Husband | 21

Husband || زَوجي


اهلاً بِكُم في الجُزء الواحِد و العِشرون 🫶🏻

الفَصل اليوم فوق 10 الالف كلمة ، اعتنوا به جيِّدًا 🤍

لنبدأ 🧚🏻‍♂️

•••

" لانِّي ، اُحِبُكِ "

نَتيجةُ تِلك الحُروف الأربَع ، كانَت تسمّر جَسد الصبيَة التي جفّت الدماءُ في عُروقِها و تَسللت البرودَة لاحتضانِ اطرافِها من صَدمتِها بما قيل لَها

يُحِبُها ..؟
عَلى أيّ نَحوٍ يَفعل..؟
ماهو الحُب من مَنظورِه..؟

هي تَعرِف انّهُ يُحبها ، و إلا ماكان ليُقدِم لَها كُل شَئ دون مُقابِل
لَكن ، ما الطريقة التي يُحبها فيها..؟ ما أخِرَةُ هذا الحُبِ مَعه..؟

التَفت ناحِيتهُ و وَجدت نُصوص الحُبِ و الحُزن تُكتبُ في عُيونِه الكُحليَة
كان كَمهزومٍ سَقط سيفهُ في اراضِ القتالِ مَع عَدوِه
هُزِم في مَعركة الحُب

رُغم مُجابَهته العَنيفَة مع مَشاعِره و مُحاولة قَتلها ، لَكنها مَن توغلت بِه كالسُمّ جَعلت مُقاومَتهُ تَموتُ و ايقَظت بِه شُعلَة الحُبِ التي انارَت عُتمة ديارِها

ديارِها حيثُما تَقطُن هي وِسط صَدره
اولَيست قَلبه..؟

" تُحبني ..؟
ماهو مَفهومُ الحُب بالنسبَة اليك ؟ "

كان سُؤالها نابِع من مُحيط حيرتِها التي غَرقت في مُنتصفه هي دون وجودِ مركِب للصُعود ، ارادَت ان تَستقيم قُبالته بِتجهّم! لكن امام عُيونِه ، لا مَجال للصمُود

" اكتَشفتُ ، انّ الحُب لا يُنشَئ عَبر السِنين
و لا حتّى ، مِن ذكريات تُشعرك بالحَنين..!

انّهً احساسُ يُلامِس القَلب و لو كَثُر الأنين
شُعورٍ دافِئ ، كَمثلِ القُبلَة على الجَبين "

سَمِعتُ منه كَلِمات مُبعثرَة انتَجها مَن تعرض لِسطوَة من الحُب جَعلت من عَقلِه يَتوه ، اعطَت لِقلبه كامِل الاحقيّة في الحُكمِ على شُعورِه

جَعلتهُ يجوبُ عُيونِها العَسليَة و هو في قِمّة ضياعِه ، يودّ اجاد الطَريق الذي سيُعطيه النهايَة المُرضيَة ، نِهايَة تُضمّد جِراح قَلبِه المِسكين

لم تَكُن تَستطيعُ تَمييز حُروفه ، بَل جَعلها اكثرُ تَشتُتًا حينَما نَطق مُحتارًا و التَوهانُ نال منهُ لابعدِ حَدٍ كان " انا ، لا أفهمُ كَيف وَصلتُ الي هُنا ، حاوَلتُ ان اضَع حدًا لتلك المَشاعِر التي تَستمرّ باغراقي لِكثرة عُلوّ امواجِها ، لَكنِي عَجزتُ و انتَهى بي الامرُ اغوصُ في بحارِ عَسليتيكِ بقلبٍ راضٍ..! "

لَم تلفِظ كلمَة واحدَة و ظلّت تَستمعُ اليه بقلبٍ جُنّ كُليًا مع كُل حرفٍ تَتلوهُ شِفاهه تِلك ، كانَت تُنصِت الي حيرتِه التي يُحاول قتلِها و التوصّل الي اجابَة تُرضي كِليهما حينَما اضاف و عُيونه عَليها

" كنتُ اظنّ ان قَلبي دُفِن قبل عِشرون عامًا في قَبرِها ، لَكِني لم اتوقَع بتاتًا ، انكِ حينَما خُلقتِ ، اعطيتيه عَربون الحُب الاوليّ ، مَنحتيه دُفعَة حتّى يَصمُد كُل تلك الايام الثِقال بٍدونِك ، كَما لو انكِ علمتِ ما سيُقاسيه المسكين ..! ثُمّ جِئتُ انا بَعد سنينٍ لاستردّ المَبلغ كُلّه ، استرِدُكِ "

لا تَستطيع فَهم حرفٍ واحِد مِما يَقول ، لَكنهُ لا يُطالبها بالفَهم
دامَهُ وَحده من يَعرِف القصَة كامِلَة و يَعلم ، ان مولِدُها كان بِمثابَة مُعجزَة الاهيَة عَتقت رَقبتهُ من الاعِدام ، لَكنهُ لم يَتوقع او يتخيّل حتّى ، ان تلك الطِفلة هي من سَتسرقُ قلبه مَعها و تَتركهُ يُغادر خالي الوِفاضِ حتّى يَعود بعد سنواتٍ لاسترِجاعِ روحِه مِنها

قِصتهُما ، لم تكُن مُجرّد حِكايَة عادِيَة البتّة
فيها الكَثيرُ من المَشاعر التي يَستحيل التَعبيرُ عَنها بمجرّد كَلِماتٍ قد تَصف جُزء من الاحساس الذي يُخالج قَلب الوَزير حالِيًا

تِلك الصُدفَة ، جَعلتهُ بالكادِ يُلملم شِتاته و يَصمُد امام نَظراتِ العتاب في عُيونها كيّ يُصارِحها بحقيقَة شُعوره

الاسبوعين الماضيين بِدونَها
كانَت ايامًا كافيَة لِتجعلهُ يَتقين من احساسِه نَحوِها و يَتأكَد انّها لَيست مُجرَد فتاةٍ هَدفهُ الأول حِمايتِها ، بَل اصبَح مِزاجَهُ و كُل مابِه مُتعلِق بِها هي

للدرجَة التي تَوقفت حياتهُ لمدّة اربعَة عشر يومٍ ، بِفعل غِيابها..!
الي ذاك الحَد ، وَصل هو من الحُبٍ فيها

حينَما غاص في مُحيط عُيونِها ، لَم يَجِد سِوا سَلاسل حُبِها تُقيّد اطرافهُ و تَزيده غرقًا للحدّ الذي اصبَح يَتنفسُها كالاكسجين

هو لا يُحِب الطُرق المُلتويَة ، اذ بِمُجرّد ان ادرَك مَشاعِره افصَح عنَها كيّ يَخِفُ ذلك الحِمل الذي يُثقل كاهِله ، لَكن ، مُشكلته لا يَعرِف الي أين سَتوصله هذه الاحاسيسُ في النِهايَة..؟

اطالَت النَظرُ في عَينيه المُحتارَة للحدِ الذي جَعل عُكازها يَقع اذ واشَكت على السُقوط لَولم يُمسِك بخصرها قَبل ان تَحتويها ارضيّة الشارِع البارد مُجددًا

هو هُنا حَتى يَدفع بأي شَئ بارد يُحيطها و يَمنحها كامل الدفِئ الذي تستحِقه ، لَن يسمَح لأيّ مَخلوقٍ وُجد ، ان يُلحِق بقلبها الصَغيرُ الاذَى
حتى و ان كان هو..!

تَشبثت بِاذرُعه و هي تنظُر بداخل عَيناهُ بِحيرَة ، لم تستطِع تَحديد شُعورها عَدا انّها في قمّة تَشتُتِها ، بالكاد تستطيعُ تنظيم انفاسِها التي سلبها حَضرته

" لستُ افهَم ، كَيف تَرى الحُب ؟ " سألتهُ بَعد ان تَمسكت بِه كي لا تَقع ، طَلبت منهُ ان يَجلب عُكازها كيّ تستطيعُ الاعتماد على نَفسها بالنُهوض مُستقيمَة لكنهُ رَفض حينَما تمسّك بخصرِها يأبى افلاتِها من بين ذِراعاهُ

لن يُكرر ذات الخَطأ مَرتين و يُفسح لها المَجال بالرَحيل

" لستِ بحاجَة لأن تَفهمي شَئ في الوقتِ الراهِن ، كُل ما عَليكِ مَعرفتهُ ، انّي اكنّ لك فوجًا عظيمًا من المَشاعر التي عجزتُ عن وَصفها " تحدّث يُخاطِب مَن احسّت بِمَدى قُربه منها للحَد الذي جَعل الحُمرَة تتَخذُ من خدودِها موطِنًا

احمرّت و هي تَشعُر بِصدره يلتصقُ بِخاصتِها ، احسّت به قَريب بشكلٍ جَعلها تَسمعُ نَبض قلبِه الصاخِب كَخاصتِها

اشاحَت عُيونِها للنحوِ الأخَر تنطِقُ بعيدًا عن حُضور عُيونِه القويّ ، لا يَرحمُ بتاتًا ضِعف قلبها امامَه..! انهُ يستقوي عَليها و لا يَأبه

" ما فائِدَة تلك المَشاعِر ، ان كنت عاجِزًا عَن ربط اسمي باسمِك " قالَت و هي تُحاول الحفاظ على مَوقفها الصارِم مِنهُ ، لازالَت لم تَلين بالشَكل الذي يُتيح لَها مُسامحتهُ و الشَفعِ لهُ بعد اخِر ما قال

هو نَحت بصمتهُ السَوداء في قلبِها ، و لم تُمحَى تلك الآثارِ بَعد

ظلّت ذِراعهُ تُحيطُ خَصرِها و بطرفِ اصابِع يد الذراع الثانيَة مَسك ذَقنها حتى يسترجِع رأسُها لِمُقابلته ، لَم يَأخذ كِفايتهُ من عُيونِها بَعد

نَظر بِداخل عَسليتَيها التي تُحلّق بروحه الي مطرحٍ لم تَسللهُ ذرّة حُزن وُجدِت ، مَكانٍ ، مَصنوع من عَسل عُيونِها و كُلّ مابِه حُلو المَذاقِ كَمِثلها

لَمساتُه ، تُذيبها في اوجِّ النَهار..!
كانَت تظنّ انَها تسيحُ في حُظورِه عِند قُدومِ الليلِ فَحسب
لَكِنّهُ ، الصباحُ الباكِر و هاهي ذا ، لا تستطيعُ الحفاظ على صُمودها امامَه

كانَ بِحاجَة الي عُذرٍ مُناسِب ، يُوضِح به موقِفه و يُعطيها الجواب الذي تستحِقه ، استَجمع ما تَبقى لهُ من الشجاعَة كجنديّ خاسِر ، امام قُبيلِه المُنتصِر " نحنُ بحاجَة الي مَزيد من الوَقت ، الذي يستوجِبُ فيه ادراك الشُعور و اعطائه حَقه الكامِل "

جَوابهُ جَعلها تبتسمُ ساخِرَة منهُ ، حَدقت في عَيناهُ ثُمّ اجابَتهُ بِهدوءٍ يتنافَى مع الدمارِ الماكِث وِسط صدرِها المُثقل " وَقت..؟ "

قامَت بِصده عَنها حتى تُكمِل حَديثها لَكنهُ رفض ابتعادِها و ظلّ يُقيدها بين يَداهُ يحتفظُ بها لَديه رُغمًا عن ارادتِها

مَسكت بياقتِه كَاقربِ طريقَة لفشّ الغُلّ داخِلها ثُمّ طالعت عَيناهُ بِغَضبٍ يتسترُ عليه غشاءُ الحُب في عُيونها " لو كنتُ املك الوقت الذي تتحدثُ حَضرتك عَنهُ ، ما كنتُ لافكر بالزواج اساسًا "

" انت جَرحتني ، أذيتني رُغم اني لم افعَل شئ لك ، بل وثقتُ انك ستتدبر الامور كُلها و تَعتني بِها ، احسستُ انّ هُنالك عبئ سيُزال عنّي ، لكنك كَسرتني و لَم تُراقب اقوالِك حتّى ! " عاتبتهُ و هي في صِراعٍ مُرهق مع مشاعِرها المُغرمَةِ بِه

تشبثت اكثَر بياقتِه و حاوَلت عدم الاكتِراث لِنَظراتِ عُيونِه المُحبّة
حاوَلت التغاضي عَن كُل ذلك الدِفئ النابِع من تَحديقاتِه اللينَة
لَكنها فَشِلت ، لَم تُقاوِم حُبه ، و اعلَنت استسلامِها عَبر قولِها

" لِما تَفعل ذلك بي؟ اليسَ ما مَررتُ بِه كافيًا ؟ لما جئت لِتكون عبئًا اضافيًا ؟ " طالَعت اعيُنه التي تعاتبها على حُروفِها النابعَة من غِصتها

عاتَبها يقولُ بِخُفوت " ما كنتُ لاكون يومًا عبئ سويون ، انا هُنا حتى احميكِ و اُقدم لكِ الرعايَة التامَة "

" تحت ايّ صفَة ستفعل ؟ بأي حَقٍ سترعاني و تَحميني؟ " سألتهُ بِغصّة تَجدهُ عاجِزًا عن اجابتِها و اجاد الصِلَة التي تُناسب عِلاقة كِليهما

ظلّ صامِتًا حَتى وجدها تُضيف بِسُخريَة " ليس و كأن حَياتي مِثاليَة كفايَة حتى اسمَح للحُب ان يَزيدها عَبثًا ! " قامَت بابعادِه و استسلَم هذه المرَة لرغبتها بالفِرار

حَملت عُكازِها ثُمّ قالَت و هي تُناظِره بغضبٍ مَكتوم " انا لَن اُسلم نفسي للحُب مُقابل نهايَة مجهولَة سيدي الوَزير ، اُريد ان استقِر ، و اجِد يابسَة ارسوا عَليها بآمان ، هذا اقصَى طُموحي ، لا تنتظر منّي ان اُجاريك مُجددًا في مَشاعرك التي انت حدّ ذاتك لا تُريد تَسميتها و وَضعها في الاطارِ الصَحيح "

وَبختهُ و جَعلتهُ ذَليلاً امام نَفسِه
اذ كَيف يُمكنهُ ان يَعرِض حُبه عَليها ، دون الحاحِه على الزَواج،.؟

فسّر وِجهة نَظرِه و قال بِحُزن " انا لم اطلُب منكِ ان تكوني عشيقتي ، فانا لن ارضاها عليكِ و لا على نَفسي ، لَكن عودي اليّ ، و سَنجدُ الحل الذي يُناسب كِلينا "

رَمقتهُ بِبُغضٍ حَتى وَجدت الدُموع تحتضنُ اطراف عَينيها من كَلامه التائِه ، شدّت على عكازِها ثُمّ نَطقت بصوتٍ مَهزوز " انت تَقتلُني بِترددك "

حَدق في عُيونِها يَجِدُها تَلومه على كُل ذرّة الم تُهاجم قلبها المُحب في اللحظَةِ الحالِيَة ، تابَعت بوجعٍ ظَهر عبر ارتجاجِ صوتِها الباهِت " تطلبُ منّي العودَة اليك ، كيّ تفكر هل تَتزوجني ام لا بالاخر؟ هل تظنّ انّي لُعبة؟ متى ما اردت ان نتزَوج نفعل و ان لَم تُرد اظلّ ماكثة لديك بدون هويّة! اين المنطق ؟ "

