مقابلة له

"أتيت لتسألني عن كيم؟ "

أملت برأسي قليلاً بينما أدّعي التساؤل فـهمهم إليّ و أمسك بيدي لأتنهد... أعلم ما الذي يريد قوله و ما يضايقني أنني أصبحت مشوشة

" مازال بإمكانكِ الرفض... إذا شعرتِ أنكِ غير مستعدة، حتي إذا أدركتِ الأمر بيوم الزفاف فلتهربي و أنا سوف أتولى الأمور لكن لا تتزوجي بـرجل أنتِ غير مقتنعة به"

"أبي، ما رأيك بـبيكهيون؟"

تنهد بصوت عالٍ حين قاطعت حديثه ثم ضم شفتيه بتفكير

"تعرفين رأيي مُسبقاً بـبيكهيون... إنه شاب رائع، محترم، ناجح و مسؤول "

و أنا معجبة بذلك و هذا ما يزعجني... لا أستطيع رفضه لأنني أراه مثالياً بالنسبة لي و يمكن لشخصياتنا أن تتناسب معاً

بيكهيون الذي رأيته عدة مرات عن بُعد كان يسحرني بكل مرة

لكن لقاء البارحة أخافني و جعلني مترددة

" لكن السيدة كيم هي المشكلة الأكبر... تلك المرأة من الصعب التعامل معها، تعتقد أن الجميع تحت إمرتها، هوايتها المفضلة هي تثبيت الخيوط بمن حولها ثم تحريكهم بالطريقة التي تُريد... و بيكهيون هو ضحيتها الكبرى"

ما يقوله أبي لا يمكنني أن أشك به، خاصةً بعدما رأيت تصرفات تلك العائلة البارحه و على رأسهم بيكهيون

" تلك العائلة لا يمكنك فهمها... تمتلك العديد من الأسرار و سرهم الأكبر هو اسم كيم... لا أحد يفهم لماذا ننادي الجميع بـكيم لكن ما نفهمه أن جميعهم كيم ولا يجب أن نناديهم سوى بذلك"

"هذا أيضاً بدا غريباً بالنسبة لي، خاصة حين غضب بيكهيون لأنني قلت بيون بدلاً من كيم "

مسحت على جبيني ثم ضممت قدماي نحو صدري و إستندت برأسي فوقهما بشرود أتذكر حديثي على الهاتف و لقائي مع خطيبي

لا أريد أن أندم فيما بعد على أي قرار قد إتخذته لذلك لا أريد أن ألغي هذا الزفاف أو أوافق على إكتماله بلحظة تسرع

" أتعتقد أن هذا الزواج قد يفشل؟"

ضم شفتيه بتفكير و سرعان ما رفع كتفيه بعدم معرفه

"كل زواج بهذا العالم معرض للفشل و النجاح حتي زواجي بوالدتك، هذا يعتمد على الزوجين... سوف تعيشين مع بيكهيون و كأنكِ تعيشين مع السيدة كيم تماماً... لكن تلك المرأة لن تكون معكما بكل لحظه، لذا إذا أردتِ أن يتم هذا الزفاف فلن أمنعكِ صغيرتي لكن شئ صغير يجب أن لا تنسيه أبداً "

" ما هو؟ "

" لقد ربتكِ والدتك بأن تكوني فتاة حره لذا قدمي الإحترام لزوجك و لعائلته لكن لا تقبلي أبداً أن تكوني نسخة منهم... أكملي حياتك بعاداتك و أفكارك الخاصة مع تقديم الإحترام لهم كذلك، و في ظل خبرتي السابقة بالتعامل مع عائلة كيم سوف أمنحكِ نصيحه تجعل من حياتكِ الزوجية مع بيكهيون ناجحة و سعيدة "

بنهاية حديثه إلتصقت به بفضول فـضحك بصخب و ربت علي رأسي مُكملاً

" أظهري إلى بيكهيون أنكِ لا تعارضين أفعاله هو و جدته لكن بالوقت ذاته حاولي التأثير عليه دون أن يلاحظ... إذا كنتِ تعتقدين أنكِ قادرة على فعل ذلك فـجوابي على سؤالك هو نعم... يمكن لهذا الزواج أن ينجح، لكن لو كنتِ مترددة فمن الأفضل أن يلتغي كل شئ منذ الآن"

