Husband | 40
Husband || زَوجي
اهلاً بِكُم في الجُزء الأربعون 🦋
لنبدأ 🤍
•••
" سويون ، طِ..طفلتي "
تِـلـك الحُروف خَرجت مِن فاه الرَجُل الخَمسينيّ الواقِف قُبالَة طِفلته المُتسمِّرة عند باب الحُجرة تُناظِره بِصدمَة ، كانَت يدِها التي تُمسِك الرِسالَة ترتعِد بشدَّة و عَسليتَيها المُوسعَّة تجوب في مَلامحه بعدمِ تَصديق
تراجَعت خُطوَتين الي الخَلف تشعُر بإرتِعاش خافِقها بين ضُلوعِ صَدرها ، حينَما وجدتهُ على وَشك التقدُّمِ منها هي إلتَفت و قابلتهُ بِظهرها مُناظرَة الباب بِعيونٍ دامِعَة مليئَة بالصَدمة
يون سون نَظرت الي والِد ابنتِها مُصدرَة تنهيدَة عَميقَة بَعد أن رأت صغيرتها تفِّر هارِبَة من الغُرفَة ، بَللت شِفاهها الجافَة حينَما نظر غابرييل اليها لِتنطِق " لَن تتقبَّل الصدمَة بهذه السُهولَة "
غابرييل ناظَر الباب المَفتوح الذي خرجَت منهُ سويون لِلتو راكِضَة لِيتنهَّد بِحُزن و يومئ " اعلَم ، سأراها " كانَ على وَشك الخُروج لولا يَد يون سون التي مَسكتهُ و إستوقفتهُ عن المُضي
نَظر اليها بِحاجبين مَعقودين يَنتظِرُ تَفسيرًا حيثُ قالَت " سويون حساسَة ! سيكونُ التعامل مَعها سَهلاً إن حادثتها بِهدوء ، كُن لينًا "
اومَئ الاكبرُ سِنًا ايجابًا حَيثُ سَحب يده بِهدوء و رَدف " ساُحاول التحاور مَعها ، هذا ان لَم تقُم بِصفعي كالمرَّة الفائتَة " سَخر مُصغِّرًا عَيناه
ضَحكت يون سون بِخفَّة لتنطق " لم تَكُن تعرفك ، هي لا تُحب ان يقترِب منها الرِجال " قالَت بينَما تَمد يدها لأخذ كأس الماء مِن جانبها
" فهمت " همهم مومئًا لِيخرُج من الغُرفة لاحِقًا ابنته التي كانَت قد صَعدت الي سَطح المستشفَى ، سأل عَنها المارَّة و قَد أخبروه الطريق الذي قصدته لِذا تَبِعها الي هُناك و دَخل باحِثًا عَليها بِعينيه
وَجدها تقفُ عند حافَة المَبنى تُناظِر الفَراغ امامَها بِصَمت ، بَدت غارِقَة وَسط كومٍ هائل مِن التساؤلات اللامُتناهيَة ، طَوح انفاسُه بِهُدوء لِيقترِب مِنها بِضع خُطوات استطاعَت الشُعور بِها ، ضغطَت على الرِسالة التي بيدِها بقوَّة حينما انتَصب وراءَها قائِلاً " سويون "
مَسحت دُموعها التي تَسربت مِن عينيها خارِج عن إرادَتِها لِتجمع كَمًّا من الاكسجين في رِئتيها حتَّى تزفره لاحِقًا بِبُطئ
غابرييل حدَّق في شعرِها العَسليّ الذي يَتطاير بِفعل الهَواء المُنبعِث حَولهُما ، استطاع رُؤية يدها التي كوَّرت تلك الرِسالة بداخل اصابِعها ما جَعله يُخمن غَضبها و حَيرتها بداخِل تلك الاسئلة المُتراكمَة
اَخفض رأسهُ مُتنهِدًا و بِمُجرَّد ان رَفعه حتَّى يتحدَث وَجدها إلتفَت اليه و ناظرته بِعينين مُحمرَتين ، صَمت حينَما قالَت بإندِفاع " لِما عُدت ..؟ "
قلَّب سُؤالها في عَقلِه طَويلاً حتَّى تمكن من اجابتِها قائِلاً " لِما قد لا أعود ..؟ "
سَخِرت لِتنظر جانِبًا تُبعد تلك الدُموع التي تستمِّر بالإنزِلاق دون تَوقف " اهذا جَواب حتَّى ؟ " حدَّقت به من خلف الحاجِز الذي كونَّه الماء المالح بداخِل بؤبؤتَيها " عِشرون عامًا ، نحنُ لا نتحدَّث عن عِشرون يَوم ، عِشرون اسبوع ، او حتَّى عشرون شَهر ! " هَمست
" طيلَة تلك العِشرون عامًا كنتُ ابحثُ فيها عنكِ و عن والِدتك ! لَكن أثركُما اختفَى " تحدَث مُبررًا بِلغته الكوريَّة الضعيفَة ، لَكنه يُحاول لأجل ان تَفهمه و يتمكَّن من التواصُلِ مَعها بشكلٍ جيِّد
" لِما تركتنا من البِداية اساسًا ؟ لِما تركت امِّي لوحدها تُصارع المَوت؟، تقفُ بوجه والدها و قبيلتها و ذَهبت ! تركتها صغيرَة بِمُفردها حامِل بي " رَدفت بِغصَّة دون أن تستطيع كَبح رَنة البُكاء التي اندمجَت مع صَوتها المُرتجِف
هو فَقط ، موضوع حَسَّاس للغايَة
ما قاستهُ امُّها و هي في طُفولتها لَم يَكُن سَهلاً
غابرييل تَنهد لِيخفض رأسهُ بِحُزن " كانَت لديّ اسبابي " نَطق بأسَى بينَما يُطالع اقدامه حيثُ يستطيع الشُعور بِنظرات سويون المُنكسرَة نَحوه
" انت هَربت ، هربت بَعد أن تلاعَبت بامِّي و ضَحكت عليها بإسم الحُب " صَرخت بِه لِتقوم بِرمي الرِسالَة عَليه مُكملَة " انت لا تعرِف مالذي عشناه انا و هي ، لا تعرِف ماذا فَعل جدي و اخوتها بِها و بِسببهم التجئت لتكون فَتاة مَرقص حتَّى تتمكَّن من اعالتنا ، اتعرِف اساسًا كيف عِشتُ انا بدون اب ؟ اتعرِف كَيف شُعور ان تكون مَنبوذًا الجَميع يَنعتُ امك بالعاهِرَة فقط لانها أحبَت رجل جَعلها حامل و تَركها !! "
صَوتها العالي و هي تنطِق بكلِّ حرقَة تُلازم كُل حرفٍ تنطِقه ، غابرييل كان يُنصِت برأسٍ مُنخفِض و هو يستمِع الي بُكاء طِفلته التي اكمَلت " انهُ بسببك انت حَدث كُل هَذا ، بسببك امي تَزوجت ذلك الرَجُل الذي طَمع بي و عِشت كُل حَياتي اُعاني ، لو لَم تذهَب لَكنا عِشنا كأي اثنين ، كأي ام تُربي طفلتها تَحت جناح زوجها و كأي طفلة تتربَّى في وِسط عائليّ بَسيط ، اتعرِف العُقد النفسيَّة التي اُعاني منها ..؟ اصبَح لديّ رُهاب مِن الرِجال انني حتَّى لا استطيع او اعيش طَبيعيَّة مع زَوجي و استمِّر بصده عنِّي لاني لستُ سويَّة نَفسيًا "
رَدفت بِصُراخ تُلقي بأصابِع الإتهام عَلى أبيها الذي لَم يتمكَّن من انكار حرفٍ مما نَطقته بَل اومَئ لها مُتفهِّمًا جيِّدًا مُعاناتِها ، وَجدها تُجهِش بالبُكاء بَعد ان جَلست القُرفصاء عَلى الأرض و احتَضنت ساقيها الي صَدرها بينَما ترتعِش بخفَّة " انا اُحاول فَقط أن اجد لك عُذرًا يَجعلني اُحبك ، يَجعلني اصفح عَنك ، الطِفلة التي بداخلي لازالت بِحاجة الي والِدها " رَدفت بِصوتٍ مَهزوز مُرتعِش كَجسدها
غابرييل اقترَب مِنها خُطوَتين لِينخفض الي مُستواها و يُمسك بِذراعيها يوقِفها ، حدَق في عَسليتَيها التي تُشبه خاصتيّ والِدتها ، لَونهُما كامِّها لَكن وِسعها و شَكلهُما ورثتهُما مِنه تمامًا
" ا..انا ساُخبرك بِكل شَئ ، هل نستطيع الجُلوس و التحدُث بهدوء ؟ " رَدف بينَما يُناظر عيونِها الدامِعَة ، قامَت بإبعاد يَديه عَنها لِتمسح دُموعها بكفِّها و تَسبقه لِلجُلوس على كراسٍ موضوعَة هُناك
قامَ بِلحاقها و الجُلوس امامَها يُحدِّق بها و هي تُجفف وَجهها المُبلل عَبر المنديل الذي أخرجتهُ من جَيب مِعطفها ، قام بإخراج تنهيدَة عميقَة من صَدره تَليها حُروفه التي غادَرت حُنجرته " اعليّ ان اُعرفك عَلى نفسي اولاً ..؟ "
نَظر في عَينين طِفلته التي شدَّت على المنديل بخفَّة تُناظره بِصَمت ، وجدتهُ يعتدل في جَلسته فاتِحًا زر بِدلته الرسميَّة حيثُ نَطق قائِلاً " قَبل واحِد و عشرون عامًا ذَهبت الي كوريا بِصفتي عُضو في الاستخبارات الامريكيَّة "
حدَق في عُيونِها حيثُ بسط يَديه على الطاولَة الفاصلَة بين كُرسيهما و اكمَل " انتِ تعرفين عَمل الاستخبارات ؟ كنتُ بِمثابَة جاسوس ، عليّ معرفَة بعض المعلومات التي اُرسلت مِن أجلِها و لِسببٍ ما فَشلت في مُهمتي ، آن ذاك كان عليَ الهَرب بأسرع ما يُمكن ، اثناء مُحاولتي في الاختِفاء التقيتُ بوالدتك "
حوَّل عَينيه جانِبًا يتذكَّر لَحظة لِقاءه الاولَى بوالدَة سويون ، هي تمكنَّت من رؤية ابتسامته الخافِتَة أثر تِلك الذكرَى التي طَرأت عَليه
•••
قَبل واحِد و عِشرون عام
" ابي هَل يُمكن ان افهم لِما جَلبتني مَعك ؟ ماذا قصَّر اخي معك ؟ " رَدفت يون سون ذات الخامسَة عشر عامًا بتذَّمُر و هي تَركب تلك الشاحِنَة مع والِدها الذي ناظَرها بجديَّة قائِلاً " اخبرتكِ ان اخاكِ مُنشغل بِدراسته ! الا تَعرفين انهُ سيرسل الي امريكا قَريبًا "
" لِما لا استطيعُ انا ايضًا اتمام دِراستي و الذَهاب الي الجامعَة ؟ " نَطقت بِغَيض بينَما تُكتِّف يَديها الي صَدرها تُناظر الخارِج بِعينيها العَسليَّة الفاتِحَة
" اعليّ تِكرار ذلك دَومًا ؟ اخبرتكِ مئة مرَّة انهُ ليس لدينا نِساء يُتممن دراستهن بَعد سن الخامسَة عشر ، يَكفي انكِ تعلمتِ كيف تكتبين و تقرئين ، الان عليكِ بدأ الاستِعداد للزواج ، شيخ قبيلَة البلدة التي بِقربنا عبَّر عن اعجابه بكِ ، سيأتي لخطبتكِ قريبًا " تحدَث والِدها بينَما يُدير المِقود حتَّى يِغادران البلدَة في طريقهما الي المدينَة
" ل..لاا ! لا تَقُل ذلك الفَّلاح ؟ سونغاي ؟ " نَطقت يون سون بِصدمَة اعتَلت ملامِحها بَعد إن التَفت نَحو والِدها الذي اومَئ مُوافِقًا " انهُ هو "
" ابي !!!!! " صَرخت بِقوة لِتنفي مُعترضَة " ا..انهُ بِعمرك ، بل اكبَر ، كيف سَتزوجني لرجل في الخمسين مِن عُمره ! " قالَت بإنفِعال تُحدِّق بالاكبرِ سِنًا
والِدها نظَر اليها بحدَّة حتَى يُسكتها و نَطق " تلك العادات و التقاليد ، الرَجُل اعجب بكِ و زوجته تُوفت من بضعة ايام ، انا لَن اردُّه حتى لا تحدُث عداوات بين القبيلَتين "
" زوجته توفَت منذ بضعة ايام ؟ و يُريد الزواج ؟ " ضَحكت ساخِرَة لِتنظُر امامَها بعدمِ تَصديق " اين الحُب و الوفاء ..؟ الاخلاص ؟ " هَتفت بينَما تعتصِر قَبضتيها بقوَّة " انا لن اتزوجه " صاحَت لِتتلقى ضربَة على رأسها من قبل والدها الذي أمرَها بحدَة " سَتتزوجينه شئتِ ام أبيتِ ! ليسَ بِمزاجك "
قَضمت شَفتها بِغَيض و هي تُناظر والِدها بحِقد ، عاوَدت التحديق امامَها تُفكِّر بايجاد حَل تُنقض بِه نَفسها مِن هذا الزَواج الذي سيُدمِّر حياتِها بالكامِل
لَم تَكُن تعلم ان مُنقِذها في انتِظارها لِتنقذه !
