Husband | 59
Husband || زَوجي
اهلاً بِكُم في الجُزء التاسِع و الخَمسون 🤍
تشابتر واحِد يَفصلنا على النِهاية ..!
انتُم مُستعدون لاواخِر رِوايَة الزَوج ..؟
التشابتر يَحتوي على 18 الاف كلمَة
اي ضِعف مُضاعف من التشابتر العادي لِذا ساضعُ شروطًا اتمنَى ان توفوها احترامًا لتعبي و وَقتي الذي اضعهُ للكتابَة لكم 🤍
التشابتر طويل جِدًا بالفِعل
لديكم فقرات كثيرة تعلقون بها و تبدون الحُب للروايَة و لي
نحن في لحظاتنا الاخيرَة مع سويون و جُيون لِذا الشخصيات بحاجَة الي حُبكم ، دعونا نودعهم بِحُب 🫀
لِنَبدأ 🪐
•••
سَمِع صَوت بُكاء طِفلٍ هو أدرَك انَّه يعودُ لِمن خُلق مِن نِطافِه
تَزايدَت دقاتُ قلبِه و عَيناه قَد اتسعَت يَسمحُ للارتباك ان يَشقّ طَريقه اليه
سُرعان ما وَطئت قَدماهُ حُجرة الولادَة حيثُ هَرع تِجاه امرأته التي تلفِظ انفاسِها بِصعوبَة بعد إذ نَزل طِفلها دون إتعابِها ، لَكِّن مَسافة الطريق هي مَن تَسببت في اجهادِها
وَقعت عيناهُ على الصَغير الذي انتَشلتهُ المُمرضَة تقومُ بِلفه بالغِطاء و مَسح الدِماء عَنهُ و هو يَبكي بشدَّة ، لم يَكُن مُدركًا أن تلك القِطعة صغيرة الحَجم تُنسب لهُ و لِامرأته ..!
انهُ ثَمرة ذَلِك الحُب العَميق الذي يَحملهُ كُل مِنهما للأخَر
جَفل ما إن مَسكت سويون بِمعصمه تَضغطُ عليه و هي تَجمعُ انفاسِها بِصُعوبَة " ا..ابن..ابني ، هل هو بِ..بخير ؟ " سألت و بالكاد تَستطيع فَتح عُيونِها و النَظر نحو الصَغير الذي يَقومون بِتنظيفِه
" اعتق..اعتقد انهُ بخير " هَتف مُبتلعًا ريقِه يُناظر المُمرضة و هي تقترِب حتى تَضع الصغير فوق صَدر اُمه ، خالَجتهُ مَشاعِر لم يَتمكَّن مِن وَصفها حتَّى ، بقى مَبهورًا يَرى طِفله مُتموضِع فوق امرأته فَسكُن بُكاءه و هَدأت انفاسِه المُهتاجَة تمامًا
اخفَضت سويون رأسِها الي صغيرِها الذي بِمُجرَّد ان احسَّ بِقُربها هدأ و اطمئَّن ، رؤيتِه و هو بذلك القُرب مِنها جَعلها تَبكي فَرحًا و هي تهتِف بِهَمس " كَما لو انك خَرجت مِن رَحمي لِتسكُن في قَلبي يا صغيري "
رَفعت عسليتَيها المُنهكَة تِجاه حَبيبها المُنصدِم امامَها يُشاهِدهما بِعينين مُتسعَتين ، لَم تستطِع مَنع نَفسها من الضَحك الخافِت و هي تَمُد بيدِها نَحوه هامِسَة " لَقد جاءَت ثَمرتنا الي الحَياة ..! "
خَطى خُطوتَين مِنها يُقلِّص المسافَة بينهُما و هو يَنحني بِجذعه لِرؤية مَلامح الصَغير ، لَم يُدرك كَيف خَرجت مِنهُ تلك الجُملة التي جَعلتها تضَحك رُغم الألم الذي تَشعُر بِه " يا سويون ، لقد ورِث ذات الانف الكَبير منِّي "
كان مَبهورًا و هو بذلك القُرب من الصَغير تَطرأ على ذاكرتِه ذات المَشهد قبل اعوامٍ طويلَة حينَما ساعَد في تَوليد والِدته
مَد اصبِعه السبابَة يَودُّ لَمس القليل مِن الطِفل مُغمض العَينين و تَفقده لَكنَّ كيانه ارتَجف و نَفى هامسًا " ليس علينا لمسهُ بعد ، انهُ صغير وُلد قبل وقته "
اقتَربت المُمرضَة حتى تأخذ الصَغير لَكِن الأم لَفت ذِراعها حَول طِفلها نافيَة بتعب " دَعيه قليل بَعد ، لا تأخذيه ، انا اشعُر بانفاسِه " هَمست تتحدث بِلُغتها الكوريَة التي لم تتمكَّن الاخرى من فَهمها
تدخَل جُيون بِقوله مُترجمًا " دَعيه قليلاً ، لازال بِحاجَة حُضن امه "
عاود وَضع عَينيه السَوداء على كَيانِ طِفله الماكِث في حُضن اُمِه يُحاوِل ادراك المَوقف ، يُحاول أن يتقبَّل انَّهُ خُلِق منهُ و مِنها ..!
لازال غَير مُدركٍ انَّ حَياتهُ انجبَت لهُ حَياة
هي حَياته
تَلاقت عُيونِهما تُناظره بِكُل هيامٍ على الرُغم من التَعب الذي يَتمكَّن مِنها بالكامِل ، تَراهُ مُنبهِر مُفرَّق الشِفاه و عيناهُ لا تُفارِق طِفلهما
بَدا مُغيبًا لِدرجَة تُرغِمه على البُكاء إن ادرَك واقِعه
لَطالما حَلُم بهذه اللحظة لِسنواتٍ طويلَة
تمنَّى أن يَكون لهُ طِفل يَخُّصه
و انثاهُ حَققت لهُ مُبتغاه
حوَّل مُقلَتيه اليها يَراها تُطالِعه و الدُموع تُعمي بَصيرتِها ، انَخفض نَحوها مُستعِدًا لِمنحها جُلَّ مَشاعِره بِتلك القُبلَة التي أنستها كامِل اوجاعِها ، فَوق جَبينِها أهداها فَوج مِن الحُب كان مُختلِفًا عن سابِقه
قُبلَة تَحمِل من الإمتنان أعلاه ، مَشاعِره المختلطَة تأسِر قَلبه ، لَم يَعُد يستطيعُ السيطرَة على حُروفه التي خَرجت مِن حُنجرته مُعبِرًا بِصوتٍ خافِت " لِفرط سعادَتي ، أشعُر اني نَسيتُ كُل مُر ذُقته ، اشعُر اني وُلدت هُنا معه مِن جَديد "
احتَضن عُيونها العَسلية و يَداهُ تَمسحُ على شَعرِها بِحنيَّة تأسرُ كَيانِها " ان قلتُ لكِ من هُنا لاعوامٍ اني مُمتن لكِ لانكِ هُنا ، لن اوفيكِ حَقكِ ، انتِ استوليتِ عليّ بالكامِل ، جئتِ و جَلبتِ نِصفًا منكِ لُِيشارككِ في بِضع من مِساحة حُبكِ بِداخلي ، اُحبكِ سويون ، اُحبُكِ ياكُلَّ كُلِّي "
كُلَّ كُلي تِلك تجلبُ بِنهايتِها
مَع كُل لمسَة تفتعلهُ اصابِعه على رأسِها تُعطيها شُعور مِن الآمان يُخدِّر حواسِها تمامًا
نَظرات العِشق التي يَتبادلانِها في الحُضور الأول لطِفلهما الذي نَتج جرَّاء مَشاعِر يَعجز الحُب عن احتواءِها لِهولِ ضخماتِها
كُل مِنهما يَبتسِمُ لشَريكِه تَعبيرًا عن إمتنانِه و حُبِه للثاني
يَراها كأعظمُ هَدية رُبانيَة جاءَت لِتكون مَلاذًا لهُ
و تَراهُ مِرهمًا ساهَم في مَسح نُدوبِها لِيصنع مكان كُل خُدشٍ مَنبتًا للزُهورِ العَطِرَة
الزُهور التي نَمت في كامِل صَدرِها فأحيَت بُستانًا حَرقتهُ بشاعَة الزَمن
•••
نُقِل الطِفل الي قِسم عِنايَة الأطفال تَحت حِراسَة مُشددَة خوفًا من التَعرض لهُ بالأذيَة لِكونه أبن جُيون الذي راح كافَة الشَعب يَكرهه
في حين أن سويون نُقِلَت الي غُرفَة العِنايَة المُركزَة لِمنحها العلاج الذي يُلائِم حالتِها كَونها انجَبت في السابِع و خَسرت الكَثير من الدِماء بَعد ان حَدث لها نَزيف حاد
كان جُيون على صِدد التَوجه الي الحَضانة لالقاء نَظرة على طِفله ، مَشاعِر الحُب التي في حَوزتِه في الوَقت الراهِن تُظاهي الكَثير
تَوقف عن السَير حينَما ادرَك شيئًا ، تَلاشت ابتِسامته مُميلاً رأسه باستِغراب " اين ايڤا و تايهيونغ ..؟ والدا سويون ايضًا لم يأتيا ..؟ "
اجابَة سُؤاله وَصلتهُ بِمُجرَّد ان لَمح يون سون تَركُض نَحوه و الدُموع تُغرق وَجهها كَالدِماء التي عَلى مَلابِسها ، صُعِق مُنذهِلاً يَراها تُمسك بِذراعه و هي تَنطِق مُترجيَة " ار..ارجوك ساع..ساعد..ساعده "
لَم يكُن يَفهم ما تَقوله و هي تَرتجِف بالكامِل ، حَتى حُروفها كانَت تخرُج مُرتعشَة كَجسدِها و يَديها ، اكمَلت بينَما تُشير وراءِها " غا..غابر..غابرييل "
" مابِه ..؟ مالذي يَحدُث ..؟ " استَدرك الوَضع مُتسائِلاً و عَيناهُ على تورِّم عُيونِها العسليَة و هي تَبكي بِحرقَة " لقد تلق..تلقى طلقتَين ، واح..واحدة على ك..كتف..كتفه و الثاني..الثانية على ص..صد..صدره "
وسَّع عَينيه مُنصدِمًا مِما سَمِعه و تأكد حَديثها ما إن رأى رِجال الاسعاف يَجُّرون سَرير مُتحرك الي قسم الطوارِئ و عَليه جَسد والد حَبيبته
كان بِجواره سَرير آخر عَليه جُثة يونمي التي فارَقت الحَياة بِمُجرَّد ان اصابَتها طلقَة ناريَة في مُنتصف جَبهتها مِن قبل الشُرطة البريطانيَة
رأى دُخول ابنتِه برفقة زَوجها و كِليهما يُواسيان جيمين الذي مُنهار مِن وفاة والِدته فَرُغم مَساوِءها تظل اُمه التي مَنحته حَياة كريمَة و اعتَنت بِه كَما يَنبغي
قَد لا تكون امرأة جيدَّة
لَكنها كانَت اُم صالِحَة لابنِها الذي عَوضتهُ عن غياب والِده
تَشبثت يون سون بِذراعه و هي تَبكي بِوَجع " ساع..ساعده ، ارج..ارجوك " مِن وسط شَهقاتها المُتواصلَة قالَت و عُيونها على جَسد حبيبها المَرمي بالرَصاص
تَدراك جُيون الوَضع و سُرعان ما قام بالرَكض تِجاه سَرير غابرييل يَدفع بالمُمرضون عَن جَسده الخالٍ من الروح
" مالذي حَدث لهُ ..؟ " سأل عن التَشخيص الاوليّ و يَدهُ تطوعت تلقائيًا لِتفقد نَبضه عِند عُنقه ، اتسعَ جُحريه بِمُجرَّد ان ادرَك أن قلبه قَد توقف عن العَمل بالفِعل
" قَلبه توقف عن النَبض مُنذ اربعون دَقيقة جرَّاء اطلاق ناريّ بالقُرب من القفص الصَدريّ " رَدف طبيب الطوارئ يُراقب التَقرير الذي اعدَّه المُسعِفون
" هل فَعلتم له انعاش رئوي ..؟ " سأل بينَما يقومُ بِوضع يَداهُ على صَدرِه يضغطُ بقوَّة لعلَّ قلبه يَستجيب " فَعلنا لَكن ما مِن جَدوى ، شُخِّص كحالة وَفاة ثانِيَة لِهذا اليَوم " اجابَه الآخَر مُتسببًا في انهيار يون سون التي سَقطت على رُكبتَيها تَبكي بِحرقَة
ايڤا التي كانَت بِجوار جيمين تُخفف عنهُ و هو يَترجَى المُمرضَة بِبُكاء " دع..دعيني اراها ، ارج..ارجوك ، اريد توديعها لاخ..لاخر مرَّة " هَتف بغصَّة يُحاول رؤية امه التي يَحجبونها عَنهُ بالستار
لَن يكونُ مَشهدها و هي برأسِ مُخترق بِطلقة ناريَة مُحبب لابنِها الذي صَرخ بِبُكاء مُنفعلاً " ان..انها امي و اللعنَة ، دعيني اراها اخبرتكِ "
حاوَل دَفع المُمرضَة لولا تايهيونغ الذي جَذبه من ذراعه الي الخَلف و ثَبته على الجدار وراءه يُحدق به بحدَّة " تمالك نَفسك يارجُل ! الا ترى كَيف تصيحُ كالنِساء ..؟ اهدأ سَتراها لاحِقًا "
حَدق بِه جيمين من وَسط دُموعِه صارِخًا بِه " اتظُن اني بِلا قلب مثلك ..؟ اخبرتك انها اُمي ، امي التي كُلكم تَكرهونها لانها أذت الكَثير ، لك..لكنها لم يسبِق لها اذيتي " مَسك الاكبر سِنًا من ياقته يَرُّجه بقوَّة " مَهما كانَت خطاياها لا تُغتفَر ، لَكن قلبي يَحترقُ عَليها "
جَذبه تايهيونغ اليه يقومُ بِعناقه و التَخفيف عنه مُربتًا على ظَهرِه " انا اسِف ، بامكانكِ افراغ كُل حُزنك ، مَعك حَق الام مُقدسَة بِعين ابنها مَهما بَلغت ذنوبِها " هَمس مُستاءًا لِغضبِه عَليه
تَنهدت ايڤا بِحُزن تُحدِق في يون سون التي رَكعت على رُكبتيها تَبكي بشدَّة ، رَكضت لَها مُنخفضَة الي مُستواها " خالتي ، ارجوكِ اهدئي " احاطَت اكتافِها تُحاوِل ايقافِها و مُسنادَة مَن اجشهَت باكيَة و هي تُناظر حَبيبها الذي يُحاول جُيون انعاشه رُغما عن الاطباء الذين يُجهزون تَقرير وَفاته
احتَضنت ايڤا رأس الكُبرى الي صَدرِها تَمسحُ على شَعرِها مُواسيَة و دُموعها قد تَسربت رُغمًا عَنها " ارجوكِ ، تماسكِ لاجلكِ و اجل سويون "
" ان..انا ساموتُ م..من بع..بعده " هَتفت يون سون التي ارتعَشت ضد جَسد ايڤا مُتمسكَة بِجَسد الصُغرى ، اكمَلت من وسط سَرب دُموعها المُتواصِل " ظ..ظننتُ ان..اني استطيعُ ان اعي..اعيش بِخَي..بخير بدونِه ، اتض..اتضح ان فكر..فكرَة وجوده على هذا الكَوك..الكوكب وحدها مُطمئنَة "
تُشير ان بقاءهُ حَيًا يَزرعُ بها أمل لقاءِهما و لَو بَعد حين
لَكِن وَفاته يُميت كُل ذرَة حياة بِداخلها
" هِشش ، ابي سيُنقذه " هَتفت ايڤا التي تُناظر والِدها و هو يَضغط بِكامِل قِواه على صَدر غابرييل حتَّى تَصبب جَبينه عَرقًا " هيَّا غابرييل ، انهُ ليس الوَقت الذي عليك المَوت بِه اتسمع ..؟ " هَتف مُهسهسًا مُستمِرًا بانعاشِه رئويًا مُتجاهِلاً مُحاولات الاطباء بِابعادِه
" استموت باليَوم الذي جاء بِه حَفيدك ..؟ الا تُريد رؤيته و اللعب مَعه ..؟ سويون تنتظِرك بالداخِل ، هيَّا تجاوب مَعي " صاح مُنفعلاً و عَقله لا يَستطيع تخيَّل رد فِعل حَبيبته ان وَردها خَبر وفاة والِدها بيوم ولادتِها
لَن يَكون ردّ فِعلها مُبشِّرًا البتَّة
قلبُها الصَغير لن يَحتمل الصَدمة ، ليسَ بعد ان وَجدت والِدها بعد اعوامٍ من البَحث ، ليسَ بعد أن اعطاها كامِل الحُب و الرعايَة و سانَدها لِيُريها ان وجوده قُربها ليسَ ألا سَند و ظَهر تتكئ عَليه
ان غاب عن الحَياة مِمن سَيطلبُ يَدها ..؟
مَن سيزفها اليه بِيوم زفافِهما ..؟
" اب..ابي " صَدح ذاك الصَوت المُرتعِش مِن قبل الشابَة ذات عُمر الثَلاثين ، انها ريڤين التي وَردها خبر اصابَة والدها بعدَما تعذرت عن حُضور المُحاكمَة لِمرض طِفلها و بقاءها لِرعايته في الفُندق
قَد سافَرت الي بريطانيا لِلاهتِمام باعمال جُيون من شَركته الاساسيَة و تَحويل الاموال لِحساب حَبيبته كَما طلب مِنها لكون البنك سيُصادر اموالِه بعد القاء القَبض عَليه
ظلَّت حتَّى تَحضر مُحاكمتهُ ألا انَّ طِفلها مَرض فجاة و بقت بِجواره تَمنحه الرعايَة ، لَكِن الخَبر الذي تلقتهُ من التلفاز شلَّ اطرافِها و هي تُناظر نشرات الاخبار تُصوِّر جَسد والدها المليئ بالدِماء يُنقل بداخل سيارات الاسعاف
حَملت طِفلها و جاءَت ركضًا حَتى دَخلت الي الطوارئ تُناظر الجَميع في حالَة انهيار و اكثرهُم يون سون التي تَبكي بِدون تَوقف كَحال طِفلها المَريض
رَكضت في اتجاه والِدها كَي تَراه و قَلبها يَحترِق ألمًا ، بَعد ان بدأت عِلاقتها تتحسن مَعهُ سيُفارِقها ..؟
" اب..ابي ، دَعوني اراه " صَرخت بغضَّة بعدما مَنعها الطاقم الطبيّ من تجاوز موقع وجود جَسدِه المليئ بالدِماء " ارجوكِ سيدتي ، لا يُمكنك رؤيته الآن " هتفت المُمرضَة التي شكلََت حاجزًا بينها و بين والِدها
اخَفضت ريڤين ابنِها الذي يَبكي بصخَب على الأرض و حاله لا يقلُّ عَن حالها ، هي مُنهارة اكثَر مِنه " اب..ابي ، هل تَسمعني ..؟ لِما تُريد تَركي بعد ان وَجدتك مُجددًا ؟ لِما انت انانيّ بِهذا الشًكل ،.؟ لِما كلما اقتربَت رغبت بالابتعاد ؟ " صَرخت بِوجع تُخاطِب جسده الخالي من الحَياة
ايڤا نَظرت نحو الطِفل الذي يَبكي يكادُ يُصاب بنوبَة صَرع ، لَم تكُن تعرف من تُواسي ، الحَبيبة ، الابنَة ام الحَفيد ..؟
تَركت يون سون و هَرعت الي الصَغير تَحمله و تُهدأ من رَوعِه لعلَّه يسكُن قليلاً " هششش يا روحي اهدأ ، هششش " طبطبًت على الطِفل الذي يُشاهد امه تَبكي بحرقَة فيزداد بُكاءه و هو يُحاول ان يقفز لها و يحضنها
لَكِن امه لَم تكًن تستطيع مُواساة نَفسها لِتُواسيه هو
كانَت بالكاد تَستطيع الوقوف على أقدامِها المُرتعشَة و هي تَخطوا نحو يون سون المرميَة على اراضي المُستشفَى تُناظر الفَراغ بِصَمت
بَعد نَوبة من البُكاء اُصيبَت بِحالة مِن الصَدمة و عدمِ ادراك
سَقطت ريڤين بالقُرب منها تقومُ بامساك اكتافِها و رجِّها مُتحدثَة بِبُكاء " الستِ حبيبته ..؟ اليس يُحبك اكثر من ايّ شئ ..؟ تدخلي و اجعليه يعودُ الي الحياة "
لَم تتجاوَب الكُبرى مَعها ، عُيونِها على ارضيَة المُستشفَى سامحة لِجسدها بالتَجاوب مَن رجَّات ريڤين التي تَبكي بحرقَة " لا ار..اريد ان اعود يتيم..يتيمة مُجددًا ، لي..ليس بعد ان اصب..اصبح لي عائلَة "
رَفعت يون سون عَينيها اليها تُناظِرها بِهدوء ، قامَت بجذبها اليها و احتضانِها مُربتَة على ظَهرِها بِلُطف " هشش ، هو لَن يَموت ، لقد وَعدني انهُ يمل منِّي حتى اوافق على الزَواج منه ، لِذلك نحن سَنتزوج " هَمست لها
" ناولوني الصاعق الكهربائيّ " صاح جُيون الذي مَد يدهُ نَحو الطاقم الطبيّ ، حَدق بِه الطبيب و قال ساخِرًا " لقد مرَّت خمسون دَقيقة بالفِعل ، هو مات ! لن يَنفعل ذلك "
ابتَلع ريقِه من النَظرة المُميتَة التي تلقاها من جُيون حَيثُ سُرعان ما قام بِتقديم الصاعق اليه ، قام جُيون بِتوجيه تلك الصَدمات الكهرباءية على صَدر غابرييل الذي انتَفض جَسده عاليًا مع كُل صعقَة يتلقاها
عاوَد تِكرار تِلك الصعقات بِضعَة مراتٍ يُشاهِد جَسده الذي يأبى التَجاوب معهُ ، قضم شَفتاه بِغيضٍ و دواخله تَشتعِل " اللعنَة تجاوَب معي ، اين سَتذهب و تتركنا خَلفك ..؟ " صَرخ بِقوَّة يُكرر صَدمه بالجِهاز الكهربائي
" سَجلي ساعَة الوفاة هي " رَدف الطبيب مُوجهًا حَديثهُ الي المُمرضَة التي تَحملُ تَقرير الوفاة بين يَديها " قبل واحد و خَمسون دقيقة من الآن ، اي على الساعَة الثانيَة و التِسع و العشرون دقيقَة عصرًا "
تَجاوزها الطبيب مُزيلاً قفازاتِه لِمُغادرَة الجَناح ، بِمُجرَّد أن واشكَت المُمرضَة على تَدوين تاريخ الوفاة حتَّى صُدمت ما إن انتفَض جَسد غابرييل الذي فَتح عيناهُ على مِصراعيهِما يأخذ نَفسًا عميقًا يملئ بِه رئتيه
حَدقت في جِهاز القلب الذي رَسم تموجات النَبض الذي عاد طبيعيًا مُجددًا " دُكتور ، لقد عاد قلبه الي الحَياة " صَرخت المُمرضَة بِصدمَة تُطالِع غابرييل الذي عاود اغلاق عَينيه مُجددًا بِمُجرَّد ان عادَت نَبضاته الي الحَياة
توقف الطَبيب عن السَير يُوسع عيناهُ بعدم تَصديق ، التَقت نَحو جُيون الذي ابتَسم بِرضَى يَمسح العرق عَن جَبينه مُتحدِثًا " جهزوا غُرفة العمليات حالاً ، ساقومُ بفعل العَملية بنفسي "
تَوسعت عينيّ ايڤا التي رأت النَبض يعود على الجِهاز ، صَرخت بقوَّة و هي تعودُ نَحو يون سون و ريڤين و بين يَديها الصَغير " لق..لقد عاد نَبضه ، قلبهُ عاد الي الحَياة مُجددًا " تَحدثت بِسعادَة تُبشِّر المرأتين اللواتِن ابتعدتا عن بعضهِما يُحدِقان بها بصدمَة
استَقامت يون سون بِسُرعَة تُحدِق في السَرير الذي يَحملُ جَسد حبيبها يُجَّر بِسُرعَة نحو المِصعد حتى يَتم نقله الي العَمليات ، نَظرت نَحو جونغكوك الذي مَسح عَرق جَبينه و على شِفاهه ابتِسامَة هادِئَة " هل حق..حقا قلبه عاد ال..الي النب..النبض ..؟ "
" نَعم ، لابد ان قلبه تلقَّى صَدمة غير مُتوقعَة لاختراق رصاصتَين بالقُرب من صَدرِه فالسُن يلعب دورًا مُهمًا ، لا تَقلقي لقد عاد الي الحياة و ساُجري له عَملية حالاً ، لن تكون بتلك الخُطورة لذا لا تَقلقي " تَحدث يُطمئنها بينَما يبتسِم و هو على صِدد الهَمام بالرَحيل
لِهول فَرحتها ودَّت عِناقه لَكنها تمالكَت نَفسها و اكتَفت بالابتسام باتساعٍ هامسَة و المدامِع تشق معابِرها على وَجنتيها " شك..شكرًا "
" نحنُ عائلَة ! عَيب عليك شُكري " قال عاقِدًا حواجبه مُمثلاً الانزِعاج ، هَم باللحاق بغابرييل الي غُرفة العَمليات لِاستخراج الرصاصَتين و مُداواتِه
" تفائلي خالتي ، سيكونُ بِخَير " قالت ايڤا التي تَقوم بحمل الصَغير و الطبطبَة عليه حَتى سَكن و هدأ في حُضنِها ، مَسحت يون سون دُموعها و اومأت بينَما تسيرُ نحو المِصعد رفقة ريڤين التي تدارَكت شيئًا