" من اين جَلبت كُل هذه الانانيَة ؟ لما ساُفكر بالعودَة اليك انت بدل من الزواج و الاستِقرار ؟ مالذي سَتُقدمه اليّ حَضرتك سيعجزُ جيمين عن تَقديمه ؟ "

كَيف يُمكنها مُقارنَة عَطاياهُ بِعطايا رَجُلٍ أخَر..؟
الم ترى بِنفسها ما يَستطيعُ هو تَقديمه من اجلِها؟

هو لا يَفهم ، ان مُجرّد تَردده في التَفكير بالزواجِ منها جارِح
اذ ، انّها ترى نَفسها تستحِقُ من يُلّح على تزوجِها دون ذرّة تَفكير واحدة
فلِما يَجعلها تَعيشُ ألم تَرددهِ مَعه..؟

" انا لستُ بحاجَة الي العاطفَة في الوقت الراهِن ، و لا الحُب ! انا بحاجَة للامانِ و الراحَة ، فقط لا غَير! و انت جَعلتني افتقدُ كُل تلك المشاعِر مرّة واحدَة حينَما وَجهت تلك الاقاويل ليلتِها ، دون ان تُفكر بعاقبَة كلامِك "

كانَت تتحدّثُ بِمرارَة و هي تُشاهِد عَيناهُ المُحمرّة ، تُراقب صَمتهُ التي يُعزز من حِرقتها ، لِما لا يَتحدث و يُدافع عن نَفسه و حُبه..؟

لِما يُجبرها على عَيش كُل تلك الاحاسيس المُؤلمَة دون التَدخُل بحرفٍ واحد..؟
تابعَت و تغاضَت عن الدُموع التي تَسربت من جُحريها
مَهما اشتدّت حروفها قسوَة ، تظلّ هشَة و حساسَة للغايَة من الداخِل

" بيتُك لم يَعُد سِوا موقع الجَريمة التي قُتل فيها قَلبي..! "

نَطقت ما جَعل قلبه يَنقبضُ بقوّة اثر كُل حرفٍ نَبستهُ بِحُرقَة ، تَركتهُ يَغوصُ في مُعاناته و التَفت غيّة الرَحيل بَعد ان استعانَت بهاتف احدى المُمرضات كيّ تبعث رسالَة نصيّة الي جيكوب حتّى يُقلها

كان بالفِعل قد وَصل مُنذ دقائِق و ظلّ يُراقب ما جَرى بينهُما من بَعيد ، تدخّل ختامًا كيّ يُساعدها بالسَير الي السيارَة اذ جَعلها تَصعُد في الكرسيّ الخَلفيّ ثُمَ اعتَدل في استقامته حتّى يشاهد هيئَة الوَزير الشارِد

اقتَرب مِنهُ بعدَما ترك سويون مع زوجتِه في السيارَة ، انتَصب امامهُ يراهُ سارِح الذِهن كَمن تغيّب عن عالِمه بالكامِل

" انت لِما قمت باخفاءِها عنّي ، رُغم معرفتِك بما وصلتُ اليه ؟ " خَرج ذلك السُؤال الباهِت من شِفاه جُيون الذي رَفع مُقلتاه للنظر بِوجه مُساعده ، ترقّب اجابَة مُرضيَة تُخمد بعضًا من نيرانِ صدرِه اذ رأى جيكوب يُجيبه بينَما يعقدُ حواجبه بانزِعاج " لانهُ كان عليك ان تُدرك حَقيقة ما تشعُر ! لو عرفت مَكانِها ، لَكنت ظلَلت تتحججُ و تخلقُ اعذارًا لمشاعِرك تِلك "

" ما المُهم في تلك المَشاعر التي اساسًا لن تأخذنا الي نهاية مُرضيَة ؟ " هسهس جُيون بحدّة بعدَما ضغط على يَداهُ قويًا يَرمُق مُساعده الذي اقتَرب منهُ بضع خُطواتٍ و اعيُنه تُطلق الشَرار

وَبخهُ بحدّة قائِلاً " انت المَسؤول عن نهايتك ، سواء اكانَت سعيدَة ام لا ، بيدك القَرار كُلّه ! لَكنك تستمرُ باحتِجاز نَفسك في قوقعَة مُظلمَة وِسط تلك الذكرياتِ البشعَة ، دون الالتِفات الي واقعك ، سُموها تُوفَت ، على الرُغم من ان مَوتها لم يكُن سهلاً ، و صَحيح انك تَأذيت و لازالَت تلك الاثارُ قائِمَة للأن ، لَكن لا يُمكنك اتخاذُ موتِها حُجّة لخسارَة حُب حَياتك "

" انت تعرِف ان ايما لم تكُن مُجر.. " أراد جُيون مُقاطعتهُ دفاعًا عن تلك الأكاذيب التي يُصدقها مُنذ سَنوات ، لَكن صُراخ جيكوب اوقفَهُ حينَما قال لهُ يغضبٍ عارِم " ايما لم تكُن حُبك الحَقيقيّ كَفاك كذبًا ! انت فقط تُعذب ذاتك و تَستمرُ بالقاء لومِ موتها على نفسِك ، التفِت لحياتِك و دَعك من الماضي "

" ارحَم نَفسك حَرام عليك ما تَفعلهُ ، انت لم تكُن السَبب في موتِها و ليس لك اي ذَنبٍ يُذكَر ، لا تُصدق تلك الأكاذيب اكثَر و التفت الي حَياتك ، اتظُن انها ستكونُ سعيدة حينَما تراك لازلت مُتعلق في ذِكراها رُغم مُرور عِشرون عامًا على وفاتِها ؟ لَيتك حتّى احببتها بذلك العُمق ، انها دَمرتك ! "

قَبض جُيون على اصابِعه بقوّة اذ امتلئت اطرافُ عيناهُ بالدُموع رُغمًا عن ارادتِه ، هَسهس يُخاطب مُساعِده بغصّة و هو يَتجاوزهُ مُغادرًا ذلك المَوقع الذي شَهد فيه اقصَى رفضٍ وُجد تجاه مَشاعِره " انت ، لا تعرفُ شيئًا "

التَفت جيكوب يُحدق في ظهرِ من اسرَع في خُطواته للالتِفافِ حول المبنَى حيثُ سيارته من النحوِ الاخَر ، صَرخ يُسمعهُ كَلِماته الغاضِبَة " استَمر على مَوقفك و شاهِد كَيف ستضيعُ من بين يداك لِتذهَب الي رَجُلٍ غيرِك "

كَلامهُ لم يزِد سوا الحَالُ سوءًا على قلب جُيون الذي اسرَع في رُكوبِ سيارتِه و النتشالِ المقود بين اصابعه يعتصرهُ حتى ابيضَت اطرافِهم

اسنَد جَبينهُ فوق المِقود بينَما يسترجِع انفاسَهُ بِصُعوبَة
يُخبرونَه ان يَتجاوز ، لَكن كَيف للتجاوز ان يَكون سَهلاً ..؟

ليت المُشكلَة الاساسيَة كانت في الحُب
و إلا ، هو اساسًا وَقع في غَرامِ صبيتِه الي حَدٍ كَبير
لَكنهُ مُكبّل في سلاسِل الماضي الذي يَرفُض إفلاتُه

•••

" كان عليكِ ان تكوني حَذرَة ، اُنظري كَيف تأذيتِ " تَحدثت ليلان مُعاتبَة الاصغر سِنًا حينَما عادت رفقتها مَع زوجِها الي البَيت

جَلست سويون فوق سَريرِ الغُرفَة التي مُنحَت اليها ثُمّ طالَعت الاكبر سنًا مُبتسمَة بِخُفوت " لا عَليكِ ، انّها لا تُؤلِم كَثيرًا "

قَدمت لها عُبوَة باردَة من حَليب الموز ثمّ قالَت مُبتسمَة بوديّة " ارتاحي قليلاً ، ستأتي امكِ لزيارتكِ لاحقًا "

ابتَهج قلبُ الصُغرى حينَما سمِعت سيرَة اُمها لِتومئ بِسعادَة ، راقَبت الثانيَة تُغادر و تُغلق الباب خَلفها لِتستريح هي فوق فِراشها مُغمضَة عُيونها بِتَعب

راوَدها اعترافُ الوَزير الذي سَبب لها اهتزاز في صَدرِها تُجزم انّهُ قَطعًا لن يستقِر ، رُبما حياتِها ستجدُ طريقها للاستِقرار ، لَكن ماذا عن قلبِها؟

تَنهدت بِضيقٍ ثُمّ تَمددت فوق سَريرِها تُحدق في سَقفِ الحُجرَة بِحُزن
لما صَعب عليه أخذِ الخُطوَة الاولَى ..؟

هو اعتَرف ، و افصَح عن حَقيقة شُعوره
لكِن ، مالذي يُريده مِنها؟

" انت لا تَعرف شَئ عن ما عانيتهُ ابدًا ، انا فقط احتاجُ ان اعيش كَمثل غيري من الفَتيات ، مُرتاحَة ، اُريد بَيت يَخُصني ، اعيشُ به بأمان دون خَوف ، رُبما لو تَوفرت لي الظُروف المُناسبَة ، ما كنت لارفضك يومًا "

هَمست بِحُزن و هي تُشاهد سقف غُرفتِها بينَما تُلاعِب اطرافِ اصابِعها ، انقلَبت على جانِبها بحذَر كيّ لا تُؤذيها قَدمها ثُمّ حاوَلت الخُلود الي النوم لاخذ قِسط من الراحَة

في الوَقت الذي كانَت فيه ليلان جالسَة فوق سريرِ غُرفتها مع زوجِها الذي يُغيّر مَلابِسه امامَها ، كانَت تتناوَل من البطيخ مُتسائلَة " هل حقًا سمعتهُ يعترف ؟ لا افهم ما السَبب الذي يجعلهُ يُماطل ؟ ان كان يَعرف انها الفتاة التي اختارها قلبه ؟ "

التَفت جيكوب اليها و هو يلبسُ قميصه الاسوَد مُجيبًا " تَفكيرُه من شدّة عاطفيته يَجعلهُ مُغفَل ، انهُ يشعر بتأنيبِ الضمير تجاه ايما بعدَما وَعدها انّهُ لن يُحب غيرِها ، احيانًا يفكر بغيرِه اكثَر من نفسه "

" اول مرة يُصادفني رَجل غير انانيّ ! اعني كُل الرجال يتزوجون بعد وفاة زوجاتهم باسابيع قليلَة ، لكن جُيون ظلّ حزين عَليها عِشرون عامًا ! و فوق انّهُ احَب غيرها ، الي انّهُ ظلّ عازمًا على عدم رَغبته في الزواج..! " نَبست ليلان بينَما تتناول من البطيخ و تُشير على زوجِها الذي يُشاهدها بحاجبٍ مَرفوع

تجاهَل كُلّ كلامِها و قال ساخِرًا " من كِثرَة اكلكِ للبطيخ ، اصبحتِ بطيخَة ! الباب لَن يسعكِ للخُروج ، توقفي عن الأكل "

رَمقتهُ بحدّة و لَم تهتم بِكلامه بل واصَلت تأكُل ثُمّ تابَعت " انت عَليك اجاد حَل ، الفتاة مُصرَة على زواجِها من جيمين ، اقنِعه بالتجاوُز..! "

جَلس جيكوب امامَها يُفكر ، حَدق بِها ثُمّ قال بينَما يهز اكتافه " ليس لي عِلاقَة ، هو صاحِب القرار الأول و الأخير "

" يا ، هل سيُرضيك مُشاهدته و هو يَنهارُ قُبالة عينيك بَعد زواجِها ؟ " شَهقت زوجتهُ مُتحدثَة بينما تَمسح شِفاهها المُبللَة من ماء البطيخ

" لا ، لَكنهُ سيعرفُ حَقيقة شُعوره و يُتخذ قراره المُناسب حينَما يراها تُخطَب رسميًا الي جيمين ، آن ذاك سيكونُ انانيًا تجاه حُبه و لَن يسمَح لهُ بالذهاب الي غَيرِه ، و ان فَعل عكس ذلك ساعترفُ ان هُنالك من هو افشَلُ مني في الحُب " فسّر جيكوب الي ليلان التي اراحَت ظهرِها على مَسند السَرير تُشابك يديها فوق بطنِها المُنتفخ

" مَعك حَق ، عَليه فعلاً ان يختبِر مَشاعرهُ و قوّة صُموده امام الغيرَة يوم خُطوبتها " نَبست صهباء الشَعر قَبل ان تُصفق بحماسٍ مُفاجئ جَعل جسد زوجها ينتفضُ ذُعرًا

ناظَرها عاقدًا لحواجِبه بشدّة يسمعها تنطِق بحماس مُبالغ بِه " ما رأيك ان نُقيم وليمَة لاجلِ ابننا ، نعزمُ بِه جيمين و الوزير و بعض من الاصدِقاء "

" نُقيم وليمة للطفلِ الذي لم يحضُر بعد ؟ هل فقدتِ عقلكِ ؟ " نَطق و هو يبعد ذِراعه عَن قبضة يدِها لَكنها لم تستسلِم لاحباطِه و واصلت تقول " انهم يَفعلون هذا ، دائِمًا في الانترنت اُشاهد حَفلات ترحيبية للطفل قبل مَجيئه "

لَم يتضامَن جيكوب مع الفِكرَة كثيرًا ، لَكن زوجتهُ نَجحت في اقناعه باصرارِها اذ قالَت " سنقومُ بجمعِ سويون مع جيمين امامَ عينيّ جُيون الذي حتمًا سينهارُ من الغيرَة و يفقدُ صَوابه ، علينا ايصالهُ الي اخِره..! "

ظلّ صامِتًا يُفكر بينَما يستمِع الي رغبَة زوجتِه التي ظلّت تُلّح عَليه حتّى وافَق في نهايَة المَطاف و انصاع الي رَغباتِها

•••

عِند الساعَة الخامِسَة عصرًا
جاءَت يونسون لِزيارَة طِفلتها بَعدما نَجحت في الهُروبِ من بيتها سِرًا عن زوجِها المُنشغل في اعمالِه الغير قانونيَة بالطَبع

كانَت تحملُ مَعها حَقيبة سفَر بِها اغراض ابنتِها التي استَقبلت امها بِكُل شوقٍ و حُب بعدما تَلقت توبيخًا صارِمًا من والِدتها على غيابِها المُفاجِئ

جَلست رِفقتها بداخِل غُرفَة النومِ خاصتِها تُفسّر لامها السَبب الذي جَعلها تهرُب من عِند جُيون ، اَخبرتها بِكُل حُزنٍ تَقول " تناقَشت مَعهُ ، و اخبرني انّهُ لن يَتزوجني ، و انتِ اكثر من يَعلم حقيقَة ما عشتُ به ، فكيف تُريدين منّي ان ابقى لديه يا اُمي ؟ "

نَظرت الصُغرى الي وَجه اُمها الشاحِب ، كانت مُصفرّة للغايَة كما لو انّ جسدها خالٍ من الدِماء ، طالَعت يونسون طِفلتها بِحُزنٍ بالغ و قلبها يتقطّع على مُعاناة ابنتِها التي تَحملت اعباءًا لا يَحتملها الاكبر سنًا

