الفصل السادس عشر
آب هي أختى الكبرى وحافظة أسراري وخامس شخص يعلم عن اتفاقي أنا وهاري وبراد والصهباء الوحيدة التي تعلم خارج هذا المربع، وقد تبادلت الأرقام مع هاري حتى تطمئن علي، أو في حال أصابني أي سوء، وقد حصَل ما كنا نخشاه، لقد اتصلت اليوم كي تخبر هاري أن أبي يعلم ما نفعله، وأنه يتوعّد.
ولم يتوعدني؟ فليتوعّد من كان سيصبح زوج ابنته فخانها.
أمسكت ورقة وقلمًا وأكملت ما بدأته:
«من الواضح أنك مقدر لي، كل قطعة منك تناسبني بشدة، كل دقيقة وكل فكرة، أنا غارقة جدًّا، ولكنني لن أظهر هذا على وجهي أبدًا، نحن نعلم هذا لكن حبنا مشرد، لمَ لا تستطيع أن تغمرني في الطرقات؟ لم لا يمكنني أن أقبّلك في حلبة الرقص...»
يا يسوع، لمَ لا يكتمل كل جميل يحدث معي؟
البارحة نام هاري في غرفتى لأني طلبت منه هذا، استيقظت ووجدت وجهه الملائكي وهو يغط في نوم عميق، بالإضافة إلى أنني أظن أنه سهِر الليل يحرسني قلقًا من نوبات الفزع التي انتابتني.
وضعت الدفتر والقلم قرب الفراش وذهبت للاغتسال، أظن أن المياه الدافئة ستنقذ الوضع، لعلي أستطيع محاربة أفكاري بشراسة داخل الحوض الساخن.
تدفقت المياه داخل الحوض، وعندما امتلأ قليلًا وضعت إحدى كرات صابون الاستحمام التي جلبتها معي من باريس.
أضفت قليلًا من بتلات الزهور، لا ضير من تدليل أنفسنا قليلًا، أليس كذلك؟
وزعت أحجار الطاقة التي تخصني على حافة الحوض، وضعت قناعًا لاستعادة نضارة البشرة ثم خلعت ملابسي وأدخلت جسدي المنهك في المياه الدافئة المعطرة.
أصبحت حياتي فوضى منذ ظهور هاري، ولكنها فوضى جميلة وممتعة ولا تحتاج إلى ترتيب.
لقد كان اتفاقي مع هاري أن يساعدني على معالجةِ وتخطي الجرح الذي سببته خيانة براد، ولكن خيانته لم تكن ما يجرحني في المرتبة الأولى.
قد كنت غارقة في الكثير من الدوائر، وأولاها فوضى عائلتي وأبي.
-
فوضى خلفها مارك في قلبها، والكثير من خيبات الأمل التي أدمَت حلقها، لقد ساعدها هاري على تخطي هذا كله دون أن يعلم ما الذي يجري فعلًا.
كانت حائرة على الدوام وتسأل نفسها، هل تخبره؟
بعد فترةٍ من التردد قررت أن تخبره بحياتها تدريجيًّا، لقد ساعدها كثيرًا ويجب أن يعلم.
الآن أول ما ستفعله هو الاتصال بآب لمعرفة مدى خطورة الوضع.
خرجت من الحوض الساخن، ثم لفت منشفة حول جسدها وخرجت المرحاض فوجدت أن هاري قد استيقظ.
«صباح الخير هاري»
ألقت عليه التحية سريعًا أثناء تحديقها بخزانتها حتى تختار الملابس التي سترتديها.
باغتها هاري الناعس بكلماته:
-أتريدين الذهاب للسباحة؟
-أريد، ولكن يجب علي التحدث مع آب أولًا ثم مع نورا، وسأنهي حفلة حديثي بديبيكا، لذلك يمكننا الذهاب للسباحة بعد ساعتين.
ردت عليه وهي تخرج بنطالًا ورديًّا قصيرًا، وبلوزةً قطنيةً بيضاء بلا أكمام.
حاولت ميريت طرد هاري بأدب بقولها:
-هل تسمح؟
-لا أمانع إن بدلتِ ملابسك أمامي.
كان رده وقحًا ببساطة، توقع أن تخجل ميريت وتذهب إلى المرحاض، إنه ليس بكامل وعيه حتى يتحرك وقد استيقظ توًا.
كان واحد من حاجبيها مرفوعًا دلالةً على استفهام مع جملتها:
-حقًّا هاري؟
-حقًّا ميريت.
-لا تبكِ.
أخبرته وهي تفتح المنشفة حتى تكشف عن جسدها، وخلال ثلاث ثوانٍ كان هاري خارج الغرفة بوجه أحمر.
«أحمق، أظننتني سأخلع المنشفة أمامك حقًّا؟»
قهقهت ميريت خلف الباب واستنتج هاري أنها كانت تلعب بطريقته الوضيعة نفسها.