" اين سويون ..؟ " سألت الامريكيَة التي لَفت عينيها بحثًا عن اُختها ، شَهقت ايڤا بخفَة حينَما تذكرَّت ولادة صديقتها حيثُ قالت " لابد انها انجَبت ! لقد نسيتُ امرها تمامًا "
" انجبَت باكِرًا ..؟ " هَتفت ريڤين مُتعجبَة حيثُ اومأت الصُغرى التي قامَت بسؤال المُمرضَة عن وَضع سويون ، اجابَتها الثانيَة بهدوء " لقد انجَبت صبيّ و هو في الحَضانة تحت الرِعايَة "
ابتَسمت ايڤا بِوسع تمامًا كَما فعلت يون سون التي جاءَها خَبرّ ثانٍ يربط على قَلبها من بَعد نجاة حَبيبها " ح..حقا ؟ اصبح لديّ ح..حفيد؟ " هَتفت و السعادَة تشٍّع من عُيونِها العَسليَة تُخاطِب المُمرضَة التي همهمَت مُكملَة حينَما سألتها عن حال ابنتِها " انها بِخَير ، تأخذ عِلاجها في غُرفة المُلاحظَة حتى نطمئن على استِقرار وضعها ، سَيتعين عليكم رؤيتها صباح الغَد "
" هذا خَبر مُفرِح ! حمدًا للرب انها بِخَير " هَتفت يون سون مُطمئنَة تُحدِق في ريڤين التي ابتَسمت بخفَة و قالَت " بِمجرد ان تنتهي عمليَة ابي على خَير ، عليكِ تبديل ملابِسك لِمُقابلة ابنتكِ "
حَدقت الكُبرى في ثيابِها المليئَة بالدِماء و اومأت تجاوبًا مع حديثِها " معكِ حق ، حالَة كَهذِه لن تُناسب ان اُقابل فيها ابنتي " تَنهدت و هي تجُّر اقدامها داخِل المِصعد بِرفقة الصَبيتَين
مَدت ايڤا سايونغ الي والِدته و قالَت " انا ساذهبُ لرؤية اخي ، انتُما ابقيا بِجانب غرفة العَمليات ، ساطمئن على سويون ايضًا و آتي "
" لا تُخبريها عن اي مَا حَدث ، المرأة حديثة الولادَة تكون حساسَة جدًا " هَتفت ريڤين التي انتَشلت ابنها النائِم تضمه الي صَدرِها بينَما تُربت على ظَهرِه ، تَلقت همهمَة مُستجيبَة لحديثها من ايڤا التي ابتَسمت بسعادَة غامِرة بِمُجرد ان انتابتها فكرَة انها سَترى اخيها
خَرجت من المِصعد عند جَناح الاطفال و تَركتهن يَصعدن الي قِسم العَمليات ، جرَّت خُطواتها الي قِسم حديثيّ الولادَة حيثُ يقبع ذاك الطِفل يتلقَّى الرعايَة اللازِمَة لكونِه خُلق قبل أوانِه
استَطاعت ان تُميَّزه من بَين بقية الأطفال بالفِعل فَبِمُجرد ان سَقطت كُحليتيها عليه حَتى وَمِضت لشدَّة الفَرح تُراقِب حجمه الصَغير و هو يُحرك شِفاهه الصغيرَة و اصابِعه الضئيلَة
مَسكت قلبها تُراقِبه بِحماس " يالَهُ مِن جَميل ..! فاق توقعاتي تمامًا ، هذا و مَلامحه لم تتوضَّح بعد ، كَيف سيكونُ بعد اشهر ..؟ " هَتفت تُطالِع تحركاتِه الخَفيفَة و هو يُمدد اصابِعه الصغيرَة و يُعيد اغلاقِها
اتسعَت ابتِسامتِها ليقشعِّر بَدنها بَعدما امتلئت اطراف عُيونِها بالدُموع ، تمنَّت لو يُخالِجها شُعور الامومَة و يَكون لها طِفلّ مِن وسط اؤلاءك الصِغار يَخصها هي و زوجِها ، مَسكت جوانب عينيها و ابتَسمت هامسَة " لابأس ، ساعتبرُه طفلي ايضًا و سالعب معهُ كَثيرًا "
جَففت اسفَل عُيونِها و ابتَعدت عن ذلك القِسم تستفسِر عن مَكان صديقتِها ، ساقَتها المُمرضة الي غُرفة المُلاحظَة حيثُ يسمح بدخول زائِر واحِد لاغَير
دَلفت ايڤا بَحثًا عن سويون التي تأخذُ قسطًا من الراحَة عن طريق اغلاقِ عُيونِها العسليَة ، دَنت مِنها الصُغرى و جَلست الي جانبها تُناظرها بابتِسامَة خافتَة الي أن احسَّت الكبرى بوجودِها
كَشفت سويون عن بؤبؤتيّ عَينيها تَنظر في مُنتصف وَجه ايڤا التي مَسكت بيدِها تَمسحُ عليها بِرفق " كَيف حالكِ الان ..؟ هل انتِ بِخَير ..؟ " سألتها و هي تتفقَّد ملامح الكُبرى المُرهقَة
حَركت سويون راسِها ايجابًا و فَرقت شِفاهها قائِلَة " اي..اين جيون ..؟ " تسأل عَليه خوفًا مِن انهم قد اعادوه الي السِجن و تَركها بِمُفردها
" سيأتي بعد قَليل ، انهُ برفقة الصَغير " تَحدثت ايڤا مُختلقَة كذبَة بيضاء ، هي لَن تستطيع اخبارِها أنهُ يُقيم عمليَة لوالِدها طبعًا
" هُم لن يأخذوه الي السِجن مُجددًا اليس كذلك ..؟ " سألت الكُبرى بِقلق تُراقب مَلامح الصُغرى التي نَفت بابتِسامَة خافتَة " لِما سيأخذونَه ..؟ سيتم الاعلان عن براءتِه قريبًا للشعَب فالدولَة تعرِف بالفعل انهُ بريئ "
" لَن يعدِموه كَما حدث في الفيلم ؟ " كَررت الكُبرى سُؤالها مُحاولَة الجُلوس ، قامَت ايڤا بِمُساعدتها عَبر وضع وسادَة وراء ظَهرِها و اجابَتها " لا ، انتِ تعرفين ان الفيلم كان مُخطط مِنه ، الي جانِب انَّهُ انتِقام ، هو يَشرحُ القصَّة الكاملَة للعَلن لِذا لا تَخافي "
تَنفست سويون بإرتياح لِتومئ بابتِسامَة تَكونت على شٍفاهها بِمُجرد ان تذَكرت صغيرِها ، لَمِعت عَسليتيها و قالَت " هل رأيتِ الصَغير ..؟ حَجمهُ صغير جدًا جدًا ، انا مُنبهرَة "
" لقد مررتُ عليه قَبل ان آتي اليكِ و أجل ، انهُ صغير جدًا كَما لو انهُ خُلق مِن رحمِ قطَّة " ضَحكت ايڤا مُعبرَة و هي تتذكَّر تفاصيل الصغير
عَبست سويون لِتشبيه الصُغرى لها بالقطَّة و هَتفت " لقد خُلق قبل أوانه لِهذا هو صَغير جدًا ، الرضاعَة الطبيعيَة ستجعلهُ ينمو أسرع ، انتظري شَهرين و سَترين كَيف سيُصبح ممتلئ و لَديه الكَثير من الخُدود "
قلصَّت ايڤا عُيونِها و دَنت منها هامسَة " اتظنين ان والدي سيسمحُ لكِ بارضاعِه طبيعيًا ..؟ "
" سيسمحُ رغمًا عنه ، انهُ طفله " قالَت الكُبرى التي رَفعت عينيها تُراقب اكياس الدم المُعلقة اعلاها ، عاوَدت التَحديق في الصُغرى و سألت " اين والداي ..؟ امي و ابي ..؟ "
توتَرت ايڤا بِمُجرد أن سألتها عن والِدها ، تَحمحمَت و قالَت بابتِسامَة مُزيفَة " امكِ ستأتي من اجلكِ ، والدكِ ايضًا ، انهُ ليس مسموح لاحد بِزيارتكِ قبل الغَد لذلك سيأتون كُلهم ، انتِ تعرفين اساسًا الاوضاع التي جَرت " فسَّرت قائلَة تُناظر عينيّ الكُبرى ما إن انعقَدت حواجِبها
" صحيح مالذي جَرى في المحكمَة ..؟ يونمي هل سَجنوها ؟ ماذا عن ذلك السافِل ..؟ " هَتفت ما ان طرأ على ذاكِرتها ذلك المَشهد حينَما رفعت يونمي السِلاح بِوجه حَبيبها و عَزِمت على قتلِه
خيَّم الحُزن على وَجه ايڤا التي اجابَت ما ان تَذكرت حال جيمين " لا اعلم ان كان مؤسفًا ام لا ، لَكنها ماتت ، تم اطلاق النار عَليها من قِبل الشُرطة "
وَسعت سويون عَينيها بصدمَة لِتضع يدها فوق شِفاهها شاهقَة بقوَّة " م..ماذا ..؟ مات..ماتت ..؟ "
رُبما هي تَعرضت بالأذى لَها كَثيرًا ، أذتها و اذَت والِدتها و حبيب روحِها لَكن ما كانَت تتمنَّى لها المَوت من الاساس
القَتل بِتلك الطريقَة يُعد خَلاص لَها ، ودَّت جَعلها تذوقُ مرارَة ما عاشتهُ امها
" انها هُنا يقومون بِتغسيلها كَي يتم نقلها الي كوريا قريبًا ، قلبي يؤلمني على جيمين فَحسب ، في الآخِر انها امه مَهما كانت خطاياها " هَتفت ايڤا مُتنهدَة بِحُزن ، راقَبت مَلامح سويون التي تجاوَبت معها مُشكلَة تعابير حَزينَة
" لم اكًن اتمنى لَها الموت ابدًا ، لَكِن ذلك مَصيرها دامها تجاوَزت حدودها ، هي واشَكت على قتل اغلى ما املِك ..! فقدَت صوابها بالكامِل "
" نَعم ، بِخُصوص عمي الذي هو والدي البيولوجي ، تم القاء القَبض عَليه بعدَما حاول الهَرب من المحكمَة في تلك الظُروف الحرجَة ، هو الان قَيد التَحقيق و لازلنا لا نَعلم مَصيره بعد " فسَّرت لها الصُغرى عن حَقيقة ما جَرى تُلهيها بالحَديث قدر الامكان الي حين قُدوم والِدها
ان تَتركها بِمُفردها قد يؤدي الي مَعرفة ماجرى الي غابرييل بطريقَة ما و لَن يكون ذلك لِصالحها بتاتًا
" فَهمت ، اتمنى ان يتلقّى العقاب الذي يُناسبه تمامًا ، مُجرد ان يُسجن لن يكون مُكفِرًا لِخطاياه " هَتفت سويون بينما تَحمل الجهاز اللوحيّ بالقُرب من فراشها لالقاء نَظرة على صَغيرِها
كُل طِفل مُرفق بكاميرا على سَريرِه تظهر عند امه لِمُراقبته و الاطمئنان عَليه ، بِمُجرَّد ان شَغلت الجهاز حتَّى اتسعَت ابتِسامتها حالَما رأت مَلامح صغيرِها النائِم " اليسَ ملاكًا ..؟ ينقصهُ اجنحَة فحسب "
دَنت ايڤا تطِّل على ملامِح الصَغير فابتَسمت بدورِها مومئَة " انهُ يملك ذات انف ابي " ضحكت قائِلَة بينما تُشير على انف الطِفل
" مابه انف حَبيبي ؟ انهُ جميل " هَتفت الكُبرى بينَما تقرِص ذِراع صديقتِها التي تأوهت بألم و عَبست مُجيبَة " من كُبره يكاد يأخذ مساحَة وجهه كاملَة "
" انهُ ليمنحه قَدر عالٍ من الاوكسجين ، مالكِ لا تفهمين ؟ " دافعَت سويون عن انف حَبيبها قائلَة تُحدِق في الصُغرى التي دَحرجت عينيها بتململ و هَتفت " رُغم ذلك ، لا احد يستطيع نُكران انهُ وَسيم "
" انا من يَحق لها القول عنهُ وسيم " قالَت الكُبرى بَعدما ارخَت ظهرها الي الوراء مُتنفسَة ببطئ ما ان داهَمها ألم خَفيف ، وعَت ايڤا على ذَلك و استَقامت لاطفاء نور الحُجرة قائلَة " خُذي قسطًا من الراحَة و اُخلدي الي النَوم "
اومأت لها الكُبرى تُغمِض عيونِها بِتعبٍ تُحاول تصفيَة افكارِها في حين ان الاصغر سِنًا غادَرت بعدما اطمئنت انها نامَت
اغلقَت الباب وراءِها تُحدق في تايهيونغ الذي يسيرُ في اتجاهِها بعدَما بحث مُطولاً عَنها ، اقتَربت منه تسأله بِقلق " كيف حال جيمين ..؟ "
غَلب الحُزن على مَلامح الأسمر الذي اطلَق تنهيدَة طويلَة مُتحدثًا " للاسف لم يَتمالك نفسهُ حينما رآها في المغسلَة و فقد وَعيه ، قام الطاقم الطبيّ باعطاءه مُهدئ و تركتهُ نائم في حُجرة الطوارئ "
" ما هَذا اليوم بِحق ..؟ لم اتوقع رد فِعل كهذا يصدُر مِن والِدته " رَدفت ايڤا التي جَلست على كراسي الانتِظار ، جَلست زوجها الي جانبها و مَد لها زُجاجة عَصير طازِج مُجيبًا " ردّ فعل طبيعيّ ، نحن ضغطنا عَليها نفسيًا اكثر مما يَجِب ، اضافَة الي ان حبها الي والدك تعدَّى الهَوس "
" هل الهَوس يَجعل المرء مُستعد ان يقتل ..؟ " هَتفت ايڤا عاقدَة حواجبها ، استَلمت زُجاجة العصير مِن زوجِها بعدَما فتح لها الغِطاء تنتظِر جوابه الذي صَدر بِهدوء " غالِبًا اجل ، هي تُفكر انهُ ان خَرج من السِجن سيعيشُ دون قُيود مع سويون و سَتكونُ الطَرف الخاسِر في القصَة ، رُبما الشَئ الذي جَعلها تصمُد كل تلك السَنوات انها تحملُ سِره فَتستطيعُ تهديده وقتما شاءَت "
" كان جُيون ذكيًا حينما كَشف السِر بنفسه ، بِذلك لم يَعُد يتسنى لَهُم ايّ حيلَة يستطيعون بِها العَبث اكثَر و تقريبًا هذا سبب رئيسي جَعلها تُقبل على قتلِه "
" لابد ان جيمين سيشعر بتأنيب الضَمير لانهُ كان مُساهِمًا في خُطتنا ، سيلوم نفسه على موتِها "
تَنهد الشاب الذي فَرك جَبينه بِصُداع مُخفضًا رأسه " لِكوني ادرُس المُحاماة و كان والِدي كذلك مُحاميّ ، استَطعت جَمع قليل من المعلومات التي قد تُساعِده في الخُروج من التُهمَة دون ان يُدان ، للاسف لَديه بِضع مسائِل تخُص التجارَة بالمُخدرات و الممنوعات سيُحاسب عَنها لاحِقًا "
" لَكن مارك السبب بذلك ؟ لما سيُحاسب ! " هَتفت ايڤا عاقدَة حواجبها بعدم رضَى ، شربت القليل من العَصير تُناظِره و هو يَلتف نحوها يُناظر عينيها السَوداء " صَحيح ان مارك استَعمله كوسيلة لينال مُراده ، لكن هو كان مُدركًا لما يَفعل بعد خُروجه من المصحَة ، هو اعتَرف بذلك بالفِعل "
" الا يُمكنك ان تجمع ادلَة تُساعده في حُكم اطلاق السراح مَشروط ..؟ " اقتَرحت الصُغرى و هي تضغطُ على الزُجاجة باصابِعها تُناظِره و هو يُحرِك رأسه نَفيًا " المُشكلة ليسَت هُنا ، جُيون من طلب ان يُحاكم بنفسِه ، لا اعلم السَبب لَكن لابد انَّهُ يُريد ان يُكفِّر عن خَطيئته بتلقي العِقاب "
" اليست العشرون عامًا هذه لوحدها تَكفيرًا ..؟ يَكفي اُقسم لقد تعبتُ بدلاً منه ، لِما عليه ان يدخل السِجن ..؟ " هَتفت ايڤا بانزِعاج تُحاول السيطرَة على دُموعها قَدر استطاعتِها ، حاوَطها الاسمر الذي ضَمها الي صَدره و هَمس مُواسيًا " الحُكم لن يَكون طويلاً ، لن يتجاوز الثلاث اشهر او رُبما اقل حتَّى "
" لا تايهيونغ ، لقد اصبَح لديه طِفل الأن ، اتظُن ان الامر سيكونُ سهلاً على سويون ..؟ للتو كنتُ اطمئنها انهُ لن يعود الي السِجن ..! ان سَمِعت انهُ سيُحاكم مُجددًا مَع خبر اصابَة والدها قد تموت لا مُحالة " اعتَرضت ايڤا بينَما تُناظر عينيّ زوجها الكِستنائيَة كَشعرِه الكَثيف ، سَمعته يَتنهد بضيق مُفسِرًا
" كانت من ضِمن مُخططاته ان تلد سويون في نهاية التاسِع لِكون الابن البِكر يتأخر في رحم امِه ، لِذا قَطع وعدا لها انهُ سيكونُ بِجوارها في ولادتها مُتحررًا من كُل القُيود ، كان سيمكُث شَهرين اضافيين في السِجن تكفيرًا عن خَطاياه و يَعودُ من اجلِها ، لَكن كُل خُططه انعكست في اللحظةِ الأخيرَة "
وَضعت ايڤا الزُجاجة جانبًا تَمسحُ على وَجهِها بكلتا يَديها بينَما تُتمتِم " متى سَتنتهي كُل هذه المَشاكِل ، اُريد ان نَحظى بِحياة هادِئَة فَحسب ، لَقد مللت اُقسِم "
حَصلت على عِناق جانبيّ مِن قِبل زوجِها الذي رَبت على كَتِفها و ذِراعها هامِسًا " المُحاكمَة لِصالحنا ، تبرأ مِن تُهمة القَتل و التجارَة بالاعضاء ، تَبقت هذه التُهمَة التي سَندرجها تحت التهديد و الاجبار ، حتمًا لن يَتجاوز الحُكم عليه شهر او شَهرين ، نحن على وشك ان نَرسوا على شاطئ آمن اخيرًا "
" ابي يستحِق نهاية سعيدَة بعد كُل ما مر بِه ، كيف يُطاوعهم قلبهم ان يُعاقِبوه حتَّى ..؟ الالتفات الي ماضيه وحده كفيل بالشَفع عنه " عبَّرت ايڤا بخنقَة تتستر على دُموعها بِداخل عيونِها ، طبطب تايهيونغ فوق ظَهرِها مُجيبًا بِصَوتٍ خافِت " القانون لا يلتفِت الي ماضي الجاني ، سيحصلُ على النهاية التي يستحِقها في الآخِر ، كُلها بِضع شُهور و نكونُ بخَير "
مَسحت ايڤا اطراف عَينيها من الدُموع تُسيطِر على مَشاعِرها ، المَوقف الذي هُم به يستدعي القُوَّة لِذا حاوَلت المحافظَة على اتزانِها و هَمست بابتِسامَة مُزيفَة " سيحصلُ ماهو مُناسب في الآخِر ، لَكن دام ابي من قرر ذلك بِنفسه فهو أدرى بِمصلحته "
ابتَسم لها الاخر الذي مَسح على شَعرِها مُهمهمًا " هل آخذك الي الفُندق تأخذين قسطًا من الراحة ؟ الطبيب اوصَى على راحتكِ "
نَفت مُعترِضَة و استَقامَت مُجيبَة " لا يُمكنني الرَحيل في مثل هذه الاجواء ، سابقى الي جانِب خالتي و ريڤين تارَة و آتي للاطمئنان على سويون تارَة اخرَى " طبطبَت على وَجهها بيديها لِتمنح نفسها مزيدًا من النشاط
" ايڤا انتِ مريضَة ، عليكِ الاهتمام بصحتكِ " اعتَرض زوجها الذي استقام من بعدِها و حَمل زُجاجة العَصير التي شرَبت منها القَليل و تركتها ، وَجدها تتجاوَزه للسير نحو قسم العمليات قائلَة " انت هُنا للاهتِمام بي "
طأطأ راسِه زافِرًا بِحنق قبل ان يَلحق بِها بقلَة حيلَة
•••
تُرفرف بِجُفون عُيونِها تُفصح عن عَسليتيها بَعد نَومٍ آخذ من وَقتها ساعات طَويلَة ، العِلاج الذي تأخُذه بِه جُرعَة مَنومٍ لابأس بِها لِمُساعدتها على التَعافي فترَة الغَفوة
اول ماقامَت بِه حينَما استفاقَت هو البَحث عَمَّن بِجوارِها ، لَم تجِد سِوا والِدتها التي تُمسِك بيدها و تَمسحُ عليها بِلُطف ، ابتَسمت بخفَّة ما ان جاءَت لزيارتِها و قالَت بنبرةٍ مبحوحَة إثر نومِها " ام..امي "
تَرى عُيون امها المُتورمَة ، لازال البُكاء ينحتُ آثاره على مَلامح والِدتها التي و رُغم انقضاء يومٍ كامِل على ما جَرى لازال ذاك المَشهد يؤثر عَليها
صَحيح ان العَملية نَجحت و استَطاع حبيبها ان يَنجوا بِحياتِه ، لَكِّن رؤيته غارِقًا بِدماءِه و تَوقف قلبه عن النَبض سبب لَها فازِعَة صعب عَليها تجاوزها
بعد ان عاشَت سَنواتٍ من الاحتجِاز و التَعنيف من قِبل طليقها الذي تَركها رهينَة مرضِها بِمُجرد ان تعافَت وجدتهُ امامَها يَمُد يد العَون
رُبما السَبب الاكبَر الذي جَعل الحَياة ملونَة في عُيونِها انهُ عاد من اجلِها
جَففت يون سون عَينيها بِكم قميصِها و مَنحت صغيرتِها ابتِسامَة نَقية تدلُ على سعادتِها بحُصولها على حَفيد " هل انتِ بِخير ..؟ طمئنيني ؟ " احاطَت وجنتها بكفِها تمسحُ على خَد الصُغرى التي اومأت ايجابًا " انا بِخَير ، اشعُر بِتحسن عن البارحَة "
ذاك السُؤال ما كانَت تَخشاهُ يون سون ، سُؤال ابنتِها و عُيونها المتلهفَة و هي تنطِق " اين ابي ..؟ "
تَلاشت ابتِسامَة يون سون التي ارتبَكت و لم تجِد جوابًا ، اكمَلت الصغيرَة بِحماسٍ واضِح " اين هو ؟ لقد انجبت لهُ حفيده الذي كان مُتحمسًا لرؤيته كَثيرًا ، هل رآه ..؟ اُريد ان اكونُ حاضرَة على رد فِعله حينما يحملهُ للمرة الاولَى "
ازدَرقت الكُبرى ريقِها تُجهز اجابَة مُقنعَة بِداخل عقلِها قَبل ان يَقطع سِرب افكارِها مِقبض باب الحُجرة الذي فُتِح ، سُرعان ما قامَت الصُغرى بِتوجيه ابصارِها الي المَدخل تُطالِع هَيئة الرَجُل الذي دَلف بِوقارٍ زاد نَبضاتِها عُلوًا
وَمضت عُيونها بِلهفَة ما إن رأتهُ يَتقدمُ اليها و في مُتناول يَداهُ باقَة من الزُهور البَيضاء ، تَراهُ يُشكِّل ابتسامَة نقيَة كَلون ما يَحمِل و عُيونِه السَوداء تَلمع كَليلةٍ لَم يبخل عَن اضاءِتها القَمر
" ج..جونغكوك " هَمست بعدَما امتلئت عَسليتَيها بالدُموع و هي تَراهُ امامَها سليمًا لا تَشوبه شائبَة ، انقباض قَلبِها خَفّ بِمُجرَّد أن لَمحت قَدر السعادَة التي تحتضِن مَلامحه و ابتِسامتِه الواسِعَة بِمُجرَّد ان بَلغ موقِعها
وَدَّت ازاحَة الغِطاء عَنها لِلقفزِ نَحوه لَكِّنه مَن هرع اليها و انخفض سريعًا لِعناقها و ادخالِها وسط ذراعَيه
" كَرزتي " هَمس لَها بعدَما لفَّ يديه حول ظَهر مَن تَشبثت بِه قويًا ، حَشرت رأسها في رَقبته تَستنشق رائحته المُخدرة لِحواسِها بينَما تَهمس " خِفت انه حَدث لك شَئ "
تَحمحمت يون سون التي استَقامت من مَجلِسها و غادَرت الحُجرة تترُك لهما الخُصوصيَة التامَة ، تَنحى جُيون عن مرأته يَنظُر بداخِل عُيونِها كَما لو انَّهُ وَجد انتماءِه في كَوكبٍ يَخّصُه بِمُفرده بالداخِل
كَوكبٍ نُسِج بِعسل عُيونِها حُلوّ المَذاق
قام بالمَسح على خَدِها باصبعِه هائِمًا بِتقاسيمِ مَلامِحها التي تأخذُه لِعالمٍ يَحكمه الجَمال ، جَميلَة بِشَكلٍ يُرغمه على مُناظرتِها دون انقِطاع
يَملكُ مِن الحُب لَها ما يُغرق العالَم بأسرِه
و هي عالَمه ..!
