الفصل الرابع والعشرون
في صباح اليوم الثاني استيقظت ميريت فوجدت أنها على فراشها مُرتديةً قميصًا رجاليًّا، وعلى الأرض نام كل من نايل وهاري بسلام، لم تتذكر ميريت أي شيء من البارحة، وتحديدًا منذ عودتها، كما أنها لا تذكر حتى ارتداءها هذا القميص.
هل تجرأ أحد الأولاد وبدل ملابسها وهي نائمة؟ ترى من فعلها؟ هل يجب أن نجيب عن السؤال أصلًا؟ بالطبع هاري وقح ستايلز، فنايل أكثر خجلًا من أن يفعل هذا، ثم إنه رجل يحترم المرأة، ولكن هاري قد رأى جسدها في أول مرة تقابلا فيها بشكل جزئي، حيث أن ملبسها في ذلك الحين كان شفافًا، ترى هل رأى هاري العلامة التي في معدتها أو أسفل قليلًا؟ فللجميع أسرار، وهذا أظلم سر لديها، ولا تريد أن يعرفه أحد.
مدت ميريت يدها حتى تعثر على جهاز التحكم عن بعد كي تشغل التلفاز فلم تجده حولها، جالت الغرفة بنظرها فوجدته بجانب التلفاز، وبجانبه هواتفهم جميعًا.
نهضت من الفراش وذهبت كي تجلب جهاز التحكم، وعندما اقتربت من التلفاز وجدت أن أحد الهواتف يتلقى مكالمة ما، أمسكت به فعرفت أنه هاتف هاري، والمتصل كان باسم أريانا.
أعادت الهاتف لمكانه وأمسكت جهاز التحكم عن بعد، كانت مستعدة تمامًا لتجاهل ما حدث توًّا ولكن رن هاتفه مرة أخرى.
لم تظن ميريت أنه من الطبيعي أن يتصل أحدهم بشخص ما في الخامسة صباحًا كثيرًا هكذا، أمسكت هاتف هاري واتجهت إليه، كان غارقًا في النوم، هزته هزة بسيطة ففتح عينيه ببطء.
«أظن أن هناك من يريدك في شيء مهم.»
أخبرته وأعطته الهاتف الذي كان يرن في حين نظر هاري بعينين ناعستين للهاتف وانتفض فزعًا حين وجد أن المتصل كان أريانا، أخذ الهاتف منها ثم خرج سريعًا من الغرفة كي يجيب.
«ما الذي يحدث هنا؟»
استيقظ نايل إثر ركض هاري.
«فتاة تدعى أريانا تتصل بهاري كثيرًا»
قالت ميريت التي ظهرت ملامح الحزن على وجهها وهي تشغل آلة صنع القهوة.
«ولم الحزن؟»
قال نايل الذي حزن بدوره لأنه يعلم أن ما يريده لن يحدث أبدًا.
«انتظري، أريانا؟»
قال نايل وقد توسعت حدقتا عينيه ثم ركض خلف هاري.
«الرجال وغرابتهم» قالت ميريت لنفسها وهي تفتح التلفاز، ثم أخذت كوب قهوتها وعادت للفراش.
من ميريت؟
شقراء تتراقص على المسرح بين ذراعي نايل.
فتاة تظهر فجأة من اللاشيء وتغزو حياة المشاهير وقصص الإتستغرام الخاصة بهم؟
هاري ستايلز، نيك جوناس، نايل هوران ولوك هيممنجز؟ من هي ميريت التي احتلت حياتهم جميعًا ولدينا صور بتحركاتها معهم؟
لقد كان مراسلونا يتبعون نايل هوران فترة في برشلونة والتُقِطت له صورة مع تلك الشقراء.
كاتبة أغاني واعدة تعيد ذكرى آنجل هوران بالتعاون مع نيك جوناس؟
هل قرر نايل هوران أخيرًا ألا يكون متحفظًا بخصوص حبيباته، ولم تلك الفتاة الوحيدة التي لم يحاول مداراتها؟ بل أخبر معجبيه من فترة بمتابعتها؟
أعلن نايل عن قرب إطلاق ألبوم العودة، هل كانت ميريت ملهمته أم كانت كاتبته؟
أغلقت ميريت التلفاز وخرجت حتى تجد نايل وهاري يقفان ويتحدثان بصوت منخفض خارج الغرفة، لم تتبين ميريت أي شيء من الحديث سوى جملة نايل الأخيرة «هذا قراركما، ولكن هناك روح على المحك!»