احتَضنت وَجهِها بين كَفيها تهمسُ لها بِحُزن " انا اسفَة ، لان اُمك لم تستطِع حمايتكِ ، جلبتكِ حتى تُعاني في هذِه الدُنيا القاسيَة ، لم يَرحمك احد يا صغيرتي " نَطقت بِغصّة بعدما كَشفت دُموعها لابنتِها التي سارعَت في احتِضانها بقوّة مُعترضَة

" انتِ ليس لكِ ذنب يا اُمي ، ليس و كانكِ تعيشين حَياة مثاليَة ، انتِ كَذلك تُعانين " هَمست الصُغرى بينَما تَمسح على شَعر امها الذي تساقَط بين اصابِعها

عَقدت حواجِبها لِتبتعد عن الكُبرى تُناظِرها بِقلق " اُمي هل انتِ مريضَة ؟ مابه وجهكِ شاحِب الي هذا الحَد؟ هل يَمنع عنكِ مارك الأكل ؟ لقد فقدتِ الكثير من الوَزن ..! " سألت الصُغرى و هي تتفقدُ حال امها بِخَوف

ابتَسمت الاكبرُ سنًا بِحنيّة قبل ان تُنفي حتى تُطمئن صغيرتِها بقولِها " انا بخير يا حَبيبتي ، لا تَشغلي بالكِ بي فانا اُجيد تَدبر اُموري جيدًا "

ارادَت سويون الاعتِراض و التَحدُث لَكن اُمها قاطعَتها عبر وَضع اصبعِها فوق شِفاهها تُخاطبها بجديّة " أخبريني ، هل اتخذتِ قراركِ النهائيّ بالزواجِ من جيمين ؟ "

سَكتت الصُغرى تُخفِض عُيونها عن وَجه اُمها بَعد ان انغمَست في افكارِها ، اطلَقت تنهيدَة مُنهكَة قالَت فيها " صَحيح ، قررتُ الزواج منه "

" مُتأكدة انكِ لن تندمي بالأخِر ؟ " مَسكت يونسون يَد صغيرتِها تمسحُ عَليها برفقٍ بالِغ ، ابتَلعت سويون ريقِها ثُمّ اومأت ايجابًا " ساتحملُ عاقبَة قراري مَهما كان "

كوبَت يونسون وَجه طِفلتها تَمسحُ على خَدها بِرفق ، انخَفضت لِتقبيل جَبينها بدفئٍ ثُمّ نَطقت بِهمسٍ مُثقَل " ساُصلي من اجلكِ كما اعتدتُ ان افعل دومًا ، كيّ يُرشدك الاله الي الطَريق الذي نهايتهُ ستكونُ سعادتكِ يا حَبيبتي "

ابتَعدت عَنها ثُمّ انخَفضت حتى تُخرج من تلك الحَقيبة الكَبيرة فُستان ابيَض اخاطتهُ هي بِنفسها ، جَلست بجانِب صغيرتها مُجددًا تعرضهُ عليها مُتحدثَة

" هذا القماش الأبيض ، كان السَبب في اجتماعي مع والدكِ لاولّ مرّة ، اشتريتهُ و كنتُ ساخيطُ به فستان عُرسي ، لَكني خبئتهُ لانهُ يحملُ الكثير من الذكريات التي تُخفف عني ثُقل هذه الأيام "

تَلمست سويون تَفاصيل ذَلك الفُستان الناعِم تَتحسسهُ بابتِسامَة خافِتَة ، اَتمت الاستِماع الي اُمها تُضيف بِلُطف " قمتُ بصنع فُستان بسيط منهُ لكِ ، كيّ تلبسينه يوم خُطوبتكِ ، لانهُ حتمًا سيكونُ مثاليًا عليكِ "

ابتَهجت روح الصُغرى و هي تَتحسسُ شَئ بِه ذكرَى من والديها
ضَمتهُ الي صَدرِها ثُمّ نَبست و الدُموع اغرقَت عينيها

" هل سيعودُ ابي يومًا ما ؟ و يَراني عروس ؟ " نَطقت بغصّة بعدَما شقت دُموعها معابِر وَجنتيها ، اضافَت بصوتٍ مُهتز " اسيقومُ باخذي بيداهُ الي زَوجي و يُوصيه عليّ كما يفعلُ الاباء ؟ ام انّي ساكونُ مكسورة الجَناح بِمُفردي يوم زِفافي كما اعتَدت ان اكون "

تَسربت دُموع يونسون كَذلك و هي تَستمعُ الي الوَجع الماكِث داخل صَوت ابنتها المخنوق ، احتَضنتها اليها تَضغظُ عَليها بقوّة قَبل ان تَهمس لَها بِحُب " سيعود ، انا لديّ امل انّهُ سيفعَل ، و رُبما سيكونُ مَعه مُبرر قويّ يَشفع لهُ على غيابه "

تَمسكت الصُغرى بِثياب اُمها بينَما تبتسمُ بِحُزن ، ظلّت تُحاكيها لفترة من الوَقت و قلبها غَير مُطمئن على حالة الكُبرى الرثّة ، هي مُتأكدة ان والدتها ليسَت بخير ، لَكنها تستمرُ بالانكار ..!

غادَرت يونسون بَعد ان ظلّت ساعَة بجوارِ ابنتها اذ اسرعَت بالرَحيل قبل اكتِشاف زوجِها تَسللِها ، تَركت صغيرتِها تقومُ بِترتيب مَلابسها و اغراضِها داخل تلك الخِزانَة قبل ان تجتمع بجيكوب و زوجتِه ليلاً

جَلست امامَهما بعدَ تناول العَشاء اذ قَدمت لَهُما مَبلغ ماليّ كانت قَد اخذتهُ من حَصالتها التي حَطمتها قبل قَليل

كانَت قد طلبت من اُمها ان تُحضرها لَها حينما خَبئتها في مكانٍ سريّ لا يستطيعُ مارك الوصول اليه ، جَمعت فيها مَبلغ ماليّ تُخبئه طيلَة فترة عملِها اذ ظلّت سنواتٍ تَضعُ فيها من مصروفِها حتى جَمعت قدر لابأس بِه

تظنّ انهُ الوقت المثاليّ للاستعانَة بها

" ماهذا سويون ؟ " تَحدث جيكوب مُستغربًا من المَبلغ الذي وَضعتهُ الصغيرَة امامَه ، نَظر في عَينيها العسليَة ينتظرُ جوابًا مِنها اذ قالَت لهُ و هي تبتسمُ بِلُطف

" هَذا حقّ اقامتي هُنا من اسبوعين "

ما نَبستهُ جَعل كُل من الزَوجين يُحدقان في بَعضهما بتعجّب ، طالَعتها ليلان بعدمِ رضَى مِما قالَت و قبل ان تتحدَث قاطَعتها سويون مُباشرَة

" ارجوكما ، لا اُريد الرَفض..! اعلم ان حالتكما الماديَة مُتيسرَة و انكما لستُما بحاجَة الي هذا المال ، لَكنهُ بالنسبَة اليّ يُزيل عنّي ثقل كَبير ، لا اُحب ان اكون عبئ على أي احَد ، رُغم اني اعلم انكما لا تَروني كَذلك ، لَكن اتمنى ان تَتفهما حَقيقة شُعوري ، انا بالنسبَة اليّ عزَة نَفسي تأتي في المقام الاول "

ما قالتهُ جَعل مَلامح ليلان تَذبُل بِحُزن ، حَدقت في ذلك المال الذي امسَكه جيكوب بين يَداهُ يَتفقدهُ " حسنًا سأخذه "

ضَربتهُ ليلان بِكوعها بقوّة تُوبخه بنظراتِ عُيونها الحادَة
لَم يأبه لها بل طالَع الصغيرَة امامَهُ و نَطق

" لكن اُريدكِ ان تَعرفي انكِ لستِ عبئ ، بل انتِ من ازلتِ عني العبئ لانكِ جعلتيني ارتاحُ من تذمرات زوجتي المُستمرة بالوحدَة ، هي لا تَنسجم مع احَد بسهولَة و تستمرُ بافتعال المشاكَل مع الجَميع لانها لا تَجدُ الشَخص الذي يستوعب شَخصيتها ، لَكنها استطاعَت الاندماج معكِ و احبتكِ ، اصبحتِ بمثابة اُخت صُغرى لَها ، فَكيف للاخت ان تَكون عبئًا على اُختها ؟ "

اومأت ليلان تُوافق زوجِها الرأي حينَما قالَت مُوضحَة " جيكوب مَعهُ حَق ، تَخيلي انّي كنتُ اغرقهُ بالتذمرات دومًا ، و لا يستطيعُ التركيز على عَمله ولا حمايَة الوزير بسببي ، ان قلتِ هذا مُجددًا ساُعيد ازعاجه حتّى يغفل على جُيون الذي قد يتعرض للاغتيال ، هل يُرضيكِ ؟ "

احسّت سويون بالقَلق من نَبرة ليلان الجديّة رُغم انّها لا تتماشَى مع مَلامحها بتاتًا ، اذ طالَعت وجه جيكوب الذي أيد زوجتهُ بالايماء برأسِه

قبل ان تتحدَث سمعت هاتِفه يَرِن ، حَمله من فوق الطاولَة لتقترِب ليلان تحشُر رأسها لِقراءَة اسم المُتصل ، ابتسمت ساخرة لتنطق " اُذكر القط ، يأتي ينُط ..! "

تَحمحم جيكوب قبل ان يُجيب على جُيون المتكئ نافَذة سيارته برأسِه يحتسي من نَبيذه " ماذا هُناك ؟ "

" اين انت ؟ لِما لم تأتي الي القصرِ اليوم ؟ " سألهُ جُيون بعدما اعتَدل في جَلسته يُعطي اهتمامه الذي ذَلك الاتصال كَما لم يَفعل من قَبل

دلّك جَيكوب جَبينهُ يشعُر بنظراتِ سويون ناحيتهُ لَكنهُ لم يكُن يَعرف البتّة عن السُرعة التي كان يَخفقُ فيها قلبها و هي تستمعُ الي صوت الوَزير المُسرّب من سماعَة الهاتف

" كنتُ مشغ.. " قَبل ان يُكمل جيكوب كَلامهُ سَمع جيون يُبادر بالسُؤال " هل القطَة لديك بِخَير ؟ "

" قطَة ؟ " رَفع جيكوب حاجبه مُستنكرًا لِيحدق في سويون التي مَثلت اللامُبالاة و هي تَعبثُ بازرارِ فُستانها ، اتاهُ جواب جُيون الهادِئ " هل تأكل جيدًا ؟ تنامُ جيدًا كَذلك ؟ "

" انها بِخَير " سايرَهُ الاكبر الذي تفحَص هيئة سويون قَبل ان يأتيه صوت جُيون الغاضِب " عليك ارجاعها الي صاحِبها ! اعني ، الا تبحث عن خُصوصيتك يا رَجل ؟ انت مُتزوج و لَديك اشياء تَفعلها مع زوجتك ، و تلك القطَة بريئَة ، لا يُمكنك تشويه براءتها بسُهولَة ! عَيب عليك جيكوب ، عيب كَبير "

رَمش جيكوب مُنذهلاً من انفعالِ جُيون الذي ضَرب المقود بقبضتِه ثُمّ تابَع يقولُ بِحَزم " لِذلك أعِدها ، اعدها الي صاحِبها الذي سيحرصُ على الاعتناء بِبراءتها بعيدًا عَن حياة المُتزوجين تلك "

" صاحبها هو مَن سيجعلها تَعرف المعنى الحَقيقي لحياة المُتزوجين و تَعيشها ، لِذلك انا ساحرصُ على تَخبئتها و الحفاظُ عَليها بعيدًا عن حياة المُتزوجين التي سيمنحها اياها السيد " تَحدث جيكوب يُساير جُيون الذي فقَد عقلهُ من اجابَة الاكبَر

طالَعتهُ سويون باستِغراب ، رُغم سَماعها صَوتُ جيون من الهاتف ألا انّها لم تكُن تستطيعُ فهم كَلامهُ جيدًا

" لا يُمكنك ان تَحرمها من الحَياة التي يَجب ان تَعيشها..! لما انت ظالِم ؟ انت تَعيش مُستمتعًا و هي لا؟ ألا تملك رأفة في قلبك ؟ " نَبس الوزير بجديّة يُخاطب مُساعده الذي اجاب بِكُل برودٍ قائِلاً " لا "

لَكم جُيون المقود مُنفعلاً ثُمّ نَزل من سيارتِه مُتحدثًا " انزل هيّا ، انا تحت منزِلك ، و يُفضّل ان تَجلب مَعك القطَة كيّ تتمشَى قليلاً "

دَحرج جيكوب عَيناهُ بضجَر ثُمّ قام باغلاقِ الهاتف في وَجه جيون قبل ان يَستقيم من مَجلِسه ، حَدقت ليلان به بانزعاج اذ قالَت " لا تَقُل لي انهُ كَلفك بمهمة مُجددًا "

نَفى مُساعد الوَزير برأسِه ثُمّ تَوجه نحو الخارِج يلبسُ سترته كيّ يُغادر و يَرى خَطب جُيون بالاسفَل ، طالَعت ليلان الصُغرى اذ ابتَسمت متحدثَة " ما رأيك ان نًعد بعض الكعك بالشوكولاتة ؟ "

لم تُمانع سويون البتّة ، بَل رَحبت بالفكرَة بِصدرٍ رَحب و استقامَت تُسايرها الي المَطبخ لاعدادِ الكَعكة في الوَقت الذي نَزل فيه جيكوب لرؤية الوَزير

" لِما لم تَجلبها مَعك ؟ " سأل جُيون بحاجبٍ مَرفوع يجد مُساعده يُجيب بسُخريَة " تُريدها ان تتمشَى بقدمها المُلتويَة ؟ "

" من قال انها سَتتمشى ؟ ساقومُ بحملها " وَجد جُيون عُذرًا مُناسبًا لِمن طالَعهُ بِجُمودٍ قبل ان يَقولُ بهدوء " هل ستبقَى تتلاعبُ بمشاعِرها ؟ "

" انت لا تَفرق شيئًا عن الذي يَتلاعب بالفتياتِ و يغرقهنّ بالحُب و غايته ليست الزواج منهنّ ! تصرفاتك هذِه تجعلك مِثلهم "

ناظَرهُ جُيون مُنفعلاً اذ سارَع بالدِفاع عن نَفسِه قائِلاً " انت تَعرِف انّي لستُ اتلاعب بها ، لما هَذا الكلام الجارِح الان ..؟ "

" اعرِف ، لكنها لا تَعرِف ..! عليك ايجاد رابطَة تجعل عِلاقتك بها منطقيَة و هي بالفعل رَفضت ان تكون مُجرَد عشيقَة " نَطق جيكوب مُوبِخًا مَن اتكَئ على سيارتِه مُتنهِدًا بِثقل ، اخَفض الوزير رأسهُ يَحتسي اخر ما تَبقى من كأس خَمره قَبل ان ينطِق بِضياع " اشعُر اني تائِه ، احتاجُ ان اختبر مَشاعري اكثَر ، اذ قَد لا تكونُ فعلاً احاسيسُ حُب ، قد اكونُ فقط اعتدتُ على وجودِها و ان تَزوجتها ساظلِمُها مَعي "

نَظر بِعينيّ مُساعده الذي سألهُ دون مُقدمات " هل تَشتهيها؟ "

استَغرب جُيون سُؤاله و استَبعد تمامًا المقصد الذي فَهمه لذلك قال مُستغربًا " ماذا تقصِد ؟ "

