بارت33

بمركز الشرطة
تم تقرير عقد جلسة المحكمة بعد أن تنازل والد
لوكاس لاصدار الحكم الأخير وتقرير مصير الشاب الذي منذ معرفة الحقيقة مات من الداخل ولم يعد يدرك ما حوله فقد أدرك أن حياته كانت كلها كذبة أختلقها ابن عمه وهو بكل غباء تبعه دون تردد وخسر نفسه ، اخرجه الشرطي فلم يقاوم بل سار بخطوات متباطئة وغير مبالاة واضحة وكأن كل هذا لا يخصه أو يعنيه بشيء !

اقتاده نحو غرفة المحكمة حيث كان القاضي
هناك واستر ايضاً فنظر إليه مارك بعينين ميتتين
ابتسم بسخرية كانت سخرية من نفسه أكثر
من كونها من استر ، تابع طريقه بعد أن اشاح
بوجهه واخفض رأسه للأرض وهو غير مهتم بما
سيجري فبالنسبة له حياته انتهت بالفعل

أخذه خلف القضبان بينما جاء المحامي الذي وكله والد مارك له فقط للتخلص من الفضيحة فهو لم يكن مهتماً بأطفاله يوماً ولا حتى زوجته التي تزوجها بعد وفاة والدة مارك بل كل همه هو العمل وكل ما قام به هو وضع المحامي للدفاع عن مارك و لم يكلف نفسه عناء زيارته حتى !

بدأت المحاكمة و مارك لا يستمع لشيء منها إلى أن أصدر الحكم عليه مع وقف التنفيذ ! بمعنى لن يعاقب على جريمته إلا إذا ارتكب جريمة أخرى مستقبلاً حينهاسيعاقب على الاثنتين ،خصوصاً بعد أن تنازل والد لوكاس .

هذا كان بصالح مارك إضافة لأقوال لوكاس التي كانت بصالحه ورغم أن الشرطة لم
تصدق أقواله  إلا أن هذا خفف الحكم عنه كثيراً وحصل على حريته .

لم يكترث مارك كثيراً بل لم يستمع
لأي شيء وحتى حين جاء الشرطي اليه هو ظن أنه سيأخذه للسجن أو المشنقة ولذا حين أبعد
عنه الاصفاد هو نظر اليه بنظرة ميتة وهو يظن أنه ارتكب خطأ إلا أن الشرطي أخرجه من صمته
(انت محظوظ لتكون حراً مجدداً ! استغل هذا جيداً !)

نظر اليه مارك بغير فهم بينما توجهت أنظاره لا ارادياً نحو استر و لاحظ ملامح استر المستاءة الذي غادر القاعة بعد أن ازعجه الحكم
وهو يتمنى لو قتل لوكاس وبهذا سيكون قد تخلصمنهم وللابد ولكنه هدأ نفسه بالتذكر أنه صارالوريث الشرعي للأسرة فعادت اليه ابتسامته الماكرة وتابع طريقه للخارج بينما مارك بقي واقفاً مكانه .

بينما غادر الجميع ، سار مارك بعدها بخطوات
متباطئة وهو يستمع لكلام من حوله وهم يتحدثون عنه بسوء ، لم يكن مهتماً أو هذا ما حاول يقتنع به.

فكر أن هذا عقابه على كل من اذاه بسبب
حماقته وما تسبب به للآخرين ! وصل للخارج
رغم أن الطريق كان قصيراً جداً إلا أنه شعر
أنه أطول طريق سار فيه وكيف لا وكلمات
الآخرين تخترقه وتذكره بأكبر كذبة عاشها !

نزل الدرج مبتعداً عن المحكمة وهو يشعر أن تائهليس له مكان يتوجه اليه وهو يدرك أن والده
سيتخلى عنه وبالتالي لن يستطيع البقاء مع اخته وبأي حال هو كان مع المجرمين الذين جعلوهاتمرض هل يحق له البقاء ؟

الجواب جاء من أعماقه ليحطمه أكثر وأكثر ويكون لا ! لايحق لك !بينما هو يعاتب نفسه سمع صوت شخص لم يتوقعه(الن تذهب لرؤيتها ؟ هي تتمنى رؤيتك بأي ثمن !)