"لا أعلم أبي... أنا غير قادرة على قول لا، لكن بالوقت ذاته أشعر بالخوف من قول نعم ... الزواج لم يكن سهلاً كما إعتقدت أنا "

" ألديكِ عملاً اليوم؟ "

سألني فجأة مُغيراً مجرى الحديث لأعقد حاجباي بإستغراب كونه تجاهل إعطائي إجابة أخيرة واضحة ثم أومأت بتردد

" ليس عملاً، لكن هناك متدرباً سوف يتسلم مكاني لمدة شهرين لذا يجب أن أذهب اليوم لمقابلته لنتفق على بعض النقاط الهامة بشأن العمل "

" بعد أن تنتهي من عملكِ فـلتمُري على الشركه مع ماريا"

رفع حاجبيه و كتفيه بحركة سريعة و إبتسامة خبيثة شرحت مقصده

"هل تمزح؟"

و كـإجابه غريبه من أبي هو إرتمى بجسده إلى الخلف و كأنه يُخبرني أنه سيفقد وعيه من غبائي

إذاً.... لقاء مفاجئ مع خطيبي، هل ربما يُغضبه ذلك أم يكون سعيداً لأمر هذا اللقاء؟!

~~~~~~~~~~~~~~

------

~~~تشانيول ~~~

رنين مزعج لجرس شقتي بدأ منذ دقيقتين تقريباً و مازال مستمراً و هذا ما دفعني لأخرج من الحمام بالمنشفه تستر جسدي بينما عقدة تتوسط حاجباي

و بمجرد أن فتحت الباب دُفعت بقوة إلى الخلف حتى إرتطمت بالحائط، تلى ذلك دخول الحفيد الأصغر ثم الأكبر

سيهون المزعج

"رجاءً فلينقذني أحدكما قبل وصول تلك المشعوذة"

" لماذا إنتهى عقابك مبكراً اليوم؟"

تجاهلت حديثه متسائلاً بإستغراب بعدما إرتمى على الأريكة يحتضن جسده بدرامية و بجانبه بيكهيون الذي جلس دون إبداء أي ردة فعل لما قاله الآخر

" سوف أذهب إلى الشركة مع بيكهيون، و نظفت شقتي أولاً لأن العلكة سونغ قادمة اليوم "

"في العمل إسمي السيد كيم و من الأفضل أن لا تنطق بأي شتائم أو أحاديث خارجية بمقر العمل"

بيكهيون حذّره بهدوء... ليس و كأن سيهون قادر على التحدث بهذه الطريقة أمام الغرباء، و خاصة بأماكن تواجد السيدة كيم

" ألا تسمعان؟!... أنا أقول أن سونغ قادمة "

سيهون تحدث بصدمة من التجاهلات التي تلقاها، و مرة أخرى تلقى التجاهل من بيكهيون و كذلك أنا رفعت المنشفة الصغيرة على عنقي لأجفف بها شعري متجاهلاً حديثه

"أتمنى لو أن جدتي إختارت أحدكما من أجل الزواج بـسونغ كي تفهمان ما أمر به الآن و أتخلص منها أنا "

أحلام صغيري.... لأن سونغ مهووسة فقط بـكيم سيهون ليس غيره لذلك السيدة كيم لم و لن تختر أحدنا كي يكون ضحيتها... و هذا جيد لأنني أكره سونغ أكثر مما يفعل سيهون

" لماذا تتجاهلان حديثي دائماً؟ "

" صحيح بيكهيون... ماذا فعلت بالأمس مع خطيبتك؟ "

التفت نحو بيكهيون متسائلاً بفضول يختفي خلف هدوئي الخارجي، و هو فقط إكتفى برفع كتفيه و أعاد ظهره إلى الخلف مجيباً ببرود

"لا شئ... فقط تحدثنا"