" هل رأيت طِفلنا ..؟ " ان تَنسب طِفل لَهُما بِصوتِها الهامِس قَويّ المَوضِع على قلب مَن اومَئ ايجابًا يُجاهِد عاطفتِه كَي لا يغرق بِدُموعِه
" رأيته " هَمِس مُجيبًا يَراها تتكئ بِوجنتها على كَفِه مُشكلَة ابتسامَة نقيَة تحملُ لهُ مُتسَع من الحُب " ارايت كَم هو صَغير الحَجم ..؟ " قالَت بينَما تُحاول السيطرَة على دُموعها هي الاخرَى حَيث عبَّرت " لا اُصدق انه يومًا ما سيُصبح رَجُلاً بِهيئتك بعدَما كان بِحجم نِصف ذِراع "
اغمَضت عسليتَيها حينَما مَنحها قُبلة في مُنتصف جَبينِها يُهديها سَرب من المَشاعِر التي تُعانِقها بوديَّة ، سَحبها الي احضانِه يمسحُ على خُصيلاتِها العسليَة هامِسًا بإمتِنان بالِغ " بَعد ان يأسِت من تَكوين اُسرَة تُضمد جِراحي ، أتيتِ لِتجعليني اُدرك انَّ ما مِن مُستحيل في هذا الكَون "
وَضعت يديها على ظَهرِه تمسحُ بلطفٍ عَليه تَستمعُ الي فضفضتِه و هو يُكمِلُ مَسرورًا " كَما لو انَّ الرَب جَعلني اُعاني لادرك كَم انكِ ثَمينَة ، الشقاء الذي عِشتهُ أثبت لي انَّ الصَبر يأتي بِعَوضٍ ليسَ عاديّ البتَّة ، انا مُمتن لِكل ذرَّة ألم توجعتُها لانها مَن جَعلت مِن قَلبي يَعلم جيًّدا كَيف يُحافظ عليكِ ، كَيف يُحافظ على جَوهرته "
تَنحى عَنها يُحدِق بِعُيونِها المُبتهَجة مِن حَديثِه ، وَجدته يَقومُ بادخال يدِه في جَيبه ليُخرِج عُلبَة مُربعَة خُزِّن بداخِلها عِقدّ ألماسيّ بِمُجرد ان اخرَجه حتَّى انبهَرت بِاناقتِه ، احتَضن عسليتَيها مُتحدِثًا بِحُب " من عادات عائِلتنا ان رُزقت الزَوجة بمولودٍ نَجلبُ لها هَدية يوم ولادتِها ، اُريد ان نتوارث هذِه العادَة الي الأبد "
فَهمت مُبتغاه بِرفعها لِخُصيلاتها عاليًا تُتيح له المَجال لِيلفَّه حَول عُنقها ، اغلقهُ لَها بعدَما دَنى مِنها بِقُربٍ جَعلها تستشعِر دِفئ انفاسِه ، لَم يقتصِر الامر عَلى الباسِها العِقد بَل اغتنم فُرصته بِتَقبيل تِلك الشامَة التي تُفقدِه صَوابه
ان كانَ سيصفُ ما يُفقده جنونه بِها بعد حياءِها ستتصَّدر شامتها القائِمَة
لم يَكتفي بِقُبلة واحِدَة بل اخذ راحتهُ بِعدَّة قُبل جَعلتها تقومُ بِردعه الي الخلف هامِسَة " اخجَل ! انا للتو انجَبت "
ناظَرته تؤنبِه تَراه يُشكل مَلامح عابِسَة جَعلتها تبتسِم بوسع ، اقتَربت تُعانقه بقوَّة مُتنفسَة براحَة " اخيرًا ، انتهَينا من المَشاكل و سَنعيشُ بسلام "
احاطَها يُقرب جَسدها من خاصتِه يَحتويها بِعنايَة بينَما يُهمهم لَها مؤيدًا ، راح يَمسحُ بِلُطفٍ على طول ظَهرِها قائِلاً " انا لم ارى الصَغير بَعد ، وددتُ ان نراه مَعًا ، سادعكِ تَشهدين على فَرحتي بِه "
ابتَعدت عنه تُناظِر عَيناه ، احاطَت وَجنتاه مومئَة ايجابًا " هل نَذهب لِنراه ..؟ حتمًا لن يَستطيعوا جَلبه لكونِه في الحضانَة "
" سَنذهب ان كنتِ قادرة على السَير " تَحدث يُخفِض بصرهُ الي اقدامِها ، عاود النَظر بِعَينيها حيثُ همهمَت مُجيبَة " ايها الطبيب الذكيّ ، انا لم الد قَيصري بَل طبيعي ما يَعني ان حَركتي طبيعيَة جدًا "
" لا افقهُ عِلمًا في مَجال النِساء ، لم اكًن احب دراستِه " رَدف هازًا اكتافِه بينَما يحتضِن شفاهه داخِل جَوفه حَتى برزت غمازتِه ، دَنت منهُ تُقبله عَليها قَبل ان تَنطِق " انت تُحب شامتي و انا اُحب غمازتك جدًا ، نحنُ مُتعادِلان "
" لاكون صَريحًا ، كُل انشٍ بكِ اُحبه و مِن رأيي انهُ يستحِق ان ينال نَصيبه من الحُب و التَقدير ، طبعًا ذلك يأتي عَبر تقبيلي لهُ " هَتف قائِلاً بينَما يقرُص انفها يَجعلها تُصدر قهقهاتٍ لطيفَة ملئت ارجاء الحُجرَة
يُعجبها كَيف يتغزَّل بِها و هو يُعجبه أثر غَزله الذي يجعلها تحمَّر و تُخفِض رأسِها ، لم يَتمالك نَفسه إذ احاط خَديها و نَثر قُبلاتِه عَليها حتَّى كاد افتراسِها
بِقلبه شَوقّ يَفوق طاقَته
لا أحد يَستطيع لَومِه
أرجَلّ لَديه هي و يُقاومُها ..؟
رُزِق بأرق الاناث و اكثرهُنَّ انوثَة و نُعومَة
رُزِق بِمَن عَلمتهُ ان الحَقيقة لا تَقتصِر عَلى ما نَسمعه
جَعلتهُ يؤمِن بأنّ الأدلَّة قَد تكذِبُ احيانًا
علَّمتهُ ان الحُب وَحدهُ ليسَ كافيًا ، الثقَة و الإيمان اساسُ العِلاقَة
هي جَعلتهُ يَستعيد نَفسهُ التي فَقدها قبل عِشرون عامًا
عِلاقتهُما مِثال أعلَى لِصدق الحُب ♥️
•••
" بِرفق يا كَرزتي " هَتف و هو يُساعِدها على السَير في مَمر المُستشفَى المؤدي الي قِسم الاطفال ، كَانت تتشبَّث بِه بينَما تسيرُ بشكلٍ عاديّ للغايَة
لَكنهُ من يُكبر الموضوع في عَقلِه
" انا لم اقُم بعمليَة جونغكوك ! مابِك ؟ " هَتفت تُناظِره مُقلصَة عَينيها ، سُرعان ما ترتَمت بِحضنه قائلَة بِدلال " حسنًا لابأس باستِغلال خَوفك لِتدللني اكثَر "
حَضنها من الجانِب يَمسحُ على وِسطها باصابِعه بِلُطف " تدللي و زيدي دَلالاً ، خُلقتُ لانفذ مَطالبكِ ياكُل مَطلبي " هَتف هامسًا بَعدما ركبا بالمِصعد و انخَفض لِتَقبيل جَبينها بِحُب
تَشبثت بِه بابتِسامَة واسعَة تُسند رأسها على صَدرِه بينَما تُناظِر انعكاسِهما بالمِرآه " السنا ثُنائي فائِق الجَمال ..؟ "
" لا نِقاش لِهَذا " هَتف مؤيدًا و هو يُعيل ثقل جَسدها علَى صَدرِه مُطبطبًا بِلُطف على ظَهرِها ، خَرجا سويًا من المِصعد يَسيران في اتجاه الحضانَة حيثُ يمكُث طِفلهما و الحَماس طاغٍ على مَلامح كِليهما
حينَما تتواجد سويون بِرفقته تَنسى كُل من بِجوارِها
و ذَلك ساعدهُ بالتستُر على حَقيقة ما جَرى لوالِدها
بِمُجرد ان اقتَربا من الحضانَة حتَّى قام العساكِر بالانحناء اليه ، وَقفا بِقُرب ذلك الزُجاج الذي يَعكِس جَسد طِفلهما الصَغير فإذ بِتعابير السَعادة ترتسِم على وَجه كِليهما ما جَعل عيونِهما تَبرُق بِلهفَة
" اُنظر كَم هو صَغير ! الهي لا اُصدق انهُ طِفلي " هَتفت مُوسعَة عيونِها بينَما تضعُ يديها على الزُجاج تُطالِعه و هو يُحرك شَفتاه " انهً جائِع ، يُحرِك شَفتيه كَثيرًا " رَفعت عينيها الي جُيون تَراهُ يُخلِّف ابتِسامَة هادِئَة و عَينيه السَوداء تتأمل تَفاصيل الصَغير بِحُبٍ لم تَعهده من قبل
حُب يَختلف عن حُبه لَها
نَظرة الشَوق التي بِعُيونه تدَّل على انتِظاره الطَويل لِمثل هذه اللحظَة
تِلك اللهفَة التي تُعلن سيطرتِها على نَظراتِه جَعلتها تُدرِك انَّه سيكون أب عَظيم لِطفلهما لا مُحال
القشعريرَة التي انتابَت جَسدِها حينَما احتَضنها من الوراء و هو يؤكِد لها انَّها مَصدر السعادَة الأساسيّ جَعل مُقلتيها تَدمع " اُكرِر ، أن لولاكِ لَما رُزقت بِمثل هذِه السعادَة طيلَة حَياتي " يُكرر لِيُطمئنها
لا مُشكلَة لديه إن بَقى طيلَة حياتِه يُكرر انَّهُ يُحبها اكثَر من أي شَئ في العالَم
" لندخل و نَراه " هَمست لهُ لِتُطالع المُمرضة التي اقتَربت مِنهما ، قامَت بِفتح الباب من اجلِهما حَتى يَدخُلان لِتفقد صغيرِهما الماكِث في الحُجرة بِمفردِه
لَم تكُن هنالك حالات ولادَة كَثيرَة لِذا فقد كان الصَغير لِوحده بَعدما غادَر الطِفلين الآخَرين صباحًا بعد تَصريح الخُروج للامهات
اقتَربت سويون مِن سَرير الطِفل تقفُ على مَقربة مِنه بينَما تُطالِع اصابِعه الصغيرَة و هو يَقومُ بِتحريكِها ببطئ
خَفق قلبُها بشكلٍ لم تَعهده ، هي التي لَم تكُن تستلطِف الاطفال ابدًا و طيلَة حَياتِها تُخبِر الجَميع انها لن تُنجِب
كَيف جَعلها هذا الصَغير أن تَعشقه دون أن تُعاشِره بَعد ..؟
انَّها غريزَة الامومَة
مَدت اصبِعها السبابَة نَحوهُ تترقَّب ردودَه ، شَهقت ما ان لفَّ اصابِعه حول خاصتِها و تَشبث بِها ، وَسعت عسليتيها تُلفت رأسِها نحو حَبيبها الذي يُراقِبهما كَمُعجزَة الاهية بُعثت لِتُرضيه " ا..انه امسك اصبعي ! "
" انا ارَى ذلك " اومَئ مُبتسِمًا يَرى تعابير الحَماس و هي تتشكَّل على تَقاسيم وَجهها ، انخَفضت الي مُستوى الصَغير تُناظِره بسعادَة " مرحبًا ايها الصَغير ، انا ماما ، هل تَعرِفُني ..؟ "
قَضمت شَفتها ما إن فَتح الصغير عَيناه ، شَهقت تبتعِد عنه و تُشير عَليه قائلَة " لديه عَينين جَميلتَين ، انه ينظُر اليّ ، الهي هل ابدوا جَميلة ؟ عليه رؤيتي بشكلٍ جيد كي يأخذ انطباع لطيف عن امه "
ضَحِك جونغكوك بخفَّة على تعابيرِها و هي تُلوح بيدها امام وَجه الصَغير الذي يُثبت نظرهُ على منطقَة واحدَة " حَبيبتي هو لا يَستطيعُ الرؤية الأن ، سيراكِ بعد اربعون يومًا ، كُل ما يراهُ الان الكَثير من الضَباب "
دَنى جونغكوك مِنها يُبعدها كي يَحل محلها قائِلاً " يَكفي انهُ دوري لاسلِّم عَليه " انخَفض الي مُستواه يتأمل عَينيّ طِفله الذي كان نُسخَة طبق الاصل مِنه ، يُريد حِفظ تفاصيله في ذاكِرته انشًا انش
مَد اصبعِه لعلَّ الصَغير يُمسِكه لَكن هو لم يَتجاوب معهُ كما فَعل مع اُمه ، ذلك جَعله يعبِس و يقول مُعاتبًا " ايها المُتحيِّز ! انا والِدك ، هل تعلم كم صَبرت لاجل ان اراك ..؟ "
يُراقِب الصَغير الذي يُحرك شَفتاه و يَداه بِبُطئ و لازال يقظ العَينين ، انتابَت مَشاعر جياشَة صَدر الأب الذي لَم يَستحمل بَل قام بِلفّ يَديه حَول جَسدِه راغبًا بِحمله و ضَمه الي صَدرِه و ذلك ما قام بِفعله
" يا جونغكوك احذ.. " كانَت سويون على وَشك توبيخِه لَكنهُ اسكَتها حينَما احتواه في صَدرِه يلفُّ ذِراعيه حوله هامسًا " هِشش ، انتِ نلتِ نَصيبك من حُضنه ، دَعيني احتضِن اُمنيتي "
لَم تقِدر على اعتراضِه مع كُل تلك اللهفَة التي تُعانق صَوته و عَينيه ، وَجدتهُ يُحسن حَمل طِفله و احتواءِه لِيمنحهُ قَدرًا من الآمان داخِل صَدرِه
تِلك الدُموع التي تُحيط اطراف عَينيه جَعلتها تُقوس شِفاهها بخفَّة رغَبة بالبُكاء ، هي سَعيدة انها السَبب بِجعله يُعانق اُمنيته ..!
" انا هُنا لاكون خَير ونَيس لامك و لَك " مَهما حاوَل ان يَستقدِمه على حَبيبتِه لَكنهُ وَجد لسانِه يَنطِق بِها قَبل بِه ، حُبها غلاَّب
ابعَد الصَغير عَن صَدرِه يَحمله بين كَفيه يتأمله عند ذاك القُرب الذي يَحثه على تَقبيلِه ، لَكنهُ خائِف ان يُصاب بمكروه لِكونه صَغير جِدًا
احسَّ باحتِضان حَبيبته لِذراعه تتأمل طِفلهما بِرفقته ، لَحظة الصَمت التي حلَّت تُثبت مَدى عُمق تأملاتِهما لهُ و انغماسِهما في تَفاصيلِه
" مالذي سَنفعله بِه بعد ذلك ..؟ " هَمست لهُ قائِلَة
" هل نحن حقًا والديه ..؟ " سأل مُستفهمًا حيثُ اجابته و عسليتَيها لا تُفارق طِفلها " اظنُ ذلك ، هل لاني امهُ يتوجب عليّ رعايته و السَهر من اجلِه ؟ "
" تَقريبًا ، هذا واجِب الأم مع تغيير الحِفاظ ايضًا " اجابَها مُديرًا رأسه صَوب مَن ابتعَدت عنهُ قائلَة " لابد ان هُنالك خَطأ ما ، اعني اشعر ان هَذا الطِفل ليس طِفلي ، مالذي يُثبت انني اُمه ؟ "
نَظر جونغكوك اليها رامِشًا حيثُ اكمَلت " انا اُغمى عليّ و حينما استيقظَت وجدتكم تقولون انهُ طِفلي ! برأيي ان تُعيده لامه " اشارَت على الصغير بكلتا يَديها تُناظِر من صَمت يُفكر ثُم استطرَد
" اتصدقين ..؟ بدا لي انني لستً والِده ايضًا فانا لا اُتقن السَهر على صوت بُكاء الاطفال و رائحة البُراز و مساحيق الصِغار ، ما رايك ان نَبحث عن والديه ؟ بدا هذا الصغير ضائِعًا "
" انا برأيي ان نَذهب انا و انت و هو الي اُمي كي تُربينا نحن الثلاثَة " هَتفت بينَما تتكتَّف ، وَجدتهً يبتسمُ مؤيدًا فإذ بِه يُدرك شيئًا جَعلهُ يَرمش مُنصدمًا " مَهلاً انا اكبرُ من امكِ ! "
فرقَّت سويون شِفاهها تستوعِب ما قاله و قَبل ان تُجيبه كِليهما انتَفض ما ان صَدر صوت بُكاء الطِفل الماكِث بين اذرُع والِده
شَهقت سويون بِصدمَة و قد بدأ التوتر يَعتلي ملامِحها " جونغ..جونغكوك مالذي فَعلته له ، لِما هو يَبكي " اقتَربت تطِل على الصَغير الذي يُغمض عيناه و يَبكي بشدَّة
لم يَكُن خوفها أقل من حَبيبها الذي ارتَبك و راح يَهزُه بِرفق مُحاولا تهدأته " لا اعلم مابِه ، هل شعر ان مُزاحنا كان حَقيقيًا ؟ نحن حقًا نودُ الاحتفاظ بِه " رَدف بِقلق بينَما يُطالع تعابير طِفله
" الهي ، انهُ حساس كأمه ، هشش ياصغيري امك حقًا تُحبك لكن بكاءك يجعل والدك يرغب بالتخلي عَنك لانه يَكره ضجيج الاطفال " قالت سويون بينَما تُحاول مد يدِها و التَربيت على بَطن الصغير بِلُطف لعلَّه يهدأ
لكن بُكاءه ازداد مما جَعل جيون يُناظرها بعدم رِضى " من قال اني اُريد التخلي عنه ؟ انه طِفلي " ناكَفها و قد ضَمه الي صَدرِه لعلَّه يصمُت
" انت تَخنقه ، دعه " رَدفت سويون تُحاول اخذهُ منه لَكنها اكثَر جُبنًا من أن تحمِل طِفل عمره لا يَتجاوز اليَومين ، ابتلَعت ريقِها بتوتر حينَما عجز الطِفل عن الصَمت فإذ بدموعِها تتشكَّل عند اطراف عُيونِها هي الاخرَى
راح جُيون يتجول به في الغُرفة و هو يُهدأه فَوجد نَفسه مُضطَّر ان يُهدأ امه التي بدأت تبكي هي الاخرَى ، وَسع عيناه و اقتَرب منها مُتفاجئًا " مابكِ لما تَبكين ؟ "
نَظرت اليه ثُم طالعَت الصغير و دُموعها تتسرَّب " لقد انخدَشت مشاعِره الصغيرَة ، انه يبكي بسببنا ، نحن ابوين فاشِلين ، هو لا يُريد ان يهدأ "
" اصمتِ سويون ، لازال صغيرًا على ان تُخدش مشاعِره " قال جونغكوك مُتنهدًا على حَساسيَة حبيبته المُفرطَة ، اكثَر ما يَجعلها تبكي طيلَة الوقت هي تفكيرها الزائد بِمشاعر غيرِها
ازداد بُكاءها مع بُكاء الصَغير بَعد ان وَقفت وراء جيون تُحدِق في ملامح الصغير الباكيَة حيثُ كان يُسنده على صَدرِه و وَجه الطفل الي الخَلف
مَسكت بيده الصغيرَة تَراه يُكمش ملامحه الطفوليَة بِبُكاء " ه..هل بدات تَكره ماما؟ اُقسم اني امزح معك لا تبكي " هَمست لهُ و باصابِعها بدأت تُزيح دُموعه عن وَجهه المُحمر لِفرط البُكاء
" جونغكوك انه سيختنق افعل له شيئًا " رَدفت من وسط بُكاءها ما إن زاد بُكاء الطِفل و كليهما عَجزا عن اسكاتِه ، كُلما بكا الصغير بَكت معهُ امه التي لم تعرِف كيف تتصرَّف
دَخلت عليهما المُمرضة تُناظر الام تَبكي مع طِفلها و الأب مُحتار مَن يُسكِت اولاً ، تفاجئت من حالتِهما و قالَت " مالذي يَحدُث ..؟ "
حَدق جونغكوك بِها و مَد الصغير الي المُمرضة قائِلاً " انتِ اسكتيه و انا ساسكِت امه "
انتَشلته المُمرضة منه بِحَذر و عبَرت قائلَة بعدما وَجدت حالة الأم مُزرية لِفرط البُكاء " انهُ ميعاد طعامِه ، يبكي لانهُ جائع "
رَمش جُيون مُندهِشًا و حَدق في سويون التي مَسحت دُموعها " كَيف لم افكر بِذلك ؟ انه حتمًا جائِع " ردف يُواسيها فرأى تعابيرها تستجيبُ معه بعدَما اختفى حُزنها " هل حقًا هو جائِع ..؟ "
" دامكِ هُنا ، لما لا تُرضعينه طبيعيًا ؟ الطفل مُحتاج الي حليب امه " تَحدثت المُمرضَة تُراقِب تعابير جيون التي انقلَبت ما ان جاءَت بسيرة الرضاعة الطبيعيَة
لم تكُن سويون تعرِف لِما المُمرضة سارت نحوها و بين يديها الصَغير لِكونها لم تفهم حديثِها و ذلك جَعلها تتفاجئ و تعود الي الخَلف " م..ماذا ؟ "
" احمليه و أرضعيه ، انهُ طِفلكِ " قالَت المُمرضَة بابتِسامَة خافِتَة تُحدق في تعابيرها المُتعجبَة و هي تنقُل عينيها الي حَبيبها " مالذي قالته ..؟ "
" تقول انهُ علينا الذهاب لِترك الصَغير يرتاح ، نحن مَصدر ازعاج " رَدف بينَما يُمسك بيدِها و يسحبها مَعه ، صادَف ان المُمرضَة مُهتمة بالثقافة الكوريَة لذا فَهمت ما قاله و ضَحكت مُتحدثَة بلغة تفهمها الصُغرى " لابد انهُ يشعر بالغيرَة ، قلتُ انه عليكِ ارضاعه "
" لِما عليكِ اخبارها بذلك ؟ " قال جونغكوك مُنفعلاً يُشاهِد المُمرضَة التي ابتَسمت لهُ مُتحدثَة " انهُ اقل واجِب تُقدمه الي طِفلها لتمنحه الحُب "
راقَبت تعابير سويون المُتحمسَة إذ راحَت تُصفق مؤيدَة " انا مُوافقَة ، اعطيني اياه "
" سويون هل هذِه اخرة حُبي لكِ ..؟ أن تخونيني مع طِفل لم يتجاوز عُمره اليَومين ؟ " عبَّر قائِلا و هو يَدفع بِحاجبه عالِيًا يرى المُمرضَة تدنوا لِتعلمها كَيف تحمل الصَغير بحذَر
انشَغلت سويون بِحمله كَي تحتويه جيدًا بين يَديها و عُيونِها تُضيئ بسعادَة ، ملامِحها المُتحمسَة و هي تنتشِل طِفلهما أنستهُ غيرتِه حيثُ غاص في ابتِسامتها الواسِعَة و تعابيرها التي تَتغير ترسُم عدَّة مَشاعِر مُختلفَة
قَضمت شَفتها السُفلى بعد ان انتَشلته بين ذِراعَيها و تزايَدت نبضاتِها بِعُنفٍ ما ان التَصق الصغير بِها و مال عَليها " انهُ يعرف انني اُمه ، لقد تَوقف عن البُكاء ، هل هذا يعني انهُ سامحني ؟ " رَفعت عسليتيها الي حبيبها تُناظِره
هو يكادُ يُصدق ان هذه الطِفلة انجَبت طِفلاً اساسًا
اومَئ لها يُسايرها و قال " سامحكِ ، لكني من لن اُسامحك على خِيانتك "
" هذه اجمل خيانَة بالعالَم " جَلبت لها المُمرضة كُرسيّ جَلست عليه و صغيرِها بين اذرُعها يستمِّدُ دفئها
" سويون قلبي يتمزَّق ! " هَتف بينما يَضع يده فوق قلبِه مُشكِّلاً تعابير متألمَة ، تجاهلتهُ و قالَت " اُخرج هيا عليّ ان اُعطي ابني غِذاءه "
" اخرُج ؟ لِما عليّ ان اخرُج ..؟ " رَدف رامِشًا يَراها تُجيبه مُستغلَة غيرتِه لصالِحها " لانه لا يَجب على الحبيب رؤية خيانَة حبيبته ، دَعني اتستر على نَفسي "
" سويون من اين لكِ بهذه الاجوبَة الغبيَة بشكلٍ منطقيّ ؟ "
" لست وحدك الذَكي هُنا يا سيد جيون " هَتفت تُخرج لسانِها لاغاضتِه ، ودّ ان يُناقِشها لَكنه استَمع الي صَوت طرق زُجاج النافذَة ، التَف يَرى الطارِق فإذ بِه جيكوب يطلبُه للمَجيئ
حرَّك رأسه ايجابًا و دَنى يضعُ الستائِر كَيّ لا تُرى امرأته من الخارِج ، كان على وَشك فتح الباب و الخُروج لَكنهُ نَطق قبلاً " ساعود و ادفعكِ قمن خيانتكِ غاليًا "
" اغلق الباب وراءك " هَتفت تراه يُقلِّص عيناهُ بِحنق ، ضَحكت على تعابيرِه بعدَما خَرج و هَمت بإرضاع صغيرِها و اسكات جوعِه
انتابها شُعورٍ قشعَر له بدنها بالكامِل
لم تظن يومًا انها قَد تُحب ان تكون اُم
لَكنها مُنذ اول يومٍ عشقت التَجربة بالفِعل
