chapter 2
*****
يرجى تشغيل الفيديو🎶 لقراءة ممتعة
****
.
.
.
-لقد أتيتِ!... لم أعتقد أنك قد تعودين إلى هنا بحق.
كان جالسا على الدرج الصغير بقرب بوابة الغابة، حضورها مجددا كما وعدته لم يتوقعه البتة..
حتى هي لم تظن أنها ستجده، و رغم ذلك جاءت وبيدها كيس مثلجات، الهدية التي وعدته بها لشكره على مساعدتها، ما إن رأته انفجرت سعادتها وركضت نحوه ...بكل بلاهة..ولذلك..تلقت ضربة على رأسها بقطعة جذع شجرة أسقطتها أرضا متألمة من شدتها...حدثها وهو يتنهد بتعب..
-أنتِ لا تتعلمين أبدا، صحيح؟
-لقد كنت سعيدة للغاية، أجابته بمرح، لذا فقط..آ..آسفة.
قفز نحوها من مكانه ليقف أمامها باستقامة،...
-الجو حار هنا،..هلا ذهبنا إلى مكان أبرد قليلا؟
-ماذا؟
تساءلت مستغربة من طلبه، هل ستدخل الغابة مجددا؟ لِتضل طريقها؟ وتضيع بداخلها؟..حدّثها مطمئنا إياها وهو يصعد للأعلى بواسطة الدرج..
-لا تقلقي، لأني سأعيدك إلى هنا مرة أخرى.
ما إن سمعت ما قاله لها، فرحت بالأمر، حملت الكيس المرمي على الأرض وذهبت خلفه، لقد وافقت على طلبه بصدر رحب، وبكل سعادة أيضا.
صعدا معا ذاك الدرج الطويل المؤدي لداخل الغابة، الذي كان مبنيا وسط الأشجار، والفوانيس الصخرية المنقوش عليها الرهبان على جانبيه،...
في طريقهما إلى الداخل، كانا يتناولان المثلجات التي جلبتها معها،..
بهدوء كانت تسير خلفه، تتأمل المكان، وجماله، وأثناء ذلك شعرت بأمر غريب يحدث بالأرجاء، كانت تتوقف لبضعة مرات ما إن تسمع حفيف الورق لتتفحص المكان لكن في كل مرة تلتفت لا تجد شيئا غير الأشجار والأعشاب فتعود للسير خلف غين، لكنها توقفت فجأة ما إن لمحت حركة ما، استدارت لتجد أن هنالك ظل أسود خلف أحد الأشجار، تقدمت ببطئ نحو غين لارتعابها منه، ولما كان يقوله بصوته العميق المخيف،..
-غين..هل تلك طفلة بشرية؟..هل بإمكاني تناولها؟
خبأها غين خلفه مجيبا إياه،..
-كلا،..إنها صديقتي.
-حقا؟..أيتها الطفلة البشرية...أرجوكِ لا تلمسي بشرة غين..إذا فعلتِ ذلك، عندها سأقوم بالتهامك.
عطس غين فجأة فارتجف ذاك الظل المخيف، وصعد لأعلى الشجرة وقد تحول شكله إلى ثعلب بذيلين، اندهشت هوتارو لما حصل،..
-اوه، هل ذاك ثعلب؟
هرب الثعلب بعيدا واختفى من بين الأشجار، أجابها غين،..
-إنه نوع آخر من اليوكاي،..إنه يتحول لكي يخيف الناس، لكنه جبان ويخاف بسرعة.
سمعت كلامه مذهولة، الحماس بداخلها بلغ ذروته، صرخت بسعادة رافعة كلا ذراعيها للسماء –والكيس الذي بيدها أيضا-،..
-مذهل ..هذه أول مرة أرى فيها يوكاي حقيقي. هم موجودون بالفعل. مذهل..مذهل..مذهل...
