Husband | 01
Husband | زوجي
اهلاً بِكم في الفَصل الأول مِن رِوايَة الزَوج
قَبل الغَوصِ و التوغّل في عُمق هذِه الروايَة اودّ التَنويه على امورٍ هامَة
لِذا انصِت اليها عَزيزي القارئ بِحَذر :)
تمّ التَعديلُ على الرِوايَة إذ انّ الكَثيرين يعرِفون القصّة
لِذلك ممنوع منعًا باتًا حَرق الاحداث المُستقبلية على القُراء الجُدد
ممنوع وَضع تعليقاتٍ مُسيئَة ، سواء للشَخصيات او حتّى لِبعضكم البَعض
ان وجدتُ كلامًا مُشين ، ساُقابله بِـ بُلوك فوريّ
اضافًة الي ان حُقوق هذه الروايَة محفوظة بالكامِل و مُوثقة في عقدٍ مُوقّع
أيّ ان تَمت سرقَة و لو حرفٍ مِنها
انا لن اتساهِل في الاجراءات القانونيَة
على المَرءِ ان يُقدر تَعب غيرِه ، اليس كَذلك..؟
توجد نُسخَة ورقيّة من الروايَة تحت مُسمّى
أسير
ان كُنت مُهتم بالكُتب الورقيّة
اضافَة الي انّه ممنوع ذِكر اسَماء رِوايات و شَخصياتٍ ثانيَة
احترامًا للكاتبَة شخصيًا
خِتامًا
كُلّ حَرفٍ دُوّن هُنا ، كُتب بكل حُب لٍيُلامِس قلبك بِدفئ عَزيزي القارِئ
هَذِه الرِوايَة نُسِجت لِتنتشِلك الي عالمٍ يُطبطب عليكِ بِلُطف
لِذا اتمنّى ان تُقدّر المَجهود الذي وَضعته لاتمكّن من التوغّل الي اعماقِك عَبر تعليقاتٍ لطيفَة مِثلُك :)
اُكتب تاريخ بدأ قِراءتك للرِوايَة هُنا 🫂
بسم الله
لِنبدأ
•••
الـمـمـلـكـة الـمُـتـحِـدَة
لُـنـدن
{1 | 9 | 2023 }
قَـــصــرُ آلِ جُـــيـــون
يَجلسُ عَلى مَكتبِه فَوق كُرسيه الذي يَضُّم هَيكل جَسدهُ المُعضَّل ، يَلبسُ نَظراتِه الطِبيَّة لا يَبخلُ عَن حُروفِ مَلفاتِه باهتِمام عُيونه الكُحليَة إذ يقرأ النُصوص بِحذافيرُها فَسُرعان ما تتخزَّن بِداخل عقلِه دون مَجهودٍ او عَناء
لَطالما عُرِف بِذكاءِه الخارِق للطبيعَة
انهُ عَبقريّ جيلِه
تتوشَّح ابتِسامَة شِفاهه حينَما دَخل مُساعِده الشَخصيّ حُجرته يَكسرُ صَمته ، تسللَت البهجَة الي قلبِه حينَما رأى تَعابيرِ الثاني تدلّ على خَيرٍ قادِم إذ انتَظر حَديثِه بِلهفَة واضِحَة
- سيدي الوَزير ، تمّ ايجادُ الصَبية التي تَبحثُ عَنها
لأولِّ مَرة بَعد عِشرونَ عامًا يَتخللهُ ذلك الكَمّ مِن الحَماس
يشعُّر ان جَسدُه حُقن بالحَياة
عُروقِه باتت تَنبِض كَما لو انّ الدِماء تتحاشَد لاحتِضانِ قلبِه و مَنحه فَيضًا من المَشاعِر التي يُصعَب وَصفُها
بات مَسرورًا مُبتسِم الوَجه و العَينين
بَلل شِفاهه و حافَظ على اتزانِه قائِلاً بِهدوء يُنافي اهتِياجِه
- حقًا ؟ اين بالضَبط..؟
يسأل و عُيونِه تُراقِب تَقدم مُساعِده الذي وَضع ملفًا عَلى الطاوِلَة امامَهُ مُتحدِثًا بابتِسامَة ودودَة " هُنا كُل المعلومات المُتعلقَة بِها ، رُغم انك طَلبت تَحديد موقِعها فَحسب ، ألا انِّي جَلبتُ كُل ما تَحتاجه لِمعرفتِها ، حَتى صورتِها "
نَظر الوَزير الي المَلفِ امامَه بِعَينين لامِعَتين ، لا يُصدَّق ان بِداخله صُورَة تَخُّص صَبيَّة جاءَت لهُ بِمثابَة مُعجزَة الآهيَّة.!
تِلك الصَبيَة التي هَونت عَنهُ الكَثير
دون عِلمها حتَّى
كَبح فُضوله بِصُعوبَة و رَفع عُيونه السَوداء تِجاه مُساعِده يُريح ظَهره على الكُرسيّ خَلفه مُتحدِثًا بِهدوء " اخبِرني بالمَعلومات السطحيَة فَحسب "
استَجمع المُساعِد انفاسَهُ قَبل أن ينطِق مُعرِبًا " حسنًا سيدي ، انها بِعامِها العِشرون ، تَدرُس في كُلية الطِب البشريّ في سنتِها الثانِيَة ، تنتمي الي مجموعَة ألِف "
ارتَسمت بسمَة خافِتَة علَى شِفاه الوَزير الذي امال برأسِه بخفَّة مُفكِرًا " دَخلت الطِب ايضًا ..؟ "
اعاد وَضع عُيونِه على مُساعِده يَعتدلُ في جَلستِه جيدًا " جيكوب ، هل وردك رد من القصر الملكيّ بِخُصوص امر مُغادرتي المملكَة هذه الفَترة ..؟ "
حرَّك جيكوب رأسهُ نَفيًا ثُمّ اجاب بِهدوء " غالبًا سيصلُ الرد بالغَد ، لا اظنُ ان الملِك سيرفضُ طَلبك ، فبالآخِر انت لم تُسافر الي بَلدك مُنذ عِشرون عامًا "
اطلَق الوَزير هَمهمة خافِتَة قَبل ان يُشير لِمُساعده بالانصِراف ، نال منهُ حدّ الرِضا لِذا سيَمنحه مُكافئَة تُرضيه هو الأخَر
حَمل ذلك المَلف بين اصابِعه الخَشِنَة يُمعن النَظر بِه بينَما يستعيدُ ذِكرياتٍ مُحببَة الي قلبِه ، تُواسيه و تُطبطب على جِراحه الدَفينَة
أخيرًا سَيراها ..؟
مَعلومَة اليَوم هي اعظَمُ هَدية لِيومِ ميلادِه
•••
كوريا الجنوبيَة
صَبيةّ ذاتُ عُيون عَسليَة
صاحِبَة شعرٍ طَويل أشهب اللون يُلائِم بَياض بشرتِها النَقيَّة
تلبسُ ثيابِها الكلاسيكيَة بينَما تَضعُ بِضع من مَساحيق التَجميل الخَفيفة تستعِد للتوغل الي جامِعتها ، احسّت ان يَومِها مُميَّز لِذا ارادَت ان تُضيف احمَر شِفاه بارِز على غَير عادتِها
اضافتهُ و مَنحها ذَلك اطلالَة مُرضيَة لِعُيونِها المُبتسِمَة
تبتسمُ رُغمًا عن كُل الظُروف التي تُقاسيها
حَملت حَقيبتها الزهريَة تَضعها على كَتفِها فوق مِعطفها الخَفيف الأبيض ثُمّ شَقت طريقِها خارِج غُرفتِها بِخُطواتٍ هادِئَة
وَجدت والِدتها في استِقبالها حَيثُ هَرعت نَحوها بِمُجرد ان رأتها تُغادِر حُجرتها " سويون ، ها انتِ ذا ، تعاليّ لِتناول الافطار هيّا "
ارادَت سَحبها مَعها و جرَّها نَحو مائِدة الطَعام لَكن الصُغرى نَفت برأسِها تسحُب عِضدها من قَبضة والِدتها طِوعًا " لستُ جائعَة امي ، اذهبي انتِ و كُلي " نَطقت و هي تَجُر خُطواتِها بعيدًا
عاوَدت الاكبرُ سِنًا التَشبث بِها فلا يَهونُ عَليها أن تَمضي طِفلتها دون الأكل ، جَرَّتها وراءِها رُغمًا عن ارادِتها الي قاعَة الطَعام حَيثُما يَجلِس زوجِها مُترأس الطاوِلَة بينَما يقرأ جَريدَة بين مُتناول اصابِعه
انَقبض قَلبها بِمُجرَّد ان رأته
هي لا تُحِبه
تَخافه و تَكره التواجُد حَوله
مَشت بِخُطواتٍ مُتثاقلَة تَدعوا ألا يَنتِبه اليها
لَكنهُ لاحَظها بالفِعل
جَذبت والِدتها كُرسيّ لَها حَتى تجلِس فامتَثلت الصُغرى بِطاعَة ، تجاهَلت النَظر في عُيون زوج امِها و باشَرت بِطعامها لعلّها تُنهيه بِسُرعَة و تُغادِر
" ماهذا الذي على شَفتيك ..؟ " وَجه الرَجُل الاربعينيّ سُؤاله الي العشرينيَة التي لَفت عُيونِها بعيدًا عن مُتناوله تُحاوِل الحِفاظ على اتزانِ نَبضاتِها المُرتجفَة " م..ماذا ؟ "
شَهِقت ما ان مَسك بِذقنها يَلُّف وَجهها نَحوه حَتى يَتمكن من النَظر جيدًا الي مَلامِح وَجهها البَهيَة ، تَملكُ من الجَمال ما يُرضي أي رَجُلٍ كان
عُيونِها العَسليَة تِلك رِوايَة تَسردُ آلاف قِصصٍ من الجَمال
" لِما تتبرَجين ؟ لِمن تَضعين كُل هذا سويون ؟ " نَهرها بِحدَّة إذ قام بالمَسح على شِفاهها بِابهامِه يُفسد حُمرتِها تمامًا كَما يُخرِّب قلبِها النَقيّ بِقذارتِه
تَشبثت بِقوتِها و حاوَلت رَدعه لَكنهُ يَفوقها حَجمًا ، قُوته تتغلَّب عليها بالطَبع
حاولَت امها التَدخل إذ قالَت بينما تتمسَك بذراع زوجِها تُبعده عن طِفلتها
" مارك تَوقف ، انها تتبرَّج كأي طِفلة في سِنها " نَطقت تخلقُ الاعذار الي صغيرتِها التي لَم تعِش كأي اُنثى في عُمرها ، شَهقت ما ان دَفعها زوجِها بكوعِه حتى سَقطت ارضًا فَلم تسلم من كَلِماته السامَة و هو يَتحدث
" لِما تتبرَج ؟ لِجذب الرِجال؟ هل هكذا تُربين ابنتكِ ؟ لِتكون عاهرَة مثلكِ !! " صَرخ يُوبِخُها قَبل أن يُكمِل و هو يُشير عَلى زَوجته و ابنتِها مُهسهسًا " انا وافقتُ على ان تُكمل تَعليمِها بِشرط ألا تَجلِب الانتِباه ، و اللعنَة ابنتكِ هذه تَخُصني ، لا يحقُ لرجلٍ اخر ان يَضع عَينيه عَليها "
ارتَعد جَسد سويون التي تَمسكت بِدموعِها بِصعوبَة بالِغَة
كَيف امكنهُ ان يُنسبها اليه..؟ و هي بِمثابَة ابنتِه!