"فقط؟!... أعني هي لم تقل إن تزوجت بك بإرادتها أو مجبرة أو شئ من هذا القبيل؟ "

سيهون تناسى إنزعاجه من كلينا و تساءل هو الآخر بفضول لكن كان واضحاً على عكسي... و نبرته كان واضحاً بها الإنزعاج

"لا... قالت أن هذا الزواج سوف يتم بإرادتها و والدها لا يتدخل في حياتها الخاصة "

" إذاً الزواج كان بإرادتها؟ "

بدون وعي همست بخيبه فـهز رأسه بإيجاب ثم انتفض بجذعه فجأة إلى الأمام و أكمل بعقدة تتوسط حاجبيه

"لكن هي بالنهاية قالت أنها لا تشعر بأن ما ترتديه خاتم خطبة بل مجرد هدية... ما الفرق بين أن أضع أنا الخاتم بإصبعها أو السيدة كيم فـبعد كل شئ هي سوف تضطر إلى ارتدائه بنفسها لأنها و لسبب ما سوف تضطر إلى خلعه، أليس كذلك؟"

"و أنت ماذا فعلت حين قالت ذلك؟"

عدت بجذعي إلى الخلف حتى لمس ظهري الاريكة ثم سحبت نفساً عميقاً بينما عيناي تتناوب النظر بين سيهون و بيكهيون... فقط أستمع إلى هذه المحادثة بهدوء فليس لي طاقة كي أتدخل في حياة بيكهيون الخاصة

" أخبرتها أن هذا لن يحدث مرة أخرى "

" فقط؟ "

" ما خطبك مع فقط، فقط التي تقولها هذه سيهون؟! ما الذي يجب أن أفعله مثلاً؟"

صاح بإنفعال فجأة و وقف من مكانه دون مبرر لهذا الغضب حتى لمحت التفاجؤ يعلو وجه سيهون

بيكهيون كان أمامه الكثير ليقوم به و أقل شئ أن يمسك يدها و يخلع الخاتم عن اصبعها ليضعه بنفسه لكن عقله لن يفكر بهكذا أمور

"أتعلم؟ أنا المخطئ لأنني أحاول تغييرك قليلاً لكن صدقني كيم بيكهيون أن خطيبتك إذا وافقت على إتمام هذا الزواج ستكون حمقاء ألقت بنفسها بالجحيم و لن تخرج منه أبداً حتى إذا خرجت فهذا سوف يُخلّف جروحاً بالغة يصعب محوها"

"لدي محاضرة بعد ساعة و يجب أن أذهب إلى الجامعة"

قاطعت شجارهما ببرود لأنسحب إلى الغرفه كي أرتدي ملابسي

كلاهما أحمق و يعيش حياته بطريقه خاطئة

سيهون طفل يقضي وقته في الخوف من السيدة كيم و قوانينها و كونه يتلقى بعض العقاب يعتقد أنه ليس دمية بيدها مثله مثل البقية

و بيكهيون هو قوانين السيدة كيم بهيئة بشري

هو حتى في السر يخشى أن يخرج عن السطر الذي رسمته له مسبقاً و من الحالات النادرة التي يخرج فيها عن طوع السيدة كيم، كانت البارحة حين وافق على الإتصال بخطيبته... كل ما أتمناه هو أن لا توافق هيبا على هذا الزواج

أتمنى أن ترفضه لأي سبب كان، و مازلت آملاً أن ترفض خاصةً بعد لقاء بيكهيون معها

"بجدية سيهون، ما الذي تنتظر مني أن أفعله؟ أركع على ركبتاي أمامها و أطلب مسامحتها؟!"