تجمد بمكانه وتوقف عن السير دون أن يجرأ علىالنظر للخلف ومهما حاول النطق فالكلمات خانتهولم تعطه مجالاً للتعبير فأكمل ذو الشعر القرمزي وهو يوجه نظرات جانبية لمارك ويداه معقودتان لصدره
(ماذا عن لوكاس ؟ لقد وافق على الرحيل رغماً عنه مقابل أن يتنازل والده ، هو يدرك انك لست الفاعل ألا يجب على الأقل أن تذهب لزيارته ؟)

(لا يحق لي ! انا سبب كل ما حدث لهما )
استطاع مارك اخيراً أن يعبر عن مشاعره وصاغهابعدة كلمات اختصرت كل شيء .

فتقدم منه اكاي وامسكه من قميصه وعيناه اختلط بهما اللوم بالغضب والشفقة ربما عبر عنها كلها بكلمات صادقة لايقاظ من أمامه
(كف عن هذا الغباء ! اعرف ان الأمر صعب ولكن هو لم يتنازل لكي تذهب وتحطم نفسك ! إذهب واعتذر منه على كل شيء غبي قمت به !)

اخفض رأسه وزاد امساكه بقميص مارك
(إذهب إليها واسالها أن كانت بخير !أطلب السماح على غبائك !اتظن أنها لن تسامح شقيقها الذي ظل يتألم لأجلها ؟!)

لم يبدي مارك أي تفاعل أو رد ولم يستطع أكاي أن يفهم أن كان كلامه هو السبب أم أن من أمامه هو من ماتت مشاعره فما عاد يهتم لشيء !

أبعد يده عنه بينما ينظر إليه بحيرة بينما بقي الشاب أمامه ينظر إليه بنظرات غامضة بدت له خالية من المشاعر ، ضيق اكاي عينيه الخضراوين
(انت مدين له ! وهو أصر على رؤيتك لذا لا يحق لك الرفض !)

أخيرا وبعد صمت طال نطق من أمامه بهدوء
(بأي مشفى ؟)

التفت اكاي بينما عيناه تسترقان النظر للخلف
(اتبعني)

سار الاثنان والصمت هو ما ساد بينهما حتى وصلا للمشفى ،دخل مارك يتبع اكاي حتى وصل لغرفة لوكاس فدخل دون طرق الباب ووجد لايت معه فنظر لوكاس ولايت معا لاكاي بأستغراب
(احظرت ذلك الشخص إلى هنا !)

تغيرت ملامح لوكاس قليلاً لشيء من القلق بينما نهض لايت وابتسم بود للوكاس
(اذا سأعود لاحقاً )

أومأ لوكاس فخرج الاثنان بينما تردد مارك بالدخول لكنه لم يملك خيار آخر للتخلص من نظرات لايت واكاي ، أغلق الباب خلفه بقي واقفاً قرب الباب بصمت فتحدث لوكاس ساخراً
(لست من اكلات لحوم البشر لذا هل يمكن أن تسدي لي معروفاً وتتقدم قليلاً؟!)

اشاح بوجهه قليلاً بينما يتقدم ببطئ ووصل قرب السرير بينما لوكاس لم يبعد عينيه البحريتين عن مارك ابداً
(انت لم تفعل ! اعرف انك بريء لذا لا داعي للشعور بالذنب !)

ابتسم مارك ساخراً وهو يرى من أمامه يحاول التخفيف عنه رغم أنه هو الضحية هنا فأيقن كم أنه مثير للشفقة ليضطر لوكاس لقول هذا ؟!

تحدث بشيء من البرود ليس لغضبه من لوكاس أو شيء كهذا بل هذا البرود كان انعكاس داخله الميت (لا داعي لتخفف عني !لقد وثقت به ! اعتبرته أخي ! لم أصدق أي أحد حين تحدث عنه وبالنهاية ..!)
صمت حين شعر أن مشاعره بدأت تحاول التحرر فمنعها لأنه يرى أنه ليس من حقه هذا

شعر لوكاس بذلك فقرر الحديث ليساعده على إخراج ما بداخله
(أجل ، كنت غبياً ! لم تصدق ما قلته لك ! لكن مافائدة الندم الآن ؟ هل سيعود الماضي ؟بدل العيش ندماً على ما مر لما لا تعوض مستقبلاً؟ هل أدركت بما أخطأت اساساً؟)

ضغط مارك على يده بشدة وظهر الحقد بعينيه
(أجل ، ما كان يجب أن أثق به ! )

نظر اليه لوكاس بصمت ثم اشاح بوجهه للامام
( قلت نفس هذا الكلام سابقاً حين خنتني انت !)