رفَعت عُيونِها العَسليَة نحوه و قَبل ان يَتمادَى هَربت بِسُرعَة الي غُرفتِها تخنبئ وراء جُدرانِها لعلّها تَحميها من أذيتِه
تُبقي نَفسها حَبيسة تِلك الحُيوط الاربَع و تُفرِغ خزَّان دُموعِها بعيدًا عن مُتناوله كيّ لا يقرأ ضَعفها و يَتطاول اكثَر
لَيتها تَستطيعُ الهَرب و الفِرار
هي بِقِربه تتذوَّق العَذاب و المَرار ..!
تجاهَلت اصوات صُراخِه العالي امام باب غُرفتِها يَودّ لفت انتباهِها و اخضاعِه الي عُنفه و جَبروتِه ، لَكنها لن تمتثِل ، سَتُقاوم لعلّ القادِم افضَل
لعلّ ماهو آتٍ يَجبرُ قلبُها البَريئ كَروحِها
•••
الـمـمـلـكَـة الـمُـتَـحِـدَة
" من اغلق اليَوم عامهُ السابِع و الثَلاثون ..؟ "
يَصدحُ صَوت الفتاة ذاتُ التاسِع عَشر في ارجاء جَناح الوَزير بِحماسٍ بالِغ و هي تَلتفُ حَوله من كُل نَحوٍ لعلَّه يُعطيها اهتِمامه
هو لَيس من النَوع المُهتم لِحفلات يومِ الميلاد
لِذا يَجِدها تُبالغ بِفرط حَماسِها
" ايڤا هدئي من روعكِ و اذهبي لاكمالِ تجهيزاتِك من اجلِ السَفر ، وراءنا رِحلة طويلَة " هَتف الوَزير بِهدوء بينَما يَحرِصُ بِنفسه على تَجهيز حَقيبتِه ، يَهتَّم بادقِّ تفاصيلِه فَما من احدٍ سيُقدرها غَيرِه
شَكَّلت ايڤا وَجه عابِس تُكتف يَديها الي صَدرِها بينَما تنطِق " يالَك من مُمل! ابي انت تُثبت لي حقًا انك ثلاثيني جاد! " دَنت منهُ اكثَر تُحيط وَجنتيه بيديها تتجاهَل نَظراتِه المُميتَة إذ اكمَلت مُبتسمَة " رُبما هذا العام سَنجدُ لك عَروس "
نَفض يَديها عَنهُ و عبّر باهتياجٍ على أخِر ما نَطقت " انتِ تَعرفين رأيي بِشأن هذا الموضوعِ جَيدًا ! كَفاكِ "
هي اعتادَت على خَوضِ نقاشاتٍ حادَة معهُ في مِثل هذا الموضوع
لَكنها لم تَيأس بَعد اذ اضافَت بِاصرار
" شِئت ام ابيت ، سازوجك جُيون ، انت عَليك ان تَحصُل على امرأة " اشارَت عَليه باصبعِها تُخاطِبه بِجديَّة ، احيانًا تتناسَى انهُ والِدها لِقُرب العُمر بينهِما و لِفرط الدَلال الذي يَمنحهُ اليها لِذا هي تَكسرُ كُل الحواجِز مَعه
" ايڤا ! " نَهرها بِنبرةٍ جادَة مُخيفَة سَتذب الرُعب في كُل سامِعها ، إلا هي فَعلى كُلٍ هو لَن يستطيعُ ايذاءِها مَهما تمادَى لِذا اجابَتهُ بعدَما تخصَّرت " جُيون ! هل تُصِّر على اكمالِ حياتك اعزَب ..؟ تَوقف عن حَبس نفسكِ بِداخل ذِكرياتِ والدتي ! هي تُوفَت و انتهَى "
على الرُغم من ادراكِها الي مَدى حُب و تَعلُق والِدها بامِّها
لَكِنها اكثرُ من يعلم ان سَجن نَفسه بين ذكرياتِها يؤذيه
يعلمُ ان النِقاش مَعها لن يُجدي نفعًا فَهي عنيدَة
احيانًا يُلقي الذنب على نَفسه لانه افرَط في تدليلِها فلا يَملكُ عليها هَيبة الوالِد المُتسلِّط ، لكنهُ يحب دفئ عِلاقتهما
واصَل تَوضيب اغراضِه مُتجاهِلاً كَلامِها إذ وَجدها تجلِسُ فوق فِراشه تُحاكيه بتفاصيل يَومِها دون كَللٍ او مَلل ، ملئت رِئتيها بالهَواء النَقيّ ثمّ قالَت
- ابي انت طَلبت مني ان اقضي بِضع ايام مع العائلَة الملكيَة لعلِّ انسجمُ مَعهم بِحكم انهم اسرَة امِّي ! لَكن لا ، انا لا اشعرُ بالانتِماء ابدًا ، كانَت تلك اسوء ايام حَياتي على الاطلاق
استَقامت تقفُ فوق السَرير تُمثِّل لهُ ما جَرى مَعها
- اولاً بدأت تُخاطِبُني الخادمَة الملكيَة بنبرَة مُتعاليَة كَما لو اني اعملُ لَديها ، قالَت اني اميرَة و عليّ الالتزامُ بالقواعِد الملكيَة رُغمًا عني ، ارغمتني على ارتداء المَلابِس الفضفاضَة و الفَساتين ذات الرِقاب الطويلَة ، بدأت تُعلمني طريقَة سيرٍ مُعينَة و غريبَة ، مَمنوع ان احني ظَهري حتَّى ، البستني مِشَّد ضيق مَنع عليّ التنفُس ثُمّ خمِّن ماذا ..؟
كَبت جُيون ضِحكته على مَلامِح ابنتِه المُنصدِمَة إذ قال يُجاريها بِلُطف " ماذا ياحَبيبتي ؟ "
مسَكت ايڤا رأسِها بِكلتا يَديها تَنطِق بعدم تَصديق " الي جانِب طريقَة الاكل الغريبَة التي لَديهم ، لَكنهم لا يأكلون التوابل في الطَعام ! هل تُصدق ؟ قالَت انهُ ممنوع لانها تُنتج روائح كريهَة في الجِسم ، ابي هل هذا مَنطِق ؟ امي كَيف كانت تَعيشُ مَعهم ؟ ان تَكوني اميرَة شئ بغايَة الصعوبَة "
خَتمت حَديثها بالقاء جَسدها مُهملاً على فِراش جُيون الذي اطلَق صراح ضِحكَة خَفيفة من ثِغره ، اقتَرب يجلِسُ بجانبها و يُمسك بيدِها بين كَفه مُتحدِثًا " والدتكِ خُلقت اميرَة ، ايّ انهُ منذ صِغرها اعتادَت على عَيش حياة كَتلك "
لم يُعجبها حَديثه ابدًا
نَفت تعترِضُ و قالَت عابِسَة " كلا جُيون ، حَياة كتلك خانقَة! انت مُحاط بالقوانين مِن كُل صَوب ، شعرتُ بالاختِناق بِحق "
تفهّم وِجهَة نَظرِها و بات اكثَر خوفًا مِن مُصارحِتها بِما يجوبُ فِكره
ودّ مُطارحتِها الفِكرَة بِلطف لِذا قال بينما يَضع يده فوق خُصيلاتِها برقَّة
" الم يَلفِت انتباهكِ احَد هُناك بالقصَر ؟ " حَدق في عُيونِها السَوداء كَخاصتِه يَنتظِرُ جوابًا مُرضِيًا ، صَمتت لِقليلٍ من الوَقت ثُمّ اجابَتهُ " لا! كُل ما لَفت انتباهي اني حَمدتُ الاله ان اُمي لم تتزوج مَلكًا او اميرًا ، من الجيد انها تَزوجتك حَتى تُنجبني خارِج اطار الحُكم ، انا اُحب الحُريَة "
تَنهد من حَديثِها ثُمّ اومَئ بِهدوء ، هو لَن يستطيعُ ارغامِها على شَئ في الاخِر
فِكرة ارسالِها لقضاء وَقتٍ في القَصر الملكيّ كانَت افشل خُطَة لِتقريبها من وَليّ العَهد ، ابنتهُ مُتمردَة و لَن تقبل أن يَتم تقييدِها البتَّة
في الواقِع ، سَبق و ان ابدَى الامير اعجابِه بِطفلته
يَراهُ جُيون شاب مُتحضِّر ، طَموح ذا اخلاقٍ حَسنَة
الي جانب انهُ الملك المُستقبليّ لمملكَة عُظمَى لِذا وَجدهُ مناسبًا لصغيرتِه
رُبما سيطمئن عليها بِجوارِه ، لَكن يبقَى رأيها و راحتِها هي الخيار الاول بالنِسبَة اليه ، المُهم لَديه ان تَكون سعيدَة و راضيَة حتى لو اختارتهُ فقيرًا
لَم تكُن المناصِب يومًا تَهمه بِقدر جَوهر و مَعدن الشَخص