حَملق بداخل عينيّ الاكبَر الذي قال بجديّة لا تعرِف طريقها للمُزاح " انت تَعرف ما اقصدُ جيدًا ..! "

سَكت جُيون لِبُرهَة يُحدِق في الفَراغ بِصَمتٍ ثُمّ اجاب مُحتارًا " لَم يسبِق و ان فكرتُ بها على ذلك النَحو ..! اعنّي ، كُل ما اشعُر به ناحيتِها هي مَشاعر بريئَة مليئَة بالحُب ! فقط احيانًا تنتابُني رَغبات بِتقبيلها ، لكنّي لم اتعمق بتلك الرغباتِ التي قد تُشوه براءة مشاعِرنا بلا شَك "

" انت غَريب! لا افهم طبيعَة تفكيرك التي لا تُشبهنا نحن الرِجال ، غالبًا الرجُل حينما يُحب يُصبح يُريد الفتاة التي يُحب بتلك الطريقَة..! " نَطق جيكوب مُوضِحًا لِمن تَذكر مَلامح صبيتِه و ابتَسم بِخُفوت

" كلاّ ، انا اُحبها ، و اُحب كُلّ مابِها ، خَجلها و حياءِها المُبالغ به يَجعلني اخافُ ان اتجاوز حُدودي مَعها حتى في خَيالي ، لانّي اعلم انّها ستخافُ و تَنفر ان علِمت ، لِذلك انا اُجيد ضَبط نفسي جيدًا "

تدارَك مَوقفهُ ثُمّ عقد حواجبه بسرعَة يَنظُر الي مُساعده بغضَب ، اسرَع بضربِه على مؤخرَة رأسه يُوبخه " ثُمّ انت كَيف تجرؤ على جَعلي اُفكر بها بذلك النَحو اساسًا ؟ كيف تُريد منّي تشويه برائتِها..! "

ناظَرهُ جيكوب بسُخريَة ثُمّ نَطق مُستهزِئًا " اجل و انجبا الاطفال عَبر امازون "

طالَعهُ جُيون بتعجّب ثُمّ قال مُستفهمًا " هل يَبيعون الاطفال عبر الانترنت ؟ "

مَسح جيكوب عَلى وَجهه بقلّة صَبر لِيردف مُتنهدًا " انا برأيي ان تُعيد الخُضوع لاختبارِ الذكاء ، اشك انّهُ انعدَم كُليًا بسبب ما مَررت به "

" دَعنا من هَذا كُلّه ، دَعني اصعَد و أراها " نَبس جُيون و هو يَسيرُ نحو مَدخل البنايَة التي يَقطُن فيها مُساعده ، امسَكهُ جيكوب من ذراعه يُرجعه للوقوفِ امامه مُتحدثًا " لا ، دَعها تستريحُ انت شَتتها بِما فيه الكفايَة اليوم ، الفتاة امتحاناتها على الأبواب دَعها تدرُس "

احتّل اليأس مَلامح جُيون الذي وَجد مُساعده يقوده الي سيارتِه و يُركبه رُغمًا عنهُ في كُرسيه الخلفيّ ، صَعد هو مَكان السائِق كيّ يُعيده الي قصرِه مُتجاهِلاً تَذمُراتِه العَديدَة

•••

تُشير الساعَة الي مُنتصف الليل
الوَقت الذي كانَت فيه عَسلية الأعيُن تجلِس فوق فِراشها تُذاكِر بينما تَقومُ بِتَناول جُزء من الكَعكة التي اعدَتها مع ليلان ، وَجهت عينيها الي باب الغُرفة ما ان دَخلت الكُبرى و هي تَحملُ بين يَديها مجموعَة قُمصان نَوم

رَمشت الصُغرى مُستغربَة من التي استَقرت امامَها تَفرِد تلك القُمصانِ المختلفَة امامِها " اختاري مَعي قميص نوم يُناسبني و لا يُظهرني بدينَة "

تعجَبت سويون مِنها ثُمّ نَطقت مُستغرِبَة " لِما عليّ ان اختار لكِ ؟ هل لديكِ اُمسيَة مُميزَة او ماشابَه ..؟ " حَدقت في عينيّ الكُبرى التي اومأت مُبتسمَة بعدَما استَقرت امامَها مُجيبَة " ليلَة الغَد تُصادِف تاريخ التقاءنا الأول انا و جَيكوب لِذلك ، انا اُجهز لامسيَة رومنسيَة يتشارَكها معنا طِفلنا "

قامَت بالتَربيتِ على بَطنِها المُنتفخ تَرى مَلامِح سويون القلِقَة و هي تُناظرِها بِصَمت ، اسرَعت تقولُ مُوضحَة " لا تَخافي ، نحنُ لن نبقى في المنزل و نُزعجكِ ، لقد حجزتُ في مُنتجع "

قَطبت سويون حواجِبها بخفّة تُحدِق في الكُبرى التي عاوَدت تسأل بِريبَة " هل سَتخافين مِن البقاء بِمُفردكِ في البيت ؟ "

تَوترت الصُغرى و لَم تستطِع اجابتِها
هي فعلاً تَخافُ البقاء بِمُفردها ، لَكنها لن تكون انانيَة باجبارِها على تَفويت اُمسيَة مميزة مع زوجِها بِسببها لذلك حَركت رأسها نَفيًا تعترِض

" لابأس حقًا ، استطيعُ البقاء بِمُفردي لذلك لا تَخافي و استمتعي بوقتكِ "

ابتَهج وجه ليلان التي صَفقت بحماسٍ بالِغ ثُمّ قالَت و هي تَنتقي احدَى تلك القُمصان الكاشفَة " اُنظري ، قبل ان اذهَب انا احتاجُ مُساعدتكِ "

ناظَرتها الصُغرى باستِفهام تَجدها مُترددة في طَرح طلبها لذلك قالَت مُستغربَة " لما انتِ مُترددَة ؟ دامهُ شئ مَقدور عَليه سافعلهُ من اجلِك "

" لا اعلم ، رُبما قد اُضايقكِ او ماشابَه " هَتفت ليلان بِتوتر تُطالع اعيُن الصُغرَى التي استَمعت بِحرص اليها حينَما ادلَت الكُبرى بِطلبها " اُنظري ، انتِ تعرفين ضَرتي! مُفسد اللحظات الرومنسيَة ، قد وكّل جيكوب بِمُهمَة بالغَد رُغم انهُ يعلم بالذكرى خاصتنا "

" لِما جيكوب لا يرفُض ؟ " سألت الصُغرى بحاجبٍ مَرفوع تُطالع من تَنهدت باحباطٍ قائِلَة " انتِ لا تَعرفين الوزير و إلحاحه ..! "

تَحمحمَت سويون قَبل ان تعتدِل في جَلستِها مُتحدثَة بِحَذر " و ما المطلوب منّي ..؟ " حَدقت في عينيّ الكُبرى التي قالَت بِهمس " اُريدكِ ان تُلهيه عنّا ، ارجوكِ ..! دَعيه ينشغِل عن جيكوب قليلاً ، فقط حتّى تمر ليلة الغَد بِسلام "

ناظَرتها الصُغرى بِقلق اذ سُرعان ما قالَت باندِفاع " كَيف ساقومُ بالهاءِه انا ؟ تَعرفين انّ علاقتي به مُضطربَة مُؤخرًا "

احسّت الصُغرى بالتوتر حينَما قالَت ليلان مُقترحَة " اخبريه ان يأتي الي البَيت هُنا ، اختلقِ حُجّة منطقية و حينَما يأتي ، اقنعيه بالبقاء "

انقَبضت مَعدة الصُغرى بِمُجرَد أن تَخيلت جُيون يُشاركها هذه الشِقَة الصغيرَة مُقارنَة بِقصره الضَخم ، اصبَح امرُ البقاء مَعهُ لوحدهما مُختلفًا بَعد الافصاحِ عن مشاعِرهما مُؤخرًا

تسارَع نَبضُ قلبِها بِصخَب لِتبتلع ريقِها مُجيبَة بِقلق " كلاّ ، لا استطيعُ احضارَهُ الي هُنا ، انا بِمُفردي مابكِ ؟ " توترَت من نَظرات ليلان المليئَة بالشَك حينما سألتها بِخُبث " لما ؟ هل تَخافين من اتباعِ مشاعرك ان كان هُنا ؟ "

نَفت سويون بِقوّة قبل ان تُراقب علامات الاحباط تَرتسم على وَجه مَن استَقامت تحملُ قمصان نَومِها بحُزن " حسنًا ، لابدّ ان ليلتنا المميزَة ستذهبُ هباءًا بسببِ ضرتي اللعين "

ارادَت اللعب على عاطفَة الصُغرى التي احسَت بتأنيبِ الضَمير و هي تُراقِب ليلان تُغادر الحُجرَة ، تَركتها تُفكر بِمُفردها حينما اوصدت عليها الباب بعد ان نَطقت " فكري جيدًا ، ان كنتِ تُريدين مُساعدتي و في الصباح اعطيني اجابتكِ كيّ اتجهَز ام اُلغي كل شَئ "

عَبست الصُغرى التي اراحَت ظهرِها على مَسندِ سريرِها تَقومُ بِوضع يدها فوق قلبِها الصاخِب بِهَلع " مابي اكادُ اصاب بالجُنون لِمُجرد تَخيله سيقضي ليلَة هُنا بٍمُفردنا ؟ الهي..! " هَمست تُهدأ من روعِها

ابتَلعت ريقِها بِقلق و قَبل ان تُواصل دراستِها حَدقت في جيكوب الذي دَخل الي غُرفتها و بين يداهُ عُلبة مُغلفَة ، استَغربت قُدومه هو الأخَر و خمنت انّهُ قد جاء لاقناعِها بِالهاء جيون عَنه

لَكن حالما قَدم لها تلك العلبة بعد جُلوسه قربها جَعلها تُنفي تلك الفكرَة كُليًا ، ناظرتهُ باستِغراب بعد ان مَسكتها " ماهذا ؟ "

نَظرت في عيناهُ تَجده يُشير لَها بعيناهُ ان تَفتح مابين يديها ،  قامَت بازالة ذلك الغلاف الزهريّ حتى اتضَح لها عُلبة هاتِف حديث

وَسعت عُيونِها و ارادَت الرَفض بتقديمِ الهاتف اليه لَكنهُ نهرها بِقوله " انتِ اخترتِ اعطائي المال و اجبرتيني اُوافق ..! لَكنكِ لن تُجبريني على عَدم شراء هدية لكِ به ، دامني اخذتهُ فهو مُلكي ، و انا حُر في شراء ما اردتُ بمالي ، اضافَة الي ان الهدية لا تُرَد و سيكونُ من عدمِ الاحترام ان ارجعتيها "

ناظَرتهُ بِحُزن ثُمّ طالَعت ذلك الهاتِف مُتحدثَة " لكنّي اعطيتك المال حتّى اُسدد اجر اقامتي هُنا ، ليس لكيّ تشتري بِه شئ لي ..! "

" هل تَرين اني بحاجَة الي هذا المال كيّ اخذه منكِ ؟ هل من المُنصف اساسًا ان اخذ منكِ مبلغ ماليّ و انتِ اكثر من يحتاجه ؟ لا مانع لديّ ان تردي لي الدَين ، لكن لَيس قبل ان تُصبحي مليارديرة كما تَحلُمين ، آن ذاك ساكونُ طماعًا " نَطق بينَما يُطبطب على كَتف من امتلئت اعيُنها بالدُموع امتنانًا

طالعتهُ بِامتنان ثُمّ نَظرت الي عُلبة الهاتف بِحُزن ، سَمِعتهُ يُضيف و هو يَستقيم من جانِبها " انتِ بحاجته لاجلِ دراستكِ و حتّى تتواصلين مع اصدقائِك ، دامهُ بمالكِ فلستِ بحاجَة لاعادته لايّ احَد كما فعلتِ مع هاتف الوزير ، لِذلك استعمليه بِحرص و حافظي عَليه "

ابتسمَت لهُ و هي تَمسحُ دُموعها بِكم قميصِها ، شَكرتهُ قائِلَة " اشكرُك حقًا ، ساُجيد استِعماله ، شكرًا لك مُجددًا "

طبطبَ على رأسِها بِلُطف ثُمّ غادر يَترُكها مُبتهَجة خلفهُ ، فَتحت ذلك الهاتِف من احدَى اصدارات سامسونج تقومُ بِتصفحهِ بسعادَة

اصبَح لديها هاتِف بِمالها هي اخيرًا و تَعبها..!
لن يُشعرها استِعماله بالعبئ بتاتًا

اوصَلتهُ بالانترنت ثُمّ واحَت تُحمل بعض التَطبيقاتِ عَليه
تفقَدت ارقامِ الهواتِف فوَجدت خاصَة الوزير مُسجّل
لابد ان جيكوب من دَونهُ لديها بلا شَك

دَخلت على تطبيق الواتساب تَرى الصُورة التي يَضعها اذ راحَت تتأمَلهُ بِحُزن ، كَيف لهُ ان يَكون بِكُل هذا الجَمالِ و التكامُل..؟

وَسيم للحَد الذي يَجعل عُيونِها تَغرقُ بالدُموع
لِكونها لا تَستطيعُ الحُصول عَليه..!