وَصلت الي المَدينة مع أبيها الذي رَكن الشاحنَة في السوق الكَبير من اجل اقتِناء بعض اللوازم الناقصَة في القَريَة ، نَزلت مَعهُ و راحَت تجوب الانحاء بِعُبوس تُفكِّر في مُصيبتها التي حلَّت عليها
رجَلٌ في اواخِر العِشرينيات مِن عُمره يَقومُ بالرَكض داخِل احد الأزقة التابعَة الي ذلك السوق الضَخم ، يَنظُر خَلفه كُل تارَة و اُخرى يُراقب اؤلاءك الرِجال الذين يَقومون بِاللحاقِ به حيثُ قام بالشتم بِلغته الانجليزيَّة
دَخل الي احد المتاجِر التي تَبيع الأقمشَة اذ كان والِد يون سون هُناك يَختارُ قُماشًا لِفُستان ابنته مِن اجل زِفافها الذي سيُقيمه قَريبًا
لِكون المتجر يَمتلكُ بابين ، كانَ يَنوي الخُروج من المخرج الأخَر لِذا تقدَّم يختارُ قُماشًا حتَّى يلفهُ على نَفسه و يتنكُّر بِه
صادَف ان القُماش الذي وَقعت يَديه عَليه هو ذاته التي اختارتهُ يون سون و التي أعجبها بشدَّة ، حاوَل جَذبه كي يَخرُج بسرعَة ألا انَّها تمسكَت به و إلتفَت نحو ذلك الرَجُل الاجنبي وراءَها
صُدمت مِن شَكله للدرجَة التي جَعلتها توسع بؤبؤتيها ، انها مرَّتها الاولى التي تَرى فيها احد بِعينين زرقاوَتين واسعتين عَلى غرار الكوريون امثالِها
" اعطني هَذا " رَدف بالانجليزيَّة بينَما يجتذبهُ من يَديها ، رآها تُناظِره بِعينين مُوسعَتين و قد اُذهلت من سماع لُغته التي تقرأ عنها كَثيرًا في الروايات
لَطالما كانت مِن عُشاق الكتب لذا هي تُجيد التحدُث بلغاتٍ عديدَة
" ا.. هذا لي " نَطقت بَعد أن ادركَت موقفها و سَحبت القُماش اليها ، غابرييل نَظر وراءِه يتفقَّد ان كانوا الرِجال يَلحقونه ام لا ثمَّ عاود النَظر في عينين تلك الآسيويَّة التي تتأمله بإعجاب " انا احتاجه ، بسرعَة " قال بجديَّة يُحاول خَطفه منها ألا انَّها ازدادت تشبثًا بِه نافيَة
لَم يكُن يستطيع اخذ قُماش اخِر فالكُل مُعلَّق عاليًا و سيجذب الإنتباه ان سَرق واحِدًا ، شَتم لِيمسح عَلى وَجهه حَيثُ كان جَبينه يَتصبب عَرقًا مع خُصيلاته الشَهباء التي التَصقت بِبشرته اذ ارجعها الي الوراء و نَطق " اخبرتكِ اني بِحاجة الي هَذا ! اعطني اياه فَحسب " رَدف مُنفعلاً بِلغته التي وجدتها يون سون جَميلَة للغايَة
اول مرَّة تسمع مُتحدث اللغة الاصليَّة امامَها
اعتادَت ان تَسمعها بلكنة استاذتها الكوريَّة ، لذا لَم تكُن الانجليزية بذلك الجَمال بالنسبَة اليها ، لَكن الأن ..! تغيَّر رأيها تمامًا
نَظر غابرييل الي الخارِج لِيوسِّع عينيه حينَما لمح إقترابِهم ، سُرعان ما رَفع ذلك القُماش لِيضعهُ على رأس كليهما و يقترِب مِنها يُحاصرها ضِد منضدة الأقمشَة وراءِها مُحدِقًا في عُيونها العسليَّة
كانَت مُنصدمَة من تَصرفه و وَدَّت ابعادِه و الصُراخ في وجهه ألا انّه اسكَتها عبر وَضعه لكفِّ يدها فوق شَفتيها " انا في ورطَة ، ارجوكِ اهدئي ، انا بِحاجَة الي المُساعدَة " تحدَّث هامِسًا بينَما يَضغطُ على اصابِعه فوق فَمِها
حدَّقت في عينيه الزرقاوَتين بينَما تبتلِع ريقها بِذُعر ، ان كانَ والدها هُنا و رأى ما يَحدُث سيأتي بأخرتها !
لَكنها لا تهتَّم
لَطالما كانت الابنَة المتمردَّة اساسًا على تَقاليد والدها المُتخلفَّة
غابرييل اخَفض رأسهُ يائِسًا حينَما ادرَك انها لا تَفهمه ، هو قال مُتذمِّرًا " انتِ حتمًا لا تَفهمين عليّ ! تبًا لما الكوريون لا يَفهمون الانجليزيَّة ! "
وَضعت يون سون يَدها فَوق خاصَة غابرييل تُخفضها عن شِفاهها ثمَّ قالَت بهدوء " انا افهمك " نَطقت بالانجليزيَّة و بِصوتٍ مُنخفض للغايَة
اتسعَت عينين غابرييل الزَرقاء حيثُ نَظر نحوها بِسعادَة " حقًا ! اخيرًا احد يستطيع ان يَفهم عليّ " نَطق مُتحمِسًا ثمَّ تَحمحم حينَما تدارَك الوَضع
شَعر بالرِجال الذين يُلاحقونه يَدخلون ذلك المتجَر لِذا قام بالإلتصاقِ بها مُبتلِعًا ريقه حينَما مروا مِن وراءِه ، شدَّ على يَديه بِقوَّة بينَما يُحدِّق في عينين يون سون التي تتنفَّس بِصعوبَة تنتظِر تَفسيرًا
ما إن احسَّ بِخروجِهم ازالَ ذلك القُماش الابيض عَنهما و حدَّق بها مُعتذِرًا " انا اسِف ، لكنِّي واقع في مُشكلَة لِذا اضطررتُ للاحتماء بِهذا " اشرَّ على الرداء بِعينيه
يون سون نَظرت حَولهما تَبحث عن أبيها الذي كان قَد غادر المَحل بالفِعل لأخَر قريب ، تنهدَت بِراحَة و ناظَرت غابرييل قائِلَة " هل انت تهرب من احدٍ ما ؟ " سألته بإهتِمام
" في الواقِع ان مُلاحق ، ان امسكوا بي سيقومون بِقتلي " رَدف يائِسًا بينَما يُعدِّل شَعره الأشهَب عَبر المِرآه وراءِها ، يون سون شَهقت مُنذهلَة لِتردف بِلُغتها الأم " عبثًا ! لا يمكن لهذا الوَجه الوسيم أن يُقتل هَكذا "
" عُذرًا ؟ " ناظَرها بِحاجبٍ مَرفوع حينَما لم يَفهم كَلامها ، حدقَت هي حَولهُما ثمَّ طالعتهُ قائلَة " ساقوم بِمُساعدتك "
" حقًا ؟ هل لَديك مكان اختبئ بِه ..؟ " سألها بِفُضول لتومئ لهُ ايجابًا و تُخبره أن يَتبعها ، قامَت بالذهاب الي مالك المَتجر و أعطتهُ القُماش متحدثَة " اخبر ابي ان يَدفع حقه ، انهُ على حِسابه "
" حسنًا يا صغيرَة " رَدف مالك المَتجر بينَما يَضع لها القُماش في الكيس ، كانَ يعرِف والدها فَهو زَبون قديم لَديه لِذا لم يُمانع ان تَخرُج دون الدَفع
غابرييل حَدق بِهما مُستغرِبًا ، هو لا يفهم حَرفًا لَكنهُ سَعيد انهُ قد وَجد من يَفهمه و يستطيعُ التَحاور مَعه ، لَحق بتلك الصبيَّة التي تسيرُ امامَه بينما تقومُ بربط شَعرها الأسود الطَويل عالِيًا
خمَّن في انها مُختلفَة عن الكوريات اللواتِن رآهُنَّ سابِقًا
بَدت بِجسدٍ ممشوق بِه بعض المفاتِن على غِرارهنَّ !
ساقتهُ الصبيَّة معها الي شاحنَة والِدها حيثُ قامَت بِفتحها من الخَلف و ناظرتهُ قائِلَة " اركب و اختبئ بين البضائع هُنا " اشرَت الي الداخِل
" هل انتِ متاكدة انهُ لن يُمسك بي احد هُنا ..؟ " سألها بينَما يُصغر عَيناه التي شَبهتها هي بِلون السماء في يَومٍ مُشمس خالٍ من السَحاب
" بالطَبع ! يُمكنك ان تَثق بي " اومأت لهُ بإبتسامَة و أفسحَت لهُ المَجال بالدُخول ، تنهَد ليهمهم و يَصعد على مَتنها فَليس لديه خِيار آخر
عَليه ان يُغامر من اجل الحِفاظ على حَياته
اغلقَت يون سون عليه الباب لِتبتسِم بعد ان اتكئت عَليه " وااه ! هل عليّ خَطفه ؟ كم هو وَسيم " تمتمت بإعجاب
" بدا انهُ خَرج من احدى رواياتي المُفضلَّة ! " نَطقت بِحماس لِتسير تَركب مكانها تنتظِر والِدها ، اخرجَت من حَقيبتها كِتاب روايتِها تتبِع تلك السِطور الانجليزيَّة بِعيونها " ساخبره ان يُفسِّر لي بعض الكلمات التي لم أفهمها "
غابرييل نَظر الي تلك الصناديق الكرتونيَّة التي تُحيط بِه لِيتنهد و يتجِه الي الجُلوس وراء واحدَة مِنهم ، اتكئ بِظهره عَلى جدار الشاحنَة وراءه لِيناظر السَقف بِشرود " لَقد حُقنت بإبرة وريديَّة لا اعلم آثارُها بَعد ! لكن حتمًا ستتسبب في مَوتي " هَمس
بَعد بِضعة دقائِق شعر بالشاحِنَة تتحرَّك ، لَم يَكُن يعلم الي أين هو ذاهِب لَكنه وَثق في تِلك الفتاة الصغيرَة التي تُجيد التحدُث بِلغته ..!