ابتَسم لها بِحُب ثُمّ قَبل جَبينها قائِلاً " حسنًا صغيرتي ، لدينا الكَثير من المُغامرات التي سَنخوضها في كوريا هِمم ؟ اذهبي لترتاحيّ ، سَتُقلع الطائرَة فجرًا "
حَركت رأسها تتجاوَب معهُ بابتِسامَة لطيفَة ، احتَضنته و قَبلته بِحُب بالِغ فَهو مَلاذها الآمن دومًا ، مَنحت نَفسها قدرًا من الرِعايَة عبر عِناقه ثُمّ تركتهُ يَعتني باغراضِه قَبل ان تتوجه الي حُجرتها تَستحم
الايام الماضيَة كانت جَحيمًا بالنسبَة اليها
تودّ ان تنسى ذَلك الكابوس
في حين انَّهُ انغَمس في تَجهيز اغراضِه يُهيئ ذاتِه لِذلك اللِقاء الذي يُجزم انَّه سَيكونُ مُحمَّلاً بِفيضٍ مِن المَشاعِر المُحببَة
مَشاعِر نَقيَّة للغايَة
•••
- سيد جُيون ، مرحبًا بِك في منزِلك
تنحني الخادِمة ذاتُ العقد الخامِس تَقومُ بِتَحية سيدِها الذي وَطئت اقدامِه للتَو مَنزِله في بِلاده ، لِيكون صادِقًا ، هذه اولّ مرَّة لهُ يتواجدُ بِه
بَناهُ منذ سَنواتٍ و لَم يجرأ على العَودة الي بِلاده لِذا اكتَفى برؤيته عَبر الصُور و تَوكيل خَدم و حَرس يَهتمون بِه في غيابِه
ابتَسم للمُسنَة يُومئ بِرأسه قائِلاً " مرحبًا بكِ سيدة كيم " جال بِعَينيه انحاء القَصرِ يَتفقَده بِرضَى ، تَصميمه يُشبه ذوقه تمامًا
ظَهرت ابنتِه من خَلفه تُحدِث ضجَّة تَسببت في انتِفاض الخادِمَة
" مرحبااا ، انا اُدعى ايڤا "
ابتَسمت الخادِمَة بارتِباك لتومئ لها تُرحِب بِها ، لم تكًن تعلم ان شَخصية ابنَة الوزير اندفاعيَة لِذا تفاجئت حينَما منحتها الصُغرى حُضنًا لطيفًا قالَت عبره " مرحبًا بكِ ، لابد انكِ السيدة كيم اللطيفَة ، ابي يتحدَث عن وفائكِ الدائم "
تجاوَز جُيون ابنتِه التي يَعلم مِقدار اندفاعِها عند اللقاء الاول و سار الي الطابِق العلويّ حَيثُما تَمكُث غُرفتِه ، تَرك صغيرتِه تنغمسُ في الاحاديث مع الخادِمَة فَهي ذاتُ شخصيَة اجتماعيَة للغايَة
مَرت بِضع ساعاتٍ استَراح فيها و أخذ قِسطه من الراحَة حتَى وَجد صغيرته تنتصِب امامَه و بين يَديها صَحن مَليئ بالفواكِه المُقطعَة ، جَلست تتربع امامَه قائِلَة " فهمتُ لما نحنُ هنا ، هل تُريد البحث عن تلك الفتاة؟ "
حَدق بها مُستغرِبًا ، اعتَدل في جَلستِه يسألها بِحاجبٍ مَرفوع " كَيف علمتِ ..؟ "
نَمت على شِفاهها ابتِسامَة شريرَة إذ بدأت تضحك و هي تَحشُر فمها بالفواكِه ، ابتَلعتها ثُمّ قالَت " كَيف عَلِمت ..؟ هل تسألني انا هذا السُؤال ؟ "
وَضعت الصَحن فارِقًا بينهُما ثُمّ اكمَلت مُبتسِمَة بِخُبث " رأيتُ ذلك الملف الذي جاء بِه العم جيكوب ، رأيتُ صورتها ايضًا ! الاهي يا ابي ، انها فاتِنَة للغايَة "
تَجهّم وَجهه و لم يَستطِع اخفاء غَيضِه لانها رأتها قَبله ، لَوى شِفاهه بعدم رِضى فاحتَفظ باستِياءه لِنفسه و لم يُشارِكها اياه ، اكمَلت بِحماسٍ بالِغ لم تستطِع كَتمه " نحنُ ندرسُ بذات الكُلية! ستُسجلني معها اليسَ كذلك ..؟ "
" ستُصبح صديقتي حتمًا " فاض بِها الحَماس و ذلك يُقلق والِدها الذي نَقر رأسِها باصابِعه يَنهرُها بحدَّة " ايڤا كَفاكِ ، اذهبي للنَوم بدل التَفوه بالتراهات " طَردها بِدفعه لها خارِج جَناحه
اغلق الباب عَليها كي لا تَقتحم مِساحته الخاصَة
هذِه مُعاناة من يمتلِك ابنة مُتطفلَة لابٍ عازِب!
عَبست تَركُل الباب بِغَيض مُتمتمَة بِحنق " قاتِل المُتعَة ، ساصبح صَديقتها و سَترى " صاحَت تُسمعه قَبل أن تَسير مُتمايلَة نَحو غُرفتها في الطابِق السُفلي
دَخلت تُغلقها وراءِها قبل ان تُناظر الباب الزُجاجيّ الذي يطِّل على الحديقَة الواسِعَة ، سارعَت في الرَكض نَحوه قَبل ان تفتحهُ و تُخرج رأسها تَلُف بِعَينيها حَول تلك المساحَة الخَضراء باعجاب
اخرَجت جَسدها بأكملِه و لَم تهتم بِتلك النَسمات البارِدَة التي تَصطدمُ بِجَسدِها لِذا واصَلت سيرِها بِخُطواتٍ مُبعثرَة كَخُصيلاتِها الىُتطايرَة في الهَواء
وَقعت عُيونِها على جَسد رُجوليّ يَقعُ على بُعد امتارٍ مِنها يَقومُ بافتِعال التمارين الرياضيَة ، كَفتاة فُضوليَة لم تَكبح رَغبتها المُلحَّة في القاء نَظرة
لاسيما شَخصيتها الاجتماعيَة التي قَررت التَدخل و الهَرولة تِجاه الرَجُل الماكِث قُرب المُلحق التابِع للقَصر
- مرحبًا !!
ارعَبتهُ بِصوتها العالي فَقد اعتاد على الهُدوء الدائِم ، انتَفض جَسده لِيكشف عن وَجهه و عُيونه البُندقيَة تُناظِرها بِاندهاش ، كان جالِس على رُكبتَيه لِذا سُرعان ما نَهض يُشكِّل فارق طُوليّ بينهُما
رَفعت رأسِها اليه تُطالِع هيئته بانبِهار
لَم تكُن تظنُّ يومًا ان الكوريون وَسيمون!
لم يَرّد عَليها التَحية و ذلك ازعَجها ، تَحدثت مُجددًا حينَما تجاهلها " الا تملكُ لسانًا تَرد فيه التَحية ؟ "
" من تَكونين و مالذي تَفعلينه هُنا ؟ " سألها بِنبرَةٍ جامِدَة ، ارتَفع طرف شِفاهها بِسُخريَة إذ سألته في المُقابل " من تكون انت ؟ "
" السُؤال لا يُرد عليه بالسُؤال " اجابَها بِحاجبٍ مَرفوع لِتنطِق مُنفعلَة " انت من اجبت سُؤالي بِسُؤال اولاً ! "
" لا يَهم ، غادِري هيّا فالسيد جُيون لا يُحب المُتطفلين " دَفعها من كَتفها غيَة رَحيلِها ، خَمن انها ابنة الخادمَة المنقولَة حديثًا الي القَصر لكونه سَمع عن امتلاكها لِطفلة جامعِيَة
" لا تَدفعني يا هَذا ! لما انت وَقح؟ " حادثتهُ بِلغتها الكوريَة الركيكَة و ذلك جَعله يُفكِر لِلحظات ، ناظَرتهُ بجديَة و اكمَلت " انا ابنة سيدك لِيكن في عِلمك "
اندَمش اكثَر لِيوسع عَينيه البُندقيَة مَذهولاً ، لَم يسعهُ سِوا تَقديم الاعتذار عَبر انحناءٍه لها و ذَلك جَعلها راضيَة بعض الشَئ " انا اسِف ، خِلتك ابنة الخادمَة المنقولة حَديثًا "
شكَّلت ابتِسامَة خفيفَة ثمّ حركت رأسها نفيًا " لا عَليك! انا اُدعى جُيون ايڤا و انت ..؟ " هي مُصرَة على تَكوين الصداقات اينَما ذَهبت
" كيم تايهيونغ " عرَّف عن نَفسِه لِتتوشَّح ابتِسامَة لطيفَة على شِفاه ابنة الوَزير التي قالَت " انت ابن السيدة كيم اللطيفَة ؟ "
تعجَّب لِنعتها لوالدته باللطيفَة!