فِكرَة انها سَتتزوجُ غَيرهُ ، رُغم انّه اكثر حلٍ منطقيّ
لَكِنها فكرَة تَجعلُ قلبها يتقَطع بِخناجر الفُراق

مَسحت على صورتِه باصبعِها تتذكَر لمساتِه لِخصرها صباحًا
كَيف أدمنتهُ بكل هذه السُرعَة ..!
تأثيرُ الحنيّة مُخيف على البشريّ بلا شَك

استَطاع ان يأخذ مَكانتهُ في قلبِها بِكُل ذلك الوِسع والضخامَة فقط باستِخدام حِنيته المُفرطَة و اهتِمامه المُبالغ بِه

جَففت دُموعِها باطرافِ اصابِعها تَمنع نفسها من الاتصالِ به و سَماع صَوتِه الذي قد يُجبرها على العَودة اليه طَوعًا ، دون شُعورٍ قَد تجدُ نفسها امام عُتبة ديارِه ارضاءًا للشوقِ العارم داخِلها

زَفرت انفاسِها بِثقل ، اغمَضت جُفونِها و سَمحت للنومِ باحتضانِ عُيونها
نامَت و هي تحتضنُ صورته الي صَدرِها ، لعلّهُ يزورها في الحُلم

•••

اليَومُ المُوالي

تغاضَت سويون عن الذهابِ الي الجامعَة في الصَباح لِكون قَدمها لا تُساعدها للحراك لذلك نَقلت مُحاضراتها على الانترنت بِمُساعدَة حاسوبِ ليلان

فَطِرت رفقَة جيكوب و زوجتِه و ما او غادَر مُساعد الوَزير الي عَمله حتّى قامَت ليلان بِسُؤال الصُغرى قائِلَة " ماذا حَدث بشأن طلبي ؟ "

طالَعت عينيّ الصُغرى التي تَنهدت بعدَما غاصَت في عُمق افكارِها مُجددًا ، استَغرقت وقتًا حتى تُجيب ثُمّ ختامًا قالَت بقلّة حيلَة " ساُساعدكِ بالتأكيد "

تبسم وَجه ليلان باشراق فاسرعَت لاحتضانِ الصُغرى و شُكرِها بسعادَة ، طَبطبت على ذِراعها ثُمّ قالت بِفرَح " حسنًا ، ساعتمدُ عليكِ في مُساعدتي لانتقاء ملابسي و كَذلك تعليمي كيف اضع مُستحضرات التَجميل ، انا لستُ بارعَة بها كِفايَة "

ابتَسمت سويون على سَعادتها ثُمّ اومأت ايجابًا تُتم تَناول طعامها بِشُرود

بذات الوقتِ كان جُيون قَد ركِب سيارتِه حتّى يَتجه الي عَملِه بعدَما تناول فُطورَه مع ابنتِه التي غادَرت الي جامِعتها باكِرًا

كان يَتفقد جُدوله على جِهازه اللوحيّ و حينَما وَجد نَفسه مُتفرغًا مساءًا قال يُخاطب مُساعده " جيكوب دَعنا نخرُج معًا الليلة لاحتساءِ الشراب "

تعجَب من رَفض جيكوب الذي كان يقودُ بِتركيز " كلاّ "

طالَعهُ جُيون مُستنكِرًا اذ قال بِحاجبٍ مَرفوع " لِما حَضرتك ترفُض ؟ "

" لانهُ لديّ اُمسية مُميزَة مع زوجتي " اجاب مُساعده بينَما يُناظره عبر المِرآه يُشاهد تعابير جُيون التي انقلَبت كُليًا ، اَغلق جهازه اللوحيّ ثُمّ قال موبخًا " هذا ما كنتُ اتحدَثُ عنهُ ليلَة البارحَة ، لما تُقحمان تلك الصَغيرة بينكُما ؟ "

" لا تَخف نحنُ لن نفعل شئ في حُضورها ، لقد حَجزنا في مُنتجع بالفعل " نَطق جيكوب بينَما يَدفع حاجِبه بِمُكر يتفقَد وجه الوزير الذي سأل بفضول " هل سَتذهبانِ الي المُنتجع و تَتركان الصغيرَة لوحدها؟ ماهذه الانانيَة ! "

" كلاّ لن تبقَى لوحدها ، سيأتي جيمين لِمُشاركتها الليلَة ، سيبيتُ معها " هَتف الرَجُل بِخُبث يُراقب مَن جفت الدماءُ في عروقِه مِما سَمِع

تصاعَدت الحَرارة الي اعلَى جَسدِه حتّى اصبَح يفتحُ زرّ قميصه الاول مُتحدِثًا باستِنكارٍ واضِح " لِما جيمين يُشاركها الليلة لا افهَم ؟ بِصفته من ! "

" خَطيبها " أجاب جيكوب بِبساطَة جَعلت الاصغر يَقبضُ على يَداهُ قويًا قبل ان يَخبِط كرسيّ السيارَة بجانبه بها مُتحدثًا بانفعال " و انت هَل ترضَى ان تَشيع الفاحشَة في بَيتك ؟ "

" اي فاحشَة ؟ انها ستكونُ زوجته ، لابأس ان استمتعا قليلاً قبل الزَواج " هَتف الاكبر بينَما يبتسمُ بِمُكر على غيرَة جُيون التي نَهشت دواخله دون رَحمة

تَعرّق جَبينهُ و النيران احرَقت كُلّ مابِه كُلّما تَخيل جيمين بِجوارِ صبيتهُ ينامُ فوق فراشِها النَقيّ ذاك ..!

اسرع يُنفي برأسه قَبل ان يَصرُخ بشكلٍ جَعل جيكوب ينتفِض " كلااا "

واصَل جيكوب القيادَة بينما يُطئطئ برأسه بِقلَة حيلَة
يعرِفُ ان جُيون قد غاص في افكاره التي دون شَك ، ليسَ لها حَل

•••

الساعَة تجاوَزت السادسَة مساءًا
كانَت سويون بِجوارِ ليلان تُساعدها على تَوضيبِ ملابِسها و مُنتجاتِها في حَقيبة سفرٍ صغيرَة تَسعها و تَسع ثياب زوجِها البَسيطَة

وَضبت لَها بعض من قُمصان النومِ ذات الالوان الاساسيَة
مَع بيجاما مُريحَة و احذيَة مُناسبَة تتماشَى مع لِباسها

حَدقت سويون في الكُبرى و هي تَحملُ زُجاجتين من العطر مُتحدثَة " اُنظري ، حينما تَتزوجين عليكِ الأخذُ بهذه القاعدَة جيدًا ، لحياة زوجيَة سعيدَة "

نَظرت اليها الصغيرَة باهتِمام تَسمعها تنطِقُ بِحرص " دائِمًا عليكِ استخدام زُجاجتين للعطر ، الأولَى تكونُ خاصتكِ اليوميَة التي تَستعملينِها في الدوام او سائِر الايام ، امّا الثانية فتلك تَكون خاصَة بكِ و بزوجكِ فقط "

راقَبتها سويون و هي تُخبِئ تلك العُطور داخِل الحَقيبة اذ تابَعت تُفسر حينَما وَجدت مَلامح الاستغراب تستقّر على وَجه الصُغرَى

" بِمعنى انّها تكونُ خاصَة فقط باللحظات الحميميَة بينكُما ..!
كُلما يطلبكِ زوجكِ الي الفراش ضَعي من هَذا العِطر
اذ سيُسهل عليكِ لاحقًا حينما تُريدينه انتِ
ليس عليكِ ان تطلبيه ، فقط ضعي هذا العِطر
تلقائيًا سيفهمُ رغبتكِ به لانّ تلك الرائحة تحديدًا
تَجعلهُ يتذكر لحظاتكما سويًا ، هل فهمتِ ؟ "

راقَبت وَجه الصُغرى الذي تَصبغ كُله باللونِ الاحمَر من حَديثها الذي اعتَبرتهُ سويون جَريئًا ، ضَحكت ليلان على خَجلِها لِتقوم بِجذب وَجنتها مُتحدثَة " الهي كَيف سَتتزوجين انتِ بهذا الخجلِ كُله؟ انهُ زوجكِ يافتاة مابكِ ..! "

ابعَدت سويون يدِها بِعُبوس تَسمعها تُضيف بجديّة " ضَعي في حذركِ ان الرَجُل لا يُحب المراة الخجولَة معهُ "

" كلاّ ، ساتزوجُ رَجُل يُحب خَجلي " اجابَت الصُغرى باندِفاع ثُمّ سُرعان ما اخَفضت عَينيها الي الارضِ تُناظر ارضيَة الحُجرَة بِحُزن " لحظَة ادراكٍ انّي لم اعُد استطيعُ الاختيار ، دام زواجي مَحسوم "

طَبطبت ليلان على رأسِها بِلُطف ثُمّ قالَت " لا تَخافي ، لازال لديكِ الوقت قبل زواجكِ ، رُبما تَنقلبُ كُل المَوازين و تُصبح نهاية القصَة لصالِح قلبكِ "

نَظرت سويون اليها بِحُزن تَسمع الكُبرى تُضيفُ بعدَما احتَضنت وَجنتيها برقّة " صَدقيني دامهُ يحبكِ ، لن يَسمح ان تَكوني لِغيره ، انها مَسألة وقتٍ فَحسب "

تَنهدت الاصغر سِنًا بِيأس اذ نَبست و هي تُدحرج عُيونِها للنحوِ الأخَر " لا اُريد ان اتأمل باطِلاً ، ثمّ استَيقط صباحًا لاجد رَجُل غيره بِجواري ، دَعيني اقتنع بفكرة زواجي من غَيره كيّ ان حَدث لا انكسرُ مَرتين "

عاتَبتها الكُبرى بينَما توكِز كَتفها قائِلَة " ما كُل هذا التشاؤم سويون ..! عليكِ ان تَثقي بِحبه لكِ ، دامهُ اخذ الخُطوة الاولَى في الاعتِراف ، صَدقيني لن يَحتمل رؤيتكِ مع غَيره ، انا واثقَة "

قامَت بالتَربيت على بطنِها المُنتفخ ثُمَ اضافت بِحماسٍ " غدًا ستأتين اليّ ، بطنكِ تسبقُ بطني و انتِ حامل بِطفله ..! انا مُتأكدَة "

ابتَسمت سويون لِوهلَة حبنَما تَخيلت نَفسها حامل بِطفل الوَزير لَكنها سُرعان ما شَهقت تَضع يديها فوق شَفتيها مُعترضَة " كلاّ ..! "

حَدقت ليلان بِها باستِغراب اذ نَطقت مُستفسرَة " مابكِ ؟ "

" ألا تَعرفين كَيف يتمُ صناعَة طفل؟ عيب! ذَلك عيب كَبير لا يُمكنك التفكيرِ بذلك حتّى ! لا تتخيليني معهُ " نَطقت سويون بينَما تُوسع عَينيها بصدمَة

رَمشت ليلان بِعدم فَهم ثُمّ قالَت باستِنكار " اجل لا افهم ؟ و حينَما تتزوجان مالذي سَتفعلانه مَثلاً ؟ تلعبانِ الغُميضَة ؟ "

احمَرت وَجنتا الصُغرى و هي تُناظِر يديها بِخَجل " هِمم ، لَدينا الكَثير من الامورِ نَفعلها ، نُمسك بايدي بَعضنا البَعض ، ننامُ في حُضن بَعض..! نتمشَى و انا اتمسكُ بذراعه ، نرقصُ سويًا ، نَطبخُ معًا ، هُنالك الكثير من الفعاليات الجَميلة التي نَستطيعُ فعلها "

ناظَرتها ليلان بِوجهٍ فارِغ قَبل ان تنطِق بجديَة " ان كنتِ تطمعين الي هذه الحياة رِفقته لِما اذًا تَرغبين بالزواج منه ؟ اذهبي للعَيش كابنتِه و افعلا كُل هذه النشاطاتِ بدلاً ! "

عَبست الصُغرى و هي تُناظِرها بانزعاجٍ طَفيف " الزواجُ لا يَقتصرُ فقط على تلك الامور العَيب ..! "

" صَحيح ، لَكن الامور التي تُسميها حضرتكِ العَيب هي من تُساهم في بناء علاقَة وطيدَة بينكُما و تَجعلكما واحِد ، الزواج تُشاركيّ ، تتشاركان فيه كُل شَئ حتى الجَسد و الرُوح ..! لا تُفكري بهذه الطريقَة و تَحرمين نفسكِ و زوجكِ من هذه المُتعة التي عبرها سَتنجبانِ الاطفال " نَطقت ليلان تُوضح للصغرَى وجهَة نظرِها و هي تَطوي المناشِف كيّ تخبئها

سَمِعت سويون تُتمتم بصوتٍ خافِت " لا اظنّ انها مُمتعَة "

انحرجَت الاصغر بمجرَد ان سَمِعتها ليلان و اجابَتها بسُخريَة " لو لَم تكُن مُمتعَة ما كان الناسُ يَدفعون مبالغ طائلَة للحُصولِ عَليها ، ألا تَرين الملاهي الليليَة و الحانات و فنادق الدعارَة ؟ لِما هي كاثرَة برأيك؟ لِلعب الشطرنَج ! ثُمّ ان اُتيحَت لكِ فرصَة الزواج من الوَزير الجَميع سيحسدكِ على لياليكِ الكثيرَة معهُ ، الفتيات مهووسات بِه و بجسدِه المثاليّ الذي حَضرتكِ تودين فقط الاستفادَة من صَدره كالنومِ عليه "

مَسحت الصُغرى على وَجهِها المُحمَر تودّ تجاوز ذَلك الموضوع الذي سَبب لها حرجًا شَديدًا ، سارعَت بالتحدُث قائِلَة " يَكفي ارجوكِ انا اخجَل "

" سَنرى الي مَتى سَتظلين على خَجلكِ هذا " تمتمَت الكُبرى و هي تسيرِ نحو الخارِج حتى تَفتح الباب الذي قُرع للتَو ، ظَهرت لها هيئَة ابنَة الوزيرِ مع والِدها اذ استَغربت قُدوم ايڤا بِمثل هذا الوَقت

حَدقت في وَجه جُيون المُتجهّم ثُمّ طالَعت ايڤا التي نَطقت مُبتسمَة " مرحبًا ليلي ، اتيتُ انا و أبي حتَى نطمئن على يون يون "

ابتسَمت ليلان بِلُطف ثُمّ افسَحت لها المَجال بالدُخول و هي تَتبع جُيون بِعينيها " لا اُصدق حتى في مَنزلي ضرتي يَتبعني ! "

رَمقها جُيون بِسخَط ثُمّ تَحمحم يَضع يداهُ في جُيوب بنطاله و هو يَسيرُ الي الداخِل بِهَيبته المُعتادَة ، بَحث بِعيناهُ عن صبيته التي كانَت تُغلق حَقيبة السفر في غُرفة مساعده و زوجتِه

" اين سويوني ؟ " سألت ايڤا و هي تَحملُ باقة من الورَدِ مع عُلبة شوكولاتة من النَوعِ الذي تُحبه الصبيَة التي خَرجت بعكازِها اليهِم قبل اجابَة ليلان

" ايڤا اتيتِ ..! " نَبست سويون مُبتسمَة تَرى الصُغرى تُهرول نَحوها لِمُعانقتِها ، مَسحت عليها بلُطفٍ ثمّ قالَت " هل انتِ بخير ؟ قلقتُ عليكِ كَثيرًا "

اومأت سويون مُبتسمَة ثُمّ وَجهت بَصرِها الي جُيون الذي جَلس فوق الاريكَة يُشاهِد تفاصيل تِلك الشقَة مُمثلاً عَدم اهتمامه بِها

تَطرقت تلك الافكارُ المُخلّة الي ذِهنها اذ لِتوها كانَت تتناقشُ مع ليلان بِها لذلك تَسرب اللون الزهريّ لِتغطيَة مَلامح وَجهها الخَجولَة سريعًا

" يون يون انا احادثكِ ! " وَكزت الصُغرى كَتف صديقتِها التي تَحمحمَت بحرج تُبعد تِلك الافكار المُشينَة ، نَظرت في عينيّ ايڤا تُهمهم لَها قائِلَة " انا بخير ، ماذا عنكِ ؟ "

" انا ايضًا ، تعالي اجلسي " سَحبتها للجُلوسِ قُرب والِدها الذي وَجه اعيُنه الي من تَجلِس بجوارِها يروي عَطش شَوقه اليها بالتَحديق بِها بِكُل ذلك العُمق

لَفت رأسِها نَحوه تُناظِره بينَما تعتصرُ اطراف فُستانها الذي يصلُ الي رُكبتيها ، حَدقت في عَيناهُ تَتذكر اعترافَهُ و نَظرة الحُب داخل كُحليتاه

تَجتاحها لَهفَة قويّة للدُخولِ في حُضنه و مُعانقتِه عناق أبديّ
لا فُراق بَعدهُ البتّة

" سَمِعتُ انكما سَتذهبان الي المُنتجع " تَحدثت ايڤا و هي تُخاطب ليلان و زوجِها الذان حَركا رأسهما ايجابًا بابتِسامَة ، حماسُها الذي خَرج عبر كَلامها جَعل وَجه الصهباء يَتجهّم بقوّة حينَما قالَت " لِهذا ساقومُ انا بالمَبيت لدى سويوني الليلَة كيّ لا تبقّى بِمُفردها "

" ماذا ؟ " صَرخت ليلان بانفِعال لِتنتفض ايڤا بفَزع ، صَرختها جَعلت سويون تَستفيقُ كيّ تَقطع تواصلها البصريّ مَع الوزير لِتركز على ما يَحدث حَولهما