لم تفهم ميريت شيئًا، لكنها لا تهتم الآن بشيء سوى ما تتحدث عنه الصحف والأخبار، ألا وهو ميريت، ميريت، ميريت.
«آسفة على المقاطعة ولكني أعتقد أنكما يجب أن تريا هذا»
قالت ميريت لنايل وهاري وأشارت لهما حتى يتبعاها لغرفتها، وعندما دخلوا كان التلفاز يعرض خبرًا آخر عنها يتضمن أغنية آنجل وميريت، وأيضًا خبرًا يخوض في علاقتها مع نايل وهاري وهل لآنجل سبب في هذا؟ وخبرًا يتساءل عن ماهية علاقتها مع نايل.
«يا إلهي، لم ينقص هذا اليوم سوى تلك الأخبار اللعينة!»
تحدث هاري وهو يصفع رأسه.
«ما الذي سنفعله؟»
سألته ميريت فحرك هاري كتفيه.
«فقط تذكري أني أخبرتك أن تكوني حذرة!»
قال هاري بصوت تحذيري حين عُرِض على الشاشة مقطع مرئي لميريت ولوك وألسنة النار.
«أخبرتك ألا تكوني مرئية بطريقة مبالغ بها.»
«سيجدك الآن والدك وتصبح حياتك جحيمًا...»
كان هاري يتحدث وهو يسير ذهابًا وإيابًا، في الواقع كان هاري يعلم جيدًا من هو والد ميريت، فقد علم منذ أول يوم ووعدها بالحماية رغم هذا، وعلم الأهوال التي يمكن أن تقع عليه من وراء هذا الاتفاق لكنه غامر حتى ينقذها.
لم تعرف ميريت كم الضغط النفسي الذي يعاني منه شخص في منتصف العشرينات ويعلم جيدًا مهنة والدها ونفوذه وقوته في عالم العمل، وإن لم يكن ملمًّا بالتكنولوجيا ومجالات التواصل الاجتماعي إلا أنه سيشاهد التلفاز على الأقل، وسيقطع أملهما في الحياة، هي وكل من ساعدها.
لم يكن هاري يؤيد فكرة ظهور ميريت على الملأ بهوية كاتبة ومؤلفة واعدة للأغاني، ولكنه لن يتحدث الآن حتى لا يكون الوغد الذي حرمها من شغفها الذي وجدته خلال رحلة البحث عن الذات، خصوصًا أن هاري هو من نظمها حتى تجد ميريت نفسها وتكتشف دواخلها التي لا تعلمها.
لم يكن هاري متبلدًا ولكنه كان حذرًا تجاه خطوات ميريت الطائشة، كان يفرح لفرحها ولكنه يرتعب بسبب فكرة والدها الذي اقترب جدًّا من إيجادها، حينئذ لن يتمكن من قضاء أي وقت معها، كما ويمكن لوالدها أن ينهي خيوط حياة هاري كما فعل مع حبيب ميريت السابق الذي عذبه عذابًا لا يرحم.
كيف عرف هاري؟ لقد اكتشف هاري الكثير عن والد ميريت خلال الفترة السابقة التي قضاها مع ميريت عن طريق آب وأشخاص آخرين، فعكس ما كانت تظن ميريت، كانت آب مقربة من هاري جدًّا، وتخبره الكثير من الأشياء حتى يحذر منها وينقذ ميريت ومخططهم من الفشل.
لقد كان هاري يحمل حملًا ثقيلًا ويضحي تضحية كبيرة ليست من شيمه، فهاري ستايلز لا يضحي أبدًا في سبيل أي شخص.
كان هناك دافع لكل هذا بلا شك.
«أنا سأتحدث إلى أبي.»
قالت ميريت بشجاعة غير متوقعة ثم ذهبت لهاتفها وأمسكته كي تتصل بوالدها.
«مرحبًا أبي، نعم، أنا وبراد نعيش في النعيم، هل تعرف هاري؟ نعم صديق براد المصور، لقد عرفنا على الكثير من المشاهير والآن أنا أكتب الأغاني لهم ، نعم أبي أعلم أنك لا تحب المشاهير ولكن لا تقلق، هؤلاء الأشخاص طيبون ولن يفسدوني، نعم، براد في المركز الرياضي فهو يحافظ على رشاقته ويهتم بهذا، سأوصل له تحياتك، إلى اللقاء!»