فالجَميع يخافُ منها لِصرامتها حَتى هو
حينَما اراد ان يُجيب لَمح جَسد جُيون يَقفُ عند شِرفته يُراقِبهما بِهدوء ، انحنَى لهُ باحتِرام لِيحمل جَسدهُ يسيرُ بعيدًا عن مُتناول اعيُن الصغيرَة التي عَبست بتذمُر ، التَفت نحو والِدها تُطالعه بِغَيض
هو دومًا يُبعد عَنها الجَميع لِيضمن سَلامتها من مَنظورِه
فهي ابنَة شخصيَة مهمَة ، سَتكون مُعرضَة للاستِغلال دومًا
اشرّ لها بالدُخول فَمامِن حيلَة لها سِوا الامتِثال و الانصياع الي رَغباتِه
دلَفت الي غُرفتِها مُرغمَة مُجبرَة
•••
تَجلِسُ فَوق كُرسيّ مِرآتها تُناظِر مَلامحها الشاحِبَة بعدما سَجنت نَفسها اليوم بطولِه بداخِل حُجرتِها ، ظلَّت طيلَة الوَقت تَبكي ما أدى الي انتِفاخ عُيونِها العَسليَة
تَكرهُ واقِعها الذي رَماها بِداخل قُضبان زَوج امِها المُتوحِش
تَكرهُ نَظرتهُ اليها ، تَمقُت بشدَّة جَمالها الذي جَعلهُ مهووس بِها
مَسحت على وَجهِها تُزيح دُموعِها بِرفقٍ فلا أحَد يستطيعُ مواساتِها كما تَفعلُ هي مع نَفسِها ، تُواسي روحِها المَجروحَة و تُضمِدُها
" حسنًا سويون لا تَبكي! هيّا لِنضع القَليل من مَساحيق التَجميل نُخفي هذا الوَجه المُتعب " هَتفت لِنفسها تَصنعُ ابتِسامَة تَعكسُ انكسار خاطِرها ، بدأت بِوضع مساحيق التَجميل الخَفيفَة تستُر بِها ذلك الخَراب المُنبّث من داخِلها يُظهر علانيته على شُحوبِ مَلامِحها المُرهقَة
اُعجبَت بالمَظهرِ النهائيّ فودّت التِقاط بَعض الصور لِنفسها كَتِذكارٍ لِيَومٍ سوءه لا يَقلُ عن سابِقه ، هي تُحِب توثيق لحظاتِها كَيّ حينما يُزهر حالِها مُستقبلاً تَعودُ لِمُشاهدة الصُور التي كانَت مُجرّد ذِكريات مؤلمَّة
ذِكرياتٍ شَوهت الكَثير بِها
مَنحت نَفسها ابتِسامَة ضِد الكاميرا التي تَعكسُ صورة وَجهِها اللَطيف ، مَلامِحها طُفوليَة تتسِّم بالبَراءة و الرِقَة ، ناعِمَة بشكلٍ آسِر
ورِثت جَمالِها من والدتِها
و عُيونِها الواسعَة من والِدها
هي لَم تشعُر بِـ هيئة الجَسد الواقِف خَلف بابِ غُرفتِها
تناسَت الباب مفتوحًا و لم تَضع لهُ القِفل حينَما خرجَت للاستِحمام قَبل ساعَة
لِذا سَهُل على اُختها الصُغرى ان تَفتح الباب بِخفَة و تَنظُر الي ما تَفعله بِعَينين مُصغَرتين ، نَمت ابتِسامَة ماكِرَة على شِفاهها إذ اندَفعت الي الداخِل و اتكئت على الجِدار تُكتِف يديها بِحاجبٍ مَرفوع " مالذي تَفعلينه ؟ "
انتَفض جَسد سويون التي اوقعَت هاتِفها مِنها و التَفت تِجاه اُختها تُناظِرها بِفَزع " اخفتِني! كَيف دخلتِ؟ " هَرعت لانتِشال الجَوال ألا انِّ الاخرَى سارعَت لاخذِه و تفقَّد تلك الصُور بِحاجبٍ مَرفوع " لِمن تلتقطين كُل هذه الصُور ؟ "
" سولبين كَفاكِ و هاتي هاتِفي " تَحدثت سويون تصِّر على اسنانِها مُغتاضَة من تصرفاتِ شقيقتِها المُستفزَة ، دَنت مِنها تُحاول اخذ هاتِفها ألا انِّ الصُغرى دَفعتها الي الخَلف من كَتفها مُتحدثَة " ليس قَبل ان يَرى ابي هَذا ! "
توسعَت عينيّ سويون التي نَفت برأسها و يَديها مُعترِضَة بِخَوف " ل..لا ! سولبين لا تَفقدي صوابكِ ، انا التقطُ الصور لنفسي فقط ، الستِ تفعلين ايضًا ..؟ "
" اجل انا التقطُ الصور و اُرسلها الي حَبيبي ايضًا ، لكِن انتِ لا! لا يَحق لكِ " تَحدثت الصُغرى بِتعجرُف بينَما تبتسِمُ بِخُبث ، تستغِّل فكرة ضعف اُختها امام والِدها لِكونه يُسيطر كُليًا على حياتِها ، هي تستلِّذ برؤية مُعاناتِها
خِصالُها لَيست حَسنة البتَّة
ارتَعد جَسد الكُبرى حينَما صاحَت سولبين بِصوتٍ عالٍ تُنادي على والِدها الجالِس في الصالَة يحتسي قَهوته " ابيييي ، تعالَى اُنظر بِسُرعَة مالذي تَفعله سويون " بِمُجرَّد ان سَمِع اسم ابنَة زوجتِه هَرع من مَجلِسه الي حُجرَة من حاوَلت دَفع اُختها الي الخارِج و الاغلاق على نَفسها
لَكِن سولبين مَن اتخَذت خُطوتها بالدُلوف الي عُمق الغُرفَة بينَما تُلوح بِهاتفها عاليًا و ابتِسامَة خَبيثَة تَحتضِنُ شَفتيها ، وَجهت سويون عُيونها نَحو مارك الذي دَخل وراء ابنتِه مُتحدِثًا " مالذي يَحدُث ..؟ "
" اُنظر ابي ، رايتُ سويون تلتقطُ الصور لنفسِها و تُرسلها الي الشباب " تَحدثت سولبين بينَما تَمُد بهاتِف سويون نَحو والِدها الذي سُرعان ما امسَكهُ يتفقَّده و شَرار الغَضب يَتطاير من عَينيه البُنيتَين
ارتَعش قلبُ سويون التي نَفت برأسِها و يَديها تَقترِبُ من الاكبر سِنًا مُفسرَة " ك..كلا انها كاذ..كاذبَة ، انا لم افعَل شيئًا ، التقطتُ صور لنفسي فقط "
وَضع الاكبر عُيونِه على وَجه ابنَة زوجتِه يَراها تتجمَّل و تُبرز فِتنتِها بِشَكلٍ افقدَه صَوابه ، رَفع يَدهُ عاليًا لِيقوم بِصفعِها بِعُنفٍ حَتى التَفت وجهها للنحوِ الأخر ، لَم يكبح رَغبته بالصُراخ و تَشويه ماتبقَى سليمًا بِداخلها
" ايتها العاهرَة ! صباحًا حَدثتكِ عَن التجمُّل و التبرّج كالساقِطات ، و الان تلتقطين الصُور لارسالها الي الشَباب ؟ اورثتِ عُهر والدتِك ؟ " تَشبث بِخُصلات شَعرِها يَجذِبها بِقسوَة مُتجاهِلاً تَجمع الدُموع في عُيونها العَسلية التي تُطالب الرَحمة
رأى شِفاهها تَنزِف لِقسوَة صَفعتِه لَكنهُ لم يُبالي بَل عاود صَفعها مُجددًا يُرضي غُروره " انتِ تتمادين بِشَكلٍ يُرغمني على ابطالكِ من هذه الجامعَة التي زادتكِ فسادًا " هسهَس يُوجه رَكلة اليها بعدَما سقطَت على الارض من قوَّة ضَربته
رَفعت عَينيها العسليَة تُناظِر اُختها التي تُشاهِد بِحقدٍ بالِغ ، جابهَت دُموعِها بِصعوبَة إذ شاهَدتهُ يَسيرُ نَحو طاولَة تبرجُها حَتى يتخلَّص من مساحِيقها و تَدميرِهم كُليًا
بَدى الامرُ اشبَه بِتدمير روحِها
هي مُغرمَة بالتَجميل و مُتعلقاتِه
لَقد ادخَرت مصروفِها لاشهر و امتَنعت عن الطَعام كيّ تستطيعُ شراءِهم
زَحفت على رُكبتيها نَحوه بِسُرعَة ثُمّ استقامَت تَقومُ بامساك ذِراعه تترَجاهُ بِضعف " ار..ارجوك ، لا تف..تفعل " نَظرت في عُيونِه لعلّه يَلين لَكنه ازداد قَسوَة حينَما رَدعها بِكوعه و راح يُحطِّم مُنتج تِلو الأخر امام ناظِريها
اصواتِ انكسارِ عُبوات تَبرُجها تُشبه صَوت حُطام قَلبها
تَذرِفُ دموعِها بِغزارَة ما إن هُزِمت في تلك المُجابهَة
عواطِفها تَغلبت و مَشاعِرها المَكبوتَة كَشفت عن نَفسها على هيئَة بِلوراتٍ شفافَة تُغطي سائِر وَجهِها
اختَنق صَدرها و زاد ضيقًا عَليها ما ان راح يَدعس على حُطام مِكياجها على الارض غَير مُبالٍ بِبُكاءها و ضِعفها
لَم يَكتفي عِند ذاك
بَل حطَّم هاتِفها بِعُنفٍ فَوق تِلك المَساحيق مُتجاهٍلاً صُراخِها الباكي
كسَر لها آخِر اداةٍ تتواصَل فيها مع العالَم
كَبح حُريتها للأبد
" ل..لما ؟ لما فَعلت ذَلِك ؟؟ " صَرخت بِه بِضعفٍ ثُمّ حاوَلت ضَربه بِعشوائيَة تُفرغ جُزءًا من حِرقتِها ، تَشبَّث بِمعصَميها يُثبت انتفاض جَسدِها مُهسهسًا " اغلقي فمكِ ! انتِ آخر من يَحقُ له التَحدُث سويون "
دَفعها بِعُنفٍ فوق فِراشها يُشير عَليها بسبابتِه مُهددًا " اُقسم ان لَم تستقيمي ، سامنعكِ من الجامِعَة و احبِسكِ هنا الي الابد "
شدَّت على قَبضتيها تُحاول السيطرَة على اهتياج مَشاعِرها ، كَبحت غصتِها لَكِن كَلِماتها المريرَة تسرَبت تَلومه بِقَهر " لِما تَفعل ذلك بي؟ مالذي فعلتهُ لك ، لِما سولبين تَعيشُ حياة طَبيعية و انا لا ! قُل لي؟ "
خَطى نَحوها بِضع خُطواتٍ يَنخفِضُ الي مُستواها حَتى يتمكَّن من لَف قبضتِه حول خُصيلاتِها الشَهباء ذاتِ لون الشوكولاتَة
ناظَر عُيونِها بحدَّة مُهسهسًا بِسُمومِه التي تَقتُل قلبِها " لانكِ لا تُريدين استيعاب انكِ لي ! انتِ مُلكي و لا أحَد يُمكنه النَظر الي وَجهكِ البهيّ دوني "
بَكت بِحرقَة على حالِها و حاوَلت رَدعه تَصرُخ بِه بِمرارَة " انت زوج اُمي ايها المَريض ، كَيف يُمكنك ان تراني بِهذا الشَكل المُقرف ! انك بِعمر والدي " تَحركت بانتِفاضَة تُحاول ازاحته لَكنهُ صَلبّ يُقيد قِواها بِجبروتِه
مَسكها من ذَقنها بِعُنفٍ يُناظرِها بِحقارَة تَفطرُ روحِها ، هَمِس لها و ابهامِه يَمسحُ على شِفاهِها الدامِيَة بِبُطئ " سيأتي اليَوم الذي سامسحُ فيه دماء عُذريتكِ تمامًا كَما افعلُ الان ..! "