" ماذا ؟ " نَبست ايڤا باستِغراب تُراقب وَجه ليلان التي نَفت بيديها و رأسِها تعترضُ امر بقاءِها " كلاّ ايڤا حَبيبتي ، انتِ لا يُمكنك البقاء "

" لِما لا ؟ " سألت سويون بِلُطف تتفحصُ وَجه صديقتِها التي جَلست بجانبها على النحوِ الأخَر ، مَسكت بيدِها تَمسحُ عليها قبل سَماع اجابَة ليلان الهادِئَة و هي تَقول بعد البَحث عن عُذرٍ مُقنع " في الواقِع ، جيمين سيأتي للمَبيت هُنا مَعها ، لذلك من غَير اللائِق اقحامُ نفسك بين شابين سيتزوجانِ قريبًا "

خَتمت كَلامها بِغمزَة جَعلت ايڤا تبتسمُ خِفيَة على عكسِ والِدها الذي تفحمّ دواخله من كثرَة حَريق الغيرَة الذي اصابهُ منذ الصُباح

اعترَض يقولُ ناهِيًا بحدّة " كلاّ ، لا يَجوز ان ينام جيمين هُنا و الفتاةُ بِمُفردها ، انا لَن اسمَح بذلك "

لَفت سويون رأسِها اليه و لانّها تُريد استفزازَهُ سألتهُ بحاجبٍ مَرفوع " و لما حَضرتك لَن تسمَح ؟ "

استَقطبت اهتمام اعيُنه التي اعطَتها نَصيبُها الكامل من نَظراتها الغاضبَة و هو يُطالعها بغيرَة تكادُ تُفجّر عُروق رَقبته " لانكِ ، تَخُصيني ..! "

لَم تَتوقع الصُغرى جَوابه البتّة ، خُصوصًا في مَجمع يضمّ ابنتِه التي فَغرت فاهِها مُندهشَة من ردّ أبيها ، انتَفض قلبُ سويون بقوّة يَخفقُ بِسُرعَة كَبحت مجرى تنفسها السَليم

وَكزت ليلان خَصر زوجِها تبتسمُ بِحماسٍ على جواب الوَزير الذي قيّد لسان صبيتِه و اعجَزها عن الرَد ، احسَت بالحَرج خُصوصًا من وجودِ ابنتِه التي حَدقت في والِدها مُستغربَة تَصرفاته الغريبَة مؤخرًا تجاه صَديقتها..!

كان يَمتلكُ نَحوها تَملّك رَهيب ، اذ قالَت هي مُتحدثَة " صَحيح ابي انك تخاف على سويون كَما تخافُ عليّ ، لَكنك تعرِف ان جيمين يُحبها ، و انّهُ مناسب اليها ، لذلك هو لن يُؤذيها "

كَلامها اغضَب جُيون اكثَر و جَعله يَضغطُ على قبضتهُ بشدّة ، استَقام من مَجلسهم يُغادر الي الشرفَة حتّى يُدخن سَجائره باسرافِ لعلّ سُموم دُخانه تَقتلُ مَشاعِره تِلك

تَتبعتهُ الصغرى بِعيناها ثُمّ وَكزت ذِراع صديقتها مُتحدثَة " لا تخافي منهُ ، يُصبح عنيفًا حينَما يتعلق الأمر بغيرته ، يفعل ذات الامر مَعي "

كَيف تصارِح سُويون صديقتِها أن غيرتِه تلك راقَتها لاقصَى دَرجة مُمكنَة ..!
احبَت انفعاله و اندِفاعه في نَسبه اليها وَسط الجَميع دُون تَردد

ذَلك ما تُريده هي تَحديدًا ، ألا يَكون مُترددًا بشأنِها و يُفصح عَنها امام المَلئ ، ان يَسمح للناسِ برؤية حُبهما بدل من التَستُر عليه كَالجريمَة..!

اعدّت ليلان بَعض من مَشروباتِ الضِيافَة اذ جَلس الجَميعُ في الصالَة يتبادلون اطرافِ الحَديث بعدما انضّم جُيون اليهم

كانَ يسترِق النَظر الي صبيتِه التي تَتحدث مع ابنته بِخُصوص خُطوبتها حيثُ سألتها ايڤا بِحماس " هل جَهزتِ فُستان الخُطوبَة ؟ ام نخرُج معًا لاختيارهُ لكِ ؟ "

استَرقت سويون بَعض النَظراتِ الي الوَزير المُنغمس في افكارِه السوداويَة قَبل ان تُجيب مُدعيَة الحَماس امامَه " اُمي اخاطَت لي فُستان مثاليّ حقًا ! ساُريكِ اياهُ ، سيُحبه جيمين عليّ اليس كَذلك ؟ "

" بالطَبع سيُحبه! انتِ كُل شَئ تلبسينه يَكون مثاليًا ، اُجزم انّه سيُسرع في اجراءات الزواجِ مُباشرَة " هَمست تَغمزُ للكبرى التي ضَحكت بِخُفوت و هي تَحتسي من فِنجانِ الشاي بالنعناع ، وَجهت بَصرِها الي جُيون الذي بِلا شَك يُصوّر اَحد ابشع السيناريوهات لِقتل شابٍ في مُقتبل عُمره داخِل رأسه

هو وَزير ، سيَستطيعُ التَستر على جَريمته بِسُهولَة تامَة
اليسَ كذلك ..؟

سيفقدُ صَوابه كُلما تَذكر رَقصتهُما تلك ، اصابِع جيمين التي تحتضنُ خَصرُها تجعلهُ يودّ خَنقه بِهم و التَخلُص من روحه التي تَطمعُ بصغيرتِه..!

لا يُريد لِذلك المَشهد ان يَتكرر ، و إلا بِلا شَك لن يَتحكم بِتصرفاتِه البتّة

جَمع انفاسَهُ التائهَة يُلملمها من ذراتِ الهواء حَوله ثُمّ تَحدث بِهُدوء يَلفت انتباه الجَميع اليه " انا ساقضي الليلَة مع سويون "

ناظَرتهُ الصُغرى مُستغربَة تمامًا كَما فعلت ابنتِه التي قالَت بتعجّب " لكن ج.. " بَثرت نَظرات والدها الحادَة حديثِها اذ جَعلها تبتلعُ لسانِها كُليًا

تَحمست ليلان التي تَحمحمَت مُخفيَة حماسِها بِقولها " هل انت مُتأكد ؟ أعني اتجد انّه من اللائِق التَدخُل بين شابانِ صغير.. " قبل ان تُكمِل قَطع جُيون حديثِها بغضبٍ و انفِعال " و اللعنة مالذي سيفعلانه هذان الشابان ؟ يَكفي هُراء ، سابقَى بِجوارها حتى تِكملان ليلتكُما اللعينَة تلك "

حَدق في عينيّ صبيتِه يُجبرها على المُوافقَة رُغمًا حينَما قال بجديّة " و انتِ لن تَرفُضي ، انا اعرِفُ مَصلحتكِ أين "

اخَفضت بَصرها عنهُ تُحدق في الجانِب الثاني بعيدًا عن مُتناوله ، كَيف تُصارِحهُ ان قَلبها يُقيم احتِفالاً ضَخمًا لِفكرَة بقاءِه رِفقتها هذِه الليلَة..!

ابتَلعت ريقِها بِقلق ثُمّ نَظرت الي ايڤا التي هَمست تقترِح " دَعوني ابقَى انا كَذلِك " نَظرت الي والِدها الذي اومَئ ايجابًا " لابأس "

نَهضت ليلان تَحملُ صينيَة الضيافَة قَبل ان تَنده على الصغيرَة بحدَة " ايڤا صغيرتي ، الحقيني الي المَطبخ احتاجُكِ "

لَحقتها الصُغرى باستِغرابٍ من نَظراتها السامَة اذ استوَلت ليلان عَليها تُوبِخها داخِل المَطبخ بعدَما اغلَقت الباب خَلفها " هل انتِ غبية ام تَدعين الغباء ؟ "

" ما الخَطب لا أفهم ؟ " هَمست ايڤا بِقلق تُشاهِد وَجه تلك الصَهباء التي قالَت مُنزعجَة " ألا تَرين اننا نُحاول تَصليح العِلاقة بين والدك و سويون ! لِما تَحشُرين نَفسكِ بينهُما ؟ "

التَفت ايڤا للنظرِ خَلفها ثُمّ قامَت بفركِ اصابِعها بِتوتر " ا..اوه ..! لَكن هل تعتقدين ان بقائِهما لوحدِهما صائِب ؟ مؤخرًا بدأت ارى ان نَظرة ابي لسويون اختَلفت "

طالَعتها الكُبرى و هي تَشرب كأسًا من الماءِ قبل اجابتِها بِجديّة " للتوِ بدأتِ تُلاحظين ايڤا ؟ من الواضِح جدًا ان اباكِ يُحبها و هي كَذلك تُريده "

وَسعت الصُغرى عَينيها باندهاشٍ جَعل فاهها يُفغَر
رُغم شكِها بٍخُصوص مشاعِر والِدها الي صديقتها
ألا انّها حاوَلت تجاهل تلك الشُكوك كُليًا
فَهي تعرفُ شخصيَة جُيون العاطفيَة

لكِن ، هاهي ذا ليلان تَقطعُ الشَك من اليَقين و تَجعلها تَفتحُ عُيونِها على مَشاعِر والِدها تجاه صَديقتِها بِوضوح ..!

جَعلتها تُدرك فِعلاً ، ان والدها نَجح في الوقوعِ بالحُب مُجددًا
بَعد أن واشكَت على اليأس مِن قلبِه العَنيد
لَكنهُ ، عاد لِيُحب..!

غَرقت عُيونِها بالدُموع حتى اجهَشت باكيَة امام مَن انصدَمت من ردّ فعلها و رَكضت نَحوها تُمسكها من كَتِفها بدهشَة " مابكِ تَبكين؟ مالذي حَدث؟ "

احتَضنتها ايڤا بقوّة و دُموعها تَتسرَبُ دون انقِطاع " لا اُصدق ، ان ابي عاد لِيُحب ، كنتُ على حافَة اليأسِ و انا ارى شَبابه يَذبُل ، لَكنها نَجحت في جَعله يُغرم بِها و آنَست قَلبهُ الوَحيد " هَمست الصُغرى و هي تتشبّث بِحُضن مَن راحَت تُطبطبُ عَلى ظهرِها برفقٍ مُبتسمَة
 
" لِذلك ، ساهمي في جَعل هذا الحُب يَنجح ، و دَعيهما يَنفردانِ سويًا " نَبست ليلان التي ابعَدت الصُغرى عَنها تمسحُ لها دُموعها

ابتَسمت ايڤا بِوسعٍ ثُمّ همست تَقول " هل ساُرزق بأخ قريبًا ؟ "

" انتِ تحمستِ ! " قَرصتها ليلان على ذِراعها تَرى تعابير الحُزن تَستولي وَجه الصُغرى التي قالَت " لَكِن ، ماذا عَن جيمين ؟ و رَغبة سويون المُلحَة بالزواجِ منهُ ؟ "

" لا تَخافي ، سنجدُ حَل مُناسب ، جيمين لا يُحبها انما يُريد الزواج مِنها لِمصلحَة ، و هي قَبلت به بعدما جَرحها والِدك ليلتِها ، انها تُحب جُيون كَذلك و مُغرمَة به كُليًا " وَضحت لها الاكبرُ سِنًا تَجد تعابير الحَماس تعودُ للاستِلاء على وَجه مَن هَمست بسعادَة " بِحقك من التي تَنجوا من سِحر ابي؟ "

تَنفسَت براحَة قبل أن تنطِق بارتياح " أخيرًا ، جاء اليوم الذي وَجدتُ فيه ابي يُحِب و يُحَب..! خفتُ ان أموت قَبل هذا "

طبطبَت ليلان عَليها ثُمّ قالَت " دَعينا نعودُ اليهم و انتِ أصري على الرَحيل ، حسنًا ؟ "

غَمزت الصُغرى اليها تَرفع ابهامها لِمُوافقَة حديثها قَبل ان تَقول بِمُكر " أي شئ لاجلِ قُدوم اخي المُستقبليّ "

" الهي انتِ و تفكيركِ المُنحرِف " دَفعتها ليلان الي الخارِج تَسمع صَوت ضحكاتِ الصُغرى التي رَكضت للجُلوس بجانب صديقتِها و مَنحها عناق جانبيّ قويّ جَعل سويون تَنصدِم

" هل من خَطب؟ " سألت سويون باستِغراب لِتُشاهد وَجه ايڤا السَعيد و هي تُناظِرُها بِلُطف " لا شَئ ، فقط وَجدتُ فيكِ رائحَة اُمي "

حَديثها جَذب اهتِمام جُيون الذي نَظر الي ابنتِه بحاجِبين مَعقودين بِشدّة ، تأمل طِفلته التي عاوَدت احتضانِ صبيتِه بقوّة تحت صَدمة سويون التي طالَعتهُ بعدمِ فَهم

واصَلت ايڤا مُراقبَة كِليهما طيلَة الجَلسة ، تختلِسُ النَظر لهُ و لنظراتِه المُتكررَة الي صديقتِها التي تُناظر الساعَة بين الحين و الأخَر

جاء مَوعد مُغادرَة ليلان و زوجِها اذ قَررا ايصال ايڤا في طَريقِهما الي القَصر ، وَقفت سويون على عُكازها قُرب جُيون عِند الباب لِتوديع ثلاثتِهم و تَمني اُمسيَة سعيدَة للزَوجين

" اتمنَى ان يحترِق بكما السَرير " تَحدث جُيون بِغَيض بينَما يُشاهد ليلان التي احتَضنت زوجها من الجانِب تُخرج لِسانها لاغاضتِه

تلقَى ضَربة خَفيفة عَلى خصرِه من سويون التي هَمست تُعاتبه " عَيب "

احسَت بِنظراتٍ ثاقبَة مِن قِبل ايڤا التي تَستمرُ بالابتِسام طيلة الوَقت بدون سَبب ، ناظَرتها بِقلق ثُمّ تبسمَت مُتوترَة ما ان هَجمت الصُغرى عَليهما تُعانق كِليهما سويًا بذراعَيها " استمتعا بِوقتكما همم ؟ احرِصا علً استِغلال كُل دقيقة تمُر جَيدًا "

دَفع جُيون ابنتهُ بعيدًا عَنهُما يُناظرها بِرَيبة من تَصرُفاتها الغَريبَة " حسنًا ايڤا يَكفي ، اذهبي لِمُراجعَة دروسكِ ثُمّ نامي هِمم ؟ "

" انتُما كَذلك ، ان لَم يكفيكما سريرُ سويون استعينا بسرير العم جيكوب " هَمست لهُما الصُغرى التي غَمزت خِتام حَديثها ثُمّ رَكضت هاربَة لحاقًا بِجيكوب و زوجتِه

تتبعها جُيون بِعيناهُ مُستغربًا قَبل ان يَقوم باغلاقِ الباب بتعجّب " مابِها هذِه ..؟ " التَفت و بمجرَد استِدارتِه وَجد الصغيرَة تقفُ في مُنتصفِ المَمر تُطالعهُ

نَظر الي الساعَة يَراها تُؤشِر عَلى التاسعَة و النِصف مساءًا
تَحمحم يقومُ بِتدليك ارنبَة انفه قَبل ان يَتحدث

" اذًا مالذي تُفكرين بِفعله ؟ " مَشى قبلها الي مُنتصفِ البَيت للجُلوسِ على الاريكَة ، لَحقتهُ عبر العُكاز الذي تستندُ به للسَير ثُمّ اجابتهُ " سادخلُ للاستِحمام ، ثُمّ ادرُس "

تَجاوزتهُ للدخولِ الي غُرفتها ثُمّ قامَت باختيارِ ملابسها لِتجلس تُزيل ضِماد قدمِها كيّ لا يَبتلّ عند الاستِحمام ، رَفعت عُيونها تُراقبه و هو يُمثل الانشِغال بالتِلفاز رُغم انهُ يمسك جهاز التحكم بالمَقلوب

ضَحِكت خفاءًا ثُمّ استَقامت حتى تَدخُل الي الحَمام ، نَبهها بِحَذر و هو يَراها تَسيرُ للداخِل " هل آتي لاُساعدكِ ؟ اياكِ و السُقوط "

" تُساعدني بماذا تَحديدًا ؟ " سألتهُ باستِغراب و هي تَدفع حاجِبها باستِنكار ، وَجدتهُ يبتسمُ بِمُكر قَبل ان يُجيب بوجهٍ بريئ " بالاستِحمام..؟ "

لَم يكُن جوابها سِوا اغلاق الباب في مُنتصف وَجهه بَعدما شَتمتهُ في سِرها ، اتَكئت الجِدار تُمسِك بقلبها الذي فَقد صَوابهُ قَصرًا

ابتِسامتهُ الماكِرَة نالَت مِنها بِحَق..!