ارتدت الملابس التي سبق وأخرجتها ثم مشطت شعرها على هيئة جديلتين بسيطتين، واكتفت بوضع أحمر شفاه وردي.
أمسكت هاتفها فوجدت الكثير من الرسائل على (انستجرام) وقد بات المتابعون في تزايد لكنها لم تهتم.
بحثت عن رقم آب ثم نقرته وانتظرت حتى تجيب، انقضت ثوان حتى أتاها صوت آب المبتهج من الطرف الآخر.
قالت آب بلهفة وبهجة: «صغيرتي المزعجة، أشتاقك بحجم السماء».
سألتها ميريت: «وأنا أيضًا آب، هل ترسمين؟»، إنها تعلم أن آب تكون مبتهجة جدًّا وهي تمارس هوايتها.
-نعم أرسم.
-هل علم أبي؟
-في الواقع، بشأن هذا...
أجابت آب بصوت مرتبك لكنها أمسكت عن الكلام.
«ماذا بشأن هذا؟»
كانت ميريت قد تخيلت السيناريوهات البشعة جميعها التي قد تؤدي لعلم أبيها.
أجابتها آب بهدوء: «لا لم يفعل».
كانت ميريت مشوشة، إن لم يفعل لمَ أخبرت هاري أنه علِم؟ ولمَ أخبرها هاري إن لم تخبره آب؟ ما الذي أدراه؟ وما الذي يحدث الآن بحق الإله؟
«فسري»
ألقت ميريت الكلمة بهدوء على مسامع آب.
أجابت آب: «أردت أن أحدثك في موضوع مهم... فاختلقت تلك الكذبة حتى تحدثيني، اعذريني يا صغيرة».
كل ما فكرت فيه ميريت في تلك اللحظة هو رأس آب مفصولًا عن جسدها.
ردت ميريت بهدوء ونفاذ صبر.
«أدلي بدلوكِ»
بدأت آب تتحدث: «حسنًا، أتتذكرين جوش؟»
«من؟» باغتتها ميريت بجهلها لكن سرعان ما طرأ في بالها المقصود، فسألتها:
-جوش فتى الحديقة العامة في نيويورك؟
-نعم، لقد عرض علي الزواج، وقلت نعم.
-أنا سعيدة جدًّا لك! يا إلهي، أختي ستكون أجمل عروس.
-سأهرب معه.
قالت آب بهدوء دون أن تبدي أي رد فعل لجملة ميريت الصادقة.
سألت ميريت بتعجبٍ كبير: «ماذا؟!»
ردت عليها آب: «تعرفين العادات اللعينة وقواعد أبيكِ...».
-لا زواج سوى من أوروري.
-لا زواج سوى من أوروري.
رددت الفتاتان الحديث بتملل.
ثم تحدثت ميريت بقلق وجدية:
-أخبريني ما الخطة؟
-ميلانو، الكريسماس.
-هل أنت في نيويورك أم أورورا؟
-نيويورك، فوالدك في رحلة عمل.
-سأحدثك لاحقًا.
أغلقت ميريت الهاتف سريعًا حين سمعت طرقًا على الباب ثم تحدثت: «ادخل».
لقد كان الأشقر الإيرلندي التائه، سألها فورًا:
-هل نتنزه قليلًا؟
-هيا بنا، أظن أن لديك ما تفضي به، أراه في عينيك.
_
ساعتان رفقة نايل في الشوارع دون هدى كانتا إهدارًا مثاليًّا للوقت.
كانت ميريت تشعر به، يريد أن يجد نفسه، لديهم عامل مشترك وهدف موحد.
أخبرها عن عائلته، أخيه المجنون الذي يكبره ووالديه.
كان أخو نايل نسخة مذكرة من آب، عفوي ومجنون ومغامر، وكان نايل نسخة مذكرة من ميريت، خائف وحزين ومحارب.
-
عادت ميريت للمنزل حتى تشارك هاري نزهة السباحة، بدلت ملابسها لملابس السباحة وارتدت فستانًا فوقها، وأخبرت هاري أنها جاهزة.
على عكس المتوقع فلم يذهبا إلى الشاطئ، بل ذهبا إلى مسبح مغطى، وقد كان عبارة عن ثلاث مسابح، مسبح عادي، ومسبح ساخن ترى فقاعاته، ومسبح متحرك يتيح لك أن تقف في مياه جارية.
أمسك هاري بيدها وقادها إلى المسبح الساخن حيث كان في قاعة منفصلة.
رمى هاري قميصه ودخل في المسبح، اختار موسيقا هادئة ومناسبة للاسترخاء ثم دعا ميريت بعينيه، ذهبت ودقات قلبها تزعج قاطني المجرة جميعًا، كانت تقترب بخطوات بطيئة إلى أن استقرت أمامه مع بضع إنشات تفصل بينهما.
أخبرها هاري وهما يحدقان بعيونهما: «أعلم أنك مررت بيوم عصيب، يمكننا التحدث والاسترخاء».
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top