Husband | THE END
HUSBAND | زَوجي
اهلاً بِكم في الجُزء السِتون 🤍
نحنُ في خاتِمَة الرِوايَة
هُنا تهطِلُ طائرتنا الي مَرساها بعدَما حلقَّنا طويلاً فوق سَماء الزَوج
اعجبتكُم الرِحلَة ..؟
بِما اننا وَصلنا الي الخِتام
املئوا النِهاية بالكَثير من الحُب لِنودع ابطالِنا بشكلٍ نهائيّ
القاكُم عند النهايَة ، لدينا الكَثير لنتحدث بِه أخر التشابتِر
استقبِل تعليقاتكم بِلهفَة 🤍
لِنَبدأ
•••
تنهمِرُ مَدامِعها لِتُخفي مَلامِحها التي زَينتها للتَو رَغبة استِقبال وَنيس قلبِها احتِفالاً بِه ، ألا انَّ اخاهُ احتَفل بِها بطريقتِه الخاصَّة
سَرق مِنها طِفلها و فرَّ هارِبًا يَتركُها مُحتجزَة عبر ذلك السِكين الذي يُقيِّد حَركتها بفعل تشبثه في شعرِها و الطاولَة
بَكت كَثيرًا و حاوَلت الفِرار و الصُمود و هي تستمعُ الي صَوت بُكاء صغيرِها العالي لعلَّها تُفلح في التَحرر ، لَكِنها يأسِت مُصدرَة صرخَة عاليَة تُعبِّر عن وَجعها ، وَجع قلبِها
لاسيما انَّها تَرى جونغ ووك يَلتفُ حَول البيت و يرشُّه بالبنزين عازِمًا على حَرقِه ، حَرقِها هي و ابنتِه لِيمنح شقيقه هديَّة لا مَثيل لها بيومِ مولِده
ألا يَملكُ رَحمة في قلبِه ..؟
أملُها الوَحيد كان تلك المُلقاة على الأرض تنزِف من رأسِها بعدَما ارتطم جَبينها بالطاوِلَة ، رأتها تُحرك اصابِعها و ذلك مَنحها ذرَّة أمل جَعلتها تصرُخ بلهفَة " ايڤ..ايڤا ؟ هل تَسمعيني ..؟ "
استَطاعت رؤية صديقتِها تقومُ بِفتح عَينيها بِبُطئ و الدُوار يُداهِمها بعدَما تلقَت ضربَة عنيفَة على مُؤخرَة رأسها عَبر خشبة السكين ، تَستمعُ الي صَوت صُراخ حَبيبة مُربيها و بُكاء أخيها و هي بالكاد تُدرك موقِعها
جَلست بِبُطئ تُمسك رأسها الدامي بِصُداع " مالذي يَحدُث ؟ " تمتمَت قَبل أن تتذكَّر ان الصَغير قبل قَليل كان بَين ذِراعَيها
شَهقت بقوَّة تَرى يديها الخاوتَين و احداهُما مُلطخَة بالدِماء ، رَفعت عينيها الي صديقتِها لِتحاول النُهوض رُغم انعدام توازِنها " سو..سويون "
" أسرعي ارجوكِ حرريني ، لقد خَطف جونسان " تَحدثت الكُبرى بغصَّة تُناجِد من هَرولت نحوها و مَسكت بالسكين تَرفعهُ عن شَعرِها بقوَّة ، تَحررت سويون التي شَهقت ما ان اندلَعت النيران حَولِهما
" ايف..ايڤا لِنسر..لنسرع " هَمِست تُناظر صديقتِها التي بالكاد تَفتحُ عينيها ، مَسكتها من ذِراعها و جَرتها معها الي الباب الخلفيّ كوَن الاماميّ تآكلهُ اللهَب
" الم يكُن بالمَصح..بالمصحَة ؟ " هَتفت ايڤا بينَما تُمسك رأسها بيد و الثانيَة تتشبَث بذلك السكين بقوَّة " لا..لا اعلم ك..كيف خر..خرَج " اجابتها الكُبرى التي سارعَت بالهرولَة نحو الجدار الزُجاجيّ كون الباب الخلفيّ مُغلق
حاوَلت كسره لكنهُ صَلب و قاسٍ
صرَّت على اسنانِها قبل ان تجلب كُرسيّ و تَرميه عليه بِضع مراتٍ الي أن احدَثت شقًا بِه
لَم تأبه لِيديها التي جُرِحت و هي تُبعد ذلك الزُجاج لِتفسح لنفسها و لصديقتها مجالاً للخُروج ، اقتَربت ايڤا غيَة مُعاونتها لكِنها رفضت قائلَة " ابتعدي ، انتِ مريضَة "
كونَّت شَق يَكفيهُنَّ للخرُوج ، دَفعت بِجسد صديقتِها أولاً ثُمَّ اندفعَت من خَلفها متاوهَة بألم لِتلك الجُروح التي تَحصلت عَليها
راقَبت يديها الداميتَين بِعينين مليئتين بالدُموع ثُم التَفتت تُحدق بالبَيت الذي تآكله اللهَب " عل..علينا مساع..مساعدة جون..جونسان " هَتفت تُزيل دموعها بِكف يدِها ما جَعل نصف وجهِها يمتلئ بالدِماء
هَرولت راكضَة نحو مَصدر صَوت بُكاء طِفلها القادِم مِن الحديقَة الخلفيَة و ما رأتهُ جَعل الدِماء تتجمَّد في عُروقِها من الصَدمَة
رأت جونغ ووك يَضع صغيرِها فوق غُصن شَجرةٍ بينَما يحملُ فأسًا عازمًا على قَطعه نِصفين ، لَم تَشعُر باقدامِها التي رَكضت بِسُرعَة تجتذِب طِفلها الي حُضنها صارِخَة بالآخر بِقوَّة " هل فَقدت عقلك ..؟ "
رأت نَظرة مُميتَة في عَينيه التي لم تكُن تَحملُ ذرَة مَشاعِر تُذكر ، هي مُعتمَة بالكامِل بِشكلٍ يَمنحُها شعورًا لا مُتناهي من الخوف و الذُعر
غَرس ذاك الفأس في مُنتصف الغُصن بقوَّة ثُمَّ قام بِرفعه عاليًا يَجُر خُطواته اليها يَجدها تَرجع الي الخَلف بينَما تُحرك رأسها نَفيًا " ار..ارجوك ل..لا " تَرجتهُ لعلَّهُ يُشفق عليها و على صَغيرها
" اقت..اقتلني و دَع صغيري ، ار..ارجوك " هَمست راجيَة لعلَّها تُحرك ذرَّة شُعور بِداخله ، هو إن لم يَرحم اخاهُ من دَمه و لَحمه .. أسيرحمُ ابنه ..؟
تراجَعت الي الخَلف تخافُ الإلتفات ، ان لَفت سيغِدرُها بتوجيه ضَربة على ظَهرِها ثُم يخطِف طفلها ليقتُله امام عُيونِها
الكُره و الحِقد الذي تَراهُ في عُيونِه الميتة يُخبرانِها بأنَّها النِهايَة
تَسمعُ صَوت جَرّ الفأسِ الذي تتخيَّل موضِعه على عُنقها جيدًا
" جونغكوك اي..اين انت ؟ " هَمست بِنبرةٍ باكِيَة تِغمض عيونِها بقوَّة ما ان رفَع الفأس عاليًا عازِمًا على اسقاطِه فوق رأسها حتى يقسِمه نِصفين
صَرخت بقوَّة و هي تَضُم ابنِها تنتظِر حَتفِها مُحكمَة اغلاق عُيونِها حتَّى سَمِعت صَوت سُقوط جَسدٍ على الأرض
فَتحت عسليتَيها بِبُطئ تَراهُ واقِعًا على رُكبتَيه امامَها يُسرِّب الدِماء من فَمِه ، حولت بصيرتَيها الي التي تقفُ خلفه و هي ترتعِد بقوَّة بعدَما غرسَت ذاك السكين في مُنتصف قلبِه من الخَلف
" ايڤ..ايڤا " هَمست تَرى صديقتِها التي تُناظِر يديها ثُم جُثَة ابيها الذي مات مُباشرَة بعدما اختَرق السكين قلبه و خَرج من صَدرِه إذ اضحَت مُقدمته واضحَة لعينين سويون المُنصدِمَة
" ق..قتل..قتلته " هَمست الصُغرى التي ارتَعشت كُل عِضيَّة في جَسدِها تُحدِق في الجُثة بِعَينين مُنصدِمَتين ، هي قَتلت الرَجُل الذي انجَبها الي هَذِه الحَياة غيَّة تَدمير حَياة اخاه
الإبنَة التي انجَبها لانهاء حَياة شَقيقه ، كانَت هي مَن أنهَت حياتِه
رَفعت ايڤا عينيها السَوداء نَحو سويون تُناظرها من خَلف دُموعِها الكثيفَة مُتحدثَة بِصوتٍ خافِت " انا..انا قات..قاتلَة "
الرُعب الذي اكتَسح وَجه الصَبيتَين كان مَقروءًا بِوضوح لِلرَجُلين الذَين أتيا رَكضًا بِمُجرَّد أن سَمِعا صَوت صِياح الصَغير
جُيون بِمُجرَّد أن رأى جَسد حبيبته و ابنِه سالِمًا مُعافَى بِرفقة ابنتِه احسَّ أن الروح رُدَّت الي جِسمه الذي تحرَّك مُهرولاً نَحو سويون يُطالِع عينيها المَذعورَتين " س..سويون "
دَنى لِيمنحها عِناقه لعلَّ ارتعاشِها يَخِف ، لَم تتجاوَب مَعه أو تُناظِره حتَّى ، تحصلُ على لمساتٍ هادئَة منهُ و عَيناهُ على طِفلته الباكيَة
وَجد امرأته تتشبَّث بِطفلها بقوَّة و كُلَّ انشٍ بها يَرتعِد من الهَلع ، لَم تكُن بحالة تُتيح لَها الرَد بتاتًا ، حوَّل عَينيه نحو ايڤا التي تلقَت عناقًا قويًا مِن زوجِها يُحاول تهدأتها بعدَما انهارَت بالبُكاء
ازال جاكيته يَلُف به امرأته إذ جَذبها للجُلوس على غُصن شَجرةٍ بالجِوار يَراها تُحاول تهدأة بُكاء صغيرهِما و هي تَبكي معه " ارجوكِ اهدئي ، انتُما بخير الان " همس لَها لعلَّه يُواسيها
لكِن ما رأته كان اكبَر من طاقتِها ان تتحمَّله
رأت طِفلها على وَشك ان يُقطع بالفأس ..!
كُلما تَخيلت ذلك المَوقف اعتصَرت عينيها بشدَّة و ازدادَت ارتِعاشًا
سيضَّل ذلك الموقِف بُقعَة سوداء في ذاكِرتها الي الأبد
ضَمت طِفلها الي صَدرِها تشتَّمُه بعدَما اجهَشت باكِيَة ، كَما لو انَّها لم تعد تَشعُر بِمن حَولِها ، خيالُها فَصلها عن الواقِع و احتجَزها عند ذلك الموقِف تَحديدًا ، عقلها لم يَرحمها البتَّة
هي لَن تتجاوز ذَلك بِسُهولَة
جُيون حاوَل تمالك نَفسه قدر المُستطاع ، الوَضع الذي هو بِه يَجعلُه مُذبذب للغايَة ، وَجه بصره نَحو ايڤا التي تَبكي في مُنتصف حُضن زوجِها بِحرقَة
تَرك سويون تَستجمعُ شِتاتها لِوهلَة ثُم اقتَرب من صغيرتِه يُمسك بيديها الدامِتَين يرَى مدى كميَة الدُموع التي تُغرق عيونِها الكُحليتَين " مالذي حَدث همم ؟ لما تَبكين ..؟ " سألها بَعدما احتجَزها في حُضنِه و راح يَمسحُ عَليها بِرفق
" قت..قتلت..قتلته ، ان..انا قاتل..قاتلَة " هَتفت بِصَوتٍ مُرتعِش تُطالع جُثة جونغ ووك المرميَة بِجوارِهما بينَما تستمر في تَرديد تِلك الكلمَة دون تَوقف
ابتَعد جُيون عنها يُحيط وَجنتيها بيديه يُزيح عنها دُموعها بِرفق " هشش ، انتِ لستِ قاتلَة ، انتِ دافعتِ عن نفسكِ و عن صديقتكِ و اخاكِ ، اياكِ و نعتُ نفسكِ بما ليس فيكِ ، كَيف لطفلتي الحساسَة ان تكون مُجرمَة ..؟ اولستِ طبيبة المُستقبل ، همم ؟ " واسها قائِلاً لعلَّه يُخفف القليل من صدمتِها
ناظرتهُ و هي تكتمُ غصتها بِصُعوبَة " ان..انا سادخ..سادخل السِج..السجن " هَتفت بِصَوتٍ مُختنِق تُمعِن النَظر في عينيّ والِدها الذي رأت بَريقهما ، أدركَت انهُ يُجابِه دموعِه هو الأخَر بِصعوبَة بالغَة إذ يَلومُ نَفسه بكل ثانيَة تَمُر
كُل المَشاكل التي حَدثت ، يشعُر انهُ المُسبب الأول لَها
ضاق عَليه صَدرِه و شَعر بالإختناق
نَفى يَعترِض حديثِها بعدَما قبل جَبينها و عاود مُحاوطتِها يُطبطب على ظَهرِها بِحنيَة " لن تدخُل صغيرتي السِجن ، ازيلي هذه الافكار من رأسكِ "
ابتَعد عَنها بعدَما خف ارتعاشِها يُناظِر رِجال الشُرطة الذين حاوطوا المِنطقَة ، طلب من تايهيونغ رعايتِها ريثَما يتكفَل بِشرح الموضوع الي المُحقق
اخَفض كُحليتاه الي جَسد اخاه الخالٍ من الروح إذ دَنى منهُ بِضع خُطواتٍ يُمسك بشعرِه لِيرفع رأسه عاليًا يُطالع ملامِحه بِكُره " انت الوَحيد من أشتهي تَقطيع اعضاءِك و حرقها عُضوًا عُضو ، لعلَّ غَليل قلبي يُشفَى " هَمِس بِبُغض
تَكفَّلت رجال الاطفاء بِسكب المِياه و خَمد ذلك الحَريق الذي شبَّ بالمنزِل إذ دَنى جُيون نحو امرأته يوقِفها من مجلِسها يَراها تتخِذ الصَمت مجلِسًا
" دَعينا نَذهب " واكَبتهُ في المَسير و هي تُعانق طِفلها دون أن تتلفَظ بِحَرفٍ واحِد ، صَمتُها يُقلقه لَكنهُ رد فعل طبيعيّ مِما رأته
صعِدت في السيارَة معه إذ ادار المِقود عودَةً الي مُنتصف المدينَة بعد أن غادَرت ايڤا مع تايهيونغ الي مركز الشُرطة من اجل التَحقيقات
مَد يدهُ يُمسك بخاصَة امرأته التي اراحَت رأسها على مَسند الكرسيّ تُناظِر الخارِج بِصمتٍ و طِفلها بين أذرُعها ، كَسرت السُكوت بعد مُدَة هاتفَة بِصوتٍ خافِت " أعِدني الي كوريا "
وَجه بصرهُ اليها يَرى أثار الصَدمة تُشكِّل هالة من الحُزن و الذُعر على مَلامِحها الشاحِبَة ، تفهَّم حَجم خوفِها و لَم يُعارضها بَل أيدّ قائِلاً " ذلك ما كنتُ سأفعله ، ساعيدكِ انتِ و جونسان الي هُناك "
لَم تُجبه بَل ظلَّت صامتَة تُراقِب الطَريق بِعَينين هادِئتَين ، تستمعُ الي نَبضات قلبِها العاليَة بينَما تُصارع افكارِها المأساويَة تِلك
{ فُتِحَت أبواب القَصر المَلكيّ البريطانيّ }
دَخلت سيارَة جُيون التي بَعثتها لهُ العائلَة الحاكمَة إذ رَكن في مُنتصف الحديقَة الملكيَة يُناظر عَدد الحَرس الهائِل يُحاوِط انحاء القَصر
لَم يُفكِر بأي مَكانٍ آمِن اكثَر من القَصر الملكيّ للحفاظ على سَلامة اُسرته في الوقت الراهِن
فُتح الباب من اجلِه فَنزل يُناظر وَصيف وليّ العَهد يحدِق به بهدوء " أمر الملك بِتجهيز جناحك لاستضافة عائلتك " تَحدث قائِلاً لِمن ارسَل له همهمَة و هو يتوجَه الي جهَة امرأته كي يُنزلها
" ارسِل الطبيبة الملكيَة الي الجَناح " تَحدث بهدوء يَمُد يده لامساك خاصَة امرأته المَجروحَة ، تَشبثت بِه و نَزلت بِرفقة طِفلها النائم في حُضنها ، ضَمها الي صَدرِه من الجانِب و تَمشى بها نَحو جناحِه
ذاك الجَناح الذي نُسِب لهُ قبل واحِد و عِشرون عامًا
حينَما تزوَّج مِن ايما
و الذي جاءَ بِسويون اليه ، حينَما مَرِضَت و تَحصّل على ذِكرياتٍ لا تُنسَى مَعها بِداخل اسوارِه اذ مَسحت لهُ كُلّ ذِكرَى مضت قَبل حُضورِها هي مع امراةٍ غَيرِها
دَخلا سويًا الي الجَناح إذ مَد يدهُ لاخذِ طِفله حَتى يَتفقده ، مَدتهُ له بصعوبَة و لازالت يَديها ترتعِد حيثُ نَطقت بِخَوف " ارج..ارجوك "
نَظر بِداخل عَينيها الدامِعَتين يَرى حَجم خوفِها الشَديد ، لَم يسبِق و ان رآها بِكُل هذا الذُعر حتى حينَما اختَطفها مارك
أحسَّ بالعَجز للمرةِ الاولَى
أن يَراها بِكُل هذا الحَجمِ من القلق بِجوارِه
هي ليسَت مُطمئنَّة
اقتَرب من الفِراش الواسِع يَضعُ صغيرِه في مُنتصفِه ثُمَّ عاد اليها يَجِدُها تَمسح دُموعها بيديها التي جفَّ الدَم عَليهما ، امسك بوجنتيها المُبللَة يَرفع رأسها الي مُستواه كَي يتمكن من رؤية حَجم الضَرر الماكِث بداخلها عبر عُيونِها المُتلألِئَة
" اُنظري اليّ " هَمس لَها يُطالِبها بِوضع حَدقتيها بِداخل حَدقتَيه ، لَم تشأ مُناظرته و اخفَت دمارِها بعيدًا عن مُتناولَه مُتحدثَة بِتعب " احتاجُ بعض الوَقت مع نَفسي "
" لا يُمكنك مُداواة نَفسكِ بنفسكِ " تَحدث بِهدوء يُزيح خُصيلاتِها المُلتصقَة حَول وَجهِها بفعل دُموعها ، زَفر انفاسه يَستجمعُ شِتاته لِمُواساتِها قائِلاً " انا اعرِف حَجم الصدمَة الذي تَملككِ ، لَكن كُل هذا سيمُر همم ؟ "
حولَت حَدقتيها اليه بعد أخِر ما نَطق ، نَظرت بِداخل عينيه و ازاحَت يديه عَنها مُتحدثَة بغصَّة " كُل هذا سيمُر ..؟ اخر مرَّة قُلت اننا اصبحَنا بِخير ؟ اذًا لما اجِد نَفسي اُشاهد ابني يُذبح امام عينيّ ..؟ اتظُن ذلك سهل عليّ ؟ "
لَم تستطِع كَبح شُعورها اكثَر ، كَلِماتها كانَت تُضيق عُنقها و تَمنعها مِن التنفُس ، اتمَّت بعدَما سَمحت لِدموعها أن تَتسرَّب بِغزارَة " انا اعرِف انهُ ليس لك ذَنب ، لَكِن انا تعِبت جُيون ، تعبت مِن كُل هذه المَشاكِل ، لم اعد احتمِل اكثَر اُقسم لَك ! كنتُ صامدَة حينما اقتصَر العذابُ عليّ وَحدي ، لَكن ان يصل الي ابني ..؟ ذلك كَثير "
لم تتمكَّن من اتمام حَديثها حينَما استَمعت الي صوت بُكاء صغيرِها ، تجاوزته و تَمشت صوبه تنتشِله من الفِراش لاسكاتِه ، نَظر جونغكوك الي ظَهرِها بِصمت يُقلِّب افكارَه بِداخل عقلِه حَتى قال و هو يسلِك وجهته نحو الخارِج " ساترككِ ترتاحين "
افسَح لها مَجالاً لِنفسها كَيّ تُلملم شتاتِها
هي بِحاجَة لأن تظلَّ لِوحدها لعلَّها تُحسِن التَفكير
غادَر القَصر نَحو قِسم الشُرطَة حَتى يَرى أخر المُستجِدات بِخُصوص مقتل اخاه و تورَّط ابنتِه التي تم استجوابِها و ارسالِها مع زوجِها الي مَسكنها كي تستريح
جَلست في مُنتصف الفِراش و بين يَديها صغيرِها تَمنحه حليبها لاسكاتِ جوعِه بعدَما بكا طَويلاً ، عاد الي النَوم بمجرَّد ان شَبِع و غفا بين اذرُعها على صَوت بُكاء امِه التي تُطبطب على بطنِه بلطف بيدها المَجروحَة
استَمعت الي صَوت طرق باب الجَناح ، رَفعت عسليتَيها نحو المدخل ما إن دَلفت خادِمَة بين يَديها ثيابٍ نظيفَة لها و لِطفلها حيثُ قالَت باللُغة الانجليزيَة " لقد أمر الوَزير بجلب مَلابس نظيفَة لكِ و للصغير "
حَركت سويون رأسها ايجابًا تتجاوَب معها على الرُغم من فهمِها الضئيل للغَة ، لكنها عرِفت مقصدَها ، وَضعت الخادمَة الملابِس بالقُرب منها ثُم انحنَت باحتِرام لِتُغادر الجَناح بِهدوء
استَقامت سويون تَضعُ صغيرِها بِداخل سريره الصَغير بِجانب فراشِها هي و حَبيبها لِكون جُيون وصَّى بِذلك
ابتَعدت عن السَرير خُطوتَين حينَما لَمِحت نُقش اسمٍ عَليه ، قرأت ذاك الاسم بِتمعن إذ ادركَت انَّهُ يخصُ ابنة حَبيبها
{ EVA }
كان السَرير يخصُ ايڤا حيثُ صُمم خصيصًا لَها قبل ولادتِها لِيحتويها لاحِقًا ، لَكنهُ أوى أخيها بدلاً
لَفت سويون عَينيها حَول الجَناح بعدَما ضَمت ذراعَيها الي صَدرِها تُناظِر تلك الصُور المُعلقَة على الجُدران ، راقَبت ملامِح تلك الانثَى المُبتسِمَة و هي تلبسُ فستانًا يَلتحفُ الرقيّ و الجَمال ، علِمت انها والِدة صديقتِها حتمًا
اقتَربت بضع خُطواتٍ اضافيَة حتى استَقرت بالقُرب من صورتِها المُشتركَة مع حَبيبها يَوم زِفافهما ، تَراهُ يلبسُ بذلَة رسميَة سَوداء يُمسك بيد الاميرَة التي ترتدي قُفازًا شَفافًا مع فُستان بَسيط يُلائمها
لَم تكُن البَهجة واضِحَة على مَلامِحه
اذ علِمت انهُ اشد ايامِه بُؤسًا حينَما رأتهُ يلبسُ الاسوَد
تستطيعُ فِهم مِزاجه من لَون ملابِسه جيدًا
" قَبل عامٍ واحِد كُنتُ هُنا ، بنفسِ المكانِ اُطالِع صُورتكِ و احَسدُكِ عَلى زَوجكِ الذي عُدت الأن و انا احملُ طِفل مِنه بين ذِراعاي..! " قالَت بِصَوتٍ مَبحوحٍ من شدّة الصُراخِ و البُكاء قَبل ان تَبتسِم بمرارَة " من المُؤسِف ان يكون وَجهكٍ البريئ ، سبب كُل هذه المَشاكِل "
" كانت جَميلة ، تُشبه ايڤا كَثيرًا " هَمست قائِلَة تُمعن النَظر في مَلامِح المرأة امامها ، ابتَسمت بِخُفوت حينما تذكَرت انها كانَت سبب رئيسيّ في نَجاة والِدها لِذا لم تكُن تحملُ نحوها أي نوعٍ من الكَراهيَة
خُصوصًا بعدَما علِمت انها الضحيَة في حِكايَة جُيون
إذ كانَت سابقًا تظُن انها الجانيَة بِخيانتها لهُ
لَكِنها كانَت فَريسَة نال مِنها اتباعُ مارك
" انا اسِفَة من اجلكِ ، انتِ كنتِ ضحيَة ايضًا ، أتمنى ان تكوني سعيدَة حيثما انتِ الان " هَمست مُتحدثَة تُخاطِب صورَة الاميرَة المُبتسِمَة بِجوار حَبيبها ذا الوَجه المُتجهِم ، تشعُر بالأسَى لانها ظُلمت حَتى بعد زواجِها منه
هو لَم يَمنحها الحُب الذي يُعطيه الزَوج الي زوجتِه
استَمر بِتجاهلها على الرُغم من انهُ احسَن مُعاملتِها كَصديق ..؟
لَم يكُن يَشأ الدنو مِنها او احتِضانها حتَّى
كان الامرُ ثقيلاً عَلى قلبِه
و هي لم تُصارِحه بالحَقيقَة بَل تستَرت و ابتَلعت غُصتها بِصَمت
إذ ادركَت ان ايامها مَعدودَة بالفِعل
رُبما ايما كانَت من اكثر الشَخصيات نقاءًا التي عرِفها في حياتِه
كانَت شديدة الحُسن ، خَجولَة يتملكها الحَياء و الرِقَة
كانت تُجيد عَزف البيانو و الغِناء حيثُ تعلَّم اُسس العزف مِنها هي
علمتهُ بِضع لُغاتٍ تعرِفها إذ كانَت بعد كُل حصَة لُغويَة تتعلمها تَلتقيه في الحديقَة السريَة لِمُحاكاتِه عمَّا تعلمته و مُشاركته بِحصادِها لعلَّها تُفيده
كانَت تحلم لأن تَراهُ ناجِحًا يُمسك مَنصبًا مُهمًا يومًا ما لِذا لم تَبخل عليه يومًا باعطاءه الارشادات اللازِمَة للقادَة حيثُ تَعلمت كُل ذلك من اخوتها الامراء
انجَذبت لهُ لانها رأتهُ مُختلِفًا عن بَقية شباب عَصرِه ، ذكيّ طَموح مُحتَرم يُجيد مُعاملة المرأة و احتواءِها و على الرُغم مِن حُبه لها لم يَطلُب يومًا امساك يدِها حتَّى ، رأت بِه صِفات رجُل احلامِها
كان امرُ زواجهما مُستحيلاً خُصوصًا انهُ ليس أميرًا
لَكنهُ عمل جاهِدًا لِلحُصول عَليها بعدَما حاول التَقرب من افراد اُسرتِها و اكتِساب ثقتهِم بِه حَتى يستطيعُ الزواج مِنها عند بلوغِهما السن القانونيّ
لَكن تلك الفاجعَة التي جَرت ، قلبت كُل الموازين تمامًا
باليَوم الذي وُلِدت بِه سويون
تمَّ التعديّ عَليها هي
اليَوم الذي خُلِقَت بِه حياتِه
قُتلت بِه سُموِّها
كانَت شديدَة الثقَة بِجونغ ووك ، لَطالما رأتهُ كأخ اكبَر لَها ، تأخذ منهُ بِضع نصائِح لاجل علاقتها بجونغكوك ، لِكونه اخيه فَهو يعرفه اكثَر مِنها
بِتلك الليلَة ، التَقت به سِرًا حتَى تسألهُ عن موعِد عودة جونغكوك الذي علِمت من جاريتها انهُ سيكونُ بالغَد ، تَملكتها السعادَة و عَزِمت على التَخطيط لِمُفاجئتِه بأمر مُوافقَة والدها على زواجِهما
سيُغلقان الثامنة عشر قريبًا و والِدها لم يعترِض الأمر بتاتًا
كانَت سعيدَة و تودُ اعلامه بطريقَة مُميزَة مُباشرَة عودتِه
لَكنها من تم مُفاجئتها تِلك الليلَة
ادركَت لحظتها انَّها لم تَخسِر شرفَها فَحسب
بَل خسِرت سعادتِها بالكامِل
جونغكوك لن يَشفع لَها ابدًا
مُنذ تِلك الليلَة عَلِمت انها حُرِمت من الحَياة الي الأبَد
رُبما هي كانَت أسعدُ ليلَة لهُ و بين احضانِه تلك الرضيعَة ذات العيون العسليَة ، كانَت مُواساة رُبانيَة لهُ و لِقلبِه إذ شَكرت الاميرة الاله لِقُدومِها و تأخير سَفرِه
بِسببها مُنِع مِن حَبل المِشنقَة
ظلَّت سويون صامِتَة لِبُرهَة من الوَقت تُطالع صورتِها و تُفكِّر بحديثها مع جُيون السابِق ، تملكَّتها غصَّة جَعلتها تنطِق بِقهر " ا..انتِ وَهبتِه حياتكِ و لَم تَلوميه ، ل..لكنِّي بَدوت كما لو اني استخسرُ به حياتي انا و طِفلي "
كَبحت غصتها بِصعوبَة ، بدا موقِفها صعبًا للغايَة
لَكِّن ذاك الكابوس كان مُرعبًا ، لوهلَة احسَّت انها غير قادرَة لاحتمال المَزيد