خَرج جُيون الي جيكوب الذي انحنَى و قال مُبتسمًا " مُبارك لك على المولود الجَديد "
" جَديد ؟ هل لديّ قديم ؟ " صغَّر جونغكوك عيناهُ ساخِرًا فَتلاشت ابتسامَة مُساعِده الذي تَحمحم و اعتَدل بوقفتِه مُتحدِثًا " جئتُ لاخبارك ان الولايات المُتحدَة ارسلت طائرَة خاصَة لتُقِل السيد غابرييل و ام الانسَة سويون الي امريكا ، سيُواصِل عِلاجه هُناك "
" هل هُنالك مشاكِل جَرت بشأن ادلاءِه بشهادتِه ..؟ " تَحدث جونغكوك عاقِدًا حواجِبه بخفَّة حيثُ اومَئ جيكوب و عبَّر " غالبًا سيتعرض لِمُسائلة قانونيَة لان الولايات المتحدَة رَفضت ان يَشهد بالمحكمَة لكونه يُعتبر عضو سابِق في الاستخبارات الامريكيَة "
" سيَدفع غرامَة قدرها ملايين الدولارات و قَد يُقال من منصِبه ايضًا تجنُبًا لدخوله السِجن ، القانون الامريكيّ صارِم في هذه الامور "
زمَّ جونغكوك شَفتاه باستِياء و هَتف هامسًا " ماكان عَليه ان يَشهد ان كان الأمر سيكلِفه منصِبه "
" السيد غابرييل كان سببًا في نَجاح خُطتنا و انقاذ حياتك في المحكمَة ، من الواضِح انهُ يُحاول أن يُعوض ابنتِه على غيابِه ، و اكثَر ما يستطيعُ فعله لضمان سعادتِها هو ابقاءك بِجانبها ، انا أب لذلك اعرِف مايفكر به الاباء جيدًا " رَدف جيكوب مُبتسِمًا يُحدِق في تعابير جونغكوك المُمتنَة لِوالد حَبيبته
اومَئ مُبتسِمًا لِيتنهد بِخفَة قائِلاً " سويون سَتحزن ان لم تَجِد والدها و والِدتها بالقُرب مِنها ، سَنختلق عُذر انه اُرسل في مُهمَة و والِدتها ذَهبت معه ، ليس عليها ان تعلم باصابته ابدًا "
" لكن الاعلام تَداول خبر اصابته ، لاشك انها سَتعلم من الانترنت " هَتف جيكوب عاقِدًا حواجِبه ، اجابه الوَزير بعدَما خبئ يداهُ في جيوبِه " لن اطلُب منك ان تأمر بمسح كُل ما يَتعلق بالخَبر ..! انت عليك ان تفعلها من تلقاء نفسك "
" ايضًا جَهِز لي بيتًا هادئ عند اطراف المدينَة في لُندن ، سَاُقيم انا و سويون هُنا هذه الفترَة ، اُريده مُنعزِلاً كَي لا يصِلُها اي خَبر من اي احَد "
" حسنًا سيدي ، لَكن ماذا بِشأن مُحاكمتك ..؟ " سأله مُساعِده ينتظِر اجابَة سيدِه الذي طال صَمته و هو يُقلِّب افكارِه " لا يُمكنني دُخول السجن هذه الفترَة ، سويون لن تحتمِل نَفسيتها سَتسوء بِلا شَك لِذا ساتواصل مع الملِك و اُبلغه بِرغبتي في تأجيل المُحاكمَة حتى يُشفى غابرييل و يعودُ للبقاء معها حتى حين عَودتي "
" عَظيم ، هل اُبلغك ببقيَة الاخبار ا..ام اُجلها لوقتٍ لاحِق ..؟ " قال بينَما يزِم شِفاهه مُترددًا في حَديثِه ، بَدا الأمر جِديًا لِذا نَظر جونغكوك خَلفه يُحدق في حُجرة الحضانَة قَبل ان ينطِق " ساهتمُ بايصال سويون الي غُرفتها ثُم آتي لنتحدث "
انحنَى لهُ الاكبر سِنًا مُتجاوبًا مع حَديثه بِمُغادرتِه و افساح المَجال لهُ بالبقاء مع حَبيبته اكثَر ، حينَما واشَك الاصغَر على دُخول الغُرفة خَرجت لهُ سويون التي تَحملُ تعابيرًا مُنصدِمَة
انقبَض قلبهُ لِرؤيتها تُناظِره و الصَدمة تملئ عَسليتَيها ، خاف أن تكون سَمِعت ما دار بينه و بَين جيكوب لِذا سألها بِقلق " ما الامر ..؟ "
حَدقت سويون بِه و عُيونِها قد امتلئت بالدُموع ، تَمسكت بِه تُجيبه بغصَّة " ل..لما لم تُخ..تخبرني ..؟ "
" اُخبرك بماذا ..؟ " زاد توترِه من نَبرتِها المُختنقَة ، سانَدها بامساكِ عِضديها يَجِدها تُقاوم دُموعها بصعوبَة " لِما اخفيت عَني ..؟ "
ابتَلع ريقِه بِقلق و ارتبَك مُحاوِلاً اختلاق عُذر مُناسِب ، قَبل ان يُجيبها تَحدثت هي بِحُزن " لِما لم تُخبرني أن.. ان طِفلنا يُعاني من ضيق تَنفس مُزمن ..؟ "
ارتَخت تعابيرِه بِمُجرَد ان اخبَرته بِذلك ، تَنفس بِراحَة و شكَّل ابتِسامَة خافِتَة مُحاولاً مُواساتِها " انهُ مرض يُصاب به غالبيَة الاطفال ، لكونِه خُلق قبل اوانِه ، لا تَخافي سيتحَسن مع مُرور الوَقت "
" ل..لا ، لق..لقد كان يَت..يتنفس بصع..بصعوبَة ، خ..خفت كثي..كثيرًا " تَحدثت بِبُكاء تتذكَّر مَشهد اختناقه بَين ذِراعيها و هو يَرضع
خافَت ان تَخسره بِتلك اللحظَة
ارتَعش بَدنها و نَفت تطرُد تلك الافكار السامَة " ان..انه صغير جدًا ، لا يستطيع التَنفس جيدًا "
" صغيرتي انا ايضًا اُعاني من ضيق التنفس ، لكن ها انا ذا بِخَير امامكِ " رَدف بينَما يُعانقها من الجانِب يَمسحُ على ذِراعها
" انت لا تَستطيع الشُعور بما شَعرتُ بِه ، انهُ صغير حينَما يتألم لا يَستطيع التَعبير عن وَجعه ، الامهات يغضبون مِن بُكاء اطفالِهم الذي برأيهم هُو بلا سَبب ، لَكن دام الصغير بَكا فهو يشتكي مِن شَئ ما ، لا اُريد تَخيل نفسي اغضبُ منه مُستقبلاً لانه يبكي بينَما هو يُعبر لي عن ألمه " تَحدثت بغصَّة و قَهر بينَما تُعانقه و تُراقِب طفلهما النائِم عبر زُجاج الحُجرة بعدما ازالَت الممرضَة الستائِر
كانَت المُمرضة قَد وصلتهُ بِجهاز تَنفسٍ صناعيّ يُناسب عُمره لِتنظيم تَنفسه
" كُلما اشعر بِضيق تنفس اشعر ان العالَم قد انتهَى ، كَيف هو صَغير اذًا ؟ سيتألم كَثيرًا " هَتفت بِهمسٍ تُشاهِد طِفلها بِعينين باكِيَتين
هو لا يَستطيع لومِها على حساسيتِها الزائدَة فَفترة مابَعد الوِلادَة سيئة على نَفسية الام التي تُصبِح هشَّة للغايَة ، مِن دون شَئ سويون مُرهفَة الحِس فَمبالُك اثناء هذِه الآونَة
رَفعت عينيها الي والِد صغيرِها و قالَت بِحُزن " الا يُمكنهم احضارُه لي الي الغُرفة ..؟ لن يُطاوعني قلبي تَركه هُنا ، قد يَختنق مُجددًا و يَكون بِحاجة اليّ ، ارجوك "
اعتَرض بعدَما احاط وَجنتيها يُجفف دُموعها باصابِعه بِلُطف يُخلِّف وراء كُل دَمعةٍ قُبلَة تُخفف عَنها الثِقال ، اجابَها بِدفئ بعدما اسنَد جبينهُما " حَبيبتي هو مُحتاج الي الرِعايَة هُنا ، غُرفتكِ ليست مُعقمَة لِكون يَدخلها الجَميع ، انا و انتِ و ايڤا و تايهيونغ مع الطاقم الطبيّ ، يجِب ان يبقَى ثلاث ايامٍ تحت المُراقبَة ثُم سنأخذه و نُغادر معًا "
استَطاع اقناعِها بِحديثه لِذا اومَأت ايجابًا و سارَت معهُ الي غرفتِها " لَكِن هل سنعودُ الي كوريا الان ..؟ "
" ليسَ بعد ، رُبما بعد شَهرين ، الصغير لا يُمكنه السفر الان " اجابَها و هو يحتضِنها من الجانِب و يُربت على كَتِفها " لَكن اين ماما و بابا ؟ لِما لم يأتيان لِرؤية الصَغير ؟ " سألته بعدما وَجهت بصرها نَحوه
زمَّ شِفاهه مُمتنِعًا على اجابتِها لِبرهَة ، ساعدها بالجُلوس على فِراشها و استقَر قُربها هاتِفًا " اعلمُ انه ليسَ وقته ، لَكن تعرفين ان القانون لا يَرحم " حَدق في عَينيها العسليَة و هي تُناظِره بإستِفهام ، اكمَل حديثِه بهدوء بعدَما احتَضن يَديها مُحاولاً مُراعاة شُعورها " والِدك سافَر و اخذ معه امكِ ، انتِ تعرفين آخر ما جَرى و شهادتهُ بالمَحكمَة سببت لهُ مشاكل قانونيَة في الولايات المُتحدَة لِذا لم يَستطِع البقاء "
هي استَطاعت تَفهم الامر فوالِدها سَبق و اخبَرها انهُ سيُغامِر من اجلِها ، لَكن ذلك لم يَمنع حُزنها حَيثُ قالَت عابِسَة " حَزنتُ كَثيرًا ، لابأس انا اتفهم لان ما مِن احد توقع اني سالدُ في المُحاكمَة ، المهم انهُ سيعودُ من اجلي لِيرى صغيرنا "
تَلقت مَسحاتٍ لطيفَة على رأسِها من قبل حَبيبها الذي اهداها ابتِسامَة رَقيقَة مُتحدِثًا بِلُطف " انا واثِق انه سيكونُ سعيدًا جِدًا ، و لابد ان عِلاقته مع والدتكِ تحسنت دامه اخذها معه "
" في زِفاف ايڤا قال انه عَرض عليها الزَواج و هي رَفضت ، اتصدِق كيف لها ان تَرفض رَجُل وسيم مِثله ؟ امي ليسَ لديها ذوق " قالَت بينَما تُوسع عينيها و تَشرُح بِيديها المَوقف حيثُ اكمَلت " لكنه لازال مُصرًا على الزواج مِنها ، انهُ يحبها كَثيرًا "
" دامهما انجبا كَومة مَشاعر مُتنقلة مثلكِ ، انهُ واضح انهما يُحبان بعضهما جدًا " بَعثر شعرها الناعِم يُقهقه على تعابيرِها العابسَة من فعلتِه و هي تُرتب خُصيلاتِها بعدَما غَزت وَجهها
افسَحت لهُ مَجالاً بالتَمدد قُربها و هو لَم يُمانِع ، استَلقى الي جانِبها و مَنحها صَدره للاتكاء عَليه يُنصت الي حديثها العشوائي مُربتا بيدِه على ذِراعها
" اتعلم ، حينَما كنتُ صغيرَة كنتُ اكره الاطفال كَثيرًا ، اُمي انجَبت اختي الصُغرى و انا كنتُ في سِن الرابعَة او الخامسَة ، لم يكُن مارك يسمح لها بالاهتِمام بي و يقومُ بسجني طَويلاً في غُرفتي يَمنحُ ابنتِه من امي كُل الاهتمام و الدَلال بينَما تربيتُ انا كَيتيمَة بِلا أهل ، اعتادَت من صغرها ان تَحصل على كُل شَئ حتى العابي التي تجلبها لي والدتي بالسِر تأتي لاخذها و اخبارِه باني سَرقتها مِنها فَيتم ضَربي و تعنيفي من قِبله لِدرجة اني كرهتُ اللعب و اعتَزلته كُليًا ، كنتُ اتمنَى ان احصل على دُميَة شقراء كَخاصتِها و اُسرح شَعرِها و البِسُها ثيابًا كثيرَة تأتي مَعها لَكني كنتُ اراقب اختي تلعب بِها من اسفلِ باب الغرفَة المقفول "
" كانت تتعمَّد ان تاتي لِتلعب امام باب غُرفتي لاغاضَتي ، لوهلَة شعرتُ اني عدوتها و لستُ اختها حتَّى ، كنتُ اتسائل من اين لها بِهذه القسوة و هي طِفلة لا تتجاوز الثلاث سَنوات ؟ لِذلك بدأت لا اُحب ان اتواجد بِمُحيط به اطفال كُثر ، لم اكُن اعلم ان كنتُ قادرَة لاحُب طِفلي لاني لم اتلقَى الحُب و انا طِفلة ابدًا ، لديّ نُدوب بالداخِل قد تَجعلني اظلِمه ، اخاف ان يَكبر و هو يَكرهني لاني مَنحته طفولَة سيئَة لِذلك لم اتخيل نَفسي اُم قَط "
رَفعت رأسها الي حَبيبها الذي يَمنحها اهتِمامه الكامِل ، نَظرت بِداخل عَينيه تَرى بريقًا مُتشكلاً بِفعل بِلوراتٍ مالِحَة ، هو يتأثر بِشكلٍ سئ حينما تَروي ماضيها لهُ و يشعُر انه المُشارِك الاكبَر في ذلِك
لِكونه تَركها خلفهُ و سافَر
" لكن بعد ان تزوجنا ، و حينَما حملت ايڤا شعرتُ لاول مرَّة اني اُريد ان اكون اُم ، ما ان ذَهبتُ الي محل الاطفال لاقتني هديَة لِصغيرها ، غَزاني شُعور لم اشعُر به من قَبل ، تَخيلتُ قطعَة منِّي و مِنك و احسستُ اني اُريد ان اُحب طِفلي ، اُريد ان اكون اُم لِصغير مِني و مِنك انت ، كان السَبب في رَغبتي بتجربَة الامومَة انك الاب "
كُل ما يَستطيع أن يُقدمه لها على حَديثِها ابتِسامَة رَقيقة بِرفقة قُبلة دافئَة على رأسِها بينَما يجتذِبُها الي صَدرِه يُضيِّق العُِناق بينهُما ، اكمَل انصاتِه اليها بِكُل اهتِمامٍ يَجِدُها تَقول " يقولون أن فاقد الشَئ لا يُعطيه ! لَكني ضِد هذه المَقولة تمامًا ، فاقد الشئ يُعطيه و بِقوَّة "
اتفَق معها جُيون في مَقولتها و استَطرد مُبتسِمًا " اُوافقُكِ ، انا واثق انكِ سَتمحين صغيرُنا كُل الحُب و الرعايَة و الثقة التي يَحتاجها "
" اليس كَذلك ؟ ساهتمُ به و حينَما ننجب طِفل آخر لن اجعله يَشعُر ان اخيه افضَل منه ، ساهتم بِكليهما بِذات القَدر " تَحدثت بينَما تُناظر الفَراغ و تُسند رأسِها على صَدر حبيبها تستمتِع بِلمساتِه الهادئَة على شَعرِها
لَم تتوقف عن الحَديث لِثانيَة ، هي اشتاقَت لهُ جِدًا و اشتاقَت لِمُشاركته اتفه احاديثِه دون ان تنتظِر منهُ رَد حتَّى ، يُعجبها انصاتِه لها و همهمته مع كُل مَقطعٍ تقفُ عنده في الكلام يَحثُها على الإكمال
كُلما تَحمست ابتَعدت عن حُضنه و جَلست تشرح بيديها لِيعيد جَذبها اليه مُجددًا يُقهقه على تعابيرِها المُنفعلَة ، هي حتمًا بدأت تحكي له مواقِفها في الجامعَة حينما امتنع عن تَدريسِهم و مالذي جَرى في غيابِه
اخَذها النوم و هي عَلى صَدرِه بعد سَربٍ من الاحاديث التي يَعشقُ هو الاستِماع اليها مِنها ، ابتَعد عنها بِحَذرِ شَديد و سَمح لها بالاستِلقاء باريحيَة على الفِراش باكملِه لِيضع عَليها الغِطاء و يُقبل جَبينها " مَلاكي " هَمِس بِحُب
اطمئنَّ انها لن تَصحوا قريبًا بِبقاءه بِضع دقائِق قُربها فكُلما تَحركت قام بالتَربيت عَليها بِلُطف فَتعود الي النَوم بِسُرعَة
غادَر من الحُجرة يُغلق الباب وراءِه و يَتصِل بريڤين حَتى تأتي لِمُجالستِها كَون ايڤا قد عادَت الي الفُندق بَعد ان شَعرت بالارهاق و التَعب
بَعد ان جاءَت ريڤين و مَعها بِضع مَلابس نَظيفَة لَها و للصَغير اقتَربت مِن الجالِس امام باب الحُجرة يُفكر بِصَمت
دَنت منهُ و قالَت مُبتسمَة " جئتُ و جَلبتُ معي ملابِس الصَغير " رَفعت تلك الحَقيبة الزرقاء التي تَخُص ابنه امام عَينيه السوداء
تبسَّم ملمَحه و استقام شاكِرًا " شُكرًا لكِ ، كان من الصَعب عليّ الخُروج و جَلب كُل ما يَحتاج بِسبب الفوضَى التي تعُم خارِجًا "
" لابأس ، اوصيتُ سويون ان تجلِب معها حَقيبة الطِفل اثناء سفرِها فلا احَد يعلم بالظُروف ، من الجَيد انها استَمعت الي النصيحَة و جاءَت بِها ، قد اعطتها اليّ والدتها قبل سفرِها مع والدي " هَتفت الصُغرى بابتِسامَة لطيفَة و نَطقت مُكملَة " خِلال الموقف الذي جَرا و اصابَة ابي لم اتمكن مِن المُباركَة لك ، انا سَعيدة لكُما جدًا ، اتمنى ان يَنموا نمو حَسن بينكُما "
شَكرها الاكبرُ سِنًا بابتِسامَة ودودَة قائِلاً " شُكرًا لكِ ، ايمكنكِ اعطاءها بعض النصائِح كام مُبتدئَة ..؟ بَدت مُرتبكَة قليلاً ، بِذات الوقت عَليكِ شَغل بالها بِذلك حتَّى لا تعرِف حقيقة ماجرَى ، هذان اليَومان سانشغل عنها قليلاً "
حَركت رأسها مُتفاعلة مع حَديثه بالايجاب و قالَت بلُطف " ساقومُ دون ان تُخبرني ، كُلنا نرتبك عند الطِفل الاول خُصوصا سويون لازالت صغيرَة ، انجبتُ سايونغ في عُمر الثمانيَة و العِشرون و كنتُ مُرتبكة جدًا ، فمبالك هي ، اذًا عليّ الدُخول و الاطمئنان عَليها "
تَركته و دَخلت الي حُجرة اختِها النائمَة في حين أنه غادَر للالتِقاء بِجيكوب لاخبارِه بِبقيَة الأخبار ، تَوجه الي الطابِق السُفلي لِمُقابلِته حيثُ وقفا سويًا بالقُرب من المقهَى التابِع للمستشفى
" اذًا ما الجَديد ..؟ "
نَظر جُيون في عينيّ جيكوب بَعدما طلب قهوَة داكِنَة مِن كافتيريا المُستشفَى ، راقَب توتر مَلامح مُساعِده يراهُ مُترددًا باخبارِه لِذا سُرعان ما قال " لا تقُل لي ان جونغ ووك هَرب من الشُرطَة ..؟ "
" لالا ، انهُ لازال في غُرفة التَحقيقات منذ يَومين ، لا تَخف " طَمئنه بِقوله مُستمعًا الي تنهيدَة سيدِه المُرتاحَة ، احتَسى من قَهوته و ابتَسم قائِلاً " دام جونغ ووك لازال تَحت قبضتِنا اذًا ليس هُنالك شَئ اقلق مِنه "
ابتِسامتهُ الواثقَة تِلك تَلاشت بِمُجرَّد أن سَمِع كَلام مُساعده الذي نَطقهُ بَعد صَمتٍ مُطوَّل ، تَضاربَت نَبضات قلبِه و قد سَقط كوب القهوة من بَين اصابِعه بعدَما ارتعَشت اطرافه بخفَّة و انتابه ضِيق قويّ بِداخل صَدرِه
•••
يَركُض بين ممراتِ المُستشفَى في الطابِق السُفليّ الذي يقبعُ تحت الأرض ، يتجاوَز كُل من يسيرُ امامه غَير مُبالٍ بالاشخاص الذين صَدمهم و تَسبب في سِقوطِهم
مُبتغاه الوصول الي وِجهته للتأكد مِن صحَة الخَبر الذي سَمِعه ، بدأ نَظره يتشوش و هو يُقاوِم دُموعِه يَمنع نُزولها قد استِطاعته
حينَما بلغ مَقصِده ، رآها
رأى امه جالِسَة فوق احدى الكَراسي تُناظِر اقدامِها بِصَمت
" ام..امي " اقتَرب منها بِضع خُطواتٍ ينده عَليها ، لم تَرفع عينيها اليه كَما لو انها لَم تلحَظ وجوده حتَّى ، بَدت كَجسدٍ غابَت روحه عن الحَياة
وقف امامَها و طول قامتِه جَعلتها تنتبِه الي وجودِه ، رَفعت عينيها المُحمرَة شديدَة التورُم تَضعهما على وَجه ابنِها الذي نَطق هامسًا " احقًا ما سَمِعت ؟ "
وجودِها في تلك البُقعَة ، يُثبت حَقيقة ما سَمِعه
رُغمًا من ذَلك سأل ينتظِر اجابَة تُنفي تلك الحَقيقة و تُخبِرُه بِعكسها ، قال بِنبرَة مُهتزَّة تَختقه العبرَة " ه..هل اب..ابي م..مات ؟ "
استَقامت جونغهيون مِن مَجلِسها تُحدِق في مَلامح طِفلها ، تَرى الدُموع عِند اطرافِ عينيه و هو يُقاوم هطولِها " ل..لما سَتبكي و هو سَبب دمارِك ..؟ " هَمست لهُ بِوجهها الشاحِب و صَوتِها المُتعَب
راقَبت تَسرُب دُموعه ما إن اعطتهُ الاجابَة التي جَعلت قلبه ينقبِض بألم ، ابعَد عينيه عَنها يَكتُم بُكاءه قدر استطاعتِه إذ هَمس مُختنِقًا " م..مات بهذه البس..البساطَة ..؟ "
" ار..اردت ان اسم..اسمع كلمة اس..اسف م..منه " هَمِس مُتحسرًا و قلبهُ يحترِق ، رُغم ايذاء والِده لهُ ألا انَّه يظلُ الاب الذي رَباه و كَبره و مَنحه الكَثير من الحُب في طُفولتِه
لا يَتذكر مَوقف سَئ دار بينهُ و بين أبيه ابدًا
لِذا ان يَتقبل فكرَة انهُ المُتسبب في مُعاناتِه كانت ثَقيلَة عليه
اقتَربت جونغهيون مِنهُ تُعانِقه بينَما تُناظِر الفَراغ بِصَمت ، صَدمة حَقيقة زوجِها لم تكُن سَهلة البتَّة ، لَكِن موته كان بِمثابَة صاعقَة بالنسبَة اليها
كان زَوجًا صالِحًا اعطاها كُل الحُب و الرعايَة و الأهتٍمام
بَعد ان كانَت ترعرع بين احضانِ الفقر و المُعاناة
" اراد رُؤيتِك قبل مَوتِه ، اراد اخبارك بانهُ اسِف ، لَكن الرب لم يَمنحه فرصَة التكفير عن ذنبِه بطلب المغفرَة مِنك ، أخذ روحه بعدَما تعذَّب على فِراش المَوت ، لقَد رحل " قالَت لهُ بِصوتٍ هادِئ تشعُر باهتزاز جَسد ابنها ضِدها بِفعل بُكاءِه الصامِت
وَضع يَده على عَينيه يُخفض رأسه بينَما يَبكي بشدَّة ، لم يَكُن يومًا يتمنَّى مَوت والِده البتَّة ، رُبما سيكونُ احمَق ان قال انهُ سيُسامحه ان طلب المغفِرَة
لكنهُ كان مُستعدًا فِعلاً لِمُسامحتِه
ابتَعدت جونغهيون عَنه و ناظَرته ، مَسكت بيدِه تُزيحها عن وَجهه لِتكشف عن دُموعه التي تُبلل عينيه و وَجنتيه " ذنبه لا يُغتفَر ، انت ليس عليك البُكاء عليه بِهذا الشَكل " هَمست تَرى كُحليتيه الغارقَة بداخِل سائلها المالِح
سَحبها الي صَدرِه يُعانقها بشدَّة و يَحشُر رأسه في خُصيلاتِها يُفرِّغ كُل ما بِداخله عبر مُشاركتها البُكاء بَعد ان بَكت هي الاخرَى