تَوجهَت الي حَوضِ الاستِحمام تُزيل ملابِسها بِحَذر قبل ان تَسمعهُ يقومُ بطرقِ الباب ، انتَفضت بِفزع تُغطي جَسدها بيديها صارخَة " يااا ، اياك ان تَدخُل ، ابقَى بعيدًا "

" دَعيني اطمئن ان كنتِ بِخَير ، احَذري كيّ لا تَقعي " صاح بِدوره كَيّ تَسمعهُ ثُمّ تابَع بِقلق " قدمكِ تؤلمكِ ، كان عليكِ تأجيل الاستِحمام حتى تعود ليلان "

" استطيعُ تدبر أمري فَقط ارحَل " صَرخت بِه و هي تَملئ ذَلك الحوض بالماء ، عَرض عَليها مُساعداتِه حينَما قال مُقترِحًا " حسنًا هل اُساعدكِ بغسل شعركِ ؟ "

اغمَضت عَينيها حينَما طَفح كيلُها منهُ و قَررت تجاهلهُ كيّ تَستحمُ بسلام بعيدًا عَن الضَجيج الذي يُحدثه حَضرتهُ ، تَركتهُ عابِسًا امام الباب يُسند جَبينهُ عَليه يستمعُ الي صَوت المِياه المُريح

حينَما انتهت قامَت بِلف جَسدِها بالمنشفَة ثُمّ استَقامت بِحَذر ، احسَت انها عاجِزَة عن النُهوضِ لِكون قَدمها قَد آلمتها لحدٍ كَبير و الارضيَة امتلئت بالمياه المُتناثرَة التي بِلا شَك ستُسبب انزِلاقها ، تَرددت كَثيرًا في طلب مُساعدته لَكنها نَدهت عَليه بالأخَر رُغمًا عن ارادتِها

لَم يُقصر في المَجيئ مُسرعًا يتحدَثُ من خَلف البابِ قائِلاً " هل من خَطب ؟ "

" هل يُمكنك مُساعدتي على الخُروج ؟ الارضُ مليئة بالماء ، اخافُ ان اقَع " نَبست بصوتٍ عالٍ كي يَسمعها تَجدهُ يترددُ في فتحِ الباب و الدُخول عَليها لذلك سأل " هل استطيعُ الدُخول ؟ "

" يُمكنك ذَلك " هَتفت تُعطيه الأذن ، اَخذ وقتًا طويلاً في استدراكِ مَشاعِره حتّى قامَ بِفَتحِ الباب عَليها و الدُخول على صَبيته التي وَجدها تجلِسُ في مُنتصفِ الحَوض تلتفّ بتلك المنشفَة القَصيرَة

ابتَلع ريقهُ مُنصدِمًا من مَظهرِها الذي سَلب ما تَبقى لهُ من نَفسٍ يعيشُ به
وَجهُها المُحمّر أثر سُخونَة المِياه و البُخار يَتصاعدُ من حَولِها

كانَ يرى خُصيلاتِها المُبتلّة تلتصقُ على اطرافِ اكتافِها المكشوفَة لانظارِ مَن تصنم عِند مَدخل الحَمام يُشاهدها بإنبهار

احسَت بالخَجل من نَظراتها المُطولَة نَحوها لِذلك اسرَعت في النَظر الي النحوِ الأخَر مُتحدثَة بِحياء " كُفَ عن تأمل رزق زَوجي "

اقتَرب مِنها بِحَذرٍ حَتى وَصل اليها اينَما جَمع اكبر قَدرٍ من الشجاعَة حَتى يستطيع الصُمود امام فِتنَة صبيتِه التي طالَعت كَف يدِه حينَما مَدهُ اليها

تَرددت مُطولاً في امساكِ يَدِه ، خَفق قلبُها بِصخَبٍ قَبل أن تُقدم على التَشبث بِكَفه و النُهوض بِمُساعدَة مَن سارَع في لَفّ ذِراعه حَول خَصرِها حتّى يَحملها و يُخرِجها من داخِل الحَوض بِسُهولَة

حَدقت في عُيونه القَريبَة بِمُجرد ان اصبَحت تتكئ على عِضده المُعضّل ، كَانت تشعُر بابتِلالِ قميصِه بِفعل شعرِها الرَطِب و كُلّ ما سَلب تفكيرُها هو الطَريقَة التي يُحدق فيها بِها

كانَت بِمثابَة جائِزَة نالَها بَعد جُهدٍ جَهيد
يُطالِعها كَما لو انّها اعظم انتِصارٍ حَظى بِه في حياتِه
و إن اتَى لواقِعه ، فَهو يَعتبرُ ايجادَهُ لها اكبر فَوزٍ حَصل عليه يَومًا

اخرَجها من داخِل الحَوض بَعدما قام بِحملها ثُمّ قال بَعدما استَقرت أقدامِها على اليابسَة المُبتلَة " هل اُكملُ حَملكِ الي الغُرفَة ؟ "

انتابَها الخَجل بالشَكل الذي جَعلها تُريد دَفعهُ و الابتِعاد ، حَينما فَعلت واشَكت على الانزلاقِ و السُقوط لَولم يُسرع في احاطتِها باذرعِه يَجذبها نَحوهُ بسُرعَة

" انتبهي..! انتِ على وَشك ايقاعِ رزق زوجكِ كُله " هَتف هامِسًا قَبل ان يُشيرُ على مِنشفتها التي تحتضِنُ جَسدُها المُتمركز بَين يداهُ

" كُف عن كَونك مُنحرِفًا! ساعِدني بالخُروج هيّا " هَتفت بِضيقٍ و هي تُدير وَجهها للنحوِ الأخَر تَحرمهُ من تأمل مُناه ، و هي عُيونِها التي تَسحرهُ لابعدِ حَد

لَفّ ذِراعهُ حَول خَصرِها و جَعلها تَتمسكُ باكتافه حتّى يستطيعُ اسنادِها و مُساعدتِها على الخُروج ، غادَرا الحَمام مَعًا اذ اخَذها الي الغُرفَة حيثُما اجلَسها فوق الفِراش يُطالِعها و هي تُبعد شَعرها المُبلل عن وَجهها الناعِم

" هل اُساعدك بارتداء مَلابسك ؟ " قال بَعدما لَمح حَمالات صَدرِها فوق الفِراش ، شَهقت ما ان انتَبهت على نَظراته لذلك اسرَعت تُخبئها تحت فُستانها قَبل ان تُناظِره بِغَيض " اُخرج دَعني البسُ ثيابي ..! "

ضَحك على مَظهرِها لِيومِئ لها قَبل لن يَرحل و يُغلق الباب خَلفهُ ، تَركها تَشتمهُ و هي تَلبسُ ثيابِها بِغَيض ، كَيف لهُ ان يُعاملها بذلك الانِحراف المُفاجِئ..!

كانَت تعرفهُ مُهَذب..!
الهي لما مَشاعر الحُب تَجعل المَرء مُنحرِف؟

عَبست حينَما تَذكرت كَلام ليلان الذي جَعلها تُفكِر بشُرود " هل حَقًا يقتصر حُب الرَجُل للمرأة على علاقتهُ الجَسدية بِها ؟ "

رَفعت عينيها الي الباب تُطالِعه و هي تَلبسُ فُستانِها الابيض
كانَ قصيرًا يصلُ الي مُنتصف فِخذيها بدونِ اكتاف

استَقامت تستندُ على العُكاز الذي جَلبهُ لَها ثُمّ غادَرت الي الصالَة حيثُما كان هو جالِس يُشاهد التِلفاز بِشُرود ، سُؤال جيكوب راوَدهُ لِوهلَة و جَعل غَريزتهُ كَرجُل تَنهض ناحيتِها ، خُصوصًا بَعدما رآها قَبل قَليل

سَمِع صَوت تحركاتِها خَلفه لذلك التَفت برأسها يُشاهِدها و هي تَقتربُ منه مُتحدثَة " هل يُمكنك مُساعدتي بِتَضميد قدمي؟ "

كانَت تحملُ بين يديها ضِمادها الذي انتَشلهُ مِنها بِرحابَة صَدر
رَبت قُربه فَجائت للجُلوس بِجانبه و اسناد عُكازها بِجوارها

وَجدتهُ يَقومُ بامساكِ ساقها و رَفعها حتى يَسنُدها فوق فِخذه المُعضَل اذ باشَر بِلفّ الضمادِ حَول مكانِ اصابتِها ، يُحاول التَركيز على اداءِه دون استراقِ النَظرات الي أي مَكانٍ اخَر غيرُ قَدمها

سَيُصبح بِنطاله ضيقًا اكثَر مِما هو عَليه لَو ساهَم في زيغِ عُيونه ذاك
لِذلك حَبس انفاسَهُ و راحَ يُضمّد ساقِها بِكُلّ تركيز حتّى بات يَتعرق

كانَت هي تُشاهِده بينَما تُخفض اطراف فُستانها كُلما ارتَفع عن فِخذها لِكونها شِبه مُمدَة بِمَد ساقِها نَحوه ، راقَبتهُ و طالَعت تفاصيلَهُ بِكُل حِذرٍ و حَديثُ ليلان يَعودُ الي ذاكِرتها

انّهُ الرَجُل الذي انهوسن بِه و بِجَسده ملايين الفَتيات
تُراقب كُل تَفصيلٍ بِه التي تُؤيد ما قالتهُ ليلان حَرفًا حَرف

هو فعلاً جَذاب بالشَكل الذي يَستحيلُ مُقاومَته
لِتوها ادركَت حَقيقة انها رَفضت الرَجُل الذي تتمناهُ مليار صَبيّة..!

حَبست انفاسِها بالكامِل حالَما رَفع عَينيه اليها يُحدق بِها مُبتسِمًا بِلُطف " انتَهينا "

تصاعَد صَوتُ نَبضِها و هي تَرى نَقاء ابتِسامتِه الارنبيَة
زارَها فَوج من تأنيبِ الضَمير على افكارِها المُخلّة
لذلك ازاحَت بصرِها للنحوِ الأخَر تُطالع انعكاسِهما بالمِرآه

" شُكرًا " شَكرتهُ قَبل أن تُبعد ساقِها عن فِخذه ، حينَما ارادَت النُهوض مَنعها بِقوله و هو يَستقيم " انتَظري " تَتبعتهُ بِعُيونها حينَما تمشَى نحو الحَمام يجلبُ منشفَة صغيرة عاد بِها

استَقر خَلفها هذِه المرَة و ادارَها من اكتافها حَتى تُقابله بِظهرها اذ راح يُمسك خُصيلاتِها المُبللَة يَحتضنها بِتلك المنشفَة الزهريَة كيّ يُجفف شعرِها

نَطق مُعاتبًا لِمن صُدمت من حَركته المُفاجِئَة " كَيف يُمكنك اهمالُ شعرِك و تَركه مُبللاً ؟ سَتمرضين و تَلتقطين نَزلة برد " عاتَبها و هو يَحتضنُ كُل خصلَة على حِدا يِعطيها حَقها من الاهتمام بِتلك المنشفَة الناعِمَة

كانت مُستسلمَة الي كُل حَركة يَفتعلُها ، بَل استرخَت كُليًا على لَمسة يداهُ و ذلك المَساج اللطيف الذي افتعَلهُ لِفروَةِ رأسها يُعطيها كَمًا من الراحَة لا مَثيل لهُ

لملم كُل شعرِها بداخل تِلك المنشفَة ثُمّ طلّ عليها من الخَلف يُشاهد عُيونِها مُتحدثًا " هل تُريدين ان اظفِر لكِ شعركِ ؟ "

تأمَل عَينيها يَجدُ حاجِتها لفعل ذَلك ، كانَت اللمعَة داخل عَسليتَيها اجابَة كافيَة تجعلهُ يُبادر في جَلبِ مُسرح الشَعر دون سَماع رَدِها

عاد للجُلوسِ خَلفها و راحَ يُمشط خُصيلاتِها الرَطبَة بِحُبٍ بالِغ اذ قال مُتحدثًا " اعتدتُ على تَسريح شعر ايڤا مُنذ ان كانَت طِفلَة ، لِذلك انا بارِع في ذَلك "

" انت بارِع بِكُل شَئ " نَطقت و هي تُشاهِده عَبر المرآه يقومُ بِتسريح شعرِها و الاعتناء بِه من اجلِها ، بدأ بِظفره بِحَذرٍ ثُمّ تبسَم برفقٍ يُجيب " كَما انتِ بارعَة في جَعل قلبي يَخفقُ دون مَجهود "

ضَغطت على اطرافِ اصابِعها تقومُ باخفاضِ بصرِها الي افخاذِها المكشوفَة ، سَترتها بكُفوفِ يدها ثُمّ قالَت بصوتٍ خافِت " هل كنت تُغازِلها هي كَذلك ؟ "

لَم يفهم مَقصدها اذ رَفع عيناهُ اليها يُشاهِد الحُزن داخِل جُفونِها حينَما لَفت رأسِها ناحيتهُ " اُغازل مَن ؟ "

" زَوجتك التي حَلفت ألا تَتزوج من وراءِها " اجابَتهُ بِمرارَة ، حَديثهُ لازال عالِقًا في ذِهنها اذ احسَت آن ذاك باهانَة اصابَت الصَميم

احسّ بِحُزنها و تحطم خاطِرها عَبر نَظراتِها المُنكسرَة و هي تُناظره بِكُل ذلك العتابُ المُندسّ وسط عسل عُيونها ، وَجد يَدهُ تَتسلل لاحتضانِ وَجنتها و المَسح برفقٍ على بَشرتِها مُجيبًا " اخَذ الاله أمانتهُ قَبل ان اُغازِلها "

قَطبت حواجِبها بِخفّة تَجدهُ يُلاطف خَدها بابهامه قَبل ان يُضيف " كنتُ شابًا يافِعًا ، لتوه بَلغ الثامنَة عَشر ، لم اتمكن في الحُب كَما يَجِب "