اغمض مارك عينيه وشعر بتلك الذكريات كأنها سكين يخترقه فأكمل لوكاس
(لكن اكتشفت شيئاً ! ليست الثقة هي الخطأ ،بل الثقة العمياء كذلك ، لديك عقل فأستعمله ولا تجعله مزهرية ! لو فرضنا أن استر كان يهتم لامرك لكن هوقادك لشيء خطأ دون قصد كيف كان سيشعر ؟لا تدع أحد يقودك !)

نظر اليه واردف بابتسامة
(لديك المستقبل أمامك ، هذه المرة لتكن آراء الآخرين فقط مصدر للاراء والمعلومات أما القرار الأخير لك ! فكر بنفسك فأنت من سيتحمل النتائج بالنهاية ولن تستفيد من لوم الآخرين لأنك من سمع كلامهم بملئ ارادتك !)

كان مارك ينظر إليه وهو يستمع بكل هدوء وعيناه مثبتتان على من امامه بينما هو يشعر بالخوف يملئ قلبه مفكراً هل حقاً يحق له أن يبدأ من جديد؟

قاطع أفكاره لوكاس الذي نطق بشيء من الحزم
(لا اعطيك خياراً ! لقد وافقت على الرحيل مع أبي فقط مقابل اخراجك ! أنت مدين لي بهذا لذا ستنظم لاكاي وتعوضه عن كل ما فعلته !)

فجأءة فتح الباب ودخل اكاي بأنفعال
(لحظة ! لا تقرر ذلك بنفسك !)

تبعه لايت ساخراً
(هل سترفض شقيق زوجتك المستقبلية ؟!)

ظهر بعض الاحراج على خدي اكاي
(أخرس ولا تتدخل حين يتحدث قائدك! )
نطقها بانفعال يخفي إحراجه خلفه بينما ضحك لوكاس بخفة أما مارك فهو بقي صامتا

ً فتقدم اكاي منه أمام رفيقه ومد يده فبقي مارك يحدق به مستغرباً فتحدث اكاي
(اذا سنتعرف أيها الغريب !انا اكاي قائدك  واواعد شقيقتك حالياً !)

حدق لايت ولوكاس به لثواني حتى انفجر الاثنان ضاحكين بينما شعر مارك أنه على وشك البكاء فقد استطاع أن يفهم من كلام اكاي أنه يقبل به معه فنطق لوكاس ساخراً
(لايت ،يبدو أن الزعيم كان سعيداً جداً بأستيقاظي حتى أنه فقد ذاكرته ! )

ضم لايت ذراعيه الى صدره ورد على لوكاس
(أو هو فقط مرتبك جداً من شقيق زوجته المستقبلية !)

كان اكاي يشعر برغبة بقتل الاثنين لولا رؤيته مارك والذي بدأت دموعه تخذله وتحررت لتغسل وجنتيه وقلبه ورغم أنه لم يكن متأكداً من ما سيحدث لكنه شعر ببعض الحمل يزول من قلبه !

~~~~~~~

توجه مارك بعد مدة قصيرة ليذهب لرؤية شقيقته فرغم أن الوقت الذي غاب به عنها قصير الا أنه  شعر بحنين وشوق شديد لها وخوف  من خسارة أسرته الوحيدة التي تهمه فرغم كل الأكاذيب بحياته اخته هي الحقيقة الوحيدة .

وقف أمام باب غرفتها ويده على قلبه ، شعر بيد تمتد لتدفعه بقوة فنظر للخلف ليجده اكاي فقد كانت هذه طريقته ليظهر دعمه لرفيقه الجديدة والذي قرر اخيراً الدخول  ، فور دخوله توجهت أنظاره نحو النائمة على سريرها بعمق أو هذا ما ظنه .

تقدم بخطوات متسارعة حتى وصل إلى سريرها فأمسك بيدها وضمها إلى صدره ومسح على وجهها بكل حنان فشعرت النائمة بسلام بتلك اليد ففتحت عينيها ببطئ لترى صاحب تلك اليد وكم كادت تطير من السعادة حين رأت وجه شقيقها أمامها فبدأت دموعها تنزل لتزين وسادتها البيضاء
(مرحباً بعودتك أخي !اشتقت اليك )

لم تكن مدة الفراق طويلة إلا أن فكرة خسارة شقيقها كانت كفيلة لجعلها تشعر أنها لم تره منذ زمن ولم يختلف الامر من جهته فدنى من رأسها وقبلها من جبهتها بحنان
(اسف ناتالي !اسف حقاً !لقد أخطأت كثيراً ! كل ما حدث لكِ كان بسببي !)

بدأ يفقد السيطرة على دموعه والتي بدأت تنزل لتنذر ببداية انهيار صاحبها والذي دفن رأسه بين يدي اخته والتي مسحت على شعره بخفة
( أخي ، كل شيء بخير ! لا تقلق من شيء ! المهم انك بخير !)

نظر نحو اخته وكم كان يشعر بالذنب من رؤيتها راقدة بالمشفى إلا أن بعض هذا الذنب زال بعد ان اعتذر أخيراً منها  فكان صوتها الرقيق كالبلسم الشافي لكل جروحه وان كان أثرها لن يزول   .