كُل ما يُسمع في ارجاء ذاك المَمر الهادِئ اصوات بُكاء الام و ابنِها و هُما يحتضِنان بَعضهِما البَعض بشدَّة
•••
اليَوم الذي يَليه
" هل انتِ مُتأكدة من انكِ بِخَير ..؟ " هَتف جونغكوك بِصوتٍ تأمله البحَّة يُطالِع والِدته التي هَمهمَت و هي تَحتسي مَشروبًا يمُدها بالطاقَة
" لِما عليكِ السَفر ..؟ انا لستُ غاضِب منكِ " قال و هو يُطالع حَقيبة سَفرِها التي تَجمع أحتياجاتها الكاملة ، عاود التَحديق بِها حينَما ردَّت " بعد كُل الذي حَدث ، لا استطيعُ البقاء هُنا ، اشعُر انهُ غير مُرحب بي حَتى لو لم تُشعرني بِذلك ، لِذا اودُّ السَفر الي اختي في بلجيكا ، خالتك لَديها مَيتم ترعى فيه الايتام كَما تَعلم لِذا اودُ مُشاركتها هذا الأجر ، لعلّ الرَب يغفِر لي "
" اُمي انتِ لم تكوني سببًا في الذي حَدث ! " وضَّح قائِلاً بينَما يعقد حواجِبه بعدم رِضى ، وَجد ابتِسامتها الخافتَة تَظهر على مَلامحها الشاحِبَة و هي تعترِض " غفلتي عَن الذي فعله اباك من وراء ظَهري كان في حَد ذاته اكبَر ذَنب ، انت من مسؤليتي و انا سَمحت لهم ايذاءك ، انا اسفَة لاني لم اكن اُم جيدَة لك ، و اسفَة لاني انجبتُ لك وَحش لا أخ "
صوتها المُرتعِش نهاية حَديثه جَعل من دُموعها تَتسرَب و هي تُكمِل " اسفَة لاني انجررتُ وراء مشاعري و صَدقته هو ، كُلما اتذكَر مِقدار الخَطأ اتمنَى المَوت ، ارجوك سامِحني "
بادَر بِعناقها و احتِضانها مُطبطِبًا بِلُطفٍ على ظَهرِها حَيثُ قال بِصوتٍ مُختنِق " لا لَوم على الغافِل ، ارجوكِ انتِ في الآخر امي لا تَطلبي السَماح مهما حَدث "
تَشبثت بِثياب طِفلها و دُموعِها تتسرَّب بندم و حِرقَة شديدَتين ، ابتَعد عَنها يُنشف لها وَجهها باصابِعه و ينطِق مُبتسِمًا بِلُطف " ألا تُريدين رؤية حفيدكِ ..؟ "
رأى عُيونِها تومِض بلهفَة حيثُ قالَت " هل ا..استَطيع ..؟ "
اومَئ لها بابتِسامَة خافتَة و يَده تَمسح على شَعرِها بعدَما قبل جَبينها قائِلاً " لِنذهب و نَراهُ معًا ، عليكِ القاء نظرَةٍ عليه "
سايرتهُ في التَوجه سويًا الي قِسم الاطفال حَيثُ الحَضانة ، هُناك وَجدا المُمرضَة تقول و هي تُرتب فراش الصَغير الفارِغ " تم نقل الطِفل الي جِوار امه بعدَما اطمئنت الطبيبَة على حالِه "
ابتَسم جونغكوك بِوسع من حَديثِها و ناظر امه مُتحدثًا " انهُ مع سويون ، هيا نَذهب نراهما معًا " مَسكها من يدِها بغيَة اخذها معه لَكنها رفضَت قائلَة بتوتر " قَد لا تُرحب سويون بي ؟ لا اُريد ازعاجِها و هي نافِس "
" امي هل تَتحدثين عن سويون ؟ تِلك البلهاء ان ابتسمتِ بوجهها ستعانقكِ فورًا " قال بينَما يجُر والدته وراءَه ، اجابتهُ الاكبر سنًا مُصححَة " انها ليسَت بلهاء ، بَل طيبَة القَلب "
فَتحا باب حُجرَة سويون الجالِسة على فِراشها و بِرفقتها ريڤين مَع ايڤا و زوجِها ، جاءوا صباحًا لرؤيتها فِي حين ان اختها نامَت معها البارِحَة
سَمِعت سويون فَتح الباب لِذا خَمنت انهُ حبيبها بِلا شَك ، قالَت بِحماسٍ مُفرط و طِفلها بين يَديها تقومُ بالباسِه ملابِسه بسعادَة غامرَة " جونغكوك خَمن ماذا ، لَقد قُمتُ بتغيير حفاظ الصَغير لاول مرَّة ، لقد علمتني ريڤين ذل.. "
تَوقفت عن الحَديث ما إن رأت المرأة التي بِجوار حَبيبها ، تَلاشت ابتِسامتها بِبُطئ لِتخفض بصرِها الي صغيرِها ترفع له سِرواله بحذر كَما علمتها اختها
" سويون ، جاءَت امي لرؤيتك و رؤية الصَغير " رَدف جونغكوك بِهدوء يقترِب من حَبيبته ينخفِض لِتقبيل رأسِها و مُلاطفَة الطِفل الذي يُحرِك قَدماه بخفَّة
قامَت سويون بِحمل الصَغير بين يَديها و ازاحَة غِطاءها تستعِد النُهوض ، استَقامت و ارتَدت خَفيها تُناظر حَبيبها الذي قَرن حواجِبه بخفَّة
سارَت تتجاوَزه مُتسببَة في خَيبة أمل لامه التي اخفضَت رأسها بِحُزن ، تَقدمت سويون مِنها و وَقفت امامها تُحدِق بها بِهدوء
ما ان رفَعت جونغهيون عَينيها الي حَبيبة ابنِها حتى لاحَظت ارتسام ابتِسامَة لطيفَة على وَجهها و هي تَقول " هل تَعرفين كيف تَحملينه ؟ ام انكِ نسيتِ حمل الاطفال بعد مايُقارب الاربعون عامًا " تختم حَديثها بِمد الطفل نَحو جَدته التي اتسعَت بُؤبؤتيها بِمُجرَّد ان نظرت الي مَلامح الصَغير
" ان..انهُ يشب..يشبه جونغكوك حينَما كان رضيعًا " هَتفت باندِهاش تَرى الطِفل يقومُ باغلاق عُيونِه و فَتحِها بِضعَة مراتٍ بينما يُفرق شِفاهه الصغيرَة
امتلَئت عينيها بالدُموع بعدَما حَملته و قامَت باحتِضانه تستنشِق رائحته النَقية المُحببَة لدى الجَميع ، رائحَة الاطفال حتمًا هي الأنقَى في العالَم
ابتَسمت سويون لِتعود جالِسة على فِراشها تترُك مجالاً لجدَة طِفلها باحتِضانه ، نَظر جونغكوك الي حَبيبته مُبتسمًا بإمتنان لانها لم تَرد اُمه او تُضايقها
مَسكت الصغيرَة بيدِه و هَمست لهُ " لقد تعلمتُ تغيير الحِفاظ "
لا يَعلم لِما تقومُ بالهَمس بعدَما كانت قبل قليل تَصرُخ و هي تقولها بِحماس ، لَكنهُ شاركها الهَمس قائِلاً " حقًا ..؟ "
" اجل ، هل تُريد ان اريك ذلك ؟ " هَمست ايضًا و هي تَرفع رأسها له بينما تتشبث بيدِه لكونه يفوقها طولاً بوقوفِه ، اجابَها بذات النبرَة مومئًا " اجل اريني "
" حسنًا عليّ ارضاعِه كي تمتلئ معدته مُجددًا " هَتفت بصوتٍ خافِت فإذ بملامِحه تتغيَّر ما ان جَلبت سيرَة الرضاعَة " لا ، كَيف يُمكنك ان تُريني شَئ كَهذا ؟ لا احتمل انهُ مقزز " اعتَرض قائِلاً بشكلٍ جعلها تقهقه
تَعرِف ان ردَّه ناجِم من رفضه لفكرَة ارضاعِ طِفله فَحسب
قامَت والِدته بالجُلوس بالقُرب من سويون و هي تَحمِل بين ذراعَيه الصَغير و تَقومُ بالتَربيت عليه بِلُطف ، سعادَتها لا توصَف و هي ترى نُسخة مُصغرة من ابنِها تُشبهه حتمًا
غادَرت ريڤين الي منزِلها تستعِد للعودَة الي كوريا في حين أن تايهيونغ خَرج مع جُيون لاجل الاهتِمام ببعض الامور
بَقت ايڤا مَع جدتها و حَبيبة ابيها يَلاطِفون الصَغير و يُلاعِبونَه حيثُ بدأت جونغهيون باعطاء سويون النَصائِح حَول كيفيَة الاهتمام بِالطفل و مُرعاتِه
هي اخَذت نصائِحها بِصَدرٍ رَحِب لِكونها جديدَة في قِسم الامهات
فَرحة ايڤا بالصَغير و هي تَحمله كانت لا توصَف
كانت سويون سَتُجزم انهُ ان كان ابنها هي ماكانت لِتفرح بِه لِهذا الحَد
كانَت قد ذَهبت الي المركز التِجاريّ مع زوجِها لِشراء الكَثير لأخيها تَعبيرًا عن سعادتِها بِقدومِه ، مُنذ طفولتِها تَمنت ان تَكون اُم و تَحصل على طِفل تَعتني بِه تمامًا كما يَهتمُ بِها جُيون
احبَت الامومَة بِسببه هو
لانهُ مَنحها دور الام و الأب و لم يُشعرها يَومًا بالنَقص بَل العَكس
حَفز بِداخلها الكَثير من المَشاعِر التي تتحرَّك كُلما رأت طِفل صَغير
سويون سَعيدة بِفرحَتها و تَركت الصَغير لَديها لِكونها لم تَشئ انزالِه بَل بقت تَجول الحُجرة و هي تُحاكيه و تتحدَّث معهُ كما لو انهُ يفهمها
سَتكون اُخت جيدَة لهُ و تَرعاه و تُحِبُه كَثيرًا
•••
" اتُحب اسلوب العُنف لِتُقِر ..؟ "
صَدر صَوت المُحقق الحاد مُوجِهًا حَديثه الي الاربعينيّ الجالِس قُبالته يَلتزِم الصَمت مُنذ ايامٍ رافِض الحَديث
مُنذ ان جَائوا بِه الي مركز الشُرطَة امتنَع تمامًا عن ادلاء اي اجوِبَة و فضَّل الصَمت على ان يُقِر بأفعالِه
تَنهد المُحقق الذي اَخفض رأسِه يُبعثر شَعره بانزِعاج " سُكوتك يُثبت التُهم عليك ! اتعلَم مِقدار حجم الجريمة التي تُشارك بها ..؟ انت قَد يُحكم عليك مؤبد او اعدام ! ناهيك انك تَعديت على سُمو الاميرَة "
ارتَفع طَرف شِفاه جونغ ووك مُبتسِمًا بِسُخريَة " اخبرتُكم ان ذلك العاهِر هو المُجرم ، انهُ يتظاهَر بالبراءَة ، لا تنخدِعوا بِه ، قَتلها لاني انا و سُموها نُحب بعضنا "
" ان كان قَتلها لانها خانته ، لِما لم يقتلك انت ايضًا ..؟ " هَتف المُحقق مُستهزِءًا بالرَجُل الذي شدّ قبضتهُ بغضَب ، خَبط بيداه على الطاولَة بقوَّة و استقام صارِخًا بِه " كَيف لكم الانخِداع بِه ؟ انه يُجيب القاء الاكاذيب ، اخبرتُك هو سَرقها مني ، هو يُحب تملك كُل شَئ ، انه نرجسي مَريض "
تَلقى لَكمة عَنيفة في مُنتصف وَجهِه مِن قبل المُحقق اجلستهُ على كُرسيه ، طالعهُ الشُرطي مُهسهسًا بحدَة " ان تجرأت و نَعت وزير دولتنا العليَة بِمثل هذه الالفاظ سيتمُ اقتلاع لسانك "
نَزف أنف جونغ ووك اثَر تلك اللكمَة القاسيَة لِيمسحه بِطرف اصابِعه يُناظِر عينيّ الشُرطي بحدَّة " ذلك العاهِر وصل لِمنصبه استغلالاً لاسم الاميرَة ، انهُ محتال كَيف لا تستطيعون رؤية ذلك ..؟ هل القى عليكم تعاويذ تَجعلكم تُطيعونَه دون تَفكير ؟ حبًا بالرَب "
" اعترافك بافعالك تُساعدك على انقاص الحُكم ، هل لازلت مُصِّر ؟ " هَتف المُحقق مُتنهِدًا بَعدما يأس مِن مُحاكاة الرَجُل امامَه ، عاوَد جونغ ووك التزام الصَمت مُكتفًا يَداهُ بِهدوء
فُتح باب الحُجرة الخارِجية حيثُ تتواجد اجهزَة الحاسوب التي تتعقَب الصوت من الداخِل ، دَلف جونغكوك بِرفقة تايهيونغ مُتنكرًا بِزيّ أسود اللون كَي يسيرُ باريحيَة بين الشَعب دون أن يَتعرف عليه أحَد
ازال كَمامته موجهًا سُؤاله الي الشُرطيّ الواقف خَلف من يجلِس عند الحاسوب " كيف الاوضاع ؟ هل اعتَرف ؟ "
حَدق كِلا الشُرطيين بِه حيثُ القَى الواقِف التحيَة لِيستقيم الجالِس يُحيه مُجيبًا باحتِرام " انهُ منذ ثَلاث ايام يَرفُض الادلاء بأي شهادَة ، نحنُ نحاول مَعه و هذا المُحقق الرابِع "
همهم جُيون بينَما يضعُ يَداه في جُيوب بِنطاله يُطالع اخاه الذي يَسخرُ من حَديث المُحقق و يُلقي بكامِل اللومِ عَليه وحده
" ساتحدث معهُ بنفسي ، اخِبر المُحقق ان يَخرُج " هَتف جونغكوك بِهدوء يَسيرُ في اتِجاه الحُجرة الداخليَة راغبًا في الدُخول ، مَسكه تايهيونغ من ذِراعه و قال " انت مُتاكد ؟ ردود فعله غير مُتوقعَة ، دَعني ادخُل مَعك "
" استطيعُ الاعتناء بِه بمفردي " تَحدث الاكبر سِنًا مُزيلاً قبضَة زوج ابنتِه ، فَتح الباب و دَخل بِهدوء مُحدقًا في المُحقق الذي استقام بِسُرعَة يُحيه بِوضع كَف يده بالقُرب من رأسه " سيدي الوَزير "
نَظر جونغكوك الي ظَهر أخيه مُبتسِمًا بِسُخريَة " انظروا من جَلس على هذا الكُرسيّ كَذليل في الآخِر "
ضَغط جونغ ووك على قَبضتاه حينَما انصَت الي صَوت اخيه ، حاوَل السيطرَة على غَضبه و بَقى صامِت يَنظُر امامَه بهدوء
" بامكانك الخُروج ، سابقَى معهُ بمفردي " رَدف الوَزير بينَما يسير اتجاه كُرسي المُحقق الذي انحنَى قَبل ان يُغادِر بهدوء
سَحب جُيون الكُرسيّ يُلقي بنفسِه عَليه مُشابِكًا اذرُعه الي صَدرِه ، وَضع عينيه السَوداء على وَجه شقيقِه مُتحدِثًا بابتِسامَة ماكِرَة " هل استَمتعت في السينما ..؟ كنتُ اود مشاركتك الفيلم ، لَكِن لسوء الحَظ احدهم بلَّغ عني "
" تَدعي البراءَة بينَما انت مُجرَّد ثعلب ماكِر " هَسهس جونغ ووك بِحدَّة يُراقب الوَزير الذي مَيَّل رأسهُ مُجيبًا بِبراءَة " مالذي فَعلته ؟ انا فقط قُمت بِصُنع فيلم لَطيف يستمتِع بِمُشاهدته الجَميع ، لِما الم يكُن مُمتِعًا ؟ "
" اهه ، انت مِن مُحبي الجُزء الاول اذًا ؟ من تأليفك انت و اشباهِك ، للاسف ذلك لَم يكُن المُفضل لديّ ، لم استمتِع وانا اُشاهده ، بَدا مُملاً مُشاهدَة مُعاناة البَطل لِعشرون عامًا ! "
شدَّ جونغ ووك على قَبضتاهُ بِقوَّة و عَيناهُ على مَلامح جُيون الذي شَكل ابتِسامَة تستفِزه حَد الجَحيم " انا مِن مُحبي الجُزء الثاني ، لستُ من مُفضلي النهايات الحَزينة كَما حَدث فالأول ، الجُزء الثاني اظهَر للعَلن ان الحَقيقة سَتظهر و لَو دُفنت تَحت سابِع أرض ، نُصِف الحَق و قُتل الباطِل ، اُثبِت للجَميع أن الظالِم ماكان لِينتصر يومًا ! و ان لِكل واعِدٍ وَعيد ، اليسَت هذه النهاية المِثاليَة ؟ "
" انت لستَ آهِلاً لَتكون خَصمًا لي يا جونغكوك " هَتف جونغ ووك بِهدوء بينَما يدنوا مِن اخاه بعدَما وضع يداهُ فوق الطاولَة مُكمِلاً " انت لَديك الكثير لِتخسره ، لَديك قَلب طيب لا يَستطيع مُواجهَة وَحش مِثلي "
" اذًا تعترِف انك وحشًا ؟ " سَخِر جونغكوك قائِلاً يُناظِر شَقيقه الذي استَقام من مَكانِه مُقترِبًا مِنه ، نَهض بِدوره هو الآخَر يُناظِره بِحاجبين مَعقودين يَترقب حَركته القادِمَة
لَمح جونغ ووك سكين على خَصر جُيون ، سِرعان ما قام بِجذبه منهُ لِيُحاول جونغكوك امساكِه لَكنهُ تراجَع الي نهايَة الحُجرَة و قرَّب السكين من عنقه " ان اقتَربت سأنحر نَفسي " هسهس
دَخلوا الشُرطَة الي الحُجرة مُسرعين و اولهُم تايهيونغ الذي صَوب سِلاحه نَحو والِد زوجته البيولوجيّ يُناظِره بحدَّة " اخفِض سلاحك حالاً "
حَدق جونغ ووك بِهم و ابتَسم ساخِرًا " انا لن اعترِف ، لن انطِف بحرفٍ و لو على حِساب جُثتي " صاح قائِلاً بِهم يُناظر اخاه الذي يَقرِن حواجِبه بشدَّة
اشرَّ بسكينه نَحوه و قال بِحقد " تذكَّر جيدًا ، اني ساحرمك من سعادتك و لَن تحظَى بنهايَة سعيدَة ابدًا ، انت خُلِقت لِتُعاني ، انت حُكم عليك بالألم الابديّ ، اتسمَع ؟ " صَرخ بِه خِتام حَديثِه و قَبل أن يُقبل ايّ شُرطي على امساكِه قام بِقطع لسانِه عبر ذَلك السِكين
وَسَّع جونغكوك عَيناه بِصدمَة يُحدِق بِمنتصف لِسان اخاه يَسقط ارضًا بين قَدماه و الدِماء تتسرَّب بِغزارَة " مال..مالذي فعلت..فعلته " هَمس بعدم تَصديق يَراه يَسقُط على رُكبتاه صارِخًا بِوَجع
جُيون غَير مُدرك لأخر كَلِماتِ يسمعها من أخيه
أقطَع لسانه بَعد ان اخبَره بِتلك الجُملَة التي اذَت قلبه بشدَّة ..؟
لِما جَعلها آخِر كلماتِه ..؟
حَدق بِه و لَم يستطِع التَدخُل حينَما قاموا الشُرطَة بِحمله و اسعافِه ، كان موشِكًا على فِقدان توازنِه لولا انَّه استند على الطاولَة وراءه يُناظِر الفَراغ بِصَمت
مُؤلم حَقيقة ان مَن هُم سبب ألمك يَتهمونَك انت بِسبب مُعاناتِهم
والِده مات قَبل ان يَسمع مِنهُ كَلمة اعتِذار
يونمي قُتلت بعدَما حاوَلت قتله مَعها
و المُتسبب الأول في مُعاناتِه قَطع لسانِه كَي لا يَعترِف
كَي لا يَعتذِر لهُ و يُنصِفه
بَل مُصر انه هو المُخطئ
قَلبهُ يؤلِمه ، يُؤلمه بشدَّة
مَسك بِصدره مُتوجِعًا و ذَلك انتَبه لهُ تايهيونغ الذي سارَع بالدُنو منهُ و امساكِه من ذراعه " جيون ، هل انت بِخَير ..؟ "
سَحب جونغكوك الكُرسي يَجلِس عَليه بينَما يُناظر ذَرات الفَراغ بِعينين شارِدَتين ، كانَ مَصدومًا لِدرجَة تَجعله لا يُدرك واقِعه
" مالذي فَعلته لهُ ليُكن كل هذا الحِقد لي ..؟ لا اذكُر اني كنتُ سيئًا معهُ في طُفولتي ، بل كنتُ اتخذه قُدوة لي " هَمس مُتسائِلاً بِحرقَة ، لَم يكُن يسعهُ تَقبل كُل ذلك الكُره من اخاه الوَحيد ، هو كان يُحبه ، يُحبه جِدًا
" الغيرَة تعمي بصيرَة الانسان ، لانهُ يَراك مُميز ، يراك تُضيئ حينَما تحضُر تملكته الغيرَة منك " هَتف تايهيونغ بَعدما فتح قارورة مِياه قَدمها الي والد زوجته الذي يُخفض رأسه مُنغمسًا في خَيباته
" لا اظُن ان الغيرَة وحدها كافيَة لان تُنتج كُل هذا الحِقد ، هو خُلق بنزعَة شيطانيَة فَحسب ، خُلق شيطان على هيئة انسان " تَحدث جُيون مُحاولاً استِعادَة ثباتِه و اتزانِه ، انتَشل قارورة المِياه من الاخر و شَرِب نصفها لِيبلل وَجهه بِما تبقَى منها يُصحصح نَقسه
" لِنَذهب "
•••
" رِحلة آمنَة اُمي "
تَحدث جونغكوك مُبتسِمًا و هو يُودِع والِدته عِند باب المُستشفَى بَعدما عزِمت على السَفر ، قامَت بِعناقه و الشَد عليه مُتحدثَة " عليك الاعتناء بِسويون و جون الصَغير جيدًا همم ؟ "
" حاضِر " هَتف مُربتًا على ظَهرِها بِلُطف ، ابتَعدت عنهُ و نَظرت بِداخل عَينيه بِحُزن " ارسِلا لي دَعوة الزِفاف لاحِقًا قد افكر بالمَجيئ "
" لَن تُفكري ، انتِ ستأتين " تَحدث جونغكوك مُلاطِفًا انفها ، مَسك بيدها يُقبلها قَبل ان يُكمِل " لن تكتمِل فرحتنا انا و سويون بدونكِ ، انتِ بركة العُرس "
ابتَسمت لهُ بِلُطف و احتَضنت وَجنتاهُ تُقبل جَبينه بِدفئ " اهتم بِنفسك ، ساتصلُ بك كُلما تَسنت لي الفُرصَة لاطمئن عليكم "
اومَئ لَها و قَبل جَبينها بِدوره ، ابتَعدت عنهُ و ادخَلت يداها في جُيوب مِعطفها تُخرِج شريحَة من جَيب قميصِها ، تعجَب حينما مدتها لهُ و قالَت " طلب والدك ان اُعطيها لك قَبل وفاتِه ، لا اعلم ماذا بِها لَكِنها من اجلِك "
انتَشلها مِنها بِتردد و هَمهم يُقلبها بين اصابِعه ، اكتَفى بِمنحها ابتِسامَة خافِتَة دون اضافَة كلمَة ثُم لَوح بيدِه يُراقِب مُغادرتها مَع جيكوب الذي سيوصِلها الي المَطار و يَبقى معها حَتى اقلاع طائرتها
في حين انهُ عاد حَيثُ تمكُث حَبيبة قلبِه التي لم يَرها مُنذ ثَلاث ايامٍ لانشِغاله بِقضيَة شَقيقه ، كان مُتحمسًا لرؤيتها و الخُروج بها مع طِفلهما فاليَوم موعِدها للمُغادرَة بعد الاطمئنان على صحة الصَغير
قلبهُ يَرقُص كُلما اقتَربت خُطواته من غُرفتها ، قام بِادارة المِقبض و بِمُجرد ان وطئت اقدامِه الداخِل حَتى رآها تُلبِس الصَغير قُبعته بِحَذرٍ بعدَما ارتَدت هي فُستان انثويّ ناعِم ازرق اللون تضامُنًا مع ملابِس الطِفل
ابتَسم على شَكلها و هي تُحاول مُلاطفته و جَعله يَضحك لَكنهُ كان يُمسك بشعرِها بدلاً كُلما انخفضَت لهُ و جَرِّها منه ، عَبست تُناكِفه قائلَة " يالك من عَنيف ! انا امك كَيف تمد يدك عليّ ..؟ "
ازالَت خُصيلاتها بصعوبَة مِن قبضتِه الصغيرَة لِتحمله من وِسطه بِحَذرٍ تام ، اسندتهُ على ذراعها اليُسرى بينَما قامت باخفاضِ قميصه بيدِها اليُمنى مُتحدثَة " علينا تعديلُ ملابسك كيّ حينَما يعودُ بابا يراك مُرتبًا و نظيفًا "
لَم تكُن تعلم ان الذي تَقصده في حَديثه واقِف عند الباب يُشاهِده بِهيامٍ تام ، مَهما حاول تَخيلها و هي اُم لَم تكُن تأتي بِمقدار شعرةٍ للواقِع
هو مُغرم بِتفاصيلها و خُصيلاتِها الناعمَة التي تُمسك اثنتين مِنهما الي الوراء بدبوس شعرٍ ازرق اللَون كَفُستانها و تَترُك الباقيّ منسدل على اكتافِها