غَرقت عُيونها في الدُموع و قَد زادَتها كلِماته سوءًا ، لم تَكبح رَغبتها المُلحَّة في البَزق بِوجهه إذ امتَثلت لِشُعورها و مَلئت مَلامُحه بلعابِها الدامي مُهسهسَة في المُقابل " في احلامك ايها العَجوز الخَرِف "
اغَلق عَينيه مُغتاضًا من بَزقها على وَجهِه لِيقوم بالمَسحِ على مَلامحِه يُبعد ذلك اللعاب المُختلِط بالدِماء ، تَنحى عَنها و راح يَفُك حِزام بِنطاله قائِلاً " يبدوا انكِ اشتقتِ لعلاماتي على جَسدِك ! "
ارتعَد قلبُها ذُعرًا لَكِنها لَم تُظهِر ، بَل تظاهَرت بالقوَة تَكبحُ خَوفها عَنهُ كي لا يستلِّذ بِمُعاناتِها ، تراجَعت خُطواتٍ الي الخَلف تزحفُ على السَرير لعلَّها تَحمي جَسدِها الضَعيف لَكِنه أمر اُختها بالرَحيل و اغلاقِ الباب خَلفها لينفرِد بِها
نَظرت نحو اُختها تترجاها بِنظراتِها ان تَمُد يد العَون ألا انّ الصُغرى ابتَسمت بِخُبثٍ تُلوح لَها و هي تَسلك وِجهتها الي الخارِج تُحكم اغلاق الباب وراءِها
اتَكئت عَليه تُنصِت الي اصواتِ صُراخ اُختها بعدَ مُرور بِضع ثوانٍ
صياحِها المُتألم يَشفي غُرورِها و غيرتِها الشَديدة مِنها
" دَعيه يُشوه ذلك الوَجه الجَميل! " هَمست سولبين ساخِرَة تستمعُ الي صَوت تراطُم حزام والِدها بِجلد الكبرى يَختلطُ بصراخِها المُتوجِّع طلبًا للرحمَة
غادَرت تترُكها خَلفها مُحطمَة الروحِ و الجَسد
بَعد ان ضُربَت حتَّى دَمت
كُل انشٍ في جَسدِها يَرتعِش لِهَول الوَجع
بَشرتها مُخدرَّة ، لم تَعُد تشعُر بِها لِكثرَة التورُّم
اختَلت بِنفسها في الزاويَة و هي ترتعِد من الوَجع
دُموعها تنسكِب دون انقطاعٍ تُحاوِل لملمَة شتاتِها و احتِضان نَفسها للتَخفيف من جِراحِها النازِفَة ، لَكن كُل انشٍ بِها يُحاول الاتكاء على انشٍ يتألم اكثر منه
تَركها دامِيَة الجَسد قَتيلة الروح
اغلَق الباب وراءِه بالمِفتاح يَمنعُ دُخول احدٍ عَليها
لاسيما والِدتها التي كانت خارِجًا و بِمُجرَّد ان عادَت حاولَت الدُخول الي ابنتِها لَكنهُ مَنعها و فَرض جَبروته عَليها ، تركها تَبكي امام غُرفَة طِفلتها بِحرقَة على حالِها فَما بيدِها ايّ حيلَة ، زوجُها خَطير بالفِعل و مُتسلِّط
تَسمعُ صَوت أنين صَغيرتِها و ادرَكت حَجم الضَرر الذي الحَقه ذلك الظالِم بِها
تُواسيها و هي تَنطِق بِكلماتٍ تَزيدُ حِرقَة قلب الصُغرى
تتأسف و كأن الذَنبُ ذَنبها ..؟
كَما لو انَّها خُيرت ان تتزَوجه
اكثَر ما يُؤلِم قلبُ سويون انَّها على دِرايَة بِقصة والِدتها جيدًا
اُمها ضَحيتِه كَما هي تَمامًا
•••
- ابي ، مرّ اسبوع على ذَهابي الي الجامعَة و لم ارها بَعد
صَدح صوتُ ايڤا تُخاطِب والِدها الجالِس عند مَكتبِه يَحتسي قَهوته ، كانت للتَو قد عادَت من جامِعتها التي نُقلت لَها حَديثًا ، دَنت للجُلوس قرب جُيون الذي عَقد حواجِبه بشدَّة يستنكِرُ كَلامِها
" لِما ؟ اترى اصابَها مكروه ..؟ " سألها و قَد بدا قَلِقًا بِشَكلٍ جَعل الصُغرى تبتسِمُ بِخفَة ، اعتَدلت في جَلستِها تَضع حَقيبتها امامَها مُتحدثَة " في الواقِع سألتُ بَعض الطلبَة عنها و قالوا انها تتغيَّب احيانًا لِما يُقارب الاسبوعَين ، رُبما ستأتي غدًا ..؟ "
قَطب حواجِبه يُقلِّب افكارَه بِداخل رأسِه مُتسائِلاً عَن حالِها
غَلبه القَلق لَكن ما باليَدِ حيلَة
هو للان لازالَ لا يَعرِفُ شَكلها او مَلامِحها حتَّى
يودُّ التَعرُّف عَليها بِنفسِه
لَمحت ايڤا مَلفًا بالقُرب من والِدها ، لم تَكبح فُضولها بَل دَنت لِجذبه و تَفقده بِعَينيها السَوداء تَرى صُورة شَخصيَة لَرجُلٍ بدا بَدت تراهُ للمرَّة الاولَى
قرأت اسمهُ بتعجُّب
- واديسون جون ..؟
رَفعت عُيونِها الي جُيون الذي جَذب المَلف اليه مُبتسِمًا بعدَما سَرقته من سَرب افكارِه " هل تَعرفين هذا الشَخص ..؟ " سألها بِشك بينَما يُصغِّر عَينيه
حركَّت رأسِها نَفيًا و عَلامات التعجُّب تَغزوا مَلامِحها ، تبسَم مُرتاحًا إذ ضَمن انّ هَيئتهُ تبدلَّت كُليًا فابنتِه بحدِّ ذاتِها لم تَعرِفه
" انهُ انا ! "
بالكاد صَدقتهُ حينَما اشار على نَفسِه مُبتسِمًا ، وَسعت عُيونِها تَشهِق بذُهولٍ لِتعاود سَرقة المَلف و تَفحَّص الصورة بِعنايَة ، حينَما امعَنت النظر الي تفاصيلِه ادرَكت حَجم التشابَه بينهُما لِذا قالَت " يا ابي! لَم اعرِفك بدايَةً ! للوهلَة الاولى ظَننتهُ رَجُلاً مُختلفًا تمامًا ، ماهذا الشَعرُ الغَريب ؟ "
احتَسى من كوبِ قَهوتِه يَصنعُ ابتِسامَة هادِئَة لِمُحادثتِها " هَدف هذا التنكُر ألا يتعرَّف عليّ احَد " وَضع كأسه فوق الطاوِلة يُكمل موضِحًا " انا شَخصية عامَة كما تَعرفين ، الجَميعُ يعرِف شَكلي ، لا اودُّ ان اكون مَحط انظار الكَثيرين لِذلك ساتنكّر "
حاوَلت ايڤا فَهمه اكثَر إذ سألته " لكن لِما ستتنكر بالضَبط ..؟ " نَظرت بِداخِل عَينيه تَجِده يُلملم اوراقِه بينَما يستَقيمُ من مِقعده " ساخبركِ لاحِقًا! مُفاجاة "
جَعلها تَقِف يستعِد لطردِها و التَوجه الي عَمله قائِلاً " هيَّا غادري دَعيني اُتمم عملي ، نَلتقي لاحِقًا "
صَدح صوتُ تذمُرها لَكنهُ تجاهلها و هَرب بِنفسه بعيدًا عَنها
ان بَقى يُسايرها فسيُمضي اليَوم بأسرِه يستمعُ الي حِكاياتِها التي لا تنتهي
هي لا تَمتلكُ اصدقاء كُثر لِذا بالنسبَة اليها هو صَديقها الوَحيد
تقارُب العُمر بينهُما جَعل عِلاقتهما وطيدَة بشدَّة
•••
اليَوم الذي يَليه
تَجلِسُ سويون عِند مرآتِها تُناظِر مَلامِحها المُدنسَّة بِكدماتٍ بِفعل زوجِ امِها الواقفَة وراءِها تُسرِّح شعرِها الاشهَب ، غادَرت تنهيدَة ثقيلَة صَدر الكُبرى التي انخَفضت لِتقبيل رأس ابنتِها قائِلَة
" اذهبي اليَوم الي الجامعَة همم؟ لعلكِ تتناسين و تندمجين مَع شِلتك قليلاً " مَسحت على عضديّ صغيرتِها تَرى حَجم الضَرر الماكِث في عُيونها المُتورمَة بفعل البُكاء ، كَبحت غِصتها بصعوبَة ، هي تراها تَذبل امامَها دون ان تَمّد يَد العَون
احتَضنتها من الخَلف تُقبل وَجنتها المُحمرَّة هامِسَة بِحُزن " انا واثقَة انكِ ستصبحين بِخَير قريبًا ، جِدي شَخصًا يُناسبكِ في الجامعَة و تَزوجيه "
ارتَسمت ابتِسامَة ساخرَة على شِفاه الصُغرى التي نَطقت بِمرارَة " من ذا الذي سيتزوجُني و زَوج والدتي زَعيم اكبر مافيا في آسيا ..؟ اتظُنين انهُ لن يُقتل بسهولَة يا امي ..؟ "
تَسربت دَمعة قَهرٍ من عُيونِها جرَّاء كَبتها ذلك الوَجع بِداخلها " هو لَن يسمَح لي بالعَيش بعيدًا عن جَناحِه ، حتى اني هَربتُ ثلاث مَرات و امسَك بي ، يُريدني ان ارضَخ لهُ و انا يَستحيل ان اُسلّم نَفسي الي قَذرٍ مثله "
انتهَت الكُبرى من تَسريح شعرِ ابنتِها اذ قامَت بجعلها تلتف اليها حَتى تستطيع رؤية وَجهِها الشاحِب بوضوح اكثَر ، احتَضنت وَجهها بِداخل كَفيها تُزيح دُموعها بابهامَيها قائِلَة " انا لَديّ أمل انكِ سَتكونين بِخَير ، انتِ ستعيشين حَياة جَميلة يا صغيرتي ، ليسَ كمثل امكِ ابدًا "
" لِما ابي لَم يبحث عنا يا اُمي ؟ " سألت الصُغرى بِوَجع تَبحثُ عن والِدها في عُيون امِها التي عَجزت عن اجابتِها ، سُؤالها فَتح جُرح قَديم في قلب الأم التي اخَفت نَزيف نابِضها بابتِسامَة مُزيفَة تُطبطب بِها على صَغيرتِها
" لابد انهُ يبحث عنكِ ، لَكنك تَعرفين جيدًا نُفوذ مارك ، سيُحاول تَضليله عنَّا "
كَبحت سويون دُموعها بِصعوبَة تومِئ بِقلَة حيلَة ، احتَضنت امها تَستجمعُ مِنها قِواها بينَما تُغمِض عُيونها بِتَعب مُفرَط ، والِدتها السَبب الرئيسيّ الذي يَجعلها تُواصِل العَيش في هَذِه الحَياة و إلا كانَت انتَحرت مُنذ زَمن
تَجهزت بِمُساعدَة والِدتها التي اعدَّت لها الفُطور و جَلست تُطعمها و تُحاكيها قليلاً للتَخفيف عَنها ، مارك مُسافِر مُنذ يَومين لِذلك سَهُل عليها البَقاء مع ابنتِها بقدرِ ما تَشاء
غادَرت الي الجامعَة رِفقة السائِق الذي شخَّصه مارك من اجلِها ، يأخُذها على الموعِد ثُمّ يُعيدها على تَمام موعِد خُروجِها تحديدًا
دَخلت الي الجامِعَة بِقلبٍ يُنافِس بُرودَة الجَو من حَولِها
تلبسُ مِعطفٍ كُحليّ يَعكسُ السَواد الذي يَكتسحُ دواخِلها تمامًا