~~~~~~

تحسن لوكاس نسبياً فقرر والده أن وقت الرحيل قد حان ولم يكن للوكاس القدرة على قول شيء فهو وعد والده بالفعل .

سيا ذهبت لجولي لقضاء الوقت معها لآخر يوم ،الأجواء كانت حزينة فرغم أن الوقت قصير لكن الفتاتان بالفعل قد قررتا الكثير للمستقبل ولكن للأسف ذهب كل شيء إدراج الرياح

جلست الاثنتان قرب نافورة بالقرية والهواء يحرك شعر الاثنتين ويحرك الإشجار مصدراً صوتاً مرتفعاً كأنه يعوض عن الصمت المسيطر عليهما ، نطقت جولي لتلطف الجو
(ستكونين بخير صحيح ؟ نحن سنلتقي دون شك
وحينها يمكننا البقاء معاً ! نحن أخوات صحيح سيا ؟ لن يفرقنا شيء !)

هربت دموعها من عينيها بينما تحاول كتم صوت شهقاتها، اخفضت رأسها لتجعل من شعرها غطاء لإخفاء هذه الدموع لكن جولي تدخلت واحتضنتها بلطف قائلة
(لا تبكي ! سأنتظرك مهما طال الوقت ! لقد قضينا وقتاً قصيراً معاً لكن انا حقا اعتبرك أخت لي ! لن تفرقنا المسافة ! سنبقى على اتصال حتى يحين موعد اللقاء !)
كانت تقول هذه الكلمات بينما تمسح على شعر سيا ودموعها نزلت مع ابتسامتها .

ورغم كل الحزن كانت هذه الكلمات تترسخ بعقل سيا وتعطيها دافع للمستقبل فهما فتاتان تقابلتا بظروف غير متوقعة و وجدت كل منهما بالآخرى شبيهه لها واخت تخفف وحدتها بينما كانت هي المنقذة لسيا وساعدتها على قرارها بالتغير ، أخذتها لعملها وتحملتها بمرضها وعلمتها طهو بعض الأطعمة ، خففت عنها وحدتها بوقت هي كانت بأمس الحاجة به لأحد .

ابتعدت للخلف ومسحت دموعها وشقت ابتسامة لطيفة طريقها لشفتي سيا
(سأصبح شخصاً تفخرين أنكِ صديقته ! سأبذل جهدي حتى يكون لقائنا التالي قريباً وحينها سأكون شخصاً تستطيعين القول برأس مرفوع هذه أختي التي لم تلدها أمي !)