رَفعت عَينيها نَحو الباب و فوجِئت بوجودِه " يا متى أتيت ..؟ " جَرَّت اقدامها نَحوه تَبتسم بِوسعٍ حالَما رأته " لقد نهضتُ باكرًا اليَوم كي استحِم و اتجهَز لتأتي و تُقلنا "
لم تُعطيه فُرصة اجابتها و كالعادَة حَكت لهُ كُل ما جَرى قائلَة " اتت المُمرضَة لِتحميم جون الصَغير و خِفت كثيرًا ، خفتُ ان ينزلِق في الحَوض و يتأذى او ان ينهرِس رأسه ! طيلَة الوَقت اضغطُ على قَبضتاي و اصطكّ اسناني بِهلع ، الغريبُ في الامر انهُ احب الاستِحمام و اعجبتهُ المِياه الدافئَة ، انسَجم سريعًا و بدأ بالاسترخاء ، تخيلتُ انه سيبكي كَثيرًا لكنهُ لم يَفعل ابدًا ، بل بَكى حينَما اخرجناهُ من الحَوض و رَغب بالعودَة "
فَرق شَفتاهُ يَودُ اجابتها لَكنها قاطَعت و اكمَلت بِحماسٍ بالِغ " لقد قمتُ بالتَعلم ايضًا كيف ارضعه عن طَريق المرضعَة و الا اتسبب باختِناقه ، خفتُ اولاً ان يختنق بين يديّ كاولِ مرَة لكنهُ اكمَل رضعتهُ بِسلام و عاد الي النَوم ، كَذلك اُصيب ليلَة البارحَة بغازاتٍ في معدتِه و قالَت الطبيبة ان هذا شَئ بديهيّ ، لم اتمكن من فهمها لَكن والدتك ساعدتني بِذلك ، انت لَم ترى سعادَة جون الصَغير و انا اقومُ بتدليك مَعدته ، كان سعيدًا جدًا جدًا و مُسترخٍ ، طَلبت مني امك ان ادهنها لهُ بالزَيت و فعلتُ ذلك "
كان مُستمع جَيِّد لَها ، يَرى تعابيرِها التي تُمثل كُل موقفٍ تَحكيه و السعادَة الطاغيَة على شُعورها ، حَدثتهُ دون انتِظار ردِه و قالَت " ايضًا ، هو تَقيئ عَليّ ثلاث مَرات ، مُعدل تَغيير حفاظاته اليوميَة من مَرتين الي ثلاثَة و الطبيبَة قالت هذا طبيعيّ لانهُ لا يشرب الا الحَليب ، لم يَبكي كَثيرًا باللَيل و لم يوقِظني الا مرَة واحدَة لانهُ جائِع ، انهُ يُحب الحنان ، حينَما احتِضنه سُرعان ما يَهدأ و يُطيل النَظر اليّ بعينيه البريئَتين ، ما رايك ، هل انا اُم جيدَة ؟ " سألته ختام حَديثها تترقَّب اجابته بِفارغ الصَبر
فَرِحت بابتِسامته الواسعَة التي تَشكلت على شِفاهه و هو يَدنوا مِنها لاحاطَة وَجنتيها و تَقبيل جَبينها قائِلاً " انتِ ام مِثاليَة لستِ جيدَة فَحسب "
" نسيتُ اخبارك ان ريڤين قامَت بضمي الي مجموعات الامهات في الفيسبوك ، وجدتُ كَثيرا من الامهات يشارِكون تجاربِهم مع اطفالِهم و نصائِح عديدَة ، سابدأ انا ايضًا في المُشاركَة " تَحدثت بِحماسٍ تُراقبه و هو ينتشِل منها الصَغير و يَحتضِنه بحذرٍ الي صَدرِه
اومَئ لها مُبتسِمًا بِخُفوتٍ يَستنشق رائحة صَغيرِه النَقية ، تَنفس بِراحَة لِيبعده و يُقبل وَجنته الصغيرَة بِلُطف " هل اشتقت اليّ ..؟ "
" انتِبه ، تعلم عادَة جديدة و هي الامساك بِشعر كُل من يُقابله ، ايڤا علمتهُ ذلك " قالَت سويون بينَما تعودُ نحو الفِراش الذي تَضع فوقه مُنتجات الصَغير ، قامَت بِجمعها بِداخل حَقيبته الزَرقاء تُنصت الي مُلاعبة حَبيبه لِطفلهما
" هيَّا لِنذهب ، لديّ الكَثير لاخبرك بِه ، لم اُنهي حَديثي بعد " رَدفت بَعدما حملت الحَقيبة و اقترَبت منهما ، نَظر جونغكوك اليها و قال " ساحملُ الحَقيبة انا "
اخَذت منهُ الصَغير و مَدت لهُ الحَقيبة ، ضَمتهُ الي صَدرِها و هَتفت بقلق " هل نَستطيعُ الخُروج بآمان ..؟ "
" لا تَخافي ، المكان آمن فالشَعب هدأ بعد مَعرفته الحَقيقة " رَدف بينَما يَحتضنها من الجانِب ، غادَرا سويًا من قِسم الايواء و صَعدا في المِصعد
نَظرت سويون لَهما عبر المِرآه العاكِسَة مُشكلَة ابتِسامَة خافِتَة " كُنا اثنين و اصبَحنا ثَلاثَة " هَمِست و هي تُخرج هاتِفه حتى تَلتقِط صُورَة لهُم
ضَمت صَغيرها الي صَدرِها تَستمتع بِرفساتِه الخَفيفة اليها في حين ان حَبيبها احتَضنها لهُ و ابتَسم الي الكاميرا التي التَقطت لهُما اول صورة تَجمعهما بِصغيرهِما ، ثَمرة حُبهما
اخَفضت الهاتف و حَولت بصرِها الي طِفلها الذي يُحرك اقدامِه و يَداه مَع عيناه التي تَجولُ الانحاء ، انحنت لهُ تُقبل انفه بِضع قُبل مُتحدثَة " هل انت سَعيد هااا ؟ سَعيد انك بِجوار امك و ابيك ..؟ "
رَفعت عسليتَيها الي جونغكوك تُناظره بسعادَة عامرَة ، ان كانَت ستُسأل عن اشدِّ لحظاتِها سعادَة سَتختارُ هذِه اللحظات بِلا شَك
لَحظات قُدوم طِفلهما و فَرحة حَبيبها بِه
•••
وَصلا كِليهما الي البَيت الذي طَلب جيون من مُساعده بِتَجهيزِه ، كان على ضواحي لُندن ، مَنزل صَغير في مُنتصف الغابَة هادِئ بَعيد كُل البُعد عن البَشريَة ، يَجمعهُ بِحبيبته و طِفله فَقط
كانَت جُدرانه زُجاجيَة تطِّل على الطبيعَة التي تأسِر جُيون بشدَّة ، حَيثُ يجِد انسجامِه هُناك ، ودَّ الابتِعاد عن ضَجيج المدينَة و الاختِلاء بامرأته و طِفلهما لِلحُصول على اكبر قدرٍ من الخُصوصيَة سويًا
وَجد سويون تَسيرُ لِوضع الصغير على الاريكَة و احاطتِه بوسادَتين بعدَما خَلد الي النَوم ، يُراقِبها و هي تُزيل جَوارِبه كَي تجعل اقدامه تتنفَّس و تَضع غِطاءه الخَفيف الذي يحملُ اشكالاً صغيرَة من الارانب عَلى جَسده
لازال يشعُر انهُ في حُلمٍ لا يَرغب الاستيقاظ مِنه
هو و امرأته و قِطعَة مِنهما ..؟
بَدا مَذهولاً و عَيناهُ لا تُرفع من عَليهما ، شُروده مَنعه من الشُعور بِها تقترِب حتَّى افاقتهُ بتلك القُبلة التي وَضعتها في مُنتصف شِفاهه
كانَت مُبادرَة لطيفة كَلفتهُ قَلبه
رَمِش يَستوعِب فِعلتها ، انها المرَة الاولى التي تُبادر بِتقبيله بَغتةً
عادَة ان شاءَت منحهُ قُبلة ، فَهي تختارُ وَجنته بِلا شَك
لَكِن اليَوم كان مُميزًا
لابد انهُ كَذلك بالنسبَة اليها
وَضع الحَقيبة بالقُرب من جَسد الصَغير و احاط بِيداه الخاوَيتين وِسط امرأته الذي عاد نَحيلاً كَسابِق عَهده ، هو سَعيد لانهُ سيُعيد الصاق اجسادِهما دون حاجِز و ذَلك ما قام بِفعله
لَحمها بِه بعدَما احتضن خَصرِها و راح يَمسحُ باصابِعه بِلُطفٍ عَلى بشرتِها من فوق فُستانها يُطالع عيونِها المُضيئَة " هل انتِ سعيدَة ..؟ " سألها ما جَعل ابتسامتِها تزداد وسعًا ، كانَت تلك اجابَة مُرضيَة بالنسبَة اليه
" لم اكُن اعلم ان انجاب طِفلٍ سيجعلكِ بهذه السعادَة ..! مارايك بان نُنجب طفل آخر ؟ لِتزداد سعادتكِ ضِعفين " هَتف بينَما يُلاطف انفه بانفِها ، اجابتهُ و هي تَعبث بازرار قَميصه " انا سعيدَة لانك بِجواري ، و لأن مشاكِلنا انحَلت اخيرًا و لم يَعُد هنالك عِبئ عَلينا ، اشعُر اننا رَسينا على شاطئ الآمان اخيرًا "
جابَت كُحليتاه تُراقِب تلك اللمعَة التي تَعكِس وَميض روحِه ، اغمَضت عُيونها حينَما بادَر بِقُبلَة ضَمَّدت كُل خُدشٍ بداخِلها
كُل ثانيَة بِجواره بِمثابَة عِلاجٍ روحيّ
•••
جَلب جونغكوك مُقتنيات الطَعام في حين أن سويون كانَت في الصالَة التي تطّل على المَطبخ تقومُ بِدهن جَسد طِفلها بالزَيت بعدَما حلّ المَساء
" سويون هل سَتطبخين ام اطبخُ انا ؟ " سألها يَراها تُمسد بَطن الصَغير و قَد بدا مُسترخيًا على لَمساتِها ، تَرك ما بين يَداه و سار للجُلوس بِقربها و مُراقبتِه
" جون مُسترخٍ جدًا ، فقرته المُفضلَة ان اقومُ بدهنه بالزيت ، انهُ يتحَمس " رَدفت سويون بابتِسامَة لطيفَة تُطالِع عينيّ صغيرِها تُغلق و تُفتح باسترخاءٍ واضِح " لابد انهُ يستمتع بِلمساتكِ انتِ على الخُصوص "
" اظنُ ذلك ؟ هل يعلم انني امه ؟ " ناظرتهُ تسأله باستِفهام ، اومَئ لها مُبتسِمًا و فسَّر " الطِفل يشعُر بِحنان امه ، و الا كنتِ لتعتقدي اثناء طفولتكِ اني امكِ لاني اعتنيتُ بكِ "
فرقَّت شِفاهها حينما ادرَكت شيئًا ، شَهقت قائلَة " ماذا ان كنتُ اعتقدُ فعلاً انك اُمي ؟ "
" سويون اوقفي سرب افكارِك المُتخلفة هذه ، سانهضُ لاعداد شَئ ناكله " قال ساخِرًا لينخفِض يسرق قُبلة من جون الذي عائدًا الي المَطبخ من اجل طَبخ طعام لَهُما
واصَلت هي اعتناءِها بالصَغير و ارضاعِه بعيدًا عن انظار والِده الذي انشَغل في النَوم ثُم نيمتهُ و اخذتهُ الي الغُرفة التي سيقطِنون بِها
كان هُنالك سَرير صغير يَخُصه بالقُرب من فراشِهما ، وَضعتهُ في مُنتصفه و اطفأت الانوار بعدَما منحتهُ قبلَة دافئَة قَبل ان تَخرُج مُتجهة نَحو حبيبها
عانقتهُ من الخَلف بعدَما وَجدتهُ يُقطع اصدُر الدَجاج ، طلَّت عَليه تُناظر مَلامحه الجادَة بابتِسامَة لطيفَة " لقد اتيت "
" غالبًا الرَجُل من يُعانق المراة من الخَلف و هي تَطبخ ، و يُقبل عُنقها ليس العَكس ! " قال ساخِرًا و هو يُتبل الدَجاج ، فَهمت انهُ يسخر من طولِها لِذا سُرعان ما جاءَت بكرسي خشبي صَغير و وضعتهُ خَلفه
صَعدت عليه حَتى اضحَت اطول منهُ بِقليل ثُم عاودت عِناقه من الخَلف منخفضَة نحوه " انظُر ، هَكذا نحن جيدين "
رَفع رأسه لَها يُحدق بِها و هي تُشكل ابتِسامَة بريئَة لهُ
قلَّص عينيه و عاوَد النظر الي ما يَفعله مُعبرًا " اذهبي الي ابنكِ هيا ، مُنذ ان جاء و كُل اهتمامكِ به ، لقد قمتِ بالتخلي عني بِجدارَة "
" انهُ صغير بِحاجة الي الاهتمام جونغكوك " قالَت عابِسَة و حينَما ودَّ التحرُك ادرَكت انها ستسقُط لِذا هي تَعلقت برقبته و بقت اقدامِها مُعلقة بالهواء
" ايتها القردَة انزلي " رَدف بعدَما اختنق بِذراعيها التي ضَغطت على عُنقه كَون وزن اقدامِها غلب عَليها و راح يُخفضها الي الاسفَل
تدارَكت المَوقف و لَفت اقدامِها حول خَصرِه تَمنع نفسها من السُقوط ، استَجمعت انفاسِها و قالَت " ايها الوالِد الغيور ! هل من اب يغار من ابنه ؟ "
" اصمتِ كي لا ارميه من النافذَة " قال مُمتعضًا يَضعُ اصدُر الدَجاج على الشوايَة بينَما يتمايل بِجسده يُحاول اسقاطِها ، لَكنها واصَلت التمسك بِه و بدا لها الامر مُمتعًا فبدأت بالضَحك " ياا جُيون "
مال بِها الي الخَلف ثُم الي الامام لِيحرك خَصره يمينًا و يسارًا يَجِدُها تضحك باستمتاع " لم اُلقبكِ قردة عبثًا ، انتِ تُجيدين التسلُق و التَشبث "
" اجل ، حينَما كنتُ صغيرَة كنتُ اهرب من مارك و اتسلقُ شجرة المنزل الكبيرَة و ابقَى مُتشبثة في الاغصان لوقتٍ طويل ، لم يكُن مكاني ذلك مفضوحًا الي ان انكَسر بي غُصن ذلت مرَة فَوقعت و كُسرت قدمي " حَكت لهُ و هي تُراقِبه يُقلِّب صُدور الدَجاج فوق الشوايَة مُستمِعًا اليها
انخَفضت من فوقِه بعدَما التَف نَحوها و نَظر بِداخل عَينيها مُبتسِمًا " ساكون لكِ الغُصن الذي لا يَنكسر مَهمَّا تشبثتِ بِه ، لِذا لا تَخافي ان تَقعي و انتِ بالقُرب مني "
تَبسَّم مَلمحها على حَديثِه لِتتلقَى منهُ قبلة لطيفَة فوق وَجنتِها ، واصَل اعداد الطعام و قامَت هي بِترتيب الصُحون فوق الطاولَة لِمُباشرة الاكل سويًا
جَلسا مَعًا يَتناولان الطَعام و يَتشاركان مُختلف الاحاديث إذ يَطولُ كلامِها هي و سَمِعه هو ، ان سَمحت لهُ بمشاركَة القليل فَيتحدَث اما الباقي تظلُّ هي تتكلَّم دون انقِطاع ، لَديها الكثير لِتُشاركه بِه و لن ترتاح قَبل ذلك
غَسلا الاطباق سويًا و تَوجها بعد ذلك الي غُرفة النوم حيثُ ينام الصَغير بِسَلامٍ قبل ان يَخترق مِساحته الآمنَة والده الذي حَمله و رَغب في ايقاظه للعب مَعه
جَلس به فوق الفِراش و مَدده في حُضنه يتأمله بسعادَة في حين أن سويون جَلست عند مرآتها تُخرج مُستلزماتِها من الحَقيبَة
" جيون متى سَنعود الي كوريا ..؟ " سألته بينَما توزِع مرطب الوَجه على وَجهها بأسرِه تُراقِب حَبيبها عبر المرآه ، رَفع كُحليتيه من على الصَغير يُحدق في ظهرِها مُجيبًا " ليس الان ، بَعد شهرين او شهَرين و نِصف "
" هل سنبقَى في هذا المنزِل كثيرًا ؟ لا يوجَد اتصال بالانترنت و انا اُريد محادثة امي و ابي و ايڤا " عبَّرت عابِسَة بعدَما حملت مُلمع الشِفاه و وضعتهُ فوق شِفاهها الكَرزيَة " هذا المَطلوب ، اودُ الاختلاء بكِ لوحدٍنا ، نحن الثَلاثة فَحسب "
" و هل الحَرس الذين بالخارِج لن يَذهبوا ؟ لا احب ان اكون مُراقبَة " نَطقت بعدَما استَقامت و تَوجهت للجُلوس الي جانبِه مُنتشلَة هاتِفها من فوق المنضدَة
" الاحتياط واجِب سويون ، لا يُمكنني تَرككما دون حِراسَة ، على الاقل و نحن في بريطانيا " تَحدث بِهدوء و قد بدأ ييأس من استيقاظ الصَغير المُنغمس في نومِه ، عَبس و اعادَه الي فِراشه " كسول كوالِدته "
" ماذا عن جونغ ووك ؟ هل دَخل الي السجن ؟ " سألتهُ بعدَما طال صَمتُها تُطالِع مَلامحه التي انقلَبت بمُجرد ذِكر سيرَة أخاه ، وَجه بصره اليها مُتخذًا من الصَمت رُكنًا لِترتيب افكارِه قبل اجابتِها بهدوء " لا ، تَم ادخاله الي المصحَة العقليَة إذ شُخِّص انه يُعاني من تلفٍ في الخلايا الدماغيَة كَما انه يَنحدر تحت السايكوباثية "
تَنهدت سويون بِخفَة و دَنت منهُ تُحيط وَجنتيه بِلُطف " هل انت مُستاء ..؟ " نَظرت بِداخل عينيه السَوداء تَجِده يُنفي بعدَما شكَّل ابتِسامَة هادِئَة " لِما سأكون مُستاء في حين انكِ و طِفلي هُنا بالقُرب مِني ..؟ "
جَذبها الي حُضنه يُجلسها بين ساقَيه بعدَما اسنَد كَفهُ على ظَهرِها يمسحُ عليه بِلُطفٍ " دَعينا ننعزِل عن هذا العالَم ، نحنُ بحاجَة لفترةٍ من النقاهَة نستجمِعُ فيها شِتاتنا " هَمس لَها و كُحليتاه تغوصُ بِداخل عسليتاها
اومأت لهُ ايجابًا بعدَما احاطَت عنقه بِذراعها تُسند رأسها على كَتفه " هذه الغُرفة تُذكرني بتلك الليلَة بَعد عودتك من بريطانيا الكَثير من الطبيعَة تُحيطُ بِنا " هَتفت مُبتسمَة بخفَة و عُيونها مُعلقَة على صَغيرهما النائِم بِجوارِهما
" ثَمرة تلك الليلَة مُتواجِد بيننا الان " همس قائِلاً و قَد تأمل بِدوره الصَغير هو الآخر مُنغمِسًا بِه ، اخفَض بصره الي حبيبته التي رَفعت راسها لهُ و تبسَمت بِلُطف " هل تعتقدُ حقًا ان تلك الليلة من بين بقية الليالي هي السبب في حضور جون ؟ "
قامَ بالايماء ايجابًا اذ قال " ان اتعمق معكِ بالتفاصيل لانكِ خجولَة و لن تَحتملي سَماع ذلك ، لازلتِ بريئَة " تَحدث بينما يقومُ بتصغير عيناه يُخاطب من تَحمحمَت و دَنت لِتقبيل وَجنة صغيرها " اُحبك و اُحبه كَثيرًا ، رَجُلاي الوَسيمين "
" انا فقط رَجُلكِ ! يا " تَحدث مُعترِضًا لِيقوم بِقرص شِفاهها يُؤنبها ، ضَحكت و حاوَلت ابعاد اصابِعه التي استَبدلها بِسُرعَة بِشفاهه
انقَضت تلك الليلَة بِسَلامٍ حَتى تم ايقاظِهما من قِبل صَوت جونسان الذي صاح باعلَى صَوتِه مُعبرًا عن جوعِه ، كانَت الساعَة تُشير الي السادسَة صباحًا و لِفرط تَعب سويون لَم تستفِق
وعَى على صَوتِه جُيون الذي دلَّك عيناهُ بنعاس و استَقام مُقترِبًا من جَسد ابنه الصغير يُراقبه يَبكي بصخَب ، انخَفض يَنتشلُه بين يَداه بِرفق مُحاولاً تهدأته " هِشش يا صغيري ، امك نائمَة لا تُزعجها " قَبلهُ على وَجنته المُبللة بِدموعه ثُم احتَضنه الي صَدرِه ليحمل حَقيبته التي تَحتوي على مُستلزماته لِيُغادر الحُجرَة
تَوجه به الي الصالَة حَيثُ مَددهُ على الاريكَة و بدأ باخراج مرضعتِه و حَليبه الصناعيّ " حينما كنتُ افعل هذا لسويون ماذا كنتُ اضع ؟ تذكَّر ايها العبقريّ ، صحيح عليّ تسخين المِياه " تمتم قائِلاً لِينهض من قُرب الصغير الذي عاد الي البُكاء سريعًا
عاوَد حملِه من جَديد لِيهدأ تدريجيًا ، توَجه جيون الي المَطبخ و بدأ بتدفئة المِياه يُحدق في وجه الصَغير الذي يَفتحُ عيناه و يُراقبه " ايها المُشاكس ! عَودتك ماما على كثرَة الحَمل ! تُحب من يحملك همم ؟ " نَقر انفه بلُطف
قام بِسكب المياه الدافئَة بداخل مِرضعته الصَغيرة لِيضع بها بضع مَلاعق من الحليب الصناعيّ ثُم قام بِرجها جيدًا و تَفقُد حرارتِها ان كانَت تُناسِبه ام لا
عاد الي الصالَة و مَركزه بِداخل حُضنه يُحدِق به بابتِسامَة خافتَة " انت تُعيد اليّ ذكريات الاعتناء بِوالدتك ! من افضل لَحظاتي على الاطلاق " خاطَبه كَما لو انَّه سيفهمُ عَليه ، حَشر المرضعَة بين شِفاهه الصغيرَة فبدأ بتجرُع الحليب بِجوع " من يراك يقول ان امك لم تُرضعك قبل النَوم ! يالك من طمَّاع " تمتم
راقَبهُ حَتى رآهُ يُنهي تِلك المرضعَة بالكامِل ، قام بِوضعه على كَتفه مُطبطبًا على ظَهره حتى يَتشجاُ بينما يهمهم لهُ بتهويذَة حتى يَعود الي النَوم
بَعد ان تَشجأ قام بتمديدِه على فِراش التغيير كَي يُبدل له حِفاظه المُمتلئ فقال مُقهقهًا " لقد كنتُ اغير حفاظ امك هَكذا ايضًا ! هل تُصدق ؟ "
بدا الصَغير نشِطًا إذ راح يُحرك يداهُ و قَدماه مُتفاعلاً مع والِده ، ذلك احبَط جُيون الذي ادرَك انهُ لن يعود الي النَوم مُجددًا بل سيبقَى يَعتني بِه و يُلاعبه
هو لَم ينم الا ساعَتين بعدَما قضى ليلتهُ في مُشاركَة الاحاديث الطويلَة مع حَبيبته التي نامَت في الآخر و تَركتهُ يتأملها لِساعَةٍ كامِلَة
البَسه ثيابِه و حَمله من اسفل ابطيه يُقربه مِن وَجهه حَتى يَمنحه قُبلَة على جَبينه " رائحتك كَرائحَة امك تمامًا ، نَقية " هَمس باعجاب و استقام يَتجول بِه اطراف المنزِل و يُحادثه " اُريد ان اعلقك بي كيّ حينما اغيب عنك شهرين او ثلاثَة لا تَنساني حينَما اعود هل فهمت ؟ "
بدا الصَغير مُنصتًا جيدًا و هو يُطالع والِده دون اصدار حِس يُذكر ، يُشاهده و هو يَتكلم بِعشوائيَة تامَة ، يبدوا ان سويون نَقلت لهُ هذه العادَة
لاحَظ مؤخرًا انهُ يكتسبُ الكَثير من الصِفات مِنها دون أن يُلاحظ ذلك
•••
مَرت الكَثير من الايام التي كان فيها جُيون يتشارَك أسعد لَحظاتِه مع حبيبته و طِفلهما ، يُراقِبانه مُعظم الوَقت يودَّان أن يَحفران تفاصيله في عقولِهما اولاً ثُم كاميرا الهاتِف ثانيًا
يَستيقظُ جُيون صباحًا للاعتناء بالصَغير و بدأ حِصته الصباحيَة في شُرب قهوتِه و الحَديث مَعهُ كَي يتسنَى لصغيرتِه النَوم بِراحَة حتى يأتي موعِدها للاهتِمام بِه بدلاً منه
و تأتي كُل ليلَةٍ لِبدأ فقرَة الصَغير المُفضَّل
انها التَدليك بالزَيت ..!