على الرُغم من انَّها تتألم ، لَكنها تصنعُ ابتِسامَة تُنفي كُل ذرَّة وَجع داخِلها
تَبتسمُ للمارَة و تُوزِع الطاقَة الايجابيَة اينَما حَلت
تحتفِظ بِمواجِعها لِنفسها
لا تُريد ان تكون مَحط شفقة من احَد
سارَت في مَمرات الجامعَة تُجرجرُ خَيباتِها مَعها حَتى دَخلت الي المُدرَّج اينَما ينتصبُ البروفيسور إذ ادرَكت ان المُحاضرَة بدأت بالفِعل
دُخولها جَذب انتِباه الجَميع اليها لِكونها الشَخص الوَحيد المُتأخِر لاسيما البروفيسور الذي مَنحها نَظرة تَحملُ الغَضب لِمُقاطعتها شَرحه
اعتَذرت بِتَهذيب كَعادتِها قائِلَة " اسِفَة على تأخري ، هل يُمكنني الدُخول ؟ "
تَعرِف ردّه جيدًا ، هو سيطرُدها كَعادتِه بَعدما يُهينها امام بَقية الطَلبة بسبب تَخلفها اُسبوع كامل عن مُحاضراتِه ، لكن لابأس بالمُحاولَة
زَمت شِفاهها تترقَّب ردَّه ، تَجِده يَلبسُ نَظراتِه بِعنايَة يستعِدُ لِبدأ سَرب مُحاضراتِه التأديبية ، لم تكُن تَشعر بِزوج الأعيُن التي تُراقِبها عن كَثبٍ من احَدى مَقاعِد المُدرَج بل كُل تركيزها مُصّب على الذي يُقابِلُها
" انتِ تَخلفتي عن ثَلاث مُحاضرات بالفِعل انسَة بيون! لِذلك غادري و دَعي اهمالكِ يُفيدكِ في الامتحانات القَريبَة ، اُخرجي " طَردها و ذَلك لم يَهزّ مِنها شيئًا ، استعَّدت للرَحيل لَكن الصَوت الانثويّ الذي صَدح في القاعَة جَعلها تنتصِب مَكانها
" لا ! هي لن تُغادِر "
وَجهت سويون عُيونِها نحو الفتاة التي تجرأت على مُعارَضة البروفيسور الذي بِدوره صُدم ، نَظرته المُتفاجئَة شَرحت دَهشته ، ما جَعل الصبيَة تستغرِب انهُ لم يَغضب مِنها بَل تحدث مُتلبكًا " ل..لكنها تأخرت! "
هل البروفيسور البَغيض ذا الجبروت المَهول تَلعثم ..؟
نَظرت سويون باندِهاش نَحو الصَبية التي قالَت بِجديَة بينما تَدفعُ بحاجبها عاليًا " تأخرت لَكنها جاءَت ! ليسَ لديك الحَق بِحرمها من التَعليم! انت لا تعرِف ماكانَت ظُروفها حتى تخلَفت عن المَجيئ الاسبوع الماضي "
وَبختهُ و ذَلك جَعل صَدمة الجَميع تتفاقَم ، استَقامت الصَبية من مَكانِها تضعُ عيونِها على سويون المُنصدمَة إذ صَنعت من اجلِها ابتِسامَة رَقيقة ثُم قالت بِلُطف " تعاليّ ! هُنالك مكان شاغِر بالقُرب مني "
نَظرت سويون تِجاه البروفيسور الذي اضحَى مُتعرِقًا و لَم ينطِق بِحرف واحِد ، ذلك ما جَعل سويون تزدادُ تعجبًا!
كَيف استَطاعَت طالبَة ان تتعالَى عَليه دون ان يَتم مُحاسَبتها ..!
ساَرت بِخُطواتٍ مُترددَة تِجاه الصَبية حتى جَلست بالقُرب مِنها ، نَظرت نَحوها تَرى الحَماس يَطغى على مَلامِحها الطُفوليَة و ذلك زاد غرابتِها اكثَر
زمت شِفاهها مُبتسمَة بارتِباك لِتُعيد النَظر امامَها بِصَمت تُحاول التَركيز في المُحاضرَة دون الالتِفات الي ايّ مُشتتاتٍ اُخرَى
حينَما انتهت المُحاضرَة ورد الصَبية التي بالقُرب مِنها اتصالاً جَعلها تَستقيمُ و تُغادر القاعَة دون الاستئذان من البروفيسور الذي اوقَف شَرحه لِوهلَة يُطالع ظَهرِها ثُمّ واصَل مُمثلاً اللامُبالاة
راقَبتها سويون مُندهشَة إذ تَسائلت قائِلَة " من تكون هذه الفَتاة؟ "
بَللت شِفاهها الجافَة بِريقها ثُمّ غادَرت القاعَة بعدَما انتهَت المُحاضرَة ، كانَت تقفُ عند ألة بَيع المَشروبات و تَضع نقدًا مَعدنيّ بالداخِل تُحاول جَلب قهوة مُعلبَّة فبالكاد تَستطيعُ استِحمال ما تبقَى من المُحاضرات
عَقلها مُبعثَر للغايَة تودُّ تَرتيبه
لَفت انتِباهِها تِلك الصَبية تَسيرُ و خَلفها اثنَين من الحَرس بينَما تتحدَث عبر الهاتِف ، قَطبت حواجِبها مُتعجبَة لِتَسير بِخُطواتٍ قليلَة نَحو شاب يستنِد على الجِدار يُراجِع احد الدروس المُهمَّة
" مرحبًا! هل يُمكنني سُؤالك ..؟ "
لَم يبخل عَليها باعطاءِها اهتِمامه إذ وَجه بَصرهُ لها يَمنحها ابتِسامَة ودودَة على الرُغم من تعجّبه من دُنوها المُفاجئ مِنه ، نفض افكارَه و تَحدث " تَفضلي "
اشارَت سويون بِعُيونِها على الفَتاة الواقفَة عن بُعد امتارٍ عَنهُما تتسائَل بِرَيبة " من تكونُ تلك الفتاة ..؟ هل تَعرفها؟ "
وَجه الشاب بَصره على الفَتاة المنشودَة ثُمَ تبسّم كاهِله يُجيب مُهمهمًا بعدَما طوا جهازه اللوحيّ اسفل ابطِه " نَعم ، انها ايڤا ، ابنَة وزير الدفاع الجويّ للقوات البريطانيَة "
فَغُر فاه سويون التي وسعَّت عُيونِها بِدهشَة تسألهُ بتفاجُئ " حقًا ؟ هل هي ابنَة الوَزير ..؟ وااه! " عاوَدت التَحديق في ايڤا تُمعن النَظر بِها و بِمَدى جَمالِها المُثير للدَهشَة ، لم تستطِع كَبح فُضولها إذ سألت " ان كانَت بريطانيَة لِما هي هُنا ؟ "
" الوَزيرُ كوريّ الاصل ، لديه الجنسيَة البريطانيَة " تَحدث الشاب مُفسِرًا و حينَما رأى عَلامات التعجُب ترتسِمُ على مَلامح الصَبية قُبالته ، ضَحِك بخفَة ثُمّ وضَّح اكثَر بِقوله " حسنًا انتِ مُستغربَة انهُ كوريّ و حَصل على مَنصبٍ مرموق في دولَة تُعد من اعظم الدُول ! "
" اُنظري ، زَوجته الراحلَة تنحدرُ من السُلالة المَلكيَة ، لاسيما انَّهُ ربح منصبهُ بجدارَة و كفاءَة عاليَة إذ اثبَت نفسه بين البريطانيون بِذكاءه و دهاءِه لِذلك لا تستغرِبي ابدًا ، يمتلكُ عَقل يُحطِّم دُول "
ازداد تَفاجُئ سويون التي ارتَسمت على شِفاهها بَسمة خافِتَة ، اُعجبَت بِكونه كُوريّ اثَبت مكانتِه بين الاجانِب ، ذَلك منَحها شُعور غَريب من الفَخر
لِما هي فخورَة بشخصٍ لا تَعرِفه ..؟
قاطَع صَمتُها تَقدُم تِلك الشابَة المعنيَة بالحَديث مِنهما ، تعجَّبت ما إن رأت ابتِسامتها تتوشَّح وَجهِها و هي تُصافِح الفَتى بالقُرب مِنها إذ ادرَكت ان عِلاقتهُما وَطيدَة
لَم تكُن تستغِرب من قُرب عِلاقتهُما
فالشابُ امامَها والِدته سياسيَة مُهمّة و ترأس احد اكبر شرِكات السياحَة في البَلد
إذ انّهُ يُعّد من اثرياء كوريا بأسرِها ، لا عَجب ان عِلاقته مع السياسيون جيدّة
ارادَت سحَب نفسِها و المُغادرَة لَكِّن ايڤا مَنعتها بِحديثِها " لَحظة من فضلُكِ "
تَوقفت سويون عَن المَسير و التَفت نَحو الشابَة تَصنعُ ابتِسامَة صغيرَة ، نَظرت اليها مُستفهمَة حَتى رأتها تقترِب مِنها مُتحدثَة بنبرَةٍ ودودَة " سَمعتُ انكِ الاولَى على الدُفعَة ! هل يُمكنني استِشارتكِ ..؟ "
قَطبت سويون حواجِبها مُتفاجِئَة
هل ابنَة الوزير البريطانيّ تودُّ استِشارتها ..؟
اليسَ غالِبًا هذا النَوع مِن الاشخاص يَتسِمون بالغُرور و التَعالي ..؟
بَللت شِفاهها بِريقِها ثُمّ اجابَت بِصَوتٍ هادِئ مَع تَمسكها بابتِسامَة الوديَّة " تفضلي "
مدَّت ايڤا يدِها اليها تُعرِّف عن نَفسها بابتِسامَة لطيفَة حيثُ قالَت " اولاً انا اُدعى ايڤا ، منقولَة حديثًا الي هُنا لذا لُغتي الكوريَة ضعيفَة "
قامَت سويون باحاطَة كَف الاصغرِ سنًا بيدِها تُصافِحها بَعدما دوا التَردد اليها ، تَشبثت بيدِها ثُمّ تَبسمت مُهمهمَة " انا بيون سويون " اكتَفت بِذكر اسمِها
سَحبت ايڤا يدِها اليها ثُمّ شابَكت اصابِعها سويًا تنطِق مُتبسِمَة " في الواقِع لم اكُن اعرِف انكم تَدرسون الطِب باللغَة الكوريَة ، لِذا اُعاني قليلاً من فَهم الشَرح ، هَل يُمكنكِ مُساعدتي ان لَم يكُن ذلك يُزعجكِ ؟ "
لَم تستطِع الكُبرى ابداء رَفضِها نَظرًا لطلبِ الصُغرى بِكُل لُطفٍ و تَهذيب ، احسَّت بالحَرج ثُمّ تَحدثت بِتردُد " امم ، ح..حسنًا ل..لابأس "
نَظرت في عينيّ ايڤا السَوداء تَراها تبتسِم بِبهَجةٍ واضِحَة ، لَم تستطِع الصُغرى كَبح حماسِها على الرُغم من مُحاولاتِها الماسَّة ان تَكون ثقيلَة عند اللقاء الأول بعد مُحاضراتٍ تهذيبيَة من والِدها ، لَكنها فشِلت بالأخَر
تَحدثت بِحماسٍ طاغٍ على نَبرتِها الصاخِبَة " عَظيم ! اذًا سنُصبح صديقتَين! ما رأيكِ ؟ " اقتَربت مِنها تودّ احاطَة ذِراعها لَكن الاخرَى تراجَعت الي الخَلف تُناظِرها بِرَيبَة
هي لا تُحِب تَكوين الصَداقات ، تُحِب الانغلاق على نَفسِها كي لا يَكتشفُ احدًا سِرُها إذ تضعُ احتمالاً ان يَنشرهُ في الجامِعَة فتُصبح فضيحَة المَوسِم
او قَد يتِّم اتهامُها بانَّها تُغوي زَوج والِدتها
لِذلك تُحاوِل ترك مسافاتٍ آمنَة بينها و بَين البقيَّة
لَكِنها لم تكُن تعرِف ان ايڤا مُختلِفَة!
