• حوريّةُ الغَسق | четыре •



بعيدًا عن الخيال ، أرضُ الواقع نشكلها نحنُ كما نشاءُ جوهرتي الغالية.

~~~~~~~~~~~~~~~~

سكبَ الأوراقَ على الطاولة ولسانه يجول داخل ثغره بسخط ، ما بالهم يصرّون عليه في شيء لن يشكل معضلةً بشأن إكمال اللعب ؟

" ليس لكم شأن بقفازي ، حسنًا ؟"

نبس ببرود لتتناقل الضحكةُ بين أفواههم ، هذه التي بقربه قد بدأت ترفعُ كتفيها متوجسةً من كل تلكَ النظرات المسكوبة عليه

" سيقتلونك ، انزع القفاز ولا تجادلهم "

" أوه انظر من يحذرني هنا ، لو كنتِ تجيدين التحذير لنجوتِ لنفسكِ أولًا "

نبرته لم تكن تبشر بالخير مع تلكَ النظرة التي قابلها بها ، كيف مرر عينيه عليها من الأعلى للأسفل فشعرت بنصل السكين ينغرز في باطن كرامتها

أتبدو قليلة الشأن لهذه الدرجة كي يرمقها هكذا ؟
جمعت أسنانها في غيظٍ ثم نهضت تتركه وحده يقابل جماعة السفاحينَ أمامه

نظرة خاطفة لها ثم أعادَ عينيه لمن هم أمامه يبتسمَ من أجلهم

" إذا ، يشترط أن انزع القفاز قبل اللعب
لأنه وكما تظن عقولكم الضعيفة أنني سأغش !!"

" يااه "

" سآخذ مالي وأذهب ، لا أنازلُ الفاشلين أمثالكم بالأساس "

كان الوضع قد أصبح فوضويًا بحق ، الفتاة تهز رأسها تدعو له بأن يرقد بسلامٍ بعدَ ما تفوه به

نهضوا جميعًا دفعةً واحدة

" إذا أردت الخروج فاخرج وأغلق فمك هذا ، أما عن المال فإنساه يا صغير !"

تحدث صاحب اللحيةِ المقلمة بعناية ، ابتسمِ بيكهيون بهدوء حينما رأى كيف يجمع الرجلُ ماله

رفعَ كتفيه مع زمّه لشفتيه

" أنتم أحرار ، لقد عبثتم مع الشخص الخطأ "

هم تلفتوا متفاجئين بجرأته التي ستلقيه في التهلكة ، ضحكةٌ مختلة قد فرّت من جوفه لينظروا له متعجبين

وجّه يده لجيبه ليخرجَ جميعهم أسلحتهم كذلك ، ضحكَ مرةً أخرى ضحكة متقطعة بعدَ سماعه للكشماء خلفه تلفظُ بخفوت

-أنثى الفهد-

" ستموت يا مجنون "

جميع من في هذه الصالة يتفرج هذه اللحظة مترقبين ما سيحدث بهذا الشاب في مقتبل العمر

سيلقى حتفه في عمرٍ صغير وهذا مؤسف بحق

" ياه أهدأوا فقط أردتُ إخراج...هذا "

ألقى مكعبًا يحتوي جوكرًا أحمرًا على كافّة أوجهه الستة ، هم بالفعل قد استغربوا تصرفاتِ هذا الشاب الغريبة بالإضافة إلى مكعبه الموسيقي هذا

المكعب يتحرك متقلّبًا على أحرفه و موسيقى السّرك مستمرة بالخروج من جوفه ، هم قد ضحكوا ساخرين من الموقف وهو قد رفعَ كتفيه ببراءة

" أعترف ...أنا أبله أحب المزاح لا غير
وداعًا ، استمتعوا جيدًا باللعب "

تراجع للخلف بقصدِ الخروج من هنا ، لكنه ما كان ليخرج دون أن يسحبَ رغس هذه المتفرجة المذهولة في مكانها

إغتال يدها وجرها معه راكضًا بسرعة ، وهي لم تلبث حتى أصبحت تركض مزامنة معه لا تدري إلى أين هو سيخرج بها

ثانية ، ثانيتين ، ثلاثة

صوتُ إنفجار قد دوى من الطابق السفلي
مما جعلها تقفز في مكانها وتلتفت للخلف ذعرة

أما عنه فقد نطقَ قبل وطأه للشارع خارج الملهى

" أوه ، أتمنى بأن يكونوا بخير "

نبرة حزينة ساخرة ثم ابتسامة شاسعة راضية ، لكن أصواتُ الهيجان قد تدافعت ليعلم أن عليه الركض بأسرع ما يمكن

وبالطبع ، هناك مسكينة ستركض برفقته لأن يدها مسورة بخاصته

" ياه أسرعي ما خطبك ؟ كنتِ تجرين كالحصانِ ذلك اليوم !"