اصبحَت تلك طَقس من طُقوس سويون التي تَفعلها لصغيرِها قبل نَومِه اعتقادًا بانَّها تُساعده على بَسط عضلاتِه و مفاصِله جيدًا ، هو كان يَنسجمُ مَعها و يَسترخي ثُمَّ يَغطُ في نومٍ عَميق سامِحًا لِوالديه بِقضاء وَقتٍ خاص أخيرًا
الكَثيرُ من الحُب و المُلامسات و الحِكايات العشوائيَة تدورُ بينهُما موعِد نَوم الصَغير ، يَستغِلان كُل الاوقات التي يختلِيان بِها بِمُفردهما لِصُنع ذكرياتٍ لا تُنسَى
لَقد أتت اللحظَة الاكثَر رُعبًا بالنسبَة الي سويون ..!
انهُ وَقت استِحمام الصَغير
كُلما اراد جُيون ان يُحممه تَقومُ بتأجيل الأمر خَوفًا من انهُ قد يَنزِلق منهُما او يَحدث لهُ مَكروه ، مُخيلتها الواسعَة تُسبب لها الكَثير من المشاكِل
لَكن جُيون اصَّر حينَما طَفح كيَله مِن خوفِها الذي يَجعل الصَغير يبقَى بدون استِحمام لاسبوعٍ و نِصف ، صَحيح انها كانَت تحرِص على نَظافتهُ بِتمرير المناشِف المُبللَة كُل صباحٍ و مَساء على جَسدِه ، لَكن لا شَئ يُظاهي الاستِحمام
وَضعها تحت الامر الواقِع بِتجهيزه اجواءٍ مُناسبَة في الحَمام ، حَوضٍ صَغير مَع وسادَة مُريحَة يتكئ عَليها الصبيّ بِرفقة مُنتجاتِ العنايَة التي تُناسبَه و اخيرًا ! تلك البطَة التي يعشقها جُيون
البَطة التي تعومُ في الماء و تَطفوا عاليًا
" جيون الا تعتقِد انهُ سيمرض ..؟ الجو بارِد " رَدفت سويون بِتوتر و هي تتبِع خُطوات حَبيبها تَراهُ يملئ الحَوض بالماء " اي برد و نحن في مُنتصف شهر سَبعة ! هل جُننتِ ..؟ " ردَّ ساخِرًا بينَما يَتفقد حَرارة المياه
" اعني ، انهُ صغير لا يَحتمل مِثلنا ، لازال مُعتادًا على حرارَة رحم اُمه ، بالنسبَة اليه مِثل هذا الجَو بارِد كثيرًا " شَرحت لهُ رأيها الذي من وجهة نَظرها منطقيّ للغايَة ، عَبست حينَما تجاوزها لِجلب الصغير الجالِس على فراشَه بِحفاظه فقط
حَمله من الفِراش بِحَذر و ابتَسم قائِلاً " انهُ وقت الاستِحمام ! "
" انه وقت الجَحيم " قالَت سويون عابسَة و تَبعتهُ و هو يقودهُ الي الحَمام ، تَشبثت بِذراعه بقوَّة حينَما ود وَضعه بداخل الحَوض و قالت بِهلع " انتبه قد يَنزلِق !! جونغكوك ارجوك "
" كَيف سينزلِق سويون ؟ انا اضعُ هذه الوسادَة كي تُجنبه من الانزِلاق ، انها مُثبتَة جيدًا لِتحميه " تَحدث مُتنهِدًا يَراها تُقوس شِفاهها بِحُزن
ليسَ بيدِها ، هي لا تَستطيع قَمع خيالها السوداويّ الذي يُخبرها ان طفلها قد يموتُ من مُجرد استِحمام ، او ينزلق ليدخُل في فُتحة المجاري لِصُغر حَجمه ، تلك كوابيسها التي لا تَنتهي البتَّة
انها مُعاناة من يَمتلك فِرط تَفكير
" انا سامسكهُ جيدًا همم ؟ و انتِ اسكُبي عليه الماء الدافئ حسنًا ؟ " سايرَها قائِلاً يَترقب ردَّ فعلها ، وَجد تعابيرها ترتخي بِبُطئ دليلاً على امتثالها الي حَديثه حيثُ اكمَل " حسنا أفلتِ ذِراعي لاضعهُ "
" كُن حَذرًا ! " هَمست لهُ تُراقبه دون افلات ذِراعه ، سَحب عضدهُ منها بصعوبَة و اخَفض الصغير في مُنتصف ذلك الحَوض يُراقب تلك الابتَسامة الصغيرَة التي نَمت على شِفاهه
وَسَّع عينيه مُنذهلاً
الصغير سيُغلق يومهُ التاسِع عَشر و لم يبتسِم لَهما بَعد
حاولا كَثيرًا جَعلهُ يبتسِم لَكنهُ لم يَتجاوب مَعهما ابدًا
بِمُجرَّد ان وَضعه في حوض المِياه هو ابتسم بشكلٍ جَعل سويون تَشهق و تَركُض مُسرعَة الي غُرفتها لجلب الهاتِف و تَصويرِه " انتظرني جُيون ، اياك ان تُغرقه "
" ايها المُشاكس ! اين كنت تُخفي هذه الابتسامَة الجميلَة ؟ " هَتف مُبتسمًا يُراقِب مَلامح طِفله النقيَة و هو يفردُ شِفاهه بابتِسامَة لطيفَة للغايَة
عادَت سويون و بين يَديها هاتِفها الذي اخذَت تُصور بِه الصَغير بِحماسٍ طاغٍ " ساصورِه و ارسله الي امي حينما نعودُ الي كوريا "
" لا سويون الصَغير عارٍ بالكامِل ، احفظي خُصوصيته " اعتَرض جُيون نافيًا فقام بامساكِه بيدٍ واحدَة و الثانيَة بدأ بِتوزيع المياه الدافىَة على جَسدِه
مسك تِلك البطلَة الصغيرَة و بدأ بِجعلها تَطفوا بالقُرب من ابنِه الذي يُحرك اقدامِه بِداخل المياه بِسعادَة غامرَة " ارايتِ ؟ كنتِ تحرمينهُ من سَعادته ، اُنظري فَرحته بالمِياه ، انا اُراهن انهُ سيكونُ سباحًا ماهِرًا حينما يَكبر "
" لما لا يُصبح ادميرال مستقبلاً ؟ يَقودُ القوات البَحريَة لانهُ يحب المِياه " قالَت سويون مُتمايلَة بسعادَة ، لم تكُن تُشارِكه طُقوس الاستحمام فَهي خائفَة ، تحاول الهاء نَفسها بالرَقص وراء حَبيبها و تَصويرِهما
" لا ، دَعيه بعيد عن المَناصب لانها سَتُقرب منه اناسٍ تَطمع بِه فحسب ، لن يَكون سعيدًا ، سُتحيطه الوحدَة من كُل صوب ، قد لا يَكون محظوطًا بأن يُرزق بامرأة تُحبه لِذاته لِذا ، اؤيد ان يَكون شخصًا بسيطًا " تَحدث جونغكوك يَتذكر مُعاناة مَن يكتسِب المناصِب العُليَة
" لا ، اُريده ان يَكون ادميرال كي افتخِر بِه و اقول انا ابني يحكمُ اسطولاً كامِلاً ، تمامًا كَما كانت تَفعل خالتي جونغهيون و هي تتباهَى بِك " قالَت سويون بينَما تَهف شَعرِها مُحدقَة في عُيون حبيبها حينَما لَف رأسه اليها
" هل انتِ من ضِمن فريق النِساء ذا التَفكير السطحيّ هذا ؟ هل تأخذين امي قُدوة لكِ حقًا ؟ " رَدف ساخِرًا يُقلِّص عيناهُ مُنتظرًا ردها الذي اتاه بعد بُرهَة " اجل ! اريدُ ان اتباهَى بابني حقًا ! ما الخطأ في ذلك ؟ "
" الخَطأ انك سَتُحملينه عبئًا ، سيظلُ طيلَة حياتِه يُفكر انه عليه بُلوغ توقعات والديه و ان لَم يفعل فَهو فاشِل و مُخيب للآمال ، دَعيه يختارُ طريقه بِمُفرده و هو حتمًا سيُبدع في مَجاله " رَدف بِهدوء بعدَما صبَّ تركيزِه على طِفله المُستمتع بِداخل المِياه ، راح يُحممه و حبيبته لا تنقطِع عن تصويرِهما ممتنعَة عن المُشاركَة
بَعدما حَممهُ استَلمتهُ امه التي سارعَت بِتنشيفه و الباسِه حفاظه و ملابِسه التي تُناسب حَجمه الصَغير ، كِليهما لاحظ امتِلاءه عن سابِقه إذ بدا يَزيدُ وزنه و تُصبح لهُ بِضع خُدود لَطيفَة لم تكُن سابقًا
يكادُ يغلق ثلاث اسابيع من عُمره و هو بِكُل هذه اللطافَة
والديه يُمسكان نَفسهما بصعوبَة عن التهامِه
خُصوصًا انهُ هادئ جدًا و لا يُزعجهُما كَثيرًا
إلا اذا كان جائِعًا او بِحاجَة لتغير حِفاظه
اما بَقية الوَقت يَجلسُ مَعهما يَلعبُ مع نَفسه و يُنصت الي احاديثهما العِشوائيَة بصدرٍ رَحب
جُيون تَركها مَعهُ تَهتمُ بِه و أعلمها انهُ سيذهبُ الي المدينَة كي يجلبُ له ثيابًا تُناسب حَجمه لِكون مَلابسه السابقَة بدأت تضيقُ عَليه
بَقت هي مَع صغيرِها تُلاطِفه و تُعد الغداء لَهمُا بعد ان وَضعت جون في عربتِه بالقُرب مِنها ، تلك الجلسَة اللطيفَة بين الأم و طِفلها حَدثت فيها الكَثير من المُحادثات و التَوصيات التي تُقدمها لهُ كَما لو انهُ يَفهمُها
تجَعلهُ يبتسمُ لها كُلما نَظرت لهُ و انخَفضت لِتقبيل انفه ، تُقاوم كَي لا تُقبل شِفاهه الصغيرَة تِلك نظرًا لانتِقال الجراثيم كَونهُ صَغير جِدًا
عاد جُيون بَعد خَمس ساعاتٍ و بين ايديه اكياسٍ كَثيرَة ، وَضعها في الصالَة و بَحث بِعَينيه عن امرأته و طِفله في الجِوار فَلم يجِدهما
سَلك وِجهته الي غُرفتهما لِيجد الباب مَفتوحًا ، بِمُجرد ان وَطئت اقدامه ارضيَة الحُجرَة رآها و هي تَحمل الصغيرُ و تُطبطب على ظَهرِه بينَما تُغني لهُ و تَسيرُ به في انحاء الغُرفَة
ابتَسم بِخُفوت يُشاهِدُها تُقدم لِطفلهما كُل الحُب و الرِعايَة التي يَحتاجُها ، هي تُجيب على سُؤالها بِمُفردها ان كانَت سَتكونُ ام جَيدة أم لا
كُل هذه الفترَة يَراها تَبذل مَجهودًا يَفوق طاقتِها للاعتناء بالصَغير و احتِواءِه إذ تُركز بِكُل تفاصيله و تَطلبُ منه ان يَجلب لها كُتب العنايَة بالرُضع ثُم تَجعله طيلَة الليل يُترجمها لها لِتدون هي المُهم منها في مُذكرتها
قَبلت رأس الصَغير ما إن نام في حُضنها و حينَما عادت الي سَريره لَمحت حَبيبها يتأملهما عند الباب ، اَبتسمت لهُ و انزَلت جون في مُنتصف فِراشه لِتنطق " عُدت اخيرًا ! لقد تأخرت "
" انا اسفَة لم انتظرك على الغَداء ، لقد جُعت جدًا و انت تَعلم اني بحاجَة للغذاء من اجل حَليب الصغير " رَدفت عابسَة بعدَما داهمها الشُعور بالذَنب حينَما اكلَت بِدونه ، اقتَربت منه تَمُد يدها له كَي يُمسكها و هو بالفعل انتَشلها بين كَفه الدافئ و انخَفض لِتقبيل ظاهِرها بِحُب " احسنتِ يا امرأتي ، ابليتِ حُسنًا "
تبسَّم فاهها و مَنحتهُ عناقًا مُحبًا " شُعور ان احتضِن اثنين مِنك ليسَ لهُ مَثيل ، واحِد بَحجمٍ يَحتويني كُلِّي ، و الثاني بِحجمٍ اُجيد احتواءه جَيدًا "
احاطَها بِذراعَيه و انخَفض لِتقبيل رأسِها بِضع قُبل دافئَة قبل ان يُبعدها و ينطِق مُبتسمًا " تعالي اُريكِ ماذا اشتريت "
جرَّها معهُ الي الصالَة حيثُ ما ان رأت تلك الاكياس حَتى شَهقت بقوَة " ما كُل هذا ..؟ " رأتهُ يُمسك احدهِم يَضعهُ بعيدًا قائِلاً " دَعي هذا آخر شَئ "
جَلس على الارض مُتربِعًا و جَذبها للجُلوس امامَه بادِئا بالكَشف عن المَلابِس الكَثيرَة التي اشتراها من اجل الصَغير " جونغكوك هَذا كَثير ! انها تَكفي لعمر العام و العامَين يا ! " قالَت مُندهشَة تُناظره و هو يُريها الثياب بسعادَة
" لا يهم ، تَحمستُ و لم احتمِل ، كَمثل هذه اللحظات تُذكِرُني بكِ حينما كنتُ اذهبُ الي السوق لاقتني لكِ فُستان جَديد يُناسب عُمركِ " تَحدث مُتحمِسًا يجذِب ذلك الكيس الضَخم الذي في مُتناوله الكَثير من الالعاب
" جُيون انت تَمزح ؟ لازال لم يُغلق الشَهر حتَى ، لا يُمكنه اللعب ! " هَتفت مُقهقهَة على انفِعاله الذي حتمًا جَعله يَشتري كُل المَحل و يَعود ، هَز اكتافِه بقلَة حيلَة و اخرَج شيئًا مِن بين تلك الفوضَى مُتحدثًا بِحماس " اُنظري ! جَلبتُ اعظم اختراعٍ في العالَم "
" ماهو هَذا الاختِراع ياذكيّ ؟ " هَتفت مُتكتفَة تنتظِر رده الذي صَدمها
قام بالحَديث بِمُكرٍ و هو يَدفع بِحواجبه عاليًا " لقد قمتُ بِوضع حَدٍ لٍهذه الخيانَة ! جَلبتُ هذا الجِهاز الذي يُساعد على شَفط حَليب الأم و وَضعه في المِرضعَة ، هَكذا نكونُ اعطينا الصَغير منفعته منكِ دون أن يُغيضني و انتِ تُرضعينَه "
فرقَّت بين شَفتيها بِدهشَة تُشاهِده يَتحدثُ بجديَة تامَة ، لَم يسعها مُناقشته حتَّى لانهُ سيغضبُ منها و يُخاصمها لِذا وافقتهُ الرأي دون احداث مَشاكل
" اخيرًا ، الكيس المُميز " رَدف و هو يَجِذب ذلك الكيس الذي سَبق و ان وَضعهُ جانبًا ، حَدق في عينيها و هي تشابِك ذراعَيها تُناظِره بابتِسامَة " ماذا جَلبت ايضًا ايها الوالِد الصالِح "
" اغمضي عَينيك اولاً " هَتف يَنتظِرُها ان تُغمض عيونِها ، امتَثلت لهُ و اخفَضت ستائر جُفونها تُخفي عسليتَيها " من يراك يُكذب انك ستُغلق الثامِن و الثلاثون قريبًا " تمتمَت تَستمع الي صوت الكيس الذي يَنكمِش بِفعل يد جُيون الذي يُخرج تلك العُلبة الضخمَة مِنه
وَضعها امامها مُباشرَة و نَطق مُبتسِمًا بخفَّة " افتَحي عينيكِ "
بَللت شِفاهها بريقِها ثُم بدأت بِفتح عَينيها بِبُطئ لِتوسعها بصدمَة شاهقَة بقوَّة بِمُجرَّد ان رأت مابداخِل تلك العُلبَة ، رَفعت عسليتَيها لهُ تناظِره بعدم تَصديق " ه..هذه .. "
اومَئ لها مُبتسمًا بِدفئ يُراقِب الدُموع تجتمِع عند اطراف عُيونها و هي تُمسِك اطراف العُلبة " انها لُعبة الدُمية الشَقراء ..! "
" اجل و مَعها الكثير من المَلابِس ، لديها غُرفة نَوم و مَطبخ ايضًا ، اليست مثاليَة ؟ " رَدف بينَما يُشيرُ على ثياب اللُعبَة و سريرِها بِرفقة مَطبخها " اُنظري لديها احمر شِفاه كخاصتكِ ايضًا ، هل اعجبتكِ ..؟ "
حَدق في عَينيها الدامعَة و هي تتفقَّد الدُمية ، حينَما حَكت لهُ تلك المرة في المُستشفَى عن ماضيها ادرَك ان الطِفلة التي بداخِلها لازالت بِحاجَة للعب بالدُمى ، دامَها ذكرَت موقف اللعُبة شَخصيًا فالامر لازال يؤثر بِها
مَسحت اطراف عُيونِها بِظاهر يَدها لِتحدق بِه بسعادَة غامرَة ، اومأت لهُ بِضع مراتٍ مُجيبَة " انها جَميلة ، جميلَة جدًا ، هي افضل من خاصَة اختي ، لم يكُن لديها مُستحضرات تَجميل و مَطبخ ، لَكن خاصتي لَديها "
" ايضًا خاصة اختكِ لم يكُن لَديها عَريس ..! " تَحدث هامِسًا و هو يُخرج من مُنتصف الكيس دُميَة على شَكل رَجُل ، شَهقت سويون بخفَة لِتقهقه حينما وَضع اللعبَة بالقُرب من خاصتِها و اكمَل " لكن خاصتكِ لديها رَجُل يَحميها و يكونُ بِجوارها ، و سيُنجبان طِفل قريبًا "
ابتَسمت بإتِساع تَغمُرها مَشاعِر بالدِفئ لا مَثيل لَها ، رُبما هذه اكثَر هديَة نالَت مُتسعًا من اعجابِها ، هو علِم كَيف يُرضَى الطِفلة التي بداخِلها جيدًا
نَظرت بِعينيه بِحُب لِتفرُد ذِراعَيها رغبَةً في عِناقه ، فَهِم مَقصِدها و دَنى مِنها يَمنحها حُضنَه مُقبلاً عنقها بِحُب " اُريد رؤيتك دومًا سعيدَة همم ؟ "
" انا سعيدَة بالقُرب منك انت ، سعيدَة بِجوارك فَقط " هَمست لهُ في المُقابل بينَما تُغمِض عُيونِها تَستجمِع قوتها من حُضنه ، ابتَعدت عنه و انقضت عَليه تُوزِع قُبلاتها العشوائيَة على سائِر وجهه
ضَحك بخفَة لِيُغمض عَينيه يُتيح لها تَقبيله بِراحتها التامَة ، ابتَعدت عنه و سارعَت بِفتح تلك العُلبة حَتى تحمل الدُمية بين يَديها بسعادَة " ماذا نُسميهِما ؟ "
" امم ، نُسمي العريس جون ، و العَروسة ميسو " رَدف مُبتسِمًا بينَما يحمِل الدُمية خاصَة الرَجُل و يَجعله فاردًا لِذراعيه " جون يَرغبُ بِعناق ميسو "
نَفت مُعترضَة لِتضع يديّ الدميَة على شَفتيها تجعلُها تبدوا بِمظهر الخَجولة " لا ، ميسو خجولَة "
" كَيف سيُنجبان طٍفل ان كانت خجولة ؟ " هَتف رافِعًا حاجِبه يُحدق في حبيبته التي ضَحكت قائلَة " يطلبانه من امازون "
" اين حقوقه الزوجيَة ؟ " هَتف مُوسِع عيناه لِيجعل دميَة الرَجل تتخصَّر بوضع يديه على خَصرِه " اُنظري انه غاضِب "
" دَع ابنتي انها خَجولة ! الهي مابِه ابنك شَرِه هكذا ؟ " هَتفت الصُغرى لِتُمسك المِشط خاصَة الدُمية و تبدأ بِتسريح شَعرِها بسعادَة
ابتَسم جونغكوك بِخُفوت يُراقِبها بِحُب ، هو مُمتن لِنفسه انه تَمكن من جَعلها تُشِّع بِهذا الشَكل ، واصَل اللعب مَعها و مُسايرتِها ليُصلِح ما كَسره غيره في طُفولتِها
لا مُشكلَة لديه ان عاد مَعها طِفلاً
المهم ان تَكون سعيدَة و راضِيَة ، ذاك مُبتغاه
•••
31 | 8 | 2023
" ايڤا حينَما تأتين لا تَنسي جَلب معكِ ما وَصيتكِ من اجلِه " ذلك صَوت سويون الصادر مِن الهاتِف و هي تَقوم بإعداد حليب ابنِها في مرضعته
جيون اخيرًا قام بِتفعيل شبكَة الاتصالات مُنذ بضع ايامِ في منزلِهما ذاك
نظرًا لِكون غابرييل تَحسن و يَستطيعُ التواصل مَعها ذلك طَمأنه
" حسنًا هل توصين على شَئ اخر ..؟ " هَتفت ايڤا في المُقابل و هي تُجهِز حَقيبتها بِرفقة زوجِها على صِدد الرَحيل الي مَنزل والِدها و امرأته
لقد استأجر لَهُما تايهيونغ بيتًا في الجِوار بعدما ألحَت سويون بِقدومِهما
السَبب الاساسي رُغم اشتياقِها لصديقتِها انَّها تُريد ان تَجلِب لها هَدية لِعيد ميلاد حَبيبها ، في الواقِع هو لا يَسمح لها بالخُروج البتَّة خوفًا عَليها الي ان يَعودا الي كوريا ، لِذلك استنجَدت بايڤا
اشتَرت لها ايڤا الهَدية المُناسبَة بعدَما جَعلتها سويون تَجول كُل المراكز التجاريَة في لُندن و تُصور لَها كُل المُقتراحات الي أن رَضت أخيرًا
دام مِيلاده في ليال سبتمبر ذات النَسيم العَليل و الألوان الخَريفيَة المُريحَة
اخاطَت لهُ هي بِنفسها شال بُنيّ يُخالطه اللون الأبيض
كانَت تُحيكه كُلما وَجدت الفُرصَة اثناء مُغادرته المنزِل الي ان انتَهت مِنه
طَلبت من ايڤا شِراء عِطر رجوليّ فَخم مَع هودي رماديّ أنيق كُتِب بِداخله
- لِيحتضنكَ بدلاً مِني اثناء غَيبتي
كانَت في قمَة حماسِها و هي تنتظِر قُدوم ايڤا لِترى الهَدية
سَتطلب من تايهيونغ أن ياخذه معهُ الي المدينَة ليلاً قُرابة مُنتصف اللَيل كيّ تتمكَن من تجهيز اجواء رومنسيَة للاحتِفال بِه و مُفاجئته
هو لا يَعلم انها تتذكَّر عيد ميلاده فكُلما لمَّح لها تَدعي اللامُبالاة و تَتسبب في انزِعاجه ، تُزعجه لِتُفاجئه لاحِقًا و تُسعِده
اغلَقت الخط و توَجهت لارضاعِ طِفلها الجالِس بالقُرب من التلفاز فوق عَربته ، سَحبته من ظهر العربَة اليها بعدَما جلست فوق الاريكَة و بِمُجرد ان لَفته اليها حتَّى ابتَسم و ضَحك حينَما رآها
جون الصَغير تَعلَّق بوالديه كَثيرًا و أحبهُما ، كُلما نَظرا اليه بدأ بالابتِسام و الضَحك بِمُفرده دون ان يَبذُلا مجهودًا لاضحاكِه
ابتَسمت له بِوسع لِتمُد يديها تنتشِله من عربته " حبيب ماما سَعيد ؟ انت سعيد لاني سارضعك همم ؟ " قَبلت وجنته الصغيرَة لِتضعه في مُنتصف حضنها تَرى حماسه و هو يَركُل الهواء باقدامِه بسرعَة و يَلهث
" حبيبي كَبر و امتلئ و اصبحَت لديه خُدود جَميلة " رَدفت سويون بسعادَة بينَما تُداعب خديّ طفلها الذي ابتَسم لها بوسع يَكشفُ عَن لثته الخاليَة من الاسنان ، حَشرت في مُنتصف فمِه المرضعَة و هي تَمسح على شَعرِه الخَفيف الناعِم و تبتسِم بِحُب له
انتَهت من ارضاعِه ثُم جَعلتهُ يتشجأ لِتضعهُ فوق فِخذيها بينَما تُمسكه من اسفل ابطيه تُلاعبه بِحُب " الليلة عيد ميلاد من همم ؟ " هَتفت و هي تنخفضُ لِملامسة انفه ثُم ترتفِع بسرعَة تَجعلهُ يضحَك بصخَب بينَما يُحرِك اقدامِه و يَديه بِحماس