" لكنّي الأن راشِد ، اعرِفُ جَيدًا مَعنى ان يَصرُخ قَلبي بأنّهُ يُريدكِ ، اعلمُ حَقيقة شُعوري ناحيتكِ كَرجلٍ بالِغ يعرفُ حاجياته من الحُب "

نَظرت بداخِل عُيونِه و ظَلت صامِتَة بالكادِ تستطيعُ التَحدُث ، لا تُريد ان تَتهور او تَتسرَع حتّى اذ انَصتت اليه يُضيفُ بِنَبرةٍ مُحبَة " أيقنتُ تَمامًا ، أن كُلّ ما مَضى كان مُجرَد تمهيدًا لكِ "

صَمتُها كان اكَبر عَلامة رِضَى يأخُذها مِنها للمُتابعَة في التَغزلِ بها و جَعل قلبِها يَلين من اَجلِه ، كُلما تناثَرت خُصيلاتِها الرطبَة لِمُلاطفَة ملامِحها البَهيّة يقومُ بارجاعِها الي الخَلفِ مُتحسسًا كُل شبرِ في وَجهِها الناعِم

يُعطيها شُعور يَجعلُ انقباضِ مَعدتها يَزداد

كانَت تراهُ مُقبلاً على التَقدم و خَطف شِفاهها في قُبلَة تُنسي كِليهما العالَم و اُناسِه ، يَدنوا بِبُطئ يُنافي صَخب قلب كُل مِنهما و لَهفته لحُدوث هَذا الوَصل الخَطر عَلى خافِقهما

تَودُّ دَفعهُ و عَدم الاستِسلام الي سِحره
تُريد صَدهُ و الثَبات على مَوقِفها مِنه..!
لَكن مابِها جامِدَة كُليًا بالكادِ تستطيعُ تَحريك ساكِن..؟

كُل ما استَطاعت فِعله هو الضَغطُ على اطرافِ فُستانها بِقوّة و اغماضِ عُيونِها اقوى تَنتظرُ قُبلتهُ التي اصبحَت تَتلهفُها قَصرًا

لَو وَجدت طريقَة لِتقبيله و المُبادرَة
لَفعلت و قَتلت ذلك الحَياء الذي فيها

في الوَقت الذي واشَك فيه تَقبيل شِفاهها الكَرزيَة و نَيل مُرادِه
رنّ هاتِفُ الصبيَة التي انتَفضت حالَما سَمِعت صَوت النَغمة

دَفعت الوَزير من صَدره تَصدهُ عَنها ثُمّ هَمت بامساكِ هاتفها المُرمى في نهايَة الاريكَة تُلقي نَظرة على اسمِ المُتصل ، كان خَطيبها المُستقبليّ الذي شَتمهُ الوَزير عَلنًا و هو يَنهضُ من جِوارها

طالَعتهُ بِقلق مُتحدثَة " هِشش سيسمَعك "

أجابَت على جيمين الذي نَطق بِصوته الذي اشمَئز الوزير منهُ حالما سَمعهُ ما ان تَسرّب من سماعَة الهاتف " سويوني ، هل نمتِ ؟ اتصلتُ بوقتٍ مُتأخر "

تَحمحمت الصُغرى و هي تعتدلُ في جَلستها قَبل اجابتِه " امم ، كنتُ على وَشك النَوم ، هل من خَطب ؟ "

رَفعت عُيونه لِمُشاهَدة جُيون الذي دَخل الي المَطبخ يُحدِث ضَجيجًا عَبر المواعين التي راحَ يخبِطُها بعنفٍ تعبيرًا عن الغَضبِ الماكِث داخله

" في الواقِع ، اتصلتُ بك لاخبركِ انني حَددتُ التاريخ المُناسب لنُقيم حَفل الخُطوبَة ، اردتُ استشارتكِ " هَتف يُخاطب مَن راحَت تمسحُ على فِخذها تَحت نَظرات الوَزير الذي استَرق بعض السَمع

خَرج من المَطبخ يقترِبُ مُسرعًا للوقوفِ امام الصَبية التي قالَت بِلُطف " حقًا ، ماهو التاريخ الذي يُناسِبُك ؟ "

قَبل ان يَنطِق جيمين التاريخ المُناسِب ، خَطف جُيون الهاتِف من الصُغرى يَفصلُ ذلك الاتصال و يُلغي تَشغيله كُليًا امام عينيّ من شَهقت بقوّة

استقامَت حتَى تجلب هاتِفها منهُ لَكنه قابلها بنظراتٍ غاضبَة " انهُ ليس الوقت المثاليّ لتبادل الاحاديث مَع خَطيبكِ اللعين ، هيّا اذهبي للالتفاتِ الي دروسِك "

" من اعطاك الحَق في أمري اساسًا ؟ دَعني التفتُ الي حَياتي بدلاً ! " قالَت بِغَضب هي الثانيَة تُحاول الصُمود و هي تقفُ على قَدمٍ واحدَة

اقتَرب مِنها اكثَر حتَى واشَكت على السُقوط لَو لَم يُمسك بِخصرها بِذراعه يُشاهِد عُيونِها العسليَة و هي تُطالعه بِكُل ذاك الغَضب " هل تَفعلين هذا و انتِ مُتعمدَة جَعلي اتأذى ؟ "

" كَما قمت حَضرتك بِجُرحي مُتعمدًا جَعلي اتأذى " أجابَت بِدورها و هي تُحاول ابعادَهُ عَنها عَبر صَدره لَكنهُ احكم الامساك بِها يَرفُض افلاتِها

" انتِ لا تَعرفين اسبابي ! " هَتف هامِسًا و هو يِشاهد خَيبة أملها حينَما نَطقت بِحُزن بالِغ " مَهما كانت اسبابُك ، لَيست كافيَة حتى تَجعلك تُقبل على جُرح قَلب وثق بِك "

" كُنت صارِحني بِها ، اخبِرني و انا ساتفهم و ابتعِد ان تَطلب الامرُ بُعدي ، لَكن بِما اخطأتُ انا حَتى تقتل قَلبي ؟ " عاتَبتهُ و هي تتشبّث بِقَميصه قَويًا تُشاهِد عُيونِه الكُحليَة تَراهُ في قِمَة نَدمِه الذي قَتل كُل ماهو جَميل داخِله

" اعترفُ بِخطئي ، سامحيني عَلى جَهلي..! " هَمِس لَها مُعتذِرًا بالشَكل الذي جَعلها تَلين بين يَداهُ ، يستمرُ في العَبث بِعاطفتها دون أن يَرحم مَوقفها منهُ..!

تُريد هي ان تكون قَوية امامَهُ ، لِما يعملُ بكل هَذا الجُهد حَتى يراها خاضعَة لهُ بِكامل حواسِها ..؟

وَضعت يَدِها فوق كَتفه ثُمّ سألتهُ اكَثر سُؤالٍ كان يَحزّ في خاطِرها طيلة الفترَة الماضِيَة ، سألتهُ و صَوتُها مليئ بالغصّة " هَل جُرحك بِخَير ؟ "

تَلمست مَكان جُرحه السابِق ، حيثُما يَتخفى اثرُ تلك الرَصاصة التي اختَرقت صَدره دون رَحمة ، تَحسستها بِاصابِعها و هي تُشاهِد نَظراته المُحبَة

" الجُرح يُشفَى ، ان وَجد من يُقبله " هَمِس لَها ما جَعل كُلّ ساكِن بها يَهتز ، وَجدتهُ يقومُ باخذِ اصابعها الناعمَة يَضعها فَوق ازرارِ قَميصه قَبل ان يُتابع بِصوتٍ خافِت " تَفقديه بِنفسك "

الصَوت العالي الناجِم من قلبِها كانَت تسمعهُ في اُذنيها من هَولِ عُليّ الصَخب ، ابتَلعت ريقِها بِبُطئ ثُمّ قامَت بِفتح ثَلاثةِ ازرارٍ من قَميصه للكشفِ عن جُرحه

حالَما ازاحَت طَرف قميصِه للناحيَة اليُسرَى وَجدت ذلك اللاصِق الطبيّ فَوق مَكان اصابتِه بالطَلق الناريّ ، انَقبض قلبُها بِألم لِتقوم بالتماسِه برفقٍ بالغ

" لابدّ انهُ يؤلِم " هَمِست لهُ بِحُزن تَسمعهُ يتحدَثُ بِمرارَة يُجاهد لاخفاءِها " انا استحِقه "

حَدقت في عُيونِه المَليئَة بالحُزن الدَفين داخِلهُ
لَا تعرِفُ من اين وَجدت تِلك الجُرأة ، التي جَعلتها تتخفضُ لِتَقبيل جُرحه بِكُل ذرّة حُبٍ تمتلِكُها نَحوه ، وَضعت كُل حِنيتها فَوق اصابتِه حتّى اقشعَر بَدنهُ لِذلك التواصل الحِسيّ الذي صَنعتهُ هي

ابتَعدت عَنهُ تُحدق في عَيناهُ بِحَرجٍ كان أثرهُ احمرارِ سائِر وَجهِها اذ قالَت " اتمنَى ان يُشفَى و يُصبح بِخَير قَريبًا "

حينَما اشاحَت وَجهها للنحوِ الأخَر مَسك هو بِذقنها يُعيدها نحوهُ حتى يَستطيعُ اخذ كِفايتهُ من عَسليتيها التي يُحب " دَعيني ، انا لَم اكتفِ منكِ بَعد "

امَسكت باطرافِ قَميصه المَفتوحِ اولِه تُلملمهُ للحفاظِ على سِتر صدره المَكشوف اذ هَمست بِصوتٍ افقدَه رُشده كُليًا " اُستَر ما عَليك حِفظهُ لِزوجتك "

رَفعت عُيونِها اليه و هي تَتمسكُ بقميصه بشدّة. تُضيف هامسَة " قَد سرقتُ مِنها الكَثير ..! "

" اسرقيه كُلّه ، اُجزم لكِ انّها راضيَة " هَمِس لها في المُقابِل اذ اشتَدت يَداهُ حَول خصرِها يُقربها منهُ للحَدّ الذي جَعلها تَشعُر بالتِحام جَسد كِليهما

اكمَل يُضيفُ بِنَبرةٍ مُتلاعبَة عَبثت بوتيرَة نَبضها جيدًا

" انهبي رزقكِ كَما تشائين ، و دَعيني انا اسرِقُ رزقي ..! "

كانت تِلك الليلَة ، اِستثنائيَة بِحَق

•••

كانَت الصبيَة ذات الاعيُن العَسلية تجلسُ في مُقدمَة المُدرَج بعدَما جائت الي الجامعَة لِتوها ، اوصَلها الوَزيرُ قبل ذهابِه الي العَمل بَعد ان قَضيا ليلتهُما سَويًا البارحَة

كانَت تستردُ احداث الليلَة الماضيَة التي جَعلت كُل مابِها يَشتعِل
تَحمحمَت بِحَرج ثُمّ قامَت بالتَحديق بايڤا التي التَصقت بها بمجرَد دُخولها

" كَيف كانت ليلتكِ ؟ " سألتها الصُغرى باهتِمام تَرى تَصبُغ وَجه صديقتها بالأحمَر و هي تَتحاشَى النَظر بعيونِها " كأي ليلةِ اخرى " اجابَت بِهدوء يَتنافى كُليًا مع ضَجيجِ داخلها

كانَت ليلَة مُختلفَة عن أيّ ليلَة مَرت عليها بِكامل حَياتها
تُجزم انّها اَجمل ساعاتٍ ليليَة قَضتها طوال عُمرها

تَبسمت بِخُفوتٍ حينَما راوَدتها بِضع خَيالاتٍ من ليلَة الأمَس
وَجهت بَصرها الي نَظرات ايڤا المَليئَة بالشَك لَكنها حاوَلت عدم الاكتِراث

باشَرت بِمُحاضرتِها الأولى و حينَما جاء مَوعدُ درسِ التَشريح غادَرت القاعَة الاولَى رِفقة ابنَة الوزير تَسيرُ مَعها نَحو المَعمل

حينَما كانَت تسيرُ لَمحت رَجُلٍ قادِم ناحيتِها ، كانَت تعرفهُ جيدًا و تَعرفُ رِجاله الذين يَلحقون بِه على عَجلةٍ من خَلفه ، انَقبض قلبُها بِذُعر حالما استَقر امامَها يُزيل نَظراته الشَمسيَة قبل ان ينطِق بِثقَة

" انتِ عليك الذهابُ معي "

لَمح البروفيسور جون هَيئَة مارك من داخِل المَعمل و هو يَقفُ بِرجاله امام تلك الصَبية التي نَطقت باندِفاع " اذهَب معك؟ هل فقدا صَوابك ؟ "

حاوَلت تَغيير طريقِها بِمُساعدَة من ايڤا التي تَمسكت بِها مُحاولَة تجاهُل مارك كُليًا ، لَكنهُ بالفِعل نَجح في جَعلها تذهب مَعهُ دون تَفكيرٍ حتّى حينَما قال دون مُقدمات

- والدتِك تَحتضِر

ارتَجف قلبُ الصُغرى التي التَفتت نَحو زوجِ اُمها تَنظُر اليهِ بعدمِ تَصديق ، سَقط عُكازِها منها و لولا اسنادِ ايڤا اليها لَكانت وَقعت بالفِعل

" م..ماذا ؟ " هَمست و مَشهد اُمها الشاحِب الذابل يَعودُ لاحتضان بُؤبؤ عَينيها من جَديد ، احسّت ان العالم بأكمله اصبَح مُعتمًا بِدون لَونٍ يُزينَه حينَما قال دون أن يَرحم هَشاشَة قلبِها الصَغير

- اُمك مُصابَة بسرطانِ المعدَة
انها تَحتضر في المُستشفَى

•••
10500

فصل اليوم ماشاء الله طويل و مُنوع

طبعًا ، لا تفكروا ان الليلة بتاعتهم صارت فيها اشياء احم احم..!
ترا لسه بكير ياجماعة ، ليلتهم هنرجع لها ان شاء الله بس مش الحين

كيف جاكم اعتراف الوزير باول الفصل..؟ 🙈

و رفض سويون له؟
تشوفون انه من المنطقي ترفضه ؟

الفصل عمومًا كيف كان؟
مالي طاقة اتكلم كثير بنهاية الفصل اليوم :(

اكثر جزئية حبيتوها..؟

توقعاتكم للقادم هُنا عمومًا ؟
مارك حيعرف يستغل مرض يونسون كويس لصالحه

و دام امها مريضة ، جيون مش هيقدر يدخل لو سويون طلبت ترجع لمارك علشان امها 🤓

نُقطة لصالح مارك 😩

عمومًا ، الفصل الجاي ان شاء الله جيون هيكتشف مشاعر مارك له
كان المفروض الفصل هذا ، بس فجاة ضفت احداث ماكان مخطط لها
زي جزئية بيت جيكوب في الاخير و اجتماعهم مع بعض

شئ تود قَوله للشخصيات..؟

شئ تود قوله لي..؟
ساقرأ بكل حُب ♥️

الشُروط لهذا الفَصل عزيزي القارِئ 🧚🏻‍♂️
دام الفَصل طويل لِذلك :

4500 تَصويت
7500 تعليق
فصل جَديد

اراكم في القادم ان شاء الله
الي اللقاء ♥️







.
.
.








Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top