كانَ يشعُر بالوحدَة في بلدٍ لا احد فيها يستطيع فَهمه ، لَكِن ما إن رآها حتَّى داهمهُ شُعور الإنتِماء لِكونها تُجيد لُغته
•••
الساعَة الثانِيَة فجرًا
كانَ الامريكيَ نائِم وَسط تِلك البضائِع بعد أن استقرَّت الشاحِنَة في مَرساها مُنذ اكثَر من ثَلاث ساعات ، هو أحسَّ ان تلك الصغيرَة نَست أمرهُ و تركتهُ هُناك بِمُفرده لِذا غفَى دون شُعور منهُ
يون سون كانَت قد تأكدَت مِن نومِ الجَميع في منزلِها لِذا قامَت بالتسلل الي الخارِج حَيثُ شاحِنَة والدها الضَخمة ، ركضت نَحو الباب لِتفتحه كاشفَة عَن الامريكيّ النائِم هُناك ، ابتَسمت باطمئنان حينَما وجدتهُ سالِمًا و صَعدت عِنده حتَّى توقظه
شَهقت بِفزع ما إن جَذبها مِن ذراعها و أسقطها ارضًا مُعتليًا اياها بَعد ان وَضع سِكينًا حَول عُنقها ، ناظرتهُ بِهلعٍ حينَما واشَكت على الصُراخ و اغلَق لها شَفتيها بِكفِّ يده ما إن استوعَب مَكانه و تذكَّرها
ابتَعد عنها لِينطِق مُعتذِرًا " اسِف ، غفوتُ و نسيتُ ما حَدث "
جَلست تُحدِّق به يُخبئ ذلك السكين بينَما تُدلِّك رَقبتها بِهلع " ايًا كان ! لَقد وَصلت الي وِجهتك بإمكانك المُغادرَة الأن " قالَت و هي على وَشك النُزول من الحافلَة ألا انَّه مسكها مِن عضدها و إستوقَفها " لكن أين نحن ؟ "
" اننا في بَلدتي ، انها بَعيدة عن المَدينة لِذا لن يَجدك أحد هُنا " نَطقت مُوضحَة تُحدِّق في مَلامحه الحائرَة " هل الكوريون هُنا يُجيدون التحدُث بالانجليزيَة ايضًا ..؟ " سألها عَلى أمل ان تكونُ اجابتها بِنعَم
لَكنها احبَطت آمالهُ بِـ لا
" غالِبًا لا احد يُجيد الانجليزيَّة الا انا و اُستاذتي و أخي الذي سيُبعث الي مدارس راقيَة في امريكا " قالَت بينَما تُزيل رَبطة شعرها التي أفسدها حَضرته حينَما اوقعها ارضًا
فَردت شَعرها الأسود الذي بدا مُميزًا لهُ حيثُ اعتاد على رؤية الشقراوات في بَلده ، همهم لها مُتفهمًا و أتَم " هل يُمكنني التواصل مع اخاك ؟ "
" لا ! بالطبع لا !! " قالَت نافيَة بينَما تُحرك رأسها الي الجِهتين ، استَغرب هو و سأل مُتعجبًا " لِما لا ؟ "
" تتحدُّث معه بصفتك ماذا ؟ هارِب من عِصابة ما ؟ سيُسلمك الي الشُرطَة " قالَت مُنفعلَة لِتضع يَديها على شَفتيها حتى تَحفظ هُدوء صَوتها و لا تُفضَح
" اتحدث مَعهُ بصفتي صَديقكِ ؟ الا يُمكنني الاقامَة لديكم بِضعة ايام ؟ لديّ المال ساقومُ بدفع حَق اقامتي " نَطق بينَما يُخرج محفظتهُ من جَيبه الخَلفي يُريها الدولارات التي في حَوزته
" ص..صديقي ؟ هل تَمزح مَعي ؟ " قالَت بِدهشَة تُناظر مَلامحه الهادئَة و هو ينَطق بِكل بَساطَة " اجل ماذا في الأمَر ..؟ "
" ابي و اخي يَمتلكان سِلاح على فكرَة " قالَت بِحاجبٍ مَرفوع حيثُ ردَّ بدوره " رائع هل والدك يَعمل في الشُرطة ؟ لديّ سلاح انا ايضًا "
نَفت تعترِض برأسها و يَديها " نسيت اننا مِن ثقافَتين مُختلفتَين ، اسمَع نحن هُنا ليسَ لدينا صَداقة بين رجل و امرأة حسنًا ؟ ابي سيقومُ بقتلك و قَتلي مَعك ان رآك مَعي " وَضحت لهُ تَشرحُ بيديها الاثنتين لِمن استغرَب حديثها
" لِما ليس لَديكم ؟ لَديّ الكَثير من الاصدقاء الاناث ! " هَتف مُتعجبًا للتي رَمقته بِسَخطٍ بينَما تُعيد جَمع شعرها " يالهُ من زير نِساء " تَحدثت بِلُغتها ثمَّ ناظرته بجديَة " نحنُ لسنا في امريكا او بريطانيا ، هُنا لدينا عادات و تقاليد تَمنع اقتِراب الرجل من المرأة الا بالزَواج ، هل فهمت ؟ "
" فهمت ! لَكن لِما ذلك ؟ اليس لَديك اصدقاء رِجال ؟ " سألها مُستغرِبًا يُراقبها و هي تَرفع شَعرها عالِيًا و تَربطهُ على شَكل حلقَة دائرية مُبعثرَة
" لا ! ليسَ لدي هل تُريد ان يقتُلني ابي او اخي ..؟ "
" لَكن كَيف سَتختارين شَريك حياتِك ان لَم تتعرفي على الكَثير ..؟ " هَتف بَعد ان اتكئ بِظهره عَلى جِدار الشاحِنَة يَنظُر في عَينيها التي تَبرُق رُغم العُتمة الناجِمَة من الليل حَولهُما
" لا نختارُ شريك حياتُنا بِمزاجنا ، بَل ان اُعجب بنا أحد يأتي لخطبتنا و نتزَوج " تحدَثت بِحُزن بينَما تُناظر يَديها ثمَّ رَفعت عَسليتيها اليه مُكملَة " سيأتي غدًا رَجل لِخطبتي من أبي ، لقد وافق و قال سيُزوجني له "
" هل انتِ راضيَة ؟ " نَطق بَعد ان التمَس الحُزن في نَبرة صَوتِها ، حركّت رأسها الي الجِهتين تعترِض لِتتنهَّد بِضيق " لا طبعًا ، كَيف اُوافق ؟ انهُ بعمر أبي ، في الخمسينيات من عُمره ، لَقد كُنت العب مع بناتِه في المُناسبات ، ذلك العاهِر كيف طَمع بي ؟ " نَطقت بإنفعال بينَما تلكم الهواء بِقبضتَيها
" اليس هَذا ظُلمًا ؟ اُرفضي ! لا تَقبلي " تحدَث مُنفعلاً مَعها بعد أن ادرك عُمر الرَجُل ، ناظَرته هي بقلَّة حيلَة لتتحدَّث بِأسَى" ليت الامر بيدي ، حتَّى امي ليس بيدِها شَئ ، هي تَخاف من ابي كَثيرًا "
" لَكن كيف يُمكنك السَماح لهم بالتَحكم في مَصيرك ..؟ نحنُ في ثقافتنا تمتلك الفتاة حُرية اختيار شَريكها بِمُجرَّد ان تبلغ السادسَة عَشر " قال غابرييل مُتعجبًا مِما سَمعه حيثُ ابدَى عن رأيه لِمن ناظرتهُ بِحزن " اعتقِد في القُرى فَقط يحدُث هذا ، في المَدينَة الجَميع يتزَّوج من يُريد "
" انهُ التخلُّف ، انا في مُحيط جاهِل لا يَدعم دراسَة المرأة و اجتهادِها لتكون مُستقلَّة ، فقط يُريدونها جاهلَة تعتمد تمامًا على الرَجُل كي لا تستطيع العَيش بدونَه و بالتالي يَضمنها لَديه في البيت دومًا تَطبخ و تُنظف و تُربي اطفالَه ، هذه اكبرُ كوابيسي ، ان اعيش حَياة كَهذه و ابي يُريد ان يَكتب لي مَصيري بهذا الشَكل تمامًا مِثل امِّي و اخواتي الاكبر سِنًا "
" اختي الكبيرَة تزوجَت و زَوجها يضرِبها و يُعنفها و على الرُغم من ذَلك ابي و اخي يَرفضان مُساعدتها بِحجة انهُ على صَواب و بِحاجَة الي تأديبها كي لا تَرتكب الاخطاء ، هل رايت التَفكير الدنيئ ..؟ ما ذَنبها ؟ " نَطقت بِحُزن بينَما تُناظر يَديها " في كُل مرَة تاتي الينا و هي بِتلك النُدوب تُغطي جَسدها ألمنب قَلبي بشدَّة ، ذات مرَّة وقفت في وَجهه و قُمت بالصُراخ عَليه و اخبرتهُ ان اُختي لَديها من يَقف في ظَهرها و ليسَت عاهرَة لديك تأخذ حاجتك مِنها كل ليلّة ثمَّ تُعنفها صباحًا و تُجبرها على اداء واجباتِها "
نَظرت نَحو غابرييل الذي يُنصت اليها بإهتِمام بالِغ حيثُ اكمَلت " ذَهبتُ الي منزلِه و قُمت بِتحطيم سيارته و هددتهُ ان ضَربها مجددًا ساقطع نَسله ! انا مجنونَة افعلَها لَكن السافِل اشتكَى لوالدي و أخي و حُبست في القَبو لاسبوعين ، مَنعني اخي مِن الدِراسَة في حين انّه يتجهَز للذهاب الي امريكا! اتعلَم المُشكلة اين ..؟ اني من كُنت اُترجم له اوراقه ، صحيح انهُ يتحدُّث الانجليزيَة لكن لُغته ضعيفَة لا يَمتلك معجم لغوي جيِّد يؤهله لدخول المدارس هناك ، حتمًا سيكتشفون امره و يَطردونَه "
لِشدَة انذِهال غابرييل مِما سَمع لَم يجِد ما يُجبها به عَدا انَّ صدمتهُ خرجَت من عيناه المفتوحَة على وِسعها ، ما هَذه المآساة و العُنف ضد المرأة التي تَعيشه ..؟
" ان بدأت اتحدَث لن اصمت ، لِذا عليك المُغادرة هيَّا سيستيقظ اخي بَعد قليل " نَطقت بينَما تنزل مِن الشاحِنَة ، قامَت بِحمل تلك الشطيرَة التي أعدَّتها لهُ جيثُ مدتها نَحوه حينَما نزل " سَتكون جائِعًا ، هَذه لك "
أخَذها مِنها و ابتَسم شاكِرًا لِينظر حَولهُما يُراقب مَوقعهما ، تنهَد لِيحدِّق في يون سون التي رَدفت " هيَّا سآخذُك الي مكانٍ آمن تَجلِس به "
اومئ لَها لِيقوم باللحاقِ بها و إتباعِها بينَما يُفكِّر بحديثها لهُ ، بَعد فترةٍ من السَير أوصلتهُ الي بيتٍ مَهجور عِند مَدخل البلدَة و ناظرتهُ " بامكانك البَقاء هُنا ، لا يأتي عادَة اي أحد لِذا سَتكون بآمان "
نَظر الي الجِوار حَوله مُكشِّرًا بِملامحه بإزدِراء ، حسنًا احقًا سيبقَى في مكانٍ كَهذا ..؟
حَدق بِها مومئًا بِقلَة حيلَة " حسنًا شُكرًا "
ناظرتهُ الصغيرَة بِحاجب مَرفوع " تَبدوا من عائلَة ثريَة ، الن يُعجبك البَقاء هُنا ..؟ " سألته بَعد ان لَمحت ملامِحه المكشرَّة
" لا ، لا بأس المهم انهُ مكان آمن " نَفى يبتسمُ مُجامِلاً و في دَواخله يُفكِّر كَيف سيقضي لَيلته ، ابتَسمت لهُ في المُقابل و قالَت " غدًا بَعد ان يَذهبوا سآتي لاجلب لك الطَعام و اطمئن عليك ، وداعًا الان " لوحَت لهُ و تجاوزتهُ حتَّى تعود الي المَنزِل
استوقفها حينَما التف نَحوها و نَطق " مَهلاً ، ماهو اسمُكِ ..؟ "
تَوقفت عن المُضي قُدمًا و إستدارَت صَوبه تُناظر عَينيه بإبتِسامَة " اسمي ..؟ امم هان يون سون "
" يون سون ، اسمكِ جَميل " امتَدحها قائِلاً بينَما يُطالع الشطيرَة التي بيده ثمَّ وفع زرقاوَتيه اليه حينَما قالَت " ماذا عنك ..؟ "
" غابرييل " عرَّف عن اسمِه مُبتسِمًا ، وَجدها تُلوِّح له بِسُرعَة ثمَّ حملت اطراف فُستانها لِتستدير و تَركُض مُغادِرَة بِسُرعَة
ابتَسم بِخفَّة بينَما يُراقِب ظَهرها و يُفكِّر بِخُطوبتها غدًا
" مالذي سيحدُث لها ؟ هل سَتتزوج حقًا ؟ " تمتم لِيجلس فوق صَخرة هُناك و يَفتح الشطيرَة يَتناول مِنها
•••
الــحَــاضِــر
" كان لقائي الاول بِوالدتك فوضاويّ ! ادركتُ حينَما انها شَخصيَة قوية مُتمردَة ، كانَت ذكيَّة و لا تَسكُت لمن يُحاول اذيتها او ايذاء أحد من عائلتها " رَدف غابرييل بإبتِسامَة تملئُها الحُزن بَعد ان عادَ بِذاكرته الي الوراء
نَظر نحو ثَمرة حُبه هو و تِلك الصبيَّة التي عَرفها صُدفَة و أنقذته
سويون كانَت تُنصت اليه بإهتِمام ، هي أول مرَّة تَسمع هذه الحِكايَة ، لَم تكن تعرِف ان امِّها اُجبرت على الزواج من رَجل يَفوق عُمر والِدها