أغلقت ميريت الهاتف بأيدٍ مرتعشة وهي مذهولة، لقد فعلتها!
لقد كذبت دون أن تبدو حمقاء واستطاعت أن تقنع والدها بكذبتها، كما أنها أنقذت الموقف، لقد كان ذلك صعبًا، فهي تعرف والدها جيدًا، وتعلم أنه سيقطع أملها بالحياة إن اكتشف أنها تكذب ولكن لم تهتم.
كانت هذه أول مرة في حياتها لا تهتم بتصرفات والدها، فهي تهتم أكثر بألّا ترى هاري متوترًا، وألا تخسر الوقت المتبقي لها مع هاري.
«هاري، أريد أن أطلب طلبًا غريبًا.»
قالت ميريت حين ذهب نايل حتى يجلب لهم الطعام.
«اطلبي.»
«احتضني.»
قالت ميريت ونظرت إليه بثبات، استغرق الأمر لحظةً حتى احتضنها بقوة.
«كنت قلقًا من أن أخسر وجودكِ معي، لقد اعتدت عليه.»
قال هاري بين أنفاسه ودقات قلبه غير المنتظمة التي استشعرها بسبب العناق.
«لا يمكن أن يحدث هذا أبدًا!»
قالت ميريت بعدما قطعت العناق ثم نظرت إليه وابتسمت.
«ترى ما الذي سيجلبه لنا نايل؟»
سأل هاري ثم قُوطِع تفكيره بفتح الباب ودخول نايل الذي كان يحمل كيسًا ورقيًّا به حلوى السينابون.
«هذه سعرات حرارية كثيرة في فطور واحد!» قالت ميريت وهي تلقي نظراتها المعاتبة على نايل.
«ستحرقينهن خلال اليوم» قال نايل الذي جذب ميريت كي تجلس على الفراش وبجانبهم هاري.
«حسنًا» قالت ميريت وهمّ الجميع بالأكل.
«شباب، سيقام حفل زفاف أختي بعد أسبوع في ميلانو» قالت ميريت بفم ملطخ بالصوص.
«لدي صديق أيضًا سيقيم زفافه في ميلانو» قال نايل ثم قضم قضمة كبيرة من قطعة السينابون.
«لنذهب جميعًا» قالت ميريت وأومأ الفتيان.
-
كانت آب تمشي في شوارع نيويورك مترنحة وهي تضع سماعات الهاتف في أذنيها وتغني مع أغنيتها المفضلة، وفي أثناء سيرها لمحت رسامها المفضل يمشي نحوها في الطريق نفسه الذي كانت تمشي فيه، فركضت إلى شارع داخلي صغير مظلم.
آب شخصية خجولة ولا تعلم ما الذي فعلته، ولكن لديها خجل اجتماعي يمكنه أن يأكل حياتها.
كان الرسام يتابع ما حدث واستغرب من ركض آب لهذا الشارع المعروف جيدًا بنيويورك أنه شارع خطر، سمع جوش صوت نباح كلب وصياح آب ثم سقوط جسد ثقيل، فذهب سريعًا ووجد آب فاقدة الوعي وكلب أسود كبير مربوط بعامود إنارة يجلس على مقربة منها بثلاثين سنتيمتر، حمل آب وذهب بها إلى المستشفى.
ظل الرسام بجانبها حتى استفاقت ولكن آب فقدت وعيها مرةً أخرى حالما رأته، وحين استجمعت قواها طلب جوش منها أن يشربا القهوة معًا ويتحدثا قليلًا وإن كان في مقصف المستشفى، وتكررت اللقاءات بينهما حتى وقعا في حب بعضهما، وكانت ميريت تسميه فتى الحديقة العامة لأن ميريت رأته في حديقة عامة بنيويورك.
-
«ميريت، أريد أن أحدثك» همس نايل بعدما سقط هاري في النوم.
«حسنًا» قالت ميريت وتتبعت خطوات نايل الذي خرج من الغرفة.
جلسا على المقاعد الموجودة قرب أحد حمامات السباحة بالفندق ونظر نايل لعيني ميريت.