" الكعب ..الكعبُ العالي يا المجنون "

هما يصرخان بينما يضربان الهواء راكضين نحو أي ملاذ يأويهما من جماعة المنتقمين الذين سيفتكون بهم

أخيرًا قد وجدا جدارًا قد يسترهما عن كل مرأى عين ، أنفاسُ بيكهيون تتسارع للأعلى ثم تهبطُ للأسفل كالافعوانية ، لكن الفرق أن الافعوانية تكون أبطأ ثم تسرع بعدَ ذلك

إلتفت ليرى من بجانبه والتي تحاول جمع أنفاسها الفارّة ، الكنزُ الثمين يلمع اليومَ كنجمٍ طارق ، والسماءُ الداكنة أعلاهما تشهدُ على ذلك

والقمر ينير بخفوتٍ سارحًا بهما

أخرجَ معطفه ثم أدثر جسدها تحته ، رفعت رأسها تنظرُ لعيناه بحدة

أيشفق عليها الآن أم ماذا ؟

" ابتعد عني "

دفعته لكن تلكَ الدفعة لم تحرك فيه ساكنًا

" لا ، تالله لن تهربي اليوم ككل مرة "

" ماذا تريد مني أخبرني ؟!!"

صاحت في وجهه ترتعشُ من شدّة الغضب

راقبها بهدوء عسى أن تلجم فوران أعصابها

" تعالي معي وستعلمين "

" إذًا في ماذا تختلف عنهم هاه ؟"

سألت تصوّبه بسبابتها فيبتسم بخفوت

" من ، القذرون في الداخل ؟"

أومأ لنفسه متنهدًا

" أنني لا أريدكِ لهوى ، أنا أرى فيكِ ما لا تعلمين
كما لو أنني استدللتُ بالنجوم على طريقٍ ما فأشارتِ لي عليك ، شكّلت جوهرة كبيرة في أعلى السّماء
فعلمتُ أنها تقصدكِ جوهرتي السوداء "

بقت تنظر له بعجزٍ فعقلها مازال في طور نموه ليفهم أقوال فلاسفة مختلين كهذا الذي أمامها

في غمضة عين هو قد سحبَ منها القناع المبتذل ، وألقى أذاني القطة بعيدًا عن رأسها

أخيرًا استطاع رؤية ملامح وجهها جيدًا ، كانت أكثر حُسنًا مما حفظه عقله عنها

أكثر بكثير~

" رباه ما هذا الذي أراه
هل أسقطتِ النعيم كسفةً منها على شاكلة أنثى ؟ "

انكمشت على إثر نظراته التي لا تنقطع عنها

" لا تقلقي فمدحي لجمالكِ ليسَ له علاقةٌ بجسدكِ أو قلبكِ فأنتِ حرة بهما ، ما يهمني هو كيانكِ ووجودكِ معي كلؤلؤة مسلوبة من عقدٍ ثمين ، أتفهمين ؟ أنتِ تكمّلين ذلكَ العقد ببريقك
ستبهرين الكلّ كما أبهرتني يا أنثى الفهد الحسناء "

____________

" لا تخافيني خافي نفسكِ المتوحشة ، أنتِ تقتلين رجالًا بعينيكِ السفاحتين !"

قال لمن تجاوره المقعد في السيارة ، كانت صامتة طوال الوقت متيبسة و وجيبُ قلبها يعلو باستمرار

هو كان يسترقُ النظراتَ إليها بينما يقودُ بها في قلبِ الشوارع الصاخبة ، والتي هدأت شيئًا فشيئًا عندَ اقترابهما من النّهر

أوقف السَّيارة ثم التفتَ إليها

" الوقت متأخر ، أوصلكِ لبيتك ونكمل حديثنا في الغد أم آخذكِ معي لحيث يفترض بكِ أن تكوني ؟"

رفعت حاجبيها مستغربة

" لحيث يفترض بي أن أكون ؟"

" ستحبين المكان لا تقلقي "

" يا سيد ، أنا حتى لا أفهم ما جرى لعقلي حتى أتبعك وأدخل لسيارتـ..."

" لا لا لا ، لم يجري لعقلكِ أي شيء أنتِ ما زلتِ سوية ولم تتأثري بي بعد ، أنتِ فقط اتبعتِ حدسك ، بربّك هل كنتِ ستعودين للملهى ؟ أم كنت ستركضين في الشوارع هربًا من لحاقي بك ؟ أنا جزمت أنني لن أترككِ إذًا لا تحاولي حتى ، عنيدة !"