كانت هذه الكلمات لأن سيا أخبرت جولي بماضيها وجولي اخبرتها بكل صراحة أنها أخطأت لكنها ستتقبلها طالما هي تصحح من اخطائها فقالت لها هذا الكلام لتؤكد لها أنها لن تتراجع عن قرارها لا لأجل أمها ولا غيرها !

~~~~~~~

توجه ريو نحو الطبيب ووقع على الأوراق بينما كان لوكاس قد غير ثيابه بالفعل استعداداً للمغادرة وهو يشعر بحزن شديد لكن ليس له الحق بالكلام الآن !

هو كان يفكر كيف ستكون ردة فعل أسرته وعمته؟ كيف سيكون موقفه مع والده ؟ أسئلة لم يجد إجابة لها بداخله فترك الجواب لوقته .

اكمل تحضير أغراضه بينما أخذ والده أغراضه وأغراض سيا،توجهوا من المشفى للقطار ، وقف سيا ولوكاس بينما ترك ريو الصغيرين يودعان رفاقهما وركب بالقطار بينما لوكاس وسيا بقيا واقفين ،تقدمت جولي لتقف
أمام سيا وامسكت بيدها مع ابتسامة ودودة على شفتيها اللتين شابهتا لون الكرز
(سنلتقي قريبا ، حتى ذلك الحين تشجعي !)

اومات سيا بابتسامة هي الاخرى بينما الدموع تجمعت بطرف عينيها لكنها مسحتها باصبعها فوراً وتراجعت خطوتين للخلف
(سأكون بخير ! أعتني بنفسك أيضاً وسأحرص أن نلتقي قريباً !)

أما عند لوكاس ورفاقه فقد كان لوكاس واقفاً وأمامهناتالي، ميارا ،اكاي ،مارك ولايت فتقدمت ميارا واحتظنته دون انتظار كلامه وبدأت بالبكاء
(لم أتوقع أن اودعك يوماً ! هذا فظيع ! لا أتخيل المنزل من دونك !)

ابتسم لوكاس بود وضرب على ظهرها بخفة
(لا داعي لدخول منزلي اذاً حتى لا تشعري بالغربة !)

ابتعد للخلف خطوة بينما يدها لا تزال على كتفيه فتابع بنفس النبرة التي امتزج معها القليل من السخرية
(ثم ماذا ؟ هل ستدخلين منزلي حتى بغيابي ؟)

اومأت بسرعة وتحدثت بشيء من الفخر
(بالطبع ! أعلم ان المنزل منزلي ولا احتاج لأذن لدخوله !)

ثم تغيرت ملامحها للاستياء مجدداً واردفت
(رغم أني لن أجد شيء ممتع به اساساً بغيابك !)

تحدث اكاي بسخرية مقاطعاً أفكار شقيقته
(منزل واحد يكفيكِ ! اظنني انا من سيستعمله  أحيانا للهرب من تحقيقياتك!)

شهقت برعب واضع يدها على قلبها
(فظيع أن تقول هذا لاختك ! الذنب ذنبي للقلق عليك ! )

نطق لايت وهو يضرب جبهته تعبيراً عن استياءه
(أظن أنكم نسيتم السبب الأصلي لتواجدكم هنا وانشغلتم بتوزيع الميراث الذي لا يخصكم أساساً !)

نطق لوكاس بحزن مصطنع على ملامحه
(أشعر اني ذاهب للموت وليس للسفر  بسببهم ! القليل بعد وابدأ بمحاولة مواساتهم ايضاً  بدل أن يفعلوا هم ذلك !)

نظر اليه اكاي بحاجب مرفوع
(أن أردت المواساة فقد جئت للشخص الخطأ ! الطريقة الوحيدة التي قد اواسيك بها  هي ضربك حتى تفقد الوعي ولا تشعر بطول الطريق !)

أجابت ناتالي بأستياء وهي تضع يدها على فمها تعبيراً عن صدمتها
(فظيع ! لا أصدق أن الرجل الذي احبه قاسي هكذا !)

ابتسم لوكاس ولايت بمكر بوقت واحد وهما ينظران اليه فتحدث لوكاس بسخرية
(انظر ماذا فعلت أيها القائد ! لقد خيبت أمل فتاتك !هذا فظيع !)

بينما تابع  لايت بشيء من الدرامية المصطنعة وهو يحرك رأسه بأستياء يمينا ويساراً
(فظيع ! كل دروسي له  بمعاملة الفتيات تذهب سداً !)

تحدثت ميارا فوراً
(لا تقلق انا ساتصرف ! سأتاكد بعدها  أن يحسن معاملة زوجته المستقبلية !)

شعرت ناتالي بالخجل فاخفضت رأسها  وخديها محمرين  فتقدم لوكاس وبعثر شعرها بلطف