" انهُ يتجاوب مَعي بسُرعَة ! لابد انه سيكون عبقريًا كوالِده " تمتمَت بعدَما لاحظَت نمو طِفلها السَريع و استجابته مَعها و مع والِده ، قَبلته على جَبينه لِتعانقه تشتمُ رائحته براحَة " احبك كثيرًا كثيرًا " همست لهُ بِحُب
مَسكها الصغير من شَعرِها بينَما يلهث و يَركُلها باقدامِه ، تأوهت بألم لِتُحاول ابعاد قَبضته " ياا انا اُخبرك اني اُحبك و انت تُعبر عن حُبك هكذا ؟ ساصبح صلعاء بِسبب قبضتِك "
ابَعدتهُ بصعوبَة لتنهض بِه و تَسير نحو غرفتِها المُشتركَة مع حبيبها النائِم ، دَلفت تطمئنُ عَليه لتقترِب جالسَة بالقُرب منه " حبيبي ، استَيقظ هيَّا ، ايڤا ستَصِلُ قريبًا " هَمست له لِتُخفض الصَغير نحوه قائلَة " امسك شعر بابا ، ايقظه "
كمَّش جونغكوك عينيه بانزِعاج و هو يَشعُر بِقطراتٍ لزجَة تَسقُط على وَجهه ، بِمُجرَد ان فَتح كُحليتاه وَجد لُعاب ابنه يُقطَّر عليه و هو يُقابله بابتِسامَة لطيفَة
" ياا جوون " صاح مُتذمرًا ليمسح وَجهه و يَجلس مُنزعِجًا ، اعادَت سويون جونسان الي حُضنها تُراقب حبيبها بِعبوس " ليس عليك الصُراخ بِوجهه هَكذا !! انهُ يريد التسليم عليك فَحسب "
حَدق جونغكوك في وَجه ابنه العابِس و الذي بدأ بِتقويس شَفته السُفلى نَحو الاسفَل مُستعدًا للبُكاء ، وَسع عينيه بخفَة و قَبل ان يقترِب لِحمله انفجَر الصغير باكيًا بقوَّة " يا حبيبي لم اقصِد الصُراخ عليك ، لقد تفاجَئت فَحسب "
" انظر كَيف جعلتهُ يبكي ! حرام عليك " أنبته سويون بِعدم رضَى و استقامَت تُطبطب على ظَهر صغيرِها و تُسكته ، نَهض جُيون وراءِها و اخَذه مِنها لِيعانقه و يُقبله محاولاً تهدأته " هشش ياروحي بابا يحبك همم؟ لا تبكي "
قَبل رأس صَغيره الذي يُناظِره و هو يُقوس شِفاهه و عُيونه السوداء المُضيئَة مليئة بالدُموع ، مَسح له دُموعه باصابِعه لِيقبل انفه المُحمَّر " ورثت حساسيتك من اُمك بلا شَك "
" لا تَصرُخ عليه الصغير لديه عزَة نفس " هَتفت سويون مُدحرجَة عُيونِها بينَما تسيرُ نَحو الخارِج " الغَداء جاهِز ، هيَّا لتأكل "
لاطَف صغيرِه لِبضع من الوَقت الي ان رآه يضَحك و يَتجاوب مَعه
ابتَسم راضيًا ثُم قَبله على جَبينه لِيلحق بامرأته
بَعد خَمس ساعاتٍ رُكِنت سيارَة رياضيَة بالقُرب من المَنزِل ، اقتَرب الحَرس يَتفقدون صاحِبها فإذ بِه تايهيونغ و زوجتِه التي نَزلت مُتحمسَة لِترى اخيها الصَغير و تَطوراتِ نموِه
تَجاوزت الحَرس راكضَة و سَمحت لزوجها بِجلب الحَقيبة بِمُفرده ، دَخلت الي البَيت تصرُخ بِحماس " سويون ، ابي ، انا جئت "
خَرجت لها سويون من المَطبخ تُحدِق بِها و هي تَركُض نحوها حتى تُعانقها ، ضَحكت بِخفة و بادلتها الحُضن بقوَّة " يا ايڤا اشتقتُ اليكِ "
" انا ايضًا اشتقتُ اليكِ كَثيرًا ، اين جون ؟ " ابتَعدت عَنها تسألها بِلهفَة عن الصَغير ، عَبست سويون لِتنطق بعدم رضَى " مُنذ ان انجبنا جونسان و لا احَد يَسأل عنا انا و والِده ، الجَميع يسأل عن ذاك المتُطفل الصَغير "
" اجل اين هو ؟ " كررَت سُؤالها الذي اُجيب مِن قبل والِدها حينَما خرَج من الحَمام و بين يديه طِفله المُلتف بِمنشفته البيضاء التي تَحمل قُبعة بها اذان أرنب ، كانَت قُبعته تُغطي نِصف وَجهه و لا يَظهر مِنه سِوا شَفتاه المُبللة بلعابِه
شَهقت بقوَّة مُتسببَة في انتفاض جَسد الصغير بين ذِراعيّ والِده و هي تَركُض نَحوهُما موسعَة كُحليتَيها " يا..ياا " هَمست بِصدمَة لِتقوم بامساك احد اُذنيّ القُبعَة تَرفعها للكَشف عن عينيّ الصَغير السَوداء
حَدقت بِه بِذُهول و كَيف نَما خِلال شَهرين بِشكلٍ جَيِّد ، امتلئ وَجهه و جَسدهُ و بَدا في قِمَة لطافتِه " جون ! الهي كَيف كبرت بِهذه السُرعَة ؟ من يراك يَقول انك لست نفسه قَبل شهرين " حَملته من والِدها و قامَت باحتضانِه و تَقبيله طوعًا
" لا تُقبليه على شَفتيه انهُ صغير " قال جونغكوك مُمتعِظًا يَدفع براس ابنته الي الخَلف بعيدًا عن طِفله " ايتها المُتحرشَة ، اين زوجكِ عَنك "
اَخرجت ايڤا لسانها لهُ و هَرولت نَحو الاريكَة تجلِس و بين ذِراعَيها الصَغير تُلاطِفه بِسعادَة " انا اختك هل تَعرِفني ؟ " هَمست له
كان الصَغير يُناظرِها بينَما يلعب بالبَطة التي بين يَديه ، ابعَد عينيه عَنها و التهَى بالنَظر الي القطعَة الصفراء المطاطيَة يُمسكها مُتجاهلاً اخته التي عَبست
" يا انا احدثك " عَبست قائلَة لِتُطالع سويون التي دَنت منها و نَطقت بابتِسامَة " دَعينا نُلبسه ثيابه ، سيمرَض ان بقا عاريًا هَكذا "
" حسنًا لِنلبسه معًا " تَحدثت الصُغرى بِحماس و استَقامت تُغادر مَع صديقتِها الي غُرفَتها المُشتركَة مع أبيها ، وَضعتهُ ايڤا فوق السَرير حَيث بدأت سويون باخراج مَلابِسه و حِفاظه " هل جلبتِ الهديَة ؟ " سألت هامسَة
" جَلبتها و جَلبت الشُموع و الورود و مُعدات الكَعك ، كُلهم في الحَقيبة ، سيجلبها تايهيونغ حالاً " اجابَت ايڤا التي راحَت تُلبس الحفاظ للصغير بعدَما مَدته سويون لَها ، ابتَسمت الكُبرى بِحماسٍ طاغٍ و راحَت تتمايَل بينَما تُدخل ثياب جون من رأسه " انهُ اول عيد ميلاد لهُ و انا مَعه ، ساجعلهُ مُميز "
" همم ، سيكونُ مميزًا بِلا شَك ، ساخبر تايهيونغ ان ياخذه معهُ الان لِننشغل باعداد الكَعكة " قالَت الصُغرى لِتنخفض تُقبل بَطن الطِفل العاريَة ، اندهَشت حينَما ابتَسم الصغير لهُ و راحَ يلعبُ بيديه " انهُ يبتسم ! "
" اجل انهُ يبتسمُ و يَضحك ايضًا ، انتِ لمستيه عند مكانه المُفضل ، يُحب من يلامس بطنه و يُلاعبها " رَدفت سويون مُقهقهَة و هي تَرى حماس ابنِها و سعادتِه ، البستهُ ثيابه و حَملته بيو ذِراعيها تُسرح له شَعره الخَفيف بِمشطه المُخصص " حَبيب روحي هو ، احبه جدًا " قَبلت جَبينه
بِمُجرَد ان غادَرت ايڤا الي الصالَة حتى وَجدت تايهيونغ جالِس برفقَة والِدها يَتبادلان اطراف الحَديث ، شَهقت قائلَة و هي توسِع عينيها " يا تايهيونغ ، لَقد نسيتُ شيئًا مُهمًا في لُندن ! هل يُمكنك ان تجلبه لي ..؟ "
رَفع جونغكوك عينيه اليها يُناظرها " صغيرتي مسافَة الطريق من هُنا الي لندن ثلاث ساعات ! استجعلينه يَذهب كُل هذه المسافَة ؟ " تَحدث مُعترِضًا يُطالِع من عَبست و راحَت تترجَى زوجِها قائلَة " ارجوك ، انا بِحاجته ، انهُ دوائي ، كَيف استطيع البقاء بدونه ؟ "
" دوائكِ ؟ كيف نسيتينَه ايڤا ؟ " عَقد جونغكوك حواجِبه بعدم رِضى لِيُشاهد زَوج ابنته يَستقيم قائِلاً " لاباس ساذهبُ لجلبِه ، هل تذهب مَعي ؟ "
صَمت جُيون لِبُرهَة يُقلب الموضوع في رأسِه ، همهم ايجابًا لِيستقيم بِرفقته مؤيدًا " حسنًا لابأس ، لِنذهب و نأتي بِه "
غَمزت ايڤا الي زوجِها الذي ابتَسم لَها و غادَر مع والِدها المنزِل ، بَقت الفتاتَين بِرفقَة الصَغير الذي اجلَساهُ بداخِل عربته يُنصت اليهنّ و هُن يُعددن الكَعكة من اجل عيد ميلاد اباه
لاحَظت سويون انَّ جونسان لَديه عادَة انصاتٍ جيدَة إذ يُحب البقاء بِجوار والديه حينَما يتحدثان ، ذلك لانهُ عوداه على الحَديث معهُ كَثيرًا و مُخاطبتهُ كَما لو انهُ يَفهم عَليهما ، صَحيح انهُ لا يَعرِف مقصدِهما ، لَكن ذلك يُنمي مهاراتٍ اخرى في عقلِه و يُساعده على خَلق عادات افضل للتَواصل مُستقبلاً
اعدَّت سويون الكَعكة بِرفقة ايڤا و ادخلاها الي الثلاجَة ثُمَّ بَقت الصُغرى بالقُرب من الصَغير تُلاعب لِتتوَجه الثانيَة الي غُرفة نومِهما حَيثُ قرَرت انشاء الامسيَة هُناك
بَدأت بِتزيين الغُرفَة بالورود و الشُموع ، تَنثُر تلك البِتلات الحَمراء في الارجاء و هي تُفكر بِرد فِعله بِداخل مُخيلتِها فَتزداد حَماسًا
حينَما انتهَت من التَزيين حَدقت بالساعَة فوجدتها تُشير الي العاشِرَة ليلاً ، أي انهُ قارَب على الوصول ، خَرجت الي الصالَة تتوجَه نحو ايڤا التي تُرضع جونسان بعدَما اعدَت مرضعته بِنفسها " ايڤا انا سادخل استحِم و اتجهَز ، ابقيّ مع جونسان الي حين عَودتي "
" اخذه مَعي الي البيت الذي استأجرناه ؟ كَي تَبقين مع والدي براحتكما " هَتفت الصَغيرة بعدَما رَفعت عينيها الي صديقتِها التي نَفت مُعترضَة و قالَت مُبتسمَة " كلاّ ، اُريده ان يُشارِكُنا اللحظَة "
اكتَفت ايڤا بالهمهمَة تُتيح لها فُرصَة الدُخول و الاستِحمام و ذَلك ما فعلته
ما إن انتَهت من استِحمامِها و خَرجت قامَت بارتداء فُستانِها الذي خَصصتهُ لِسهرتِهما ، وَضعت القَليل من مُستحضرات التَجميل الناعِمَة فَحبيبها يُحب ملامحها الطبيعيَة
احسَّت بِحركاتٍ غَريبَة تحومُ حَول المنزِل ، قَرنت حواجِبها بخفَة لِتُميل رأسها متمتمَة " لما لا اسمعُ صَوت الحَرس ؟ "
اخَذت انفاسِها بِصعوبَة لِتنفي رأسِها بينَما تَضعُ احمر شِفاهها بِحَذر " اكره هَذا الاحساس حينَما يُداهِمُني "
سَمِعت صوت بُكاء ابنها لِتقرن حواجِبها و تَنده قائلَة " ايڤا ! اين انتِ ؟ جونسان يَبكي "
ازداد صَوت بُكاء الصَغير ما جَعلها تضع احمر الشِفاه بانزِعاج " ايڤا ؟ الا تَسمعيني ؟ " التَفت نحو الباب لِتقوم بِفتحه و مُغادرَة الحُجرَة
" ايڤا الا تَسمعين صوت بُكاء جون ؟ اين ان.. " شَهقت بِقوَة لِتصرخ ما إن رأت ابنَة زوجِها واقعَة على الارض غارِقَة في دماءِها " ايف..ايڤا " صاحَت لِتركض نَحوها و تَجثوا على رُكبتيها تهزُها بقوَّة " ايف..ايڤا ؟ مالذي يَحدُث ؟ افت..افتحي عين..عينيك "
نَظرت حَولها بحثًا عن طِفلها و نبضاتِها تتضارَب بصخَب " جو..جون "
وَقعت عينيها على المَطبخ إذ رأت ظَهر رَجلٍ بين يَحملُ بين ذراعِه طِفلها و بيد ذِراعه الثانيَة سكينًا حادًا ، ارتجَف بَدنُها بِهلعٍ تُناظِره و هو يُخرج الكعكة التي أعدتها من اجل حَبيبها
" م..من ان..انت " هَتفت و قلبُها يُعتصر بألم لِسماعها صَوت بُكاء طِفلها العاليَة ، رَغبت في الرَكض لهُ و حَمله لَكنها صُعقت ما ان التَّف الرَجُل نَحوها
رأتهُ يَضع قِناع ارنَب دمويّ حتمًا سَبب لِصغيرها الذُعر
ارتعش جَسدها بشدَّة ما ان عَلِمت هويتِه " ان..انت ، مالذ..مالذي تفع..تفعله ه..هنا ؟ " خاطَبته و لَم تستطِع مَنع الخَوف من اظهار نَفسه في حُروفِها
ابتَسم لها الرَجُل بشكلٍ اظهَر لسانِه المَقطوع ، شَهقت بقوَة لتضع يديها فوق شَفتيها بهلع " ارج..ارجوك "
" جون..جونس..سان " هَمست تُناظر طِفلها الذي يكادُ يختنِق لِفرط بُكاءه و خَوفِه ، اقتَربت منه خُطوَة تُحاوِل التغلب على خَوفِها و خَطف طِفلها منه لَكنه وَجه تلك السكينَة على عُنق ابنها " ل..لاا " صَرخت بقوَة نافيَة
الساعَة تُشير الي الحاديَة عَشر والنِصف
مَتى سيعودُ رَجُلها ..؟
في تِلك الاثناء كان جونغكوك يَتبادل اطراف الحَديث مع تايهيونغ بينَما يَتناولان المُقرمِشات ، قَد غادرا بِسيارَة جُيون الذي وَرده اتصالاً
" من يتصِل بهذا الوَقت ؟ " تمتم عاقِدا حواجِبه ، اجاب على المُتصل مُهمهمًا " نعم جيكوب ، ما الامر ..؟ "
" سي..سيدي ، هنالك مُشكلَة " رَدف جيكوب بينَما يَركُض وسط مَمرات المُستشفَى يُحادِث سيده الذي حدق بزوج ابنتِه و هو يقود سيارته " مُشكلة ؟ ما المُشكلة ..؟ "
ناظرهُ تايهيونغ مُتعجبًا حيثُ رأى عينيّ جيون التي توسعَت بِصدمَة بعد أن سَمِع ما قالهُ له مُساعده " جونغ.جونغ ووك هر..هرب من المصحَة "
" هَرب ؟ و كَيف سَمحتم له بالهَرب و اللعنَة ؟ هل وجدتموه ..؟ " صَرخ جونغكوك بقوَّة بعدَما تملكه الذُعر يستمِع الي اجابَة الثاني " ل..لم نجده بعد ، نحن نبحثُ عَنه "
" اللعنَة عليكم جميعًا " صَرخ بِقوَّة لِيُغلق الخَط و يُحدق في تايهيونغ الذي سأله بِقلق " ما المُشكلَة ..؟ "
" انه جونغ ووك ، هَرب من المُستشفَى و لابد انهُ سيستقصد عائلتي ، بسرعَة الي المنزِل " صاح بِه بينَما يُحاول الاتصال على سويون
رَنَّ هاتِف سويون المُتواجِد فوق المنضدَة خاصَة المَطبخ بالقُرب من جونغ ووك الذي يَحملُ جونسان و يُوجه بالسكينَة عليه
نَظرت المرأة نَحو هاتِفها و هي ترتعِد بِخَوف " ار..ارجوك دع..دعه ، انه صغ..صغير " هَمِست لهُ بغصَّة
ابَعد جونغ ووك السكينَة لِيلتقِط الهاتِف مُجيبًا على اخاه الذي نَطق بلهفَة " سويون ، هل تَسمعيني ؟ اغلقي الابواب جيدًا عليكِ انتِ و ايڤا ، انا قادِم في الطريق "
عقد جُيون حواجِبه يُنصِت الي انفاسٍ هائِجَة و بُكاء طِفله العالٍ " س..سويون ؟ "
نَظرت سويون نَحو السكين المُلقى ارضًا ثُمَّ اقتَربت بِبُطئ من الأخر لِتقوم بِدفعه بعنف و خَطف ابنها مِنه ، ما ان رَغبت في الفِرار حَتى امسكها من شَعرها بِعُنف و اعادها الي الوراء جاعلاً من صوتِها المُتألم يخترِق اذن حبيبها عبر الهاتِف
احتَضنت ابنها الي صَدرِها و دُموعها تتسرَّب بغزارَة " جونغكوك ارجوك ساع..ساعدنا "
" هل وص..وصل اليكم ؟ " هَمِس جونغكوك بِصدمَة يُناظر ذلك الطَريق الخالٍ امامِهما و مَدى طول المسافَة بينهُ و بين البَيت
" جونغ ووك ، لا تتهور ، مالذي تَفعله عندك ؟ " صاح مُنفعلاً يُخاطِب مَن قام بِغرس ذاك السكين الضَخم فوق شَعر سويون و الطاولَة ما يَجعلها محاصرَة لا تَستطيع الفِرار
حاوَل أخذ جونسان مِنها لكنها قاومته بينَما تَبكي " ل.لا ارجوك ، لا تأخذ طِفلي دع..دعه " صَرخت بقوَّة تُحاول الاحتفاظ بصغيرها الذي هدأ بكاءه في حُضنها
صَفعها جونغ ووك بقوَّة فاستَطاع اخاهُ سَماع صَوت الصفعَة التي شلَّت حواسه " ايها العاهِر ، اُقسم ساقتلك بيداي " صَرخ بقوَّة
" د..دع صغي..صغير..صغيري " نَفت سويون بقوَّة تعترِض تُجاهد للحفاظ على صغيرِها الذي خُطف من بين يَديها رُغمًا عَنها
عاد بُكاء الطِفل يَصدُح فَسمعه جونغكوك الذي صَرخ بتايهيونغ مُنفعلاً " اسرَع و اللعنَة ، قُد بسرعَة انه يأخذ طِفلي "
انقَطع الاتِصال و لَم يعُد يستطيعُ سَماع شَئ
قلبهُ تزعزع من مَطرحِه كُلما صَدح صوت بُكاء طِفله اُذنيه
تلك الصفعَة التي أذت جُزءًا منهُ جَعلتهُ لا يُبصِرُ لِهول غَضبِه
هو يُقسم انهُ سيقتلهُ بيداه و ان دَخل السِجن الأبديّ
وَصلا الي الطريق المؤدي الي المَنزل و ما رأياه جَعل فَكِهما يَسقُط ارضًا لِهول الصَدمة
البَيت ، يَحترِق ..!
يَحترِق كاحتِراق قَلب جُيون الذي نَزل من السيارَة يَركُض يُناظِر المنزِل يشتعِل بالكامِل
وَضع يديه على رأسه بِعدم تَصديق " مالذ..مالذي يحد..يحدُث ..؟ "
" ايڤا ! اللعنة ايڤا بالداخِل " صَرخ تايهيونغ بقوَّة لِيُحاول الرَكض و دُخول البَيت ، لَم يتمكن من العُبور لِكون المَدخل قد احترَق بالكامِل و سَقطت لوحَة من السَقف واشَكت على تحطيم جَسده
جَثى جُيون على رُكبتاه يُناظِر البَيت الذي جَمع أجمَل لحظات حياتِه بمرأته و طِفله يَحترِق و يتلاشَى
الأبشع من ذَلِك
انهُما بالداخِل ..!
دَقت ساعَة مُنتصف اللَيل
الساعَة التي ادخلتهُ عُمر الثامِن و الثَلاثون
ذات الرَقم الذي افقدَه نَفسه قَبل عِشرون عامًا
لابد ان الرَقم ثمانيَة ، كابوسَه
أسيفقدُ عائلته أجمَع ، بليلَة عيد ميلادِه ..؟
يَترددُ في ذِهنه صَوت بُكاء طِفله و صُراخ امرأته يُطالبانِ بالنَجدَة
لَكنهُ ، وَصل متأخِرًا
احقًا كُتِب على عُمره الشَقاء ..؟
اهذِه هي ، الـنِـهَـايَـة ..؟
•••
18214 ✔️
اهني كُل قارئ قرأه في جلسة وحدَة
تعالى خُذ جائزة قَلبي 🫀
2000 تعليق قَليل قدام تشابتر هيوصل عشرين الف كلمَة !
بالنسبَة لاحداثنا يلي نسيتها ..؟
حرفيا لان التشابتر طويل نسيت ايش كتبت 😭
بس ماعلينا ، المُهم احتاج رأيكم بالتَفصيل المُمل
ترى لاني اكتبلكم بالتفاصيل
كنت اقدَر اتجاوز كِثير اجزاء زي فترَة بقاءهم في المنزل
بس حبيت اشاركها لاني اعرفكم تحبوها لذا متبخلوش عليا بتعليقاتكم المفصلَّة
والله لو تدرون كتافي بتوجعني من الانحاء و الكتابة 💔
جدًا تعبني
اول جُزءيَة
مَوت يونمي و غابرييل يلي نجا بصعوبَة
بالنسبَة ليونمي زعلت على جيمين جدًا للامانَة
امَّا غابرييل بعد ماقررت اقتله لقيت تعليقات حركت مشاعري فماقدرت
رحت قرأت عن حالات توقف فيها القلب و الحمدلله لقيت في ناس قلبها رَجع نبض بعد 42 دقيقة
الحمدلله نِعم الله كثيرَة علينا 🤍
بالنسبَة لفرحة جيون بابنه ..؟
مشاعره بقلبي والله
غيرته على حبيبته من طفله تضحكني 😭
جُزءية لما جابلها الدُمية و شاركها اللعب ♥️
احب كيف يعرف يحتويها
احبهم و مفتقدتهم جدًا ، الطف كوبل كتبت عنهم
ما ادري بعد اخر تشابتر ايش هاعمل دونهم
اما جونغ ووك التافه
عرف يستعمل جزءية من الفيلم ضد جُيون و استخدم القِناع بتاع الارنب
شايفين حقارته ..؟
اضافَة انه قطع لسانه بس علشان ماينصف اخوه!
يخي اعرف ناس كده من كُثر حقدها عليك تفضل تموت ولا تعطيك الحق
اخر جُزءية
كارثيَة
فقرة الاسئلَة
🪐 اكثر جُزءية نالت اعجابكم ..؟
🪐 جُزءية سببت بكاءكم ..؟
🪐 جُزءية تريدونَها تنضاف في اخر تشابتر ..؟
يلي هو التشابتر القادم باذن الله
🪐 اكثر جزءية اثرت بِكم و حركت مشاعركم ..؟
🪐 توقعاتكم للتشابتر الجاي ..؟
يلي هو الأخير
🪐 اشياء تُريدون اجوبتِها و لى تجدونها في مُنتصف التشابترز ..؟
تقريبًا انا وضحت مصير كُل الشخصيات
اراكم في القادم باذن الله
دُمتم في حفظ الله و رِعايته ♥️
.
.
.
🫀
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top