" ان ظللتِ على قيد الحَياة ، اكنتُ ساكونُ موجودَة هُنا ..؟ هل ساكونُ انانيَة ان تمنيتُ ساعتها ان اكونُ زوجةً الي زوجكِ ..؟ " هَتفت مُتسائلَة بينَما تضُم ذراعيها الي صَدرِها تُمعن النَظر بِملامح الاخرَى
" صَحيح انكِ تركتِ خلفكِ سِر كَبير ورَّطه في مَشاكل عدَة ، لَكنه لا ذَنب لكِ بالأخر ، اسفَة من اجلكِ مرَة اخرَى " جَمعت سويون انفاسِها بداخل صدرِها مُتنهدَة بِثقل قَبل أن تَسير نَحو السَرير غيَة تبديل مَلابِسها
ارتَدت تلك الثياب النَظيفَة و جَلست بِجانب صغيرِها تُناظر جُروح يَديها بِهدوء " هل غضبتُ على جُيون ؟ انهُ يوم ميلادِه ، لم يكُن لهُ ذنب "
زَفرت انفاسِها بِتعب تُمسك رأسها بِصُداعٍ شَديد مُتمتمَة بألم " انا مُشتتَة ، لم اعد احتمِل ، اتمنى ان يَنتهي هذا الكابوس قَريبًا "
تَمددت على الفِراش تُمسك بذلك السَرير الخَشبيّ ذا التَصميم الراقي و الأنيق للغايَة ، قامَت بِهزه بيدِها تَستمع الي صَوت عقارِب الساعَة حَتى انتَشلها النوم بين احضانِه دون أن تَشعُر
•••
تَفتحُ عُيونِها العَسليَة بِبُطئٍ بِمُجرَّد أن احسَّت بِلمساتٍ على يَديها
وَقعت انظارِها على هيئَة الرَجُل الجالِس بالقُرب مِنها يقومُ بِتضميد جِراحها بِرفق كيّ لا يُعكر صَفوة نومِها
لَكن تحركاتِها أعلمتهُ انهُ فشِل بالفِعل
احتَضنت عيناهُ السوداء بِمُجرَّد أن تلاقت نَظراتهُما و كِليهما لم يودُ قَطع ذاك الصَمت السائِد ، اتمَّ لَف الشاش بِرفقٍ على يَديها التي دواهُما بِمرهمٍ يُلئم الجُروح سريعًا
افلَت يدِها يَراها تَجلِسُ قُبالته تُطيل النَظر الي مَلامِحه الهادِئَة ، بَدا مهمومًا للغايَة و ذَلك أحزنها جِدًا ، بَدل ان تكونُ سببًا في التَخفيف عنهُ غَضبت منهُ
دَنت مِنه تزحف نَحوه حتى تستطيعُ مُحاوطته و عِناقه و ذَلك ما فعلته ، هي ضَمتهُ اليها و ضَغطت عليه بقوَّة تَتشبث بِه قدر استطاعتِها " ان..انا اسفة " همسِت لهُ بغصَّة
استَشعرت يداهُ تتمركَز حَولها يقومُ بالطبطبَة على ظهرِها بِلُطفٍ هاتِفًا بِهدوء " مِما انتِ اسفَة ..؟ ما قُلتيه كان حَقيقيًا ، انتِ لستِ مُضطرَّة لِتحمل كُل هذا الألم سويون "
ابتَعدت عنهُ تنظُر بِداخل عَينيه الحَزينَة ، وَجدتهُ يُكمِل بعدَما احتَفظ بيديها بِداخل كَفيه " انتِ تحملتِ فوق طاقتكِ بالفِعل ، انا من عليه ان يعتذِر لاني المُتسبب بِكل هذا الضَرر "
نَبرتهُ المليئَة بالألم أذابتها حُزنًا ، خُصوصًا نَظرته الذابلَة بعدَما هَمِس بِخُفوت " اردتِ الهَرب من الجَحيم ، فأتيتِ لجحيم اشدَّ لهبًا مِنه "
حَركت رأسها نفيًا تُعارِض حَديثه بعدَما احتَوت خَدَّاه ، اسنَدت جبينهما مُتحدثَة بِحُزن يُماثل خاصته " ارجوك ، انا راضيَة بالجحيم مَعك و لا بالنَعيم مع غَيرِك ، اسأت مُحادثتك لاني كنتُ في صَدمة مما رأيت ، لم يكُن الامر سهلاً عليّ "
همهم مُتفهمًا بعدَما وَضع يدهُ على رأسها يمسحُ بلطفٍ عَليها " انا اعلم ، لستِ بحاجَة لأن تُبرري ، لَكِن انا اُشفق على حَظك العاثِر الذي رماكِ لديّ " يختمُ حديثه بالنَظر الي عينيها العَسلتين فيُكمل مُكونًا ابتِسامَة خافِتَة " لكنِّي مُمتنًا الي حَظي لانهُ مَنحني اياكِ "
لم يَشأ منها اخفاض دُموعِها ، ليسَ بعد ان لام نَفسهُ مليار مرَّة لانهُ سبب بُكاءها طيلَة بقاءها معه ، وَضع اصبَعيه اسفل جُفونها يضغطُ عَليهما كابِحًا مدامِعها مُتحدثًا بجديَة " ليسَ بعد الأن سويون ! اياكِ و اهدار دموعكِ مُجددًا "
كَبحت دُموعها بِصعوبَة و تحدثت مُعاتبَة بعدَما خَبطت صَدره بقبضتِها " كَيف تُريدني ان اكبح بُكائي و انت تُوجه هذا الحَديث اليّ ..؟ " تَحولت ضَربتها الخفيفة الي خَبطاتٍ عشوائيَة تُفرغ بِهم مابداخلها
ضَربتهُ بضع مراتٍ تُحادثه بِنبرةٍ مُهتزَّة " تُحادثني كَما لو انك عازِم على تَركي ، كَما لو انك تقول اني مَع غيركِ ساكونُ بِخَير ؟ لِما تقول هذا لي ؟ " لم تستطِع قمع دُموعها اكثر فخرج صوتِها باكِيًا
تفاجَئت من ذِراعيه التي احاطَت وِسطها فجَّر بها نَحوه يُلصقها به بعدَما وَجه عيناهُ الي عينيها يُناظِرها بِجديَّة " تَكونين مَع غيري ..؟ أي رَجُل يَشتهي أن اقطَع نسلهُ هذا ..؟ "
احتَضن عسليتَيها الباكيَة يُناظِرها بِشغفٍ و لهفَة ، حادثَها قائِلاً بِنبرةِ أجِشَة تملىُها البَحَّة " إن تَجرأ اي رَجُلٍ على مسِّ شَعرة منكِ ، سأحرقهُ هو ووَطنهُ بأسرِه ، انتِ لي و لا أحد من بَعدي يحقُ لهُ امتلاكُكِ "
يَكونُ انانيًا في حُبه الي دَرجة التملُك
و هي ، يُعجبها ذَلِك
تَبادل كِليهما بِضع نَظراتٍ مليئة بالحُب ، يُخالطُها الحُزن لَكِّن العِشق غلَّاب
يُحبها ، و هي تَعشقه
حُبهما اقوى من أي ظَرفٍ وُجِد ، حتى ان خارَت القوَّة و نَفذت طاقتِهما ، لا يُمكنهما البقاء بعيدًا عن جِوار بَعضِهما
هُما كَمصدر شاحِن يُغذي ارواحِهما
احتَضنتهُ بقوَّة شديدَة تحشرُ رأسها بِداخل عُنقه تُصِّر على تقريبِه منها حدَّ الالتِصاق و الالتِحام ، هَمست بالقُرب من اُذنِه قائلَة " سَبق و ان انفعلتُ ، لكنِّي و بكُل حرفٍ اعنيها ، انا و طِفلك فِداء لَك "
تُخبره انَّها مُستعدَة للتضحيَة بِروحها و رُوح ثَمرتِهما من اجل حياتِه
لَكنها لا تعرِف انَّ اصابهُما مَكروهًا ، سيغدوا مَجنونًا فاقِد لعقلِه و حواسِه
استرخَت على قُبلته التي مَنحها اياها بِداخل تَجويف عُنقها ، هدأها بِرفقٍ و هو يمسحُ بحبٍ على ظهرِها يودُ اعطاءها بعض الطِمئنينَة لعلَّها تستريحُ لِبُرهَة
" انصتِ اليّ ، كُل المَشاكل انتهَت ، حللتُ كُل مايتوجَب عليّ حلَّه ، تبقى أمر واحِد و هو الأخير ، امنحيني بِضع اشهر و اعِدكِ عندها انهُ لا مُشكلَة بعدها " تحدَث هامسًا بجانب اُذنها بينَما يُنصت الي انفاسِها المُضطربَة ضِده
همهمَت لهُ تُزيل بقايا دموعها بعدَما ابتعدت عنه و احاطَت وجنتاه بيديها المُضمَدتين مُتحدثَة بصوتٍ خافِت " ماذا عن ايڤا ؟ هل هي بِخَير ؟ "
ارسَل همهمَة خافِتَة اليها ، يُناظِر عُيونِها العسليَة القريبة منهُ وسط ذلك النور الخافِت ، يشعُر ان روحه تتغذا و تَكتسبُ قوتِها لِمُواصلَة ماتبقَى
يبتسمُ بِخفَّة تامَة ، هي تُجيد مُعالجته بِقُربها الشَديد مِنه ، مُداعبتها الخافتَة لانفه بانفِها منحتهُ شُعورًا يعجزُ عن وَصفه لِلذته
" اودُ اعلامكِ ، انكِ جَيشي الوَحيد يا سويون " هَمس لها مُتحدِثًا بعد أن ضَمها الي صَدرِها و تَسطح بها يجعلها تنامُ عَليه
احتضنها باذرُعه يُطبطب بِكفه عَليها يَستمع الي اصواتِ انفاسِها الهادِئَة ، تمكَّن فُضولها من التغلب عَليها إذ سألته بعد صَمتٍ دام طويلاً
" لا اعلم ان كان يَحِق لي سُؤالك ، لَكني اشعُر بالفُضول "
رَفعت رأسها اليه تنتظِر مُوافقته لِمُباشرَة سُؤالها ، وَجدته يُهمهم و اعيُنه مُعلقة على سقف الجَناح يُناظر تصميمه العَريق
" بعد ان انكشَفت الحقيقَة كامِلَة ، ألم تتحرَك مشاعرك تِجاهها ..؟ بعد اذ علمت انها لم تَخنك و كانت ضحيَة ذلك التَخطيط الشيطانيّ ..؟ " سألتهُ بعدما جاهَدت لِقمع فُضولها لكنهُ تمكَّن مِنها ، سيظَّل السؤال عالقًا في قلبها الي الأبد ان لم تَقُله
صَمتهُ الطَويل جَعلها تجلِس تُناظِره و هو يُمعن التَفكير بِهدوء ، جَلس بِدوره هو الأخَر مُطلِعًا على صورة ايما المُبتسِمَة امامَه يُراقب رِقتها و نُعومَة ملامِحها التي تُثبت انحدارها من سُلالة ملكيَة
كَبح انفاسِه بداخل صَدره مُطولاً قَبل ان يزفِرها مُتحدثًا بصوتٍ هادِئ " لاكون صريحًا معكِ ، تحركت مَشاعر النَدمِ بِداخلي ، تلقيتُ عتابًا من ضَميري الذي لامني لِمقتلها ، لولاي لَما كانَت ضِمن ذاك المُخطط القَذز ، لو لَم امنع زواجِها من أمير اسبانيا ، لكانَت بِخَير الان "
وَضع عينيه بِداخل عينيّ سويون الهادِئَة ، يستطيع تَفهم مشاعر الغيرَة التي تحركَت بداخلها من حَديثِه إذ احسَّت انهُ يشتاقُ الي انثى غَيرها
لَكنهُ برر موقِفه بابتِسامَة مليئة بالحُزن " ادركتُ حينما ملتُ نحوكِ بِكُل هذه القوَة اني لم اُحبها ، بَل اُعجبتُ بها لانها كانَت مُختلفَة عن غيرِها ، لانها الانثى الوحيدَة التي كانَت بِكُل تلك الرقَة و اللُطف ، اُعجبت بِها كَطفلٍ بريئ يرى انسانَة تُشبِهه ، كُلما تذكَرت مواقفي وجدتُ نفسي لا استهويها كامرأتي ، حتى فترة زواجِنا كُلما حاولتُ الدنو مِنها قُيَّدت حَركتي تمامًا "
" رُبما اعجابي بِها جَعلني اراهُ حُبًا ..؟ و الحَقيقة كانَت اني اُعجبت بها كاُنثى مُهذبَة مُثقفَة و موهوبَة ، لم استطِع رؤيتها كامرأة لي و دومًا ما كنتُ اتساءل عن السَبب ..؟ جَوابي كان انهُ محرمَة عليّ ، حينما نتزَوج ستتغير نَظرتي اليها حتمًا ، لكن ذلك لم يَحدُث ، لم اتمكن ان اراها اكثر من مُجرد صديقَة تُجيد فَهمي و احتواء تشتت افكاري "
" لِهذا السَبب ، اشعُر بتأنيب الضَمير ، اشعُر بالنَدم لاني اوهمتُها بِحُبٍ كاذِب ، ظلمتُها و مَنعتها من مواكبَة حياتها تحت مُسمَّى الحُب ! رُبما هي احبتني ، لكني لم اكن افقه من الحُب علمًا ، حَتى جربته معكِ ، جربتُ معنى ان تكون مُتلهفًا لِنظرَةٍ واحدَة مِن حَبيبك ، ان تَكبح نفسك بِصُعوبَة عَنه ، أن يكون حاضِرًا وسط حَشدٍ و لا تَرى غَيره ، ادركتُ معنى الوَجع ان رأيتُ انثاي مع غَيري ، انا تعلمتُ الحُب معكِ انتِ دون غيركِ "
استمعَت لهُ بِحَذرٍ تام تَرى مَدى عُمق كلِماته و حُزنِه على ماحلَّ بِالتي وَصفها بِصديقتِه ، مَسكت بيده و رُغم الم جراحها ألا انها تَشبثت بِه قويًا و هَمِست مُواسيَة " هل يُمكننا زيارَة قبرِها معًا ..؟ "
وَجدتهُ يُخفض رأسهُ لازالَة دُموعه التي تشكلَّت ، اومَئ لَها راسمًا ابتِسامَة مُتحسرَة إذ قال بِصوتٍ مُختنق " هل يُمكنها مُسامحتي ..؟ "
" دامَها رضت ان تُضحي بحياتها من اجلِك ، اذًا هي سامحتك " هَتفت لهُ بعدَما دنت لازالَة مدامِعه عن عينيه لِتُقبل جَبينه بِلُطف " انا اسفَة من اجلِها ايضًا ، لناخذ لها بعض الزُهور و نعتذر لَها سويًا ، رُبما تغفر لنا "
" و ماذنبكِ انتِ ..؟ " هَمس لها بعدَما احتضنها من الجانِب ، اجابتهُ و هي تُسند رأسها على صَدرِه " لاني سرقتُ حُب حياتِها منها ، انهُ شُعور تَبغضه كُل امرأة حتى بَعد وفاتِها ، لكني اعِدها اني سأهتمُ بك جيدًا "
قَبل رأسها بِحُب و همهم هامِسًا " سَنزور قبرها سويًا ، هي تعرِفكِ ، رأت صوركِ و انتِ صغيرَة و احبتكِ كثيرًا "
ابتَسمت سويون بِخُفوت ، رَفعت عينيها اليه تُناظِره " لو كانت على قيد الحَياة ، كنتُ لاحبها انا كَذلك ، بَدت لي لطيفَة "
" لا استطيعُ مدح اي امرأة بِحُضوركِ ، لا يوجَد لطيفَة عداكِ " هَمس لها يقرُص ارنبة انفها مُتبسِّم المَلمح ، قَبل جَبينها و عاود مُعانقتها بِلطفٍ لِيتسطح بِها
داوى فُضولها باجابته التي كانَت مُرضيَة للغايَة بالنِسبَة اليها
لَكِن هُنالك سُؤال يُطرَح ..!
ماذا لَو لَم تَمُت ايما ..؟
•••
" خُذي حَبيبتي "
قدَّك تايهيونغ كأس الماء الي زوجتِه الجالسَة فوق فِراش غُرفة الفُندق
لِتوهما عادا من مركز الشُرطة بعدَما جاء جُيون و جَلس قليلاً مع ابنتِه يُهدأها ، اخذَت ايڤا كأس الماء من زوجِها و احتَست منهُ بيدين مُرتعشتَين
من رؤيته لِوضعها ، هو لا يظُن انها سَتتجاوز هَذا الموقف قريبًا
جَلس بالقُرب مِنها و مسك يديها الاثنتَين يُحاول تهدأتها ، رُغم انه لا يمتلك اسلوبًا لينًا كخاصَة والِدها ، و لا يُجيد الحديث المَعسول بتاتًا
لَكنهُ صادِق في كَلامِه و ذلك كافٍ
" ايڤا ، هل يُمكنك ان تتماسكِ ارجوكِ ..؟ ان بقيت على هذا الحال سَتمرضين ، انا لا اريدُ ان اراكِ مُنتكِسَة مُجددًا " قال بِحُزن بينَما يمسحُ على ذِراعها طوليًا يَجدها تستجمعُ انفاسها بصعوبَة
هي مُدللة للغايَة
مَنع عليها جُيون جَميع انواع الايذاء النفسيّ و الجَسديّ حتَّى
و ذَلك لم يكُن من مصلحتها البتَّة
لانها لم تكُن مُعتادَة على الألم
حينما ذاقتهُ كان صعبًا للغايَة عَليها
لم تستطِع تحمل هذا الكَم الهائل من الوَجع ، كُله تراكم عليها دُفعَة واحدَة
أن تُحرم من الامومَة
ثُم تعرِف حَقيقَة ان من ربَّاها ليس والِدها
عاشِت مايُقارب العشرون عامًا من الوَهمِ و الخِداع ..!
ثُمَّ ، تكتشِف ان والدتها قُتلت ظُلمًا و حُرِمت من حَياتها غدرًا للايقاع بِمن مَنحها الحَياة
اخيرًا ، هي من قَتلت الرَجُل الذي انجَبها الي الحَياة ..!
تَقدم تايهيونغ مِنها و أسرَها بين ذِراعيها يَمنحها عِناقًا يَروي فيه صِدق شُعوره اليها ، مَسح على طول ظهرِها و همس لها بالقُرب من اذنها " لنأخذ حمامًا دافئًا ، ما رأيكِ ..؟ "
تجاوَبت معهُ و لم تَرفض ، هي بِحاجَة للاسترِخاء ، انجَرت معهُ الي حوض الاستحمام الذي مَلئه بالماء الدافِئ و ساعدها بالدُخول في مُنتصفه
لَم يبخل عَليها بِيعض التَدليك المُريح الي اكتافها و رأسِها يُهمهم لها بِالحانٍ تُحب سماعِها بصوتِه العَميق لعلَّها تستريحُ اكثَر
اكثَر ما يستطيعُ فعله ان يكونُ بِجانبها و يَدعمها قدر استِطاعتِه
ساعَدها بارتِداء ملابِسها الدافئَة و اسنادها على الفِراش بعدما لبس خاصتهُ ثُم اتَجه الي مَطبخ المُلحق بالجَناح الفُندقيّ يُعد لها شاي بالنعناع و الأعشاب
وَضع به القليل من العسَل لِيتجه صوبها و يجلِس بجانبها يُقدمه اليها مُتحدثًا بِلُطف " اشربيه ، لعلَّه يزيدُكِ تحسُنًا "
خفَّ ارتجافُ يديها عن السابِق و تمكنَت من امساك الكأس ، شرِبت منهُ القَليل و تحدَثت بعد صَمت دام طويلاً " لا اظنُ اني استطيعُ تجاوز هذا بِمُفردي تايهيونغ ، انا بحاجَة الي طبيب نفسيّ " صرَّحت عن حاجتها للمُساعدَة و هو تَفهم
اومَئ لها ايجابًا و قام بالمَسح على شعرِها بِلُطفٍ بالِغ يُهمهم مُلحقًا حديثه الهادِئ " سنعودُ الي كوريا قريبًا ، آن ذاك سارى طبيبًا نفسيًا تستطيعين المُراجعَة عِنده لِيُساعدكِ ، حسنًا ؟ "
حَركت رأسها تومئ بالمُوافقَة لِتسمع صَوت رنين هاتِفه ، جَذبه من المنضدَة و رأى اسم المُتصل " انه والدكِ ، لابد انهُ قلِق "
أجاب عَليه يُهمهم لهُ اذ صَدر صَوت جُيون القلِق مُتسائِلاً عَن حالة طِفلته " تايهيونغ كيف حال ايڤا ..؟ هل هي بخَير ..؟ "
نَظر تايهيونغ الي زوجتِه التي ارخَت رأسها على مَسند السرير تَحتسي من كوبِها الدافِئ مُلتزمَة الصَمت ، مسك بيدها يمسحُ عليها مُهمهمًا بالايجاب إذ قال " انها بِخَير ، تحسنت عمَّا كانت "
" لما لا تأتيان الي القَصر ..؟ اجلبها و تعال ، انا بحاجَة لاراها و اُبقيها امام عيناي " هَتف جونغكوك بينَما يُدلك جَبينهُ يسيرُ ذهابًا و ايابًا في ذلك المَمر الطويل المُقابِل للحديقَة الملكيَة
سويون خَلدت الي النوم بالفِعل لكنهُ لم يَتمكن من اخذ غفوة حتَّى
قلقهُ على ايڤا حرَّم عليه ذَلك
" نحنُ سنعود الي كوريا قريبًا ، لسنا بحاجَة للمجيئ الي القَصر " هَتف بُندقيّ العَينين يَرى زوجته و هي تَشع الكأس فوق المنضدَة تُنصت الي صوت والِدها حين تَحدث " ناولني اياها اُحادثها "
انتَشلت الهاتِف منه تضعهُ على اُذنها إذ بِمُجرَّد ان سمِعت صوتِه الدافئ انسابَت دُموعها بغزارَة مُتحدثَة بغصَّة " العالم ليسَ ورديًا كَما صنعتهُ لي يا بابا ، انهُ مُخيف جِدًا و سَوداويّ "
ألمتهُ نبرتها المليئَة بالقَهر و العَجز ، ادرَك حَقيقة انَّ مُواجهتها لِمشاكلِها بِمُفردها باتت مُستحيلَة ، حِرصه على حمايتِها جعلها عاجِزَة عن تقبل أي صدمَة خارِجيَة
رُبما هو افرَط بتدليلِها ، ذَلك عاد بالسوء عَليها حتمًا
" صغيرتي ، مابها حَبيبة البابا ؟ " تَحدث قلقًا يستمعُ الي اهتزاز نَبرتها و اضطِراب انفاسِها المَسموع ، اجابتهُ باكيَة بعدما تَحصلت على عِناقٍ من زوجِها " الح..الحياة لي..ليست جميل..جميلة ، ان.انها مخيف..مخيفة "
" اشع..اشعُر اني اعيشُ في وهمٍ لا استطيعُ مُغادرته "
صوتِها المُرتعِش لم يكُن مُبشرًا بالخَير البتَّة
ازداد قلقهُ و سُرعان ما تَوجه نحو سيارتِه يصعد على مَتنها لِمُغادرة القَصر
تَوجه الي موقِعها و لازالَت تَشتكِ لهُ عمَّا بِداخلها عبر الهاتِف قائِلَة " ان..انا خائفَة للغايَة يا ابي ، خائ..خائفَة "
" انا قادِم اليكِ ياصغيرتي هِمم ؟ انتظريني " تحدَث قائِلاً بِنبرةٍ دافئَة يستمعُ الي صوت بُكاءها الغَزير ، لم يشأ اغلاق الخَط و سَمح لها بالبُكاء في حُضوره ، يعلمُ تمامًا حَجم الألم الذي يَجتاحُها
ركَن امام الفُندق الذي تَقطُن بِه هي و زوجِها و سُرعان ما صَعد الي جناحِهما في الطابِق الثالِث ، طَرق الباب لِيفتح له تايهيونغ الذي افسَح له مَجال الدُخول و نَطق مُستاءًا " انها ليسَت بخير ابدًا "
" لا تقلق ، ساكونُ بجوارها " هَتف جُيون بينما يسيرُ نحو الداخِل يَراها تتكوَّر فوق الفِراش تَبكي بحرقَة ، كان الهاتف لازال بين قبضتِها إذ قام بِسلبه منها بعدَما جلس قُربها و نَطق بِدفئ " صغيرتي "
رَفعت عينيها السَوداء اليه و ناظرتهُ بِبُكاء ، شَرعت بِعناقه قويًا حاشِرَة رأسها بصدرِه تُكمِل نَحيبها بِحرقَة " ابي " صاحَت بِوجع تتشبَّث بقميصه الذي تبلل اثر دُموعها ، بادَلها ذلك الحُضن الذي وَضع به كامل حُبه يُطبطب برفقٍ عَليها
نَظر نحو تايهيونغ الواقِف يُحدق بِهما بِحُزن ، مَسح على شعر صغيرتِه التي ابتَعدت عنهُ متحدثَة بينَما ترتعِش " ان..انا لا است..استطيعُ تحمل هذا الكم الهائِل من الأ..الالم ، اشع..اشعر اني ساموت "
قَطع حديثها بِوضع سبابته عند شِفاهها مُتحدثًا بجديَة " هِشش ! اياكِ ، انتِ ستكونين بِخير ايڤا ، فترَة و سَتمُر حسنًا ..؟ كُلنا نمر بِمشاكل و نتجاوزها "
" لكِّن هذه المشاكِل اق..اقوى منِّي ، ان..انا ضعي..ضعيفَة " قالَت تُشير بعينيها على يديها اللتان بسطتهُما امام عَينيه قائِلَة بغصَّة " ان..انا قاتلَة "
احتَضن وَجهها بين كَفيه يُهدأ من روعِها حينَما زاد ارتعاشِها و فقد سيطرتِه عَليها ، بدأت تنتفِض بالشَكل الذي اقلقه و زادَهُ رُعبًا إذ قام بِلف يديه حول جَسدها يُناظر تايهيونغ بِقلق " تايهيونغ تَصرف ، اطلب الاسعاف حالاً "
ارتَجف بَدن الاسمَر الذي اضحَى مَصدومًا يَراها تَفقدُ السيطرَة على نَفسِها تمامًا ، يجدُها تنتفِض بالشَكل الذي يُصعب السيطرَة عَليه و ذلك أذاه
اذاهُ بشدَّة
انتَفض بِدوره حينَما صَرخ عليه جُيون بقوَّة قائِلاً
" تصرَّف حالاً "
اومَئ ايجابًا و سُرعان ما حَمل هاتفه بيدين مُرتعشتَين يطلبُ المُساعدَة
كبّل جُيون ابنتِه بيديه جيدًا يُحاول كَبحها قدر استطاعته لَكنها لا تتجاوَب معه ، ترَّجاها ان تَتوقف و تُنصت اليه ، هي تستمرُ بالصُراخ و الانتفاض بالشَكل الذي اسقَط قلبه من اضلُعه
" ايڤ..ايڤا ارج..ارجوكِ " هَمِس بِضعف ، ان يَراها بِهذا الحال يَفطِره
وَصلت سيارة الاسعاف التي نَقلتها بِسُرعة الي المُستشفَى
•••
يجلس بُندقيّ الشَعر و العَينين في مَمرات تلك المصحَة يُناظِر الفَراغ بِصَمتٍ تام ، لِتوه سمِع تشخيص الطَبيب الذي قاله لهُ و لوالِد امرأته
كان تائِهًا ، مُشتتًا لا يَجِد رُكنًا آمنًا يَحميه من ألم قلبِه
" للاسف سيد جُيون ، ايڤا تعرضًت الي صدمَة قوية لم يستطٍع عقلها ان يَتحمله لِذا سَتُعاني مِن اضطرابات كثيرَة ، ستُصيبها نوباتٍ من الهَلع التي يُصعب التَحكم بِها لِذا سنضَّطر ان نحتجزها لَدينا في المصحَة "
لَم يشعُر إلا بِدمعةٍ تتسرَّب من عَينه البُندقيَة على وجنتِه تشكِّل شقًا يسيرُ الي اسفل ذَقنِه ، مُنذ خُطبتهِما لَم يحظيا بِسعادَة أي عَروسين البتَّة
توالَت المَشاكل الي هذا اليَوم الذي سُرقت فيه امرأته منهُ و احتجِزت بعيدًا عَنه
لم يكُن يعلمُ مُدة احتجازِها ، لكِّن حتى ان كانت لِيومٍ واحِد ، هي صعبَة عَليه
احسَّ بِجُلوس جُيون بالقُرب مِنه فَلم يصدر منهُ سِوا هَمسٍ خافِت يُعبر عن وَجع قلبِه " هل سَتُصبح بِخَير ..؟ "
صَوت جُيون المُرتعش و هو يُجيبه لم يكُن يُبشره بالخَير بتاتًا
" أعطوها بِضعة مُهدئات تُساعدها على النَوم ، غفت قَبل قليل "
نَبرته تلك أخبرتهُ جيدًا انهُ بكا طويلاً على حالِها
ما مِن أب سيستحمل رؤية طِفله يتألم بتلك الطريقَة و هو عاجِز عن تَقديم المُساعدَة
" ايڤا ، كانَت تُحِب الاطفال كَثيرًا ، لابد ان موضوع مرضِها اكثَر ما يُقلقها لِهذا هي ليسَت بخير " هَتف تايهيونغ بِحُزنٍ حاول اخفاءه لَكنه فشِل
" هي تستمِرُ بِذكر جونسان كُل يَوم ، كُلما ارادت القُدوم الي زيارتِه تخافُ ان تَمنعها سويون مِنه فَيُجرح قلبُها ، انا اُحاول مُساعدتها ، لَكن لا شَئ يجعلها سعيدَة مؤخرًا سِوا الحديث عن الصَغير " غصتَّه جعلت صوته مُختنقًا يُعبر تمامًا عمَّا بِداخله