-إذن ماذا ظننتِ بأنني أكون؟
سأل غين متعجبا من ردة فعلها باستغراب واضعا يديه بجيوب سرواله وهي ظلت تقفز وتصرخ من سعادتها بما اكتشفته وتأكدت منه للتو، اليوكاي لم يعد بالنسبة لها مجرد قصص خرافية بعد الآن،..هم حقيقيون.
عاد غين للسير، تاركا إياها تكمل التعبير عن سعادتها، انتبهت له فلحقت به مهرولة لتكمل السير خلفه، سألته عن نفسه،..
-غين هل أنت يوكاي بلا وجه، أو شيئا من هذا القبيل؟
سؤالها هذا كان بسبب أنه يرتدي قناعا أبيضا بملامح الثعلب طوال الوقت، فظنت أن لا ملامح له ولهذا هو يخبئ ذلك بهذا القناع،..واصلت أسئلتها بينما هو ما يزال هادئا صامتا يسير للأمام،..
-لمَ أنتَ تضع قناعا؟
-ليس هنالك سببٌ وجيه، هكذا كانت إجابته قاسية بعض الشيء ليوقف فضولها حوله، لا تهتمي بشأني.
غيَّر بعدها الموضوع، راميا الدفة نحوها، مستفسرا بدوره الآن حولها،..
-أخبريني عن نفسك قليلا.
تغيرت ملامح الحزن التي كانت على وجهها والتي علته بعدما أجابها بتلك الطريقة إلى ملامح السعادة ما إن سأل عنها،..أي هو ليس غاضبا عليها لأنها سألته..شعرت بالراحة لذلك، أجابته وهي تمسك بيديها خلف ظهرها تهز الكيس يمينا وشمالا،..
-هل أنت مهتم؟
-انتظرتكِ لأنني مهتم.
إجابته هذه جعلتها تشعر بالراحة الكلية، سعِدت لسماعها لدرجة أنها راحت تركض لتسبقه وتدور حوله بينما هو ما يزال يسير بهدوء للأمام غير مبالي لتصرفاتها الطفولية هذه.
.
.
في هذه الأثناء، كانت على متن القطار متكئة على كفِّها ومرفقها مسند بإطار النافذة تتأمل المناظر الطبيعية التي يمر القطار عليها، تستكمل ذكريات الطفولة مع غين،..
-"في اليوم التالي، وفي اليوم الذي يليه، ذهبت إلى الغابة،..تلك الأيام الصيفية التي ركضتُ ولعبتُ فيها حول الجبل..حتى ولو كان الأمر سخيفا، ولكنه كان ممتعا للغاية"
.
.
في آخر يوم لها في الريف، ركضت نحو غين بعد انتهائها من جمع الأزهار من غابة الجبل، غين كان يأخذ قيلولة على العشب، راودها الفضول، حول ما يخفيه خلف القناع الذي يرتديه دوما..بالتالي بهدوء وبكل حذر أمسكت بحواف القناع وراحت ترفعه ببطئ وهي تتساءل بداخلها،..
-"لا بأس إن لمست فقط قناعه، صحيح؟"
ما إن رفعته ورأت ملامحه، تأكدت بأنه يملك وجها و ملامح، هو..فتح عينيه بغتة ففاجأها..من صدمتها ضربت القناع على وجهه لتغطيه مجددا،..
-آه..أنا آسفة.
-هذا مؤلم
صرخ ما إن تلقى الضربة، فهو الآخر لم يتوقع لا انتزاع القناع من وجهه ولا أن يضرب به أيضا، وبّخها بهدوء ما إن ارتفع من استلقاءه و اعتدل في جلسته،..
-مهاجمة شخص بينما هو نائم،..آه..يا لك من طفلة مخيفة.
-أنا آسفة، لكن..لقد كنت تدعي النوم، أليس كذلك؟
استند على يده وطرح عليها سؤالا هو بدوره،..
-لقد بدوت طبيعيا، صحيح؟
-لم أنت تضع قناعا؟، سألته بثبات ورغبة معرفتها الجواب واضحة في عينيها،..