" ساعدتني والِدتكِ و لولاها لَكنتُ مُت ، لَكن للاسف لم استطِع تجنُّب اعراض تلك الحُقنة التي تلقيتُها " نَطق مُتنهِدًا بينَما يُعيد بظهرِه الي الوراء يَطرُق بأصابِعه على الطاوِلَة " بتلك الفترَة التي غادرتُ فيها كنتُ قد كُلفت بمهمَة في بريطانيا ، كانَ عليّ السفَر و العودَة بأسرع وقت لاخذ والدتكِ معي لَكن " نَظر في عَينين سويون التي تُراقبه عَن كَثب
" لَكن ماذا ..؟ "
" اُصبت بفشلٍ كُلوي جرَّاء تلك الحُقنة " هَمس لها بأسَى بينَما يُرجع شعرهُ الي الورَاء حيثُ التَّف صوبها يُناظر عَسليتَيها مُكملاً " دخلتُ الي المُستشفَى و بقيتُ اتصارَع مع ذلك المَرض لاشهر عَديدَة الي أن صادف اني وجدتُ مُتبرِعًا ، الغايَة مِن تلك الحُقنة كانت قَتلي لِذا ان اجد مُتبرِّع لم يَكُن بتلك السُهولة ، كان على الأمر ان يَمضي سِرًا لِذلك كُل شَئ حَدث في الخَفاء "
نَظرت سويون اليه باندِهاش مُتذكرَّة التقرير الطبيّ الذي وجدتهُ لدى والِد زَوجها " ه..هل هو انت حَقًا الذي تَم التبرُّع لهُ ؟ " نَطقت بِصدمَة لَم يتمكَّن هو مِن فهمها ، كَيف علِمت انهُ قد حَصل على جراحَة تبرعيَّة ..؟
" كَيف علمتِ ..؟ " سألها قائِلاً
" ساُخبرك لاحقًا كَيف علِمت ! اكمِل لي الباقي " رَدفت بِهدوء لِتشابِك يَديها أمامَها تُناظره بجديَّة " علمتُ بشأن زوجتك و ابنتك ايضًا ! لقد كنت مُتزوج قَبل امِّي "
" صحيح كنتُ مُتزوج قبل والِدتك " اومَئ لَها مُؤيدًا مَعلومتها ثمَّ اضاف " لكن قَبل سفري الي كوريا كنتُ مُباشر في اجراءات الطَلاق بالفِعل ، ثمَّ بُعثت في مُهمَّة و لَم ننتهي مِنها بالكامِل ، و بَعدها حدثت المشاكُل و التقيتُ والدتك و أتى مَرضي و عَمليتي و آن ذاك سمعت بمرضها و سافرَت الي امريكا ثمَّ توفت هُناك "
عقدَت سويون حواجِبها بخفَّة لِتهمهم لهُ " و لِما لم تعُد للبحث عَنا ؟ " سألته
" عُدت ! عُدت و بحثَت و تَوجهت الي جَدك لكنهُ طردني و أخبرني بِامر حَمل والدتك ، لَم اكن اعلم اساسًا انها حامِل حينَما تركتُها ، آن ذاك خُضت نِقاشًا حادًا مع جدكِ و خالك الذي طُرد من امريكا كما تنبأت له امكِ ، لم اتمكن مِن ايجاد اي أثر لها آن ذاك " تحدَث بيأس و الحُزن يملئ عَينيه الزرقاوَتين
نَظر الي سويون بِحُزن بينَما يُشابك يديه بِحسرَة " عِشتُ مع شُعوري بالذَنب لاني تَركتها هناك و لم أخذها مَعي ، و ازداد الذَنب اكثر عندما علمتُ بِحملها ، لم اكن اعرف ان كنتِ صبي ام صَبيَّة ! لكن لَم اكُن استطيع اخذُها بسبب مُهمتي ، كما اخبرتكِ كنتُ اعمل في الاستخبارات كان عليّ ان اُنهي كل ما تَبقى و اُكمل اجراءات الطَلاق بالكامِل كي أعود لَها "
التزمَت سويون الصَمت بينَما تُنصت اليه بإهتِمام ، تَستطيع الشُعور بِصدقه عَبر نَظراته المليئة بالندم و الحُزن " لِما تزوجت ان لَم تكُن تحبها اذًا ؟ "
" جيسيكا كانَت زميلتي في الثانويَة ، كان والدي ذا رُتبة عاليَة في الجَيش و كَذلك والِدها ، لانهُما اصدقاء قَررا ان يُزوجا ابناءِهما و لِكونها صَديقتي لَم اجد خِيارًا افضَل فَتزوجنا بعمر الثامنَة عشَر ، للاسف لم استطع ان اراها اكثَر من مُجرَّد صديقَة ، لم استطِع ان اُحبها مهما حاوَلت و ازدادت بيننا المَشاكل بسبب طَبيعة عملي لاني كُنت اُرسل الي مُهمات خطرَة قد تؤدي بِموتي لا مُحال لِذا قامَت بطلب الطلاق و تركَت وصيتها الي اُختها بألا اتكفَّل بتربية ابنتنا لاني لَن امنحها الرِعاية اللازِمَة "
فسَّر لها طبيعَة عِلاقته بزوجته الراحِلَة اذ تنهدَت الصُغرى مُخفضَة رأسها بينَما تُفكِّر بِكلامه ، رنَّ هاتفها لِتخرجه من جَيبها تُناظر رقم المُتصل
التزَمت الصَمت الي فترَة ثُم اجابته مُهمهمَة
" سويون ؟ اين انتِ ؟ لِما غادرتِ دون جيكوب ؟ " صَدر صوت زَوجِها من وراء الهاتِف ، كان قلِقًا بعد أن اخبرهُ جيكوب عن مُغادرتها بِمُفردها
نَظرت سويون نَحو والِدها لبضعَة ثوانٍ قَبل أن تُجيب " لقد ذَهبتُ الي امي ، اني مَعها الأن و اظن اني سامضي بقيَّة اليوم هُنا "
" هل انتِ متاكدَة من انكِ بِخَير ؟ جيكوب قال انكِ كنتِ بوضعٍ لا يبشِّر " سألها بينَما يَدعك جَبينه و هو جالِس في مُنتصف مَكتبه يُراقب كَومة الاوراق امامَه
رَفع عينيه الي ريڤين التي تُحدِّق به بِصمت ، تَحمحمت حينَما نظر اليها و اكمَلت عَملها بِترتيب الاوراق بِهدوء
" انا بِخير جيون ، لا تَقلق ، ساُعيد الاتصال بك لاحِقًا " اغلَقت الخط دون انتِظار رده ما جَعله يَتفاجئ و يُناظر صورتها التي ظَهرت في الخلفيَة ما إن فَصلت الاتصال " مابِها ؟ " تمتم
نَظرت سويون الي والِدها الذي اراح ظَهره على الكُرسي مُتحدِثًا " هل جُيون يُعاملك جيدًا ؟ " سألها و عُيونه على عَسليتَيها الهادِئَة
حَركت رأسها ايجابًا و أجابَت " انهُ يهتم بي و لا يُنقصي عليّ شَئ ، جُيون اب جيِّد لي و لايڤا " وَصفته كالوالِد لَها لِشدة حنيته عَليها
يُعاملها كإبنته لَيس كَزوجته و حَسب
ابتسَم غابرييل مُرتاحًا بَعد ما سَمعه ليومِئ " جُيون رجل جَيد و آمِن ، خالطتُ الكَثير من السياسيين لَكنه مُميز عَنهم "
" كَزوج هو مِثالي ، لَكن لازلتُ لا اعلم بعد ان كان سياسيّ نَزيه " رَدفت بِهدوء لِترجع شَعرها وراء اُذنها تنتظِر جوابًا يقطعُ شكوكِها ، لِكون والدها يُشارك زَوجها نَفس المَجال السياسيّ
" لا يوجد سياسيّ نَزيه سويون " هَتف غابرييل بإبتسامَة بينَما يُخرج عُلبة سيجارته مِن جَيب بِنطاله حَيثُ قام بإشعالها مُكملاً " لَكن جُيون يسيرُ بضميره و مَنطقه ، مادام لَم يقتنع بشئ لا يَفعله "
" في كَثير مِن المجامع السياسيَة كُنا جميعنا نَرضى بالقَرار الذي يَصدر مِن الرئيس الاعلَى لِكونها الاوامِر ، لكنه الوَحيد من كانَ يَرفض التوقيع دام الامَر لم يُعجبه او لَم يقتنع ، حينَما تُخالف الاوامِر منطقه يرفضها بِبساطَة و ذلك ما يَجعله يُثير اعجاب الكَثيرين ، هو جَريئ و لا يَحني رأسه لأحد " قال بإبتسامَة مُوضِحًا بينَما يَزفر دُخان سيجارتِه عاليًا ثُمَّ اكمَل " على الرُغم من ان تَوليه لمنصبه قَد يكون بِفعل زواجه الأول لَكِن اثبَت استحقاقه لهُ "
استمَعت سويون الي حَديثه عَن زوجِها الذي جَعل شُعور الفَخر يتغلغل بِداخلها نَحوه ، لا تَنكر انها تُحب هَيبته التي يُظهرها امام الجَميع و رِقته و حنيته مَعها ، ابتَسمت دون ادراك حينَما جُلبت سيرتَه و ذَلك لاحظه والِدها
" اهذا يَعني انهُ لا يَفعل اشياء سيئَة ؟ " سألته بِفُضول جَعل بؤبؤ عَينيها يَتسع ، والِدها أدرك حُب ابنته لِزوجها عَبر نَظراتها التي تغيَّرت حينما جُلبت سيرتِه و ذلك جَعله مُطمئنًا انها بِجوار رجلٍ آمن
" لا أعلم ، علاقتي به ليسَت وطيدَة لَكِن على ما يَبدوا انهُ ليس بسوء السياسيون الآخَرون ، سؤال كَهذا انتِ من عليكِ اجابتهُ بِمُفردكِ ، الشَخص السئ تظهر تَصرفاته حتَّى مع عائلته ، مهما حاوَل التصنُّع سَتكشفه تصرُّفاته مع الوَقت و اظنُّ انكِ امضيتِ فترةٍ لابأس بِها مَعه " اجابَها بِبساطَة بعدَما احسَّ بحيرتِها ، لَم يَكُن يعلم سَبب تشتُتها لَكِن هو سَيُجيبها بِما يَعرِف و لَن يَبخل
تَنهدت لِتُخفض راسِها تُبعثر شَعرها العَسليّ بَعد ان غاصَت في عُمق افكارِها مُجددًا ، ما رأته في الباخِرَة بَعثر صُفو ذِهنها مرَّة اُخرى
" بَعد ان حَكيتُ لكِ ما حَدث ، هل يُمكنك مُسامحتي ؟ " سَمِعت حَديث والِدها الذي نَطقه بَعد أن اطال النَظر بِها و هي مُخفضَة الرأس تُفكِّر بتشتُت
رَفعت رأسِها اليه تُناظره بِصَمت ، لَم تَجِد جوابًا تُعطيه اياه غَير أنها استمَّرت بالنَظر نَحوه دون لَفظ حرفٍ واحِد
" هل تحتاجين وَقتًا ..؟ لَكني لا اُريد ان اُهدر اي وقت أخر بَعيد عنكِ ، يَكفي العشرون عامًا " تَحدث بِحُزن بينَما يَجوب عُيونها العسليَة كَخاصَة والِدتها
ابتَسم بِخفَة لِيردف " تملكين نَفس نَظرات اُمكِ حينما تَكون حائِرَة ، اظنكِ ورثتِ بعضًا من طِباعها ايضًا "
نَظرت سويون الي يَديها لِفترَة ثُم قالَت " انا ورثتُ شَكل امِّي ، لَكن لا اظنُّ اني ورثت طِباعها ، امي شخصيتها عنيفَة و جريئة و انا على عَكسها ، انا حسَّاسة للغايَة و اتأثر سَريعًا " رَفعت عسليتَيها الدامِعَة نَحوه لِتُكمل " حتَى اني استمِّر بالبُكاء كُلما يَتحرك شُعور بِداخلي " هَمست بينَما تُجفف اطراف عُيونها بِكم مِعطفها
" اجل واضِح ! و تِلك الصفعَة ؟ " قالَ مُقلِّصًا عَينيه حتَّى يُلطف الجَو و لا تبدأ بالبُكاء مُجددًا ، قد نَجح بِذلك بالفِعل فَهي شَهقت بَعدما توسعَت عُيونها لِتنطق بسرعَة " الم تنسَى امر ذَلك ..؟ "
" لَولم اعلَم حينها انكِ لربما تكونين ابنتي كنتُ قَلبت بريطانيا فوق رأس زَوجكِ ! الهي ماذا تَملكين ؟ يد ام حَديد ؟ لَم اشعر بخدي ليومين مُتتاليين ! " قال مُؤشرًا على وَجنتهُ ثمَّ عَليها لِيجدها تبتلعُ ريقها بِأسف
حَسنًا هو ادرَك انها تمتلك ذاتُ طِباعه هو ، ملامِحها و انفعالاتها تُشبهه
" حسنًا اَنا لَم اكُن اعلَم ، ظننتك مُتحرِّش " هَمست لهُ بأسَف لِتجده يشخِر مُشيرًا على نَفسه " انا مُتحرِّش ؟ هل بَدا رجلٍ مِثلي بِوقاره و مَظهره الانيق مُتحرِّش ؟ لقد جرحتِ مَشاعري ! " تحدَّث مُنفعلاً لابنته التي قالَت بذات اندفاعه " انت لَم تكف عن التغزُّل بي كَيف تُريدني ان اعتقِد غير ذَلك "
" انا كنتُ اتغزل بامكِ لانكِ تملكين وجهها ! " قال مُفسِّرًا حيثُ اشَّر عليها " قلتُ انكِ جميلَة كامرأة اعرِفُها "
" حسنًا ايًا كان ! انا كُنتُ غاضبَة و مُنفعلَة و لا اعلَم كَيف حَدث المُهم انسَى ذلك " هَتفت بإنفعال لِتعدِّل شعرها الذي تستمَِر الرياح بِجعله يَتطايَر
" لا ! لقد كاد وَجهي الوسيم ان يتشوه بِسببك " نَفى مُعترِضًا يُجادِل ابنته التي أخذت الموضوع بشخصيَّة عَلى عكسه هو فقد كانَ يمزح