ناظَرهُ جُيون يَرى دُموعه تُغرق وَجهه الخُمريّ ، لا يَذكر يومًا انهُ رأى وَجه تايهيونغ المُتجهم باكٍ و ذلك أثبت لهُ حجم المُعاناة التي يَراها بِزوجته مُؤخرًا
" ايڤا سَتتحسن ، سَتخرُج من هُنا و الطِب تطور ، هي سَتحمل و تُنجب ايضًا و تُصبح بخير همم ؟ " تَحدث جُيون مُتفائِلاً يُربت بكفه على اكتافِ زوج ابنتِه الذي مَسح سائل انفه مُتحدثًا بحرقَة " لا اريد منحها أمالاً زائفَة ، لا اُريد رؤية انكسارِها مُجددًا ، الامرُ ليس سهلاً عليّ "
سُمِع صَوت زَفير جُيون المُنهَك ، مَرر يداهُ على مَلامِحه و استقام من قُربه مُتحدثا بِهدوء تام " سَنجدُ حَلاً ، بقاءُها هُنا افضل لِرعايتها الصحيَّة "
نَظر الي ساعَة رِسغه فوجد العقارِب تُشيرُ الي السادِسَة صباحًا ، جَمع انفاسِه في صَدرِه و اكمَل " الليلَة ستُغادر سويون الي كوريا ، عليّ الذهاب لاتمام الاجراءات اللازِمَة ، ساعودُ في اقرب فُرصَة "
لملم تايهيونغ شِتاته و ارسَل لهُ همهمَة بعدما نَهض و قال " سابقى هُنا معها ، لا تَقلق بِشأنها ساكونُ بجوارِها "
رَسم جونغكوك ابتِسامَة خافتَة إذ وَضع يدهُ على كَتف من قُبالته شاكِرًا بِصوتٍ مُرهَق " انا اعرِف انها لن تكونُ بخير الا مَعك ، انت الوحيد من يَحتمل مِزاجيتها "
حرَّك الاسمَر رأسهُ تجاوبًا مع حَديثه لِيُراقب والِد زوجته يهِّمُ بالرَحيل ، تقَدم هو نَحو غُرفَة امرأته يُراقبها من الفتحَة الصغيرة التي كونها عبر الباب يَراها نائمَة بِعُمق على ذلك الفِراش
اتكئ على الباب بِرأسه يُمعن النَظر بِها و بِملامِحها المُتعبَة ، اغمض بُندقيتاه يَدعي الرَب ان يُخفف عَنها و يمنحها شِفاءه العاجِل
هو فِعلاً تَعِب من كُل هذه المَشاكِل
•••
" هل ايڤا بِخَير جونغكوك ..؟ "
وَجهت سويون سؤالها الي حبيبها و هي تُغير حفاظ ابنِها الذي استَيقظ نشيطًا مُنذ الخامسَة و النِصف صباحًا و قَطع صفوَة نومِها
في الواقِع لم تنم جيدًا فالكوابيس راودتها طيلَة اللَيل بشأن الحادِثَة
خُصوصًا انها حينما استَفاقت لم تجِد رجُلها بِجوارِها
حينَما عاد حَكا لها حَقيقة ما حَدث و ذلك أقلقها بشدَّة
" الطبيب قال انها بحاجَة لبعضٍ من الوقت كَي تسترِّد اتزانها النَفسيّ ، أخر ما مَرت بِه لم يكُن يسهل استيعابه بالنسبَة اليها ، هي تعبت جدًا " نَطق جُيون بينَما يُغلق ازرار قَميصه الأسوَد يُنصت الي صَوت امرأته الحَزين حينَما قالت " الا يُمكنني زيارتها قَبل موعد رحلتي ..؟ "
" رحلتكِ على السابعَة مساءًا ، سارى ان كان بامكانكِ رؤيتها قبل ذهابكِ " همهم قائِلاً لِيلتفت اليها يَراها تُلبس الصغير ثيابه ، اقتَرب منها يُعانقها من الوراء و يُسند ذقنه على كَتفها متأملاً طِفلهما " هل سَتكونين بِخير هُناك ؟ "
" ساكونُ بخير بِرفقة والداي ، امي قالت انها عادَت الي كوريا ليلَة البارحَة هي و ابي ، لِذا احتاجُ للبقاء معهما فترَة لاستعيد سَلامي النفسي انا ايضًا " هَتفت بينَما تدخل الجوارب الصغيرَة في اقدام طِفلها ، التَفت نحو حَبيبها تُناظِر عينيه السَوداء تَرى عُمق الحُزن الذي يَكتسح هالتهُما
احاطَت وَجنتيه بيديها المُضمَدتَين و هَتفت هامسَة " سانتظرك ريثما تَهتم بالامور هُنا و تَعود كَما وَعدتني همم ؟ عليّ ان استجمِع شتاتي قليلاً كَي استطيعُ مَنح جون وقتًا يليقُ به "
قرارُها صائِب و ذلك تمامًا ما كان يُريده هو
بقاءُها قُربه لن يزيد الامر الا سُوءًا
و ذلك لاحظتهُ هي ، بَدل مُساعدته يُحاولون استهدافِها للنَيل مِنه
لِذلك اتخَذت قَرار الابتِعاد فَترة حَتى تعودُ المياه الي مَجاريها
" صَحيح عليكِ العودَة ، اساسًا جامعتكِ ستبدأ الاسبوع المُقبل " رَدف بعدما احاط وِسطها و اسنَد جبينهما يُناظر عينيها العسليَة ، وَجدها تصمُت لِفترةٍ قَبل ان تنطِق قائِلَة " امم بِخُصوص موضوع الجامعَة ، اردتُ محادثتك بِه "
قَطب حواجِبه بخفَّة يُنصِت اليها باهتِمام حينَما مَسكت ياقته تُعدلها له بينَما تقول " اُريد ان اُجمِّد قيدي هَذا العام ، لقد نال الانهاك منِّي السنة الدراسيَة الماضيَة لِذا لا اظنُ اني ساكونُ بخير ، احتاجُ انا اخذ راحَة جُيون ، كما اني اُريد قضاء هذا العام مع جون ، انهُ اكثر عُمر يحتاجُني فيه مَعه "
صَمت لِكَثير من الوَقت يُقلِّب افكارَه بِرأسه ، ان كان تَجميد القيد لِعام و تأخرها عَن دُفعتها سيكونُ لِصالحها أم لا
اقتَرح بِدوره قائِلاً " لما لا تَدرُسين بالمُراسلة هذا العام ..؟ كَي لا تُضيعينَه عليكِ ؟ "
وَجدها تُنفي مُعترِضَة إذ قالَت بِصوتٍ هادِئ " لا ، لا اُريد اي مُلهياتٍ دراسيَة ، احتاجُ للبقاء دون عِبئ ، انا مُتعبَة حقًا جُيون "
تَفهم رَغبتها المُلحَة و لم يكُن لهُ اي سَبب في فَرض رأيه ، ما عانتهُ هي خِلال العام الفائِت لم يكُن سَهلاً ، هو تعجَّب كيف تمكنت من النَجاح بِتقدير جيِّد جدًا
لِذلك اعطاها مُوافقته بِتجميد قيدِها و ابتسَم لها بِخفَة مُقبلاً جَبينها بِحُب " حسنًا ان كان ذَلك سيكونُ ملائِمًا لكِ يا فَتاتي ، خُذي راحتكِ و كَرِّسي وقتكِ الي جون كما تُريدين "
ابتَسمت لهُ بسعادَة لِمُوافقته ، ظَنت انهُ سيُعارضها فهو صارِم بما سيخص الدراسَة ، مَنحته عناقًا طَويلاً هَمست به في اُذنه " هل يُمكننا الذهاب للافطار معًا ..؟ "
ابتَعدت عنهُ تَنظر بِداخل عينيه السَوداء حينَما همهم لَها ، حَملت الصَغير تَضعهُ بِداخل تلك العربَة التي تَخُص من بِعُمره و قالَت " لقد جاءَت قبل قليل الخادِمَة ، كانت كبيرَة في السِن و حكت لي الكثير عَنك "
حَمل جونغكوك الغِطاء الخَفيف يضعهُ فوق حُضن صغيره حتى لا تَلفحهُ رياح سبتمبر الباردَة ، علم هويَة تلك الخادمَة و تبسَم قائِلاً " همم ، تستطيعين القَول اني قضيتُ طفولتي كُلها لَديها ، كانَت تهتم بي انا و ايما كثيرًا "
على الرُغم من انَّ ذِكر ايما كَحبيبَة لهُ يُضايقها
لَكن حينَما ادركت مَشاعِره نَحوه كَمُجرَّد صديقّة عجز عن رؤيتها كامرأته أراحها و بات الموضوع اقلُ حساسيَة
" نَعم ، حَكت لي الكَثير عنك انت و ايما ايضًا ، قالت انها تعلمت اللغُة الكورية مِنك لانها كانت تُحبك " قالَت الصغيرَة بينما تجُر عربة طِفلها الي الخارِج حيثُ سار جُيون بجوارها و استَلم قيادتها بَدلاً مِنها
يديها مَجروحَتين و هي لا تَكف عن اتعابِ نَفسها
ذَلك يُزعِجه
" نعم ، كانَت صديقَة اُمي و تَولت تربيتنا انا و جونغ ووك حينَما تكونُ والدتي مشغولَة بالدِراسَة او العَمل ، هي لطيفَة بِحق " تَحدث جونغكوك بِهدوء يتمشَى بِجوار امرأته التي تَشبثت بِذراعه تُناظر ممرات القَصر المُثيرة للإهتِمام " فرحت جدًا حينَما رأت جونسان ، احتَضنته و قَبلته كثيرًا "
اطلَق همهمَة خافِتَة ، لم يكُن بِمزاج جَيد للتَجاوب مَعها في الحَديث عَدا انهُ يُنصت اليها جيدًا ، تَوجها مَعًا الي مَكانٍ هو يَعرِفه جيدًا
ذلك المَكان الذي يُعتبَرُ سِريًا بالنسبَة اليه
هي من قادتهُ الي هُناك ليس هو ..!
و ذلك أدهشهُ قليلاً
وراء اغصان الاشجار الضَخمَة تِلك كان هُنالك مَخبئًا سريًا صَنعهُ بِنفسه حينَما كان طِفلاً ، يَلتجئ بِه للدِراسَة و مُواكبَة نشاطاتِه و مواهِبه بعيدًا عن البَشر
لم يكُن يعرفه احد سِوا ايما و تِلك الخادِمَة التي حتمًا هي من افشَت السِر الي سويون ، ناظرتهُ الصُغرى التي شَكلت ابتِسامَة لطيفَة " خَمن ماذا يوجَد بالداخِل ..! "
قلَّص عَينيه الكُحليتَين يَجِدها تقفُ امام باب المخبئ ، تَحدث قائِلا بحاجبٍ مرفوع " كَيف عرفتِ هذا المكان ..؟ "
" امم ، الجنية اخبرتني " قامَت بابعادِ تلك الاغصان الضخمَة المُتدليَة تُفسح المَجال لهُما لعبور النحو الأخَر إذ كانت هُنالك حديقة مُصغرَّة بِها نافورة مائيَة مُضيئَة مع طاولَة و كُرسيين
جرَّ العربَة الي الداخِل حينَما سبقتهُ و فوجِئ بوجود كَعكة صغيرَة الحجم في مُنتصف تلك الطاولَة ، نَظر نحو امرأته التي دَنت منهُ تمسك بيدِه قائِلَة بابتِسامَة خافِتَة " لم يَسعني تهنئتك بِمولدك ليلة البارِحَة رُغم اني جهزتُ لِذلك ، لَكِن طلبتُ من الخادمَة احضار اي شَئ بسيط استطيعُ فيه اخبارك باني مُمتنَة لليوم الذي خُلقت بِه لتكون مِن بين مِليارات الرِجال ، رَجُلاً يَخُصني ، حَظي الذي نَعتهُ بالعاثِر يَكسر حَجر حُظوظ كُل النِساء "
تَمكنت من ادخالِ السُرور الي قلبِه وسط كُل ذلك الكم من الحُزن عَبر كلماتِها التي جاءَت حنونَة بشكلٍ مُفرَط ، خَلق ابتِسامَة دافِئَة ينطِق بِها " اتذكُرين يوم ميلادي ..؟ " ظنَّها تناستهُ تمامًا ، خُصوصًا ما جَرى ليلَة البارحَة
" كَيف لي ان انسَى ..؟ انهُ اليَوم الذي خُلق فيه الرَجُل ، مَن ساهَم في وِلادتي و ابصاري لِنور الحَياة ..! اتخالُني انسى ؟ " وبختهُ بِضربِتها الخفيفة على كَتفه بقبضتِها تستقبل احتضانِه القويّ لها بِرحابَة صَدر
حَملها يَلتفُ بِها في موقِعهما قَبل ان يُخفضها ارضًا يُحيط وَجنتيها المُمتلئتين بِحُب " رُغم هذه الظُروف ، انتِ لم تنسيني ! خلتُ انه بعد موقف البارحَة لن تذكرين شيئًا " تَحدث و هو يُزيح خُصيلاتِها عن مَلامِحها يضعُها وراء اُذنها
" رغم انَّ موقف البارحَة لم يكُن سهلاً ، لَكِن لا يُمكنني نِسيانك مَهما حَدث ، هل يُمكننا تَقطيع الكَعكة سويًا ؟ " وَضعت يديها على خَصره تنظُر بِداخل عَينيه المُتلئلَئتَين ، هي سعيدَة انها سَبب هذا الشُعاع في عُيونِه ، بعد ان كانَت مُعتمة للغايَة صباحًا
تَمشيا سويًا الي تِلك الطاولَة حيثُ تتواجد قِطعة الكَعك الصغيرَة ، جَلسا بالقُرب من بَعضِهما يُقطِّعان الكيك ثُم يُطعم كُل واحد منهما الأخَر و طِفلهما بجوارِهما يُشاهِدهُما بِهدوء
تَبادلا اطرافًا من الحَديث التي لم تَخلوا من مُغزلات جُيون لَها و مُناكفتِها ، على الرُغم من شدَّة المواقِف ، لا يُمكنه البقاء دون رؤيتها تحمَّر خجلاً حينما يُلاطفها ، تلك نشوتِه
حينَما انتَهيا من الأكل قَرر أخذها الي زيارَة ايڤا في المصحَة حيثُ يتواجَد تايهيونغ هُناك بجوارِها يُساعدها على تناول طعامِها
كانت مُكتئبة تمامًا ترفُض الحَديث ، كَمن اغلقَت على نفسِها في عالمٍ بعيد يَختلفُ عن الواقِع الأليم ، لم تكُن تتجاوب مَعه ان حَدثها كَما لو انهُ غير موجود مَعها
كان ذلِك مؤذٍ بالنِسبَة اليه
مؤذٍ جِدًا
دَخلت سويون و هي تحملُ بين ذراعيها الصَغير لعلَّه يكون سببًا في التَحسن قليلاً ان رأته ، اقتَربت للجُلوس بِجانبها تَراها تلبسُ ثياب المرضَى بينَما تُناظِر الفَراغ بِصَمت
ألمها قلبها على حالِها و مَدت يدها تُمسك بخاصتِها تندهُ عليها بصوتٍ خافِت " اي..ايڤا ؟ " توقعَت ان تَرى الحماس يغزوا مَلامحها كَما اعتادَت ان تكون
لَكِن وَجهها خالٍ من أي تَعبير يُذكِر ، كَما لو انّ روحها فارقتها و بَقت كَجسدٍ هاونٍ ، كَبحت سويون وَجعها على حالِها و قالَت " اُنظري من جَلبتُ لكِ ، جون جاء لِزيارتكِ "
حاوَلت تقديم جونسان اليها لَكن تايهيونغ مَنعها بقولِه " قد تؤذيه سويون ، اصبَح لديها سُلوك عِدوانيّ مؤخرًا "
حَدقت سويون بِه و لم يُعجبها حَديثه اذ قالت " لما قد تؤذي اخيها .. ؟ لن تؤذيه هي تُحبه " تجاوَزت تحذيره و مَدت الصغير نَحو اخته التي انتَبهت لهُ
تجاوَبت مع الطِفل و شَرعت بِحمله بعدَما حاول اباها و زوجِها مُحاكاتِها و فَشِلا ، مَسكتهُ بين يَديها تُناظر مَلامِحه القريبَة منها بِابتِسامَة رُسِمت على مَلامِحها المُتعبَة ، قَبلتهُ على جَبينه و وَجنتيه و عانقته مُنفجرَة بالبُكاء
تَنهد تايهيونغ يُخفض رأسه بتعَب " هذا ما خِفتُ منه ، لن يسهل عليك اخذه منها الان ، ان غاب عنها سَتعود لِتنتكس اكثَر " قال بينَما يُدلك جَبهته بِصُداع
" لاباس بان يبقَى معها لِقليل من الوَقت ، ليس لديّ مانِع " هتفت سويون مُبتسمَة بعدَما وضعت يدها للمسَح على شعر ايڤا مُكملَة " انهُ طفلك ايضًا ، انا لن احرمكِ منهُ ابدًا ، وقتما شئتِ يمكنكِ الاعتناء بِه "
راقَبت الكُبرى صديقتِها و هي تُطبطب على صَدر طِفلها بِلُطف ، لم تكُن تتجاوب مع احاديثهم كَما لو انهم غَير حاضِرون رِفقتها
كانَت مُنسجمَة معهُ هو فَحسب
جَلس جُيون بِجوار حَبيبته يُراقِب ابنته التي تُغني من اجل الصَغير ، تِلك اُغنيته لها حينَما كانت طِفلة ، جاءَت لهُ بذكرياتٍ عديدَة
تلك الاغنيَة سَمِع ام ايڤا تُغنيها من اجل دُميتها حينما كانوا أطفالاً في حديقَة القَصر فَحفظِها مِنها و اصبَح يُغنيها لابنتِها
لانها اخبرتهُ سابقًا انها سَتغنيها لاطفالها كي يَنعمون بنومٍ جَيِّد
ابتَسم بِخُفوت يَراها تَشِّع في حُضور الصَغير لِيُناظر تايهيونغ ، طَلبه الي الخارِج يَترك سويون بِرفقتها مع الطِفل
خَرجا سويًا و نَظر جُيون نَحو الأخر مُتحدثًا بهدوء " انظر تايهيونغ ، انا بحثتُ بشأن موضوع حَمل ايڤا و مَرضها "
انصَت الاصغر سِنًا اليه بإهتِمام يَجِده يُكمِل " وجدتُ مُتبرع قلب لَها ، هُنالك من وافق بِمنحها قلبه لِكيّ تَحيا كَمثل بقيَة البشر مُعافاة سليمَة "
اتسعَت عينيّ تايهيونغ الذي فرَّق شِفاهه مُنذهِلاً اذ قال بسعادَة " ح..حقًا ؟ هل يُمكنها ان تتشافَى كُليًا ..؟ "
اومَئ جونغكوك بابتِسامَة خافتَة و أضاف " العمليَة لن تكون بِهذه السُهولَة ، ستستغرِق ساعاتٍ طويلَة بالفِعل ، لَكنها سَتُعطيها حياة جَديدَة بعيدًا عن التَعب و المَرض ، سَتمنحها فُرصة ان تكون اُم لكثير من الاطفال كَما تتمنَى هي ، لِذلك سأشرعُ في التجهيز لِهذا الأمر فورًا "
لم يُدرك تايهيونغ نَفسهُ الا و هو يُعانِق الاكبر سِنًا بِقوَّة يَشكرُه بشدَّة ، ضَحك جُيون و هو يُبادله العناق مُطبطبًا عَليه بِلُطف " لما تشكُرني و هي ابنتي ..؟ انهُ اقل ما استطيع فعله من اجلِها ، لو لم التقي بِسويون لكنتُ منحتها قَلبي " همِس لهُ
ابتَعد تايهيونغ عَنه ماسِحًا اطراف عينيه من الدُموع ، لِكثرة سعادتِه بَكا ، المُعاناة التي قاستها زوجته مَع المرض هو شاهِد عَليها
هي لا تَستطيعُ النوم جيدًا بِسبب ضيق التنفُس و الغَثيان
بالكاد تَستطيعُ بذل مَجهود خَفيف
حتى عِلاقتهما الزوجيَة لاتسيرُ بشكلٍ جَيد
" لكِن بِخُصوص مُحاكمتك ..؟ " قَطب الاصغر حواجِبه مُتسائِلاً ، تلقَى اجابته من جُيون الذي طالع ساعَة رِسغه و قال " لا تَقلق ، وَجدتُ الحَل الأنسَب ، لا تستبِق الاحداث ، الان علينا الرحيل موعِد طائرة سويون قَريب "
طبطب على كَتف الاصغر قَبل ان يَدخُل الي حُجرة ايڤا يَندهُ على حَبيبته ، وَجد ابنته نائمَة و بين ذِراعيها جونسان الذي حَملتهُ سويون بِلُطف كَي لا تُزعج نَومتِها ، اقتَربت تُعطيه طِفله قبل ان تعود لِتغطيتها بشكلٍ جَيد
قَبل جونغكوك جَبين طِفله بِحُب و هَمس بالقُرب منه " ساشتاقُ اليك ، اياك ان تَنساني حتى اعود هِمم ؟ " يرقصُ قلبه فرحًا كُلما اهداه ابنه تلك الابتِسامَة النَقيَّة التي تُعبِر عن سعادته بِوجوده قُربه
غادَر سويًا رِفقة سويون و طِفلهما الي المَطار ، لم يَكُن بمقدورِه النُزول و توديعِها بالداخِل تجنبًا للالتِقاء بالحَشد فَهو شخصيَة معروفَة بالفِعل لِذا نَزل جيكوب يترُك لهما بعضًا من الخُصوصيَة
ناظرتهُ بينَما تكتمُ رغبتها المُلحَّة بالبُكاء ، هي لا تودُ الابتِعاد و بِذات الوقت يتوجَّب عليها السَفر و تركه يُمسك زِمام الامور
" هل ستكون بخير ؟ " سألتهُ بعدَما شكلت ابتِسامَة تُخفي وراءها الكَثير من الحُزن ، تَراهُ يَصمُت لِكَثير من الوَقت مُمتنعًا عن الاجابَة قَبل ان ينطِق بِهدوء " لستُ متأكد " وَضع كُحليتيه عَليها و أضاف يُطمئنها " لكنِّي ساُحاول "
شابَكت يَداهُما سويًا تضغطُ عليه بقوَّة " ساتصلُ للاطمئنان عليك دومًا ، سارفقُ لك الكثير من الصور لِجونسان ايضًا و انت كَذلك لا تنسَى ان تُحادثني كُلما وَجدت فُرصَة لِذلك "
اومئ لها يتجاوَب مَع حديثِها لينخفِض يُقبل يدِها بِلُطف ، دَنى منها يُعانقها بقوَّة و طِفلهما بين ذِراعَيها " اياكِ اهمال نَفسكِ ، لا تَدعِ انشغالكِ بالتَفكير بي يُنسيكِ انكِ اُم بِحاجَة لِرعايَة ذاتكِ و طِفلكِ " هَمس لها يوصيها بينَما يمسحُ على شعرِها طوليًا
همهمَت لهُ لِتبتعد عنه تنظُر بِداخل عَينيه مُتحدثَة " سأفعل كُل ما يتوجَب عليّ فِعله للحِفاظ علينا ، ستعود لِتجدنا بأفضل حال ، ننتظرك بلهفَة "
ابتَسمت بِخُفوت ما إن دنَى مِنها غيَة لثمِها ، كُلَّ مَشاعر الحُب تجلَّت في قُبلته تِلك ، سيشتاقُ لها حَد الجُنون و هي كَذلك ، سيُصعب عليها مُفارقته
ابتَعدت عنهُ تُعطيه ابنه كي يُقبله و يُشبع نَفسهُ منهُ لأخر ثانيَة ثُمَّ لوح لها حينَما نزلت ، ارسَل لها الكَثير من القُبل الطائرَة يُراقبها و هي تُلوح له بيد الصَغير
غادَرت و غادَر معهُ قلبه
ارسَل كُل شَغفه للحياَة مَعها ، بَعد ان كان مُضيئًا في حُضورها أصبح مُنطفئًا للغايَة مليئًا بالنُدوب التي تَمنعُ سعادتِه
وجودِها حَوله يُنسيه كُل ذرَة حُزن وُجدِت ، كانَّها خُلقت كَمُضاد يَمنع أي نِدبة من الوصول اليه مَهما كان حَجمُها ، ثُمََ ان غابَت سَقط السِتار يَكشف ألم واقِعه
سافَرت الي كوريا بِرفقة ريڤين و طِفلها بعدَما رافقهُما جيكوب حتَى ركوب الطائرَة لِيطمئن بِنفسه كما وَصاه جُيون
أقلَعت الطائرَة تشق سماءِها الي كوريا تحديدًا العاصِمَة سول حيثُما كانَت والِدَة الصبيَة ذاتُ الواحِد و العِشرون عامًا في انتِظارها عند المَطار
بَعد رحلَة دامَت اربعَة عشر ساعَة هَبِطت الطائرَة بالاراضي الكوريَة أينما نَزلت سويون التي تقومُ باسكات طفلها الباكي فَضجيج الرُكاب ازعجه
نَزلت مع ريڤين التي سُرعان ما وَجدت زوجها في انتِظارها ، ذَهبت لهُ ركضًا لِتُعانقه تُسلِّم عَليه في حين ان الصُغرى بَحثت عن والِدتها بين ذلك الحَشد ، ظنَّت ان والدها كَذلك حاضِر لكن أملها خاب بِمُجرَّد ان رأن يون سون تقفُ وحيدَة مع باقَة ورد كَبيرَة زهريَة اللَون
ابتَسمت بِوسع و هَرولت نَحوها كَي تَمنحها عناقًا تُعبر فيه عن شَوقِها اليها ، شدَّت على احتِضانها تترُك مساحَة يتنفس فيها الصَغير بينهنّ " امي ، اشتقتُ اليكِ كَثيرًا " عبَّرت قائلَة و ابتَعدت عنها تُناظر عينيها المُشابهَة لخاصتَيها
يون سون وَضعت عينيها على حفيدِها موسعَة عينيها ، مَدت باقة الورد الي ابنتِها و حَملت الصَغير تُقبله و تتفقّده بِشوق بالِغ " الهي ، حبيبي كَبر سريعًا ! انظري كَيف اصبح حَجمه ..؟ اترضعينه حَليب البقر يافتاة ؟ " وَكزت طفلتها التي احمَّرت بِخجل لِتنطق عابسَة " اتقصدين اني بقرَة ؟ "
" اظنكِ اصبحتِ كذلك فعلاً ، وزنكِ ازداد " هَتفت الكُبرى مقهقهَة على عُبوس صغيرتِها ما ان حَدقت بنفسِها لِتجد ان وزنها ازداد فِعلاً ، لَم يُشعرها جُيون بِذلك بتاتًا ، بل استمر باطعامِها طيلَة الشهرين الماضيين حَتى انتفَخت
" الهي يا امي ! اعليّ ان ابدأ بِحمية غذائية ! " هتفت بِعينين واسعَتين تُناظر والدتها التي ابتَسمت بوسع و قالَت " اظنُ عليكِ ذلك ! كَي تشترين فُستان يُلائمك لِزفاف والديك ! "
لم تستوعِب سويون أخر ماقالتهُ الا بَعد فترة وَجيزَة ، هي صاحَت بسعادَة عامرَة مُتحدثَة بِحماس " مالذي قُلتيه ؟ هل سَتتزوجان اخيرًا ؟ "
" نَعم ! لقد وافقتُ على الزَواج منه ! اخيرًا " حماسُ الام و ابنتها لَفت انتباه المارَة حولِهما ، كلتاهُما احتَضنتا بَعضهِما بِسعادَة لِتُقبل الصُغرى وَجنة الكُبرى قائلَة " انا سعيدَة ! جِدًا ، اخيرًا امي بعد كُل هذه السَنوات "
" لنذهب الي المنزل والدكِ في انتظاركِ ، هنالك ما يتوجب عليّ اخباركِ به " هَتفت يون سون بينَما تُربت على ظَهر صغيرتها بِلُطف ، اخذَتها بِرفقتها بعدَما ودعتا ريڤين و زوجِها جين ، رَكبن في السيارَة و جون لا يُفارق حُضن جَدته التي ناظَرت ابنتها قائلَة " بخصوص والِدك "
" مابه لم يأتي ..؟ " سألت سويون عاقدَة حواجِبها بعدم رِضى إذ قالَت بانزِعاج واضِح " خِلتُ انه سيكون اول من يستقبِلُني و يستقبل حَفيده ! "
تَنهدت يون سون بِخفَة قَبل ان تُلملم شَجاعتها لِمُصارحَة صغيرتِها بأخر ما جَرا لِوالدِها ، مَسكت بيدِها بِلُطف و قالَت " لا يَستطيعُ المَجيئ لطيفتي ، والِدكِ مَريض "
سُرعان ما خَيم القلق على مَلامِح سويون التي التَفت لها سريعًا تُناظرها بِاهتِمام " مريض ..؟ مابِه ..؟ "
ارتَكزت يون سون على الصَمت لِبُرهَة تُلملم افكارِها و تستجمع حُروفها قَبل ان تُخبرها بِكُل ما جَرى في المحكمَة و رحلَة مُداواتِه في امريكا
كُل تلك الحقائِق جَعلت من جَسد الصُغرى يَرتعِش بشدَّة ، لم تتَخيل و لَو لِبُرهَة أن والِدها قد يَكونُ مُصابًا او مَريضًا ..!