«هل تظنين أن علينا أن نعطي أنفسنا فرصة التقرب من بعضنا؟ أم يجب علينا فقط البقاء أصدقاء؟» سألها نايل بجدية وهو يراقب عينيها.
«نايل، أنت رائع وجميل وحلم كل فتاة، ولكن لا أظن أنني الفتاة المناسبة لك» أخبرته ميريت بأسف وهدوء وهي تثبت عينيها على حمام السباحة.
«لا تغتمّي ولا تحزني، أنا فخور أنكِ صديقتي على الأقل» قال نايل رغم أن وجهه حمل ابتسامة مكسورة.
«أصدقاء؟» قالت ميريت ثم مدت ذراعيها لنايل حتى تدعوه لعناق.
«أصدقاء!» قال نايل ثم احتضن ميريت مثل دب محشو.
«نايل من الذي بدل لي ملابسي؟» سألت ميريت وحمحم نايل ونظر للسماء.
«هل رأيت الندبة؟» سألته ميريت.
«كأني لم أرَ شيئًا» قال نايل ثم مرر يده على معدتها أو أسفل قليلًا.
«ثم إنها رائعة!» أكمل حديثه ثم رفع قميصه من على جسد ميريت قليلًا وقبّل مكان الندبة.
«شكرًا للطفك نايل» قالت ميريت وهي تدفع نايل برقة مع ابتسامة.
-
بعد أسبوع.
كانت ميريت تثبت دبابيس شعر آب في حين يصور هاري جميع التفاصيل، أما نايل فقد كان ينظر بإعجاب لميريت وفستانها المتألق، من المؤسف أن تقع في حب قلب قد كُتِب عليه اسم آخر بخط شخصًا لا يعلم أن اسمه مخطوط.
تعمدت ميريت ارتداء فستان حريري ذهبي اللون حتى تظهر مفاتنها، أما آب فقد ارتدت فستانًا قصيرًا أبيض اللون، حيث كانت شخصية آب غير محبة للكلاسيكيات، ولا تحب نوع الفساتين الفخم والكبير بطريقةٍ مزعجة.
اتضح أن صديق نايل هو جوش، والذي كان بلغة أكثر دقة أخ نايل البيولوجي، فبات هو الرابط الذي يربط نايل وميريت، رابط الدم وإن لم يكن قريبًا لكنه ضمن وجودهم بجانب بعضهم حتى نهاية علاقة آب وجوش على الأقل.
فرح جوش حين علم أن ميريت هي نفسها الفتاة التي كتبت أغنية أخته آنجل، وكانت والدة نايل تحتضنها كثيرًا.
أما عن نايل وميريت فقد كانت علاقتهما غريبة ومتوترة، لاحظ الجميع ذلك فهم يعلمون أنهم كانوا معًا يومًا كأحباء ولم يعلم أحد طريقة انفصالهما أو طبيعة العلاقة بعد الانفصال، فقد كان هذا سرهما الصغير.
كان العرس بمباركة عائلة نايل جميعها، ويا للمفاجئة فقد كان والد ميريت حاضرًا أيضًا وواقفًا قرب براد الذي وقف بجانب ميريت وكأنهما معًا، وبسبب حضوره المفاجئ فقد أراد كل من نايل وهاري تهشيم رأس ذلك الوغد.
كان اليوم هادئًا حيث قررت آب عدم دعوة أحد، فقط ميريت وصديقيها الاثنين والعائلة القريبة -أي والدة جوش وإخوته ووالدها- أم يجب علينا القول أصدقاء ميريت الستة؟
فقد حضر فروي ولوك ونيك وبريانكا، ولم يُطِل والد ميريت كثيرًا في العرس فقد كان لديه التزاماته، ولم يكن أكبر المؤيدين لزواج آب من شخص غير أوروري؛ إذ أنه أراد لها مستقبلًا مع رجل من أبناء أورورا كميريت وزوجها براد، وحين غادر الوالد بدأ الاحتفال الحقيقي، كانت ميريت تتراقص مع الفتيان وهي في قمة سعادتها لأنها كونت أصدقاء خلال رحلتها للشفاء، وإن كان ما قضته مع هاري هو شهرين ونصف إلا أنها أرادت ألا تنتهي الشهور الثلاثة أبدًا.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top