" مالذي تَقصده ؟ هل ستقومُ بايذاء زَوجي ؟ " قالَت بَفزع مُوسعَة عَسليتَيها ، كَبت ضحكته عَلى ملامِحها لينفي مُعترِضًا " المُشكلة بيني و بينكِ ، دَعينا نقوم بِحلها بالتَراضي مَعًا " تحدَث بَعدما ألقى سيجارتهُ و دَعس عَليها بِقدمه
مدَّ اصبعه الخُنصر إليها بعدما أسنَد كوعه فوق الطاولَة مُطالِعًا عَينيها " لنعقد تَصالُح " هَتف بإبتسامَة هادِئَة يَنتظِر مُبادرَة ابنته بِمد اصبعها اليه
سويون نَظرت نَحو إصبعه مُطولاً لِترفع خاصتها تُحدِّق بِه ، وَضعت كوعها فَوق الطاولَة لِتقربه مِن خاصَة والِدها بتردُد ، حدقَت في عَينيه قَبل أن تُشابكه بِخُنصره مُبتلعَة ريقها
عَقد والِدها خنصرهُما جيِّدًا لِيبتسم قائِلاً " تَصالحنا ! هل انتِ راضيَة ؟ "
نَظرت هي الي اصبِعهما المُتشابِكين لِفترَة قَبل ان تومِئ ايجابًا و تبتسِم بتوتُّر " ا..اظنُ اني راضيَة " قالَت بَعدما سَحبت خنصرها و ضَمته الي بقيَة اصابِعها
استقام غابرييل مِن كُرسيه و اشرَّ لَها " هيا نَنزل الي والدتك ؟ تَركناها طويلاً لِوحدها " قال بينَما يُغلق زِر جاكيته الرسميّ ، نَهضت مِن بَعده بينَما تُحدق بِه بعدمِ تَصديق حيثُ اومأت و تَبعته
أهو حقًا والِدها ..؟
نَزلت معهُ الي غُرفة والِدتها التي كانَت قد أخذت جُرعتها مِن الدَواء و جَلست تقرأ كِتابًا جَلبتهُ لها سويون في الزيارَة السابِقَة
سَمِعت صوت فَتح الباب فَرفعت عَينيها نَحوه لِتجد والِد طِفلتها يَدلف الغُرفة أولاً ، ابتَسمت ما إن وَجدت سويون خَلفه تقومُ بإغلاق مافتحهُ أبيها وراءها
توجَّه غابرييل لِلجُلوس اولاً على ذَلك الكُرسي بِجانب يون سون تَليه سويون التي دَنت تُعانق امها و تُقبل وَجنتيها ، جَلست على السَرير قُربها حيثُ قالَت الاكبر سِنًا " هل كُل شَئ على ما يُرام ..؟ " تناوَبت بالنَظر بينهُما
لَم تجِد جوابًا من سويون التي التزمَت الصَمت حيثُ نَطق غابرييل مُبتسِمًا " اظنُّ ان الوَقت كَفيل بان يُداوي كُل شَئ "
" لازالت لُغتك الكوريَة ركيكَة ! " قالَت يون سون بِحاجبٍ مَرفوع ، وَجدته يُدلِّك رقبته بأسَى حيثُ هزَّ اكتافه " لقد حاوَلت تعلمها لَكنها صعبَة ، ساُحاول مُجددًا ، مِن أجلكِ " آخِر كَلمة نَطقها جَعل سويون توسٍّع عينيها و تُناظره بِصدمَة
حَدق بِها مُنذهلاً مِن نظراتِها لهُ كَما لو انَّه ارتكَب جريمَة ما " ماذا ..؟ "
سويون قامَت بِعناق امها اليها و قالَت " لا تَعبث بِقلب امِّي ! انها لا تتحمَّل " هَتفت مُنفعلَة بينَما تحتضِنها من الجانِب
" صَحيح انها امكِ لكن لولاي لَما انجبتكِ حسنًا ؟ " رَدف يُناكِفها بَعد ان تكتَّف و ميَّل رأسهُ للصغيرَة التي شَهقت نافيَة " ايًا كان ! هي امِّي "
" سويون مَن يراكِ يظنكِ بالعاشرَة و انتِ على وَشك ان تُصبحين اُم " قالَت يون سون مُقهقهَة بينَما تُبعِد يَدان ابنتها عَنها ، غابرييل وَسع عَينيه بشدَّة تمامًا كَما تفعل سويون حينَما تتفاجَئ و رَدف " هل هي حامِل ..؟ "
" ليسَ بعد ، لَكن اظنها كَذلك ، هي لا تُريد ان تخضع الي التَحاليل " رَدفت الاكبر سِنًا بينما تُراقب طِفلتها التي ارجعَت شعرها الي الخَلف نافيَة " لستُ حامِل ، لا اُريد الان لازلتُ صغيرَة لا استطيعُ الاعتِناء باحد ، انا و لازال جُيون يُربيني " هَتفت بِعُبوس تتناوَب النظر بين والِديها
" محقَة ! بِهذا الوجه العابِس كيف تُريدينها ان تُصبح اُم ؟ " قال غابرييل مُقلِصًا عَيناه الزرقاوَتين يُراقب مَلامح ابنته التي سَخرت و قالَت مُندفعَة " امي انجبتني بِعُمر السادسَة عَشر ، لَقد كانت طِفلة هي ايضًا "
" هل يُمكنكما التَوقف ؟ الهي لا اًصدق اني انجبتُها نُسخة من شَخصية والدها " ردفَت يون سون مُدلكَة جَبينها بَعد ان بدأ كِليهما بِمُناكفَة الاخر و إزعاجِه
" امِّي كَيف احببته ؟ انه مُزعج " قالَت سويون لِتعبس حينَما ضربتها يون سون على ذِراعها ناطِقَة " انهُ والدك ! ثمَّ انتِ كيف احبكِ جُيون اذًا ؟ "
نَظرت سويون الي والِدها الذي وَرده اتصالاً و استأذنهُما مُتجِهًا الي الخارِج ، عاوَدت التَحديق بأمها لِتردف " هل سامحتيه امي ..؟ "
" لا ! لَم اُسامحه بعد " نَفت تعترِض ثمَ قامَت بالمَسح على شعر ابنتِها مُكملَة بإبتِسامَة " ورثتِ منهُ وسع عُيونه و طِباع شَخصيته ، انهُ نقي و حسَّاس تمامًا مِثلُكِ ، لا يستطيعُ الكَذب و ذَلك اكثَر ما يَجعلني اثقُ بِكلامه "
" اتظُنين انهُ صادِق ؟ " هَتفت سويون بِحُزن بينَما تَجوب عُيون والِدتها التي اومأت ايجابًا مُحتضنَة يدا طِفلتها " ليسَ لديه سبب لِيكذب ، لو اراد التخليّ ما كان لِيعود ابدًا ، كِلينا مررنا بِظروف سيئَة للغايَة و انتِ كنتِ ضحيَة ذَلك "
اومأت سويون بِرأسها تُنصت اليها بِحُزن " هل لازلتِ تُحبينه ؟ " هَمست لَها
ابتَسمت الكُبرى تُفكِّر في سُؤال ابنتِها قَبل ان تُجيب " الحُب الاول لا يُنسَى ! كَيف لي ألا استمِر في حُبه ؟ " خَبطت رأس صغيرتها بِخفَة و اكمَلت " لَكن انتِ تعرفين الظروف التي مررتُ بها و زَواجي مِن مارك ، لا اظن انهُ سيدعني و شأني " تنهَدت بخفَة
" لَكن ابي مَعنا امي الان ، هو لَن يفعل لكِ شيئًا ، ابي سيمنعه " قالَت الصغيرَة تُواسي والِدتها التي سَحبتها الي حُضنها ماسِحَة على شَعرها العَسليّ بِلُطف " سَنرى ماذا سيحدُث بعد ذَلك ، دَعينا لا نَستبق الاحداث "
بادَلتها سويون الحُضن مُتنهدَة اذ اومأت بينَما تلفُّ ذِراعيها حَول خَصر امِها النَحيل ، لَقد فقدت الكَثير من الوَزن جرَّاء مَرضها لَكنها سَتتعافَى قريبًا و تَعود لِصحتها و جَمالها السابِق ان لَم تَكُن أجمَل
دَخل غابرييل مُجددًا الي الغُرفَة بَعد ان نَزل الي الكافتيريا و جَلب مَعه بعض الحَلويات الي ابنته و والِدتها ، اقترَب يَجلِس قُربهما لِيمُّد بدوائر الدونات الي سويون التي رَحبت بِها بِسعادَة
هي تَعشق الحَلويات و كُل ما يَخصُ الشوكولاتة و السُكر
لِذلك لا تستطيعُ انزال وَزنها كَما تتمنَّى ، و لِكون زَوجها لا يُحب النَحافة ذَلك يَروقها و يَجعلها تَستهلك الكَثير من السُكر كَما تَشاء
جَلست وَسط أبيها و امِها حَيثُ كان والديها يَتحدَثان عن ماضيهِما و المُغامرات التي خاضَها كليهِما سويًا ، ابتَسمت بينما تُنصت الي حَماسهما بينَما تأكُل من الدونات و تَتناوَب بالنَظر بينهُما
شُعور أن يَكون هُنالك حُب بين وَالديك لا مَثيل لهُ ..!
انهُ نوع مِن الرِعاية لم تَحظى بِه سابِقًا ، ان تكون داخِل وسط عائلي دافِئ جَعل بَدنها يقشعِّر لا ارادِيًا ، لاول مَرَة بعيدًا عن حُضن جُيون تَشعُر بالآمان
ناظَرتهُما بِحُب ، اُعجبت بِنظرَة امِها المُحبَة الي والِدها و اُغرِمت بِطريقَة أبيها و هو يَتحدث عن والِدتها و يَصفها في صُغرها
اسنَدت وَجنتها على كَفها تُراقِبهما لِوقتٍ طَويل دون ان تَشعر بالدقائِق تَمضي ، شَهِقت حينَما رنَّ هاتِفها لِتناظر الساعَة بِعينين مُوسعَتين " انها العاشرَة ليلاً ! جُيون سيقتُلني " نَهضت مُسرعَة
ناظَرها غابرييل بِاستِغراب حيثُ استرسَل " لازال الوقت باكِرًا "
وكزتهُ يون سون مِن ذراعه و قالَت " اخبرتُكَ سابقًا ان ثقافة الشَعبين تختلِف ، لا يُمكنها البقاء خارِجًا لِمنتصف الليل هُنا ، نحنُ لسنا في امريكا "
" لكنها ناضِجَة و تُدرك حَقيقة ما تَفعل " قال مُتعجبًا يُشير على ابنتِه التي تُجيب على زَوجها بينَما ترتدي حِذاءها " انهُ يغارُ عَليها ، لا يُمكنه تَركها خارِجًا كُل هذه المُدَة حتى و إن كان يَعلم انها عِند والدتها "
" ما دَخل هذا بالغيرَة ان كان يَثقُ بها ؟ هي لَن تفعل شَئ خاطئ " رَدف ساخِرًا و عَيناه تتبِّع سويون التي تُفسِّر لِزوجها و تُخبره انها سَتكون بالمنزِل حالاً " هُنالك قوانين عَليها الالتِزام بِها " اوضَحت يون سون قائِلَة
" انتِ اكثر مَن كان يتمرَّد على تِلك القَوانين ! " تحدَّث بِحاجبٍ مَرفوع جَعلها تبتسِم بِسُخريَة " ارايت تمردي الي اين اوصَلني ..؟ "
" انا سانزِل الان لقد ارسل جُيون جيكوب ليُقلني " قالَت الصغيرَة بينَما تسَحب مِعطفها مِن الخِزانة الخاصَة بامها و ارتَدتهُ " هل اوصلكِ بدلاً ؟ " رَدف والدها بَعد ان نَهض من مَكانه يُراقبها تربط الحِزام حَول خصرِها
نَفت مُعترِضَة و اقترَبت حَتى تُعانق امها تُودعها ، نَظرت الي والِدها لِفترةٍ بتردُد ثمَّ مدت يدها حتَى تُصافحه " تشرفتُ بمعرفتك سيد غابرييل "
نَهض غابرييل من كُرسيه و مدَّ يده لِمُبادلتها المُصافحَة ثمَّ تبسَم مُجيبًا " انا اكثَر ، سيدَة جيون " ضَغط على اصابِعها بخفَّة ليجدها تبتسِمُ بِهدوء قَبل أن تَسحب نَفسها و تَركض مُغادرة الغُرفَة
نَزلت الي الاسفَل حيث كان جيكوب في انتِظارها حتَّى يُقلها الي القَصر ، رَكبت من الخَلف لِتغلق النوافِذ ما إن بدأت السَماء بالإمطار
اسنَدت رأسها على الزُجاج تتذكَّر تَفاصيل اليَوم و مُحادثتها مع والِدها التي إستمَّرت طَويلاً ، اغَلقت جُفونها بِتَعب بينَما تبتسِم بشكلٍ لاحظه مُساعِد زَوجها الذي استرَسل قائِلاً " تبدين سَعيدة اليوم سيدة جُيون ، هل والِدتك بخير ؟ "
فَتحت عَسليتَيها لِتُناظره و تومِئ بإبتِسامَة " انها بِخَير ، سيعطيها الطَبيب تَصريح الخُروج قريبًا ، حمدًا للرب انها تعافَت " هَتفت بينَما تَنظر الي الامطار غَزارة الأمطارِ خارِجًا
" هذا مُريح ، حمدًا لله على سَلامتها ، ابلغيها تَحياتي " قال جيكوب بإبتِسامَة بَعد أن وَقف عند إشارَة المُرور يُناظِر الطَريق أمامَه
•••
" لَقد وَصلت " هَتفت سويون بينَما تَسيرُ الي داخِل جَناحها مع زَوجها الجالِس عند مَكتبه يَضعُ نَظراته الطبيَّة بينما يتفحَّص بضعَة اوراقٍ في يَده
أزالَت سويون مِعطفها لِتُعلقه و تَلتفت الي جُيون الذي استدار نَحوها و قال بِصوتٍ هادِئ " هل تفقدتِ هاتفك اليَوم ؟ "