اقلبُه الحَنون تَوقف عن العَمل ..؟
و هي لم تكُن تعلم ..؟
بل لامته و غضِبت منه ..؟
تكوّنت الدُموع في اطرافِ عُيونِها تُنصت الي مُعاناتِه مع العِلاج ، استَمعت الي بُكاء امها و هي تَروي المَوقف حيثُ نَطقت بِحسرَة " أتذكُرين حينما اخبرتكِ ان الحَياة لا تقفُ على رَجُل ..؟ لَكني اكتَشفت انها حقًا تقفُ عند غابرييل ، كنتُ افكر بالانتحار بَعده ، لم احتمِل ابدًا فكرَة انه قد يُفارق الحياة "
" طيلَة السنوات الماضيَة كنتُ متصالحَة مع فكرَة انهُ يعيش حياتِه بعيدًا ، لكنهُ بخير ، مُجرَد انه على قيد الحَياة كانَت تُعطيني ذرَة أمل اننا قد نلتقي يومًا ما و لَو عن طريق الصِدفَة ، لكن ان يُفارق هذا العالم ..؟ انهُ اشدّ انواع العذاب الروحيّ الذي سأتلقاهُ يومًا "
مَسحت سويون دُموعها التي تَساقَطت إذ كَوبت يون سون وَجنتها بِلُطف و هَتفت مُكملَة " انهُ بخير الان ، لكنهُ بحاجَة الي الراحَة لِذا لا تُشعرينه بِمرضه ابدًا ، لكون قلبه توقف لمدَة طويلَة احيانًا يُعاني من كثرَة النسيان ، و ايضًا ، هو لا يُمكنه السَير ، لِذا اخبرتكِ كي لا تسألينه ابدًا عن ذلك اليَوم "
ارتَجف ذَقن سويون التي اجهشَت باكيَة بقوَّة تُخفي وَجهها بين كَفيها بينما ترتعد " انهُ بسببي ، ليتني لم اطلب منهُ التَدخل ، انهُ يتعذب و انا المُساهمَة بذلك ، كَيف ساحتمل ان اُقابله بذلك الشكل و لا ابكي ؟ كيف اخبريني ؟ "
عانَقتها يون سون من الجانِب تُطبطب بِلُطف على ذِراعها هامِسَة " هِشش ، اباكِ سيكونُ بِخَير ، انه يتلقى علاجًا فيزياءًا ، سيستطيعُ السير قريبًا ، الطبيب لديه أمل "
جَففت سويون دُموعها بِصُعوبة حينما واشكوا على الوصول الي المَنزِل ، نَظرت الي والِدتها تستجمع شَجاعتِها لِمُواجهته دون اشعارِه بِحجم مَرضه
شَكلت ابتسامَة واسعَة لم تستطِع اخفاء بُكاءها بِها ، والِدها نُقطَة حساسَة بِها ، مَسحت دُموعها بِصُعوبَة و قالَت " حسنًا يا اُمي ، ساُحاول ان اتفائل ، لن اشعره بِعجزه و سامتدِحه كَثيرًا ، لابد أنّ فكرَة بقاءه على كُرسيّ تؤلمِه ، بعدَما كان جبَّارًا لهُ هَيبته بمجرد حُضوره ، ستكون نَفسيته سيئة بِلا شَك "
مَسحت يون سون على شَعرِها بِلُطف مُهمهمَة لَها ، نَظرت نحو جونسان النائِم و قالَت بِسعادَة " انهُ ينتظِر جونسان على شَوق ، لا ينامُ الليل ابدًا ، يظلّ يُفكر به و يتخيلهُ بين يَديه ، ستكون الحسنَة التي تُنسيه حُزنه بِلا شَك "
اومأت سويون مُبتسمَة بِحُب ، اخفَت حُزنها بصعوبَة بالغَة حينَما دخلت الي البيت و قابَلها والدها الجالِس على الكُرسي المُتحرك ، لم تتمكَن من قَمع دُموعها كَما خَططت بَل بكَت كثيرًا حينما جرت لهُ و عانقتهُ بكامل قوتِها
انفجَرت باكيَة في حُضنه و هي تتفقده و تُحيط وَجنتيه تُقبل جَبينه و رأسه مُتحدثة بِبُكاء " لقد اشتقتُ اليك كَثيرًا ، كثيرًا يا ابي "
بادَلها غابرييل الحُضن يُحيطها بِذراعيه بينَما يُطبطب على ظَهرِها بِلُطف " هل اصبحتِ اكثر حَساسية حينما اصبحتِ ام ؟ "
ابتَعدت عنهُ تومِئ بشدَّة بينما تمسحُ دموعها بِكُم قميصها " ادركتُ حَقيقة تعب الوالدين و قيمتهُما اكثَر حينما اصبحتُ ام ، عرفتُ انكُما تتعبان كَثيرًا ، حقًا انا اسفَة ان كنتُ سببًا في حزنكما يومًا ، لا استطيعُ تخيل ان يعصيني جونسان يومًا ، اشعُر ان قلبي ينفطِر "
ابتَسم غابرييل بينَما يمسح عَليها بِلُطف إذ قال بعدَما نظر نَحو حبيبته التي تحمِلُ حفيده " أريني اياه " لمِعت عيناهُ بلهفَة بمجرد ان وَضعته الكُبرى بين اذرِعه ، طالع مَلامحه التي تُشبه والِده و تحدث ضاحِكًا " انهُ ذات انف جونغكوك "
" انفه جَميل ! " تَحدثت سويون مُنفعلَة تستمع الي ضَحكة والديها العاليَة من ردّ فِعلها ، اقتَربت منهما تُعانقهما سويًا بينَما ثَلاثتهم يتأملون ذلك المَلاك النائِم
" لقد جَهزتُ للصَغير غُرفة نوم مُصغرى بِداخل غرفتكِ ، والدك كان مُتحمس لِيشتري كُل شَئ لهُ ، يظلُ طيلة اليوم في المتاجر الالكترونيَة يطلب الكَثير من الاغراض حَتى ملئنا الحُجرَة " تَحدثت يون سون بينَما تَجُر كُرسي غابرييل نَحو غُرفة ابنتِها التي تسير خلفهُما
فَتحت سويون الباب مُقهقهَة قَبل ان يُقابلها الجُزء المُخصص لصغيرها في زاويَة غُرفتها ، سَريرِه الابيض مَع فراشٍ رماديّ اللون و وسادتِه الصغيرَة ، هُنالك حلق دوَّار يَحملُ العابًا باشكال حيوانات صغيرَة بها نَغمة تُساعده على النَوم ، هُنالك دُرجين اسفل السَرير تَضعُ فيه مَلابسِه و مُستلزماتِه
بِجانب السَرير يوجَد رَفّ مُخصص لِتغير حِفاظه ، مَعه ادرُجٍ بها الكثير من الحفاظات التي تُناسب عُمره مع مُستلزمات عنايتِه ، هُنالك ايضًا خزانَة بيضاء لطيفَة تحملُ مرآه و تختبئ في مُنتصفها مَلابسِه اللطيفَة
توجَد سجادَة صغيرَة على شَكل دُب في مُنتصف الغرفَة امام سريرِه بِها بضع العابٍ تُناسب عُمر العام الي العامين ، ضَحِكت بسعادَة غامرَة حينَما رأت ما حَضَّره والديها لاجلها و لأجل طِفلها
التفت لهُما تَرى سعادتِهما بِحفيدِهما و خُصوصًا جَده الذي رَفض تَركه ، بل ابقاهُ بين ذراعَيه و تولَّى امر رِعايته بدلاً من والِدته
اقتَربت تُعانقهما شاكِرَة لِما قَدموه لَها من سَعادة ثُمَّ دَخلت الي الحَمام تستحم تُزيل تَعب السَفر ، اول ما فعلتهُ حينَما استرخَت على فِراشها هو اعلام حَبيبها بِخَبر وصولِها سالِمَة كيّ لا يَقلقُ بشأنها ، ارادَت مُحادثته تلبيَة لِنداء شوقِها و هو لم يُقصِّر بل اتصَل بها غيَة سماعِ صوتِها الذي يردُ له الروح
تَبادلا اطرافًا من الحَديث المُتنوِّع ، الكَثير منهُ من طرفِها و هي تُحاكيه عمَّا فعلهُ والديها من اجلِها و لم تستطِع كبح حُزنها باخبارِه عن مرض والِدها
واسَاها و بقى يُنصت اليها مُهتمًا رُغم انشِغاله الي أن ضَمن تعبها و رغبتها في الخُلود الي النَوم ، تَركها تنامُ و اغلق الخَط مُلتفِتًا الي عَملِه
في اليَوم المُوالي كانَت سويون تَجلسُ بالقُرب من والديها على طاولَة الافطار حيثُ تملئ معدتِها بطعام والِدتها الشهيّ مُتحدثَة " دامكما َتتزوجان ، ابي عليك طَلب يد امي منِّي ، انا الفردُ المُتبقي من اسرتها "
حَدق غابرييل بِها مُبتسِمًا على ماقالتهُ اذ اكمَلت بِحماسٍ واضِح " سنقيمُ حفل خطوبَة بسيط في المنزِل ، اُريدك ان تطلبها منِّي ! حسنًا ؟ "
لم يعترِض رغبتها بَل تحمس مَعها و همهم مُبديًا اهتِمامه " مُوافِق جِدًا ، لقد اشتريتُ الخواتِم ، تبقى ان تُجهز والدتكِ نفسها من اجلي ثُم سأطلبُها "
" ساعد انا الكَعكة لكُما ، ستكونُ مثالية صُنعت بكل حُب " صفقَت الصُغرى تُعبر عن مَدى سعادتِها بإجتماع والِديها ، قَطع حماسها صوت بُكاء طِفلها الذي لِتوه اعلَن عن استيقاظِه بعدَما اتعب جدته ليلَة البارحَة و لَم ينم جيدًا
استأذنت مِنهما و توَجهت الي غرفتها من اجلِ ارضاعِه و اسكات جوع معدتِه الصغيرَة و بَعد ان عاد الي نومِه عادَت نحو المَطبخ لِكيّ تغسل الاواني
سَبق و ان اخبرتها امها ان غابرييل لَديه موعِد علاج طبيعيّ مع الطَبيب من اجل قَدميه لِذا اخذته و غادَرت بِه ، تَكفلت هي باعداد الكَعكة لَهُما و تَجهيز الصالَة و تَرتيبها لاقامَة حفلٍ صَغير تُفرح به قلبيهِما
ودَّت الاتصال بِجونغكوك لاخبارِه بما تُحضِره لَكنها علمت انهُ حتمًا موعد نَومِه ، لم تستطِع قَمع حماسِها اكثَر لِذا جلبت هاتِفها و سَجلت له مَقطع فيديو طَويل تُحادثه عمَّا تفعله بالتَفصيل و تُريه طُرق اعداد الكَعكة
هي من النوع الذي يُحب مُشاركَة التفاصيل
و هو ذاك المُغرم المُتيَّم بأدق تفاصيلِها
إذ كان ذلك المَقطع الطَويل بِمثابَة مُكافئَة ليومٍ مليئ بالمَتاعِب و الصِعاب ، لم يستطِع التحكم في وسع ابتِسامته و هو يَراها ترقُص بحماسٍ بعد كُل خُطوة تُنهيها ، هي دَواءه ، دَواء روحِه المُتعبَة
بدا كَمُراهق يُشاهد مَشهوره المُفضَّل ، عينيه تَلمع بشدَّة و هو على وَشك تقبيل شاشَة الهاتِف ، كانت مُستاءَة لانهُ قرأ رسائلها و لم يُجبها
خالَت انهُ صُدم من طول المَقطع و تجاهلهُ فَحسب
لم تكُن تعلم انهُ اعاد مُشاهدته مرارًا و تكرارًا و لم يَمل لثانيَة واحدَة !
- انتِ ، مُعجزتي الرُبانيَة التي جاءَت لِتكون بِمثابَة روحٍ لِروحي
راسَلها بتلك الرسالَة النصيَّة التي جَعلتها تقفزُ من السَعادة بِمُجرد ان قرأتها ، لم تُجد الرَد عليه بَل اتصلَت لِكونها ادركَت استيقاظه
ردَّ عَليها و سَمِعت صَوته المُنهَك ، بدا خامِلاً يستعِدُ لِنومِه إذ قال بِنبرَة مُحبَة ، حتى التَعب لم يستطِع اخفاء حُبه " برأيي انهُ ليسَ ضروريًا ان يُضاف السُكر ، ضعي قليلاً منكِ ، سَيصيبُ والديكِ داء السُكريّ ، حُبًا بالرَب ، انتِ حُلوَة بشكلٍ لا يَحتملهُ قلبي "
قضَمت شَفتها السُفلى و هي تَجُر خُطواتها خارِج المطبخ حتى تجلِس على اريكَة الصالَة قائِلَة " امم ، هل كُل شئ بخير لديك ..؟ "
ارسَل همهمَة مُنهكَة ، صوتهُ كان مَبحوحًا و ذلك لم يُعجبها ، هي تعلمُ انهُ يُهمل نَفسه حينما يكونُ مهمومًا ، اصدَرت تنهيدَة عميقَة و ارتَخت على ظهر الاريكَة قائِلَة " متى مُحاكمتك جُيون ..؟ "
" غدًا ، سيُحسمُ كُل شَئ بالغد " هَمس لَها بعدَما اتكئ على جانِبه يُناظر ذرات الفَراغ بِهدوء ، يَتخيلها بالقُرب منهُ و يبتسِم بِدفئ " اتعرفين أن كُل ما يَجعلني اُقاوِم كُل هذا التَعب ، انَّكِ من ينتظرني نهايَة هذا الطريق "
" لو كنتُ انا قَبل عامٍ من الان و اكتشفتُ الحَقيقة ، كنتُ انهيتُ مُعاناتي بانتِحاري و التَخلُص من حَياتي التي اصبَح لها مَعنى عند مَجيئك ، كُل ما اُريد ان تَعرفيه انِّي اُجاهِد لاحصل عليكِ بالأخِر "
حَديثهُ بِتلك النبرَة المُنهكَة جَعلها تبتسمُ بِخُفوتٍ تُدرِك قيمتها لَديه ، نظَرت الي السَقف و رَغبت في الرَد على كلامِه لَكنها صُدمت ما ان تسللت الي ثُقوب انفها رائحَة احتراقِ شئ ..!
شَهقت ما ان علمت انها الكعكَة بلا شَك
شَتمته و استقامَت تركُض قائلَة " كُله منك يا جُيون ، مالذي فعلتهُ بي ! حبًا بالرب نسيتُ الكَعكة " صاحَت بِه مُغلقة الخَط في مُنتصف وَجهه
صُعق مذهولاً من اندفاعِها و رُدود فعلها الغَير مُتوقعَة ، لم يَسعه ثُم الضَحك لاحقًا حينَما ادرَك الموقِف و ارسَل لها رِسالة يتمنى فيها مُرور خُطبة والديها على خَير
اخرَجت الكَعكة من الفُرن و قامت بِتقشير ما حُرق منها ، حاوَلت انقاذها بِشتى الطُرق و نَجحت بِذلك ، زَينتها بعدَما حَشتها بالكراميل و الشوكولا مع البندق و اللَوز ، بَدا شَكلها شهيًا للغايَة لِذا لم تُفوت فُرصة تصويرِها و ارسالها الي حَبيب قلبِها تتباهَى بِمهاراتِها امامَه
حينَما عادا والديها الي المنزِل كانَت قد جَهزت ديكور الصالَة ، وضعت بَعض البوالين المُلونَة مع قليل من الزينَة ، برفقَة الكعكة اعدَّت عصير الفراولَة و المانجو الذي تُحبه ثُمَّ حضرت وَجبة عشاء شهيَّة خِتامًا
فاجئتهُما و نالَت نصيبها من سعادِتهما التي ارتسَمت على مَلامِحهما بِمُجرَّد ان وَجدا الصالة مُزينَة خصيصًا لهُما ، سرقت والِدتها منهُ و اخذتها الي غُرفتها كي تُجهزها و تضع لها القليل من مُستحضرات التَجميل
أجلستها فوق مرآه التبرُج ثمَّ بدأت تضع لها مُستحضرات التَجميل بينما تَتحدث " هل سُتقيمان حَفل زفاف ؟ "
لم تكُن والدتها من مُحبي التبرُج كَثيرًا لِذا وجهها كان مُتشنِجًا طيلَة الوَقت ، همهمَت لها مُجيبَة " سننتظر الي ان يعود حبيبكِ سالم ، ثُم نقوم بِزواجٍ بسيط للغايَة ، لا اُريد احداث ضَجة "
شُعور الصبيَة التي تُجهِز والِدتها من اجل والِدها كان لا يُقدر بِثمن ، الحُب الواضِح في عينيها صغَّر مَلامحها عِشرون عامًا ، على الرُغم من كونِها لازالت شابَة لكِن المأساة التي عاشتها مع طليقها جَعلها تكبر اعوامًا
البَستها ذلك الفُستان ورديّ اللَون ، سَرحت لها شَعرها جيدًا و عانقتها من الخَلف تُناظرها عبر المرآه بِسعادَة " متى اخر مرَة رآكِ والدي مُتبرجَة ؟ "
" كان ذلك يَوم زفافي من ذلك العَجوز الذي اختاره ابي لي " هَمست يون سون مُبتسِمَة تتذكَّر ماضيها حيثُ اكمَلت " حينَما جاء و ساعَدني ، رآني مُتبرجَة البسُ ذلك الفُستان الابيض البسيط و اذكُر مَلامح الانبهار على وَجهه ، اظنُ كان بِداية وقوعِه لي "
" لا الومه ! انتِ جميلة للغايَة يا اُمي " همسَت سويون مُنبهرَة بِتناسق ملامح والِدتها التي بِنظرها هي مِثاليَة جِدًا ، مَنحتها قُبلة على وَجنتها ثُم ابتَعدت عنها مُكملَة " هيا ، ساُغادر و حينَما اندهُ عليكِ تعالي "
همهمَت يون سون بالايجاب تُناظر ابنتِها التي حَملت طِفلها من سَريره و غادَرت بِه الي الصالَة ليكون حاضِرًا ، جَلست قُبالة والدها الذي يلبسُ ثيابًا رسميَة كانَت قد ساعدته بِها ابنتِه ثُم قالَت مُبتسمَة " تبدوا وسيمًا ايها السَفير ! "
" ذلك من ذوقكِ " اجابَها شاكِرًا يُحدق بها و هي تتقمّص دَور والِدة العَروس إذ قالَت بجديَة " اذًا لما اتيت اليوم ..؟ " قلَّصت عينيها تراهُ يجاهد لاخفاء ضِحكته ، عَبست و صاحَت به و هي تحتضن ابنها " ابي ! دَعني اُجيد تمثيل الدَور ، لا تُفسد الامر "
ضَحك على مَظهرِها و تعابيرِها ثُمَّ تَحمحم مومئًا ، حاوَل صُنع ملامح جديَة كخاصتِها لَكنها من قهقهت هذه المرَّة " اياك ان تَضحك هكذا حينما يطلُبني منك جُيون ! ابي لما انت تافه مِثلي ؟ "
تأوه بالم ما ان مَسكها من اُذنها قائلاً " هل انا تافه ايتها القردَة ؟ "
أفلتها مُقهقهًا على ملامِحها العابسَة و اتمّ بقلَة حيلَة " معكِ حق ، انتِ ورثتِ صفاتي ! الهي امكِ ستفقد عقلها ، لديّ الكثير لاخبركِ به ، كَيف استطعتُ تهريبها يوم زِفافها و تدبر الموقف مع والدها و اخاها ، كانت لتفاهتي دور كَبير بِذلك "
اومأت سويون بِحماس لِسماع قصة حُب والدَيها ، ناظرتهُ بجديَة حينَما عادت لِتقمص الدَور تَجِده يَتحمحم لِمُباشرة الحَديث " حسنًا ايتُها الجَميلة ، جئتُ لاطلب يَد امكِ لِتكون زَوجتي و اُمًا لأولادي ، ونيستي و شَريكة ماتبقى من حَياتي "
كانَت يون سون تسترِق السَمع من باب الغُرفَة تُنصت الي تفاهتهما بينَما تُطئطئ رأسها بقلَة حيلَة
" هل لَديك اين تُسكنها ؟ ام اتيت تطلُبها دون ان تؤمن لها منزِل حتى ؟ ماذا عن مهرِها ؟ لا اقبلُ حتى تدفع لها الملايين " رَدفت سويون بجديَة تُحدق بِه بحاجبين مَعقودين ، وَجدت علامات التوتر تَغزوا مَلامِحه سريعًا اذ اجاب بقلَة حيلَة " للاسف لازلتُ اعملُ على نَفسي ، لا املكُ منزلاً بعد ، و ليس لديّ المال الكافي لمهرِها ، لكننا نُحب بعضنا ! اليس ذاك كافٍ ..؟ "
" الحُب لا يُسكت جوع معدتِها حضرتك ! لستُ موافقَة ، ليس لدينا بنات للزَواج " نَطقت سويون بِحزم بينما تقطِب حواجبها ، كان غابرييل على وَشك الرد لَكنهما صُدما بِتدخل يون سون التي جاءَت ركضًا من الغُرفة مُتحدثَة " ان لم تُعطيني لهُ ساهرب مَعه ! انا اُحبه "
رَمِشت سويون مُنذهلَة لِتناظر غابرييل الذي كان مُتفاجئًا بِدوره ، حسنًا كِليهما لم يَتوقعا ان تُشارِكهما تفاهِتهما لَكنها فَعلت و انضَمت اليهِما
في الأخر ، الجماعَة تغلبُ الفَرد
تَحمحمت سويون التي قالَت بجديَّة " كَيف لك مُعارضتي ؟ انهُ لا يملكُ مالاً و لا بيتًا يُسكنكِ به " راقَبت والدتها التي جَلست بالقُرب منها بينما تُناظر غابرييل المُتفاجِئ بِجمالها " بَلى لَديه ! انهُ يُسكني في قلبه "
" لابد ان اُمي فقدت عقلها ، مُنذ متى هي رومنسيَة " هَمست سويون في اُذن والدها الذي لم يُزحزح عَينيه انشًا عن والِدتها ، بدا وجودها بينهما الان مُجرَّد تَطفل ، كليهما لم يَعودا مُهتَمين بالحَديث !
اَستبدلا لُغة الشفتين بِلُغة العَينين ..!
ابتسمَت سويون بِخُفوت لِهالة الحُب التي داهَمتها ، لَم تُرد اطالَة الامرِ اكثَر و جَمعتهما سويًا بعدَما سَمحت لوالدتها بالجُلوس قُرب كرسيّ والدها المُتحرك
قامَت بتصويرهما بيد و الثانيَة تحملُ بها طِفلها السَعيد ، كان مُبتسِمًا يُراقب جَده و جَدته بِسُرور و هما يَتبادلان خواتم الخُطوبَة
لم تنسَى مُشاركَة حَبيبها كُل تلك الصور لِتقحمه مَعهم و تُشعره بوجوده قُربهم رُغم كَونِه بَعيدًا ، بَعثت لهُ الكَثير من الحُب تُحاكيه عن تفاصيل السهَرية التي مرَّت بِسلالة بشكلٍ دافئ للغايَة
رُبما الامور بَدأت تتحسَن رُويدًا رُويدًا
بدأ النور يَجِدُ طريقه بين حُلكة الظَلام تِلك
الشَمسُ ، سَتشرُق قريبًا
•••
مُحاكمَة جُيون
في الوَقت الذي ظنّ فيه الجَميع انها سَتنقلبُ ضِده نظرًا لِتورُطه في عَمليات تهريب المُخدرات سِرًا استِغلالاً الي مَنصِبه ، فوجِئ كُل حاضِرٍ بذلك الفيديو المُصََور الذي عُرض على شاشات المَحكمَة يسردُ الحَقيقة كاملَة
جُيون كان جالِسًا كَمُتهم يُناظِر اباهُ على شاشة العَرض امامه يَسردُ تَفاصيلاً جَعلت قلبهُ يَنفطِر ، كُل من في القاعَة بانَت عليهم مَلامح الصَدمة مِما سَمِعوا
- مرحبًا ، انا جيون هانجون ، والِد وزير الدِفاع للقوات الجوية البريطانيَة ، جُيون جونغكوك ، ابني الان مُتهم بقضيَة انا مَن خططتُ لَها ، هو سُجن ظُلمًا بَعدما عُميت انا و اخاهُ بالمال و الشُهرَة ، بعدما كُنّا في قُعر اليأس و الفَقر استَغللنا ذكاءه و بديهيته على حِساب حياتِه و سعادتِه ، تعاونا مع مارك الذي خَطط لكُل شَئ ، دبَّر مكيدَة لِلاميرَة الراحلَة مع جونغ ووك و جَعلها تَحمل كيّ نَضمن زواج جونغكوك مِنها لاحِقًا ، ذلك ما قيل لي ، لكني ادركتُ ان ابني الاكبر اراد ان يتم اعدام اخاه ! لكِن لكون العدالة الالهيَة منصفَة ، تأخر سفرهُ الي شَهرين بمولد طِفلة رعاها و عرِف الامراء انهُ ليس المُذنِب ، موت الاميرَة لم يكُن طبيعيًا ، كنتُ السَبب بِحقنها بجرعاتٍ زائدة ، اعترفُ اني استخدمتُ شهادتي الطبيَة خارِج اطار مهنتي الشريفَة و انا متندم لِكل فعلَة فعلتها
- جونغكوك لم يكُن يعلمُ بأي شَئ ، اساسًا هو لم يحضُر العمليَة و بِفعل شيطانيّ ساهمتُ في ادخاله الي المصحة العقليَة لاخضاعه الي علاجٍ مكثف حتَى يقتنع بما لم يَفعله ، كرَّسنا اقوى طاقم طبيّ في التلاعب العقليّ و وصفنا ادويَة قوية تُساعد على تجاوبه مَعنا ، خضع الي التنويم المغناطسيّ و الصعق الكهربائيّ ، عقل الانسان يتخذُ وضعية دفاعية حينما يتعرَّض للاذى فيُصبح قابلاً لتصديق كُل مايُقال له كي يَنجوا من هذا العَذاب ، بالتالي هو صدَّق كُل ما رغبنا بِحشره داخِله ، آمن بِمُعتقادتِنا و نَمى بِداخله حِقد تِجاه سموِها جَعله يَطمع ليكون بمنصبٍ عالٍ في الدَولة تحت مَقولة ان الانكسار يُولد منك شَخصية لا تُقهَر !
- لِكونِه كانت لهُ ثقَة عمياء بِوالده اغتنمتُها لاستِغلاله ، كُل وثيقَة تخُص التهريبات الغير قانونيَة و العُقود التي تنُّص على اجراء العمليات الجراحية للتِجارة بالاعضاء البشريَة كنتُ انا من اضعها لهُ وسط كومةٍ من الاوراق لاطالبه بتوقيعها دون ان يأخذ بالَه ، لِفرط ثقته بي كان يَمنحني ختمه الرسميّ لاتصرف بِه كما اشاء ، للاسف الشَديد قمتُ باستِغلال تلك الثقَة لِمصالحي الشَخصية و تناسيتُ اني اُدمر طِفلي بيداي ، ها انا ذا على فِراش المَوت ، اعترِف بِكُل ذنبٍ فعلته بِحق ابني و بِحق نَفسي كذلك ، كنتُ كلما ارى حُسن معاملته و اخلاصِه يتآكلني تأنيب الضَمير ، كُل العهود و المواثيق التي وَقعتها مع مارك موجودَة ، لِضمان حَقي منهُ قمتُ بانشاء عقدٍ يُتيح لهُ استخدام جونغكوك كَما يشاء ، لِهذه الدرجَة من الدناءَة وصلت ، اني تاجَرت بِصغيري بعدما عُميتُ بالمال ، انا اسِف ، اسف جدًا جونغكوك
أطبيعيّ ان يُختم ذلك المَقطع المُصور بِبُكاء كُل حاضِرٍ في قاعَة المحكمَة ..؟
بَل شَعبّ بأسرِه بَكا
المُحاكمَة عُرضِت على مُستوى البِلاد بأسرِها لِمُطالبَة الشعب في حُضورِها إذ توافد المُواطِنون في ساحات لُندن العُظمى يُشاهدون البث المُباشر من مُنتصف المحكمَة تُعرض على شاشاتٍ ضَخمَة
كُل حَرفٍ قيل ، تَسبب في ذَرف ملايين مِن الدُموع لِكُل حاضِرٍ شَهد على مَأساةٍ لم يَعهدها التاريخ ، قِصَة أشبَه بالخَيال جَرت واقِعًا لِذلك الرَجُل ذا الثامِن و الثلاثون من عُمره ، يجلِسُ مُدانًا في حين انَّه الضَحية الكُبرى لِخُطة شيطانيَة
ذُرفت المَدامِع بِداخل تلك المَحكمَة التي أعلَنت رسميًا عن براءِته ، مَن الذي قد يُدينه ..؟ بعد كُل ما جَرا لهُ
بعدما اُثبتت عِفتهُ و نَزاهته
الشَئ الوَحيد الجيد الذي تَركهُ والِده خَلفه
هو ذلك المَقطع المُصور الذي كَشف فيه كُل جُرمٍ اِفتعل بِحق طِفله
طِفله الذي لم يُرحم من اقرب الناس الي قلبِه
غُدر مِن اباهُ و أخاه ..!