-إذا لم أضع هذا القناع، فلن أبدو كـ 'اليوكاي'، صحيح؟
لقد مرت غيمة في هذا التوقيت عليهما، أظلتهما، فسادت بينهما نظرات كئيبة، حزينة ربما، فالإجابة لها وقع ثقيل بعض الشيء، على كل من سيقولها و على من سيسمعها، رغم أنها واضحة وضوح الشمس،..طأطأت هوتارو رأسها، ..ساد الصمت لحظات، ثم تحدّث بخفوت..فضحك غين بصوت منخفض على كلامها..
-أنت غريب.
.
على الدرج الطويل المؤدي لخارج الغابة، كان كل من هوتارو وغين ينزلانه بملل..بصمت..كسرته هوتارو لاحقا بسؤالها..
-غين، لن أتمكن من القدوم إلى هنا بدءا من الغد، لقد سبق و أخبرتك بذلك صحيح؟... بأني جئت لزيارة منزل جدي فقط لفصل الصيف؟ لذا عليّ أن أعود غدا إلى المنزل.
لم يردَّ عليها أثناء حديثها، بل كان يواصل النزول وهي خلفه، أنزلت كتفيها بحزن محبطة، فربما هو غير مهتم لكلامها، أو ربما هو غاضب من الأمر...لكن..توقف فجأة، استدار ناحيتها،..
-هل ستتمكنين من العودة مجددا في العام المقبل؟
سؤاله هذا، غير من مزاجها الكئيب الحزين بسرعة، معالم السعادة ظهرت على محياها وبكل ثقة أجابته،..
-أجل.
أكملا السير لخارج الغابة بعدها بهدوء.
.
.
"وهكذا أصبح الصيف شيئا أتطلع له قدما.
غين.. انتظر صيفنا الموعود"
.
.
في الصيف الموالي، رأت هوتارو في أحد الأيام لما كانت تذهب للقاء غين أنواع أخرى من اليوكاي، وكان ذلك أثناء تنزههما بداخل الغابة، حيث أحد الأشجار أخرجت إحدى فروعها التي كانت على شكل يد أحاطت بغين،..
-غين، هذا خطر يا غين..تلك طفلة بشرية إذا قامت بلمسِكْ، فستختفي.
-شكرا لك، لكن سأكون على ما يرام.
أعادت تلك الشجرة يدها الجذعية للداخل لتختفي بين الأوراق محدِّثة هوتارو،..
-أرجوكِ، لا تلمسيه أيتها الطفلة البشرية.
-حسنا، أجابت هوتارو بحزم.
أكمل غين السير، فتبعته هوتارو لتكمل السير خلفه كعادتها، صوت أجراس ظهر بين الأشجار استدارت هوتارو لترى مصدره، فوجدت مظلات تطفو في الهواء تظهر هنا و هناك، تهمس لغين،..
-غين...
-غين...
-غين...
-كن حذرا...
-غين...
تساءلت حينها هوتارو بداخلها مكملة السير بعد غين تتأمله من الخلف،...
-"اليوكاي يستطيعون لمسه.. صحيح؟"
.
.
"بعد ذلك الصيف مرَّ صيفان آخران"
.
.
-هوتارو...أين أنت؟...هوتارو...هوتارو..
كان يبحث عنها بين الأشجار فقد اختفت من الأرجاء دون أن يلحظ ذلك،...
-هوتا...
نزلت بغتة رأسا على عقب وهي معلقة على أحد الفروع لتفاجئه، وقد نجحت فقد انتفض ما إن ظهرت بوجهه بطريقة و مكان لم يتوقعهما، وأيضا... هي الأخرى تفاجأت من نزول فستانها على وجهها فظهرت ملابسها الداخلية، راحت ترفعه بسرعة وترفع نفسها لتجلس على الفرع،..سألها مستغربا من موقعها في الأعلى هناك،..
-ما الذي تفعلينه؟
-لقد أردت رؤية وجهك المندهش، لكن..