انتهيت من ارتداء ملابسي و تجهيز حقيبتي و كلاهما مازالا بنفس البقعة يتشاجران على ذات الأمر

"ليس هناك داعٍ لهذا الحديث، فليذهب كل منكما إلى عمله و لا تنسى مشكلتك سيهون... كل منكما يهتم بحياته الخاصة، و كل منكما يحل مشاكله بنفسه كي يتحمل النتائج دون الشعور بأن الآخر هدم حياته"

زفرت بحنق و اقتربت من الباب أفتحه ثم أشرت لهما بالخروج... بكل وضوح أنا أطردهما فـمزاجي معكر بالفعل و لن أتحمل هذا الهراء الآن فمازال يومي طويلاً

أغلقت باب الشقة جيداً قبل نزولي السلالم تاركاً سيهون و بيكهيون خلفي و أثق أن لا أحد منهما سوف يجرؤ على إستكمال هذا النقاش كي لا يسمع أحد الخدم بالأمر و يخبر السيدة كيم بعد عودتها من الشركة

"ما هذا الهراء؟ كيف لا يُقدّرون مجهودها؟! ألا يمكن للمدعو بيون ذاك أن يحترم خطيبته على الأقل؟!"

ما هذا الصراخ؟!

إقتربت من المطبخ بحذر بينما أعقد حاجباي بإستغراب فـتهامسن الخادمات لجعل ذاك الشخص الغاضب أن يصمت بصوتٍ كان واضحاً

فتاة؟! منذ متى و لدينا خادمات صغيرات بالمنزل؟! أذكر أن السيدة كيم ترفض هذا... هل هي جديدة؟!

" ليس لنا دخل بهذا الأمر؟ "

"أنتِ محقه أمي،ليس لكم أي دخل لذا لا تطيعوا هذه العجوز المخبوله بكل ما تقول... الفتاة وقفت بالمطبخ تصنع له الكعكة بنفسها بينما بكل برود هي تأمركم بإلقاء الكعكة بالقمامة... هذه العجوز مكانها بمشفى المجانين و يجب أن يسبقها أحفادها إلى هناك"

تشه... تتحدث عن إحترام الآخرين و الجنون و هي تصرخ بوجه والدتها أمام كل هؤلاء الخدم و تشتم من هم السبب في بقائها على قيد الحياه هي و عائلتها

لا تقلقي يا صغيرة... السيدة كيم سوف ترسلك إلى مشفى المجانين بنفسها إذا سمعت ما قلتيه للتو

لكن كيف عرفت أن هيبا صنعت الكعكة بنفسها رغم أن السيدة كيم لم تتحدث بهذا الشأن؟!

استرقت نظرة أخيرة داخل المطبخ حيث جميع الخدم ينظرون إلى تلك الصغيرة بنظرات حزينة و محرجة بدلاً من أن يغضبوا منها بينما هي رمقتهم بغضب قبل خروجها من الباب الخلفي الخاص بالخدم

لم الجميع مزعج اليوم؟!

~~~~~~~~~~

-----

~~~~جونغ إن ~~~~

"أعتذر... لم نتمكن من إنقاذ المريض"

هذه أكثر جملة أكره نطقها بعملي... و ما أكرهه أكثر هو ردود أفعال أقارب المريض بعد سماع خبر وفاته

رؤية النساء يقعن أرضاً و يصرخن بصدمة و ملامح الفزع تسيطر على وجوههن يتخيلن ما قد يقاسونه بالحياة بدون رجل العائلة

الأطفال الخائفين من الحياة بعد خسارة والدتهم و الحاله الهيستيرية التي يكون بها الجميع تقريباً

بكل مرة لا أفكر سوى بوالدتي... ماذا لو حدث لي شيئاً؟! هي لا تملك سواي بهذه الحياه و كذلك هي لطالما رفضت الزواج و لن تقبل به أبداً

أنا ما الذي قد أفعله بدونها؟!... هي أمي ،أبي، أخي أختي و إبنتي و كل ما أملك بهذه الحياة

عائلة كيم بالنسبة لي لا شئ... ربما لا أكرههم لكن لا أحبهم

كلما فكرت بهذه الأمور عيناي تدمع وحدها و قلبي يحترق من شدة الخوف و للحظات أنا أكره عملي كطبيب

"ما الذي يحدث؟"

سألت بإستغراب حين رأيت مجموعة من الممرضات و شرطيان يقفون أمام مكتبي و الكثير من الثواني قد مرت دون أن أتلقي إجابة واحدة

"سيد... كيم جونغ إن ؟"

"نعم أنا هو.. تفضل"

أشرت إليه كي يدخل مكتبي لينفي هو بسرعة بينما يتحدث بجدية

"ليس لدينا وقت لهذا سيد كيم... لكن لدينا أمر بإستدعائك"

استدعائي؟!