ان لم يَرحمهُ القَريب ..؟ لا لَوم على الغريب اذًا ..!
كان جُيون قَد أعلن عن استِقالته الرسميَة من منصِبه كَوزير للدولَة العُظمَى ، لم يَعُد يُريد أي منصبٍ يُذكرِه بِما جَرى لهُ ، ذاك الكُرسيّ الذي يُذكره انَّه اُستغل بِسببه لِيتم مُعاملته كَدُمية دون مَشاعِر
لَكن ما فوجِئ بِه هو تَحاشُد الشَعب حَول ارض تِلك المحكمَة يَرفعون لافِتات ضَخمَة مع صُراخِهم المُوحد الذي مَلئ كُل العاصِمَة
يُردِدون هِتافًا واحِدًا لا غَير ، إذ هو
- الشَعب يُريد ، ابقاء الوَزير
لم يَكُن اي مُواطِن مُستعِد لِخسارتِه شَخصية مُهمَّة كَمِثله ، يُريدون ابقاءِه في حَوزتِهم فالخَير الذي لاقوه مِنه لم يسبِق لاحدٍ مِن قبله فَعله
كان شَديد الحُسن في التعامِل مَع الشَعب ، يَمنحهم حُبه و رعايتِه ، ان كانوا بِحاجَة الي مَبلغٍ ماليّ او أي مُساعدَة كانوا يَقصدونَه فَلا يَرُد أي نفرٍ مِنه ، بالنِساء و الرِجال
فِكرَة أن يُزاح عن منصِبه لاتهاماتٍ نُسبت لهُ ظُلمًا بعدما هُم صَدقوها ادلَعت بِهم نار الضَمير الذي تآكلهم كُليًا ، كانوا سَببًا في مأساتِه حينَما انقلبوا ضِده بيومٍ ما
ذَلك التَرحيب مِن قِبل كُل مُواطِن بِه و سعادتِهم مع احتفالاتِهم الصاخبَة حين خُروجِه من المحكمَة ادخلَت الفرحَة الي قلبِه ، ارتسَمت على ملامِحه ابتِسامَة وسيعَة يَراهُم يتوافدون بالمَلايين لِاجل استِقباله و مَنحه الحُب و الدعم تَكفيرًا عن اخطاءِهم بِحقه
بَعد ان كان مُجرَّد مُجرم نَكرَة في عُيون كُل مُواطِن
اصبَح عظيمًا بشدَّة يَرونَه مِثالاً للصَبر و الصُمود
فَرحته تِلك لم تكُن بِمقدار سعادَة امرأته التي تُراقِب من خَلف شاشة تلفاز بيتِها مع طِفلهما و والديها ، لم تتوقف عن البُكاء لِثانيَة بعد الادلاء بالحُكم
أخيرًا ، ذلك العَذاب انتهَى
اُنصف حَبيب قلبُها و نال نصيبه من الفَرج
لَم يعُد مَظلومًا بَعد الأن
هو كَسِب تعاطُف و حُب كُل نَفرٍ من جَديد بل و بِشكلٍ مُضاعَف
بَكت كَثيرًا و هي تُشاهده يَمسحُ دموعه حينَما اراد القاء كَلِمَة يشكُر بِها شَعبه ، لَكنهُ عَجز و تملكتهُ الغصَّة ، لم يستطِع ترتيب الحُروف بِشكلٍ جَيِّد
تَمنت ان تكون بِجوارِه و تُقدم لهُ الدَعم و الحُب
لَكِن ابتعادِها كان القَرار الصائِب
المُهم ، هي ضَمنت انهُ سيعودُ اليها قَريبًا
سيكونُ صافيًا كَما وعدها تمامًا
مَسحت دُموعها بِكُم قَميصها تبتسمُ بِسعادَة غامِرَة مُتحدثَة " حمدًا لله ، اخيرًا ظَهرت الحَقيقَة كامِلَة ، جُيون مُبرأ من كُل افعالِهم "
حَدقت في صغيرِها و انخَفضت تُقبله بِفرحٍ يحتضنُ قلبها " هل سَمعت يا حَبيبي ..؟ والِدك اخيرًا اصبَح بخير ، لقد اُعفيَ من السِجن نهائِيًا ، نال ما يستحِقه ، هل انت سَعيد ؟ عليك ان تكون فخورًا بِه ، كَما امك فخورَة بِحبيبها "
لم يسِع الصَغير سِوا مَنحها ابتِسامته اللطيفَة على حديثِها و مداعبتِها لهُ ، يُشارِكها سعادتِها بِضحكاتِه و تَحريكه المُستمر لِقدميه بِحماس
كَما لَو أنَّه يُؤيدُها تمامًا
وَردها اتصال من هاتِفها الذي سارعَت والِدتها بِجلبه اليها قائِلَة بلهفَة " سويون ، ان..انه جونغكوك "
قَدمت سويون طِفلها الي والِدها الذي وَضعهُ في حُضنه و شارعَت بامساك هاتِفها بيديها المُرتعشتين ، استجمَعت انفاسِها بِصُعوبَة ثم اجابَت بِقلبٍ يختَّض بِعُنف بالِغ
تضعُ سماعة الهاتف ضِد اُذنها تُنصتُ الي أول مَصدر صَوتٍ يتسلل مَسمعها
كان بُكاءِه
هي سَمِعتهُ يَبكي بِحرقَة بالِغَة ، سَمِعت انفاسِه المُضطربَة التي تُعيق خُروج صَوتِه بشكلٍ جَيِّد ، بُكاءه العالٍ بَعد ان نال نَصره لم يَكُن كَسابِقه
لم يَكُن مُشابِهًا لِمثل تلك المرَّة حينما بَكا مهزومًا ليلَة ميلادِها
بَكا على كُل ذاك المَجهود الذي بَذله في سَبيل انقاذ نَفسه من مُشكلة لم يُقحم ذاتهُ بِها ، بَكا على كُل ليلَة لم يَنمها و هو يُدّبر و يُخطط لعلّ و عَسى يَنجح في تَيسير أمرِه ، لعلَّ نَظرة الادانَة و الاستِحقار تِلك تُزال عَنه
بعد اعوامٍ من الألمِ و العَذاب
سَنواتٍ من الصِراع و العِراك
استَطاع أن يَنال نَصره كَرجُلٍ لم تُنصفه الحَياة
لَكِنهُ خَسِر
خَسِر نَفسهُ كأبن و أخ
خَسارتهُ تِلك هي اكبَر عقبَة و غصَّة بقت في قلبِه
لَيت الغَريب وَحده مَن أذاه
لَيت القَريب مَن أواه
سيبقَى بِداخله وَجعّ يَستحيل تجاوزِه
لَكِنهُ سَعيد و مُمتن ، مُمتن انَّه تَمكن من اعلان نَصرِه و جَلب حَقه دون ان يُدنس نفسه بِقذراتِهم ، مُمتن ان المَرأة التي بِجوارِه لم تتخلى عنهُ و لَو لِثانيَة
بَل بقت تُعيله و تُسنده
لِاجلها هي قاوَم و جاهَد و وَصل
لِذا ، لا مانع لَديه ان يُشارِكها بُكاءه لِفرط تَضارب تلك المشاعر بِدواخِله
يَستمعُ اليها تَبكي مَعه ، بُكاء يُخِبر كِليهما انَّ ، كُل شَئ اصبَح بِخَير أخيرًا
لا مَزيد من المَشاكِل
القادِم كُلَّهُ دِفئ و أمان
استأذنت والديها و خَطت خُطواتِها الي غُرفتها لتأخذ بعضًا من الخُصوصيَة مع حَبيبها الذي مَسح دُموعه بِكُمه الذي ابتَّل تمامًا ، حَدّثها بِنبرةٍ مُهتزَّة " هل نَستطيعُ اخذ نَفسنا الان ..؟ "
" اعتقِد اننا اصبَحنا بِخَير ، اخيرًا " هَمست لهُ قائِلَة و ابتِسامتها تكادُ تُفارق مَلامِحها تدّل على حَجم سعادِتها ، تستطيعُ الشُعور بمدى فَرحته عَبر جُملته التي قالَها مُمتنًا " وددتُ لو اُخبرك بِها علنًا ، وددتُ لو كنتِ بجواري لاقول لكِ مع كُل هذا الكَم من الرهفَة ، اني اُحبكِ ، اُحبك حَد العِشق و الغرام سويون ، ما مِن احدٍ يستطيعُ ان يَبلُغ ما بَلغتهُ من شُعوري نحوكِ "
لا يَعجز بتاتًا عن جَعلِها تُصاب باضطرابٍ حاد من المَشاعِر ، اجابتهُ بِذات نَبرته الدافئَة بعدما تَربعت فوق فِراشها قائِلَة " انا اُحبك ايضًا ، اُحبكَ بشدَّة جونغكوك ، عُد اليّ سريعًا لاريك حَجم حُبي لك ، لا تتأخر ارجوك "
" هل يُمكنك الانتظارُ قليلاً بَعد ..؟ لازلنا في البِدايَة " تَحدث قائِلاً بَعدما مَسح دُموعه بِتلك المناديل امامَه ، كان في مُنتصف مكتبِه في شركته التي استَعادها بعدما صادَرتها الشُرطَة البريطانيَة
صادَرتها تَحت امرٍ منهُ لِيبدوا امر الاعتِقال حقيقيًا كِفايَة
" هل سيطول هذا الانتِظار جُيون ؟ " سألتهُ و هي في أتمِّ الشَوق لهُ ، لعلَّ اجابتهُ تكونُ مُرضيَة تُخمد نيرانِها ، اجابَها بعد صَمتٍ وَجيز قال فيه " أعِدُكِ ان بعد صَبر هذا الانتِظار ، لِقاء لا فُراق بَعده "
هي تَعرِف أنّ وعودَه لا تُقطَع هَباءًا
لِذا آمنت بِحديثه و ابتَسمت بِرقَّة تُجيبه بِحُب " سانتظِرُك لأخر يَومٍ في عُمري ، دون كَللٍ او مَلل ، سانتِظرك حَتى يَحين موعِدُنا "
زار قَلبه الحُب ، غُمِر بِه حتَّى اضحَى يُفكِّر ان ما يُضَّخ في عُروقه ليس دَم عاديّ ، بل هُو مُحمَّل بِمعشوقتِه يَرميها في كامل عُروقه على طول جَسدِه ليكون مُشبعًا بِها بالكامِل
مَعشوقتِه تِلك
مَلاذه الآمِن ، مَسكنه و سَكينتِه الأبديَة
•••
بَعد أن حُسِم أمرُ قَضيتِه التي انقلَبت موازينُها الي صالِحه جُيون تولَّى امر مَرض ابنتِه ، أقام لَها العَمليَة التي تم فيها التَبرُع بِقَلب جَديد يَمُدها بالحَياة
قلبّ خالٍ من العُيوب ، يَستطيعُ جَعلها تُواكِب كُل نَشاطاتِها دون ضَرر
السَعادة كانت تَعُّم كُل من سَمِع بِخَبر نَجاتِها ، العَملية نَجِحت بعدما دامَت لِساعاتٍ طَويلَة بالفِعل
فَرحة تايهيونغ بِنجاتِها و عوَدتها لهُ مُعافاة لم يَكُن يَستطيعُ وَصفها البتَّة
لَكِن ، لازالَت حالتها النَفسية غير مُستقِرَة بَعد
لازالت بِحاجَة الي الرعايَة في المَصحة حَتى بعد عمليتِها إذ بِمُجرَّد ان تعافى جُرحها و التئم نُقِلت الي قسم الامراض النَفسيَة لِمُتابعَة عِلاجها الذي فُرِض عليها لِستَة أشهُر كامِلَة
جُيون اوقف قيدِها في الجامِعَة كَذلك نظرًا لِحالتها الصِحيَة فَهي حتمًا لن تَستطيع مُواكبَة دروسِها الطبيَة و حُضور الحِصص العمليَة بِذاك الوَضع لِذا لا مانع لَديه بأن تبدأ سنتها الثالثَة بِرفقة حَبيبته سويًا في العام المُقبل
تايهيونغ بَقى بِمُحذاتِها طيلَة فترة بقاءِها في المَصحة ، لَم يترُكها بتاتًا على الرُغم من كَونِها لا تتجاوَب معه الا في حالاتٍ نادرَة لكنهُ لم يبأس مِنها ، بَل مَنحها الدَعم و الحُب حَتى تعودُ كَما يعرِفها تمامًا
هو سَيبقى بِقُربها الي أن تَصيح بِه مُتذمرَة
اشتاق الي تذمراتِها و دلالها الزائِد
لا يُعجبه هُدوءها
ضجيجُها هو ما يَمنحه اضافَة شيقَة لِحياته المُملَة
كُل شَخصٍ يُحب على طريقته الخاصَة
تتعَددُ أساليب الحُب
لَكِّن الشُعور ، واحِد
•••
1 - 3 - 2024
سِت أشهُرٍ مَضت بِغُضون رَمشة عَين
سويون ، الأم العامِلَة في مَكتبتِها التي اُهدَت اليها من قبل حَبيبها في يومِ ميلادِها كانَت في دوامِها الذي التَزمتهُ لِتشغل نَفسها قليلاً
كان طِفلها الصَغير ذا الثمانيَة اشهُر من عُمره يُرافقها دومًا اثناء ساعات عَملِها ، يَجلس مَعها عند رُكن المَشروبات يَلعُب دون احداث ضَجيج حتى لا يُزعج والِدته التي تُطالع كُل يومٍ كتابٍ جَديد
اقتَربت منهُ حينَما وجدتهُ يقومُ بِعض لُعبته المطاطيَة ، سَحبتها منهُ و قالت مُوبخَة " جونسان ! ماذا قلتُ لك بشأن عض العابك ..؟ هي مليئة بالجَراثيم ! الا تتعِظ يافتى ؟ "
حَدق الصَغير بها عابِسًا ، كان يجلسُ على كُرسيه الذي يَحتويه جيدًا ، بدأت اسنانه الصَغيرة تخرُج لذا لثته تقومُ بِحكه كَثيرًا ، هو يَحتاجُ اي شَئ يُخفف بها تلك الحكَّة لِذا يستمرُ بعض العابه مُتسببًا في انزِعاج امه مِنه
قَوس شَفته السُفلية دليلاً على استياءه لِتسَمع سويون صَوت الجَرس من وراءِها إذ قام زائِر برنه كَدليل على رَغبته بابداء طلبِه
" انا قادِمَة " تَحدثت بينَما تَمسحُ بقايا لُعاب طِفلها عَن اللُعبَة تُناظر طِفلها الذي رَفع يَده يُشير وراءِها بينَما يُحرك شَفتاه ناطِقًا " ب..با..بابا "
عَقدت حواجبها بِخفَّة ، انها اول كَلمة ينطِقها صغيرُها ..!
لا ، بَل قال بابا ..؟
لم تَفهم سَبب انتقاءِه لِتلك الكلمَة دون غَيرِها
إلا بَعدما تسرَّب ذاك الصَوت الرُجوليّ طَبلة اُذنِها يُذيب مَسمعِها بِقوله
- واحِد اكسبريسو دون اضافات رَجاءًا
خَفق قلبُها بِعُنفٍ ، اكتسَحت الحرارَة جَسدها بالكامِل تُوقع تلك اللعبَة من بين يَديها بينَما تُطالِع طفلها المُتحمِس تَجده يُصفق بيداه بِسعادَة
هي على وَشك ان يُغمى عَليها حالاً
سِت اشهر من البُعد
ما بِداخلها من شَوقٍ ، لن يُروَى بِسُهولَة
لم تمتلك الشجاعَة الكافيَة لان تَستدير و تُقابِله ، لَكِّنها فَعلت ، هي التَفت لهُ و بِمُجرَّد أن رأتهُ يقفُ مُنتصبًا امامَها بِملابِسه الكلاسيكيَة البَيضاء ، ذبَّ بِداخلها شُعور استقبلهُ قلبها بالرقصِ على انغام الحُب و الاشتِياق ، بَعد شُهورٍ من الفُراق
تتأمل تَقاسيم وَجهه المِثاليَة ، شَعره المُصفف بِعنايَة ، ابتِسامته الهادِئَة التي تُخبئ بين ثناياها دِفئ يُلامِسُها حدّ الصَميم ، اما عَن عِطره ..؟
الذي يسبِق حُضورَه لامتارٍ عدَّة
لِما في كُلِّ مُلتقى عَليها ان تَبكي بِهذا الشَكل ..؟
هي مُرهفَة الحِس و الشُعور
حسَّاسة للغايَة
ادرَك ان صَدمتها لم تُتح لها فُرصَة الدُنو مِنها و عِناقه ، لِذا هو من عَبر ذلك الحاجِز و اقتَرب يَهرعُ اليها حَتى ينتشِلها بين أذرُعِه ، يُخبئها بِداخله يُريها حَجم ذلك الشَوق الذي يَكّنه لَها
ضَمها هي و ذراعَيها التي بَقت متراصَة ضِد صَدرِه يضغطُ عليها بِقوَّة شديدَة يكادُ يَكسر ضُلوعُها ، احسّ بارتعاشِها و ادرَك انها تَبكي لِفرط شوقِها لهُ
انخَفض يُقبل رأسِها بِضع مَراتٍ بعدَما ابعدها عنهُ يُكوب وَجنتيها المُبللة بِدموعِها مُتحدثًا بِلهفَة " اشتقتُكِ "
احتَضنت عيناهُ بِعَسليتَيها تتفقَده بِلهفَة ، حاوَطت وجنتاه هي الاخرَى و قالَت بصوتٍ مُهتَّز " ان..انت تَبدوا بِخير ، ان..انا سعيدَة انك لم تعد مَهمومًا كَمثل كُل مرَة ، انت مُشرِق و مُشِّع " هَمست تتفقَده بِشوق
تأملت تفاصيلُه جَميعِها ، بَدا مُشِعًا مليئًا بالحَياة كَما وَصفتهُ هي
انحنَى لِيُقبل جَبينها ثُم امسَك بيديها الناعمَة يمسحُ على ظاهرها بِحُب
" كَيف لا اكونُ مُشِعًا ..؟ و انا الذي حَرِصت على اناقَتي و هِندامي لاكونُ مثاليًا بِنظرك بعد كُل هذه الاشهر " تَحدث مُبتسِمًا بِخُفوت يُحدِق بها و هي تلتمِسُ عِضده المُنتفخ بانبِهار واضِح " لقد عُدت تتمرن ايضًا ؟ نتائج الرياضَة واضحَة للغايَة "
بَعث همهمَة لَها لِيقطب حواجبه حيَنما صَدح صوت بُكاءٍ بالقُرب مِنه ، كان صادِرًا من صَغيره الماكِث بِجانبه يود لَفت انتباه والِده الذي تَجاهله تمامًا و ذلك أحزَنه
فرَّق جونغكوك شَفتاهُ مَصدومًا بِمُجرَّد ان سقطَت عيناه على جونسان الذي يُحاول تَحرير نَفسه من الكرسيّ لكِّن امه تربِطه جيدًا
انهُ يفعلها دائًما
ينزلُ من الكرسيّ حينما تنشغِل و يبدأ يحبوا على الارض يَتجولُ في اطراف المكتبَة و يعودُ اليها مُتسخًا بالكامِل
تفقِد ان ذاك صوابها و تبدأ بتوبيخه ثُمّ تندم لاحِقًا لانها صَرخت عَليه
" ج..جون ! " وَسَّع كُحليتيه يَرى صغيره يَمُد يديه لهُ يُريده ان يَحمله ، سُرعان ما لبّى نِداءه و ازاح عنهُ ذلك الحِزام يَنتشله بين ذِراعيه ، شَهِق بقوَّة و نَطق مُتفاجِئًا " ان..انهُ ثقيل ! لقد نما جيدًا و اصبَح رجُلاً ! "
" ارايت ..؟ لقد بدأ يستطيعُ الوقوف ايضًا مستندًا على الاشياء ، انهُ ينموا بِسُرعَة لكنهُ لا يُريد التحدُث ، سمعتُ ان الاطفال ينطِقون اول كلمة بعمر الستة اشهُر ، اغلق هو الثمانيَة اشهُر البارِحَة و اليَوم نطق اول كلمَة له " تَحدثت سويون مُفسرَة ، هي تستغلُ كُل فرصَة تستطيعُ فيها اخباره بِكُل التطورات التي تطرأ على طِفلهما
ابتَسم كاهِل جُيون الذي قَبّل وَجنة ابنه بقوَّة ، تفاجئ ما ان عانقه الصغير بشدَّة لِتقهقه سويون على مَلامح حبيبها المُنصدِم " جون يُحب العناق و المُلامسات كثيرًا ، كُلما احسّ بالسعادَة يُعانقني او يُعانق جدتهُ و جَده ، ذلك يعني انهُ في قمة سعادته الان "
احاط جُيون الدفئ بِمُجرد ان حَصل على حُضن مليئ بالحُب من قبل ابنِه الذي ردد كَلمته الثانيَة لِتوه " ب..باب..با "
" انهُ يقول بابا مُجددًا ! يا ايها الصغير من تَعب في حملك و تربيتك ؟ " صاحَت سويون مُنفعلَة بِه ، تشعُر ان كُل تلك الليالي التي قضَتها في تعليمه كَيف يقولُ ماما ذَهبت هباءًا ، لَكِن فرحَة حبيبها بِنده طِفله عَليه جَعلتها تمتنُ لانه نَطق بابا أولاً
حَمله جونغكوك من اسفل ابطيه يَرفعهُ عاليًا مُتحدِثًا بسعادَة مُفرطَة " كَررها مُجددًا ! ماذا قُلت ؟ " هتف بِلهفَة يَرا طِفله يُصفق بيديها بِحماس مُتحدثًا " ب..بابا ؟ "
صَرخ الصغير بقوَّة و فَرح حينَما تلقَى عناقًا ضيقًا من اباه الذي انهال عليه بالقُبل العشوائيَة ، تسائل و هو بالكاد يَكبح نفسه عَنه " ك..كيف لم تلتهمينه ؟ الهي انهُ حتمًا مثاليّ للأكل ! "
ضَحكت سويون بخفَة و انخفضت تَحملُ لُعبة طفلها عن الارض " هذا القابل للاكل ان تراهُ ليلاً ، لا يسمحُ لي بالنَوم ابدًا ، مُشاغب يُحب اللعب و السَهر "
تَلقت نظرَة غاضبَة من جونسان الذي حتمًا فَهم مقصدِها ، ضَحكت بصخَب على نَظرته و اقتَربت منه تُقبل شِفاهه العابسَة " يا حبيبي انت فِداك سهر الليالي اجمعها ، لا تَغضب "
وَضع جونسان يدهُ الصغيرَة في مُنتصف وَجه امه و دَفعها الي الوراء ليحشُر نَفسه في حُضن والِده ، رَمشت سويون بخفَة مُتحدثَة " انهُ يمتلك نفس حَركاتك ! لازلتُ اتذكر حينما دفعتني بِنفس الطريقَة قبل عامٍ هُنا "
اومَئ جونغكوك مُقهقهًا يتذكر ذلك المَشهد حينَما اراد احدُ الصبيَة ان يطلب رَقمها ، فَرد ذِراعه الثانيَة هامِسًا " تعالي الي حُضني "
لَبت نِداءه و سُرعان ما حَشرت نفسها بِداخل ذِراعه تَتكئ برأسها على صدرِه الايسر تُطالع عينيّ صغيرها المُستند على جِهة والده اليُمنى
وَضعت يدها على شعر جون الكَثيف الناعِم تَمسحُ عليه بِلُطف تجِده يبتسمُ لَها و يُرسل قبلة طائرَة ، ضَحكت عليه بخفَّة و قالَت " لقد تَعلم كيف يُقبل ايضًا ! جونسان ارسل قُبلة طائرة الي والدك ! "
رَفع الصَغير رأسه عن صَدر والِده و ارسل لهُ قبلَة طائرَة في الهواء اذ طَبع كفه على شَفتيه ثُم رَماها نَحو جُيون الذي وَسع عيناهُ مُنبهِرًا
" سويون لقد فاتني الكَثير ! متى كَبر هذا الضفدع ؟ " هَمس مُتمتمًا لِتقرصه الصُغرى من ذراعه مُتحدثَة بصوتٍ خافت " انصحك لا تُزعجه ، انهُ يمتلك اسنانًا فتَّاكة تُحدث بك ضَرر لا عِلاج لالمه "
امال رأسه يُطالع الطِفل الذي مَنحه ابتِسامة عريضَة مليئة بالبراءة تُظهر اسنانه الصغيرَة كما لو انَّه يُنفي حديث امه تمامًا
ضَحك بخفَّة قَبل ان يُقبله على جَبينه بِلُطف يُناظر سويون التي ابتَعدت عنه تسأله بِقلق " كَيف حال ايڤا ..؟ "
" انها بِخَير ، سَتعود الي كوريا قريبًا " هَتف جونغكوك مُبتسِمًا يسيرُ نحو احدى الطاوِلات تحديدًا السابِعَة ، جَلس و في حُضنه صغيرِه يُناظرها و هي تُعد له قهوتِه التي يُحبها
جَلسر بِجانبه و مَسكت بيدِه تُشابكها بِخاصتها بابتِسامَة خافتَة " زواج امي و ابي الاسبوع المُقبل ، من الجَيد انك اتيت الان "
" حقًا ..؟ هل غابرييل اصبَح بخير ..؟ " سأله بينَما يقتطِب حواجبه بجديَة ، وَضع جونسان فوق الطاوِلَة يُراقبه و هو يلعب بيديه و يتحدث بلغة الاطفال خاصتِه محدثًا ضَجيجًا طفيفًا
" همم ، انهُ يتلقى عِلاجه ، سيُصبح بخير قريبًا " اجابتهُ بابتِسامَة لطيفَة تُراقِب حماس طِفلها بوجود والِده قُربه إذ قالت " فقط لانهُ رآك اصبَح يُحدث الضَجة ! لقد كان هادِئًا طيلة الوقت ، اظنهُ وَجد من يحميه من غضبي "
" لا تَغضبي عليه سويون ! اياكِ " نبهها قائِلاً بينما يُعانق صغيره من الخَلف و يُقبل انتفاخ وَجنته بِحُب " كَيف يُمكنك ان تغضبي على قِطعة المارشميلو هذِه ..؟ كيف يُطاوعكِ قلبكِ ؟ "
" جونغكوك انهُ احيانًا يُفقدني صَوابي حسنًا ؟ التربيَة ليست بهذه السُهولَة ، صحيح انهُ لطيف لكني اغضبُ عليه لِمصلحته " فسَّرت سويون بِعُبوس تُشير على ابنها الذي يُغيضها بالتِصاقه بِوالده طيلَة الوَقت
قَوست شفتها عابِسَة تُطالع حبيبها الذي ضحك مادًا بيدِه ليمسك ارنبة انفها قائِلاً " من مِنكما الطِفل ؟ الهي "
دلَّكت ارنبة انفها مُغتاضَة من فِعلته قَبل ان تنطِق قائِلَة " هل سَوَّيت كُل الامور في بريطانيا ..؟ استَقلت رسميًا من منصبك ؟ "
لَفّ اصابِعه حول كأسِه يرتشف تِلك القهوة التي يعشقُها من بَين يديها ، اجابَها بعدما احتَساها قائِلاً " لا ، لازلتُ وزيرًا "
برَّقت عينيها باندِهاش و نَطقت مُندفعَة " الم تقُل انك ستستقيل ..؟ "
ابتَسم على اندفاعِها و قلقها الواضِح ، انتَشل يدِها ليمسح عَليها بابهامِه بِرفق مُتحدِثًا " ان استَقلتُ الان سيكونُ كِفاح سَنواتٍ ذهب سُدًا ، لا اُريدهم أن يظنون اني وصلتُ الي منصبي لاجلِهم هُم ، بل استلمتُ مِقعدي لاني استحِقه بِجدارَة لِذلك ، حَبيبُكِ مُرشَّح لان يكونُ رئيس مجلِس الوزراء "
التَزمت الصَمت لِلحظاتٍ تُفكِر في حَديثِه ، بدا مَنطقيًا لِبُرهَة لِذا لم تُعارضه بَل ابتَسمت تُشابك يدهُما سَويًا ، تَحدثت بِحُب واضِح " انا فَخورة بِك ، انت تَستطيعُ ان تكون الافضَل دومًا جُيون "
انخَفض لِتقبيل يدِها بِلُطفٍ لِيتحدث بمثل نَبرتِها المُحبَة " انهُ الوقت الذي ساُريك فيه كَيف تعيشُ امرأة الوَزير المُدللَة ! انتِ مُستعدَة ؟ "
حَركت رأسها تتجاوَب معهُ بِحَماسٍ مُفرَط يَجِدُ ابتسامتِها تتسِع بشدَّة جَعلتهُ يبتسمُ هو الاخَر ، في صَدرِه قلبّ مُتلهفٍ لِقُبلَة من شَفتيها تِلك
ودَّ لو يقترِبُ و يلثُمها ، لكِّنهُ فوجِئ بيد ابِنه التي تقفُ حاجزًا بينهُما حينما زَحف نَحو امِه و تَشبث بِها مُتحدثًا بِلغته التي تَستطيعُ هي فَهمها
" ابنك جائِع حضرَة الوَزير ! " هَتفت سويون تُناظِر حَبيبها الذي عَبست شَفتاه مُتذمِّرًا ، خَطف منهُ طفله لحظته الثَمينَة تِلك
حَملتهُ بين ذِراعَيها و استَقامت تشُّق طريقِها نَحو غُرفة العاملين لِتُرضعهُ هُناك ، تترُك والِد الصَغير يحترِقُ غَيضًا مَكانه
لا يُنكر انَّه يشعُر بالغيرَة
و جِدًا كَذلك ..!