" لا ! لقد كُنت مُنشغلَة " نَفت مُعترِضَة بينَما تَنزع جوارِبها ما إن جَلست فوق الاريكَة و طالعتهُ يُبعد نَظراته عن عَيناه " اتصلتُ بك مراتٍ عَديدَة و لم تُكلفي نَفسك عناء الرَد حتَّى ! " هَتف بنبرٍ مُنزعِج يُراقِب مَلامحها الهادِئَة
" لَقد كنتُ مُنشغلَة بالفِعل ، لِهذا " نَهضت من فوق الاريكَة و توجهَت الي داخل غُرفة تَبديل المَلابس تُزيل ثيابِها " بِماذا كنتِ مُنشغلَة سويون ؟ طيلَة هذا الوَقت ؟ " سألها بَعد ان قامَ بِلحاقها و انتَصب وراءِها مُتكتِفًا
" مع امي ، لَم اشعُر بالوَقت " أجابتهُ و هي تَختارُ مَنامَة مُريحَة تَرتديها ، وَقع اختيارُها عَلى واحِدَة زَرقاء قاتِمَة بثلاث قِطع ، بِنطال قَصير مَع تيشرت يَصل الي مُنتصف بَطنها و روب عُلوي يصلُ الي رُكبتيها
استَدارت الي زَوجها تَنظر بداخِل عَينيه الهادِئَتين " ماذا ؟ "
" لِما تقومين بِفعل مِثل هذه الفَجوة في عِلاقتُنا ؟ " نَطق بصوتٍ هادِئ كَنَظراتِه المُطولَّة اليها ، نَظرت سويون الي ثيابِ نومِها ثمَّ حولت ابصارُها نَحوه تهِّز اكتافِها بعدمِ فَهم " لا افهم عما تتحدَّث ؟ " تجاوزتهُ حتَى تَسلُك طريقها الي الحَمام
لفَّ جُيون اصابِعه حَول ذِراعها لِيُعيدها أمامَه قائِلاً " انتِ تَعي حَقيقة تصرفاتُكِ ، مالذي تُحاولين فِعله بالضَبط ؟ "
جَذبت ذِراعها مِن قَبضته لِتطالعه بِحاجبين مَقطوبَين " انتَ أدرى ! " رَدفت بِنبرةٍ استَفزت جُيون الذي قَبض على يَده بخفَّة " انا ادرى ..؟ "
" انا انتَظر تَبريرًا ! و حَضرتك طلبت ان تُسلمه بعد زِفاف ايڤا ، لا تَتوقع منِّي ان اكون طَبيعيَّة طيلَة هذه الفترَة بعد الذي سَمعته خُصوصا انك لَم تُنكر بل أيدَت اتهامه و جَعلتهُ حَقيقيًا بِهدف الانتِقام " قالَت مُفسرَة لهُ بِصوتها الهادِئ بينَما تُعانق منامتها الي صَدرِها
" و إن كان الامرُ صحيحًا ؟ مالذي سَتفعلينه ؟ " هَتف بَعد أن خَبئ يَداه في جُيوب بِنطاله الرماديّ يَجوبُ عَسليتَيها اللامِعَة ، التَزمت سويون الصَمت لِبُرهَة من الوَقت قَبل ان تَبتسِم بخفَّة و تقترِب منهُ خُطوتَين اضافِتين
رَفعت يَدها تَضعُها على وَجنته اليُمنى تَمسحُ عَليها بِرفق " دَعنا لا نَستبق الاحداث همم ؟ " هَمست لهُ قَبل أن تتجاوَزه و تدلِف الي الحَمام
دلَّك جُيون ما بين حواجِبه بإرهاق لِيسير يَفتح الباب حينَما طُرِق من قبل الخادِمَة التي قالَت " سيدي لَقد وصل السيد تايهيونغ و هو في انتِظارك "
اومَئ لَها لِيُغلق الباب و يسيرُ الي الداخِل يُناظر باب الحَمام حيثُ يَصدُر صَوت رشاش المِياه من الداخِل ، سار الي مَكتبه حَيثُ اوراق كَشف دَرجات سويون للفصل الفائِت لِيتنهَّد بخفَة " انها حَقًا ترسبُ بإستِمرار " تمتم
اقترَب يضعُ وَرقتها فوق منضدتها التي بِجانب جِهتها على السَرير قَبل أن يُغادِر و يَنزِل الي الطابِق السُفلي حَيثُ كان تايهيونغ في انتِظاره
وَجد ابنتِه ايڤا تُعانق خَطيبها و تُسلِّم عَليه حيثُ تَحمحم جاذِبًا الإهتمام اليه " ايڤا لِما انتِ مُستيقظَة الي هذا الوَقت ..؟ " قال بِحاجبٍ مَرفوع بينَما يسيرُ نَحوها
" كنتُ اجهز مَلابسي الي هَذا الاسبوع ، تَعلم بدأت الجامِعَة مُجددًا ثمَّ رأيت تايهيونغ أتى فاتيتُ اسلِّم " قالَت بإبتِسامَة وسيعَة قَبل أن تَقطب حواجِبها و تُطالع خَطيبها " صَحيح لِما تايهيونغ اتى ..؟ "
" سَنُخطط مَعًا بشأن الزَواج ، بإمكانك التوجه الي النَوم فغدًا لديكِ جامِعَة ، ايضًا تَهانينا ! لقد نجحتِ في كُل المواد " هَتف بإبتسامَة بينَما يُشير الي صغيرتِه في سَلك طريقها الي حُجرتها
ابتَسمت ايڤا بِسعادَة لِتصفق بِحماس " علمتُ اني سأنجح ، لَقد درستُ بِجد " نَظرت نَحو خَطيبها الذي طبطبَ على رأسِها قائِلاً " احسنتِ صُنعًا "
" تايهيونغ الحقني الي مَكتبي " رَدف جُيون بينَما يَضع يداهُ في جُيوب بِنطاله ثُمَّ التَفت مُغادِرًا الصالَة الي الطابِق ما تَحت الارضي ، حيثُ هُناك يُخصص مَكتب عَمله و شؤن عَملِه بالكامِل
جَلس على كُرسيه يَضعُ الثَلج بداخِل الكأس الذي سيَسكُب فيه القَليل مِن الويسكي بينَما يَنتظر قُدوم خَطيب إبنتِه
تايهيونغ نَظر الي ايڤا بينَما يُمسك يَديها بإبتسامَة " اذهبي الي النَوم ، قَبل أن اُغادر سأمر عَليكِ " تَحدث بِهدوء للتي أومأت بِوجهٍ مُتَعب " لا تَنسى أن تمر عَليّ " قالَت بينَما تَجذب اصابِعها من خاصتِه
" هل انتِ متاكدَة أن الحَمل مَن يُسبب لكِ اعراض التَعب هذه كُلها ؟ " سألها بِقلق بَعد أن وَضع اصابِعه حَول وَجنتها الشاحِبَة يمسحُ عليها بِرفق
اومأت لهُ بإبتِسامَة خافِتَة " همم ، ماذا سَيكون غَير ذَلك ..؟ هيَّا لا تَدع أبي يَنتظر اكثَر من ذَلك " اشرَّت لهُ بالرَحيل بِطبطبتها على ذِراعه
" سأعود حسنًا ؟ " رَدف مُبتسِمًا لِيقترِب مُقبِّلاً جَبينها بِلُطف ، لَوحت لهُ بَعد ان تجاوَزها بِوجهٍ بَشوش لِتجلس على الأريكَة بِتعب مُمسكَة بِصدرها بِوجع
" هَل بدأ يَظهر عليّ حقًا ؟ " هَمست مُتتبِعَة تايهيونغ بِعينيها الكُحليَة الي أن تَلاشى مِن امامِها حينَما نزل الي القَبو حيثُ مَكتب والِدها
دَخل تايهيونغ الي والِد خَطيبته الذي أشر لهُ بالجُلوس و ناظَره " اذًا ؟ ابلِغني بالمُستجِدات " شَابك يَداه امامَه مُبتسِمًا بِهدوء
" لَقد اتممنا المُهمَة بِنجاح ! الليلَة نُقلت البضائِع و سَتصلُ الي روما بِحُلول صباح الغَد " قال تايهيونغ بينَما يُحدق في عَينيّ جُيون الذي أراح ظَهره على الكُرسي وراءه مُبتسِمًا بِمُكر " و الامانَة بآمان ..؟ "
" هي كَذلك ، في انتِظار يوم الحَفل من اجل نَقلها بآمان " رَدف الأسَمر بَعد ان انتَشل كأس النَبيذ الذي سَكبه لهُ جُيون و احتَسى منهُ القَليل
" رائِع تايهيونغ ! أثبت انهُ بإمكاني الاعتمادُ عَليك " هَتف جونغكوك مُبتسِمًا لِيربت عَلى كَتف خَطيب ابنتِه بِفَخر
•••
قَـبـل الـرِحـلـة بِـيـوم
بَعث جُيون الي تايهيونغ رِسالة نَصيَّة يَطلبُ فيها أن يَلتقي بِه في مَقهى قَريب من السَكن الذي وفَّره لهُ هو و إبنته ، قامَ بِتلبية الدَعوة و سار الي هُناك
التَقى بالاكبرِ سِنًا الذي كانَ في انتظاره بينَما يَحتسي قهوته الساخِنَة ، جَلس تايهيونغ امامَه بعد ان حَيَّاه و نَظر في عَينا جُيون الذي رَدف " سادخُل في صُلب الموضوع مُباشرَة ، ليسً لدي وَقت "
اومَئ لهُ الاصغَر يُراقبه يَحتسي من قَهوته بِهدوء حيثُ قال الوَزير " تُريد الزَواج من ايڤا ..؟ " نَظر في عَينيّ الأسمَر الذي فوجِئ من سُؤاله و تسمََر مَطرحه بدلاً من الإجابَة
ابتَلع تايهيونغ ريقه بينَما يُناظر يَديه المليئة بالخُدوش بِفعل ضَرب رِجال جُيون لهُ حيثُ قال الوَزير بينَما يشيُر عَليه " ايضًا انت تستحِّق ذلك ! انا لا أحد يُزعج صغيرتي ولو بِكلمة ! ضع في بالَك انّه ان كانَ هذا الزَواج سيتسبب في اهدار و لو دَمعة مِن عينيها الثَمينَة سادفنُكَ حيًا "
رَفع تايهيونغ عَينيه الي خاصَتيّ الاكبَر حيثُ اومَئ ايجابًا " اع..اعترف اني قَسوت عَليها بالحَديث ، لك..لكني اُحبها "
" انتَ لم تُهدر المال في القمار اليسَ كذلك ؟ " رَدف جُيون بِحاجب مَرفوع لِيُزيل قُبعته السوداء المُدورة التي يَرتديها و يَضعها فَوق الطاوِلَة يَتفحَّص مَلامح الاصغَر المُتفاجِئَة من حَديثه " انتَ لست من ذلك النَوع تايهيونغ "
" م..ماذا ؟ " نَطق الاسمَر بينَما يُخبئ يَداه بِداخل مِعطفه يُحدِّق في عينيّ والد حَبيبته الذي اكمَل بإبتِسامَة جانبيَة " قُمتُ باجراء بَحث شامل عَنك ، اعرِف انك مُتورِّط مَع عِصابَة ايطاليَّة احَد اعضاءِها يكونُ قَريبك مِن والِدك "
شابَك جُيون اصابِعهُ فوق الطاوِلَة بينَما يُناظر عينا الاصغَر مُكملاً " كَما ان لك نَسل ايطاليّ ، عَلِق قريبك في دُيونٍ مع المافيا التي يَعمل مَعها و كان عَليه تَسديد المَبلغ كي لا يُقتل ، و بِدورك سددت لهُ الدَين بَعد ان اخبرَك انهُ سيعيده لَك اضعافًا و يؤمن لَك عَملاً يُدخل لك اجرًا مُضاعفًا كَي تتمكَن من الزِواج بايڤا بَعد ان تَحصل على مَنزِل و وَظيفَة تَجعلُك مُحترمًا امام والِدها "
" و لانَّه حَقير هَرب بِذلك المَال و هَددك بأذيتك و اذيَة مَن تُحب و مِن ضِمنهم ايڤا " حَديث جُيون كان يُسبب الصدَمة الي الشاب الذي وسَّع بُندقيتاه يُنصت اليه بعدمِ تَصديق ، كَيف علم كُل ذَلك ..؟
" و لانكَ لا تُريد ان تَقع ايڤا ضِمن تلك الدائرَة و تتأذى اردت الانسِحاب و اظهار نَفسك بصورَة سيئَة امامَها مع القاء بَعض الكلام الجارِح كَي تكرهك و تبتعِد عَنها ، بالتالي عُضو المافيا لَن يصل اليها و يؤذيها ، اليسَ كذلك ..؟ " نَبس جونغكوك مُلقيًا سؤالاً بَديهيًا في خِتام حَديثه الي الاسمَر الذي اخَفض رأسه مُنذهِلاً مِما سَمع " ك..كيف ع..علم..علمت ..؟ "
" عَيب عليك ان تُوجه سُؤالاً كَهذا لي ! " قال جُيون ساخِرًا لِيحمل كأسهًُ يَحتَسي القهَوة السوداء خاصَته ثم اكمَل " عَيب كَذلك ان تَنسحب دون ان تُدافع عن حُبك ! " حَدق في عينيّ الاصغَر بِحاجب مَرفوع
تايهيونغ ضَغط على أصابِعه بقوَّة لِيناظر عينا والِد حَبيبته قائِلاً " ما كنتُ لاراهِن على حياتِها و حَياة الطِفل لاجل مَعركة قد تَكون خاسِرَة ، انا مُنذ ان اعطيتُ ذلك السافِل المال قد تورطتُ بالفِعل و حَياتي هُددت لِذا لم اشأ ان يَمَّسها سوء و إلا ما كنتُ لاحتمل "
" انسيت مَن يكون والِدها ؟ مَن يجرؤ على اذيتها بِحُضوري ؟ " دَفع جُيون بِحاجبه عالِيًا بينَما يَلعق وجنتهُ من الداخِل مُترقِّبًا جواب الاسمَر الذي نَطق " بلَى ، لِهذا قررتُ الانسحاب و تَركها مع والِدها كي يَعتني بِها الي ذَلك الحين الذي ساتمكَّن به مِن استعادَة المال و اخذ حَقي منه "
" لِهذا انا هُنا " هَتف جُيون بِهدوء بينما يضعُ يَدهُ بِجَيب سُترته مُخرِجًا ظَرفًا وَضعه امام الشاب " بداخِل هذا الظَرف تَذكرة سفرٍ باسمك الي ايطاليا " اكمَل بينَما يُشير على الظَرف الذي انتَشله بُندقي العَينين و قامَ بِفتحه