"عذراً لكن هل  قدم أحد بلاغاً ضدي أو شيئاً من هذا القبيل؟"

هذا يحدث لدينا في المشفى كثيراً... بعض الأحيان يقوم أهل المريض برفع دعوى ضد الطبيب المسؤول عن المريض و يتهموه بأنه السبب في وفاته حيث قصّر بعمله و بعدها يُطالبونه بتعويض

"ليس لدي الكثير من التفاصيل، كل ما أعرفه هو أنه أمر يتعلق بزوجتك و يجب أن تأتي معي فوراً سيد كيم "

أجابني بجدية مبالغة و أشار إليّ بيده كي أسير خلفه ثم تحرك قاصداً الخروج يقطع بهذا أي حديث قد أبدأه أنا

زوجة من؟
ماذا؟
ماذا يحدث؟
من متزوج؟

~~~~~~~~~~~~

------

" مرحباً...البروفيسور كيم تشانيول سوف أستلم مكان البروفيسور بيك جوهو إلى حين عودته سالماً، أتمنى أن تكونوا مطيعين لأوامري لأنني أختلف تماماً عن البروفيسور بيك و لا أحب الإهمال... خطأ بسيط و تافه بنظركم قد يجعلكم تبقون بنفس المكان حتى العام القادم"

إحدى يديه كانت تتكئ على جانب المكتب و اليد الأخرى تُشير نحو الطلاب الجامعيين أمامه بينما قلم السبورة يتوسط المساحة بين اصبعه الوسطى و السبابة... تلك كانت وضعية البروفيسور تشانيول و هو يعرّف عن نفسه ببرود و إبتسامة مصطنعة لطلابه - المؤقتين -

و كم شعر بالفخر و الراحة بعدما رأى الخوف بأعين الجميع

البروفيسور كيم تشانيول لطالما كان معروفاً بحدة طباعه... سوف يتصيد أبسط الأخطاء لك كي يتسلى بك طوال العام

و طلابه السابقين يشهدون بذلك... بقدر ما هو ناجح، هو مخيف و مرعب

"التأخر بلحظة... الغياب و لو كان لأسباب قهرية مثل أنك تموت على سبيل المثال... عدم أدائك لفروضي أو فعل أي شئ أثناء محاضرتي عدا الإنصات بتركيز لما أقول... كل هذا ممنوع"

"تشه، يشبهها كثيراً"

تلك الفتاة التي تجلس بمنتصف المدرج تقريباً، تمتمت بسخرية و عينيها تطلق الشرار نحو البروفيسور... البروفيسور كيم و الذي لن يتمنى أي شخص أن يكون تحت يديه و خاصة هي

ليس و كأنها كانت تتمنى رؤيته بالجامعة أيضاً

تشانيول إقترب من السبورة ليدون العنوان الذي تدور حوله المحاضرة ثم أغلق القلم و إلتفت نحو الطلاب مرة أخرى بحركة سريعة جعلت من ظهورهم تستقيم بخوف إلى أن نسي بعضهم كيف يتنفسون عدا أحد الفتية و الفتاة بجانبه التي بدت مألوفة بالنسبة إلى البروفيسور

"أقدّر كثيراً الشخص المحترم و الملتزم حتى و إن كان مستواه الفكري و العقلي أقل من المطلوب"

تحدث بصوت عالٍ جاذباً إنتباه الطلاب وأعينهم تراقبه بينما  يصعد تلك المدرجات بينهم و حلقهم قد جف نسبياً

"لكن الوقح الذي يعتقد أن أسياده مقرهم مشفى المجانين فهذا ليس له مكاناً بين طلابي و لو كان هو الأفضل عقلياً و فكرياً بينهم "

أكمل حديثه الذي سبقه بضربة قوية فوق طاولة تلك الفتاة و انحنى بجذعه نحوها

و رغم أن الحديث موجه إليها إلا أن الجميع انتفض خوفاً على عكسها هي التي بدت باردة و غير مهتمة

" و ماذا تقول عن من يسمع إهانته بنفسه و يخشى التدخل خوفاً من شخص ما... ربما جدته؟ "

"ما إسمك؟"

أمال برأسه قليلاً متسائلاً ثم ضغط على فكه بقوة يحاول تمالك أعصابه

"لماذا؟"

رفعت حاجبيها تتصنع التفاجؤ لتقف بعدها حتى أصبحت مقاربة لطوله كونه ينحني نحوها بجذعه، ثم أكملت تهمس بإبتسامة مستفزة

" كي تتأكد من كوني راسبة هذا العام سيد بارك؟"

" كيم "

هسهس بحدة و جذعه أمال نحوها أكثر حتى كاد يلتصق بها، و وضعيتهما جذبت الأنظار و أثارت الفضول بنفوس الطلاب

فما الذي قد يجمع بين هذين الإثنين و لم يبدو البروفيسور كيم غاضباً؟!

على الأغلب هذه طريقته في اصطياد ضحاياه و هذه الفتاة هي ضحيته الجديده

"أوووه ربما اختلط عليّ الأمر سيد با... أقصد كيم "

إبتسامتها المستفزة إتسعت لتسحب نفساً عميقاً ثم لملمت الكتب خاصتها قائلة بهدوء

"تشوي تشانسوك"

رفعت رأسها بعدما انتهت من جمع أغراضها ثم أكملت بنفس الهدوء

" أنا على عكسك، لا أخشى أحداً سيد بارك... لذا إذا أردت يمكنك جعلي أرسب، لا بأس بذلك "

----------