(لا داعي لأقول هذا أظن لكن سأقوله بأي حال ،أعتني بنفسك ! )

رفعت راسها ونظرت اليه مع دموعها التي تهدد بالنزول وابتسامة جميلة ارتسمت على وجهها
(شكراً على كل ما فعلته لأجلي !)

ابتسم لها وربت على  رأسها بينما مارك يقف بقربها غير قادر على الكلام حتى اقترب منه لوكاس ومد يده له
(لا أقول اني سامحتك بعد ولكن سأقول لك هذا ،حين نلتقي مجدداً اجعلني اقول جيد اني فعلت هذا ! احرص أن تتغلب على ذلك الثعلب استر وحطم غروره !)

تردد بالبداية لكن بعدها مد يده وصافح  لوكاس مع ملامح حزينة ارتسمت على ملامحه
(اسف حقاً ! أنت مضطر للمغادرة بسببي و..)

ضربه لوكاس على رأسه بخفة ونطق بشيء من الأنفعال
(لا أحتاج اعتذارك ! ثم ما حدث فقط جعله مصر أكثر لا غير ، هو من البداية كان قد قرر اعادتي بأي حال لذا لا تفكر بأشياء لا داعي لها !)

جاءت اليه جولي بعد أن أكملت توديع سيا فابتسمت له بحزن ومدت يدها لتصافحه
(لقد مر الكثير بالفعل ! لا أزال أذكر اول مرة رأيتك بها ! من كان ليصدق أن كل هذا سيحدث خلال هذه المدة ! انا حقا سعيدة بالتعرف عليك ! احرص على مراسلتي !)

صافحها وابتسم لها
(بالطبع سأفعل !)

أغمضت عينيها قليلاً لتسترجع أفكارها  ثم نظرت اليه بنظرات جادة
(اعلم ان طلب هذا قد يكون غير لائق خصوصاً بعد أن سمعت كل ما حدث منها ولكن !)
اشاحت بنظرها قليلاً ثم نظرت إلى عينيه مجدداً
بثقة(أرجوك أعتني بسيا !هي تحاول التغير ! أعلم أنها كانت سيئة ولكن ! )

حدق لوكاس بها لعدة ثواني حتى ابتسم ابتسامة واثقة
(لا تقلقي ! )

تنهدت براحة ووضعت يدها على قلبها بينما أشرقت ابتسامتها
(كنت قلقة أن توبخني على طلبي !شكراً لك لوكاس سأعتمد عليك ! )

تقدم لايت بعدها واقترب من لوكاس مع ابتسامة امتزج بها الحزن واللطف المعتاد للايت
(أظن شقيقنا سيرقدان بسلام الآن ! حقا استمتع بعمل المصائب معك !)

مد يده بوضع القتال بالأيدي فأمسك  لوكاس بيده أيضا مع ابتسامة ودودة
(أجل اظنهما  كانا يدعوان ليل نهار وها قد حصلا على  ما ارادا !)

ثم تحولت تلك الابتسامة الودودة لواحدة ماكرة
(ولكن ليس وكأنني سأدعه يرتاح وحسب ! فقط سأنقل مقر مصائبي لمكان آخر ، أظن ! )

ضحك لايت بخفة بينما أبعدا يديهما بالوقت نفسه (وانا كذلك !)
اختصر لوكاس كل كلامه به .

سمع صوت القطار  فالتفت ليغادر ومعه سيا وبمجرد أن خطى اول خطوة للقطار سمع صوت اكاي الجاد والذي نطقه دون أن ينظر للوكاس وكذلك لوكاس لم يكن ينظر إليه بل كان يعطيه ظهره
(أينما ذهبت ستبقى تلميذ لذا لا تملك خيار سوى تحطيم رأس من يزعجك مقابل جهدي الذي بذلته ! نراك قريباً)

رفع لوكاس يده دون أن يلتفت  بينما ابتسامة حزينة زينت شفتيه فبدأ القطار يتحرك ومعه تطايرشعر لوكاس الذي كان يشعر بالشوق من  هذه اللحظة لكن هل يمكنه فعل شيء ؟لا ، فقد وافق وانتهى الأمر !)

توجه نحو المقاعد التي حجزها والده فرأى والده يجلس هناك بينما ينظر للخارج ، تردد بالذهاب إلى هناك فهو بسبب قلقه من أمر المغادرة تناسى أمر مشكلته بالتعامل مع والده والآن جاءت هذه المشكلة لتتقافز أمامه وتكشف نفسها مجدداً .

بقي واقفاً هناك حتى انتبه والده له حين قلق من تأخره فنهض من مكانه متوجهاً نحو لوكاس
(ما الذي تنتظره ؟! تعال واجلس )