•••
فُتِح باب ذلك البَيت الذي كان يُطرَق بِحماسٍ مُفرَط من قِبل الابنَة ، كَشفت يون سون عن هَوية طِفلتها التي تبتسِم بِسعادَة لم تَعهدها من قبل " سويون ؟ اين جونسان ..؟ " سألتها مُستغربَة حينَما لم تجِد حفيدها معها
" احزري من اتَى معي ؟ " هتفَت الصغيرَة بِحماسٍ بعدَما مسكَت يديّ اُمها تُناظِرُها بِسعادَة ، رَمِشت الكُبرى و قَبل ان تُخمن وَجدت جُيون يَقفُ خلف ابنتِها و في مُتناول ذِراعيه ابنه النائِم
شَهِقت بخفَة لِتوسع عينيها باندِهاش " جونغكوك ؟ هَذا انت ؟ "
تَلقت ابتِسامَة لطيفَة منهُ و هو يَتقدم لانتِشال يدِها و تَقبيلها بِنُبل ، هو يَحترِمها كَوالِدة حَبيبته مُحاولاً تَجاهل انهُ يَكبرُها سِنًا قَدر استِطاعتِه
" مَساء الخير سَيدتي " انهُ ذَلك الرَجُل اللبِق شَديد الاحتِرام و الأدب
ابتَسمت يون سون تُربت بكفها على ذِراعه بِلُطفٍ قائِلَة " حمدًا لله على سَلامتك ، تفضَل بالدُخول ، دَعني احمل جون عَنك " مَدت يديها غَية أخذ حفيدِها الذي تَشبث بِه والده نافيًا " دَعيه لديّ "
سويون كانَت قد تَركتهُما بالفِعل و دَخلت راكِضَة لِتُخبر والدها انَّ روحها قَد عادَت ، كان غابرييل يجلسُ في المَطبخ يَتناول البُرتقال حَتى فوجِئ بِدخول جونغكوك عَليه
لازال على كُرسيه المُتحرك الذي أصاب جُيون بالحُزن بِمُجرَّد أن رآه ، لَكنهُ أخفَى تعابيرِه المُستاءَة يُشكِّل اُخرَى مُبتهجَة و هو يقترِب للتَسليم عَليه
صافَحهُ و احتَضنه بعدَما استلمَت سويون جونسان منهُ إذ هَمس جُيون في اُذن الاكبر سنًا مُمتنًا " شُكرًا لك على كُل ما فعلته ، انا مُمتن للغايَة "
طبطب غابرييل على ظَهرِ الاصغر سِنًا و عَيناه على صغيرتِه التي بَدت مُشعَّة بِحُضور حَبيبها ، اجابهُ مُبتسِمًا بِهدوء " شُكرًا لك انت ، لانك بِجانب سويون " ابتَعد عَنه يُناظِره جيدًا إذ اكمَل مُعجبًا " لقد صَغرت عَشر سنوات ! تبدوا بالثامِن و العِشرون "
" ارأيت ..؟ النَفسية تلعبُ دورًا مُهمًا في مَظهر الانسان ، حمدًا للرَب ، انهُ الوقت الذي بدأت نَفسيتي تستقِر فيه اخيرًا " تَحدث جونغكوك مُبتسمًا ، احاط اكتاف حَبيبته يُعانقها من الجانِب ثُم قال و هو يُطالع والديها " بالمُناسبَة ، مُبارك لكُما الخُطوبَة ! حاولَتُ ضبط مواعيدي جيدًا لاتمكن من المجيئ قبل موعِد الزِفاف "
" سمعتُ انك ترشحَت لتكون رئيس الوزراء ! " تَحدث غابرييل بينَما يقومُ بِمسح يديه بالمناديل يُطالع حَبيب ابنته الذي اومَئ مُبتسِمًا " يبدوا انهُ حُكم عليّ البقاء في المَجال السياسيّ الي الابَد ! لكِن لابأس دامني اعملُ بهمَة و ضَمير "
" اعِرفك صاحِب مبدأ و ضَمير جُيون لِذا مَصير البِلاد آمنًا بين يديك " مَدحه الاكبر سِنًا مُشكلاً ابتِسامَة لطيفَة تبادلها مع الاصغَر " اجلس جونغكوك لتأكل من كعكة الليمون التي اعدتها سويون البارحَة " هَتفت يون سون التي اخرَجت الكعكة من الثلاجَة و قامَت بِتقطيع جُزء لهُ
تبسَّم مَلمحه و لم يعترِض بل جَذب كُرسيًا و جَلس عليه في الوقت الذي استأذنت بِه الصُغرى لاخذ صغيرها الي فِراشه كَونه نائِم
بدلَّت ثياب عَملِها الي اُخرى منزليَة ثُم عادَت للوقوف بِجانب المَطبخ تُناظِر حَبيبها يتبادل اطراف الحَديث مع والديها و الضَحك يَملئ المَكان
ابتسَمت بِدفئ حينَما قَرر ان يَلعب مع والِدها الشطرنَج و أجزَم كُل واحد منهما بالفَوز إذ انحازَت يون سون الي حَبيب ابنتها قائِلَة " انا ساقفُ بِصف جُيون ! لم يسبِق لي ان سمعتُ انه خسر يومًا "
" ايتها الانحيازيَة ! ماذا عني ؟ " صغَّر غابرييل عينيه يُناظر خَطيبته التي هزَّت اكتافها بِقلة حيلَة تُطالعه بِمُكر ، حَول عينيه الي ابنته التي دَخلت راكضَة و احتضنته من الخَلف قائلَة " و انا اقفُ الي صف ابي ! انهُ سيربح حتمًا " طالَعت الصُغرى عينيّ حَبيبها و اخرَجت لسانِها تُغيضه
" انها مُنحازَة ! يا انا حَبيبكِ ! " هَتف جُيون مُنفعلاً يَراها تُقبل وَجنة والِدها بِلُطف قائِلَة " انا بِصف ابي مُنتصِرًا ام مَهزومًا "
" حسنًا لِنرى اذًا " تناول جُيون من كعكة الليمون التي كانَت شديدة الحُموضة و ذلك اجابهُ على سُؤاله الداخليّ حينما رآها لم تُؤكل رغم انها اُعدت من الامس ، يتوجب عليه اكلها مُجامِلاً ، كيّ لا يَطحن مشاعِر حَبيبته
رُغم انهُ و بِشكلٍ ما
يمقُت الحامِض جِدًا
جَلس في الصالَة مع غابرييل يلعبان الشِطرنج بينَما تولت هي و والِدتها تحضير العشاء بعدما استَيقظ جونسان و بدأ بالزَحف حَول والده و جَده
تَمسك الصَغير بالطاولَة التي يلعبان عَليها و بدأ يقفُ على اقدامِه يُناظر والِده يُمسك بِجنوده و يُحركهما نَحو الخَصم ، بقا يُراقِب جَده باهتِمام كَذلك الي ان مَد اصابِعه الصغيرَة يُمسِك بالحِصان الذي يتبع جَيش جُيون تحت مُشاهدة اباه له
راقَبه غابرييل كذلك و هو يُقرب ذلك الحصان مِن جُنوده و يقومُ بضرب ملكِه ثُمَّ بدأ بالتَصفيق بسعادَة ، رَمِش جُيون مُنذهِلاً كَما فعل والد حبيبته تمامًا يُحدقان بالصَغير الذي سَقط على مؤخرته ما ان اختَّل توازنه
" انا مُتأكد انهُ سيكون عبقريًا مِثلي " هَمِس جونغكوك مُشيرًا على صَغيره الذي بدأ بالزَحف نحو المَطبخ كَيّ يُزعج امه قليلاً " اسمَع ، لا يعني ان تدخل ابنك انك رَبحت ! سنعيدُ اللعب " قال غابرييل مُشيرًا عليه بينَما يُعيد ترتيب الجُنود من جَديد
ضَحِك جونغكوك بِخفَة و ارسَل همهمَة طفيفَة بينَما يسترِق النظر الي امرأته التي حَملت طِفلها و بدأت بِتقبيلِه ، اشتاط غيضًا لانهُ لم ينل مُراده للأن لِذا لم يكُن مُهتمًا لِتلك اللعبة بقدر اهتمامه بِالاختلاء بِها باقربِ فُرصَة
مَضت تِلك السَهرية دافِئَة وسط جِويّ مُحِب مليئ بالآمان أحسَّه كُل من جُيون و امرأته التي تضاعفَت سعادِتها بِعودتِه اليها
دَقت ساعة مُنتصف الليل و ودّ هو الرَحيل
ذَلك لم يَكُن يُعجبها البتَّة
تَشبثت بِه و مَنعتهُ من المُغادرَة لكنهُ تعذَّر عليه البَقاء
يَمتلكُ اعمالاً في شركته الفرعيَة عليه انهاءِها عاجِلاً
" جُيون لا تَرحل ! ارجوك ، لازال الوقت باكِرًا ! نم هُنا " تذمَّرت و هي تُمسك بيده ترفُض رَحيله عند باب المنزِل بعدما خَلد والديها الي النوم مُنذ ساعَة بالفِعل ، جونسان كَذلك نام دون ان يَشعُر بنفسه في حُضن اباه بعد العَشاء مُباشرَة
" حَبيبتي لديّ عمل عليّ انجازه بِسُرعَة ! اعدك اني سامضي اليوم بِطوله معكِ بالغد ، سَنخرج معًا للتنزه همم ؟ اتخالين انهُ يهون عليّ النوم بعيدًا عنكِ ؟ " هَتف مُبررًا بينَما يقترِب لاحاطَة وَجنتيها و تَقبيلها على جَبينها
لم يُرضيها تَبريرِه و تَشبثت باذرُعه قائلَة " هل عملك اهم مني جُيون ..؟ ارجوك ! اُريد ان انام في حُضنك ، بالكاد صدقت انك عُدت " هَتفت عابسَة تَقوده الي حُضنها لتدفن رأسها بداخل صَدرِه تأبى تَركه
زَفر انفاسِه يَخضعُ و يَلينُ الي رَغباتِها التي حتمًا تؤدي بِه الي الهَلاك
لا يَحتملُ دلالها عَليه بتاتًا
هي تُجيد اخذ مُرادها منهُ و بِسهولَة تامَة
احاطَها بذراعَيه و مَسح على ظهرِها طوليًا مُمتثلاً الي امرِها بالبَقاء ، قبل مُقدمة رأسها و نَطق مُنصاعًا بقلَة حيلَة " حسنًا يا امرأة جُيون ، لا اُصدق انَّ فتاة لم تُغلق الثانيَة و العِشرون تستطيعُ التحُكم بالوَزير بهذه السُهولَة ! لا استطيعُ الثبات على موقفي امامكِ حُبًا بالرَب ! "
ابتَسمت ضاحِكَة لِتدفع به الي الداخِل و تُغلق باب المنزِل ، جَرَّتهُ الي غُرفتها حيثُ يتمدد جونسان على سريرِها فَهو مُعتاد على النوم في حُضنها
رآها جُيون الذي استنكَر فكرَة نومه وِسطهما و قال " الن ينامُ في سَريره ..؟ سويون اودُ النوم قُربك حَد الالتِصاق ! " نَظر الي حبيبته التي دَنت تَحمل صغيرها بِحَذر و تَضعه فوق فِراشه القريب من سريرها
كان سريرِه قريبًا للغايَة من سريرِها هي كي تتمكَن من الاستيقاظ لهُ ليلاً اذ كان يستطيعُ التنقل من فراشِه الي فراش امه بسهولَة ان اراد
" سينامُ هُنا " هَتفت و هي تُزيل الروب الخارجيّ لبيجامتها ، عَلقتهُ و جَلست فوق فراشها تُطبطب بالقُرب مِنها ، ازال هو جوارِبه بعد حِذاءه و دَنى للتمدد بجانبِها يبسط ذِراعه كَي تتكئ على صَدره
وَضعت راسها على مَصدر نَبضِه تُغمض عيونِها براحَة مُطربةً اذانِها بِسماع الحان الحُب التي يعزِفها قلبهُ فرحَةً بِها
" جُيون ، دامك لازلت وزير بريطانيا ، هل هذا يَعني اننا سَنعيشُ في لُندن ..؟ " هتفَت مُتسائلَة تُناظره بعدَما رفعت رأسها اليه ، تلقت هَمهمَة منهُ يُخفض بصره الي عيونِها المليئَة بالبراءَة ، لا تختلفُ شيئًا عن خاصَة طِفلهما
" اذًا من الجيد اني بدأتُ دراسَة اللغة الانجليزيَة منذ خَمسة اشهُر ، لقد تَحسن مُستواي جدًا و بدأت افهمُها ، كما ان والدي يُحادثني بها في المنزل لاستطيعُ الانخراط سريعًا " هَتفت بينَما تُشكل ابتِسامَة لطيفة تُخبره عن مُستجداتها في تعلُم اللغَة
هي سَبق و ان اخبرتهُ بذلك في رسائلها اليوميَة إذ كُلما طرأ عليها حَدث بسيط تُشاركه معهُ بأدقّ تفاصيلِه لكن نظرًا لانشغاله لم يَكُن يُجيبها دومًا لِذا ظنَّت انهُ تجاهل هذِه المعلومَة التي بالنسبَة اليها هي هامَة
لَكن مالا تعرِفه انهُ بعد يَومٍ شاق من العَملُ يُفرغ اواخِر الليل للاختلاء برسائِلها و قراءها حُروفها التي تكونُ بمثابَة مِرهمٍ يُزيل تعب نهارًا بأكملِه
احيانًا لشدَة انغماسِه بقراءِتها ينامُ مُتناسيًا الرَد ، لَكنه حَفظ كُل تفاصيلها و تفاصيل جون الصَغير ، لم تنسَى ان تُصوره كُل اسبوعٍ صُورة لِتُريه مقدار نُموه و تتفاخَر انها تُحسن تَربيته و الاهتِمام بِه
هو يُحبها بشدَّة
تُجيد صِناعَة اجواءٍ تُشعره بِقُربها منهُ و لَو كانَت بعيدَة
" جَميل ياروحي ، مِن هُنا الي شَهر سبتمبر القادِم سَتتمكنين من اللُغَة ، ثُم سيكونُ باستطاعتكِ الدراسَة في اكسفورد " هَتف بينَما يمسحُ على خدِها بابهامِه يُلاطف وَجنتها بِرقَة ، يَراها تتخدَّر اثر لمستِه و تُغمض عُيونها
مُهمهمَة بِراحَة
انها المرَّة الثانيَة التي يوّد فيها تَقبيلِها فَيقطع عَليه لحظتهُ الماسيَة طِفله ..!
جونسان الذي خَرج من فِراشه الي فِراش امه باكِيًا لانها لم تَحضنه كَمثل كُل ليلَة ، زَحف نحوهما يُشكِّل حاجزًا بينهُما بعدَما صعد فوق والِدته
نَظر الي والِده و استنكر وجودِه على فراش امه فبدأ بالبُكاء مُحاولا ابعادِه عن والِدته ، تفاجئت سويون التي ضَمته الي صدرِها تُطبطب عَليه بِلُطف " يا صغيري مابك ؟ انهُ بابا ؟ لما تُبعده ؟ "
نَظر جونسان الي جونغكوك بعينين باكِيتين يرفُض بقاءه بذلك القُرب من امه التي بنظره هي مُلكه وَحده ، بِمُجرد ان رأى يد والده تمسُّ كتف والدته قام بِضربه و ابعادِه بينما يَبكي بقوَّة
" الهي لقد شَعر بالغيرَة منك ! " هَتفت سويون تُطالع حبيبها الذي قضَم شفتهُ بِغَيض و شكَّل مسافَة بينها و بَينه لعلَّ حدَة بُكاء الصغير تَخِف
لقد هدأ فعليًا بِمُجرد ان ابتَعد جونغكوك عن امه و قام بِمسح دُموعه التي تُغرق سائر وَجهه لِيحشُر راسه في صَدرِها مغمضًا عينيه الصغيرَة
" لا اُصدق انه يمنعني عنكِ ! يا لولاي لما اتيت ايها الضِفدع الصغير " صاح جُيون مُنفعلاً يَرى طِفله و هو يَغفو على صَدر والدته التي ضَحكت بعدم تَصديق " الهي ، اسمعُ كثيرًا عن غيرَة الطفل من والِده حتى رأيتها بِعيناي "
" لابد انهُ استغرب وجودك لا غَير ، اعتاد ان ينام في حُضني لِوحده و فجأةً وَجد رجُلاً ضَخمًا يَحتوي امه ، بالطَبع سيغير " فسَّرت وِجهة نَظرها الي حبيبها العابِس امامَها ، لم يكُن راضيًا عن اهدار طِفله لِحقه و تحدث مُنزعِجًا بِشكلٍ بدا لطيفًا للغايَة لها " ماذا عنِّي ؟ لديّ حق بكِ اكثر مِنه ! "
" للاسف علينا ان نُسايره همم ؟ انه طِفل ، رأيته كَيف بكا ؟ سيقلب البيت فوق رأسنا " همستُ له مواسيَة بينَما تضعُ يدها على كَتفه تُطبطب عَليه ، اخفَضت نظرها الي صغيرِها مُتنهدَة " سينامُ ثُم اعودُ الي حُضنك ، لا تشغل بالك "
لَوى الاكبر سنًا شِفاهه بِغَيض يُناظر صغيرِه الذي يُسند راسه على صَدر امه يُطالعه بعينين ناعستين و هو يَتشبث بِقميص نومِها
" انتظر فقط حينَما تكبر و تتزوَج ، لن اسمَح لك بالنوم مع زوجتك " قال جُيون مُنفعلاً يُناظر الصَغير الذي قَلب وجهه الي الناحيَة الاخرى يَتجاهله تمامًا ، شَهق يُوسع عينيه باندِهاش " هذا العاق الصَغير ! هل تتجاهل والدك و هو يُوبخك ؟ "
ضَحكت سويون بِخفَة لِتسند ظهرِها على السَرير تُحدق في حَبيبها المُنفعل " هل حقًا تضعُ راسك بِراس طِفل لم يتجاوز عُمره العام ..؟ انهُ صغير ! "
" صَغير ام كَبير ، انهُ يسرقكِ منِّي " تَحدث بعدم رِضى لِيتنهد و يَتمدد على ظَهرِه عابِسًا " انهُ صَبر ستة اشهُرٍ كاملَة ، انام وحيدًا بعدَما خَطف ابني حَبيبتي ! يالا هذا الظُلم الذي اتعرض لهُ "
رَبتت سويون على راسه مُواسيَة و هي تُنيم ابنها على كَتفها مُتحدثَة " لابأس ، سينامُ و آتي الي حُضنك "
" اظن انهُ علينا جعل والديك يَتبنيانه ' لا استطيعُ سويون تَركهُ معنا ، نحن وراءنا الكثير من الليالي الحافلة بعد الزَواج ! لا نُريد افساد مُخيلة الصغير البريئَة " رَدف قائلاً بعدَما جَلس مُعتدلاً يُناظِرها باهتِمام ، كان جِديًا لدرجَة تُخيفها
ردَّت مُنفعلَة " والداي ايضًا عِرسان جُدد ! يرى اباه و امه افضَل من جده و جدته ! الهي ماهذا التَفكير الذي يملئ عقلك جُيون ؟ "
" سويون انا حقًا جديّ ، ليس عليه رؤية الطريقَة التي سَنُنجب فيها اخوته ، برأيي علينا ان نُعلمه كَيف ينام في غُرفة مُنفصلَة " هَتف مُقترِحًا على من رَفضت بقوَّة بينَما تمسحُ على شعر صغيرِها و ظهره " لا ، لا يُمكنه النوم وحيدًا ، هو يخافُ في الليل و احيانًا تُراوده الكوابيس "
" اُقسم اني سانتقم ، سانتقم حينما اُصبح عجوزًا و اطلبُ منه رعايتي بدلاً من النوم مع زوجتِه " قال مُنفعلاً بينما يضغطُ على قَبضتاه ، حينَما يصلُ الامر الي حَبيبته يُصبح الموضوع لَديه حساسًا
لِما هي ترى غيرتِه هذه مُضحكَة ..؟
هي لا تتوقف عن الضَحك بِسبب تعابيرِه و كَلِماتِه
تَجِده يُصبح لطيفًا حينَما يتعلق الموضوع بِغيرته من طِفله
نام جونسان مُرتاحًا على كَتفها إذ قامَت بِنقله الي فِراشه و غَطتهُ جيدًا ثُمَّ عادَت زحفًا الي حَبيبها الغاضِب تُحيط وَجنتيه لِتقبيل شَفتيه بِلُطف
" انه طِفلك جُيون ! لازال صغيرًا بحاجَة الي الحُب و الحَنان " هَمست لهُ قائِلَة تُطيل النَظر الي عُيونِه اللامِعَة وسط حلكة الظَلام تِلك
اقشَّعر بَدنها بِمُجرد ان لامس خَصرها و جَرَّها اليه يُلصقها بِه حتى يَستطيعُ الهمسُ بِنبرتِه التي تُخضع كُل شُعورٍ بِداخله لهُ و تَجعلها تحت امرتِه كُليًا " انا ايضًا بِحاجَة الي الحُب و الحَنان ، الستُ اولَى ..؟ همم "
" انت سَيد كُل شُعورٍ بي ، سيدُ قَلبي و أحاسيسي ، كُل مابي مُلكّ لك ، يتحرك وِفقًا لاوامرِك " هَمست لهُ في المُقابل تستقبِل نظراتِه المُحبَة المليئَة بالشَغف و اللهفَة ، اغمَضت عُيونها بِمُجرَّد ان اغتنم فُرصته لِتقبيل شامتِها التي يَعشقُها حَدّ الجُنون إذ هَمس " انتِ تَخُصيني "
لَم تَعُد تَعي على ذاتِها من بَعد هَمستِه تِلك
أخذها بِرفقته الي عالمٍ لا يَخص سِواهُما
عالم مليئ يَقودُه الحُب و يرأسه العِشق
كِليهما يحمِلُ كَمًّا من اللهفَة يُصعب اخمادُها
•••
أنَّهُ اليَوم المُنتَظر مُنذ اثنانِ و عِشرون عامًا
زواجُ غابرييل بِحَبيبتِه بعد قَطعِه لِذلك العَهد مُنذ عِقدَين و عامَين
إختارَ أن يَكون زِفافهما البَسيط المُتواضِع في المَكان الذي التَقيا بِه و نَشأ حبهُما فيه و هُو ، تِلك القَرية التي تَرعرعَت يون سون بِها
نَظرًا لِكونها تمتلكُ مِساحاتٍ شاسِعَة من الخَضار و الطبيعَة ، ودّ ان يُقيم زِفافهُما هُناك يَسترِجعان ذِكرياتهما سويًا
نُصِبت زينَة الزَواج وَسط ضواحي البَلدة حيثُ اقيمَت المنصَّة التي سينزّف فيها العَروسين مَع قلَّة من الكَراسي للمعازيم الذين ينعدون على الأصابِع
سويون كانَت في قمَة سعادتِها و هي تُجهز والِدتها و تُلبسها ذلك الفُستان الانيق بِبساطتِه و رِقته الفائِقَة ، بَدت اُنثويَة تشِّع بالجَمال و النُعومَة
هَبطت على مَلامِحها نُعومَة و رِقّة آسِرَة
وَضعت آخِر لمساتِها من مُستحضرات التَجميل و هي تمسحُ بِفُرشاة مورِّد الخُدود على وَجنتيّ امها مُبتسمَة بِخُفوت " انتِ فاتنَة بِشكلٍ اعجزُ عن وَصفِه ، ابي سيفقدُ صَوابه " هَتفت تمتدِح من يَغلبُها التوتُر
كانَت اطرافها ترتعِش بِشكلٍ مَلحوظ جِدًا لابنتِها التي تَشبثت بها و هَتفت هامسَة " هدئي من روعكِ امي ! مالُكِ ..؟ "
" انا اشعُر بالتوتر سويون ، لا يُمكنني تَخيل نفسي مُتزوجة ، اشعُر ان هنالك خَطأ ما " قالت والِدتها التي ابتَلعت ريقها بِذُعر ، الان ادرَكت سويون من أين ورِثت خَجلها المُفرط
والِدتها كَذلك خجولَة حينَما يصلُ الامر بِمُتعلقات الزَواج
على الرُغم من انها جَريئَة جِدًا
" بِما انهُ لديّ خبرة نصفُ عام زواج ، استطيعُ اخباركِ انّ الزَواج مِمن تُحبيه دافِئ و سيروقكِ للغايَة ، لا يوجد هُنالك شئ مُخيف ان كان الرجُل سيُجيد احتواءكِ جيدًا ، لا تُفكري ابعَد من النُقطة التي سيُعلن فيها القس زواجكما كَيّ لا تتوتري زيادَة " نَصحتها الصغيرَة قائلَة بينما تُثبت طرحَة الفُستان بِعدَة دبابيس فوق تسريحَة شعرِها
احتَضنتها من الخَلف تُناظرها بِحُب " تأكدي انكِ ملكة يومكِ ، انتِ مثاليَة "
تَشكلت ابتِسامَة دافئَة على وَجه يون سون التي خفّ القليل من توترها بِفعل حَديث ابنتِها ، رَبتت الصُغرى على ذراعيّ امها قبل ان تنطِق " ساذهبُ لِتفقد اواخِر التَجهيزات "
غادَرت من الحُجرة تُطالِع جونسان الذي يلبسُ بدلة رسميَة سَوداء تُلائم جَسده الصَغير ، كان بين ذراعيّ والِده الذي جاء الي امرأته بعدما بَحث مطولاً عَنها
بِدلته هو كانَت تميلُ الي اللون البُنيّ الفاتِح ، لم تكُن بتفاصيل كَثيرَة ، انيقَة لائمت جَسدهُ الرياضيّ المليئ بالعَضلات بشكلٍ مُلفت
شَعرهُ الكُحليّ يُصففهُ عاليًا بِشكل لائم طلَّته
امَّا عن اُنثاه فَهي لبِست فُستان بَسيط زهريّ طَويل ، كان مُخصَّرًا يُبرز تفاصيل جَسدِها التي تُغضِبُ رَجُلها حتمًا ، لكنهُ تجاوز عن الامر لان الزِفاف لا يَشمل سِواهم ، كانَت تلبسُ قفازاتٍ خارجيَة شفافَة بيضاء بينَما تَفردُ خُصيلاتِها التي اصبَح طولها يصل الي مُنتصف ظهرِها ، موَّجتها قليلاً من الاسفَل مع دبوس شَعر يتخذُ شَكل الفراشَة على الجانِب الايسَر
دَنت سويون من طِفلها الذي بين ايدي والِده تُعدل له شعره بيدها بعدَما تناثر على جَبهته بِفعل الرِياح ، تَجاهلت نَظرات رَجُلها المُتيمَةِ بها يُطالع بِكُل اعجابٍ و حُب ، بَدت شديدَة الرِقَة و الانوثَة بِمساحيقها التجميليَة الناعِمَة
ودّ لو يسرِق منها قُبلَة جامِحَة لكن سينتهي بِهما المَطاف مَكشوفين بِفعل احمرِ شِفاهها اللامِع ، تَحمحم مُتمالكًا نَفسهُ ثُم قال " لديّ مُفاجاة لكِ "
ناظَرتهُ مُستفهمَة لِتنطق " مُفاجاة ..؟ "
همهم يَسمحُ لابتِسامة خافتَة ان تَنموا على فاهِه إذ قال بِهدوء " هُنالك من اتى لِرؤيتكِ ..! " بِمُجرَّد ان خَتم حَديثه ظَهرت تلك الصبيَة من خَلفه
تَسارعت نَبضات سويون ما ان رأت صَديقتها تكشفُ عن نَفسها ، شَهقت بقوَّة تُفلت طِفلها لِتقترب مِنها بعدم تصديق " اي..ايڤا ..؟ "
ابتَسمت ايڤا بِوسع و اومأت بشدَّة بينَما تفرد ذِراعيها لِمُعانقة صَديقتها بِحرارَة " هذِه انا ! هل اشتقتِ اليّ كما اشتقتُ اليكِ يون يون ؟ "
ضَغطت سويون عَليها بقوَّة تُبادلها ذلك العِناق بِشغف ، ابتَعدت عنها تُحيط وَجنتها المُمتلئَة اذ قالَت بِدهشَة " لقد تغيرتِ ..! احلويتِ و اكتسبتِ بعض الوزن ايضًا ! هل انتِ بخير ..؟ "
حَركت الصغيرَة راسها ايجابًا تتستَر على وِسع ابتسامتِها بِصُعوبَة ، تَشبثت بيد صديقتِها و اجابَت " بعد عمليتي اصبحتُ بخير تمامًا ، بدأت اكل و اكتسبُ الوزن ليس كالسابِق ، ايضًا العلاج النفسيّ كان يُسبب لي نَفخة لكني بِخير الان "
ابتَسمت سويون بِدفئ لِتُناظر تايهيونغ الذي جاء بينَما يَحملُ حقيبَة ايڤا على كَتِفه ، احتَضن زوجته من الجانِب و تَحدث مُرحبًا " مرحبًا سويون ! مرّ وقت لم اركِ فيه "
" اهلاً تايهيونغ ! انا سعيدَة حقًا بقدومكما لِحُضور زفاف والداي ! " هَتفت سويون تُحاول كَبح دُموعِها ، دَنت لِمُعانقة ايڤا مُجددًا و التَربيت على ظهرِها مُتحدثة بسعادَة " حمدًا للرب انكِ بِخَير ، لقد كنتُ قلقة جدًا "
" تايهيونغ لم يَتركني لِثانيَة ، تحمل كُل تقلباتي و نُفوري مِنه ، انهُ السبب الرئيسيّ لِكوني بِخَير " تحدثت ايڤا بينَما تمسحُ على شَعر حبيبة والِدها التي تنحَت عنها مُبتسمَة ، نَظرت الصُغرى صَوب جُيون الذي يُلاعب ابنه ثُم اكمَلت " ايضًا ابي لم يَتركني و استمَر بزيارتي كُل ليلَة لِيمنحني الحُب و الرِعايَة ، انا مُمتنَة الي رسائلك اليوميَة ايضًا ! لقد كُنتم سَند حقيقي لي ، انتم لا تُقدرون بِثمن يارِفاق "
شُعور الامتنان الذي تَمتلكهُ ايڤا تِجاه زوجُها و أبيها لا يُقدر بِثمن
و كَذلك صديقتِها التي تُراسلها كُل يوم للاطمئنان عَليها حتى لو لَم تكُن هي تَرُد ، لكن سويون كانَت تعلم ان الدَعم النفسيّ في الاوقات الصعبَة يعني الكَثير
" ارجوكم لا نُريد البُكاء في مثل هذا اليَوم الجَميل ! دعونا نُمرر اليَوم بخير " تَحدث جُيون قائِلاً بعدما لاحَظ دُموع ابنته و حَبيبته توشك على الهُبوط ، مَد جونسان الي اخته التي استَقبلتهُ بِحُب و قبلته على خَده قائلَة " سنذهبُ انا و تايهيونغ الي موقِع الزِفاف ، سأخذ معي جون "
حرَكت سويون رأسها بالايجاب تُعطيها مُوافقتها ، غادَرت الصُغرى مع زوجِها بِرفقَة أخيها الذي يُحادثها بِلغته مُحاولاً التَغزل بِجمالها
في حين ان جُيون اغتنم فُرصَة انفرادِه بِمعشوقته إذ احاط وِسطها و قَربها نَحوه يُشاهِد عُيونها العسليَة بِهيام " اذًا انسَة تايلور ؟ ألا تَنوين حضرتكِ ان تعودين الي سابِق عهدكِ ..؟ " همِس لها قائِلاً بينَما يُداعب وَجنتها باصابِعه
" جُيون الزِفاف سيبدأ ، دَعنا نَذهب " همست لهُ بِدورها تتجنَّب مُلامساتِه التي سَتجلبُ أجلها لا مُحال ، حاوَلت تجاوزه لَكنها اعادَها امامه من ذِراعها يخطِف مُراده مِنها ، قُبلَة مُحبَة على جَبينها إذ قال بعدِها " لديّ موعِد مَعكِ ليلاً ، اياكِ ان تَنسي "