" اُريدك ان تَذهب الي ايطاليا و تَستعيد حَقك من ذَلك العاهِر " اشرَّ لهُ هامِسًا قَبل أن يُحوِّل عَيناه الي جيكوب الذي يَقف امام سيارته ، اومَئ له مُساعده بإبتسامَة و قام بِفتح الباب جالِبًا ذلك الصُندوق الاسوَد الصَغير
وَضعه امام الشاب اليافِع حَيث كانَ يحتوي على مُسدس مَع بضع رَصاصات " ساوفِّر لك كُل ما يَلزم لِفعل ذلك "
" لَ..لكن لِما ..؟ " قال الاسمَر مُتفاجِئًا بَعد ان رَفع بُندقيتاه نَحو جُيون الذي عدَّل مِعطفه الاسوَد قائِلاً " لأجل ان تَحظى قِصة حُب ابنتي بِنهاية سَعيدة " ابتَسم لهُ بِهدوء ثمَّ دَنى منهُ مكملاً " و ايضًا ! لاجل ان تُتم لي مُهمَة هُناك "
" مُهمة ، مُهمة ماذا ؟ " سأل الاصغر مُستفهِمًا بينَما يُناظر عَينيّ الاكبَر الذي فَرقع رَقبته مُجيبًا " مارك عَقد صفقة مع دينارو زعيم مافيا كوزا نوسترا ، اودُّ ان تعرِف لي تَفاصيل الصفقَة بأكملها ، اجلِب لي المَعلومات المُتعلقَة بكل ما يَخص مارك مَعهم "
نَظر تايهيونغ الي تَذكرة السَفر التي بين يَديه ثُمَّ الي الصُندوق الاسوَد الذي أمامَه بِتشتُت حيثُ قال جُيون مُكملاً " المُهمة لن تَكون سَهلة ، سَتُخاطر بِحياتِك و قد تلقَى حَتفك ، لَكن ألا تظُّن ان ايڤا تستحِق المُغامرَة ..؟ "
ابتَسم الاكَبر ما إن رَفع الاصغَر عيناهُ اليه دون ان يُجيبه " ما ان تَعود من هذه المُهمَة انا ساستقبلك في مَنزلي بِصفتك عَريس لابنتي ، ساكونُ راضيًا بالكامِل عَنك " تحدَث جُيون لِيمد يَده مُبعثرًا شَعر الأسمَر حيثُ اتَّم " لن اُقيمك لِمالك و مُستواك الماديّ ! يَكفي ان تكون رَجُلاً "
ضَغط تايهيونغ على الظَرف الذي في حَوزته لِيومئ لهُ ايجابًا " س..ساذهب " قال بَعد ان خاضَ نِقاشًا مُطولاً بينهُ و بين نَفسه في مُخيلته
مَسك جونغكوك قُفازاته الجِلدية التي فَوق الطاوِلَة ليرتَديها بينَما يَبتسم بِجانبيَة " مُتأكد ..؟ انت تَرهن حَياتك ، بامكانك الرَفض ليسَ لديّ مُشكلَة "
نَفى تايهيونغ الي الجِهتين بينَما يُناظر الصُندوق مُطولاً ، رَفع بُندقيتاه الي والِد حَبيبته " ساُعيد حَقي من ذَلك العاهِر و اجلِب لك المعلومات اللازِمَة ثمَّ اعود لاحصل على حَبيبتي و ابدأ بِتكوين مُستقبلنا مَع طفلنا "
" يؤسفني انَّ ايڤا لن تعلم مُغامرتك هَذه من أجلها ! " حَمل جُيون قُبعته لِينهض مِن الكُرسي مُكملاً " سيكون بِضع من رِجالي في انتِظارك عِند مخرج مَطار روما "
استَقام تايهيونغ مِن بعده مومئًا لِيحصل عَلى طبطبةٍ من قِبل كف جُيون على كَتفه حيثُ نَطق " عُد سالِمًا ! عَلينا ان نُقيم حَفل زِفاف يستحِّق هذه المُغامرَة " ابتَسم الوَزير للأصغر سِنًا قَبل أن يَرتدي قُبعته و يَتجاوزه مُغادِرًا
جَلس تايهيونغ على الكُرسي يتحسس الصُندوق بيديه بينَما يُفكِّر " قَد لا أعود مِن هُناك " هَمس لِيفتحه ببطئ يُناظر ذلك السِلاح الروسيّ
اغمَض عَيناه مُتنهِدًا " ان لَم أعد لَن احصُل على ايڤا ! عليّ العوَدة " هَتف بِعزم لِيلتفت يُراقب سيارَة جُيون التي غادَرت للتَو
•••
خَرجت سويون مِن الحَمام بَعد ان ارتَدت مَلابِسها بالداخِل ، جَففت شَعرها و اهتَّمت بِبشرتها قَبل ان تتوجَّه الي فِراشها حيثُ لفت انتِباهها تلك الورقَة عند مِنضدتها ، جَلست على السَرير لِتمسكها تتفقَّد الأسطُر المَكتوبة بالداخِل
عَقدت حاجِبيها بإحباط حينَما وَجدت انها راسبَة في اغلب المواد ، اخَفضت رأسها لِتبعثر شَعرها بِغَيض " تبًا ! تبًا تبًا ، العام الماضي نجحتُ الاولى على الدُفعَة ، ماهذا المُستوى المُنحدر ! كُله بسبب جُيون "
قامَت بِقلب الورَقة حيثُ وَجدت مُلاحظة كَتبها لها زَوجها
• الرسوب لا يَعني نهايَة العالَم ! صَحيح اني لَم ارسُب من قَبل و لم اُجرب هذا الشُعور لَكن انا واثِق انكِ ستكونين عَظيمة يومًا ما ، اظنُ انه عليكِ بذل جُهد اكبَر هذه المرَّة و سُتحققين نَجاح باهِر ، تفائلي ، اُريد رؤيتكِ بِجانبي في غِرفة العَمليات قريبًا ، ايتها الجَراحَة المُستقبليَة جُيون سويون
ابتَسمت دون إدراك و هي تَقرأ تِلك الكَلِمات التي بَثت فيها شُعورًا من التفائُل لبدأ فَصلٍ جَديد سَتعملُ فيه على نَفسها اكثَر
اخَفضت عَينيها الي اسفل المُلاحظَة حَيثُ كَتب لها
• زَوجُكِ يُحبك سَواء اكنتِ ناجحَة ام راسبَة ، انتِ اعظمُ امرأة في عَينيه ، اياكِ ان تَنسي
وَضعت يَدها على شِفاهها بِخَجل بَعد ان احمرَّت وَجنتيها ، تَشعُر ان فَيضًا من الفراشات تَحملُ قَلبها و ترفرف بِه الي اعالي قِمم السَعادَة
قرأت اَخِر عبارَة كَتبها و قَد كانَت
• افتَحي الدَرج بالقُرب من مِنضدتكِ .
فَتحت الدرج لِتحدِّق في كميَّة الواح الشوكولاتة المُتنوعَة مع بضع أنواع البطاطس المُقرمشَة و العصائِر مِن ذَوقها
ابتَسمت بِسعادَة لِتُمسك اول لَوحٍ قابَلها ، ما إن واشَكت على فَتحه حتَّى لاحظت مُلاحظَة كُتبت عليه مِن الخَلف
• تذكرِّي دام غُرِس بداخِلك طُموح الطِب ، فانتِ مؤهلة لِتكوني سَببًا في انقاض حياة الآلاف الناس ، بامكانكِ فِعلها .
قَضمت شَفتها السُفليَة لِتنتشل تِلك المُلاحظَة و تَنهض مِن فراشها تسيرُ تعلقها على مِرآتها كَي تقرأها يَوميًا
هي عَلمت انهُ كَتب لها على كُل مُنتج وَضعه في ذَلك الدرج مُلاحظَة تُحفزها في كُل يوم تَجذب منهُ شَئ على الدِراسَة
يُفاجئها دومًا بإهتمامِه الي تلك التَفاصيل التي لا يَنتبه لها احَد سِواه ..!
نَظرت الي تلك المُلاحظَة بإنتِباه شَديد بينَما تَقضم مِن الشوكولاتَة " انت لا تتوقف عَن كونكَ لطيفًا و تُسبب لي الكَثير من التَشتُت ! لا استطيعُ حتى البَقاء غاضبَة مِنك " هَمست بِعُبوس
نَظرت الي الشوكولاتَة بين يَديها لِتجلس على الكُرسي " و ما رأيتهُ بداخل الباخِرَة ؟ جُيون ماهي طبيعَة عملك بالضَبط " دلَّكت جَبينها بِصُداع
بللت شِفاهها لِتسير نَحو صورته التي قامَت هي بِتعليقها في الجَناح حتَّى تنظُر اليها كُلما اشتاقَت لهُ " هل يُنصب لك كَمين ما ؟ انت بَريئ اليس كَذلك ؟ انت لا تَستطيع ايذاء نَملة ، اخبِرني انك بريئ انا ساصدقك اُقسم " هَمست بينَما تُخاطبه عَبر ذلك الاطار
" انت لا يُمكنك ان تحتفِظ باعضاء شَخص ميت اسفَل منزِلك ! انت لا يُمكنك فِعل ذلك ، قلبك النَقي لا يتحمَّل "
قَضمت من مُكعَب الشوكولاتة تُفكِّر في حَديث جونغ ووك مَع والد زَوجِها " انا واثقّة انَ هُنالك كَمين نُصب لهُ ، و والِد جونغكوك يَعلم بشأنه "
سارَت نحو مَكتب زَوجِها لِتجلس عَليه و تُناظر اوراق عَمله المنظمَة ، فَتحت الدُرج حتَى تُخرج دفاتِر دِراستها و تَبدأ بالمُراجعَة ألا انَّها لَمحت ورَقة موضوعَة بالداخِل
مَسكتها لِتُخرجها و تُناظر ذَلك المُجسَّم المَرسوم ، قَرنت حواجبها بخفَّة تقرأ القياسات حَول ذلك الجَسد لِتشهق " يا انها قياساتي التي اَخذتها مُساعدَة المُصمم ! " قالَت بتفاجئ و قَلبت الورقَة لِتقرأ ما كُتب مِن الخلف
• تَصميم الفُستان الخاص بامرأتي لِزفافنا
وَسعت عَينيها بشدَّة لِتقلب الورقَة تُناظر تلك التَفاصيل الغَير ظاهرَة بَعد ، لابد انَّه بدأ العَمل عليه مؤخرًا فلازالت المَلامح مخفيَّة
قَوست شَفتيها حينَما امتلئت عَينيها بالدُموع " هل سيُقيم لنا حَفل زِفاف ؟ و يُصمم لي الفُستان بِنفسه ؟ " هَمست بِذقنٍ مُرتجَف جرَّاء رَغبتها بالبُكاء
خبئت الورقَة بِسُرعَة حينَما سَمعت صوت فَتح الباب لِتمسح دُموعها و تَنظر الي دفاتِرها امامَها ما إن دَخل زَوجها
نَظر جونغكوك الي ظَهرها و هي تُصفِّح كُتبها " ماهذا ؟ هل تَدرسين بِهذا الوَقت ..؟ انها ساعَة مُنتصف الليل " قال مُتعجبًا بينَما يُغلق الباب بالمِفتاح
مَسحت سويون دُموعها بِظاهر يَدها تُمثِّل الانشِغال بتلك الكُتب التي لا تعرِف بأي صفحَة هي اساسًا " ا..اجل ، دَرجاتي لا تُبشر بالخَير " قالًت بِنبرَة مُرتجفَة تسببت بالقَلق الي جُيون الذي دَنى مِنها
" هل تَبكين لانكِ رسبتِ ..؟ "
" لستُ ابكي ، انا بِخَير " هَتفت بِحُزن تستشعِر بوقوفِه وراءِها ، قامَ بِوضع يَديه على ظَهر كُرسيه الدَّوار و ألفتها نَحوه يُحدق في عُيونها المُبللَة " اذا ما هَذا ..؟ " وَضع اصبعهُ اسفل جُفنها يتحسس ابتلالِه
وَضعت عَينيها بداخِل كُحليتيه تُحاول كَبح رَغبتها العارِمَة بالبُكاء
انحنَى بِجذعه اليها لِيُمسك يَديها و يَجلس القُرفصاء يتأمل عَسليتَيها " انهُ لابأس حقًا ان تَرسُبي ، انا لستُ غاضِب و لم اشعُر بِخَيبة أمل ! انا فقط فَخور بكِ انكِ صامدَة رُغم كل الظُروف السيئَة التي مررتِ بِها " تَحدث يُواسيها ظَنًا منهُ انها تَبكِ لاجل دَرجاتها ألا انَّها انفجَرت تجهشُ بالبُكاء بَعد حَديثه
صُعق مِن رؤيتها تبكي بذلك الصَوت العالي بَعدما اخَفضت رأسِها " م..مالذي يَحدُث ..؟ مابكِ ؟ " رَدف بِقلق بَعدما وَضع يدهُ على وَجنتها يَتحسسها " ه..هل انتِ مريضَة ..؟ مابكِ ؟ " سألها بَعد ان تغلغل شُعور بالخَوف عَليها بداخله
" ا..انا فق..فقط لا أعلم ل..لم..لما يَحدُث ذلك ل..لك " قالَت بِبُكاء تَتحاشَى النَظر بداخِل عُيونه القلِقَة كي لا يُؤلمها قَلبها اكثَر
مَسكت بيديه تتشبَّث بِهما بقوَّة بينَما تَبكِ بشدَّة " ق..قل..قلبي يؤلمني بشد..بشدَة ، ان..انا لا استي..استطيع تقبل تِلك الفكرَة السيئَة عنك " رَدفت مِن بين دُموعها و هي تَرفع اصابِعه تَضعها فَوق قَلبها النابِض
حَدقت في عَينيه المُتعجبة مِن حَديثها حَيثُ اكمَلت بصوتِها الباكِ و دُموعها التي لا تتوقَّف " ان..انت فقط ان..انسان جي..جيد للغاي..للغايَة ، لا.. لا يمكنك ان تك..تكون سي..سيئًا ، ل..لما يفع..يفعلون ذلك ب..بك " هَتفت بِحرقَة