انتبه لوكاس لوالده فارتبك قليلاً لكنه ذهب ليجلس بقربه وحل الصمت بينهما فلا ريو يملك فكرة عن كيف يفتح حواراً معه ولا هو يعرف ما يريده وليس مستعداً للحديث أيضا !

سيا كانت تجلس امامهما وهي قلقة جداً من ما سيحدث مع أمها فلم تشعر بالطريق ابداً
سار القطار لمدة طويلة حتى بدأ لوكاس يشعر بالنعاس بشدة بسبب الصمت  الذي كان يخيم على الاثنين  ، بدأ يتثائب من شدة الملل فسمع صوت والده والذي تحدث بشيء من التردد
(هل تشعر  بالجوع ؟)

نظر إلى والده بعينيه الناعستين ثواني حتى اشاح بوجهه ونطق بهدوء
( لا ،لست جائعاً !)

حل الصمت مجدداً بينما بدأ لوكاس يغفو دون أن يشعر فأنسدل رأسه  بخفة ليستند على  كتف والده والذي شعر بشيء خفيف يلامس كتفه فنظر بمهل ليرى لوكاس الذي غفى بكل هدوء وبراءة مما جعله يبتسم دون أن يشعر ، حرص على عدم الحركة حتى لا يزعج النائم بقربه وبقي يسترق النظر اليه بين حين وآخر بينما غاص المعني بعالم الاحلام .

سيا غفت هي الاخرى إلا أن مخاوفها من أمها لم تتركها  بسلام حتى أثناء نومها بل لاحقتها إلى هناك لتنتزع الراحة من اجفانها وتفسد عليها  مزاجها أكثر من ما هو محطم !

مر الوقت حتى وصلوا للمحطة ، نظر ريو نحو لوكاس بهدوء وحركه بخفة  حرصاً على عدم أفزاعه فبدأ المعني يقطب حاجبيه  بشيء من الانزعاج بينمابدأت اجفانه  تبتعد عن بعضها لتظهر عيناه بزرقتها ويبصر ما حوله فكان أول ما وقع بصره عليه هو وجه والده والذي فور رؤية ابنه يستيقظ نطق من فوره بهدوء
(لقد وصلنا للمحطة ، انهض )

حاول لوكاس طرد الكسل من عينيه وبدأ يفركهما ليعيد النشاط لوجهه ، نهض ليحمل الأمتعة مع والده بينما أيقظ ريو سيا  وتوجهوا نحو الطائر بصمت لم يختلف عن صمتهم بالقطار ، مر الوقت  سريعاً هذه المرة ووصولوا للندن أخيرا .

فور أن حطت قدم لوكاس وسيا الأرض بدأ التوتر ينال منهما فسيا التي جاءت قبلاً إلى هنا لم تعد موجودة ! هي شخص آخر وبالنسبة لهذا الشخص هي أول زيارة لها ! سيكون عليها رؤية أمها والتعامل معها وكلما فكرت بهذا احتارت بأمرها ، لوكاس كانت هذه اول زيارة له ، المدينة التي لطالما أراد زيارتها ها هو فيها أخيراً لكن لسبب ما لم يكن سعيداً ولا متلهفاً  ! شعر بقلبه ينقبض  وأفكاره تتوجه نحو فكرة واحدة وهي كيف سيكون مع أسرته ؟ كيف ستكون ردة فعل والدته ؟ وعمته هل سيتجاهلها أم يضع حداً لها ؟!ظلت هذه الأسئلة بعقله حتى نطق والده ليخرج الاثنين من جمودهما
(استبيتان هنا أم ماذا ؟يجب أن نذهب !)

خرج الاثنان من شرودهما ونظرا بنظرة جانبية نحو ريو ثم عادت نظراتها للامام بعد ثانية أو أقل وبدأ الثلاثة بالسير حتى وصلوا للسيارة التي كانت تنتظرهم ، وبعد طول انتظار ومع كل تلك الأفكار التي أتعبت الجميع حتى ريو ! فهو ظل قلقاً من المستقبل وكيف سيعامل أبنه وكيف سيقابله الآخر !واخته التي لا تعلم للان أن ابنتها عائدة للمنزل !

وصلوا أمام باب منزل كبير فتوقفت السيرة بينما تم فتح الباب أوتوماتيكياً ، توجهت أنظار لوكاس لذلك المنزل الذي يراه لأول مرة رغم أن أسرته تملكه منذ زمن إلا أنه لم يزره ابدا !

طرأ على عقله شعوره حين ذهب للقرية فأبتسم بشيء من السخرية أما سيا فقد صار معدل ضربات قلبها يزداد أكثر وأكثر وانفاسها
تزداد صعوبة فانتبه ريو لهذه الملامح للاثنين فتنهد بأستياء وهو يشعر بالقلق عليهما