~~~ماريا ~~~

هذه المرة الأولى التي أدخل بها شركة أبي... ليس و كأنه يمانع لكنني فقط مشغولة بسبب الدراسة و كذلك لا داعي لتواجدي هنا

أحياناً أحضر الحفلات الخاصة بالشركه و غالباً ما تكون مملة، لكن دخول الشركة نفسها ليس بهذا الإغراء

اليوم كان الأمر مغرياً في الواقع كون أن تواجدنا هنا له دافع و هو أن أبي يريد أن تحظى هيبا بلقاء خاص مع بيكهيون

لقاء مفاجئ و دون علم السيدة كيم أو حتى طلب رأيها

تلك العجوز كرهتها كثيراً بسبب تصرفاتها... أراهن أن قصرهم كئيب و الخدم لديهم و كأنهم زومبي، لا يسمعون ولا يتحدثون

للتو دخلت الشركة مع هيبا و كما كان متوقعاً... أجواء الشركه باردة تماماً كتلك العائلة و أبنائها

في أسبانيا أمتلك أمي و زوجها و لا يمكنني وصف كيف هو منزلهما دافئ و معظم الوقت يكون صاخباً بسبب أخي الصغير أدريان و زوج والدتي سيرجيو... هو حتى أكثر طفولية و مرحاً من أدريان

بمنزل أبي... هيبا و والدتها عقلانيتين لكن هذا لا يمنع وجود المرح بالمنزل و كذلك الدفئ

عكس عائلة كيم... ملامحهم وحدها كافيه لشرح كم هي حياتهم باردة و روتينية مزعجة

"ااه هذا بيكهيون... سأذهب إليه أنا و لتذهبي أنتِ إلى أبي"

إلتفت حيث إتجهت هيبا بحماس دون أن تنتظر إجابتي حتى ... جسدي إرتجف فقط لرؤية خطيبها البارد

كيف يمكن أن يمتلك هذه الملامح اللطيفة لكن بالوقت ذاته هي مخيفه و كريهة؟!