" ألا تَبكين لاجل دَرجاتكِ ..؟ " هَمس لَها مُتفاجِئًا ليجدها تَنهار بالبُكاء اكثَر
" ا..انت حت..حتى دو..دومًا تفكر بي و تن..تنسى نَفسك " قالَت لِتقوم بِسحب يَديها من خاصتيه تَضعهُما على وَجهها المُبلل بالكامِل بفعل دُموعها
جونغكوك لَم يتمكَّن فَهم سبب بُكاءها لِذا قام بِامساكِها و أخذها الي الحَمام حتى يَغسل لها وَجهها و يُهدئها ، عاد بِها الي السَرير و أعطاها كأس ماء حتَى يَتوقف جَسدها عن الإرتِجاف
شَربت مِن الماء و وَضعتهُ جانِبًا لِتنظُر الي عَينيه بِخاصتيها المُنتفخَة و المُتورمَة بِفعل البُكاء " هل يُمكنك اخباري مابكِ ؟ " سألها بِحاجبين مَعقودين بَعد ان هدأت قَليلاً
التَقط منشفَة صغيرَة يُجفف بها وَجهها المُبلل لِيمسح بِرفق على عَينيها المحمرَة و يَبتعد يَنتظِر جوابِها ، فَكرَّت هي كَثيرًا بينَما تُحدق بِه و قالَت " انا اعِدك اني ساُصبح طبيبَة جرَّاحة ماهِرَة لاجعلك فخورًا بي "
ابتَسم بِخفَة على حَديثها ليومئ لَها ايجابًا " ذَلك مُريح ، انا واثِق انكِ سَتكونين اجمَل طبيبَة سيشهدُ عليها التاريخ " هَتف بَعدما وَضع يدهُ على شَعرها يَمسحُ عليه بِلُطف بالِغ
اقترَبت مِنهُ لِتقوم بالجُلوس داخِل حُضنه مُسندَة رأسها عَلى صَدرِه بينَما تُناظِر الفَراغ بِعينين شارِدَتين ، لفَّ ذِراعيه حَولها يَمسحُ بِلُطفٍ على ظَهرِها يُسمعها اضظِراب دقَّاته ضد اُذنها
تَمسكت بِتيشرته الأبيض بينَما تَحشُر رأسها بداخِل صَدره هامِسَة بصوتٍ خَفيف " اعِدك ايضًا اني سأكتشفُ الحَقيقة كاملَة "
تمكَّن من سَماعها لِذا اخَفض رأسه اليها مُتسائِلاً بعدمِ فَهم " أيّ حَقيقَة ..؟ "
رَفعت رأسها نَحوه لِتُسند ذَقنها على صَدره مُحدقَة في عَيناه الكُحليَة ، لَم تجِد عُذرًا تَقوله غَير ما جَعلها تبتسِم و هي تَهمس " حَقيقة حُبك لي "
" الديكِ شَك ..؟ " نَبس بينَما يُمسك بِخُصيلاتِها التي تناثَرت على مَلامحها فَراح يُرجعها الي الخَلف يتأمل جَمالها الآسِر ، تَشبثت بِملابسه نافيَة بَعد ان ابتلَّت اطراف عُيونها بالدُموع مُجددًا " ينتابُني شُعور سَئ جُيون ، سَئ جدًا و لا اُريد تَصديقه ، اُريد البَقاء في حُضنك الي الأبد " هَمست لهُ
جونغكوك تَفهم حَقيقة انها مُشتتة بَين حُبها لهُ و رَغبتها العارِمَة في اكتِشاف الحَقيقَة ، هو لَن يُخبرها عَن صَدها المُستمر لهُ حينَما تدخُل في اضطراب مَع مشاعِرها بَل سيحتويها جيِّدا حينَما تَعود لهُ و تَرغب بِه
عَليه ان يَتفهم الفترَة التي تمُّر بِها ، عَليه ان يُساندها و يَمنحها الشُعور الكافي بالآمان كي تُدرك حَقيقة حُبه لَها
ابتَسم لَها بِدفئ ، على الرُغم من انها قَبل ساعَتين كانَت تُبعده عَنها ، لَكنها الأن تَرغُب في البَقاء بين ذِراعيه و الإختِباء ، انَخفض لِتَقبيل جَبينها بِحُب لِيتسطَّح على الفِراش و يجتِذبها الي حُضنه يُغلق عَليها بداخِل صَدره حيثُ يحتفُظ بها بِجوار قَلبِه
" صَحيح ان حَياتي مُعقدة و تَجلبُ لك الكَثير من الحيرَة ، انا ايضًا اعجزُ عن فَهم بعض التَفاصيل لَكن اكثَر شئ انا مُتأكد به اني اُحبك " رَدف بإبتِسامَة خافتَة بينَما يَمسحُ على ظَهرِها بِدفئ
اسنَدت سويون رأسها على الوِسادَة بالقُرب من زَوجها الذي يَحتضنها و يَضع عليها الغِطاء كي لا تَبرُد ، حَدقت في عَينيه القَريبَة لِترفع يَدها تضعها على وَجهه و تمسحُ بلطفٍ على اسفلِ عَينه بإبهامِها " اكثَر ما اثقُ به انكَ لن تَقوم بِفعل شَئ يؤذيني " هَمست لهُ
" اذًا مِما انتِ خائفَة ؟ " سألها مُتعجبًا ، دام أنها تَعلم انهُ لن يؤذيها فَلِما هي قَلقة ..؟
" ا..انا خائفَة عليك انت ، لا اُريدك ان تتأذى " هَمست لهُ بِحُزن لِتحتضن وَجنته باصابِعها تَضغطُ عليها بِخفَة " لَيتني استطيع ان اتأذى مَكانك ، اريدُ تَقاسم بعض الألم مَعك " نَبست بِصوتٍ مُرتَجف و عُيونها لا تُفارق كُحليتاه المُتفاجِئَة
لاول مَرة يَنتابه شُعور أن هُنالك مَن يكترِث لألمه ، هو تفاجَئ حينَما على سَبب بُكاءها كان خَوفها عَليه و قَلقها المُفرط ان يُصيبه أذى
اقترَبت نَحوه اكثَر لِتلصق أنفيهما سَويًا للدرجَة التي جَعلتها تَشعُر بانفاسِه تَخبِطُها ، نَظرت بداخِل عَيناه بشكلٍ أعمَق مُكملَة " انا اخاف ، اخافُ ان تلتم حَول نَفسك مع ألمك ، أن تُواجهه بِمُفردك و ألا اكون قُربك ، اخافُ ان تُظلَم و لا يَعلم أحَد حَقيقة الأمَر ، اخافُ كَثيرًا ان اكون وَحدي من أعلَم بِنقاءِك " هَمست بَعد ان تَسربت مِن عُيونها دَمعة غطست بداخل وسادتها
جونغكوك قامَ بِرفع يَده يَضعها على خَد زوجته في المُقابل تمامًا كَما تَفعل هي ، مَسح دُموعها بإبهامها لِيتحدَث بِهدوء " لا أحَد يستطيع ان يؤذيني مُجددًا ، انا بِخَير دامكِ هُنا ، و ايڤا هُنا ، ابي و امي بِصحَة جيدَة ، مالذي قد يؤذيني ؟ "
" لا اعلم ، فقَط ينتابُني شُعور سَئ " نَفت بِعدم فَهم لِتُغمض عَيناها حينَما ارتَفع بِقسمه العُلوي عَليها و انخَفض حتَّى يُقبل عَسليتَيها المُبللَة " ارجوكِ لا تُهدري هَذه الدُموع إلا في حَالات الفَرح " هَمس لَها
فَتحت عَينيها لِتتمدد على ظَهرها حينَما بات يَعتليها ، ضَمت يَديها الي صَدرها لِتتنهَّد بقلَة حيلَة " ابتلاك الرب بامرأة باكيَة ! ليسَ باليد حيلَة "
" همم ، انا لا اُمانع ان بَكت زَوجتي في حالَتين " قال بينَما يُميل رأسه بِحاجب مَرفوع ، مَسحت دُموعها بينَما تقرِن حواجبها بخفَة " ماهُما ..؟ "
" الأول عِند الفَرح بالطَبع ! امم اما الثاني " انخَفض اليها هامِسًا الي أن الصَق انفيهِما " مُشكلة ان تَكونين مُتزوجة بِعمر صَغير جِدًا ! لِما علي افساد براءتك ؟ " قال مُخمنًا بينَما يُميل رأسه للجهتين مُتعمدًا احداث احتِكاك بين أنفه و انف زوجته التي عَبست على حَديثه " انا كَبيرة يا "
" لا اظنُ ذلك ! مع هَذا الوجه ؟ " قَرص أنفها بقوَّة لِيبتعد عَنها مُقهقهًا على تذمراتِها ، جَلس يُراقِب احمِرار انفها بفعل قَرصته لِيجدها تَفركه بينَما تُناظره بِغَيض " ياا جيون " صَرخت
حَملت الوِسادة قُربها لِتضربه على كَتفه " اخبِرني ! ياا انا كَبيرة " صَرخت بينَما تضرِبه بالوسادَة على رأسه من الخَلف تُنصت اليه يُقهقه بِصخَب
" لِما عليّ اِخبارك ؟ لو كنتِ كبيرة لَعلمتِ بِمُفردك " قال بِحاجب مَرفوع لِيمسك الوسادَة مِنها و يَرد لها ضَرباتها الي أن تَبعثر شَعرها و هي تُحاول الاستيعاب و التَفكير لَكنها لم تَصل الي نتيجَة
" بالتَفكير بالأمَر ! ما رأيكِ بِجعلك تَخضعين للتجربَة حتى تَعرفين الجواب ؟ " رَدف بإبتِسامَة جانبيَة بَعدما رَمى الوِسادَة جانِبًا
" هل سَتجعلني ابكي ؟ " سألته بِتعجُب بَعدما قامَت بِتعديل شَعرها المُبعثَر ، اومَئ لها ايجابًا لِيقترِب منها و هو يُزيل تيشرته كاشِفًا عن عَضلاتِه
رَمشت تُناظره لِفترة مِن الزَمن الي أن استوعَبت ثاني حَالة تبكي فيها حينَما تكون مَعه !
صَرخت بقوَة لتنهَض و تقف فوق السَرير مؤشرَة عليه " ياا ايها المُنحرف " مَسكت الوِسادَة تقومُ بِرميها عَليه قَبل ان تَقفز من عَلى الفِراش هارِبَة منه
" يا ؟ مابكِ تعالي " صاح بَعدما نَهض و قام بِلحاقها
استمَرت بالرَكض حَول الجَناح و هو وراءِها لعلَّه يُمسكها لَكنها بشكلٍ ما كانَت سَريعَة ، لاول مرَّة تشعُر انها تُجيد الرَكض في حياتِها
" لا تقترِب مني ! الهي انت لا تتخلَّى عن انحرافِك حتى في اللَحظات الدراميَة كَهذه " قالَت بينَما تختبئ خَلف المَكتب و هو امامَها يُحاول الوصول اليها بينَما يضَحك على مَلامحها الجادَة " لَن افعل لكِ شئ فقط تَعالي "
" لن اُصدقك كَتلك المرَة حينَما اخبرتك ان تَغسل لي شَعري " قالَت بينَما تَرمي عَليه ذَلك الدُب الذي تَضعه فوق المَكتب ثمّ هَرب لِتركض الي السرير تمُّر عَبره بَعد ان قَفزت فَوقه
" لالا اعِدك ساخذكِ في حُضني و ننام فَقط " رَدف بينَما يُعانق ذلك الدُب و يسير وراءِها بِخُطواتٍ بطيئَة
ناظَرته مُقلصَة عَينيها لِتشهق ما إن شتت انتباهِها و جَذبها اليه
•••
" م..مالذي يحد..يحدُث ..؟ "
توَسعت عَينيّ سويون بِدهشَة و هي تُناظِر ارجاء قَبو تِلك السَفينة ، اطرافُها ترتجِف مَع كُل خُطوَة تَضعُها بداخِل تلك الارضيَة المليئة بالنِساء و الأطفال المُترامون في الزوايا يأنون بألَم
دَنت تَركُض مِن احداهُن بَدت يَقطَة تستطيع الحَديث " ه..هل ان..انت ب..بخير ؟ " سألتها بِقلق تُراقبها تَضع يدها على جانب بطنها بألم
نَظرت المرأة اليها بِوجع و قَد بدت أجنبيَة ، لَم تكُن تستطيع التَحدُث بذات اللغة التي تُجيدها سويون غَير أنها كانت تُشير على جانِبها
رَفعت سويون مَلابسها عن بطنها لِتُصعق بشدَّة حال أن رأت ذلك الجُرح الكَبير مَكان كَبِدها ، ارتجَفت بِصدمَة لِتنهض مُغادرَة الي الطِفل الذي بِجانبها تتفقدَّه
تفقدَت كُل من في القَبو و وَجدت أنهُم باعضاءٍ ناقِصَة ..!
بداخِل سفينَة زَوجِها
جَلست القُرفصاء تُمسك رأسها بعدمِ تَصديق
" هَـل جُـيـون يُـتـاجِـر بأعـضـاء الـَبـشـر ؟ "
•••
9688 ✔️
اطول تشابتر في تاريخ الروايَة 🦋
🪐 كيف حالكم يارفاق ..؟
🪐 ما رأيكم في تشابتر اليوم ..؟
🪐 غابرييل ؟ هل احببتموه ..؟
🪐 احببتم لقاءه الاول مع والدة سويون ..؟
بشأن قصته مع يون سون ؟ اتودون ان اشاركِكم بمقتطفات من الماضي عن قصة حبهما و كيف بدأت ..؟
🪐 هل انتم مع براءة جونغكوك ام لا ..؟
🪐 اتظنون انه بريئ ام مُتورط ..؟
🪐 و لو كنت مكان سويون ماذا كنتم سَتفعلون حيال الامر ..؟
🪐 لما يوجد بداخل سفينته اناس قد تمت سرقة اعضاءهم ..؟
🪐 اكثر جزءية نالت اعجابكم ..؟
🪐 تايهيونغ ..؟
لقد ظلمتوه المسكين
🪐 توقعاتكم للقادم ..؟
اراكم في التشابتر القادم قريبًا 🤍🦋
اهتموا بانفسكم ♥️
.
.
.
بنتي العسولة 🦋🤍
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top