" حسنًا ، ابي يُجهز مُفاجاة الي اُمي ، انا متحمسَة للغايَة ، هل اخذتهُ الي المنصَة ؟ " سألته تُحاول تَغيير الموضوع ، تُشتتهُ عَنها و قَد نجحت بالفِعل ، اجابَها بينَما يسيرُ بِرفقتها نَحو موقِع الحَفل " نعم اخذته ، هو هناك ينتظرُها "
" امي ليسَ لديها من يزِفها اليه ، رُبما ستكونُ حزينَة لانها ستسيرُ نحوه بِمُفردها " نَطقت سويون بِحُزن تُحدق في الطَريق امامها بينَما تُحيط خَصر حَبيبها الذي طبطب على ذِراعها قائِلاً " لابأس ، بالنسبَة اليها هو كُل عائلتها ، ستكونُ مميزة بالسَير لِوحدها وَسط تلك الزُهور و الورود "
همهمَت لهُ و عُيونِها على الطَريق المؤدي الي مَوقع الزِفاف ، بِمُجرَّد ان وَصلا وَجدا ريڤين بِرفقة زوجِها و طِفلها هُناك ، ايڤا و تايهيونغ يجلِسان على الكراسي الاماميَة مَع جونسان الذي يُحاول الفرار من قبضَة اخته حَتى يزَحف و يلتقط تلك الزُهور التي اعجبته
لكنها تُحكم عَليه جيدًا كي لا يُفسد الزينَة
اقتَربت سويون تأخذ ابنها المُشاغب من ايڤا تُناظِره بحدَّة " جونسان ان لم تهدأ سالقيك في القُمامَة ! " هددتهُ قائلَة ترى انكماش مَلامحه الصغيرَة غيَّة البُكاء ، تَدارك جُيون الموقِف و خَطفه منها قَبل أن تنفذ تهديدِها
امرأتهُ مجنونَة
" ساهتمُ به انا ، انتِ اذهبي لِتنادي على والدتكِ " همِس لها مُربتًا على ظَهرِها ، همهمَت لهُ بينَما تمسحُ يدان طِفلها من التُراب " انهُ يوسخ نفسه قبل موعِد التقاط الصور ! الهي مابِه هكذا ؟ ساقتله " تحدَثت بانفعال
" سانظفه سويون ، اذهبي فقط " دَفعها من كَتفها قَبل ان تَنهال بِمواعظها على طِفلها الذي حتمًا تجاهلها و حَشر راسه في عُنق والِده ، تَنهدت هي بيأس لِتُغادر غيَة مُناداة امها كيّ تبدأ مراسِم الزَواج
جاءَت بعد عَشر دقائِق تجلسُ في مَكانها بالقُرب من حَبيبها ، الجَميع اتخَذ مقعدهُ يَنتظِرون موعِد قُدوم العَروس في حين أنّ العَريس يجلِسُ على كُرسيه المُتحرِك في نهايَة المَمر ينتظِرُها بِفارغ الصَبر
بِمُجرَّد ان وَطئت اقدامِها موقِع الحَفل تناقَلت اعيُن كُل الحُضور اليها ، يُناظرونَها و هي تَسير بِبُطئ نحو عَريسها و ابتِسامَة ناعمَة تُزين مُحياها
بَدت في قمَة الانوثَة و الرِقَة ، لاسيما انَّ رَجُلها ضاقَت انفاسُه ما إن وقعت زرقاوَتيه عليها ، يَراها في قمَّة جَمالها تَسيرُ نحوه بذاك الكَم من الفرحَة في عَينيها ، ابتسَم لها بِلُطفٍ كما فعلت هي تَمامًا
و قَبل أن تبلُغ موقِعه ، هو صَدمِها بِوضعه اقدامِه على الأرض لِيتشبث باذرع الكُرسيّ و يَنهض مُستقيمًا امامَها ، توقفَت عن السَير تُوسع عينيها بِصدمة بينَما تُراقبه بعدمِ تَصديق
مالذي تَراهُ عَينيها ..؟
انهُ يقفُ على قَدميه ..؟
بَل يسيرُ نَحوها مُتزِنًا و على شِفاهه ابتِسامَة مُحبَة
صُعِقت بشدَّة و ذاك آخِر ما توقَعته
ما لم تكُن تعرِفه انَّ الخُطة العلاجيَة كانت تسيرُ جيدًا إذ علامات التَحسن بدأت تظهر عليه مُنذ اشهُر ، كان يتدرَّب على السَير اثناء فترة عملِها بمُساعدَة سويون مُتفقًا مَعها على مُفاجئة امها يَوم زواجِهما
راقبتهُ بِعَينين دامعَتين ، بعدَما أوهمها بِعجزه هاهو ذا يسيرُ بِشكلٍ جيِّد للغايَة ، على الرُغم من كونِه يَعرُج قليلاً ، لكنه يستطيعُ المشي دون عوائق
استَمعت الي صَوت تصفيق الجَميع من حولِهما بِمُجرد ان مَسك بيدها و انخَفض لِتقبيل ظاهِرها بِنُبل " عَروستي الجَميلَة "
" ان..انت كي.كيف ؟ " همست لهُ تُناظر اقدامِه بعدم تَصديق ، عاوَدت التَحديق بِعينيه الزرقاء تَجدِه يُجيب بينَما يجتذبها الي مطرح القَس " انا و سويون اخفينا عنكِ ، اردنا مُفاجئتكِ بيومٍ مميز كَهذا " تَحدث مُجيبًا بينَما يمسحُ على وَجنتها بِلُطف
التَفت يون سون برأسها نحو ابنتِها التي تلتقِط لهما الصور بهاتِفها ، ناظرتها بِغَيض لاخفاءِها عَنها فَتلقت قُبلة طائرَة من الصُغرى التي حَدقت بِطفلها حينما قَلدها و بَعث قُبلاته الي جَديه
ضَحكت بخفَّة لِتقبل وَجنة جونسان الذي صَفق بسعادَة يُقلِّد من بِجواره
بدأت مَراسٍم الزَواج
القَس يسأل العَريس ثُم العَروس لِيعقد زواجِهما قانونيًا يطلب مِنه تَقبيل زوجتِه امام العَلن ، لم تُعطه يون سون فُرصة تَقبيلِها حينما قَرصتهُ تهمسُ له " ليس امام ابنتي و حَفيدي ! استحي "
" علمتُ ممن ورثتِ خجلكِ " همس جُيون في اُذن حَبيبته بعدَما لاحظ خَجل والِدتها الشَديد ، طالعتهُ الصُغرى مُقهقهَة بخفَة " انها ليسَت معتادَة عليه فقط ، سَترى كَيف سيتبخرُ خجلُها ما ان يُغلق عليهما باب الغُرفة "
" على اساس انتِ خجلكِ اختفى حينما نُغلق علينا باب الغرفة ؟ " تَحدث رافِعًا حاجِبه بِسُخريَة ، زَمت شِفاهها تُناظره ببراءَة ، اجابتهُ قائِلَة " لازلتُ اخجلُ قليلاً ، لكني اتحسَن ، اليس كَذلك ؟ "
" انتِ للان ترفُضين تَغيير مَلابسكِ امامي ! هل هَذا عدل ؟ اي حُقوقي النَظرية ؟ " هَتف بِصوتٍ مُنخفض بينَما يقرُص خصرُها ، عَبست تُبعد يده مُتحدثَة " جُيون انهُ ليس الوقت المناسب لِهذا الحَديث ، امهلني بِضع سنواتٍ اخرى و سابهِرُك "
" اريدُك ان تَرقصين من اجلي " ابدَى عن رَغبته بِحاجبٍ مَدفوع يرى تراكم الدماء عند وَجنتيها بِمُجرد ان تَخيلت الامر " ان..انا ارقص؟ من اخبرك اني اُجيد الرَقص ..؟ "
" اما عرَض تعري اسفل الماء ، اما رَقص " خيَّرها بين اثنَين يَجعلها تُفكر ماليًا بِقبول عَرض الزَواج مِنه ، ناظرتهُ بعدم تَصديق مُتكلمَة بانفِعال " هل فقدت عقلك ..؟ "
تَحمحمت بِحرج ما إن نَظر الجَميع نحوهُما بِسبب ارتِفاع صَوتِها ، دلَّكت ارنبَة انفها بخجَل تُناظر ايڤا التي قالَت " سويون اُريد اخذ جون معي الليلَة ، اتمانعين ..؟ "
" لا ، خُذيه ايڤا ، لديَ دروس عليّ تعليمها الي سويون الليلَة " هَتف جونغكوك يَمُد بِطفله نَحو اختِه التي حَملته بِسعادَة " ساعتني بِه جيدًا "
نَظرت سويون نَحو حَبيبها بِغَيض ، قَرصتهُ بقوَّة من فِخذه بينَما تُشاهد والديها يَتبادلان رَقصتهما الاولَى ، ابتسمَت بِوسع و اكمَلت التقاط الصور لَهُما مُتجاهِلَة مُناكفات جُيون لَها
الزِفاف كان بَسيطًا يَحملُ في طيَّاته حُب الحُضور الي العَروسين ، يُشارِكونهما لحظتِهما الثمينَة تلك بِكُل دفئ مع الامنيات الطبيَة بِدوام الحُب و العشرَة بينهِما الي المَمات
انتَهى الزِفاف على العاشِرَة ليلاً و كُل فردٍ انتَقل الي البيت الذي استأجرَهُ للمَبيت ، غابرييل و يون سون غادرا سويًا الي ذلك المنزِل عند ضاحيَة البلدَة الذي خَبأتهُ فيه اول مرَّة التقيا فيها
كان مُدمَّرًا مهجورًا آن ذاك
لكنهُ اعاد تَرميمه و بناءِه من جَديد بعدما اشترَى قطعَة الارض من المالِك و ملئه بالاثاث البَسيط كَما تُحب هي لِيكون شاهِدًا على ليلتِهما
امَّا عن جُيون ، فَهو اقتاد امرأته مَعهُ يَتمشيانِ في اطراف البلدَة الخاليَة فالجَميع نِيام بالفِعل ، يَتشابكان الايادي و يَجولون الشوارِع الهادِئَة
كيف اصبحَت تِلك اللحظاتُ المليئَة بالرُعب قبل سَنتين بداخِل هذه البلدَة حينما عَلِقا فيها ، مُجَرد ذكريات يَضحكان عَليها حاليًا و هُما يجوبان شَوارِعها
اخَذها مَعهُ الي قَريَةٍ مُجاورَة ، حيثُ اصولِه هو و إنتِماءِه
" سآخُذكِ الي بيتٍ مُميز للغايَة ، هل انتِ مُستعدَة ؟ " قال بعدَما اوقَفها في مُنتصف الطَريق ينظُر بِداخل عَينيها المتوهِجَة ، اومأت لهُ مُتبسِمَة ثمَّ تشبثت بِذراعه بِمُجرد ان ساقها وراءِه الي احد المنازِل في مُنتصف البَلدة
كان بَسيطًا مُتواضِعًا للغايَة ، ذا سقفٍ خَشبيّ كَبابِه الرَث الذي بِمجرد ان دَفعهُ فُتِح و كَشف عمَّا بِداخله ، نَظر اليها مُبتسِمًا ثُمّ جَذبها رفقته الي الداخِل
دَخلت تُناظِره يسيرُ لاشعال الشُموع حتى يُنيرُ تلك الظُلمة ثُمّ يعودُ لامساك كِلتا يَديها يُطيل النَظر الي عيونِها و هي تجوبُ اطراف المنزِل الهادِئ
" اتعرفين لِمن يكون هذا البيت ؟ " سألها بِلهفَة ، يُناظِرها بِحُبٍ بالِغ يجدُها تُنفي مُتعجبَة " هل هو لَك ..؟ سبق و ان قُلت ان اصلُك من هذه البلدَة "
وَجدتهُ يومِئ تجاوبًا مع حَديثها ، هَتف مُجيبًا بِصوتٍ مليئ بالدفئ " هذا البَيت الذي رَبيتُكِ بِه ، بين الاربع جُدران هَذِه حَملتكِ بين يَداي كُل صباحٍ و ليلَة ، اهتمُ بكِ و امنحكِ الرعايَة و الحُب و الآمان ، كَما انكِ من وَهبتِ وحدتي اُنس لا مَثيل لهُ "
أغريبٌ ان يَقشعِّر بَدنها بِمُجرد سَماعها الي حُروفِه ..؟
احسَّت بِاختلاطٍ من المَشاعر يُلامس قلبُها و هو يقترِب لِيُقبل يَدِها
" قَبل واحِد و عِشرون عامًا ادخلتُكِ الي هَذا البَيت كَطِفلة بِلا مأوَى ، و ها انا ذا اُدخلها الي ذات البيت بَعدما اصبَحت هي مأواي و مَسكني ! "
رَفع يَدِها يَضعها على كَتِفه حتى يَتمكن من تَقليص المسافَة بينهُما قدَر استطاعتِه ، قرَبها نحوهُ و رَفع انامِله يَتمسك بِخُصيلاتها المُتناثرَة حتى يُقيدها وراء اُذنها مُتحدِثًا بِهيام " ساُكرر سُؤالاً طَرحتهُ عليكِ قَبل عَشر شُهور ، ساُكررهُ في المَكان الذي نَمت فيه روحي ، لِذا أنصتِ اليّ بِحَذر "
لا يَسعها سِوا الانصاتُ اليه و عُيونِها العَسلية لا تُفارق عُيونَه الكُحليَة
مَشاعِرّ جَيّاشَة تُدغدغُ خافِقها الذي يَنبِضُ بِعُنف كُلما زاد اقتِرابه
بَللت شِفاهها تَراهُ يُقدم على اخراج عُلبَة من جَيب بِنطاله ، استطاعَت التعرُف على هَويتِها جيدًا ، انها ذاتها التي رأتها في المَكتبة يوم ميلادِها
عاوَدت رَبط عَسليتَيها بِعُيونِه حينَما فَتح تلك العُلبة كاشِفًا عن مابِداخله من خاتمٍ يتخذُ شَكل القلب بِماستِه
" اسألُكِ أن تَقبلي حُبي و عِشقي ، أتَقبلين أن تَكوني أنيستي و وَنيستي ..؟ شَريكَتي في الضَّراء قبل السَّراء ، مَلكة عَرش قلبي و عَروستي الي اليَوم الذي تُبعث فيه روحي قَبل روحك ..؟ "
لِشدَة حَلاوة كَلِماته عَجِزت عن اجابتِه ، بَل بقت تُناظِره و هو يُكمِل قائِلاً
- أتقبلين الزَواج بي ..؟
ذاك السُؤال تَحديدًا مُختلف عن غَيرِه من الاسئلَة
يُطالِبُها أن تَكونُ وَنيسه لِما تبقَى لهُ من العُمر
ان تُشارِكه كُل لَحظةٍ من حَياته و اسمُها مَعقودّ بإسمه دون مَفك
أن تَكونُ مَسكنه و مَلاذه ، كَما هو تَمامًا مَسكنُها الآمِن
تُفرِق شِفاهها تستدعي كَلِماتها للحُضور و البَوح عن رَغبتها الماسَة بالقُبول ، لَكِّن لسانها بات ثَقيلاً عاجِزًا عن الرَد
أولا يُمكنه الفهمُ من نَظرة عينيها انها مُوافقة و بشدَّة ..؟
بَل حُبًا بالرَب ، انتَظرت هذِه اللحظَة لأشهُر ..!
- م..مواف..موافقة
حَررت قَيد تلك الكَلِمَة من شِفاهها تُعطيه ألذ حُروفٍ سقطَت على مَسامِعه ، يبتسمُ بِوسعٍ و كأن عَيناهُ من ضَحِكت بِتقوسِهما و نَظرتهما المُعشعّة تِلك
لَم يَلبث و إذ به يُخرج ذلك الخاتِم من عُلبة ، تُراقِبه بلهفَة و هو ينتشِل اصابِعها الناعِمَة يُقبل على ادخاله لِيحتضن اصبِعها البُنصر بِمحبسٍ من حُبه
البسها اياهُ و كَم لائم يَدها بِشكلٍ مِثاليّ
هو صُنع خصيصًا ليكونُ مِلُكها ، ليتُوج حُبها بِحُبه للأبد
رَفع يدها الي مُستوى شَفتيه و قبَّلها بِحُب مُتحدثٍ بِحَماسٍ بالِغ " انتِ رسميًا ! خَطيبتي "
ضَحكت بخفَّة على حماسِه ، من يَراه يُكذب انه يُقبل على الاربعين ، احاطَت وجنتهُ بِكفها و اقتَربت تُقبل شَفتيه بِلُطف " خَطيبي ! "
" مَخطوبين و لَدينا طِفل ، عَظيم " تَحدث بينَما يتأمل يَدها ، اُعجب بِشكل الخاتم و هو يُعانق اصابِعها حدّ الجُنون " اودُ تحنيط يدكِ و الاحتفاظ بِها كَتِذكار ! انها مِثالية حُبًا بالرَب "
سَحبت يدها من خاصتِه ببطئ و قالَت مُصغرَة عينيها " جونغكوك انت احيانًا تمتلكُ تفكيرًا سوداويًا ! " التَفت تَجوب البَيت بعينيها
كُلما تَذكرَّت انها قضَت اول ايام حياتِها هُنا انتابها شُعور لا نهائي من الدفئ و الحَنين ، شَكلت ابتِسامَة دافئَة لِتقترب تتحسس تلك الجُدران بِلُطف " لا اُصدق اني حقًا امرأة الرَجُل الذي رباني هُنا ..! "
" لو كنتِ نطقتِ و انتِ طفلة و انا اغير لكِ حفاظك عند ذلك الرُكن انه ان كبرتِ ستكونين امرأتي و ام لِطفلي كنتُ اعدتكِ الي المُستشفى " تَحدث بينَما يُشير الي احد زوايا البَيت يُراقب تعابيرها المُحمرَّة من قولِه
" هل يُمكنك التوقف عن تذكيري انك كنت تُغير حِفاظي ..؟ " تحدثَت بِخجل بينَما تفرُك رَقبتها ، وَجدتهُ يقترِب مِنها و يُمسك بيدها يجذِبها نحو الفِراش المتواجد عند الرُكن " دعينا نجلِس و احكِ لكِ عن طفولتكِ قليلاً "
" انا استمِع " شابَكت يدها بِيده و جَلست في حُضنه تَستمعُ اليه بِانصاتٍ شَديد ، وَجدتهُ مُتحمِّسًا بشكلٍ مُلفت و هو يُحاكيها عن طُفولتها مَعه
لا يُصدق ان بِمثل هذا المكان قَبل اعوامٍ كانت بين يَديه رضيعَة ، و هاهي الأن تجلسُ بِحُضنه بعدَما انجبتُ له رضيعًا ..!
يستمِر بِتقبيل وجنتِها كُلما حكى لها موقفًا يُرفرف قلبِها بينَما يمسحُ على يدها ، كِليهما يُراقبان خاتِمها الرامِز و الدَال على حُبهما
هُما مُرتاحَين للغايَة
أنّ الحُزن قَد انطوت صَفحتهُ و احترَقت
و بَدأت عقارِب ساعة العَوض تَلفُّ و تَدور لِمنحهما حَياة هانِئَة
•••
22 | 5 | 2024
إنَّهُ ، اليَومُ العَظيم
بالنِسبَة لِكُل حاضِرٍ بِه ، هو اليَوم الأعظَم
تاريخُ ميلاد سويون الثاني و العِشرون
هو ذاتِه ، يَوم زَواجِها مِن حَبيب قلبِها جُيون
اختار أن يَكونُ يوم مولِدها ، اليوم الذي زارتهُ فيه فَرحته ، يُريده ان يَكون ذاتُه تاريخ زواجِهما الذي سيُشكل اكبر فارِق في حَياتِه
تَجهيزات الزِفاف الضَخم تملئ الانحاء
لَم يكُن الحَفلُ في قاعة عادِيَة ، بَل هو على اراضٍ واسعَة بعيدَة عن المدينَة ، في مُنتصف البِحار قَد بَنى قاعَة مَفتوحَة الإسقف ذات ارضيَة بيضاء بِتصميم خلاّب خاطِف للانفاس ، تمامًا كما تُريد حَضرتُها
هي تُريد ، و هو يُنفذ
سويون تَمكُث في حُجرة العَروس ، تَلبِسُ فُستانها الذي صَممهُ زوجِها خصيصًا لَها بعد ان رَسمهُ بِنفسه و بَعثهُ الي اشهر الخَياطين لي ايطاليا
جاء على مَقاسِها يَنحتُ جَسدِها المثاليّ بِشكلٍ مُلفِت للغايَة
بَدت كتِمثالٍ خُلق للتأمُل
جَميلَة بِمظهرٍ يُصعَب وَصفُه
إن رآها ، سيغُمى عَليها لِهَول بَهاء مُحياها ..!
لاسيما مَلامِحها المُتناسقَة مع مُستحضرات التَجميل الناعِمَة تُبرز تقاسيم وَجهها دون تكلَفٍ او مُبالغَة ، ارادَت ان تكونَ طبيعيَة قدر استطاعتِها بيومِها المُميز ذاك ، ودَّت ان تسرِق قلبهُ و عَقله و كُل حواسِه ، كَما لو انَّها لا تعرِف انها تستحوِذ عَليه كُلَّه ..!
كانَت تجلسُ على كُرسيها امام المِرآه تُناظِر نَفسها و خَبيرة الشَعر تضعُ لها طَرحتها الطويلَة تُثبتها جيدًا بالدبابيس ، في حين أن ايڤا تُلبس جونسان مَلابسه فوق السَرير تتجاهل اصوات بُكاءه العاليَة
لقد مرِض ليلة البارحَة و حرارته مُرتفعَة جِدًا ، ذلك ما يُعكر صفاء مزاج امِه التي تُناظره كُل تارَة عبر المرآه تقضمُ شِفاهها بِقلق
" انستي لا تعضيّ شفاهك ، التبرّج سَيفسُد " تَحدثت خَبيرة التَجميل بعدَما جاءَت لِتعديل مُستحضراتِها ، تَنهدت سويون بِحُزن و ابَعدتها قائلَة " لحظَة "
استَقامت من كُرسيها تقترِب من طِفلها الذي يوّد البقاء في حُضنها لكنهم يُبعدونَها عَنه ، حملتهُ تَحتضنهُ فهدأ بُكاءه و خَف عن سابقه و هو يَتشبث بها يُحاكيها عن وَجعه بِسُخونته " انهُ مريض جِدًا يا ايڤا ، حرارته مُرتفعَة " نَطقت العَروس بِعينين دامِعَتين
" كُل الاطفال في سِنه يَمرضون ، لا تقلقي همم ؟ سيكونُ بخير " هَتفت ايڤا تُواسيها و راحَت تُطبطبُ على ظَهر اخيها بِلُطف " ستأتي والدتكِ لِتحمله ، انتِ ركزي على نفسكِ الان زفتكِ قريبَة "
وَضعت سويون يدها على جَبين صغيرِها تتفقده " حبيبي هل تتألم ؟ همم ؟ " سألتهُ تُناظر عينيه المليئة بالدُموع ، قوست شِفاهها تُقارب البكاء لولا تَدخل ايڤا سريعًا ، مَسكتهُ منها و قالَت " ساعتني بِه ، ساعطيه الدواء لا تَشغلي بالكِ "
طبطبت ايڤا على ظَهر أخيها الذي فَرك عيناه المُحمرتين بِقبضتيه يُحاول ابتلاع غصتِه ، تَنهدت سويون بِحُزن على حالِه و اقتَربت تُقبل وجنتهُ الساخِنَة " يا حَبيبي انت ، تماسك هِمم ..؟ "
رَفعت عُيونِها الي مَدخل الحُجرة حَيثُ دَخلت والِدتها و بين يَديها دواء الصَغير ، اقتَربت مُسرعَة تَمُد خافض الحرارَة الي ايڤا دون ان تنتبِه الي ابنتها العَروس بِقُربها " اعطيه هذا الدواء ايڤا ، بسُرعة قبل ان تبدأ الحَفلة "
انتَشلت ايڤا الدواء مِنها و جَلست على الفِراش و في مُنتصف حُضنها جونسان الذي ابى شُربه و بدأ بِمُحاولة الفِرار و الانتِفاض ، زَفرت الكُبرى بِضيق قبل ان تَحشره وسط فَمه رُغمًا عَنه " انهُ لِمصلحتك ايها الصَغير "
تَركتهُ يقفُ على قَدميه يَبكي بقوَّة ، لقَد بدأ بالسَير مؤخرًا بِعُمر العشر شُهور لِذلك مَشا بعيدًا يجلسُ عند الزاويَة دلالَة غضبِه
" ساكلم تايهيونغ يأتي لاخذه ، انهُ رجل عليه البقاء مع الرِجال " تَحدثت ايڤا بانزِعاج تقترِب منهُ و تُمسكه من ذِراعه لِتجره خَلفها الي الخارِج ، زَفرت يون سون بِقلق مُتحدثَة " انها آثار الغيرة حتمًا ، حينما يغارُ الطفل يَمرض "
" يغارُ من والده ؟ هذا هُراء " تَحدثت سويون التي عادت للجُلوس مَكانِها تُكمل لَمساتِها الاخيرَة قبل قُدوم والِدها و اخذِها الي عريسِها ، التَفت والدتها نَحوها و اتسعَت عينيها انبهارًا بِطلة صغيرتِها الساحِرَة
" و..وااه ! " دَنت مِنها خُطوَتين تُبعد مُصففة الشَعر عَنها ، انخَفضت الي مُستواها تُمسك باكتافِها إذ كان احداهُما عارٍ و الثاني يَمتلكُ كمًا طويلاً يتبعُ الفُستان مليئًا باللؤلؤ الابيَض الصَغير ، يُضفي عَليه جَمالاً أخذًا
" تُحفَة فنيَة ! اُقسم انهُ يتوجَب عليهم وَضعكِ في المتحف كأجمل عَروسٍ شهدها التاريخ " هَمِست امها التي انخَفضت تُقبل رأسها تحتضِنها من الوراء ، اهدتها الصُغرى ابتِسامَة في مُنتهَى الرقَة مُجيبَة " اخذتُ جَمالي مِنكِ ، انسيتِ كَيف كنتِ في زفافُكِ ..؟ "
" فليحميكِ الرَب صغيرتي ، سَتأسرينَه ، انا واثقَة " هَمست لها في اُذنها ثُم ابتَعدت تُعطي المُصففَة مجالاً لِاتمام عَملها ، تَشبثت سويون بيد امها قَبل رحيلها و قالَت بقلق " ارجوكِ ابقيّ مع جونسان ، ان لم يهدأ اجلبيه اليّ "
" لا تَقلقي ساكونُ معه ، ستنخفضُ حرارته قريبًا " تَحدثت الكُبرى بَعدما مَسحت بِلُطفٍ على ظاهِر يد ابنتِها ثُمّ تَركتها حتى تُغادر و تَرى اواخِر التَجهيزات
وَجدت العَريس جاهِزًا لاستِقبال عَروسه ، لِذا اعَطت عِلمًا لِزوجها بالتَوجه الي ابنتِه و زَفِها لهُ ، ايڤا استَطاعت السيطرَة على أخيها بِصُعوبَة لَكنه رَكِح مُستجيبًا لها بعدَما عاند كَثيرًا ، اغراهُ تايهيونغ بالكَثير من الحَلوى التي ان علِمت عنها سويون لاحِقًا سَترميه في مُنتصف البَحر
طُرِق البابُ و بِمُجَرد ان فُتِح ، صُدِمت سويون بِهَيئة من دَخل اذ التَفت مُوسعَة عُيونِها حينَما رأت صَهباء الشَعر تَقلُ قُبالتها و بين ذِراعها ابنِها ذا العامِ و النِصف ، شَهقت بقوّة لتنطِق بصدمَة " ل..ليلان ..! "
لا تُصدِق ان بَعد كُل هذا الوَقت استَطاعت أن تراها من جَديد ، بهيئَة مُختلفَة و جَسد مَمشوق رياضيّ بَعيدًا عن بَطنها المُنتفخ ذاك ، ابتَسمت بِوسع ما إن انزلت ليلان ابنها و هَرولت ناحِيتها تُعانقها " صَغيرتي الجَميلة ، اجمَلُ عروس "
بادلتها سويون العِناق بِقوّة قبل ان تَبتعِد عَنها تُقوس شِفاهها بعُبوس " خلتُ انّي قد لا ارِاكِ للابد ! اختَفت اخباركِ نهائيًا يا فتاة "
ابتَسمت ليلان بلُطفٍ قبل ان تُعدل من طَرحةِ العَروسِ مُجيبَة بحاجبٍ مَرفوع " كيف لي أن اُفوت عُرسكِ ؟ انّهُ اسعد يوم في حَياتي لانكِ سَتُخلصيني من ضرتي ، اخيرًا سيتزَوج و يَترك زَوجي في حالِه ، انا و ابنه بالكادِ نَراه "
ضَحِكت سويون عَلى لَقب ضِرتي الذي لازالَت ليلان مُصرّة على مُناداة الوَزير بِه ، لامست الكُبرى خُصيلات الاصغرِ سنًا باعجابٍ اذ هَمست " انتِ سَتجعلينَه جامِحًا حَد الجحيم بِجَمالكِ هَذا ..! سيفقدُ صَوابه اُقسم لكِ ، هذه المرَة عليكِ ان تَنجحي في انجاب عَروس لجونغكوك الصغير "
اخفضَت بَصرِها الي ابنِها الذي طالَعته سويون مُنبهِرَة من وَسامته الآسِرَة ، انحَنت الي مُستواه و فَردت ذِراعيها لهُ فأتاها مُستجيبًا الي نِدائِها و عانَقها بلُطفٍ بالِغ ، قَبلت وَجنتهُ و قالَت بِسُرور " الهي ليلي ! ابنكِ وَسيم للغايَة ، خَطف وسامَة ابني ماهذا ! اشعُر بالغيرَة "
رَفعت عينيها الي الكُبرَى التي ضَحِكت و استَلمت ابنِها مِن بين يديها قائِلَة " لابدّ ان كُل من اسمه جونغكوك وَسيم " حَملت طِفلها ثُمّ هَمست تُتابع " عليّ الخُروج فوالدكِ قادم ، ليس عليّ تَعطيل اجراءات الزواج الجَميع ينتظر "
اومأت الصُغرى بَعدما استَقامت و اطرافُها ترتعِشُ من التَوتر ، عانَقتها الكُبرَى و رَفعت من مَعناوياتِها قبل ان تُغادِر مُسرعَة و تُتيح المَجال لِوالد سويون بالقُدومِ و اخذِها الي عَريسِها الذي يَنتظرُها بلهفَة بالغَة
تَوجه غابرييل الي حُجرة ابنتِه التي تقفُ في المُنتصف تحملُ باقة الورود البَيضاء تنتظِرُ قُدومه كَي تُؤخَذ بِطريق الحُب و السعادَة الي حَبيبُ قلبها و عَشيرِه ، مَعالم التوتُر بدأت ترتسِم على مَلامِحها المِثاليَة
شَعرِها كان مَلمومًا بأسرِه الي الاعلَى بِتسريحَة بسيطَة مع فُصوصٍ لؤلؤيَة تُزَّين مُقدمَة الرأس بالكامِل ، لم تكُن تلبسُ عِقدًا لِكون عُنق الفُستان مُرتفع ، حَرِص جُيون ان يكونُ مستورًا لاقصَى درجَة كيّ لا تَسقُط اي عينٍ مُعجبة على جَسد امرأتِه
استَمعت الي صَوت فتح الباب تَعلمُ ان من سيدخُل سيكونُ والِدها دون شَك ، اتسعَت ابتِسامتها الرَقيقة بِمُجرَّد ان رأته يَدخل ، تكادُ عيونِها تَدمع لِنظراتِه المُنبهرَة بِها تدَّل على اعجابِه التام بِطلتها
خَطى نَحوها يَفردُ ذراعيه حَتى يحتويها بِداخل صَدرِه مُتحدثًا باعجابٍ تام " ماشهدتُ عيناي يومًا ! اجملُ من هَكذا عَروس "
" ان سمعتك امي ، سَتغضب " هَمست لهُ بعدَما بادلتهُ الحُضن تَمسحُ بلطفٍ على ظهرِها ، قال مُبتسمًا بعدما ابتَعد عنها " امكِ مزاجها اصبَح سيئًا بِسبب الحَمل ، لا تُخبريها كي لا اُطرد من المنزِل "
ضَحِكت بخفَّة على قَولِه ، اكتَشفت والدتها انها حامل بتوأم مُنذ بِضعة ايامٍ قليلَة فَحسب ، ذلك يُزعجها و يُشعرها بالاحراج نظرًا لِكون ابن ابنتِها سيكونُ اكبر من ابناءِها ..!