بقيت ترمقه فهنالك شيء خاطئ في الأمر، فذاك القناع الذي يرتديه لن يمكنها من تحقيق رغبتها..
-على الأقل حينما تكون برفقتي، هلاّ خلعتَ قناعك من حين لآخر؟
-لا بأس، راح يرفع القناع ليُلبي طلبها، ..لكن، هل هناك سببٌ ما لذلك؟
-ليس حقا، لكن..
لم تنهي كلامها فقد ارتعبت ما إن اهتز الفرع، من ثم انكسر لتهوي للأسفل، ركض غين نحوها مسرعا ليمسكها قبل أن ترتطم بالأرض فتتأذى،...
-احذري هوتا...
تجنب إمساكها في آخر لحظة فقد سقطت على بعض الشجيرات الصغيرة التي نمت قرب تلك الشجرة.
-كان هذا وشيكا.
علّق على الأمر متنهدا، أجابته هوتارو بخفوت بينما تراه بالمقلوب بسبب وضعية سقوطها،..
-نعم..
-أنا آسف هوتارو، هل أنت بخير؟
أرخت نفسها فانزلقت من على الشجيرات، عدلت وضعيتها و جلست تعدل ثيابها، ...
-أجل، حمدا لله..هييي غين..مهما حدث، لا تلمسني أبدا...حسنا؟
تجمعت الدموع على جفنيها، واهتز صوتها في كلماتها الأخيرة راحت تبكي، فقد ظنت أنه سيختفي ما إن رأته راكضا نحوها ليمسكها، رعبها من ماذا سيحدث إن لمسها كان أكبر من رعب السقطة التي كانت في جوِّها...
-مهما ..حدث.
كررت كلامها لتؤكد له موقفها....جلس القرفصاء مقابلا إياها، يشاهدها وهي تبكي، لا يمكنه حتى ضمها ليقوم بمواساتها، لأن هذا ...خطر!
.
.
"في الصيف التالي، والصيف الذي يليه، زرت الغابة"
.
.
-غين، لقد أتيت إلى هنا هذا الصيف أيضا... ما رأيك؟
رفعت أطراف تنورتها التي كانت جزءً من زيها المدرسي الذي جلبته معها لترتديه لما تذهب لرؤيته، أرادت أن تتباهى به أمامه وتشاركه بتفاصيل حياتها،..
-لقد أصبحتُ في المرحلة المتوسطة.
ظل هادئا جالسا في مكانه قرب بوابة الغابة، يتأملها..
-تبدين كما لو أنك.....قد أصبحتِ.. امرأة!!
-أنا بالفعل امرأة.
أجابته بعبوس فما الذي يعنيه بكلامه؟ ألا يرى أنها كبِرت..هي لم تعد تلك الطفلة الصغيرة الآن.
نهض مغادرا المكان متجاهلا كلامها...
-هلاّ ذهبنا؟
-أجل،..
تخلت عن عبوسها بسرعة وراحت تتبعه بمزيج من السعادة والمرح..وبعض التساؤلات ظهرت بعقلها... كانت تتأمله عن قرب وهي تسير بجانبه، فانتبه غين لنظراتها نحوها..
-ماذا؟
-لا شيء..، هزّت رأسها يمينا وشمالا ثم راحت تشاركه بعض معطيات حياتها وهما يتنزهان في الغابة، ...على الرغم من أني حاليا أرتاد المدرسة المتوسطة، لكن..العديد من أصدقائي حينما كنتُ في الابتدائية معي الآن في نفس الصف، لذا لم أشعر بأي تغيير، لكن عدا ذلك...
.
.
"أعمارنا تتقارب تدريجيا، بطريقة ما ..غين..يبدو بأن غين ينمو بشكل أبطأ بكثير عن نمو البشر...بينما تمر السنين، يتغير مظهري، لكن غين ظل تقريبا في نفس الهيئة مثل أول مرةٍ التقينا فيها"
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top