(أمك ليست هنا )

فور أن خرجت هذه الكلمات من فمه حتى توجه رأس سيا نحوه بعينيها التي توسعت من المفاجئة وكذلك لوكاس الذي نظر نحو والده ثم نحو سيا وهو يرى ملامحها والتي سرعان ما أطلقت تنهيدة مرتاحة فها هي لحظة المواجهه ستؤجل قليلاً  إلا أن هذا لم يمنع تضايقها فهي تملك الكثير من الأعداء أو من يكرهونها هنا .

بقيت حدقتا لوكاس مركزتان عليها حتى توقفت السيارة فبدأ الاضطراب يزداد داخله رغم أنه يجهل سبب توتره ! نزل ريو بينما بقي الاثنان قليلاً بالسيارة محاولين أخذ نفس عميق فتحدث لوكاس بنبرة ساخرة وابتسامة مستهزئة
(لا أصدق اني سأقول هذا ولكن نحن بنفس الموقف ،انا مدين لك بمساعدتي للبحث  لذا أن احتجتي مساعدة يمكنك طلبها ! فقط لارد الدين  لا غير !)

لم يكن متاكداً لما قال هذا لكن ربما بدأ جزء منه يسامحها إلا أنه لم يعترف بذلك بالمعنى الصريح للان ! نزل محاولاً التظاهر بالقوة أو ليقنع نفسه بهذا أما سيا فقط ظلت تطرف بعينيها وعقلها يحفظ كلام لوكاس لا لشيء بل لأنه اشعرها ببعض الاطمئنان !

لم تتخيل يوماً أن يكون هو من تعتمد عليه إلا أنه حصل بالفعل ، شعرت ببعض الراحة فوضعت يدها على قلبها الذي هدء قليلاً ، تنفست  بعمق  ونزلت وعقدت العزم على إنهاء ما إرادته قبل عودة والدتها ضيقت عينيها وظهر العزم على ملامحها أما لوكاس فقد سار هز الآخر بهدوء بينما كان ريو يوجه بعض التعليمات للخدم ، دخل الأثنان للقاء اسرتهما بعد طول غياب .

فور دخولهما بدأ بصر لوكاس يجول بالإرجاء  منبهراً بما حوله رغم أن هذا لم يظهر على ملامحه والتي حافظت على هدوئها ، ظلت أنظاره تنتقل بين الثريا المتدلية من السقف كقطعة مجوهرات متلئلئة  عملاقة وسجاد أحمر  يفترش الأرضية  الواسعة ، العديد من اللوحات الجميلة زينت الجدران وبالطبع صورة العائلة الضخمة من بين تلك اللوحات ، سمع ذلك الصوت الذي لطالما شعر بمشاعره تتحرك خارج عن سيطرته كلما سمعه ، الصوت الذي كان يتوق لسماعه كل أسبوع ليخفف عنه ، الصوت الذي كان  يضعفه كلما  حاول الحفاظ على قوته ، رأى والدته الحنون مقبلة عليه بفستانها الابيض المطرز بكل رقة وشعرها الذي طال خلال تلك المدة منسدلاً على كتفيها مقبلة نحوه بشيء من اللهفة بعد رؤية سيا
( مرحبا سيا )

اومأت سيا بتوتر فهي تشعر بالخجل منها بعد كل ما حدث أما لوكاس تصنم مكانه وهو يشعر برغبة بالقفز لحظنها وقد   ايقن فوراً أنها لم تميزه خصوصاً حين سألت بلهفة طفل ينتظر دميته التي وُعد بها
(أين والدك لوكا ؟! هل جاء شقيقك ؟! )

شعر بدقات قلبه   تستجيب لصوتها كسنفونية ترتفع
وتهبط  ، عيناه بقيت مثبتة عليها وهي تقبل عليه بينما شيء من السعادة تسللت ببطئ إلى قلبه وسلبته كل ذرة قلق أو توتر لتحل محلها مشاعر الشوق فقط  وتكون هي الشيء  الوحيد الذي يظهر أمامه ، شعر بجسده متجمداً  والحروف احتبست واكتفى بالنظر  محاولاً  أن يشبع منها

بعد رؤية لهفتها قرر ترك الصغير بداخله يتحرر ليقفز إلى حظن والدته  بصمت بينما هي تنظر بأستغراب شديد ولم يخطر على بالها ابداً أن هذا لوكاس ! بل ما خطر على بالها هو أن ابنها أصيب بمكروه ولوكا لا يستطيع أخبارها لأنه يتألم !

يتبع
ارجو ان يكون اعجبكم 😍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top