هي مَن ستقتحِم مِساحتِها رُغمًا عَنها
" ح..حسنًا ، موعِد المُحاضرة الثانيَة قد حان ، الي اللِقاء " صَنعت ابتِسامَة مُزيفَة قَبل ان تلتفِت و تهِّم بالمُغادرَة بِسُرعَة ، استَغربت ايڤا رَحيلها ثُمّ التَفت نَحو الشاب الذي بالفِعل هو صديقِها مُنذ الطُفولَة
سألتهُ بتعجُّب " مابِها جيمين ؟ "
" الم اقل لكِ مليون مرَّة ان تتوقفي عن الاندِفاع عند اللقاء الاول! الجَميع سيراكِ مُخيفَة " تَحدث جيمين مُعاتِبًا ، يَزفرُ انفاسَه بِثُقلٍ قَبل ان يَسير رِفقتها نَحو القاعَة موضِحًا " ثُمّ تلك الصَبية لا تُحب الاختِلاط بأحَد ، دومًا تتجنَّب الجَميع لذلك احترمي مِساحتها "
" لا! انا اُريد ان اكون صَديقتِها " نَفت ايڤا اقتراحِه و عَزِمت على رَغبتها المُلِّحَة في تَكوين عِلاقَة وطيدَة مَع عَسلية العَينين
هزّ جيمين اكتافِه بِقلَة حيلة ثُمّ قال و هو يَسلُك وِجهته بعيدًا عَنها " مُحاضرتي ستبدأ ، نَلتقي لاحقًا ايڤا " لَوح لَها يَترُكها تَقفُ عند باب قاعتِها بينَما تنظُر الي الداخِل بَحثًا عن سويون
لَم تجِدها و ذَلك زاد استِغرابها
الم تَقُل للتو انَّها ستذهبُ لِحُضور المُحاضرَة التالِيَة ..؟
في الواقِع ، سويون قَد غادَرت الجامِعَة فهي لا تَحضِرُ كُلّ مُحاضراتِها لِكونها تملكُ عَمل جُزئي بِدوام نِصفيّ ، استَطاعت اقناع مارك بالعَمل لانَّه لم يُرد التكفّل بِمصاريف دراستِها لِذلك تَركها تُواجه مَصاعب الحَياة لعلّها تيأس و تَعودُ اليه راجِيَة في الأخِر
دَخلت الي مَكان عَملِها إذ كان عِبارَة عن مكتبَة ضَخمة تضِّم الالاف الكُتب مَع مقهَى مُتواضِع عند الرُكن يَضّم المَشروبات بانواعِها مع بَعض الحلويات الخَفيفَة ، خَطت الي الداخِل تتوَجه الي غُرفَة العامِلين لِتَغيير مَلابِسها
وَضعت حَقيبتها التي تضّم اغراضِها الشَخصيَة ثُمّ اخرَجت مِنها بَعض مساحيق التَجميل التي تُخبئها خِلسَةً عن ايادي مارك دون عِلمه
وَضعتها بِعنايَة على مَلامِحها المُتعبَة تُخفي شُحوبها بِبعض من مورِّد الخُدود و الشِفاه مَع القليل من ماسكرا الرُموشِ و الحواجِب ، لَمساتٍ بَسيطَة تُعطيها مَظهرًا فاتِنًا يُصعَب تجاوزِه
ارتدت ثِيابًا خاصَّة حيثُ كانت عبارَة عن بِنطالاً بُنيًا يُرافقه قميصًا بذات اللون ، رَفعت شعرها كَذيل حِصان و حَدقت في نَفسها بالمرآه تتفقَّد مساحيق التَجميل التي وَضعتها للتو
تَسدُل غُرتها على جَبينِها بِرفق مُهديَة نَفسها بسمة هادِئَة " علي الحُصول على حَبيب قَريبًا ..! " هَمِست بأمل لعلّ قَلبها الباهِت يَنبِضُ بالحُب ، على الرُغم من ادراكِها التام ان زَوج امها يقفُ كَعقبة يُستحال ازاحتِها
او ذَلك ما كانَت تظنّه
وَقفت امام ألةُ القَهوة تُحضِّر واحدة لِنفسها قَبل ان تَجلس على الكُرسي امام الحاسوب تُراقِب الزبائِن و هم يَجتذبون كَراسي للجلوس و القِراءَة
بَعضهُم يَقرأ لاجل التَرفيه و البعض الأخر لاجل دِراسته و مَشاريعه
زمَّت سويون شَفتيها بأسَى تُفكِّر بالخُطوَة القادِمَة من حَياتِها ، انهَكها التَفكير لِذا نَهِضت يائِسَة تستقبل الزَبون بابتِسامَة لطيفَة تُنافي كُل شعورٍ سئ بداخِلها
اعدَّت لهُ طلبه ، كوب مِن القهوَة الساخِنَة مع طَبقٍ صغير من الكروسون الفَرنسيّ رِفقة الشوكولاتَة و العَسل
اقتادَت طلبهُ الي طاوِلته إذ تَمنت لهُ شهيَة طيبَة ثُمّ عادَت ادراجِها
استقامَت مُتجهَّة الي قِسم الكُتب الطبيَّة في المَكتبة ، في الواقِع ثَمن كُتب الطِب باهضة تفوقُ طاقَة سويون الماديَّة ما يَجعلها تَدرُس على الدوام مِن هُنا اثناء فترة دوامِها
توجهَّت الي قِسم الطِب التشريحي و بينَما تتفقد باصابِعها اسم الكِتاب الذي رَغبت في انتِشاله سَبقتها يَدٌ تَفوقُها حَجمًا باضعَاف ، قَرنت حواجِبها بعدمِ رضى لما سُرق مِنها و إلتَفت بِرأسِها فإذ بصَدرٍ عَريضٍ يُلاقي بُنيتيها
تفاجَئت لِضخامَة الرَجُل المُنتصب خَلفها و لِدهشتها ارتخَت عُقدة حاجِبيها ما جَعلها شَكلهُ المُهيب تَزُّم شَفتيها في جَوفها و تستدير صَوبه ببطئ
" عُذرًا ! انتَ سرقت الكِتاب مني ..! "
ذَلك ما تمكّنت بالتَفوه بِه بعد إذ استجمَعت شِتات حروفِها ، بَدا شَكلِه مُضببًا لقلَّة النور الماكِثة في ذاك المَمر ، هُنالك عُطل في الكَهرباء تسبب في انقطاع الضوء عند تِلك الجِهة تحديدًا " ساكون مُؤدبة بِطلبه منك بِلُطف ! "
رأتهُ يتراجَع خُطوَة الي الوراء بينَما يَنتقل بين صَفحات الكِتاب باصابِعه دون اي اكتِراث لِما تتحدُّث بِه ، قرنت حاجِبيها بِغضب من تجاهلِه و قَررت رَفع مُقلتيها الي مَلامِحه متجَّهِزَة لالقاء مُحاضرَة عن الأدب
توَسعت عُيونِها باندِهاش ما ان حَطت عَسليتَيها على ذَلِكَ الوَجه المَنحوت بِدقِّة رُبانيَة انزلَت عَليه وسامَة آسِرَة ، مَلامحٍ مَرسومَة بإتقانٍ عَجز عَقل سويون عن إدراكِه او استيعابه حَتَّى
ابتلعَت ريقِها ما ان صُوبت عُيونٍ نسريَّة عَليها ما جَعل نَبضاتِها تنقبِض لشدَة الهَلع ، لوهلَة خَمنت انهُ عضو في عِصابَة مَشهورَة حتمًا و لا شَك انهُ قد يكونُ الرَئيس ..!