ضربت باب السّيارة في سخط

" ألن تخبرني ما تريده مني ؟ أيًا كان ما تريده فأعطني مبلغًا ممتازًا وخلصني !!"

ثبت عينيه عليها مع سكوتِ لسانه عن النطق ، لم تفهم نظرته الحازمة والمفاجئة هذه

هز رأسه بقلة حيلة

" كيف أشرح لك ، أنني سأساعدك
فقط إن وثقتِ بي ، وأنا لا أريدُ منكِ شيئًا يا متيبسة الرأس !"

كان يتحدث بهدوء حتى نهاية الجملة ، هو رفعَ نبرته حينها لترتعش هي في مكانها

خافت وذلكَ لم يرقه أبدًا

" هذا الوحشُ يخاف مني أنا ؟ هي
أنا من أخافُ منكِ بعدما تركتيه في وجهي ذلك اليوم "

وجه يده لجيب سترته فأخرجَ بطاقة البستوني الأحمر

خطف قلمًا ثم كتب شيئًا كي يريها إياه

( ستصبحين ثرية )

قرأت الجملة ثم جمعت حاجبيها متعجبة

" ولا أعلم ما خطبُ أخوكِ لكنكِ ستتمكنين من إنقاذه بكل تأكيد ، سأوصلكِ للبيت حسنًا ؟ فكري بالأمر
لا أستطيع الافصاح عن التفاصيل حتى مجيئكِ معي ورؤيتك لكل شيء "

استرسل بعدما شغل المحرك يدفع بالسّيارة بعيدًا عن هنا

" وستختارين ما يروقك
لن أفرض عليكِ أي شيء "

فركَ شفته بانزعاج من آخر ماقاله ، هو يُخيّرها لكنه وللحق يريد وضعها في الأمر الواقع معه

لا يريدُ فرصة التخيير هذه ، لكنه ملكُ المفاوضات لذا لن يخسرَها قبلَ أن يغتنمها أبدًا

_________

" أريد أن أمر على الصيدلية أولًا "

أومأ ثم قاد بها صامتًا إلى الصيدلية ، كانت ستخرج لولا إيقافه لها

" بملابسكِ هذه ..لا ، أكتبي لي ما تريدين "

يخرج ورقة بستوني أخرى من جيبه ، فتسائلت كم من الأوراقِ بحوزته يا ترى ؟

كتبت فيها ثم أعطتها إياه

" ليسَ معي مال اليوم سلفني وسأعيده لكِ لاحقًا "

" أعلم ...ولا أريدكِ أن تعيديه لاحقًا كما تزعمين "

نطقَ ساخرًا قبل أغلاقه للباب خلفه

" سارقة وتقول سلّفني .."

توسعت عينيها مما قال ، هي حتمًا لم تفهم ما خطب لسان هذا الرجل !

________

" ورقة بستوني أخرى ؟"

سألته من مدّ يده نحو جيبه حينما أوقف السيارة قربَ بيتها

ابتسم

" لا .."

ترقبت ما سيخرجه من جيبه هذه المرة ولم تكن إلا ورقة الجوكر الملون

ضحكَ على تبدد وجهها ثم مدّ البطاقة إليها

" هذا هو رقمي "

أمسكت بالبطاقة تتفحصها ثم وجهت نظرةً ساخطة إليه

" أين هو أنا لا أراه ! "

" هل تشاهدين دورا ؟"

" إيه ؟"

شخر ضاحكًا على تعابير وجهها ، و هي اشمأزت من سلوكياته المتخبطة هذه فعقلها لم يعد يستوعب ما يقوم به بعد ، ترجلت من السيارة لكنه هتف قبل أن تغلق الباب في وجهه

" أنا لا أمزح ، الذي في يدك
هو أنا ، الجوكر الأحمر "

جفلت في مكانها ، أيمزح أم يمزح هو ؟
الجوكر الأحمر بشحمه ولحمه أمامها هنا !

اتسعت عينيها على مصرعيها لكنه سبقَ لسانها الذي كاد أن ينطق وجر الباب ثم دهس الدّواسة مغادرًا

ظلت تنظر إلى سيارته المغادرة بفمٍ فاغر وعقلٍ مسلوب

بجدية ، هل هذا هو الجوكر الذي يحتل الجرائد بأعظم قصص السطو على البنوكِ في التاريخ ؟!

________________________



♠♥♣♦

رأيكم ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top