الفصل الثاني
في أورورا، يعتبر سقوط تاج الورد من رأس الفتاة وهي تمارس فروض الطاعة* نذير شؤم، ويدل على أن الزواج لن يتم، وإن تم سيواجه المتزوجان الكثير من المتاعب في حياتهما الزوجية.
أطلقت السيدة المسنة شهقةً، بينما ترك الجميع ما كانوا يفعلونه وركزوا أبصارهم على نورا وتاجها الساقط، يرمقونها بنظرات خوف وفزع، لا يعلم هاري لمَ قد يحدث كل هذا بسبب سقوط طوقٍ من الورد فذهب بعفوية خالصة والتقطه. لم تسقط منه وردة واحدة، ولا حتى وريقةً، حمدًا للرب. أعاده إلى مكانه فوق رأس الشّابة، في حين كانت هي متسمرة تنتظر ما سيحدث، ثم شكرت الرب على عفوية هاري.
«شكرا لك يا بنيَّ على ما فعلته؛ فلقد أنقذت حياة زوجية أوشكت على الانهيار...وبالمناسبة، فإن هناك حياة زوجية أخرى تم خلقُها وفقًا لهذا التصرف» قالت المرأة الستينية موجهة كلامها إلى هاري الذي لا يدري شيئًا ولكنه ابتسم، وخفض جسده حتى يقبل يدها؛ فمن الواضح أنها ذات شأن عظيم في هذا البيت.
أمرَت بعد ذلك بعض السيدات ذوات الزي الموحد الغريب أن يعددن له الغذاء، ويحضرن له كرسيًا ليجلس عليه. كل هذا دون أن تعرف هويته.
«ماما بيرل، هذا هاري ستايلز، مصور معروف وصديق لبراد» قالت نورا منحنية بينما غمزت «بيرل» لهاري، فهم ما ترمي إليه، فمضى يعدل من وضع الشّابة حتى تتحرك بحرية.
«حتى لا تذعر؛ فإن سقوط التاج من فتاة وهي تؤدي فروض الطاعة يعني فشل الزواج أو مروره بمشاكل، ولكن إن ظلت الفتاة في وضعها نفسه وكان التاج سليمًا ولم تنقص منه وريقة أو وردة، ثم أتى فتى فوضعه على رأسها مرة أخرى، فهذا يعني أنه قد أنقذ حياة المقبلين على الزواج» قالت نورا في حين كان هاري يهز رأسه متفهمًا بينما يتمتم في عقله: «خرافات، خرافات.»
«لقد نسيتٍ شيئًا مهمًا عزيزتي نورا، وهو أن من ينقذ...» قاطع كلام السيدة بيرل دخول براد المنزل.
«مرحبًا بالجدة بيرل، مرحبًا نورا. يا إلهي، هاري! مرَّ زمنٌ يا رجل! كنت أعلم أنك لن تخذلني» قال براد وهو يصافح نورا ويقبل يد الجدة، ثمّ يحضن هاري حضنًا يكسر الأضلاع.
«مرحبًا يا صديقي!» ردّ هاري بينما كان مقطوع النّفس بسبب هذا العناق.
«لقد جَهُز الأكل» قالت بيرل، فنظر هاري أمامه ووجد طعامًا أمريكيًا ريفيًا تلتهم أصابعك وراءه، وقد رُصَّ بإحكام على طاولة متحركة، لا يعلم من أين أتت حتى تستقر مُقابلة جسده.
بدأ هاري يأكل، واِنصرف كل ذي عملٍ إلى عمله، واختفت نورا أيضًا إلى أن أتت سيدة من سيدات الزي الموحد.
«سيدي، قيل أن هذه الحقائب لك» قالت المرأة.
«ضعيها في الغرفة رقم 9، فهذه هي غرفته» أجابت السيدة بيرل فأومأت المرأة الأخرى.
«الغرفة رقم 9 تقع بين غرفة براد وميريت، ويجب أن يقيم بها الأب الروحي لأحدهما أو -على الأقل- من أنقذ حياتهما الزوجية» قالت السيدة وأومأ هاري برأسه هذه المرّة.
بعدما أنهى هاري تناول طعامه، وقد كانت شهيته مفتوحة لدرجة أنه لم يترك خلفه أي بقايا، بل ترك الأطباق فارغة تلمع، اِستأذن براد السيدة بيرل حتى يأخذ هاري إلى غرفته لكي يتّفقا على كل شيء بخصوص الزفاف.