لأبحث أنا عن أبي

"يااا أنظري أين تسيرين "

إنتفضت بفزع و تراجعت عدة خطوات لألتفت نحو هذا الصوت البارد و يا لها من صدفة لم أكن أريد لها أن تحدث

الشاحب المزعج من ليلة البارحة ها هو يظهر بوجهي... اووه عذراً بل أنا من ارتطمت به بينما أسير بظهري و هو يخرج من...

"هل هذا مكتبك؟ أتعمل هنا أنت أيضاً؟! "

مهما حاولت... لغتي الكورية سوف تخرج ركيكة و مضحكة و هذا يسبب لي الإحراج... ما ذنبي إذا كانت هذه اللغه صعبة؟!

"اغربي عن وجهي"

دفعني بظاهر كفه و ابتعد عني يرمقني بتقزز كأنني وباء مميت

اهدئي ماريا... إنهم مجموعة من الحمقى ليس هناك داعٍ لـ...

" لا تظلي واقفة أمام مكتبي، هيا اغربي عن هنا"

لم أعي متى ذهب و كيف عاد حتى وجدت نفسي التصق بالحائط بعدما دفعني نحوه بلا مبالاة و عينيه تنظران إلى الملف بين يديه بتركيز و بكل وقاحة دخل و أغلق الباب بوجهي

بحق، ما خطب هذا الرجل؟!

فتحت باب مكتبه و دلفت إلى الداخل ثم أغلقت الباب لألتفت إليه تزامناً مع رفع عينيه عن ذاك الملف كي يرى من الزائر

"ماذا تفعلين؟"

سأل بحدة و عقدة حاجبيه تضيق أكثر و لثوانٍ ترددت و رغبت بالركض خارج هذا المكتب، بل الشركه بأكملها كي أهرب من نظراته المخيفة هذه

"مـ ما خطبك؟ بل أنتم جميعاً... لم تتعاملون معي و مع عائلتي بهذه الطريقة؟ أليس من المفترض أننا سنصبح عائلة واحدة بعد يوم تقريباً؟!"

"إسمعيني آنسة... أياً يكن، فقط لتصحيح معلوماتك أن أختك الكُبرى سوف تكون زوجة لإبن خالتي لكن هذا لا يعني اننا سنصبح عائلة... على الأقل ليس مع فتاة غير شرعية مثلك أنتِ... جدتي لن تقبل أبداً بأن يحدث هذا و الآن اخرجي من مكتبي قبل أن تتسببي لي بمشكلة "

أعلم أن لغتي سيئة لكن ليست سيئة لهذه الدرجه... أنا واثقه أنه قصد بحديثه أنني غير شرعيه...أنني طفله ناتجه عن خطأ ليس أكثر أو عن علاقه... فقط علاقة غير شرعيه

" أ أنت ليس... لديك الحق في قول هـ هذا "

همست بصوت مختنق لأتراجع قليلاً كي أخرج فـتقدم هو مني بتردد لأصرخ عليه بسرعه

"لا تقترب"

"أ أنا لم أقصد... فقط أنـ.."

"أنا لست كما تـ تقول"

"مهلاً، مهلاً، مهلاً... لا تبكي أنا حقاً لم..."

عاد يقترب مني لكن هذه المرة كان مفزوعاً لبكائي... أكره البكاء، أكره الضعف أمام الغرباء لكنني أكره حينما يتحدث أحدهم عني بهذه الطريقه

لا أحب هذا و أمقت هذه الحقيقة

" لم أقصد "

همس بتوتر و رفع يديه نحوي لأنكمش على نفسي، و الباب فُتح فجأة بينما هو مازال على نفس الوضعية متفاجئاً

الذعر بدا واضحاً على وجهه بعدما اقتحمت فتاة ما المكتب وهي تصرخ بحماس

"سيهوني، أنا هنا"

"سونغ مرحباً بك، ما رأيك أن نتناول شيئاً، لا بد أن الطريق كان مرهقاً"

دفعني خلف الباب و هو يتحدث بسرعه بينما يسحب تلك الفتاه محاوطاً كتفها بذراعه ليخرج بعدها معها و أغلق الباب تاركاً إياي بالداخل

أنا أبكي الآن و لا أستطيع التوقف... أريد أمي

To be continued...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top