وسامَتهُ خَرجت عنِ المألوف
انتَفضت بِخفَّة حينَما اُغلق ذاكَ الكِتاب الضَخم مُصِدرًا صَوتًا عاليًا احدَث ضجيجًا في مُنتصف ذاك الهُدوء الكاسِح ، عادَت الي الوراء حتَّى التَصقت برفِّ الكُتب خِشيَة من صَمتِه المُقلق
" اتُساوِمُ عامِلَة زَبون على كِتاب من بِضاعتها ..؟ "
ثوانٍ و تَسلل صَوتِه الآجش مَسمَع الصبيَّة التي ارتَجف كَيانِها لِهَول عُمق نَبرتِه ، بَدا ثَخينًا مُفعمًا بالرُجوليَّة بشكلٍ مُخَدر ، لاسيما اثباتِه لِحضوره دونَ أدنَى عناء يَقترِفه
" ل..لكِن " هَمست بِتوتُّر و هَزَّت عُيونِها من على قَدميه المُفرقَّة تَضعُها على وَسامة وَجهه التي لاتزالُ تُبهر بُنيتيها ، رأت نَظرة الإهتمام في تِلك النِسريتَين تَحثُّها على إتمام ما تَوُّد قَوله لِذا زَفرت بِحنق و اكمَلت " انا طالِبَة أحقُّ به مِنك ، من شَكلك لا تَبدوا طالِبًا ! "
" مُنذ متى العُمر يَلعب دَورًا في تحديد هويَة الطالِب ..؟ " ذاك السُؤال الذي خَبط طَبلَة اُذنا سويون جَعلها تعتدِل في وَقفتها مُتحمحمَة " لَم أقصِد ! ليس لَدي نظرة بِهذا العُمق حتمًا ، كُل طلبة الطِب معي بذاتُ عُمري " فسَّرت و هي تُشيح عُيونِها بعيدًا عن مُتناول خاصتَيه المُتربِّصَة
" لاسيما انكِ تَقصدين اني عَجوز ..! " رَدف الرَجُل بِنبرٍ هادِئ اربَك سويون التي نَظرت صَوبه مُسرِعَة تُطالِع ذاك الوَجه البَهي " حاشا لله ان كان هَذا الوَجه عَجوزًا ..! " نَبست بِهمسٍ تمكَّن بلا شَك من سماعِه ما جَعل طيفُ ابتسامَة تُرسَم على فاهِه
" هل يُمكنك مَنحي الكِتاب ..؟ " رَدفت بِضيق بعد ان استوعَبت ما نَطقته لِتدلِّك رقبتها من الخَلف بإحراج " لا " ردِّه الهادئ جَعلها تُطالٍع ملامحه الخالية من التَعابير باندِهاش ، رأتهُ يُحرك قَدميه في اتجاه مَخرج المَمر حَتى يَنتقي مكانًا مُريحًا لمُطالَعةِ الكِتاب
لَحقتهُ و انتَصبت امامهُ ما إن جَلس على طاوِلَة بالقُرب من رُكن القهوة و المشروبات خاصتِها " اليسَ هذا وَقِحًا ..؟ " رَدفت بإمتِعاض تقضم شَفتها بِغيض بينَما تُطالع ملامِحه الهادِئَة و هو يَتصفَّح الكِتاب بِرُقي
بَدا شَكلهُ مِثالِيًا بذلك البِنطال الاسود الكَلاسيكي بِرفقة القَميص الليلي يُشمِّرُ ساعِديه و يَفتِحُ زرين اوليِّن مِنهُ ما يَجعلُ قِلادته الفضيَّة تَظهرُ بِوضوح
" واحِد اكسبريسو بدون اضافات " صَدر صَوتِه الثَخين مِن جَديد مُتجاهِلاً انتِصاب الصبيَّة امامَه ، رَغبت بالتذمُّر لكنها امتثَلت الي طلبِه و سارَت الي ماكينة القهوَة تُعدُّها لهُ بغيض " من يَكون هذا ! افف يالهُ من مُزعج "
وَضعتها في صينيَة برفقَة منديلَين و تَمشت ناحيتهُ تُعطيه طَلبهُ قَبل ان تستقِّر خَلفهُ تُراقِب الصفحَة التي يُناظرها بكلِّ اهتمام ، وسعَّت عَينيها بِخفَّة و نَبست بحماسٍ مُفرط بالقُرب من اُذن حَضرتِه فبدون وَعي هي كانت مُنحنيَة صَوبه كي ترى الورقَة بشكلٍ اوضَح
" انهُ الدَرس الذي صَعب عَلي فهمه ! لكنهُ بدا شيقًا و مُمتِعًا جِدًا ، مُتحمسَّة جِدًا لبدأ دراسته قَريبًا و التعرُّف على جَوف الانسان "
إقترَنت حواجِب الرَجُل الذي ضَغط بيدِه على كِتابه مُدايرًا رأسِه الي الجانِب صَوب سويون التي لَمحت طيف الانزعاج يُخيِّم على وَجهِه بوضوح
" خِدمة العُملاء هُنا هي الاسوء حتمًا ! " نَطق بنبرةٍ مُتضايقَة لِيُغلق الكتاب و يَخبطه على الطاوِلَة بِضَجر ، انتَفضت سويون بِخفَّة و تَحمحمت لِتفرُك جَبينها و تَنحني مُعتذرَة منهُ " اسِفَة سيدي ! بامكانِك انهاء قراءتك " هَرولت مُبتعدَة عنهُ تَحت نَظراتِه المُتربِّصة
" سيِّد جُيون ، اتأمُرنا بِمعاقبَتها ..؟ " صَدح صوتُ في اُذن الرَجُل عَبر سماعة البلوثوث السَوداء التي يَرتديها حيثُ اراح ظَهره على الكُرسي و التَقط القَهوة لِيحتسيها بِرفق مُجيبًا بِهدوء " لا "
اقترَنت حواجِبه بخفَّة بعد ان وَضع فنجان القَهوة على الطاوِلَة فاعاد انتشالَه و الاحتساء منهُ مرة ثانيَة ، لعق شِفاهه يَستطعم مَذاقها فَرفع عُيونه نحو سويون التي تُعِّد طلب احد الزبائن بِهدوء " مُذهل ! لم اتذوَّق قهوة بِهذه اللذَّة من قبل " عبَّر في دواخِله عن اعجابِه و بَدل ان يُتِّم قراءة الكِتاب قَرر التلذذ بقهوتِه
ناظرتهُ سويون من مجلِسها بغيض بينَما تسنُد وَجنتها على كَفِّها " انظروا اليه هه ! انهُ حتى لا يقرأ ذلك الكِتاب ، فقط يَحتسي القهوَة و يتركهُ مُهملاً امامه ! يالهُ من وَسيم مُزعج " تذمرَّت باحباط
انشَغلت بِطلبٍ من عَميل اراد مِنها اعداد عَصير الليمون لِذا نَهضت تسيرُ الي الالَة لاعدادِه ، حينَما عادَت مَدت لهُ طلبه و رأت جُيون يَنقُر بكوبه على طاوِلتها مُقتحِمًا عُيونها العَسليَة بِكُحليتاه " مزيدًا من القهوَة ..! "
حَدقت يِه بحاجبٍ مَرفوع قَبل ان تُميل بجذعها نَحوهُ تطالعه بِغيض " هل اخَبرك احد ان هَذه المَكتبة مَقهى ..؟ " هَمست لهُ بصوتٍ مُنخفض كَي لا يَنزعج بقيَّة القُراء و الزبائِن
نَظراتِه الجامِدَة عَجزت عن تَفيسرِها و ذَلك اربَكها أكثَر ، رأتهُ يُشير بِعيونه على الفِنجان مُطالِبًا بشكلٍ آمر ان تنتشلهُ و تملئهُ من جَديد " هل اخبرك احد من قَبل انك زَبون مُزعج ؟ " هتفت بامتِعاض و مَدت يدها تاخذه من قبضته المُحيطة بِه
جَذب جُيون الفنجان اليه بِقوَّة ما جَعل سويون تنحدرُ نَحوه بدورِها نظرًا لامساكِها بِه فقام بالانحِناء صَوب الصَبيَّة مُركِّزًا في التَحديق بداخِل عَسليتَيها اللامِعَة " تَملكين لِسانًا يستحِق ان يُطبق عَليه احد دُروس التَشريح ..! "
" ماذا ؟ " عَقدت سويون حواجِبها بِعدم رِضَى لِتفلت ذلك الفِنجان و تَنهض باسطَة كَفيِّها على الطاولَة فاقترَبت من جونغكوك بِغضب " انت فَظ جِدًا في التعامُل يا هَذا ..! " نَطقت بانزعاج غير آبِهَة ليدِه التي قربت الفنجان منها
خَزَّن يداهُ في جُيوبه و استقام بِوقفته عارِضًا اكتافه باستقامَة ابرزَت تصلب ثَدييه حيثُ دَفع بحاجِبه الي الأعلى و نَبس بِسُخريَة " يفضَّل ان تلتفتِ الي عَمِلك " استَدار مُتوجِهًا الي مِقعده مُجددًا
راقبتهُ سويون لاويَة شفتيها بضيق " يالهُ من مُتعجرف ! احمق " توجهَّت نحو الالة و عاوَدت تَحضير القهوَة من جَديد قبل ان تتجه نحوهُ و تَضعهُ بالقُرب منه " آمل ان يكون هذا طَلبك الاخير "
حرَّك رأسِه بعدمِ اكتِراث لِحديثها و تناول فِنجان القهوَة يَحتسي منهِ بكلِّ رواق مُستفِزًا تلك التي هَرعت الي طاولتها تَجلس بغضب " يالهُ من مُستفز " كشَّرت بِملامحها بانزِعاج و اسنَدت وجنتها على كفِّها تُراقبه
" حسنًا لا اُنكر انهُ وَسيم المَظهر ذا منكبين عَريضين ! " همسَت و قضمت شَفتها في الخَفاء ، استَقامت تَسيرُ نَحو ارفف الكُتب لاقتناء واحِدٍ للمُطالعَة بدلاً من تأمله هو و ازديادُ غَيضها
حينَما عادَت تفاجَئت بِشَئ ..!
لَقد غادَر ، و لَم يكتفي بِرحيله فَحسب
بَل أخذ مَعهُ الكِتاب ..!
•••
6782 ✅
مرحبًا في الفصل الاول بَعد التَعديل
كَيف حالكم يارِفاق ..؟ ♥️
هل انتُم من القُراء الجُدد ام القُدم ..؟
قُراء الانستجرام اين انتم ..؟ 👀
طبعًا فعلنا فقرة جديدَة في الانستجرام
و هي اسبوعيًا هُنالك اعلان يتضمن مقتطفات من الفصل القادم ينزِل قبل الفصل على الانستجرام لغرض التشويق
ان لم تكُن تودّ تفويته تابعني هُناك
Jihanwriter
بالنِسبة للقراء الذين يَطلعون عليها لاولِّ مَرة مرحبًا بك عزيزي القارئ ♥️
اخبرني بانطباعك الاول حَول الروايَة ..؟
يَهمني جيدًا رأيك
اما الذي يُعيدون قراءتها مُجددًا اريدُ رأيهم حَول التَعديلات
من الواضِح انكم لاحظتموها منذ اول فَصل بالتأكيد
ماهو رأيكم حَول الفصل بصفَة عامَة ..؟
حتى الذين قرأوها من قَبل الاحداث بعضها تغيّر جذريًا لذلك ستشعر كما لو انك تقرأها من جَديد
نلتقي في الفصل القادِم ان شاء الله
الي اللقاء ♥️
سُويون بَطلتُنا ♥️
الوَزير جُيون ، بَطلُنا
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top