ذهب هاري مع براد وبدآ يتحدثان عن تفاصيل العرس والمبلغ الذّي يتقاضاه هاري من هذا، وما الطرق الفوتوغرافية التي يريد براد استخدامها لتصوير عرسه. واتفقا على مبلغ ثلاثين ألف دولار، ورغم قلة المبلغ، فإن هاري وافق؛ لأنه وفي النهاية كان زفاف صديقه. ثُم تُرك حتى ينام ويستريح.
______
في المساء، اِستيقظ هاري واِستخدم دورة المياه الموجودة بغرفته، فأخذ حمامًا ساخنًا، ثم نزل وهو حريص ومنتبه إلى جميع التفاصيل؛ وذلك لوجوب الحصول على لقطاتٍ مميزة لمعرضه القادم؛ على هاري ستايلز أن يعودَ وبقوة.
ارتدى قميصًا أبيضَ عليه سترة زرقاء اللون وبنطالًا رياضيًّا أسود وضيقًا قليلًا، ورشَّ عطرًا من ماركة (دولتشي أند جابانا) واِرتدى حذاء أبيض رياضيًّا بعلامات زرقاء.
خرج من غرفته وقد أخبره براد مسبقًا أن غرفته مجاورة لهُ، فذهب إلى الغرفة التي على يمينه وطرق ثلاث طرقات ثم سمح لنفسه بالدخول؛ فبراد صديقه وكان رفيق سكنه، فلا يظن أن الانزعاج قد يطاله. ولكن حدث آخر ما قد يتوقعه هاري؛ فقد لمح صبية تبدو في العشرين، ترتدي ملابس نوم شفافة لا تخبئ شيئًا من صفات جسدها الأنثوية، جالسةً على كرسي وهي تمسك بيدها كأسًا داخله نوع من المسكرات. يظهر أنها ليست في وعيها، بسبب وجود خمس زجاجات من النوع ذاته فارغة أمامها.
«آسف سيدتي، أظن أنني أتيت إلى المكان الخطأ... أنا آسف، حقًا» قال الشّاب، وكان مقبلًا على الخروج وإغلاق الباب ولكن صوتها قاطعه:
«اِجلس أيها الغريب، أحتاج إلى شخص أتحدث إليه» همهمت في حين جلس هاري على مضض.
«تحدثي، أنا أسمعك» ردَّ وهو يجلسُ على كرسيّ.
«هل أبدو جميلة؟» أردفت وهي تحرك أصابع يدها بحركات غير مفهومة بتاتًا.
في وجهة نظر هاري، كانت المرأة تحفة فنية، بشعرها الأشقر الحريري المجعد، وعينيها الزرقاوين وأحمر الشفاه المبعثر على شفتيها، ويديها اللّتين تمسكان بالكأس خوفًا من أن يفلت ما ينسيها همومها، ونظرتها الثاقبة نحوه. لم يستطع أن يتمالك نفسه، أخرج الكاميرا واِلتقط صورة لها.
«تبدين رائعة» قالها هاري بصدق وبدأت عيناه تتفحصان جسدها بهدوء.
«أعلم أن جسدي هو الرائع لا غير، لست أنا» قالت بنبرة باردة وتابعت ارتشاف الخمر.
«آسف لأني نظرت إلى جسدك. لست من هذا النوع من الفتيان، أقسم، أنا هاري ستايلز مصور الحفل وأنت؟» ردّ بهدوء.
«ميريت، من اِكتشفت أن زوجها المستقبلي يخونها مع أخرى ويا لوقاحته؛ فلقد أخذها معه إلى غرفته التي تبعد من غرفتي مسافة قصيرة» قهقهت الشّابة بينما أخذت القداحة وأشعلت سيجارة وشرعت تروي:
«سمعتها تئنُّ باِسمه، حاولت تكذيب أذني ولكن حين دخلت غرفته لم أستطع تكذيب عينيّ، لمَ يحدث معي كل هذا؟ من أحببته أفقدني عذريتي وهرب مني، نعتني بالعاهرة! من قلت أنه سيكون زوجًا مقبولًا، رأيته مع أخرى قبل زفافنا بأيام» بدأت بالبكاء فاقترب منها واحتضنها بشدة، بادلته الحضن ولم ترد أن تفلته.
«أنقذني أيها الغريب، صاحب عدسة التصوير» قالت ميريت واِلتقت أعينهما، وأخذ هاري يفكّر.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top