على عَكِس غابرييل و سويون الذان كانا في قِمة سعادتِهما بالحَمل
انخَفض الاكبر لِتقبيل يَد طِفلته مُتحدِثًا " هيَّا ! عَريسكِ ينتظركِ بِفارغ الصَبر " جَعلها تُشابك يدها بِذراعه حَتى يزفِها بالقُرب مِنه
سعادتِها كانت لا تُقدر بِثمن
لَطالما تمنَّت ان يَزِفها والدها بيوم زواجِها الي عَريسها
كانت تَرى الحُلم مُستحيلاً ..! لَكن هاهو ذا ، هو بِنفسه من يأخُذها الي من اختارهُ قلبُها دون غَيرِه
كُل ما رأتهُ مُستحيلاً اصبَح حَقيقيًا تراهُ بوضوح امام عَسليتَيها المُضيئَة ، كأن احتِفالات قلبِها بالداخِل تعكسُ النور مِن عينيها لِتُخبر كُل حاضِرٍ مِقدار فَرحتِها
مَوقِع الحَفل كان مُكتَّظ بالحُضور الذين جاءوا عَبر مِرواحياتٍ و سُفن خاصَة نَقلتهم الي هُنا ، الجَميعُ تنتابهُ السَعادة يَشهدون لَحظات العَروسين بَعد ادراكِهم التامَة لِقصتهما التي اشتهَرت بعد الفيلم الذي نَشره جُيون
مِنهم طُلاب الجامِعَة الذي وُزعت عليهم بِطاقات العُرس مِن قبل سويون
الجَميع يَقفُ في انتِظار دُخول العَروس مع والِدها بِفارغ الصَبر ، لاسيما عَريسها الذي يقفُ في نهايَة المَمر الذي يُحاوطه مِياه البَحر من كُل النواحي
على احدى جانِبَيه قارِبَين من الخَشب البُنيّ ذا العيارِ الفَخم الثقيل صغيرِ الحَجم مَليئة بالورود الزَهريَة
يَلبسُ بِدلة بَيضاء اللَون تَعكسُ مِقدار سَعادتِه التي حتمًا تَخطت الحُدود
يُصفف شعرهُ الكُحليّ الذي خالطهُ بِضع خُصلاتٍ من الشَيب زادتهُ هَيبَة تُقوي حُضورِه المُثير للانظار بِشكلٍ جذَّاب للغايَة
بدا مِثاليًا ذا وقارٍ يُثبت وجودِه بِوقفتِه الرُجوليَة و عُيونِه الثاقِبَة تُطالِع مَدخل القاعَة ، ينتظرُ عَروسه بِلهفَةٍ بالِغَة ، يستطيعُ سَماع عُلو نَبضاتِ قَلبِه
ينتِظرُها بِكل شَوقٍ و شَغفٍ واضِح من عُيونِه التي اتسعَت بِمُجرَّد أن رأى ظِلُها يقترِب ، لَم يستطِع التَحكم في اضطِراب نَبضاتِه الصاخِبَة ما إن اتضَحت لهُ بالقُرب مِن والِدها تَسيرُ بابتِسامَة تَمنحها رَونق يُصعَب وَصفه
جَمالُها في عُيونِه تَعجز مِئات الرِوايات عَن سَردِه
كُل خُطوَة تَسلُكها نَحوه بِتلك الرِقَة و الانوثَة كانت تَخطِف دَقاتٍ لامُتناهيَة من قلبه الذي اهتاج و فَقد السيطرَة على نَفسِه كُليًا ، يَراها تُوزِع ابتِساماتٍ هادِئَة لِمن يُشاهدونِها بانبِهار
لَم تكُن تَقوا أن تَرفع عسليتَيها اليه ، تَشعُر أنَّها سَتذوبُ ان تَقابلت عُيونِهما ، صَعدت تِلك السلالم القليلَة المؤديَة الي مِنصَة زواجِهما حَيثُ يقفُ هو في آخِرها
بَعد الدَرج يَتواجد قَوسّ ضَخم داخِله مَمر طَويل زُجاجيّ يُري البَحر و المِياه اسفَله ، وَقفت لِثوانٍ قُرب أبيها تستجمعُ انفاسِها حتى تتمكَن من رؤية حَبيبها
لِهَول صَخب خافِقها يكادُ يُغمَى عَليها
حرارتها ارتفعَت و ذلك واضِح من احمِرار وَجنتيها
هَزَّت عَسليتيها بِبُطئ عن الأرض تَضعُها في مُتناول كُحليتيّ مالِك قلبِها ، بالكاد حافَظت على اتزانِها و هي تَراهُ بِكُل تلك المِثاليَة ينتصِبُ على بُعد امتارٍ بِهيبته و وَقارِه ، كاريزما لا مُتناهيَة
اتمَّت سيرِها نَحوه بِرفقة والِدها و عُيونها لا تُفصل عن خاصتِه المُغرمَة ، ودَّتهُ بابتِسامَة مُحِبَة ، تبسَمت لهُ بِشَكلٍ تُخِبره أنَّه النَصر
انتَصرت بِه و انتَصر بِها رُغمًا عن كُل من اراد فُراقهُما
انتَصر حُبهما عَلنًا ، امام كُل حاضِرٍ شَهِد فَوزِهما
وَصلت الي مُستواه و ازداد صَخب قَلب كِليهما ، جُيون بالكاد استَطاع ازاحَة كُحليتيه عَنها حتى يَنظُر الي والِدها الذي قال مُبتسِمًا " اُعطيك امانتكِ ، لن اوصيك عَليها فانت ادرَى كَيف تُعامل جَوهرتك جيدًا "
أبدًا لا يَستطيعُ توصيته عَلى ابنتِه
لانهُ متأكد تمامًا كَيف سَتُعامل مِن قِبله
الجَميع شاهِد على مُعاملته لَها ، بِمُنتهى الرِقَة و الحُب
قَدم يَد طِفلته الي جُيون الذي استَلمها بِهدوء يَشعُر بارتعاشِها الخَفيف بِمُجرد أن تَلامست يَداهُما ، وَجه كُحليتاه الي والِدها يَنحني لهُ كَجُزء من عاداتِهم إذ قال بِابتِسامَة مُفعمَة بالحَياة " شُكرًا ، لانك الجُرء المُساهم في وجود جَوهرتي ..! ساضعها بِداخل قَلبي و اوصِد عَليها جيدًا "
رَبت غابرييل على كَتِفه لِيقترِب يُقبل جَبين ابنتِه التي عانَقته بِحُب و شَكرته ، تراجَع خُطواتٍ الي الخَلف يَترُك العَروس تتبادَل نَظرات الغَزل مع عَريسها
تَشعُر ان كُل نَظرةٍ تقعُ عليها منهُ خَلفها مئات من كَلِمات الغَزل
عَيناهُ تستطيعُ التَغزل جيدًا ، فَمبالك شَفتاه ..؟
استَلم كِلتا يَديها بين خاصَتيه يَجعلها تُقابِله إذ احتَضن عُيونِها العَسليَة بِكُحليتيه يُطيل صَمتهُ يَمنح لنفسه فُرصَة تَقديس جَمالِها جيدًا ، يأذن لِعيونِه أن تَجوب تقاسيم وَجهِها زاويَة زاويَة دون كَلل او مَلل
" ألا يَتعبُ عُنقك ..؟ و هو يَحملُ كُل هذا الكم من الجَمال ..؟ " كان ذلك اول غَزلٍ يُلقيه على مَسامِعها حينَما انخَفض الي مُستوى اُذنِها ، احسّ بِحياءها حينَما منحتهُ ابتسامَة خجولَة تُناظِره باعجابٍ واضِح " لائمتك البِدلة ، جِدًا "
" عُيونِك لِهَولِ جَمالِها ، تَرى كُل مايُحيطها جَميل " اجابِها قائِلاً يتأملُها عن كَثب ، وَجد نَفسه عاجِز عَن ابعاد بَصرِه و لو لثانيَة ، بات يَخشى الرَمش لَرُبما يَفوته مَشهدِ يستحِق التأمُل لِساعاتٍ طَويلَة
" لا استطيعُ وَصفكِ ..! انا عاجِز ، لَرُبما انتقي كَلِماتٍ تَقعُ جُرمًا عَليكِ ، حُبًا بالرَب ، ارحميني " هَتف بعدَما عاد خُطوتَين يَجول بِعينيها على سائِر جَسدها ، يَرى ذلك الفُستان الذي خُلق لِتمنحهُ هي جَماله
" حتى الفُستان كان مُجرَّد قُماشٍ باهِت ..! اعطيتهِ الحَياة ، وَهبتيه شَرف ان يكون تُحفة فنيَّة تستحِق التَقدير " يُغازِلها و يَنجح في جَعلها تتلوَّى حَياءًا من حُروفِه ، تَشبثت بِيداه و اقتَربت منهُ خُطوَتين قائلَة " ليس امام الجَميع ، تغزل بي حينما نكونُ بِمفردنا "
" ساتغزلُ بكِ امام كُل نفرٍ خُلق ، اولستِ امرأتي ..؟ " تَحدث مُصغِّرًا عَيناه ، ابتَسم حينَما حاوط وَجنتها يَمسحُ عليها بابهامِه برقَة " اذًا انسَة تايلور ، انتِ مُستعدَة لأن تَكوني سيدَة جُيون ..؟ "
" مُستعدَة ، و بِقوَة " اجابتهُ مومئَة تَستجيب الي حماسِها الداخليّ الذي يَحثها على الصُراخ باعلَى صوتِها ، اعطَى جُيون اشارَة الي القَس بِمُباشرة طُقوس الزَواج إذ دَنى يُعطيهما دفتر التَعهد
مَسكهُ هو أولاً ، فَتحه و رَفع يدهُ اليُمنى يُقسم بِقوله
" انا جُيون جونغكوك ، اُقسم أنِّي ساُحب امرأتي ، سامنحُها الرِعايَة و الاهتِمام دون سابِق جَميل ، اُقسم انِّي ساُحسن عِشرتها و مُعاملتها لِتكون خَير زوجَة لي ، ساكونُ سَندها و الظَهر الذي تتكئ عليه في الشِدَة ، سأرعاها و اُقدم لَها كُل ماتحتاجه في سَبيل نُمو الحُب و الموَدة بيننا ، اُقسِم انَّ حُبها دَينّ عليّ حَتى مماتي "
تتأملهُ بِكُل حُب و هو يَتلوا ذَلك القَسم بِصوتٍ عالٍ يَسمِعه الجَميع ، كان هُمالك مايكروفون صَغير يتخفَّى وراء مَلابِسه كَي يصلُ صَوته لِكُل الحاضِرين
مَسكت هي الدَفتر بدلاً و بَدأت بانلاء قَسمها قائِلَة
" انا تايلور سويون ، اُقسم اني ساُحب رَجُلي ، سامنحهُ الرِعاية و الاهتِمام ، ساُحبه و اُحسن عِشرته و مُعاملته لِاكون خَير عَونٍ لهُ ، ساكونُ عِضده و سَنده في صِعابه ، اُقسم اني ساقدمُ له كُل ما يَحتاجهُ سُبل نموالحُب و المودَة بيننا ، اُقسم انّ حُبَّه دَين عليّ حَتى موعِد ابتِعاثُ روحي "
طَوت ذَلك الدَفتر تُقدِمه الي القَس الذي بَدأ بِتوجيه سُؤاله الي العَروس
- انسَة تايلور سويون ، هَل تَقبلين بِجُيون جونغكوك زَوجًا لكِ ..؟ في السراء و الضَراء ؟ لِيكون خَير شَريك تأمنينه روحكِ و جسدكِ ..؟
ذلك السُؤال الذي كانَت تنتظرهُ بِكُل لهفَة ، اجابَت دون أدنَى تردُد ، بِكُل شغفِ قالَت و ابتسامتِها تَشقُ طريقها الي شِفاهِها
- أقبل ، أقبل ، أقبل ، بل مُوافقَة جدًا
أخِر ماقالتهُ جَعل كُل حاضِر يَبتسِم و أولِهم جُيون الذي اتضَح صفّ اسنانِه لِوسع ابتِسامتِه على حَماسِها و سَعادتِها
- جُيون جونغكوك ، هَل تَقبل الزَواج مِن تايلور سويون ، لِتكون خَير زوجَة لك ، في السَراء و الضَراء ؟
شدَّ على يَديها يتشبَّث بها بقوَّة و هو يُنصِت الي سُؤال القَس بِكامِل حواسِه ، اجاب بِحماسٍ لا يَقِل عن خاصَة محبوبتِه بِقوله
- أقبل ، أقبل ، أقبل ، بَل مُوافِق جِدًا جِدًا
ابتَسمت سويون بِوسع لِتُفلت يَداه و تَبدأ بالتَصفيق لِفرط حماسِها ، كان موقِفًا مُفاجِئًا للجَميع ، ان تُصفق عَروس لنفسها ..!
لَكنها فعلت
شارَكها جُيون التَصفيق كَذلك قَبل ان يُعلن زواجِهما حتَّى
- تفضلا وَقِعا هُنا
منحهُما القَس دفتر الزواج حَتى يوقِعا مَكان اسمِهما ، مَسكت سويون القَلم أولاً و بَدأت بالتوقيع بِسعادَة لم تَعهدها من قبل
مَدت لهُ القَلم تُتيح لهُ فرصته ، اخذهُ و وَقع بالقُرب من اسمه لِيرسم قلب صَغير بِجانب توقيعه حَيثُ هَمس " كُل توقيع يخصكِ سيُرافقه الحُب ! "
قام القَس بِالختَم على الدفتر مُتحدِثًا " رسميًا ، اُعلِنكُما زوجًا و زَوجة ، مُبارك "
حَدقت في عُيونِه تَصدِمه باندفاعِها لِمُعانقتِه ، شدَّت عَليه بقوَّة لِيرتفع جَسدُها عن الارض بِمُجرد ان لَف ذِراعيه حولها يَحملها و يلتُّف بها بِضع مَرات
استَمع كليهما الي اصوات التَصفيق و الصَفير العالٍ حَولهما مِن قبل الحُضور ، في تِلك اللحظَة بدات الالعاب الناريَة تُزين السَماء تُضيف ضجَّة عالٍ لعلَّها تتستَّر على صَخب قلبيهِما
اخَفضها ارضًا بعدَما لَف بِها بِضع لفَّات ، نَظر بِعُيونها الدامعَة و هي تستلِم دَفتر زواجِهما من القَس ، تُناظِره بِلهفَة بالغَة " اهذا حَقيقيّ ..؟ "
" جِدًا ! انتِ مُلكي " همس باذِنها لِيُمسك بيدِها التي تَحمل الدفتر و يَرفعها عاليًا يُري الجَميع انهُما انتَصرا ، احاط خَصرِها بِذراعه و حَملها عاليًا لِتلوح بالكُتيب الصَغير في السَماء بِسعادَة مُتحدثَة بصوتٍ عالٍ " لقَد نِلتهُ و نالني ، نحنُ لِبعض "
تَرى اوجه الجَميع تَشِّع بالسَعادة ، والديها بِرفقة ايڤا و زوجِها ، اُختها ريڤين و جيمين الذي جاء من اليابان لِحُضور حَفل الزِفاف بعدما سافر مع حَبيبته
لاسيما جيكوب و ليلان يُحدِقان بِهما بِسعادَة عارِمَة و هُما يُصفقانِ لَهُما بِفرحَةٍ شدَيدَة ، مع ابنِهما الذي كان يَتشاجر مع جونسان
كُل حاضِر كان سَعيد بِانتصارِهما و فرحتِهما ببعضِهما
اخَفضها على اقدامِها يُديرها نَحوه ، التَقط عسليتَيها بِكُحليتيه و قال " سيدة جُيون ، الم تَنسي شَيئًا ..؟ "
" هِمم ؟ " نَظرت في عينيه مُستفهمَة ، ابتلعَت ريقِها حينَما امسَك ذقنِها باصابِعه مُتجاهلاً تحذيراتِها بتحديقاتِها ينخفِضُ لمنحها قُبلَة مليئة بالحُب و الشَغف ، تكادُ تنهارُ من الخَجل حينَما تعالت اصواتُ الصُراخ و الضَجيج حَىلِهما إذ راحَت تَقرُصه من ذراعَيه
ابتَعد عَنها بَعد ثوانٍ عدَّة يَرى أثر خَجلها على خُدودها المُشتعلَة ، حاوَط خَصرِها و قَربها منهُ هامِسًا " نلتِ مُرادكِ الذي سعيتُ لهُ ، بأن تَكوني السيدَة جُيون ..! هل انتِ راضيَة ..؟ "
ناظَرت عَيناهُ بعدَما وَضعت اصابِعها على ياقتِه تتحسسُ ثَوبه بِلُطف " كنتُ اسعَى لاكون السيدَة جُيون صَحيح ..! دون ان اُدرك انهُ كُتب عليّ مُنذ ولادتي ، سواء أسعيتُ ام لم اسعَى ، كنت لِتكون لي مُنذ البدايَة "
" ذَلك صَحيح ، كنتُ لاجدكِ بطريقَة او باخرُها لاقع وَسط شِباكُكِ ..! " همِس يُلامِس وسطها باصابِعه بِرفقٍ بينَما يتأمل عُيونِها العسليَة فأكمَل
- وَفيتُ بوعودي لكِ أجمَع
- مَنحتُكِ اسمي ، حُبي ، رِعايتي و أهمُها
- مَنحتُكِ النهايَة السعيدَة التي تَمنيتيها ، انتِ سعيدَة يا امرأتي ..؟
كَلِمَة سَعيدة تِلك ، لا تصف جُزءًا من شُعورِها حتَّى
حَركت رأسِها اجابًا و هَمِست
- سَعيدة يارُجلي ، سعيدَة حَد الرِضا
أن يَرضى الانسان بِما قُسم لهُ ، تِلك هي أخِر شوطٍ من اشواطِ السَعادَة
الصَبرُ على الابتِلاء ، الثقَة و الايمان ، هُم مفاتيح العِلاقَة الناجِحَة
سَواء أكانت حُب ، ام صَداقَة
على المَرء أن يؤمن بِمن يُحبه
في قِصَة رَوينا فيها ابتلاءاتٍ عُظمَى حُلَّت بالصَبر و الأيمان
الاله عادِل ، مَهما اشتدَّت ابتلاءتُك ، سَتُمنح من يُهونها عَليك
لِكُل مُشكلَة حَل ، هُنالك ثغراتٍ تفضحُ كُل سِر مَهما بدا مُحكمًا
سَردنا قِصَة بَطلّ كُل اصابِع الاتهام نُسبت ضِده ، لاسيما اصابِعه هو
كان مُذهَب العقل شَديد الثقَة في ذَويه ، التَدابير الالهيَة مَنحتهُ طِفلَة ساهَمت في ابصارِه النور ، على الرُغم من بَراعَة مُتهِموه ، لَكن بالحُب و العَزيمَة ، نال مُرادَه و أذِن الخالِق لِقلبه ان يُبصر النور
خِتامًا ، الحَبيب التَقى بِحَبيبِه
كُل مَظلومٍ نال مُرادَه و انتِصارِه
و بالنِسبَة اليه ، هي أعظمُ انتِصاراتِه
{ الــنِـهَــايَــة }
•••
21209 ✔️
ها انا ذا اراكُم تَهبِطون هُنا لديّ بَعد تحليق دام سِتون تشابتر ..!
ها يارِفاق طمنوني ؟ وصلتم سالمين ..؟
كَيف كانت الرِحلَة ..؟
صحيح كانت هُنالك مَطَّبات هوائيَة تسببت في سُقوط قلوبنا ، لكننا وصلنا بِخير الحمدلله
الحمدلله الذي اعانني بِفضله ان اُتم هذه الرواية على خَير
انا اولّ من تَحزن لِمُفارقة الرِوايَة
صِدقًا قلبي ينفطِر ، عِشنا تفاصيلها لاشهرٍ عديدَة قُرابة الثمانيَة اشهُر
من منكم لازال يُتابعها منذ اول تشابتر ..؟
القُراء الاوفياء اين انتم ..؟
بِخُصوص التشابتر ..؟
صحيح بدايتهُ كانت مؤلمة ، لكني رغبتُ ان اضيف نقطَة مُهمَة
اردتُ ايڤا هي من تُنهي حياة جونغ ووك ، لانهُ انجبها غدرًا باخيه
كما قُلت في الجُملة
{ الابنة التي انجبها لتدمير حياة اخيه ، هي من انهت حَياته }
صحيح انها عانت و تعذَّبت لكنها اصبحت بخير حمدًا للرب
بشأن المُتبرِع ..
حينما رغبتُ قتل غابرييل
رغبته ان يكونُ المُتبرع لايڤا كَرد جَميل لامِها
لكنكم اردتم ان يَعيش ..
لِذلك وجدنا متبرع اخر الحمدلله 🥹
اما بخصوص حَملها ، هي تستطيعُ الانجاب الان اطمئنوا
كما تعلمون هي طالبَة طب لِذا ستؤجل الامر الي حين تخرُجها
ايڤا سعيدة مع تايهيونغ يارِفاق ، هي نالت الزَوج الذي سيرعاها بكل حُب لذلك لا تقلقوا بشأنها ، اعلم انكم تُحبونها جدًا
اما حكاية ايما ..؟
اردتُ سرد القليل عنها في البدايَة ، هي اكثر نفر مظلوم حَقيقَة
خطرت على بالي فكرَة
ان اكتُب عن ماضي جُيون باكملِه يشملُ ذلك بداية قصته مع ايما و انجذابه لَها ، كذلك بدأ خُطة مارك و تخطيطه مع جونغ ووك و هانجون و يونمي لحظة لقاءها بِجونغكوك و بداية مشاعرها نحوه
قِصة غابرييل مع يون سون و حُبهما
لحظة لقاء يون سون بجيون حينما انقذها و مُساعدته لسويون و تربيته لها
اشعُر ان الماضي لِوحده له قصَّة طويلَة
اعلموني ان رغبتم ان انفذ هذه الفكرة
ان كنتم متحمسين لها
ام ان كنتم لا
فستكون من نصيب القُراء الورقيين لاسير 😂
اُريد رأيكم الصَريح في الرِوايَة هُنا ..
دامها الخاتمَة ، لا تَبخل عليّ برأيك
اُقسم اني اكونُ في قمة سعادتي و انا اقرأ تعليقاتِكم الطويلَة
تلك هي المُفضلَة لديّ
🪐 بِخُصوص زواجِهما ..؟
احببتموه ..؟
ساشتاقُ جدًا لهُما ، حرفيًا استمتعتُ بقدر عالٍ و انا اكتب عن حُبهما 😭♥️
🪐 اكثر جُزءية نالت اعجابكم ..؟
لا تنسوا التعليق بين الاسطر ، اُحب قراءة ردود فعلكم على ما اكتُب ، اوصلوا اخر تشابتر لاكبر عدد من التعليقات رجاءًا ، ساكونُ في قمة سعادتي
بالنسبَة لقرار حذف الروايَة
لن تُحذف الان ، لديكم الوقت الكافي لاعادة قراءتها
و اكيد قبل ارشفتها ساعطيكم العِلم اولاً
اُحبكم ، اُحبكم بصدق و انتظركم بِرحلة جديدة في عروس الميراث
اُريدكم هُناك لنحلق في سماء مليئة بالمُغامرات الجَديدة
دُمتم على خير و عافيَة
و ختامًا ، الروايَة وصلت الي ماهي عليه بِسببكم انتُم
انتُم سبب نجاحِها ، كُل الشُكر و الحُب لكم
هذه روايتِنا جميعًا ، ليست روايتي وَحدي
تخُصنا كُلنا
اترك اثرًا لطيفًا قبل حَذفك للرواية من مكتبتك عزيزي القارِئ
هل نقولُ الوداع ..؟
ساشتاقُ لكلمة ، اراكم في التشابتر القادم
لكنها النهاية للاسف لِذا
ابطال هازبند يودعونَكم
وداعًا ♥️
.
.
.
فُستانها الذي صَمَّهُ جُيون ♥️
بعض الصُور لِموقع زواجِهما ♥️
جونسان المُشاغِب
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top